جلسة 7 فبراير سنة 1981
برئاسة السيد المستشار
أحمد ممدوح عطية رئيس المحكمة، وحضور السادة المستشارين/ فاروق محمود سيف النصر
ومحمد فهمى حسن عشري وكمال سلامة عبد الله ود. فتحي عبد الصبور ومحمد على راغب
وممدوح مصطفى حسن - أعضاء،
والسيد/ المستشار د. محمد
أبو العينين - المفوض،
والسيد/ سيد عبد الباري
إبراهيم - أمين السر.
-----------------
(3)
القضية رقم 7 لسنة 1
قضائية "دستورية"
(1) قانون - شكله الدستوري
- النص في ديباجته على صدوره بعد موافقة مجلس الرياسة وتوقيعه من رئيس الدولة ثم
نشره بالجريدة الرسمية - استيفاؤه بذلك الشكل الدستوري.
(2) قانون - أثر رجعى
-
الأثر الرجعى للقوانين في غير المواد الجنائية - جوازه تحقيقا للصالح العام - مثال
ذلك.
(3) مصادرة
- انتفاؤها
بالنص على أداء مقابل للأطيان الزراعية التي كانت مملوكة للأجانب وآلت ملكيتها إلى
الدولة.
(4) اللجان القضائية
للإصلاح الزراعي - طبيعتها -
ما تصدره من قرارات تعتبر أحكاماً قضائية - أساس ذلك.
(5) حق التقاضي -
قصره
على درجة واحدة مما يستقل المشرع بتقديره.
(6) مبدأ المساواة
-
للمشرع وضع شروط عامة مجردة تحدد المراكز القانونية التي يتساوى بها الأفراد أمام
القانون.
---------------
1 - ينص الإعلان الدستوري
الصادر في 27/ 9/ 1962 بشأن التنظيم السياسي لسلطات الدولة العليا في مادته
الثالثة على أن يتولى رئيس الجمهورية إصدار المعاهدات والقوانين والقرارات التي يوافق
عليها مجلس الرياسة. ولما كان الثابت في ديباجة القانون رقم 15 لسنة 1963 بحظر
تملك الأجانب للأراضي الزراعية وما في حكمها أنه صدر بعد موافقة مجلس الرياسة وقد
وقعه رئيس الدولة ونشر في الجريدة الرسمية، فإنه يكون بذلك قد استوفى الشكل الدستوري
للقوانين بحيث لا ينال من سلامته ما ينسبه المدعيان إلى بعض أعضاء مجلس الرياسة من
أقوال مرسلة لم يقم عليها دليل.
2 - المبدأ الدستوري الذي
يقضى بعدم سريان أحكام القوانين إلا على ما يقع من تاريخ العمل بها ولا يرتب عليها
أثر فيما وقع قبله، وإن كان يستهدف أساساً احترام الحقوق المكتسبة ومراعاة
الاستقرار الواجب للمعاملات، إلا أن الدساتير المصرية المتعاقبة منذ دستور سنة
1923 حتى الدستور الحالي إذ أجازت للمشرع استثناء من هذا المبدأ أن يقرر الأثر
الرجعى للقانون - في غير المواد الجنائية - وذلك بشروط محددة، تكون قد افترضت
بداهة احتمال أن يؤدى هذا الاستثناء إلى المساس بالحقوق المكتسبة وآثرت عليها ما
يحقق الصالح العام للمجتمع. ولما كان القانون رقم 15 لسنة 1963 قد صدر من رئيس
الجمهورية بناء على دستور سنة 1958 المؤقت والإعلان الدستوري بشأن التنظيم السياسي
لسلطات الدولة العليا الصادر في 27/ 9/ 1962 الذي عهد بسلطة التشريع مؤقتاً إلى
مجلس الرياسة بغير أية قيود، وخول رئيس الجمهورية سلطة إصدار القوانين التي يوافق
عليها ذلك المجلس، وكانت ولاية التشريع بذلك قد انتقلت كاملة إلى مجلس الرياسة
أثناء فترة الانتقال بحيث يتولاها كما تتولاها السلطة التشريعية بكافة حقوقها في مجال
التشريع ومنها رخصة إصدار القوانين بأثر رجعى - طبقاً للمادة 66 من دستور سنة 1958
المؤقت - متى اقتضى ذلك الصالح العام، فإن القانون رقم 15 لسنة 1963 إذ نص في مادته
الثانية على عدم الاعتداد بالتصرفات التي صدرت من الملاك الأجانب ما لم تكن ثابتة
التاريخ قبل يوم 23 ديسمبر سنة 1961 مستهدفاً بذلك الصالح العام - على ما جاء
بمذكرته الإيضاحية - رغبة في استقرار المعاملات بالنسبة للعقود التي أبرمت قبل هذا
التاريخ، وهو تاريخ الإعلان عن الأحكام التي تضمنها هذا القانون، لا يكون قد خالف
المبدأ الدستوري المستقر الذي يجيز على سبيل الاستثناء تقرير الأثر الرجعى لبعض
القوانين.
3 - أوضحت المادتان
الرابعة والخامسة من القانون رقم 15 لسنة 1963 المقابل الذي تدفعه الدولة إلى
الملاك الأجانب الخاضعين لأحكامه، كما أن حقوق من تعاملوا معهم ولم يعتد بتصرفات
هؤلاء الملاك إليهم تحكمها القواعد العامة للعقود بما في ذلك حقهم في الرجوع عليهم
بما سددوه من ثمن، وبالتالي فإن تقرير الأثر الرجعى لهذا القانون لا يكون قد تضمن
أية مصادر للملكية الخاصة.
4 - مؤدى ما نصت عليه
المواد 13 مكرراً من المرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952 والمادة 27 من لائحته
التنفيذية وما جاء بالمذكرات الإيضاحية للقانون رقم 131 لسنة 1953 وللقانون رقم 11
لسنة 1972 أن اللجنة القضائية للإصلاح الزراعي هي جهة قضائية مستقلة عن جهتي
القضاء العادي الإداري أنشأها المشرع وخصها بالفصل دون سواها في المنازعات
المتعلقة بقانون الإصلاح الزراعي ثم عهد إليها بعد ذلك بالفصل فيما ينشأ من
منازعات عن تطبيق أحكام القانون رقم 15 لسنة 1963 بحظر تملك الأجانب للأراضي
الزراعية وما في حكمها، وذلك بإتباع إجراءات قضائية لها كافة سمات إجراءات التقاضي
وضماناته وتؤدي إلى سرعة البت في هذه المنازعات حتى يحسم أمرها ويتحقق بذلك ما تغياه
المشرع من إصدار هذه التشريعات، وبالتالي فإن القرارات التي تصدرها هذه اللجنة
تعتبر بحسب طبيعتها أحكاماً قضائية وليست قرارات إدارية.
5 - قصر التقاضي على درجة
واحدة مما يستقل المشرع بتقديره وفقاً لظروف بعض المنازعات وما يقتضيه الصالح
العام من سرعة حسمها.
6 - مبدأ المساواة بين
المواطنين في الحقوق لا يعنى المساواة بين جميع الأفراد رغم اختلاف ظروفهم
ومراكزهم القانونية، إذ يملك المشرع لمقتضيات الصالح العام وضع شروط عامة مجردة
تحدد المراكز القانونية التي يتساوى بها الأفراد أمام القانون، بحيث يكون لمن
توافرت فيهم هذه الشروط دون سواهم أن يمارسوا الحقوق التي كفلها لهم المشرع، وينفى
مناط المساواة بينهم وبين من تخلفت بالنسبة إليهم هذه الشروط.
الإجراءات
بتاريخ 21/ 3/ 1977 أودع
المدعيان صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة طالبين الحكم بعدم دستورية القانون
رقم 15 لسنة 1963 بحظر تملك الأجانب للأراضي الزراعية وما في حكمها وكل من
المادتين 2 و 9 من هذا القانون، والمادة 6 من القرار بقانون رقم 69 لسنة 1971
بتعديل بعض أحكام المرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952 بالإصلاح الزراعي والقانون رقم
15 لسنة 1963 المشار إليه.
وقدمت إدارة قضايا
الحكومة مذكرة طلبت فيها رفض الدعوى، وبعد تحضير الدعوى أودعت هيئة المفوضين
تقريراً برأيها.
ونظرت الدعوى على الوجه
المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق
وسماع الإيضاحات والمداولة.
حيث إن الدعوى استوفت
أوضاعها القانونية.
وحيث إن الوقائع - على ما
يبين من صحيفة الدعوة وسائر الأوراق - تتحصل في أن المدعيين كانا قد أقاما
الاعتراض رقم 1001 سنة 1970 أمام اللجنة القضائية للإصلاح الزراعي طالبين الاعتداد
بعقد البيع العرفي الصادر إليهما من أحد الأجانب بتاريخ 2/ 1/ 1961 عن أطيان
زراعية مساحتها 8، 5، 1 ف، وبجلسة 5/ 11/ 1970 قررت اللجنة رفض الاعتراض، طعن
المدعيان في هذا القرار أمام المحكمة الإدارية العليا بالطعن رقم 742 سنة 18 ق،
ودفعا أثناء نظره بعدم دستورية القانون رقم 15 لسنة 1963 بحظر تملك الأجانب للأراضي
الزراعية وما في حكمها لعدم عرضه على مجلس الرياسة وبعدم دستورية كل من المادة
الثانية والفقرة الثانية من المادة التاسعة من هذا القانون، والمادة السادسة من
القرار بقانون رقم 69 لسنة 1971 بتعديل بعض أحكام المرسوم بقانون رقم 178 لسنة
1952 بالإصلاح الزراعي والقانون رقم 15 لسنة 1963 المشار إليه. وبجلسة 21/ 12/
1976 قررت المحكمة وقف الفصل في الدعوى وأمهلت المدعيين ثلاثة أشهر لرفع دعواهما
الدستورية، فأقاما الدعوى الماثلة.
وحيث إن المدعيين يطلبان
الحكم بعدم دستورية القانون رقم 15 لسنة 1963 بحظر تملك الأجانب للأراضي الزراعية
وما في حكمها لما شابه من عيب شكلي بعدم عرضه على مجلس الرياسة عملاً بأحكام
الإعلان الدستوري الصادر سنة 1962 استناداً إلى أن بعض أعضاء المجلس قرروا أن
القوانين التي صدرت في وقت معاصر لصدور القانون رقم 15 لسنة 1963 كانت تصدر من
رئيس المجلس دون عرضها على الأعضاء.
وحيث إن هذا النعي غير
سديد، ذلك أن هذا القانون صدر في ظل العمل بالإعلان الدستوري الصادر في 27/ 9/
1962 بشأن التنظيم السياسي لسلطات الدولة العليا والذى نص في مادته الثالثة على أن
يتولى رئيس الجمهورية إصدار المعاهدات والقوانين والقرارات التي يوافق عليها مجلس
الرياسة. ولما كان الثابت في ديباجة القانون أنه صدر بعد موافقة مجلس الرياسة وقد
وقعه رئيس الدولة ونشر في الجريدة الرسمية، فإنه يكون بذلك قد استوفى الشكل الدستوري
للقوانين بحيث لا ينال من سلامته ما ينسبه المدعيان إلى بعض أعضاء مجلس الرياسة من
أقوال مرسلة لم يقم عليها دليل، الأمر الذي يتعين معه اطراح هذا النعي.
وحيث أن مبنى النعي على
المادة الثانية من القانون رقم 15 لسنة 1963 أنها إذ نصت على أن "تؤول إلى
الدولة ملكية الأراضي الزراعية وما في حكمها من الأراضي القابلة للزراعة والبور
والصحراوية المملوكة للأجانب وقت العمل بهذا القانون... ولا يعتد في تطبيق أحكام
هذا القانون بتصرفات الملاك الخاضعين لأحكامه ما لم تكن صادرة إلى أحد المتمتعين
بجنسية الجمهورية العربية المتحدة وثابتة التاريخ قبل يوم 23 من ديسمبر سنة
1961"، تكون قد جعلت للحكم الوارد فيها أثراً رجعياً إلى أكثر من عام سابق
على صدور القانون مما يترتب عليه إخلال خطير بالحقوق المكتسبة يتمثل في نزع ملكية
ما اشتراه مصريون من أجانب بعقود صحيحة صدرت من مالكيها وثبت تاريخها بعد 23
ديسمبر سنة 1961 وقبل 19 يناير سنة 1963 تاريخ العمل بهذا القانون، رغم أنه من
المقرر أن المشرع لا يجب أن يلجأ إلى الأثر الرجعى إلا لمصلحة عليا خطيرة أو لرفع
غبن الأمر الذي لا يتوافر بالنسبة للنص المطعون بعدم دستوريته، وذلك بالإضافة إلى
أن هذا الأثر الرجعى أدى إلى مصادرة للملكية الخاصة بغير تعويض لأن الدولة في واقع
الأمر تستولى من صغار الفلاحين على الأراضي التي اشتروها من أجانب وسددوا لهم
ثمنها كاملاً.
وحيث إن هذا النعي مردود،
ذلك أن المبدأ الدستوري الذي يقضي بعدم سريان أحكام القانون إلا على ما يقع من
تاريخ العمل بها ولا يرتب عليها أثراً فيما وقع قبلها، وأن كان يستهدف أساساً
احترام الحقوق المكتسبة ومراعاة الاستقرار الواجب للمعاملات، إلا أن الدساتير
المصرية المتعاقبة منذ دستور سنة 1923 حتى الدستور الحالي إذ أجازت للمشرع استثناء
من هذا المبدأ أن يقرر الأثر الرجعى للقوانين - في غير المواد الجنائية - وذلك
بشروط محددة، تكون قد افترضت بداهة احتمال أن يؤدى هذا الاستثناء إلى المساس
بالحقوق المكتسبة وآثرت عليها ما يحقق الصالح العام للمجتمع. ولما كان القانون رقم
15 لسنة 1963 المشار إليه قد صدر من رئيس الجمهورية بناء على دستور سنة 1958 المؤقت
والإعلان الدستوري بشأن التنظيم السياسي لسلطات الدولة العليا الصادر في 27/ 9/
1962 الذي عهد بسلطة التشريع مؤقتاً إلى مجلس الرياسة بغير أية قيود، وخول رئيس
الجمهورية سلطة إصدار القوانين التي يوافق عليها ذلك المجلس، وكانت ولاية التشريع
بذلك قد انتقلت كاملة إلى مجلس الرياسة أثناء فترة الانتقال بحيث يتولاها كما
تتولاها السلطة التشريعية بكافة حقوقها في مجال التشريع ومنها رخصة إصدار القوانين
بأثر رجعى - طبقاً للمادة 66 من دستور سنة 1958 المؤقت - متى اقتضى ذلك الصالح
العام، فإن القانون رقم 15 لسنة 1963 إذ نص في مادته الثانية على عدم الاعتداد
بالتصرفات التي صدرت من الملاك الأجانب ما لم تكن ثابتة التاريخ قبل 23 ديسمبر سنة
1961 مستهدفاً بذلك الصالح العام - على ما جاء بمذكرته الإيضاحية - رغبة في استقرار
المعاملات بالنسبة للعقود التي أبرمت قبل هذا التاريخ، وهو تاريخ الإعلان عن
الأحكام التي تضمنها هذا القانون، لا يكون قد خالف المبدأ الدستوري المستقر الذي يجيز
على سبيل الاستثناء تقرير الأثر الرجعى لبعض القوانين.
لما كان ذلك وكان ما ذهب
إليه المدعيان من أن تقرير هذا الأثر الرجعى قد أدى إلى مصادرة للملكية الخاصة غير
صحيح، ذلك أن المادتين الرابعة والخامسة من القانون رقم 15 لسنة 1963 أوضحتا
المقابل الذي تدفعه الدولة إلى الملاك الأجانب الخاضعين لأحكامه، أما حقوق من
تعاملوا معهم ولم يعتد بتصرفات هؤلاء الملاك إليهم فإن القواعد العامة للعقود هى
التي تحكم العلاقة بينهم بما في ذلك حقهم في الرجوع عليهم بما سددوه من ثمن، وبالتالي
لا يكون تقرير الأثر الرجعى قد تضمن أية مصادر للملكية الخاصة، ويكون ما يثيره
المدعيان بشأن عدم دستورية المادة الثانية من القانون رقم 15 لسنة 1963 المشار
إليه على غير أساس.
وحيث إن المدعيين ينعيان
على الفقرة الثانية من المادة التاسعة من القانون رقم 15 لسنة 1963 المشار إليه -
قبل تعديلها بالقرار بقانون رقم 69 لسنة 1971 - أنها بما نصت عليه من عدم جواز
الطعن بالإلغاء أو وقف التنفيذ في قرارات اللجنة القضائية للإصلاح الزراعي التي تختص
بالفصل في المنازعات الناشئة عن تطبيق أحكام القانون رقم 15 لسنة 1963، تكون قد
خالفت المادة 68 من الدستور لمصادرة حق الطعن فيها في حين أنها قرارات إدارية لا
يجوز تحصينها من رقابة القضاء.
وحيث إن الفقرة الأولى من
المادة التاسعة من القانون رقم 15 لسنة 1963 تنص على أنه "تختص اللجنة
القضائية للإصلاح الزراعي المنصوص عليها في المادة 13 مكرراً من المرسوم بقانون
رقم 178 لسنة 1952 المشار إليه بالفصل في المنازعات الناشئة عن تطبيق أحكام هذا
القانون".
وحيث إن المادة 13 مكرراً
من المرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952 بالإصلاح الزراعي المعدلة بالقرار بقانون رقم
381 لسنة 1956 - وقبل تعديلها بالقرار بقانون رقم 69 لسنة 1971 - كانت تنص في فقرتها
الثانية على أن "... تشكل لجنة قضائية أو أكثر من مستشار من المحاكم يختاره
وزير العدل تكون له الرياسة ومن عضو بمجلس الدولة ومندوب اللجنة العليا للإصلاح الزراعي
ومندوب عن الشهر العقاري وآخر عن مصلحة المساحة وتكون مهمتها في حالة المنازعة
تحقيق الإقرارات والديون العقارية وفحص ملكية الأراضي المستولى عليها، وذلك لتعيين
ما يجب الاستيلاء عليه طبقاً لأحكام هذا القانون. كما تختص هذه اللجنة بالفصل في المنازعات
الخاصة بتوزيع الأراضي المستولى عليها"، كما نصت الفقرة الرابعة منها على أن
".. تعين اللائحة التنفيذية الإجراءات التي تتبع في رفع المنازعات أمام
اللجنة القضائية وكيفية الفصل فيها". ونصت المادة 27 من هذه اللائحة
التنفيذية - بعد تعديلها بقرار رئيس الجمهورية الصادر في 31 يناير سنة 1957 - على
أن "تقوم اللجنة القضائية - في حالة المنازعة - بتحقيق الإقرارات وفحص
الملكية والحقوق العينية وإجراءات التوزيع ولها في سبيل ذلك تطبيق المستندات وسماع
أقوال من ترى لزوماً لسماع أقوالهم وتكليف المستولى لديهم أو من وزعت الأرض عليهم
وغيرهم من ذوى الشأن الحضور أمامها لإبداء ملاحظاتهم وتقديم ما تطلبه منهم من
بيانات أو مستندات ويكون التكليف بكتاب موصى عليه بعلم الوصول قبل الجلسة بأسبوع
على الأقل. ولذوي الشأن أن يحضروا أمام اللجنة بأنفسهم أو ينيبوا عنهم محامياً في الحضور
وللجنة الاستعانة بمن ترى الاستعانة بهم من الموظفين الفنيين أو الإداريين أو
غيرهم من ذوى الخبرة ولا يكون انعقاد اللجنة صحيحاً إلا بحضور جميع أعضائها وتصدر
قراراتها بالأغلبية المطلقة وتكون مسببة".
وجاء بالمذكرة الإيضاحية
للقانون رقم 131 لسنة 1953 بتعديل بعض أحكام المرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952
المشار إليه - في شأن اللجنة القضائية للإصلاح الزراعي - أنه "ونظراً
لأهميتها خلع عليها صفة قضائية وحددت طريقة تشكيلها ليكفل لذوى الشأن من الضمانات
ما يكفله لهم القضاء العادي في هذا النوع من مسائل فيتم بذلك التوفيق بين مصالح
الأفراد من جهة ومصلحة الدولة في سرعة البت في مسائل ملكية الأراضي المستولى
عليها". وهو ما أشارت إليه أيضاً المذكرة الإيضاحية للقرار بقانون رقم 381
لسنة 1956 بتعديل المادة 13 مكررا سالفة الذكر فيما أوردته من أنه "ولذلك
أنشئت لجنة قضائية روعي في تشكيلها أن تكفل لذوى الشأن من الضمانات ما تكفله لهم
جهات القضاء.." كما أوضحت المذكرة الإيضاحية للقانون رقم 11 لسنة 1972 بإلغاء
موانع التقاضي في بعض القوانين، أنه بما تضمنه هذا القانون من إلغاء للنصوص
الواردة في قوانين الإصلاح الزراعي التي كانت تحصن الأعمال والقرارات الإدارية من
رقابة القضاء "... لم يعد هناك أي مانع من موانع التقاضي في هذه الحالات،
فضلاً عما كان قد استقر عليه قضاء محكمة النقض من اعتبار اللجنة القضائية المشكلة
طبقاً لقانون الإصلاح الزراعي جهة قضائية مستقلة بالنسبة لما خصها المشرع بنظره من
تلك المنازعات (نقض مدنى جلسة 23 ديسمبر سنة 1965، الطعن رقم 260 لسنة 31 القضائية)".
وحيث إن مؤدى ما تقدم أن
اللجنة القضائية للإصلاح الزراعي هي جهة قضائية مستقلة عن جهتي القضاء العادي الإداري
أنشأها المشرع وخصها بالفصل دون سواها في المنازعات المتعلقة بقانون الإصلاح الزراعي
ثم عهد إليها بعد ذلك بالفصل فيما ينشأ من منازعات عن تطبيق أحكام القانون رقم 15
لسنة 1963 بحظر تملك الأجانب للأراضي الزراعية وما في حكمها، وذلك بإتباع إجراءات
قضائية لها كافة سمات إجراءات التقاضي وضماناته وتؤدى إلى سرعة البت في هذه
المنازعات حتى يحسم أمرها ويتحقق بذلك ما تغياه المشرع من إصدار هذه التشريعات.
وقد أفصح المشرع عن الصفة القضائية للجنة الإصلاح الزراعي في المذكرات الإيضاحية
للقانون رقم 131 لسنة 1953 والقانون رقم 381 لسنة 1956 بتعديل بعض أحكام قانون
الإصلاح الزراعي والقانون رقم 11 لسنة 1972 بشأن إلغاء موانع التقاضي على ما سلف
بيانه، وبالتالي فإن القرارات التي تصدرها اللجنة القضائية للإصلاح الزراعى تعتبر
بحسب طبيعتها أحكاماً قضائية وليست قرارات إدارية. لما كان ذلك، وكان قصر التقاضي
على درجة واحدة مما يستقل المشرع بتقديره وفقاً لظروف بعض المنازعات وما يقتضيه
الصالح العام من سرعة حسمها، فإن ما ينعاه المدعيان على الفقرة الثانية من المادة
التاسعة من القانون رقم 15 لسنة 1963 المشار إليها من أنها تتضمن مصادرة لحق الطعن
في القرارات الإدارية وتحصنها من رقابة القضاء بالمخالفة لما تقضى به المادة 68 من
الدستور، يكون غير سديد.
وحيث إن مبنى النعي على
المادة السادسة من القرار بقانون رقم 69 لسنة 1971 أنها إذ لم تجز الطعن في القرارات
الصادر قبل العمل بأحكام هذا القانون من اللجان القضائية للإصلاح الزراعي في المنازعات
الناشئة عن تطبيق القانون رقم 15 لسنة 1963 بحظر تملك الأجانب للأراضي الزراعية
وما في حكمها، بينما أجازت الطعن فيما أصدرته تلك اللجان من قرارات في شأن
المنازعات المتعلقة بالمرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952 والقانون رقم 127 لسنة 1961
بالإصلاح الزراعي، تكون قد أهدرت مبدأ المساواة بين المواطنين الذي نص عليه
الدستور في المادة 40 منه، بأن أجازت لبعض الأفراد الطعن في قرارات تلك اللجان
وحظرته على آخرين.
وحيث إن هذا النعي مردود،
ذلك أن مبدأ المساواة بين المواطنين في الحقوق لا يعنى المساواة بين جميع الأفراد
رغم اختلاف ظروفهم ومراكزهم القانونية، إذ يملك المشرع لمقتضيات الصالح العام وضع
شروط عامة مجردة تحدد المراكز القانونية التي يتساوى بها الأفراد أمام القانون،
بحيث يكون لمن توافرت فيهم هذه الشروط دون سواهم أن يمارسوا الحقوق التي كفلها لهم
المشرع، وينتفى مناط المساواة بينهم وبين من تخلفت بالنسبة إليهم هذه الشروط. لما
كان ذلك وكانت المادة السادسة من القرار بقانون رقم 69 لسنة 1971 قد أجازت لأطراف
النزاع الطعن في قرارات اللجان القضائية للإصلاح الزراعي الصادر قبل العمل بأحكام
هذا القانون إذا توافرت شروط معينة، أولها - وهو الشرط المطعون بعدم دستوريته - أن
يكون القرار قد صدر في إحدى المنازعات المتعلقة بتطبيق أحكام المرسوم بقانون رقم
178 لسنة 1952 بالإصلاح الزراعي أو القانون رقم 127 لسنة 1961 بتعديل بعض أحكامه،
وكان هذا النص موجهاً إلى كافة من تماثلت ظروفهم ومراكزهم القانونية من أطراف
المنازعات الناشئة عن قوانين الإصلاح الزراعي وتوافر له بذلك شرطاً العموم والتجريد،
وكان تنظيم طرق الطعن المختلفة بقصرها على منازعات معينة وعدم إجازة الطعن في غيرها
مراعاة لاختلاف ظروف كل منهما وتحقيقاً للصالح العام، مما يستقل المشرع بتقديره،
فإن النعي على المادة السادسة المشار إليها بالإخلال بمبدأ المساواة يكون على غير
أساس.
وحيث إنه لما تقدم يتعين
رفض الدعوى.
لهذه
الأسباب
حكمت المحكمة برفض الدعوى
وألزمت المدعيين المصروفات ومبلغ ثلاثين جنيهاً مقابل أتعاب المحاماة.
أصدرت المحكمة في جلسة 7
فبراير سنة 1981 حكما في القضية رقم 8 لسنة 1 ق تضمن ذات المبادئ كما أصدرت حكما
في القضية رقم 12 لسنة 1 ق تضمن المبادئ أرقام 2، 3، 4، 5.