(14)
الطعن رقم 3780
لسنة 86 القضائية
(1) حكم " بيانات التسبيب " " تسبيبه . تسبيب غير معيب
" .
بيان الحكم واقعة
الدعوى بما تتوافر به كافة الأركان والعناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعن
بها وإيراده على ثبوتها في حقه أدلة سائغة تؤدي لما رتبه عليها . لا قصور .
عدم رسم القانون شكلاً
خاصاً لصياغة الحكم . كفاية أن يكون ما أورده مؤدياً إلى تفهم الواقعة بأركانها
وظروفها .
(2) قتل عمد .
قصد جنائي . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير توافر القصد الجنائي " . عقوبة
" العقوبة المبررة " . نقض " المصلحة في الطعن " .
قصد القتل . أمر خفي . إدراكه
بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه . استخلاص
توافره . موضوعي .
لا
مصلحة في النعي على الحكم بالقصور
أو الفساد في الاستدلال في استظهار نية القتل . ما دامت العقوبة المقضي بها مبررة
في القانون دون توافر هذا القصد بعد إثباته توافر ظرفي سبق الإصرار والترصد .
مثال لتسبيب سائغ في استظهار نية القتل في جريمة القتل العمد مع سبق الإصرار
والترصد .
(3) إثبات
" شهود " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
إيراد أقوال الشاهد ضمن الأدلة
التي استخلصت المحكمة منها الإدانة في بيان واف . لا قصور .
(4) إثبات " خبرة " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل
" .
عدم
إيراد نص تقرير الخبير بكامل أجزائه . لا ينال من سلامة الحكم .
مثال .
(5) إثبات " شهود " . محكمة الموضوع
" سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة
لواقعة الدعوى " " سلطتها في تقدير أقوال الشهود " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " . نقض" أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى . موضوعي
. مادام سائغاً .
وزن أقوال الشهود وتقديرها . موضوعي .
التناقض
بين أقوال الشهود . لا يعيب الحكم . شرط ذلك ؟
أخذ محكمة الموضوع بشهادة الشهود . مفاده ؟
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل . غير جائز أمام محكمة
النقض.
مثال
.
(6) محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل "
. نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
تحديد وقت وقوع الحادث ومكانه . لا أثر له في ثبوت
الواقعة . ما دامت المحكمة قد اطمأنت بالأدلة التي ساقتها إلى أن المجني عليهما قد
قتلا في ذات الميقات والمكان الذي قال به شهود الإثبات .
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل . غير جائز أمام محكمة
النقض.
مثال .
(7) إثبات " بوجه عام
" . حكم " تسبيبه
. تسبيب غير معيب " .
عدم
التزام المحكمة بالتحدث في حكمها إلَّا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها . مثال .
(8) إثبات " خبرة " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " .
عدم التزام المحكمة بالرد استقلالاً على التقرير
الاستشاري الذي لم تأخذ به .
مثال .
(9)
إجراءات " إجراءات المحاكمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا
يوفره " .
النعي على المحكمة قعودها
عن إجراء لم يطلب منها ولم تـر هي حاجة لإجرائه . غير جائز .
مثال .
(10) إجراءات " إجراءات المحاكمة " . دفاع "
الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . استدلالات . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير جدية التحريات
" . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
النعي
على المحكمة قعودها عن الرد على دفاع لم يثر أمامها . غير مقبول .
تقدير
جدية التحريات وكفايتها . موضوعي .
لمحكمة الموضوع التعويل على
تحريات الشرطة باعتبارها قرينة معززة لما ساقته من أدلة .
الجدل الموضوعي في تقدير أدلة الدعوى أمام محكمة
النقض . غير جائز .
مثال .
(11) إثبات
" بوجه عام " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " .
نقض"
أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
تساند الأدلة في المواد الجنائية . مؤداه ؟
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل أمام محكمة النقض . غير
جائز .
(12) إثبات
" اعتراف " . إجراءات " إجراءات التحقيق " . محكمة الموضوع
" سلطتها في تقدير صحة الاعتراف " .
تقدير صحة الاعتراف وقيمته في الإثبات في المسائل الجنائية
. موضوعي . حد ذلك ؟
الحكمة
التي تغياها المشرع من نص المادة 124 من قانون الإجراءات الجنائية المستبدلة
بالقانون 145 لسنة 2006 وموجبات تطبيقها وانتفاؤها ؟
إقرار
الطاعن بتحقيقات النيابة العامة ارتكابه الواقعة أثناء سؤاله كمجني عليه دون استجوابه كمتهم أو مواجهته بغيره من المتهمين أو
الشهود ثم إنكاره للتهمة حال استجوابه كمتهم . أثره : انتفاء موجبات تطبيق
المادة 124 من قانون الإجراءات الجنائية . التزام الحكم المطعون فيه هذا النظر . صحيح .
مثال .
(13) إجراءات " إجراءات التحقيق " . نقض
" أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
النعي ببطلان
الاستجواب لطول أمد التحقيق وإجرائه بغرفة بالمستشفى ودون الإحاطة بأن النيابة
العامة هي التي تباشره . لا يجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض . علة ذلك ؟
(14) دفوع " الدفع
بنفي التهمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . نقض
" أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
الدفع
بنفي التهمة . موضوعي . لا يستأهل رداً . استفادة الرد من أدلة الثبوت التي أوردها
الحكم .
بحسب الحكم كيما يتم
تدليله ويستقيم قضاؤه إيراد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم . تعقبه في كل
جزئية من جزئيات دفاعه . غير لازم . التفاته عنها . مفاده : اطراحها .
الجدل الموضوعي في وزن عناصر الدعوى وتقدير
أدلتها . غير جائز أمام محكمة النقض .
(15) إثبات " معاينة
" . إجراءات " إجراءات التحقيق" . نقض "
أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
النعي
على معاينة النيابة العامة بالقصور . تعييب للإجراءات السابقة على المحاكمة . لا يصح أن يكون سبباً
للطعن في الحكم . علة ذلك ؟
(16) دفاع "
الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . إجراءات " إجراءات المحاكمة
" .
الطلب الجازم . ماهيته
؟
القرار الذي تصدره
المحكمة في مجال تجهيز الدعوى وجمع الأدلة . تحضيري . لا يتولد عنه حقوق للخصوم
توجب حتماً العمل على تنفيذه صوناً لهذه الحقوق .
مثال .
(17) عقوبة " عقوبة الجريمة الأشد " .
نقض " المصلحة في الطعن " . قتل
عمد .
لا مصلحة للطاعنين في النعي على الحكم بشأن جريمة إحراز سلاحين ناريين
وذخيرتهما بغير ترخيص . ما دامت المحكمة قد دانتهما بجريمة القتل العمد مع سبق الإصرار
والترصد بوصفها الجريمة الأشد . أساس ذلك ؟
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- لما كان الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى
بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجرائم القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد
وإحراز سلاحين ناريين مششخنين " مسدسين " وذخيرتهما بغير ترخيص ، وإطلاق
أعيرة نارية داخل مدينة التي دان الطاعنين بها وأورد على ثبوتها في حقهما أدلة لها
معينها الصحيح من الأوراق ومن شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها مستمدة من
أقوال شهود الإثبات وما ثبت بتقرير الصفة التشريحية ، وإقرار الطاعن الثاني ....
وجاء استعراض المحكمة لأدلة الدعوى على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما
ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة ، وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً أو نمطاً يصوغ فيه الحكم بيان
الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، ومتى كان مجموع ما
أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة وهو
الحال في الدعوى الماثلة ، فإن ذلك يكون محققاً لحكم القانون ، ومن ثم فإن منعى
الطاعنين في هذا الشأن يكون ولا محل له .
2- لما كان الحكم قد استظهر نية القتل في حق
الطاعنين بقوله " وحيث إنه عن نية القتل فقد قامت بنفس المتهمين وتوافرت في
حقهما من حاصل ما طرحته المحكمة من ظروف الدعوى المتمثلة في الثأر لمقتل كل من
شقيقي المتهم الثاني مما أثار حفيظتهما وأثار فيها كوامن العدوان والرغبة في
الانتقام من المجني عليهما كما نهضت هذه النية وتوافرت لديهما من استعمالهما آلات
قاتلة " مسدسين مششخنين " وإطلاقهما عدة طلقات في أماكن قاتلة للمجني
عليهما من شأنها إحداث الوفاة وبما يدل على توافر قصد إزهاق الروح والقتل والتي
نتج عنها تهتك بخلايا المخ والأعضاء الحيوية ، ولما كان قصد القتل يدرك بالظروف
المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره
في نفسه ، واستخلاص هذه النية موكول إلى هذه المحكمة التي استخلصته واطمأنت إلى
توافره في حق المتهمين في حدود السلطة المخولة
لها " ، وكان من المقرر أن قصد القتل أمر خفي لا يدرك بالحس الظاهر ،
وإنما
يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني
وتنم عما يضمره في نفسه ، واستخلاص هذا القصد من عناصر الدعوى موكول إلى قاضي
الموضوع في حدود سلطته التقديرية ، وكان ما أورده الحكم - فيما سلف - كافياً
وسائغاً في استظهار نية القتل ، فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون ، ويضحي ما يثيره
الطاعنان في هذا الصدد ولا محل له ، هذا فضلاً عن أنه لا مصلحة للطاعنين في النعي
على الحكم بالقصور أو الفساد في الاستدلال في
استظهار نية القتل ، ما دامت العقوبة المقضي بها مبررة في القانون حتى مع عدم توافر هذا
القصد ، بعد أن ثبت توافر ظرفي سبق الإصرار والترصد .
3- لما كان الحكم المطعون فيه قد أورد مؤدى
أقوال العقيد / .... التي كانت من بين الأدلة التي استخلص منها الإدانة في بيان
واف يكفي للتدليل على ثبوت الصورة التي اقتنعت بها المحكمة واستقرت في وجدانها ، فإنه
ينحسر عنه دعوى القصور في التسبيب ، ويكون ما يثيره الطاعن في هذا الصدد في غير
محله .
4- لما كان الحكم المطعون
فيه قد حصل مؤدى تقرير الصفة التشريحية في قوله : " وثبت من تقرير مصلحة الطب الشرعي الصفة التشريحية للمجني عليهما أن مجمل
إصابتهما نارية وجائزة الحدوث من مثل الطبنجتين المضبوطتين وأنهما السبب المباشر
في إحداث وفاتهما بما أحدثته الإصابات من تهتك بالمخ والأحشاء الصدرية والبطن
للمجني عليه الأول وتهتك بالمخ والرئتين والكبد والمعدة والأوعية الدموية للصدر
والكلية اليمنى والأمعاء للمجني عليه الثاني وأن السلاحين الناريين المضبوطين مع
المتهمين مسدسين حلوان عيار 9 مم بماسورة مششخنة وصالحين للاستخدام وكذا الذخيرة
وتم إطلاقهما بتاريخ الواقعة وهما محدثا إصابة المجني عليهما والتي أودت بحياتهما
" ، وكان فيما حصله الحكم من تقرير الصفة التشريحية - على السياق المتقدم -
ما يكفي بياناً لمضمون هذا التقرير ، فهذا حسبه كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه ،
ذلك بأنه لا ينال من سلامة الحكم عدم إيراد نص تقرير الخبير بكل فحواه وكامل
أجزائه ، ومن ثم تنتفي عن الحكم قالة القصور في هذا المنحى .
5- من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من
أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى
حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً
مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها
أصلها في الأوراق ، وأن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم
وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من شبهات كل ذلك
مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه
بغير معقب ، كما أن التناقض بين أقوال الشهود - على فرض حصوله - لا يعيب الحكم ما
دام قد استخلص الإدانة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه ، ومتى أخذت
المحكمة بأقوال الشهود ، فإن ذلك يفيد اطراحها
جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، وإذ كانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال الشهود وصحة
تصويرهم للواقعة ، فإن كل ما يثيره الطاعنين في هذا الخصوص إنما ينحل إلى
جدل موضوعي في تقدير الدليل ، وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها
فيه أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض .
6- من المقرر أن تحديد وقت الحادث ومكانه لا
تأثير له في ثبوت الواقعة ما دامت المحكمة قد اطمأنت بالأدلة التي ساقتها إلى أن
المجني عليهما قد قتلا في ذات الميقات والمكان الذي قال به شهود الإثبات ، فإن ما
يثيره الطاعنين من منازعة حول تصوير المحكمة للواقعة من حيث زمان ومكان حدوثها أو
في تصديقها لأقوال الشهود أو محاولة تجريح أدلة الإثبات التي عولت عليها ينحل إلى
جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيها
أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض.
7- من المقرر أن المحكمة لا تلتزم في أصول الاستدلال
بالتحدث في حكمها إلا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها ، ومن ثم فإن منعى
الطاعنين بخصوص التفات الحكم عن ما ورد
بالمعاينة التي أجريت للمكان الذي وجدت فيه جثة المجني عليهما وما قرره الطبيب
الشرعي الذي أجرى التشريح – على فرض صحته - من أن الدماء المعثور عليها لا تتناسب
وإصابات المجني عليهما والتي لم يعول عليها الحكم ولم يكن لها أثر في عقيدته يكون لا محل له .
8- لما كانت المحكمة قد استندت إلى تقرير الصفة
التشريحية واطرحت في حدود سلطتها التقديرية تقرير الخبير الاستشاري ، فإنه لا يجوز
مجادلتها في ذلك أمام محكمة النقض وهي غير ملزمة بأن ترد استقلالاً على هذا
التقرير الذي لم تأخذ به .
9- لما كان الطاعنان لم يطلبا من المحكمة إجراء
تحقيق بشأن ما أثاراه من منازعة في زمان ومكان الحادث فليس لهما - من بعد - أن ينعيا
عليها قعودها عن اتخاذ إجراء لم يطلب منها ، ولم تر هي ثمة حاجة لإجرائه ، ويكون
ما يثيره الطاعنين في هذا الشأن غير سديد .
10- لما كان ما يثيره الطاعنان بشأن دفعهما بعدم
جدية التحريات مردوداً بما يبين من محضر جلسة المحاكمة من عدم إبداء هذا الدفاع
أمام محكمة الموضوع ، فليس لهما النعي عليها - من بعد - قعودها عن الرد على دفاع
لم يثيراه أمامها ولا يقبل منهما التحدي به لأول مرة أمام محكمة النقض ، وكان من
المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها هو من المسائل الموضوعية التي تخضع لإشراف
محكمة الموضوع ، وأن للمحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة
باعتبارها قرينة معززة لما ساقته من أدلة أساسية ، وكانت المحكمة قد أبدت اطمئنانها إلى
تحريات الشرطة بجانب ما ساقته من أدلة أساسية في الدعوى ، فإن ما يثيره
الطاعنين في هذا الصدد ينحل إلى جدل موضوعي في سلطة محكمة الموضوع في تقدير أدلة
الدعوى ولا تجوز مصادرتها لدى محكمة النقض .
11- من المقرر أنه لا يلزم في الأدلة التي يعتمد
عليها الحكم أن ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى ؛ لأن
الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً برمتها مجتمعة تتكون عقيدة
القاضي ، ومن ثم فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة ، إذ يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى
ما انتهت إليه ، فإن ما يثار في هذا الشأن لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً
في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا يجوز مجادلتها فيه .
12- لما كان الحكم قد عرض
لما أثاره المدافعون عن الطاعنين بشأن بطلان إقرار الطاعن الثاني بقوله " وحيث إنه عن بطلان إقرار المتهم الثاني
بالنيابة ، فالمحكمة تشير إلى أنه تم
سؤال المتهم الثاني كمجني عليه بتحقيقات النيابة في يوم الواقعة .... عن محدث إصابته
النارية فقرر بقتله والمتهم الأول المجني عليهما أخذاً للثأر وبعد المراقبة قاما
بقتلهما ولم تقم النيابة العامة بتوجيه التهم المسندة إليه بقتل المجني عليهما
آنذاك بل تم هذا الإجراء بعد مرور خمسة أيام وبعد أن امتدت يد العبث والإرشاد غير
أقواله وأنكر الاتهام المنسوب إليه ، وما أثاره الدفاع من أن المتهم لم يكن في
وعيه مجرد قول مرسل إذ لم يوجه إليه ثمة اتهامات وبالتالي فإن ما أدلى به من أقوال
بارتكابهما للواقعة قد تم وصدر منه طواعية واختياراً وهو في كامل وعيه وفي إدراك
تام وجاء مطابقاً للواقع وفي أدق تفاصيله غير متأثر بإصابته ولا بجرمه الذي قارفه ،
ومن ثم فالمحكمة تطمئن لهذا الإقرار وتعتبره من ضمن أدلة الثبوت في الدعوى وتأخذهما
به حتى وإن عدل عنه بعد ذلك وحسب المحكمة أن تعول في قضائها على رواية المتهم في أية
مرحلة من مراحل الدعوى ولو خالفت قولاً آخر له إذ
مرجع الأمر في ذلك إلى اطمئنانها إلى ما تأخذ
به دون ما تعرض عنه " ، ولما كان الاعتراف في المسائل الجنائية من العناصر
التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات ، ولها
دون غيرها البحث في صحة ما يدعيه المتهم من أن الاعتراف المعزو إليه قد انتزع منه
بطريق الإكراه ، ومتى تحققت من أن الاعتراف سليم مما يشوبه واطمأنت إليه كان لها
أن تأخذ به مما لا معقب عليها - وإذ كانت المحكمة مما أوردته - فيما سلف - قد
أفصحت عن اطمئنانها إلى أن إقرار الطاعن الثاني
إنما كان عن طواعية واختيار ولم يكن نتيجة إكراه واقتنعت بصحته ، فإن رد المحكمة على ما
دفع به المدافعون عن الطاعنين يكون كافياً وسائغاً بما لا شائبة معه تشوب الحكم ،
لما كان ذلك ، وكانت الحكمة التي تغياها نص المادة 124 من قانون الإجراءات
الجنائية المستبدلة بالقانون رقم 145 لسنة 2006 من أنه لا يجوز للمحقق في الجنايات
وفي الجنح المعاقب عليها بالحبس وجوباً أن يستوجب المتهم أو يواجهه بغيره من
المتهمين أو الشهود إلا بعد دعوة محاميه للحضور عدا حالة التلبس وحالة السرعة بسبب
الخوف من ضياع الأدلة على النحو الذي يثبته المحقق في المحضر ... وإذا لم يكن
للمتهم محام ، أو لم يحضر محاميه بعد دعوته ، وجب على المحقق من تلقاء نفسه ، أن
يندب له محامياً ... ، هي حماية المتهم لدى استجوابه أمام جهة التحقيق من أي شائبة
قد تشوب اعترافه من إكراه مادي أو معنوي ، أو ما قد يثار من ذلك الإكراه المادي
والمعنوي عليه وعلى غيره من المتهمين أو الشهود في الدعوى لدى مواجهته بهم بما قد يقررونه ضده فإذا انتفت حكمة النص بأن أنكر المتهم
بالتحقيق ما نسب إليه ، ولم تكن هناك مواجهة بينه وبين شخوص غيره من
المتهمين أو الشهود أو كان الاستجواب عن جريمة متلبس بها أو كانت هناك حالة
السرعة بسبب الخوف من ضياع الأدلة ، فقد انتفى موجب تطبيق المادة 124 من
قانون الإجراءات الجنائية على النحو الوارد بنصها بالقانون رقم 145 لسنة 2006 ،
وإذ كان البين من الحكم المطعون فيه أنه قد تم سؤال الطاعن الثاني كمجني عليه
بتحقيقات النيابة العامة فأدلى بإقراره بارتكابه والطاعن الأول الواقعة ودون أن يقوم
المحقق باستجوابه كمتهم أو يواجهه بغيره من المتهمين أو الشهود وأنه بعد مرور عدة
أيام من إقراره تم استجوابه كمتهم أنكر ما أسند إليه من اتهام ، الأمر الذي سقطت
معه موجبات تطبيق المادة 124 من قانون الإجراءات الجنائية سالفة الذكر ، وإذ التزم
الحكم المطعون فيه بهذه الوجهة من النظر ، فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون ويضحى
هذا الوجه من الطعن على غير سند .
13- لما كان الطاعنان لم يدفعا أمام محكمة
الموضوع ببطلان استجواب الطاعن الثاني لطول أمد التحقيق وأنه تم بغرفة رئيس نقطة
شرطة المستشفى ودون إحاطته علماً أن النيابة العامة هي التي تباشر التحقيق معه ، فإن
هذا الوجه من النعي يكون غير مقبول ؛ لأنه من المقرر أن الدفع ببطلان إجراء من
الإجراءات السابقة على المحاكمة لا تجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض .
14- من المقرر أن النعي
بالتفات الحكم عن دفاع الطاعنين بانتفاء صلتهما بالواقعة مردوداً بأن نفي التهمة من أوجه الدفاع
الموضوعية التي لا تستأهل رداً طالما كان الرد عليها مستفاداً من أدلة الثبوت التي
أوردها الحكم ، هذا إلى أنه بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد
الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم ،
ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه ؛ لأن مفاد التفاتها عنه أنه اطرحها
، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعنين في هذا الصدد لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في
تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها ، وهو
ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض .
15- لما كان ما ينعاه الطاعنان على معاينة
النيابة العامة من قصور مردوداً بأن تعييب الإجراءات السابقة على المحاكمة لا يصح
أن يكون سبباً للطعن في الحكم ، إذ العبرة في الأحكام هي بإجراءات المحاكمة وبالتحقيقات
التي تحصل أمام المحكمة ، ومن ثم فإن منعى الطاعنين في هذا الصدد يكون في غير محله
.
16- لما كان البين من مطالعة محاضر جلسات المحاكمة
أن الدفاع عن الطاعنين وإن كان قد طلب بجلسات المحاكمة مناقشة كبير الأطباء
الشرعيين إلا أنه لم يعد إلى التحدث عن طلبه هذا ولم يصر عليه في مرافعته الختامية
بجلسة .... واقتصر في هذه الجلسة على طلب البراءة فلا تثريب على المحكمة إن التفتت
عنه ، لما هو مقرر من أن الطلب الذي تلتزم المحكمة بإجابته هو الطلب الصريح الجازم
الذي يصر عليه مقدمه إلى ما قبل قفل باب المرافعة في الدعوى ، فإن ما ينعاه
الطاعنين من الإخلال بحق الدفاع لا يكون له محل ، ولا يؤثر في ذلك أن تكون المحكمة
قد أجلت الدعوى لاستدعاء كبير الأطباء الشرعيين لمناقشته بناء على طلب الدفاع ثم
عدلت عن ذلك ؛ لأن قرار المحكمة الذي تصدره في صدد تجهيز الدعوى وجمع الأدلة لا
يعدو أن يكون قراراً تحضيرياً لا تتولد عنه حقوق للخصوم توجب حتماً العمل على
تنفيذه صوناً لهذه الحقوق .
17- لما كان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه
أنه اعتبر الجرائم المسندة إلى الطاعنين جريمة واحدة وعاقبهما بالعقوبة المقررة
لأشدهما ، فإنه لا مصلحة للطاعنين فيما يثيرانه بشأن جريمة إحراز سلاحين ناريين
وذخيرتهما بغير ترخيص ما دامت المحكمة قد دانتهما بجريمة القتل العمد مع سبق الإصرار
والترصد وأوقعت عليهما عقوبتها عملاً بالمادة 32 من قانون العقوبات بوصفها الجريمة
الأشد .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائع
اتهمــت النيابة العامة
الطاعنين بأنهما : 1- قتلا المجني عليهما / .... ، و.... عمداً مع سبق الإصرار
والترصد بأن بيَّتا النية وعقدا العزم على قتلهما وأعدا لهذا الغرض سلاحين ناريين
مسدسين وتربصا لهما في المكان الذي أيقنا سلفاً حضورهما إليه وما إن ظفرا بهما حتى
أطلقا صوبهما عدة أعيرة نارية من السلاحين الناريين سالفي البيان قاصدين من ذلك
قتلهما فأحدثا بهما الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياتهما
.
2- أحرزا بغير ترخيص
سلاحين ناريين مششخنين " مسدسين " .
3- أحرزا ذخائر "
عدة طلقات " مما تستعمل على السلاحين الناريين سالفي البيان دون أن يكون
مرخصاً لهما بحيازتهما أو إحرازهما .
4- أطلقا أعيرة نارية
داخل مدينة .
وأحالتهما
إلى محكمة جنايات .... لمحاكمتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .
وادعى ورثة المجني
عليهما مدنياً قِبل المتهمين بالتعويض المدني المؤقت .
والمحكمة المذكورة قضت
حضورياً عملاً بالمواد 230 ، 231 ، 232 ، 377/6 من قانون العقوبات ، والمواد 1/1 ،
6 ، 26/5،2 ، 30/1 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقوانين أرقام 26 لسنة
1978 ، 165 لسنة 1981 ، 95 لسنة 2003 والبند " أ " من القسم الأول من
الجدول رقم 3 الملحق بالقانون الأول والمستبدل بقرار وزير الداخلية رقم 13354 لسنة
1995 ، مع إعمال المادتين 17 ، 32 من قانون العقوبات ، بمعاقبتهما بالسجن المشدد
لمدة خمسة عشر سنة عمَّا أُسند إليهما مع مصادرة المضبوطات ، وإثبات ترك المدعي
المدني لدعواه المدنية .
فطعن المحكوم عليهما في
هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمة
ومن حيث إن الطاعنين ينعيان على الحكم المطعون
فيه أنه إذ دانهما بجرائم القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد وإحراز سلاحين ناريين
مششخنين " مسدسين " وذخيرتهما بغير ترخيص ، وإطلاق أعيرة نارية داخل
مدينة قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والخطأ في تطبيق القانون
والإخلال بحق الدفاع ، ذلك أنه صيغ في عبارات عامة معماة وبصورة مجملة لا يبين
منها واقعات الدعوى بياناً تتحقق به أركان الجرائم التي دانهما بها ومؤدى الأدلة التي عول عليها في قضائه ، ولم يستظهر نية القتل و
يدلل تدليلاً كافياً على توافرها في حقهما ، ولم يورد مضمون شهادة العقيد /
.... وتقرير الصفة التشريحية في بيان جلي ومفصل ، وعول على أقوال شهود الإثبات رغم
تناقضها وأنهم ليسوا من أفراد مركز شرطة .... ولاستحالة حدوث الواقعة على نحو ما
ورد بأقوالهم واطرح بما لا يسوغ دفاعهما بالمنازعة في زمان ومكان مقتل المجني
عليهما ملتفتاً عما ورد بمعاينة النيابة العامة لمحل الحادث وما قرره الطبيب الشرعي
الذي أجرى التشريح من أن الدماء المعثور عليها لا تتناسب وإصابات المجني عليهما
والتي تأيَّدت بالتقرير الطبي الاستشاري
المقدم للمحكمة التي لم تجر تحقيقاً بشأنه استجلاءً لحقيقة أمره ، وعول على
تحريات الشرطة ملتفتاً عن دفعهما بعدم جديتها وتناقضها وأقوال الشهود وأن مجريها انفرد بالشهادة ، وتساند في قضائه إلى أدلة لا تؤدي
إلى ما رتبه الحكم عليها ، واطرح بما لا يسوغ الدفع ببطلان اعتراف الطاعن الثاني
لصدوره عنه تحت تأثير مخدر أثر على إرادته ولعدم دعوة محاميه للحضور بالمخالفة لنص
المادة 124 من قانون الإجراءات الجنائية ملتفتاً عن دفعهما ببطلان استجوابه
لطول أمد التحقيق وأنه تم بغرفة رئيس نقطة شرطة المستشفى ودون إحاطته علماً أن
النيابة العامة هي التي تباشر التحقيق معه ، وبانتفاء صلتهما بالواقعة وقصور معاينة
النيابة العامة ولم يعرض لذلك إيراداً أو رداً ، ولم تجبهما المحكمة إلى طلب مناقشة
كبير الأطباء الشرعيين رغم تأجيلها نظر الدعوى من قبل لسماع أقواله ، وأخيراً فقد
دانتهما المحكمة استناداً إلى نص المادة 26 من القانون رقم 394 لسنة 1954 بشأن الأسلحة
والذخائر المستبدلة بالقانون رقم 6 لسنة 2012 رغم صدور حكم المحكمة الدستورية
العليا بعدم دستورية نص الفقرة الأخيرة منها فيما تضمنته من استثناء تطبيق المادة
17 من قانون العقوبات بالنسبة للجرائم الواردة بها وهو ما يعد قانوناً أصلح
بالنسبة لهما ، كل ذلك مما يعيب الحكم المطعون فيه بما يستوجب نقضه .
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما
تتوافر به كافة العناصر القانونية لجرائم القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد
وإحراز سلاحين ناريين مششخنين " مسدسين " وذخيرتهما بغير ترخيص ، وإطلاق
أعيرة نارية داخل مدينة التي دان الطاعنين بها وأورد على ثبوتها في حقهما أدلة لها
معينها الصحيح من الأوراق ومن شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها مستمدة من
أقوال شهود الإثبات وما ثبت بتقرير الصفة التشريحية ، وإقرار الطاعن الثاني .... وجاء
استعراض المحكمة لأدلة الدعوى على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد
أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة ، وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً أو نمطاً يصوغ فيه الحكم
بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، ومتى كان مجموع ما أورده
الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما
استخلصتها المحكمة وهو الحال في الدعوى الماثلة ، فإن ذلك يكون محققاً لحكم
القانون ، ومن ثم فإن منعى الطاعنين في هذا الشأن يكون ولا محل له . لما كان ذلك ، وكان الحكم قد استظهر نية القتل
في حق الطاعنين بقوله " وحيث إنه عن نية القتل فقد قامت بنفس المتهمين
وتوافرت في حقهما من حاصل ما طرحته المحكمة من ظروف الدعوى المتمثلة في الثأر
لمقتل كل من شقيقي المتهم الثاني مما أثار حفيظتهما وأثار فيها كوامن العدوان
والرغبة في الانتقام من المجني عليهما كما نهضت هذه النية وتوافرت لديهما من
استعمالهما آلات قاتلة " مسدسين مششخنين " وإطلاقهما عدة طلقات في أماكن
قاتلة للمجني عليهما من شأنها إحداث الوفاة
وبما يدل على توافر قصد إزهاق الروح والقتل والتي نتج عنها تهتك بخلايا المخ والأعضاء الحيوية ، ولما كان
قصد القتل يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها
الجاني وتنم عما يضمره في نفسه ، واستخلاص هذه النية موكول إلى هذه المحكمة التي
استخلصته واطمأنت إلى توافره في حق المتهمين في حدود السلطة المخولة لها " ، وكان
من المقرر أن قصد القتل أمر خفي لا يدرك بالحس الظاهر ، وإنما يدرك بالظروف
المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره
في نفسه ، واستخلاص هذا القصد من عناصر الدعوى موكول إلى قاضي الموضوع في حدود
سلطته التقديرية ، وكان ما أورده الحكم - فيما سلف - كافياً وسائغاً في استظهار
نية القتل ، فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون ، ويضحي ما يثيره الطاعنان في هذا
الصدد ولا محل له ، هذا فضلاً عن أنه لا مصلحة للطاعنين في النعي على الحكم
بالقصور أو الفساد في الاستدلال في استظهار نية القتل ، ما
دامت العقوبة المقضي بها مبررة في القانون حتى مع عدم توافر هذا القصد ، بعد أن
ثبت توافر ظرفي سبق الإصرار والترصد . لما كان ذلك ، وكان الحكم
المطعون فيه قد أورد مؤدى أقوال العقيد / .... التي كانت من بين الأدلة التي
استخلص منها الإدانة في بيان واف يكفي للتدليل على ثبوت الصورة التي اقتنعت بها
المحكمة واستقرت في وجدانها ، فإنه ينحسر عنه دعوى القصور في التسبيب ، ويكون ما
يثيره الطاعن في هذا الصدد في غير محله . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد حصل مؤدى تقرير
الصفة التشريحية في قوله
: " وثبت من تقرير مصلحة الطب الشرعي الصفة التشريحية للمجني عليهما أن مجمل
إصابتهما نارية وجائزة الحدوث من مثل الطبنجتين المضبوطتين وأنهما السبب المباشر
في إحداث وفاتهما بما أحدثته الإصابات من تهتك بالمخ والأحشاء الصدرية والبطن
للمجني عليه الأول وتهتك بالمخ والرئتين والكبد والمعدة والأوعية الدموية للصدر
والكلية اليمنى والأمعاء للمجني عليه الثاني وأن السلاحين الناريين المضبوطين مع المتهمين
مسدسين حلوان عيار 9 مم بماسورة مششخنة وصالحين للاستخدام وكذا الذخيرة وتم
إطلاقهما بتاريخ الواقعة وهما محدثا إصابة المجني عليهما والتي أودت بحياتهما
" ، وكان فيما حصله الحكم من تقرير الصفة التشريحية - على السياق المتقدم -
ما يكفي بياناً لمضمون هذا التقرير ، فهذا حسبه كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه ،
ذلك بأنه لا ينال من سلامة الحكم عدم إيراد نص تقرير الخبير بكل فحواه وكامل
أجزائه ، ومن ثم تنتفي عن الحكم قالة القصور في هذا المنحى . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص
من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة
الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام
استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق
، وأن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على
أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من شبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة
الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه بغير معقب ، كما
أن التناقض بين أقوال الشهود - على فرض حصوله - لا يعيب الحكم ما دام قد استخلص
الإدانة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه ، ومتى أخذت المحكمة بأقوال الشهود ، فإن ذلك يفيد اطراحها جميع الاعتبارات التي
ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ،
وإذ كانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال الشهود وصحة تصويرهم للواقعة ، فإن كل ما يثيره الطاعنين
في هذا الخصوص إنما ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل ، وهو ما تستقل به محكمة
الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن تحديد وقت الحادث ومكانه لا تأثير له في
ثبوت الواقعة ما دامت المحكمة قد اطمأنت بالأدلة التي ساقتها إلى أن المجني عليهما
قد قتلا في ذات الميقات والمكان الذي قال به شهود الإثبات ، فإن ما يثيره الطاعنين
من منازعة حول تصوير المحكمة للواقعة من حيث زمان ومكان حدوثها أو في تصديقها
لأقوال الشهود أو محاولة تجريح أدلة الإثبات التي عولت عليها ينحل إلى جدل
موضوعي في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيها أو
مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض .
لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن المحكمة لا
تلتزم في أصول الاستدلال بالتحدث في حكمها إلا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين
عقيدتها ، ومن ثم فإن منعى الطاعنين بخصوص التفات الحكم عن ما ورد بالمعاينة التي
أجريت للمكان الذي وجدت فيه جثة المجني عليهما وما قرره الطبيب الشرعي الذي أجرى
التشريح – على فرض صحته - من أن الدماء المعثور عليها لا تتناسب وإصابات المجني عليهما والتي لم يعول عليها الحكم ولم يكن لها أثر
في عقيدته يكون ولا محل له . لما كان ذلك ، وكانت المحكمة قد
استندت إلى تقرير الصفة التشريحية واطرحت في حدود سلطتها التقديرية تقرير الخبير الاستشاري
، فإنه لا يجوز مجادلتها في ذلك أمام محكمة النقض وهي غير ملزمة بأن ترد استقلالاً
على هذا التقرير الذي لم تأخذ به . لما كان ذلك ، وكان
الطاعنان لم يطلبا من المحكمة إجراء تحقيق بشأن ما أثاراه من منازعة في زمان
ومكان الحادث فليس لهما - من بعد - أن ينعيا عليها قعودها عن اتخاذ إجراء لم يطلب
منها ، ولم تر هي ثمة حاجة لإجرائه ، ويكون ما
يثيره الطاعنين في هذا الشأن غير سديد . لما كان ذلك ، وكان ما يثيره الطاعنان بشأن دفعهما بعدم جدية التحريات مردوداً بما يبين من محضر جلسة المحاكمة
من عدم إبداء هذا الدفاع أمام محكمة الموضوع ، فليس لهما النعي عليها - من بعد - قعودها
عن الرد على دفاع لم يثيراه أمامها ولا يقبل منهما التحدي به لأول مرة أمام محكمة
النقض ، وكان من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها هو من المسائل الموضوعية
التي تخضع لإشراف محكمة الموضوع ، وأن للمحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها
على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها قرينة معززة لما ساقته من أدلة أساسية ،
وكانت المحكمة قد أبدت اطمئنانها إلى تحريات
الشرطة بجانب ما ساقته من أدلة أساسية في الدعوى ، فإن ما يثيره الطاعنين
في هذا الصدد ينحل إلى جدل موضوعي في سلطة محكمة الموضوع في تقدير أدلة الدعوى ولا
تجوز مصادرتها لدى محكمة النقض . لما
كان ذلك ، وكان من المقرر أنه لا يلزم في الأدلة التي يعتمد عليها الحكم أن ينبئ
كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى ؛ لأن الأدلة في المواد الجنائية
متساندة يكمل بعضها بعضاً برمتها مجتمعة تتكون
عقيدة القاضي ، ومن ثم فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي
الأدلة ، إذ يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما انتهت إليه ، فإن
ما يثار في هذا الشأن لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وهو ما
تستقل به محكمة الموضوع ولا يجوز مجادلتها فيه . لما كان ذلك ، وكان الحكم قد عرض لما أثاره المدافعون عن الطاعنين بشأن
بطلان إقرار الطاعن الثاني بقوله " وحيث إنه عن بطلان إقرار المتهم الثاني
بالنيابة ، فالمحكمة تشير إلى أنه تم سؤال المتهم الثاني كمجني عليه بتحقيقات
النيابة في يوم الواقعة .... عن محدث إصابته النارية فقرر بقتله والمتهم الأول
المجني عليهما أخذاً للثأر وبعد المراقبة قاما بقتلهما ولم تقم النيابة العامة
بتوجيه التهم المسندة إليه بقتل المجني عليهما آنذاك بل تم هذا الإجراء بعد مرور
خمسة أيام وبعد أن امتدت يد العبث والإرشاد غير أقواله وأنكر الاتهام المنسوب إليه
، وما أثاره الدفاع من أن المتهم لم يكن في وعيه مجرد قول مرسل إذ لم يوجه إليه
ثمة اتهامات وبالتالي فإن ما أدلى به من أقوال بارتكابهما للواقعة قد تم وصدر منه
طواعية واختياراً وهو في كامل وعيه وفي إدراك تام وجاء مطابقاً للواقع وفي أدق
تفاصيله غير متأثر بإصابته ولا بجرمه الذي قارفه ، ومن ثم فالمحكمة تطمئن لهذا الإقرار
وتعتبره من ضمن أدلة الثبوت في الدعوى وتأخذهما به حتى وإن عدل عنه بعد ذلك وحسب
المحكمة أن تعول في قضائها على رواية المتهم في أية مرحلة من مراحل الدعوى ولو
خالفت قولاً آخر له إذ مرجع الأمر في ذلك إلى اطمئنانها إلى ما تأخذ به دون ما
تعرض عنه " ، ولما كان الاعتراف في المسائل الجنائية من العناصر التي تملك
محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات ، ولها دون غيرها
البحث في صحة ما يدعيه المتهم من أن الاعتراف المعزو إليه قد انتزع منه بطريق
الإكراه ، ومتى تحققت من أن الاعتراف سليم مما يشوبه واطمأنت إليه كان لها أن تأخذ
به مما لا معقب عليها - وإذ كانت المحكمة مما أوردته - فيما سلف - قد أفصحت عن
اطمئنانها إلى أن
إقرار الطاعن الثاني إنما كان عن طواعية واختيار ولم يكن نتيجة إكراه واقتنعت
بصحته ، فإن رد المحكمة على ما دفع به المدافعون عن الطاعنين يكون كافياً وسائغاً
بما لا شائبة معه تشوب الحكم ، لما كان ذلك ، وكانت الحكمة التي تغياها نص المادة
124 من قانون الإجراءات الجنائية المستبدلة بالقانون رقم 145 لسنة 2006 من أنه لا
يجوز للمحقق في الجنايات وفي الجنح المعاقب عليها بالحبس وجوباً أن يستوجب المتهم
أو يواجهه بغيره من المتهمين أو الشهود إلا بعد دعوة محاميه للحضور عدا حالة التلبس
وحالة السرعة بسبب الخوف من ضياع الأدلة على النحو الذي يثبته المحقق في المحضر
... وإذا لم يكن للمتهم محام ، أو لم يحضر محاميه بعد
دعوته ، وجب على المحقق من تلقاء نفسه ، أن يندب له محامياً ... ، هي حماية المتهم
لدى استجوابه أمام جهة التحقيق من أي شائبة قد تشوب اعترافه من إكراه مادي أو
معنوي ، أو ما قد يثار من ذلك الإكراه المادي والمعنوي عليه وعلى غيره من المتهمين
أو الشهود في الدعوى لدى مواجهته بهم بما قد يقررونه ضده فإذا انتفت حكمة النص بأن
أنكر المتهم بالتحقيق ما نسب إليه ، ولم تكن هناك مواجهة بينه وبين شخوص غيره من
المتهمين أو الشهود أو كان الاستجواب عن جريمة
متلبس بها أو كانت هناك حالة السرعة بسبب الخوف من ضياع الأدلة ، فقد انتفى
موجب تطبيق المادة 124 من قانون الإجراءات الجنائية على النحو الوارد بنصها
بالقانون رقم 145 لسنة 2006 ، وإذ كان البين من الحكم المطعون فيه أنه قد تم سؤال
الطاعن الثاني كمجني عليه بتحقيقات النيابة العامة فأدلى بإقراره بارتكابه والطاعن
الأول الواقعة ودون أن يقوم المحقق باستجوابه كمتهم أو يواجهه بغيره من المتهمين
أو الشهود وأنه بعد مرور عدة أيام من إقراره تم استجوابه كمتهم أنكر ما أسند إليه
من اتهام ، الأمر الذي سقطت معه موجبات تطبيق المادة
124 من قانون الإجراءات الجنائية سالفة الذكر ، وإذ التزم الحكم المطعون فيه بهذه الوجهة من النظر ، فإنه يكون قد
أصاب صحيح القانون ويضحى هذا الوجه من الطعن على غير سند . لما كان ذلك ، وكان
الطاعنان لم يدفعا أمام محكمة الموضوع ببطلان استجواب الطاعن الثاني لطول أمد
التحقيق وأنه تم بغرفة رئيس نقطة شرطة
المستشفى ودون إحاطته علماً أن النيابة العامة هي التي تباشر التحقيق معه ،
فإن هذا الوجه من النعي يكون غير مقبول ؛ لأنه من المقرر أن الدفع ببطلان إجراء من الإجراءات السابقة على المحاكمة لا تجوز
إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان النعي
بالتفات الحكم عن دفاع الطاعنين بانتفاء صلتهما بالواقعة مردوداً بأن نفي التهمة
من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل رداً طالما كان الرد عليها مستفاداً من أدلة
الثبوت التي أوردها الحكم ، هذا إلى أنه بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه
أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى
المتهم ، ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه ؛ لأن مفاد التفاتها عنه
أنه اطرحها ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعنين في هذا الصدد لا يعدو أن يكون جدلاً
موضوعياً في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط
معتقدها ، وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان ما ينعاه الطاعنان على معاينة النيابة العامة من قصور
مردوداً بأن تعييب الإجراءات السابقة على المحاكمة لا يصح أن يكون سبباً للطعن في
الحكم ، إذ العبرة في الأحكام هي بإجراءات المحاكمة وبالتحقيقات التي تحصل أمام
المحكمة ، ومن ثم فإن منعى الطاعنين في هذا الصدد يكون في غير محله . لما كان ذلك ، وكان البين من مطالعة محاضر جلسات المحاكمة
أن الدفاع عن الطاعنين وإن كان قد طلب بجلسات المحاكمة مناقشة كبير الأطباء
الشرعيين إلا أنه لم يعد إلى التحدث عن طلبه هذا ولم يصر عليه في مرافعته الختامية
بجلسة .... واقتصر في هذه الجلسة على طلب البراءة فلا تثريب على المحكمة إن التفتت
عنه ، لما هو مقرر من أن الطلب الذي تلتزم المحكمة بإجابته هو الطلب الصريح الجازم
الذي يصر عليه مقدمه إلى ما قبل قفل باب المرافعة في الدعوى ، فإن ما ينعاه
الطاعنين من الإخلال بحق الدفاع لا يكون له محل ، ولا يؤثر في ذلك أن تكون المحكمة
قد أجلت الدعوى لاستدعاء كبير الأطباء الشرعيين لمناقشته بناء على طلب الدفاع ثم
عدلت عن ذلك ؛ لأن قرار المحكمة الذي تصدره في صدد تجهيز الدعوى وجمع الأدلة لا
يعدو أن يكون قراراً تحضيرياً لا تتولد عنه حقوق للخصوم توجب حتماً العمل على تنفيذه صوناً لهذه
الحقوق . لما كان ذلك ، وكان
الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أنه اعتبر الجرائم المسندة إلى الطاعنين جريمة
واحدة وعاقبهما بالعقوبة المقررة لأشدهما ، فإنه لا مصلحة للطاعنين فيما يثيرانه
بشأن جريمة إحراز سلاحين ناريين وذخيرتهما بغير ترخيص ما دامت المحكمة قد دانتهما
بجريمة القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد وأوقعت عليهما عقوبتها عملاً بالمادة
32 من قانون العقوبات بوصفها الجريمة الأشد . لما كان ما تقدم ،
فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ