جلسة 7 يناير سنة 1984م
برئاسة السيد المستشار
الدكتور فتحي عبد الصبور رئيس المحكمة، وحضور السادة المستشارين/ محمد على راغب
بليغ ومصطفى جميل مرسى وممدوح مصطفى حسن ومحمد عبد الخالق النادي ومنير أمين عبد
المجيد ورابح لطفى جمعة - أعضاء،
وحضور السيد المستشار
الدكتور محمد إبراهيم أبو العينين - المفوض،
وحضور السيد/ أحمد على
فضل الله - أمين السر.
------------
قاعدة رقم (1)
القضية رقم 35 لسنة 2 القضائية "دستورية"
دعوى دستورية - قبولها -
المصلحة فيها:
يشترط لقبول الطعن بعدم
الدستورية أن تتوافر للطاعن مصلحة شخصية مباشرة في طعنه.
-------------
من المقرر - على ما جرى
به قضاء هذه المحكمة - أنه يشترط لقبول الطعن بعدم الدستورية أن تتوافر لدى الطاعن
مصلحة شخصية مباشرة في طعنه. ومناط هذه المصلحة ارتباطها بمصلحته في الدعوى
الموضوعية التي أثير الدفع بعدم الدستورية لمناسبتها والتي يؤثر الحكم فيه على
الحكم فيها.
الإجراءات
بتاريخ 30 نوفمبر سنة
1980 أودع المدعى بصفته قلم كتاب المحكمة صحيفة الدعوى طالباً الحكم بعدم دستورية
لائحة رقابة النقد الصادرة تنفيذاً لقانون تنظيم التعامل بالنقد الأجنبي رقم 97
لسنة 1976 - فيما نصت عليه من تجميد أرصدة الأجانب المقيمين بالخارج في حسابات
رأسمالية غير قابلة للتحويل لدى المصارف.
وقدمت إدارة قضايا
الحكومة مذكرات طلبت فيها رفض الدعوى.
وبعد تحضير الدعوى أودعت
هيئة المفوضين تقريراً برأيها.
ونظرت الدعوى على الوجه
المبين بمحضر الجلسة حيث التزمت هيئة المفوضين رأيها، وقررت المحكمة إصدار الحكم
فيها بجلسة اليوم.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق،
وسماع الإيضاحات، والمداولة.
حيث أن الدعوى قد استوفت
أوضاعها الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما
يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق - تتحصل في أن السيدة "جانين بول
جرابيديان" - وهى فرنسية مقيمة بالخارج - كانت قد أقامت الدعوى رقم 4712 لسنة
1978 مدنى كلى جنوب القاهرة ضد وزير الاقتصاد وآخرين طالبة الحكم بأحقيتها بأن
تحتفظ بما يؤول إليها أو تملكه أو تحوزه من نقد مصري أو أجنبي، وفى القيام بأية
عملية من عمليات النقد طبقا لأحكام القانون رقم 97 لسنة 1976 بتنظيم التعامل
بالنقد الأجنبي ودون التقيد بالقيود الواردة في المادتين 115،116 من لائحته
التنفيذية الصادرة بتاريخ 27 نوفمبر سنة 1976 بقرار وزير الاقتصاد رقم 316 لسنة
1976. وبتاريخ 8 فبراير سنة 1979 قضت محكمة جنوب القاهرة الابتدائية برفض الدعوى،
فطعنت المدعية. في هذا الحكم بطريق الاستئناف الذى قيد برقم 1725 لسنة 96 ق
استئناف القاهرة حيث تمسكت بعدم دستورية اللائحة التنفيذية المشار إليها. وبتاريخ
13 نوفمبر سنة 1980 قضت المحكمة بوقف الدعوى، وكلفت المستأنفة برفع الدعوى
الدستورية، فأقام المدعى بصفته مديراً مؤقتاً لتركتها - لوفاتها - الدعوى الماثلة
طالباً الحكم بعدم دستورية هذه اللائحة فيما نصت عليه من تجميد أرصدة الأجانب
المقيمين بالخارج في حسابات رأسمالية غير قابلة للتحويل لدى المصارف.
وحيث إن المدعى بصفته نعى
بعدم دستورية المادتين 115 116، من لائحة تنظيم التعامل بالنقد الأجنبي الصادرة
بقرار وزير الاقتصاد رقم 316 لسنة 1976 تأسيساً على أن تجميد هذين النصين لأرصدة
الأجانب غير المقيمين في حسابات رأسمالية غير قابلة للتحويل لدى المصارف المعتمدة
- بحيث لا يجوز لهذه البنوك أن تصرف من هذه الحسابات المفتوحة بأسماء أشخاص
طبيعيين لصاحب الحساب أو لصالحه ما يجاوز ألفى جنيه سنوياً فيما عدا المصاريف
الحكمية المستحقة على أصحاب تلك الحسابات - يعد أمراً مخالفاً للمواد 34 ،35 ،37
من الدستور، كما أن ذلك يتناقض مع أحكام الاتفاقية المبرمة - بتاريخ 22 ديسمبر سنة
1974 - بين حكومتي مصر وفرنسا بشأن التشجيع والحماية المتبادلة للاستثمارات التي
تساوى في المعاملة بين المواطنين والفرنسيين وينبغي احترامها وفقاًَ للمادة 151 من
الدستور. فضلاً عن أن ما فرضته المادتان 115،116 المطعون فيهما من قيود يعد خروجاً
على مقتضى أحكام القانون رقم 97 لسنة 1976 بتنظيم التعامل بالنقد الأجنبي الذى أطلق
حرية حيازة جميع العملات المصرية والأجنبية.
وحيث أن المادة 115 من
اللائحة - المطعون فيها - تنص على أن "المبالغ المستحقة الدفع إلى أجانب
مقيمين في الخارج ولها صفة رأس المال، ولا تجيز اللائحة أو القواعد المنفذة لها
الإفراج عن عملة أجنبية لتحويلها ينبغي أن تدفع في حساب رأسمالي غير قابل للتحويل
لدى أحد المصارف المعتمدة، ويعتبر الدفع بهذه الطريقة مبرئاً لذمة الدافع".
وتنص الفقرتان الأولى والثانية من المادة 116 من ذات اللائحة - المطعون فيها - على
أنه "يجوز للمصارف المعتمدة الصرف من الحسابات الرأسمالية غير القابلة
للتحويل بقيمة المصاريف الحكمية المستحقة على أصحاب الحسابات. كما يجوز صرف مبالغ
من الحسابات المشار إليها، المفتوحة بأسماء أشخاص طبيعيين لصاحب الحساب أو لصالحه
وبما لا يجاوز إجمالية 2000 جنيهاً كل سنة ميلادية..".
وحيث أنه من المقرر - على
ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أنه يشترط لقبول الطعن بعدم الدستورية أن تتوافر لدى
الطاعن مصلحة شخصية مباشرة في طعنه. ومناط هذه المصلحة ارتباطها بمصلحته في الدعوى
الموضوعية التي أثير الدفع بعدم الدستورية لمناسبتها والتي يؤثر الحكم فيه على
الحكم فيها، وإذ كان ما يستهدفه المدعى بصفته من دعواه الموضوعية هو الإفراج عن
أرصدة جانين بول جرابيديان في الحسابات الرأسمالية غير القابلة للتحويل - وهى تمثل
ثمن بيع عقارات - وفقاً للمادتين 115،116 من اللائحة محل الطعن، والحصول على هذه الأرصدة
والقيام بأية عملية من عمليات النقد طبقاً للقانون، وكان الثابت من الأوراق أنه
بناء على الخطابين المتبادلين بين حكومتي مصر وفرنسا بتاريخ 11 يوليو سنة 1982
وافقت السلطات المصرية على الإفراج عن مبلغ 3.8 مليون جنيه من أرصدة الحسابات
الرأسمالية غير القابلة للتحويل المفتوحة لدى البنوك المصرية بأسماء الفرنسيين غير
المقيمين للحكومة الفرنسية وذلك لاستخدامها في تغطية الاحتياجات المحلية اللازمة
لمختلف أقسام السفارة الفرنسية والقنصليات الفرنسية في جمهورية مصر العربية، على
أن تقوم الحكومة الفرنسية بسداد القيمة للرعايا الفرنسيين في الخارج. وعلى أساس
هذا الاتفاق المتبادل (مستند رقم 22 ملف الدعوى) تقدم المدعى بصفته، والسيدة
"ليليان مانوش جرابيديان" - التي انحصر فيها إرث شقيقتها "جانين
بول جرابيديان" - إلى البنك الأهلي المصري بتاريخ 23 سبتمبر سنة 1982،28
نوفمبر سنة 1982 بطلب تحويل رصيد الحساب المتجمد إلى السفارة الفرنسية، وقد تم
بالفعل هذا التحويل بمبلغ 18640 جنيهاً وهو يمثل كامل رصيد حساب المورثة جانين بول
جرابيديان الرأسمالي الغير قابل للتحويل حسبما هو وارد في خطابي البنك الأهلي المصري
المؤرخين 19 إبريل ،21 مايو سنة 1983 (المستندين رقمي 26 ،32 ملف الدعوى). وذلك
بعد أن أفرجت مأمورية ضرائب تركات القاهرة عن الأرصدة المتجمدة مع التحفظ على مبلغ
2549.124 جنيه تحت تسوية ضريبة التركات ورسم الأيلولة على تركة "جانين بول
جرابيديان".
لما كان ذلك، فان هدف
المدعى بصفته من طلباته في الدعوى الموضوعية يكون قد تحقق، وبالتالي تكون مصلحته
في الفصل في الدعوى الدستورية - الماثلة - منتفية، مما يتعين معه الحكم بعدم قبول
الدعوى.
لهذه الأسباب:
حكمت المحكمة بعدم قبول
الدعوى وبمصادرة الكفالة وألزمت المدعى بصفته المصروفات ومبلغ ثلاثين جنيها مقابل
أتعاب المحاماة.