الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الجمعة، 4 فبراير 2022

القضية 3 لسنة 14 ق جلسة 6/ 2 / 1993 دستورية عليا مكتب فني 5 ج 2 منازعة تنفيذ ق 9 ص 479

جلسة 6 فبراير سنة 1993

برئاسة السيد المستشار الدكتور/ عوض محمد عوض المر رئيس المحكمة، وحضور السادة المستشارين/ الدكتور محمد إبراهيم أبو العينين ومحمد ولى الدين جلال وفاروق عبد الرحيم غنيم وعبد الرحمن نصير وسامى فرج يوسف والدكتور عبد المجيد فياض - أعضاء،

وحضور السيد المستشار/ محمد خيرى طه عبد المطلب - رئيس هيئة المفوضين،

وحضور السيد/ رأفت محمد عبد الواحد - أمين السر.

-------------

قاعدة رقم (9)
القضية رقم 3 لسنة 14 قضائية "منازعة تنفيذ"

(1) دعوى دستورية "طبيعتها العينية - المقصود بها".
تندرج الدعوى الدستورية تحت الدعاوى العينية التي تقوم في جوهرها على مقابلة النصوص التشريعية بأحكام الدستور تحريا لتطابقها معها إعلاء للشرعية الدستورية، ومن ثم تكون هذه النصوص ذاتها هي موضوع الدعوى الدستورية، أو هي بالأحرى محلها، وإهدارها بقدر تعارضها مع أحكام الدستور، وهى الغاية التي تبتغيها هذه الخصومة.
(2) دعوى دستورية "مضمون شرط المصلحة فيها".
يعتبر شرط المصلحة الشخصية المباشرة متصلا بالحق في الدعوى، وهو حق يقوم مستقلا عن الحق الذي تقام الدعوى لطلب اقتضائه، ويعتبر هذا الشرط محددا لفكرة الخصومة في الدعوى الدستورية، ومبلورا نطاق المسألة الدستورية التي تدعى هذه المحكمة للفصل فيها، ومؤكدا ضرورة أن تكون المنفعة التي يقرها القانون هي محصلتها النهاية، ومنفصلا دوما عن مطابقة النص التشريعي المطعون عليه للدستور أو مخالفته لأحكامه.
(3) دعوى دستورية "طبيعتها العينية - لا تناقض شرط المصلحة فيها: أساس ذلك".
عينية الدعوى الدستورية لا تفيد - لزوما - التحلل في شأنها من شرط المصلحة الشخصية المباشرة إذ لو صح ذلك، لجاز الطعن على النصوص التشريعية عن طريق الدعوى الأصلية، التي تستهدف بيان حكم الدستور مجردا واستقلالا عن أية منازعة موضوعية، وهو ما يتعارض وقانون هذه المحكمة.
(4) دعوى دستورية "عدم توافر شرط قبولها: أثره"
لا يجوز للمحكمة أن تخوض في بحث مطابقة النصوص المطعون عليها للدستور أو مخالفتها لأحكامه، إلا إذا ثبت لديها استيفاء الدعوى الدستورية - التي تطرح المسألة الدستورية من خلالها - لشرائط قبولها.
(5) إغفال الفصل في بعض الطلبات الموضوعية "شروطه".
من المقرر قانونا أن مرد إغفال الفصل في طلب موضوعي مقدم إلى المحكمة هو ألا يصدر عنها قضاء في شأنه، ولو كان ضمنيا.
(6) أحكام المحكمة الدستورية العليا "حجيتها في المسائل الدستورية".
لا تعتبر أحكام المحكمة الدستورية العليا الصادرة في المسائل الدستورية - وسواء كان قضاؤها متعلقا بالعيوب الشكلية أو بالمطاعن الموضوعية - منصرفا إلى من كان طرفا في الخصومة الدستورية دون سواه، بل منسحبا إليه وإلى الأغيار كافة، ومتعديا إلى الدولة بكامل تنظيماتها، وفى مواجهة سلطاتها المختلفة. ومن ثم لا تعتبر هذه الأحكام نسبية الأثر ولا يسرى في شأنها حكم المادة 101 من قانون الإثبات.
(7) ولاية التصدي "شرط ممارستها".
مباشرة المحكمة الدستورية العليا لولايتها المنصوص عليها في المادة 27 من قانونها مرتبط بتوافر الشروط التي عينتها، ومن بينها أن يكون النص التشريعي الذي تعرض له المحكمة بمناسبة ممارستها لاختصاصه، متصلا بالنزاع المطروح عليه، وهو ما يفيد بالضرورة قيام المنازعة الأصلية مستوفية شرائط قبولها.

-----------------
1 - من المقرر قانونا أن الدعوى الدستورية تندرج تحت الدعاوى العينية التي تقوم في جوهرها على مقابلة النصوص التشريعية بأحكام الدستور تحريا لتطابقها معها إعلاء للشرعية الدستورية. ومن ثم تكون هذه النصوص ذاتها هى موضوع الدعوى الدستورية أو هي بالأحرى محلها، وإهدارها بقدر تعارضها مع أحكام الدستور هي الغاية التي تبتغيها هذه الخصومة، وقضاء المحكمة في شأن دستورية تلك النصوص هو القاعدة الكاشفة عن حقيقة صحتها أو بطلانها.
2 - ما قرره المدعون من أن شرط المصلحة الشخصية المباشرة يناقض بالضرورة الطبيعة العينية للدعوى للدستورية ويجرد الحقوق التي كفلها الدستور من ضماناتها ممثلة في ملاحقة كل مواطن للنصوص التشريعية المخالفة للدستور، مردود بأن من المقرر أن الحقوق لا يكتمل تنظيمها في غيبة وسائل حمايتها، ومن بينها - وفى موقع الصدارة منها - الدعوى التي تكفل حماية الحقوق التي وقع العدوان عليها واقتضائها. متى كان ذلك وكان شرط المصلحة الشخصية المباشرة يعتبر متصلا بالحق في الدعوى، وهو حق يقوم مستقلا عن الحق الذي تقام الدعوى لطلب اقتضائه، وكان لا يكفى لقيام المصلحة الشخصية المباشرة التي تعتبر شرطا لقبول الدعوى الدستورية، أن يكون النص التشريعي المطعون عليه مخالفا في ذاته للدستور، بل يتعين أن يكون هذا النص - بتطبيقه على المدعى - قد أخل بأحد الحقوق التي كفلها على نحو ألحق به ضررا مباشرا فإن شرط المصلحة الشخصية المباشرة يغدو متصلا بالحق في الدعوى، ومرتبطا بالخصم الذي أثار المسألة الدستورية، وليس بهذه المسألة في ذاتها منظورا إليها بصفة مجردة. ومن ثم يبرز شرط المصلحة الشخصية المباشرة باعتباره محددا لفكرة الخصومة في الدعوى الدستورية، مبلورا نطاق المسألة الدستورية التي تدعى هذه المحكمة للفصل فيها، ومؤكدا ضرورة أن تكون المنفعة التي يقرها القانون هي محصلتها النهائية، ومنفصلا دوما عن مطابقة النص التشريعي المطعون عليه للدستور أو مخالفته لأحكامه.
3 - إن عينية الدعوى الدستورية لا تفيد - لزوما - التحلل في شأنها من شرط المصلحة الشخصية المباشرة أو أن هذا الشرط يعتبر منفكا عنها، إذ لو صح ذلك - وهو غير صحيح - لجاز الطعن على النصوص التشريعية المدعى مخالفتها للدستور عن طريق الدعوى الأصلية بعدم الدستورية التي لا تعدو في حقيقتها أن تكون نزاعا مع النصوص التشريعية المطعون عليها بقصد بيان حكم الدستور مجردا في شأنها واستقلالا عن أية منازعة موضوعية ترتبط الدعوى الأصلية بها، وهو ما يتعارض وقانون المحكمة الدستورية العليا، ذلك أن الدستور أفرد المحكمة الدستورية العليا بتنظيم خاص حدد قواعده في الفصل الخامس من الباب الخامس المتعلق بنظام الحكم، فناط بها دون غيرها - في المادة 175 منه - مباشرة الرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح. كما اختصها بولاية تفسير النصوص التشريعية "وذلك كله على الوجه المبين في القانون". وإعمالا لهذا التفويض - الذي يستمد أصله من الدستور - حدد قانون المحكمة الدستورية العليا القواعد الموضوعية والإجرائية التي تباشر هذه المحكمة - من خلالها وعلى ضوئها - الرقابة القضائية على دستورية النصوص التشريعية، فرسم لاتصال الدعوى الدستورية بهذه المحكمة طرائق بذاتها حددتها تفصيلا وبينتها حصرا المادتان 27 و29 من قانون هذه المحكمة باعتبار أن ولوجها وإقامة الدعوى الدستورية من خلالها، ومن الأشكال الإجرائية الجوهرية التي لا تجوز مخالفتها كي ينتظم التداعي في المسائل الدستورية في إطارها ووفقا لأحكامها.
4 - متى كان قضاء المحكمة قد صدر بعدم قبول الدعوى الدستورية، فإن قالة مخالفة النص التشريعي المطعون عليه للأحكام الموضوعية للدستور التي حددها المدعون، ومن بينها نص المادة 40 منه، تعتبر واردة على غير محل، إذ لا يجوز أن تخوض هذه المحكمة في مطابقة النصوص التشريعية المطعون عليها للدستور، أو مخالفتها لأحكامه، إلا بعد استيفاء الدعوى - التي تطرح المسألة الدستورية من خلالها - لشرائط قبولها.
5 - مناط تطبيق المادة 193 من قانون المرافعات هو أن تكون المحكمة قد أغفلت عن سهو أو غلط الفصل في طلب موضوعي بما يجعل الطلب باقيا معلقا أمامها. متى كان ذلك، وكان من المقرر قانونا أن مرد إغفال الفصل في طلب موضوعي مقدم إلى المحكمة هو ألا يصدر عنها قضاء في شأنه ولو كان ضمنيا، وكان قضاء المحكمة الدستورية العليا في الدعوى رقم 25 لسنة 6 قضائية "دستورية" قد خلص إلى "أن مؤدى نص البند السادس من المادة 13 من قانون المرافعات المدنية والتجارية المطعون عليه أن صورة الإعلان لا يجوز تسليمها إلى الإدارة القضائية المختصة بالقوات المسلحة بوساطة النيابة العامة إلا إذا كان الإعلان متعلقا بأحد أفراد القوات المسلحة أو من في حكمهم، وكان البين من الاطلاع على الأوراق أن صفة المدعى عليهم - في الدعوى الموضوعية - كأفراد بالقوات المسلحة قد انفكت عنهم قبل الفصل في الدعوى الماثلة - إما بالوفاة بالإحالة إلى التقاعد، وكان من المقرر أن شرط المصلحة في الدعوى لا يكفى أن يتوافر عند رفعها، بل يتعين أن يظل قائما حتى الفصل نهائيا فيها، فإن أيا كان وجه الرأي في شأن دستورية النص التشريعي المطعون عليه، فإنه وقد أضحى غير متعلق بالمدعى عليهم، صار غير سار في حقهم ليعود الأمر في شأن إعلانهم إلى القواعد العامة وذلك بأن يتم الإعلان إما إلى أشخاصهم أو في مواطنهم شأنهم في ذلك شأن غيرهم من المواطنين الذين لا يشملهم تنظيم خاص بالنسبة إلى الإعلان. وإذ كان المدعون قد استهدفوا من الطعن على البند السادس المشار إليه هو ألا يعامل المدعى عليهم معاملة خاصة في شأن الإعلان يمتازون بها عن سواهم، وهو ما تحقق بعد زوال صفتهم العسكرية، وجواز إعلانهم بالتالي وفقا للقواعد العامة، فإن مصلحة المدعين في الطعن على البند السادس سالف البيان تغدو محض مصلحة نظرية الأمر الذي يتعين معه الحكم بعدم قبول الدعوى". متى كان ما تقدم، فإن قضاء هذه المحكمة على النحو سالف البيان، يكون متضمنا بالضرورة رفض طلب المدعين قبول دعواهم، وتكون قالة إغفال الفصل في هذا الطلب لا محل لها.
6 - ما قرره المدعون من أن حجية أحكام المحكمة الدستورية العليا في المسائل الدستورية - وإعمالا لنص المادة 101 من قانون الإثبات - لا تقوم إلا في نزاع بين الخصوم أنفسهم ودون أن تتغير صفاتهم، وبشرط أن تتعلق بذات الحق محلا وسببا، مردود بأن الأحكام التي تعنيها هذه المادة هي التي لا تسرى آثارها إلا في حق من كان طرفا فيها، ولا تمتد آثارها بالتالي إلى الأغيار شأنها في ذلك شأن العقود. ولا كذلك الأحكام الصادرة في الدعاوى الدستورية، ذلك أن قضاء هذه المحكمة في شأنها - وسواء كان متعلقا بالعيوب الشكلية أو الموضوعية - إنما يحوز حجية مطلقة في مواجهة الكافة، وبالنسبة إلى الدولة بكامل سلطاتها وعلى امتداد تنظيماتها المختلفة، وهي حجية تحول بذاتها دون المجادلة فيه أو السعي لنقضه من خلال إعادة طرحه على هذه المحكمة لمراجعته، ذلك أن الخصومة في الدعوى الدستورية - وهى بطبيعتها من الدعاوى العينية - قوامها مقابلة النصوص التشريعية المطعون عليها بأحكام الدستور - تحريا لتطابقها معها إعلاء للشرعية الدستورية. ومن ثم لا يعتبر قضاء الحكم باستيفاء النص التشريعي المطعون عليه لأوضاعه الشكلية أو انحرافه عنها أو اتفاقه مع الأحكام الموضوعية في الدستور أو مروقه منها، منصرفا إلى من كان طرفا في الخصومة الدستورية دون سواه، بل منسحبا إليه وإلى الأغيار كافة، ومتعديا إلى الدولة التي ألزمها الدستور في المادة 65 منه بالخضوع للقانون، وجعل من علوه عليها وانعقاد السيادة لأحكامه، قاعدة لنظامها، ومحورا لبناء أساس الحكم فيها على ما تقضي به المادة 64 منه، بما يردها عن التحلل من قضاء هذه المحكمة أو مجاوزة مضمونه، ويلزم كل شخص بالعمل على مقتضاه وضبط سلوكه وفقا لفحواه. ذلك أن هذه المحكمة تستمد مباشرة من الدستور ولايتها في مجال الرقابة الدستورية، ومرجعها إلى أحكامه - وهو القانون الأعلى - فيما يصدر عنها من قضاء في المسائل الدستورية التي تطرح عليها، وكلمتها في شأن دلالة النصوص التي يضمها الدستور بين دفتيه هي القول الفصل، وضوابطها في التأصيل ومناهجها في التفسير هي مدخلها إلى معايير منضبطة تحقق لأحكام الدستور وحدتها العضوية وتكفل الانحياز لقيم الجماعة في مختلف مراحل تطورها. وليس التزامها بإنفاذ الأبعاد الكاملة للشرعية الدستورية إلا إرساء لحكم القانون في مدارجه العليا وفاء بالأمانة التي حملها الدستور بها وعقد لها ناصية النهوض بتبعاتها، وكان حتما أن يكون التقيد بأحكامها مطلقا ساريا على الدولة والناس أجمعين - وعلى قدم من المساواة الكاملة - وهو ما أثبتته المادة 49 من قانون المحكمة الدستورية العليا.
7 - مباشرة المحكمة الدستورية العليا لولايتها المنصوص عليها في المادة 27 من قانونها مرتبط بتوافر الشروط التي عينتها، ومن بينها أن يكون النص التشريعي الذي تعرض له المحكمة بمناسبة ممارستها اختصاصاتها، متصلا بالنزاع المطروح عليها. وهو ما يفيد بالضرورة قيام المنازعة الأصلية مستوفية شرائط قبولها. متى كان ذلك، وكان قضاء هذه المحكمة قد خلص في الدعوى رقم 25 لسنة 6 قضائية "دستورية" إلى عدم قبولها، فإن المنازعة الأصلية تفقد مقوماتها بزوالها. ولا تعتبر بالتالي مطروحة عليها من الناحية القانونية، ولا يكون ثمة محل لإعمال المحكمة لولايتها المنصوص عليها في المادة (27) من قانونها لتخلف شروط مباشرتها.


الإجراءات

بتاريخ 4 من مايو سنة 1992 أودع المدعون صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا طالبين الحكم - على ما ورد فيها وفى المذكرتين المقدمتين منهم في 23 من يونيو سنة 1992 و7 من نوفمبر سنة 1992 على التوالي - بقبول طلبهم رفض دفع المدعى عليهم بعدم قبول دعوى منازعتهم الدستورية - لانقضاء مصلحتهم فيها وقبول الدعوى على أسباب قبولها المقدمة لمحكمة الموضوع محمولة على مستنداتهم ووجوه دفاعهم المادية والفعلية والواقعية والشرعية والدستورية والقانونية، التي جمعتها جميع محررات المدعين منذ افتتاح دعواهم حتى ختام مذكرتهم الأخيرة، وبعد الاطلاع على أحكام المادة 101 من قانون الإثبات، والمادة 193 من قانون المرافعات، والحكم - بعد قبول الدعوى لتوافر مصلحة المدعين فيها فعلا وحكما، وحالا ومستقبلا، في نصوص وثيقة إعلان الدستور ومواده، وإعمالا للمادة 3 من قانون المرافعات في شأن المصلحة القانونية القائمة والمحتملة - بعدم دستورية الفقرة 6 من المادة 13 من قانون المرافعات، مع إلزام المدعى عليهم جميع المصروفات بحكم قطعي نهائي بات يشمله النفاذ المعجل، طليقا من قيد الكفالة، يؤمر فيه بتنفيذه بموجب مسودته وبدون إعلان، وذلك تطبيقا لنص المادة 286 من قانون المرافعات ودون انتظار نشر الحكم بالجريدة الرسمية ليمتد نفاذه وتنفيذه على الكافة من غير المحكوم عليه فيه، ومع حفظ كافة الحقوق الأخرى.
قدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة بدفاعها طلبت في ختامها الحكم بعد قبول الدعوى.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرا برأيها.
ونظرت الدعوى على الوجه المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.


المحكمة

حيث إن الوقائع - على ما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق - تتحصل في أن المدعين كانوا قد أقاموا الدعوى رقم 25 لسنة 6 قضائية "دستورية" طالبين الحكم بعدم دستورية البند السادس من المادة 13 من قانون المرافعات المدنية والتجارية، وقد صدر قضاء هذه المحكمة بعدم قبول الدعوى المشار إليها. ثم أعقبها المدعون بالدعوى الماثلة التي أقاموها عملا بالمادة 193 من قانون المرافعات، ناعين فيها على الحكم الصادر في الدعوى رقم 25 لسنة 6 قضائية المشار إليه انعدامه وحجيته الساقطة في خصوص ما صدر فيه قضاؤه، متغافلا الفصل في طلب المدعين الحكم لهم برفض الدفع المبدى من المدعى عليهم بعدم قبول منازعتهم الدستورية، ارتكانا إلى ما عرضه المدعون من الأسباب الواقعية والمادية والقانون والدستورية من خلال مرافعتهم الكتابية والشفهية، متمثلة في أن قيامهم بمناهضة ومطاردة النص التشريعي موضوع تلك المنازعة الدستورية يندرج تحت واجباتهم العامة هم وغيرهم من المواطنين المكلفين بأدائها وفقا لما هو منصوص عليه في الفقرة الأخيرة من وثيقة إعلان الدستور، فيما قررته من التزامهم جميعا بالدفاع عنه وحمايته وتأكيد احترامه. وهم كذلك ذوو مصلحة قانونية في إهدار كل تمييز تضمنه النص التشريعي المطعون عليه في مجال الإعلان بين أفراد القوات المسلحة ومن في حكمهم وبين مجموع المواطنين. وينعون كذلك على الحكم عدم التزامه بما دل عليه نص المادة 27 من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر به القانون رقم 48 لسنة 1979 من أن إعمالها لسلطتها وفقا لحكمه، ليس من الرخص الممنوحة لها، وإنما هو التزام عليها يقتضيه وفاؤها بواجبها في مجال دعم الشرعية الدستورية على ما تقضى به المادة 175 من الدستور. وهو التزام لا يجوز لها التحلل منه، وتدعمه الفقرة الأخيرة من وثيقة إعلان الدستور، وأنه لو صح اعتبار حق التصدي من الرخص الخاضعة لإرادة المحكمة الدستورية العليا، فإن خيارها في استعماله أو عدم استعماله لا يجوز أن يتلبس بإساءة استعمال الحق على الوجه الذي يضر المواطنين - ومنهم المدعون - ويفرض عليهم الامتثال للتشريعات المخالفة الدستور والتي التفتت المحكمة عن فرض رقابتها القضائية على دستوريتها. وانتهى المدعون إلى أن الفصل في دستورية البند 6 من المادة 13 من قانون المرافعات موضوع منازعتهم الدستورية - بقضاء قطعي وبات هو مما يهم مجموع المتقاضين خاصة بعد أن حرم الدستور في المادة 57 منه انتهاك كل حق أو حرية كفلتها مواده أو أحكام أى قانون آخر، وحظر سقوط الدعويين - الجنائية والمدنية - الناشئتين عنه التقادم المسقط.
وحيث إن هيئة قضايا الدولة دفعت بعدم قبول الدعوى على سند من أنها بمثابة طعن على ما صدر من هذه المحكمة من قضاء في الدعوى رقم 25 لسنة 6 قضائية.
وحيث إن المدعين ذهبوا إلى القول بأن الدعوى الدستورية - من الدعاوى العينية التي تلاحق التشريعات واللوائح غير الدستورية لتعلق طلبات الحكم بعد دستورية قانون أو لائحة بالنظام العام، بما تعتبر معه الدعوى الدستورية من قبيل دعاوى الحسبة التي تخول المدعين وكذلك كل المواطنين مناهضة ومطاردة النص التشريعي موضوع المنازعة الدستورية، وكذلك ملاحقة كل قانون أو لائحة يكون مخالفا للدستور، باعتبار أن ذلك من واجبات المدعين العامة، وكذلك واجبات جميع المواطنين المتعلقة بتأمين وحماية الدستور والدفاع عنه وتأكيد احترامه.
وحيث إن من المقرر قانونا أن الدعوى الدستورية تندرج تحت الدعاوى العينية التي تقوم في جوهرها على مقابلة النصوص التشريعية بأحكام الدستور تحريا لتطابقها معها إعلاء للشرعية الدستورية. ومن ثم تكون هذه النصوص ذاتها هى موضوع الدعوى الدستورية أو هي بالأحرى محلها، وإهدارها بقدر تعارضها مع أحكام الدستور هي الغاية التي تبتغيها هذه الخصومة. وقضاء المحكمة في شأن تلك النصوص هو القاعدة الكاشفة عن صحتها أو بطلانها.
وحيث إن عينية الدعوى الدستورية لا تفيد لزوما التحلل في شأنها من شرط المصلحة الشخصية المباشرة، أو أن هذا الشرط يعتبر منفكا عنها، إذ لو صح ذلك - وهو غير صحيح - لجاز الطعن على النصوص التشريعية المدعى مخالفتها الدستور عن طريق الدعوى الأصلية بعدم الدستورية التي لا تعدو في حقيقتها أن تكون نزاعا مع النصوص التشريعية المطعون عليها بقصد بيان حكم الدستور مجردا في شأنه، واستقلالاً عن أية منازعة موضوعية ترتبط الدعوى الأصلية بها. وهو ما يتعارض وقانون المحكمة الدستورية العليا، ذلك أن الدستور أفردها بتنظيم خاص حدد قواعده في الفصل الخامس من الباب الخامس المتعلق بنظام الحكم، فناط بها دون غيرها - في المادة 175 منه - مباشرة الرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح، كما اختصها بولاية تفسير النصوص التشريعية "وذلك كله على الوجه المبين في القانون".
وحيث إنه وإعمالا لهذا التفويض - الذي يستمد أصله من الدستور - حدد قانون المحكمة الدستورية العليا القواعد الموضوعية والإجرائية التي تباشر هذه المحكمة - من خلالها وعلى ضوئها - الرقابة القضائية على دستورية النصوص التشريعية، فرسم لاتصال الدعوى الدستورية بهذه المحكمة طرائق بذاتها حددتها تفصيلا وبينتها حصرا المادتان 27 و29 من قانون هذه المحكمة باعتبار أن ولوجها وإقامة الدعوى الدستورية من خلالها، ومن الأشكال الإجرائية الجوهرية التي لا تجوز مخالفتها كي ينتظم التداعي في المسائل الدستورية في إطاره، ووفقا لأحكامها.
وحيث إن المشرع نظم بالمادة 29 المشار إليها المسائل الدستورية التي تعرض على المحكمة الدستورية العليا من خلال محكمة الموضوع. وهى قاطعة في دلالتها على أن النصوص التشريعية التي يتصل الطعن عليها بالمحكمة الدستورية العليا اتصالا مطابقا للأوضاع المقررة قانونا، هى تلك التي تطرح عليها بعد دفع بعدم دستوريتها يبديه خصم أمام محكمة الموضوع وتقدر هي جديته، أو إثر إحالتها إليها مباشرة من محكمة الموضوع لقيام شبهة قوية لديها على مخالفتها لأحكام الدستور. وفى كلتا الحالتين يتعين أن يكون الحكم الصادر في الدعوى الدستورية لازما للفصل في مسألة كلية أو فرعية تدور حولها الخصومة - بأكملها أو في شق منها - في الدعوى الموضوعية، فإذا لم يكن له بها من صلة، كانت الدعوى الدستورية غير مقبولة. وهو ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة بتوكيدها أن المصلحة الشخصية المباشرة تعد شرطا لقبول الدعوى الدستورية، وأن مناطها أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة القائمة في الدعوى الموضوعية، وذلك بأن يكون الحكم في المسألة الدستورية لازما للفصل في الطلبات المرتبطة بها المطروحة أمام محكمة الموضوع.
وحيث إنه متى كان ذلك، وكانت الحقوق لا يكتمل تنظيمها في غيبة وسائل حمايتها ومن بينها، وفى موقع الصدارة منها، الدعوى التي تكفل حماية الحقوق التي وقع العدوان عليها واقتضائها، وكان شرط المصلحة الشخصية المباشرة يعتبر متصلا بالحق في الدعوى، وهو حق يقوم مستقلا عن الحق الذي تقام الدعوى لطلب اقتضائه، وكان لا يكفى لقيام المصلحة الشخصية المباشرة التي تعتبر شرطا لقبول الدعوى الدستورية أن يكون النص التشريعي المطعون عليه مخالفا في ذاته للدستور، بل يتعين أن يكون هذا النص - بتطبيقه على المدعى - قد أخل بأحد الحقوق التي كفلها على نحو ألحق به ضررا مباشرا.
وحيث إنه متى كان ما تقدم، فإن شرط المصلحة الشخصية المباشرة يغدو متصلا بالحق في الدعوى، ومرتبطا بالخصم الذي أثار المسألة الدستورية، وليس بهذه المسألة في ذاتها منظورا إليها بصفة مجردة. ومن ثم يبرز شرط المصلحة الشخصية المباشرة باعتباره محددا لفكرة الخصومة في الدعوى الدستورية، ومبلورا نطاق المسألة الدستورية التي تدعى هذه المحكمة للفصل فيها، ومؤكدا ضرورة أن تكون المنفعة التي يقرها القانون هى محصلتها النهائية، ومنفصلا دوما عن مطابقة النص التشريعي المطعون عليه للدستور أو مخالفته لأحكامه. متى كان ما تقدم، فإن ما قاله المدعون من أن شرط المصلحة الشخصية المباشرة يناقض بالضرورة الطبيعية العينية للدعوى الدستورية ويجرد الحقوق التي كفلها الدستور من ضماناتها ممثلة في ملاحقة كل مواطن للنصوص التشريعية المخالفة للدستور، يكون حريا بالالتفات عنه.
وحيث إن المدعين يركنون إلى قالة إغفال المحكمة الفصل في بعض طلباتهم الموضوعية، ويدعون هذه المحكمة إلى نظرها والفصل فيها إعمالا لنص المادة 193 من قانون المرافعات التي تنص على أنه "إذا أغفلت المحكمة الحكم في بعض الطلبات الموضوعية جاز لصاحب الشأن أن يعلن خصمه بصحيفة للحضور أمامها لنظر هذا الطلب والحكم فيه". وتفصيلا لذلك قرر المدعون أنهم يحركون مجددا دعواهم أمام المحكمة الدستورية العليا للفصل في طلبهم رفض الدفع المبدى بعدم قبولها لانقضاء مصلحتهم فيها بزوال صفات خصومهم العسكريين بعد إحالتهم إلى التقاعد تأسيسا على أنه لو جاز إسقاط مصلحتهم في الدعوى باعتبارها من دعاوى القانون الخاص، فإن مصلحتهم في قبول دعواهم وطلب وقبول رفض دفع المدعى عليهم، مصلحة دستورية وقانونية لا تسقط بإهمال أو تعطيل غيرهم الفصل في دعواهم حتى تزول صفات خصومهم. ذلك أن هذا الإهمال أو التعطيل يناقض نص المادة 68 من الدستور التي تؤكد التزام الدولة بسرعة الفصل في القضايا. ولا يجوز بحال تحميل المدعين تبعة هذا الإهمال أو التقصير. هذا بالإضافة إلى أن عدم قبول دعوى منازعة المدعين الدستورية مؤداه بقاء النص التشريعي المطعون عليه قائما مقيدا المواطنين في جميع معاملاتهم، ومهددا كذلك حق الدفاع بالإضافة إلى الحق في التقاضي رغم ثبوت توافر مصلحة المدعين الحالية والمستقبلة في إبطال هذا النص كى لا يظل سيفا مسلطا على رقاب المدعين وغير المدعين من المواطنين الملتزمين بتأكيد سيادة الدستور وتأمينه واحترامه وحمايته والدفاع عنه، وفاء بالتزامهم الوارد في وثيقة إعلانه.
وحيث إن ما قرره المدعون على النحو المتقدم بيانه مردود أولا بما سبق أن أوردته هذه المحكمة في قضائها من أن عينية الدعوى الدستورية لا يلازمها بالضرورة اعتبار شرط المصلحة الشخصية المباشرة منفكا عنها، بل هو مناط قبولها، ولا يكفى أن يتوافر عند رفعها، بل يتعين أن يظل قائما إلى حين الفصل فيها، ومردود ثانيا بما جرى عليه قضاء هذه المحكمة من أن مناط تطبيق المادة 193 من قانون المرافعات هو أن تكون المحكمة قد أغفلت عن سهو أو غلط الفصل في طلب موضوعي بما يجعل الطلب باقيا معلقا أمامها. متى كان ذلك، وكان من المقرر قانونا أن مرد إغفال الفصل في طلب موضوعي مقدم إلى المحكمة هو ألا يصدر عنها قضاء في شأنه ولو كان ضمنيا، وكان قضاء هذه المحكمة في الدعوى رقم 25 لسنة 6 قضائية دستورية قد خلص إلى "أن مؤدى نص البند السادس من المادة 13 من قانون المرافعات المدنية والتجارية المطعون عليه أن صورة الإعلان لا يجوز تسليمها إلى الإدارة القضائية المختصة بالقوات المسلحة بوساطة النيابة العامة إلا إذا كان الإعلان متعلقا بأحد أفراد القوات المسلحة أو من في حكمهم، وكان البين من الاطلاع على الأوراق أن صفة المدعى عليهم - في الدعوى الموضوعية - كأفراد بالقوات المسلحة قد انفكت عنهم - قبل الفصل في الدعوى الماثلة - إما بالوفاة أو بالإحالة إلى التقاعد، وكان من المقرر أن شرط المصلحة في الدعوى لا يكفى أن يتوافر عند رفعها، بل يتعين أن يظل قائما حتى الفصل نهائيا فيها، فإنه أيا كان وجه الرأي في شأن دستورية النص التشريعي المطعون عليه، فإنه وقد أضحى غير متعلق بالمدعى عليهم، صار غير سار في حقهم ليعود الأمر في شأن إعلانهم إلى القواعد العامة وذلك بأن يتم الإعلان إما إلى أشخاصهم أو في مواطنهم، شأنهم في ذلك شأن غيرهم من المواطنين الذين لا يشملهم تنظيم خاص بالنسبة إلى الإعلان، وأنه إذ كان المدعون قد استهدفوا من الطعن على البند السادس المشار إليه هو ألا يعامل المدعى عليهم معاملة خاصة في شأن الإعلان يمتازون بها عن سواهم. وهو ما تحقق بعد زوال صفتهم العسكرية وجواز إعلانهم بالتالي وفقا للقواعد العامة، فإن مصلحة المدعين في الطعن على البند السادس سالف البيان، تغدو محض مصلحة نظرية الأمر الذي يتعين معه الحكم بعدم قبول الدعوى". متى كان ما تقدم، فإن قضاء هذه المحكمة على النحو سالف البيان، يكون متضمنا بالضرورة رفض طلب المدعين قبول دعواهم، وتكون قالة إغفال الفصل في هذا الطلب لا محل لها.
وحيث إن ما قرره المدعون من أن حجية الأحكام - فيما لو صحت - لا تقوم إلا في نزاع بين الخصوم أنفسهم ودون أن تتغير صفاتهم بشرط أن تتعلق بذات الحق محلا وسببا، وذلك إعمالا لنص المادة 101 من قانون الإثبات، مردود بأن الأحكام التي تعنيها هذه المادة هي التي لا تسرى آثارها إلا في حق من كان طرفا فيها ولا تمتد آثارها بالتالي إلى الأغيار شأنها في ذلك شأن العقود. ولا كذلك الأحكام الصادرة في الدعاوى الدستورية، ذلك أن قضاء هذه المحكمة في شأنها - وسواء كان متعلقا بالعيوب الشكلية أو المطاعن الموضوعية - إنما يحوز حجية مطلقة في مواجهة الكافة، وبالنسبة إلى الدولة بكامل سلطاتها وعلى امتداد تنظيماتها المختلفة، وهى حجية تحول بذاتها دون المجادلة فيه أو السعي لنقضه من خلال إعادة طرحه على هذه المحكمة لمراجعته، ذلك أن الخصومة في الدعوى الدستورية - وهى بطبيعتها من الدعاوى العينية - قوامها مقابلة النصوص التشريعية المطعون عليها بأحكام الدستور تحريا لتطابقها معها إعلاء للشرعية الدستورية - ومن ثم لا يعتبر قضاء الحكم باستيفاء النص التشريعي المطعون عليه لأوضاعه الشكلية أو انحرافه عنه، أو اتفاقه مع الأحكام الموضوعية في الدستور أو مروقه منها، منصرفا إلى من كان طرفا في الخصومة الدستورية دون سواه، بل منسحبا إليه وإلى الأغيار كافة، ومتعديا إلى الدولة التي الزمها الدستور في المادة 65 منه بالخضوع للقانون، وجعل من علوه عليها وانعقاد السيادة لأحكامه، قاعدة لنظامها، ومحورا لبناء أساس الحكم فيها على ما تقضى به المادة 64 منه، بما يردها عن التحلل من قضاء هذه المحكمة الدستورية العليا أو مجاوزة مضمونه، ويلزم كل شخص بالعمل على مقتضاه وضبط سلوكه وفقا لفحواه، ذلك أن هذه المحكمة تستمد مباشرة من الدستور ولايتها في مجال الرقابة الدستورية، ومرجعها إلى أحكامه - وهو القانون الأعلى - فيما يصدر عنها من قضاء في المسائل الدستورية التي تطرح عليها، وكلمتها في شأن دلالة النصوص التي يضمنها الدستور بين دفتيه هى القول الفصل، وضوابطها في التأصيل ومناهجها في التفسير هى مدخلها إلى معايير منضبطة تحقق لأحكام الدستور وحدتها العضوية وتكفل الانحياز لقيم الجماعة في مختلف مراحل تطورها. وليس التزامها بإنفاذ الأبعاد الكاملة للشرعية الدستورية إلا إرساء لحكم القانون في مدارجه العليا وفاء بالأمانة التي حملها الدستور بها وعقد لها ناصية النهوض بتبعاتها، وكان حتما أن يكون التقيد بأحكامها مطلقا ساريا على الدولة والناس أجمعين، وعلى قدم من المساواة الكاملة، وهو ما أثبتته المادة 49 من قانون المحكمة الدستورية العليا.
وحيث إنه فيما يتعلق بمباشرة المحكمة لولايتها المنصوص عليها في المادة 27 من قانونها - والتي قرر المدعون أن إعمال المحكمة لها ليس مما يترخص فيه قضاتها، فإن البين من هذه المادة أن تطبيقها مرتبط بتوافر الشروط التي عينتها، ومن بينها أن يكون النص التشريعي الذي تعرض له المحكمة بمناسبة ممارستها لاختصاصاتها متصلا بالنزاع المطروح عليه، وهو ما يفيد بالضرورة قيام المنازعة الأصلية مستوفية شرائط قبولها. متى كان ذلك، وكان قضاء المحكمة الدستورية العليا قد خلص في الدعوى رقم 25 لسنة 6 قضائية "دستورية" إلى عدم قبولها، فإن المنازعة الأصلية تفقد مقوماتها بزواله، ولا تعتبر بالتالي مطروحة عليها من الناحية القانونية. ولا يكون ثمة محل لإعمال المحكمة لولايتها المنصوص عليها في المادة 27 من قانونها لتخلف شروط مباشرتها،.
وحيث إنه متى كان ما تقدم، وكان الحكم بعد قبول الدعوى المشار إليها يعتبر نافيا لاتصالها بالمحكمة الدستورية العليا وفقا للأوضاع المقررة قانونا، فإن قالة مخالفة النص التشريعي المطعون عليه للأحكام الموضوعية للدستور التي حددها المدعون ومن بينها نص المادة 40 منه تعتبر واردة على غير محل. إذ لا يجوز أن تخوض هذه المحكمة في مطابقة النصوص التشريعية المطعون عليها للدستور أو مخالفتها لأحكامه إلا بعد استيفاء الدعوى التي تطرح المسألة الدستورية - من خلالها - لشرائط قبولها.
وحيث إن ما توخاه المدعون - في الدعوى الماثلة - من تقرير مصلحتهم في الطعن على نص البند السادس من المادة الثالثة عشرة من قانون المرافعات توصلا إلى الحكم بعدم دستوريته، لا يعدو أن يكون منازعة من جانبهم في الدعامة القانونية التي قام عليها قضاء المحكمة الدستورية العليا في الدعوى رقم 25 لسنة 6 قضائية "دستورية"، وينحل بالتالي إلى طعن فيه بالمخالفة للمادة 48 من قانونها الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 التي تنص على أن "أحكام المحكمة وقراراتها نهائية وغير قابلة للطعن" ومن ثم فقد أضحى متعينا الحكم بعدم قبول الدعوى الراهنة.

فلهذه الأسباب:

حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى، والزمت المدعين المصروفات، ومبلغ مائة جنيه مقابل أتعاب المحاماة

القضية 3 لسنة 14 ق جلسة 6/ 2 / 1993 دستورية عليا مكتب فني 5 ج 2 تنازع ق 8 ص 475

جلسة 6 فبراير سنة 1993

برئاسة السيد المستشار الدكتور/ عوض محمد عوض المر رئيس المحكمة، وحضور السادة المستشارين/ الدكتور محمد إبراهيم أبو العينين ومحمد ولى الدين جلال وفاروق عبد الرحيم غنيم وسامى فرج يوسف والدكتور عبد المجيد فياض ومحمد على سيف الدين - أعضاء،

وحضور السيد المستشار/ محمد خيرى طه عبد المطلب - رئيس هيئة المفوضين،

وحضور السيد/ رأفت محمد عبد الواحد - أمين السر.

---------------

قاعدة رقم (8(
القضية رقم 3 لسنة 14 قضائية "تنازع"

دعوى تنازع الاختصاص "إجراءات رفعها" "تعلقها بالنظام العام".
لا يجوز رفع دعوى التنازع على الاختصاص عن طريق إحالتها مباشرة من أحد المحامين العامين إلى المحكمة الدستورية العليا، بل يكون رفعها عن طريق تقديم صحيفتها إلى قلم كتاب هذه المحكمة. ويعتبر هذا الإجراء من النظام العام باعتباره شكلا جوهريا في التقاضي تغيا به المشرع مصلحة عامة حتى ينتظم التداعي أمام المحكمة الدستورية العليا وفقا لقانونها.

-----------------
إن البين من المادتين 34، 35 من قانون المحكمة الدستورية العليا أن الأصل المقرر قانونا هو أن تقدم الطلبات وصحف الدعاوى إلى هذه المحكمة بإيداعها قلم كتابها الذي يقوم بقيدها في يوم تقديمها في السجل المعد لذلك ويجب أن تكون هذه الطلبات والصحف - فوق هذا - موقعا عليها من محام مقبول للحضور أمامها أو عضو من هيئة قضايا الدولة بدرجة مستشار على الأقل، وأن يرفق بالطلب في أحوال تنازع الاختصاص القضائي صورة رسمية من الحكمين اللذين وقع التنازع في شأنهما، وإلا كان الطلب غير مقبول. مما مفاده أن المشرع قد ارتأى - بالنظر إلى خصائص الدعاوى والطلبات التي تدخل في ولاية المحكمة الدستورية العليا - أن يكون رفعها إليها عن طريق تقديمها إلى قلم كتابها، مع مراعاة الشروط والأوضاع الأخرى التي يتطلبها القانون في شأنها. وليس ثمة استثناء يرد على هذا الأصل عدا ما جاء بالمادة 29 البند ( أ ) من قانون المحكمة الدستورية العليا التي تخول كل محكمة أو هيئة ذات اختصاص قضائي أن تحيل من تلقاء نفسها - وفى خصوص إحدى الدعاوى المطروحة عليها - الأوراق إلى المحكمة الدستورية العليا إذا تراءى لها عدم دستورية نص في قانون أو لائحة يكون لازما للفصل في النزاع المعروض عليها. لما كان ذلك، وكانت الإجراءات التي رسمها قانون المحكمة الدستورية العليا لرفع الدعاوى والطلبات التي تختص بالفصل فيها - وعلى ما تقدم - تتعلق بالنظام العام باعتبارها شكلا جوهريا في التقاضي تغيا به المشرع مصلحة عامة حتى ينتظم التداعي أمام المحكمة الدستورية العليا وفقا لقانونها، وكانت الدعوى الماثلة لا يشملها الاستثناء الذي نص عليه البند ( أ ) من المادة 29 سالفة البيان لعدم تعلقها بنص في قانون أو لائحة تراءى لمحكمة الموضوع عدم دستوريته، وكان لازما للفصل في النزاع المطروح عليها، وكان الأصل - الذي يتعين مراعاته في الدعاوى التي تقام أمام هذه المحكمة للفصل في أحوال تنازع الاختصاص القضائي - هو إيداع صحائفها قلم كتابها طبقا لما سلف بيانه، فإن الدعوى الماثلة - وقد أحيلت مباشرة من المحامي العام لنيابة أسيوط الكلية إلى هذه المحكمة - لا تكون قد اتصلت بها اتصالا مطابقا للأوضاع المقررة قانونا، مما يتعين معه الحكم بعدم قبولها.


الإجراءات

بتاريخ 14 مايو سنة 1992 ورد إلى قلم كتاب هذه المحكمة ملف القضية رقم 289 لسنة 1986 قضائية جنح أمن دولة أبو تيج المقيدة أيضا برقم 1781 لسنة 1991 قضائية جنح مستأنف أبو تيج، بعد أن قضت محكمة الجنح المستأنفة بأبي تيج بجلسة 31 من ديسمبر لسنة 1991 بعدم اختصاص المحكمة نوعيا بنظر طلب فض التنازع القضائي السلبى، لاختصاص المحكمة الدستورية العليا بنظره، وأحالته إلى النيابة العامة لاتخاذ شؤونها فيه.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرا برأيها.
ونظرت الدعوى على الوجه المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من أوراق الدعوى - تتحصل في أن النيابة العامة قدمت المدعى عليه في الدعوى الماثلة إلى محكمة جنح أمن دولة طوارئ بأبي تيج بتهمة امتناعه عن بيع سلعة مسعرة جبريا رغم توافرها بمحله، فقضت المحكمة بجلسة 14 أكتوبر 1982 بعدم اختصاصها بنظر الدعوى وأحالتها إلى النيابة العامة لاتخاذ شئونها فيها، لكون المتهم حدثا لم تجاوز سنة ثمانية عشر عاما، فقدمته النيابة العامة إلى محكمة أحداث أبو تيج التي قضت بجلسة 12 ديسمبر 1985 بوضع المتهم الحدث تحت الاختبار القضائي لمدة ستة شهور. وإذ استأنفت النيابة العامة هذا الحكم، فقد قضت محكمة الجنح المستأنفة بجلسة 11 فبراير 1986 بإلغاء الحكم المستأنف وعدم اختصاص محكمة أول درجة بنظر الدعوى وإحالتها إلى النيابة العامة لاتخاذ شئونها فيها. فأعيد تقديم المتهم لمحكمة أمن الدولة طوارئ التي قضت بجلسة 26 أكتوبر 1989 بعدم اختصاصها بنظر الدعوى، وإحالتها إلى النيابة العامة من جديد. وقد أقر مكتب التصديق على الأحكام هذا الحكم، فقامت النيابة من جديد، بتقديم الأوراق إلى محكمة الجنح المستأنفة للفصل في تنازع الاختصاص القضائي السلبي بين محكمة الجنح المستأنفة ومحكمة جنح أمن الدولة طوارئ وتعيين المحكمة المختصة بنظر الدعوى. وبجلسة 31 ديسمبر 1991 قضت المحكمة بعدم اختصاصها نوعيا بنظر الطلب لاختصاص المحكمة الدستورية العليا بالفصل فيه وإحالته إلى النيابة العامة لاتخاذ شئونها بصدده، فأحيلت الأوراق إلى المحكمة الدستورية العليا بكتاب المحامي العام لنيابة أسيوط الكلية تنفيذا لذلك.
وحيث إن البين من المادتين 34، 35 من قانون المحكمة الدستورية العليا أن الأصل المقرر قانونا هو أن تقدم الطلبات وصحف الدعاوى إلى هذه المحكمة بإيداعها قلم كتابها الذي يقوم بقيدها في يوم تقديمها في السجل المعد لذلك. ويجب أن تكون هذه الطلبات والصحف - فوق هذا - موقعا عليها من محام مقبول للحضور أمامها أو عضو من هيئة قضايا الدولة بدرجة مستشار على الأقل، وأن يرفق بالطلب في أحوال تنازع الاختصاص القضائي صورة رسمية من الحكمين اللذين وقع التنازع في شأنهما، وإلا كان الطلب غير مقبول. مما مفاده أن المشرع قد ارتأى - بالنظر إلى خصائص الدعاوى والطلبات التي تدخل في ولاية المحكمة الدستورية العليا - أن يكون رفعها إليها عن طريق تقديمها إلى قلم كتابها مع مراعاة الشروط والأوضاع الأخرى التي يتطلبها القانون في شأنها. وليس ثمة استثناء يرد على هذا الأصل عدا ما جاء بالمادة 29 (البند أ) من قانون هذه المحكمة التي تخول كل محكمة أو هيئة ذات اختصاص قضائي أن تحيل من تلقاء نفسها وفى خصوص إحدى الدعاوى المطروحة عليها الأوراق إلى المحكمة الدستورية العليا إذا تراءى لها عدم دستورية نص في قانون أو لائحة يكون لازما للفصل في النزاع المعروض عليه، لما كان ذلك، وكانت الإجراءات التي رسمها قانون المحكمة الدستورية العليا لرفع الدعاوى والطلبات التي تختص بالفصل فيها - وعلى ما تقدم - تتعلق بالنظام العام باعتبارها شكلا جوهريا في التقاضي تغيا به المشرع مصلحة عامة حتى ينتظم التداعي أمام المحكمة الدستورية العليا وفقا لقانونها، وكانت الدعوى الماثلة لا يشملها الاستثناء الذي نص عليه البند ( أ ) من المادة 29 سالفة البيان لعدم تعلقها بنص في قانون أو لائحة تراءى لمحكمه الموضوع عدم دستوريته وكان لازما للفصل في النزاع المطروح عليها، وكان الأصل - الذي يتعين مراعاته في الدعاوى التي تقام أمام هذه المحكمة للفصل في أحوال تنازع الاختصاص القضائي - هو إيداع صحائفها قلم كتابها طبقا لما سلف بيانه، فإن الدعوى الماثلة - وقد أحيلت مباشرة من المحامي العام لنيابة أسيوط الكلية إلى المحكمة الدستورية العليا - لا تكون قد اتصلت بها اتصالا مطابقا للأوضاع المقررة قانونا، مما يتعين معه الحكم بعدم قبولها.

فلهذه الأسباب:

حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى.

القضية 5 لسنة 14 ق جلسة 6/ 2 / 1993 دستورية عليا مكتب فني 5 ج 2 تنازع ق 10 ص 493

جلسة 6 فبراير سنة 1993

برئاسة السيد المستشار الدكتور/ عوض محمد عوض المر رئيس المحكمة، وحضور السادة المستشارين/ الدكتور محمد إبراهيم أبو العينين وفاروق عبد الرحيم غنيم وسامى فرج يوسف ومحمد على سيف الدين وعدلي محمود منصور ومحمد عبد القادر عبد الله - أعضاء،

وحضور السيد المستشار/ محمد خيرى طه عبد المطلب - رئيس هيئة المفوضين،

وحضور السيد/ رأفت محمد عبد الواحد - أمين السر.

-----------

قاعدة رقم (10)
القضية رقم 5 لسنة 14 قضائية "تنازع"

(1) دعوى تنازع الاختصاص - "مناط قبولها - التنازع السلبى".
مناط قبول طلب الفصل في تنازع الاختصاص السلبى وفقاً للبند "ثانياً" من المادة 25 من قانون المحكمة الدستورية العليا، أن تكون الدعوى قد طرحت عن موضوع واحد أمام جهتين من جهات القضاء أو الهيئات ذات الاختصاص القضائي وتخلت كلتاهما عن نظرها.
(2) تنازع على الاختصاص "تعيين الجهة القضائية المختصة".
جرى قضاء المحكمة الدستورية العليا على أن تعيين الجهة القضائية المختصة في أحوال التنازع على الاختصاص إيجابياً كان أم سلبيا، إنما يتم وفقا لقواعد توزيعه بين الجهات القضائية المختلفة تحديداً لولاية كل منها إعمالاً لنص المادة 167 من الدستور التي فوض بها المشرع في تحديد الهيئات القضائية، وتعيين اختصاصاتها، وتنظيم طريقة تشكيلها.
(3) قانون - العاملون في القطاع العام "التمييز بين إنهاء خدمتهم ومجازاتهم تأديبيا".
إنهاء خدمة عامل بإحدى شركات القطاع العام وفقاً لنص البند 7 من المادة 96 من قانون نظام العاملين بالقطاع العام الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1978، لا يعتبر جزاء تأديبياً، ذلك أن المشرع أفراد له حكماً مستقلاً عن الفصل التأديبي.
(4) قطاع عام "المركز القانوني للعاملين في شركاته".
تعتبر شركات القطاع العام من أشخاص القانون الخاص، ولا يعتبر العامل بها موظفاً عاماً، ولا يعتبر قرار إنهاء خدمته قراراً إدارياً ولا جزاء تأديبيا ومن ثم لا تدخل المنازعة المتعلقة بطلب وقف تنفيذه أو إلغائه أو التعويض عنه في ولاية محاكم مجلس الدولة.
(5) المحكمة الدستورية العليا - الحكم الصادر عنها بتعيين الجهة المختصة في أحوال تنازع الاختصاص السلبى "مقتضاه".
إذا رفعت الدعوى من موضوع واحد أمام جهتين قضائيتين وتخلت كلتاهما عن نظرها، فإن مقتضى الحكم الصادر منها بتعيين الجهة المختصة، إسباغ الولاية من جديد على هذه الجهة بحيث تلتزم بنظر الدعوى غير مقيدة بسبق قضائها بعدم اختصاصها ولو كان هذا الحكم نهائياً.

------------------
1 - مناط قبول طلب الفصل في تنازع الاختصاص السلبى وفقاً للبند "ثانياً" من المادة 25 من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 أن تكون الدعوى قد طرحت عن موضوع واحد أمام جهتين من جهات القضاء أو الهيئات ذات الاختصاص القضائي وتخلت كلتاهما عن نظرها. ومتى كان الثابت أن كلاً من جهتي القضاء العادي والإداري قد انتهيتا إلى الحكم بعدم اختصاصهما بنظر الدعوى الموضوعية، فإن ذلك يعد تنازعاً سلبياً على الاختصاص بين جهتين قضائيتين يتوافر به مناط قبول طلب تعيين الجهة المختصة من بينهما بالفصل فيه.
2 - من المقرر - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن تعيين الجهة القضائية المختصة في أحوال التنازع على الاختصاص - إيجابياً كان هذا التنازع أم سلبياً - إنما يتم وفقاً لقواعد توزيعه بين الجهات القضائية المختلفة لولاية كل منها إعمالا لنص المادة 167 من الدستور التي فوض بها المشرع في تحديد الهيئات القضائية وتعيين اختصاصاتها وتنظيم طريقة تشكيلها.
3 - البين من مقارنة الفصلين الحادي عشر والثاني عشر من قانون نظام العاملين بالقطاع العام الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1978، أن المشرع أفرد أولهما لتحديد الجرائم التأديبية وجزاءاتها، وكيفية توقيعها، ومحوها، وأحوال الإعفاء منها، وشروط سقوط الدعوى التأديبية. وقصر ثانيهما على بيان الأحوال التي تعتبر فيها خدمة العامل منتهية، ومن بينها ما نص عليه البند 7 من المادة 96 من الفصل الثاني عشر من أن خدمة العامل تعتبر منتهية "إذا حكم عليه بعقوبة جناية في إحدى الجرائم المنصوص عليها في قانون العقوبات أو ما يماثلها من جرائم منصوص عليها في القوانين الخاصة، أو بعقوبة مقيدة للحرية في جريمة مخلة بالشرف أو الأمانة ما لم يكن الحكم مع وقف التنفيذ. ومع ذلك إذا كان العامل قد حكم عليه لأول مرة، فلا يعتبر هذا الحكم مؤدياً إلى إنهاء الخدمة إلا إذا قررت لجنة شئون العاملين من واقع أسباب الحكم وظروف الواقعة، أن بقاءه في الخدمة يتعارض مع مقتضيات الوظيفة أو طبيعة العمل" متى كان ما تقدم، وكان اختصاص المحكمة التأديبية - وباعتباره استثناء من الولاية العامة لجهة القضاء العادي بالنسبة إلى العاملين في وحدات القطاع العام - محدداً بالجزاءات التأديبية التي حصرها المشرع وعينها، وكان لا يجوز القياس على هذا الاختصاص أو التوسع فيه، وكان إنهاء الشركة المدعى عليها خدمة المدعى قد تم إعمالا لنص البند 7 من المادة 96 من قانون نظام العاملين بالقطاع العام، فإن هذا الإنهاء - الذي أفرد له المشرع حكماً مستقلاً عن الفصل التأديبي - لا يعتبر جزاء تأديبيا.
4 - من المقرر في قضاء المحكمة الدستورية العليا أن شركات القطاع العام - ومنها الشركة المدعى عليها - من أشخاص القانون الخاص وبالتالي لا يعد العامل بها موظفاً عاماً ولا يعتبر قرار إنهاء خدمته قراراً إدارياً وإذ كان هذا القرار - على ما سبق بيانه - ليس جزاء تأديبياً، فإن المنازعة بشأن طلب وقف تنفيذه أو إلغائه أو التعويض عنه لا تدخل في اختصاص محاكم مجلس الدولة وفقاً لأحكام المادتين 10، 15 من قانونه الصادر بالقرار بقانون رقم 47 لسنة 1972، وإنما يختص بها القضاء العادي صاحب الولاية العامة.
5 - إذ ناط المشرع بالمحكمة الدستورية العليا دون غيرها - في البند "ثانيا" من المادة 25 من قانونها الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 - الفصل في تنازع الاختصاص بتعيين الجهة القضائية المختصة من بين جهات القضاء أو الهيئات ذات الاختصاص القضائي إذا رفعت الدعوى عن موضوع واحد أمام جهتين منها وتخلت كلتاهما عن نظرها، فإن مقتضى الحكم الصادر منها بتعيين الجهة المختصة، إسباغ الولاية من جديد على هذه الجهة بحيث تلتزم بنظر الدعوى غير مقيدة بسبق قضائها بعدم اختصاصها ولو كان هذا الحكم قد أصبح نهائيا.


الإجراءات

بتاريخ 31 أغسطس سنة 1992 أودع المدعى صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة طالبا تعيين جهة القضاء المختصة بالفصل في الدعوى المرفوعة منه ضد الشركة المدعى عليها بعد أن تخلت كل من جهتي القضاء العادي والإداري عن نظرها.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها.
ونظرت الدعوى على الوجه المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الدعوى استوفت أوضاعها الشكلية.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق - تتحصل في أن المدعى كان قد أقام الدعوى رقم 37 لسنة 1989 مستعجل أسوان ضد الشركة المدعى عليها طالباً في ختام صحيفتها الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ قرار فصله من الشركة الصادر في 15 مارس سنة 1988 والمتضمن إنهاء خدمته اعتباراً من 13 مارس سنة 1988 مع ما يترتب على ذلك من آثار. وقال المدعى بياناً لدعواه أنه عين بالشركة المدعى عليها منذ عام 1963 وتدرج في وظائفها حتى رقى إلى الدرجة الأولى وحصل على ثقة العاملين بها كرئيس للجنتهم النقابية. غير أنه أدين - وبسبب عمله النقابي - في الجنحة رقم 2209 لسنة 1986 وحكم عليه الحبس ستة أشهر في جريمة إخفاء أشياء مسروقة. وقد تأيد الحكم الصادر فيها استئنافياً مما حدا بالشركة المدعى عليها إلى إنهاء خدمته اعتباراً من 13 مارس سنة 1988. وقد نعى المدعى على قرار فصله مخالفته القانون باعتبار أن الجريمة التي أدين عنها متعلقة بعمله النقابي. بالإضافة إلى أن إنهاء خدمته بسببها ليس وجوبياً - ولو كانت هذه الجريمة مخلفة بالشرف والأمانة - وإنما تترخص الشركة المدعى عليها في توقيع هذا الجراء، وما كان يجب عليها توقيعه، وهو ما حمله على إقامة الدعوى رقم 37 لسنة 1989 مدنى مستعجل أسوان، طالباً وقف تنفيذ قرار فصله. وإذ قضت محكمة أسوان الابتدائية - في هذه الدعوى - بصفة مستعجلة بعدم اختصاصها ولائياً بنظرها وإحالتها إلى المحكمة التأديبية بأسيوط حيث قيدت بجدولها برقم 181 لسنة 17 قضائية، وإذ انتهت هذه المحكمة هي الأخرى إلى الحكم بعدم اختصاصها بنظرها وإحالتها بحالتها إلى محكمة أسوان الابتدائية. وإذ قيدت الدعوى أمام هذه المحكمة الأخيرة برقم 222 لسنة 1991 مدنى مستأنف أسوان، وكان قد قضى بوقف الفصل فيها إلى أن يتقدم المدعى بطلب إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل في تنازع الاختصاص بين جهتي القضاء العادي والإداري، فقد أقام المدعى الدعوى الماثلة.
وحيث إن مناط قبول طلب الفصل في تنازع الاختصاص السلبى وفقاً للبند "ثانياً" من المادة 25 من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 أن تكون الدعوى قد طرحت عن موضوع واحد أمام جهتين من جهات القضاء أو الهيئات ذات الاختصاص القضائي، وتخلت كلتاهما عن نظرها. لما كان ذلك، وكان الثابت أن كلاً من جهتي القضاء العادي والإداري قد انتهت إلى الحكم بعدم اختصاصها بنظر الدعوى الموضوعية، وهو ما يعد تنازعاً سلبياً على الاختصاص بين جهتين قضائيتين يتوافر به مناط قبول طلب تعيين الجهة المختصة من بينهما بالفصل فيه.
وحيث إن البين من مقارنة الفصلين الحادي عشر والثاني عشر من قانون نظام العاملين بالقطاع العام الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1978، أن المشرع أفرد أولهما لتحديد الجرائم التأديبية وجزاءاتها، وكيفية توقيعها، ومحوها، وأحوال الإعفاء منها، وشروط سقوط الدعوى التأديبية. وقصر ثانيهما على بيان الأحوال التي تعتبر فيها خدمة العامل منتهية، ومن بينها ما نص عليه البند 7 من المادة 96 من الفصل الثاني عشر من أن خدمة العامل تعتبر منتهية إذا حكم عليه بعقوبة جناية في إحدى الجرائم المنصوص عليها في قانون العقوبات أو ما يماثلها من جرائم منصوص عليها في القوانين الخاصة، أو بعقوبة مقيدة للحرية في جريمة مخلة بالشرف أو الأمانة ما لم يكن الحكم مع وقف التنفيذ، ومع ذلك إذا كان العامل قد حكم عليه لأول مرة، فلا يكون هذا الحكم مؤدياً إلى إنهاء الخدمة إلا إذا قدرت لجنة شئون العاملين بقرار مسبب من واقع أسباب الحكم وظروف الواقعة أن بقاءه في الخدمة يتعارض مع مقتضيات الوظيفة أو طبيعة العمل. متى كان ما تقدم، وكان اختصاص المحكمة التأديبية - وباعتباره استثناء من الولاية العامة لجهة القضاء العادي بالنسبة إلى العاملين في وحدات القطاع العام - محدداً بالجزاءات التأديبية التي حصرها المشرع وعينها. ولا يجوز بالتالي القياس على هذا الاختصاص أو توسعته، وكان من المقرر - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن تعيين الجهة القضائية المختصة في أحوال التنازع على الاختصاص - إيجابياً كان هذا التنازع أم سلبياً - إنما يتم وفقاً لقواعد توزيعه بين الجهات القضائية المختلفة تحديداً لولاية كل منها إعمالاً لنص المادة 167 من الدستور التي فوض بها المشرع في تحديد الهيئات القضائية وتعيين اختصاصاتها وتنظيم طريقة تشكيله، وكان المدعى قد حكم عليه في الجنحة رقم 2209 لسنة 1986 جنح أسوان بالحبس ستة أشهر في جريمة إخفاء أشياء مسروقة، وقد تأيد هذا الحكم استئنافي، وكانت الشركة المدعى عليها أنهت خدمة المدعى إعمالاً لنص البند 7 من المادة 96 من قانون نظام العاملين بالقطاع العام، وكان إنهاء الخدمة على هذا النحو لا يعتبر جزاء تأديبياً بعد أن أفرد له المشرع حكماً مستقلاً عن الفصل التأديبي ضمنه نص البند 7 من المادة 96 المشار إليه. متى كان ما تقدم، وكان المقرر في قضاء المحكمة الدستورية العليا أن شركات القطاع العام - ومنها الشركة المدعى عليها - من أشخاص القانون الخاص. وبالتالي لا يعد المدعى العامل بها موظفاً عاماً. ولا يعتبر قرار إنهاء خدمته قرارا إدارياً. وإذ كان هذا القرار - على ما سبق بيانه - ليس جزاء تأديبياً، فإن المنازعة بشأن طلب وقف تنفيذه أو إلغائه أو التعويض عنه لا تدخل في اختصاص محاكم مجلس الدولة وفقا لأحكام المادتين 10، 15 من قانونه الصادر بالقرار بقانون رقم 47 لسنة 1972، وإنما يختص بها القضاء العادي صاحب الولاية العامة.
ولا يؤثر ذلك سبق قضاء محكمة أسوان الابتدائية بعدم اختصاصها ولائياً بنظر الدعوى، ذلك أن المشرع إذ ناط بالمحكمة الدستورية العليا دون غيرها - في البند "ثانياً" من المادة 25 من قانونها الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 - الفصل في تنازع الاختصاص بتعيين الجهة القضائية المختصة من بين جهات القضاء أو الهيئات ذات الاختصاص القضائي إذا رفعت الدعوى عن موضوع واحد أمام جهتين منها وتخلت كلتاهما عن نظرها، فإن مقتضى الحكم الصادر منها بتعيين الجهة المختصة إسباغ الولاية من جديد على هذه الجهة بحيث تلتزم بنظر الدعوى غير مقيدة بسبق قضائها بعدم اختصاصها ولو كان هذا الحكم قد أصبح نهائيا.

لهذه الأسباب:

حكمت المحكمة باختصاص جهة القضاء العادي بنظر الدعوى.

القضية 6 لسنة 14 ق جلسة 6/ 2 / 1993 دستورية عليا مكتب فني 5 ج 2 منازعة تنفيذ ق 11 ص 499

جلسة 6 فبراير سنة 1993

برئاسة السيد المستشار الدكتور/ عوض محمد عوض المر رئيس المحكمة، وحضور السادة المستشارين/ الدكتور محمد إبراهيم أبو العينين وفاروق عبد الرحيم غنيم وعبد الرحمن نصير والدكتور عبد المجيد فياض ومحمد على سيف الدين ومحمد عبد القادر عبد الله - أعضاء،

وحضور السيد المستشار/ محمد خيرى طه عبد المطلب - رئيس هيئة المفوضين،

وحضور السيد/ رأفت محمد عبد الواحد - أمين السر.

----------------

قاعدة رقم (11)
القضية رقم 6 لسنة 14 قضائية "منازعة تنفيذ"

دعوى تنازع - تنفيذ الأحكام المتناقضة "مناط قبولها".
مناط قبول طلب الفصل في النزاع الذي يقوم بشأن تنفيذ حكمين نهائيين متناقضين، هو أن يكون أحد الحكمين صادرا من أية جهة من جهات القضاء أو هيئة ذات اختصاص قضائي، والآخر من جهة أخرى منها وأن يكونا قد حسما النزاع في موضوعه بحيث بتعذر تنفيذهما معا.

---------------------
مناط قبول طلب الفصل في النزاع الذي يقوم بشأن تنفيذ حكمين نهائيين متناقضين - طبقا للبند ثانيا من المادة 25 من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979، أن يكون أحد الحكمين صادرا من أى جهة من جهات القضاء أو هيئة ذات اختصاص قضائي والآخر من جهة أخرى منها، وأن يكونا قد حسما النزاع في موضوعه وتناقضا بحيث يتعذر تنفيذهما معا، مما مؤداه أن النزاع الذي يقوم بسبب التناقض بين الأحكام وتنعقد لهذه المحكمة ولاية الفصل فيه، هو ذلك الذي يقوم بين حكمين يتحد بينهما الموضوع ويتناقضان بحيث يكون تنفيذ احدهما متعارضا مع تنفيذ الآخر. ودون ذلك فإن مناط قبول الطلب يكون منتفيا. ولازم ذلك أن ولاية هذه المحكمة لا تمتد إلى النزاع بين الأحكام المتناقضة الصادرة من المحاكم التابعة لجهة واحدة منها، ذلك أنها لا تعد جهة طعن في تلك الأحكام، ولا تتولى بالتالي تصحيح ما قد يشوبها من أخطاء أو تقويم اعوجاجها، من خلال مراقبة مطابقتها لأحكام القانون أو خروجها عليه بل يقتصر بحثها على المفاضلة بين الحكمين النهائيين المتناقضين الصادرين من جهتين قضائيتين مختلفتين على أساس من قواعد الاختصاص الولائي لتحدد على ضوئها أيهما صدر من الجهة التي لها ولاية الفصل في الدعوى، وأحقها بالتالي بالتنفيذ. وتظل الإجراءات القضائية في الجهة القضائية الواحدة كفيلة بفض التناقض بين الأحكام الصادرة من محاكم تتبعها، بافتراض حدوثه.


الإجراءات

بتاريخ 3 أغسطس سنة 1992 أودع المدعى صحيفة الدعوى الماثلة قلم كتاب المحكمة طالبا في ختامها الحكم بأحقيته في تنفيذ الحكم الصادر لصالحه من محكمة استئناف القاهرة (الدائرة 25 عمال)، بتاريخ 14 مايو سنة 1991 في الاستئناف رقم 5 لسنة 107 قضائية وعدم أحقية الشركة العامة للأبحاث والمياه الجوفية "ريجوا" في وقف تنفيذ ذلك الحكم استنادا من جانبها إلى قضاء محكمة شمال القاهرة الابتدائية (الدائرة 7 مستأنف) الصادر بتاريخ 25 مارس سنة 1992 في الدعوى رقم 592 لسنة 1991 شمال القاهرة، مع إلزام الشركة المذكورة المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
قدمت هيئة الدولة مذكرة بدفاع الجهة الإدارية المدعى عليها الثانية، طلبت في ختامها الحكم بعدم قبول الدعوى.
وبعد تحضير الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، قررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الدعوى استوفت أوضاعها الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق - تتحصل في أن المدعى كان قد أقام الدعوى رقم 582 لسنة 1987 عمال كلي شمال القاهرة ضد الشركة المدعى عليها طالبا الحكم بأحقيته في الترقية إلى وظيفة مدير عام بالشركة اعتبارا من 10 أكتوبر سنة 1987 وما يترتب على ذلك من آثار وفروق مالية. وقد قضت المحكمة المذكورة - بجلسة 26 ديسمبر سنة 1989 - بعدم قبول الدعوى وألزمت رافعها المصاريف ومقابل أتعاب المحاماة، فطعن على هذا الحكم أمام محكمة استئناف القاهرة (الدائرة 25 عمال) بالاستئناف رقم 5 لسنة 107 ق. وبجلسة 14 مايو سنة 1991 أصدرت المحكمة حكمها في الاستئناف المشار إليه بإلغاء الحكم المستأنف، وبأحقية المستأنف في الترقية إلى وظيفة بدرجة مدير عام اعتبارا من 10 مايو 1987 وما يترتب على ذلك من آثار قانونية وفروق مالية، وألزمت الشركة المستأنف ضدها بالمصاريف، ومقابل أتعاب المحاماة عن الدرجتين.
واستطرد المدعى قائلا أن الشركة المستأنف ضدها لم ترتض حكم محكمة استئناف القاهرة فطعنت عليه أمام محكمة النقض بالطعن رقم 3677 لسنة 61 ق وضمنت طعنها طلبا مستعجلا بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه. وقد رفضت محكمة النقض هذا الطلب، وألزمت الشركة الطاعنة مصروفاته. بيد أن الشركة اعترضت مرة أخرى على تنفيذ ذات الحكم، فأقامت الإشكال رقم 390 لسنة 1991 - تنفيذ شبرا - أمام محكمة شبرا الجزئية التي قضت برفض الإشكال والاستمرار في تنفيذ الحكم المستشكل فيه، فطعنت الشركة على هذا الحكم بالاستئناف رقم 592 لسنة 1991 شمال القاهرة أمام محكمة شمال القاهرة الابتدائية، فقضت المحكمة المذكورة - في مادة تنفيذ وقتية - بقبول الاستئناف شكلا وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به في الإشكال، وبوقف تنفيذ الحكم المستشكل فيه، لحين حصول المستأنف ضده الأول - المدعى في الدعوى الماثلة - على حكم نهائي بتحديد مقدار الفروق المالية المستحقة له بناء على الحكم المستشكل فيه، وأعفت المستأنف ضده الأول من المصاريف عن الدرجتين.
وأضاف المدعى أنه بذلك قد أصبح أمام حكمين نهائيين متناقضين أحدهما صادر من محكمة النقض برفض وقف تنفيذ حكم محكمة استئناف القاهرة الصادر في الاستئناف رقم 5 لسنة 107 ق، والآخر صادر من محكمة شمال القاهرة الابتدائية في الدعوى رقم 592 لسنة 1991 بوقف تنفيذ هذا الحكم، وهو ما حدا به إلى إقامة الدعوى الماثلة وفقا لحكم المادة 25 (ثالثا) من القانون رقم 48 لسنة 1979 بإصدار قانون المحكمة الدستورية العليا بمقولة أن هناك نزاع قائم بشأن تنفيذ حكمين نهائيين متناقضين يتعين الفصل فيه.
وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن مناط قبول طلب الفصل في النزاع الذي يقوم بشأن تنفيذ حكمين نهائيين متناقضين - طبقا للبند ثانيا من المادة 25 من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 - أن يكون أحد الحكمين صادرا من أى جهة من جهات القضاء أو هيئة ذات اختصاص قضائي والآخر من جهة أخرى منها، وأن يكونا قد حسما النزاع في موضوعه وتناقضا بحيث يتعذر تنفيذهما معا، مما مؤداه أن النزاع الذي يقوم بسبب التناقض بين الأحكام وتنعقد لهذه المحكمة ولاية الفصل فيه، هو ذلك الذي يقوم بين حكمين يتحد بينهم الموضوع ويتناقضان بحيث يكون تنفيذ أحدهما متعارضا مع تنفيذ الآخر ودون ذلك فإن مناط قبول الطلب يكون منتفيا. ولازم ذلك أن ولاية هذه المحكمة لا تمتد إلى النزاع بين الأحكام المتناقضة الصادرة من المحاكم التابعة لجهة واحدة منها، بحسبان أنها لا تعد جهة طعن في تلك الأحكام ولا تتولى بالتالي تصحيح ما قد يشوبها من أخطاء أو تقويم ما يصيبها من اعوجاج، من خلال مراقبة مطابقتها لأحكام القانون أو خروجها عليه، بل يقتصر بحثها على المفاضلة بين الحكمين النهائيين المتناقضين الصادرين من جهتين قضائيتين مختلفتين على أساس من قواعد الاختصاص الولائي لتحدد على ضوئها أيهما صدر من الجهة التي لها ولاية الفصل في الدعوى وأحقها بالتالي بالتنفيذ، وتظل الإجراءات القضائية في الجهة القضائية الواحدة كفيلة بفض التناقض بين الأحكام الصادرة من محاكم تتبعها، بافتراض حدوثه.
ومن حيث إنه بتطبيق ما تقدم على واقعات الدعوى، وكان الثابت أن الحكمين المقول بوجود تناقض في تنفيذهما صادر أحدهما من محكمة النقض، والآخر من محكمة شمال القاهرة الابتدائية؛ أي صادران من محكمتين تتبعان جهة قضائية واحده هى جهة القضاء العادي، فإن الدعوى - من هذا الوجه - تكون غير مقبولة.

فلهذه الأسباب:

حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى.