الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 9 ديسمبر 2021

الطعن 1 لسنة 4 ق جلسة 21 / 6/ 1986 دستورية عليا مكتب فني 3 تنازع ق 14 ص 450

جلسة 21 يونيه سنة 1986م

برئاسة السيد المستشار محمد على بليغ رئيس المحكمة، وحضور السادة المستشارين: ممدوح مصطفى حسن ومنير أمين عبد المجيد ورابح لطفى جمعة ومحمد كمال محفوظ وشريف برهام نور وواصل علاء الدين - أعضاء،

وحضور السيد المستشار السيد عبد الحميد عماره - المفوض،

وحضور السيد/ أحمد على فضل الله - أمين السر.

-----------------

قاعدة رقم (14)

القضية رقم 1 لسنة 4 قضائية "تنازع"(1)

(1) تنازع اختصاص إيجابي - مناط قبول الدعوى.
مناط قبول دعوى الفصل فيه أن تطرح الدعوى عن موضوع واحد أمام جهتين من جهات القضاء أو الهيئات ذات الاختصاص القضائي ولا تتخلى أحداهما عن نظرها.
(2) خصومة - زوال عنصر المنازعة في الخصومة الموضوعية 
أثره على دعوى تنازع الاختصاص المرفوعة بشأنها - انتفاء المصلحة في دعوى التنازع.

---------------
1 - أن مناط قبول دعوى الفصل في تنازع الاختصاص الإيجابي وفقاً لنص ثانياً من المادة 25 من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 هو أن تطرح الدعوى عن موضوع واحد أمام جهتين من جهات القضاء أو الهيئات ذات الاختصاص القضائي ولا تتخلى أحداهما عن نظرها مما يبرر الالتجاء إلى هذه المحكمة لتعين الجهة المختصة بنظر الخصومة والفصل فيها.
2 - إذا زال عنصر المنازعة في الخصومة، انتفت المصلحة في الفصل في دعوى التنازع على الاختصاص المرفوعة بشأنها.


الإجراءات

بتاريخ 21 يناير سنة 1986 أودع المدعيان صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة طالبين تعيين المحكمة العليا للقيم جهة مختصة بالفصل في قرار رئيس الجمهورية رقم 491 لسنة 1981 دون جهة القضاء الإداري.
وبعد تحضير الدعوى أودعت هيئة المفوضين تقريرين بالرأي انتهت في ثانيهما إلى عدم قبول الدعوى.
ونظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق والمداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق - تتحصل في أنه في الثاني من سبتمبر سنة 1981 أصدر رئيس الجمهورية القرار رقم 491 لسنة 1981 بإلغاء القرار الجمهوري رقم 2782 لسنة 1971 بشأن تعيين المدعى عليه الأول بابا الإسكندرية وبطريركا للكرازة المرقسية وبتشكيل لجنة من خمسة أساقفة للقيام بالمهام البابوية. فتظلم المدعى عليه الأول أمام محكمة القيم طالبا إلغاء هذا القرار كما طعن فيه المدعى عليه الثاني بالإلغاء أمام محكمة القضاء الإداري. وبتاريخ 3 يناير سنة 1982 قضت محكمة القيم برفض التظلم - وقد طعن المدعى عليه الأول في هذا الحكم أمام المحكمة العليا للقيم بالطعن رقم 2 لسنة 2 قضائية قيم عليا - في حين قضت محكمة القضاء الإداري في 22 ديسمبر سنة 1981 برفض الدفع بعدم الاختصاص الذى أبدته الحكومة وبالاستمرار في نظر الدعوى. فأقام المدعيان دعوى التنازع الماثلة لتعيين المحكمة العليا للقيم جهة مختصة بالفصل في النزاع.
وحيث إن مناط قبول دعوى الفصل في تنازع الاختصاص الإيجابي وفقاً لنص الفقرة ثانياً من المادة 25 من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 هو أن تطرح الدعوى عن موضوع واحد أمام جهتين من جهات القضاء أو الهيئات ذات الاختصاص القضائي ولا تتخلى أحداهما عن نظرها مما يبرر الالتجاء إلى هذه المحكمة لتعين الجهة المختصة بنظر الخصومة والفصل فيها فإذا زال عنصر المنازعة في الخصومة، انتفت المصلحة في الفصل في دعوى التنازع على الاختصاص المرفوعة بشأنها.
لما كان ذلك، وكان قرار رئيس الجمهورية رقم 6 لسنة 1985 الصادر في 3 يناير سنة 1985 قد نص على إعادة تعيين المدعى عليه الأول بابا للإسكندرية وبطريركا للكرازة المرقسية، وهو ما كان يستهدفه كلاً المدعى عليهما في طعنيهما من طلب إلغاء القرار المطعون عليه، الأمر الذى يستتبع زوال المنازعة في هذا القرار أمام كلتا الجهتين، وتنتفى معه بالتالي المصلحة في دعوى التنازع الراهنة، ومن ثم يتعين الحكم بعدم قبولها.

لهذه الأسباب:

حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى.


 (1)أصدرت المحكمة بذات الجلسة حكمين مماثلين في الدعويين رقمي 3 لسنة 4 ق و 4 لسنة 5 ق تنازع.

الأربعاء، 8 ديسمبر 2021

الطعن 20 لسنة 1 ق جلسة 4 / 5/ 1985 دستورية عليا مكتب فني 3 دستورية ق 30 ص 209

جلسة 4 مايو سنة 1985م

برياسة السيد المستشار محمد على بليغ - رئيس المحكمة، وحضور السادة المستشارين : مصطفى جميل مرسى وممدوح مصطفى حسن ومنير أمين عبد المجيد ورابح لطفى جمعة وشريف برهام نور وواصل علاء الدين - أعضاء، وحضور السيد المستشار الدكتور أحمد محمد الحنفي المفوض وحضور السيد/ أحمد على فضل الله - أمين السر.

--------------

قاعدة رقم (30)
القضية 20 لسنة 1 قضائية "دستورية"
 (7 لسنة 9 ق عليا)

(1) الحكومة - السلطة التنفيذية - دستور
الدستور بين المقصود بالحكومة بما نص عليه في المادة 153 منه.
(2) المحكمة الدستورية العليا - اختصاص - الدعوى الدستورية .
المحكمة الدستورية العليا هي المختصة بنظر الدعاوى الدستورية أساس ذلك نص المادة 175 من الدستور والمادة 25 من قانونها.
(3) جامعة الأزهر - أهلية التقاضي - الصفة في الدعوى
القانون أسند لرئيس الجامعة صفة النيابة عنها في جميع صلاتها بالهيئات الأخرى والتي تدخل في عمومها الهيئات القضائية، وما يتفرع عن هذه النيابة من أهلية التقاضي فيما يتعلق بتلك الصلات.
(4) الرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح - هدفها وسبيله
هدفها صون الدستور القائم وتأكيد احترامه وحمايته من الخروج على أحكامه، وسبيلها التحقق من التزام سلطة التشريع بما يورده الدستور من ضوابط وقيود.
(5) المادة الثانية من الدستور بعد تعديلها في 22 مايو سنة 1980 - مفهومها 
يبين من صيغة العبارة الأخيرة من المادة الثانية من الدستور - بعد تعديلها - أن المشرع أتى بقيد على سلطة التشريع قوامه إلزامها وهي بصدد وضع التشريعات بالالتجاء إلى مبادئ الشريعة الإسلامية لاستمداد الأحكام المنظمة للمجتمع منها.
(6) مبادئ الشريعة الإسلامية - سلطة التشريع
سلطة التشريع اعتباراً من تاريخ العمل بتعديل العبارة الأخيرة من المادة الثانية من الدستور في 22 مايو سنة 1980 أصبحت مقيدة فيما تسنه من تشريعات مستحدثة أو معدلة لتشريعات سابقة على هذا التاريخ بمراعاة أن تكون هذه التشريعات متفقة مع مبادئ الشريعة الإسلامية، ولا تخرج في الوقت ذاته عن الضوابط والقيود التي تفرضها الدستورية الأخرى في سلطة التشريع في صدد الممارسة التشريعية.
إلزام المشرع باتخاذ مبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع لا ينصرف سوى إلى التشريعات التي تصدر بعد التاريخ الذي فرض فيه الإلزام بحيث إذا انطوى أي منها على ما يتعارض مع مبادئ الشريعة الإسلامية يكون قد وقع في حومة المخالفة الدستورية.
(7) المشرع الدستوري - مبادئ الشريعة الإسلامية
لو أراد المشرع الدستوري جعل مبادئ الشريعة الإسلامية من بين القواعد المدرجة في الدستور على وجه التحديد، أو قصد أن يجرى أعمال تلك المبادئ بواسطة المحاكم التي تتولى تطبيق التشريعات دون ما حاجة إلى إفراغها في نصوص تشريعية محددة مستوفاة للإجراءات التي عينها الدستور، لما أعوزه النص على ذلك صراحة.
(8) سلطة التشريع - مبادئ الشريعة الإسلامية
إلزام المشرع باتخاذ مبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي لما يضعه من تشريعات بعد التاريخ الذى فرض فيه الإلزام لا يعنى إعفاء المشرع من تبعة الإبقاء على التشريعات السابقة رغم ما قد يشوبها من تعارض مع مبادئ الشريعة الإسلامية، وإنما يلقى على عاتقه من الناحية السياسية مسئولية المبادرة إلى تنقية نصوص هذه التشريعات من أية مخالفة للمبادئ سالفة الذكر تحقيقا للاتساق بينها وبين التشريعات اللاحقة في وجوب اتفاقها جمعياً مع هذه المبادئ وعدم الخروج عليها.
(9) المادة 226 من القانون المدني
المادة 226 من القانون المدني الصادر سنة 1948 لم يلحقها أى تعديل بعد التاريخ المشار إليه - النعي عليها بمخالفة حكم المادة الثانية من الدستور وأياً كان وجه الرأي في تعارضها مع الشريعة الإسلامية في غير محله.

-------------------
1 - الدستور بين على وجه التحديد المقصود بالحكومة بما نص عليه في المادة 153 من أن "الحكومة هي الهيئة التنفيذية والإدارية العليا للدولة وتتكون الحكومة من رئيس مجلس الوزراء ونوابه والوزراء ونوابهم".
2 - المحكمة الدستورية العليا هي المختصة بنظر الدعوى الدستورية الماثلة أعمالاً للمادة 175 من الدستور والمادة (25) من قانون المحكمة الدستورية العليا المشار إليه - اللتين عقدتا لها دون غيرها ولاية الرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح.
3 - أنه عما دفعت به الحكومة أيضاً من عدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي صفة تأسيساً على أن شيخ الأزهر هو الذى يملك وحده تمثيل جامعة الأزهر باعتبارها من الهيئات التي يشملها الأزهر، وأن القانون رقم 103 لسنة 1961 بشأن إعادة تنظيم الأزهر لم يضف على جامعة الأزهر شخصية اعتبارية تخولها حق التقاضي وتجيز لرئيسها تمثيلها لدى المحاكم، فإنه إذ كانت المادة (39) من القانون رقم 103 لسنة 1961 المشار إليه تنص على أن "يتولى إدارة جامعة الأزهر: 1) مدير جامعة الأزهر (رئيس جامعة الأزهر منذ العمل بالقانون رقم 51 لسنة 1977) 2) مجلس الجامعة". كما تنص المادة 42 منه على أن "يتولى مدير الجامعة إدارة شئون الجامعة العلمية والإدارية والمالية، وهو الذى يمثلها أمام الهيئات الأخرى..." فإن مؤدى ذلك، أن القانون أسند إلى رئيس الجامعة صفة النيابة عنها في جميع صلاتها بالهيئات الأخرى والتي تدخل في عمومها الهيئات القضائية، وما يتفرع عن هذه النيابة من أهلية التقاضي فيما يتعلق بتلك الصلات ومن بينها التعاقد على شراء معدات لكليات الجامعة وما قد ينشأ عنها من منازعات قضائية، وهو الحال الذى اقتضى اختصام المدعى بصفته في الدعوى الموضوعية - وترتب على إثارة الدفع بعدم الدستورية فيها - إقامة المدعى بصفته للدعوى الماثلة، ومن ثم فإن الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي صفة يكون على غير أساس.
4 - أن الرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح - المنوطة بالمحكمة الدستورية العليا - تستهدف أصلاً صون الدستور القائم وتأكيد احترامه وحمايته من الخروج على أحكامه، وسبيل هذه الرقابة التحقق من التزام سلطة التشريع بما يورده الدستور في مختلف نصوصه من ضوابط وقيود ومن ثم فإنه يتعين - عند الفصل فيما يثار في شأن هذه التشريعات من مطاعن تستهدف نقض قرينة الدستورية ـ استظهار هذه الضوابط والقيود وتحديدها وذلك للتعرف على مدى مخالفة تلك التشريعات لها.
5 - أنه يبين من صيغة العبارة الأخيرة من المادة الثانية من الدستور - بعد تعديلها على نحو ما سلف - أن المشرع الدستوري أتى بقيد على السلطة المختصة بالتشريع قوامه إلزام هذه السلطة - وهى بصدد وضع التشريعات - بالالتجاء إلى مبادئ الشريعة لاستمداد الأحكام المنظمة للمجتمع، وهو ما أشارت إليه اللجنة الخاصة بالإعداد لتعديل الدستور في تقريرها إلى مجلس الشعب والذى أقره المجلس بجلسة 19 يوليه سنة 1979 وأكدته اللجنة التي أعدت مشروع التعديل وقدمته إلى المجلس فناقشه ووافق عليه بجلسة 30 إبريل سنة 1980 إذ جاء في تقريرها عن مقاصد تعديل الدستور بالنسبة للعبارة الأخيرة من المادة الثانية بأنها "تلزم المشرع بالالتجاء إلى أحكام الشريعة الإسلامية للبحث عن بغيته فيها مع إلزامه بعدم الالتجاء إلى غيرها، فإذا لم يجد في الشريعة الإسلامية حكماً صريحاً، فإن وسائل استنباط الأحكام من المصادر الاجتهادية في الشريعة الإسلامية تمكن المشرع من التوصل إلى الأحكام اللازمة والتي لا تخالف الأصول والمبادئ العامة للشريعة....".
6 - أن سلطة التشريع اعتباراً من تاريخ العمل بتعديل العبارة الأخيرة من المادة الثانية من الدستور في 22 مايو سنة 1980 - أصبحت مقيدة فيما تسنه من تشريعات مستحدثة أو معدلة لتشريعات سابقة على هذا التاريخ، بمراعاة أن تكون هذه التشريعات متفقة مع مبادئ الشريعة الإسلامية وبحيث لا تخرج - في الوقت ذاته - عن الضوابط والقيود التي تفرضها النصوص الدستورية الأخرى على سلطة التشريع في صدد الممارسة التشريعية. فهي التي يتحدد بها - مع ذلك القيد المستحدث - النطاق الذى تباشر من خلاله المحكمة الدستورية العليا رقابتها القضائية على دستورية التشريعات. لما كان ذلك وكان إلزام المشرع باتخاذ مبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع على ما سلف بيانه لا ينصرف سوى إلى التشريعات التي تصدر بعد التاريخ الذى فرض فيه الإلزام بحيث إذا انطوى أي منها على ما يتعارض مع مبادئ الشريعة الإسلامية يكون قد وقع في حومة المخالفة الدستورية، أما التشريعات السابقة على ذلك التاريخ، فلا يتأتى إنفاذ حكم الإلزام المشار إليه بالنسبة لها لصدورها فعلاً من قبله، أي في وقت لم يكن القيد المتضمن هذا الإلزام قائماً واجب الإعمال ومن ثم، فإن هذه التشريعات تكون بمنأى عن أعمال هذا القيد، وهو مناط الرقابة الدستورية. ويؤيد هذا النظر ما أوردته اللجنة العامة في مجلس الشعب بتقريرها المقدم بجلسة 15 سبتمبر سنة 1981 والذى وافق عليه المجلس من أنه "كان دستور سنة 1971 أول دستور في تاريخنا الحديث ينص صراحة على أن الشريعة الإسلامية مصدر رئيسي للتشريع، ثم عدل الدستور عام 1980 لتكون الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع، وهذا يعنى عدم جواز إصدار أي تشريع في المستقبل يخالف أحكام الشريعة الإسلامية، كما يعنى ضرورة إعادة النظر في القوانين القائمة قبل العمل بدستور سنة 1971 وتعديلها بما يجعلها متفقة مع أحكام الشريعة الإسلامية" واستطرد تقرير اللجنة إلى أن "الانتقال من النظام القانوني القائم حالياً في مصر والذى يرجع إلى أكثر من مائة سنة إلى النظام القانوني الإسلامي المتكامل يقتضي الأناة والتدقيق العلمي، ومن هنا، فأن تقنين المتغيرات الاقتصادية والاجتماعية التي لم تكن مألوفة، أو معروفة، وكذلك ما جد في عالمنا المعاصر وما يقتضيه الوجود في المجتمع الدولي من صلات وعلاقات ومعاملات، كل ذلك يستأهل الروية ويتطلب جهوداً، ومن ثم فإن تغيير النظام القانوني جميعه ينبغي أن يتاح لواضعيه والقائمين عليه الفترة الزمنية المناسبة حتى تجمع هذه القوانين متكاملة في أطار القرآن والسنة وأحكام المجتهدين من الأئمة والعلماء..."
7 - أن مقتضى تعديل المادة الثانية من الدستور هو جعل مبادئ الشريعة الإسلامية قواعد قانونية موضوعية واجبة الأعمال بذاتها ومن فورها على ما سبق هذا التعديل من تشريعات بما يوجب نسخ ما يتعارض مع تلك المبادئ، فإن هذا القول مردود بما سبق أن عرضت له المحكمة عن حقيقة المقصود من ذلك التعديل، وهو أنه قيد استحدثه الدستور على سلطة المشرع في شأن المصادر التي يستقى منها أحكامه التشريعية وأنه لا يمكن أعماله إلا بالنسبة للتشريعات اللاحقة على فرضه دون التشريعات السابقة، كما ينقض ذلك القول ما تضمنته الأعمال التحضيرية لمشروع التعديل على ما سلف إيضاحه من أن المنوط به أعمال القيد المشار إليه هو السلطة المختصة بالتشريع، بالإضافة إلى أن المشرع الدستوري لو أراد جعل مبادئ الشريعة الإسلامية من بين القواعد المدرجة في الدستور على وجه التحديد أو قصد أن يجرى أعمال تلك المبادئ بواسطة المحاكم التي تتولى تطبيق التشريعات دون ما حاجة إلى إفراغها في نصوص تشريعية محددة مستوفاة للإجراءات التي عينها الدستور، لما أعوزه النص على ذلك صراحة، هذا فضلاً عن أن مؤدى ما يقول به المدعى من الأعمال المباشر لمبادئ الشريعة الإسلامية عن طريق تلك الأحكام لا يقف عند مجرد إهدار ما قد يتعارض مع هذه المبادئ من التشريعات السابقة المنظمة لمختلف النواحي المدنية والجنائية والاجتماعية والاقتصادية بل أن الأمر لابد وأن يقترن بضرورة تقصى المحاكم للقواعد غير المقننة التي يلزم تطبيقها في المنازعات المطروحة عليها بدلاً من النصوص المنسوخة مع ما قد يؤدى إليه ذلك من تناقض بين هذه القواعد ويجر إلى تهاتر الأحكام وزعزعة الاستقرار.
8 - أن أعمال المادة الثانية من الدستور بعد تعديلها - على ما تقدم بيانه، وأن كان مؤداه إلزام المشرع باتخاذ مبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي لما يضعه من تشريعات بعد التاريخ الذى فرض فيه هذا الإلزام بما يترتب عليه من اعتباره مخالفاً للدستور إذا لم يلتزم بذلك القيد، إلا أن قصر هذا الإلزام على تلك التشريعات لا يعني إعفاء المشرع من تبعة الإبقاء على التشريعات السابقة - رغم ما قد يشوبها من تعارض مع مبادئ الشريعة الإسلامية، وإنما يلقى على عاتقه من الناحية السياسية مسئولية المبادرة إلى تنقية نصوص هذه التشريعات من أية مخالفة للمبادئ سالفة الذكر، تحقيقاً للاتساق بينها وبين التشريعات اللاحقة في وجوب اتفاقها جميعاً مع هذه المبادئ وعدم الخروج عليها.
9 - ولما كان مبنى الطعن مخالفة المادة 226 من القانون المدني للمادة الثانية من الدستور تأسيساً على أن فوائد التأخير المستحقة بموجبها تعد من الربا المحرم شرعاً طبقاً لمبادئ الشريعة الإسلامية التي جعلتها المادة الثانية من الدستور المصدر الرئيسي للتشريع، وإذ كان القيد المقرر بمقتضى هذه المادة - بعد تعديلها بتاريخ 22 مايو سنة 1980 والمتضمن إلزام المشرع بعدم مخالفة مبادئ الشريعة الإسلامية - لا يتأتى أعماله بالنسبة للتشريعات السابقة عليه حسبما سلف بيانه، وكانت المادة 226 من القانون المدني الصادر سنة 1948 لم يلحقها أي تعديل بعد التاريخ المشار إليه، ومن ثم، فأن النعي عليها، وحالتها هذه - بمخالفة حكم المادة الثانية من الدستور وأياً كان وجه الرأي في تعارضها مع مبادئ الشريعة الإسلامية - يكون في غير محله. الأمر الذى يتعين معه الحكم برفض الدعوى.


الإجراءات

بتاريخ 31 مايو سنة 1978 أودع المدعى بصفته صحيفة دعوى قلم كتاب المحكمة طالباً الحكم بعدم دستورية نص المادة 226 من القانون المدني.
وقدمت إدارة قضايا الحكومة مذكرة طلبت فيها اصليا الحكم بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى واحتياطيا بعدم قبولها وفى الموضوع برفضها.
وبعد تحضير الدعوى أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها.
ونظرت الدعوى على الوجه المبين بمحضر الجلسة، حيث التزمت هيئة المفوضين رأيها، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة 6 أبريل سنة 1985 وفى هذه الجلسة قررت المحكم مد أجل النطق بالحكم إلى جلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق - تتحصل في أن المدعى بصفته كان قد أقام الطعن رقم 461 لسنة 22 قضائية أمام المحكمة الإدارية العليا طالباً إلغاء الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري في الدعوى رقم 1465 لسنة 25 قضائية القاضي بإلزامه ووزير الأوقاف وعميد كلية الطب بصفاتهم بأن يدفعوا لمورث المدعى عليه الرابع مبلغ 292.112 جنيه باقي ثمن آلات جراحية تم توريدها إلى كلية الطب بجامعة الأزهر - والفوائد القانونية عن هذا المبلغ بواقع 4% من تاريخ المطالبة القضائية. وأثناء نظر الطعن دفع المدعى بصفته بعدم دستورية المادة 226 من القانون المدني. فقضت المحكمة الإدارية العليا بجلسة 3 أبريل سنة 1978 بوقف الفصل في الطعن ليرفع المدعى دعواه الدستورية فأقام الدعوى الماثلة.
وحيث أن الحكومة دفعت بعد اختصاص المحكمة بنظر الدعوى استناداً إلى أن جامعة الأزهر تتبع الأزهر الذى يعد من الأشخاص المعنوية العامة وبالتالي فهي من جهات الحكومة التي اعتبرها المشرع من ذوي الشأن في القضايا الدستورية، فلا يجوز لها الطعن بعدم دستورية التشريعات على أساس أنها تشارك في وضعها وعليها الدفاع عن سلامتها. هذا بالإضافة إلى أن المنازعة الماثلة - وهي تقوم بين جهتين حكوميتين - تندرج تحت المنازعات التي تختص الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع بمجلس الدولة - دون غيرها - بإبداء الرأي الملزم للجانبين فيها عملاً بالمادة 66 فقرة (د) من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972.
وحيث إن هذا الدفع مردود بأن الدستور بين على وجه التحديد المقصود بالحكومة بما نص عليه في المادة 153 من أن "الحكومة هي الهيئة التنفيذية والإدارية العليا للدولة وتتكون الحكومة من رئيس مجلس الوزراء ونوابه والوزراء ونوابهم" وإذا كان هذا التعريف لا يدخل في مدلوله الأزهر باعتباره الهيئة العملية الإسلامية الكبرى التي أثبت لها القانون الشخصية المعنوية بما نص عليه صراحة في المادة السادسة من القانون رقم 103 لسنة 1961 بشأن إعادة تنظيم الأزهر والهيئات التي يشملها من أن "يكون للأزهر شخصية معنوية عربية الجنس"... ومن ثم، فإن جامعة الأزهر - وهي إحدى هيئاته - لا ينطبق عليها معنى الحكومة على النحو الذى عناه المشرع في المادة 35 من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 والذى نص فيه على أن "تعتبر الحكومة من ذوى الشأن في الدعاوى الدستورية" مستهدفاً بذلك تمكينها من أن تقول كلمتها في الطعون الموجهة إلى التشريعات التي تكون قد أصدرتها أو شاركت في وضعها.
لما كان ذلك. وكانت هذه المحكمة - من ناحية أخرى - هي المختصة بنظر الدعوى الدستورية الماثلة أعمالاً للمادة 175 من الدستور والمادة (25) من قانون المحكمة الدستورية العليا المشار إليه - اللتين عقدتا لها دون غيرها ولاية الرقابة على دستورية القوانين واللوائح بما ينتفى معه القول بأنها من المنازعات التي تختص بها الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع بمجلس الدولة - ومن ثم، فإن الدفع بعدم الاختصاص يكون في شقيه على غير أساس متعين الرفض.
وحيث أنه عما دفعت به الحكومة أيضاً من عدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي صفة تأسيسا على أن شيخ الأزهر هو الذي يملك وحده تمثيل جامعة الأزهر باعتبارها من الهيئات التي يشملها الأزهر، وأن القانون رقم 103 لسنة 1961 بشأن إعادة تنظيم الأزهر لم يضف على جامعة الأزهر شخصية اعتبارية تخولها حق التقاضي وتجيز لرئيسها تمثيلها لدى المحاكم، فإنه إذا كانت المادة (39) من القانون رقم 103 لسنة 1961 المشار إليه تنص على أن "يتولى إدارة جامعة الأزهر: 1) مدير جامعة الأزهر (رئيس جامعة الأزهر منذ العمل بالقانون رقم 51 لسنة 1972) 2 (مجلس الجامعة". كما تنص المادة 42 منه على أن "يتولى مدير الجامعة إدارة شئون الجامعة العلمية والإدارية والمالية، وهو الذى يمثلها أمام الهيئات الأخرى..." فإن مؤدى ذلك، أن القانون أسند إلى رئيس الجامعة صفة النيابة عنها في جميع صلاتها بالهيئات الأخرى والتي تدخل في عمومها الهيئات القضائية، وما يتفرع عن هذه النيابة من أهلية التقاضي فيما يتعلق بتلك الصلات ومن بينها التعاقد على شراء معدات لكليات الجامعة وما قد ينشأ عنها من منازعات قضائية، وهو الحال الذى اقتضى اختصام المدعى بصفته في الدعوى الموضوعية - وترتب على إثارة الدفع بعدم الدستورية فيها - إقامة المدعى بصفته للدعوى الماثلة، ومن ثم فإن الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي صفة يكون على غير أساس.
وحيث إن الدعوى استوفت أوضاعها القانونية.
وحيث أن المدعى بصفته ينعى على نص المادة 226 من القانون المدني أنها إذ تقضى باستحقاق فوائد محددة القدر على مخالفة التأخير في الوفاء بالالتزام النقدي تكون قد انطوت على مخالفة لمبادئ الشريعة الإسلامية التي أصبحت طبقاً للمادة الثانية من الدستور" المصدر الرئيسي للتشريع". وذلك باعتبار أن تلك الفوائد تمثل زيادة في الدين بغير مقابل، فهي الربا المتفق على تحريمه أخذاً بقوله تعالى "وأحل الله البيع وحرم الربا" وهو من الأحكام الشرعية المقطوع بها ثبوتاً ودلالة والتي أصبحت بموجب المادة الثانية من الدستور في مصاف القواعد القانونية الوضعية التي من شأنها نسخ ما كان سابقاً عليها متعارضاً معها من نصوص التشريعات الوضعية نسخاً ضمنياً، إذ صارت بذاتها واجبة الأعمال دون حاجة إلى صدور تشريع يقننها.
وحيث أن القانون المدني الصادر بالقانون رقم 131 لسنة 1948 في 16 يوليو سنة 1948 والمعمول به ابتداء من 15 أكتوبر سنة 1949 ينص في المادة 226 منه - محل الطعن - على أنه "إذا كان محل الالتزام مبلغاً من النقود، وكان معلوم المقدار وقت الطلب وتأخر المدين في الوفاء به، كان ملزماً بأن يدفع للدائن على سبيل التعويض عن التأخير فوائد قدرها أربعة في المائة في المسائل المدنية وخمسة في المائة في المسائل التجارية. وتسرى هذه الفوائد من تاريخ المطالبة القضائية بها، أن لم يحدد الاتفاق أو العرف التجاري تاريخاً آخر لسريانها، وهذا كله ما لم ينص القانون على غيره".
وحيث أنه يبين من تعديل الدستور الذى تم بتاريخ 22 مايو سنة 1980 أن المادة الثانية أصبحت تنص على أن "الإسلام دين الدولة، واللغة العربية لغتها الرسمية، ومبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع". بعد أن كانت تنص عند صدور الدستور في 11 سبتمبر سنة 1971 على أن "الإسلام دين الدولة، واللغة العربية لغتها الرسمية، ومبادئ الشريعة الإسلامية مصدر رئيسي للتشريع" والعبارة الأخيرة من هذا النص لم يكن لها سابقة في أي من الدساتير المصرية المتعاقبة ابتداء من دستور سنة 1923 وحتى دستور سنة 1964.
وحيث أن الرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح - المنوطة بالمحكمة الدستورية العليا - تستهدف أصلاً صون الدستور القائم وتأكيد احترامه وحمايته من الخروج على أحكامه، وسبيل هذه الرقابة التحقق من التزام سلطة التشريع بما يورده الدستور في مختلف نصوصه من ضوابط وقيود ومن ثم فإنه يتعين - عند الفصل فيما يثار في شأن هذه التشريعات من مطاعن تستهدف نقض قرينة الدستورية ـ استظهار هذه الضوابط والقيود وتحديدها وذلك للتعرف على مدى مخالفة تلك التشريعات لها.
وحيث أنه يبين من صيغة العبارة الأخيرة من المادة الثانية من الدستور - بعد تعديلها على نحو ما سلف - أن المشرع الدستوري أتى بقيد على السلطة المختصة بالتشريع قوامه إلزام هذه السلطة - وهى بصدد وضع التشريعات - بالالتجاء إلى مبادئ الشريعة لاستمداد الأحكام المنظمة للمجتمع، وهو ما أشارت إليه اللجنة الخاصة بالإعداد لتعديل الدستور في تقريرها إلى مجلس الشعب والذى أقره المجلس بجلسة 19 يوليو سنة 1979وأكدته اللجنة التي أعدت مشروع التعديل وقدمته إلى المجلس فناقشه ووافق عليه بجلسة 30 إبريل سنة 1980 إذ جاء في تقريرها عن مقاصد تعديل الدستور بالنسبة للعبارة الأخيرة من المادة الثانية بأنها "تلزم المشرع بالالتجاء إلى أحكام الشريعة الإسلامية للبحث عن بغيته فيها مع إلزامه بعدم الالتجاء إلى غيرها، فإذا لم يجد في الشريعة الإسلامية حكماً صريحاً، فإن وسائل استنباط الأحكام من المصادر الاجتهادية في الشريعة الإسلامية تمكن المشرع من التوصل إلى الأحكام اللازمة والتي لا تخالف الأصول والمبادئ العامة للشريعة".
ولما كان مفاد ما تقدم، أن سلطة التشريع اعتباراً من تاريخ العمل بتعديل العبارة الأخيرة من المادة الثانية من الدستور في 22 مايو سنة 1980 - أصبحت مقيدة فيما تسنه من تشريعات مستحدثة أو معدلة لتشريعات سابقة على هذا التاريخ، بمراعاة أن تكون هذه التشريعات متفقة مع مبادئ الشريعة الإسلامية وبحيث لا تخرج - في الوقت ذاته - عن الضوابط والقيود التي تفرضها النصوص الدستورية الأخرى على سلطة التشريع في صدد الممارسة التشريعية. فهي التي يتحدد بها - مع ذلك القيد المستحدث - النطاق الذى تباشر من خلاله المحكمة الدستورية العليا رقابتها القضائية على دستورية التشريعات. لما كان ذلك وكان إلزام المشرع باتخاذ مبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع على ما سلف بيانه لا ينصرف سوى إلى التشريعات التي تصدر بعد التاريخ الذى فرض فيه الإلزام بحيث إذا انطوى أي منها على ما يتعارض مع مبادئ الشريعة الإسلامية يكون قد وقع في حومة المخالفة الدستورية، أما التشريعات السابقة على ذلك التاريخ، فلا يتأتى إنفاذ حكم الإلزام المشار إليه بالنسبة لها لصدورها فعلاً من قبله، أي في وقت لم يكن القيد المتضمن هذا الإلزام قائماً واجب الإعمال ومن ثم، فإن هذه التشريعات تكون بمنأى عن أعمال هذا القيد، وهو مناط الرقابة الدستورية. ويؤيد هذا النظر ما أوردته اللجنة العامة في مجلس الشعب بتقريرها المقدم بجلسة 15 سبتمبر سنة 1981 والذى وافق عليه المجلس من أنه "كان دستور سنة 1971 أول دستور في تاريخنا الحديث ينص صراحة على أن الشريعة الإسلامية مصدر رئيسي للتشريع، ثم عدل الدستور عام 1980 لتكون الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع، وهذا يعنى عدم جواز إصدار أي تشريع في المستقبل يخالف أحكام الشريعة الإسلامية، كما يعنى ضرورة إعادة النظر في القوانين القائمة قبل العمل بدستور سنة 1971 وتعديلها بما يجعلها متفقة مع أحكام الشريعة الإسلامية" واستطرد تقرير اللجنة إلى أن "الانتقال من النظام القانوني القائم حالياً في مصر والذى يرجع إلى أكثر من مائة سنة إلى النظام القانوني الإسلامي المتكامل يقتضي الأناة والتدقيق العلمي، ومن هنا، فأن تقنين المتغيرات الاقتصادية والاجتماعية التي لم تكن مألوفة، أو معروفة، وكذلك ما جد في عالمنا المعاصر وما يقتضيه الوجود في المجتمع من صلات وعلاقات ومعاملات، كل ذلك يستأهل الروية ويتطلب جهوداً، ومن ثم فإن تعيير النظام القانوني جميعه ينبغي أن يتاح لواضعيه والقائمين عليه الفترة الزمنية المناسبة حتى تجمع هذه القوانين متكاملة في اطار القرآن والسنة وأحكام المجتهدين من الأئمة والعلماء...").
وحيث إن ما ذهب إليه المدعى من أن مقتضى تعديل المادة الثانية من الدستور هو جعل مبادئ الشريعة الإسلامية قواعد قانونية موضوعية واجبة الأعمال بذاتها ومن فورها على ما سبق هذا التعديل من تشريعات بما يوجب نسخ ما يتعارض منها مع تلك المبادئ، فإن هذا القول مردود بما سبق أن عرضت له المحكمة عن حقيقة المقصود من ذلك التعديل، وهو أنه قيد استحدثه الدستور على سلطة المشرع في شأن المصادر التي يستقى منها أحكامه التشريعية ـ وأنه لا يمكن أعماله إلا بالنسبة للتشريعات اللاحقة على فرضه دون التشريعات السابقة، كما ينقض ذلك القول ما تضمنته الأعمال التحضيرية لمشروع التعديل على ما سلف إيضاحه من أن المنوط به أعمال القيد المشار إليه هو السلطة المختصة بالتشريع، وبالإضافة إلى أن المشرع الدستوري لو أراد جعل مبادئ الشريعة الإسلامية من بين القواعد المدرجة في الدستور على وجه التحديد أو قصد أن يجرى أعمال تلك المبادئ بواسطة المحاكم التي تتولى تطبيق التشريعات دون ما حاجة إلى إفراغها في نصوص تشريعية محددة مستوفاة للإجراءات التي عينها الدستور، لما أعوزه النص على ذلك صراحة، هذا فضلاً عن أن مؤدى ما يقول به المدعى من الأعمال المباشر لمبادئ الشريعة الإسلامية عن طريق تلك المحاكم لا يقف عند مجرد إهدار ما قد يتعارض مع هذه المبادئ من التشريعات السابقة المنظمة لمختلف النواحي المدنية والجنائية والاجتماعية والاقتصادية بل أن الأمر لابد وأن يقترن بضرورة تقصي المحاكم للقواعد غير المقننة التي يلزم تطبيقها في المنازعات المطروحة عليها بدلاً من النصوص المنسوخة مع ما قد يؤدى إليه ذلك من تناقض بين هذه القواعد ويجر إلى تهاتر الأحكام وزعزعة الاستقرار.
وحيث أن أعمال المادة الثانية من الدستور بعد تعديلها - على ما تقدم بيانه، وأن كان مؤداه إلزام المشرع باتخاذ مبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي لما يضعه من تشريعات بعد التاريخ الذى فرض فيه هذا الإلزام بما يترتب عليه من اعتباره مخالفاً للدستور إذا لم يلتزم بذلك القيد، إلا أن قصر هذا الإلزام على تلك التشريعات لا يعنى إعفاء المشرع من تبعة الإبقاء على التشريعات السابقة - رغم ما قد يشوبها من تعارض مع مبادئ الشريعة الإسلامية، وإنما يلقى على عاتقه من الناحية السياسية مسئولية المبادرة إلى تنقية نصوص هذه التشريعات من أية مخالفة للمبادئ سالفة الذكر، تحقيقاً للاتساق بينها وبين التشريعات اللاحقة في وجوب اتفاقها جميعاً مع هذه المبادئ وعدم الخروج عليها.
وحيث أنه ترتيباً على ما تقدم، ولما كان مبنى الطعن مخالفة المادة 226 من القانون المدني للمادة الثانية من الدستور تأسيسا على أن فوائد التأخير المستحقة بموجبها تعد من الربا المحرم شرعاً طبقاً لمبادئ الشريعة الإسلامية التي جعلتها المادة الثانية من الدستور المصدر الرئيسي للتشريع، وإذ كان القيد المقرر بمقتضى هذه المادة - بعد تعديلها بتاريخ 22 مايو سنة 1980 والمتضمن إلزام المشرع بعدم مخالفة مبادئ الشريعة الإسلامية - لا يتأتى أعماله بالنسبة للتشريعات السابقة عليه حسبما سلف بيانه، وكانت المادة 226 من القانون المدني الصادر سنة 1948 لم يلحقها أي تعديل بعد التاريخ المشار إليه، ومن ثم، فإن النعي عليها، وحالتها هذه - بمخالفة حكم المادة الثانية من الدستور وأياً كان وجه الرأي في تعارضها مع مبادئ الشريعة الإسلامية - يكون في غير محله. الأمر الذى يتعين معه الحكم برفض الدعوى.

لهذه الأسباب:

حكمت المحكمة برفض الدعوى وبمصادره الكفالة والزمت المدعى بصفته المصروفات ومبلغ ثلاثين جنيها مقابل أتعاب المحاماة.

أحكام المحكمة الدستورية العليا سنة المكتب الفني 3 (من أول يناير 1984 حتى آخر ديسمبر1986)

الطعن 48 لسنة 4 ق جلسة 21 / 1/ 1984 مكتب فني 3 دستورية ق 3 ص 22
الطعن 93 لسنة 4 ق جلسة 18 / 2/ 1984 مكتب فني 3 دستورية ق 4 ص 29
الطعن 6 لسنة 4 ق جلسة 3 / 3/ 1984 مكتب فني 3 دستورية ق 5 ص 35
الطعن 45 لسنة 4 ق جلسة 3 / 3/ 1984 مكتب فني 3 دستورية ق 6 ص 40
الطعن 100 لسنة 4 ق جلسة 17 / 3/ 1984 مكتب فني 3 دستورية ق 7 ص 45
الطعن 136 لسنة 5 ق جلسة 17 / 3/ 1984 مكتب فني 3 دستورية ق 8 ص 49
الطعن 137 لسنة 5 ق جلسة 7 / 4/ 1984 مكتب فني 3 دستورية ق 9 ص 54
الطعن 7 لسنة 4 ق جلسة 21 / 4/ 1984 مكتب فني 3 دستورية ق 10 ص 58
الطعن 4 لسنة 5 ق جلسة 21 / 4/ 1984 مكتب فني 3 دستورية ق 11 ص 63
الطعن 117 لسنة 5 ق جلسة 2 / 6/ 1984 مكتب فني 3 دستورية ق 13 ص 76
الطعن 55 لسنة 5 ق جلسة 16 / 6/ 1984 مكتب فني 3 دستورية ق 14 ص 80
الطعن 44 لسنة 5 ق جلسة 1 / 12/ 1984 مكتب فني 3 دستورية ق 15 ص 90
الطعن 65 لسنة 5 ق جلسة 1 / 12/ 1984 مكتب فني 3 دستورية ق 16 ص 96
الطعن 74 لسنة 5 ق جلسة 5 / 1/ 1985 مكتب فني 3 دستورية ق 18 ص 108
الطعن 150 لسنة 5 ق جلسة 5 / 1/ 1985 مكتب فني 3 دستورية ق 19 ص 114
الطعن 124 لسنة 4 ق جلسة 2 / 2/ 1985 مكتب فني 3 دستورية ق 20 ص 118
الطعن 67 لسنة 4 ق جلسة 2 / 2/ 1985 مكتب فني 3 دستورية ق 21 ص 122
الطعن 91 لسنة 4 ق جلسة 2 / 2/ 1985 مكتب فني 3 دستورية ق 22 ص 133
الطعن 67 لسنة 6 ق جلسة 16 / 2/ 1985 مكتب فني 3 دستورية ق 23 ص 145
الطعن 16 لسنة 5 ق جلسة 16 / 2/ 1985 مكتب فني 3 دستورية ق 24 ص 152
الطعن 21 لسنة 6 ق جلسة 16 / 2/ 1985 مكتب فني 3 دستورية ق 25 ص 158
الطعن 1 لسنة 1 ق جلسة 2 / 3/ 1985 مكتب فني 3 دستورية ق 26 ص 162
الطعن 114 لسنة 5 ق جلسة 6 / 4/ 1985 مكتب فني 3 دستورية ق 27 ص 176
الطعن 43 لسنة 5 ق جلسة 6 / 4/ 1985 مكتب فني 3 دستورية ق 28 ص 189
الطعن 28 لسنة 2 ق جلسة 4 / 5/ 1985 مكتب فني 3 دستورية ق 29 ص 195
الطعن 40 لسنة 6 ق جلسة 1 / 6/ 1985 مكتب فني 3 دستورية ق 31 ص 225
الطعن 106 لسنة 6 ق جلسة 29 / 6/ 1985 مكتب فني 3 دستورية ق 32 ص 229
الطعن 2 لسنة 2 ق جلسة 16 / 11/ 1985 مكتب فني 3 دستورية ق 33 ص 245
الطعن 36 لسنة 2 ق جلسة 16 / 11/ 1985 مكتب فني 3 دستورية ق 34 ص 250
الطعن 11 لسنة 4 ق جلسة 21 / 12/ 1985 مكتب فني 3 دستورية ق 35 ص 255
الطعن 18 لسنة 6 ق جلسة 21 / 12/ 1985 مكتب فني 3 دستورية ق 36 ص 260
الطعن 50 لسنة 6 ق جلسة 21 / 12/ 1985 مكتب فني 3 دستورية ق 37 ص 264
الطعن 5 لسنة 3 ق جلسة 21 / 12/ 1985 مكتب فني 3 دستورية ق 38 ص 268
الطعن 47 لسنة 4 ق جلسة 21 / 12/ 1985 مكتب فني 3 دستورية ق 39 ص 274
الطعن 15 لسنة 7 ق جلسة 21 / 12/ 1985 مكتب فني 3 دستورية ق 40 ص 287
الطعن 105 لسنة 6 ق جلسة 4 / 1/ 1986 مكتب فني 3 دستورية ق 41 ص 290
الطعن 31 لسنة 6 ق جلسة 4 / 1/ 1986 مكتب فني 3 دستورية ق 42 ص 296
الطعن 121 لسنة 6 ق جلسة 4 / 1/ 1986 مكتب فني 3 دستورية ق 43 ص 301
الطعن 97 لسنة 6 ق جلسة 1 / 2/ 1986 مكتب فني 3 دستورية ق 44 ص 306
الطعن 116 لسنة 4 ق جلسة 1 / 2/ 1986 مكتب فني 3 دستورية ق 45 ص 310
الطعن 8 لسنة 5 ق جلسة 1 / 3/ 1986 مكتب فني 3 دستورية ق 46 ص 315
الطعن 1 لسنة 4 ق جلسة 3 / 5/ 1986 مكتب فني 3 دستورية ق 47 ص 321
الطعن 139 لسنة 4 ق جلسة 3 / 5/ 1986 مكتب فني 3 دستورية ق 48 ص 325
---------------
الطعن 6 لسنة 4 ق جلسة 7 / 1/ 1984 مكتب فني 3 تنازع ق 2 ص 374
الطعن 1 لسنة 5 ق جلسة 21 / 1/ 1984 مكتب فني 3 تنازع ق 3 ص 380
الطعن 2 لسنة 3 ق جلسة 18 / 2/ 1984 مكتب فني 3 تنازع ق 4 ص 386
الطعن 3 لسنة 5 ق جلسة 3 / 3/ 1984 مكتب فني 3 تنازع ق 5 ص 390
الطعن 2 لسنة 5 ق جلسة 7 / 4/ 1984 مكتب فني 3 منازعة تنفيذ ق 6 ص 395
الطعن 14 لسنة 4 ق جلسة 19 / 5/ 1984 مكتب فني 3 تنازع ق 7 ص 406
الطعن 2 لسنة 5 ق جلسة 16 / 6/ 1984 مكتب فني 3 تنازع ق 8 ص 415
الطعن 22 لسنة 1 ق جلسة 5 / 1/ 1985 مكتب فني 3 تنازع ق 9 ص 421
الطعن 1 لسنة 6 ق جلسة 21 / 12/ 1985 مكتب فني 3 تنازع ق 10 ص 428
الطعن 3 لسنة 6 ق جلسة 21 / 12/ 1985 مكتب فني 3 منازعة تنفيذ ق 11 ص 433

الطعن 35 لسنة 2 ق جلسة 7/ 1/ 1984 دستورية عليا مكتب فني 3 دستورية ق 1 ص 9

جلسة 7 يناير سنة 1984م

برئاسة السيد المستشار الدكتور فتحي عبد الصبور رئيس المحكمة، وحضور السادة المستشارين/ محمد على راغب بليغ ومصطفى جميل مرسى وممدوح مصطفى حسن ومحمد عبد الخالق النادي ومنير أمين عبد المجيد ورابح لطفى جمعة - أعضاء،

وحضور السيد المستشار الدكتور محمد إبراهيم أبو العينين - المفوض،

وحضور السيد/ أحمد على فضل الله - أمين السر.

------------

قاعدة رقم (1)

القضية رقم 35 لسنة 2 القضائية "دستورية"

دعوى دستورية - قبولها - المصلحة فيها:
يشترط لقبول الطعن بعدم الدستورية أن تتوافر للطاعن مصلحة شخصية مباشرة في طعنه.

-------------
من المقرر - على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أنه يشترط لقبول الطعن بعدم الدستورية أن تتوافر لدى الطاعن مصلحة شخصية مباشرة في طعنه. ومناط هذه المصلحة ارتباطها بمصلحته في الدعوى الموضوعية التي أثير الدفع بعدم الدستورية لمناسبتها والتي يؤثر الحكم فيه على الحكم فيها.


الإجراءات

بتاريخ 30 نوفمبر سنة 1980 أودع المدعى بصفته قلم كتاب المحكمة صحيفة الدعوى طالباً الحكم بعدم دستورية لائحة رقابة النقد الصادرة تنفيذاً لقانون تنظيم التعامل بالنقد الأجنبي رقم 97 لسنة 1976 - فيما نصت عليه من تجميد أرصدة الأجانب المقيمين بالخارج في حسابات رأسمالية غير قابلة للتحويل لدى المصارف.
وقدمت إدارة قضايا الحكومة مذكرات طلبت فيها رفض الدعوى.
وبعد تحضير الدعوى أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها.
ونظرت الدعوى على الوجه المبين بمحضر الجلسة حيث التزمت هيئة المفوضين رأيها، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، والمداولة.
حيث أن الدعوى قد استوفت أوضاعها الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق - تتحصل في أن السيدة "جانين بول جرابيديان" - وهى فرنسية مقيمة بالخارج - كانت قد أقامت الدعوى رقم 4712 لسنة 1978 مدنى كلى جنوب القاهرة ضد وزير الاقتصاد وآخرين طالبة الحكم بأحقيتها بأن تحتفظ بما يؤول إليها أو تملكه أو تحوزه من نقد مصري أو أجنبي، وفى القيام بأية عملية من عمليات النقد طبقا لأحكام القانون رقم 97 لسنة 1976 بتنظيم التعامل بالنقد الأجنبي ودون التقيد بالقيود الواردة في المادتين 115،116 من لائحته التنفيذية الصادرة بتاريخ 27 نوفمبر سنة 1976 بقرار وزير الاقتصاد رقم 316 لسنة 1976. وبتاريخ 8 فبراير سنة 1979 قضت محكمة جنوب القاهرة الابتدائية برفض الدعوى، فطعنت المدعية. في هذا الحكم بطريق الاستئناف الذى قيد برقم 1725 لسنة 96 ق استئناف القاهرة حيث تمسكت بعدم دستورية اللائحة التنفيذية المشار إليها. وبتاريخ 13 نوفمبر سنة 1980 قضت المحكمة بوقف الدعوى، وكلفت المستأنفة برفع الدعوى الدستورية، فأقام المدعى بصفته مديراً مؤقتاً لتركتها - لوفاتها - الدعوى الماثلة طالباً الحكم بعدم دستورية هذه اللائحة فيما نصت عليه من تجميد أرصدة الأجانب المقيمين بالخارج في حسابات رأسمالية غير قابلة للتحويل لدى المصارف.
وحيث إن المدعى بصفته نعى بعدم دستورية المادتين 115 116، من لائحة تنظيم التعامل بالنقد الأجنبي الصادرة بقرار وزير الاقتصاد رقم 316 لسنة 1976 تأسيساً على أن تجميد هذين النصين لأرصدة الأجانب غير المقيمين في حسابات رأسمالية غير قابلة للتحويل لدى المصارف المعتمدة - بحيث لا يجوز لهذه البنوك أن تصرف من هذه الحسابات المفتوحة بأسماء أشخاص طبيعيين لصاحب الحساب أو لصالحه ما يجاوز ألفى جنيه سنوياً فيما عدا المصاريف الحكمية المستحقة على أصحاب تلك الحسابات - يعد أمراً مخالفاً للمواد 34 ،35 ،37 من الدستور، كما أن ذلك يتناقض مع أحكام الاتفاقية المبرمة - بتاريخ 22 ديسمبر سنة 1974 - بين حكومتي مصر وفرنسا بشأن التشجيع والحماية المتبادلة للاستثمارات التي تساوى في المعاملة بين المواطنين والفرنسيين وينبغي احترامها وفقاًَ للمادة 151 من الدستور. فضلاً عن أن ما فرضته المادتان 115،116 المطعون فيهما من قيود يعد خروجاً على مقتضى أحكام القانون رقم 97 لسنة 1976 بتنظيم التعامل بالنقد الأجنبي الذى أطلق حرية حيازة جميع العملات المصرية والأجنبية.
وحيث أن المادة 115 من اللائحة - المطعون فيها - تنص على أن "المبالغ المستحقة الدفع إلى أجانب مقيمين في الخارج ولها صفة رأس المال، ولا تجيز اللائحة أو القواعد المنفذة لها الإفراج عن عملة أجنبية لتحويلها ينبغي أن تدفع في حساب رأسمالي غير قابل للتحويل لدى أحد المصارف المعتمدة، ويعتبر الدفع بهذه الطريقة مبرئاً لذمة الدافع". وتنص الفقرتان الأولى والثانية من المادة 116 من ذات اللائحة - المطعون فيها - على أنه "يجوز للمصارف المعتمدة الصرف من الحسابات الرأسمالية غير القابلة للتحويل بقيمة المصاريف الحكمية المستحقة على أصحاب الحسابات. كما يجوز صرف مبالغ من الحسابات المشار إليها، المفتوحة بأسماء أشخاص طبيعيين لصاحب الحساب أو لصالحه وبما لا يجاوز إجمالية 2000 جنيهاً كل سنة ميلادية..".
وحيث أنه من المقرر - على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أنه يشترط لقبول الطعن بعدم الدستورية أن تتوافر لدى الطاعن مصلحة شخصية مباشرة في طعنه. ومناط هذه المصلحة ارتباطها بمصلحته في الدعوى الموضوعية التي أثير الدفع بعدم الدستورية لمناسبتها والتي يؤثر الحكم فيه على الحكم فيها، وإذ كان ما يستهدفه المدعى بصفته من دعواه الموضوعية هو الإفراج عن أرصدة جانين بول جرابيديان في الحسابات الرأسمالية غير القابلة للتحويل - وهى تمثل ثمن بيع عقارات - وفقاً للمادتين 115،116 من اللائحة محل الطعن، والحصول على هذه الأرصدة والقيام بأية عملية من عمليات النقد طبقاً للقانون، وكان الثابت من الأوراق أنه بناء على الخطابين المتبادلين بين حكومتي مصر وفرنسا بتاريخ 11 يوليو سنة 1982 وافقت السلطات المصرية على الإفراج عن مبلغ 3.8 مليون جنيه من أرصدة الحسابات الرأسمالية غير القابلة للتحويل المفتوحة لدى البنوك المصرية بأسماء الفرنسيين غير المقيمين للحكومة الفرنسية وذلك لاستخدامها في تغطية الاحتياجات المحلية اللازمة لمختلف أقسام السفارة الفرنسية والقنصليات الفرنسية في جمهورية مصر العربية، على أن تقوم الحكومة الفرنسية بسداد القيمة للرعايا الفرنسيين في الخارج. وعلى أساس هذا الاتفاق المتبادل (مستند رقم 22 ملف الدعوى) تقدم المدعى بصفته، والسيدة "ليليان مانوش جرابيديان" - التي انحصر فيها إرث شقيقتها "جانين بول جرابيديان" - إلى البنك الأهلي المصري بتاريخ 23 سبتمبر سنة 1982،28 نوفمبر سنة 1982 بطلب تحويل رصيد الحساب المتجمد إلى السفارة الفرنسية، وقد تم بالفعل هذا التحويل بمبلغ 18640 جنيهاً وهو يمثل كامل رصيد حساب المورثة جانين بول جرابيديان الرأسمالي الغير قابل للتحويل حسبما هو وارد في خطابي البنك الأهلي المصري المؤرخين 19 إبريل ،21 مايو سنة 1983 (المستندين رقمي 26 ،32 ملف الدعوى). وذلك بعد أن أفرجت مأمورية ضرائب تركات القاهرة عن الأرصدة المتجمدة مع التحفظ على مبلغ 2549.124 جنيه تحت تسوية ضريبة التركات ورسم الأيلولة على تركة "جانين بول جرابيديان".
لما كان ذلك، فان هدف المدعى بصفته من طلباته في الدعوى الموضوعية يكون قد تحقق، وبالتالي تكون مصلحته في الفصل في الدعوى الدستورية - الماثلة - منتفية، مما يتعين معه الحكم بعدم قبول الدعوى.

لهذه الأسباب:

حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى وبمصادرة الكفالة وألزمت المدعى بصفته المصروفات ومبلغ ثلاثين جنيها مقابل أتعاب المحاماة.