الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الجمعة، 3 فبراير 2023

الطعن 2 لسنة 47 ق جلسة 1 / 11 / 1978 مكتب فني 29 ج 2 أحوال شخصية ق 322 ص 1674

جلسة أول نوفمبر سنة 1978

برئاسة السيد المستشار نائب رئيس المحكمة محمد أسعد محمود وعضوية السادة المستشارين/ محمد الباجوري، محمد طه سنجر، إبراهيم فراج ومحمد أحمد حمدي.

----------------

(322)
الطعن رقم 2 لسنة 47 القضائية "أحوال شخصية"

(1) أحوال شخصية. إثبات "البينة".
الشهادة. شرط صحتها شرعاً. العداوة الدنيوية المانعة من قبول الشهادة. المقصود بها. اختلاف الطاعن خصومة بينه وبين الشاهد. لا أثر له على قبول الشهادة.
 (2)استئناف. محكمة الموضوع. حكم. تسبيب الحكم.
للمحكمة الاستئنافية تقدير أقوال الشهود على نحو يغاير ما ذهبت إليه محكمة أول درجة. عدم التزامها بالرد على أسباب الحكم الابتدائي.
 (3)أحوال شخصية "الطلاق". إثبات "الإقرار".
الإقرار شرعاً. ماهيته. إبداء الزوجة رغبتها - بمحضر الشرطة - في العودة إلى منزل الزوجية خشية وصفها بالنشوز وحرمانها من النفقة. لا يعد إقراراً برغبتها الحقيقية في استمرار الحيازة الزوجية.
(4، 5 ) أحوال شخصية "الطلاق". محكمة الموضوع.
(4) التطليق للضرر. الضرر الذى لا يستطاع معه دوام العشرة بين الزوجين. معياره شخصي. لقاضى الموضوع تقديره.
 (5)حق التبليغ. أمر مباح لا يترتب مسئوليته طالما كان معبراً عن واقع. جواز اعتبار من قبيل الضرر الذى يجعل دوام العشرة بين الزوجين مستحيلاً.
 (6)أحوال شخصية. الطلاق. حكم "تسبيب الحكم".
التطليق للضرر. جزاء إقامة الحكم قضاءه على وقائع لاحقة لرفع الدعوى.
 (7)دعوى "دعوى الأحوال الشخصية". نيابة عامة.
النيابة العامة طرف أصيل في قضايا الأحوال الشخصية التي لا تختص بها المحاكم الجزئية. عدم وجوب إبداء رأيها في كل مرحلة من مراحل الدعوى. م 95 مرافعات سريان حكمها حيث تكون النيابة طرفاً منضماً فحسب.'

----------------
1 - يشترط لصحة الشهادة شرعاً أن يكون الشاهد عدلاً غير متهم في شهادته فلا يجوز أن يكون في الشهادة جر مغنم للشاهد أو دفع مغرم عنه، كما لا تقبل شهادته متى كان بينه وبين المشهود عداوة دنيوية، إلا أن العداوة الدنيوية ليست هى كل خصومة تقع بين شخص وآخر في حق من الحقوق، بل إن إبطال الشهادة مشروط بأن يشهد الشاهد على خصمه في واقعة يخاصمه فيها ومثلوا لذلك بشهادة المقذوف على القاذف والمقطوع عليه الطريق على القاطع والمقتول وليه على القاتل والمجروح على الجارح والزوج على امرأته بالزنا إذا كان قذفها به أولاً، ولا يسوغ بداهة أن يخلق من يطعن على شهادة لهذا السبب خصومة مدعاة ليتخذ منها وسيلة لإبطالها. ولما كان البين من محضر الشكوى الإداري أن الطاعن هو الذى تقدم ببلاغ يزعم فيه أن أحد أقربائه سمع حواراً بين شاهد المطعون عليها وبين أحد شهود الطاعن وفهم منه هذا الأخير أنه شهد زوراً ضد الطاعن بسبب استدعاء زوجته للتحقيق معه، ولم يسأل الشاهد في هذه الشكوى ولم يواجه بأقوال الطاعن أو شاهده، لما كان ذلك وكان ما اصطنعه الطاعن من خصومة بينه وبين شاهد المطعون عليها على النحو السالف لا يرقى إلى حد العداوة المانعة من قبول شهادته، وكانت شهادة الزور التي يصم بها هذا الشاهد لا تعدو أن تكون ادعاء لم يقم الدليل القطعي على صحته حيث لم يقدم الطاعن ما يشير إلى الجنحة المباشرة التي أقامها وإلى الحكم الصادر فيها فإن النعي في هذا الخصوص يكون على غير أساس.
2 - لمحكمة الدرجة الثانية أن تذهب في تقدير أقوال الشهود مذهباً يغاير ما ذهبت إليه محكمة الدرجة الأولى دون أن تكون ملزمة بالرد على أسباب الحكم الابتدائي طالما كان استخلاصها سائغاً.
3 - يشترط لصحة الإقرار شرعاً وجوب أن يفيد ثبوت الحق المقر به على سبيل الجزم واليقين، فلو شابه مظنة أو اعتورته إثارة من شك في بواعث صدوره فلا يؤاخذ به صاحبه ولا يعتبر من قبيل الإقرار بمعناه، لما كان ذلك وكان ما صرحت به المطعون عليها في الشكوى الإداري - بفرض صحة صدوره عنها - من رغبتها في العودة للإقامة مع زوجها الطاعن قد قرنته بأنه كان منها اتقاء وصفها بالنشوز وبالتالي الحرمان من النفقة فهو بهذه المثابة - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - ليس إلا وسيلة دفاع فرضتها عليها الظروف التي تكتنفها ولا يدل بذاته على رغبتها الحقيقية في استمرار العشرة الزوجية ولا ينطوي على إقرار تؤاخذ بآصرته ولا على الحكم إن هو التفت عما تمسك به الطاعن في هذا الخصوص.
4 - المستقر في قضاء هذه المحكمة أن معايير الضرر في معنى المادة السادسة من القانون رقم 25 لسنة 1929، شخصي لا مادي، وتصويره بما يجعل دوام العشرة مستحيلاً أمر موضوعي متروك لقاضي الموضوع، وتختلف باختلاف بيئة الزوجية ودرجة ثقافتهما والوسط الاجتماعي الذى بينهما وإذ كان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى أن العشرة لا يمكن أن تدوم بين الزوجين المتنازعين بعد أن وصل الأمر إلى حد اتهامها وأهلها بالسرقة وتعددت الخصومات القضائية بينهما، فليس فيما خلص إليه الحكم ما يعاب.
5 - الأصل أن التبليغ من الحقوق المباحة للأفراد وأن استعماله لا يمكن أن يرتب مسئولية طالما صدر معبراً عن الواقع حتى ولو كان الانتقام هو ما حفز إلى التبليغ لأن إقامة هذا الحق لا يتنافر مع كونه يجعل دوام العشرة مستحيلاً لاختلاف المجال الذى يدور في فلكه مجرد إقامة الادعاء أو التبليغ ومدى تأثير أيهما على العلاقة بين الزوجين.
6 - المقرر في قضاء هذه المحكمة أن لمحكمة الموضوع أن تستند إلى وقائع سبقت رفع الدعوى أو استجدت بعدها لإثبات التطليق لما تنم عنه من استمرار الخلاف الزوجي واتساع هوته بما لا يستطاع معه الإبقاء على الحياة الزوجية ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن من أن الحكم أقام قضاءه على سند من وقائع لاحقة لرفع الدعوى يكون على غير أساس.
7 - نص المادة 95 من قانون المرافعات لا يسرى حكمه إلا حيث تكون النيابة طرفاً منضماً، أما إذا كانت طرفا أصليا كالحال في قضايا الأحوال الشخصية التي لا تختص بها المحاكم الجزئية - ومنها الدعوى الماثلة - فلا ينطبق النص، ولما كان الحكم قد أثبت في مدوناته أن النيابة قدمت مذكرة برأيها طلبت فيها إلغاء الحكم المستأنف والقضاء بالتطليق، فهذا كاف لتحقيق غرض الشارع من وجوب تدخل النيابة في قضايا الأحوال الشخصية والوقف، ولا على النيابة أن تبدى الرأى في كل مرحلة من مراحل الدعوى.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون عليها أقامت الدعوى رقم 380 لسنة 1974 أحوال شخصية "نفس" أمام محكمة الجيزة الابتدائية ضد الطاعن بطلب الحكم بتطليقها منه طلقة بائنة للضرر، وقالت شرحاً لدعواها أنها زوجته بصحيح العقد الشرعي الموثق في 22/ 4/ 1971 ومدخولته ولا زالت على عصمته وفى طاعته، وإذ دأب على الاستيلاء على إيرادها من عملها كطبيبة والاعتداد عليها بكل أنواع الأذى قولاً وفعلاً وفى ذلك أضرار بها بما لا يستطاع معه دوام العشرة بين أمثالهما، فقد أقامت دعواها بطلبها سالف البيان. وبتاريخ 19/ 1/ 1975 حكمت المحكمة بإحالة الدعوى إلى التحقيق لتثبت المطعون عليها أن الطاعن أضر بها بما لا يستطاع معه دوام العشرة بين أمثالهما بأن اعتدى عليها بالقول والفعل واستولى على كامل مرتبها، وبعد سماع شهود الطرفين حكمت في 22/ 2/ 1976 برفض الدعوى. استأنفت المطعون عليها هذا الحكم بالاستئناف رقم 29 سنة 92 ق أحوال شخصية القاهرة، وبتاريخ 20/ 12/ 1976 حكمت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وبتطليق المطعون عليها من الطاعن طلقة بائنة. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن. عرض الطعن على هذه الدائرة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وفى الجلسة المحددة التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن بنى على سببين ينعى الطاعن بالوجهين الرابع والسادس من السبب الأول والوجه الثالث من السبب الثاني على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والإخلال بحق الدفاع، وفى بيان ذلك يقول أن الحكم بنى قضاءه بالتطليق على سند من أقوال شاهدي المطعون عليها مع أن هذه الأقوال لم تستكمل نصاب الشهادة الشرعية من عدة أوجه (أولها) أن الشاهد الثاني للمطعون عليها - وهو عديل الطاعن ليس من الشهود العدول الذين يمكن الاطمئنان إلى شهادتهم، فقد ثبت من محضر الشكوى رقم 1216 لسنة 1975 إداري إمبابة أنه شهد زوراً لصالح المطعون عليها مما كان موضع ادعاء مباشر منه بالجنحة رقم 2096 لسنة 1975 إمبابة هذا بالإضافة إلى أن الطاعن تمسك أمام محكمة الموضوع بوجود خصومة بينهما، (الثاني) أن أقوال الشاهدين المشار إليهما متناقضة إذ ذكر أولهما أن واقعة ضرب الطاعن للمطعون عليها كانت في شهر أكتوبر سنة 1974 بينما أشار الثاني إلى أنها صادفت محلها في نوفمبر من ذات السنة، والشهادة الشرعية توجب توافر النصاب على الواقعة، فضلاً عن أنها شهادة سماعية في أكثر من موضع فلا يعتد بها، (الثالث) أن الحكم أغفل دلالة الشهادة الرسمية التي قدمها الطاعن متضمنة وجوده بمقر عمله في مدينة السويس في الفترة التي نسب إليها فيها الاعتداء المزعوم (الرابع) أن محكمة أول درجة أطرحت أقوال شاهدي المطعون عليها سالفى الذكر لعدم اطمئنانها إليها كما أطرحت ما قدمته من مستندات، ولم تبرز محكمة الاستئناف أسباب مخالفتها لوجهة الحكم الابتدائي في هذا الشأن، وهو ما يعيب الحكم بمخالفة القانون والإخلال بحق الدفاع.
وحيث إن النعي مردود في وجهه الأول، ذلك أنه وإن كان يشترط لصحة الشهادة شرعاً أن يكون الشاهد عدلاً غير متهم في شهادته، فلا يجوز أن يكون في الشهادة جر مغنم للشاهد أو دفع مغرم عنه، كما لا تقبل شهادته متى كان بينه وبين الشهود عداوة دنيوية، إلا أن العداوة المانعة ليست هي كل خصومة تقع بين شخص آخر في حق من الحقوق، بل إن إبطال الشهادة مشروط بأن يشهد الشاهد على خصمه في واقعة يخاصمه فيها، ومثلوا لذلك بشهادة المقذوف والمقطوع عليه الطريق على القاطع والمقتول وليه على القاتل والمجروح على الجارح والزوج على امرأته بالزنا إذا كان قذفها به أولاً، ولا يسوغ بداهة أن يخلق من يطعن على شهادة لهذا السبب خصومة مدعاة ليتخذ منها وسيلة لإبطالها، لما كان البين من الاطلاع على محضر الشكوى رقم 1216 لسنة 1975 إداري إمبابة أن الطاعن هو الذى تقدم ببلاغ يزعم فيه أن أحد أقربائه سمع حواراً بين شاهد المطعون عليها المشار إليه وبين أحد شهود الطاعن، وفهم منه هذا الأخير أنه شهد زوراً ضد الطاعن بسبب استدعاء زوجته للتحقيق معه، ولم يسأل الشاهد في هذه الشكوى ولم يواجه بأقوال الطاعن أو شاهده لما كان ما اصطنعه الطاعن من خصومة بينه وبين شاهد المطعون عليها على النحو السالف ألا يرقى إلى حد العداوة المانعة من قبول شهادته، وكانت شهادة الزور التي وهم بها الشاهد لا تعدو أن تكون ادعاء لم يقم الدليل القطعي على صحته، حيث لم يقدم الطاعن ما يشير إلى الجنحة المباشرة التي أقامها وإلى الحكم الصادر فيها، فإن النعي في هذا الخصوص يكون على غير أساس، والنعي في وجهه الثاني عار عن الدليل إذ لم يقدم الطاعن صورة من محضر التحقيق حتى تتضح حقيقة ما يثيره الطاعن من أن الشهادة سماعية أو أن بينها اختلافاً في زمان وقوع الفعل المشهود به. والنعي في وجهه الثالث غير سديد لأن الشهادة الصادرة من مديرية أمن السويس غير قاطعة الدلالة على وجوده في غير فترات العمل الرسمية فلا على الحكم إن التفت عنها، والنعي مردود في وجهه الأخير بأن لمحكمة الدرجة الثانية أن تذهب في تقدير أقوال الشهود مذهباً يغاير ما ذهبت إليه محكمة الدرجة الأولى دون أن تكون ملزمة بالرد على أسباب الحكم الابتدائي، طالما كان استخلاصها سائغاً ويكون النعي بمختلف وجوهه غير وارد.
وحيث إن حاصل النعي بالأوجه الأول والسابع والثامن والتاسع من السبب الأول على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع، وفى بيان ذلك يقول الطاعن أنه تمسك أمام محكمة الموضوع بانتفاء الأضرار الموجب للتطليق وآية ذلك أن الثابت من المحضر رقم 1158 لسنة 1967 إداري الظاهر والمحضر 5142 لسنة 1975 إداري الجمالية، أن المطعون عليها توجهت إلى قسم الشرطة بمحض إرادتها وأبدت رغبتها في العودة إلى منزل الزوجية، درءاً للحكم عليها بالنشوز وهو إقرار يدحض ما تدعيه من مضارة، إلا أن المحكمة أطرحت دفاعه وأغفلت الرد عليه مع إن محضر الشرطة ورقة رسمية وحجة بما فيه عملاً بالمادة 11 من قانون الإثبات ولا يمكن إهدار دلالته إلا بطريق الادعاء بالتزوير، هذا إلى أن ادعاء المطعون عليها بالضرر المسوغ للتطليق تقتضيه المستندات الدالة على محاولات لإصلاح بمعرفة اللجان المختصة بالاتحاد الاشتراكي وما أبدته المطعون عليها ذاتها من بقاء المودة والتراحم بينهما بدليل إهداء صورتها إليه مذيلة بعبارات الحب برغم الخصومة بينهما، وإذ لم يرد الحكم على ما قدمه الطاعن من دفاع في هذا الخصوص وما أبرزه من مستندات فإنه علاوة على الإخلال بحقه في الدفاع يكون قاصر التسبيب.
وحيث إن النعي غير سديد، ذلك أنه لما كان يشترط لصحة الإقرار شرط وجوب أن يفيد ثبوت الحق المقر به على سبيل الجزم واليقين، فلو شابه مظنة أو اعتورته إثارة من شك في بواعث صدوره فلا يؤاخذ به صاحبه، ولا يعتبر من قبيل الإقرار بمعناه، لما كان ذلك وكان ما صرحت به المطعون عليها في الشكوى المشار إليها - بفرض صحة صدوره عنها - من رغبتها في العودة للإقامة مع زوجها الطاعن قد قرنته بأنه كان منها أثناء وصفها بالنشوز وبالتالي الحرمان من النفقة فهو بهذه المثابة وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة ليس إلا وسيلة دفاع فرضتها عليها الظروف التي تكتنفها، ولا يدل بذاته على رغبتها الحقيقية في استمرار العشرة الزوجية، ولا ينطوي على إقرار تؤاخذه بأمرته ولا على الحكم إن هو التفت عما تمسك به الطاعن في هذا الخصوص، هذا إلى أن الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه على دعامة أساسية هي البينة الشرعية وهى تكفى وحدها لحمل قضاء الحكم، فلا يكون من بعد ملزماً بتتبع حجج الخصوم وأوجه دفاعهم وأن يرد على كل منها استقلالاً لأن في قيام الحقيقة التي استخلصها الرد المسقط لكل حجة مخالفة ويكون النعي بالقصور والإخلال بحق الدفاع ولا محل له.
وحيث إن حاصل النعي بالوجهين الثالث والخامس من السبب الأول الفساد في الاستدلال ومخالفة الثابت بالأوراق وفى بيان ذلك يقول أن الحكم استند في قضائه بثبوت الضرر على أن الطاعن أتهم المطعون عليها ووالدها وشقيقتها بسرقة منقولاته ومسدسه الأميري، وتبين كيدية الاتهام ورتب على ذلك استحالة بقاء الحياة الزوجية بعد تلك الخصومة، في حين أن قضية السلاح المشار إليها حفظت لعدم معرفة الفاعل وقد عثر على المسدس في حوزة والد المطعون عليها، وحق التبليغ ورفع الأمر للقضاء أباحته القوانين ولا يعتبر من قبيل الإضرار، بالإضافة إلى أن البلاغ عن واقعة السرقة كان لاحقاً على رفع دعوى التطليق فلا يمكن الاستناد إليه كدليل لها لأن الدعوى تقام عن ضرر سابق وليس عن ضرر لاحق عليها، وهو ما يعيب الحكم بالفساد في الاستدلال ومخالفة الثابت بالأوراق.
وحيث إن النعي في غير محله ذلك أنه لما كان المستقر في قضاء هذه المحكمة أن معيار الضرر في معنى المادة السادسة من القانون رقم 25 لسنة 1929 شخصي لا مادي وتقديره بما يجعل دوام العشرة مستحيلاً أمر موضوعي متروك لقاضى الموضوع ويختلف باختلاف بيئة الزوجين ودرجة ثقافتهما والوسط الاجتماعي الذى يحيطهما وكان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى أن العشرة لا يمكن أن تدوم بين الزوجين المتنازعين بعد أن وصل الأمر إلى حد اتهامها وأهلها بالسرقة وتعددت الخصومات القضائية بينهما، فليس فيما خلص إليه الحكم ما يعاب لا يغير من ذلك أن الأصل أن التبليغ من الحقوق المباحة للأفراد، وإن استعماله لا يمكن أن يرتب مسئولية طالما صدر معبراً عن الواقع، حتى ولو كان الانتقام هو ما حفز إلى التبليغ، لأن إباحة هذا الحق لا يتنافر مع كونه يجعل دوام العشرة مستحيلاً لاختلاف المجال الذى يدور في فلكه مجرد إقامة الادعاء أو التبليغ ومدى تأثيراتهما على العلاقة بين الزوجين، لما كان ما تقدم وكان المقرر في قضاء هذه المحكمة أن لمحكمة الموضوع أن تستند إلى وقائع سبقت رفع الدعوى أو استجدت بعدها لإثبات التطليق لما تنم عنه من استمرار الخلاف الزوجي واتساع هوته بما لا يستطاع معه الإبقاء على الحياة الزوجية، فإن ما يثيره الطاعن من أن الحكم أقام قضاءه على سند من وقائع لاحقة لرفع الدعوى يكون على غير أساس.
وحيث إن مبنى النعي بالوجه الثاني من السبب الأول وبالوجهين الأول والثاني من السبب الثاني مخالفة القانون والإخلال بحق الدفاع من وجهين، أولهما أن الواضح من الحكم المطعون فيه أن النيابة العامة أبدت الرأي قبل أن يقدم الطاعن مستنداته الحاسمة وقد ارتأت المحكمة بعد تقديمها أن تبدى النيابة رأيها فيها، غير أنها أصدرت حكمها قبل تنفيذ قرارها خلافاً لما تقضى به المادة 95 من قانون المرافعات التي توجب أن تكون النيابة آخر من يتكلم، وثانيهما أن محكمة الاستئناف قررت التأجيل حتى يرد تقرير المعمل الجنائي بعد أن ادعت المطعون عليها أن سيدة أخرى انتحلت شخصيتها وأبدت الرغبة في العودة إلى منزل الزوجية، ورغم ذلك فإن المحكمة عدلت عن هذا القرار وأصدرت حكمها ولو هى انتظرت ورود التقرير لتغير وجه الرأي في الدعوى.
وحيث إن النعي مردود في وجهه الأول بأن نص المادة 95 من قانون المرافعات لا يسرى حكمه إلا حيث تكون النيابة طرفا منضما أما إذا كانت طرفا اصليا كالحال في قضايا الأحوال الشخصية التي لا تختص بها المحاكم الجزئية ومنها الدعوى الماثلة فلا ينطبق النعي، ولما كان الحكم قد أثبت في مدوناته أن النيابة قدمت مذكرة برأيها طلبت فيها إلغاء الحكم المستأنف والقضاء بالتطليق، فهذا كاف لتحقيق غرض الشارع من وجوب تدخل النيابة في قضايا الأحوال الشخصية والوقف، ولا على النيابة أن تبدى الرأي في كل مرحلة من مراحل الدعوى، والنعي في وجهه الثاني مردود بأن الطاعن لم يقدم محاضر الجلسات التي تضمنت سبب النعي، ولم يكشف عن وجه مصلحته في التمسك بالتأجيل حتى ورود التقرير ومناحي الدفاع التي يطلب الرد عليها وغفل عنها الحكم المطعون فيه، فيكون النعي في هذا الخصوص مجهلا غير مقبول.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.

الطعن 27 لسنة 47 ق جلسة 29 / 11 / 1978 مكتب فني 29 ج 2 أحوال شخصية ق 352 ص 1826

جلسة 29 من نوفمبر سنة 1978

برئاسة السيد المستشار محمد أسعد محمد - نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ محمد الباجوري، محمد طه سنجر، إبراهيم فراج ومحمد أحمد حمدي.

----------------

(352)
الطعن رقم 27 لسنة 47 ق أحوال شخصية

 (1)إعلان. بطلان "نسبي".
بطلان أوراق التكليف بالحضور لعيب في الإعلان. وجوب التمسك به أمام محكمة الموضوع أو في صحيفة المعارضة أو الاستئناف وإلا سقط الحق فيه.
(2،(3  أحوال شخصية. إثبات "البينة".
 (2)شروط الشهادة في الفقه الحنفي. وجوب مطابقتها للوقائع المادة ألا يكذبها الحس.
(3) شروط صحة أداء الشهادة في الفقه الحنفي. وجوب أن يكون الشاهد عالماً بالمشهود به وطرفي الخصومة. عدم وجوب ذكره أسماء الخصوم.

-----------
1 - المقرر في قضاء هذه المحكمة أن بطلان أوراق التكليف بالحضور لعيب في الإعلان بطلان نسبى مقرر لمصلحة من شرع لحمايته وليس متعلقاً بالنظام العام وبالتالي لا يجوز للمحكمة أن تقضى به من تلقاء نفسها وإنما يجب على الخصم الذى تقرر هذا البطلان لمصلحته أن يتمسك به أمام محكمة الموضوع أو في صحيفة المعارضة أو الاستئناف وإلا سقط الحق فيه وذلك إعمالاً لنص المادة 108 من قانون المرافعات.
2 - الشهادة كطريق من طرق الثبوت في فقه الحنفية تعد تعبيراً عن الواقع وتأكيداً لثبوته دون أن تقلب الحق باطلاً أو تحيل الباطل حقاً، فإن شرطها أن تكون مطابقة للوقائع المادية، فلا تكذبها الأمور المحسوسة أو تخرج عن تلك الحقائق الثابتة، فإن كذبها الحس فلا تقبل ولا يجوز أن يبنى عليها قضاء اعتباراً بأن الحس يفيد علماً قطعياً والشهادة تفيد خبراً ظنياً والظني لا يعارض القطعي.
3 - المقرر في قضاء هذه المحكمة أن شروط صحة أداء الشهادة في المذهب الحنفي أن يكون الشاهد عالما بالمشهود به وذاكراً له وقت الأداء، فلو نسى المشهود به لم يجز أن يشهد، وأن يكون المشهود به معلوماً حتى يتيسر القضاء به، ولا يكون كذلك إلا إذا وضح الشاهد للقاضي صاحب الحق ومن عليه الحق ونفس الحق المشهود به، والغرض المستهدف هو التعريف لا كثرة الحروف، فحيث تحقق التعريف وثبت لدى القاضي علم الشاهد بالمدعى والمدعى عليه اللذين تتصل بهما وقائع الشهادة موضوع التحقيق اكتفى به وصح الاعتداد بالشهادة. ولما كان البين من الاطلاع على محضر التحقيق الذى أجرته محكمة أول درجة أن الطاعن تخلف في جلسة التحقيق عن الحضور بينما مثلت المطعون عليها وأشهدت شاهديها في غيبته وكانت أقوالهما بينة الدلالة على أنها تنصب على الخلاف بين الطاعن والمطعون عليها بالذات وإن لم يصرحا بذكر اسمهما أو نسبهما فإن هذا كاف في التعريف بهما وتعيينها تعيينا نافيا لأى جهالة بحيث ينتفى أى احتمال، وإذ ساير الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد التزم المنهج الشرعي السليم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون عليها أقامت الدعوى رقم....... (أحوال شخصية نفس) أمام محكمة جنوب القاهرة الابتدائية ضد الطاعن بطلب الحكم بتطليقها منه طلقة بائنة للضرر، وقالت بيانا لدعواها أنها تزوجته بتاريخ 11/ 3/ 1974 ولم يدخل بها، وقد دأب على إيذائها بالضرب واتهامها في شرفها وكرامتها، وعمد إلى سلب مصاغها والتشهير بها، وإذ كانت هذه الأمور مما لا يستطاع معها دوام العشرة بينهما، فقد أقامت الدعوى. وبتاريخ 21/ 12/ 1974 حكمت المحكمة بإحالة الدعوى إلى التحقيق لتثبت المطعون عليها أن الطاعن قد أضر بها وأساء معاملتها بما لا يستطاع معه دوام العشرة بين أمثالهما وبعد سماع شاهدي المطعون عليها عادت وحكمت غيابيا بتاريخ 1/ 3/ 1975 بتطليق المطعون عليها من الطاعن طلقة بائنة. عارض الطاعن في هذا الحكم طالباً إلغاءه وبتاريخ 17/ 4/ 1976 حكمت المحكمة باعتبار المعارضة كأن لم تكن، فاستأنفه بالاستئناف رقم 50 س 93 ق أحوال شخصية القاهرة بطلب إلغائه ورفض الدعوى وبتاريخ 18/ 4/ 1977 حكمت محكمة الاستئناف بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن على هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة رأت فيها نقض الحكم. عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فرأته جديرا بالنظر وبالجلسة المحددة التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعى الطاعن بالسبب الأول منها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفى بيان ذلك يقول إن الحكم رفض الدفع المبدى ببطلان صحيفة الدعوى أمام محكمة أول درجة على سند من أن الإعلان وجه إليه في محل إقامته الثابت بوثيقة الزواج، وهو آخر محل إقامة له معلوم للمطعون عليها في جمهورية مصر وأن المحضر أثبت على صحيفة الدعوى هجرته دون أن يعلم له محل إقامة، أو يثبت علمها اليقيني بعنوان له معلوم بالخارج ورتب على ذلك صحة الإعلان وتمامه بمجرد تسلم النيابة له في 28/ 11/ 1974 في حين أن الثابت أن المطعون عليها أعلنت بتاريخ 28/ 3/ 1974 بصحيفة دعوى أقامها يطلب الحكم عليها بالدخول في طاعته، وحدد فيها محل إقامته وبين عنوانه تفصيلا بإستراليا، وحضر مدافع عنها في هذه الدعوى بما يفيد علمها اليقيني بموطنه قبل إعلان صحيفة الدعوى الابتدائية، وأنها عمدت إلى الالتواء في إعلانه والتجهيل بمحل إقامته عند إقامتها دعوى التطليق الحالية، وهو ما يعيب الحكم بالخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن النعي مردود، ذلك أن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن بطلان أوراق التكليف بالحضور لعيب في الإعلان بطلان نسبى مقرر لمصلحة من شرع لحمايته وليس متعلقاً بالنظام العام، وبالتالي لا يجوز للمحكمة أن تقضى به من تلقاء نفسها وإنما يجب على الخصم الذى تقرر هذا البطلان لمصلحته أن يتمسك به أمام محكمة الموضوع أو في صحيفة المعارضة أو الاستئناف وإلا سقط الحق فيه وذلك إعمالا لنص المادة 108 من قانون المرافعات لما كان ذلك وكان الواقع في الدعوى أن الحكم الابتدائي صدر غيابياً وطعن فيه الطاعن بطريق المعارضة ولم يقدم إلى محكمة النقض ما يدل على أنه تمسك في صحيفتها ببطلان إعلانه فإن ما ينعاه يكون على غير أساس.
وحيث إن حاصل النعي بالسببين الثاني والثالث على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون من وجهين: (الأول) يبين من مطالعة أقوال شاهدي الإثبات أنها سماعية نقلاً عن المطعون عليها التي أخبرتهما بأن الطاعن سرق مصوغاتها وأنه حاول الاعتداء عليها والدخول بها عنوة. هذا إلى أن من شروط صحة الشهادة عدم تكذيب الحس لها، والثابت من المحضر رقم..... أن المطعون عليها أبلغت بسرقة مسوغاتها بتاريخ 17/ 3/ 1974، الأمر الذى يتنافر وحصول السرقة في تاريخ 25/ 3/ 1974 الذى حدده الشاهدان لوقوع اعتداء الطاعن على المطعون عليها وسلبها حليها فيه. بالإضافة إلى أن ثبوت استرداد المطعون عليها أوراقها من المدرسة الملحقة بها في 28/ 3/ 1974 تمهيداً للسفر مع الطاعن إلى إستراليا - وهو تاريخ لاحق لواقعة الاعتداء المزعومة يشير إلى أن الود ظل موصولاً بين الزوجين، ومن شأن ذلك أن يفقد مقومات الشهادة التى اعتمد الحكم عليها في قضائه (الثاني) أن الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه اعتد بأقوال شاهدي المطعون عليها مع أنهما لم يذكرا اسم الطاعن أو المطعون عليها منسوبين إلى أبيهما وجدهما رغم أنهما لم يكونا حاضرين جلسة التحقيق عند أداء الشهادة، وإذ لا تؤدى الشهادة على هذا النحو في الفقه الحنفي إلى التعريف بالمشهود كدليل يستند إليه فإن اعتداد الحكم بها يعيبه بمخلفة القانون.
وحيث إن النعي مردود في وجهه الأول بأن البين مما أورده الحكم المطعون فيه والحكم الابتدائي المؤيد به أنه أقام قضاءه في خصوص ثبوت مضارة الطاعن لزوجته المطعون عليها - على ما أجمعت عليه كلمة شاهديها من أنهما رأياه رأى العين وهو يعتدى عليها بالضرب وسمعاه يسبها، وهى أقوال تكشف للقاضي عن أن شهادتهما لم تكن نقلاً عن المطعون عليها أو غيرها، الأمر الذى ينتفى معه الادعاء بأنها سماعية. ولما كانت الشهادة كطريق من طرق الثبوت في فقه الحنفية تعد تعبيراً عن الواقع وتأكيداً لثبوته، دون أن تقلب الحق باطلاً أو تحيل الباطل حقاً، فإن شرطها أن تكون مطابقة للوقائع المادية، فلا تكذبها الأمور المحسوسة، أو تخرج عن تلك الحقائق الثابتة فإن كذبها الحس فلا تقبل ولا يجوز أن يبنى عليها اقتضاء، اعتباراً بأن الحس يفيد علماً قطعياً والشهادة تفيد خبراً ظنياً، والظن لا يعارض القطعي. لما كان ذلك وكان ما ساقه الطاعن بسبب النعي ليس من شأنه القول بأن البينة التي اعتمدها الحكم المطعون فيه أقيمت على خلاف المحسوس، لان تبليغ المطعون عليها بفقد سوارها الذهبي يوم 17/ 3/ 1974 لا يتعارض مع وجود حلى أخرى معها في يوم الاعتداء، كما أن الشهادة الصادرة من المدرسة وقد جاءت مجهلة تاريخ السحب بما لا يفيد وقوعه في تاريخ تال للاعتداء، وهو ما يجعل النعي في هذا الخصوص على غير أساس. والنعي غير سديد في وجهه الثاني بأنه وإن كان المقرر في قضاء هذه المحكمة أن شروط صحة أداء الشهادة في المذهب الحنفي، أن يكون الشاهد عالماً بالمشهود به وذاكراً له وقت الأداء فلو نسى المشهود به لم يجز أن يشهد وأن يكون المشهود به معلوماً حتى يتيسر القضاء به، ولا يكون كذلك إلا إذا وضح الشاهد للقاضي صاحب الحق ومن عليه الحق ونفس الحق المشهود به، وإلا أن الغرض المستهدف هو التعريف لا كثرة الحروف فحيث تحقق التعريف وثبت لدى القاضي علم الشاهد بالمدعى والمدعى عليه اللذين تتصل بهما وقائع الشهادة موضوع التحقيق اكتفى به وصح الاعتداد بالشهادة ولما كان البين من الاطلاع على محضر التحقيق الذى أجرته محكمة أول درجة أن الطاعن قد تخلف في جلسة التحقيق عن الحضور بينما مثلت المطعون عليها وأشهدت شاهديها في غيبته، وكانت أقوالهما بينة الدلالة على أنها تنصب على الخلاف بين الطاعن والمطعون عليها بالذات وإن لم يصرحا بذكر اسمهما أو نسبهما فإن هذا كاف في التعريف بهما وتعيينها تعيينا نافيا لأى جهالة بحيث ينتفي أي احتمال، وإذ ساير الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد التزم المنهج الشرعي السليم ويكون النعي في غير محله.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.

الطعن 28 لسنة 48 ق جلسة 13 / 2 / 1980 مكتب فني 31 ج 1 أحوال شخصية ق 98 ص 500

جلسة 13 من فبراير سنة 1980

برئاسة السيد المستشار أحمد سيف الدين سابق نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: محمد محمود الباجوري، إبراهيم محمد هاشم، محمد طه سنجر وإبراهيم محمد فراج.

---------------

(98)
الطعن رقم 28 لسنة 48 ق "أحوال شخصية"

(1، (2 أحوال شخصية "الطلاق".
 (1)طلاق الغضبان في الفقه الحنفي. عدم وقوعه إذا أفقده الغضب الإرادة والإدراك الصحيحين. تقدير ذلك من سلطة محكمة الموضوع متى كان استخلاصها سائغاً. عدم وجود معيار للمدة التي يستغرقها الغضب.
 (2)بطلان طلاق الغضبان. وجوب أن تصاحب حالة الغضب المؤثرة إيقاع الطلاق. لا يكفي أن يكون مبعثه الغضب.
 (3)إثبات "البينة". أحوال شخصية.
تدارك الشاهد ما وقع في شهادته من خطأ. شرطه. أن يتم ذلك قبل مبارحته مجلس القاضي.

--------------
1 - المقرر في فقه الحنفية الواجب به وفقاً لنص المادة 280 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية أن طلاق الغضبان لا يقع إذا بلغ به الغضب مبلغاً لا يدري منه ما يقول أو يفعل أو وصل به إلى حالة من الهذيان يغلب عليه فيها الاضطراب في أقواله أو أفعاله وذلك لافتقاده الإرادة والإدراك الصحيحين، ولما كان تقدير توافر الأدلة على قيام حالة الغضب هذه هو مما يدخل فيما لمحكمة الموضوع من سلطة تقدير الدليل في الدعوى فلا تخضع بصدده لرقابة محكمة النقض طالما كان استخلاصها سائغاً، وكان لا يوجد معيار طبي أو غير طبي للمدة التي يستغرقها الغضب تبعاً لتفاوت مداه ومدى التأثر به بالنسبة لكل حالة.
2 - لا يكفي لبطلان طلاق الغضبان أن يكون مبعثه الغضب بل يشترط أن تصاحب حالة الغضب المؤثرة إيقاع الطلاق حتى تنتج أثرها على إرادة المطلق.
3 - يشترط فقهاء الحنفية لقبول تدارك الشاهد ما وقع في شهادته من خطأ أن يتم ذلك قبل أن يبرح مجلس القاضي فإن هو غادره ثم عاد إليه وقال "أوهمت بعض شهادتي" أي أخطأ بنسيان ما كان يحق عليه ذكره أو بزيادة باطلة لا تقبل شهادته لتمكن تهمة استفوائه من المدعي أو المدعى عليه، ومن ثم فلا على محكمة الموضوع إذا لم تستجب إلى طلب الطاعن إعادة سماع شاهديه استيفاء لأوجه النقض فيها.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 109 لسنة 1977 كلي أحوال شخصية الإسكندرية بطلب الحكم ببطلان طلاقه للمطعون عليها الحاصل في 5/ 2/ 1977 - واعتبار الزوجية بينه وبين المطعون ضدها قائمة، وقال شرحاً لدعواه أنه طلق زوجته المذكورة في التاريخ المشار إليه طلاقاً مكملاً للثلاث أمام مأذون ناحية المنشية بالإسكندرية وإذ كان وقت إيقاعه هذا الطلاق في ثورة غضب جامح طغت على إرادته فسلبتها وصار لا يدري ما يقول أو يفعل فإنه يقع باطلاً تبعاً لما هو مقرر شرعاً من أن طلاق المدهوش والغضبان لا يقع. وبتاريخ 24/ 2/ 1977 أحالت المحكمة الدعوى إلى التحقيق ليثبت الطاعن أن الغضب كان قد وصل به وقت الطلاق على حالة من الهذيان وغلب عليه الاضطراب في أقواله وأفعاله، وبعد سماع شاهديه حكمت في 29/ 11/ 1977 برفض الدعوى. استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 36 لسنة 1977 الإسكندرية وبتاريخ 4/ 4/ 1978 حكمت محكمة الاستئناف بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وبعرضه على المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على خمسة أسباب ينعى الطاعن بالسببين الثاني والرابع منها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقول أن الحكم استند في نفي قيام حالة الغضب إلى أن الشاهد الثاني لم يسمع منه يمين الطلاق الذي تم بعد توجهه بسيارة أجرة من محل إقامته بالإبراهيمية إلى المنشية ثم انقضاء ساعة حتى تحرر إشهاد الطلاق، بينما الثابت من أقوال شاهديه ومن الشهادات المقدمة منه أنه كان عند الطلاق في حالة من الغضب الشديد وصلت به إلى الهذيان بحيث لم يكن يدري ما يقول أو يفعل حتى أنه اعتدى على الشاهد الثاني ولا شك أن من تنتابه هذه الحالة تستحيل عودته إلى حالة الهدوء وفق العرف الجاري إلا بعد انقضاء يوم أو يومين فلا يقع طلاقه لانعدام إرادته.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه لما كان المقرر في فقه الحنفية الواجب العمل به وفقاً لنص المادة 280 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية أن طلاق الغضبان لا يقع إذا بلغ به الغضب مبلغاً لا يدري معه ما يقول أو يفعل أو وصل به إلى حالة من الهذيان يغلب عليه فيها الاضطراب في أقواله وأفعاله وذلك لافتقاده الإرادة والإدراك الصحيحين، وكان تقدير توافر الأدلة على قيام حالة الغضب هذه هو مما يدخل فيما لمحكمة الموضوع من سلطة تقدير الدليل في الدعوى فلا تخضع بصدده لرقابة محكمة النقض طالما كان استخلاصها سائغاً، وكان لا يوجد معيار طبي أو غير طبي للمدة التي يستغرقها الغضب تبعاً لتفاوت مداه ومدى التأثر به بالنسبة لكل حالة، فإن الحكم المطعون فيه إذ لم يعتد بشهادة الشاهد الثاني لعدم سماعه يمين الطلاق. وانصرف شهادته إلى وقت سابق على تحرير إشهاد الطلاق بحوالي الساعة ولم يأخذ المستندات المقدمة من الطاعن إثباتاً لإصابته بمرض عصبي لعدم إمكان الاستدلال بها على إيقاعه الطلاق وهو في حالة الغضب المعتبرة شرعاً، وهو منه تقدير سائغ لأنه لا يكفي لبطلان طلاق الغضبان أن يكون مبعثه الغضب بل يشترط أن تصاحب حالة الغضب المؤثرة إيقاع الطلاق حتى نتج أثرها على إرادة المطلق ومن لا يتوافر نصاب الشهادة على قيام حالة الغضب المبطلة للطلاق ويكون النعي على غير أساس.
وحيث إن حاصل النعي بباقي أسباب الطعن أن الحكمين الابتدائي والاستئناف شابهما البطلان لإخلالهما بحق الدفاع إذ رفضت محكمة أول درجة فتح باب المرافعة في الدعوى لإعادة سماع أقوال شاهديه ولم تستجب محكمة الاستئناف لطلبه إحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات معالجته من حالات نفسية وهياج متكرر لما تضمنته المستندات المقدمة منه ولمناقشة مطلقته فيما ألم به من غضب شديد والحالة التي كان عليها وقت مغادرته منزل الزوجية كما أنها لم تستجب إلى طلبه التصريح له بتقديم مذكرة شارحة لأوجه الاستئناف.
وحيث إن هذا النعي مردود في شقه الأول بأن فقهاء الحنفية يشترطون لقبول تدارك الشاهد ما وقع في شهادته من خطأ أن يتم ذلك قبل أن يبرح مجلس القاضي فإن هو غادره ثم عاد إليه وقال "أوهمت بعض شهادتي" أي أخطأ بنسيان ما كان يحق عليه ذكره أو بزيادة باطلة لا تقبل شهادته لتمكن تهمة استفوائه من المدعي أو المدعى عليه، ومن ثم فلا على المحكمة الموضوع إذا لم تستجب إلى طلب الطاعن إعادة سماع أقوال شاهدته استيفاء لأوجه النقص فيها، والنعي غير مقبول في شقه الثاني ذلك أن الأوراق وقد خلت مما يدل على رفض المحكمة الاستئنافية تمكين الطاعن من تقديم مذكرة شارحة لأوجه الاستئناف أو أنه تقدم إليها قبل قفل باب المرافعة أمامها بطلب إحالة الدعوى إلى التحقيق فإن النعي في هذا الشق عارياً عن الدليل.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.

الطعن 15 لسنة 47 ق جلسة 2 / 4 / 1980 مكتب فني 31 ج 1 أحوال شخصية ق 197 ص 1009

جلسة 2 من إبريل سنة 1980

برئاسة السيد المستشار/ أحمد سيف الدين سابق نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمد محمود الباجوري، إبراهيم محمد هاشم، محمد طه سنجر وإبراهيم محمد فراج.

---------------

(197)
الطعن رقم 15 لسنة 47 ق "أحوال شخصية"

(1، 2 ) إثبات "البينة". أحوال شخصية. "التطليق للضرر".
 (1)دعوى التطليق للضرر. وجوب الرجوع في إثباتها إلى أرجح الأقوال في المذهب الحنفي. إثبات الضرر بشهادة رجلين أو رجل وامرأتين.
 (2)طلب الزوجة التطليق للضرر. تحقق الضرر بالإيذاء المتعمد بالقول أو الفعل أو هجر الزوج زوجته.

--------------
1 - المقرر في قضاء محكمة النقض أن المادة السادسة من المرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1929 بشأن بعض أحكام الأحوال الشخصية وأن استمدت أحكامها فيما يتعلق بدعوى التطليق للضرر من مذهب الإمام مالك إلا أنها إذ لم تتضمن قواعد خاصة بطرق إثبات عناصرها فيتعين الرجوع في شأنها إلى أرجح الأقوال من مذهب أبى حنيفة عملاً بنص المادة 280 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية التي أحالت إليها المادة السادسة من القانون رقم 462 لسنة 1955 بإلغاء المحاكم الشرعية والمجالس الملية ومن ثم يتعين لثبوت الضرر الموجب للتطليق قيام البينة عليه من رجلين أو رجل وامرأتين.
2 - المعول عليه في مذهب المالكية المتخذ مصدراً تشريعياً لنص المادة السادسة من المرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1929 بشأن بعض أحكام الأحوال الشخصية، أنه يجوز للزوجة أن تطلب التفريق إذا ضارها الزوج بأي نوع من أنواع الإيذاء المتعمد سواء كان إيجابياً كالتعدي بالقول أو بالفعل أو سلبياً كهجر الزوج لزوجته ومنعها مما تدعو إليه الحاجة الجنسية، ومن ثم فإن ثبوت واقعة هجر الطاعن لزوجته المطعون ضدها في الفراش تكفي وحدها للحكم بالتفريق.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر، والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وباقي أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضدها أقامت الدعوى رقم 502 لسنة 1975 أحوال شخصية كلي جنوب القاهرة ضد زوجها الطاعن، بطلب الحكم بتطليقها عليه طلقة بائنة وأمره بعدم التعرض لها في أمور الزوجية، وقالت شرحاً لها إنهما تزوجا في 28/ 6/ 1962 ولا تزال على عصمته وفي طاعته، إلا أنه أساء إليها بسبب مرضه العسير الذي أخرجه عن حد الاعتدال، فأخذ يسبها ويضربها دون سبب وتكرر منه هذا التعدي وأدى به الحال إلى عدم قدرته على إثباتها فأمعن في إيذائها وأصبح استمرار الحياة بينهما أمراً مستحيلاً، وبعد إحالة الدعوى إلى التحقيق لتثبت المطعون ضدها إساءة الطاعن وإضراره بها وسماع شهود الطرفين حكمت المحكمة في 26/ 2/ 1976 بتطليق المطعون ضدها على الطاعن طلقة بائنة، استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 17 لسنة 93 ق أحوال شخصية القاهرة، وبتاريخ 17/ 1/ 1977 حكمت محكمة الاستئناف بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وبعرضه على المحكمة في غرفة مشورة حددت لنظره جلسة التزمت النيابة فيها رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سبب واحد، ينعى به الطاعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون من وجهين (أولهما) أن الحكم أقام قضاءه على سند من أن المذهب المالكي هو المصدر التشريعي لدعوى الطلاق للضرر فلا مجال لإخضاع الشهادة فيها للمذهب الحنفي، في حين أن المقرر أن هذه الشهادة يحكمها راجح القول من مذهب أبى حنيفة. (وثانيهما) أن الحكم أقيم على سند من واقعة التعدي بالضرب التي شهد بها الشاهد الأول من شاهدي المطعون ضدها، في حين أنها أقرت في دعواها باستمرارها في معاشرته لمدة عشر سنوات تالية لهذه الواقعة مما ينتفي به شرط استحالة العشرة الواجب توافره طبقاً للمادة السادسة من القانون رقم 25 لسنة 1929 فضلاً عن أن شهادته سماعية فلا تقبل شرعاً، ثم إن الشاهد الثاني لم يشهد بذات الواقعة فلا يتوافر في الشهادة المقدمة النصاب الشرعي.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه لما كان المقرر في قضاء هذه المحكمة أن المادة السادسة من المرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1929 بشأن بعض أحكام الأحوال الشخصية وإن استمدت أحكامها فيما يتعلق بدعوى التطليق للضرر من مذهب الإمام مالك، إلا أنها إذ لم تتضمن قواعد خاصة بطرق إثبات عناصرها فيتعين الرجوع في شأنها إلى أرجح الأقوال من مذهب أبى حنيفة عملاً بنص المادة 280 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية التي أحالت إليها المادة السادسة من القانون رقم 462 لسنة 1955 بإلغاء المحاكم الشرعية والمجالس الملية ومن ثم يتعين لثبوت الضرر الموجب للتطليق قيام البينة عليه من رجلين أو رجل وامرأتين، لما كان ذلك، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه لم يؤسس قضاءه بالتطليق على مجرد ثبوت تعدي الطاعن على زوجته المطعون ضدها بالضرب، بل استند أيضاً إلى ثبوت هجره إياها في المضجع وهو ما قامت عليه البينة من رجلين وسلمت في خصوصه من أية مطاعن، وكان المعول عليه في مذهب المالكية المتخذ مصدراً تشريعياً لنص المادة السادسة من المرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1929 سالف الإشارة، أنه يجوز للزوجة أن تطلب التفريق إذا ضارها الزوج بأي نوع من أنواع الإيذاء المتعمد سواء كان إيجابياً كالتعدي بالقول أو الفعل أو سلبياً كهجر الزوج لزوجته ومنعها مما تدعو إليه الحاجة الجنسية، فإن ثبوت واقعة هجر الطاعن لزوجته المطعون ضدها في الفراش تكفي وحدها للحكم بالتفريق، وإذ توافرت للبينة المقدمة عليها شروط قبولها شرعاً، فإن الحكم المطعون فيه يكون صحيحاً فيما قضى به من تفريق بين الزوجين لهذا السبب، ويكون النعي عليه فيما جاوز ذلك وما أورده من تقريرات قانونية خاطئة بشأن القواعد الواجب الرجوع إليها في شأن إثبات الضرر الموجب للتطليق، غير منتج.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.

الطعن 45 لسنة 48 ق جلسة 23 / 12 / 1980 مكتب فني 31 ج 2 أحوال شخصية ق 393 ص 2115

جلسة 23 من ديسمبر سنة 1980

برئاسة السيد المستشار/ محمد محمود الباجوري نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمد عبد العزيز الجندي، وجلال أنسي، محمد أحمد حمدي، وأحمد كمال سالم.

--------------

(393)
الطعن رقم 45 لسنة 48 القضائية "أحوال شخصية"

 (1)أحوال شخصية. موطن.
الموطن في الشريعة الإسلامية. المقصود به. الموطن يحتمل التعدد، ولا ينتقض بموطن السكن.
 (2)موطن. محكمة الموضوع.
تقدير قيام عنصر الاستقرار ونية الاستيطان. واقع تستقل به محكمة الموضوع.
 (3)إثبات "البينة". أحوال شخصية "الإثبات".
شهادة القرابات بعضهم لبعض. مقبولة. الاستثناء. شهادة الأصل لفرعه، والفرع لأصله.
(4، (5 أحوال شخصية "دعوى الأحوال الشخصية" "الطلاق". صلح. وكالة. دعوى "التحكيم في الدعوى".
 (4)التحكيم في النزاع بين الزوجين. شرطه. تكرار طلب الزوجة التفريق مع عجزها عن إثبات الضرر. م 6 مرسوم بقانون 25 لسنة 1929.
 (5)ثبوت عجز القاضي عن الإصلاح بين الزوجين. كفاية حضور الوكيلين المفوضين ورفض أحدهما الصلح. لا يلزم مثول الزوجين بشخصيهما.

--------------
1 - الموطن الأصلي طبقاً للرأي السائد في فقه الشريعة الإسلامية هو وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض (1) موطن الشخص في بلدته أو في بلدة أخرى اتخذها داراً توطن فيها مع أهله وولده وليس في قصده الارتحال عنها، وأن هذا الموطن يحتمل التعدد ولا ينتقض بموطن السكن. وهو ما استلهمه المشرع حين نص في المادة 20 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية على أن "محل الإقامة هو البلد الذي يقطنه الشخص على وجه يعتبر مقيماً فيه عادة.
2 - جرى قضاء محكمة النقض (2) على أن تقدير قيام عنصر الاستقرار ونية الاستيطان من مسائل الواقع التي يستقل بتقديرها قاضي الموضوع.
3 - إذ كان من الأصول المقررة شرعاً وجوب انتفاء التهمة عن الشاهد، فلا تقبل شهادة الأصل لفرعه الفرع لأصله من جهة الأبوة أو الأمومة سواء علا الأصل أو سفل، أما فيما عدا ذلك من شهادة سائر القرابات بعضهم لبعض وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض (3) فهي مقبولة.
4 - مفاد نص المادة 6 من المرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1929 ببعض أحكام الأحوال الشخصية يدل على أن التجاء القاضي إلى التحكيم في النزاع بين الزوجين لا يلزمه إلا إذا تكرر من الزوجة طلب التفريق لأضرار الزوج بها بعد رفض طلبها الأول مع عجزها عن إثبات ما تتضرر منه، وإذ خلص الحكم المطعون فيه إلى ثبوت وقائع الأضرار المدعاة، فإن موجب أعمال قاعدة التحكيم يكون منتفياً.
5 - إذ كان من المقرر في قضاء محكمة النقض (4) أنه لا يشترط لإثبات عجز القاضي عن الإصلاح بين الزوجين وفقاً لنص المادة 6 من المرسوم بقانون 25 لسنة 1929 مثولهما بشخصيهما أمامه، وإنما يكفي فيه حضور الوكيلين المفوضين بالصلح عنهما ورفض أحدهما الصلح، وكان البين من الصورة الرسمية لمحضر جلسة 7/ 5/ 1977 أمام محكمة أول درجة أن وكيل المطعون عليها حضر بالجلسة ورفض الصلح، فإن ما جاء بالحكم من عجز المحكمة عن الإصلاح بين الزوجين لا تكون فيه مخالفة للثابت بالأوراق، ويكون النعي بهذا السبب في غير محله.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر، والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون عليها أقامت الدعوى رقم 39 لسنة 1976 أحوال شخصية نفس أمام محكمة الزقازيق الابتدائية ضد الطاعن بطلب الحكم بتطليقها منه طلقة أولى بائنة للضرر وقالت بياناً لدعواها أنها تزوجت بالطاعن بصحيح العقد في 7/ 9/ 1967 ودخل بها وعاشرها معاشرة الأزواج إلا أنه أسماء عشرتها بأن اعتدى عليها بالضرب والسب مما أصابها بضرر بالغ وبما لا يستطاع معه دوام العشرة بين أمثالهما. وفي 17/ 4/ 1976 قضت المحكمة غيابياً بإحالة الدعوى إلى التحقيق لتثبت المطعون عليها أنها زوجة للطاعن بصحيح العقد الشرعي ودخل بها وعاشرها معاشرة الأزواج ولا زالت في عصمته وطاعته، وقد أضر بها بما لا يستطاع معه دوام العشرة بين أمثالها بأن اعتدى عليها بالسب والضرب، وبجلسة 22/ 5/ 1976 دفع الحاضر عن الطاعن بعدم اختصاص المحكمة محلياً بنظر الدعوى تأسيساً على أنه والمطعون عليها يقيمان بدولة قطر ليس لأحدهما محل إقامة بدائرة المحكمة، كما دفع باعتبار الدعوى كأن لم تكن لعدم إعلانه بصحيفتها في الميعاد إعلاناً صحيحاً. وبعد أن سمعت المحكمة شاهدي المطعون عليها وأمهلت الطاعن لإحضار شهوده فلم يفعل، حكمت في 31/ 12/ 1977 برفض الدفعين المبديين من الطاعن وبتطليق المطعون عليها منه طلقة بائنة. استأنف الطاعن الحكم بالاستئناف رقم 3 لسنة 21 ق نفس المنصورة (مأمورية الزقازيق). وفي 13/ 5/ 1978 قضت محكمة الاستئناف بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن. وعرض الطعن على المحكمة غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعى الطاعن بالسبب الأول فيها على الحكم المطعون الخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال. وفي بيان ذلك يقول أن الاختصاص المحلي بنظر دعوى الفرقة بين الزوجين معقود طبقاً لنص المادتين 22، 24 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية للمحكمة التي بدائرتها محل إقامة المدعي أو المدعى عليه، فإن يكن فللمحكمة التي في دائرتها محل وجود المدعى عليه وقت الإعلان وإلا فمحل وجود المدعي في هذا الوقت. وقد تمسك الطاعن أمام محكمة الموضوع بأنه والمطعون عليها مقيمان بدولة قطر وليس لأحدهما محل إقامة بدائرة المحكمة أو محل وجود بمصر وقت الإعلان مما مؤداه انعقاد الاختصاص بنظر الدعوى لمحكمة القاهرة طبقاً لنص المادة 61 من قانون المرافعات وهو ما استند إليه الطاعن في الدفع بعد اختصاص المحكمة محلياً بنظر الدعوى إلا أن الحكم الابتدائي - المؤيد بالحكم المطعون فيه لأسبابه - قضى برفض الدفع تأسيساً على أن للطاعن محل إقامة في شارع الخياط بمدينة أبو كبير محافظة الشرقية واستدل على ذلك بإعلان الطاعن بصحيفة الدعوى في هذا المحل ثم إعلانه فيه مرة أخرى بالحكم الصادر بإحالة الدعوى إلى التحقيق وبما هو ثابت بعقد زواجه بالمطعون عليها من أن له محل إقامة بهذه المدينة في حين أن الثابت بالإعلانين أن الطاعن لم يخاطب مع شخصيه فلا يسوغ اعتبارهما دليلاً على الإقامة كما لا يصلح عقد الزواج دليلاً عليها إذ فضلاً على أنه يعد أصلاً لإثبات محل إقامة الزوجين فإن تاريخه سابق على إقامة الدعوى بعشر سنوات ومن ثم فإن الحكم إذ قضى برفض الدفع على هذا الأساس يكون معيباً بالفساد في الاستدلال فضلاً عما أدى إليه من الخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن النعي بهذا السبب مردود ذلك أن الموطن الأصلي طبقاً للرأي السائد في فقه الشريعة الإسلامية هو - وعلى ما جرى به قضاء المحكمة موطن الشخص في بلدته. أو في بلدة أخرى اتخذها داراً توطن فيها مع أهله وولده وليس في قصده والارتحال عنها وأن هذا الموطن يحتمل التعدد ولا ينتقص بموطن السكن. وهو ما استلهمه المشرع حين نص في المادة 20 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية على أن "محل الإقامة هو البلد الذي يقطنه الشخص على وجه يعتبر مقيماً فيه عادة فلم يفرق بين الموطن وبين محل الإقامة العادي وجعل المعول عليه في تعيينه الإقامة فيه بصفة مستقرة ولو لم تكن مستمرة تتخللها فترات غيبة متفاوتة أو متباعدة، ولما كان تقدير قيام عنصر الاستقرار ونية الاستيطان - وعلى ما جرى به قضاء المحكمة - من مسائل الواقع التي يستقل بتقديرها قاضي الموضع متى كان استخلاصه لها سائغاً. وكان البين من مدونات الحكم الابتدائي - المؤيد بالحكم المطعون فيه لأسبابه - أنه أورد في هذا الخصوص قوله. "وحيث إن الدفع المبدى من المدعى عليه بعدم الاختصاص المحلي... فمردود بأن الثابت من مستندات الدعوى أن كلا الطرفين يقيم بأبو كبير شرقية ذلك أن وثيقة زواج المدعى عليه بالمدعية ثابت منها إنه يقيم بأبو كبير كما أن صحيفة إعلانه بالدعوى ثابت منها أن السيد المحضر خاطب والدة المدعى عليه المقيمة معه إلا أنها رفضت الاستلام، كما أن الثابت من إعلانه بحكم الإثبات إنه أعلن في محل إقامته بكفر أبو كبير مخاطباً مع زوجته......، مما يؤكد صدق الشاهد الثاني من شهود المدعية من أنه تزوج بزوجة ثانية، ومن أن - المدعى عليه له محل إقامة أصيل بدائرة بندر أبو كبير، هذا بالإضافة إلى أن محل لإقامة المدعية الأصلي هو بندر أبو كبير، ومن ثم وعملاً بالمادة 24 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية ينعقد الاختصاص المحلي بنظر الدعوى لهذه المحكمة" وهو استخلاص سائغ بقرائن متساندة مما له أصل ثابت بالأوراق تؤدي إلى ما انتهى إليه الحكم من وجود موطن للطاعن بدائرة المحكمة. ولا يجوز مناقشة كل قرينة فيها على حده لبيان عدم كفايتها في الإثبات، ولا يجدي الطاعن في هذا الصدد الاحتجاج بوجود موطن له في دولة قطر لأن الموطن يحتمل التعدد كما سلف البيان. وإذ كان ذلك وكان الحكم قد رتب على ما تقدم قضاءه برفض الدفع بعدم الاختصاص المحلي وباختصاص المحكمة بنظر الدعوى، فإنه يكون قد طبق القانون في هذا الخصوص تطبيقاً صحيحاً ولم يعبه فساد في الاستدلال، ويكون النعي عليه بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن حاصل النعي بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع، ويقول الطاعن في بيان ذلك أن الحكم أقام قضاءه على ما شهد به شاهدا المطعون عليها في حين أن قرابتها بهما تفقدهما الصلاحية للشهادة بما أدعت من ضرر فضلاًَ عن أن شهادتها بالتسامع مما لا يقبل شرعاً في دعوى التطليق للضرر، هذا إلى أن الحكم لم يرد على تجريح الطاعن لهما ولم تستجب المحكمة إلى طلبه إعلان شهوده.
وحيث إن النعي بهذا السبب مردود من جميع الوجوه، ذلك أنه وإن كان من الأصول المقررة شرعاً وجوب انتفاء التهمة عن الشاهد، فلا تقبل شهادة الأصل لفرعه والفرع لأصله من جهة الأبوة أو الأمومة سواء علا الأصل أو سفل، أما فيما عدا ذلك من شهادة سائر القرابات بعضهم لبعض - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - فهي مقبولة، ولما كان البين من الصورة الرسمية لمحاضر جلسات التحقيق الذي أجرته محكمة أول درجة أن الشاهد الأول للمطعون عليها زوج بنت عمتها والشاهد الثاني ابن عمتها وجاءت شهادتهما مباشرة في خصوص ما أوقعه للطاعن بالمطعون عليها من شرر ولم تك من قبيل الشهادة بالتسامع فإنه لا تثريب على المحكمة في الاعتداد بشهادتهما بما لها من سلطة تقدير أقوال الشهود والترجيح بين البينات إذ كان ذلك وكان الثابت من محاضر جلسات التحقيق المشار إليها أن المحكمة أجابت الطاعن إلى طلب التأجيل لإحضاره شهوده أكثر من مرة ولم يفعل، فإنه لا على محكمة الاستئناف إذا هي لم تستجب إلى طلبه إحالة الدعوى إلى التحقيق من جديد ويكون النعي بهذا السبب قائماً على غير أساس.
وحيث إن حاصل النعي بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه بطلان إجراءاته ومخالفة الثابت بالأوراق ويقول الطاعن في بيان ذلك أنه سبق الحكم برفض دعوى من المطعون عليها بتطليقها منه للضرر فكان يتعين على المحكمة مع عدم كفاية الأدلة في الدعوى الماثلة لإثبات الضرر ألا تحكم بالتطليق قبل أن تبعث حكماً من أهله وحكماً من أهلها طبقاً لنصوص المواد من 6 إلى 11 من القانون رقم 25 لسنة 1929 وإذ لم تتبع المحكمة ذلك فإن الحكم يكون معيباً ببطلان إجراءاته - هذا إلى أن ما أورده الحكم من عجز المحكمة عن الإصلاح بين الزوجين يخالف الثابت بمحضر جلسة 7/ 5/ 1977 من أن المحكمة وقفت عند حد عرض الصلح عن وكيلي الطرفين فأباه وكيل الزوجة ولم يبد الحاضر عن وكيل الزوج رأياً فيه وطلب أجلاً لحضور المحامي الأصلي، وهو ما لا يتمثل فيه عجز المحكمة عن إتمام الصلح.
وحيث أن هذا النعي غير سديد، ذلك إنه لما كان النص في المادة 6 من المرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1929 ببعض أحكام الأحوال الشخصية على أنه "إذا ادعت الزوجة إضرار الزوج بها بما لا يستطاع معه دوام العشرة بين أمثالها يجوز لها أن تطلب من القاضي التفريق وحينئذ يطلقها القاضي طلقة بائنة إذا ثبت الضرر وعجز عن الإصلاح بينهما فإذا رفض الطلب ثم تكررت الشكوى ولم يثبت الضرر بعث القاضي حكمين على الوجه المبين بالمواد 7، 8، 9، 10، 11 "يدل على أن التجاء القاضي إلى التحكيم في النزاع بين الزوجين لا يلزمه إلا إذا تكرر من الزوجة طلب التفريق لأضرار الزوج بها بعد رفض طلبها الأول مع عجزها عن إثبات ما تتضرر منه، وإذ خلص الحكم المطعون فيه إلى ثبوت وقائع الأضرار المدعاة، فإن موجب أعمال قاعدة التحكيم يكون منتفياً. إذ كان ذلك وكان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه لا يشترط لإثبات عجز القاضي عن الإصلاح بين الزوجين وفقاً لنص المادة 6 سالفة البيان مثولهما بشخصيهما أمامه، وإنما يكفي فيه حضور الوكيلين المفوضين بالصلح عنهما ورفض أحدهما الصلح، وكان البين من الصورة الرسمية لمحضر جلسة 7/ 5/ 1977 أمام محكمة أول درجة أن وكيل المطعون عليها حضر الجلسة ورفض الصلح، فإن ما جاء بالحكم من عجز المحكمة عن الإصلاح بين الزوجين لا تكون فيه مخالفة للثابت بالأوراق، ويكون النعي بهذا السبب في غير محله.
ولما تقدم يكون الطعن برمته على غير أساس ويتعين رفضه.


 (1) نقض 25/ 11/ 1970 مجموعة المكتب الفني السنة 21 ص 1161.
 (2) نقض 1/ 6/ 1977 مجموعة المكتب الفني السنة 28 ص 1354.
 (3) نقض 3/ 12/ 1975 مجموعة المكتب الفني - السنة 26 ص 1544.
 (4) نقض 12/ 2/ 1975 مجموعة المكتب الفني - السنة 26 ص 378.