جلسة 11 من مايو سنة 2015
برئاسة السيد القاضي/ فتحي محمد حنضل نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة
القضاة/ أحمد فراج، طارق خشبة، صالح مصطفى ومحمد الأسيوطي نواب رئيس المحكمة.
----------------
(106)
الطعن رقم 3398 لسنة 72 القضائية
(1 - 3) نقض "الخصوم في الطعن".
(1) الاختصام في الطعن بالنقض. عدم كفاية أن
يكون الخصم طرفا في الخصومة التي صدر فيها الحكم المطعون فيه. وجوب أن يكون له
مصلحة في الدفاع عن الحكم حين صدوره.
(2) الاختصام في الطعن
بالنقض. شرطه. أن يكون قد قضى لصالح الخصم بشيء قبل الطاعن.
(3) قضاء الحكم المطعون
فيه بعدم جواز اختصام المطعون ضده الرابع المقضي بعدم قبول تدخله لعدم شهره صحيفة
الدعوى وعدم تعلق أسباب الطعن به. أثره. انتفاء مصلحة الطاعن في اختصامه في الطعن
بالنقض.
(4) ملكية "الملكية الشائعة: التصرف في
المال الشائع".
الملكية الشائعة. وقوعها على مال معين تعييناً ذاتياً ويكون بذلك
مملوكا لأكثر من شخص كل بقدر حصته فيه. وقوع حق كل من الشركاء على الحصة الشائعة
في هذا المال مع بقاء المال ذاته كله غير منقسم. قيامها بملكية اثنين أو أكثر
شيئاً غير مفرزة حصة كل منهم فيه. الملكية المفرزة لا تخالطها غير يد صاحبها.
مؤداه. كلتاهما ملكية فردية متكاملة العناصر. المادتان 826 مدني.
(5 ، 6) عقد "آثار العقد: أثر العقد
بالنسبة للغير".
(5) المفاضلة بين العقود. مناطها. أن تكون
صحيحة ونافذة.
(6) العقود. الأصل عدم نفاذها إلا في حق
عاقديها. عدم التزام صاحب الحق بما صدر عن غيره من تصرفات ما لم يجز هذا التصرف.
اعتبار ذلك الأصل من أركان القانون المدني.
(7) التزام "أوصاف الالتزام: شرط المنع
من التصرف".
حظر المشرع على مالك المكان بيعه أو جزءاً منه لمشتر ثان بعقد لاحق
بعد سبق بيعه لمشتر آخر، مخالفة هذا الحظر. أثرها. بطلان التصرف بطلاناً متعلقاً
بالنظام العام. علة ذلك.
م 23 /1 ق 136 لسنة 1981 في شأن بعض الأحكام الخاصة بتأجير وبيع
الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر.
(8) إيجار "تشريعات إيجار الأماكن: نطاق
سريانها".
الأماكن وأجزاء الأماكن التي استهدف المشرع إسباغ الحماية القانونية
عليها بموجب تشريعات الأماكن الاستثنائية. مقصودها. كل حيز مغلق بحيث يكون حرزاً.
بيع الحصة الشائعة. عدم اعتباره بيعاً لمكان في مفهوم نصوص قوانين إيجار الأماكن.
علة ذلك. مؤداه. بيع الحصة الشائعة في عقار مبني لا يلحقه البطلان.
(9 ، 10) شهر عقاري "شهر التصرفات
العقارية: أثر عدم شهر العقد".
(9) الملكية في المواد العقارية. عدم
انتقالها بين المتعاقدين أو بالنسبة للغير إلا بالتسجيل. م 9 ق 114 لسنة 1946 بتنظيم الشهر العقاري. عدم تسجيل العقد. مؤداه.
بقاء الملكية على ذمة المتصرف.
(10) صدور عقدي بيع عن عقار واحد. المفاضلة
بين المتنازعين على ملكيته. مناطها. الأسبقية في التسجيل. لا يغير من ذلك التصديق
على التوقيعات على أحد العقدين أو إثبات تاريخه أو تسجيل صحيفة الدعوى بصحته
ونفاذه ما لم يصدر حكم بذلك.
(11 ، 12) ملكية "قيود واردة على حق
الملكية: شرط المنع من التصرف".
(11) شرط المنع من التصرف صحيح متى بني على
باعث مشروع واقتصر على مدة معقولة. اعتبار الباعث مشروعاً. شرطه. كون المراد
بالمنع من التصرف حماية مصلحة مشروعة للمتصرف أو المتصرف إليه أو للغير . م 823
مدني وحكم المحكمة الدستورية رقم 29 لسنة 18 ق دستورية بعدم دستورية نص الفقرة
الأولى من م 82 ق 49 لسنة 1977 في شأن تأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين
المؤجر والمستأجر.
(12) البطلان المقرر لمخالفة شروط المنع من
التصرف. 824 مدني. بطلان غير مطلق. أثره. قصر المطالبة به أو التنازل عنه على صاحب
المصلحة وحده.
(13) حكم "تسبيب الأحكام: التسبيب
الكافي".
الحكم. وجوب اشتماله على ما يطمئن المطلع عليه أن المحكمة قد محصت
الأدلة التي قدمت إليها وحصلت منها ما يؤدي إلى النتيجة التي بنت عليها قضاءها.
(14) إيجار "تشريعات إيجار الأماكن:
نطاق سريانها".
قضاء الحكم المطعون فيه برفض دعوى الطاعن استناداً إلى بطلان عقد
شرائه للشقة محل التداعي لكونه لاحقاً على عقد المطعون ضده الثالث ودخول هذين
العقدين في نطاق الحظر الوارد بالمادة 23/1 ق 136 لسنة 1981 رغم تمسك الطاعن في
دفاعه بانصباب هذين العقدين على حصة شائعة في العقار الكائنة به شقة النزاع دون
تحديد وعدم أحقية المطعون ضده الثاني في التصرف منفرداً في أي وحدة من وحدات
العقار المملوك له والمورث المذكور وورثته من بعده دون توقيع العقد من الطرفين
وإلا كان باطلاً غير نافذ في حق الورثة المذكورين. خطأ.
----------------
1 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أنه لا يكفي فيمن يختصم في الطعن
أن يكون قد سبق اختصامه في الدعوى التي صدر فيها الحكم المطعون فيه بل يجب أن تكون
له مصلحة في الدفاع عن الحكم حين صدوره.
2 - المقرر - في قضاء محكمة النقض – أنه
يشترط فيمن يختصم في الطعن بالنقض أن يكون قد قضى لصالحه بشيء قبل الطاعن.
3 - إذ كان الحكم المطعون فيه قد قضى بعدم
جواز اختصام المطعون ضده الرابع الذي قضى بعدم قبول تدخله لعدم شهره صحيفة الدعوى،
وكانت أسباب الطعن لا تتعلق بالمطعون ضده الرابع، ومن ثم فلا مصلحة للطاعن في
اختصامه في الطعن بالنقض.
4 - إن الملكية الشائعة تقع على مال معين
تعييناً ذاتياً وبها يكون هذا المال مملوكاً لأكثر من شخص واحد كل بقدر حصته فيه،
فلا يقع حق كل من الشركاء إلا على حصة شائعة في هذا المال مع بقاء المال ذاته كلاً
غير منقسم، وقد نصت المادتان 825، 826 من القانون المدني على أنه إذا ملك اثنان أو
أكثر شيئا غير مفرز حصة كل منهم فيه، كانوا شركاء على الشيوع ومتساوين في حصصهم
إلا إذا قام الدليل على غير ذلك، ويعتبر كل منهم مالكاً لحصته ملكاً تاماً وعلى
تقدير شيوعها في كل المال وليس تركيزها في أحد جوانبه وهذه الخاصية وحدها هي التي
تباعد بين الملكية المفرزة التي لا تخالطها غير يد صاحبها وبين الملكية الشائعة
التي يتزاحم عليها الشركاء فيها وإن كانت كلتاهما ملكية فردية تتكامل عناصرها.
5 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن مناط
المفاضلة بين العقود أن تكون صحيحة ونافذة.
6 - إن الأصل أن العقود لا تنفذ إلا في حق
عاقديها، وأن صاحب الحق لا يلتزم بما صدر عن غيره من تصرفات ما لم يجز هذا التصرف
وهذا الأصل من أركان القانون التي راعاها القانون المدني فلم يسمح بالخروج عليها.
7 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن نص
المادة 23/1 من القانون رقم 136 لسنة 1981 في شأن بعض الأحكام الخاصة بتأجير وبيع
الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر على أن المشرع حظر على مالك المكان
بيعه لمشتر ثان بعقد لاحق بعد سبق بيعه لمشتر آخر، ورتب على مخالفة هذا الحظر
بطلان التصرف اللاحق بطلانا مطلقا متعلقا بالنظام العام لمخالفته أمرا ناهيا.
8 - إذ كانت عبارة الأماكن التي استهدف
المشرع أن يبسط الحماية القانونية الخاصة عليها بموجب الأحكام التي حوتها نصوص
تشريعات الأماكن الاستثنائية تحقيقا لهدفه المنشود منها يقصد بها وعلى - ما جرى
عليه قضاء محكمة النقض - كل حيز مغلق بحيث يكون حرزاً، وأن بيع الحصة الشائعة لا
يرد على عين بذاتها وإنما يرد على كل ذرة من ذرات المبيع بقدر الحصة المبيعة فيهن
فلا يعتبر هذا البيع بيعاً لمكان في مفهوم نصوص قوانين إيجار الأماكن والتي استهدف
المشرع إسباغ الحماية عليها، وبالتالي فإن بيع الحصة الشائعة في عقار مبنى وإن كان
تالياً لا يلحقه البطلان المنصوص عليه في المادة 23/1 من القانون رقم 136 لسنة
1981 لتجرده من وصف المكان.
9 - إذ كان مؤدى نص المادة التاسعة من
القانون 114 لسنة 1946 بتنظيم الشهر العقاري - وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض -
أن الملكية في المواد العقارية لا تنتقل سواء بين المتعاقدين أو بالنسبة إلى الغير
إلا بالتسجيل وما لم يحصل هذا التسجيل تبقي الملكية على ذمة المتصرف ولا يكون
للمتصرف إليه في الفترة ما بين تاريخ التعاقد إلى وقت التسجيل سوى مجرد أمل في
الملكية دون أي حق فيها.
10 - المقرر - في قضاء محكمة النقض – أنه ليس
ثمة ما يمنع من صدور عقدي بيع عن عقار واحد وفي هذه الحالة تكون الأفضلية بين
المتنازعين على ملكيته مرهونة بالأسبقية في التسجيل ولا يكفي في هذا الصدد لاعتبار
العقد مسجلا مجرد التصديق على توقيعاته أو إثبات تاريخه وفقا للقانون رقم 68 لسنة
1947 بشأن التوثيق والشهر أو حتى مجرد تسجيل صحيفة الدعوى بصحته ونفاذ ما لم يصدر
حكم بذلك ويؤشر به على هامش تسجيل الصحيفة.
11 - إذ قضت المحكمة الدستورية العليا بجلسة
3/1/1998 في القضية رقم 29 لسنة 18ق دستورية بعدم دستورية نص الفقرة الأولى من
المادة 82 من القانون رقم 49 لسنة 1977 في شأن تأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة
بين المؤجر والمستأجر وذلك فيما تضمنته من افتراض علم مؤجر المكان أو جزء منه
بالعقد السابق الصادر من نائبه أو من أحد شركائه أو نائبهم، والنص في المادة 823
من القانون المدني على أن "إذا تضمن العقد أو الوصية شرطاً يقضي بمنع التصرف
في مال فلا يصح هذا الشرط ما لم يكن مبنيا على باعث مشروع ومقصوراً على مدة معقولة
ويكون الباعث مشروعا متى كان المراد بالمنع من التصرف حماية مصلحة مشروعة للمتصرف
أو المتصرف إليه أو الغير" مفاده - وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض – أن شرط
المنع من التصرف يصح إذا بني على باعث مشروع واقتصر على مدة معقولة ويكون الباعث
مشروعا متي كان المراد بالمنع من التصرف حماية مصلحة مشروعة للمتصرف أو المتصرف
إليه أو الغير.
12 - إن البطلان المقرر بالمادة 824 من
القانون المدني لمخالفة شرط المنع من التصرف - وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض -
ليس بطلاناً مطلقاً، بل هو بطلان يتفق مع الغاية من تقرير المنع وهي حماية مصلحة
خاصة مشروعة لأحد الأشخاص - أو لطائفة من الناس - ومن ثم يتحتم قصر المطالبة بهذه
الحماية أو التنازل عنها على صاحب المصلحة وحده.
13 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن
أسباب الحكم يجب أن تشتمل على ما يطمئن المطلع عليه إلى أن المحكمة قد محصت الأدلة
التي قدمت إليها وحصلت منها ما يؤدي إلى النتيجة التي بنت عليها قضاءها.
14 - إذ كان الحكم المطعون فيه قد قضى برفض
دعوى الطاعن على سند من بطلان عقد شرائه المؤرخ 1/3/1987 للشقة المبيعة لكونه
لاحقا على عقد المطعون ضده الثالث على سند من أن هذا البيع في كلا العقدين يدخل في
نطاق الحظر الوارد في المادة 23/1 من القانون 136 لسنة 1981، رغم أن الطاعن قد
تمسك في دفاعه المبين بوجه النعي والقائم على أن العقار الكائنة به شقة التداعي
إنما مملوك للمطعون ضده الثاني بحق النصف بالمشاركة مع مورث الطاعن عن نفسه
وبصفته، ومما مؤداه أن هذين العقدين إنما انصبا على حصة شائعة في العقار الكائنة
به شقة النزاع وليس على شقة محددة، فضلاً عن أن المطعون ضده الثاني ليس له حق
التصرف منفرداً في أي وحدة من وحدات العقار المملوك له والمورث المذكور وورثته من
بعده، بل يتعين أن يكون العقد موقعاً من الطرفين وإلا كان باطلاً غير نافذ في حق
الورثة المذكورين، بما كان يتعين على الحكم المطعون فيه بحث هذا الدفاع وأن يبين
ماهية العقار محل التصرف ومن له حق التصرف فيه ومدى توفر شروط القول ببطلانه وفقاً
للمادتين 82/1، 23 سالفي الذكر، فإن الحكم المطعون فيه إذ لم يستظهر هذه الأمور
التي تعد في صورة الدعوى المطروحة بياناً جوهرياً ومدار الفصل في الدعوى ملتفتاً
عن بحث وتمحيص دفاع الطاعن وما استدل به عليه على ما جاء بالاتفاق المؤرخ
8/12/1984 فإنه يكون معيباً (بالخطأ في تطبيق القانون).
------------------
الوقائع
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق -
تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم ... لسنة 1987 مدني محكمة الإسكندرية
الابتدائية على المطعون ضده الثاني بطلب الحكم بتسليمه الشقة المبينة بالأوراق على
سند من أنه بموجب عقد بيع مؤرخ 1/ 3/ 1987 اشترى من المطعون ضده الثاني هذه الشقة
مقابل ثمن قدره 16000 جنيه وتعهد بتسليم الوحدة المبينة إليه ثم أدخل الطاعن كلا
من المطعون ضدهما الثالث والرابع للحكم له بطلباته وليقدم الأخير سند وضع يده على
شقة النزاع والذي تدخل هجوميا بطلب الحكم بصحة ونفاذ عقدي البيع المؤرخين 17/ 3/
1988، 11/ 2/ 1987 على سند من أنه اشترى هذه الشقة من المطعون ضده الثالث بصفته
وقد آلت إليه بالشراء بموجب عقد البيع المؤرخ 11/ 2/ 1987 الصادر من المطعون ضده
الثاني والذي آلت إليه الملكية بموجب عقد بيع ابتدائي مؤرخ 1/ 12/ 1984 بواقع 12 ط
مشاعا مع مورث الطاعن بموجب العقد المسجل 1836 لسنة 1987 الإسكندرية. تدخل المطعون
ضده الأول خصما في الدعوى بطلب الحكم بصحة ونفاذ عقد البيع المؤرخ 1/ 12/ 1995
الصادر له من المطعون ضده الرابع عن شقة التداعي في مواجهة الطاعن عن نفسه وبصفته
والمطعون ضدهم من الثاني حتى الأخير ونفاذ عقود البيع المؤرخة 17/ 3/ 1988، 11/ 2/
1987، 1/ 12/ 1984 وبطلان عقد البيع المؤرخة 1/ 3/ 1987 ورفض الدعوى الأصلية. حكمت
المحكمة بعدم قبول تدخل المطعون ضده الرابع، وعدم قبول طلب بطلان العقد المؤرخ 1/
3/ 1987 ورفض طلب صحة ونفاذ العقود موضوع التدخل وفي الدعوى الأصلية بالتسليم.
استأنف المطعون ضده الأول الحكم بالاستئناف رقم 1325 لسنة 75 ق الإسكندرية بتاريخ
26/ 3/ 2002. قضت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف في خصوص التسليم وبطلان عقد البيع
المؤرخ 1/ 3/ 1987 بطلانا مطلقا وبعدم قبول طلب صحة ونفاذ عقود البيع المؤرخة 22/
2/ 1995، 17/ 3/ 1988، 1/ 12/ 1984. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت
النيابة مذكرة أبدت بها الرأي برفض الطعن، عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة
مشورة حددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.
---------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي
المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
وحيث إنه من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أنه لا يكفي فيمن يختصم
في الطعن أن يكون قد سبق اختصامه في الدعوى التي صدر فيها الحكم المطعون فيه بل
يجب أن تكون له مصلحة في الدفاع عن الحكم حين صدوره، وأنه يشترط فيمن يختصم في
الطعن بالنقض أن يكون قد قضى لصالحه بشيء قبل الطاعن، وكان الحكم المطعون فيه قد
قضى بعدم جواز اختصام المطعون ضده الرابع الذي قضى بعدم قبول تدخله لعدم شهره
صحيفة الدعوى وكانت أسباب الطعن لا تتعلق بالمطعون ضده الرابع، ومن ثم فلا مصلحة
للطاعن في اختصامه في الطعن بالنقض.
وحيث إن الطعن - فيما عدا ما تقدم - قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه مخالفة الثابت
بالأوراق والفساد في الاستدلال، إذ قضى ببطلان عقد البيع المؤرخ 1/ 3/ 1987 الصادر
للطاعن من المطعون ضده الثاني باعتباره بيعا لاحقا لعقد البيع المؤرخ 11/ 2/ 1987
الصادر منه منفردا للمطعون ضده الثالث بالمخالفة لشروط الاتفاق المؤرخ 8/ 12/ 1984
والمحرر بين مورث الطاعن والمطعون ضده الثاني، والذي تضمن أنه لا يحق لأي من
الطرفين التصرف بالبيع أو الإيجار في أي وحدة من وحدات العقار إلا بموافقة
الشريكين على الشيوع، وإلا كان التصرف غير نافذ، وبما مؤداه انتفاء الشروط اللازمة
لنفاذ عقد البيع الأول في حقه عن نفسه وبصفته، وعدم أحقية المطعون ضده الثاني في
التصرف منفردا وانتفاء المفاضلة بين العقدين وفقا للمادة 82/ 1 من القانون 49 لسنة
1977 والمادة 23 من القانون 136 لسنة 1981، وقد تمسك الطاعن بذلك أمام محكمة
الموضوع وبانتفاء علمه بالبيع الأول وقدم الدليل على ذلك، إلا أن الحكم التفت عن
دفاعه ولم يرد عليه مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في أساسه سديد، ذلك أن الملكية الشائعة تقع على مال
معين تعيينا ذاتيا وبها يكون هذا المال مملوكا لأكثر من شخص واحد كل بقدر حصته
فيه، فلا يقع حق كل من الشركاء إلا على حصة شائعة في هذا المال مع بقاء المال ذاته
كلا غير منقسم، وقد نصت المادتان 825، 826 من القانون المدني على أنه إذا ملك
اثنان أو أكثر شيئا غير مفرز حصة كل منهم فيه، كانوا شركاء على الشيوع ومتساوين في
حصصهم إلا إذا قام الدليل على غير ذلك، ويعتبر كل منهم مالكا لحصته ملكا تاما وعلى
تقدير شيوعها في كل المال وليس تركيزها في أحد جوانبه وهذه الخاصية وحدها هي التي
تباعد بين الملكية المفرزة التي لا تخالطها غير يد صاحبها وبين الملكية الشائعة
التي يتزاحم عليها الشركاء فيها وإن كانت كلتاهما ملكية فردية تتكامل عناصرها، وأن
مناط المفاضلة بين العقود أن تكون صحيحة ونافذة والأصل أن العقود لا تنفذ إلا في
حق عاقديها وأن صاحب الحق لا يلتزم بما صدر عن غيره من تصرفات ما لم يجز هذا
التصرف وهذا الأصل من أركان القانون التي راعاها القانون المدني فلم يسمح بالخروج
عليها، ومن المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن نص المادة 23/ 1 من القانون رقم 136
لسنة 1981 - في شأن بعض الأحكام الخاصة بتأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين
المؤجر والمستأجر - على أن المشرع حظر على مالك المكان بيعه لمشتر ثان بعقد لاحق
بعد سبق بيعه لمشتر آخر، ورتب على مخالفة هذا الحظر بطلان التصرف اللاحق بطلانا
مطلقا متعلقا بالنظام العام لمخالفته أمر ناهيا، وكانت عبارة الأماكن التي استهدف
المشرع أن يبسط الحماية القانونية الخاصة عليها بموجب الأحكام التي حوتها نصوص
تشريعات الأماكن الاستثنائية تحقيقا لهدفه المنشود منها يقصد بها وعلى - ما جرى
عليه قضاء هذه المحكمة - كل حيز مغلق بحيث يكون حرزا، وأن بيع الحصة الشائعة لا
يرد على عين بذاتها وإنما يرد على كل ذرة من ذرات المبيع بقدر الحصة المبيعة فيه،
فلا يعتبر هذا البيع بيعا لمكان في مفهوم نصوص قوانين إيجار الأماكن والتي استهدف
المشرع إسباغ الحماية عليها، وبالتالي فإن بيع الحصة الشائعة في عقار مبنى وإن كان
تاليا لا يلحقه البطلان المنصوص عليه في المادة 23/ 1 من القانون رقم 136 لسنة
1981 لتجرده من وصف المكان، وإذ كان مؤدى نص المادة التاسعة من القانون 114 لسنة
1946 بتنظيم الشهر العقاري - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن الملكية في
المواد العقارية لا تنتقل سواء بين المتعاقدين أو بالنسبة إلى الغير إلا بالتسجيل
وما لم يحصل هذا التسجيل تبقى الملكية على ذمة المتصرف ولا يكون للمتصرف إليه في
الفترة ما بين تاريخ التعاقد إلى وقت التسجيل سوى مجرد أمل في الملكية دون أي حق
فيها، كما وأنه ليس ثمة ما يمنع من صدور عقدي بيع عن عقار واحد وفي هذه الحالة
تكون الأفضلية بين المتنازعين على ملكيته مرهونة بالأسبقية في التسجيل ولا يكفي في
هذا الصدد لاعتبار العقد مسجلا مجرد التصديق على توقيعاته أو إثبات تاريخه وفقا
للقانون رقم 68 لسنة 1947 بشأن التوثيق والشهر أو حتى مجرد تسجيل صحيفة الدعوى
بصحته ونفاذ ما لم يصدر حكم بذلك ويؤشر به على هامش تسجيل الصحيفة وقد سبق أن قضت
المحكمة الدستورية العليا بجلسة 3/ 1/ 1998 في القضية رقم 29 لسنة 18 ق دستورية
بعدم دستورية نص الفقرة الأولى من المادة 82 من القانون رقم 49 لسنة 1977 في شأن تأجير
وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر وذلك فيما تضمنته من افتراض علم
مؤجر المكان أو جزء منه بالعقد السابق الصادر من نائبه أو من أحد شركائه أو
نائبهم، والنص في المادة 823 من القانون المدني على أن "إذا تضمن العقد أو
الوصية شرطا يقضي بمنع التصرف في مال فلا يصح هذا الشرط ما لم يكن مبنيا على باعث
مشروع ومقصورا على مدة معقولة ويكون الباعث مشروعا متى كان المراد بالمنع من
التصرف حماية مصلحة مشروعة للمتصرف أو المتصرف إليه أو الغير" مفاده - وعلى
ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن شرط المنع من التصرف - يصح إذا بنى على باعث
مشروع واقتصر على مدة معقولة ويكون الباعث مشروعا متى كان المراد بالمنع من التصرف
حماية مصلحة مشروعة للمتصرف أو المتصرف إليه أو الغير، وأن البطلان المقرر بالمادة
824 من القانون المدني لمخالفة شرط المنع من التصرف - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة
- ليس بطلانا مطلقا بل هو بطلان يتفق مع الغاية من تقرير المنع وهي حماية مصلحة
خاصة مشروعة لأحد الأشخاص - أو لطائفة من الناس - ومن ثم يتحتم قصر المطالبة بهذه
الحماية أو التنازل عنها على صاحب المصلحة وحده، كما أن من المقرر أن أسباب الحكم
يجب أن تشتمل على ما يطمئن المطلع عليه إلى أن المحكمة قد محصت الأدلة التي قدمت
إليها وحصلت منها ما يؤدي إلى النتيجة التي بنت عليها قضاءها. لما كان ذلك، وكان
الحكم المطعون فيه قد قضى برفض دعوى الطاعن على سند من بطلان عقد شرائه المؤرخ 1/
3/ 1987 للشقة المبيعة لكونه لاحقا على عقد المطعون ضده الثالث على سند من أن هذا
البيع في كلا العقدين يدخل في نطاق الحظر الوارد في المادة 23/ 1 من القانون 136
لسنة 1981 رغم أن الطاعن قد تمسك في دفاعه المبين بوجه النعي والقائم على أن
العقار الكائنة به شقة التداعي إنما مملوك للمطعون ضده الثاني بحق النصف بالمشاركة
مع مورث الطاعن عن نفسه وبصفته، ومما مؤداه أن هذين العقدين إنما انصبا على حصة
شائعة في العقار الكائن به شقة النزاع وليس على شقة محددة، فضلا عن أن المطعون ضده
الثاني ليس له حق التصرف منفردا في أي وحدة من وحدات العقار المملوك له والمورث المذكور
وورثته من بعده، بل يتعين أن يكون العقد موقعا من الطرفين وإلا كان باطلا غير نافذ
في حق الورثة المذكورين بما كان يتعين على الحكم المطعون فيه بحث هذا الدفاع وأن
يبين ماهية العقار محل التصرف ومن له حق التصرف فيه ومدى توافر شروط القول ببطلانه
وفقا للمادتين 82/ 1، 23 سالفي الذكر، فإن الحكم المطعون فيه إذ لم يستظهر هذه
الأمور التي تعد في صورة الدعوى المطروحة بيانا جوهريا ومدار الفصل في الدعوى
ملتفتا عن بحث وتمحيص دفاع الطاعن وما استدل به عليه على ما جاء بالاتفاق المؤرخ
8/ 12/ 1984 فإنه يكون معيبا بما يوجب نقضه.