جلسة 25 من إبريل سنة 1978
برياسة السيد المستشار صلاح الدين حبيب نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: زكي الصاوي صالح، جمال الدين عبد اللطيف، وجلال الدين رافع، ومحمد طه سنجر.
-------------
(216)
الطعنان رقما 545، 550 لسنة 44 القضائية
(1) قرار إداري "قرارات الاتحاد الاشتراكي". اختصاص "اختصاص ولائي".
الاتحاد الاشتراكي. ماهيته. تنظيم سياسي وليس سلطة عامة. قراراته لا تعد قرارات إدارية أو عملاً من أعمال السيادة. اختصاص المحاكم العادية بنظر المنازعات التي تثور بشأنها.
(2، 3) إدارة قضايا الحكومة. وكالة. بطلان. نقض.
(2) إدارة قضايا الحكومة نيابتها عن الحكومة والمصالح العامة والمجالس المحلية. م 6 ق 75 لسنة 1963. الاتحاد الاشتراكي لا تنوب عنه هذه الإدارة. التوقيع على صحيفة الطعن بالنقض من أحد محامي إدارة القضايا. أثره. بطلان الطعن. م 253 مرافعات.
(3) تكييف العمل بأنه من أعمال السيادة من عدمه. خضوعه لرقابة محكمة النقض.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل في أن المهندس....... - باعتباره عضواً في مجلس نقابة المهندسين ووكيل مجلس شعبة المناجم والبترول بها - أقام الدعوى 3587 لسنة 1973 مدني جنوب القاهرة الابتدائية ضد الاتحاد الاشتراكي العربي - رئيس الاتحاد الاشتراكي العربي بصفته ورئيس لجنة النظام وأمين شئون التنظيم وأمين أول اللجنة المركزية - ونقيب المهندسين بصفته ووزير الري بصفته، طلب فيها الحكم بانعدام قرار لجنة النظام بالاتحاد الاشتراكي العربي الصادر في 3/ 2/ 1973 بفصله من عضوية الاتحاد واعتبار هذا القرار كأن لم يكن بكل ما ترتب عليه من آثار وأهمها وقف عضويته في مجلس نقابة المهندسين ومجلس شعبة المناجم والبترول بها، وقال شرحاً للدعوى إن لجنة النظام بالاتحاد الاشتراكي العربي أصدرت القرار سالف الذكر بدعوى وقوع انحرافات منه وإذ لم يكن هو أصلاً عضواً بالاتحاد الاشتراكي العربي، وقد خلا القرار المطعون فيه من بيان الانحراف المنسوب إليه ودليله، وكانت مهمة تلك اللجنة مقصورة على محاسبة أعضاء الاتحاد الاشتراكي فإن قرارها بفصله يكون معدوماً لصدوره بلا سبب وعلى غير محل، ولما كان مجلس نقابة المهندسين قد قرر بتاريخ 24/ 3/ 1973 وقف عضويته في مجلس النقابة ومجلس شعبة المناجم والبترول بها حتى يفصل في تظلمه المقدم إلى لجنة النظام بالاتحاد الاشتراكي، فقد أقام الدعوى بطلباته سالفة البيان. دفع المدعى عليهم بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى. وبتاريخ 30/ 9/ 1973 حكمت المحكمة برفض هذا الدفع وأجابت المدعي إلى طلباته. استأنف نقيب المهندسين بصفته هذا الحكم كما استأنفه باقي المدعى عليهم لدى محكمة استئناف القاهرة وقيد الاستئنافان برقمي 5649 و5682 سنة 90 ق على التوالي، وبعد أن قررت المحكمة ضم الاستئناف الثاني إلى الأول حكمت بتاريخ 21/ 3/ 1974 بتأييد الحكم المستأنف. طعن نقيب المهندسين بصفته في هذا الحكم بطريق النقض بالطعن رقم 545 سنة 44 ق كما طعن فيه الاتحاد الاشتراكي العربي ووزير الري بصفته بالطعن رقم 550 سنة 44 ق. دفع المطعون عليه في الطعن الثاني ببطلانه بالنسبة للاتحاد الاشتراكي وبعدم قبوله بالنسبة إلى وزير الري بصفته وقدمت النيابة مذكرة في كل من الطعنين طلبت في الثانية عدم قبول الطعن بالنسبة إلى وزير الري ورفض الدفع بالبطلان بالنسبة إلى الاتحاد الاشتراكي، وأبدت الرأي في الموضوع برفض الطعنين. عرض الطعنان على هذه الدائرة في غرفة مشورة فرأت أنهما جديران بالنظر وحددت جلسة لنظرهما وفيها التزمت النيابة رأيها، وقررت المحكمة ضم الطعن الثاني إلى الطعن الأول للارتباط ليصدر فيهما حكم واحد.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن بني على سببين ينعى الطاعن بالأول منهما على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والقصور في التسبيب وفي بيان ذلك يقول، إنه أعلن بتأجيل الدعوى إدارياً لجلسة 6/ 10/ 1973 أمام محكمة أول درجة ثم تبين أن تلك المحكمة عجلت نظر الدعوى لجلسة 29/ 9/ 1973 بناء على طلب المطعون عليه الأول وحجزتها للحكم لجلسة 30/ 9/ 1973 وفيها صدر الحكم الابتدائي، ولما كان لم يعلن بتعجيل الدعوى فإن هذا الحكم يكون باطلاً لابتنائه على إجراء باطل، وقد تمسك بهذا البطلان أمام محكمة الاستئناف إلا أنها رفضته استناداً إلى ما قررته من أن الطاعن لم يحضر أمام محكمة أول درجة ولم يتمسك بالبطلان، ولما كان لم يعلن بتعجيل الدعوى فإن ما قررته المحكمة لا يصلح رداً على دفاعه وهو ما يعيب حكمها بمخالفة القانون والقصور.
وحيث إن النعي مردود، ذلك أن الحكم المطعون فيه رفض الدفاع الوارد بسبب النعي تأسيساً على قوله إن "الإعلان بتعجيل نظر الدعوى من جلسة 6/ 10/ 1973 إلى جلسة 29/ 9/ 1973 قد تم موافقاً لما رسمه القانون في يوم 20/ 9/ 1973 بالنسبة لهم جميعاً عدا الرابع - الطاعن - الذي حصل بالنسبة له في 25/ 9/ 1973 ولا يؤثر في ذلك قرار التأجيل الإداري وإعلان المدعى عليهم به ما دام أن صحيفة التعجيل قد أعلنت لهم إعلاناً صحيحاً"، ولما كان هذا الذي قرره الحكم له أصله الثابت في الأوراق ويصلح رداً على دفاع الطاعن فإن النعي على الحكم بهذا السبب يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينص بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه مخالفته القانون بمجاوزته حدود ولاية القضاء العادي وذلك بإخضاعه القرار الصادر من لجنة النظام بالاتحاد الاشتراكي العربي لرقابة القضاء، حالة أن الاتحاد الاشتراكي العربي سلطة مستقلة عن السلطات الدستورية الثلاث وهو هيئة سياسية وقراراته تعتبر قرارات سياسية لا تخضع لأية رقابة قضائية عملاً بمبدأ الفصل بين السلطات، وإذ جانب الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى على خلافه فإنه يكون قد خالف قواعد الاختصاص الولائي.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أن دستور سنة 1971 إذ نص في المادة الخامسة منه على أن "الاتحاد الاشتراكي العربي هو التنظيم السياسي الذي يمثل بتنظيماته القائمة على أساس من الديمقراطية تحالف قوى الشعب العاملة..."، وحدد في الفصول الثاني والثالث والرابع من الباب الخامس السلطات الثلاث للدولة وهي السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية والسلطة القضائية، يدل على أن الاتحاد الاشتراكي العربي ليس سلطة عامة جديدة تقف إلى جانب هذه السلطات الثلاث وإنما هو تنظيم سياسي يضم قوى الشعب العاملة فلا تعد قراراته قرارات إدارية أو عملاً من أعمال السيادة، لما كان ذلك وكانت المحاكم المدنية طبقاً للمادة 15 من قانون السلطة القضائية هي صاحبة الولاية العامة في الفصل في كافة المنازعات عدا ما استثنى بنص خاص وكان الطاعن قد طلب الحكم بانعدام القرار المطعون فيه لصدوره على غير محل استناداً لصدوره بفصله من عضوية الاتحاد حال أنه لم يكن عضواً به فإن النزاع على هذه الصورة. يدخل في ولاية المحاكم المدنية، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإن النعي عليه بهذا السبب يكون في غير محله.
وحيث إن مبنى الدفع المبدى من المطعون عليه ببطلان الطعن من الاتحاد الاشتراكي العربي - الطاعنون الأول والثاني والثالث والخامس - إن إدارة قضايا الحكومة أقامت الطعن بصفتها نائبة عنه مع أنها لا تنوب إلا عن الحكومة والمصالح العامة، وإذ لم يكن الاتحاد الاشتراكي فرعاً من أي منها فإنه تلك الإدارة لا تملك تمثيله ويكون الطعن من ثم باطلاً لعدم التوقيع على صحيفته من محام موكل عن الاتحاد الاشتراكي ومقبول للمرافعة أمام محكمة النقض.
وحيث إن هذا الدفع صحيح، ذلك أنه لما كانت المادة 253 من قانون المرافعات تنص على أن "يرفع الطعن بصحيفة تودع قلم كتاب محكمة النقض أو المحكمة التي أصدرت الحكم المطعون فيه ويوقعها محام مقبول أمام محكمة النقض... فإذا لم يحصل الطعن على هذا الوجه كان باطلاً وتحكم من تلقاء نفسها ببطلانه."، وكانت المادة السادسة من القانون رقم 75 لسنة 1963 في شأن تنظيم إدارة قضايا الحكومة تنص على أن "تنوب هذه الإدارة عن الحكومة والمصالح العامة والمجالس المحلية فيما يرفع منها أو عليها من قضايا لدى المحاكم على اختلاف أنواعها ودرجاتها ولدى الجهات الأخرى التي خولها القانون اختصاصاً قضائياً."، وكان الاتحاد الاشتراكي كما سلف القول هو تنظيم سياسي يضم قوى الشعب العاملة فإنه لا يندرج ضمن من عددتهم المادة السادسة السالف ذكرها ومن ثم فلا تنوب عنه إدارة قضايا الحكومة أمام القضاء ويكون توقيعها على صحيفة هذا الطعن عن الاتحاد الاشتراكي لا يتحقق به الشرط الذي تتطلبه المادة 253 من قانون المرافعات ويكون الطعن بذلك باطلاً.
وحيث إن مبنى الدفع بالنسبة إلى وزير الري بصفته - الطاعن الرابع - أنه ليس خصماً حقيقياً في الحكم المطعون فيه إذا لم يقض عليه بشيء.
وحيث إن هذا الدفع غير صحيح، ذلك أنه - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - يجوز الطعن من كل من كان طرفاً في الخصومة أمام المحكمة التي أصدرت الحكم المطعون فيه ولم يتخل عن منازعته مع خصمه حتى صدر الحكم ضده سواء كان مستأنفاً أو مستأنفاً عليه خصماً أصيلاً أو ضامناً الخصم أصيل، وإذ كان الطاعن قد اختصمه المطعون عليه أمام المحكمة الابتدائية كمدعى عليه ودفع بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى وكان الحكم الابتدائي قد رفض هذا الدفع وقضى بطلبات المطعون عليه فاستأنفه الطاعن المذكور ولم يتخل عن منازعة خصمه المطعون عليه حتى صدر الحكم المطعون فيه لمصلحته ضده وألزمه بالمصاريف فإنه من ثم يكون خصماً حقيقياً في الحكم المطعون فيه ويكون الدفع بعدم القبول على غير أساس.
وحيث إن الطعن بالنسبة للطاعن الرابع قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن بني على سببين ينعى الطاعن بهما على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وفي بيان ذلك يقول إن القرار الصادر من لجنة النظام بالاتحاد الاشتراكي العربي هو قرار سياسي صادر من سلطة عليا في الدولة ويعد بهذه المثابة من قبيل أعمال السيادة المحظور على المحاكم نظرها، وقد ناط قانون الاتحاد الاشتراكي الصادر في 9/ 5/ 1968 بهيئة النظام بالاتحاد المذكور مهمة الفصل في التظلمات والطعون التي تقدم من الأعضاء الذين توقع عليهم عقوبة الفصل من العضوية العاملة أو من منظمات الاتحاد، وبذلك يكون القرار المطعون فيه خارجاً عن نطاق المنازعات القضائية أمام المحاكم وإذ جانب الحكم المطعون فيه هذا النظر يكون قد خالف قواعد الاختصاص الولائي.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه لما كان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن المحاكم هي المختصة بتقرير الوصف القانوني للعمل الصادر عن السلطات العامة وما إذا كان يعد من أعمال السيادة وحينئذ لا يكون لها أي اختصاص بالنظر فيه، وأن محكمة الموضوع تخضع في تكييفها في هذا الخصوص لرقابة محكمة النقض، وكان الحكم المطعون فيه قد خلص صحيحاً وعلى ما سلف بيانه في الرد على السبب الثاني في الطعن رقم 545 سنة 44 ق إلى أن الاتحاد الاشتراكي العربي ليس سلطة عامة من سلطات الدولة فإن القرار المطعون فيه لا يكون بذلك عملاً من أعمال السيادة ويكون النعي على الحكم بهذين السببين على غير أساس.
وحيث إنه لما سلف يتعين رفض الطعن.