جلسة 25 من يونيه سنة 2015
برئاسة السيد القاضي/ نعيم عبد الغفار نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة/ سمير حسن، محمد عاطف ثابت، أبو بكر أحمد
إبراهيم نواب رئيس المحكمة وإسماعيل برهان أمر الله.
-------------
(144)
الطعن رقم 8031 لسنة 78 القضائية
(1) قوة الأمر المقضي "نطاقها".
أسباب الحكم . حيازتها لقوة الأمر المقضي متى كانت مرتبطة بالمنطوق
ارتباطاً وثيقاً. علة ذلك. "مثال بشأن الادعاء بالتزوير".
(2) نقض "أسباب الطعن بالنقض: أسباب
قانونية يخالطها واقع".
السبب القانوني الذي يخالطه واقع ولم يسبق التمسك به أمام محكمة
الموضوع. عدم جواز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض.
(3 ، 4) إثبات "طرق الإثبات: الكتابة: الأوراق العرفية: حجية الأوراق العرفية".
(3) تغيير الحقيقة في الورقة الموقعة على
بياض ممن استؤمن عليها. اعتباره بمثابة خيانة أمانة. مقتضاه. عدم جواز إثبات عكس
الثابت بالورقة إلا بالكتابة أو بمبدأ ثبوت بالكتابة. الاستيلاء عليها خلسة أو
نتيجة غش أو طرق احتيالية أو بأية طريقة أخرى خلاف التسليم الاختياري. أثره.
اعتبار تغيير الحقيقة فيها تزوير. جواز إثباته بكافة الطرق. وجوب أن يكون الاحتيال
والغش قد استخدما كوسيلة للاستيلاء على الورقة ذاتها بما ينتفي معه تسليمها بمحض
الإرادة.
(4) الورقة العرفية. اكتسابها الحجية من
شهادة الإمضاء الموقع به عليها. اعتبارها حجة بما ورد فيها على صاحب التوقيع. عدم
جواز تحلله مما تسجله عليه إلا بإثباته كيفية وصول إمضائه الصحيح عليها وإقامته
الدليل على صحة ما يدعيه. م 14 إثبات. "مثال بشأن رفض الادعاء بتزوير سند
الدين موضوع النزاع".
(5 ، 6) أوراق تجارية "السند الإذني".
(5) محرر السند لأمر ينطبق عليه كافة الأحكام
الخاصة بقابل الكمبيالة ومنها التقادم. علة ذلك. المواد 465، 466، 467، 470، 471 ق
التجارة رقم 17 لسنة 1999. مؤداه. تقادم الدعاوى المرفوعة على محرر السند الإذني
بثلاث سنوات من تاريخ الاستحقاق.
(6) الأوراق التجارية مستحقة الوفاء بمجرد
الاطلاع. تعيين تاريخ استحقاقها بتاريخ تقديمها للوفاء. المذكرة الإيضاحية لق 17
لسنة 1999."مثال بشأن طلب استصدار أمر أداء سند إذني مستحق الوفاء بالاطلاع".
(7) التزام "أركان الالتزام: سبب
الالتزام".
سبب الدين. اعتباره مشروعا ولو لم يذكر في سنده. ذكر السبب في سند
الدين. اعتباره السبب الحقيقي الذي قبل المدين الالتزام من أجله. ادعاء المدين عدم
صحته أو صوريته. وجوب إقامته الدليل على ذلك. المادتان 136، 137 مدني.
(8) إثبات "طرق الإثبات: البينة:
الأحوال التي يصح فيها الإثبات بالبينة: في المواد التجارية".
إثبات وجود الديون التجارية وانقضاؤها. طليق من قيود المواد من 60 حتى
63 إثبات. مؤداه. فيما عدا الحالات التي يوجب فيها القانون الإثبات بالكتابة في
المواد التجارية يجوز إثبات ما يخالف الثابت بالكتابة بكافة طرق الإثبات. م 69/ 2
ق التجارة رقم 17 لسنة 1999.(9) محكمة الموضوع "سلطة محكمة الموضوع
في فهم الواقع وتقدير الأدلة في الدعوى".
محكمة الموضوع لها السلطة التامة في تحصيل وفهم الواقع في الدعوى من
الأدلة المقدمة فيها. خضوعها في تكييف هذا الفهم وتطبيق ما ينبغي من أحكام القانون
لرقابة محكمة النقض. اطراحها للأوراق والمستندات المؤثرة في حقوق الخصوم دون تدوين
أسباب هذا الإطراح. قصور.
(10) دعوى "نظر الدعوى أمام المحكمة:
إجراءات نظر الدعوى: الدفاع في الدعوى: الدفاع الجوهري".
إغفال الحكم بحث دفاع جوهري أبداه الخصم. قصور في أسبابه الواقعية.
مقتضاه. بطلان الحكم.
(11) محكمة الموضوع "سلطة محكمة الموضوع
في مسائل الإثبات: سلطة محكمة الموضوع في ندب الخبراء".
تعيين خبير في الدعوى من الرخص المخولة لقاضي الموضوع. الاستثناء. أن
يكون الدفاع بندب خبير هو الوسيلة الوحيدة في الإثبات. أثره. عدم جواز الإعراض عن
تحقيقه دون سبب مقبول. علة ذلك.(12) أوراق تجارية "السند الإذني".
تمسك الطاعنين بصورية البيانات المثبتة بالسند لأمر موضوع التداعي
الموقع منهما على بياض وأنها مخالفة لحقيقة العلاقة بينهما وبين البنك المطعون ضده
طالبين ندب خبير لتصفية الحساب. دفاع جوهري. علة ذلك. إعراض الحكم المطعون فيه عن
تحقيق. قصور وإخلال بحق الدفاع.
---------------
1 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن قضاء الحكم ليس هو منطوق الحكم
وحده، وإنما هو ذات القول الفصل في الدعوى أيا كان موضعه سواء كان في الأسباب أو
في المنطوق، باعتبار أن أسباب الحكم المرتبطة بمنطوقه ارتباطا وثيقا وحدة واحدة لا
تتجزأ يرد عليها ما يرد على المنطوق من قوة الأمر المقضي، وأسباب الحكم تكون دائما
هي المرجع في تفسير منطوقه وتحديد مداه والوقوف على حقيقة ما فصلت فيه المحكمة.
لما كان ذلك، وكان ما قضى به الحكم المطعون فيه الصادر بتاريخ 24/ 4/ 2007 وفقا
لما ورد بأسبابه المرتبطة بمنطوقه هو إلغاء الحكم المستأنف فيما أسس عليه قضاءه
بشأن الادعاء بالتزوير والقضاء مجددا برفض ذلك الادعاء بناء على الأسباب التي
أنشأها لنفسه وإعادة الاستئناف للمرافعة ليتناضل الخصوم بشأن الموضوع ثم كان قضاؤه
النهائي الصادر بتاريخ 25/ 3/ 2008 برفض موضوع الاستئناف برمته وتأييد الحكم
المستأنف بما لا يتعارض أو يتناقض بين ما قضى به سلفا وما قضى به بمقتضى الحكم
الأخير وفقا للأسباب التي ترتبط بالمنطوق في كلا الحكمين.
2 - المقرر أنه إذا كان وجه النعي يحمل في
طياته دفاعا قانونيا يخالطه واقع لم يسبق التمسك به أمام محكمة الموضوع، فلا يجوز
التحدي به لأول مرة أمام محكمة النقض، وكان ما تمسك به الطاعنان بوجه النعي من أن
العلاقة بينهما وبين البنك المطعون ضده ناشئة عن عقد إذعان باعتبارهما الطرف
الضعيف في تلك العلاقة بشأن المبالغ المحرر بشأنها سند الدين محل التداعي هو من
قبيل الدفاع القانوني الذي يخالطه واقع لم يسبق لهما التمسك به أمام محكمة
الموضوع، فلا يجوز لهما إثارته لأول مرة أمام هذه المحكمة.
3 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن تغيير
الحقيقة في الأوراق الموقعة على بياض ممن استؤمن عليها هو نوع من خيانة الأمانة،
وهو الذي يرجع في إثباته للقواعد العامة، ومن مقتضاها أنه لا يجوز إثبات عكس ما هو
في الورقة الموقعة على بياض إلا أن تكون هناك كتابة أو مبدأ ثبوت بالكتابة، أما
إذا كان الاستيلاء على الورقة الموقعة على بياض قد حصل خلسة أو نتيجة غش أو طرق
احتيالية أو بأية طريقة أخرى خلاف التسليم الاختياري، فعندئذ يعد تغيير الحقيقة
فيها تزويرا يجوز إثباته بطرق الإثبات كافة، والاحتيال والغش الذي يجعل من تغيير
الحقيقة في الورقة الموقعة على بياض تزويراً يجوز إثباته بكافة الطرق هو الذي يكون
قد استخدم كوسيلة للاستيلاء على الورقة ذاتها بحيث ينتفي معه تسليمها بمحض الإرادة.
4 - مفاد نص المادة 14 من القانون رقم 25
لسنة 1968 بإصدار قانون الإثبات أن حجية الورقة العرفية إنما تستمد من شهادة
الإمضاء الموقع به عليها، وهي بهذه المثابة تعتبر حجة بما ورد فيها على صاحب
التوقيع، بحيث لا يمكنه التحلل مما تسجله عليه، إلا إذا بين كيف وصل إمضاؤه هذا
الصحيح إلى الورقة التي عليها توقيعه وأقام الدليل على صحة ما يدعيه من ذلك. لما
كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه الصادر بتاريخ 24/ 4/ 2007 قد أقام قضاءه برفض
ادعاء الطاعنين بالتزوير على سند مما خلص إليه من أنهما قد أقرا بالتوقيع على سند
الدين المطعون عليه، وأنه حجة بما دون فيه خاصة، وأنهما لم يقدما أي دليل على
مخالفة ما تم التوقيع عليه، كما خلت الأوراق مما يثبت الاستيلاء على هذا السند
خلسة أو أن ما دون به كان ناتجا عن غش أو أي طريقة من الطرق الاحتيالية أو غيرها
خلاف التسليم الاختياري، أو أن البنك المطعون ضده قد خان الأمانة فيما استؤمن
عليه، وهي أسباب سائغة لها مردها الثابت في الأوراق وكافية لحمل قضاء الحكم، وتؤدى
لما انتهى إليه من نتيجة، لا سيما ولم يقدم الطاعنان رفق صحيفة طعنهما ما يؤيد صحة
ادعائهما على خلاف ما تقدم، وهو ما يضحى معه نعيهما في هذا الصدد (أنهما طعنا
بالتزوير على سند الدين بحصول البنك على الورقة الموقعة على بياض والتي ظلت تحت
يده من عام 1998 حتى قام بتحرير بياناتها بمعرفته وعلى غير الحقيقة بما يعد خيانة
أمانة فيما اؤتمن عليه وهو ما تمسكا به في طعنهما بالتزوير على هذه الورقة وقدما
المستندات المؤيدة لصحة دفاعهما إلا أن الحكم لم يرد على ذلك أو على شواهد التزوير
المقدمة منهما طعنا عليها) على غير سند من الواقع أو القانون.
5 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن مفاد
المادتين 470، 471 من قانون التجارة رقم 17 لسنة 1999 أن محرر السند لأمر ينطبق
عليه كافة الأحكام الخاصة بالكمبيالة عدا ما يتعارض منها مع ماهيته، ومن بين هذه
الأحكام القواعد الخاصة بالتقادم المنصوص عليها في المواد 465، 466، 467 من ذات
القانون، وعلى هذا فإن الدعاوى المرفوعة على محرر السند الإذني - وهو في مركز
المسحوب عليه القابل - تقادم بثلاث سنوات من تاريخ الاستحقاق.
6 - يعين تاريخ الاستحقاق بالنسبة إلى
الأوراق "الأوراق التجارية" المستحقة الوفاء بمجرد الاطلاع على نحو ما
أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية لهذا القانون بتاريخ تقديمها للوفاء. لما كان ذلك،
وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه في هذا الصدد على ما أورده من أنه "لما
كان الثابت بالأوراق أن السند الذي استند إليه البنك المستأنف ضده - المطعون ضده -
في دعواه سند إذني وهو ورقة تجارية حررت لأعمال تجارية ووقعه المستأنف الأول -
الطاعن الأول - كمدين أصلي، كما وقعه المستأنف الثاني - الطاعن الثاني كضامن،
والتزما بموجبه بسداد الدين موضوع المطالبة، وكان هذا السند مؤرخا في 1/ 2/ 200
مستحق الوفاء بالاطلاع، ومن ثم يكون تاريخ استحقاقه في 8/ 8/ 2002 تاريخ تقديمه
للوفاء وهو يوم تحرير البروتستو، وكان البنك المستأنف ضده قد تقدم بطلبه لاستصدار
أمر الأداء في 10/ 3/ 2005 أي قبل انقضاء الميعاد المشار إليه في المادة 465 سالفة
الذكر، فإن الحق في المطالبة بهذا السند لا يكون قد سقط بمضي المدة، ويضحى الدفع
بسقوط الحق في الدعوى بالتقادم على غير أساس وأجب الرفض" وهي أسباب سائغة لها
معينها الثابت في الأوراق وكافية لحمل قضاء الحكم وتتفق مع صحيح القانون.
7 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن مؤدى
نص المادتين 136، 137 من القانون المدني أن المشرع قد وضع قرينة قانونية يفترض
بمقتضاها أن للدين سببا مشروعا ولو لم يذكر هذا السبب في سند الدين، فإن ذكر فإنه
يعتبر السبب الحقيقي الذي قبل المدين أن يلتزم من أجله، وإن ادعى المدين أن السبب
المذكور في السند غير صحيح أو أنه سبب صوري كان عليه أن يقيم الدليل على ذلك.
8 - المقرر أن إثبات وجود الديون التجارية
وانقضائها في علاقة المدين بالدائن الأصلي طليق من القيود التي وصفها الشارع لما
عداها من الديون في المواد من 60 حتى 63 من قانون الإثبات، فيجوز إثباتها بكافة
طرق الإثبات القانونية حتى لو انصرف الإثبات إلى ما يخالف ما هو ثابت بالكتابة
فيما عدا الحالات التي يوجب فيها القانون الإثبات بالكتابة في المواد التجارية،
وهو ما قننته الفقرة الثانية من المادة 69 من قانون التجارة رقم 17 لسنة 1999
بقولها (1- ...، 2- فيما عدا الحالات التي يوجب فيها القانون الإثبات بالكتابة في
المواد التجارية يجوز في هذه المواد إثبات عكس ما اشتمل عليه دليل كتابي أو إثبات
ما يجاوز هذا الدليل بكافة الطرق 3- ....،).
9 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أنه ولئن
كان لمحكمة الموضوع السلطة التامة في تحصيل فهم الواقع في الدعوى من الأدلة
المقدمة فيها وترجيح بعضها على البعض الآخر، إلا أنها تخضع لرقابة محكمة النقض في
تكييف هذا الفهم وفي تطبيق ما ينبغي من أحكام القانون، بحيث لا يجوز لها أن تطرح
ما يقدم إليها تقديما صحيحا من الأوراق والمستندات المؤثرة في حقوق الخصوم دون أن
تدون في حكمها بأسباب خاصة ما يبرر هذا الإطراح، وإلا كان حكمها قاصرا.
10 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن
إغفال الحكم بحث دفاع أبداه الخصم يترتب عليه بطلان الحكم إذا كان دفاعا جوهريا
ومؤثرا في النتيجة التي انتهى إليها، إذ يعتبر ذلك الإغفال قصورا في الأسباب
الواقعية يقتضي بطلانه.
11 - إن كان تعيين الخبير في الدعوى من الرخص
المخولة لقاضي الموضوع، إلا أنه إذا كان دفاع الخصم بندب خبير هو وسيلته الوحيدة
في الإثبات، فلا يجوز للقاضي الإعراض عن تحقيقه دون سبب مقبول لما في ذلك من
مصادرة لحقه في هذا الشأن.
12 - إذ كان الطاعنان قد تمسكا في دفاعهما
أمام محكمة الموضوع بصورية البيانات المثبتة بالسند لأمر موضوع التداعي الموقع
منهما على بياض، وأن ما دون بمعرفة البنك المطعون ضده من تلك البيانات مخالفا
لحقيقة العلاقة بين الطرفين والذين أوردا أنها ناشئة عن مشاركة بين الطاعن الأول
والبنك، وقدما تدليلا على صحة دفاعهما مستندات عبارة عن كشوف حساب وإفادات منسوب
صدورها للأخير تفيد أن رصيد الطاعن الأول لديه دائن، وطلبا ندب خبير في الدعوى
لتصفية الحساب بين الطرفين على هذا النحو، إلا أن الحكم المطعون فيه التفت عن
دفاعهما المتقدم رغم جوهريته، إذ من شأنه - لو صح - أن يتغير به وجه الرأي في
الدعوى، واستند إلى القول بأن المثبت بسند الدين هو المديونية الحقيقية، ولا يجوز
إثبات ما يخالفها بغير الكتابة، وهو ما لا يواجه دفاع الطاعنين لإغفاله ما تمسكا
به من أن العلاقة ناشئة عن ورقة تجارية وتحررت لأعمال تجارية بما يجوز إثباتها
بكافة طرق الإثبات، كما صادر حقهما في الاحتكام إلى أهل الخبرة لتحقيق طلباتهما
سالفة البيان، وهو ما يعيب الحكم المطعون فيه بالقصور والإخلال بحق الدفاع.
----------
الوقائع
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق -
تتحصل في أن البنك المطعون ضده - وبعد رفض طلبه استصدار أمر الأداء - أقام دعواه
رقم ... لسنة 2005 مدني الجيزة الابتدائية ضد الطاعنين بطلب الحكم بإلزامهما بأن
يؤديا له متضامنين مبلغ 1080000 جنيه بخلاف العائد البنكي بواقع 15 % سنويا من
تاريخ الاستحقاق وحتى تمام السداد، على سند من إنه يداينهما بالمبلغ المطالب به
بموجب السند الإذني المؤرخ في 1/ 2/ 2002 وامتنعا عن السداد فكانت دعواه قبلهما.
دفع الطاعنان برد وبطلان سند المديونية، وبتاريخ 24 من يوليو سنة 2006 حكمت
المحكمة بقبول شواهد التزوير شكلا، وفي موضوعه برفضه وبإلزام الطاعنين متضامنين
بأن يؤديا للبنك مبلغ التداعي والفوائد الاتفاقية بواقع 15% من تاريخ الاستحقاق
وحتى السداد. استأنف الطاعنان هذا الحكم بالاستئناف رقم ... لسنة 123 ق لدى محكمة
استئناف القاهرة - مأمورية الجيزة - التي قضت بتاريخ 25 من مارس سنة 2008 بتأييد
الحكم المستأنف. طعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبيت
فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة - في غرفة
مشورة - حددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.
-------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر
والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين أولهما من وجهين وثانيهما من ثمانية
أوجه ينعى الطاعنان بالوجه الأول من السبب الأول منهما على الحكم المطعون فيه
البطلان، ذلك أن الحكم المطعون فيه الصادر بتاريخ 25/ 3/ 2008 والذي قضى برفض
الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف قد تعارض وتناقض مع الحكم السابق له الصادر من
ذات المحكمة بتاريخ 24/ 4/ 2007 والقاضي في الادعاء بالتزوير برفضه وإعادة الدعوى
للمرافعة ليتناضل الخصوم في موضوعها، وهو ما يؤدي به إلى البطلان المستوجب لنقضه.
وحيث إن هذا النعي غير صحيح، ذلك أن المقرر - في قضاء هذه المحكمة -
أن قضاء الحكم ليس هو منطوق الحكم وحده، وإنما هو ذات القول الفصل في الدعوى أيا
كان موضعه سواء كان في الأسباب أو في المنطوق، باعتبار أن أسباب الحكم المرتبطة
بمنطوقه ارتباطا وثيقا وحدة واحدة لا تتجزأ يرد عليها ما يرد على المنطوق من قوة
الأمر المقضي، وأسباب الحكم تكون دائما هي المرجع في تفسير منطوقه وتحديد مداه
والوقوف على حقيقة ما فصلت فيه المحكمة. لما كان ذلك، وكان ما قضى به الحكم
المطعون فيه الصادر بتاريخ 24/ 4/ 2007 وفقا لما ورد بأسبابه المرتبطة بمنطوقه هو
إلغاء الحكم المستأنف فيما أسس عليه قضاءه بشأن الادعاء بالتزوير والقضاء مجددا
برفض ذلك الادعاء بناء على الأسباب التي أنشأها لنفسه وإعادة الاستئناف للمرافعة
ليتناضل الخصوم بشأن الموضوع، ثم كان قضاؤه النهائي الصادر بتاريخ 25/ 3/ 2008
برفض موضوع الاستئناف برمته وتأييد الحكم المستأنف بما لا يتعارض أو يتناقض بين ما
قضى به سلفا وما قضى به بمقتضى الحكم الأخير وفقا للأسباب التي ترتبط بالمنطوق في
كلا الحكمين، ويضحى النعي عليه في هذا الصدد على غير أساس.
وحيث إن حاصل النعي بالوجه الثاني من السبب الأول أن الطاعنين
باعتبارهما الطرف الضعيف في علاقتهما بالبنك المطعون ضده أذعنا لطلباته والتي حرر
بشأنها ورقة أسماها كمبيالة دون فيها ما شاء من مبالغ مخالفة للحقيقة، بما كان يقع
على المحكمة التحقق من صحة هذه المبالغ إلا أنها سايرت الحكم المطعون فيه، بما
يعيب حكمها بالبطلان المستوجب لنقضه.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول، ذلك أن المقرر أنه إذا كان وجه النعي
يحمل في طياته دفاعا قانونيا يخالطه واقع لم يسبق التمسك به أمام محكمة الموضوع،
فلا يجوز التحدي به لأول مرة أمام محكمة النقض، وكان ما تمسك به الطاعنان بوجه
النعي من أن العلاقة بينهما وبين البنك المطعون ضده ناشئة عن عقد إذعان باعتبارهما
الطرف الضعيف في تلك العلاقة بشأن المبالغ المحرر بشأنها سند الدين محل التداعي هو
من قبيل الدفاع القانوني الذي يخالطه واقع لم يسبق لهما التمسك به أمام محكمة
الموضوع، فلا يجوز لهما إثارته لأول مرة أمام هذه المحكمة.
وحيث إن حاصل نعي الطاعنين في كلا الشقين الأولين من الوجهين الأول
والرابع من السبب الثاني أنهما طعنا بالتزوير على سند الدين بحصول البنك على
الورقة الموقعة على بياض والتي ظلت تحت يده من عام 1998 حتى قام بتحرير بياناتها
بمعرفته وعلى غير الحقيقة، بما يعد خيانة أمانة فيما أؤتمن عليه، وهو ما تمسكا به
في طعنهما بالتزوير على هذه الورقة، وقدما المستندات المؤيدة لصحة دفاعهما، إلا أن
الحكم لم يرد على ذلك أو على شواهد التزوير المقدمة منهما طعنا عليها، بما يعيبه
ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أن المقرر - في قضاء هذه المحكمة -
أن تغيير الحقيقة في الأوراق الموقعة على بياض ممن استؤمن عليها هو نوع من خيانة
الأمانة، وهو الذي يرجع في إثباته للقواعد العامة، ومن مقتضاها أنه لا يجوز إثبات
عكس ما هو في الورقة الموقعة على بياض إلا أن تكون هناك كتابة أو مبدأ ثبوت
بالكتابة، أما إذا كان الاستيلاء على الورقة الموقعة على بياض قد حصل خلسة أو
نتيجة غش أو طرق احتيالية أو بأية طريقة أخرى خلاف التسليم الاختياري، فعندئذ يعد
تغيير الحقيقة فيها تزويرا يجوز إثباته بطرق الإثبات كافة، والاحتيال والغش الذي
يجعل من تغيير الحقيقة في الورقة الموقعة على بياض تزويرا يجوز إثباته بكافة الطرق
هو الذي يكون قد استخدم كوسيلة للاستيلاء على الورقة ذاتها بحيث ينتفي معه تسليمها
بمحض الإرادة، وأن مفاد نص المادة 14 من القانون رقم 25 لسنة 1968 بإصدار قانون
الإثبات أن حجة الورقة العرفية إنما تستمد من شهادة الإمضاء الموقع به عليها، وهي
بهذه المثابة تعتبر حجة بما ورد فيها على صاحب التوقيع بحيث لا يمكنه التحلل مما
تسجله عليه إلا إذا بين كيف وصل إمضاؤه هذا الصحيح إلى الورقة التي عليها توقيعه
وأقام الدليل على صحة ما يدعيه من ذلك. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه
الصادر قد أقام قضاءه برفض ادعاء الطاعنين بالتزوير على سند مما خلص إليه من أنهما
قد أقرا بالتوقيع على سند الدين المطعون عليه، وأنه حجة بما دون فيه، خاصة وأنهما
لم يقدما أي دليل على مخالفة ما تم التوقيع عليه، كما خلت الأوراق مما يثبت
الاستيلاء على هذا السند خلسة، أو أن ما دون به كان ناتجة عن غش أو أي طريقة من
الطرق الاحتيالية أو غيرها خلاف التسليم الاختياري، أو أن البنك المطعون ضده قد
خان الأمانة فيما استؤمن عليه، وهي أسباب سائغة لها مردها الثابت في الأوراق
وكافية لحمل قضاء الحكم وتؤدي لما انتهى إليه من نتيجة، لا سيما ولم يقدم الطاعنان
رفق صحيفة طعنهما ما يؤيد صحة ادعائهما على خلاف ما تقدم، وهو ما يضحى معه نعيهما
في هذا الصدد على غير سند من الواقع أو القانون.
وحيث إن حاصل نعي الطاعنين بالوجه السادس من السبب الثاني على الحكم
المطعون فيه مخالفة القانون، ذلك أنه أقام قضاءه برفض الدفع المبدى منهما بتقادم
الدين بمضي ثلاث سنوات من تاريخ الاستحقاق على قالة أن سند الدين مستحق الأداء
بالاطلاع الحاصل في تاريخ تحرير البروتستو في 8/ 8/ 2002، حين أن البنك المطعون
ضده هو ذاته القائم بتحرير ذلك البروتستو، بما يكون تاريخ الاطلاع هو ذاته تاريخ
تحرير السند الحاصل في في 1/ 2/ 2002، وقد أقيمت الدعوى في 10/ 3/ 2005 بعد انقضاء
ثلاث سنوات، بما يكون الدفع حرى بالقبول، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك أن المقرر - في قضاء هذه المحكمة
- أن مفاد المادتين 470، 471 من قانون التجارة رقم 17 لسنة 1999 أن محرر السند
لأمر ينطبق عليه كافة الأحكام الخاصة بالكمبيالة عدا ما يتعارض منها مع ماهيته،
ومن بين هذه الأحكام القواعد الخاصة بالتقادم المنصوص عليها في المواد 465، 466،
467، من ذات القانون، وعلى هذا فإن الدعاوى المرفوعة على محرر السند الإذني - وهو
في مركز المسحوب عليه القابل - تتقادم بثلاث سنوات من تاريخ الاستحقاق، ويعين
تاريخ الاستحقاق بالنسبة إلى الأوراق المستحقة الوفاء بمجرد الاطلاع على نحو ما
أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية لهذا القانون بتاريخ تقديمها للوفاء. لما كان ذلك،
وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه في هذا الصدد على ما أورده من أنه "لما
كان الثابت بالأوراق أن السند الذي استند إليه البنك المستأنف ضده - المطعون ضده -
في دعواه سند إذني، وهو ورقة تجارية حررت لأعمال تجارية ووقعه المستأنف الأول -
الطاعن الأول - كمدين أصلي، كما وقعه المستأنف الثاني - الطاعن الثاني كضامن،
والتزما بموجبه بسداد الدين موضوع المطالبة وكان هذا السند مؤرخة في 1/ 2/ 2002
مستحق الوفاء بالاطلاع، ومن ثم يكون تاريخ استحقاقه في 8/ 8/ 2002 تاريخ تقديمه
للوفاء وهو يوم تحرير البروتستو، وكان البنك المستأنف ضده قد تقدم بطلبه لاستصدار
أمر الأداء في 10/ 3/ 2005 أي قبل انقضاء الميعاد المشار إليه في المادة 465 سالفة
الذكر فإن الحق في المطالبة بهذا السند لا يكون قد سقط بمضي المدة، ويضحى الدفع
بسقوط الحق في الدعوى بالتقادم على غير أساس واجب الرفض" وهي أسباب سائغة لها
معينها الثابت في الأوراق وكافية لحمل قضاء الحكم وتتفق مع صحيح القانون، بما يضحى
النعي عليه بهذا الوجه على غير أساس. وحيث إن حاصل ما ينعاه الطاعنان بباقي أوجه
الطعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والإخلال بحق الدفاع، ذلك أنهما تمسكا
في دفاعهما أمام محكمة الموضوع بصورية بيانات سند الدين المحررة بمعرفة البنك
المطعون ضده، وأن أساس المديونية ناشئ عن علاقة شراكة بين الطاعن الأول والبنك،
ودللا على ذلك بمستندات قدماها أمام المحكمة طوت كشوف حساب وإفادات صادرة من
الأخير مفادها أن رصيد الطاعن الأول دائن لدى البنك وفقا لما ورد بحافظة المستندات
المؤرخة في 26/ 11/ 2006، وطلبا ندب خبير لتحقيق دفاعهما في هذا الشأن وتصفية
الحساب بين الطرفين، إلا أن الحكم المطعون فيه التفت عن دفاعهما رغم جوهريته على
سند من أن الدين ثابت بسند المديونية كتابة، بما لا يجوز إثبات ما يخالفه بغير
دليل كتابي، وأنه لا حاجة لإجابة طلبهما بندب خبير، حال أن المنازعة بين الطرفين
ناشئة عن العلاقة التجارية بينهما، مما يجوز إثباتها بكافة طرق الإثبات بما يعيب
الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أن المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن
مؤدى نص المادتين 136، 137 من القانون المدني أن المشرع قد وضع قرينة قانونية
يفترض بمقتضاها أن للدين سببا مشروعا ولو لم يذكر هذا السبب في سند الدين، فإن ذكر
فإنه يعتبر السبب الحقيقي الذي قبل المدين أن يلتزم من أجله وإن ادعى المدين أن
السبب المذكور في السند غير صحيح، أو أنه سبب صوري كان عليه أن يقيم الدليل على
ذلك، وكذا من المقرر أن إثبات وجود الديون التجارية وانقضائها في علاقة المدين
بالدائن الأصلي طليق من القيود التي وصفها الشارع لما عداها من الديون في المواد
من 60 حتى 63 من قانون الإثبات، فيجوز إثباتها بكافة طرق الإثبات القانونية حتى لو
انصرف الإثبات إلى ما يخالف ما هو ثابت بالكتابة فيما عدا الحالات التي يوجب فيها
القانون الإثبات بالكتابة في المواد التجارية، وهو ما قننته الفقرة الثانية من
المادة 69 من قانون التجارة رقم 17 لسنة 1999 بقولها ( 1- ...، 2- فيما عدا
الحالات التي يوجب فيها القانون الإثبات بالكتابة في المواد التجارية يجوز في هذه
المواد إثبات عكس ما اشتمل عليه دليل كتابي أو إثبات ما يجاوز هذا الدليل بكافة
الطرق 3- ...،) وكان من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أنه ولئن كان لمحكمة
الموضوع السلطة التامة في تحصيل فهم الواقع في الدعوى من الأدلة المقدمة فيها
وترجيح بعضها على البعض الآخر، إلا أنها تخضع لرقابة محكمة النقض في تكييف هذا
الفهم وفي تطبيق ما ينبغي من أحكام القانون بحيث لا يجوز لها أن تطرح ما يقدم
إليها تقديما صحيحا من الأوراق والمستندات المؤثرة في حقوق الخصوم دون أن تدون في
حكمها بأسباب خاصة ما يبرر هذا الإطراح وإلا كان حكمها قاصرا، كما أن إغفال الحكم
بحث دفاع أبداه الخصم يترتب عليه بطلان الحكم إذا كان دفاعا جوهريا ومؤثرا في
النتيجة التي انتهى إليها، إذ يعتبر ذلك الإغفال قصورا في الأسباب الواقعية يقتضي
بطلانه، وأنه وإن كان تعيين الخبير في الدعوى من الرخص المخولة لقاضي الموضوع، إلا
أنه إذا كان دفاع الخصم بندب خبير هو وسيلته الوحيدة في الإثبات، فلا يجوز للقاضي
الإعراض عن تحقيقه دون سبب مقبول لما في ذلك من مصادرة لحقه في هذا الشأن، لما كان
ما تقدم، وكان الطاعنان قد تمسكا في دفاعهما أمام محكمة الموضوع بصورية البيانات
المثبتة بالسند الأمر موضوع التداعي الموقع منهما على بياض، وأن ما دون بمعرفة
البنك المطعون ضده من تلك البيانات مخالفا لحقيقة العلاقة بين الطرفين واللذين
أوردا أنها ناشئة عن مشاركة بين الطاعن الأول والبنك، وقدما دليلا على صحة دفاعهما
مستندات عبارة عن كشوف حساب وإفادات منسوب صدورها للأخير تفيد أن رصيد الطاعن
الأول لديه دائن، وطلبا ندب خبير في الدعوى لتصفية الحساب بين الطرفين على هذا
النحو، إلا أن الحكم المطعون فيه التفت عن دفاعهما المتقدم - رغم جوهريته - إذ من
شأنه - لو صح - أن يتغير به وجه الرأي في الدعوى، واستند إلى القول بأن المثبت
بسند الدين هو المديونية الحقيقية، ولا يجوز إثبات ما يخالفها بغير الكتابة، وهو
ما لا يواجه دفاع الطاعنين لإغفاله ما تمسكا به من أن العلاقة ناشئة عن ورقة
تجارية وتحررت لأعمال تجارية بما يجوز إثباتها بكافة طرق الإثبات كما صادر حقهما
في الاحتكام إلى أهل الخبرة لتحقيق طلباتهما سالفة البيان، وهو ما يعيب الحكم
المطعون فيه بالقصور والإخلال بحق الدفاع مما يوجب نقضه.