الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 15 مارس 2023

الطعن 167 لسنة 29 ق جلسة 14 / 5 / 1964 مكتب فني 15 ج 2 ق 107 ص 673

جلسة 14 من مايو سنة 1964

برياسة السيد المستشار/ محمود القاضي، وبحضور السادة المستشارين: محمود توفيق إسماعيل، ومحمد عبد اللطيف مرسي، وحافظ محمد بدوي، وإبراهيم الجافي.

-------------

(107)
الطعن رقم 167 لسنة 29 القضائية

(أ) وارث. "تصرفات المورث". "الطعن فيها". وصية. بيع. إثبات. "عبء الإثبات". "طرق الإثبات". "القرائن".
المادة 917 مدني تضمنت قرينة قانونية من شأنها إعفاء من يطعن في تصرف المورث بأنه ينطوي على وصية من إثبات هذا الطعن. نقلها عبء الإثبات على عاتق المتصرف إليه.
(ب) وارث. "تصرفات المورث". "الطعن فيها". وصية. بيع. إثبات. "عبء الإثبات". "طرق الإثبات". "القرائن".
القرينة القانونية الواردة بالمادة 917 مدني. مستحدثة لم يكن لها نظير في التقنين الملغي، وليس لها أثر رجعي. في ظل التقنين الملغي كانت إقرارات المورث تعتبر صحيحة وملزمة لورثته حتى يقيموا الدليل على عدم صحتها بكافة طرق الإثبات. احتفاظ البائع بحقه في الانتفاع بالعين المبيعة مدى حياته كان مجرد قرينة قضائية.
(جـ) وارث. "تصرفات المورث". "الطعن فيها". وصية. بيع. حكم. "عيوب التدليل". "الفساد في الاستدلال".
البيع الذي يستر تبرعاً صحيح في التقنينين القديم والقائم متى كان التصرف منجزاً غير مضاف إلى ما بعد الموت. القول بإخفاء العقد لوصية يلزم إثبات إلى جانب اتجاه قصد المتصرف إلى التبرع إضافته التمليك إلى ما بعد موته - استدلال الحكم على إخفاء العقدين لوصية من عدم قدرة المشترين على دفع الثمن المسمى فيهما ومن وقوع المورث تحت تأثيرهم وقيام منازعة بين المورث وبين الوارث الطاعن على العقد ومن تحرير العقدين على وتيرة واحدة والحرص على ذكر دفع بعض الثمن فيهما أمام الموثق. قصور.
(د) وصية. "القانون الواجب التطبيق". "القانون 71 لسنة 1946".
خضوع الوصية للقانون الساري وقت وفاة الموصى لا وقت صدور الوصية. سريان القانون 71 لسنة 1946 على كل وصية صدرت من موصى توفى بعد العمل بأحكامه ولو كان تاريخ صدورها سابقاً عليه.

---------------
1 - إذ نصت المادة 917 من القانون المدني على أنه "إذا تصرف شخص لأحد ورثته واحتفظ بأية طريقة كانت بحيازة العين التي تصرف فيها وبحقه في الانتفاع بها مدى حياته اعتبر التصرف مضافاً إلى ما بعد الموت وتسري عليه أحكام الوصية وما لم يقم دليل يخالف ذلك" فإنها تكون قد أقامت قرينة قانونية من شأنها - متى توافرت عناصرها - إعفاء من يطعن في التصرف بأنه ينطوي على وصية من إثبات هذا الطعن ونقل عبء الإثبات على عاتق المتصرف إليه [(1)].
2 - القاعدة الواردة بالمادة 917 من القانون المدني مستحدثه ولم يكن لها نظير في التقنين الملغي. والقرينة التي استحدثتها هذه المادة لاتصالها بموضوع الحق اتصالاً وثيقاً لا يجوز إعمالها بأثر رجعي على التصرفات السابقة على تاريخ العمل بالقانون المدني القائم. ولقد كان من المقرر في ظل القانون الملغي أن الأصل في إقرارات المورث أنها تعتبر صحيحة وملزمة لورثته حتى يقيموا الدليل على عدم صحتها بأي طريق من طرق الإثبات، فعبء الإثبات كان على من يطعن في التصرف، ولم يكن احتفاظ البائع بحقه في الانتفاع بالعين المبيعة مدى حياته سوى مجرد قرينة قضائية يتوسل بها الطاعن إلى إثبات دعواه والقاضي بعد ذلك حرفي أن يأخذ بهذه القرينة أو لا يأخذ لأنها كسائر القرائن القضائية تخضع لمطلق تقديره (1).
3 - البيع الذي يستر تبرعاً صحيح في التقنينين القديم والقائم متى كان التصرف منجزاً غير مضاف إلى ما بعد الموت. فيجب إذن للقول بأن العقد المطعون فيه يستر وصية أن يثبت إلى جانب اتجاه قصد المتصرف إلى التبرع إضافته التمليك إلى ما بعد موته. فإذا كان الحكم المطعون فيه وقد استدل على أن العقدين المطعون فيهما يستران وصية من عدم قدرة المشتريين على دفع الثمن المسمى فيهما ومن وقوع المورث تحت تأثيرهم وقيام منازعات بينه وبين بناته الطاعنات في العقدين ومن تحرير العقدين على وتيرة واحدة والحرص على ذكر دفع بعض الثمن فيهما أمام الموثق الذي قام بتحريرهما، وكان ذلك كله ليس من شأنه أن يؤدي عقلاً إلى نفي التنجيز عن العقدين، فإن الحكم يكون معيباً بالقصور.
4 - الوصية تخضع للقانون الساري وقت وفاة الموصى لا وقت صدور الوصية منه، فيسري القانون رقم 71 لسنة 1946 على كل وصية صدرت من موص توفى بعد العمل بأحكام هذا القانون ولو كان تاريخ صدورها سابقاً عليه (2).


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون عليهن الثلاث الأوليات أقمن الدعوى رقم 2518 سنة 1954 كلي القاهرة ضد الطاعنين والمطعون عليها الأخيرة بطلب الحكم بتثبيت ملكيتهن إلى 7 و7/ 32 قراريط شيوعاً في 24 قيراطاً في العقارات المبينة بصحيفة الدعوى وذلك بالسوية بينهن مع إلزام الطاعنين بتسليمها إليهن وبإلغاء عقدي البيع الصادرين من والدهن إلى الطاعنين في 5 من إبريل سنة 1945 و5 من أكتوبر سنة 1950 ومحو التسجيل المترتب على تلك العقارات، وقالت المطعون عليهن في بيان دعواهن هذه إن المرحوم حسين محمد الشافعي مورثهن ومورث الطاعنين توفى في 27 فبراير سنة 1954 عن تركة عبارة عن الأعيان المبينة بصحيفة الدعوى وانحصر إرثه فيهن وفي زوجته الطاعنة الأولى وأولادها منه - وهم باقي الطاعنين - وأنهن عندما طالبن الطاعنين بتسليمهن نصيبهن في تلك الأعيان أبوا عليهن ذلك بدعوى أن المورث باع إليهم كل ما يملك بموجب عقدي بيع رسميين صادر أولهما منه في 5 إبريل سنة 1945 ويتضمن بيعه إلى جميع الطاعنين النصف على الشيوع في أملاكه المبينة بصحيفة الدعوى وصدر ثانيهما في 5 من أكتوبر سنة 1950 ببيع المورث إلى زوجته الطاعنة الأولى النصف الآخر في تلك العقارات وأنه إذ كان هذان التصرفان يستران وصية قصد بها حرمان المدعيات من حقهن في الإرث وذلك بدليل أن الأعيان المتصرف فيها لم تخرج من حيازة المورث طوال حياته واستمر يستغلها لحسابه بتأجيرها للغير ويقبض أجرتها بإيصالات يحررها باسمه إلى أن توفى كما حصل من مصلحة التنظيم بعد تاريخ العقد الأول على ترخيص باسمه لإضافة مبان إلى المنزل المتصرف فيه هذا إلى أن المتصرف إليهم لم يكن لهم مال يمكن أن يدفعوا منه الثمن الوارد في العقدين وإلى أن المورث نفسه أقر في دعوى كان قد رفعها على إحدى بناته المتصرف إليهن بأن حقيقة التصرف وصية. إذ كان ذلك، فإن المدعيات يطلبن إبطال هذين العقدين والحكم لهن بنصيبهن الميراثي في تركة والدهن على أساس اعتبار التصرفين وصية وعدم نفاذ الوصية التي يتضمنها العقد الأول بسبب عدم إجازتهن لها ولعدم انطباق قانون الوصية رقم 71 لسنة 1946 عليها لصدورها قبل تاريخ العمل به وعلى أساس نفاذ الوصية التي يتضمنها العقد الثاني في حدود الثالث فقط طبقاً لأحكام القانون المذكور - دفع الطاعنون الدعوى بأن العقدين المطعون فيهما يتضمنان بيعاً منجزاً ودللوا على ذلك بما ورد في العقدين من نصوص صريحة تفيد التنجيز وبما أثبته الموثق الذي حررهما فيهما من دفع معظم الثمن أمامه وبتسجيل العقدين حال حياة المورث وبتصرف الطاعنة الأولى بالبيع فيما اشترته بموجب العقد الأول إلى والدها الطاعن الثاني في حياة المورث وبغير اعتراض منه - وبتاريخ 29 من فبراير سنة 1956 حكمت المحكمة الابتدائية: أولاً - ببطلان عقد البيع الرسمي المؤرخ 5/ 4/ 1945 الصادر من المرحوم حسين محمد الشافعي لصالح المدعى عليهن الخمسة الأول (الطاعنين) والمتضمن بيعه لهم اثني عشر قيراطاً شيوعاً في كامل أرض وبنا العقارات المبينة بعريضة الدعوى واعتبار هذا القدر تركة له واستحقاق كل من المدعيات (المطعون عليهن الثلاث الأوليات) 1.3125 قيراط في هذا القدر وتسليم هذا النصيب لكل منهن ومحو التسجيلات الواردة عليه. ثانياً - ببطلان عقد البيع الرسمي المؤرخ 5/ 10/ 1950 الصادر من المرحوم حسين محمد الشافعي لصالح المدعى عليها الأولى (الطاعنة الأولى) فيما زاد عن ثلث تركته واعتبار الثماني قراريط الباقية من الاثني عشر قيراطاً موضوع هذا العقد تركة للبائع واستحقاق كل من المدعيات لواحد وعشرين سهماً من هذا القدر وتسليم هذا النصيب لكل منهن ومحو التسجيلات الواردة عليه - استأنف الطاعنون هذا الحكم أمام محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 283 سنة 74 ق وطلبوا إلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى وبتاريخ 28 من ديسمبر سنة 1958 حكمت المحكمة المذكورة بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع: أولاً - بالنسبة للشطر الأول من الحكم الخاص بالعقد المؤرخ 5 إبريل سنة 1945 برفض الاستئناف وتأييد الحكم الابتدائي فيما قضى به. ثانياً - بالنسبة للشطر الثاني من الحكم الخاص بالعقد المؤرخ 5 أكتوبر سنة 1950 بتعديل الحكم المستأنف وببطلان هذا العقد فيما زاد عن ثلث تركة البائع واعتبار الأربعة قراريط الباقية من الاثني عشر قيراطاً موضوع هذا العقد تركة للبائع واستحقاق كل من المستأنف عليهن (المطعون عليهن الثلاث الأوليات) لعشرة أسهم ونصف سهم في المنزل موضوع الدعوى وتسليم هذا النصيب لكل منهن ومحو التسجيلات الواردة عليه - طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون بجلسة 13 نوفمبر سنة 1962 وفيها صممت النيابة على رأيها الذي أبدته في المذكرة المقدمة منها والمتضمن نقض الحكم في خصوص السبب الثاني وقررت دائرة الفحص إحالة الطعن إلى هذه الدائرة وبالجلسة المحددة لنظره تمسكت النيابة برأيها السابق.
وحيث إن الطاعنين ينعون على الحكم المطعون فيه بالأسباب الأول والثالث والرابع مخالفة القانون والقصور في التسبيب والتناقض والخطأ في الاستدلال وفي بيان ذلك يقولون إن المحكمة الابتدائية قضت ببطلان عقد البيع الرسمي المؤرخ 5 إبريل سنة 1945 وباعتبار العين المبيعة تركة تأسيساً على ما قالته في حكمها من أن هذا العقد يستر وصية وكان سندها في ذلك أمرين الأول ما ثبت لها من أن المستندات التي قدمها المشترون (الطاعنون) لا تقنع بقدرتهم على دفع الثمن المسمى في العقد وأنها تدل على أن المورث كان واقعاً تحت تأثيرهم والأمر الثاني أن المورث قد احتفظ لنفسه في هذا العقد بحقه في الانتفاع بالعين المبيعة مدى حياته مما تقوم معه القرينة القانونية المنصوص عليها في المادة 917 من القانون المدني على أن العقد وصية، كما أقام الحكم الابتدائي قضاءه باعتبار عقد البيع الرسمي المحرر في 5 من أكتوبر سنة 1950 مخفياً أيضاً لوصية على ما قاله من أن هذا العقد وإن خلا من القرينة القانونية المذكورة لأن البائع لم يحتفظ فيه لنفسه بحق الانتفاع إلا أن هذا العقد مشوب بالصورية وقد صدر من المورث إضراراً بحق المدعيات (المطعون عليهن) في الإرث فيكون تحايلاً على القانون واستدل الحكم على ذلك بعدم قدرة المشترية (الطاعنة الأولى) على دفع الثمن وبعلاقتها بالمورث وبقيام منازعات بين المورث وبين بناته المطعون عليهن - ولما استأنف الطاعنون الحكم الابتدائي وتمسكوا في الاستئناف بعدم جواز الاستناد في إبطال العقد الأول إلى ما تقرره المادة 917 من القانون المدني القائم لأن هذا العقد سابق على تاريخ العمل به رأت محكمة الاستئناف صواب هذا الدفاع ولكنها أيدت الحكم الابتدائي فيما قضى به في شأن العقد المذكور مستبعدة من أسبابه ما يشير إلى تطبيق هذه المادة باعتبارها نصاً قانونياً وقالت في تبرير ذلك إلى القواعد الواردة بها وإن كانت مستمدة من القواعد الأصلية للقانون المدني قديمه وحديثه إلا أنها لم تكن نصاً في القانون القديم الذي كان سارياً وقت صدور ذلك العقد كما أخذت محكمة الاستئناف بأسباب الحكم الابتدائي في خصوص ما قاله بشأن العقد الثاني دون أن تضيف إلى هذه الأسباب إلا ما أضافته لتبرير التعديل الذي رأت إجراءه على نصيب المطعون عليهن رافعات الدعوى في المنزل موضوع النزاع، ويرى الطاعنون أن ما قرره الحكم المطعون فيه من أن القاعدة الواردة في المادة 917 من القانون المدني كانت مقررة في ظل القانون المدني القديم غير صحيح ذلك أن القانون المذكور ما كان يترتب على احتفاظ المتصرف إلى أحد ورثته، بحقه في الانتفاع بالعين المبيعة، قرينة قانونية على أن التصرف وصية بحيث تعفي من يطعن في هذا التصرف من إثبات طعنه وتنقل عبء الإثبات على عاتق المدعى عليه المتصرف إليه ليثبت أن التصرف ليس وصية، فلم يقرر القضاء رأياً كهذا وما كان يستطيع تقريره لأن القرائن القانونية إنما يختص بها المشرع ولا يملك القاضي تقريرها لما في ذلك من خروج على القاعدة الأصلية التي تقضي بأن على المدعي إثبات دعواه فلا يصح إعفاؤه من هذا الإثبات إلا بنص - على أن اتخاذ الحكم المطعون فيه من احتفاظ المورث في عقد سنة 1945 بحقه في الانتفاع بالعين المبيعة مدى حياته قرينة على أن هذا التصرف مضاف إلى ما بعد موته يتناقض مع ما قرره الحكم - وهو بسبيل نفي ملاءة الطاعنة الأولى - من أنها هي وأولادها المدعى عليهم وقد وضعوا اليد على المنزل المتصرف فيه أثناء حياة المورث وإنهم كانوا يستغلونه لحسابهم وقد أوفت الطاعنة الأولى من ريعه ديناً عليها - ويضيف الطاعنون أنه بعد استبعاد تلك القرينة لا يبقى مما استدل به الحكم المطعون فيه على أن العقدين يستران وصية سوى ما حصله من عدم قدرة الطاعنين المتصرف إليهم على الوفاء بالثمن المسمى فيهما وما ذكره الحكم من أن المورث كان واقعاً تحت تأثيرهم وأراد أن يؤثرهم على باقي ورثته لقيام منازعات بينه وبين هؤلاء الورثة - وهو المطعون عليهن الثلاث الأوليات - وهذا وذاك ليس من شأنهما أن يؤديا عقلاً إلى أن الطرفين قصداً إضافة الملك إلى ما بعد موت المتصرف وهو الأمر الذي يلزم ثبوته لاعتبار التصرف وصية والذي أغفل الحكم بحثه على الرغم مما قدمه الطاعنون من أدلة على تنجيز التصرف - أما ثبوت عجز الطاعنين عن أداء الثمن المسمى في العقدين ورغبة المورث المتصرف في إيثارهم على باقي ورثته فإن ذلك لا يمنع من تنجيز العقدين إذ يعتبر التصرف في هذه الحالة هبة مستورة في عقد بيع وهي صحيحة - كذلك فإن استدلال الحكم بقيام منازعات بين المورث وبناته المطعون عليهن وبوقوعه تحت تأثير الطاعنين - هذا الاستدلال عقيم ولا يؤدى إلى النتيجة التي انتهى إليها الحكم من اعتبار العقدين ساترين لوصايا بل إنه كان الأولى أن تكون النتيجة - إن صح ترتيب نتيجة على ذلك - أن يعمد المورث إلى التصرف للطاعنين على الوجه الأجزل منفعة لهم وهو التمليك المنجز.
وحيث إنه يبين من الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه فيما قضى به من اعتبار العقدين ساترين لوصية أنه بعد أن حصل دفاع الطرفين وأورد نصوص عقدي البيع محل النزاع ومنها نص البند السادس من العقد الأول المتضمن احتفاظ المورث بحقه في الانتفاع بالعين المبيعة مدى حياته عرض الحكم على دفاع الطاعنين بعدم جواز الاستناد إلى نص المادة 917 من القانون المدني القائم في اعتبار ما تضمنه هذا البند قرينة قانونية على أن التصرف وصية وذلك لأن تاريخ العقد سابق على تاريخ العمل بالقانون المذكور ورد على هذا الدفاع بأن نص تلك المادة لم يغير شيئاً من الوضع الذي استقر عليه القضاء قبل العمل بالقانون المدني الحالي فيما يتعلق بالتصرفات التي يتناولها هذا النص وأنه لذلك يكون هذا الدفاع لا غناء فيه ويتعين إطراحه لأن وجه الحكم لم يتغير سواء أكان هذا العقد سابقاً أو لاحقاً على تاريخ العمل بالقانون المذكور وأنه متى توافرت شروط النص في حالة معينة وتمسك ذو الشأن بالقرينة القانونية وجب على القاضي أن يحكم بمقتضاها أي أن للقرينة القانونية قوة ملزمة إلا إذا أثبت من يضاربها عكسهاً - ثم عرض الحكم لمناقشة المستندات التي قدمها الطاعنون للتدليل على قدرتهم على دفع الثمن المسمى في العقد وانتهى إلى القول "وحيث إن المحكمة تستخلص من المستندات المشار إليها المقدمة من المدعى عليهم (الطاعنين) أنها ليست فقط قاصرة على إقناعها بعدم قدرتهم على دفع الثمن المدون في العقد المؤرخ 5 إبريل سنة 1945 بل إنها تؤيد أيضاً ما ذهب إليه الدفاع عن المدعيات (المطعون عليهن الثلاث الأوليات) من أن المورث كان واقعاً تحت تأثير المدعى عليهم يتصرفون في ماله حسب مشيئتهم ومتى تحقق ذلك وجب اعتبار العقد المذكور وصية إعمالاً لنص المادة 917 مدني وأخذاً بالقرينة المشار إليها فيه لعدم الدليل على عكسها - وحيث إنه فيما يتعلق بالعقد المؤرخ 5 أكتوبر سنة 1950 فإنه وإن خلا من القرينة القانونية المنصوص عليها في المادة 917 مدني والخاصة باحتفاظ البائع بحق الانتفاع مدى حياته بالمبيع إلا أنه مشوب بالصورية وقد صدر من المورث إضراراً بحقوق المدعيات في الإرث فيكون تحايلاً على القانون ويتعين لذلك اعتباره وصية يؤيد ذلك عدم قدرة المشترية فيه (الطاعنة الأولى) على دفع الثمن وقد سبق بيان ذلك مما سبق عند مناقشة المستندات المقدمة منها وعلاقتها بالمورث وما ثبت من ذات المستندات المقدمة من المدعى عليهم وما ذكروه في دفاعهم من قيام المنازعات بينه وبين المدعيات وملاحقة بعضهن له بدعاوى النفقة والحبس وما يجره ذلك حتماً من ضغينة وإثارة للنفس.... كل هذا مع ما يذكره المدعى عليهم من أن المورث كان ينتقل من دين لدين أكثر منه ليفي بالدين السابق وأن محمد منتصر كانت له به صلة دفعته لنجدته فهو ولا شك عالم بسوء حالته المالية المدعاة يضاف إلى ذلك أن تحرير كل من العقدين على وتيرة واحدة واقتران كل منهم بشطب رهن وإنشاء آخر بدله في ذات العقد والحرص على ذكر دفع بعض الثمن في مجلس العقد وبعضه الآخر قبله وإثبات القرض في العقد كل هذه التصرفات مضافة لما سبق من قرائن توحي بعدم الاطمئنان للتصرف في ذاته وتكشف عن الغرض الحقيقي الذي قصده المتعاقدان معه، وحيث إنه وقد ثبت مما سبق أن عقدي البيع موضوع الدعوى المؤرخين 5/ 4/ 1945 و5/ 10/ 1950 هما في حقيقتهما وصية فإنه يتعين طبقاً للمادة 915 مدني تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية والقوانين المنظمة للوصية عليهما" ولما استأنف الطاعنون هذا الحكم وتمسكوا في أسباب استئنافهم بعدم سريان حكم المادة 917 من القانون المدني على العقد الأول أقرت محكمة الاستئناف الحكم الابتدائي على ما انتهى إليه من اعتبار العقدين ساترين لوصية وقالت في حكمها المطعون فيه "وحيث إن الحكم الابتدائي قد أصاب الحق في قضائه باعتبار العقدين الصادرين من المورث وصية لورثة على أساس الأوراق والقرائن المستمدة من وقائع الدعوى المبينة بأسباب ذلك الحكم دون الاعتماد في ذلك بالنسبة للعقد الأول على نص المادة 917 من القانون المدني ذلك لأن القواعد الواردة بهذه المادة وإن كانت مستمدة من القواعد الأصلية للقانون المدني قديمه وحديثه إلا أنها لم تكن نصاً في القانون القديم الذي كان سارياً وقت صدور هذا العقد ولذلك ترى المحكمة أن ترفع من الحكم المستأنف ما يشير إلى تطبيق هذه المادة باعتبارها نصاً قانونياً على هذا العقد".
وحيث إن المادة 917 من القانون المدني إذ نصت على أنه "إذا تصرف شخص لأحد ورثته واحتفظ بأية طريقه كانت بحيازة العين التي تصرف فيها، وبحقه في الانتفاع بها مدى حياته اعتبر التصرف مضافاً إلى ما بعد الموت وتسري عليه أحكام الوصية ما لم يقم دليل يخالف ذلك" فإن هذه المادة تكون قد أقامت قرينة قانونية من شأنها - متى توافرت عناصرها - إعفاء من يطعن في التصرف بأنه ينطوي على وصية من إثبات هذا الطعن ونقل عبء الإثبات على عاتق المتصرف إليه. ولما كانت القاعدة الواردة بهذه المادة مستحدثة ولم يكن لها نظير في التقنين الملغي وكان المقرر في ظله أن الأصل في إقرارات المورث أنها تعتبر صحيحة وملزمة لورثته حتى يقيموا الدليل على عدم صحتها بأي طريق من طرق الإثبات فعبء الإثبات كان على من يطعن في التصرف ولم يكن احتفاظ البائع بحقه في الانتفاع بالعين المبيعة مدى حياته سوى مجرد قرينة قضائية يتوسل بها الطاعن إلى إثبات دعواه والقاضي بعد ذلك حر في أن يأخذ بهذه القرينة أو لا يأخذ لأنها كسائر القرائن القضائية تخضع لمطلق تقديره. لما كان ما تقدم، وكانت القرينة القانونية التي استحدثتها المادة 917 من القانون المدني لاتصالها بموضوع الحق اتصالاً وثيقاً لا يجوز إعمالها بأثر رجعي على التصرفات السابقة على تاريخ العمل بالقانون المدني القائم فإن الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه في خصوص قضائه بالنسبة لعقد 5 إبريل سنة 1945 إذ أعفى المطعون عليهن من إثبات طعنهم في هذا العقد لمجرد احتفاظ المورث فيه بحقه في الانتفاع بالحصة المبيعة مدى حياته وتطلب من المتصرف إليهم (الطاعنين) نقض هذه القرينة يكون مخالفاً للقانون، ولا يبرئ الحكم المطعون فيه من هذه المخالفة كونه قد رفع من أسباب الحكم الابتدائي ما يشير إلى تطبيق القاعدة الواردة في المادة 917 باعتبارها نصاً قانونياً على ذلك العقد إذ لا يؤدى الاستبعاد على هذه الصورة إلى تصحيح الخطأ الذي وقع فيه الحكم الابتدائي في شأن نقله عبء الإثبات على النحو السالف بيانه، كذلك فإنه إذا فسر ما قرره الحكم المطعون فيه من أن القواعد الواردة في المادة المذكورة مستمدة من القواعد الأصلية للقانون المدني قديمه وحديثه إذا فسر هذا القول بأن الحكم أراد أن يتخذ من احتفاظ المورث في العقد الأول المؤرخ 5 من إبريل سنة 1945 قرينة قضائية على اعتبار التصرف الوارد في هذا العقد مضافاً إلى ما بعد الموت فإن الحكم يكون متناقضاً مع نفسه في هذا الخصوص ذلك أنه ورد بأسباب الحكم الابتدائي التي اعتمدها الحكم المطعون فيه - في معرض الرد على المستندات التي قدمتها الطاعنة الأولى للتدليل على قدرتها على أداء الثمن المسمى في ذلك العقد - ما نصه "أما المستندات المقدمة منها (أي من الطاعنة الأولى) والتي تقول إنها دفعت قيمتها لجان أبو طاقية فيلاحظ أنها تحمل تاريخاً بعد العقد الأول بثماني سنوات تقريباً إذ أن أولها استحق الدفع في 5 مايو سنة 1953 أي في وقت كانت هي وأولادها المدعى عليهم قد وضعوا أيديهم على المنزل موضوع النزاع باعترافهم" ومفاد ذلك أن المحكمة استندت في إطراحها لتلك المستندات كدليل على ملاءة الطاعنة الأولى إلى أن هذه الطاعنة وأولادها - وهم جميعاً المشترون في العقد الأول - كانوا يضعون اليد من قبل مايو سنة 1953 على العين المبيعة بالعقد المذكور أي من قبل وفاة المورث الحاصلة - حسب تقريرات الحكم في 27 فبراير سنة 1954 - وأنهم كانوا يستغلون هذه العين حال حياة المورث وأوفوا من ريعها ديناً على إحداهم (الطاعنة الأولى) فإذا عاد الحكم بعد ذلك واتخذ من احتفاظ المورث في العقد المذكور بحقه في الانتفاع بتلك العين مدى حياته قرينة قضائية على أن التصرف مضاف إلى ما بعد موت المورث فإنه يكون معيباً بالتناقض في هذا الصدد. لما كان ذلك، وكان ما استدل به الحكم على أن العقدين المطعون فيهما يستران وصية من عدم قدرة المشترين على دفع الثمن المسمى فيهما ومن وقوع المورث تحت تأثيرهم وقيام منازعات بينه وبين بناته الطاعنات في العقدين ومن تحرير العقدين على وتيرة واحدة والحرص على ذكر دفع بعض الثمن فيهما أمام الموثق الذي قام بتحريرهما ذلك كله ليس من شأنه أن يؤدى عقلاً إلى نفي التنجيز عن العقدين ذلك أن البيع الذي يستر تبرعاً صحيح في التقنينين القديم والقائم متى كان التصرف منجزاً غير مضاف إلى ما بعد الموت فيجب إذن للقول بأن العقدين المطعون فيهما يستران وصية أن يثبت إلى جانب اتجاه قصد المتصرف إلى التبرع إضافة التمليك إلى ما بعد موته وهذا الأمر الأخير جاء تدليل الحكم عليه غير سائغ وإنه لمن فساد الاستدلال أن يستند الحكم في التدليل عليه ما أثبت في العقدين من دفع المشترين معظم الثمن أمام الموثق الذي حررهما.
وحيث إنه لما تقدم يكون الحكم المطعون فيه معيباً بمخالفة القانون والقصور بما يستوجب نقضه.
وحيث إنه وإن كان قبول المحكمة أسباب الطعن المتقدم ذكرها يغنيها عن بحث السبب الثاني المبني على خطأ الحكم فيما ذهب إليه من عدم انطباق قانون الوصية رقم 71 لسنة 1946 على ما سبقه من وصايا ولو كانت وفاة الموصى لاحقه لتاريخ العمل به إلا أن المحكمة ترى تفادياً لتكرار الخطأ في هذا الخصوص أن تشير إلى القاعدة التي جرى بها قضاؤها في هذا الشأن وهي أن الوصية تخضع للقانون الساري وقت وفاة الموصى لا وقت صدور الوصية منه فيسري القانون رقم 71 لسنة 1946 على كل وصية صدرت من موصى توفى بعد العمل بأحكام هذا القانون ولو كان تاريخ صدورها سابقاً عليه (يراجع نقض 23 فبراير سنة 1956 طعن رقم 213 سنة 22 ق ونقض 21 يونيه سنة 1962 طعن رقم 414 سنة 26 ق).


(1) راجع نقض 25/ 4/ 1963 الطعنين 459 و471 لسنة 26 ق السنة 14 ص 579.
(2) راجع نقض 22/ 5/ 1952 الطعن 189 س 20 ق مجموعة 25 سنة ص 1203.

الطعن 510 لسنة 35 ق جلسة 20 / 1 / 1970 مكتب فني 21 ج 1 ق 25 ص 146

جلسة 20 من يناير سنة 1971

برياسة السيد المستشار/ الدكتور عبد السلام بلبع نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمد نور الدين عويس، وأحمد حسن هيكل، وعباس حلمي عبد الجواد، وحسين زاكي.

-----------

(25)
الطعن رقم 510 لسنة 35 القضائية

عقد. "آثار العقد". نقل بحري. "شرط التحكيم".
آثار العقد لا تنصرف إلى الغير طالما لا تربطه صلة بأي من طرفيه. شرط التحكيم الوارد في عقد البيع. لا يمتد أثره إلى الشركة الناقلة.

-------------
آثار العقد وفقاً لنص المادة 145 من القانون المدني لا تنصرف إلى الغير الذي لم يكن طرفاً فيه ولم تربطه صلة بأي من طرفيه, سواء كانت هذه الآثار حقاً أم التزاماً. وإذ كان يبين من تدوينات الحكم المطعون فيه أن الطاعنة (المشترية) قد اتفقت مع الشركة البائعة بمقتضى عقد البيع المبرم بينهما على أن كل نزاع ينشأ عن هذا العقد يكون الفصل فيه من اختصاص هيئة تحكيم، وإذ لم تكن الشركة الناقلة طرفاً في هذا العقد، وإنما تتحدد حقوقها والتزاماتها على أساس عقد النقل المبرم بينها وبين الشركة البائعة، فإن شرط التحكيم الوارد في عقد البيع لا يمتد أثره إلى الشركة الناقلة، ولا يجوز لها التمسك به عند قيام النزاع بين هذه الأخيرة وبين الطاعنة (المشترية)، وذلك تطبيقاً لمبدأ القوة الملزمة للعقود.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفي أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن وزارة التموين - الطاعنة - أقامت الدعوى رقم 2170 سنة 1962تجاري كلي القاهرة على الشركتين المطعون ضدهما، وطلبت الحكم بإلزامهما متضامنين بأن يدفعا لها مبلغ 500 ج كتعويض مؤقت. وقالت بياناً لدعواها إنه بتاريخ 16 أكتوبر سنة 1961 تعاقدت مع الشركة العامة للتجارة الداخلية، التي حلت محلها الشركة المطعون ضدها الثانية على أن تبيعها كمية من الفول الحبشي بالمواصفات والشروط المنصوص عليها في عقد البيع المبرم بينهما وأن الشركة البائعة قد تعاقدت مع الشركة العربية المتحدة لأعمال النقل البحري "المطعون ضدها الأولى" على نقل البضاعة المبيعة من الحبشة إلى ميناء السويس. وأنه تنفيذاً لهذا التعاقد قامت الشركة المطعون ضدها الأولى بنقل البضاعة على إحدى السفن اليوغوسلافية التي تمثلها باعتبارها وكيلة عنها، وإذ وصلت السفينة إلى ميناء السويس، وتبين للطاعنة عند تفريغ الشحنة أن بعض الأجولة ممزقة وبها عجز، فقد أقامت دعواها بطلباتها السابقة. أجابت الشركة الناقلة المطعون ضدها الأولى على الدعوى بأنها أوفت بالتزاماتها كاملة بتسليمها الشحنة سليمة، ودفعت الشركة البائعة بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى تأسيساً على أن عقد البيع المبرم بينها وبين الطاعنة قد نص فيه على طريق التحكيم، لفض أي نزاع ينشأ عن تنفيذه كما دفعت بعدم قبول الدعوى لرفعها بعد الميعاد الذي حدده قانون التجارة البحري في المادتين 274، 275. وبتاريخ 19 يونيه سنة 1963 قضت محكمة أول درجة برفض الدفع بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى وباختصاصها بنظرها وبقبول الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها بعد الميعاد. استأنفت الطاعنة هذا الحكم فيما قضى به من قبول الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها بعد الميعاد وقيد الاستئناف برقم 637 سنة 80 ق القاهرة. ومحكمة الاستئناف حكمت في 25 مايو سنة 1965 بإلغاء الحكم المستأنف، وبعدم قبول الدعوى قبل عرضها على التحكيم. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض - وطلبت نقضه جزئياً فيما قضى به من عدم قبول الدعوى وسماعها قبل عرضها على التحكيم بالنسبة للشركة المطعون ضدها الأولى "الشركة الناقلة" وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم، وبالجلسة المحددة لنظره تمسكت النيابة بهذا الرأي.
وحيث إن الطاعنة تنعى بسبب الطعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه، وفي بيان ذلك تقول إن الحكم قضى بعدم قبول الدعوى قبل عرضها على التحكيم بالنسبة للمطعون ضدها الأولى استناداً إلى أن عقد البيع المبرم بين الطاعنة والشركة المطعون ضدها الثانية قد اشتمل على نص صريح يقضي بأن كل نزاع ينشأ عن هذا العقد يكون من اختصاص هيئة التحكيم. هذا في حين أن الشركة المطعون ضدها الأولى وهي الشركة الناقلة لم تكن طرفاً في عقد البيع المذكور, وإنما أساس مسئوليتها هو عقد النقل, وإذ يقتصر الأثر الملزم للعقد على طرفيه, ولا ينصرف هذا الأثر إلى الغير الذي لم يكن طرفاً فيه, ولا خلفاً لأحد المتعاقدين وجعل الحكم أثر عقد البيع المبرم بين الطاعنة والشركة المطعون ضدها الثانية منصرفاً إلى الشركة الناقلة، وهى من الغير وذلك بإعمال شرط التحكيم الوارد فيه بالنسبة لها، فانه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه.
وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك أن آثار العقد وفقاً لنص المادة 145 من القانون المدني لا تنصرف إلى الغير الذي لم يكن طرفاً فيه ولم تربطه صلة بأي من طرفيه سواء أكانت هذه الآثار حقاً أم التزاماً. لما كان ذلك وكان يبين من تدوينات الحكم المطعون فيه أن الطاعنة قد اتفقت مع الشركة البائعة - المطعون ضدها الثانية - بمقتضى عقد البيع المبرم بينهما على أن كل نزاع ينشأ عن هذا العقد يكون الفصل فيه من اختصاص هيئة تحكيم، وإذ لم تكن الشركة الناقلة - المطعون ضدها الأولى - طرفاً في هذا العقد وإنما تتحدد حقوقها والتزاماتها على أساس عقد النقل المبرم بينها وبين الشركة البائعة، فإن شرط التحكيم الوارد في عقد البيع، لا يمتد أثره إلى الشركة الناقلة ولا يجوز التمسك به عند قيام النزاع بين هذه الأخيرة وبين الطاعنة وذلك تطبيقاً لمبدأ القوة الملزمة للعقود، لما كان ما تقدم وكان الحكم المطعون فيه لم يلتزم هذا النظر إذ قضى بعدم قبول الدعوى قبل عرضها على هيئة التحكيم بالنسبة للمطعون ضدها الأولى استناداً إلى شرط التحكيم الوارد في عقد البيع المبرم بين الطاعن والمطعون ضدها الثانية، فإنه يكون قد خالف القانون، وأخطأ في تطبيقه بما يستوجب نقضه في هذا الخصوص.

الطعن 395 لسنة 29 ق جلسة 14 / 5 / 1964 مكتب فني 15 ج 2 ق 106 ص 663

جلسة 14 مايو سنة 1964

برياسة السيد/ محمود عياد رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: محمود توفيق إسماعيل، وأميل جبران، وإبراهيم الجافي، وصبري فرحات.

------------

(106)
الطعن رقم 395 لسنة 27 القضائية

(أ) إجارة "إيجار الأماكن". "القانون 121 لسنة 1947". اختصاص. "الاختصاص النوعي". حكم. "الطعن في الأحكام". دعوى. "تكييف الدعوى".
المنازعات التي تشير إليها المادة 15 من القانون 121 لسنة 1947. المقصود بها جميع المنازعات الإيجارية التي يستلزم الفصل فيها تطبيق أحكام هذا التشريع الاستثنائي. الدعوى بطلب تخفيض الأجرة واسترداد ما دفع زائداً على الحد الأقصى الذي يحدده هذا القانون، من المنازعات الإيجارية في معنى المادة 15 منه. اختصاص المحكمة الابتدائية بنظرها. عدم قابلية الحكم الصادر فيها للطعن.
(ب) إجارة "إيجار الأماكن". "القانون 121 لسنة 1947". "طلب تخفيض الأجرة". تقادم. بطلان. نظام عام.
الاتفاق على أجرة تزيد على الحد الأقصى المقرر بالقانون 121 لسنة 1947. بطلانه، تعلق هذا البطلان بالنظام العام. الدعوى بطلب تخفيض تلك الأجرة، جواز رفعها في أي وقت ولو بعد انقضاء العلاقة الإيجارية ما دام لم يسقط الحق في رفعها بالتقادم. لا يصح اعتبار سكوت المستأجر مدة من الزمن نزولاً منه عن الحق المطالب به. هذا النزول صريحاً كان أو ضمنياً يقع باطلاً ولا يعتد به.
(ج) إجارة. "إيجار الأماكن". "القانون 121 لسنة 1947". اختصاص. "اختصاص نوعي". دعوى. "تكييف الدعوى".
الدعوى بطلب استرداد ما دفع زائداً على الأجرة القانونية، من المنازعات الإيجارية الناشئة عن تطبيق القانون 121 لسنة 1947. اختصاص المحكمة الابتدائية بنظرها. جواز رفعها بعد انقضاء العلاقة التأجيرية.
(د) إجارة "إيجار الأماكن". "القانون 121 لسنة 1947". "الإصلاحات والتحسينات الجديدة".
الإصلاحات والتحسينات الجديدة التي يدخلها المؤجر في العين قبل التأجير، تقويمها وإضافة ما يقابل انتفاع المستأجر بها إلى الأجرة المحددة وفقاً للقانون 121 لسنة 1947 جواز الاتفاق على ذلك في عقد الإيجار أو في اتفاق لاحق، والعمل بهذا الاتفاق ما لم يثبت المستأجر أن القصد منه هو التحايل على أحكام القانون. اعتبار كل ميزة جديدة يوليها المؤجر للمستأجر في حكم تلك التحسينات. من ذلك الترخيص للمستأجر في حق التأجير من الباطن بعد أن كان محروماً منه.
(هـ) إجارة. إيجار الأماكن". "القانون 121 لسنة 1947". التجديدات والإصلاحات" اختصاص. "اختصاص نوعي". حكم. "الطعن في الأحكام".
القيام بتجديدات أو إصلاحات في المباني المنشأة قبل 1/ 1/ 1944 لا يخرجها عن القيود الواردة في القانون 121 لسنة 1947. للمالك إضافة زيادة مقابل تكاليفها على أجرة شهر إبريل سنة 1941. اختصاص المحكمة الابتدائية بنظر المنازعات في هذا الشأن. عدم قابلية حكمها للطعن.

---------------
1 - المقصود بالمنازعات التي تشير إليها المادة 15 من القانون رقم 121 لسنة 1947 جميع المنازعات الإيجارية التي يستلزم الفصل فيها تطبيق حكم من أحكام هذا التشريع الاستثنائي. وإذ كانت الدعوى هي منازعة بين المؤجر والمستأجر بشأن تحديد الأجرة المستحق دفعها قانوناً وتستند رافعتها وهي المستأجرة في طلب تخفيض هذه الأجرة واسترداد ما دفعته زائداً على الحد الأقصى إلى أحكام ذلك التشريع فإن هذه الدعوى تعتبر من المنازعات الإيجارية المشار إليها في المادة 15 من القانون سالف الذكر والتي تختص بنظرها المحكمة الابتدائية ويكون حكمها فيها غير قابل للطعن عملاً بنص الفقرة الرابعة من المادة المذكورة (1).
2 - إذا كانت الدعوى بطلب تخفيض الأجرة مبناها بطلان الاتفاق على أجرة تزيد على الحد الأقصى المقرر بالقانون 121 لسنة 1947 وكان هذا البطلان - على ما يبين من نصوص هذا القانون - بطلاناً مطلقاً لتعلقه بالنظام العام، فإن هذه الدعوى يصح رفعها في أي وقت ولو بعد انقضاء العلاقة الإيجارية ما دام لم يسقط الحق في رفعها بالتقادم ولا يصح اعتبار سكوت المستأجر مدة من الزمن نزولاً منه عن الحق المطالب به لأن هذا النزول صريحاً كان أو ضمنياً يقع باطلاً ولا يعتد به.
3 - الدعوى بطلب استرداد ما دفع زائداً على الأجرة القانونية تعتبر من المنازعات الناشئة عن تطبيق القانون رقم 121 لسنة 1947 في معنى المادة 15 منه، ومن ثم تختص بنظرها وفقاً لهذا القانون المحكمة الابتدائية سواء رفعت تلك الدعوى مستقلة أو مندمجة في دعوى تخفيض الأجرة، ويصح رفعها ولو بعد انقضاء العلاقة التأجيرية ولا يجوز للمؤجر دفعها في هذه الحالة بزوال صفة المستأجر عن رافعها لأنه إنما يطالب بالاسترداد عن مدة كانت له فيها هذه الصفة.
4 - المستفاد من أحكام القانون رقم 121 لسنة 1947 أن الإصلاحات والتحسينات الجديدة التي يكون المؤجر قد أدخلها في العين المؤجرة قبل التأجير تقوم ويضاف مقابل انتفاع المستأجر بها إلى الأجرة التي تحدد على الأسس التي قررها ذلك القانون، وقد يتفق على ذلك بين المؤجر والمستأجر في عقد الإيجار ذاته أو في اتفاق لاحق ويعمل بما اتفق عليه الطرفان ما لم يثبت المستأجر أن القصد من هذا الاتفاق هو التحايل على أحكام القانون، فعندئذ يقوم القاضي بالتقدير. ويعتبر في حكم التحسينات التي يدخلها المؤجر في العين المؤجرة كل ميزة جديدة يوليها المؤجر للمستأجر كما لو كان محروماً من حق التأجير من الباطن ورخص له المؤجر في هذا الحق.
5 - مجرد القيام بتجديدات أو إصلاحات في المباني المنشأة قبل أول يناير سنة 1944 لا يخرج هذه المباني عن القيود الواردة في القانون رقم 121 لسنة 1947، وإنما يجيز للمالك إضافة زيادة مقابل تكاليفها على أجرة شهر إبريل سنة 1941، ومن ثم فإن المحكمة الابتدائية تختص بنظر المنازعات في هذا الشأن ويكون حكمها فيها غير قابل للطعن.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون عليهما بصفتهما حارسين قضائيين على شركة زاما، أقاما على الطاعن أمام دائرة الإيجارات بمحكمة القاهرة الابتدائية الدعوى رقم 3445 سنة 1955 وقالا في بيانها إن الشركة المذكورة كانت تشغل بطريق الإيجار في المدة من 1/ 6/ 1946 حتى 31/ 1/ 1953 الطابقين الأول والأرضي من عمارة الطاعن الكائنة بشارع شريف بالقاهرة وكذلك شقتين بالطابق الثاني وغرفتين بالسطح، وقد اتضح للشركة بعد إخلائها العين المؤجرة أن الأجرة التي كان الطاعن يستأديها منها تزيد على الأجرة القانونية والتي كان يدفعها المستأجرون السابقون، ومن أجل ذلك طلبا بدعواهما هذه الحكم بتخفيض الأجرة وبإلزام الطاعن بأن يرد إليهما مبلغ 3736 جنيهاً و560 مليماً قيمة ما قبضه أكثر مما هو مستحق له قانوناً طبقاً لأحكام القانون رقم 121 لسنة 1947 - دفع الطاعن بعدم اختصاص دائرة الإيجارات بنظر الدعوى تأسيساً على أن الحق المخول في ذلك القانون للمستأجر في طلب خفض الأجرة وفي استرداد ما دفعه منها زيادة عن الحد الأقصى - هذا الحق إنما هو مقرر للمستأجر الذي لا يزال عقده قائماً، وهو أمر غير متوافر في واقعة هذا النزاع لأن شركة زاما قد تركت الأعيان المؤجرة جميعها من قبل رفع الدعوى الحالية بنحو ثلاث سنين وبذلك يكون عقدها قد انقضى من ذلك التاريخ. وبتاريخ 19/ 5/ 1956 حكمت المحكمة "برفض الدفع بعدم اختصاصها اختصاصاً استثنائياً بالفصل في موضوع النزاع" وحددت جلسة لنظر الموضوع ومناقشة طرفي الخصومة فيه - ولدى نظره عاد الطاعن ودفع بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى في شقها الخاص برد فرق الأجرة تأسيساً على أن ولايتها الاستثنائية لا تمتد إلى هذا الطلب - وتحصل دفاعه في الموضوع في أن الزيادة التي قبضها في مدة الإجارة كانت مقابل ما أحدثه من إنشاءات في المكان المؤجر وما أدخله عليه من تحسينات - وبتاريخ 10/ 11/ 1956 حكمت المحكمة: أولاً - برفض الدفع بعدم الاختصاص ثانياً - بتخفيض أجرة أعيان النزاع... واعتبارها مبلغ 186 جنيهاً و376 مليماً شهرياً خلال مدة استئجار الشركة... في الفترة من 1/ 6/ 1946 إلى 31/ 1/ 1953. ثالثاً - بإلزام المدعى عليه - الطاعن - أن يدفع للمدعيين بصفتهما - المطعون عليهما - مبلغ 1137 جنيهاً و544 مليماً قيمة الفرق بين الأجرة المدفوعة والأجرة الواجبة قانوناً - استأنف الطاعن هذا الحكم والحكم السابق لدى محكمة استئناف القاهرة وطلب إلغاء وصف الحكم الثاني بأنه انتهائي والأمر بوقف تنفيذه لحين الفصل في الاستئناف ثم إلغاء الحكمين المذكورين والقضاء بعدم اختصاص دائرة الإيجارات بنظر الدعوى واحتياطياً رفض الدعوى وقد قيد هذا الاستئناف برقم 1155 لسنة 73 ق ودفع المطعون عليهما بعدم جوازه لانتهائية الحكم طبقاً لنص المادة 15 من القانون رقم 121 لسنة 1947 - وبتاريخ 26/ 1/ 1957 حكمت المحكمة برفض الدفع وبجواز الاستئناف وبإلغاء وصف حكم محكمة الدرجة الأولى بأنه حكم انتهائي وبوقف تنفيذه لحين الفصل في موضوع هذا الاستئناف وحددت جلسة لنظر هذا الموضوع - وأقامت قضاءها على أن الحكم الصادر في الدفع بعدم الاختصاص يقبل الاستئناف دائماً - وبتاريخ 26/ 11/ 1957 حكمت برفض الاستئناف وبتأييد الحكمين المستأنفين فيما قضيا به من رفض الدفع بعدم اختصاص دائرة الإيجارات وباختصاصها وقد ذكرت محكمة الاستئناف في أسباب هذا الحكم أن الطلب الاحتياطي من طلبات المستأنف والخاص بإلغاء الحكم الثاني، المستأنف فيما قضى به في الموضوع، غير جائز نظره استئنافياً لانتهائية الحكم الصادر في الموضوع وعدم قابليته لأي طعن عملاً بالفقرة الرابعة من المادة 15 من القانون رقم 121 لسنة 1947 - طعن الطاعن بطريق النقض في هذا الحكم وقدمت النيابة العامة مذكرة برأيها المتضمن طلب نقض الحكم - وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون وبتاريخ 7/ 6/ 1961 قررت إحالته إلى هذه الدائرة، وبالجلسة المحددة لنظره صممت النيابة على رأيها السابق.
وحيث إن المطعون عليه الثاني دفع في المذكرة المقدمة منه بعدم قبول الطعن استناداً إلى أنه أعلن إلى المطعون عليه الأول بمحل إقامته بشارع المعهد السويسري رقم 17 بالزمالك حالة أنه مسجون تنفيذاً لعقوبة محكوم عليه بها وكان يتعين تسليم الإعلان الخاص به لمأمور السجن وفق ما تقضى به المادة 14/ 8 من قانون المرافعات - وهذا الدفع عار عن الدليل إذ لم يقدم صاحبه دليلاً على صحته وليس في أوراق الطعن ما يفيد أن المطعون عليه الثاني كان مسجوناً وقت إعلان الطعن إليه - ويتعين لذلك رفضه.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه مخالفته لقواعد الاختصاص النوعي ولنص المادة 15 من القانون رقم 121 لسنة 1947 بشأن إيجار الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجرين والمستأجرين - وفي بيان ذلك يقول إن الدعوى أقيمت بطلب تخفيض الأجرة بعد انقضاء عقد الإيجار بحوالي ثلاث سنين ولم يفطن الحكم المطعون فيه إلى أن دائرة الإيجارات لا تختص بنظر دعوى تخفيض الأجرة إلا إذا كان عقد الإيجار قائماً واعتبر أن ولاية هذه الدائرة تقوم ولو كانت الرابطة الإيجارية قد انتهت بترك المستأجر للأماكن المؤجرة اختياراً مع أن اختصاصها بحماية المستأجر مشروط بقيام هذه الصفة فيه، فإذا زالت عنه لا يكون هناك محل لإعمال أحكام قانون الإيجار الاستثنائي وبالتالي لا تكون دائرة الإيجارات مختصة بدعوى تخفيض الأجرة وتبعاً لذلك لا تكون أيضاً مختصة بدعوى رد الأجرة التي هي في أصلها ليست دعوى إيجارية لأن مبناها ليس هو عقد الإيجار وإنما هو قبض المدعى عليه المبلغ بغير حق أو بغير سبب وما دامت ولاية دائرة الإيجارات بدعوى التخفيض قد زالت بانتهاء العلاقة الإيجارية فإن دعوى الرد تخرج حتماً من ولايتها وتعود إلى الاختصاصي القضائي الأصلي - ولا وجه لاستناد الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه، في قضائه برفض الدفع بعدم الاختصاص إلى أن الأحكام الواردة في القانون رقم 121 لسنة 1947 بشأن تحديد الأجرة تعتبر من النظام العام، وذلك أن تحديد مقدار الأجرة التي يدفعها المستأجر لا يتصل أمره بالنظام العام إلا بالقدر الذي يتمكن به المستأجر من دخول العين المؤجرة والبقاء فيها - هذا إلى أن سند الطاعن في استحقاقه الزيادة في الأجرة هو عقد الإيجار المعقود بينه وبين المستأجرين الأصليين اللذين كانا قد اتفقا معه في سنة 1946 على هذه الزيادة مقابل ترخيصه لهما بالتأخير من الباطن واستحداثه إنشاءات في العين المؤجرة - وقد تبودلت بينه وبينهما عدم مكاتبات في هذا الشأن ووافقت المطعون عليها كتابة بتاريخ 17/ 7/ 1946 على ما هو وارد في تلك المكاتبات وتعهدت بتنفيذ جميع التعهدات التي التزم بها المستأجران الأصليان - ويقول الطاعن إنه سواء كان السيدان واصف ونحاس المستأجران الأصليان هما اللذان أوفياه الأجرة المتنازع على تحديد مقدارها أو أن تكون المستأجرة من باطنهما - شركة زاما المطعون عليها - هي التي أوفته بها، فإن التزام المستأجرين الأصليين بما تعهدا به وموافقة شركة زاما على هذه التعهدات، وأثر هذه الموافقة - كل ذلك - لا يحكمه القانون الاستثنائي وإنما يحكمه القانون المدني، وترتيباً على ذلك تخضع الأحكام التي تصدرها المحكمة الابتدائية فيما ينشأ من منازعات في هذا الشأن لطريق الطعن وفقاً للقواعد العامة لأن المستفاد من نص المادة 15 سالفة الذكر أنه إذا أثيرت أمام دائرة الإيجارات منازعة موضوعية لا يحكمها القانون الاستثنائي فإن الحكم في هذه المنازعة يكون قابلاً للطعن وفقاً للقواعد العامة - ويضيف الطاعن أن شركة زاما بدورها، قبلت في سنة 1948 أن تزيد الأجرة نظير موافقة الطاعن على الترخيص لها بأن تؤجر من الباطن غرفاً ومكاتب بالدور الثاني من العين المؤجرة وذلك بقصد الاستغلال وبذلك يكون قد انعقد بين الطرفين اتفاق خاص موضوعه المضاربة في تأجير هذه الأماكن، وهذا الاتفاق لا يخضع للقانون الاستثنائي وإنما يخضع للقانون المدني لأن عقد الإيجار الذي يستهدف الاتجار بالأماكن المؤجرة عن طريق المضاربة في الأجر لا يدخل في دائرة القانون الاستثنائي ولا تختص دائرة الإيجارات بنظر المنازعات المتعلقة به بل تكون هذه المنازعات من اختصاص القضاء العادي - هذا إلى أنه بعد سنة 1944 أقيم بالعين المؤجرة مسرح ومطعم وناد خاص ومقصف للخمور ومباني أخرى - واستحداث هذه المنشآت الأساسية، في ذلك التاريخ يخرج أيضاً النزاع عن ولاية التخفيض المقررة لدائرة الإيجارات عملاً بحكم الفقرة الأخيرة من المادة الرابعة من القانون سالف الذكر - وكذلك يخرج عن الولاية الاستثنائية لدائرة الإيجارات الفصل فيما أثير في الدعوى خاصاً بتعهد شركة زاما في سنة 1951 بزيادة الأجرة نظير التغييرات التي وافق الطاعن على إجرائها في الأماكن المؤجرة لتمكين الشركة من مضاعفة استغلالها لهذه الأماكن عن طريق التأجير من الباطن - وأخيراً يقول الطاعن إنه قدم لمحكمة الموضوع المستندات الدالة على الاتفاقات السالف الإشارة إليها إلا أن المحكمة تجاهلتها مع أنها قد ولدت له قبل المطعون عليها حقوقاً مالية خاصة يحميها القانون العام الذي نشأت في ظله ومن ثم فما كان يصح أن يصير الحكم المطعون فيه قضاء محكمة الدرجة الأولى في شأن المنازعات التي أثيرت حول هذه الحقوق انتهائياً غير قابل للطعن.
وحيث إن هذا النعي مردود في جميع أوجهه بأن المادة 15 القانون رقم 121 لسنة 1947 تنص على أنه (ترفع المنازعات الناشئة عن تطبيق هذا القانون إلى المحكمة الابتدائية المختصة) والمقصود بالمنازعات التي تشير إليها هذه المادة جميع المنازعات الإيجارية التي يستلزم الفصل فيها تطبيق حكم من أحكام هذا التشريع الاستثنائي وإذ كانت الدعوى الحالية هي منازعة بين المؤجر والمستأجر بشأن تحديد الأجرة المستحق دفعها قانوناً وتستند رافعتها وهي المستأجرة (المطعون عليها) في طلب تخفيض هذه الأجرة واسترداد ما دفعته زائداً على الحد الأقصى إلى أحكام ذلك التشريع فإن هذه الدعوى تعتبر من المنازعات الإيجارية المشار إليها في المادة 15 من القانون سالف الذكر والتي تختص بنظرها المحكمة الابتدائية ويكون حكمها فيها غير قابل للطعن عملاً بنص الفقرة الرابعة من المادة المذكورة، وإذ كانت الدعوى بطلب تخفيض الأجرة مبناها بطلان الاتفاق على أجرة تزيد على الحد الأقصى المقرر بهذا التشريع وكان هذا البطلان على ما يبين من نصوص ذلك القانون بطلاناً مطلقاً لتعلقه بالنظام العام فإن هذه الدعوى يصح رفعها في أي وقت ولو بعد انقضاء العلاقة الإيجارية ما دام لم يسقط الحق في رفعها بالتقادم ولا يصح اعتبار سكوت المستأجر مدة من الزمن نزولاً منه عن الحق المطالب به لأن هذا النزول صريحاً كان أو ضمنياً يقع باطلاً ولا يعتد به - وإذ كانت المادة السادسة من القانون سالف الذكر قد نصت على أنه (... ويحكم برد ما حصل زائداً على الأجرة المستحقة قانوناً أو باستقطاعه من الأجرة التي يستحق دفعها، كما يحكم برد أي مبلغ أي مبلغ إضافي يكون المؤجر قد اقتضاه من المستأجر مباشرة أو عن طريق الوسيط في الإيجار) - فإن الدعوى بطلب استرداد ما دفع زائداً على الأجرة القانونية تعتبر كذلك من المنازعات الناشئة عن تطبيق القانون رقم 121 لسنة 1947 في معنى المادة 15 منه ومن ثم تختص بنظرها وفقاً لهذا القانون المحكمة الابتدائية سواء رفعت تلك الدعوى مستقلة أو مندمجة في دعوى تخفيض الأجرة ويصح رفعها أمام دوائر الإيجارات بهذه المحكمة ولو بعد انقضاء العلاقة التأجيرية ولا يجوز للمؤجر دفعها في هذه الحالة بزوال صفة المستأجر عن رافعها لأنه إنما يطالب بالاسترداد عن مدة كانت له فيها هذه الصفة ولما كان المستفاد من أحكام القانون رقم 121 لسنة 1947 أن الإصلاحات والتحسينات الجديدة التي يكون المؤجر قد أدخلها في العين المؤجرة قبل التأجير تقوم ويضاف ما يقابل انتفاع المستأجر بها، إلى الأجرة التي تحدد على الأسس التي قررها ذلك القانون - وقد يتفق على ذلك بين المؤجر والمستأجر في عقد الإيجار ذاته أو في اتفاق لاحق ويعمل بما اتفق عليه الطرفان ما لم يثبت المستأجر أن القصد من هذا الاتفاق هو التحايل على أحكام القانون، فعندئذ يقوم القاضي بالتقدير - ويعتبر في حكم التحسينات التي يدخلها المؤجر في العين المؤجرة كل ميزة جديدة يوليها المؤجر للمستأجر كما لو كان محروماً من حق التأجير من الباطن ورخص له المؤجر في هذا الحق، وكان القانون رقم 121 لسنة 1947 قد افترض أن المستأجر قد يؤجر من الباطن المكان الذي استأجره ووضع لهذه الحالة حكماً خاصاً في المادة الرابعة يقضي بأنه (لا يجوز أن تزيد الأجرة المتفق عليها في عقود الإيجار التي أبرمت منذ أول مايو سنة 1941 على أجرة شهر إبريل سنة 1941 أو أجرة المثل لذلك الشهر إلا بمقدار ما يأتي... على أنه إذا كانت هذه الأماكن مؤجرة بقصد استغلالها مفروشة أو أجرت مفروشة جاز زيادة الأجرة إلى 70% من الأجرة المتفق عليها أو أجر المثل) لما كان ذلك، فإن ما أثاره الطاعن في الدعوى خاصاً بتخويل شركة زاما التأجير من الباطن وبأن زيادة الأجرة تمت باتفاق حصل بينه وبين الشركة المطعون عليها والمستأجرين الأصليين المؤجرين لها، مقابل استحداثه إنشاءات وتعديلات في الأماكن المؤجرة - هذه المنازعة من جانب الطاعن لا تحول دون اختصاص المحكمة المعينة في القانون رقم 121 لسنة 1947 بنظر الدعوى لأن الفصل في هذه المنازعات هو مما يرجع فيه أيضاً إلى أحكام ذلك القانون - أما عن استناد الطاعن في تمسكه بعدم انطباق أحكام هذا التشريع الاستثنائي إلى استحداث إنشاءات أساسية أقيمت في العين المؤجرة بعد سنة 1944 - فإنه لما كان مجرد القيام بتجديدات أو إصلاحات في المباني المنشأة قبل أول يناير سنة 1944 لا يخرج هذه المباني عن القيود الواردة في القانون رقم 121 لسنة 1947 وإنما يجيز للمالك إضافة زيادة - مقابل تكاليفها - على أجرة شهر إبريل سنة 1941 - فإن دائرة الإيجارات بالمحكمة الابتدائية تختص بنظر المنازعة في هذا الشأن ويكون حكمها فيها غير قابل للطعن.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس متعيناً رفضه.


(1) راجع نقض 14/ 3/ 1963 الطعن 173 س 28 ق السنة 14 ص 293.

الطعن 445 لسنة 35 ق جلسة 20 / 1 / 1970 مكتب فني 21 ج 1 ق 24 ص 139

جلسة 20 من يناير سنة 1970

برياسة السيد المستشار/ الدكتور عبد السلام بلبع نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: بطرس زغلول، وأحمد حسن هيكل، وعباس حلمي عبد الجواد، وإبراهيم علام.

-----------------

(24)
الطعن رقم 445 لسنة 35 القضائية

(أ) دعوى. "صحيفة الدعوى". سقوط الخصومة. تقادم. "تقادم مسقط". "قطع التقادم".
اعتبار الدعوى قاطعة للتقادم أو السقوط من وقت تقديم صحيفتها إلى قلم المحضرين. قاصر على صحيفة افتتاح الدعوى أو الطعن. إعلان الورثة بعد انقطاع سير الخصومة بالتعجيل. وجوب إتمامه خلال الميعاد. تقديم طلب التعجيل إلى قلم المحضرين لا يقطع التقادم أو السقوط.
(ب) دعوى. "سقوط الخصومة".
انقطاع سير الخصومة. وجوب موالاة المدعي السير في إجراءات الخصومة في مواجهة ورثة خصمه قبل انقضاء سنة. جهل المدعي بهؤلاء الورثة أو موطنهم لا يعتبر عذراً مانعاً من السقوط.
(ج) دعوى. "سقوط الخصومة". تجزئة. "أحوال التجزئة".
الخصومة فيما يتعلق بسقوطها، تعتبر وحدة لا تتجزأ ولو كان موضوعها قابلاً للتجزئة بطبيعته. تمسك أحد الخصوم بالسقوط. أثره. سقوطها بالنسبة للآخرين ولو تم إعلانهم في الميعاد.

---------------
1 - مفاد نص المادة 75/ 3 من قانون المرافعات السابق بعد تعديلها بالقانون رقم 100 لسنة 1962، إن مدة التقادم أو السقوط تنقطع بتقديم صحيفة الدعوى إلى قلم المحضرين بعد أداء الرسم المقرر كاملاً، إلا أنه وقد جاء هذا النص استثناء من حكم المادة السادسة من قانون المرافعات السابق، التي لم يتناولها القانون رقم 100 لسنة 1962 بالإلغاء والتي تقضي بأنه إذا نص القانون على ميعاد حتمي لرفع دعوى أو طعن أو أي إجراء آخر يحصل بالإعلان فلا يعتبر الميعاد مرعياً إلا إذا تم إعلان الخصم خلاله، فإن مؤدى ذلك أن يعد ما استحدثه القانون رقم 100 لسنة 1962 في المادة 75/ 3، قاصر على صحيفة افتتاح الدعوى أو الطعن فلا يتعداه إلى غيرها، ويظل أثر نص المادة السادسة الآنف ذكرها باقياً بالنسبة لاستئناف الدعوى سيرها بعد انقطاع سير الخصومة، فلا يعتبر الميعاد مرعياً إلا إذا تم الإعلان خلاله، وإذ كان نص المادة 298 من قانون المرافعات السابق والذي يقضي بأن استئناف سير الخصومة بعد انقطاعها يكون بتكليف بالحضور يعلن إلى من يقوم مقام الخصم الذي توفى، قد بقى على حاله ولم يتناوله المشرع بالتعديل بالقانون رقم 100 لسنة 1962, فإنه يتعين أن يتم إعلان ورثة الخصم المتوفى بالتعجيل خلال الميعاد المقرر وعدم الاكتفاء في هذا الخصوص بتقديم طلب التعجيل إلى قلم المحضرين في غضون هذا الميعاد.
2 - مؤدى نص المادة 301 من قانون المرافعات السابق أنه متى كان انقطاع الخصومة راجعاً لوفاة المدعى عليه أو من في حكمه كالمستأنف عليه، تعين على المدعي أو المستأنف في هذه الحالة أن يعلن ورثة خصمه المتوفى بقيام الخصومة بينه وبين مورثهم، ويكون عليه موالاة السير في إجراءاتها في مواجهتهم قبل انقضاء سنة. ولا يعتبر جهل المدعي أو المستأنف بورثة خصمه وموطنهم عذراً مانعاً بل عليه هو البحث والتحري عنهم محافظة على مصلحته وعدم تعريض دعواه للسقوط بفعله أو امتناعه.
3 - مفاد نص المادة 303/ 3 من قانون المرافعات السابق مرتبطة بالنصوص السابقة عليها واللاحقة لها والواردة في ذات القانون والمتعلقة بسقوط الخصومة، أنه يتعين قبول طلب الحكم بسقوط الخصومة الذي يقدم ضد المدعيين أو المستأنفين جميعهم ممن لم يعلن بالتعجيل في الميعاد من المدعى عليهم أو المستأنف عليهم ولو كان الآخرون من هؤلاء قد أعلنوا في الميعاد لأنه لا يصح أن يضار خصم من إجراء لم يتخذ في مواجهته وإنما اتخذ في مواجهة أحد زملائه، ولأنه يشترط في الإجراء الذي ينم عن المضي في الخصومة فيقطع أجل سقوطها، ويحول دون الحكم بالسقوط، أن يكون قد اتخذ عنه تعدد المدعى عليهم أو المستأنف عليهم في مواجهة هؤلاء جميعهم في الميعاد, كما أفادت هذه النصوص بأن سقوط الخصومة يجب أن يكون شاملاً للعلاقة بين جميع الخصوم مدعيين أو مدعى عليهم بحيث لا يتجزأ، وإلا فاتت حكمته تأسيساً على أن الخصومة فيما يتعلق بسقوطها - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - في ظل قانون المرافعات السابق قبل إلغائه بقانون المرافعات الحالي، تعتبر وحدة لا تتجزأ ولو كان موضوعها قابلاً للتجزئة بطبيعته، مما ينبني عليه أنه إذا تمسك أحد المدعى عليهم أو المستأنف عليهم بسقوط الخصومة، سقطت بالنسبة لباقي المدعى عليهم أو المستأنف عليهم (1).


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضده الأول أقام على الطاعنة وعلى المرحومة تفيدة جورج بوهان زوجة المرحوم عزيز يغمور - مورثة الطاعنة والفريق الثاني المطعون ضدهم - الدعوى رقم 1342 سنة 1960 مدني كلي القاهرة طالباً الحكم بصحة ونفاذ عقد التنازل والحلول العرفي الصادر له بتاريخ 15 إبريل سنة 1959 من السيدة المذكورة عن نفسها وبصفتها وكيلة عن ابنتها أوديت عزيز يغمور الطاعنة مع حلوله محل هاتين الدائنتين. وقال بياناً لدعواه إن السيدة تفيدة جورج بوهان تسلمت منه مبلغ 500 ج حصة ابنتها الطاعنة في الدين الذي كان مطلوباً أصلاً لهذه الأخيرة من يوسف الصحابي، والبالغ مقداره ألفان من الجنيهات، والثابت بمقتضى عقد الرهن الرسمي المحرر أمام موثق العقود بمحكمة القاهرة المختلطة في 15 إبريل سنة 1942 والمحول صورياً في 24 سبتمبر سنة 1953 من السيدة تفيدة جورج بوهان إلى بناتها السيدات ماري ولندا وإيفلين وأوديت عزيز يغمور - الطاعنة - بحق الربع لكل منها، وإذ تسلمت السيدة تفيدة المبلغ المشار إليه ومقداره 500 ج ومبلغ 17 ج و500 م قيمة الفوائد المستحقة عليه، وذلك بموجب توكيل صادر إليها من الطاعنة فقد أقام دعواه بطلباته سالفة البيان. أدخل المطعون ضده الأول في الدعوى المطعون ضدهم من الثالث إلى السادس باعتبار أن الثالث هو المدين الراهن وأن الرابع والخامس قد آلت إليهما ملكية العقار المرهون وأن السادس قد انتقلت إليه أخيراً ملكية هذا العقار. ومحكمة القاهرة الابتدائية قضت في أول يناير سنة 1962 بصحة ونفاذ عقد الحوالة. استأنفت الطاعنة هذا الحكم الاستئناف رقم 772 سنة 79 ق في القاهرة وبتاريخ 26 يناير سنة 1964 حكمت محكمة الاستئناف بانقطاع سير الخصومة في الاستئناف بوفاة المستأنف عليها الثانية تفيدة جورج يوهان، وعجلت أوديت عزيز يغمور - الطاعنة - هذا الاستئناف، ولدى نظره دفعت باقي الوارثات بسقوط الخصومة لتعجيل الاستئناف بعد انقضاء أكثر من سنة على آخر إجراء صحيح من إجراءات التقاضي، وانضم إليهن في هذا الدفع المطعون ضده الأول ومحكمة الاستئناف حكمت في 29 مايو سنة 1965 بسقوط الخصومة في الاستئناف. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن بالجلسة المحددة لنظره تمسكت النيابة بهذا الرأي.
وحيث إن الطاعنة تنعى بسبب الطعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك تقول إن الحكم قضى بسقوط الخصومة تأسيساً على أن المطعون ضده الأول وبعض ورثة المرحومة تفيدة جورج برهان التي توفيت أثناء نظر الاستئناف لم يعلنوا إلا بعد سنة من تاريخ الحكم الصادر في 26/ 1/ 1965، والذي قضى بانقطاع سير الخصومة بوفاتها، في حين أن مقتضى المادة 75 من قانون المرافعات بعد تعديلها بالقانون رقم 100 لسنة 1962 أن تعتبر الدعوى قاطعة لمدة التقادم أو السقوط من وقت تقديم صحيفتها إلى قلم المحضرين بعد أداء الرسم كاملاً، مما مؤداه أن يترتب على تقديم صحيفة تعجيل الاستئناف إلى قلم المحضرين في 11/ 1/ 1965 قطع مدة السقوط المنصوص عليها في المادتين 301، 302 من قانون المرافعات السابق. هذا إلى أن الثابت أن إحدى الوارثات وهي السيدة ماري عزيز يغمور قد أعلنت في 12/ 1/ 1965 قبل انقضاء مدة السقوط مما ينبني عليه انقطاع هذه المدة بالنسبة لها، وعدم قبول الدفع بسقوط الخصومة المقدم منها، وبالتالي حماية الخصومة كلها من السقوط بالتمسك ببقائها قبل باقي الخصوم وذلك على أساس أن تعجيل الدعوى في الميعاد ضد أحد الورثة من شأنه أن تبقي الخصومة قائمة بالنسبة للجميع. وتضيف الطاعنة أن إعلان بعض الورثة بعد الميعاد لم يكن نتيجة إهمال منها، وإنما كان بسبب جهلها محل إقامتهم مما يمتنع معه مجازاتها بالسقوط. وإذ قضى الحكم المطعون فيه رغم ذلك بسقوط الخصومة، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه لما كانت المادة 75 من قانون المرافعات بعد تعديلها بالقانون رقم 100 لسنة 1962، الذي عمل به من 14 يوليه سنة 1962 قد نصت في فقرتها الثالثة على أن "تعتبر الدعوى قاطعة لمدة التقادم أو السقوط من وقت تقديم صحيفتها إلى قلم المحضرين، بعد أداء الرسم كاملاً، أما باقي الآثار التي تترتب على رفع الدعوى فلا تسري إلا من وقت إعلان المدعى عليه بصحيفتها" ولئن كان مفاد هذا النص أن مدة التقادم أو السقوط تنقطع بتقديم الصحيفة إلى قلم المحضرين بعد أداء الرسم المقرر كاملاً، إلا أنه وقد جاء هذا النص استثناء من حكم المادة السادسة من قانون المرافعات السابق التي لم يتناولها القانون رقم 100 لسنة 1962 بالإلغاء بل أبقى عليها، وكانت المادة السادسة المشار إليها تقضي بأنه إذا نص القانون على ميعاد حتمي لرفع دعوى أو طعن أو أي إجراء آخر يحصل بالإعلان، فلا يعتبر الميعاد مرعياً إلا إذا تم إعلان الخصم خلاله، فإن مؤدى ذلك أن يعد ما استحدثه القانون رقم 100 لسنة 1962 في المادة 75/ 3 سالفة الذكر من اعتبار الدعوى قاطعة للتقادم أو السقوط من وقت تقديم صحيفتها إلى قلم المحضرين بعد دفع الرسم كاملاً، قاصراً على صحيفة افتتاح الدعوى أو الطعن فلا يتعداه إلى غيرها ويظل أثر نص المادة السادسة الآنف ذكرها باقياً بالنسبة لاستئناف الدعوى سيرها بعد انقطاع سير الخصومة، فلا يعتبر الميعاد مرعياً إلا إذا تم الإعلان خلاله. لما كان ذلك وكان نص المادة 298 من قانون المرافعات السابق والذي يقضي بأن استئناف سير الخصومة بعد انقطاعها يكون بتكليف بالحضور يعلن إلى من يقوم مقام الخصم الذي توفى قد بقى على حاله ولم يتناوله المشرع بالتعديل بالقانون رقم 100 لسنة 1962، فإنه يتعين أن يتم إعلان المستأنف عليهم بتعجيل الاستئناف خلال الميعاد المقرر وعدم الاكتفاء في هذا الخصوص بتقديم طلب التعجيل إلى قلم المحضرين في غضون هذا الميعاد. ولما كانت المادة 301 من قانون المرافعات السابق تنص على أن لكل ذي مصلحة من الخصوم في حالة عدم السير في الدعوى بفعل المدعي أو امتناعه أن يطلب الحكم بسقوط الخصومة متى انقضت سنة من آخر إجراء صحيح من إجراءات التقاضي، فإن مؤدى ذلك أنه متى كان انقطاع الخصومة راجعاً لوفاة المدعى عليه أو من في حكمه كالمستأنف عليه - كما في صورة الدعوى - تعين على المدعي أو المستأنف في هذه الحالة أن يعلن ورثة خصمه المتوفى - مدعى عليهم كانوا أو مستأنفاً عليهم - بقيام الخصومة بينه وبين مورثهم. ويكون عليه موالاة السير في إجراءاتها في مواجهتهم قبل انقضاء سنة ولا يعتبر جهل المدعي أو المستأنف بورثة خصمه وموطنهم عذراً مانعاً بل عليه هو البحث والتحري عنهم محافظة على مصلحته، وعدم تعريض دعواه للسقوط بفعله أو امتناعه وإذ يبين من الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه بسقوط الخصومة في الاستئناف على ما قرره من أنه قضى في 26/ 1/ 1964 بانقطاع سير الخصومة بوفاة السيدة تفيدة جورج يوهان وهي من بين المستأنف عليهم وأن اثنين من ورثتها وهما جوزيفين وايفلين عزيز يغمور قد أعلنتا بالتعجيل بعد أن اكتملت مدة السنة المقررة لسقوط الخصومة، وأنهما قد تمسكتا بالدفع بالسقوط، فإن الحكم يكون قد أصاب صحيح القانون، ولا يجدي الطاعنة ما أثارته من أنها أعلنت إحدى الوارثات "ماري عزيز يغمور" بالتعجيل قبل انقضاء المدة ذلك أن المادة 303/ 3 من قانون المرافعات السابق، والتي تنطبق على واقعة الدعوى.. إذ نصت على أن طلب سقوط الخصومة يجب تقديمه ضد جميع المدعين أو المستأنفين وإلا كان غير مقبول، وإذا قدمه أحد الخصوم استفاد منه الباقون قد أفادت - مرتبطة بالنصوص السابقة عليها واللاحقة لها والواردة في ذات القانون والمتعلقة بسقوط الخصومة - بأنه يتعين قبول طلب الحكم بسقوط الخصومة الذي يقدم ضد المدعين أو المستأنفين جميعهم ممن لم يعلن بالتعجيل في الميعاد من المدعى عليهم أو المستأنف عليهم ولو كان الآخرون من هؤلاء قد أعلنوا في الميعاد، لأنه لا يصح أن يضار خصم من إجراء لم يتخذ في مواجهته، وإنما اتخذ في مواجهة أحد زملائه، ولأنه يشترط في الإجراء الذي ينم عن المضي في الخصومة فيقطع أجل سقوطها، ويحول دون الحكم بالسقوط أن يكون قد اتخذ عنه تعدد المدعى عليهم أو المستأنف عليهم في مواجهة هؤلاء جميعهم في الميعاد، كما أفادت هذه النصوص بأن سقوط الخصومة يجب أن يكون شاملاً للعلاقة بين جميع الخصوم مدعين أو مدعى عليهم بحيث لا يتجزأ وإلا فاتت حكمته تأسيساً على أن الخصومة فيما يتعلق بسقوطها - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - في ظل قانون المرافعات السابق قبل إلغائه بقانون المرافعات الحالي برقم 13 لسنة 1968 - تعتبر وحدة لا تتجزأ، ولو كان موضوعها قابلاً للتجزئة بطبيعته، مما ينبني عليه أنه إذا تمسك أحد المدعى عليهم أو المستأنف عليهم بسقوط الخصومة سقطت بالنسبة لباقي المدعى عليهم أو المستأنف عليهم.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.


(1) نقض 11 مارس سنة 1969 مجموعة المكتب الفني السنة 20 ص 400.
نقض 26 أكتوبر 1965 مجموعة المكتب الفني السنة 16 ص 902.

الطعن 442 لسنة 29 ق جلسة 7 / 5 / 1964 مكتب فني 15 ج 2 ق 105 ص 657

جلسة 7 من مايو سنة 1964

برياسة السيد المستشار/ الدكتور عبد السلام بلبع، وبحضور السادة المستشارين: محمد عبد اللطيف مرسي، ولطفي علي، وحافظ محمد بدوي، وصبري فرحات.

------------

(105)
الطعن رقم 442 لسنة 29 القضائية

إصلاح زراعي. "القانون رقم 452 لسنة 1953". "شروط تطبيقه".
تطبيق القانون رقم 452 لسنة 1953. شرطه. ثبوت تاريخ عقد البيع قبل 23 يوليه سنة 1952 والاتفاق على حلول الأجل المعين للوفاء بالثمن كله أو بعضه بعد هذا التاريخ. يستوي في ذلك تحديد الأجل في عقد البيع أو بمقتضى اتفاق لاحق له تم قبل 23 يوليه 1952.

-------------
مفاد المادة الأولى من القانون رقم 452 لسنة 1953 أنه يشترط لتطبيق هذا القانون أن يكون عقد البيع ثابت التاريخ قبل 23 يوليو سنة 1952 وأن يكون الأجل المعين للوفاء بالثمن كله أو بعضه متفقاً على حلوله بعد هذا التاريخ، يستوي في ذلك أن يكون هذا الأجل قد حدد في عقد البيع ذاته أو بمقتضى اتفاق لاحق له تم قبل 23 يوليو سنة 1952 إذ يعتبر الأجل في الحالين يحل أصلاً بعد هذا التاريخ في المعنى الذي يقصده القانون سالف الذكر وتتحقق بذلك الحكمة التي توخاها المشرع وهي - على ما صرحت به المذكرة الإيضاحية - حماية المشتري الذي استحق عليه باقي الثمن استحقاقاً عادياً بعد 23 يوليه سنة 1952 وقصرت موارده عن الوفاء به نتيجة لصدور قانون الإصلاح الزراعي.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أنه بمقتضى عقد بيع ابتدائي مؤرخ في 10 مايو سنة 1951 باعت الطاعنة إلى المطعون ضده الأول أطياناً مساحتها 540 فداناً بثمن إجمالي قدره 156691 ج و700 م دفع منه المطعون ضده مبلغ 20 ألف جنيه عند التعاقد واتفق على دفع الباقي عند التوقيع على العقد النهائي الذي حدد له الطرفان يوم 30 نوفمبر سنة 1951 ثم دفع المطعون ضده المذكور مبلغ 80 ألف جنيه على دفعتين الأولى في 6 نوفمبر سنة 1951 والأخرى في 17 نوفمبر سنة 1951 وقامت الطاعنة بدورها بتسليمه الأطيان بمقتضى محضر تسليم مؤرخ في 28/ 11/ 1951 وموقع من الطرفين وذكر فيه أن تحرير العقد النهائي بعد دفع باقي الثمن المتفق عليه بالعقد الابتدائي، وقد رفعت الطاعنة الدعوى رقم 1363 سنة 1952 كلي المنصورة على المطعون ضده الأول بعريضة أعلنت إليه بتاريخ 13/ 11/ 1952 طلبت فيها الحكم بصحة التعاقد الحاصل في 10 مايو سنة 1951 وإلزام المطعون ضده المذكور بأن يدفع لها مبلغ 56691 ج و700 م باقي ثمن الأطيان مع الفوائد بواقع 4% سنوياً على أن يخصم من هذا المبلغ ما تستحقه مصلحة الأملاك الأميرية وقدره 5729 ج و760 م. كما أقام المطعون ضده الأول الدعوى رقم 76 سنة 1953 مدني كلي المنصورة على الطاعنة وباقي المطعون ضدهم، ذكر فيها أنه ممن ينطبق عليهم أحكام قانون الإصلاح الزراعي رقم 178 سنة 1952 لأن ملكيته في الأصل تزيد على مائتي فدان وأنه قد أصبح محظوراً عله وفقاً للمادة الأولى من القانون المذكور تملك ما يزيد عن هذا القدر ولذلك استحال بقوة القانون تنفيذ عقد البيع المؤرخ 10 مايو سنة 1951 المبرم بينه وبين الطاعنة وطلب الحكم باعتبار العقد المذكور منفسخاً بقوة القانون وإلزام الطاعنة وضامنيها (المطعون ضدهما الثاني والثالث) بأن يدفعوا له متضامنين ما عجله من الثمن وقدره مائة ألف جنيه وفوائده القانونية، واحتياطياً الحكم ببراءة ذمته من باقي الثمن طبقاً لأحكام القانون رقم 452 لسنة 1953. وقد قررت المحكمة الابتدائية بجلسة 4/ 3/ 1958 ضم الدعويين ليصدر فيهما حكم واحد، ثم قضت بتاريخ 18 مارس سنة 1958 في دعوى الطاعنة بإثبات صحة التعاقد عن عقد البيع المؤرخ 10 مايو سنة 1951 وبإلزام المطعون ضده الأول بأن يدفع لها مبلغ 50961 ج و940 م ورفضت ما عدا ذلك من الطلبات وبرفض دعوى المطعون ضده المذكور، استأنف المطعون ضده الأول هذا الحكم بالاستئناف رقم 116 سنة 10 ق المنصورة وبتاريخ 9 يونيه سنة 1959 حكمت المحكمة: أولاً - بتأييد الحكم المستأنف فيما قضى به من صحة عقد البيع المؤرخ 10 مايو سنة 1951 وأرجأت الفصل في باقي الطلبات لحين الفصل في الطلب الاحتياطي المقدم من المطعون ضده الأول. ثانياً - وقبل الفصل في موضوع هذا الطلب بندب مكتب الخبراء للاطلاع على أوراق الدعوى والانتقال إلى إدارة الاستيلاء بالإصلاح الزراعي ليبين من واقع أوراق الإدارة المذكورة مقدار ما استولت عليه الحكومة من أرض النزاع وثمنه مع بيان ما إذا كانت قد استولت على منشآت ثابتة أو غير ثابتة وأشجار وبيان قيمتها بالتفصيل، وعلى الخبر بيان ما إذا كانت الأرض المستولى عليها قد تغيرت ضريبتها عما هي عليه منذ سنة 1941 وإن كان فما هي الضريبة التي ربطت في سنة 1957 سنة الاستيلاء، وأقامت قضاءها في ذلك على أن الأجل المحدد للوفاء بباقي الثمن قد استحق بعد 23 يوليه سنة 1952 مما يتعين معه إعمال حكم القانون رقم 452 لسنة 1953 بتنصيف الفرق بين الباقي من الثمن وقيمة التعويض المقدر عن الاستيلاء بين الطاعنة والمطعون ضده الأول - طعنت الطاعنة في هذا الشق من الحكم بطريق النقض بتقرير في 8 يوليه سنة 1959 وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون بجلسة 27/ 11/ 1962 وفيها طلبت النيابة رفض الطعن وقررت دائرة الفحص إحالته إلى هذه الدائرة، وبعد استيفاء الإجراءات التالية للإحالة نظر الطعن بجلسة 16/ 4/ 1964 وفيها صممت النيابة على رأيها السابق.
وحيث إن الطعن بني على سببين حاصلهما أن الحكم المطعون فيه خالف القانون كما خلف الثابت في الأوراق، ذلك أنه أقام قضاءه على أنه وإن كان الأجل المحدد في العقد الابتدائي للوفاء بباقي الثمن هو يوم 30 نوفمبر سنة 1951 إلا أنه قد عدل بمقتضى محضر استلام الأطيان المؤرخ في 28 نوفمبر سنة 1951 فصار أجلاً ممتداً إلى موعد مجهول تحدده إرادة البائعة وهذه الإرادة لم تنجل إلا وقت رفع دعواها سنة 1952 ورتب الحكم على ذلك اعتبار الأجل قد حل بعد يوم 23 يوليو سنة 1952 مما يقتضي تطبيق حكم القانون رقم 452 سنة 1953 في حين أن هذا القانون لا يسري على عقد البيع محل الدعوى لأن مناط تطبيقه أن يكون الأجل المعين في عقد البيع للوفاء بالثمن كله أو بعضه يحل أصلاً بعد 23 يوليه سنة 1952، أما إذا كان أجل الوفاء يحل قبل هذا التاريخ طبقاً لما اتفق عليه بين الطرفين كما هو الحال في النزاع الحالي، فلا ينطبق القانون المذكور، ولا عبرة بما يصير إليه الأجل بعد ذلك لأي سبب من الأسباب لأن هذا الأجل الجديد لا يمكن أن يصدق عليه وصف القانون بأنه الأجل الذي حدد أصلاً هذا إلى أن محضر التسليم لم يعدل مطلقاً التاريخ المحدد للتوقيع على العقد النهائي، وكل ما عدله هو أن يكون دفع الباقي من الثمن المتفق عليه بالعقد الابتدائي قبل تحرير عقد البيع لا عند تحرير عقد البيع وأن سكوت الطرفين في محضر التسليم عن بيان التاريخ المحدد لتحرير عقد البيع لا يفيد مطلقاً تعديل هذا التاريخ، بل يفيد أنهما لم يريدا إحداث تغيير فيما نص عليه العقد الابتدائي في هذا الخصوص، وقد جعل محضر التسليم حق البائعة في اقتضاء الثمن سابقاً على تحرير العقد النهائي، ولكن الحكم المطعون فيه أقام تلازماً لم يرده المتعاقدان بين الوفاء بباقي الثمن وتحرير العقد النهائي وهو أمر مخالف للثابت في محضر التسليم، وتضيف الطاعنة أن الحكم المطعون فيه نسب إليها أنها لم تقدم المستندات التي يتطلبها تحرير عقد البيع النهائي للمحامي الذي عهد إليه بإعداده وانتهى الحكم من ذلك إلى أن موعد الوفاء بباقي الثمن أصبح متراخياً لأجل غير محدود، في حين أنها قامت باستخراج كافة المستندات اللازمة قبل التاريخ المحدد أصلاً لتحرير العقد النهائي وهو 30/ 11/ 1951.
وحيث إن هذا النعي في غير محله ذلك أنه يبين من الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه في خصوص تطبيق حكم القانون رقم 452 سنة 1953 على العقد محل الدعوى على ما يأتي "ومن حيث إن ما بالدعوى من أوراق موقع عليها من الطرفين ومسلم بها منهما هي وحدها التي تحدد الوقت الذي يصير فيه دفع باقي الثمن، فالثابت في البند الثاني من عقد البيع أنه حدد لدفع باقي الثمن عند التوقيع على العقد النهائي الذي حدد له يوم 30/ 11/ 1951 والثابت في البند السابع من العقد اتفاق الطرفين على أن يقوم الأستاذ حافظ شيحا المحامي بتحرير العقد النهائي في بحر هذه المدة والتزمت البائعة في هذا البند بأن تقدم المستندات اللازمة. والثابت من محضر استلام الأطيان المبيعة المؤرخ في 28/ 11/ 1951 والموقع عليه من المستأنف والمستأنف عليها الأولى ما يأتي حرفياً "وتحرير العقد النهائي بعد دفع باقي الثمن المتفق عليه بالعقد الابتدائي" من هذا يتضح أن تحرير العقد النهائي قد عهد به إلى الأستاذ حافظ شيحا وأن المستأنف عليها الأولى قد التزمت بتقديم المستندات إليه، وأن تعديلاً حصل في موعد الوفاء بباقي الثمن فصار قبل التوقيع على العقد النهائي دون أن يحدد الطرفان في محضر الاستلام المعدل للعقد الابتدائي في هذا الخصوص - يوماً معيناً لهذا التوقيع فهماً بهذا التعديل قد أجلا دفع الثمن إلى موعد مجهول.....، ومن حيث إنه لا مانع قانوناً يمنع من أن يكون ميعاد الأجل مجهولاً ما دام محقق الوقوع في المألوف من الشئون... وأنه حتى لو قيل بما تذهب إليه المستأنف عليها من أنها باشتراطها التوقيع على العقد النهائي بعد دفع الباقي من الثمن قد حملت المستأنف كل مسئولية عن التأخير فإنه كان عليها كي تحدد الأجل الذي لم يحدده الاتفاق الثابت بمحضر التسليم كان عليها أن تعذر المستأنف فتكلفه الوفاء إذا كان قد تخلف عن الموعد الذي تزعم أنه حدد للتوقيع على العقد النهائي الذي تقول إنها حملته مسئوليته، أما وهي لم تفعل ولم تقم من جانبها بتقديم المستندات إلى من عهد إليه بإنجاز العقد بدليل أنها قدمتها للمحكمة ولم تقدم ما يفيد سابقة تقديمها للمعهود إليه تحرير العقد، فإنها بذلك لا يجوز لها أن تدعى حلول أجل دينها قبل اليوم الذي رفعت فيه دعواها في 13/ 11/ 1952 اعتباراً بأنه أول إجراء اتخذ في تحديد الأجل المجهول ثم خلصت المحكمة إلى القول بأنه "لما كان الأجل المحدد للوفاء لم يحل إلا بعد 23 يوليه سنة 1952 فإنه يتعين إعمال حكم القانون رقم 452 سنة 1953 بتقسيم الفرق بين الباقي من الثمن وقيمة التعويض المقدر عن الاستيلاء مناصفة بين الطاعنة والمطعون ضده الأول". وهذا الذي قرره الحكم لا مخالفة فيه للقانون وله سنده من الأوراق ذلك أن المادة الأولى من القانون رقم 452 سنة 1953 قد نصت على أنه "إذا كان سند المستولى لديه عقد بيع ثابت التاريخ قبل 23 يوليه سنة 1952 وكان الأجل المعين للوفاء بالثمن كله أو بعضه يحل أصلاً بعد هذا التاريخ تحمل كل من البائع والمشتري نصف الفرق بين ثمن المستولى عليه من الأرض المبيعة والتعويض المستحق له على ألا يجاوز ما يتحمله البائع الباقي من الثمن وذلك كله دون إخلال بحقوق الطرفين طبقاً لأحكام القانون المدني بالنسبة إلى باقي الصفقة" ومفاد ذلك أنه يشترط لتطبيق هذا القانون أن يكون عقد البيع ثابت التاريخ قبل 23 يوليه سنة 1952 وأن يكون الأجل المعين للوفاء بالثمن كله أو بعضه متفقاً على حلوله بعد يوم 23 يوليه سنة 1952، يستوي في ذلك أن يكون هذا الأجل قد حدد في عقد البيع ذاته أو بمقتضى اتفاق لاحق له تم قبل 23 يوليه سنة 1952 إذ يعتبر الأجل في الحالين يحل أصلاً بعد هذا التاريخ في المعنى الذي يقصده القانون سالف الذكر وتتحقق بذلك الحكمة التي توخاها المشرع وهي على ما صرحت به المذكرة الإيضاحية حماية المشتري الذي استحق عليه باقي الثمن استحقاقاً عادياً بعد 23 يوليه سنة 1952 وقصرت موارده عن الوفاء به نتيجة لصدور قانون الإصلاح الزراعي.
ولما كان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر وفسر الشرط الوارد في محضر التسليم المؤرخ 28/ 11/ 1951 تفسيراً يؤدى إليه مدلوله، وكان ما استخلصته المحكمة من أن الطاعنة هي التي قصرت بعد تقديم المستندات اللازمة لتحرير العقد النهائي استخلاصاً سائغاً لا مخالفة فيه للأوراق - ولا عبرة بما تتحدى به الطاعنة من أنها قامت باستخراج تلك المستندات قبل 30/ 11/ 1951 طالما أنها على ما حصله الحكم المطعون فيه - لم تقدمها إلى المحامي الذي أقرت في العقد بتقديمها إليه والمكلف بإعداد العقد النهائي، لما كان ما تقدم، فإن الطعن يكون على غير أساس متعيناً رفضه.

الطعن 440 لسنة 29 ق جلسة 7 / 5 / 1964 مكتب فني 15 ج 2 ق 104 ص 651

جلسة 7 من مايو سنة 1964

برياسة السيد المستشار/ الدكتور عبد السلام بلبع، وبحضور السادة المستشارين: محمود توفيق إسماعيل، ومحمد عبد اللطيف مرسي، وإبراهيم الجافي، وصبري فرحات.

-----------------

(104)
الطعن رقم 440 لسنة 29 القضائية

عقد. "تفسيره". حكم. "عيوب التدليل". "قصور". "ما يعد كذلك"
انحراف الحكم عن المعنى الظاهر لمدلول عبارات العقد دون بيان أسباب العدول عنه إلى غيره. قصور.

--------------
إذا كان لمدلول عبارات العقد معنى ظاهر فإن انحراف الحكم المطعون فيه عن هذا المعنى دون أن يبين في أسبابه لم عدل عنه إلى غيره مما أخذ به يجعله معيباً بما يستوجب نقضه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعنين أقاموا الدعوى رقم 3281 سنة 1956 كلي القاهرة ضد المطعون عليهما وطلبوا الحكم بصحة التنبيه بالإخلاء الموجه منهم إلى الشركة المطعون عليها الأولى في 28 مايو سنة 1955 وبإلزامها بإخلاء الأرض المؤجرة لها من الطاعنين والمبينة بصحيفة الدعوى وتسليمها إليهم خالية مما يشغلها مع إلزام هذه الشركة بالمصروفات وأتعاب المحاماة - وقال الطاعنون في بيان دعواهم إنه بمقتضى عقد إيجار تاريخه 29 يونيه سنة 1922 استأجر السيدان باريس بليني وسقراط فاسليادس منهم ومن أخيهم المطعون عليه الثاني أرضاً زراعية مساحتها فدان وتسعة عشر قيراطاً بزمام الزاوية الحمراء (أصبحت فيما بعد العقار رقم 58 بشارع غمرة) وتم التأجير في ذلك الوقت بأجرة قدرها 35 جنيهاً للفدان ولمدة ستة سنوات تبدأ من أول يوليه سنة 1922 ونص في العقد على أن للمستأجرين الحق في طلب مدة الإجارة بنفس الشروط لمدة أخرى لا تزيد على ست سنوات ولا تقل عن ثلاثة إذا هما أبديا رغبتهما في ذلك في ميعاد معين وقد استنفد المستأجران هذا الحق بمد الإجازة ست سنوات انتهت في يونيه سنة 1934 وبتاريخ 16 فبراير سنة 1933 حرر عقد إيجار جديد بين الطاعنين وأخيهم من جهة وبين شركة منتوجات الأسمنت المضغوط التي تنازل إليها المستأجران الأصليان عن الإجارة وذلك لمدة سنتين تبدأ من أول يوليه سنة 1934 وبأجرة سنوية قدرها 150 ج وظلت الإجارة تجدد بعد ذلك مدداً متعاقبة وفي كل مرة كان يحرر عقد جديد تحدد فيه مدته والأجرة ولم تتجاوز المدة في أي من هذه العقود السنتين والنصف كما كانت الأجرة تزيد تبعاً لزيادة قيمة العين المؤجرة حتى بلغت أربعمائة جنيه في عقد الإيجار الذي حرر في 16 فبراير سنة 1951 والذي اتفق فيه على تجديد الإجارة لمدة سنتين تبدأ من أول يناير سنة 1952 وتنتهي في آخر ديسمبر سنة 1953 وقد حولت شركة منتوجات الأسمنت المضغوط (المستأجرة) هذا العقد بموافقة المؤجرين إلى الشركة المطعون عليها الأولى وذلك بتاريخ 28 يونيه سنة 1951 وقبل أن تنتهي مدة هذا العقد تم الاتفاق بين المؤجرين (الطاعنين وأخيهم) وبين المطعون عليها الأولى بموجب عقد تاريخه 28 يوليه سنة 1953 على تجديد الإجارة لمدة سنتين تبدأ من أول يناير سنة 1954 وتنتهي في آخر ديسمبر سنة 1955 وحدث بعد تحرير هذا العقد أن أجريت قسمة الأطيان الشائعة بين الطاعنين وأخيهم المطعون عليه الثاني واختص الطاعنون في عقد القسمة المؤرخ 4 نوفمبر سنة 1954 بالعين المؤجرة وفي ذات هذا التاريخ قام المطعون عليه الثاني بإخطار الشركة المستأجرة (المطعون عليه الأولى) بحصول هذه القسمة وما انبنى عليها من اختصاص إخوته الطاعنين بتلك العين وإذ تراءى للطاعنين بعد ذلك إنهاء الإجارة عند انقضاء مدتها فقد وجهوا إنذاراً إلى الشركة المطعون عليها الأولى بتاريخ 28 مايو سنة 1955 أعلنوا فيه عدم رغبتهم في تجدي العقد بعد انتهاء مدته في آخر ديسمبر سنة 1955 ونبهوا على الشركة المذكورة بإخلاء العين المؤجرة في هذا التاريخ وتسليمها إليهم خالية من جميع ما يشغلها فردت الشركة عليهم بإنذار أعلنته إليهم في 16 يونيه سنة 1955 تمسكت فيها بحقها في الاستمرار في العين المؤجرة طبقاً للقانون 121 لسنة 1947 وإزاء ذلك أقام الطاعنون عليها دعوى مستعجلة قيدت برقم 771 سنة 1956 مستعجل القاهرة طلبوا فيها الحكم بطردها من العين المؤجرة تأسيساً على أن وضع يدها أصبح بعد انتهاء العقد بغير سند قانوني ولما قضى في هذه الدعوى انتهائياً بعدم اختصاص قاضي الأمور المستعجلة بنظرها استناداً إلى قيام نزاع جدي حول تجديد عقد الإيجار أقام الطاعنون الدعوى الحالية بطلباتهم سالفة الذكر وقام دفاعهم فيها على أن عقد الإيجار الأخير المحرر في 28 يوليه سنة 1953 هو عقد محدد المدة فينتهي بحكم القانون بانتهاء مدته في آخر ديسمبر سنة 1955 دون حاجة إلى تنبيه وأن هذا العقد لم يخول الشركة المستأجرة حق البقاء في العين المؤجرة بعد انتهاء هذه المدة إذ هي رغبت في ذلك وأن حق الامتداد قد أعطى للمستأجرين الأصليين في عقد سنة 1922 فقط ولمدة واحدة وقد استنفد هذا الحق - دفعت الشركة المطعون عليها الدعوى بأن عقد سنة 1922 إذ خول المستأجر حق البقاء في العين المؤجرة ما دام راغباً في ذلك وأجاز له إقامة مبان عليها فإن مقتضى ذلك أن يكون لها حق حكر على هذه العين وأضافت أنه إذا اعتبر العقد إيجاراً فإن أحكام القانون 121 لسنة 1947 الخاص بإيجار المساكن تحميها وتمنع المؤجرين من طلب إخلائها من العين المؤجرة وأخيراً تمسكت بأن عقد الإيجار الأخير المحرر في سنة 1953 قد أحال إلى عقد سنة 1922 وأن البند السادس من العقد الأخير يخول لها الحق في التجديد المستمر ما دامت تعلن رغبتها في مدى ثلاثة أشهر سابقة على نهاية العقد.
وبتاريخ 30 يناير سنة 1958 حكمت المحكمة الابتدائية بصحة التنبيه بالإخلاء المعلن بتاريخ 28/ 5/ 1955 إلى الشركة المطعون عليها الأولى وبإلزامها بإخلاء الأرض المؤجرة إليها وتسليمها للطاعنين خالية مما يشغلها. استأنفت الشركة المحكوم عليها هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 345 سنة 75 ق وتمسكت بأوجه دفاعها السالف بيانها وبتاريخ 7 يونيه سنة 1959 حكمت المحكمة المذكورة بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض دعوى الطاعنين فطعن هؤلاء في هذا الحكم بطريق النقض وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون بجلسة 29 يناير سنة 1963 وفيها صممت النيابة على ما ورد في المذكرة المقدمة منها والتي انتهت فيها إلى رفض الطعن مع تصحيح الحكم المطعون فيه على مقتضى ما رأته في تلك المذكرة وقررت دائرة الفحص إحالة الطعن إلى هذه الدائرة وبالجلسة المحددة لنظره تمسكت النيابة برأيها السابق.
وحيث إن مما ينعاه الطاعنون على الحكم المطعون فيه مسخه عقد سنة 1922 مسخاً أدى به إلى مخالفة القانون وفي بيان ذلك يقولون إن الحكم حين عرض لتفسير العقد المذكور الذي قرر أن عقد سنة 1953 قد أحال إلى شروطه فسر البند السادس منه بأنه يخول المستأجر حق التجديد المستمر ما دام يخطر المؤجرين برغبته في التجديد في مدى ثلاثة أشهر سابقة على نهاية العقد ويحرم المؤجرين من حق إنهاء الإجارة طالما كان المستأجر قائماً بدفع الأجرة هذا في حين أن عبارة هذا البند واضحة لدلالة على أن المقصود بها امتداد العقد لمدة أخرى واحدة أقصاها ست سنوات ينتهي بعدها العقد ولا يمكن أن تفيد تلك العبارة المعني الذي ذهب إليه الحكم من تخويل المستأجر حق التجديد المستمر وقد أدى مسخ الحكم لهذا الشرط على ذلك النحو إلى خطئه في تطبيق القانون حيث إنه قضى تأسيساً عليه بعدم أحقية الطاعنين في إنهاء العقد بعد انقضاء مدته وفي طلب إخلاء العين المؤجرة، ويضيف الطاعنون أنه علاوة على ما ينطوي عليه تفسير الحكم المطعون فيه للبند المذكور من مسخ لمدلول عباراته فإن الأخذ بهذا التفسير يؤدى إلى جعل عقد الإيجار محل النزاع مؤيداً أو على الأقل مبرماً لأجل لا نهاية له لأن الشركة المستأجرة بوصفها شخصاً اعتبارياً يمكن أن يستمر وجودها إلى ما شاء الله وهذه النتيجة تتنافى مع طبيعة عقد الإيجار التي تقتضي أن يكون موقوتاً وله نهاية معلومة وإلا وقع باطلاً.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن قرر أن فيصل النزاع ينحصر فيما إذا كانت العقود التي أعقبت عقد 29 يونيه سنة 1922 تعتبر عقوداً مستقلة عنه أم هي تجديد له بنفس الشروط الواردة فيه. استعرض أهم هذه الشروط ومن بينها الشرط المنصوص عليه في البند السادس منه ثم قال "وحيث إنه بالرجوع إلى عقد 28 يوليه سنة 1953 يتبين أنه ينص في بنده الأول على اتفاق الطرفين المتعاقدين فيه على تجديد عقد الإيجار الأصلي المؤرخ في 17 نوفمبر سنة 1933 ولما كانت الصورة الشمسية المقدمة من المستأنف عليهم (الطاعنين) لهذا العقد تحمل تاريخ 16 فبراير سنة 1933 فقد قالوا إن المقصود بعقد 17 نوفمبر سنة 1933 هو هذا العقد وحيث إنه على فرض التسليم بوجهة النظر هذه من أن العقد المؤرخ في 16 فبراير سنة 1933 هو المقصود بالذات فإنه قد نص في البند الأول منه على أنه قد تحرر عقد إيجار بين الطرفين تاريخه 29 يونيه سنة 1922 وأنه تجدد لمدة تنتهي في 30 يونيه سنة 1934 ونص في البند الثاني على أن المستأجرين الأصليين قد تنازلاً عن عقد الإيجار المذكور إلى شركة منتجات الأسمنت المضغوط وأنه اتفق على تجديد هذا العقد بنفس شروط لمدة سنتين تبدأ من أول يوليه سنة 1934 وتنتهي فيه 30 يونيه سنة 1936. وحيث إنه يبين مما سبق تبيانه أن عقد سنة 1933 لم يكن عقداً مستقلاً بذاته بل كان تجديداً للعقد الأصلي المؤرخ في 29 يونيه سنة 1922 إذ نص فيه على أنه تجديد للعقد المذكور بنفس شروطه. وحيث إنه من بين شروط عقد 29 يونيه سنة 1922 شرط التجديد المستمر للمستأجرين ما داموا يخطرون المؤجرين برغبتهم هذه في مدى ثلاثة أشهر سابقة على نهاية العقد وقد حرم العقد المذكور المؤجرين من حق إنهاء العقد طالما أن المستأجرين قائمون بدفع الأجرة المتفق عليها وحيث إن الإنذار بالإخلاء الذي وجهه المؤجرون (الطاعنون) للشركة المستأنفة (المطعون عليها الأولى) بتاريخ 28 مايو سنة 1955 ليس له سند من عقد الإيجار إذ أن عقد 28 يوليه سنة 1953 لم يكن عقداً مستقلاً كما ذهب المستأنف عليهم الثلاثة الأول (الطاعنون) وسايرهم في ذلك أخوهم (المطعون عليه الثاني) بل إنه تجديد لعقد سبقه وهذا كان تجديداً لعقد سابق وهكذا إلى أن تنتهي سلسلة العقود إلى العقد الأصلي المؤرخ في 29 يونيه سنة 1922 على التفصيل السابق بيانه والذي كما سبق القول يسلب المؤجرين حق إنهاء العقد".
وحيث إنه يبين من مطالعة عقد 29 يونيه سنة 1922 المقدم من الطاعنين بملف الطعن أنه عقد لمدة ست سنوات تبدأ من أول يوليه سنة 1922 وبأجرة سنوية قدرها 35 جنيهاً للفدان الواحد من العين المؤجرة والبالغ مساحتها فدان وتسعة عشر قيراطاً وأن نص البند السادس منه هو "بما أن الطرف الأول (المستأجر) سيحضر ماكينة ويعمل مصاريف على المباني والتخاشيب فإذا كان في حاجة لتجديد هذه الإيجارة مدة أخرى فيقبل الطرف الثاني (المؤجر) من الآن هذا التجديد بشرط أنه لمدة ست سنوات أو ثلاثة سنوات على الأقل بنفس الشروط المبينة بهذا العقد وبشرط أن يخطر الطرف الأول الطرف الثاني برغبته في التجديد قبل انقضاء هذه الإيجارة بثلاثة شهور على الأقل بخطاب موصى عليه" ونص في البند السابع على أنه إذا لم يرغب المستأجر تجديد هذه الإيجارة لمدة أخرى فعليه أن يخطر المؤجرين بذلك قبل انقضاء مدتها بثلاثة شهور على الأقل بخطاب موصى عليه. ولما كان نص البند السادس سالف الذكر صريحاً في الدلالة على أن حق المستأجر في امتداد العقد بعد انقضاء مدته مقصور على مدة واحدة حددت في هذا العقد بأن لا تجاوز ست سنوات ولا تقل عن ثلاث وهذا المعنى هو ما تفيده عبارة "لمدة أخرى" التي وردت في هذا البند بصيغة المفرد ولم تقترن بلفظ يدل على تكرارها - لما كان هذا هو المعنى الظاهر لمدلول عبارات العقد فإنه أياً كان الرأي في صحة الإحالة إلى عقد سنة 1922. فإن الحكم المطعون فيه حين أحال إلى شروط هذا العقد وفسر البند السادس منه بأنه يخول المستأجر حق التجديد المستمر ما دام يقوم بإخطار المؤجر برغبته في التجديد ويحرم المؤجرين من حق إنهاء العقد طالما كان المستأجر قائماً بدفع الأجرة المتفق عليها فإن الحكم يكون بذلك قد انحرف عن المعنى الظاهر للعقد دون أن يبين في أسبابه لم عدل عن هذا الظاهر إلى غيره مما أخذ به وإذ كان الحكم قد اعتمد في قضائه على هذا التفسير فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.

الثلاثاء، 14 مارس 2023

الطعن 544 لسنة 35 ق جلسة 15 / 1 / 1970 مكتب فني 21 ج 1 ق 23 ص 132

جلسة 15 من يناير سنة 1970

برياسة السيد المستشار/ إبراهيم عمر هندي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: الدكتور محمد حافظ هريدي, والسيد عبد المنعم الصراف، ومحمد صدقي البشبيشي، ومحمد سيد أحمد حماد.

----------------

(23)
الطعن رقم 544 لسنة 35 القضائية

(أ) تأمينات اجتماعية. "التأخير في أداء الاشتراك". تعويض.
المبلغ الإضافي الذي يلتزم به صاحب العمل وفق المادتين 14 و17 من القانون رقم 63 لسنة 1964 عن تأخيره في أداء الاشتراكات. طبيعته. جزاء مالي وليس تعويضاً مما تشترط المادة 218 مدني لاستحقاقه إعذار المدين.
(ب) تأمينات اجتماعية. "التأخير في أداء الاشتراك. قانون.
العمل بالقانون رقم 63 لسنة 1964 قبل الفصل في الدعوى نهائياً. أثره. انطباقه عليها. تأخر رب العمل عن أداء الاشتراكات في ظل هذا القانون. التزامه بأداء المبلغ الإضافي المبين بالمادة 17 من هذا القانون بحكم أثرها الرجعي.

---------------
1 - مؤدى نص المادتين 14 و17 من القانون رقم 63 لسنة 1964 أن المبلغ الإضافي الذي يلتزم به صاحب العمل، في حالة تأخيره في أداء الاشتراكات المستحقة ليس تعويضاً مما تشترط المادة 218 مدني لاستحقاقه إعذار المدين، بل هو جزاء مالي فرضه المشرع على صاحب العمل، لحمله على أداء الاشتراكات المستحقة في مواعيدها. وهذا الجزاء شبيه بالجزاء الذي فرضه المشرع في المادة 7 من القانون رقم 233 لسنة 1960 على حائزي أجهزة استقبال الإذاعة التليفزيونية الذين لا يؤدون الرسوم المقررة في المواعيد المحددة لأدائه، فقد ألزمهم ذلك القانون بدفع الرسم مضاعفاً. ووضحت المذكرة الإيضاحية هذا الجزاء بأنه عقوبة مالية وهو ما يقطع بأنه ليس تعويضاً إذ أنه يختلف عن التعويض الذي هو مقابل الضرر الذي يلحق الدائن بسبب خطأ المدين والذي لا بد لاستحقاقه من ثبوت هذا الخطأ ووقوع الضرر للدائن نتيجة له، بينما المبلغ الإضافي يستحق بثبوت التأخير في دفع الاشتراكات المستحقة، ودون ثبوت أي عنصر من تلك العناصر اللازمة لاستحقاق التعويض، ومتى كان هذا المبلغ الإضافي لا يعتبر تعويضاً فإنه لا يسري عليه حكم المادة 218 من القانون المدني الذي يوجب الإعذار، ويستحق بمجرد انقضاء المواعيد المحددة لأداء الاشتراكات المستحقة، أسوة بالفوائد التي ألزم بها المشرع رب العمل في هذه الحالة.
2 - مؤدى نص المادة 17 من القانون رقم 63 لسنة 1964 والمادة الخامسة من مواد إصداره التي نصت على الأثر الرجعي للمادة 17 ابتداء من تاريخ العمل بالقانون رقم 92 لسنة 1959، إن تأخر رب العمل في سداد الاشتراكات الشهرية المستحقة للهيئة موجب لاستحقاق المبلغ الإضافي المبين بالمادة 17، وإذ كان المبلغ الذي طلب الطاعنون الحكم ببراءة ذمتهم منه هو ما كانت تطالبهم به هيئة التأمينات على أساس المستحق عليهم نظير التأخير، هو 100% من المبالغ التي تأخروا في سدادها، فإنه وقد ثبت أن المستحق عليهم طبقاً للمادة 17 آنفة الذكر نسبة تقل عن ذلك فإنه كان يتعين على الحكم المطعون فيه أن يخصم ما يوازي هذا النسبة ما دام القانون رقم 63 لسنة 1964 قد عمل به قبل الفصل نهائياً في الدعوى.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن حامد محمد بلحة وآخرين أقاموا الدعوى رقم 997 سنة 1963 كلي طنطا ضد هيئة التأمينات الاجتماعية طلبوا فيها الحكم ببراءة ذمتهم قبل الهيئة المذكورة من مبلغ 616 ج و778 م مع رد ما دفعوه بغير حق، وإلزامها بالمصروفات وأتعاب المحاماة. وقالوا شرحاً لدعواهم إنه بتاريخ 14/ 10/ 1963 أخطرتهم الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية باستحقاقها قبلهم لمبلغ 616 ج و778 م قيمة اشتراكات مضاعفة حتى 30/ 6/ 1963 بالتطبيق لحكم المادة 76 من القانون رقم 92 سنة 1959 الخاص بالتأمينات الاجتماعية، وأنه لما كانت المادة المشار إليها إنما تعالج حالة مضاعفة الأقساط المستحقة على أرباب الأعمال في حالة تخلفهم عن الاشتراك وكانوا لم يتخلفوا عن الاشتراك في المؤسسة منذ صدور قانون التأمينات وإنما تأخروا فقط في سداد بعض الاشتراكات فلا يجوز مضاعفتها عليهم إذ أن جزاء التأخير في سداد الاشتراك ليس مضاعفة الاشتراكات وإنما سريان فائدة قدرها 6% سنوياً من المبلغ المتأخر طبقاً لحكم المادة 73 من القانون رقم 92 سنة 1959 المشار إليها، وأنهم إذ قاموا بسداد الأقساط المتأخرة عليهم وفوائدها طبقاً للمادة 73 فقد انتهوا إلى طلب الحكم لهم بطلباتهم - وردت هيئة التأمينات بأن التأخير عن سداد الاشتراكات، إنما يترتب عليه استحقاق فوائد تأخير قدرها 6% طبقاً للمادة 73 من القانون المذكور ومبلغ إضافي يوازي الاشتراكات المستحقة خلال مدة التخلف عملاً بالمادة 76 من ذات القانون. وبتاريخ 31/ 3/ 1964 حكمت المحكمة حضورياً ببراءة ذمة المدعين من مبلغ 616 ج و778 م وألزمت هيئة التأمينات الاجتماعية بالمصروفات وأقامت قضاءها على أن مبدأ مضاعفة الاشتراك المنصوص عليه في المادة 76 لا يعدو أن يكون تعويضاً عن عدم قيام رب العمل بتنفيذ التزامه القانوني بالوفاء بالاشتراكات في الميعاد المقرر، وأنه يشترط لاستحقاقه اتباع القواعد العامة في القانون المدني بإعذار المدين، وأنه إذ لم تقم الهيئة بهذا الإجراء وهو الإعذار فإنه لا سند لها في المطالبة بالمبلغ موضوع الدعوى، ويتعين براءة ذمة المدعين منه وأنهم إذ لم يقدموا ما يدل على أنهم دفعوا شيئاً منه فإن طلب رده يكون بحالته لا سند له. واستأنفت الهيئة هذا الحكم أمام محكمة استئناف طنطا طالبة إلغاءه ورفض الدعوى وقيد هذا الاستئناف برقم 189 سنة 14 قضائية عمال وبتاريخ 17 يونيه 1965 حكمت المحكمة بقبول الاستئناف شكلاً وبرفض دعوى المستأنف عليهم مع إلزامهم بالمصروفات عن الدرجتين - وطعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض للأسباب الواردة بالتقرير، وعرض الطعن على هذه الدائرة حيث لم يحضر الطاعنون ولم يبدوا دفاعاً وطلبت هيئة التأمينات الاجتماعية رفض الطعن، وصممت النيابة العامة على رأيها الذي أبدته بمذكرتها وطلبت نقض الحكم.
وحيث إن الطعن بني على سببين، ينعى الطاعنون في ثانيها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون. وفي بيان ذلك يقولون إن الحكم قرر أن الجزاء المترتب على التأخر في سداد الاشتراكات المستحقة لهيئة التأمينات الاجتماعية لا يشترط لاستحقاقه الإعذار المنصوص عليه بالمادة 218 من القانون المدني، لأن هذا الجزاء مصدره قانون التأمينات الاجتماعية هذا في حين أن المادة 76 من القانون المذكور سكتت عن تحديد الميعاد الذي يستحق فيه الجزاء أو التعويض، ولا مناص والحالة هذه من الرجوع إلى القواعد العامة المنصوص عليها بالقانون المدني، والتي توجب في المادة 218 منه لاستحقاق التعويض لحكم الإعذار.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، وذلك بأن المادة 14 من قانون التأمينات الاجتماعية رقم 63 لسنة 1964 تقضي بأن الاشتراكات المستحقة عن الشهر سواء المقتطعة من أجور المؤمن عليهم أو تلك التي يؤديها صاحب العمل تعتبر واجبة الأداء في أول الشهر التالي، وبأن تحسب في حالة التأخير فوائد بسعر 6% سنوياً من تاريخ وجوب الأداء حتى تاريخ السداد وتقضي المادة 17 من القانون المشار إليه التي تنطبق على النزاع بحكم أثرها الرجعي المقرر في المادة الخامسة من مواد إصدار ذلك القانون بالتزام صاحب العمل في حالة عدم أدائه الاشتراكات الشهرية المستحقة في المواعيد المعينة في القانون بأداء مبلغ إضافي إلى الهيئة يوازي 10%، من الاشتراكات التي تأخر في أدائها عن كل شهر وذلك بحد أقصى قدره 30% وهذا بالإضافة إلى الفوائد المنصوص عليها في المادة 14. ولما كان هذا المبلغ الإضافي الذي يلتزم به صاحب العمل في حالة تأخيره في أداء الاشتراكات المستحقة ليس تعويضاً، مما تشترط المادة 218 من القانون المدني لاستحقاقه إعذار المدين بل هو جزاء مالي فرضه المشرع على صاحب العمل، لحمله على أداء الاشتراكات المستحقة في مواعيدها وهذا الجزاء شبيه بالجزاء الذي فرضه المشرع في المادة 7 من القانون رقم 233 لسنة 1960 على حائزي أجهزة استقبال الإذاعة التليفزيونية الذين لا يؤدون الرسوم المقررة في المواعيد المحددة لأدائه، فقد ألزمهم ذلك القانون بدفع الرسم مضاعفاً. ووضحت المذكرة الإيضاحية هذا الجزاء بأنه عقوبة مالية، وهو ما يقطع بأنه ليس تعويضاً، إذ أنه يختلف عن التعويض الذي هو مقابل الضرر الذي يلحق الدائن بسبب خطأ المدين والذي لا بد لاستحقاقه من ثبوت هذا الخطأ ووقوع الضرر للدائن نتيجة له، بينما المبلغ الإضافي يستحق بثبوت التأخير في دفع الاشتراكات المستحقة ودون ثبوت أي عنصر من تلك العناصر اللازمة لاستحقاق التعويض، ومتى كان هذا المبلغ الإضافي لا يعتبر تعويضاً، فإنه لا يسري عليه حكم المادة 218 من القانون المدني الذي يوجب الإعذار، ويستحق بمجرد انقضاء المواعيد المحددة لأداء الاشتراكات المستحقة، أسوة بالفوائد التي ألزم بها المشرع رب العمل في هذه الحالة. وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر ولم يستوجب لاستحقاق المبلغ الإضافي في حالة التأخير في أداء الاشتراكات المستحقة إعذار رب العمل، فإن النعي عليه بمخالفة القانون في هذا الخصوص يكون غير سديد.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالسبب الأول على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وتأويله، وفي بيان ذلك يقولون إنه إن صح تأخرهم عن سداد الاشتراكات المستحقة عليهم في مواعيدها فإن المادة 73 من القانون رقم 92 لسنة 1959 هي التي تنطبق عليهم دون سواها. إذ يبين منها أن صاحب العمل المشترك بالمؤسسة والذي يتأخر عن الوفاء بالاشتراكات المستحقة عن عماله يعتبر متأخراً ويلتزم جزاء على ذلك بفوائد تأخيرية قدرها 6% سنوياً من قيمة الاشتراكات منذ استحقاقها حتى تاريخ أدائها. أما نص المادة 76 من ذات القانون الذي يقضي بمضاعفة الاشتراكات، فلا يسري في حقهم وإنما قصد به صاحب العمل الذي يتخلف عن الاشتراك أصلاً لا الذي يتأخر عن سداد الأقساط في الميعاد فحسب. وهو ما يؤكده نص المادة 17 من القانون رقم 63 سنة 1964 الصادر تفسيراً للقانون 92 لسنة 1959، والذي يبين منه أن المشرع فرق بين حالة التخلف أصلاً عن الاشتراك وبين حالة التأخير في دفعه وإذ سوى الحكم المطعون فيه بين الحالتين وطبق الجزاء المنصوص عليه في المادة 76 في حالة التأخير عن سداد الاشتراكات، فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه.
وحيث إنه بالرجوع إلى الحكم المطعون فيه، يبين أنه بعد أن أورد في أسبابه نصوص المواد 73، 76، 79 من القانون رقم 92 لسنة 1959 جرى في قضائه على أن "المحكمة تستخلص من نصوص المواد سالفة الذكر أن نص المادة 76 تطبق في حالة عدم قيام صاحب العمل بالإخطار عن عماله كلهم أو عن عدم إخطاره عن التغيير في عدد العمال والأجور، إذ كان من شأن الإخطار زيادة قيمة اشتراكات التأمين وكذا في حالة التأخير عن سداد الاشتراكات المستحقة بعد إخطاره وذلك لأن نص المادة صريح في التزام صاحب العمل بأداء المبلغ الإضافي في حالة تخلفه عن سداد الاشتراكات ولو كان المشرع يقصد قصر مضاعفة الاشتراك في حالة عدم الإخطار أصلاً أو عدم الإخطار عن التغييرات التي تطرأ على عدد العمال أو الأجور لنص على ذلك صراحة". وهذا الذي قرره الحكم خطأ ومخالفة للقانون، ذلك أن المادة الخامسة من مواد إصدار قانون التأمينات الاجتماعية رقم 63 لسنة 1964 المعدل للقانون رقم 92 لسنة 1959، قد نصت على أن تسري أحكام المادة 17 منه اعتباراً من تاريخ العمل بالقانون رقم 92 لسنة 1959، والتي تنص على أن يلتزم صاحب العمل في حالة عدم أدائه الاشتراكات الشهرية المستحقة في المواعيد المعينة في هذا القانون بأداء مبلغ إضافي إلى الهيئة يوازي 10% من الاشتراكات التي تأخر في أدائها عن كل شهر وذلك بحد أقصى قدره 30%، فضلاً عما تقضي به المادة 14 من احتساب فوائد بسعر 6% عن المدة من تاريخ وجوب الأداء حتى تاريخ السداد. ولما كان الواقع الذي سجله الطاعنون في صحيفة دعواهم وفي مختلف مراحلها أنهم كانوا قد تأخروا في سداد الاشتراكات الشهرية المستحقة عليهم للهيئة المطعون ضدها عن عمالهم المؤمن عليهم لدى الهيئة في المواعيد المحددة في القانون، فإنه يكون مستحقاً عليهم بالتطبيق لأحكام المادة 17 المشار إليها - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - المبلغ الإضافي المبين في هذه المادة وذلك نتيجة للأثر الرجعي الذي جعله القانون المذكور لأحكام المادة 17 على النحو سالف الإشارة إليه. وإذ كان المبلغ الذي طلب الطاعنون الحكم ببراءة ذمتهم منه هو ما كانت تطالبهم به هيئة التأمينات على أساس أن المستحق عليهم نظير التأخير هو 100% من المبالغ التي تأخروا في سدادها، فإنه وقد ثبت أن المستحق عليهم طبقاً للمادة 17 آنفة الذكر نسبة تقل عن ذلك، فإنه كان يتعين على الحكم المطعون فيه أن يخصم من المبلغ الذي طلب الطاعنون الحكم ببراءة ذمتهم منه ما يوازي هذه النسبة، ما دام القانون رقم 63 لسنة 1964 قد عمل به قبل الفصل نهائياً في الدعوى. وإذ قضى الحكم المطعون فيه برفض الدعوى ببراءة ذمة الطاعنين دون أن يعمل أحكام القانون المذكور، رغم وجوب تطبيقها وتحجب بهذا الخطأ عن احتساب ما هو مستحق عليهم طبقاً للمادة 17 من القانون المشار إليه، فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه بما يوجب نقضه في هذا الخصوص.

الطعن 484 لسنة 35 ق جلسة 15 / 1 / 1970 مكتب فني 21 ج 1 ق 22 ص 127

جلسة 15 من يناير سنة 1970

برياسة السيد المستشار/ إبراهيم عمر هندي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: الدكتور محمد حافظ هريدي, والسيد عبد المنعم الصراف، ومحمد سيد أحمد حماد، وعلي عبد الرحمن.

---------------

(22)
الطعن رقم 484 لسنة 35 القضائية

استئناف. "بدء ميعاد الاستئناف". دعوى. حكم. "الطعن في الحكم".
مواعيد الطعن في الأحكام تبدأ من تاريخ النطق بها. استثناء الأحكام التي لا تعتبر حضورية والأحكام التي افترض فيها المشرع جهل المحكوم عليه بالخصومة فيها ومنها حالة انقطاع تسلسل الجلسات لأي سبب وعدم حضور المحكوم عليه بعد الانقطاع لأي جلسة تالية. بدء مواعيد الطعن فيها من تاريخ إعلان الحكم. المادة 379/ 2 مرافعات. هذا الاستثناء ليس قاصراً على الخصم الذي توفى أو تغيرت صفته وإنما يشمل كل محكوم عليه سواء أكان المدعي أو المدعى عليه وفي جميع حالات وقف السير في الدعوى أياً كان سببها.

----------------
مؤدى نص المادة 379 من قانون المرافعات بعد تعديلها بالقانون رقم 100 لسنة 1962 أن القانون وإن جعل مواعيد الطعن في الأحكام من تاريخ النطق بها كأصل عام، إلا أنه استثنى من هذا الأصل الأحكام التي لا تعتبر حضورية وفقاً للمادة 92 مرافعات بعد تعديلها والأحكام التي افترض المشرع فيها عدم علم المحكوم عليه بالخصومة وما يتخذ فيها من إجراءات، فهذه الأحكام وتلك ظلت خاضعة للقاعدة التي كانت تنص عليها المادة 379 مرافعات قبل تعديلها، والتي تقضي بفتح مواعيد الطعن من تاريخ إعلان الحكم، ومن بين الحالات التي افترض فيها المشرع جهل المحكوم عليه بالخصومة وما اتخذ فيها من إجراءات، تلك التي تنقطع فيها تسلسل الجلسات لأي سبب من الأسباب متى ثبت أنه لم يحضر في أية جلسة تالية لهذا الانقطاع، ولو كان قد حضر في الفترة السابقة على ذلك، ولا وجه للتفريق في هذا الخصوص بين خصم وآخر والقول بأن هذا الاستثناء قاصر على الخصم الذي توفى أو تغيرت صفته ولم يحضر من يخلفه أو يقدم مذكرة بدفاعه بعد تعجيل الدعوى، ذلك أن النص قد ورد عاماً مطلقاً بحيث يشمل كل محكوم عليه، يستوي في ذلك أن يكون المدعي أو المدعى عليه ومن في حكمهما لتحقق علة الاستثناء في أي منهما وهي عدم العلم بما تم في الخصومة بعد استئناف السير فيها، كما أن النص لم يقصر الاستثناء على حالة وقف السير في الدعوى بسبب وفاة الخصم أو تغير صفته حتى يقال بأن الذي يستفيد منه هو خلف هذا الخصم وحده، بل جعله شاملاً لكل حالات الوقف أياً كان سببها، وإذ كان الثابت أن الطاعنين لم يحضروا في أية جلسة من الجلسات التالية للتعجيل ولم يقدموا مذكرة بدفاعهم بعد ذلك، فإن ميعاد الاستئناف لا يبدأ بالنسبة لهم إلا من تاريخ إعلانهم بالحكم وليس من تاريخ النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المرحوم محمد ميرغني جاويش - مورث المطعون عليهم - أقام الدعوى رقم 1192 لسنة 1948 مدني القاهرة الابتدائية ضد الطاعنين طالباً الحكم بإلزامهم بأن يدفعوا له مبلغ 500 ج استناداً إلى أن مورث المرحوم محمد عبادي سليم كان مديناً للخواجة ناتان كاتش بمقتضى الحكم رقم 610 سنة 18 قضائية استئناف مختلط الصادر في 29/ 11/ 1923، وقد أحال هذا الدائن حقه إلى الشيخ حامد عبد الحميد زيد الذي أحاله بدوره إليه بعد أن أحله محله في مباشرة إجراءات نزع ملكية المدين من المنزل المبين بصحيفة الدعوى التي كان قد اتخذها وإذ رسا مزاد العقار عليه في 12/ 6/ 1943 بثمن قدره 290 ج و500 م، وأصبح الباقي له عند رفع الدعوى من أصل وفوائد هو 474 ج و198 م، فضلاً عن الرسوم والمصاريف البالغ قدرها 25 ج و802 م والتي تكبدها بسبب امتناع الورثة عن سداد المطلوب، رغم استيلائهم على تركة المورث وريعها من تاريخ وفاته، فقد رفع هذه الدعوى بالمبلغ سالف البيان ودفع المدعى عليهم ببطلان الحوالة الصادرة من حامد عبد الحميد زيد إلى المدعي لعدم رضائهم بها، كما نازعوا في أساسها لعدم استفادتهم من التركة بسبب استغراقها بالديون، وفي 29 إبريل سنة 1950 حكمت المحكمة (أولاً) برفض الدفع بطلان الحوالة وبصحتها (ثانياً) بتوجيه اليمين الحاسمة للمدعي بأنه لم يتوسط لدى الشيخ عبد الحميد زيد في التنازل للمدعى عليهم عن مبلغ 250 ج من الدين المحال إليه وبأنه لا يعلم بحصول هذا التنازل منه، وبجلسة 24/ 5/ 1952 حضر المدعي وحلف اليمين بالصيغة سالفة الذكر، وفي 10/ 5/ 1958 حكمت المحكمة بانقطاع سير الخصومة لوفاة المدعي وقام ورثته بتعجيلها بتاريخ 16 مارس سنة 1959، وفي 22/ 6/ 1963 حكمت المحكمة بإلزام المدعى عليهم بأن يدفعوا للورثة مبلغ 412 ج ورفضت ما عدا ذلك من الطلبات. واستأنف المحكوم عليهم هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة بصحيفة قدمت لقلم المحضرين بتاريخ 26/ 4/ 1964 طلبوا فيها إلغاءه والحكم بعدم قبول الدعوى واحتياطياً بسقوط الحق فيها بالتقادم الثلاثي أو رفضها. وقيد هذا الاستئناف برقم 884 سنة 81 قضائية ودفع المستأنف عليهم (المطعون عليهم) بسقوط حق المستأنفين في الاستئناف لرفعه بعد مضي ستين يوماً من تاريخ النطق به وطلب المستأنفون (الطاعنون) رفض هذا الدفع استناداً إلى أن الدعوى قد توقف سيرها بسبب وفاة مورث المستأنف عليهم وأنهم لم يحضروا الجلسات التالية لتعجيلها ولم يقدموا مذكرة بدفاعهم، فلا يبدأ ميعاد الطعن بالنسبة لهم إلا من تاريخ إعلانهم بالحكم الصادر ضدهم طبقاً للمادة 379/ 2 مرافعات بعد تعديلها بالقانون رقم 100 لسنة 1962، وفي 15 مايو سنة 1965 حكمت المحكمة بسقوط حق المستأنفين في الطعن بالاستئناف لرفعه بعد الميعاد. طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة طلبت فيها قبول الطعن، وبالجلسة المحددة لنظره أصرت النيابة على هذا الرأي.
وحيث إن حاصل سبب الطعن أن المطعون عليهم دفعوا بسقوط الحق في الاستئناف لعدم رفعه خلال الستين يوماً التالية لصدور الحكم المستأنف وطلب الطاعنون رفض هذا الدفع استناداً إلى أنهم وقد تخلفوا عن حضور جميع الجلسات التالية لتعجيل الدعوى بعد وقف السير فيها بسبب وفاة مورث المطعون عليهم ولم يقدموا مذكرة بدفاعهم، فإن ميعاد استئناف الحكم الصادر ضدهم فيها يكون طبقاً لنص الفقرة الثانية من المادة 379 مرافعات بعد تعديلها بالقانون رقم 100 لسنة 1962 من تاريخ إعلانهم به، وقضى الحكم المطعون فيه بقبول الدفع وبسقوط حقهم في الاستئناف استناداً إلى أن الذي يستفيد بهذا الاستثناء - على ما يفهم من سياق عبارة المذكرة الإيضاحية للقانون رقم 100 لسنة 1962 - هو الخصم الذي توفى أو تغيرت حالته أو زالت صفته ولم يحضر من يخلفه ولم يقدم مذكرة بدفاعه بعد تعجيل الدعوى، أما الخصم الذي لم يطرأ على مركزه أي تغيير، فلا يفيد من هذا الاستثناء، ويبدأ ميعاد استئناف الحكم بالنسبة له من تاريخ صدوره، وهذا الذي قرره الحكم خطأ ومخالفة للقانون ذلك أن الفقرة الثانية من المادة 379 مرافعات بعد تعديلها بالقانون رقم 100 لسنة 1962 إذ نصت على أن يبدأ ميعاد الاستئناف من تاريخ إعلان الحكم إلى المحكوم عليه في الأحوال التي يكون فيها قد تخلف عن الحضور في جميع الجلسات المحددة لنظر الدعوى ولم يقدم مذكرة بدفاعه وكذلك إذا تخلف المحكوم عليه عن الحضور وعن تقديم مذكرة في جميع الجلسات التالية لتعجيل الدعوى بعد وقف السير فيها لأي سبب من الأسباب، فقد دلت بعموم لفظها وإطلاقه على أنها تشمل كل من يحكم عليه من الخصوم ولو كان هو المدعي نفسه وحتى ولو كان قد سبق حضوره متى كان قد عرض على الخصومة عارض انقطع بسببه سيرها، وكان هذا الخصم المحكوم عليه ولم يحضر ولم يقدم مذكرة بدفاعه في الجلسات التالية للتعجيل. وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بسقوط الحق في الاستئناف رغم رفعه خلال الستين يوماً التالية لإعلان الحكم فإنه يكون مخطئاً في القانون.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أن النص في المادة 379 من قانون المرافعات بعد تعديلها بالقانون رقم 100 لسنة 1962 على أن "يبدأ ميعاد الطعن في الحكم من تاريخ صدوره، ما لم ينص القانون على غير ذلك. ويبدأ هذا الميعاد من تاريخ إعلان الحكم إلى المحكوم عليه في الأحوال التي يكون قد تخلف عن الحضور في جميع الجلسات المحددة لنظر الدعوى ولم يقدم مذكرة بدفاعه وكذلك إذا تخلف المحكوم عليه عن الحضور وعن تقديم مذكرة في جميع الجلسات التالية لتعجيل الدعوى بعد وقف السير فيها لأي سبب من الأسباب" يدل على أن القانون وإن جعل مواعيد الطعن في الأحكام من تاريخ النطق بها كأصل عام إلا أنه استثنى من هذا الأصل الأحكام التي لا تعتبر حضورية وفقاً للمادة 92 مرافعات بعد تعديلها والأحكام التي افترض المشرع فيها عدم علم المحكوم عليه بالخصومة وما يتخذ فيها من إجراءات، فهذه الأحكام وتلك ظلت خاضعة للقاعدة التي كانت تنص عليها المادة 379 مرافعات قبل تعديلها والتي تقضي بفتح مواعيد الطعن من تاريخ إعلان الحكم ومن بين الحالات التي افترض فيها المشرع جهل المحكوم عليه بالخصومة وما اتخذ فيها من إجراءات، تلك التي تنقطع فيها تسلسل الجلسات لأي سبب من الأسباب، متى ثبت أنه لم يحضر في أية جلسة تالية لهذا الانقطاع، ولو كان قد حضر في الفترة السابقة على ذلك ولا وجه للتفريق في هذا الخصوص بين خصم وآخر، والقول بأن هذا الاستثناء قاصر على الخصم الذي توفى أو تغيرت صفته ولم يحضر من يخلفه أو يقدم مذكرة بدفاعه بعد تعجيل الدعوى ذلك أن النص قد ورد عاماً مطلقاً بحيث يشمل كل محكوم عليه يستوي في ذلك أن يكون المدعي أو المدعى عليه ومن في حكمهما لتحقق علة الاستثناء في أي منهما وهي عدم العلم بما تم في الخصومة بعد استئناف السير فيها، كما أن النص لم يقصر الاستثناء على حالة وقف السير في الدعوى بسبب وفاة الخصم أو تغيير صفته حتى يقال بأن الذي يستفيد منه هو خلف هذا الخصم وحده بل جعله شاملاً لكل حالات الوقف أياً كان سببها، وإذ كان الثابت في أوراق الدعوى أن سير الخصومة أمام محكمة أول درجة قد وقف وانقطع فيها تسلسل الجلسات بسبب وفاة المدعي ثم صدر فيها الحكم بعد تعجيلها من ورثته ضد الطاعنين الذين لم يحضروا في أية جلسة من الجلسات التالية للتعجيل ولم يقدموا مذكرة بدفاعهم بعد التعجيل، فإن ميعاد الاستئناف لا يبدأ بالنسبة لهم إلا من تاريخ إعلانهم بالحكم وليس من تاريخ النطق به وإذ كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر وجرى في قضائه على أن ميعاد الاستئناف يبدأ في حق الطاعنين من تاريخ صدور الحكم المستأنف استناداً إلى أن الاستثناء المنصوص عليه في المادة 379/ 2 مرافعات - بعد تعديلها - قاصر على ورثة المدعي الذي توفى، ورتب على ذلك قضاءه بسقوط الحق في الاستئناف فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه بما يوجب نقضه.