الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

السبت، 1 أكتوبر 2022

الطعن 12673 لسنة 76 ق جلسة 4 / 12 / 2016 مكتب فني 67 ق 132 ص 831

جلسة 4 من ديسمبر سنة 2016
برئاسة السيد القاضي/ منصور العشري نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة/ مصطفى عبد العليم، محمد منيعم، بهاء صالح وحسام الدين عبد الرشيد نواب رئيس المحكمة.
---------------
(132)
الطعن رقم 12673 لسنة 76 القضائية

(1 ، 2) تأمينات اجتماعية "أنواع المعاش: معاش الأجر المتغير: احتساب معاش الأجر المتغير". قانون "القانون الواجب التطبيق: سريان القانون: سريان القانون من حيث الزمان".
(1) أحكام القوانين. سريانها على ما يقع من تاريخ العمل بها. عدم انعطاف آثارها على ما يقع قبلها ما لم ينص على خلاف ذلك. عدم جواز انسحاب تطبيق القانون الجديد على ما انعقد من تصرفات أو تحقق من أوضاع قبل العمل به.

(2) زيادة المتوسط الذي يحسب على أساسه معاش الأجر المتغير بواقع 2 % عن كل سنة كاملة من سنوات الاشتراك الفعلية عن هذا الأجر. م 19/ 3 ق 79 لسنة 1975 المعدلة بق 107 لسنة 1987. سريانه اعتبارا من 1/ 7/ 1987. علة ذلك. خروج المطعون ضده على المعاش المبكر في تاريخ سابق له. مؤداه. عدم استفادته من أحكام تلك الزيادة. التزام الحكم المطعون فيه ذلك. صحيح.

(3 ، 4) تأمينات اجتماعية "التعويض الإضافي: التعويض عن التأخر في صرف مستحقات المؤمن عليه". نقض "أسباب الطعن بالنقض: السبب المفتقر للدليل".
(3) حق المؤمن عليه أو المستحقين في التعويض الإضافي بواقع 1 % شهريا عن تأخير الهيئة في صرف مستحقاتهم. م 141 ق 79 لسنة 1975. قاصر على تأخر الهيئة في تقدير المعاش أو التعويضات وصرفها لهم عند خروجهم نهائيا عن نطاق تطبيق قانون التأمين الاجتماعي لا بما يستجد من منازعات تالية بينهم وبين الهيئة بعد ربط المعاش. التزام الحكم المطعون فيه هذا النظر. صحيح. علة ذلك.

(4) عدم تقديم الطاعن ما يفيد صحة نعيه. لازمه. عدم قبوله.

(5) دستور "عدم الدستورية: أثر الحكم بعدم الدستورية".
الحكم بعدم دستورية نص قانوني غير ضريبي أو لائحة. أثره. عدم جواز تطبيقه من اليوم التالي لتاريخ نشره بالجريدة الرسمية. انسحاب هذا الأثر على الوقائع والمراكز القانونية السابقة على صدوره. م 49 من ق المحكمة الدستورية العليا المعدل بالقرار بق 168 لسنة 1998. تعلق ذلك بالنظام العام. لمحكمة النقض إعماله من تلقاء نفسها.

(6) تأمينات اجتماعية "معاش الأجر المتغير: احتساب معاش الأجر المتغير: عدم دستورية تخفيض معاش الأجر المتغير لمن انتهت خدمته بالاستقالة".
قضاء المحكمة الدستورية بعدم دستورية تخفيض معاش الأجر المتغير لمن تنتهي خدمته بالاستقالة بنسبة 5 % عن كل سنة متبقية من سنوات الخدمة وحتى تاريخ بلوغ المؤمن عليه سن الستين. علة ذلك. انطوائه على تمييز تحكمي بين من انتهت خدمته بالاستقالة وبين من انتهت خدمته ببلوغ السن القانونية أو العجز أو الوفاة. لازمه. سريان هذا الحكم من اليوم التالي لنشره. مخالفة الحكم المطعون فيه ذلك وإعماله النص المقضي بعدم دستوريته. خطأ.

---------------

1 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أنه لما كان من المبادئ الدستورية المقررة أن أحكام القوانين لا تسري إلا على ما يقع من تاريخ نفاذها ولا تنعطف آثارها على ما يقع قبلها ما لم ينص القانون على خلاف ذلك، مما مؤداه عدم جواز انسحاب تطبيق القانون الجديد على ما يكون قد انعقد قبل العمل به من تصرفات أو تحقق من أوضاع إذ يحكم هذه وتلك القانون الذي كان معمولا به وقت وقوعها إعمالا لمبدأ عدم رجعية القوانين.

2 - إذ كان مفاد المادة 19/ 3 من القانون رقم 79 لسنة 1975 المعدل بالقانون رقم 107 لسنة 1987 بشأن تعديل بعض أحكام قانون التأمين الاجتماعي والمادة السابعة عشر من مواد إصدار القانون رقم 107 لسنة 1987 أن زيادة المتوسط الذي يحسب على أساسه معاش الأجر المتغير بواقع 2 % عن كل سنة كاملة من سنوات مدة الاشتراك الفعلية عن هذا الأجر لا تسري إلا اعتبارا من 1/ 7/ 1987، وكان الثابت بالأوراق - وبما لا يماري فيه الطاعن - أن خدمته انتهت بخروجه على المعاش المبكر بتاريخ 11/ 7/ 1984 وبالتالي فإنه لا يستفيد من أحكام زيادة المتوسط الواردة بنص المادة 19/ 3 سالفة البيان، وإذ انتهى الحكم المطعون فيه لهذه النتيجة الصحيحة فإن النعي عليه بما ورد بسبب الطعن يكون على غير أساس.

3 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن النص في المادة 141 من قانون التأمين الاجتماعي الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975 يدل على أن حق المؤمن عليه أو المستحقين في التعويض الإضافي عن التأخير في صرف مستحقاتهم قاصر على تأخير الهيئة في تقدير المعاشات أو التعويضات وصرفها لهم لدى خروج المؤمن عليه نهائيا عن نطاق تطبيق قانون التأمين الاجتماعي لا بما يستجد من منازعات بين الهيئة وأولئك بعد ربط المعاش، ذلك أن ما دعا الشارع إلى تقرير حق المؤمن عليه أو المستحقين في الجزاء المالي إنما هي رغبته الأكيدة في سرعة صرف تلك الحقوق التأمينية لأربابها لما لها من صلة أساسية بأسباب معيشتهم، مما مقتضاه وجوب الربط بين سريان الجزاء المالي منذ ثبوت التزام الهيئة بأداء تلك الحقوق وبين قيام موجبه من استمرار تراخيها في صرفها لأربابها، وهو ما ينتفي مبرره بعد ربط المعاش. لما كان ذلك، وكان الثابت بالأوراق وتقارير الخبرة وصحيفة افتتاح الدعوى أن خدمة الطاعن انتهت في 11/ 7/ 1984 ولم يتقدم بطلب صرف المعاش إلا بتاريخ 4/ 10/ 1987 فربطت له الهيئة المطعون ضدها معاشه عن الأجر المتغير بمبلغ 62.29 جنيها شهريا اعتبارا من 1/ 10/ 1987، وبالتالي لا ينسب لها ثمة خطأ أو تراخ في صرف المستحقات قبل هذا التاريخ، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر، فإن النعي عليه يكون على غير أساس.

4 - إذ كان الثابت من تقرير لجنة الخبراء المنتدبة من قبل محكمة الاستئناف أنها اطلعت على كافة المستندات محل النعي وخلصت إلى أن الطاعن لم يقدم عقد التأمين الاجتماعي رقم ... محل النعي أو أية قرارات لاحقة صادرة بشأن هذا العقد حتى تتمكن من بيان الالتزامات والمزايا المترتبة عليه، كما انتهى تقرير الخبرة السابقة على تقرير اللجنة أن الطاعن لم يقدم ما يفيد مستنديا أن العقد المذكور كان ساريا حتى تاريخ انتهاء خدمته لدى الشركة المطعون ضدها الأولى. وإذ قضى الحكم المطعون فيه برفض طلب الطاعن أحقيته في الميزة الأفضل بحالته استنادا لما تقدم، فإنه يكون قد انتهى إلى نتيجة صحيحة، ويضحى النعي عليه بهذا السبب (مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والإخلال بحق الدفاع، وفي بيان ذلك يقول إنه قدم أمام محكمة الاستئناف بتاريخ 3/ 7/ 2005 مذكرة بدفاعه أورد فيها سنده القانوني في طلب أحقيته في الميزة الأفضل المنصوص عليها في المادة 162 من قانون التأمين الاجتماعي رقم 79 لسنة 1975، كما قدم شهادتين معتمدتين من شركة التأمين الأهلية ثابت منهما اشتراكه مع الشركة المطعون ضدها الأولى في نظام الادخار الخاص وأداء كل منهما حصته في الاشتراكات في هذا النظام حتى إلغائه عام 1961، وكذا شهادة من الشركة الأخيرة بكامل دخله عن عام 1983 قبل انتهاء خدمته عام 1984 ثابت منها متوسط دخله الشهري كأساس لحساب مكافأة نهاية الخدمة من تاريخ التحاقه بالشركة في 18/ 11/ 1946 حتى انتهاء خدمته في 11/ 7/ 1984 بمبلغ 15448.490 جنيها بعد خصم ما تحملته الشركة في ذلك النظام بمبلغ 121.870 جنيها، غير أن الحكم التفت عن المذكرة سالفة الذكر وقضى برفض الطلب المشار إليه بحالته بمقولة إنه لم يتقدم بالمستندات الدالة على أحقيته فيه) غير مقبول.

5 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أنه لما كان النص في المادتين 175، 178 من الدستور، والنص في المادة 49 من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 المعدلة بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 168 لسنة 1998 يدل على أنه يترتب على صدور حكم من المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية نص في القانون غير ضريبي أو لائحة عدم جواز تطبيقه اعتبارا من اليوم التالي لنشر هذا الحكم في الجريدة الرسمية، وهذا الحكم ملزم لجميع سلطات الدولة وللكافة، ويتعين على المحاكم باختلاف أنواعها ودرجاتها أن تمتنع عن تطبيقه على الوقائع والمراكز القانونية المطروحة عليها حتى ولو كانت سابقة على صدور هذا الحكم بعدم الدستورية باعتباره قضاء كاشفا عن عيب لحق النص منذ نشأته بما ينفي صلاحيته لترتيب أي أثر من تاريخ نفاذ النص، ولازم ذلك أن الحكم بعدم دستورية نص في القانون لا يجوز تطبيقه من اليوم التالي لنشر الحكم ما دام قد أدرك الدعوى أثناء نظر الطعن أمام محكمة النقض، وهو أمر متعلق بالنظام العام تعمله محكمة النقض من تلقاء نفسها.

6 - إذ كانت المحكمة الدستورية العليا قد قضت بتاريخ 4/ 5/ 2008 في القضية رقم 310 لسنة 24 ق "دستورية" بعدم دستورية نص الفقرة الثانية من المادة 23 من قانون التأمين الاجتماعي الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975 وذلك فيما قرره من تخفيض المعاش المستحق عن الأجر المتغير لمن تنتهي خدمتهم بالاستقالة "المعاش المبكر" بنسبة 5 % عن كل سنة من السنوات المتبقية من تاريخ استحقاق الصرف وحتى تاريخ بلوغ المؤمن عليه سن الستين لما ينطوي عليه ذلك من تمييز حكمي بين هذه وبين غيرهم من المؤمن عليهم والذين تنتهي خدمتهم ببلوغ السن القانونية أو العجز أو الوفاة، ومن ثم لا يجوز تطبيق هذا النص اعتبارا من اليوم التالي لنشر الحكم في الجريدة الرسمية والذي نشر بالعدد 20 مكرر بتاريخ 19/ 5/ 2008، وقد لحق الدعوى أمام هذه المحكمة، وبالتالي يتعين إعماله وتطبيقه، وإذ أعمل الحكم المطعون فيه هذا النص المقضي بعدم دستوريته وقضى بتعديل الحكم الابتدائي إلى أحقية الطاعن لمبلغ 93.59 جنيها بدلا من مبلغ 116.99 جنيها كمعاش عن الأجر المتغير، فإنه يكون معيبا بالخطأ في تطبيق القانون، بما يوجب نقضه جزئيا في هذا الخصوص.

------------

الوقائع

وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعن أقام على المطعون ضدهما شركة ...... والهيئة القومية للتأمين الاجتماعي الدعوى رقم ... لسنة 1988 عمال الإسكندرية الابتدائية انتهى فيها إلى طلب الحكم بإلزامهما متضامنين بتصحيح وأداء معاشه عن الأجر المتغير اعتبارا من 1/ 10/ 1987 بجعله مبلغ 116.990 جنيه والفروق المالية من هذا التاريخ وحتى 31/ 5/ 2002 ومقدارها مبلغ 10283.600 جنيها مع إضافة غرامة إعمالا لنص المادة 141/ 3 من قانون التأمين الاجتماعي رقم 79 لسنة 1975، وبإلزام الشركة المطعون ضدها الأولى أن تؤدي إليه مبلغ 15448.490 جنيها قيمة الميزة الأفضل، وبإلزام المطعون ضدهما متضامنين بتصحيح وأداء معاشه عن الأجر الأساسي اعتبارا من 1/ 7/ 1984 مضافا إليه كافة الزيادات والعلاوات المقررة لأصحاب المعاشات والفروق المالية اعتبارا من التاريخ الأخير حتى 30/ 6/ 2003 ومقدارها مبلغ 17532.476 جنيها، وقال بيانا لدعواه إنه كان من العاملين لدى الشركة المطعون ضدها الأولى والتي أنهت خدمته باعتباره مستقيلا لانقطاعه عن العمل، وإذ امتنعت الهيئة المطعون ضدها عن صرف معاشه وبمستحقاته التأمينية، فقد أقام الدعوى. ندبت المحكمة خبيرا، وبعد أن قدم تقريره حكمت بوقف الدعوى تعليقا لحين الفصل في الطعن بالنقض المقام منه في الجنحة رقم ... لسنة 1988 العطارين واستئنافها رقم ... لسنة 1989 مستأنف شرق. استأنف الطاعن هذا الحكم لدى محكمة استئناف الإسكندرية بالاستئناف رقم ... لسنة 48 ق والتي قضت بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض بالطعن رقم ... لسنة 63 ق وقضى فيه بنقض الحكم وبإحالة الأوراق إلى محكمة استئناف الإسكندرية حيث قضت بإلغاء الحكم المستأنف وإعادة الدعوى إلى محكمة أول درجة لنظر الموضوع. قضت المحكمة بإلزام الهيئة المطعون ضدها بتصحيح معاش الأجر المتغير من مبلغ 62.29 جنيها إلى 116.99 جنيها شهريا وبأن تؤدي للطاعن مبلغ 10283.60 جنيها عن الفترة من 1/ 10/ 1987 حتى 31/ 5/ 2003 ورفضت ما عدا ذلك من طلبات. استأنف الطاعن هذا الحكم لدى محكمة استئناف الإسكندرية بالاستئناف رقم ... لسنة 60 ق، كما استأنفته الهيئة المطعون ضدها الثانية لدى ذات المحكمة بالاستئناف رقم ... لسنة 60 ق، وبعد أن ضمت المحكمة الاستئناف الأخير لسابقه وندبت لجنة من الخبراء قدمت تقريرا حكمت بتاريخ 11/ 6/ 2006 في الاستئناف الأول بتعديل الحكم المستأنف إلى أحقية الطاعن في المعاش المبكر اعتبارا من 11/ 7/ 1984 وبإلزام الهيئة المطعون ضدها أن تؤدي له الفروق المالية اعتبارا من هذا التاريخ حتى 28/ 5/ 2005 ومقدارها مبلغ 19485.957 جنيها وما يستجد منها وبأحقيته في المعاش عن الأجر المتغير بمبلغ 93.59 جنيها وبإلزام الأخيرة أن تؤدي له الفروق المالية ومقدارها مبلغ 10191.71 جنيها وما يستجد ورفضت ما عدا ذلك من طلبات على أن يكون الرفض بحالته بالنسبة لطلب الميزة الأفضل، وفي الاستئناف الثاني برفضه. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقضه، وإذ عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.

-------------

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر، والمرافعة، وبعد المداولة.
حيث إن الطعن أستوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم على أربعة أسباب، ينعى الطاعن بالثاني منها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه ومخالفة الثابت بالأوراق، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم قضى برفض طلبه زيادة معاشه عن الأجر المتغير بنسبة 2 % مستندا في ذلك إلى تقرير الخبير المنتدب من قبل محكمة الاستئناف الذي خلص إلى أنه ليست لديه مدة اشتراك فعلية في هذا الأجر لمدة سنة من 1/ 4/ 1984 حتى تاريخ انتهاء خدمته في 11/ 7/ 1987 مستبعدا في ذلك مدة اشتراكه السابقة معتبرا إياها مدة اشتراك غير فعلية، حال إن تقرير الخبرة المودع بتاريخ 19/ 6/ 2003 أورد أن له مدة اشتراك في الأجر المتغير جاوزت الخمسة عشر عاما حتى 31/ 12/ 1980 ومخالفة بذلك نص المادة 19 /3 من القانون رقم 107 لسنة 1987 بتعديل بعض أحكام قانون التأمين الاجتماعي والمادة الرابعة من القرار الوزاري رقم 59 لسنة 1984 وهو ما يعيبه ويوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك أنه لما كان من المبادئ الدستورية المقررة أن أحكام القوانين لا تسري إلا على ما يقع من تاريخ نفاذها ولا تتعطف آثارها على ما يقع قبلها ما لم ينص القانون على خلاف ذلك، مما مؤداه عدم جواز انسحاب تطبيق القانون الجديد على ما يكون قد انعقد قبل العمل به من تصرفات أو تحقق من أوضاع إذ يحكم هذه وتلك القانون الذي كان معمولا به وقت وقوعها أعمالا لمبدأ عدم رجعية القوانين، وكانت المادة 19/ 3 من القانون رقم 79 لسنة 1975 المعدل بالقانون رقم 107 لسنة 1987 بشأن تعديل بعض أحكام قانون التأمين الاجتماعي قد نصت على أن "... ويسوى معاش الأجر المتغير على أساس المتوسط الشهري للأجور التي أديت على أساسها الاشتراكات خلال مدة الاشتراك عن هذا الأجر، ويراعى في حساب المتوسط الشهري ما يأتي: 1- ...، 2- ... 3- يزاد المتوسط الذي يحسب على أساسه معاش الأجر المتغير بواقع 2 % عن كل سنة كاملة من سنوات مدة الاشتراك الفعلية عن هذا الأجر بشرط ألا يزيد المتوسط بعد إضافة هذه الزيادة على الحد الأقصى لأجر الاشتراك المتغير"، ونصت المادة السابعة عشر من مواد إصدار القانون رقم 107 لسنة 1987 على أن "ينشر هذا القانون في الجريدة الرسمية ويعمل به اعتبارا من 1/ 7/ 1987 ويعمل بتعديله للنصوص المبينة فيما يأتي اعتبارا من 1/ 4/ 1984" - وليس من بينها المادة 19/ 3 آنفة البيان -، مفاد ذلك أن زيادة المتوسط الذي يحسب على أساسه معاش الأجر المتغير بواقع 2 % عن كل سنة كاملة من سنوات مدة الاشتراك الفعلية عن هذا الأجر لا تسري إلا اعتبارا من 1/ 7/ 1987، وكان الثابت بالأوراق - وبما لا يماري فيه الطاعن - أن خدمته انتهت بخروجه على المعاش المبكر بتاريخ 11/ 7/ 1984 وبالتالي فإنه لا يستفيد من أحكام زيادة المتوسط الواردة بنص المادة 19/ 3 سالفة البيان، وإذ انتهى الحكم المطعون فيه لهذه النتيجة الصحيحة فإن النعي عليه بما ورد بسبب الطعن يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم قضى برفض طلب إلزام الهيئة المطعون ضدها الثانية بأن تؤدي له غرامة عن التأخير في صرف مستحقاته بواقع 1 % على سند من أن المنازعة بين الطرفين تدور حول أصل الحق المطالب به باستحقاقه المعاش المبكر من عدمه، في حين أن الشركة المطعون ضدها الأولى امتنعت عن تحرير استمارة 6 تأمينات للإيهام باستحقاقه لمعاش الشيخوخة بدلا من المعاش المبكر، وأن الهيئة المطعون ضدها الثانية مسئولة عن مراجعة التسويات المالية التي تجريها الشركات نيابة عنها، ومن ثم تتوافر شروط إعمال الجزاء المالي المنصوص عليه في المادة 141 من قانون التأمين الاجتماعي رقم 79 لسنة 1975، وهو ما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك أن النص في المادة 141 من قانون التأمين الاجتماعي الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975 على أن "على الهيئة المختصة أن تتخذ من الوسائل ما يكفل تقدير المعاشات أو التعويضات وصرفها خلال أربعة أسابيع من تاريخ تقديم المؤمن عليه أو المستحقين طلبا بذلك مشفوعا بالمستندات المطلوبة ... فإذا تأخر صرف المبالغ المستحقة عن المواعيد المقررة لها التزمت الهيئة المختصة بناء على طلب صاحب الشأن، بدفعها مضافا إليها 1 % من قيمتها عن كل شهر يتأخر فيه الصرف عن الميعاد المحدد بما لا يجاوز قيمة أصل المستحقات وذلك من تاريخ استيفاء المؤمن عليه أو المستفيدين المستندات المطلوبة منهم ..."، يدل - وعلى ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة - على أن حق المؤمن عليه أو المستحقين في التعويض الإضافي عن التأخير في صرف مستحقاتهم قاصر على تأخير الهيئة في تقدير المعاشات أو التعويضات وصرفها لهم لدى خروج المؤمن عليه نهائيا عن نطاق تطبيق قانون التأمين الاجتماعي لا بما يستجد من منازعات بين الهيئة وأولئك بعد ربط المعاش، ذلك أن ما دعا الشارع إلى تقرير حق المؤمن عليه أو المستحقين في الجزاء المالي إنما هي رغبته الأكيدة في سرعة صرف تلك الحقوق التأمينية لأربابها لما لها من صلة أساسية بأسباب معيشتهم، مما مقتضاه وجوب الربط بين سريان الجزاء المالي منذ ثبوت التزام الهيئة بأداء تلك الحقوق وبين قيام موجبه من استمرار تراخيها في صرفها لأربابها، وهو ما ينتفي مبرره بعد ربط المعاش. لما كان ذلك، وكان الثابت بالأوراق وتقارير الخبرة وصحيفة افتتاح الدعوى أن خدمة الطاعن انتهت في 11/ 7/ 1984 ولم يتقدم بطلب صرف المعاش إلا بتاريخ 4/ 10/ 1987 فربطت له الهيئة المطعون ضدها معاشه عن الأجر المتغير بمبلغ 62.29 جنيها شهريا اعتبارا من 1/ 10/ 1987، وبالتالي لا ينسب لها ثمة خطأ أو تراخ في صرف المستحقات قبل هذا التاريخ، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر، فإن النعي عليه يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الرابع على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والإخلال بحق الدفاع، وفي بيان ذلك يقول إنه قدم أمام محكمة الاستئناف بتاريخ 3/ 7/ 2005 مذكرة بدفاعه أورد فيها سنده القانوني في طلب أحقيته في الميزة الأفضل المنصوص عليها في المادة 162 من قانون التأمين الاجتماعي رقم 79 لسنة 1975، كما قدم شهادتين معتمدتين من شركة التأمين الأهلية ثابت منهما اشتراكه مع الشركة المطعون ضدها الأولى في نظام الادخار الخاص وأداء كل منهما حصته في الاشتراكات في هذا النظام حتى إلغائه عام 1961، وكذا شهادة من الشركة الأخيرة بكامل دخله عن عام 1983 قبل انتهاء خدمته عام 1984 ثابت منها متوسط دخله الشهري كأساس لحساب مكافأة نهاية الخدمة من تاريخ التحاقه بالشركة في 18/ 11/ 1946 حتى انتهاء خدمته في 11/ 7/ 1984 بمبلغ 15448.490 جنيها بعد خصم ما تحملته الشركة في ذلك النظام بمبلغ 121.870 جنيها، غير أن الحكم التفت عن المذكرة سالفة الذكر وقضى برفض الطلب المشار إليه بحالته بمقولة إنه لم يتقدم بالمستندات الدالة على أحقيته فيه بما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن الثابت من تقرير لجنة الخبراء المنتدبة من قبل محكمة الاستئناف أنها اطلعت على كافة المستندات محل النعي وخلصت إلى أن الطاعن لم يقدم عقد التأمين الاجتماعي رقم ... محل النعي أو أية قرارات لاحقة صادرة بشأن هذا العقد حتى تتمكن من بيان الالتزامات والمزايا المترتبة عليه، كما انتهى تقرير الخبرة السابقة على تقرير اللجنة أن الطاعن لم يقدم ما يفيد مستنديا أن العقد المذكور كان ساريا حتى تاريخ انتهاء خدمته لدى الشركة المطعون ضدها الأولى، وإذ قضى الحكم المطعون فيه برفض طلب الطاعن أحقيته في الميزة الأفضل بحالته استنادا لما تقدم، فإنه يكون قد انتهى إلى نتيجة صحيحة، ويضحى النعي عليه بهذا السبب غير مقبول.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الأول على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع ومخالفة الثابت بالأوراق، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم استند في تخفيض معاشه عن الأجر المتغير من مبلغ 116.990 جنيها إلى 93.590 جنيها شهريا على ما جاء بتقرير الخبير المنتدب في الدعوى والذي أسس نتيجته على حكم المادة 23/ 2 من القانون رقم 107 لسنة 1987 رغم عدم سريانه على معاشه لكونها اشترطت لإعمال أحكامها ألا يكون سن المؤمن عليه قد بلغ 55 عاما في تاريخ انتهاء خدمته، مع أنه كان قد تجاوز هذا السن في هذا التاريخ، وهو ما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن النعي في أساسه سديد، ذلك أنه لما كان النص في المادة 175 من الدستور على أنه "تتولى المحكمة الدستورية العليا دون غيرها الرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح وتتولى تفسير النصوص التشريعية، وذلك كله على الوجه المبين في القانون ..."، والنص في المادة 178 منه على أنه "تنشر في الجريدة الرسمية الأحكام الصادرة من المحكمة الدستورية العليا في الدعاوى الدستورية والقرارات الصادرة بتفسير النصوص التشريعية وينظم القانون ما يترتب على الحكم بعدم دستورية نص تشريعي من آثار"، والنص في المادة 49 من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 المعدلة بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 168 لسنة 1998 على أنه "أحكام المحكمة في الدعاوى الدستورية وقراراتها بالتفسير ملزمة لجميع سلطات الدولة وللكافة ... ويترتب على الحكم بعدم دستورية نص في قانون أو لائحة عدم جواز تطبيقه من اليوم التالي لنشر الحكم ما لم يحدد الحكم لذلك تاريخا آخر، على أن الحكم بعدم دستورية نص ضريبي لا يكون له في جميع الأحوال إلا أثر مباشر ..."، يدل على أنه يترتب على صدور حكم من المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية نص في القانون غير ضريبي أو لائحة عدم جواز تطبيقه اعتبارا من اليوم التالي لنشر هذا الحكم في الجريدة الرسمية، وهذا الحكم ملزم لجميع سلطات الدولة وللكافة، ويتعين على المحاكم باختلاف أنواعها ودرجاتها أن تمتنع عن تطبيقه على الوقائع والمراكز القانونية المطروحة عليها حتى ولو كانت سابقة على صدور هذا الحكم بعدم الدستورية باعتباره قضاء كاشفا عن عيب لحق النص منذ نشأته بما ينفي صلاحيته لترتيب أي أثر من تاريخ نفاذ النص، ولازم ذلك أن الحكم بعدم دستورية نص في القانون لا يجوز تطبيقه من اليوم التالي لنشر الحكم ما دام قد أدرك الدعوى أثناء نظر الطعن أمام محكمة النقض، وهو أمر متعلق بالنظام العام تعمله محكمة النقض من تلقاء نفسها. لما كان ذلك، وكانت المحكمة الدستورية العليا قد قضت بتاريخ 4/ 5/ 2008 في القضية رقم 310 لسنة 24 ق "دستورية" بعدم دستورية نص الفقرة الثانية من المادة 23 من قانون التأمين الاجتماعي الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975 وذلك فيما قرره من تخفيض المعاش المستحق عن الأجر المتغير لمن تنتهي خدمتهم بالاستقالة "المعاش المبكر" بنسبة 5 % عن كل سنة من السنوات المتبقية من تاريخ استحقاق الصرف وحتى تاريخ بلوغ المؤمن عليه سن الستين لما ينطوي عليه ذلك من تمييز حكمي بين هذه وبين غيرهم من المؤمن عليهم والذين تنتهي خدمتهم ببلوغ السن القانونية أو العجز أو الوفاة، ومن ثم لا يجوز تطبيق هذا النص اعتبارا من اليوم التالي لنشر الحكم في الجريدة الرسمية والذي نشر بالعدد 20 مكرر بتاريخ 19/ 5/ 2008، وقد لحق الدعوى أمام هذه المحكمة، وبالتالي يتعين إعماله وتطبيقه، وإذ أعمل الحكم المطعون فيه هذا النص المقضي بعدم دستوريته وقضى بتعديل الحكم الابتدائي إلى أحقية الطاعن لمبلغ 93.59 جنيها بدلا من مبلغ 116.99 جنيها كمعاش عن الأجر المتغير، فإنه يكون معيبا بالخطأ في تطبيق القانون، بما يوجب نقضه جزئيا في هذا الخصوص.
وحيث إن الطعن في خصوص ما نقض من الحكم صالح للفصل فيه.

الطعن 5442 لسنة 79 ق جلسة 6 / 12 / 2016 مكتب فني 67 ق 135 ص 854

جلسة 6 من ديسمبر سنة 2016
برئاسة السيد القاضي/ جرجس عدلي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة/ معتز أحمد مبروك، محمد منصور، حمدي الصالحي ومحسن سيد نواب رئيس المحكمة.
-------------------

(135)
الطعن رقم 5442 لسنة 79 القضائية

(1) نقض "إجراءات الطعن بالنقض: إيداع الكفالة".
وجوب إيداع الكفالة قبل إيداع صحيفة الطعن بالنقض أو خلال الأجل المقرر له. تخلف ذلك. أثره. بطلان الطعن. تعلق ذلك بالنظام العام. مؤداه. لكل ذي مصلحة التمسك به وللمحكمة أن تقضي به من تلقاء ذاتها. م 254 مرافعات.

(2) رسوم "الرسوم القضائية: الإعفاء من الرسوم القضائية".
الإعفاء من سداد الرسوم القضائية. قصره على دعاوى الحكومة بمعناها الضيق دون غيرها من أشخاص القانون العام التي لها شخصية اعتبارية وميزانية مستقلة إلا ما استثنى بنص. م 50 ق 90 لسنة 1944.

(3) بطلان "بطلان الطعن: حالات بطلان الطعن: عدم إيداع الكفالة".
الهيئة العامة للإصلاح الزراعي. طبيعتها. خلو القوانين الخاصة بها من الإعفاء من الرسوم القضائية للدعاوى. أثره. بطلان الطعن بالنقض المرفوع منهما بغير إيداع الكفالة.

---------------

1 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن المشرع أوجب بنص المادة 254 من قانون المرافعات إيداع الكفالة خزانة المحكمة قبل إيداع صحيفة الطعن أو خلال الأجل المقرر له وإلا كان الطعن باطلا، ولكل ذي مصلحة أن يتمسك بهذا البطلان وللمحكمة أن تقضي به من تلقاء نفسها لأن إجراءات الطعن من النظام العام.

2 - المقرر - في قضاء محكمة النقض – أنه لا يعفى من أداء الكفالة إلا من نص القانون على إعفائه من الرسوم القضائية المقرر بنص المادة (50) من القانون رقم 90 سنة 1944 بشأن الرسوم القضائية وإذ كان هذا الإعفاء ينصرف إلى الحكومة بمعناها الضيق، فلا يتسع لغيرها من أشخاص القانون العام التي تتمتع بشخصية اعتبارية مستقلة وميزانية مستقلة، وبالتالي فلا تعفى هذه الأشخاص من الرسوم القضائية ما لم ينص القانون على إعفائها.

3 - إذ كانت الطاعنة "الهيئة العامة للإصلاح الزراعي" وفقا للقانون رقم 178 لسنة 1952 بشأن الإصلاح الزراعي وتعديلاته هي من الهيئات العامة ولها شخصية اعتبارية وميزانية مستقلة ويمثلها رئيس مجلس إدارتها ولم يضع المشرع نصا خاصا بإعفائها من الرسوم القضائية للدعاوى التي ترفعها فإنها تكون ملزمة بإيداع الكفالة المشار إليها سلفا، وإذ لم تفعل فإن الطعن يكون باطلا.

--------------

الوقائع

حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضدهما الأول والثانية أقاما على الطاعنة والمطعون ضدهما الثالث والرابع بصفاتهم الدعوى رقم ... لسنة 2004 محكمة بني سويف الابتدائية بطلب الحكم بإلزامهم بالتضامن بأن يؤدوا لهما مبلغ مقداره 2.212.500 جنيه والفوائد القانونية، على سند من أن الطاعنة قامت بالاستيلاء على الأرض المبينة بالصحيفة المملوكة لمورثتهما وفقا لقانون الإصلاح الزراعي دون اتخاذ إجراءات نزع الملكية وهو ما يعد غصب يستحقان عنه تعويض. ندبت المحكمة لجنة خبراء، وبعد أن أودعت تقريرها حكمت بالتعويض الذي قدرته بحكم استأنفه المطعون ضدهما الثالث والرابع برقم ... لسنة 46 ق بني سويف، واستأنفه المطعون ضدهما الأول والثانية برقم ... لسنة 46 ق كما استأنفته الطاعنة برقم ... لسنة 46 ق، وبعد أن ضمت المحكمة الاستئنافات الثلاثة حكمت بتعديل الحكم المستأنف بإلزام المحكوم عليهم بأن يؤدوا التعويض المقضي به بالتضامن فيما بينهم والتأييد فيما عدا ذلك. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض، وأودعت النيابة مذكرة دفعت فيها ببطلان الطعن، عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.

--------------

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر، والمرافعة وبعد المداولة.
وحيث إن مبنى الدفع المبدى من النيابة ببطلان الطعن أن الطاعنة لم تودع قبل إيداع صحيفة الطعن أو خلال الأجل المقرر له مبلغ الكفالة المنصوص عليه في المادة 254 من قانون المرافعات في حين أنها ليست معفاة من أدائها.
وحيث إن هذا الدفع سديد، ذلك أن المشرع أوجب بنص المادة 254 من قانون المرافعات إيداع الكفالة خزانة المحكمة قبل إيداع صحيفة الطعن أو خلال الأجل المقرر له وإلا كان الطعن باطلا، ولكل ذي مصلحة أن يتمسك بهذا البطلان وللمحكمة أن تقضي به من تلقاء نفسها لأن إجراءات الطعن من النظام العام ولا يعفى من أداء الكفالة إلا من نص القانون على إعفائه من الرسوم القضائية المقرر بنص المادة (50) من القانون رقم 90 سنة 1944 بشأن الرسوم القضائية وإذ كان هذا الإعفاء - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - ينصرف إلى الحكومة بمعناها الضيق، فلا يتسع لغيرها من أشخاص القانون العام التي تتمتع بشخصية اعتبارية مستقلة وميزانية مستقلة، وبالتالي فلا تعفى هذه الأشخاص من الرسوم القضائية ما لم ينص القانون على إعفائها، وكانت الطاعنة "الهيئة العامة للإصلاح الزراعي" وفقا للقانون رقم 178 لسنة 1952 بشأن الإصلاح الزراعي وتعديلاته هي من الهيئات العامة ولها شخصية اعتبارية وميزانية مستقلة ويمثلها رئيس مجلس إدارتها ولم يضع المشرع نصا خاصا بإعفائها من الرسوم القضائية للدعاوى التي ترفعها فإنها تكون ملزمة بإيداع الكفالة المشار إليها سلفا، وإذ لم تفعل فإن الطعن يكون باطلا.

الجمعة، 30 سبتمبر 2022

القضية 310 سنة 44 ق جلسة 7 / 2 / 1927

الحكم الصادر بجلسة 7 فبراير سنة 1927 في القضية رقم 310 سنة 44 ق.

برياسة معالى أحمد طلعت باشا في القضية رقم 310 سنة 44 ق (الطعن المرفوع من يعقوب معوّض وتادرس فرج ضد النيابة العمومية في قضيتها رقم 874 سنة 1925 - 1926)


وقائع الدعوى

اتهمت النيابة المذكورين بأنهما من مدّة ثمانية شهور قبل تاريخ المحضر المؤرّخ 9 أغسطس سنة 1925 ببنى صالح مركز ومديرية الفيوم - الأوّل واقع عزيزة بنت غبريال بغير رضاها وذلك بأن أوهمها أنه غير متزوّج ثم تزوّج بها وعاشرها معاشرة الأزواج مع أنه من المسيحيين. والثاني اتفق مع المتهم الأوّل على ارتكاب الجريمة المذكورة وساعده على ارتكابها بأن حرر له شهادة مزوّرة باسم القسيس غبريال شنودة تتضمن أن زوجته الأولى متوفاة ووقع عليها بختم مزوّر فوقعت الجريمة بناء على هذا الاتفاق والمساعدة. وطلبت من حضرة قاضى الإحالة إحالتهما على محكمة الجنايات لمحاكمة الأول بالمادة 230 من قانون العقوبات والثاني بالمواد 230 و40 و41 من ذلك القانون.
وحضرة قاضى الإحالة قرّر بتاريخ 17 نوفمبر سنة 1925 إحالتهما على محكمة جنايات بنى سويف لمحاكمتهما بالمواد سالفة الذكر.
وبعد أن سمعت محكمة الجنايات هذه الدعوى حكمت بتاريخ 13 فبراير سنة 1926 حضوريا عملا بالمواد المذكورة والمادة 17 عقوبات بحبس كل من المتهمين مدّة سنتين مع الشغل.
فطعن المحكوم عليهما يوم صدور الحكم فيه بطريق النقض والإبرام وقدم أخو المتهم الثاني تقريرا بأوجه طعنه في 3 مارس سنة 1926.


المحكمة

بعد سماع المرافعة الشفوية والاطلاع على أوراق القضية والمداولة قانونا.
حيث إن النقض مقبول شكلا.
وحيث إن الوقائع الثابتة في الحكم تتلخص في أن المحكوم عليه الأوّل احتال لزواجه من المجنى عليها عزيزة بنت غبريال مع كونه متزوّجا بغيرها ودينه لا يسمح له بالزواج عليها فاتفق مع الثاني على أن يرسل مكتوبا منه لأهل عزيزة يفيد وفاة زوجة الأوّل وتزوير شهادة بوفاتها بجعلها صادرة من الجهة المختصة بإثبات الوفاة وخطب عزيزة من أهلها وعقد له عليها بناءً على المكتوب والشهادة المزوّرة وعاشرها معاشرة الأزواج نحو سبعة شهور وحملت منه.
وحيث إن القانون لا يعاقب على المواقعة إلا اذا كانت قد وقعت بغير رضاء ممن ووقعت في حال التلبس بالفعل. وعدم الرضاء قد يكون له أثر ظاهر كالمقاومة بالقوّة من جانب المواقعة أو الإكراه من جانب المواقع أو غير ظاهر كزوال الاختيار بالنوم أو بمادة مخدّرة. أما أن يحتال المواقع ويدخل الغش على من واقعها حتى ترضى بالوقاع فذلك لم ينص على عقابه القانون.
وحيث إنه لا يمكن قياس فساد رضا المواقعة بالغش هنا بفساده في العقود المدنية واعتباره غير حاصل وإيجاب العقاب على المواقع تطبيقا لنص المادة 230 من قانون العقوبات. لأن العبرة في باب المواقعة بحصول الرضا مهما كان سببه. وقد حصل واستمر استمتاع كل من الزوجين بالآخر مدّة طويلة فلا معنى للقول بأن المواقعة كانت بغير رضا.
ومن حيث إن لهذا نظيرا فيما قرره فقهاء الشرع الإسلامي فقد قالوا إن الوطء إذا كان له شبهة فلا يقام الحدّ على الواطئ. وعند أبى حنيفة أنه إذا كان الوطء بعقد يدرأ عنه الحدّ ولو كان عالما بتحريمه. فقد جاء في كتاب فتح القدير لكمال الدين ابن الهمام بالجزء الرابع صحيفة 43 ما نصه "أن الشبهة عند أبى حنيفة رحمه الله" "تثبت بالعقد وان كان متفقا على تحريمه وهو عالم به".
ومن حيث إن الغش الذي وقع من المتهمين وإن كان مدعاة للوم فانه يخرج عن متناول قانون العقوبات الذي لا يصح فيه القياس. وللجهة المختصة إلغاء العقد وقد ألغته فعلا. وللزوجة التي عقد عليها بالغش أن تطالب المتهمين بما تريده من التعويض أمام المحكمة المدنية. كذلك للنيابة أن تحاكم المتهم الثاني على ما اقترفه من التزوير.
ومن حيث إنه من جميع ما ذكر يتعين نقض الحكم وتبرئة المتهمين من الجريمة المسندة إليهما عملا بالمادتين 229 فقرة أولى و232 من قانون تحقيق الجنايات.

من أجل هذا

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا وموضوعا وإلغاء الحكم المطعون فيه وبراءة المتهمين الاثنين مما نسب إليهما في هذه
الدعوى.


الطعن 1192 سنة 45 ق جلسة 22 / 11 / 1928 مج عمر ج 1 ق 16 ص 22

جلسة الخميس 22 نوفمبر سنة 1928

برياسة حضرة صاحب السعادة عبد العزيز فهمى باشا رئيس المحكمة وبحضور حضرات مسيو سودان وأصحاب العزة محمد لبيب عطيه بك وزكي برزي بك وحامد فهمي بك المستشارين.

------------------

(16)
القضية رقم 1192 سنة 45 قضائية 
(النيابة العامة ضد عيسوي أحمد الشريف)

عدم الرضا المنصوص عنه بالمادة 230 ع يتحقق بالإكراه الأدبي.

----------------
1 - إن عدم الرضا المنصوص عنه بالمادة (230 ع) كما يتحقق بوقوع الإكراه المادي على المجني عليها فإنه يتحقق كذلك بكل مؤثر يقع على المجنى عليها من شأنه أن يحرمها حرية الاختيار في الرضاء وعدمه سواء أكان هذا المؤثر آتيا من قبل الجاني كالتهديد والإسكار والتنويم المغناطيسي وما أشبه أم كان ناشئا عن حالة قائمة بالمجنى عليها كحالة النوم أو الإغماء وما أشبه.
2 - ليس للزوجة المسلمة حرية الاختيار في التسليم في نفسها لزوجها وعدم التسليم. بل هي مجبرة بحكم عقد الزواج وبحكم الشرع إلى مواتاة زوجها عند الطلب. وليس لها أن تمتنع بغير عذر شرعي وإلا كان له حق تأديبها. وللزوج في الشريعة الإسلامية حق إيقاع الطلاق بمشيئته وحده من غير مشاركة الزوجة ولا اطلاعها. فإذا طلق زوج زوجته وجهّل عليها أمر الطلاق فإنها تظل قائمة فعلا على حالها من التأثر بذلك الإكراه الأدبي الواقع عليها من قبل عقد الزواج والشرع المانع لها من حرية اختيار عدم الرضا إن أرادته.
وإذن فإذا طلق زوج زوجته طلاقا مانعا من حل الاستمتاع، وكتم عنها أمر هذا الطلاق عامدا قاصدا، ثم واقعها وثبت بطريقة قاطعة أنها عند المواقعة كانت جاهلة تمام الجهل بسبق وقوع هذا الطلاق المزيل للحل، وثبت قطعا كذلك أنها لو كانت علمت بالطلاق لامتنعت عن الرضاء له، كان وقاعه إياها حاصلا بغير رضاها. وحق عليه العقاب المنصوص عنه بالمادة (230 ع). لأن رضاءها بالوقاع لم يكن حرا بل كان تحت تأثير إكراه عقد زال أثره بالطلاق وهي تجهله (1).


وقائع الدعوى

اتهمت النيابة العامة المتهم المذكور بأنه في المدة ما بين يوم 16 من شهر أبريل سنة 1925 ويوم 12 من شهر سبتمبر سنة 1925 (الموافقين ليومي 22 من شهر رمضان سنة 1343 و24 من شهر صفر سنة 1344) بجهة ميت ابيار مركز كفر الزيات بمديرية الغربية (أولا) واقع بمنزله مطلقته الست نعمت محمد منيب بغير رضاها بأن عاشرها معاشرة الأزواج وهي مطلقة منه في التاريخ الأوّل ولم يخبرها بهذا الطلاق حالة كونه من المتولين ملاحظتها وله سلطة عليها بصفته المتقدمة. ولأنه في المدة ما بين 16 من شهر أبريل سنة 1925 و14 من شهر سبتمبر سنة 1925 "الموافقين 22 من شهر رمضان سنة 1343 و26 من شهر صفر سنة 1344" بمصر واقع مطلقته الست تفيدة أحمد الطوبجى بغير رضاها بأن عاشرها معاشرة الأزواج وهي مطلقة منه في التاريخ الأول ولم يخبرها بهذا الطلاق حالة كونه من المتولين ملاحظتها وله سلطة عليها بصفته المتقدّمة. وطلبت من حضرة قاضي الإحالة إحالته على محكمة الجنايات لمحاكمته بالفقرتين الأولى والثانية من المادة 230 من قانون العقوبات. كما اتهمته النيابة العامة في قضية أخرى نمرة 1849 سايرة كفر الزيات سنة 1925 أيضا بأنه في المدة ما بين 3 من شهر أبريل سنة 1924 و23 من شهر مايو سنة 1924 بجهة منية ابيار بمركز كفر الزيات بمديرية الغربية واقع مطلقته الست مفيدة عبد العزيز كرارة بغير رضاها بأن عاشرها معاشرة الأزواج وكان قد طلقها بتاريخ 3 من شهر إبريل سنة 1924 ولم يخبرها بذلك حالة كونه من المتولين ملاحظتها ومن لهم سلطة عليها بصفته المتقدمة. وطلبت من قاضي الإحالة أيضا إحالته على محكمة الجنايات لمحاكمته بالفقرتين المتقدّمتي الذكر من المادة المذكورة.
فقرر حضرته في الدعويين بتاريخ أول ديسمبر سنة 1925 إحالة المتهم المذكور على محكمة جنايات طنطا لمحاكمته بالفقرتين السالفتي الذكر من المادة المشار إليها آنفا.
وقد أقامت المطالبات بالحق المدني أنفسهن مدعيات بحق مدني أثناء نظر الدعويين أمام محكمة الجنايات وطلبت السيدتان نعمت محمد منيب ومفيدة عبد العزيز كرارة الحكم لكل منهما بمبلغ 6000 جنيه بصفة تعويض كما طلبت الست تفيدة أحمد الطوبجي الحكم لها بمبلغ 3000 جنيه بصفة تعويض - فقررت محكمة جنايات طنطا ضم القضيتين إلى بعضهما البعض ليحكم فيهما معا بحكم واحد وبعد سماعها إياهما قد تنازلت الست تفيده أحمد الطوبجى عن دعواها المدنية والتزمت بمصاريفها. وقضت محكمة جنايات طنطا المذكورة بتاريخ 9 من شهر يناير سنة 1928 حضوريا: (أوّلا) ببراءة عيسوي أحمد الشريف من التهم الثلاث المنسوبة إليه وبإلزامه بأن يدفع للسيدتين مفيدة عبد العزيز كراره ونعمت محمد منيب كل واحدة منهما ألف جنيه وبمصاريف دعوييهما المدنية وخمسمائة قرش صاغ مقابل أتعاب محاماة في كل دعوى. (وثانيا) بقبول تنازل الست مفيدة أحمد الطوبجي عن دعواها مع إلزامها بمصاريفها. وذلك عملا بالمادة 50 من قانون تشكيل محاكم الجنايات.
فقرر المحكوم عليه بالطعن في هذا الحكم بطريق النقض والإبرام في يوم 17 من شهر يناير سنه 1928 وقدّم تقريرين بأسباب نقضه في يومي 26 و28 من شهر يناير سنة 1928 كما قرّرت النيابة العامة بالطعن في الحكم السالف الذكر بطريق النقض والإبرام في يوم 24 من شهر يناير سنة 1928 وقدمت تقريرا بأسباب نقضها في يوم 24 المذكور.


المحكمة

بعد سماع المرافعة الشفوية والاطلاع على أوراق القضية والمداولة قانونا.
حيث إن الطعنين قدّما وتلاهما تقارير بالأسباب في الميعاد فهما مقبولان شكلا.
وحيث إن الطعن المقدّم من النيابة ينحصر في أن المحكمة بنت حكمها بالبراءة على عدم توفر ركن عدم الرضاء قائلة إن رضاء المجني عليهن بالاستمتاع بهن بعد الطلاق لم يكن بتأثير إكراه مادي ولا أدبي وإنهن وقت المعاشرة لم تكنّ في حالة من حالات فقد الإرادة وسلب الاختيار وإن رضاءهن وإن كان فاسدا توصل إليه المتهم بطريق الغش بإخفاء أمر الطلاق عليهن إلا أن هذا الفساد لا ينفي كون الرضاء في ذاته كان موجودا عند الوقاع وان القانون يشترط أن تكون المواقعة حصلت بغير رضا. ولم يرد نص عن المواقعة برضاء فاسد. وتقول النيابة إن المحكمة أخطأت بعدم تطبيق المادة 230 من قانون العقوبات إذ لم تعتبر أن تجهيل المتهم أمر الطلاق على المجني عليهن إنما هو غش سالب للرضاء. فإنهن لو علمن بالطلاق لما رضين بالمعاشرة وبذلك يكون وقاعهن حصل بغير رضائهن. وإن هذا الخطأ مبطل للحكم.
أما الطعن المقدّم من المتهم فيتحصل في أن المحكمة لم تبحث صحة ما أسندته النيابة إليه من الوقائع بل افترضت صحتها وقصرت بحثها على ركن عدم الرضاء بحيث لا يعرف من عبارة الحكم ما إذا كانت الوقائع ثابتة أم لا. ولذلك هي اعتبرت المجنى عليهن مطلقات من أن هذا موضوع شرعي تفصل فيه الجهة المختصة به. وما دام الطلاق لم تثبته الجهة المختصة فليس للمحكمة أن تعتبر ما يدعى بأنه وقع من المتهم فعلا ذميما يستوجب التعويض. كما أن هذا التعويض لم يكن محل للحكم به ما دامت المحكمة قد برأته. وأن ذلك خطأ مبطل للحكم.
وحيث إن الجريمة التي طلبت النيابة محاكمة المتهم من أجلها كان منصوصا عليها بالفقرة الثانية من المادة 247 من قانون العقوبات قبل التعديل الذي أدخل عليه بقانون سنة 1904 وكان التعبير عنها هكذا: "كل من اغتصب ثيبا أو بكرا" "أو فجر بها قهرا يعاقب.....". فلما عدل القانون جعلت هذه الفقرة هي المادة (230) وجاء التعبير عنها هكذا: "من واقع أنثى بغير رضاها يعاقب....". ومع اختلاف هذين النصين القديم والجديد فان التعبير عن هذه الجريمة في النسخة الفرنسية كان ولا زال لفظا واحدا هو كلمة (Viol) أي "اغتصاب" مما يدل دلالة واضحة على أن هذه الجريمة هي جريمة اغتصاب النساء المنصوص عليها بهذا الاسم الخاص في المادة 332 من قانون العقوبات الفرنسي. فتعريفها يجب إذن أن يرجع فيه إلى أقوال علماء القانون الفرنسي في تحديد معنى كلمة (Viol) عندهم. ولما كان القانون لم يعرف هذه الجريمة ببيان أركانها بل ذكرها بالاسم المفرد الذي تعرف به اضطرت محكمة النقض والإبرام الفرنسية في حكم صدر منها بتاريخ 26 يونيه سنة 1857 بعد أن قالت: "إن من اختصاص قاضى الموضوع أن يتقصى ويبين في حكمه" "توافر الأركان التي تتكوّن منها هذه الجريمة مسترشدا بطبيعتها الخاصة وبفداحة" "النتائج التي قد تجرها على المجنى عليهن وعلى شرف العائلات" إلى أن تعرف هذه الجريمة فقالت "إنها تنحصر في العبث بامرأة ضد إرادتها سواء أكان عدم رضاها" "ناشئا عن إكراه مادى أو أدبى وقع عليها أم كان ناشئا من أي وسيلة أخرى" "من وسائل الجبر والمباغتة والتي يتذرع بها الفاعل إلى الوصول لبغيته خارجا عن" "إرادة المجنى عليها". هكذا قالت محكمة النقض. ومع نقد العلماء للشطر الأول من هذا التعريف وإيرادهم تعريفات أخرى منها ما أورده جارسون من وضعه وهو: "مواقعة امرأة مواقعة غير شرعية مع العلم بأنها لا ترضى بها البتة" - نقول إنهم مع هذا النقد وإيراد مختلف التعاريف فإنهم أجمعوا على أن ما قرّرته تلك المحكمة من أن عدم الرضا قد يكون ناشئا من إكراه مادي أو من إكراه أدبي أو من غير ذلك من الوسائل التي أشارت إليها هو صواب واجب الأخذ به (راجع في كل هذا الجزء الأوّل من تعليقات جارسون على قانون العقوبات مادة 332 تحت عنوان كلمة "Viol" نبذة 11 وما بعدها صحيفة 844 وما بعدها).
هذا وقد سبق أن أصدرت محكمة النقض والإبرام المصرية حكما في 18 ديسمبر سنة 1915 (منشورا بالمجموعة الرسمية السنة السابعة عشرة صحيفة 99) أتت فيه على تفصيل واف لتحديد معنى هذه الجريمة ومكوناتها نقلا عن أقوال العلماء وأحكام القضاء في البلاد التي فيها النص مقصور على اسم مفرد كفرنسا ومن حذا حذوها. وواضح أن المحكمة في حكمها المذكور أصابت إذ قررت "أن الإكراه الأدبي يكوّن" "جريمة الاغتصاب متى وصف بأنه كاف لإزالة حرية الرضا عند المجنى عليها".
وحيث إن الحكم المطعون فيه الآن وإن كان أتى بخلاصة صحيحة مستوفاة لما أجمع عليه العلماء إذ قبل هو أيضا عنصر الإكراه الأدبي وعبر عنه بما يفيد أنه "كل مؤثر يحرم المرأة حرية الاختيار في الرضا وعدمه سواء أكان هذا المؤثر آتيا" "من قبل الجاني كالتهديد والإسكار والتنويم المغناطيسي وما أشبه أم كان ناشئا من" "حالة قائمة بالمجنى عليها كحالة النوم أو الإغماء وما أشبه" غير أنه تخلص إلى القول بأن المجنى عليهن رضين بالوقاع ولم تكنّ في حالة من حالات فقد الإرادة وسلب الاختيار التي ذكرها فيكون أهم أركان الجريمة معدوما وأنه لا يهم أن يقال إن هذا الرضاء فاسد، توصل إليه المتهم عن طريق الغش بإخفاء أمر الطلاق عليهن فإن هذا الفساد لا ينفى أن الرضاء في ذاته كان موجودا فعلا.
وحيث إن هذه المحكمة ترى أن هذا الحكم قد أصاب في مقدماته التي قرّر فيها وجوب الأخذ بالإكراه الأدبي وعبر عنه بما يفيد أنه التأثير الذي يحرم المرأة حرية الاختيار كما أصاب في التمثيل له بالمثل التي ذكرها إلا أنه أخطأ في اعتبار أن ما قد يكون وقع من الرضاء في صورة الدعوى الحالية ليس أثرا لهذا التأثير.
وحيث إنه حتى بقطع النظر عن كل غش يكون حصل من المتهم بإخفاء أمر الطلاق على المجنى عليهن فإن رضاءهن في صورة هذه الدعوى إنما هو رضاء حاصل بسبب الإكراه الأدبي الذي ما كان ليترك لهن حرية الاختيار في التسليم في نفوسهن وعدم التسليم. ذلك بأن المفهوم من الدعوى أنهن كن متزوّجات بالمتهم بعقد تمّ صحيحا على مقتضى أحكام الشريعة الإسلامية. والزواج بمقتضى أحكام الشريعة هو "عقد وضع" "لتملك المتعة بالأنثى قصدا". ومن أحكامه متى تم أن تحتبس المرأة في بيت زوجها وأن يكون عليها طاعته والمبادرة إلى فراشه اذا التمسها لذلك ولم تكن ذات عذر شرعي، وأن للرجل أن يعاقبها العقاب الشرعي إذا لم تجبه إلى هذا الالتماس وهى طاهرة. فالزوجة مجبرة بحكم العقد وبحكم الشرع إلى مواتاة زوجها عند الطلب وليس لها أن تمتنع بغير عذر شرعي وإلا كان له حق عقابها وإكراهها بالعقاب. وقانون العقوبات الأهلي في مادته السابقة يحترم الحقوق الشخصية المقرّرة في الشريعة الغرّاء ويأمر بعدم الإخلال بها. ومتى كان الأمر كذلك تعين النظر في أمر واحد هو: هل تغيرت حال المجنى عليهن بعد الطلاق عما كانت عليه قبله فيما يتعلق بالإكراه الأدبي الواقع عليهن من قبل العقد والشرع والذى لا يجعل لهن حرية اختيار عدم الرضا إن كن أردنه؟. إن نظام الطلاق في الشريعة الإسلامية يجعل للزوج حق إيقاعه بمشيئته وحده وبقوله وحده وبغير مشاركة الزوجة ولا اطلاعها. فما دام لم يبلغها أمر الطلاق فهي قائمة فعلا على حالها من التأثر بذلك الإكراه. ولا يصح القول بتغير حالها إلا إذا فرض أنها تعلم الغيب وهذا غير ممكن. إذا لوحظ هذا علم أنه حتى بقطع النظر عن الغش الذي يكون قد وقع من المتهم في إخفاء أمر الطلاق على المجنى عليهن وبعدم الاعتداد بهذا الغش إلا في التدليل على القصد الجنائي فإنهن كن ولا زلن إلى وقت علمهن بالطلاق في حال من الإكراه الأدبي مانعة لهن من حرية اختيار عدم الرضا. ويكفى تحقق هذا حتى يكون الموطن موطن تطبيق قاعدة الإكراه الأدبي التي أشار إليها العلماء والقضاء الفرنسي وأخذت بها محكمة النقض المصرية في حكمها سالف الذكر واعتمدها الحكم المطعون فيه. ولو أن نظام الزواج والطلاق في البلاد الأجنبية كان كنظامه عندنا وحدثت مثل الواقعة التي هي موضوع النظر الآن لرجحنا كثيرا أنه كان يؤخذ فيها بهذا الذي رأينا. ولكن اختلاف النظامين هو الذي منع من وقوع مثل هذه الحادثة عندهم.
وحيث إن المحكمة ترى أنه ليمكن تحقق الجريمة في مثل هذه الصورة يجب: (أولا) أن يثبت بطريقة قاطعة أن المواقعة حصلت فعلا بعد طلاق مانع شرعا من حل الاستمتاع. (ثانيا) أن يثبت بطريقة قاطعة أن المجنى عليها كانت جاهلة تمام الجهل عند المواقعة بسبق وقوع هذا الطلاق المزيل للحل. (ثالثا) أن تبين المحكمة اقتناعها بأن المجنى عليها لو كانت علمت بالطلاق لامتنعت عن الرضاء مع بيان وجه هذا الاقتناع. وأخيرا أن تبين المحكمة اقتناعها بأن كتمان أمر الطلاق قد تعمده الجاني قصدا.
وحيث إن الحكم المطعون فيه وإن كان يؤخذ منه أن المواقعة حصلت بعد الطلاق إلا أن عبارته فيها شيء من الإبهام جعل محلا لقول المتهم في طعنه بأن هذا الثبوت جاء فيه على سبيل الفرض. كما أنه لم يبين ما إذا كانت المواقعة حصلت بعد طلاق مانع من حل الاستمتاع شرعا أم بعد طلاق غير مانع. وكذلك هو لم يبين ما إذا كانت المجنى عليهن لو كنّ علمن بالطلاق لامتنعن عن الرضاء. وكل هذا قصور في بيان الواقعة وأسانيدها مبطل للحكم. وظاهر أن هذا القصور آت من أن المحكمة اعتبرت أن هناك رضاءً فلم تر محلا لأى بحث آخر.
وحيث انه لذلك يتعين قبول الطعن المرفوع من النيابة العامة ونقض الحكم وإعادة القضية لمحكمة الجنايات للحكم فيها ثانية من دائرة أخرى. وكذلك يتعين قبول طعن المتهم ونقض هذا الحكم فيما يتعلق بالتعويض المحكوم به عليه. لأن الحكم بالتعويض تابع لما يثبت بعد لدى المحكمة من وجود ما يقتضيه أو ما يمنع منه.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعنين المقدّمين من النيابة العمومية ومن المتهم شكلا وفى الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه برمته وإحالة القضية على محكمة جنايات طنطا للحكم فيها مجددا من دائرة أخرى في الدعويين العمومية والمدنية.


 (1) أصدرت محكمة النقض بجلسة 7 فبراير سنة 1927 برياسة معالي أحمد طلعت باشا في القضية رقم 310 سنة 44 ق (الطعن المرفوع من يعقوب معوّض وتادرس فرج ضد النيابة العمومية في قضيتها رقم 874 سنة 1925 - 1926) حكما قررت فيه أن العبرة في المواقعة هي بحصول الرضاء أيا كان سببه وأن احتيال المواقع وإدخاله الغش على من واقعها حتى ترضى بالوقاع لا عقاب عليه بمقتضى نصوص القانون وان كان هو في ذاته مدعاة للوم. وقد نشرنا هذا الحكم برمته فليراجع.

الطعن 1744 سنة 45 ق جلسة 8 / 11 / 1928 مج عمر ج 1 ق 6 ص 15

جلسة الخميس 8 نوفمبر سنة 1928

برياسة حضرة صاحب السعادة عبد العزيز فهمى باشا وبحضور حضرات مسيو سودان وأصحاب العزة محمد لبيب عطية بك وزكي برزي بك وحامد فهمي بك المستشارين.

------------

(6)
القضية رقم 1744 سنة 45 قضائية

(أ) محام. 
عدم حضوره تحقيق النيابة. لا بطلان.
)المادة 34 تحقيق)
)ب) تحقيق. 
طلب إجرائه من المحكمة الاستئنافية. لا إلزام.
)المادة 186 تحقيق)

-------------
1 - عدم حضور المحامي تحقيق النيابة لا يترتب عليه بطلان الحكم. لأن المادة 34 من قانون تحقيق الجنايات تجيز لها - من جهةٍ - التحقيق في غيبة المتهم ومحاميه ولا تحتم - من جهة أخرى - حضور المحامي وإلا كان العمل باطلا.
2 - الأصل أن المحكمة الاستئنافية تحكم فى الدعوى بغير إجراء أي تحقيق فيها. وما جاءت المادة 186 من قانون تحقيق الجنايات إلا لتسوّغ لها الأمر بما ترى لزومه من استيفاء تحقيق أو سماع شهود. فهي في ذلك لا تصدر إلا عما تراه. وإذن فلا يبطل حكمها إذا هي لم تجب المتهم إلى ما طلبه منها من المعاينات أو المضاهاة أو بينة النفي لدخول كل ذلك تحت سلطة تقديرها هي.

الطعن 1742 سنة 45 ق جلسة 8 / 11 / 1928 مج عمر ج 1 ق 5 ص 15

جلسة الخميس 8 نوفمبر سنة 1928

برياسة حضرة صاحب السعادة عبد العزيز فهمى باشا وبحضور حضرات مسيو سودان وأصحاب العزة محمد لبيب عطية بك وزكى برزي بك وحامد فهمي بك المستشارين.

------------

(5)
القضية رقم 1742 سنة 45 قضائية

تطبيق مادة بدلا من مادة. متى لا يكون فيه إخلال بحق الدفاع؟
(المواد 36 - 40 تشكيل محاكم الجنايات)

------------
لا إخلال بحق الدفاع في أن تطبق المحكمة المواد (181 و40 و41 ع) بدلا من المادتين (179 و180) الواردتين بقرار الإحالة على متهم دون أن تشعره بذلك ما دامت الوقائع التي هي موضوع المحاكمة لم تزل هي هي لم تتغير في ذاتها وإن كان الوصف القانوني الذى كيفت به قد عدّل، وما دام لم يترتب على تعديل الوصف هذا تشديد العقوبة عن الحدّ الذى كان منصوصا عنه في المواد الأصلية.

الطعن 1738 سنة 45 ق جلسة 8 / 11 / 1928 مج عمر ج 1 ق 4 ص 14

جلسة الخميس 8 نوفمبر سنة 1928

برياسة حضرة صاحب السعادة عبد العزيز فهمى باشا وبحضور حضرات مسيو سودان وأصحاب العزة محمد لبيب عطية بك وزكى برزى بك وحامد فهمى بك المستشارين.

---------

(4)
القضية رقم 1738 سنة 45 قضائية

إعلان المسجونين.
(المادة الأولى من دكريتو 24 مايو سنة 1901 "سجون")

----------------
إعلان الحكم لمسجون يقع صحيحا إذا سلمت صورته لمأمور السجن طبقا لأحكام الأمر العالي الصادر في 24 مايو سنة 1901 بتعديل بعض مواد الأمر الصادر في 9 فبراير سنة 1901 المتعلق بإعلان الأوراق للمسجونين.

الطعن 1732 سنة 45 ق جلسة 8 / 11 / 1928 مج عمر ج 1 ق 3 ص 14

جلسة الخميس 8 نوفمبر سنة 1928

برياسة حضرة صاحب السعادة عبد العزيز فهمى باشا وبحضور حضرات مسيو سودان وأصحاب العزة محمد لبيب عطية بك وزكى برزي بك وحامد فهمى بك المستشارين.

--------------

(3)
القضية رقم 1732 سنة 45 قضائية

متهم. اتهامه بعّدة تهم. الحكم عليه فيها بعقوبة واحدة. استئناف المتهم وحده. سلطة المحكمة الاستئنافية.
(المادة 32 عقوبات)

--------------
إن المبدأ الذى يحرم على محكمة الاستئناف تشديد العقوبة على المتهم ما دامت النيابة لم تستأنف الحكم الابتدائي إنما ينصب على مقدار العقوبة الذى يعتبر في هذه الحالة حدا أقصى لا يجوز لمحكمة الاستئناف أن تتعداه. ولا يتناول هذا المبدأ المسائل الأخرى إذ تحتفظ محكمة الاستئناف بحريتها في تقدير جميع العناصر الأخرى الخاصة بالعقوبة المستأنف بسببها. فلها أن تقضى بالبراءة من بعض التهم التي يكون الحكم الابتدائي اعتبرها ثابتة وحكم فيها جميعا بعقوبة واحدة عملا بالمادة 32 عقوبات. وفى هذه الحالة يكون لها أن تؤيد مقدار تلك العقوبة الواحدة عن التهمة أو التهم التي اعتبرتها ثابتة ما دام أن العقوبة المقررة قانونا لهذه التهمة أو التهم لا تقل في نهايتها عن المقدار الذى قضى به الحكم المستأنف (1).


 (1) يراجع في هذا المعنى: دالوز العملي (الجزء الأول صفحة 496 نبذة 273).


الطعن 1116 سنة 45 ق جلسة 8 / 11 / 1928 مج عمر ج 1 ق 2 ص 13

جلسة الخميس 8 نوفمبر سنة 1928

برياسة حضرة صاحب السعادة عبد العزيز فهمى باشا وبحضور حضرات مسيو سودان وأصحاب العزة محمد لبيب عطية بك وزكى برزى بك وحامد فهمى بك المستشارين.

-------------

(2)
القضية رقم 1116 سنة 45 قضائية

قنابل. ديناميت. مفرقعات. ماهيتها. إحرازها. خراطيش ورصاص. إحرازها. عدم العقاب عليه.
(المادة 317 مكررة ع)

--------------
إن المقصود من عبارة "مفرقعات أخرى" الواردة بالمادة 317 مكررة عقوبات الخاصة بإحراز القنابل أو الديناميت إنما هو المواد التي من قبيل القنابل والديناميت والتي من شأنها أن تستعمل لتدمير الأموال الثابتة أو المنقولة. لأن غرض الشارع من إيراد هذا النص الذى جاء به القانون نمرة 37 سنة 1923 هو العقاب على صنع هذه المواد أو استيرادها أو إحرازها بعد أن كان القانون قبل سنة 1923 لا يعاقب إلا على تدمير الأموال.
وعليه فالخراطيش والرصاص التي تقذف بواسطة البنادق والطبنجات ونحوها من الأسلحة النارية والتي تحتوي على رش أو رصاص وشيء من البارود كاف لانطلاقها، وإن كانت في الواقع مفرقعة إلا أنها - نظرا لقلة كمية البارود أو المادة المنفجرة التي تكون بها - قد حدد العرف موطن استعمالها وحصره في إصابة الحيوان من إنسان وغير إنسان. وطريقة صنعها نفسها ملاحظ فيها صلاحيتها لهذا الغرض الخاص بالذات. ولذلك فلا يمكن اعتبارها من قبيل المفرقعات التي تستعمل لتدمير الأموال. وإذن فلا عقاب على من أحرزها ولا محل لتطبيق المادة 317 ع مكررة عليه.