جلسة 17 من مارس سنة 1959
برياسة السيد مصطفى فاضل
رئيس المحكمة, وبحضور السادة: مصطفى كامل, وفهيم يسى جندي, ومحمد عطيه اسماعيل,
وعادل يونس المستشارين.
-----------------
(73)
الطعن رقم 1973 لسنة 28
القضائية
(أ, ب) عقوبة. العقوبة
الأصلية والتكميلية. متى تعتبر العقوبة أصلية؟
إذا كونت العقاب المباشر
للجريمة ووقعت منفردة دون أن يعلق القضاء بها على حكم بعقوبة أخرى.
غرامة. الغرامة كعقوبة
للجنايات. متى تكون عقوبة أصلية ومتى تكون تكميلية؟ المادتان 10 و46 ع.
اعتبار الغرامة عقوبة
أصلية في الجنايات في حالة وحيدة هي التي نصت عليها المادة 46 ع كعقوبة تخييرية مع
السجن أو الحبس للشروع في جناية عقوبتها إذا تمت هي السجن واعتبار الغرامة عقوبة
تكميلية إذا قضى بها بالإضافة إلى عقوبة أخرى.
العقوبة المقيدة للحرية.
هل يتصور أن تكون أحيانا تكميلية.
العقوبات المقيدة للحرية
كالحبس قد تكون تكميلية عند النص عليها بالإضافة إلى جزاء آخر مباشر كالجريمة
المنصوص عليها في المادة 35 عقوبات فرنسي.
(ج) عقوبة. العقوبة
التكميلية. ماهيتها.
العقوبة التكميلية هي في
حقيقتها عقوبة نوعية مراعي فيها طبيعة الجريمة.
تعدد. ارتباط الجرائم غير
القابل للتجزئة. م 32/ 2 ع. الأثر المترتب على توقيع جزاء الجريمة الأشد من ناحية
الموضوع. متى يجب توقيع العقوبة التكميلية مع جزاء الجريمة الأشد؟
إذا كانت العقوبة
التكميلية تحمل في طياتها فكرة رد الشيء إلى أصله أو التعويض المدني للخزانة أو
كانت ذات طبيعة وقائية كالمصادرة ومراقبة البوليس.
(د) سلاح. العقوبة
التكميلية. عقوبة الغرامة المقررة في الفقرة الأخيرة من المادة 26 من ق 394 لسنة
1954 والمعدل بقانون 546 لسنة 1954. طبيعتها الخاصة والأثر المترتب على ذلك.
هي عقوبة تكميلية ذات
صبغة عقابية بحتة فتدخل من ثم في نطاق قاعدة الجب المقررة للعقوبة الأشد ولا يجوز
الحكم بها بالإضافة إلى عقوبة هذه الجريمة.
-----------------
1 - تستمد العقوبة
الأصلية وصفها من أنها تكون العقاب الأصلي أو الأساسي المباشر للجريمة والتي توقع
منفردة بغير أن يكون القضاء بها معلقا على الحكم بعقوبة أخرى.
2 - تكلم الشارع عن
العقوبات الأصلية في القسم الأول من الباب الثالث من الكتاب الأول من قانون
العقوبات بعد أن عدد أنواع الجرائم في الباب الثاني من الكتاب المذكور. ويبين من
مراجعة هذه النصوص أن الشارع أورد في المادة (10) العقوبات الأصلية للجنايات
وقصرها على الإعدام والأشغال الشاقة المؤبدة والمؤقتة والسجن, أما الغرامة فقد نص
عليها في المادة (46) تخييرية مع السجن أو الحبس كعقوبة أصلية للشروع في جناية
عقوبتها إذا تمت هي السجن, وفي هذه الحالة وحدها تكون الغرامة في الجنايات عقوبة
أصلية, أما إذا قضى بها بالإضافة إلى عقوبة أخرى فعندئذ تكون العقوبة الأخيرة هي
الأصلية وتعتبر الغرامة مكملة لها, ويصدق هذا النظر أيضا على العقوبات المقيدة
للحرية (كالحبس) التي تعد في الأصل من العقوبات الأصلية المقررة لمواد الجنح, غير
أنها قد تكون تكميلية إذا نص عليها بالإضافة إلى جزاء آخر مباشر كما هو الحال في
الجريمة المنصوص عليها في المادة (35) من قانون العقوبات الفرنسي التي نصت على
عقوبة الحبس الذي لا يجاوز خمس سنوات كجزاء مكمل لعقوبة التجريد المدني.
3 - الأصل أن العقوبة
الأصلية المقررة لأشد الجرائم المرتبطة ببعضها ارتباطا لا يقبل التجزئة تجب
العقوبات الأصلية المقررة لما عداها من جرائم دون أن يمتد هذا الجب إلى العقوبات
التكميلية التي تحمل في طياتها فكرة رد الشيء إلى أصله أو التعويض المدني للخزانة
أو كانت ذات طبيعة وقائية كالمصادرة ومراقبة البوليس, والتي هي في واقع أمرها
عقوبات نوعية مراعي فيها طبيعة الجريمة ولذلك يجب توقيعها مهما تكن العقوبة
المقررة لما يرتبط بتلك الجريمة من جرائم أخرى والحكم بها مع عقوبة الجريمة الأشد.
4 - عقوبة الغرامة
المقررة في الفقرة الأخيرة من المادة (26) من القانون 394 لسنة 1954 - في شأن
الأسلحة والذخائر - والمعدلة بالقانون رقم 546 لسنة 1954 تعد عقوبة تكميلية, غير أنه
لما كانت طبيعة هذه الغرامة لها صبغة عقابية بحته, بمعنى أنها لا تعد من قبيل
الغرامة النسبية التي أساسها في الواقع الصحيح فكرة التعويض المختلط بفكرة الجزاء,
وتتنافر مع العقوبات التكميلية الأخرى ذات الطبيعة الوقائية والتي تخرج عن نطاق
قاعدة الجب المقررة للعقوبة الأشد, فإنه يتعين إدماج هذه الغرامة في عقوبة الجريمة
الأشد وعدم الحكم بها بالإضافة إليها.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة
الطاعن بأنه: أولا - أحرز السلاح الناري المبين بالمحضر "طبنجة مششخنة"
بدون ترخيص. وثانيا - أحرز الذخائر المبينة بالمحضر "طلقات" بدون ترخيص
وطلبت من غرفة الاتهام إحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته بالمواد 1 و6 و26/ 2 -
4 و30 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانون رقم 546 لسنة 1954 والجدول 3
فقررت بذلك ومحكمة جنايات قنا قضت حضوريا عملا بمواد الاتهام مع تطبيق المواد 32
و17 و55 و56 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالحبس مع الشغل سنة واحدة وبتغريمه
عشرين جنيها والمصادرة وأمرت بوقف تنفيذ عقوبتي الحبس والغرامة لمدة ثلاث سنوات
تبدأ من اليوم بغير مصروفات جنائية.
فطعنت النيابة العامة في
هذا الحكم بطريق النقض... الخ.
المحكمة
وحيث إن النيابة العامة
تنعي على الحكم المطعون فيه "أنه أخطأ في تطبيق القانون إذ قضى بمعاقبة
المطعون ضده بالحبس سنة واحدة وبتغريمه عشرين جنيها عن تهمتي إحراز السلاح
والذخيرة بدون ترخيص اللتين دانه بهما, ووجه الخطأ أنه قضى على المتهم بعقوبة
الغرامة في حين أن مقتضى تطبيق المادة 32 من قانون العقوبات التي أعملها الحكم في حق
المطعون ضده هو الحكم عليه بالعقوبة المقررة لجريمة إحراز السلاح بدون ترخيص
بوصفها الجريمة الأشد دون تطبيق عقوبة الغرامة المنصوص عليها بالإضافة إلى عقوبة
السجن في الجريمة الأخف وهى جريمة إحراز الذخيرة مما ينفي ضرورة توقيعها مع
العقوبة الأشد التي أوقعها الحكم وهى الحبس.
وحيث إن الحكم المطعون
فيه بعد أن بين واقعة الدعوى بما تتوافر به جميع العناصر القانونية لجريمتي إحراز
السلاح والذخيرة بدون ترخيص اللتين دين بهما الطاعن وأورد على ثبوتهما في حقه أدلة
سائغة, انتهى إلى عقابه بالمواد 1 و6 و26/ 2 - 4 و30 من القانون رقم 394 لسنة 1954
المعدل بالقانون رقم 546 لسنة 1954 والجدول رقم 3 المرفق ثم قال "وحيث إنه
نظرا للارتباط بين الجريمتين ترى المحكمة إعمال نص المادة 32 من قانون العقوبات
ومعاقبة المتهم بالعقوبة الأشد لهاتين الجريمتين" ثم أوقع الحكم على الطاعن
عقوبتي الحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة والغرامة التي قدرها عشرون جنيها والمصادرة
وأمر بوقف تنفيذ عقوبتي الحبس والغرامة لمدة ثلاث سنوات تبدأ من يوم النطق بالحكم
مع تطبيق المادة 17 من قانون العقوبات, لما كان ذلك, وكانت العقوبة المقررة لجريمة
إحراز الأسلحة بغير ترخيص المنصوص عليها في القسم الأول من الجدول رقم 3 المرفق
بالقانون رقم 394 لسنة 1954 في شأن الأسلحة والذخائر هي الأشغال الشاقة المؤقتة
طبقا لنص الفقرة الثانية من المادة 26 من القانون المذكور المعدلة بالقانون رقم
546 لسنة 1954 والتي يجوز تبديلها عملا بالمادة 17 من قانون العقوبات بعقوبة السجن
أو الحبس الذي لا يجوز أن ينقص عن ستة شهور, وكانت عقوبة إحراز الذخائر مما تستعمل
في الأسلحة سالفة الذكر هى السجن والغرامة التي لا تجاوز خمسين جنيها وذلك في غير
الأحوال التي يكون الجاني فيها من الأشخاص المذكورين بالفقرات (ب) و (ج) و (هـ) و
(و) من المادة السابعة من القانون آنف الذكر كما جرى بذلك نص الفقرة الأخيرة من
المادة 26 المذكورة. لما كان ما تقدم, وكان الأصل أن العقوبة الأصلية المقررة لأشد
الجرائم المرتبطة ببعضها ارتباطا لا يقبل التجزئة تجب العقوبات الأصلية المقررة
لما عداها من جرائم دون أن يمتد هذا الجب إلى العقوبات التكميلية التي تحمل في
طياتها فكرة رد الشيء إلى أصله أو التعويض المدني للخزانة أو كانت ذات طبيعة
وقائية كالمصادرة ومراقبة البوليس والتي هي في واقع أمرها عقوبات نوعية مراعى فيها
طبيعة الجريمة, ولذلك يجب توقيعها مهما تكن العقوبة المقررة لما ترتبط بتلك
الجريمة من جرائم أخرى والحكم بها مع عقوبة الجريمة الأشد, وكانت العقوبة الأصلية
تستمد وصفها من أنها تكون العقاب الأصلي أو الأساس المباشر للجريمة والتي توقع
منفردة بغير أن يكون القضاء بها معلقا على الحكم بعقوبة أخرى, وقد تكلم الشارع عن
العقوبات الأصلية في القسم الأول من الباب الثالث من الكتاب الأول من قانون
العقوبات بعد أن حدد أنواع الجرائم في الباب الثالث من الكتاب المذكور, ويبين من
مراجعة هذه النصوص أن الشارع أورد في المادة 10 العقوبات الأصلية للجنايات وقصرها
على الإعدام والأشغال الشاقة المؤبدة والمؤقتة والسجن أما الغرامة فقد نص عليها في
المادة 46 تخييرية مع السجن أو الحبس كعقوبة أصلية للشروع في جناية عقوبتها إذا
تمت هى بالسجن وفي هذه الحالة وحدها تكون الغرامة في الجنايات عقوبة أصلية, أما
إذا قضى بها بالإضافة إلى عقوبة أخرى فعندئذ تكون العقوبة الأخيرة هي الأصلية
وتعتبر الغرامة عقوبة مكملة لها. ويصدق هذا النظر أيضا على العقوبات المقيدة
للحرية كالحبس التي تعد في الأصل من العقوبات الأصلية المقررة لمواد الجنح غير
أنها قد تكون تكميلية إذا نص عليها بالإضافة إلى جزاء آخر مباشر كما هو الحال في
الجريمة المنصوص عليها في المادة 35 من قانون العقوبات الفرنسي التي نصت على عقوبة
الحبس الذي لا يجاوز خمس سنوات كجزاء مكمل لعقوبة التجريد المدني, لما كان ذلك فإن
عقوبة الغرامة المقررة في الفقرة الأخيرة من المادة 26 من القانون رقم 394 لسنة
1954 المعدلة بالقانون رقم 546 لسنة 1954 تعد عقوبة تكميلية, غير أنه لما كانت
طبيعة هذه الغرامة لها صبغة عقابية بحتة بمعنى إنها لا تعد من قبيل الغرامة
النسبية التي أساسها في الواقع الصحيح فكرة التعويض المختلط بفكرة الجزاء وتتنافر
مع العقوبات التكميلية الأخرى ذات الطبيعة الوقائية والتي تخرج عن نطاق قاعدة الجب
المقررة للعقوبة الأشد. فأنه يتعين إدماج هذه الغرامة في عقوبة الجريمة الأشد وعدم
الحكم بها بالإضافة إليها.
وحيث إنه لما تقدم يكون
الحكم المطعون فيه - إذ قضى بتوقيع عقوبة الغرامة المقررة لجريمة إحراز الذخيرة
بدون ترخيص - وهى الجريمة الأخف - بعد أذ قضى بتوقيع العقوبة المقررة لجريمة إحراز
الأسلحة النارية بدون ترخيص - وهى الأشد - عملا بالمادة 32 من قانون العقوبات,
يكون قد خالف القانون ويتعين لذلك قبول الطعن ونقض الحكم المطعون فيه نقضا جزئيا
فيما قضى به من عقوبة الغرامة وتصحيحه بحذفها.
ذات المبدأ في الطعن 1972
لسنة 28 جلسة (17/ 3/ 1959).