جلسة 10 من أبريل سنة 2017
برئاسة السيد القاضي/ فتحي محمد حنضل نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة
القضاة/ عبد الباري عبد الحفيظ، السيد الطنطاوي، أحمد فراج وطارق خشبة نواب رئيس
المحكمة.
---------------
(77)
الطعن رقم 2944 لسنة 79 القضائية
(1) نقض" أسباب الطعن بالنقض: الأسباب
المتعلقة بالنظام العام".
أسباب الطعن المتعلقة بالنظام العام. للخصوم والنيابة العامة إثارتها
ولو لم يسبق التمسك بها أمام محكمة الموضوع أو في صحيفة الطعن. شرطه. توافر عناصر
الفصل فيها من الوقائع والأوراق السابق عرضها على محكمة الموضوع وورودها على الجزء
المطعون فيه من الحكم. م 253 مرافعات.
(2) اختصاص" الاختصاص المتعلق بالولاية:
تعلقه بالنظام العام".
الاختصاص الولائي أو القيمي أو النوعي. اعتباره مطروحا دائما على
المحكمة. الحكم الصادر في موضوع الدعوى. اشتماله على قضاء ضمني في الاختصاص. الطعن
فيه. انسحابه بالضرورة على القضاء في الاختصاص ولو لم يثر من الخصوم أو النيابة.
أثره. وجوب تصدي المحكمة له من تلقاء ذاتها.
(3) دعوى" انقضاء الدعوى الجنائية
بالوفاة".
انقضاء الدعوى الجنائية بالوفاة. لا يحول دون القضاء بالرد في الجرائم
المنصوص عليها في المواد 112 و113/ 1، 2، 3 و113 مكررا/ 1 و114 و115 عقوبات.
(4 - 6) رد.
(4) الرد. عدم اعتباره عقوبة. مقصوده. إعادة الحال إلى ما كان عليه قبل
وقوع الجريمة وتعويض الدولة عن مالها الذي أضاعه المتهم عليها. مؤداه. اقتصار
الحكم به على ما نسب للمحكوم عليه إضاعته من أموال الدولة ومن في حكمها في هذا
الخصوص.
(5) صدور حكم جنائي غيابي
ضد مورث الطاعنين برد المبالغ التي تحصل عليها مورثهم من الجرائم المنصوص عليها في
المواد 112، 113/ 1، 2، 4، 113 مكرر/1، 114، 115 عقوبات. مؤداه. اختصاص ذات
المحكمة بإصدار حكم برد تلك المبالغ في مواجهة ورثته كل منهم بقدر استفادته وفقا
لقواعد قانوني الإجراءات الجنائية والعقوبات. وجوب اختصامهم من قبل النيابة العامة
ليصدر الحكم برد هذه المبالغ في مواجهتهم.
(6) الدعوى بإلزام
الطاعنين والمطعون ضدها الثانية برد المبالغ التي اختلسها مورثهم المحكوم عليه
جنائيا من الشركة المطعون ضدها الأولى. الاختصاص بنظرها. معقود للمحكمة الجنائية
مصدرة الحكم الجنائي. انحساره عن المحكمة المدنية، مخالفة الحكم المطعون فيه ذلك
النظر. خطأ ومخالفة للقانون.
(7) نقض" نقض الحكم: أثر نقض الحكم
للاختصاص".
نقض الحكم لمخالفة قواعد الاختصاص. أثره. اقتصار المحكمة على الفصل في
مسألة الاختصاص وعند الاقتضاء تعيين المحكمة المختصة التي يجب التداعي إليها
بإجراءات جديدة. م 269/1 مرافعات.
---------------------
1 - المقرر- في قضاء محكمة النقض– أنه لما كان مفاد نص المادة 253 من
قانون المرافعات إنه يجوز للخصوم كما هو الشأن بالنسبة للنيابة ولمحكمة النقض
إثارة الأسباب المتعلقة بالنظام العام ولو لم يسبق التمسك بها أمام محكمة الموضوع
أو في صحيفة الطعن متى توافرت عناصر الفصل فيها من الوقائع والأوراق التي سبق
عرضها على محكمة الموضوع ووردت هذه الأسباب على الجزء المطعون فيه من الحكم وليس
على جزء آخر منه أو حكم سابق عليه لا يشمله الطعن.
2 - المقرر- في قضاء محكمة النقض– أن مسألة
الاختصاص الولائي أو القيمي أو النوعي تعتبر قائمة في الخصومة ومطروحة دائما على
محكمة الموضوع لتعلقها بالنظام العام، إذ إن الحكم الصادر في موضوع الدعوى يشتمل
حتما على قضاء ضمني في الاختصاص، والطعن على الحكم الصادر في الموضوع ينسحب
بالضرورة وبطريق اللزوم على القضاء في الاختصاص سواء أثار الخصوم مسألة الاختصاص
أو لم يثيروها وسواء أبدتها النيابة العامة أو لم تبدها، فواجب المحكمة يقتضيها أن
تتصدى لها من تلقاء ذاتها.
3 - إن نص المادة 208 مكررا "د" من
قانون الإجراءات الجنائية قد جرى على أنه "لا يحول انقضاء الدعوى الجنائية
بالوفاة قبل أو بعد إحالتها إلى المحكمة دون قضائها بالرد في الجرائم المنصوص
عليها في المواد 112، 113 فقرة أولى وثانية ورابعة، 113 مكررا فقرة أولى، 114، 115
من قانون العقوبات، وعلى المحكمة أن تأمر بالرد في مواجهة الورثة والموصى لهم وكل
من أفاد فائدة جدية من الجريمة ليكون الحكم بالرد نافذا في أموال كل منهم بقدر ما
استفاد".
4 - المقرر- في قضاء محكمة النقض- أنه وإن
كان الرد في جميع صوره لا يعتبر عقوبة إذ المقصود منه إعادة الحال إلى ما كان عليه
قبل وقوع الجريمة وتعويض الدولة عن مالها الذي أضاعه المتهم عليها بما لازمه
ومؤداه وصحيح دلالته حسب الحكمة المبتناة من تقريره أن يقتصر الحكم به على ما نسب
للمحكوم عليه إضاعته من أموال على الدولة ومن في حكمها في هذا الخصوص.
5 - إذا كان الحكم بإلزام الورثة برد المبالغ
التي تحصل عليها مورثهم من الجرائم المنصوص عليها في المواد سالفة الذكر من قانون
العقوبات وهو قضاء محكمة الجنايات التي أصدرت الحكم الجنائي بالعقوبة الجنائية
والعقوبات التكميلية المقضي بها، ومن ثم فإن محكمة الجنايات ببورسعيد التي أصدرت
الحكم في القضية رقم ... لسنة 83 ج الشرق والمقيدة برقم ... لسنة 1983 كلي بورسعيد
هي المختصة أصلا بإصدار حكم برد المبالغ المتحصل عليها من الجرائم المنصوص عليها
في المواد سالفة الذكر في مواجهة الورثة ليكون الحكم نافذا في أموال كل منهم بقدر
ما استفاد في ضوء القواعد التي أرساها قانون الإجراءات الجنائية وقانون العقوبات
ولا يحول دون ذلك أن يكون الحكم قد صدر غيابيا ضد مورث الطاعنين إذ إن على النيابة
العامة اختصامهم في الجناية المشار إليها ليصدر الحكم برد هذه المبالغ في مواجهتهم
ليكون نافذا قبلهم على النحو المشار إليه.
6 - إذ كانت الدعوى المطروحة تدور حول إلزام
الطاعنين والمطعون ضدها الثانية برد المبالغ التي اختلسها مورثهم من الشركة
المطعون ضدها الأولى والذي حكم عليه غيابيا في القضية سالفة البيان بالأشغال
الشاقة المؤقتة لمدة خمسة عشر عاما وبرد مبلغ 2240571.132 جنيها وبتغريمه مثل هذا
المبلغ، وكانت هذه الدعوى بحسب حقيقتها ومرماها وفي تكيفها القانوني الصحيح أنها
بطلب رد المبالغ التي ضاعت على الشركة من جراء ما فعله المتهم وإعادة الحالة إلى
ما كانت عليها قبل وقوع الجريمة، ومن ثم فإن المحكمة المدنية لا تختص بنظر هذه
الدعوى التي أقامتها الشركة المطعون ضدها الأولى إنما ينعقد الاختصاص بنظرها
للمحكمة الجنائية التي أصدرت الحكم الجنائي الذي يتفرع منه صدور الحكم بالرد في
مواجهة الورثة، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وفصل في موضوع استئناف الحكم
الصادر من محكمة الجيزة الابتدائية وهي غير مختصة أصلا بنظره بما يتضمن قضاء ضمنيا
باختصاصها فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه.
7 - المقرر- في قضاء محكمة النقض- إنه لما
كانت المادة 269/ 1 من قانون المرافعات تنص على أنه "إذا كان الحكم المطعون
فيه قد نقض لمخالفة قواعد الاختصاص تقتصر المحكمة على الفصل في مسألة الاختصاص
وعند الاقتضاء تعين المحكمة المختصة التي يجب التداعي إليها بإجراءات جديدة".
إذ كان موضوع الاستئناف صالحا للفصل فيه، ومن ثم يتعين القضاء بإلغاء الحكم
المستأنف وبعدم اختصاص محكمة الجيزة الابتدائية المدنية نوعيا بنظر الدعوى
وباختصاص محكمة جنايات بورسعيد بنظرها، هذا وعلى النيابة العامة المختصة إجراء
شئونها في هذا الخصوص وفقا لما نصت عليه المادة 208 مكرر من قانون الإجراءات
الجنائية.
--------------
الوقائع
وحيث إن الوقائع- على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق-
تتحصل في أن الشركة المطعون ضدها الأولى أقامت الدعوى رقم ... لسنة 2004 مدني
محكمة شمال الجيزة الابتدائية على الطاعنين والمطعون ضدها الثانية بطلب الحكم
بإلزامهم بسداد كافة المبالغ المشار إليها في الحكم الجنائي رقم .... لسنة 83ج
الشرق المقيد برقم ... لسنة 93 كلي بورسعيد مع الفوائد القانونية، على سند من أن
النيابة العامة أسندت إلى مورث الطاعنين والمطعون ضدها الثانية قضية الجناية
المشار إليها وبتاريخ 22/1/1995 أصدرت محكمة الجنايات ببورسعيد حكمها بمعاقبة مورث
الطاعنين والمطعون ضدها الثانية بالأشغال الشاقة المؤقتة لمدة خمسة عشر عاما وبرد
مبلغ 2240571.132 جنيها وبتغريمه مثل هذا المبلغ، وذلك قيمة ما اختلسه من الشركة
المطعون ضدها الأولى وما تكبدته من خسائر، وإذ توفى وذمته مشغولة بهذا المبلغ فإن
ورثته- الطاعنين والمطعون ضدها الثانية- يلتزمون برده متضامنين فيما تركه لهم
مورثهم وما آل إليهم حال حياته، ومن ثم فقد أقامت الدعوى، ندبت المحكمة خبيرا وبعد
أن أودع تقريره حكمت بإلزام الطاعنين والمطعون ضدهما الثانية بأن يؤدوا للشركة
المطعون ضدها الأولى المبلغ المقضي به في حدود ما آل إليهم من تركة مورثهم، ورفضت
ما عدا ذلك من طلبات. استأنف الطاعنون والمطعون ضدها الثانية الحكم بالاستئناف رقم
... لسنة 123 ق القاهرة "مأمورية الجيزة" وبتاريخ 30/12/2008 قضت المحكمة
بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض وأودعت النيابة
مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، عرض الطعن على هذه المحكمة- في غرفة مشورة-
فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
---------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر
والمرافعة، وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إنه من المقرر- في قضاء هذه المحكمة- أنه لما كان مفاد نص المادة
253 من قانون المرافعات إنه يجوز للخصوم كما هو الشأن بالنسبة للنيابة ولمحكمة
النقض إثارة الأسباب المتعلقة بالنظام العام ولو لم يسبق التمسك بها أمام محكمة
الموضوع أو في صحيفة الطعن متى توافرت عناصر الفصل فيها من الوقائع والأوراق التي
سبق عرضها على محكمة الموضوع ووردت هذه الأسباب على الجزء المطعون فيه من الحكم
وليس على جزء آخر منه أو حكم سابق عليه لا يشمله الطعن، وكانت مسألة الاختصاص
الولائي أو القيمي أو النوعي تعتبر قائمة في الخصومة ومطروحة دائما على محكمة
الموضوع لتعلقها بالنظام العام، إذ إن الحكم الصادر في موضوع الدعوى يشتمل حتما
على قضاء ضمني في الاختصاص، والطعن على الحكم الصادر في الموضوع ينسحب بالضرورة
وبطريق اللزوم على القضاء في الاختصاص سواء أثار الخصوم مسألة الاختصاص أو لم
يثيروها وسواء أبدتها النيابة العامة أو لم تبدها، فواجب المحكمة يقتضيها أن تتصدى
لها من تلقاء ذاتها، وكان نص المادة 208 مكررا "د" من قانون الإجراءات
الجنائية قد جرى على أنه "لا يحول انقضاء الدعوى الجنائية بالوفاة قبل أو بعد
إحالتها إلى المحكمة دون قضائها بالرد في الجرائم المنصوص عليها في المواد 112،
113 فقرة أولى وثانية ورابعة، 113 مكررا فقرة أولى، 114، 115 من قانون العقوبات،
وعلى المحكمة أن تأمر بالرد في مواجهة الورثة والموصى لهم وكل من أفاد فائدة جدية
من الجريمة ليكون الحكم بالرد نافذا في أموال كل منهم بقدر ما استفاد، وأنه وإن
كان الرد في جميع صوره لا يعتبر عقوبة إذ المقصود منه إعادة الحال إلى ما كان عليه
قبل وقوع الجريمة وتعويض الدولة عن مالها الذي أضاعه المتهم عليها بما لازمه
ومؤداه وصحيح دلالته حسب الحكمة المبتناة من تقريره أن يقتصر الحكم به على ما نسب
للمحكوم عليه إضاعته من أموال على الدولة ومن في حكمها في هذا الخصوص، وإذا كان
الحكم بإلزام الورثة برد المبالغ التي تحصل عليها مورثهم من الجرائم المنصوص عليها
في المواد سالفة الذكر من قانون العقوبات وهو قضاء محكمة الجنايات التي أصدرت
الحكم الجنائي بالعقوبة الجنائية والعقوبات التكميلية المقضي بها، ومن ثم فإن
محكمة الجنايات ببورسعيد التي أصدرت الحكم في القضية رقم ... لسنة 83ج الشرق
والمقيدة برقم ... لسنة 1983 كلي بورسعيد هي المختصة أصلا بإصدار حكم برد المبالغ
المتحصل عليها من الجرائم المنصوص عليها في المواد سالفة الذكر في مواجهة الورثة
ليكون الحكم نافذا في أموال كل منهم بقدر ما استفاد في ضوء القواعد التي أرساها
قانون الإجراءات الجنائية وقانون العقوبات ولا يحول دون ذلك أن يكون الحكم قد صدر
غيابيا ضد مورث الطاعنين إذ إن على النيابة العامة اختصامهم في الجناية المشار
إليها ليصدر الحكم برد هذه المبالغ في مواجهتهم ليكون نافذا قبلهم على النحو
المشار إليه، لما كان ذلك، وكانت الدعوى المطروحة تدور حول إلزام الطاعنين
والمطعون ضدها الثانية برد المبالغ التي اختلسها مورثهم من الشركة المطعون ضدها
الأولى والذي حكم عليه غيابيا في القضية سالفة البيان بالأشغال الشاقة المؤقتة
لمدة خمسة عشر عاما وبرد مبلغ 2240571.132 جنيها وبتغريمه مثل هذا المبلغ، وكانت
هذه الدعوى بحسب حقيقتها ومرماها وفي تكيفها القانوني الصحيح أنها بطلب رد المبالغ
التي ضاعت على الشركة من جراء ما فعله المتهم وإعادة الحالة إلى ما كانت عليها قبل
وقوع الجريمة، ومن ثم فإن المحكمة المدنية لا تختص بنظر هذه الدعوى التي أقامتها
الشركة المطعون ضدها الأولى إنما ينعقد الاختصاص بنظرها للمحكمة الجنائية التي
أصدرت الحكم الجنائي الذي يتفرع منه صدور الحكم بالرد في مواجهة الورثة، وإذ خالف
الحكم المطعون فيه هذا النظر وفصل في موضوع استئناف الحكم الصادر من محكمة الجيزة
الابتدائية وهي غير مختصة أصلا بنظره بما يتضمن قضاء ضمنيا باختصاصها فإنه يكون قد
خالف القانون وأخطأ في تطبيقه بما يوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقي أسباب
الطعن.
وحيث إنه لما كانت المادة 269/ 1 من قانون المرافعات تنص على أنه
"إذا كان الحكم المطعون فيه قد نقض لمخالفة قواعد الاختصاص تقتصر المحكمة على
الفصل في مسألة الاختصاص وعند الاقتضاء تعين المحكمة المختصة التي يجب التداعي
إليها بإجراءات جديدة"، وإذ كان موضوع الاستئناف صالحا للفصل فيه، ومن ثم
يتعين القضاء بإلغاء الحكم المستأنف وبعدم اختصاص محكمة الجيزة الابتدائية المدنية
نوعيا بنظر الدعوى وباختصاص محكمة جنايات بورسعيد بنظرها، هذا وعلى النيابة العامة
المختصة إجراء شئونها في هذا الخصوص وفقا لما نصت عليه المادة 208 مكرر من قانون
الإجراءات الجنائية.