الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

السبت، 20 مارس 2021

الطعنان 6646 ، 6840 لسنة 80 ق جلسة 17 / 3 / 2014 مكتب فني 65 ق 68 ص 397

جلسة 17 من مارس سنة 2014
برئاسة السيد القاضي/ يحيى جلال نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة/ مجدي مصطفى، أحمد رشدي سلام، عصام توفيق نواب رئيس المحكمة وأحمد فاروق.
-----------------
(68)
الطعنان 6646 ، 6840 لسنة 80 القضائية
(1) ملكية "حق الملكية بوجه عام: القيود الواردة على حق الملكية: نزع الملكية للمنفعة العامة".
حماية الملكية الخاصة وحرمتها. اعتبارها من المقاصد الأساسية في أي نظام قانوني. م 805 مدني ومذكرتها التحضيرية. استثناء. نزع ملكيتها للمنفعة العامة مقابل تعويض عادل. مؤداه. نزع الملكية الخاصة جبرا عن أصحابها باستيفاء شرائطها مجتمعة. مناطه. القانون. علة ذلك. تخلف أحدها. أثره. صيرورة نزع الملكية غصبا وعدوانا على حق الملكية الخاصة.
(2 ، 3) إصلاح زراعي "المنازعات المتعلقة بالأراضي الزراعية: التعويض عن الأراضي الزراعية المستولى عليها".
(2) الحكم بعدم دستورية نص القرار بق رقم 104 لسنة 1964 بشأن أيلولة الأراضي الزراعية المستولى عليها تنفيذا لقانون تحديد الحد الأقصى للملكية الزراعية إلى الدولة دون مقابل والمواد 5 من ق 178 لسنة 1952، 4 من القرار بق 127 لسنة 1961 و9 من القرار بقانون رقم 50 لسنة 1969 بشأن أسس تقدير التعويض عن تلك الأراضي. مؤداه. وجوب التزام المحاكم بأعماله. علة ذلك.
(3) استيلاء الدولة على الأراضي الزائدة عن الحد الأقصى الذي يقرره القانون للملكية الزراعية. ماهيته. نزعا للملكية جبرا عن أصحابها. مناطه. وجوب خضوعه للقيود المنصوص عليها بمقتضى م 805 مدني. الحكم الصادر بعدم دستورية نصوص القوانين المحددة لأسس تقدير التعويض عن تلك الأراضي. مؤداه. سريان نص م 805 مدني بشأنها.
(4 - 9) إصلاح زراعي "التعويض عن الأراضي الزراعية المستولى عليها". تعويض "بعض صور التعويض: التعويض عن الأراضي الزراعية المستولى عليها". نزع الملكية "التعويض عن نزع الملكية".
(4) "مقابل تعويض عادل" الواردة في نص م 805 مدني. مفادها. وجوب تحقيق العدالة المطلقة في تقدير المقابل لحرمان المالك من ملكه والتأييد بأن ذلك المقابل مشتمل على ثمن العين المنزوع ملكيتها وكافة الأضرار التي تصيب المالك من جراء حرمانه من ملكه. مناطه. وجوب أن يكون التعويض جابرا لكافة الأضرار التي تلحق المضرور. علة ذلك.
(5) عدم بيان الأسس والضوابط لتقدير التعويض العادل عن نزع الملكية للمنفعة العامة بمقتضى م 805 مدني. مؤداه. وجوب تطبيق أحكام القانون العام. مناطه. تقدير التعويض المستحق عما لحق المضرور من خسارة وما فاته من كسب. م 221/ 1 مدني. تقدير التعويض بطريقة جزافية تحكمية. خطأ. علة ذلك.
(6) تقدير التعويض العادل للأرض المنزوع ملكيتها الزائدة عن الحد الأقصى. مناطه. القيمة الحقيقية للأرض المنزوع ملكيتها في تاريخ الاستيلاء والعناصر المادية والواقعية في تقدير قيمتها والتعويض عن كافة الأضرار اللاحقة بالمالك عن حرمانه من ملكه. علة ذلك.
(7) التعويض العادل. اعتباره شرطا لنزع الملكية جبرا عن أصحابها. تخلفه. اعتبار نزع ملكية الأراضي الزراعية الزائدة عن الحد الأقصى للملكية عدوانا على الملكية الخاصة وغصب يستوجب التعويض من الحكومة. علة ذلك. لصاحب الأرض المستولى عليها عن الحد الأقصى للملكية الزراعية الحق في قيمتها الحقيقية وقت الحكم في الدعوى وليس وقت الاستيلاء وطلب التعويض عن أية أضرار حاقت به جراء ذلك الاستيلاء.
(8) قيام المالك للأرض المستولى عليها الزائدة عن الحد الأقصى للملكية الزراعية بصرف تعويض من الجهة نازعة الملكية تقل عن القيمة الحقيقية للأرض. لازمه. وجوب استبعاد مساحة من الأرض تعادل تلك المبالغ التي تم صرفها محسوبة على أساس القيمة الحقيقية للأرض وقت الاستيلاء. مخالفة الحكم المطعون فيه ذلك وقضاؤه بتقدير التعويض المستحق للطاعن عن الأراضي موضوع التداعي المستولى عليها الزائدة عن الحد الأقصى للملكية الزراعية بقيمتها وقت الاستيلاء. خطأ ومخالفة للقانون.
(9) نعى الطاعن للحكم المطعون فيه بتقدير التعويض المستحق للطاعنين عن الأراضي المستولى عليها زائدا عن الحد الأقصى للملكية الزراعية بقيمتها وقت الاستيلاء دون قيمتها وقت الحكم. غير منتج. أثره. غير مقبول.
------------------
1 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن حماية الملكية الخاصة وحرمتها تعد من المقاصد الأساسية في أي نظام قانوني، فقد حرصت الدساتير المتعاقبة منذ دستور 1923م على النص بأن الملكية الخاصة مصونة، فلا تنزع إلا للمنفعة العامة ومقابل تعويض عادل، وقد تردد هذا النص في هذه الدساتير بمدلوله ومعناه، وإعمالا لهذا المبدأ الدستوري المستقر وتقنينا لقواعده نصت المادة 805 من القانون المدني على أنه "لا يجوز أن يحرم أحد من ملكه إلا في الأحوال التي يقررها القانون وبالطريقة التي يرسمها ويكون ذلك في مقابل تعويض عادل"، وقد كشفت الأعمال التحضيرية للقانون المدني عن أنه قصد بهذا النص "وضع قيود ثلاثة على حرمان المالك من ملكه دون رضاه: 1- لا يحرم المالك من ملكه إلا في حالة نص عليها القانون. 2- وبالطريقة التي رسمها القانون. 3- وبعد دفع تعويض عادل يستولى عليه مقدما قبل أن يتخلى عن ملكه "فأنشأ المشرع بذلك النص التزاما مصدره المباشر القانون الذي بين أركانه وحدد نطاقه ومداه، وفرض بموجبه على الحكومة ألا تنزع الملكية الخاصة جبرا عن أصحابها قبل استيفاء الشروط الثلاثة سالفة البيان مجتمعة، فإذا تخلف أحد هذه الشروط - التي هي في حقيقتها ضمانات تكفل حماية الملكية الخاصة - فإن نزع الملكية يصبح عملا من أعمال الغصب وعدوانا على حق الملكية الخاصة.
2 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - بأن قضاء المحكمة الدستورية في الطعن رقم 3 لسنة 1ق بعدم دستورية ما نص عليه القرار بقانون رقم 104 لسنة 1964 من أيلولة الأراضي الزراعية المستولى عليها تنفيذا لقانون تحديد الحد الأقصى للملكية الزراعية إلى الدولة دون مقابل، وفي الطعنين رقمي 24 لسنة 15ق، 28 لسنة 6ق بعدم دستورية نص المادة الخامسة من القانون رقم 178 لسنة 1952 والمادة الرابعة من القرار بقانون رقم 127 لسنة 1961 والمادة التاسعة من القرار بقانون رقم 50 لسنة 1969، فيما تضمنه من أسس تقدير التعويض عن الأراضي الزراعية التي جرى الاستيلاء عليها الزائدة عن الحد الأقصى للملكية الزراعية، وكان الحكم بعدم دستورية هذه النصوص لا ينصرف أثره إلى المستقبل فحسب، وإنما ينسحب على الوقائع والعلاقات السابقة على صدور الحكم بعدم دستوريتها ما لم تكن استقرت بحكم حائز قوة الأمر المقضي أو بانقضاء مدة التقادم، بما تنتفي معه صلاحيتها لترتيب أي أثر من تاريخ نفاذها، ويكشف عن وجود حكم قانوني مغاير واجب الإتباع كان معمولا به عند صدور هذه النصوص الباطلة، يتعين على المحاكم إعماله التزاما بحجية الحكم الصادر بعدم الدستورية.
3 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن استيلاء الحكومة على الأراضي الزراعية الزائدة عن الحد الأقصى للملكية هو نزع لملكية هذه الأراضي جبرا عن أصحابها يخضع للقيود المنصوص عليها في المادة 805 من القانون المدني سالفة البيان، فإن الحكم بعدم دستورية نصوص القوانين التي تحدد أسس تقدير التعويض عن هذه الأراضي يترتب عليه سريان نص المادة آنفة الذكر في هذا الخصوص.
4 - إذ كانت عبارة "مقابل تعويض عادل" الواردة في نص المادة 805 من القانون المدني لا تدل على رغبة المشرع في إظهار الحرص على وجوب توخي العدالة المطلقة في تقدير المقابل لحرمان المالك من ملكه فحسب بل التأكيد على أن هذا المقابل لا يقتصر على ثمن العين المنزوع ملكيتها، وإنما يشمل كافة الأضرار التي تصيب المالك من جزاء حرمانه من ملكه، باعتبار أن الأصل في التعويض أيا كان مصدر الالتزام به أن يكون جابرا لكافة الأضرار التي تلحق المضرور.
5 - إن خلو نص المادة 805 من القانون المدني من بيان أسس وضوابط تقدير التعويض العادل عن نزع الملكية، فإن أحكام القانون العام تكون هي الواجبة التطبيق، والتي تقضي- وفقا لنص المادة 221 /1 من القانون المدني بأن تقدير التعويض يناط بعنصرين قوامهما ما لحق المضرور من خسارة وما فاته من كسب، وكانت الحكومة قد قدرت التعويض المستحق لأصحاب الأراضي المستولى عليها الزائدة عن الحد الأقصى للملكية الزراعية بما يعادل عشرة أمثال القيمة الإيجارية، وتقدير هذه القيمة بسبعة أمثال الضريبة الأصلية المربوط بها الأرض، فإن تقدير التعويض بهذه الطريقة الجزافية التحكمية فضلا عن الوفاء المتراخي لآجال طويلة للقيمة المقدرة يتنافى مع مفهوم التعويض العادل عن الملك المنزوع الذي عناه المشرع، ويجافي الأسس التي ينبغي أن يقوم عليها تقدير التعويض العادل.
6 - إن الأسس التي يقوم عليها تقدير التعويض هي التي يجب تقدير التعويض بالقيمة الحقيقة للأرض المنزوع ملكيتها في تاريخ الاستيلاء بمراعاة نوع التربة وخصوبتها وطرق الري والصرف ونوع الاستغلال ومقدار الإنتاج والقرب أو البعد عن الأسواق العامة والمدن الهامة ووسائل المواصلات المتوفرة وغيرها من العناصر الواقعية التي تؤثر في تقدير قيمة الأرض، كما يشمل التعويض كافة الأضرار التي حاقت بالمالك الناجمة عن حرمانه من ملكه لأنه بذلك يتخذ التعويض صورته العادلة ويقوم مقام الحق ذاته ويعتبر بديلا عنه.
7 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن التعويض العادل- وعلى ما سلف بيانه- يعد شرطا لنزع الملكية جبرا عن أصحابها، فإن تخلفه يجعل نزع ملكية الأراضي الزراعية الزائدة عن الحد الأقصى للملكية عدوانا على الملكية الخاصة وعملا من أعمال الغصب يستوجب مسئولية الحكومة عن التعويض، ولا تعارض بين هذا النظر والقول بمشروعية تحديد الحد الأقصى للملكية الزراعية، لأن مشروعية هذا التحديد لا تغني عن إتباع الطريق الذي رسمه القانون واستيفاء الشروط التي حددها للاستيلاء على الأراضي الزراعية الزائدة عن الحد الأقصى ومنها التعويض العادل عنها، وكان اعتبار نزع ملكية هذه الأرض غصبا يستتبع أن يكون لصاحبها استرداد عين ملكه والتعويض عن المنفعة التي فاتت عليه من تاريخ الغصب حتى الرد، فإذا تعذر الرد أو اختار هو المطالبة بالتعويض، فإنه على الحالين يكون شأن المالك في المطالبة بالتعويض شأن المضرور من أي عمل غير مشروع له أن يطلب تعويض الضرر سواء في ذلك ما كان قائما وقت الغصب أو ما تفاقم من ضرر بعد ذلك حتى تاريخ الحكم، مما مؤداه أن لصاحب الأرض المستولى عليها الزائدة عن الحد الأقصى للملكية الزراعية الحق في قيمتها الحقيقية، كما صارت إليه وقت الحكم في الدعوى وليس وقت الاستيلاء أو أي وقت آخر، كما يكون له طلب التعويض عن أي ضرر آخر حاق به نتيجة هذا الاستيلاء.
8 - إن قام مالك الأرض بصرف مبالغ من الجهة نازعة الملكية تقل عن القيمة الحقيقة للأرض المستولى عليها، فإن اعتبارات العدالة توجب عند حساب التعويض المستحق له- وفقا للأسس سالفة البيان - أن تستبعد مساحة من الأرض تعادل المبالغ التي تم صرفها محسوبة على أساس القيمة الحقيقة للأرض وقت الاستيلاء، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقدر التعويض المستحق للطاعنين عن الأراضي موضوع التداعي المستولى عليها الزائدة عن الحد الأقصى للملكية الزراعية بقيمتها وقت الاستيلاء، فإنه يكون معيبا بمخالفة القانون والخطأ في تطبيقه.
9 - إذ كان الثابت أن قضاء محكمة النقض في الطعن رقم ... لسنة 80ق بنقض الحكم المطعون فيه لتقدير التعويض المستحق عن أطيان النزاع على أساس قيمتها وقت الاستيلاء عليها في حين أنه يجب تقديره وفقا لقيمتها وقت الحكم على ما سلف بيانه في الرد على أسباب ذلك الطعن، فإن ما يثيره الطاعن بسببي الطعن من مجادلة حول تقدير الحكم لقيمة الأطيان وقت الاستيلاء- أيا كان وجه الرأي فيه- يكون غير منتج، ومن ثم غير مقبول.
---------------
الوقائع
وحيث إن وقائع الطعن رقم ... لسنة 80ق - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعنين أقاموا على المطعون ضدهما بصفتيهما الدعوى رقم ... لسنة 2004 مدني جنوب القاهرة الابتدائية بطلب الحكم بإلزامهما بالتضامن بأن يؤديا إليهم مبلغ 1733260.50 جنيها، وقالوا بيانا للدعوى إن الهيئة المطعون ضدها قامت بالاستيلاء على مساحة 9س 3ط 48ف من الأطيان المملوكة لمورثهم الزائدة عن الحد الأقصى للملكية الزراعية وقدرت التعويض عنها وفقا لأسس خاطئة، وإذ قضت المحكمة الدستورية بعدم دستورية أسس تقدير التعويض المنصوص عليها في قانون الإصلاح الزراعي فقد أقاموا الدعوى بالطلبات سالفة البيان، ومحكمة أول درجة حكمت بعدم قبولها لرفعها على غير ذي كامل صفة. استأنف الطاعنون هذا الحكم أمام محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم ... لسنة 124ق، وبتاريخ 10/2/2010 قضت بإلزام المطعون ضده الأول بصفته بأن يؤدي للطاعنين تعويضا مقداره 41000 جنيه والفوائد القانونية بواقع 4% من تاريخ الحكم على أن يخصم منه ما سبق صرفه لهم.. طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقضه، كما طعن المطعون ضده الأول بطريق النقض بالطعن رقم ... لسنة 80ق، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفضه، وإذ عرض الطعنان على هذه المحكمة - في غرفة مشورة - قررت ضمهما للارتباط، وحددت جلسة لنظرهما، وفيها التزمت النيابة رأيها.
----------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعنين استوفيا أوضاعهما الشكلية.
وحيث إن حاصل ما ينعاه الطاعنون بالطعن رقم ... لسنة 80 ق على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه، ذلك بأنه قدر التعويض المستحق عن الأراضي الزراعية موضوع الدعوى، التي تم الاستيلاء عليها تنفيذا لقانون تحديد الحد الأقصى للملكية بما يعادل ثمنها وقت الاستيلاء في حين أن التعويض عن الغصب يكون على أساس قيمتها وقت الحكم، مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك بأنه لما كانت حماية الملكية الخاصة وحرمتها تعد من المقاصد الأساسية في أي نظام قانوني، فقد حرصت الدساتير المتعاقبة منذ دستور 1923م على النص بأن الملكية الخاصة مصونة، فلا تنزع إلا للمنفعة العامة ومقابل تعويض عادل، وقد تردد هذا النص في هذه الدساتير بمدلوله ومعناه، وإعمالا لهذا المبدأ الدستوري المستقر وتقنينا لقواعده نصت المادة 805 من القانون المدني على أنه "لا يجوز أن يحرم أحد من ملكه إلا في الأحوال التي يقررها القانون وبالطريقة التي يرسمها ويكون ذلك في مقابل تعويض عادل"، وقد كشفت الأعمال التحضيرية للقانون المدني عن أنه قصد بهذا النص" وضع قيود ثلاثة على حرمان المالك من ملكه دون رضاه: 1- لا يحرم المالك من ملكه إلا في حالة نص عليها القانون. 2- وبالطريقة التي رسمها القانون. 3- وبعد دفع تعويض عادل يستولى عليه مقدما قبل أن يتخلى عن ملكه "فأنشأ المشرع بذلك النص التزاما مصدره المباشر القانون الذي بين أركانه وحدد نطاقه ومداه، وفرض بموجبه على الحكومة ألا تنزع الملكية الخاصة جبرا عن أصحابها قبل استيفاء الشروط الثلاثة سالفة البيان مجتمعة، فإذا تخلف أحد هذه الشروط - التي هي في حقيقتها ضمانات تكفل حماية الملكية الخاصة- فإن نزع الملكية يصبح عملا من أعمال الغصب وعدوانا على حق الملكية الخاصة، وإذ قضت المحكمة الدستورية في الطعن رقم 3 لسنة 1ق بعدم دستورية ما نص عليه القرار بقانون رقم 104 لسنة 1964 من أيلولة الأراضي الزراعية المستولى عليها تنفيذا لقانون تحديد الحد الأقصى للملكية الزراعية إلى الدولة دون مقابل، وفي الطعنين رقمي 24 لسنة 15ق، 28 لسنة 6ق بعدم دستورية نص المادة الخامسة من القانون رقم 178 لسنة 1952 والمادة الرابعة من القرار بقانون رقم 127 لسنة 1961 والمادة التاسعة من القرار بقانون رقم 50 لسنة 1969، فيما تضمنه من أسس تقدير التعويض عن الأراضي الزراعية التي جرى الاستيلاء عليها الزائدة عن الحد الأقصى للملكية الزراعية، وكان الحكم بعدم دستورية هذه النصوص لا ينصرف أثره إلى المستقبل فحسب، وإنما ينسحب على الوقائع والعلاقات السابقة على صدور الحكم بعدم دستوريتها ما لم تكن استقرت بحكم حائز قوة الأمر المقضي أو بانقضاء مدة التقادم، بما تنتفي معه صلاحيتها لترتيب أي أثر من تاريخ نفاذها، ويكشف عن وجود حكم قانوني مغاير واجب الإتباع كان معمولا به عند صدور هذه النصوص الباطلة، يتعين على المحاكم إعماله التزاما بحجية الحكم الصادر بعدم الدستورية، وكان استيلاء الحكومة على الأراضي الزراعية الزائدة عن الحد الأقصى للملكية هو نزع لملكية هذه الأراضي جبرا عن أصحابها يخضع للقيود المنصوص عليها في المادة 805 من القانون المدني سالفة البيان، فإن الحكم بعدم دستورية نصوص القوانين التي تحدد أسس تقدير التعويض عن هذه الأراضي يترتب عليه سريان نص المادة آنفة الذكر في هذا الخصوص، وكانت عبارة "مقابل تعويض عادل" الواردة في نص المادة 805 من القانون المدني لا تدل على رغبة المشرع في إظهار الحرص على وجوب توخي العدالة المطلقة في تقدير المقابل لحرمان المالك من ملكه فحسب بل التأكيد على أن هذا المقابل لا يقتصر على ثمن العين المنزوع ملكيتها، وإنما يشمل كافة الأضرار التي تصيب المالك من جراء حرمانه من ملكه، باعتبار أن الأصل في التعويض أيا كان مصدر الالتزام به أن يكون جابرا لكافة الأضرار التي تلحق المضرور، وإذ خلا نص المادة 805 من القانون المدني من بيان أسس وضوابط تقدير التعويض العادل عن نزع الملكية، فإن أحكام القانون العام تكون هي الواجبة التطبيق، والتي تقضي- وفقا لنص المادة 221/1 من القانون المدني بأن تقدير التعويض يناط بعنصرين قوامهما ما لحق المضرور من خسارة وما فاته من كسب، وكانت الحكومة قد قدرت التعويض المستحق لأصحاب الأراضي المستولى عليها الزائدة عن الحد الأقصى للملكية الزراعية بما يعادل عشرة أمثال القيمة الإيجارية، وتقدير هذه القيمة بسبعة أمثال الضريبة الأصلية المربوط بها الأرض، فإن تقدير التعويض بهذه الطريقة الجزافية التحكمية فضلا عن الوفاء المتراخي لآجال طويلة للقيمة المقدرة يتنافى مع مفهوم التعويض العادل عن الملك المنزوع الذي عناه المشرع، ويجافي الأسس التي ينبغي أن يقوم عليها تقدير التعويض العادل، والذي يوجب تقدير التعويض بالقيمة الحقيقة للأرض المنزوع ملكيتها في تاريخ الاستيلاء بمراعاة نوع التربة وخصوبتها وطرق الري والصرف ونوع الاستغلال ومقدار الإنتاج والقرب أو البعد عن الأسواق العامة، والمدن الهامة ووسائل المواصلات المتوفرة وغيرها من العناصر الواقعية التي تؤثر في تقدير قيمة الأرض، كما يشمل التعويض كافة الأضرار التي حاقت بالمالك الناجمة عن حرمانه من ملكه لأنه بذلك يتخذ التعويض صورته العادلة ويقوم مقام الحق ذاته ويعتبر بديلا عنه، وإذ كان التعويض العادل- وعلى ما سلف بيانه- يعد شرطا لنزع الملكية جبرا عن أصحابها فإن تخلفه يجعل نزع ملكية الأراضي الزراعية الزائدة عن الحد الأقصى للملكية عدوانا على الملكية الخاصة وعملا من أعمال الغصب يستوجب مسئولية الحكومة عن التعويض، ولا تعارض بين هذا النظر والقول بمشروعية تحديد الحد الأقصى للملكية الزراعية، لأن مشروعية هذا التحديد لا تغني عن إتباع الطريق الذي رسمه القانون واستيفاء الشروط التي حددها للاستيلاء على الأراضي الزراعية الزائدة عن الحد الأقصى ومنها التعويض العادل عنها، وكان اعتبار نزع ملكية هذه الأرض غصبا يستتبع أن يكون لصاحبها استرداد عين ملكه والتعويض عن المنفعة التي فاتت عليه من تاريخ الغصب حتى الرد، فإذا تعذر الرد أو اختار هو المطالبة بالتعويض، فإنه على الحالين يكون شأن المالك في المطالبة بالتعويض شأن المضرور من أي عمل غير مشروع له أن يطلب تعويض الضرر سواء في ذلك ما كان قائما وقت الغصب أو ما تفاقم من ضرر بعد ذلك حتى تاريخ الحكم، مما مؤداه أن لصاحب الأرض المستولى عليها الزائدة عن الحد الأقصى للملكية الزراعية الحق في قيمتها الحقيقية، كما صارت إليه وقت الحكم في الدعوى وليس وقت الاستيلاء أو أي وقت آخر، كما يكون له طلب التعويض عن أي ضرر آخر حاق به نتيجة هذا الاستيلاء، وإذا قام مالك الأرض بصرف مبالغ من الجهة نازعة الملكية تقل عن القيمة الحقيقة للأرض المستولى عليها، فإن اعتبارات العدالة توجب عند حساب التعويض المستحق له- وفقا للأسس سالفة البيان- أن تستبعد مساحة من الأرض تعادل المبالغ التي تم صرفها محسوبة على أساس القيمة الحقيقة للأرض وقت الاستيلاء، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقدر التعويض المستحق للطاعنين عن الأراضي موضوع التداعي المستولى عليها الزائدة عن الحد الأقصى للملكية الزراعية بقيمتها وقت الاستيلاء، فإنه يكون معيبا بمخالفة القانون والخطأ في تطبيقه بما يوجب نقضه.

وحيث إن الطعن رقم ... لسنة 80ق أقيم على سببين ينعي بهما الطاعن على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والخطأ في تطبيق القانون، إذ قدر التعويض عن الأطيان المستولى عليها الزائدة عن الحد الأقصى بمبلغ 49 ألف جنيه في حين أن قيمتها السوقية- وقت الاستيلاء عليها وفقا لما انتهى إليه الخبير المنتدب- مبلغ 12035 جنيها، مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذه المحكمة قد قضت في الطعن رقم ... لسنة 80ق بنقض الحكم المطعون فيه لتقدير التعويض المستحق عن أطيان النزاع على أساس قيمتها وقت الاستيلاء عليها في حين أنه يجب تقديره وفقا لقيمتها وقت الحكم على ما سلف بيانه في الرد على أسباب ذلك الطعن، فإن ما يثيره الطاعن بسببي الطعن من مجادلة حول تقدير الحكم لقيمة الأطيان وقت الاستيلاء- أيا كان وجه الرأي فيه - يكون غير منتج، ومن ثم غير مقبول

الطعنان 14243 ، 14024 لسنة 82 ق جلسة 17 / 3 / 2014 مكتب فني 65 ق 69 ص 407

جلسة 17 من مارس سنة 2014
برئاسة السيد القاضي/ حسن حسن منصور نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة/ محمد عبد الراضي، علي معوض، نصر ياسين وياسر نصر نواب رئيس المحكمة.
---------------
(69)
الطعنان 14243 ، 14024 لسنة 82 القضائية
(1 - 3) نقض "الخصوم في الطعن بالنقض".
(1) الخصم الذي لم توجه إليه طلبات وعدم القضاء له أو عليه بشيء. مؤداه. عدم اعتباره خصما حقيقيا. أثره. عدم قبول اختصامه في الطعن بالنقض.
(2) الخصم المطلوب الحكم في مواجهته وعدم القضاء له أو عليه بشيء. أثره. عدم اعتباره خصما حقيقيا.
(3) اختصام المطعون ضده الرابع في الطعن الأول والثالث في الطعن الثاني بصفته ليصدر الحكم في مواجهته. قضاء الحكم المطعون فيه بعدم قبول الدعوى بالنسبة له لرفعها على غير ذي صفة وعدم القضاء له أو عليه بشيء وعدم تعلق أسباب الطعن به. أثره. عدم جواز اختصامه في الطعن.
(4 - 6) تضامن "الالتزام بالتضامن: التزام صاحب العمل بالتضامن مع المقاول". مقاولة "عقد المقاولة: أركانه وشروط انعقاده".
(4) وجوب إخطار رب العمل بمجاوزة المقايسة المقدرة. شرطه. عدم علمه بتلك المجاوزة أو توقعها. للمقاول الحق في استرداد ما جاوز به قيمة المقايسة من نفقات استنادا لسعر الوحدة المتفق عليه في العقد. م 657 مدني. تقدير مدى العلم بالمجاوزة أو توقعها عند التعاقد. خضوعه لسلطة محكمة الموضوع دون رقابة عليها.
(5) المقاول الأصلي. له أن يقاول من الباطن في كل العمل أو جزء منه. شرطه. عدم وجود مانع في العقد. عقد المقاولة تنظيمه للعلاقة بين المقاول الأصلي والمقاول من الباطن باعتبار الأول رب العمل. أثره. التزامه بدفع الأجر إلى المقاول من الباطن. عدم الاتفاق على مقدار الأجر. تقديره. الرجوع في تحديده إلى قيمة العمل ونفقاته. إبرام عقد المقاولة بأجر على أساس تصميم اتفق عليه رب العمل. مؤداه. عدم جواز المطالبة بأي زيادة في الأجر. الاستثناء. أن يكون مأذونا به منه أو رجوع الخطأ إلى رب العمل. تقدير توفرهما وأثره في المطالبة بالزيادة. من سلطة محكمة الموضوع. المواد 658، 659 و661 مدني.
(6) تمسك الطاعن بصفته أمام محكمة الموضوع ببطلان تقرير الخبير لعدم تقديم عقد المقاول الأصلي والمستندات لبيان حقيقة الأعمال المتعاقد عليها أمامه. دفاع جوهري. قضاء الحكم المطعون فيه بتأييد الحكم الابتدائي بإلزام الطاعنين في الطعنين بصفتيهما بالتضامن بأن يؤديا المبالغ المحكوم بها للمطعون ضده الأول استنادا إلى تقرير الخبير وقيامه بأعمال إضافية مستجدة غير واردة بالعقد المبرم بينه وبين الشركة الطاعنة أو بين الشركة الأخيرة والهيئة صاحبة العمل متحجبا عن بحث ذلك الدفاع. خطأ وقصور وفساد. علة ذلك.
------------------
1 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أنه لا يكفي أن يكون المطعون عليه طرفا في الخصومة أمام المحكمة التي أصدرت الحكم المطعون فيه بل يجب أن يكون خصما حقيقيا وجهت إليه طلبات من خصمه أو وجه هو طلبات إليه، وأنه بقى على منازعته معه، ولم يتخل عنها حتى صدور الحكم فيها.
2 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن الخصم الذي لم يطلب سوى الحكم في مواجهته، ولم يقض له أو عليه بشيء ليس خصما حقيقيا.
3 - إذ كان البين من الأوراق أن مرفق الصرف الصحي المطعون ضده الرابع في الطعن الأول والمطعون ضده الثالث في الطعن الثاني قد اختصم ليصدر الحكم في مواجهته، ولم توجه إليه أي طلبات، ووقف من الخصومة موقفا سلبيا، ولم يقض له أو عليه بشيء، وكانت الشركة ... التي يمثلها المطعون ضده الثالث في الطعن الأول والرابع في الطعن الثاني، قد قضى الحكم المطعون فيه بإلغاء الحكم المستأنف بالنسبة لهما، وعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة، ولم يقض بشيء عليها أو على المطعون ضده الخامس في الطعن الأول، كما لم تؤسس أي من الشركتين الطاعنتين طعنهما، على أسباب تتعلق بأي من هؤلاء الثلاثة المطعون ضدهم سالفي الذكر، فإنه لا يجوز اختصامهم في الطعنين الماثلين، ويكون بالنسبة لهم غير مقبولين.
4 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن النص في الفقرة الأولى من المادة 657 من القانون المدني يدل على أن الحكمة التي توخاها المشرع من الإخطار، هي عدم مفاجأة رب العمل، بمجاوزة المقايسة المقدرة، مجاوزة لم يكن يتوقعها، ولم يدخلها في حسابه، فإذا كان يعلم بهذه المجاوزة أو يتوقعها عند التعاقد، فلا حاجة لوجوب هذا الإخطار، ويبقى للمقاول الحق في استرداد ما جاوز به قيمة المقايسة من نفقات، على أساس سعر الوحدة المتفق عليه في العقد، وأن تقدير مدى العلم بالمجاوزة أو توقعها عند التعاقد، يخضع لسلطة محكمة الموضوع، دون رقابة عليها في ذلك.
5 - إن النص في الفقرة الأولى من المادة 658 والمادة 661 من القانون المدني مفادهما أن للمقاول أن يقاول من الباطن في كل العمل أو جزء منه، ما لم يوجد شرط في العقد يمنعه من ذلك، وأن العلاقة ما بين المقاول الأصلي والمقاول من الباطن هي علاقة رب عمل بمقاول، ينظمها عقد المقاولة من الباطن فيكون المقاول الأصلي بالنسبة إلى المقاول من الباطن رب عمل، عليه جميع التزامات رب العمل، ويكون المقاول من الباطن بالنسبة للمقاول الأصلي مقاولا، عليه جميع التزامات المقاول، وأن المقاول الأصلي يلتزم بدفع الأجر إلى المقاول من الباطن وفقا للاتفاق فيما بينها، فإن لم يكن هناك اتفاق على مقدار الأجر، وجب الرجوع في تحديد هذا المقدار إلى قيمة العمل الذي قام به المقاول من الباطن والنفقات التي صرفها في إنجازه وفقا للمادة 659 من القانون المدني، وأنه إذا أبرم عقد المقاولة، سواء بين رب العمل والمقاول الأصلي، أو بين هذا الأخير والمقاول من الباطن، بأجر على أساس تصميم اتفق عليه مع رب العمل، فليس للمقاول الأصلي أو المقاول من الباطن أن يطالب بأية زيادة في الأجر، ولو حصل في هذا التصميم تعديل أو إضافة إلا أن يكون ذلك راجعا إلى خطأ رب العمل، أو يكون مأذونا به، منه، واتفق مع المقاول على أجره، وتقدير توفر كل من خطأ رب العمل وإذنه بالتعديل أو الإضافة في التصميم، وأثر ذلك في المطالبة بالزيادة في الأجر المتفق عليه، يخضع لسلطة محكمة الموضوع، دون رقابة عليها في ذلك.
6 - إذ كان الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه، قد أقام قضاءه بإلزام الطاعنين في الطعنين بصفتيهما بالتضامن بأن يؤديا المبالغ ضده الأول على ما اطمأن إليه من تقرير الخبير المنتدب في الدعوى، والذي انتهى إلى أن المطعون ضده الأول قام بالأعمال الثابتة بالصحيفة، وأن جميع هذه الأعمال إضافية مستجدة، لم ترد بالعقد المبرم بينه وبين الشركة الطاعنة، أو بالعقد المبرم بينها وبين الشركة الطاعنة في الطعن المنضم، أو بالعقد المبرم بين هذه الأخيرة وبين الهيئة صاحبة العمل، رغم أن الثابت بالأوراق وعلى ما حصله هذا الحكم أخذا من هذا التقرير، من أن العلاقة بين الشركة الطاعنة والمطعون ضده الأول كمقاول من الباطن تعاقدية، بموجبها أسندت إليه أعمال عدايات السكة الحديد، ومنها العداية رقم (1) بالدويقة، وذلك مقابل أن تدفع له مبلغ 1300000 جنيه، ومن ثم فلا يجوز للمطعون ضده الأول أن يطالب الشركة الطاعنة بأية مبالغ زيادة عن هذا الأجر المتفق عليه بينهما، إذا حدث إضافة أو تعديل في التصميم، ما لم يثبت أن ذلك كان راجعا إلى خطأ هذه الشركة أو يكون مأذونا به منها، وهو ما لم يستظهره الحكم المطعون فيه، ولا يصلح ردا عليه، ما أورده بأسباب من أن ما تم ومن أعمال إضافية كان بإذن الشركة الطاعنة، التي وكلت المطعون ضده الأول بتنفيذها بعد أن تقاعست الهيئة صاحبة العمل عن دفع مستحقاته، وإذ لم يبين هذا المصدر الذي استقى منه هذه الوكالة، لا سيما وأن الأوراق خلت من أي إخطار من المطعون ضده الأول للشركة الطاعنة بوجود مجاوزة محسوسة في المقايسة المقدرة بالاتفاق بينهما، وإذ كان الطاعن بصفته قد تمسك أمام محكمة الموضوع بدرجتيها، بعدم تقديم عقد المقاول الأصلي أمام الخبير المنتدب في الدعوى، وعدم تقديم أصول المستخلصات النهائية ومحاضر التسليم الابتدائي والنهائي، لبيان حقيقة الأعمال المتعاقد عليها، وأن تقرير الخبير الحالي باطل، وفي التقارير الفنية المقدمة بالأوراق ما يغني عنه، إلا أن الحكم المطعون فيه لم يلتفت إلى هذا الدفاع الجوهري، ولم يقسطه حقه إيرادا وردا، بما يعيبه بالقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال، الذي جره إلى الخطأ في تطبيق القانون.
---------------
الوقائع
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضده الأول في الطعنين أقام الدعوى رقم ... لسنة 2002 مدني كلي جنوب القاهرة على الطاعنين في الطعنين والمطعون ضدهما الثالث والرابع فيهما بصفاتهم، بطلب الحكم بإلزام شركة .... (الطاعنة في الطعن الثاني) والشركة ... (المطعون ضدها الرابعة في ذات الطعن، والمطعون ضدها الثالثة في الطعن الأول)، وذلك في مواجهة شركة .... (الطاعنة في الطعن الأول) ومرفق الصرف الصحي (المطعون ضده الرابع في ذات الطعن) بأن يؤديا له مبلغ أربعة ملايين وتسعمائة وتسعة عشر ألفا وثمانمائة وأربعين جنيها، بالإضافة إلى الفوائد بواقع 16% من تاريخ الامتناع عن الأداء حتى تاريخ الأداء، وقال بيانا لذلك إنه بموجب عقد مقاولة من الباطن مؤرخ 19/1/1998 تم التعاقد بينه وبين شركة ... (الطاعنة في الطعن الثاني) على تنفيذ أعمال العدايات أسفل خط السكة الحديد، بطريق الدفع الهيدرولكي لمواسير خرسانية قطر 1800مم، طبقا لشروط هذا العقد لصالح شركة ... (الطاعنة في الطعن الأول) والمسندة إليها من هيئة ... (المطعون ضدها الطعنين)، وذلك بمبلغ إجمالي مليون وثلاثمائة ألف جنيه، وبتخفيض 22% ليصبح سعرها مليونا وأربعة عشر ألف جنيه، وأثناء قيامه- المطعون ضده الأول في الطعنين- بالتنفيذ طلبت منه- الهيئة- المطعون ضدها ( ... ) تغيير المواصفات، بزيادة قطر الماسورة من 1800 مم إلى 2000 مم، كما طلبت بموافقة الطاعنين في الطعنين والمطعون ضدهم جميعا تنفيذ أعمال إضافية يتطلبها التعديل، وأن هذه الأعمال لم يتم الاتفاق عليها في عقد المقاولة، ولم تدرج بجدول الكميات والأسعار الملحقة بالعقد، فقام بتنفيذ تلك الأعمال للعداية رقم (1) طبقا للمواصفات المعدلة، مما أدى إلى أن تكون القيمة الحقيقية لتكلفة فروق تغيير القطر، مبلغ اثنين مليون وأربعمائة وثمانية وسبعين ألفا وستمائة وستة وستين جنيها، وبمطالبته لشركة ... (الطاعنة في الطعن الثاني) بهذه القيمة وماطلت في السداد، مما أصابه بأضرار مادية بسبب حبس مستحقاته، فلم يتمكن من سداد ما اقترضه من البنك، فأقام الدعوى وأثناء نظرها عدل المطعون ضده الأول طلباته، إلى إلزام شركة ... (الطاعنة في الطعن الثاني، والشركة ... (المطعون ضدها الرابعة في الطعن الثاني والثالثة في الطعن الأول) بأن يؤديا له مبلغ خمسة ملايين وسبعمائة وثمانية آلاف وثمانية وأربعين جنيها، والفوائد بواقع 16% من تاريخ الامتناع عن الأداء. ندبت المحكمة خبيرا في الدعوى، وبعد أن أودع تقريره- وأثناء نظرها- تدخل المطعون ضده الخامس في الطعن الأول هجوميا بصحيفة، طلب في ختامها الحكم برد وبطلان وحذف التعديل والإضافة التي قام بها المطعون ضده الأول، ثم عدل هذا الأخير- المطعون ضده الأول- طلباته بصحيفة إلى طلب إلزام شركة ... (الطاعنة في الطعن الثاني) والشركة ... (المطعون ضدها الرابعة في الطعن الثاني) بالتضامن بدفع مبلغ سبعة ملايين وخمسمائة وعشرة آلاف وخمسمائة وأحد عشر جنيها، والفوائد المحتسبة بمعرفة بنك ... -فرع صلاح سالم- وإلزامها بالتعويض المادي والأدبي، كما أقامت شركة ... (الطاعنة في الطعن الأول) دعوى فرعية على كل من شركة ... (الطاعنة في الطعن الثاني) والمطعون ضده الأول في الطعنين، بطلب الحكم برفض الدعوى الأصلية، واحتياطيا إلزام شركة ... (الطاعنة في الطعن الثاني) بما عسى أن يقضي به نهائيا لصالح المطعون ضده الأول. حكمت المحكمة بتاريخ 29/3/2005 في الدعوى الأصلية بإلزام الشركتين .... و.... الطاعنين في الطعنين والشركة ... المطعون ضدها الثالثة في الطعن الأول والرابعة في الطعن الثاني بأن يؤدوا بالتضامن فيما بينهم للمطعون ضده الأول في الطعنين مبلغ سبعة ملايين وخمسمائة وعشر آلاف وسبعمائة وأحد عشر جنيها، قيمة المستحق له من الأعمال الأصلية والإضافية، بعد خصم المبالغ السابق صرفها له ومبلغ ثمانمائة وسبعين ألفا وأربعمائة واثنين وعشرين جنيها رصيد مدين مستحق على المطعون ضده الأول لصالح بنك ...، وإلزامهم بأن يؤدوا له مبلغ خمسة آلاف جنيه تعويضا، وفي الدعوى الفرعية بإلزام شركة ... - الطاعنة في الطعن الثاني-، بما عسى أن يقضي به عليها للمطعون ضده الأول. استأنف المطعون ضده الأول هذا الحكم بالاستئناف رقم ... لسنة 122ق القاهرة، كما استأنفته الشركة ... (المطعون ضدها الثالثة في الطعن الأول والرابعة في الطعن الثاني) بالاستئناف رقم... لسنة 122ق، كما استأنفته شركة ... (الطاعنة في الطعن الأول) بالاستئناف رقم ... لسنة 122ق، كما استأنفته شركة ...(الطاعنة في الطعن الثاني) بالاستئناف رقم ... لسنة 122ق، وبعد أن ضمت المحكمة هذه الاستئنافات، قضت بتاريخ 26/6/2012 في الاستئناف رقم ... لسنة 122ق بإلغاء الحكم المستأنف، والقضاء بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي صفة، وفي الاستئنافات الثلاثة الأخرى بتأييد الحكم المستأنف. طعنت شركة... في هذا الحكم بطريق النقض بالطعن رقم ... لسنة 82 ق، وطعنت شركة ... على ذات الحكم بطريق النقض بالطعن رقم ... لسنة 82ق، وأودعت النيابة مذكرة في الطعن الأول دفعت فيها بعدم قبوله لعدم إيداع الشركة الطاعنة صورة من الحكم الابتدائي، وعدم قبوله بالنسبة للمطعون ضدهم الثالث والرابع بصفتيهما والخامس، وأبدت الرأي برفض الطعن، وقدمت مذكرة في الطعن الثاني، ودفعت فيها بعدم قبول الطعن بالنسبة للمطعون ضدهما الثالث والرابع بصفتيهما، وأبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه، وإذ عرض الطعنان على هذه المحكمة - في غرفة مشورة - حددت جلسة لنظرهما، وفيها قررت المحكمة ضمهما، والتزمت النيابة رأيها.
-----------------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
وحيث إن مبنى الدفع المبدى من النيابة، بعدم قبول الطعن بالنسبة للمطعون ضدهما الثالث والرابع بصفتيهما في الطعن رقم ... لسنة 82ق، والثالث والرابع بصفتيهما والخامس في الطعن رقم ... لسنة 82ق، أن كلا منهم ليس خصما حقيقيا في الدعوى، فلم توجه منهم أو إليهم أي طلبات فيهما، ولم يقض لهم أو عليهم بشيء.
وحيث إن هذا الدفع سديد، ذلك بأن المقرر- في قضاء هذه المحكمة- أنه لا يكفي أن يكون المطعون عليه طرفا في الخصومة أمام المحكمة التي أصدرت الحكم المطعون فيه بل يجب أن يكون خصما حقيقيا وجهت إليه طلبات من خصمه أو وجه هو طلبات إليه، وأنه بقى على منازعته معه، ولم يتخل عنها حتى صدور الحكم فيها، وأن الخصم الذي لم يطلب سوى الحكم في مواجهته، ولم يقض له أو عليه بشيء ليس خصما حقيقيا. لما كان ذلك، وكان البين من الأوراق أن مرفق الصرف الصحي المطعون ضده الرابع في الطعن الأول والمطعون ضده الثالث في الطعن الثاني قد اختصم ليصدر الحكم في مواجهته، ولم توجه إليه أي طلبات، ووقف من الخصومة موقفا سلبيا، ولم يقض له أو عليه بشيء، وكانت الشركة ... التي يمثلها المطعون ضده الثالث في الطعن الأول والرابع في الطعن الثاني، قد قضى الحكم المطعون فيه بإلغاء الحكم المستأنف بالنسبة لهما وعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة، ولم يقض بشيء عليها أو على المطعون ضده الخامس في الطعن الأول، كما لم تؤسس أي من الشركتين الطاعنتين طعنهما على أسباب تتعلق بأي من هؤلاء الثلاثة المطعون ضدهم سالفي الذكر، فإنه لا يجوز اختصامهم في الطعنين الماثلين، ويكون بالنسبة لهم غير مقبولين.
وحيث إنه فيما عدا ما تقدم فإن الطعنين يكونان قد استوفيا أوضاعهما الشكلية.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن بصفته في الطعن الثاني ... لسنة 82ق على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم قضى بتأييد الحكم الابتدائي، القاضي بإلزامه بصفته بالتضامن مع الطاعن بصفته في الطعن المنضم، بأن يؤدي للمطعون ضده الأول المبلغ المقضي به، على سند مما انتهى إليه تقرير الخبير المنتدب في الدعوى، من أن هذا الأخير قام بالأعمال الثابتة بالصحيفة، وهي أعمال إضافية مستجدة، لم ترد بالعقد المبرم بينه وبين الشركة التي يمثلها الطاعن بصفته، أو العقود السابقة عليه المحررة بين المقاول من الباطن والمقاول الأصلي والهيئة ربة العمل، رغم أنه بصفته تمسك أمام محكمة الاستئناف بالطعن بالتزوير على الاشتراطات الخاصة بالعقد الأصلي، والتي تنطوي على شطب وإضافة وتعديل في بعض بنوده، وهذا العقد لم يتم تقديمه من أحد أطرافه أمام الخبير المنتدب في الدعوى، ولم تقدم أصول المستخلصات النهائية ومحاضر التسليم الابتدائي والنهائي لبيان حقيقة الأعمال المتعاقد عليها، كما تمسك بأن المطعون ضده الأول لم يقم بتنفيذ أية أعمال إضافية ناشئة عن عقد المقاولة المبرم بينهما، كما أنه لم يسند إليه القيام بأية أعمال إضافية خارج نطاق هذا العقد، بحيث يصير له الحق في مطالبته بقيمتها، ولم يقدم دليلا على وجود اتفاق بين جميع أطراف النزاع، أو أوامر إسناد بخصوص هذه الأعمال الإضافية، أو على قيام هيئة الصرف الصحي صاحبة المشروع بدفع أية مبالغ مالية ناشئة عن هذا العقد، الأمر الذي تكون معه هذه الأعمال الإضافية جاءت خارج نطاق عقد المقاولة، خلافا لما تقرره المادة 658 من القانون المدني، إلا أن الحكم المطعون فيه خالف هذا النظر، ولم يلتزم ببنود العقد، الذي يحكم العلاقة بين طرفي النزاع، ولم يبحث ويحقق ذلك الدفاع الجوهري، وأخذ بتقرير الخبير الحسابي رغم ما وجه إليه من مطاعن، واطرح التقارير الفنية المقدمة بالأوراق، بما يعيب هذا الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك بأنه من المقرر- في قضاء هذه المحكمة- أن النص في الفقرة الأولى من المادة 657 من القانون المدني على أنه "إذا أبرم عقد بمقتضى مقايسة على أساس الوحدة، وتبين في أثناء العمل أن من الضروري لتنفيذ هذا التصميم المتفق عليه، مجاوزة المقايسة المقدرة، مجاوزة محسوسة، وجب على المقاول أن يخطر في الحال رب العمل بذلك، مبينا مقدار ما يتوقعه من زيادة في الثمن، فإن لم يفعل سقط حقه في استرداد ما جاوز به قيمة المقايسة من نفقات، يدل على أن الحكمة التي توخاها المشرع من الأخطار هي عدم مفاجأة رب العمل لمجاوزة المقايسة المقدرة مجاوزة لم يكن يتوقعها، ولم يدخلها في حسابه، فإذا كان يعلم بهذه المجاوزة أو يتوقعها عند التعاقد، فلا حاجة لوجوب هذا الإخطار، ويبقى للمقاول الحق في استرداد ما جاوز به قيمة المقايسة من نفقات على أساس سعر الوحدة المتفق عليه في العقد، وأن تقدير مدى العلم بالمجاوزة أو توقعها عند التعاقد يخضع لسلطة محكمة الموضوع دون رقابة عليها في ذلك. لما كان ذلك، وكان النص في الفقرة الأولى من المادة 658 من ذات القانون على أنه "إذا أبرم العقد بأجر إجمالي على أساس تصميم اتفق عليه مع رب العمل، فليس للمقاول أن يطالب بأية زيادة في الأجر، ولو حدث في هذا التصميم تعديل أو إضافة، إلا أن يكون ذلك راجعا إلى خطأ من رب العمل أو يكون مأذونا به منه، واتفق مع المقاول على أجره، وأن النص في المادة 661 من ذات القانون على أنه "يجوز للمقاول أن يكمل تنفيذ العمل في جملته أو في جزء منه إلى مقاول من الباطن "ومفاد ذلك أن للمقاول أن يقاول من الباطن في كل العمل أو جزء منه ما لم يوجد شرط في العقد يمنعه من ذلك، وأن العلاقة ما بين المقاول الأصلي والمقاول من الباطن هي علاقة رب عمل بمقاول ينظمها عقد المقاولة من الباطن، فيكون المقاول الأصلي بالنسبة إلى المقاول من الباطن رب عمل، عليه جميع التزامات رب العمل، ويكون المقاول من الباطن بالنسبة للمقاول الأصلي مقاولا، عليه جميع التزامات المقاول، وأن المقاول الأصلي يلتزم بدفع الأجر إلى المقاول من الباطن وفقا للاتفاق فيما بينهما، فإن لم يكن هناك اتفاق على مقدار الأجر، وجب الرجوع في تحديد هذا المقدار إلى قيمة العمل الذي قام به المقاول من الباطن والنفقات التي صرفها في إنجازه وفقا للمادة 659 من القانون المدني، وأنه إذا أبرم عقد المقاولة، سواء بين رب العمل والمقاول الأصلي، أو بين هذا الأخير والمقاول من الباطن، بأجر على أساس تصميم اتفق عليه مع رب العمل، فليس للمقاول الأصلي أو المقاول من الباطن أن يطالب بأية زيادة في الأجر، ولو حصل في هذا التصميم تعديل أو إضافة إلا أن يكون ذلك راجعا إلى خطأ رب العمل، أو يكون مأذونا به منه، واتفق مع المقاول على أجره، وتقدير توفر كل من خطأ رب العمل وإذنه بالتعديل أو الإضافة في التصميم، وأثر ذلك في المطالبة بالزيادة في الأجر المتفق عليه يخضع لسلطة محكمة الموضوع، دون رقابة عليها في ذلك. لما كان ذلك، وكان الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بإلزام الطاعنين في الطعنين بصفتيهما بالتضامن بأن يؤديا المبالغ المحكوم بها للمطعون ضده الأول على ما اطمأن إليه من تقرير الخبير المنتدب في الدعوى، والذي انتهى إلى أن المطعون ضده الأول قام بالأعمال الثابتة بالصحيفة، وأن جميع هذه الأعمال إضافية مستجدة لم ترد بالعقد المبرم بينه وبين الشركة الطاعنة، أو بالعقد المبرم بينها وبين الشركة الطاعنة في الطعن المنضم، أو بالعقد المبرم بين هذه الأخيرة وبين الهيئة صاحبة العمل، رغم أن الثابت بالأوراق وعلى ما حصله هذا الحكم أخذا من هذا التقرير من أن العلاقة بين الشركة الطاعنة والمطعون ضده الأول كمقاول من الباطن تعاقدية، بموجبها أسندت إليه أعمال عدايات السكة الحديد، ومنها العداية رقم (1) بالدويقة، وذلك مقابل أن تدفع له مبلغ 1300000 جنيه، ومن ثم فلا يجوز للمطعون ضده الأول أن يطالب الشركة الطاعنة بأية مبالغ زيادة عن هذا الأجر المتفق عليه بينهما، إذا حدث إضافة أو تعديل في التصميم، ما لم يثبت أن ذلك كان راجعا إلى خطأ هذه الشركة أو يكون مأذونا به منها، وهو ما لم يستظهره الحكم المطعون فيه، ولا يصلح ردا عليه ما أورده بأسباب من أن ما تم من أعمال إضافية كان بإذن الشركة الطاعنة، التي وكلت المطعون ضده الأول بتنفيذها بعد أن تقاعست الهيئة صاحبة العمل عن دفع مستحقاته، وإذ لم يبين هذا المصدر الذي استقى منه هذه الوكالة، ولا سيما وأن الأوراق خلت من أي إخطار من المطعون ضده الأول للشركة الطاعنة بوجود مجاوزة محسوسة في المقايسة المقدرة بالاتفاق بينهما، وإذ كان الطاعن بصفته قد تمسك أمام محكمة الموضوع بدرجتيها بعدم تقديم عقد المقاول الأصلي أمام الخبير المنتدب في الدعوى، وعدم تقديم أصول المستخلصات النهائية ومحاضر التسليم الابتدائي والنهائي لبيان حقيقة الأعمال المتعاقد عليها، وأن تقرير الخبير الحالي باطل، وفي التقارير الفنية المقدمة بالأوراق ما يغني عنه، إلا أن الحكم المطعون فيه لم يلتفت إلى هذا الدفاع الجوهري، ولم يقسطه حقه إيرادا وردا، بما يعيبه بالقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال، الذي جره إلى الخطأ في تطبيق القانون، مما يوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة إلى بحث باقي أسباب الطعن، على أن يكون مع النقض الإحالة.
لما كان الحكم المطعون فيه قد صدر في التزام بالتضامن، فإن نقض الحكم المطعون فيه بالنسبة للطاعن بصفته في الطعن رقم ... لسنة 82ق يستتبع نقض الحكم في الطعن رقم ... لسنة 82ق والمنضم إليه.

الجمعة، 19 مارس 2021

الطعن 12105 لسنة 82 ق جلسة 23 / 4 / 2014 مكتب فني 65 ق 97 ص 576

جلسة 23 من إبريل سنة 2014
برئاسة السيد القاضي/ حسني عبد اللطيف نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة/ أحمد سعيد السيسي، ربيع محمد عمر ومحمد شفيع الجرف نواب رئيس المحكمة وضياء الدين عبد المجيد.
-------------
(97)
الطعن 12105 لسنة 82 القضائية
(1) نقض "الطعن بالنقض للمرة الثانية: التصدي للموضوع".
تصدي محكمة النقض للموضوع بعد نقض الحكم المطعون فيه للمرة الثانية. مؤداه. عدم تغير طبيعة الحكم باعتباره صادرا من محكمة النقض.
(2) إيجار "القواعد العامة في الإيجار: انعقاد عقد الإيجار، بطلان الإيجار". بطلان "بطلان التصرفات: بطلان الإيجار".
انعقاد الإجارة قبل صدور قرار الحجر على المؤجر. عدم صلاحيته بذاته سندا لطلب بطلان عقد الإيجار. م 114 مدني. تمسك المستأنفين ببطلان عقد الإيجار لشيوع حالة العته وعلم المستأجر بها. دفاع جوهري. لا ينال منه دفع المستأنف ضده بصورية قرار الحجر لكونه على غير أساس. علة ذلك. سمو حجية الأحكام على اعتبارات النظام العام. مؤدى ذلك. الحقيقة القضائية قرينة قاطعة على الحقيقة الواقعية. حجيتها. مطلقة إذا تعلقت بمصلحة المجتمع ونسبية إذا تعلقت بمصالح الأفراد.
(3 - 7) أهلية "أهلية التصرف: تصرف المجنون أو المعتوه". إيجار "القواعد العامة في الإيجار: بطلان عقد الإيجار". بطلان "بطلان التصرفات". عقد "إبطال العقد". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الأدلة" "سلطة محكمة الموضوع بالنسبة للمنازعات الناشئة عن العقود: سلطتها في تقدير قيام عارض من عوارض الأهلية المبطل للرضا".
(3) التفرقة بين تصرفات المجنون أو المعتوه في الفترة السابقة على صدور قرار الحجر والفترة التالية له. قرار الحجر قرينة على انعدام أهلية المجنون أو المعتوه. تسجيل ذلك القرار قرينة على علم الغير بذلك. عدم صدور قرار بتوقيع الحجر على المجنون أو المعتوه لا يعني بمجرده أن تصرفاته صحيحة. ثبوت شيوع حالة العته وقت التعاقد أو علم المتصرف إليه بحالة الجنون أو العته المعدم للتمييز لحظة إبرام التصرف. كان لإبطاله ولو كان صادرا قبل توقيع الحجر وتسجيل قراره. علة ذلك.
(4) تقدير حالة العته. تقدير موضوعي يتعلق بفهم الواقع في الدعوى.
(5) محكمة الموضوع. حقها في تقدير الدليل من كافة الأوراق المقدمة في الدعوى.
(6) حق محكمة الموضوع في القضاء ببطلان العقود لعته المتصرف على ما تطمئن إليه من شهادة الشهود والقرائن.
(7) استخلاص المحكمة قيام العته بالمحجور عليه - المؤجر - وعلم المستأنف ضده المستأجر - بهذه الحالة وقت تحرير عقد الإيجار. مؤداه. بطلانه. م 114 مدني. إقرار ورثة المستأجرين السابقين الحانوتين محل النزاع بتنازلهم عن الإجارة للملاك. مؤداه. إخلاؤهما وتسليمهما للملاك.
---------------
1 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن تصدي محكمة النقض للموضوع والحكم فيه بعد نقض الحكم المطعون فيه وفقا لنص الفقرة الأخيرة من المادة 269 من قانون المرافعات لا يغير من طبيعة هذا الحكم واعتباره صادرا من محكمة النقض.
2 - إذ كان المستأنفون قد تمسكوا في دفاعهم ببطلان عقد الإيجار المؤرخ 1/ 4/ 2005 لعته المؤجر - ... - وشيوع هذه الحالة وعلم المستأجر - المستأنف ضده بالبند ثالثا - بها وقت التعاقد، فإن المحكمة تنوه إلى أن عقد الإيجار المشار إليه قد أبرم قبل صدور قرار الحجر على المؤجر المذكور في 6/ 5/ 2006، ومن ثم فإن هذا القرار لا يصلح بذاته سندا لطلب بطلان ذلك العقد طبقا للمادة 114 من القانون المدني، وإنما يكون طلب بطلانه على أساس شيوع هذه الحالة وقت العقد أو علم الطرف الآخر - المستأجر - بها، وهو ما تمسك به المستأنفون أمام محكمة الاستئناف وطلبوا إحالة الدعوى إلى التحقيق لإثباته وتتعرض له هذه المحكمة - بعد أن استمعت لأقوال شهود الطرفين - لتقول كلمتها فيه باعتباره دفاعا جوهريا في ذات موضوع الدعوى، دون أن ينال من اعتبار هذا الدفاع جوهريا دفع المستأنف ضده بالبند ثالثا بصورية قرار الحجر وما ساقه من قرائن للتدليل على هذه الصورية، ذلك أن حجية الأحكام - على نحو ما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية للمادة 101 من قانون الإثبات - تقوم على أساس قرينة قانونية قاطعة مفادها أن حكم القاضي هو عنوان الحقيقة بما افترضه المشرع فيه من حجية تحول دون إعادة طرح النزاع من جديد أو قبول إثبات ما يخالفه وذلك رعاية لحسن سير العدالة وضمانا للاستقرار واتقاء تأبيد المنازعات أو وقوع تعارض بين الأحكام، وهي أمور متعلقة بالنظام العام بل وتسمو على اعتباراته، ومؤدى ذلك أن الحقيقة القضائية قرينة قاطعة على الحقيقة الواقعية وهذه القرينة يتوقف مداها - من حيث كونها مطلقة أو نسبية - على طبيعة ونوع وموضوع المسألة التي قامت عليها تلك الحقيقة ومدى تعلقها بالنظام العام ومصلحة المجتمع العامة أو بمصالح الأفراد الخاصة، فإن كانت متعلقة بمصالح عامة أو كان من شأنها تقرير مراكز قانونية في المجتمع وكانت سلطة المحكمة في شأنها غير مقيدة بإرادة الخصوم كالمسائل الجنائية ومسائل الأحوال الشخصية التي تأبى طبيعتها إلا أن تكون عامة فإن حجيتها تكون مطلقة قبل الناس كافة، أما إذا كانت متعلقة بمصالح الأفراد الخاصة وسلطة المحكمة في شأنها مقيدة بإرادة الخصوم ومرهونة بالتالي بما يقدمونه من أدلة، فإن حجيتها تكون نسبية وقاصرة على أطرافها دون سواهم. لما كان ذلك، فإن القرار الصادر بتوقيع الحجر على المؤجر/ ... يكون قد حاز قوة الأمر المقضي فيما قضى به من الحجر عليه للعته، ذلك أن القرار بوصفه منشئا لحالة مدنية له حجية مطلقة تسري في حق الناس جميعا، ومن ثم فإن دفع المستأنف ضده بالبند ثالثا بصوريته يكون على غير أساس.
3 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن المادة 114 من القانون المدني وإن واجهت حالة الحجر وصدور قرار به وفرقت بين الفترة السابقة على صدور قرار الحجر والفترة التالية له وأقامت من قرار الحجر قرينة قانونية على انعدام أهلية المجنون والمعتوه ومن تسجيل ذلك القرار قرينة قانونية على علم الغير به، إلا أنه ليس معني ذلك أن المجنون أو المعتوه الذي لم يصدر قرار بتوقيع الحجر عليه لسبب أو لآخر تعتبر تصرفاته صحيحة، إذ الأصل أنه يجب أن يصدر التصرف عن إرادة سليمة وإلا أنهار ركن من أركان التصرف بما يمكن معه الطعن عليه ببطلانه إذا ما ثبت شيوع حالة العته وقت التعاقد أو ثبت علم المتصرف إليه بحالة الجنون أو العته المعدم للتمييز لحظة إبرام التصرف أخذا بأن الإرادة تعتبر ركنا من أركان التصرف القانوني، وإذ كان ذلك، فإن ما ينعى به المستأنف ضده بالبند ثالثا من أن عقد الإيجار سنده قد أبرم قبل بداية مدة السنة السابقة على صدور قرار الحجر بما يخرجه عن نطاق حكم المادة 114 سالفة البيان يكون فاقدا للأساس القانوني السليم.
4 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن تقدير حالة العته لدى أحد المتعاقدين هو تقدير موضوعي يتعلق بفهم الواقع في الدعوى.
5 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن للمحكمة كامل الحرية في تقدير الدليل من كافة الأوراق المقدمة في الدعوى بحيث يكون لها أن تقضي في موضوعها بما تراه حقا وعدلا.
6 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن (محكمة الموضوع) تملك أن تقيم قضاءها ببطلان العقود لعته المتصرف على ما تطمئن إليه من شهادة الشهود والقرائن.
7 - إذ كانت هذه المحكمة تطمئن لأقوال شهود المستأنفين وتستخلص منها أن المحجور عليه/ ... كان مصابا بعته معدم لإرادته وقت تحرير عقد الإيجار الصادر منه إلى المستأنف ضده بالبند ثالثا، وأن حالة العته كانت شائعة ومعلومة للأخير وقت التعاقد، إذ تضافرت أقوالهم على أن إمارات العته بدت على المحجور عليه سالف الذكر عقب تعرضه لحادث سير في غضون عام 2001 وما زالت بادية عليه حتى الآن فقد اعتراه بعد الحادث خلل في قواه العقلية أفقده الوعي والقدرة على التركيز حتى إن المستأجر منهم بملك الأخير راح بعيد الحادث يتعامل مع نجله بعد ما رأه من عدم إدراكه لما يدور حوله، وأن حالته هذه كانت ومازالت شائعة بين أهالي المنطقة جميعا ويعلمها المستأنف ضده بالبند ثالثا بحكم أنه من أهالي المنطقة ويزاول بها تجارته وعلى صلة بالمحجور عليه المذكور، ومما يؤيد من رجحان الثقة في أقوال شهود المستأنفين ما ثبت بالتقرير الطبي الصادر من مستشفى ..... - المقدم من المستأنفين أمام هذه المحكمة - عن حالة المحجور عليه سالف الذكر منذ دخوله إلى المستشفى في فبراير 2001 حتى أبريل من نفس العام - وهو تاريخ معاصر لما قال به شهود المستأنفين - من أنه أصيب - وقتئذ - بنزيف تحت الأم الجافية وأجريت له جراحة لتفريغ النزيف وجراحة أخرى لتفريغ باقيه، وأنه يعاني من عدم اتزان في المشي مع ضعف في الذاكرة وعدم قدرة على التركيز، ويحتاج إلى متابعة طبية مستمرة، كما يزيد من اطمئنان المحكمة لأقوال هؤلاء الشهود ما ثبت أيضا بالتقرير الطبي العقلي الصادر من مستشفى ...... بالعباسية بتاريخ 23/ 4/ 2006 - والمقدم أيضا من المستأنفين أمام هذه المحكمة - من أن المحجور عليه سالف الذكر غير مدرك للزمان والمكان وذاكرته مشوشة وغير قادر على الاتزان ويعاني من دوار مخيخي مزمن وهي آفة عقلية تمنعه من إدارة أمواله بنفسه، ومن ثم فقد ثبت للمحكمة قيام حالة العته بالمحجور عليه/ ... وشيوع هذه الحالة إبان تأجيره المحلين مثار النزاع إلى المستأنف ضده بالبند ثالثا بالعقد المؤرخ 1/ 4/ 2005 كما ثبت لها علم الأخير بهذه الحالة وقت التعاقد، مما مؤداه أن يكون عقد الإيجار سالف البيان باطلا وفقا للمادة 114 من القانون المدني، وهو ما يضحى معه طلب المستأنف ضده بالبند ثالثا - الخصم المتدخل - أمام محكمة أول درجة رفض الدعوى تأسيسا على شغله للمحلين موضوعها استنادا لهذا العقد مرفوضا ولا محل له، وإذ كان ذلك، وكان المستأنف ضدهم بالبندين الأولين - ورثة المستأجرين بالعقدين المؤرخين 1/ 6/ 1974 - قد قرروا أمام المحكمة المطعون في حكمها ولدى هذه المحكمة بتنازلهم عن إجارة المحلين موضوع النزاع للملاك وهو الأمر الذي حسمه الحكم الناقض بتاريخ 27/ 11/ 2013، ومن ثم فإنه يتعين إلغاء الحكم المستأنف والقضاء بإخلاء المحلين مثار النزاع وتسليمهما إلى المستأنفين خاليين، باعتبار أن ذلك أثر من آثار الإخلاء.
---------------
الوقائع
حيث إن الوقائع مبينة في الحكم الصادر من هذه المحكمة بتاريخ 23 من محرم سنة 1435 هجرية الموافق 27 من نوفمبر سنة 2013 ميلادية والذي قضى بنقض الحكم المطعون فيه وقبل الفصل في موضوع الاستئناف رقم ... لسنة 123 قضائية القاهرة بإحالة الدعوى للتحقيق ليثبت المستأنفون بكافة طرق الإثبات القانونية، بما فيها شهادة الشهود، أن حالة عته المحجور عليه/ ... كانت شائعة وقت إبرام عقد الإيجار المؤرخ 1/ 4/ 2005 أو أن المستأنف ضده بالبند ثالثا كان على بينة منها، وللأخير النفي بذات الطرق، وعليه تحيل المحكمة في بيانها. وحيث إنه نفاذا لحكم التحقيق فقد استمعت المحكمة إلى أقوال شهود الطرفين فأشهد المستأنفون كلا من ... و... و...، فأخبر أولهم بأنه مستأجر لمحل بملك المستأنفين وأنه في غضون عام 2001 تعرض المحجور عليه - ... - لحادث سير أدى إلى فقدانه للوعي والتركيز العقلي حتى إنه لا يستطيع التحرك بمفرده للآن، وقد شاع خبر إصابته الملازمة له حتى الآن بين جميع أهالي المنطقة الذين يتعاملون معه كمعتوه وأن ... - المستأنف ضده بالبند ثالثا - باعتباره من أهالي المنطقة وله محل قديم بها كان على علم بهذه الحالة، وأضاف بأنه منذ عام 2003 وهو يتعامل مع ابن المحجور عليها - ... - وأنه لا علم له بواقعة التأجير مثار النزاع، وجاءت أقوال الشاهدين الثاني والثالث في مضمونها بما لا يخرج عن أقوال الشاهد الأول، وأشهد المستأنف ضده بالبند ثالثا كلا من ... و... و... و... فذكر أولهم بأنه جار لطرفي النزاع وأنه لا علم له بقرار الحجر على/ ... ولا بالحادث الذي تعرض له وأن الأخير في كامل قواه العقلية وليس معتوها وحالته طبيعية للآن، وأضاف بأنه لم يحضر واقعة تحرير عقد الإيجار مثار النزاع وقد سمع بأن ... دفع لورثة المستأجرين السابقين للمحلين موضوع العقد مبلغ خمسة وسبعين ألف جنيه ومثله لـ ... مقابل تحرير العقد، وشهد الشهود الثلاثة الباقون بمضمون ما شهد به زميلهم الأول، وقدم الحاضر عن المستأنفين خمس حوافظ مستندات طويت على صورة رسمية من الحكم الصادر في الاستئناف رقم ... لسنة 127 ق القاهرة، وصورة رسمية من القرار الصادر من محكمة النقض بعدم قبول الطعن رقم ... لسنة 81 ق، وصورة ضوئية من عقد إيجار مؤرخ أول مارس 2002 صادر للشاهد الثالث للمستأنف ضده بالبند ثالثا موقع عليه من المستأنفين كمؤجرين بما فيهم المحجور عليه/ ...، وصورة ضوئية من عقد إيجار مؤرخ 6/ 3/ 2003 صادر للشاهد الأول للمستأنفين موقع عليه منهم جميعا كمؤجرين بما فيهم المحجور عليه سالف الذكر تدليلا على أن توقيع الأخير منفردا على عقد الإيجار مثار النزاع تم على غير ما جرت عليه عادة هؤلاء الملاك في التأجير، كما طويت على صورة طبق الأصل من تقرير طبي عن حالة المحجور عليه المذكور خلال الفترة من فبراير حتى أبريل 2001 وصورة ضوئية من تقرير طبي عن حالته العقلية صادر من مستشفى ..... بالعباسية بتاريخ 23/ 4/ 2006 وصورة رسمية من قرار محكمة السيدة زينب للولاية على المال بتوقيع الحجر على المذكور بتاريخ 6/ 5/ 2006 وشهادة صادرة من جمعية ... تضمنت أن المحجور عليه سالف الذكر عضو شرفي بالجمعية ولا دور له في إدارتها، كما طويت على عقدي اتفاق بين الأخير وإدارتي ... و... التعليميتين مؤرخ أولهما في 26/ 9/ 1995 والثاني في 10/ 2/ 1996 وبعض المراسلات الموجهة من هاتين الإدارتين إلى المحجور عليه المذكور، تدليلا على مبرر الأخير لعمل توكيلات لأولاده، كما قدم الحاضر عن المستأنفين مذكرة صمم فيها على ما سبق وأن أبداه من دفاع ودفوع في الدعوى، وقدم الحاضرون مع المستأنف ضده بالبند ثالثا خمس حوافظ مستندات طويت على إيصالات سداد أجرة موقع عليها من المحجور عليه، وصور ضوئية لعقود إيجار صادرة عن المستأنفين، وإقرار صادر من المحجور عليه بملكيته للعقار الكائن به المحلين مثار النزاع وإنذار موجه إلى المستأنف ضده بالبند ثالثا من وكيل المستأنفة الأولى يخطره فيه بشرائها لنصف العقار المشار إليه من المحجور عليه، وصورة ضوئية من محضر الجنحة رقم ... لسنة 2009 السيدة زينب والحكم الصادر فيها بإدانة الأخير بتهمة إجراء تعديلات في أعمال البناء بدون ترخيص، وصورة طبق الأصل لعقود وطلبات موقع عليها من المحجور عليه سالف الذكر في الفترة من 1/ 10/ 2003 حتى 21/ 8/ 2007 تدليلا على سلامة قواه العقلية، كما قدموا ثلاث مذكرات بدفاع المستأنف ضده بالبند ثالثا وقدم الأخير مذكرة موقع عليها منه ولم تذيل بتوقيع محام مقبول أمام محكمة النقض، وقد تضمنت المذكرات الثلاث الأول دفاعا مؤداه عدم انصراف حكم المادة 114 من القانون المدني على عقد الإيجار المؤرخ 1/ 4/ 2005 لأنها تستوجب لتطبيقها شيوع حالة العته خلال السنة السابقة على قرار الحجر والذي صدر في 6/ 5/ 2006 بعد تجاوز مدة السنة بشهرين، كما تضمنت دفعا بصورية قرار الحجر سالف البيان، وطلبوا في ختامها رفض الاستئناف والقضاء مجددا برفض الدعوى، كما قدم الحاضر عن المستأنف ضدهم بالبندين أولا وثانيا - ورثة المستأجرين السابقين للمحلين مثار النزاع - حافظتي مستندات ومذكرة بدفاعه ذكر فيها أنهم تقاضوا من المستأنف ضده بالبند ثالثا مبلغ خمسة وسبعين ألف جنيه نظير تنازلهم عن عقدي الإيجار المؤرخين 1/ 6/ 1974 للمالك/ ... الذي تقاضى بدوره مبلغ مماثل مقابل تحرير عقد الإيجار المؤرخ 1/ 4/ 2005، وطلب في ختامها تأييد طلبات المستأنف ضده بالبند ثالثا، وقررت المحكمة حجز الاستئناف للحكم بجلسة اليوم.
----------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
وحيث إن المحكمة تشير بداءة إلى أنها تستبعد المذكرة الموقع عليها من المستأنف ضده بالبند ثالثا وتلتفت عما ورد بها من دفاع لعدم التوقيع عليها من محام مقبول أمام محكمة النقض، اعتبارا بأن تصدي محكمة النقض للموضوع والحكم فيه بعد نقض الحكم المطعون فيه وفقا لنص الفقرة الأخيرة من المادة 269 من قانون المرافعات لا يغير من طبيعة هذا الحكم واعتباره صادرا من محكمة النقض.
وحيث إنه عن موضوع الاستئناف، فإنه لما كان المستأنفون قد تمسكوا في دفاعهم ببطلان عقد الإيجار المؤرخ 1/ 4/ 2005 لعته المؤجر - ... - وشيوع هذه الحالة وعلم المستأجر - المستأنف ضده بالبند ثالثا - بها وقت التعاقد، فإن المحكمة تنوه إلى أن عقد الإيجار المشار إليه قد أبرم قبل صدور قرار الحجر على المؤجر المذكور في 6/ 5/ 2006، ومن ثم فإن هذا القرار لا يصلح بذاته سندا لطلب بطلان ذلك العقد طبقا للمادة 114 من القانون المدني، وإنما يكون طلب بطلانه على أساس شيوع هذه الحالة وقت العقد أو علم الطرف الآخر - المستأجر - بها، وهو ما تمسك به المستأنفون أمام محكمة الاستئناف وطلبوا إحالة الدعوى إلى التحقيق لإثباته، وتتعرض له هذه المحكمة - بعد أن استمعت لأقوال شهود الطرفين - لتقول كلمتها فيه باعتباره دفاعا جوهريا في ذات موضوع الدعوى، دون أن ينال من اعتبار هذا الدفاع جوهريا دفع المستأنف ضده بالبند ثالثا بصورية قرار الحجر وما ساقه من قرائن للتدليل على هذه الصورية ذلك أن حجية الأحكام - على نحو ما أفصحت عنه المنكرة الإيضاحية للمادة 101 من قانون الإثبات - تقوم على أساس قرينة قانونية قاطعة مفادها أن حكم القاضي هو عنوان الحقيقة بما افترضه المشرع فيه من حجية تحول دون إعادة طرح النزاع من جديد أو قبول إثبات ما يخالفه وذلك رعاية لحسن سير العدالة وضمانا للاستقرار واتقاء تأبيد المنازعات أو وقوع تعارض بين الأحكام، وهي أمور متعلقة بالنظام العام بل وتسمو على اعتباراته، ومؤدى ذلك أن الحقيقة القضائية قرينة قاطعة على الحقيقة الواقعية وهذه القرينة يتوقف مداها - من حيث كونها مطلقة أو نسبية - على طبيعة ونوع وموضوع المسألة التي قامت عليها تلك الحقيقة ومدى تعلقها بالنظام العام ومصلحة المجتمع العامة أو بمصالح الأفراد الخاصة، فإن كانت متعلقة بمصالح عامة أو كان من شأنها تقرير مراكز قانونية في المجتمع وكانت سلطة المحكمة في شأنها غير مقيدة بإرادة الخصوم كالمسائل الجنائية ومسائل الأحوال الشخصية التي تأبى طبيعتها إلا أن تكون عامة فإن حجيتها تكون مطلقة قبل الناس كافة، أما إذا كانت متعلقة بمصالح الأفراد الخاصة وسلطة المحكمة في شأنها مقيدة بإرادة الخصوم ومرهونة بالتالي بما يقدمونه من أدلة، فإن حجيتها تكون نسبية وقاصرة على أطرافها دون سواهم، لما كان ذلك، فإن القرار الصادر بتوقيع الحجر على المؤجر/ ... يكون قد حاز قوة الأمر المقضي فيما قضى به من الحجر عليه للعته، ذلك أن هذا القرار بوصفه منشئا لحالة مدنية له حجية مطلقة تسري في حق الناس جميعا، ومن ثم فإن دفع المستأنف ضده بالبند ثالثا بصوريته يكون على غير أساس.
وحيث إنه لما كانت المادة 114 من القانون المدني - والتي تنص على أنه "يقع باطلا تصرف المجنون أو المعتوه إذا صدر بعد تسجيل قرار الحجر، أما إذا صدر قبله فلا يكون باطلا إلا إذا كانت حالة الجنون أو العته شائعة وقت التعاقد أو كان الطرف الآخر على بينة منها"- وإن واجهت حالة الحجر وصدور قرار به وفرقت بين الفترة السابقة على صدور قرار الحجر والفترة التالية له وأقامت من قرار الحجر قرينة قانونية على انعدام أهلية المجنون والمعتوه ومن تسجيل ذلك القرار قرينة قانونية على علم الغير به، إلا أنه ليس معنى ذلك أن المجنون أو المعتوه الذي لم يصدر قرار بتوقيع الحجر عليه لسبب أو لآخر تعتبر تصرفاته صحيحة، إذ الأصل - وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض - أنه يجب أن يصدر التصرف عن إرادة سليمة وإلا انهار ركن من أركان التصرف بما يمكن معه الطعن عليه ببطلانه إذا ما ثبت شيوع حالة العته وقت التعاقد أو ثبت علم المتصرف إليه بحالة الجنون أو العته المعدم للتمييز لحظة إبرام التصرف أخذا بأن الإرادة تعتبر ركنا من أركان التصرف القانوني، وإذ كان ذلك، فإن ما ينعى به المستأنف ضده بالبند ثالثا من أن عقد الإيجار سنده قد أبرم قبل بداية مدة السنة السابقة على صدور قرار الحجر بما يخرجه عن نطاق حكم المادة 114 سالفة البيان يكون فاقدا للأساس القانوني السليم.
وحيث إنه لما كان من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن تقدير حالة العته لدى أحد المتعاقدين هو تقدير موضوعي يتعلق بفهم الواقع في الدعوى، وأن للمحكمة كامل الحرية في تقدير الدليل من كافة الأوراق المقدمة في الدعوى بحيث يكون لها أن تقضي في موضوعها بما تراه حقا وعدلا، كما تملك أن تقيم قضاءها ببطلان العقود لعته المتصرف على ما تطمئن إليه من شهادة الشهود والقرائن. لما كان ذلك، وكانت هذه المحكمة تطمئن لأقوال شهود المستأنفين وتستخلص منها أن المحجور عليه/ ... كان مصابا بعته معدم لإرادته وقت تحرير عقد الإيجار الصادر منه إلى المستأنف ضده بالبند ثالثا، وأن حالة العته كانت شائعة ومعلومة للأخير وقت التعاقد، إذ تضافرت أقوالهم على أن إمارات العته بدت على المحجور عليه سالف الذكر عقب تعرضه لحادث سير في غضون عام 2001 وما زالت بادية عليه حتى الآن فقد اعتراه بعد الحادث خلل في قواه العقلية أفقده الوعي والقدرة على التركيز حتى إن المستأجر منهم بملك الأخير راح بعيد الحادث يتعامل مع نجله بعد ما رآه من عدم إدراكه لما يدور حوله، وأن حالته هذه كانت وما زالت شائعة بين أهالي المنطقة جميعا ويعلمها المستأنف ضده بالبند ثالثا بحكم أنه من أهالي المنطقة ويزاول بها تجارته وعلى صلة بالمحجور عليه المذكور، ومما يؤيد من رجحان الثقة في أقوال شهود المستأنفين ما ثبت بالتقرير الطبي الصادر من مستشفى .... - المقدم من المستأنفين أمام هذه المحكمة - عن حالة المحجور عليه سالف الذكر منذ دخوله إلى المستشفى في فبراير 2001 حتى أبريل من نفس العام - وهو تاريخ معاصر لما قال به شهود المستأنفين - من أنه أصيب - وقتئذ - بنزيف تحت الأم الجافية وأجريت له جراحة لتفريغ النزيف وجراحة أخرى لتفريغ باقيه، وأنه يعاني من عدم اتزان في المشي مع ضعف في الذاكرة وعدم قدرة على التركيز، ويحتاج إلى متابعة طبية مستمرة، كما يزيد من اطمئنان المحكمة لأقوال هؤلاء الشهود ما ثبت أيضا بالتقرير الطبي العقلي الصادر من مستشفى ..... بالعباسية بتاريخ 23/ 4/ 2006 - والمقدم أيضا من المستأنفين أمام هذه المحكمة - من أن المحجور عليه سالف الذكر غير مدرك للزمان والمكان وذاكرته مشوشة وغير قادر على الاتزان ويعاني من دوار مخيخي مزمن وهي آفة عقلية تمنعه من إدارة أمواله بنفسه، ومن ثم فقد ثبت للمحكمة قيام حالة العته بالمحجور عليه/ ... وشيوع هذه الحالة إبان تأجيره المحلين مثار النزاع إلى المستأنف ضده بالبند ثالثا بالعقد المؤرخ 1/ 4/ 2005 كما ثبت لها علم الأخير بهذه الحالة وقت التعاقد، مما مؤداه أن يكون عقد الإيجار سالف البيان باطلا وفقا للمادة 114 من القانون المدني، وهو ما يضحى معه طلب المستأنف ضده بالبند ثالثا - الخصم المتدخل - أمام محكمة أول درجة رفض الدعوى تأسيسا على شغله للمحلين موضوعها استنادا لهذا العقد مرفوضا ولا محل له، وإذ كان ذلك، وكان المستأنف ضدهم بالبندين الأولين - ورثة المستأجرين بالعقدين المؤرخين 1/ 6/ 1974 - قد قرروا أمام المحكمة المطعون في حكمها ولدى هذه المحكمة بتنازلهم عن إجارة المحلين موضوع النزاع للملاك وهو الأمر الذي حسمه الحكم الناقض بتاريخ 27/ 11/ 2013، ومن ثم فإنه يتعين إلغاء الحكم المستأنف والقضاء بإخلاء المحلين مثار النزاع وتسليمهما إلى المستأنفين خاليين، باعتبار أن ذلك أثر من آثار الإخلاء.

الأربعاء، 10 مارس 2021

الطعن 14590 لسنة 77 ق جلسة 2 / 4 / 2014 مكتب فني 65 ق 82 ص 499

جلسة 2 من إبريل سنة 2014
برئاسة السيد القاضي/ صلاح سعداوي سعد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة/ عبد العزيز إبراهيم الطنطاوي، شريف حشمت جادو، عمرو السعيد غانم ومحمد عبد العظيم عقبة نواب رئيس المحكمة.
----------------
(82)
الطعن 14590 لسنة 77 القضائية
(1 - 3) أمر أداء "إجراءات استصدار أمر الأداء". أوراق تجارية "من صور الأوراق التجارية: الشيك". تقادم "التقادم المسقط: قطع التقادم: الإجراءات القاطعة للتقادم". قانون "القانون واجب التطبيق: سريان القانون: سريان القانون من حيث الزمان".
(1) الأحكام الجديدة الخاصة بالشيك المنصوص عليها في قانون التجارة الجديد. نفاذها اعتبارا من الأولى من أكتوبر سنة 2005. م 3/ 1 من مواد إصدار القانون المذكور 17 لسنة 1999 المعدلة بالقوانين 168 لسنة 2000، 150 لسنة 2001، 158 لسنة 2003.
(2) انقطاع التقادم المترتب على المطالبة القضائية. شرطه. صحة هذه المطالبة شكلا وموضوعا. عدم تحققه إلا بصدور حكم نهائي فيها بإجابة صاحبها إلى طلبه كله أو بعضه. انتهاؤها بغير ذلك. أثره. زوال أثرها في الانقطاع واعتبار التقادم الذي بدأ قبل رفعها مستمرا. م 383 مدني.
(3) عريضة أمر الأداء. اعتبارها بديلة لصحيفة الدعوى. مؤداه. ترتيب كافة الآثار المترتبة على رفع الدعوى. "مثال: بشأن المطالبة بقيمة شيك بموجب أمر أداء قضى بإلغائه قبل اكتمال مدة التقادم".
------------------
1 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن مفاد الفقرة الأولى من المادة الثالثة من مواد إصدار قانون التجارة رقم 17 لسنة 1999 المعدلة بالقوانين أرقام 168 لسنة 2000، 150 لسنة 2001، 158 لسنة 2003 أنها حددت الأول من أكتوبر سنة 2005 موعدا لنفاذ الأحكام الجديدة الخاصة بالشيك المنصوص عليها في هذا القانون ومنها أحكام التقادم.
2 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن مناط قيام الأثر الذي يرتبه الشارع على إجراء قانوني معين هو مطابقة هذا الإجراء أصلا لما اشترطه القانون فيه، ومن ثم فإن انقطاع التقادم المترتب على المطالبة القضائية عملا بالمادة 383 من القانون المدني يستلزم صحة هذه المطالبة شكلا وموضوعا وهو ما لا يتحقق إلا بصدور حكم نهائي فيها بإجابة صاحبها إلى طلبه كله أو بعضه، أما انتهاؤها بغير ذلك بالقضاء برفضها أو بعدم قبولها فيترتب عليه زوال ما كان لها من أثر في قطع التقادم، واعتبار الانقطاع كأن لم يكن والتقادم الذي كان قد بدأ قبل رفعها مستمرا.
3 - المقرر - أن العريضة التي تقدم لاستصدار أمر الأداء تعتبر بديلة عن صحيفة الدعوى، وبها تتصل الدعوى بالقضاء ويترتب عليها كافة الآثار المترتبة على رفع الدعوى. لما كان ذلك، وكان الثابت في الأوراق أن الشيك محل التداعي مستحق السداد في 20/ 10/ 1998 وتقدم المطعون ضده بطلب أمر الأداء - الراهن - في 4/ 8/ 2005 وكانت أحكام قانون التجارة الجديد رقم 17 لسنة 1999 المتعلقة بالشيك بما فيها الأحكام الخاصة بالتقادم يعمل بها اعتبارا من 1/ 10/ 2005، ومن ثم فإن الأحكام المتعلقة بتقادم هذا الشيك سالف البيان بما فيها مدة التقادم وبدء سريانها وانقطاعها تحكمها الأحكام المنصوص عليها في قانون التجارة القديم وهو التقادم الخمسي المنصوص عليه في المادة 194 منه وليس أحكام قانون التجارة الجديد، وإذ كان المطعون ضده لم يتقدم بطلب استصدار أمر الأداء إلا في 4/ 8/ 2005 وذلك بعد اكتمال مدة التقادم سالفة البيان، فإن الدعوى المتعلقة بهذا الشيك تكون قد سقطت بهذا التقادم الخمسي ولا يقدح في ذلك أي أثر لأمر الأداء رقم ... لسنة 2002 شمال القاهرة الابتدائية، إذ إنه قد قضى فيه بتاريخ 27/ 11/ 2004 بإلغاء هذا الأمر وقد تأيد استئنافها، ومن ثم فقد زال ما يترتب عليه من أثر في قطع التقادم واعتبار الانقطاع كأن لم يكن، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون معيبا.
--------------
الوقائع
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضده كان قد تقدم في 28/ 10/ 2002 بطلب إلى قاضي الأمور الوقتية لاستصدار أمر بإلزام الطاعن بأن يؤدي له مبلغ ... ريالا سعوديا، على سند من أنه يداينه بهذا المبلغ بموجب الشيك رقم ... المؤرخ 20/ 10/ 1998، وبتاريخ 30/ 10/ 2002 أجاب القاضي المطعون ضده وأصدر أمر أداء رقم ... لسنة 2002، تظلم الطاعن من هذا الأمر بالدعوى رقم ... لسنة 2002 تجاري شمال القاهرة الابتدائية، بتاريخ 27/ 11/ 2002 حكمت المحكمة بإلغاء أمر الأداء سالف البيان.
استأنف المطعون ضده هذا الحكم بالاستئناف رقم ... لسنة 8 ق أمام محكمة استئناف القاهرة، وبتاريخ 9/ 3/ 2005 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف، ثم تقدم المطعون ضده بتاريخ 4/ 8/ 2005 بطلب استصدار أمر الأداء - الماثل - رقم ... لسنة 2005 تجاري شمال القاهرة الابتدائية، وإذ رفض القاضي إصدار الأمر وحدد جلسة لنظر الموضوع، ثم قيدت الدعوى برقم ... لسنة 2005 تجاري شمال القاهرة الابتدائية، وبتاريخ 25/ 2/ 2006 حكمت المحكمة بسقوط الحق في المطالبة بالشيك سند الدعوى بالتقادم. استأنف المطعون ضده هذا الحكم بالاستئناف رقم ... لسنة 10 ق أمام محكمة استئناف القاهرة، وبتاريخ 16/ 5/ 2007 قضت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وإلزام الطاعن بأن يؤدي إلى المطعون ضده مبلغ ... ريال سعودي. طعن الطاعن على هذا الحكم بطريق النقض، وأودعت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة - في غرفة مشورة - حددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.
-----------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والفساد في الاستدلال، ذلك أنه تمسك في دفاعه بان المطعون ضده ظل محتفظا بالشيك سند الدعوى المستحق السداد في 20/ 10/ 1998 ثم تقدم بطلب استصدار أمر الأداء رقم ... لسنة 2002 تجاري شمال القاهرة الابتدائية لصالحه أي بعد مرور أكثر من أربع سنوات من تاريخ استحقاقه، وإذ قضى الحكم المطعون فيه بعدم توفر شروط أحكام المادة 194 من قانون التجارة القديم، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وتفسيره، وهو ما يعيبه بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في أساسه سديد، ذلك أنه من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن مفاد الفقرة الأولى من المادة الثالثة من مواد إصدار قانون التجارة رقم 17 لسنة 1999 المعدلة بالقوانين أرقام 168 لسنة 2000، 150 لسنة 2001، 158 لسنة 2003 أنها حددت الأول من أكتوبر سنة 2005 موعدا لنفاذ الأحكام الجديدة الخاصة بالشيك المنصوص عليها في هذا القانون ومنها أحكام التقادم، ومن المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن مناط قيام الأثر الذي يرتبه الشارع على إجراء قانوني معين هو مطابقة هذا الإجراء أصلا لما اشترطه القانون فيه، ومن ثم فإن انقطاع التقادم المترتب على المطالبة القضائية عملا بالمادة 383 من القانون المدني يستلزم صحة هذه المطالبة شكلا وموضوعا وهو ما لا يتحقق إلا بصدور حكم نهائي منها بإجابة صاحبها إلى طلبه كله أو بعضه، أما انتهاؤها بغير ذلك بالقضاء برفضها أو بعدم قبولها فيترتب عليه زوال ما كان لها من أثر في قطع التقادم، واعتبار الانقطاع كأن لم يكن والتقادم الذي كان قد بدأ قبل رفعها مستمرا، ومن المقرر أيضا أن العريضة التي تقدم لاستصدار أمر الأداء تعتبر بديلة عن صحيفة الدعوى، وبها تتصل الدعوى بالقضاء ويترتب عليها كافة الآثار المترتبة على رفع الدعوى. لما كان ذلك، وكان الثابت في الأوراق أن الشيك محل التداعي مستحق السداد في 20/ 10/ 1998 وتقدم المطعون ضده بطلب أمر الأداء - الراهن - في 4/ 8/ 2005، وكانت أحكام قانون التجارة الجديد رقم 17 لسنة 1999 المتعلقة بالشيك بما فيها الأحكام الخاصة بالتقادم يعمل بها اعتبارا من 1/ 10/ 2005، ومن ثم فإن الأحكام المتعلقة بتقادم هذا الشيك سالف البيان بما فيها مدة التقادم وبدء سريانها وانقطاعها تحكمها الأحكام المنصوص عليها في قانون التجارة القديم وهو التقادم الخمسي المنصوص عليه في المادة 194 منه وليس أحكام قانون التجارة الجديد، وإذ كان المطعون ضده لم يتقدم بطلب استصدار أمر الأداء إلا في 4/ 8/ 2005 وذلك بعد اكتمال مدة التقادم سالفة البيان فإن الدعوى المتعلقة بهذا الشيك تكون قد سقطت بهذا التقادم الخمسي ولا يقدح في ذلك أي أثر لأمر الأداء رقم ... لسنة ... شمال القاهرة الابتدائية، إذ إنه قد قضى فيه بتاريخ 27/ 11/ 2004 بإلغاء هذا الأمر وقد تأيد استئنافها، ومن ثم فقد زال ما يترتب عليه من أثر في قطع التقادم واعتبار الانقطاع كأن لم يكن، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون معيبا بما يوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه، ولما تقدم، وكان الشيك سند الدعوى قد سقط حق المطعون ضده في المطالبة به بالتقادم الخمسي عملا بالمادة 194 من قانون التجارة القديم، وكان الحكم المستأنف قد انتهى إلى نتيجة صحيحة فالمحكمة تؤيده للأسباب سالفة البيان.

الطعن 1170 لسنة 74 ق جلسة 17 / 4 / 2014 مكتب فني 65 ق 94 ص 563

جلسة 17 من إبريل سنة 2014
برئاسة السيد القاضي/ محمود سعيد محمود نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة/ عبد الناصر أبو الوفا، إيهاب سلام محمود، عمرو جمال عبد الله وأحمد علي خليل نواب رئيس المحكمة.
-----------------
(94)
الطعن 1170 لسنة 74 القضائية
(1 ، 2) اختصاص "الاختصاص النوعي: اختصاص قاضي التنفيذ". تنفيذ "قاضي التنفيذ واختصاصاته" "منازعات التنفيذ: ماهيتها".
(1) قاضي التنفيذ. اختصاصه نوعيا دون غيره بنظر جميع منازعات التنفيذ الوقتية والموضوعية أيا كانت قيمتها إلا ما استثنى بنص خاص. م 275 مرافعات.
(2) الاختصاص النوعي. من النظام العام، وجوب قضاء محكمة الموضوع به من تلقاء نفسها. الحكم الصادر في موضوع الدعوى. اشتماله حتما على قضاء ضمني في شأن الاختصاص.
(3) تنفيذ "منازعات التنفيذ: ماهيتها".
المنازعة المتعلقة بالتنفيذ وفق م 275 مرافعات. شرطها. تعلقها بإجراء من إجراءات التنفيذ أو تأثيرها في سير التنفيذ وإجراءاته.
(4) اختصاص "الاختصاص النوعي: اختصاص قاضي التنفيذ". تنفيذ "قاضي التنفيذ واختصاصاته".
دعوى المطعون ضدها أمام محكمة الموضوع بعدم الاعتداد بإجراءات حجز ما للمدين لدى الغير الموقع من الطاعن ضدها وببراءة ذمتها من الدين المحجوز من أجله والتعويض. اعتبارها منازعة موضوعية متعلقة بالتنفيذ. تعلق طلب التعويض الناشئ عن إجراءات التنفيذ بتلك المنازعة وتوقف الحكم الصادر في الطلب السالف على تلك المنازعة. مؤداه. اختصاص قاضي التنفيذ بنظر الدعوى برمتها وانحسار اختصاص المحكمة الابتدائية النوعي عنها. علة ذلك. قضاء الحكم المطعون فيه بتأييد الحكم الابتدائي في قضائه في موضوع النزاع السالف. خطأ.
(5) نقض "أثر نقض الحكم: نقض الحكم لمخالفة قواعد الاختصاص".
نقض الحكم لمخالفة قواعد الاختصاص. اقتصار مهمة محكمة النقض على الفصل في الاختصاص. عند الاقتضاء تعين المحكمة المختصة الواجب التداعي إليها بإجراءات جديدة. م 269/ 1 مرافعات.
----------------
1 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن مفاد نص المادة 275 من قانون المرافعات - وقبل تعديلها بالقانون 76 لسنة 2007 - وعلى ما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية - هو أن المشرع استحدث نظام قاضي التنفيذ بهدف جمع شتات المسائل المتعلقة بالتنفيذ في يد قاضي واحد قريب من محل التنفيذ وجعله يختص دون غيره بإصدار القرارات والأوامر المتعلقة بالتنفيذ وبالفصل في جميع المنازعات المتعلقة به سواء أكانت منازعة موضوعية أم وقتية سواء أكانت من الخصوم أم من الغير مما مقتضاه أن قاضي التنفيذ أصبح دون غيره المختص نوعيا بجميع منازعات التنفيذ الوقتية والموضوعية أيا كانت قيمتها وذلك فيما عدا ما استثنى بنص خاص.
2 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن الاختصاص بسبب نوع الدعوى من النظام العام تقضي به محكمة الموضوع من تلقاء نفسها ويعتبر الحكم الصادر في الموضوع مشتملا حتما على قضاء ضمني في شأن الاختصاص.
3 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أنه لكي تكون المنازعة متعلقة بالتنفيذ في معنى المادة 275 سالفة البيان يشترط أن تكون منصبة على إجراء من إجراءات التنفيذ أو مؤثرة في سير التنفيذ وإجراءاته.
4 - إذ كان الثابت أن طلبات المطعون ضدها أمام محكمة الموضوع هي الحكم بعدم الاعتداد بإجراءات حجز ما للمدين لدى الغير الموقع من الطاعن ضدها وببراءة ذمتها من الدين المحجوز من أجله والتعويض، وكان طلب براءة الذمة من الدين المحجوز من أجله وعدم الاعتداد بإجراءات الحجز إنما يرمي إلى تقرير انعدام الحق الموضوعي الذي يجري التنفيذ اقتضاء له، وكان القضاء بهذين الطلبين مؤثرا حتما في إجراءات التنفيذ، فإن طلبات المطعون ضدها تشكل منازعة موضوعية في التنفيذ، ولما كان طلب التعويض قد نشأ عن إجراءات التنفيذ ويتعلق بها وقد رفع تبعا لهذه المنازعة، وكان الحكم الصادر في هذا الطلب يتوقف على الحكم في تلك المنازعة ومترتب عليه فإن الدعوى برمتها يختص بها قاضي التنفيذ دون غيره وينحسر عنها اختصاص المحكمة الابتدائية النوعي تحقيقا للغاية التي تغياها المشرع من ابتداع هذا النظام وهو جمع شتات المسائل المتعلقة بالتنفيذ في يد قاض واحد قريب من محل التنفيذ والتي تعلو على قواعد الاختصاص، مما كان يتعين معه أن تقضي تلك المحكمة بعدم اختصاصها بنظر الدعوى ولو لم يدفع أحد أطراف الخصومة أمامها بعدم الاختصاص وأن تحيل الدعوى إلى قاضي التنفيذ المختص أتباعا لنص الفقرة الأولى من المادة 110 مرافعات، وإذ هي قضت في موضوع النزاع متجاوزة اختصاصها وأيدها الحكم المطعون فيه في ذلك، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
5 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن مفاد نص المادة 269/1 من قانون المرافعات يدل على أنه إذا كان الحكم المطعون فيه قد نقض لمخالفة قواعد الاختصاص تقتصر المحكمة على الفصل في مسألة الاختصاص، وعند الاقتضاء تعين المحكمة المختصة التي يجب التداعي إليها بإجراءات جديدة.
---------------
الوقائع
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الشركة المطعون ضدها أقامت على البنك الطاعن وآخر - غير مختصم في الطعن - الدعوى رقم ... لسنة 1999 مدني جنوب القاهرة الابتدائية بطلب الحكم بصفة مستعجلة بعدم الاعتداد بإخطارات حجز ما للمدين لدى الغير الموقع منهما على أموالها تحت يد العديد من البنوك استيفاء لمبلغ 56584.26 جنيها دون سند وبراءة ذمتها من أي ديون لهما قبلها وإلزامهما بأن يؤديا إليها مبلغ 100000 جنيه تعويضا عما حاق بها من أضرار مادية وأدبية من جراء توقيع هذا الحجز، ومحكمة أول درجة بعد أن ندبت خبيرا أودع تقريره حكمت ببراءة ذمة الشركة المطعون ضدها ورفضت ما عدا ذلك من طلبات. استأنفت الشركة المطعون ضدها هذا الحكم بالاستئناف رقم ... لسنة 120 ق القاهرة ودفعت ببطلان إجراءات الحجز الموقع ضدها وعدم الاعتداد به، كما استأنفه البنك الطاعن بالاستئناف رقم ... لسنة 120 ق القاهرة، وبتاريخ 24/ 12/ 2003 قضت المحكمة في الاستئناف الأول بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من رفض طلب التعويض وبإلزام الطاعن بالتعويض الذي قدرته وببطلان محضر الحجز وفي الاستئناف الثاني برفضه وتأييد الحكم المستأنف فيما قضى به من براءة ذمة المطعون ضدها من المبلغ موضوع الحجز. طعنت الشركة الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في - غرفة مشورة - حددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.
--------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، ذلك أن الشركة المطعون ضدها أقامت الدعوى بطلب الحكم بعدم الاعتداد بحجز ما للمدين لدى الغير الموقع منه ضدها وبراءة ذمتها من الدين المحجوز من أجله والتعويض، ومن ثم فإن المنازعة بهذه المثابة تكون منازعة تنفيذ موضوعية يختص بنظرها قاضي التنفيذ دون غيره، وإذ غفلت المحكمة الابتدائية عن ذلك وقضت في موضوع الدعوى، فإنها تكون قد خالفت قواعد الاختصاص النوعي المتعلقة بالنظام العام ويكون الحكم المطعون فيه إذ قضى بالطلبات للمطعون ضدها قد وقع في نفس المخالفة، بما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك بأن المقرر - وعلى ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة - أن مفاد نص المادة 275 من قانون المرافعات - قبل تعديلها بالقانون 76 لسنة 2007 - وعلى ما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية - هو أن المشرع استحدث نظام قاضي التنفيذ بهدف جمع شتات المسائل المتعلقة بالتنفيذ في يد قاضِ واحد قريب من محل التنفيذ وجعله يختص دون غيره بإصدار القرارات والأوامر المتعلقة بالتنفيذ وبالفصل في جميع المنازعات المتعلقة به سواء أكانت منازعة موضوعية أم وقتية وسواء أكانت من الخصوم أم من الغير، مما مقتضاه أن قاضي التنفيذ أصبح دون غيره المختص نوعيا بجميع منازعات التنفيذ الوقتية والموضوعية أيا كانت قيمتها وذلك فيما عدا ما استثنى بنص خاص، ومن المقرر - أيضا - أن الاختصاص بسبب نوع الدعوى من النظام العام تقضي به محكمة الموضوع من تلقاء نفسها ويعتبر الحكم الصادر في الموضوع مشتملا حتما على قضاء ضمني في شأن الاختصاص، ولكي تكون المنازعة متعلقة بالتنفيذ في معنى المادة 275 سالفة البيان يشترط أن تكون منصبة على إجراء من إجراءات التنفيذ أو مؤثرة في سير التنفيذ وإجراءاته، ولما كان الثابت أن طلبات المطعون ضدها أمام محكمة الموضوع هي الحكم بعدم الاعتداد بإجراءات حجز ما للمدين لدى الغير الموقع من الطاعن ضدها وببراءة ذمتها من الدين المحجوز من أجله والتعويض، وكان طلب براءة الذمة من الدين المحجوز من أجله وعدم الاعتداد بإجراءات الحجز إنما يرمي إلى تقرير انعدام الحق الموضوعي الذي يجري التنفيذ اقتضاء له، وكان القضاء بهذين الطلبين مؤثرا حتما في إجراءات التنفيذ، فإن طلبات المطعون ضدها تشكل منازعة موضوعية في التنفيذ، ولما كان طلب التعويض قد نشأ عن إجراءات التنفيذ ويتعلق بها وقد رفع تبعا لهذه المنازعة، وكان الحكم الصادر في هذا الطلب يتوقف على الحكم في تلك المنازعة ومترتبا عليه، فإن الدعوى برمتها يختص بها قاضي التنفيذ دون غيره وينحسر عنها اختصاص المحكمة الابتدائية النوعي تحقيقا للغاية التي تغياها المشرع من ابتداع هذا النظام وهو جمع شتات المسائل المتعلقة بالتنفيذ في يد قاض واحد قريب من محل التنفيذ والتي تعلو على قواعد الاختصاص، مما كان يتعين معه أن تقضي تلك المحكمة بعدم اختصاصها بنظر الدعوى ولو لم يدفع أحد أطراف الخصومة أمامها بعدم الاختصاص وأن تحيل الدعوى إلى قاضي التنفيذ المختص أتباعا لنص الفقرة الأولى من المادة 110 مرافعات، وإذ هي قضت في موضوع النزاع متجاوزة اختصاصها وأيدها الحكم المطعون فيه في ذلك، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يوجب نقضه.
وحيث إن المادة 269/ 1 من قانون المرافعات تنص على أنه "إذا كان الحكم المطعون فيه قد نقض لمخالفة قواعد الاختصاص تقتصر المحكمة على الفصل في مسألة الاختصاص، وعند الاقتضاء تعين المحكمة المختصة التي يجب التداعي إليها بإجراءات جديدة"، وإذ كان الاستئناف صالحا للفصل فيه، ولما تقدم، فإنه يتعين إلغاء الحكم المستأنف والحكم بعدم اختصاص محكمة جنوب القاهرة الابتدائية بنظر الدعوى وباختصاص قاضي التنفيذ بمحكمة جنوب القاهرة الابتدائية بنظرها.

الطعن 1169 لسنة 69 ق جلسة 27 / 4 / 2014 مكتب فني 65 ق 98 ص 589

جلسة 27 من إبريل سنة 2014
برئاسة السيد القاضي/ عبد الله عمر نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة/ سمير فايزي عبد الحميد، أحمد فتحي المزين، محمد حسن عبد اللطيف وحاتم أحمد سنوسي نواب رئيس المحكمة.
--------------
(98)
الطعن 1169 لسنة 69 القضائية
(1) عقد "آثار العقد".
العقد شريعة المتعاقدين. م 147/ 1 مدني. عدم استقلال أي من طرفي العقد بنقضه أو تعديله.
(2) إيجار "القواعد العامة في الإيجار: تعريف عقد الإيجار".
عقد الإيجار. عقد رضائي. خضوعه لمبدأ سلطان الإرادة في حدود ما فرضه.
(3 ، 4) إيجار "تشريعات إيجار الأماكن: أسباب الإخلاء: الإخلاء لتغيير وجه استعمال العين المؤجرة".
(3) الترخيص للمستأجر بتغيير الغرض من استعمال العين إلى غير غرض السكنى، حق المؤجر في تقاضي أجرة إضافية ولو تقاعس المستأجر عن الانتفاع بهذه الميزة أو أعاد استعمال العين إلى الغرض الأصلي. لا يحق للمستأجر أن يتحلل من التزامه بإرادته المنفردة. علة ذلك.
(4) الترخيص للمستأجر الأصلي (مورث المطعون ضدهم) بتأجير بعض وحدات العين من الباطن مقابل أجرة إضافية. أثره. عدم جواز مطالبته أو ورثته الشركة الطاعنة (المؤجرة) بتخفيض الأجرة بعد إعادة استعمال العين إلى غرضها الأصلي والتنازل عن ميزة الإيجار من الباطن بالإرادة المنفردة. علة ذلك. مخالفة الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضاؤه بإنقاص الأجرة إلى أصلها الوارد بالعقد. خطأ.
-----------------
1 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن مفاد النص في المادة 147 من القانون المدني يدل على أنه إذا انعقد العقد صحيحا نافذا بين طرفيه، فلا يملك أحدهما التحلل منه بإرادته المنفردة، وإنما يتم انحلاله باتفاقهما رضاء أو بصدور حكم بينهما بذلك.
2 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن عقد الإيجار كأي عقد آخر يخضع لمبدأ سلطان الإرادة الذي يقضي بأن العبرة في تحديد حقوق طرفي العقد هو بما حواه من نصوص، بما مؤداه احترام كل منهما للشروط الواردة فيه ما لم تكن مخالفة للنظام العام، ومقتضى ذلك التزام كل من المؤجر والمستأجر باحترام الشروط الواردة في عقد الإيجار والتي يحظر عليهما مخالفتها، كما لا يجوز لأي منهما تعديل شروطه بإرادته المنفردة.
3 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن الترخيص للمستأجر بتغيير استعمال العين المؤجرة للسكنى إلى غير ذلك من الأغراض المهنية أو التجارية أو الصناعية هو ميزة جديدة نصت عليها المواد 23 من القانون 49 لسنة 1977 و7، 19 من القانون رقم 136 لسنة 1981، وخولت للمؤجر في مقابل هذه الميزة حق اقتضاء أجرة إضافية وفقا لمعايير محددة، وبالتالي يحق للمؤجر تقاضي هذا المقابل ولو تقاعس المستأجر عن الانتفاع بتلك الميزة، وليس له التحلل منها بإرادته المنفردة اعتبارا بأن من المقرر في العقود التبادلية - ومنها عقد الإيجار - أنه لا يسوغ لأحد الطرفين أن يستقل بتعديل شروط العقد أو أن يتحلل من التزاماته المترتبة عليه بإرادته المنفردة، ومن ثم فإنه لا وجه للقول بأن من حق المستأجر إرغام المؤجر على الرضوخ لرغبته في التنازل عن ميزة خولها له القانون والرجوع إلى الغرض الأصلي من الإيجار مرة أخرى مع إنقاص الأجرة تبعا لذلك لما في ذلك من إهدار للتوازن بين حقوق الطرفين بغير سند من أحكام القانون.
4 - إذ كان الثابت بأوراق الدعوى ودون منازعة من المطعون ضدهم أن مورثهم المستأجر الأصلي استأجر عين النزاع بموجب العقد المؤرخ 1/ 12/ 1965 لاستعمالها للسكنى، وأنه في غضون عام 1986 أجر بعض حجراتها من الباطن مفروشة - وبموافقة الطاعنة - إلى شركة ... للملاحة البحرية لاستعمالها كمكتب لها والتزم بسداد الأجرة والزيادة القانونية المنصوص عليها بالقانون رقم 136 لسنة 1981 نظير تلك الميزة المخولة له قانونا حتى تاريخ وفاته في 7/ 9/ 1996، ومن ثم فلا يجوز له أو لورثته - بعد امتداد عقد الإيجار إلى المطعون ضدهم - مطالبة الشركة الطاعنة بإنقاص الأجرة بحجة انتهاء عقد الإيجار المفروش وعودتهم إلى استعمال عين النزاع لغرض السكنى وتنازلهم عن ميزة التأجير من الباطن بالإرادة المنفردة دون موافقة من المؤجر الأصلي لعين التداعي بعد تعديل عقد الإيجار بين طرفيه لانطواء ذلك على التحلل من شروط هذا العقد وإهدار للتوازن بين حقوق الطرفين بغير سند من القانون بحسبان أن تلك الحقوق مستمدة من ذلك العقد وأحكام القانون، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وانتهى إلى إلغاء الحكم الابتدائي وإنقاص الأجرة إلى أصلها الوارد بعقد الإيجار سند الدعوى، فإنه يكون معيبا.
------------------
الوقائع
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضدهم أقاموا الدعوى رقم ... لسنة 1998 أمام محكمة الإسكندرية الابتدائية على الشركة الطاعنة بطلب الحكم بتحديد أجرة عين النزاع بذات القيمة الواردة بعقد الإيجار المؤرخ 1/ 12/ 1965، وقالوا بيانا لذلك إن مورثهم استأجر من الشركة الطاعنة الشقة المبينة بالصحيفة وعقد الإيجار المذكور لاستعمالها للسكنى نظير أجرة مقدارها 8.031 جنيهات شهريا، وفي غضون عام 1986 أجر مورثهم جزءا منها مفروشا لإحدى الشركات من الباطن لاستعمالها كمكتب، وأن الشركة الطاعنة أضافت الزيادة القانونية المقررة بالقانون رقم 136 لسنة 1981 إلى الأجرة الشهرية لعين التداعي نظير ذلك واستمر مورثهم في سدادها، وإذ انتهى التأجير من الباطن بتاريخ 30/ 9/ 1995 وأخلى المستأجر المفروش، وقد أعاد مورثهم استعمال الشقة لغرض السكنى وأخطر الشركة الطاعنة بذلك وطالبها برد الأجرة إلى القيمة الواردة بعقد الإيجار دون أي زيادة فامتنعت وطالبتهم بالزيادة المستحدثة بالقانون 6 لسنة 1997 بعد وفاة مورثهم لذا أقاموا الدعوى. حكمت المحكمة برفض الدعوى. استأنف المطعون ضدهم هذا الحكم بالاستئناف رقم ... لسنة 54 ق الإسكندرية وبتاريخ 24/ 3/ 1999 قضت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وتحديد الأجرة القانونية لعين النزاع بالأجرة الثابتة بعقد الإيجار ومقدارها 8.031 جنيهات. طعنت الشركة الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة - في غرفة مشورة - حددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.
------------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الشركة الطاعنة تنعى على الحكم المطعون فيه بسبب الطعن الخطأ في تطبيق القانون، وتقول بيانا لذلك إنها أذنت للمستأجر الأصلي - مورث المطعون ضدهم - بتأجير عين النزاع مفروشة لغير غرض السكنى مقابل التزامه بسداد الزيادة القانونية المنصوص عليها بالقانون رقم 136 لسنة 1981 إلى الأجرة الشهرية لشقة التداعي نظير الترخيص له بالتأجير من الباطن لغير غرض السكنى، بما أتاح له تأجير ثلاث غرف من عين النزاع مفروشة لإحدى شركات الملاحة البحرية واستعمال الجزء الباقي مكتب محاماة، فلا يحق له أو لورثته من بعده إنقاص الأجرة بردها إلى أصلها الوارد بعقد الإيجار وإرغام الشركة المؤجرة على الرضوخ لرغبتهم في التنازل عن تلك الميزة القانونية بالإرادة المنفردة بحجة إعادته استعمال العين المؤجرة للسكن مرة أخرى لما في ذلك من إهدار للتوازن بين حقوق الطرفين بغير سند من القانون، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر، فإنه يكون معيبا بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك أن من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن النص في المادة 147 من القانون المدني على أن "العقد شريعة المتعاقدين فلا يجوز نقضه ولا تعديله إلا باتفاق الطرفين أو للأسباب التي يقرها القانون" يدل على أنه إذا انعقد العقد صحيحا نافذا بين طرفيه، فلا يملك أحدهما التحلل منه بإرادته المنفردة وإنما يتم انحلاله باتفاقهما رضاء أو بصدور حكم بينهما بذلك، ومؤدى ذلك أن عقد الإيجار كأي عقد آخر يخضع لمبدأ سلطان الإرادة الذي يقضي بأن العبرة في تحديد حقوق طرفي العقد هو بما حواه من نصوص، بما مؤداه احترام كل منهما للشروط الواردة فيه ما لم تكن مخالفة للنظام العام، ومقتضى ذلك التزام كل من المؤجر والمستأجر باحترام الشروط الواردة في عقد الإيجار والتي يحظر عليهما مخالفتها، كما لا يجوز لأي منهما تعديل شروطه بإرادته المنفردة، وأن الترخيص للمستأجر بتغيير استعمال العين المؤجرة للسكنى إلى غير ذلك من الأغراض المهنية أو التجارية أو الصناعية هو ميزة جديدة نصت عليها المواد 23 من القانون 49 لسنة 1977 و7، 19 من القانون رقم 136 لسنة 1981 وخولت للمؤجر في مقابل هذه الميزة حق اقتضاء أجرة إضافية وفقا لمعايير محددة، وبالتالي يحق للمؤجر تقاضي هذا المقابل ولو تقاعس المستأجر عن الانتفاع بتلك الميزة، وليسله التحلل منها بإرادته المنفردة اعتبارا بأن من المقرر في العقود التبادلية - ومنها عقد الإيجار - أنه لا يسوغ لأحد الطرفين أن يستقل بتعديل شروط العقد أو أن يتحلل من التزاماته المترتبة عليه بإرادته المنفردة، ومن ثم فإنه لا وجه للقول بأن من حق المستأجر إرغام المؤجر على الرضوخ لرغبته في التنازل عن ميزة خولها له القانون والرجوع إلى الغرض الأصلي من الإيجار مرة أخرى مع إنقاص الأجرة تبعا لذلك لما في ذلك من إهدار للتوازن بين حقوق الطرفين بغير سند من أحكام القانون. لما كان ذلك، وكان الثابت بأوراق الدعوى ودون منازعة من المطعون ضدهم أن مورثهم المستأجر الأصلي استأجر عين النزاع بموجب العقد المؤرخ 1/ 12/ 1965 لاستعمالها للسكنى، وأنه في غضون عام 1986 أجر بعض حجراتها من الباطن مفروشة - وبموافقة الطاعنة - إلى شركة ... للملاحة البحرية لاستعمالها كمكتب لها والتزم بسداد الأجرة والزيادة القانونية المنصوص عليها بالقانون رقم 136 لسنة 1981 نظير تلك الميزة المخولة له قانونا حتى تاريخ وفاته في 7/ 9/ 1996، ومن ثم فلا يجوز له أو لورثته - بعد امتداد عقد الإيجار إلى المطعون ضدهم - مطالبة الشركة الطاعنة بإنقاص الأجرة بحجة انتهاء عقد الإيجار المفروش وعودتهم إلى استعمال عين النزاع لغرض السكنى وتنازلهم عن ميزة التأجير من الباطن بالإرادة المنفردة دون موافقة من المؤجر الأصلي لعين التداعي بعد تعديل عقد الإيجار بين طرفيه لانطواء ذلك على التحلل من شروط هذا العقد وإهدار للتوازن بين حقوق الطرفين بغير سند من القانون بحسبان أن تلك الحقوق مستمدة من ذلك العقد وأحكام القانون، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وانتهى إلى إلغاء الحكم الابتدائي وإنقاص الأجرة إلى أصلها الوارد بعقد الإيجار سند الدعوى، فإنه يكون معيبا بما يوجب نقضه.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه، ولما تقدم، فإنه يتعين القضاء بتأييد الحكم المستأنف ورفض الاستئناف.

الثلاثاء، 9 مارس 2021

الطعن 16201 لسنة 82 ق جلسة 19 / 3 / 2014 مكتب فني 65 ق 70 ص 418

جلسة 19 من مارس سنة 2014
برئاسة السيد القاضي/ خالد يحيى دراز نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة/ نبيل أحمد عثمان، عمرو محمد الشوربجي، أشرف عبد الحي القباني نواب رئيس المحكمة ومحمد علي محمد.
-----------------
(70)
الطعن 16201 لسنة 82 القضائية
(1 - 3) التماس إعادة النظر "من حالات الالتماس: الغش، ثبوت تزوير الأوراق التي بني عليها الحكم". إيجار "تشريعات إيجار الأماكن: أسباب الإخلاء: الإخلاء لعدم الوفاء بالأجرة: مبررات عدم الوفاء بالأجرة".
(1) الغش كسبب لالتماس إعادة النظر. ماهيته. وقوعه ممن حكم لصالحه في الدعوى بناء عليه. م 241/ 1 مرافعات. شرطه.
(2) قبول التماس إعادة النظر وفق المادة 241/ 2 مرافعات. شرطه. ثبوت تزوير الورقة التي كانت أساسا للحكم. عدم كفاية الادعاء بتزويرها. وجوب إقرار مرتكب التزوير به أو صدور حكم جنائي بات أو مدني نهائي بتزويرها.
(3) قضاء الحكم المطعون فيه بقبول التماس المطعون ضده استنادا لوقوع غش من الطاعن بتقديمه شهادة طبية ثبت تزويرها بحكم جنائي غير بات كمبرر لتخلفه عن الوفاء بالأجرة على الرغم من أنها قدمت في حضور المطعون ضده ولم يناقشها أو يطعن عليها. خطأ وفساد.
-----------------
1 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن الغش المبيح لالتماس إعادة النظر في الحكم الانتهائي هو الذي يقع ممن حكم لصالحه في الدعوى بناء عليه، ولم يتح للمحكمة أن تتحرز عند أخذها به بسبب عدم قيام المحكوم عليه بدحضه وتنويرها في حقيقة شأنه لجهله به وخفاء أمره عليه بحيث يستحيل كشفه، فإذا كان مطلعا على أعمال خصمه ولم يناقشها أو كان في وسعه تبين غشه وسكت عنه ولم يفضح أمره أو كان في مركز يسمح له بمراقبة تصرفات خصمه وكان في مكنته إقامة الدليل على كذب خصمه، فإنه لا يكون ثمة وجه للالتماس.
2 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أنه يشترط لقبول الالتماس ثبوت تزوير الورقة التي كانت أساسا للحكم إما بإقرار الخصم أو بالقضاء بتزويرها، فلا يكفي الادعاء بتزويرها وحده لرفع الالتماس وإنما يجب لقبوله أن يقر مرتكب التزوير بارتكابه أو أن يصدر حكم جنائي بات بتزوير الورقة التي كانت أساسا للحكم أو حكم مدني نهائي بذلك وحينئذ يتحقق موجب قبول الالتماس.
3 - إذ كان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه بوقوع غش من الطاعن يجيز للمطعون ضده التماس إعادة النظر على أن ما تضمنته الشهادة الطبية المقدمة من الطاعن أمام محكمة الاستئناف كدليل عذر تبريرا لتخلفه عن سداد الأجرة والتي عول عليها الحكم الملتمس فيه كمبرر لرفض الدعوى، قد قضى بتزويرها بموجب الحكم الجنائي رقم ... لسنة 2011 جنح الدرب الأحمر، رغم أن الثابت من الحكم الملتمس فيه أن الشهادة الطبية قوام الغش المدعى به قدمت أمام محكمة الاستئناف في حضور المطعون ضده، وبالتالي لم يكن أمرها خافيا عليه، وكان في مكنته تنوير المحكمة في شأنها والتلويح بما تضمنته من بيانات مغايرة للحقيقة وإبداء أي مطعن عليها في هذا الخصوص، في حين أن الثابت على نحو ما سجله الحكم المطعون فيه أن الحكم الجنائي قد صدر غيابيا، ومن ثم فإنه لا يقيد القضاء المدني، فإن الحكم المطعون فيه إذ خلص رغم ذلك إلى قبول الالتماس ومضى في نظر موضوعه معولا على ذلك الحكم، يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه الفساد في الاستدلال بما يوجب نقضه.
----------------
الوقائع
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضده أقام على الطاعن الدعوى رقم ... لسنة 2009 جنوب القاهرة الابتدائية بطلب الحكم بإخلاء الشقة المبينة بالأوراق والتسليم، وقال بيانا لها إنه بموجب عقد مؤرخ 1/8/1992 استأجر منه عين التداعي لقاء أجرة شهرية مقدارها 130 جنيها وقد تأخر في سداد الأجرة عن شهر يناير سنة 2009 ويكون قد تكرر امتناعه عن سداد الأجرة على النحو الثابت بالدعوى رقم ... لسنة 2007 كلي جنوب القاهرة فأقام الدعوى. حكمت المحكمة بالطلبات. استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم ... لسنة 126ق لدى محكمة استئناف القاهرة التي قضت بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض الدعوى. أقام المطعون ضده التماسا بإعادة النظر في هذا الحكم برقم ... لسنة 127ق القاهرة، وبتاريخ 5/9/2012 قضت المحكمة بإلغاء الحكم الملتمس فيه وبتأييد الحكم الابتدائي. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وأودعت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة - في غرفة مشورة - حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
-----------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال، ذلك أنه عول على قبوله التماس إعادة النظر وقضى في الموضوع على أن الطاعن أدخل الغش على المحكمة بتقديمه شهادة طبية أمام محكمة الاستئناف ثبت تزويرها بموجب الحكم الجنائي رقم ... لسنة 2011 جنح الدرب الأحمر رغم أن هذا الحكم صدر غيابيا، وفي حين أنه كان في مقدور المطعون ضده وقد قدمت هذه الشهادة في حضوره أمام المحكمة تقديم ما يعن له من دفاع في خصوصها وتنوير المحكمة في حقيقتها أثناء نظر الخصومة الأصلية، مما يعيب الحكم المطعون فيه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أن النص في المادة 241 من قانون المرافعات على أنه "للخصوم أن يلتمسوا إعادة النظر في الأحكام الصادرة بصفة انتهائية في الأحوال الآتية: 1- إذا وقع من الخصم غش كان من شأنه التأثير في الحكم. 2- إذا حصل بعد الحكم إقرار بتزوير الأوراق التي بني عليها أو قضي بتزويرها ... "يدل- وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن الغش المبيح لالتماس إعادة النظر في الحكم الانتهائي هو الذي يقع ممن حكم لصالحه في الدعوى بناء عليه، ولم يتح للمحكمة أن تتحرز عند أخذها به بسبب عدم قيام المحكوم عليه بدحضه وتنويرها في حقيقة شأنه لجهله به وخفاء أمره عليه بحيث يستحيل كشفه، فإذا كان مطلعا على أعمال خصمه ولم يناقشها أو كان في وسعه تبين غشه وسكت عنه ولم يفضح أمره أو كان في مركز يسمح له بمراقبة تصرفات خصمه وكان في مكنته إقامة الدليل على كذب خصمه، فإنه لا يكون ثمة وجه للالتماس، كما يشترط لقبول الالتماس ثبوت تزوير الورقة التي كانت أساسا للحكم إما بإقرار الخصم أو بالقضاء بتزويرها، فلا يكفي الادعاء بتزويرها وحده لرفع الالتماس وإنما يجب لقبوله أن يقر مرتكب التزوير بارتكابه أو أن يصدر حكم جنائي بات بتزوير الورقة التي كانت أساسا للحكم أو حكم مدني نهائي بذلك وحينئذ يتحقق موجب قبول الالتماس. لما كان ذلك، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه بوقوع غش من الطاعن يجيز للمطعون ضده التماس إعادة النظر على أن ما تضمنته الشهادة الطبية المقدمة من الطاعن أمام محكمة الاستئناف كدليل عذر تبريرا لتخلفه عن سداد الأجرة والتي عول عليها الحكم الملتمس فيه كمبرر لرفض الدعوى، قد قضى بتزويرها بموجب الحكم الجنائي رقم .... لسنة 2011 جنح الدرب الأحمر، رغم أن الثابت من الحكم الملتمس فيه أن الشهادة الطبية قوام الغش المدعى به قدمت أمام محكمة الاستئناف في حضور المطعون ضده، وبالتالي لم يكن أمرها خافيا عليه، وكان في مكنته تنوير المحكمة في شأنها والتلويح بما تضمنته من بيانات مغايرة للحقيقة وإبداء أي مطعن عليها في هذا الخصوص، في حين أن الثابت على نحو ما سجله الحكم المطعون فيه أن الحكم الجنائي قد صدر غيابيا، ومن ثم فإنه لا يقيد القضاء المدني، فإن الحكم المطعون فيه إذ خلص رغم ذلك إلى قبول الالتماس ومضى في نظر موضوعه معولا على ذلك الحكم، يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه الفساد في الاستدلال بما يوجب نقضه.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه، ولما تقدم، وإذ كان الالتماس قد بني على وقوع غش من الطاعن أثر في قضاء الحكم الملتمس فيه وأن الشهادة الطبية المقدمة منه مزورة، وكان الثابت على ما سلف بيانه أن ما ساقه الملتمس لا يكون غشا، وأن الحكم الجنائي لم يصبح باتا قبل رفع الالتماس، فإنه يتعين الحكم بعدم قبول الالتماس.