الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الجمعة، 19 فبراير 2021

الطعن 10323 لسنة 56 ق جلسة 24 / 11 / 2013 إدارية عليا مكتب فني 59 ج 1 ق 16 ص 175

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ حسن كمال محمد أبو زيد شلال نائب رئيس مجلس الدولة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ طارق محمد لطيف عبد العزيز، ومحمد محمد مجاهد راشد، ومحمد علي محمود هاشم، وحسن محمود سعداوي محمد نواب رئيس مجلس الدولة
------------------
(1) دعوى- طلبات في الدعوى- تكييفها- حدود سلطة المحكمة في تكييف الطلبات
- للخصوم تحديد وصياغة طلباتهم بما يرونه محققًا لمصلحتهم، واختيار السند القانوني الأرجح للقضاء لهم موضوعيًّا بها، إلا أن تحديد هذه الطلبات وتكييف حقيقة طبيعتها القانونية مرده إلى المحكمة
- إذا كان للمحكمة ألا تتقيد بظاهر العبارات والألفاظ، فإن عليها الوقوف عند حقيقة الطلبات، فلا تملك وهي بصدد تحديد طلبات الخصوم وتكييف حقيقة طبيعتها القانونية أن تحوِّرها أو تغيِّرها بما يؤدي إلى اختلافها إلى مركزٍ قانوني أو حق لم يقصدوه، أو يتجاوز حدود ذلك، أو أن تُحِلَّ إرادتها محل إرادة الخصوم في الدعوى بتعديل طلباتهم بإضافة ما لم يطلبوا الحكم به- يخضع الحكم المطعون فيه بما يتضمنه من تكييف الدعوى لرقابة محكمة الطعن( )
-(تطبيق): لا يجوز للمحكمة تكييف طلب المدعي بإلغاء القرار السلبي بالامتناع عن تكليفه باعتباره طعنًا على تخطيه في التعيين؛ إذ إن هناك فرقا بين التكليف، والتعيين، ففي حالة الطعن على قرار رفض التكليف أو الامتناع عنه يستند المدعي إلى أحقيته في التكليف دون أن يقارن بين مؤهلاته ومؤهلات غيره، وذلك على خلاف الأمر في حالة الطعن على قرار التخطي في التعيين.

(2) جامعات- معاونو أعضاء هيئة التدريس- التعيين في وظيفة معيد
- رسمَ المشرِّع للتعيين في وظيفة المعيد طريقين: (أحدهما) أصلي، وهو الإعلان، و(ثانيهما) استثنائي، وهو التكليف، وحدَّد لكلِّ طريقٍ أحكامَه وشروطَه- لا يجوز استصحاب الأحكام الخاصة بالتعيين بطريق الإعلان لتطبيقها في التعيين بطريق التكليف.
- المواد أرقام (72) و(133) و(135) و(136) و(137) من قانون تنظيم الجامعات، الصادر بالقرار بقانون رقم 49 لسنة 1972، المعدَّل بموجب القانون رقم 142 لسنة 1994.

(3) جامعات- معاونو أعضاء هيئة التدريس- التعيين في وظيفة معيد- التعيين بطريق الإعلان- ضوابطه
- تغيا المشرع من التعيين عن طريق الإعلان كفالة المساواة وتكافؤ الفرص بين جميع الخريجين، كإطارٍ لا يجوز تجاوزه، وحدَّد الشروط التي تكفل هذه الغاية- أجاز المشرع لمجلس الجامعة أن يُضمِّن الإعلان عن شغل وظائف المعيدين شروطًا أخرى بالإضافة إلى الشروط المبينة في القانون، على أن تكون من جنسها، وأن تكون متصفة بالعمومية والتجريد، غير منطوية على تمييز منهي عنه، أو إخلال بالمساواة، أو بتكافؤ الفرص- لا يجوز أن يتضمن الإعلان قصر التعيين على خريجي كلية معينة، أو سَنَة محددة؛ لما في ذلك من خروج عن قصد المشرع( ).
- المادتان رقما (136) و(141) من قانون تنظيم الجامعات، الصادر بالقرار بقانون رقم 49 لسنة 1972.

(4) جامعات- معاونو أعضاء هيئة التدريس- التعيين في وظيفة معيد- التعيين بطريق التكليف
- التكليف هو الطريق الاستثنائي للتعيين في هذه الوظيفة، وقد أجازه المشرع بشروطٍ أربعة: (أولها) أن يكون المكلف متخرجًا في الكلية نفسها، و(ثانيها) أن يكون من خريجي السنتين السابقتين مباشرة على سنة التعيين، و(ثالثها) أن يكون حاصلا على جيد جدًّا في التقدير العام، و(رابعها) أن يكون حاصلا في مادة التخصص على تقدير جيد جدًّا- لا يجوز لجهة الإدارة أن تضيف شروطا أخرى إلى الشروط المبينة في القانون للتكليف في وظائف المعيدين- شروط التكليف وضوابطه أوردها المشرع حصرًا دون أن يجيز الإضافة إليها، وهذا على خلاف ما أجازه بالنسبة للتعيين في تلك الوظائف بطريق الإعلان- ترتيبا على ذلك: لا يجوز إضافة شرط (عدم تجاوز سن محددة) أو (عدم مضي مدة معينة على التخرج) إلى شروط التكليف في وظائف المعيدين( ).
- المواد أرقام (136) و(137) و(138) و(141) من قانون تنظيم الجامعات، الصادر بالقرار بقانون رقم 49 لسنة 1972، المعدَّل بموجب القانونين رقمي 54 لسنة 1973 و142 لسنة 1994.

(5) جامعات- معاونو أعضاء هيئة التدريس- التعيين في وظيفة معيد- التعيين بطريق التكليف- شروطه- شرط أن يكون من خريجي الكلية في السنتين الأخيرتين (أي السابقتين مباشرة على سنة التعيين)
- إعمال أحكام وشروط التكليف لا يتأتى إلا بترتيب خريجي هاتين السنتين المستوفين للشروط في قائمةٍ واحدة، تُستهَل بالحاصلين على أعلى الدرجات في التقدير العام وتقدير مادة التخصص- بالنسبة للتكليف في الأقسام العلاجية (الإكلينيكية) بكليات الطب: يكون الترشيح من بين خريجي السنتين الأخيرتين بعد إضافة مدة التدريب العملي المتطلبة قانونًا.
- المادتان رقما (137) و(138) من قانون تنظيم الجامعات، الصادر بالقرار بقانون رقم 49 لسنة 1972، المعدَّل بموجب القانون رقم 142 لسنة 1994.

(6) مسئولية- مسئولية الإدارة عن أعمالها
- مناط مسئولية الإدارة عن قراراتها أو أعمالها المادية هو وجود خطأ في جانبها، وأن يصيب ذوي الشأن ضرر من جراء القرار أو العمل المادي، وأن تقوم علاقة سببية بين الخطأ والضرر- الضرر نوعان: ضرر مادي، ويقصد به الإخلال بمصلحةٍ للمضرور ذات قيمة مالية، ويجب أن يكون محقق الوقوع، وضرر أدبي يصيب مصلحةً غير مالية للمضرور، مثل المساس بشعوره أو عاطفته أو كرامته أو شرفه- إثبات الضرر هو مسئولية مَنْ يتمسك به، إعمالا للقاعدة العامة القاضية بأن "البينة على من ادعى".
- المادة رقم (163) من القانون المدني.

(7) مسئولية- مسئولية الإدارة عن أعمالها- تقدير التعويض
- التعويض عن قرار التخطي في التعيين أو التكليف لا يلزم أن يكون مساويًا للمرتب الذي فات المضرور؛ لأن الأجر مقابل العمل- يُقدَّر التعويض حسب ظروف الحال، وما فات المضرور من المزايا المادية والأدبية وفرص الترقي، أخذا في الاعتبار طول مدة التقاضي.
---------------
الوقائع
بتاريخ 18/2/2010 أودع السيد الأستاذ المستشار/ رئيس هيئة مفوضي الدولة قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريرَ طعنٍ، قُيِّدَ برقم 10323 لسنة 56ق. عليا في الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإداري بطنطا (الدائرة الثالثة) بجلسة 21/12/2009 في الطعن الاستئنافي رقم 685 لسنة 14 ق. س، في الحكم الصادر عن المحكمة الإدارية بطنطا بجلسة 14/7/2007 في الدعوى رقم 730 لسنة 30ق، فيما قضى به بقبول الطعن شكلا، ورفضه موضوعًا، والقضاء بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددًا بقبول الدعوى شكلا، وفي الموضوع: (أولا) بإلغاء القرار السلبي لرئيس جامعة طنطا بالامتناع عن تعيين المدعي في وظيفة معيد بقسم الجراحة العامة، مع ما يترتب على ذلك من آثار. (ثانيًا) بإلزام جهة الإدارة بأن تؤدي للمدعي تعويضًا عما لحقه من أضرار مادية وأدبية من جراء القرار الطعين التعويض الذي تقدره المحكمة، وإلزام الجامعة المصروفات عن درجتي التقاضي.
وقد أعلن تقرير الطعن على النحو المقرر قانونًا.
وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريرًا بالرأي القانوني في الطعن، ارتأت فيه الحكم -بعد إعلان تقرير الطعن إلى المطعون ضده على النحو المقرر قانونًا- "بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، الصادر في الطعن الاستئنافي رقم 685 لسنة 14 ق.س. بجلسة 21/12/2009، والقضاء مجددًا بإلغاء القرار الإداري رقم 1335 لسنة 2001 الصادر بتاريخ 13/9/2001 فيما تضمنه من تكليف الطبيب محمد... لشغل وظيفة معيد بقسم الجراحة العامة بكلية الطب- جامعة طنطا إلغاءً مجردًا، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام الطاعن والمطعون ضده المصروفات مناصفة عن جميع درجات التقاضي".
وقد نظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون على النحو الثابت بمحاضر الجلسات، حيث قررت إحالته إلى هذه المحكمة لنظره بجلسة 21/4/2013، وتدوول نظره بالجلسات، وبجلسة 9/6/2013 قررت المحكمة إعادة الطعن للمرافعة للجلسة المذكورة لتعديل التشكيل وإصدار الحكم بجلسة 24/11/2013، وبهذه الجلسة صدر الحكم، وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
----------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
وحيث إن الطعن قد استوفى جميع أوضاعه الشكلية.
وحيث إن عناصر هذه المنازعة تخلص -حسبما يبين من الأوراق- في أنه بتاريخ 8/11/2001 أقام: محمود... الدعوى رقم 730 لسنة 30ق أمام المحكمة الإدارية بطنطا، طلب في ختام صحيفتها الحكم له بقبول الدعوى شكلا، وبوقف تنفيذ ثم إلغاء القرار السلبي لجامعة طنطا بالامتناع عن تعيينه معيدًا بقسم الجراحة العامة بجامعة طنطا، مع ما يترتب على ذلك من آثار، أخصها تسلمه العمل فورًا، وتنفيذ الحكم بمسودته، والقضاء له بالتعويض العادل الذي تقدره المحكمة جبرًا لما لحق به من أضرار مادية وأدبية.
وذكر المدعي شرحًا لدعواه أنه حصل على بكالوريوس الطب والجراحة من جامعة طنطا بتقدير عام جيد جدًا مع مرتبة الشرف، وبتاريخ 9/8/2001 صدر قرار مجلس قسم الجراحة العامة بتكليفه معيدًا بالقسم، كما وافق على ذلك مجلس كلية الطب بتاريخ 15/8/2001 إلا أن الجامعة رفضت التعيين بحجة مرور أكثر من خمس سنوات على تخرجه، وتظلم من القرار ولم يتلق ردًّا على تظلمه، ونعى المدعى على هذا القرار مخالفته للدستور والقانون وكونه معيبًا في سببه.

وبجلسة 14/7/2007 قضت المحكمة الإدارية بطنطا، بقبول الدعوى شكلا، ورفضها موضوعًا، وألزمت المدعي المصروفات.
وشيدت المحكمة قضاءها على أساس أن المدعي على وفق التكييف الحقيقي لطلباته، يستهدف الحكم له بإلغاء قرار رئيس الجامعة رقم 1335 لسنة 2001 فيما تضمنه من تخطيه في التعيين في وظيفة معيد بقسم الجراحة العامة بكلية الطب جامعة طنطا، مع ما يترتب على ذلك من آثار، والقضاء له بالتعويض الذي يجبر ما لحق به من أضرار مادية وأدبية على النحو الذي تقدره المحكمة، وعقدت المحكمة مقارنةً بين المدعي والمطعون على تعيينه على وفق التكييف الذي انتهت إليه، وأوضحت أن المطعون على تعيينه محمد... حاصل على البكالوريوس عام 1996 وبمجموع أعلى، إذ حصل على مجموع 3760 درجة، ومن مواليد 27/1/1973، وحاصل على درجة أعلى في مادة التخصص، إذ حصل عليها بمجموع 411، في حين أن المدعي حاصل عليه عام 1995 بمجموع أقل (3746,44 درجة)، وأقل في درجة مادة التخصص (375,07 درجة)، ومن مواليد 13/7/1971، ومن ثم يكون المدعي دون المطعون على تعيينه في معايير الأفضلية، وأن ما استند إليه المدعي من موافقة مجلس القسم والكلية على تعيينه مجرد إجراءات تمهيدية لا تكسبه مركزًا قانونيًّا، وبذلك أيضًا ينتفي ركن الخطأ الموجب للتعويض في جانب الجامعة.
وإذ لم يصادف الحكم قبولا لدى المدعي، فقد أقام الطعن الاستئنافي رقم 685 لسنة 14ق. س أمام محكمة القضاء الإداري بطنطا (الدائرة الثالثة) طالبًا الحكم بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددًا بوقف تنفيذ ثم إلغاء قرار رئيس جامعة طنطا رقم 1335 لسنة 2001 فيما تضمنه من تخطيه في التعيين في وظيفة معيد بقسم الجراحة العامة بكلية الطب جامعة طنطا، مع ما يترتب على ذلك من آثار، أخصها تسلمه العمل فورًا، وتنفيذا الحكم بمسودته، وأحقيته في التعويض جبرًا لما لحق به من أضرار مادية وأدبية من جراء القرار الطعين.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريرًا بالرأي القانوني في الطعن الاستئنافي ارتأت في ختامه الحكم: بقبول الطعن شكلا، ورفضه موضوعًا، وإلزام الطاعن المصروفات.
وبجلسة 21/12/2009 قضت المحكمة بقبول الطعن شكلا، ورفضه موضوعًا، وألزمت الطاعن المصروفات. وأقامت المحكمة قضاءها- بعد أن قامت بتكييف طلبات المستأنِف بأنها "تخطيه في وظيفة معيد" واستعرضت أحكام المادتين (135) و(136) من قانون تنظيم الجامعات الصادر بالقرار بقانون رقم 49 لسنة 1972، المعدَّل بالقانون رقم 142 لسنة 1994*، أنه عند تطبيق القواعد الواردة في هاتين المادتين يكون المطعون على تعيينه أولى في التعيين، باعتبار أنه الأعلى في درجة التقدير في البكالوريوس (3760 درجة)، بينما الطاعن (3746,44 درجة)، والأعلى في درجة مادة التخصص، ومن ثم فإن المطعون على تعيينه هو الأعلى في مجموع درجات هذين التقديرين، ويكون هو الأحق بالتعيين بوظيفة معيد، وخلصت المحكمة إلى أن القرار المطعون فيه قد قام على سببه الصحيح، ولانتفاء الخطأ تنتفي موجبات الحكم بالتعويض، وقضت بالحكم المشار إليه محل الطعن الماثل.
وحيث إن مبنى الطعن أن الحكم المطعون فيه قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله؛ على سندٍ من أن المحكمة أخطأت في تكييف طلبات المدعي بتكييفها على أنه تخطٍّ في التكليف، في حين أنه يطعن على قرار الامتناع عن تكليفه، خاصةً أنه استوفى شروط التكليف مثل زميله الذي تم تكليفه، وأنه تم استثناء زميله من شرطي السن ومضي خمس سنوات على التخرج، ولم يتم ذلك معه بتكليفه مثل زميله، رغم اتحادهما في المركز القانوني، وبالتالي يكون عدم تعيينه في وظيفة معيد بقسم الجراحة العامة بكلية الطب جامعة طنطا قد جاء مخالفًا للقانون، وأن القرار رتب أضرارا لحقت به.
وخلص السيد الأستاذ المستشار رئيس هيئة مفوضي الدولة إلى طلب الحكم بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبإلغاء قرار رئيس جامعة طنطا رقم 1335 لسنة 2001 فيما تضمنه من عدم تعيين المدعي معيدًا بقسم الجراحة العامة بكلية الطب جامعة طنطا، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام جامعة طنطا المصروفات.
- وحيث إن المستقر في قضاء هذه المحكمة أنه ولئن كان للخصوم تحديد طلباتهم بالعبارات التي يصوغونها على وفق ما يرونه محققًا لمصلحتهم، ويختارون لهذه الطلبات السند القانوني الذي يرونه أرجح في القضاء بها موضوعيًّا، فإن تحديد هذه الطلبات وتكييف حقيقة طبيعتها القانونية مرده إلى المحكمة، إذ عليها أن تتعمق فيما يُحدَّد في المنازعة الإدارية من طلباتٍ وأسانيد قانونية؛ لتصل إلى التكييف الصحيح لحقيقة هذه الطلبات، وتنزل عليها صحيح أحكام القانون، غير مقيدة بما ورد بها من عبارات أو ألفاظ لا تتحقق من خلال معناها الظاهر حقيقة نوايا مقدميها وغاياتهم من المنازعات الإدارية ومقاصدهم منها، وإذا كان للمحكمة ألا تتقيد بظاهر الألفاظ، فإن عليها الوقوف عند حقيقة الطلبات، فلا تملك تحويرها أو تغييرها بما يؤدي إلى اختلاف الطلبات إلى مركزٍ قانوني أو حق لم يقصدوه، أو تتجاوز حدود ذلك، فلا يجوز لها أن تحور تلك الطلبات بما يخرجها عن المقصود من وراء إبدائها، أو تحل إرادتها محل إرادة الخصوم في الدعوى، فتقوم بتعديل طلباتهم بإضافة ما لم يطلبوا الحكم به، ولهذا فإن تكييف محكمة أول درجة للدعوى يخضع لرقابة محكمة الطعن التي يكون لها أن تزن التكييف الوارد في الحكم المطعون فيه بميزان القانون.

وحيث إنه تطبيقًا لهذه المبادئ المحدِّدة لسلطة المحكمة في تكييف طلبات الخصوم نطاقا وضوابط، فإن المدعي طلبَ في ختام صحيفة دعواه أمام محكمة أول درجة -وهي المحكمة الإدارية بطنطا- إلغاءَ القرار السلبي لجامعة طنطا "بالامتناع عن تعيينه" معيدًا بقسم الجراحة العامة بكلية الطب بطنطا، مُبينًا ما اتخذه مجلس قسم الجراحة العامة من قرار "بتكليفه" معيدًا بالقسم، وما اتخذه مجلس كلية الطب من موافقة على هذا القرار، ومُوضِّحًا أن الجامعة "رفضت التعيين"، قاصدًا التكليف، فما كان يجوز للمحكمة -وكانت هذه طلباته في ضوء ما ساقه من وقائع- أن تحورها لتكون "تخطيه في التعيين"؛ لاختلاف "الامتناع" عن التكليف أو رفض التكليف عن "التخطي في التعيين"، إذ يستند المدعي إلى أحقيته في التكليف بمعزل عن غيره، سواء كان ما وقع من الجامعة "امتناعًا أم رفضًا" لهذا التكليف، أما بصدد "التخطي" فإن المدعي يضع نفسه في مقارنة مع غيره، لا بمعزل عنه، ويرى نفسه الأفضل في مؤهلات التكليف، بما يجعله حقًّا له يَفْضُل غيره فيه، فالأحقية في الطعن على الامتناع أو الرفض تتعلق بما يراه المدعي حقًّا له لا يُقارِن مؤهلاته بما لدى غيره من المؤهلات، ولا يُنافِس الآخرين فيما تقرر لهم من حقوق أو مراكز قانونية، ولا يتزاحم معهم فيها، في حين أنه في "التخطي" يقوم على مقارنة مؤهلاته بما لدى غيره من المؤهلات، وأنه عند التنافس يرى أن مؤهلاته تسبق في ترتيبها مؤهلات غيره، وأن التزاحم مع الآخرين محسومٌ لمصلحته بحسب ترتيبه لشغل المركز القانوني المطلوب شغله أو الحق الذي يجري تقريره، ومن ثم فلم يكن جائزًا للمحكمة وهي بصدد تكييف طلبات المدعي أن تحورها من "أحقيته في التكليف"، سواء كان ما وقع من الجامعة امتناعًا أم رفضًا، إلى ما تصورته خطأ طعنًا على "تخطي" في التعيين؛ إذ لم ترد في صحيفة دعواه أمام المحكمة الإدارية أية مقارنة منه لمؤهلاته بما لدى زميله المكلَّف، بل قصد بطلباته إلغاء القرار السلبي "بالامتناع عن تكليفه".

وإذ ذهب الحكم المطعون فيه غيرَ هذا المذهب، واعتبر -استنادًا إلى تكييفٍ خاطئ لطلبات المدعي- أنها تنصب على "تخطيه في وظيفة معيد"، دون بيانٍ لِما إذا كان تعيينًا أم تكليفًا، رغم الاختلاف في الأحكام القانونية لكل منهما، فإن الحكم المطعون فيه يكون قد تنكب وجهَ الصواب، وخرج على حدود التكييف القانوني المقرر للطلبات، الأمر الذي يتعين معه القضاء بإلغائه.

- وحيث إن المادة (72) من قانون تنظيم الجامعات الصادر بالقرار بقانون رقم 49 لسنة 1972 تنص على أنه: "مع مراعاة أحكام المادتين (68) و(71) يجري الإعلان عن الوظائف الشاغرة في هيئة التدريس مرتين في السنة، ولمجلس الجامعة بناءً على طلب مجلس الكلية أو المعهد بعد أخذ رأي مجلس القسم المختص أن يضمن الإعلان فيما عدا وظائف الأساتذة اشتراط شروط معينة وذلك بالإضافة إلى الشروط العامة المبينة في القانون...".

وتنص المادة (133) من القانون ذاته على أن: "يُعيَّن المعيدون والمدرسون المساعدون بقرارٍ من رئيس الجامعة بناءً على طلب مجلس الكلية أو المعهد بعد أخذ رأي مجلس القسم المختص، ويكون التعيين من تاريخ صدور هذا القرار".

وتنص المادة (135) المستبدلة بموجب القانون رقم 54 لسنة 1973 على أن: "يُشترَط فِيمَنْ يُعيَّن معيدًا أو مدرسًا مساعدًا أن يكون محمود السيرة حسن السمعة".

وتنص المادة (136) على أن: "يكون تعيين المعيدين بناءً على إعلان عن الوظائف الشاغرة. ومع مراعاة حكم المادة السابقة، يُشترَطُ فِيمَنْ يُعيَّن معيدًا ما يأتي: (1) أن يكون حاصلا على تقدير جيد جدًّا على الأقل في التقدير العام في الدرجة الجامعية الأولى. (2) أن يكون حاصلا على تقدير جيد على الأقل في مادة التخصص أو ما يقوم مقامها...

وفي جميع الأحوال تُجرَى المفاضلة بين المتقدمين على أساس تفضيل الأعلى في التقدير العام، وعند التساوي في هذا التقدير يُفضل الأعلى في مجموع الدرجات...".

وتنص المادة (137) المستبدلة بالقانون رقم 142 لسنة 1994 على أنه: "مع مراعاة حكم المادتين (132 و135) من هذا القانون، يجوز أن يُعيَّن المعيدون عن طريق التكليف من بين خريجي الكلية في السنتين الأخيرتين الحاصلين على تقدير جيد جدًّا على الأقل في كلٍّ من التقدير العام في الدرجة الجامعية الأولى، وفي تقدير مادة التخصص أو ما يقوم مقامها، وتُعطَى الأفضلية لِمَنْ هو أعلى في التقدير العام، وعند التساوي في التقدير العام تُعطَى الأفضلية لِمَنْ هو أعلى في مجموع الدرجات، مع مراعاة ضوابط المفاضلة المقررة في المادة (136) من هذا القانون".

وتنص المادة (138) على أن: "في تطبيق حكم المادتين السابقتين، إذا لم تكن مادة التخصص في مواد الامتحان في مرحلة الدرجة الجامعية الأولى، فيقوم مقامها الحصول على دبلوم خاصة في فرع التخصص. وإذا لم توجد هذه الدبلوم، فيقوم مقامها التمرين العملي مدة لا تقل عن سنتين في كليةٍ جامعية أو معهد جامعي أو مستشفى جامعي، وبشرط الحصول على تقدير جيد جدًّا على الأقل عن العمل خلال هذه المدة.
ويُشترَطُ في جميع الأحوال بالنسبة لوظائف المعيدين في الأقسام العلاجية (الإكلينيكية) في كليات الطب أن يكون المرشح قد أمضى سنتين على الأقل في تدريبٍ عملي بأحد المستشفيات الجامعية في فرع تخصصه".
وتنص المادة (141) على أن: "يسري على الإعلان عن وظائف المعيدين والمدرسين المساعدين حكمُ الفقرة الأولى من المادة (72) الخاصة بالإعلان عن وظائف أعضاء هيئة التدريس".
وحيث إن المستفاد مما تقدم على وفق المستقر عليه في قضاء هذه المحكمة وإفتاء الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع أن المشرِّع رسمَ للتعيين في وظيفة المعيد طريقين، أحدهما أصلي وهو الإعلان، والثاني استثنائي وهو التكليف، وحدَّد لكلِّ طريقٍ أحكامَه، فأما عن التعيين عن طريق الإعلان وهو الأصل، فقد تغيا منه المشرع كفالة المساواة وتكافؤ الفرص بين جميع الخريجين، كإطارٍ لا يجوز تجاوزه، وحدَّد الشروط التي تكفل هذه الغاية، وهي شروطٌ قوامها وجوهرها التفوق العلمي بين محمودي السيرة وحسني السمعة، لا أفضلية فيها للمتخرجين في كلية بذاتها ولا في سنة محددة، فالكلُّ فيها سواءٌ تجري المفاضلة بينهم على وفق قواعد محدَّدة لا مجال فيها للاجتهاد.

وبعد أن فصَّل المشرِّع شروط وقواعد التعيين في وظيفة معيد (على النحو المتقدم)، أحالَ في كيفية الإعلان إلى الفقرة الأولى من المادة (72) من القانون، التي أجازت لمجلس الجامعة أن يضمن الإعلان عن شغل وظائف هيئة التدريس شروطًا أخرى بالإضافة إلى الشروط المبينة في القانون، وهذه الشروط يتعين أن تكون من جنس الشروط التي أجملها القانون، بأن تكون متصفةً بالعمومية والتجريد، لا أن تكون شروطًا منطوية على تمييزٍ منهي عنه، أو إخلالٍ بالمساواة أو بتكافؤ الفرص المكفولين بنص الدستور للمواطنين جميعًا عند شغل الوظائف العامة، وعلى ذلك فلا يجوز أن يتضمن الإعلان قصر التعيين على خريجي كلية معينة أو سنة محدَّدة؛ لِما في ذلك من خروج على قصد المشرع.

وأما عن التكليف وهو الطريق الاستثنائي في التعيين، فقد أجازه المشرع -خروجًا على القواعد المتقدمة- بشروطٍ أربعة، أولها: أن يكون المكلف متخرجًا في الكلية ذاتها، فلا يكلف من خارجها. وثانيها: أن يكون من خريجي السنتين السابقتين مباشرة على سنة التعيين، فلا يعين من تخرج قبل ذلك. وثالثها: أن يكون حاصلا على جيد جدًّا في التقدير العام، فلا يكلف الحاصل على جيد، بعكس التعيين عن طريق الإعلان حيث يجوز تعيين الحاصل على جيد إذا لم يتقدم من هو حاصل على جيد جدًّا. ورابعها: أن يكون حاصلا في مادة التخصص على تقدير جيد جدًّا. وإعمال هذه الأحكام لا يتأتى إلا بترتيب خريجي السنتين الأخيرتين المستوفين للشروط في قائمةٍ واحدة، تُستهَل بالحاصلين على أعلى درجات تقدير عام وتقدير مادة التخصص.

وإذا كان التكليف كطريق استثنائي في التعيين قد قصره المشرع على خريجي السنتين الأخيرتين، فإن المادة (138) المبينة آنفًا قد اشترطت بالإضافة إلى ذلك أن يكون المرشح لوظيفة معيد في الأقسام العلاجية "الإكلينيكية" في كليات الطب قد أمضى سنتين على الأقل في تدريب عملي بأحد المستشفيات الجامعية بفرع تخصصه، وهو ما يتعين أخذه في الحسبان عند التكليف في هذه الأقسام.

وإذا كان المشرع قد اعتبر أن شغل وظائف المعيدين عن طريق "الإعلان" هو الأصل، ونظمه بموجب أحكام المواد (72) و(134) و(136)، بأن أجازت المادة (72) وضع شروط إضافية، وحددت المادة (136) معايير المفاضلة العلمية، وأحالت المادة (141) إلى سلطة الجامعة في وضع الشروط الإضافية، فإن هذه السلطة التي تقررت لمجلس الجامعة في تعيين المعيدين بموجب الإحالة يقتصر نطاق تطبيقها على شغل وظائف المعيدين عن طريق "الإعلان"، بما يجب معه على الجامعة التي تضعها أن تقف في تطبيقها على المتقدمين لشغل هذه الوظائف عن طريق "الإعلان".

وإذ رسم المشرع طريقًا استثنائيًّا لشغل وظائف المعيدين وهو "التكليف" بالمادة (137) التي اشتملت على شروطه وضوابطه، وخلت من أية إحالة صريحة أو ضمنية إلى أي من المادتين اللتين أجازتا وضع الشروط الإضافية، وهما المادتان (72) و(141) من قانون تنظيم الجامعات، فلا يجوز للجامعة أن تستخدم سلطة الإضافة إلى الشروط التي تقررت لها في مجال "الإعلان" -وهو الأصل- في غير ما تقررت فيه وهو "التكليف" الطريق الاستثنائي؛ لأن المشرِّعَ لم يخوِّلها هذه السلطة في خصوص التكليف، إذ لو أراد المشرِّعُ أن يكون لمجلس الجامعة سلطة وضع الشروط الإضافية في خصوص التكليف لما أعوزه النص على ذلك صراحةً، بل أراد أن يبقيه طريقًا استئنائيًّا في شروطه وضوابطه، لذا أوردها دون أن يجيز الإضافة إليها.

وإذا وضعت الجامعة شروطًا إضافية في مجال "الإعلان"؛ بحسبانه الأصل لشغل وظائف المعيدين تطبيقًا لأحكام المواد (72) و(136) و(141)، فلا يجوز لها أن توسِّع -خلافًا لأحكام المادة (137)- نطاقَ تطبيقها ليشمل الاستثناء وهو "التكليف"؛ لاستقلال كل من الطريقين في الأحكام المنظمة له، فإن خرجت على هذه الأحكام، وتجاوزت حدود سلطتها في غير ما تقررت له "الإعلان"، وأعملتها في "التكليف"، كان تصرفها مخالفا للقانون.

وحيث إنه لسلامة تطبيق أحكام القانون، ومن خلال القرارات التي صدرت عن مجلس جامعة طنطا لشغل وظائف المعيدين، فإنه يتعين الوقوف على حقيقة ما صدر عنها من شروط إضافية ونطاق تطبيقها.

وحيث إنه على وفق ما ورد بأوراق الطعن التي قدمتها الجامعة بجلسة 9/6/2013، فإن مجلس جامعة طنطا كان قد قرَّر "بجلسته المنعقدة بتاريخ 20/1/1988 والممتدة إلى 27/1/1988" أنه يُشترَطُ لشغل وظيفة معيد بالأقسام الإكلينيكية بكلية الطب أن يكون المتقدم لشغل الوظيفة حاصلا على درجة البكالوريوس في خلال الخمس السنوات السابقة لتاريخ الإعلان، كما قرر مجلس الجامعة بجلسته المنعقدة في 25/12/1988 الممتدة إلى 31/12/1988 ما يأتي: "ألا يزيد سن المتقدم لشغل الوظيفة عن 30 سنة"، كما قرر مجلس الجامعة بجلسته المنعقدة في 21/12/1991 الموافقة على تكليف أو تعيين المعيدين بالأقسام العلاجية بكلية الطب البشري وطب الأسنان بشرط قضاء سنتين ونصف على الأقل كطبيب مقيم بالكلية، على ألا يتسلموا العمل إلا بعد انتهاء فترة طبيب مقيم "ثلاث سنوات".

ومن ثم فإن ما صدر عن مجلس الجامعة من وضع شرط السن (ألا يزيد السن على 30سنة)، وشرط المدة (ألا يكون قد مضى على التخرج خمس سنوات) ليكون تطبيقهما مُقتصرًا على شغل وظائف المعيدين عن طريق "الإعلان" الطريقة الأصلية، ولا ينطبقان على "التكليف" (الطريقة الاستثنائية في شغل وظائف المعيدين)، وكانت موافقة مجلس الجامعة بجلسة 21/12/1991 فيما يخصُّ شرط قضاء سنتين ونصف على الأقل في وظيفة (طبيب مقيم) تشمل كلا من الطريقين (تكليف أو تعيين)، بما يفيد أن مجلس جامعة طنطا كان فيما قرَّره من قواعد مُدرِكًا لحدود سلطته القانونية، مُستخدمًا إياها في نطاقها الصحيح قانونًا.

يُؤكِّدُ أن هذين الشرطين يقتصران على طريقة "الإعلان" لا "التكليف"، أن ما استشهد به المدعي وهو القرار الصادر عن جامعة طنطا بتعيين الطبيب/محمد... في وظيفة معيد بقسم الأشعة العلاجية، والذي استثناه من شرطي السن والمدة، كان واضحًا في أن التعيين بناءً على إعلانٍ لا تكليف من الكلية لأحد خريجيها؛ إذ ورد بديباجة هذا القرار "وظيفة معيد (المُعلَن عنها) بتاريخ 25/5/1996، وبناء على موافقة مجلس الجامعة بجلسته المنعقدة بتاريخ 26/6/1996 على استثنائه من شرط التخرج بمضي أكثر من خمس سنوات على التخرج، وكذا من شرط السن لتجاوزه أكثر من ثلاثين عامًا، وذلك (للتعيين) في هذه الوظيفة".

يُضاف إلى ما تقدم أنه ورد بفتوى الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع (ملف رقم 86/6/356 بجلسة 6/2/2008) "أن المكتب الفني للجامعة ارتأى عدم أحقية الطبيب/... لشغل وظيفة معيد بالقسم وترشيح الطبيب/...، وذلك استنادًا إلى أن شرط الخمس السنوات قد تم إلغاؤه بقرار مجلس الجامعة بجلسة 29/4/2004، كما أن هذا الشرط ينطبق على حالة شغل وظيفة معيد عن طريق الإعلان فقط دون التكليف".

ولما كان ذلك، وكان الثابت من الأوراق أن الطبيب (محمود...) وهو من مواليد 13/7/1971، قد حصل على درجة بكالوريوس الطب والجراحة من جامعة طنطا دور نوفمبر 1995، والتي اعتمدها مجلس الجامعة في 24/2/1996، بتقدير جيد جدًّا مع مرتبة الشرف، وحصل في مادة التخصص (الجراحة العامة) على تقدير جيد جدًّا، وأن الطبيب (محمد...) قد حصل على درجة بكالوريوس الطب والجراحة من جامعة طنطا دور نوفمبر 1996 والتي اعتمدها مجلس الجامعة في 26/2/1997، بتقدير جيد جدًّا مع مرتبة الشرف، وحصل في مادة التخصص (الجراحة العامة) على تقدير جيد جدًّا، وكان قسم الجراحة العامة بكلية الطب- جامعة طنطا، وهو من الأقسام العلاجية (الإكلينيكية) في تطبيق المادة (138) من قانون تنظيم الجامعات، في عام 2001 قد اختار طريق التكليف لشغل وظيفة معيد به، وكان خريجو عام 1995 ومنهم الطبيب (محمود...) قد اعتُمدت نتيجتهم في 24/2/1996، وأنهوا سنة الامتياز عام 1997، فإنه تطبيقًا لِما قرره مجلس جامعة طنطا بجلسته المنعقدة بتاريخ 21/12/1996 أن يكون المكلف بوظيفة معيد قد قضى سنتين ونصف على الأقل، وألا يتسلم العمل إلا بعد انتهاء فترة ثلاث سنوات طبيب مقيم، فإن المدة التي يجب أن يقضيها المدعي قبل اتخاذ إجراءات تكليفه (وهي سنتان ونصف) تنتهي في غضون شهر سبتمبر 1999، وإذا امتدت لتكتمل مدة السنوات الثلاث طبيب مقيم، فإنها تنتهي في غضون شهر إبريل عام 2000.

ويكون خريجو عام 1996 قد أنهوا سنة الامتياز وفترة طبيب مقيم في غضون شهر إبريل عام 2001، ومن ثم يعد هؤلاء الخريجون من خريجي السنتين الأخيرتين في مفهوم المادة (138) المبينة سالفًا، وإذ قرَّر قسمُ الجراحة العامة بجلسته المنعقدة بتاريخ 4/8/2001 بالبند السادس عشر أحقية الطبيب (محمد...) والطبيب (محمود...) والطبيب (...) في وظيفة معيد بقسم الجراحة العامة، وأبلغ رئيسُ القسم هذا القرار فيما يخص الطبيب (محمود...) إلى عميد الكلية مع بيان بموافقة مجلس القسم على استثنائه من شرط الخمس السنوات خاصةً مع حاجة القسم له، كما وافق على ذلك مجلسُ الكلية بجلسة 15/8/2001 مع رفع الأمر إلى مجلس الجامعة للنظر في إمكانية استثنائه من شرط السن وشرط المدة.

وحيث إن الشرطين الإضافيين اللذين قررهما مجلس جامعة طنطا يقتصر نطاق تطبيقهما على وفق صحيح ما قرَّره على شغل وظائف المعيدين عن طريق "الإعلان"، وينحسر تطبيقهما عن شغلها بطريق "التكليف"، على وفق ما ورد بأوراق الطعن من منطوق القرارات الصادرة عنه، وما صدر عنه من قراراتٍ فردية بغض النظر عن مشروعيتها، وما ورد بطلب الفتوى رقم 86/6/356 بجلسة 6/2/2008، ومن ثم فلم يكن جائزًا لقسم الجراحة العامة أن يقوم بتطبيق الشروط المقررة لشغل وظيفة معيد بناء على طريقة "الإعلان" على طريقةٍ مغايرة في أحكامها والسلطات المقررة للجامعة فيها وهي "التكليف"، ثم يطلب الاستثناء منهما، في حين أنه لا يجوز تطبيقهما أصلا، وهو الخطأ الذي وقع فيه مجلس كلية الطب أيضًا.

وحيث إن التكليف لوظيفة معيد بقسم الجراحة العامة، وهو من الأقسام العلاجية "الإكلينيكية"، يكون من بين خريجي السنتين الأخيرتين، وهما على وفق ما استخلصته المحكمة من تاريخ اعتماد الكلية لنتيجة البكالوريوس في العامين 1995 و1996 يكونان هما عامي 2000 و2001، ويتعين أن يكون الترشيح من بين خريجي هذين العامين؛ باعتبارهما السنتين الأخيرتين بالنسبة لخريجي الكلية، والذي أنهوا التدريب العملي عامي 2000 و2001، وهو ما لم تجحده الجامعة، بل تذرعت بعدم توفر شرطي السن والمدة، فإن قرار رئيس الجامعة رقم 1335 لسنة 2001 الذي اقتصر على زميل المدعي في موافقة مجلس قسم الجراحة العامة وموافقة مجلس الكلية، ولم يشمل المدعي بالتكليف في وظيفة معيد بقسم الجراحة العامة بكلية الطب- جامعة طنطا، رغم استيفائه لشروط التكليف على النحو المقرَّر قانونًا، على وفق ما ورد بموافقة مجلس قسم الجراحة العامة بتاريخ 4/8/2001 ومجلس كلية الطب بتاريخ 15/8/2001، وقد استند إلى شرطين لا محل لتطبيقهما على تكليفه، على وفق ما أوضحته المحكمة تفصيلا وتأصيلا، فإن هذا القرار يكون مخالفًا لأحكام المادة (137) من قانون تنظيم الجامعات فيما تضمنه من الامتناع عن تكليف الطبيب (محمود...) بوظيفة معيد بقسم الجراحة العامة بكلية الطب- جامعة طنطا.

وحيث إن الحكم المطعون فيه إذ أخذ بغير هذه الوجهة من النظر، فإنه يكون قد خالف صحيح أحكام القانون، مما تقضي المحكمة معه بإلغائه، والقضاء مجددًا بإلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من الامتناع تكليف الطبيب (محمود...) بوظيفة معيد بقسم الجراحة العامة بكلية الطب جامعة طنطا، مع ما يترتب على ذلك من آثار.

........................................................

وحيث إنه عن طلب التعويض فإن المادة (163) من القانون المدني تنص على أن: "كل خطأ سبب ضررا للغير يلزم من ارتكبه بالتعويض".

وحيث إن قضاء المحكمة الإدارية العليا قد استقر على أن مناط مسئولية الإدارة عن قراراتها أو أعمالها المادية هو وجود خطأ في جانبها، وأن يصيب ذوي الشأن ضرر من جراء القرار أو العمل المادي، وأن تقوم علاقة سببية بين الخطأ والضرر، بحيث يتأكد أنه لولا الخطأ المنسوب للإدارة ما كان الضرر قد حدث على النحو الذي حدث به، وأن الضرر ينقسم إلى نوعين، ضرر مادي وهو الإخلال بمصلحة للمضرور ذات قيمة مالية، وأن يكون هذا الضرر محقق الوقوع، والضرر الأدبي بأن يصيب الضرر مصلحة غير مالية للمضرور، مثل المساس بشعوره أو عاطفته أو كرامته أو شرفه، وأن إثبات الضرر هو مسئولية مَنْ يتمسك به، إذ عليه أن يقدم ما يثبت إصابته بأضرار مباشرة من جراء خطأ الإدارة وحجم هذا الضرر، إعمالا للقاعدة العامة أن البينة على من ادعى، مادام أنه ليست هناك مستندات تحجبها جهة الإدارة تخص الدعوى.

وحيث إن الجامعة امتنعت عن تكليف المدعي استنادًا إلى سببين لا محل لتطبيقهما على تكليفه؛ لكونهما يتعلقان بالتعيين عن طريق الإعلان، وبالمخالفة لأحكام المادة (137) في ضوء أحكام المادة (136) من قانون تنظيم الجامعات المشار إليه على نحو ما سلف بيانه، ومن ثم فإن القرار رقم 1335 لسنة 2001 غيرُ مشروع فيما تضمنه من عدم تكليفه بوظيفة معيد؛ لمخالفة السبب الذي قام عليه هذا القرار لأحكام القانون، وهو ما يُشكِّل ركنَ الخطأ الموجب لمسئولية جهة الإدارة بالتعويض.

وحيث إن الأصل على وفق ما استقر عليه قضاء هذه المحكمة أن الأجر مقابل العمل، ولأن الطبيب المذكور لم يقم بأداء أعمال وظيفة معيد، ومن ثم فلا يلزم أن يكون التعويض في جميع الحالات مساويًا للمرتب الذي فاته، وإنما يتم تقدير التعويض حسب ظروف الحال والملابسات التي أحاطت الموضوع.

وحيث إن عدم تعيين الطبيب المذكور قد أصابه بضررٍ مادي تمثل في تفويت فرصة حصوله على الرواتب والمكافآت والبدلات والعلاوات المقررة للمعيدين، كما حرم المذكور من المزايا الأدبية لهذه الوظيفة، ومنها فرصة الترقي في سلك هيئة تدريس كلية الطب، وما ينتج عنها أيضًا من عوائد مادية، فضلا عن الآلام النفسية التي عانى منها من جراء عدم تعيينه، مما أوقع في نفسه آلامًا وشعورًا بالمرارة، وذلك كله بسبب خطأ الجامعة، وهو ما تقوم معه أركان مسئوليتها بالتعويض عن هذا الخطأ، وإذ لم يأخذ الحكم الطعين بهذه الوجهة من النظرـ، فإنه يكون متعينًا إلغاء هذا الحكم فيما تضمنه من رفض طلب التعويض، والقضاء مجددًا بأحقية المدعي في التعويض الذي تقدِّره المحكمة في ضوء طول مدة التقاضي وحرمانه من المزايا المادية والأدبية لوظيفة معيد وما يستتبع ذلك من فرص الترقي في وظائف هيئة التدريس بالجامعة بمبلغ خمسين ألف جنيه تعويضًا عما لحق به من جراء القرار الطعين من أضرار مادية وأدبية.

وحيث إن يخسر دعواه يلزم مصروفاتها عملا بحكم المادة (184) من قانون المرافعات

فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددًا بإلغاء قرار رئيس جامعة طنطا رقم 1335 لسنة 2001 فيما تضمنه من عدم تعيين الطبيب (محمود...) معيدًا بقسم الجراحة العامة بكلية الطب، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وألزمت الجامعة المدعى عليها تعويضه بمبلغ خمسين ألف جنيه عَمَّا لحقه من أضرار مادية وأدبية من جراء القرار الطعين، وألزمت الجامعة المصروفات عن درجتي التقاضي.

الطعن 13571 لسنة 52 ق جلسة 23 / 4 / 2014 مكتب فني 59 ج 1 ق 60 ص 694

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ ربيع عبد المعطي أحمد الشبراوي نائب رئيس مجلس الدولة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ صلاح أحمد السيد هلال، ود. محمد عبد الرحمن القفطي، وعبد الحميد عبد المجيد الألفي، وعمرو محمد جمعة عبد القادر نواب رئيس مجلس الدولة
---------------------
(1) جامعات- شئون الطلاب- النظام القانوني المطبق على طلاب الجامعة
- مايز المشرِّع في القواعد والأحكام بين مرحلتين: (المرحلة الأولى) مرحلة قبول الطلاب وقيدهم بالكليات، و(المرحلة الثانية) مرحلة الدراسة والامتحان وفرصه وتقديراته، وكلُّ من هاتين المرحلتين مستقلةٌ عن الأخرى ولا تختلط بها- مرحلة القبول والقيد بالكليات تتمُّ على وفق الشروط والقواعد المقرَّرة، وبأثرٍ فوري، فإذا كانت هناك قواعد قانونية للقبول والقيد بالكليات، ثم عُدِّلَت وتغيَّرت، ووُضِعَ نظامٌ آخر للقبول والقيد، فلا يجوزُ لطلاب الثانوية العامة أو غيرهم من الذين التحقوا بالدراسة الثانوية أو الدراسة الجامعية أن يتمسكوا بتطبيق القواعد السابقة للقبول والقيد بالكلية بدلا من القواعد الجديدة القائمة حال التقدم والقيد- أما مرحلة الدراسة والامتحان وفرصه وتقديراته، فتطبَّق في شأنها القواعدُ والشروط القائمة حال التحاق الطلاب بالكلية، ويظلُّون يُعامَلون بها حتى تخرجهم، فإذا عُدِّلَت أو تغيَّرت، لم يطبق عليهم هذا التعديل أو التغيير، إنما يطبق على الطلاب الذين يلتحقون بالكليات بعد تاريخ صدور هذا التعديل
- (تطبيق): ليس للطالب أصلُ حقٍّ في المطالبة بالالتحاق بكلية الطب في ظلِّ قرارٍ وزاري كان معمولا به وقت التحاقه بكلية العلوم يتيح له ذلك بعد التخرج، ثم أُلْغِيَ وانتهى العملُ به قبل تخرجه في كلية العلوم( ).
- اللائحة الداخلية لكلية الطب بجامعة طنطا (مرحلة البكالوريوس)، الصادرة بموجب قرار وزير التعليم العالي رقم 891 بتاريخ 8/9/1981، المعدَّلة بموجب القرارين الوزاريين رقمي 1393 لسنة 1997، و995 لسنة 2003.

(2) جامعات- شئون الطلاب- قبول الطلاب وقيدهم بالكليات
- ربط المشرِّعُ القبولَ بالتعليم الجامعي بترتيب درجات النجاح في امتحان الشهادة الثانوية العامة أو ما يعادلها؛ بحسبان أن هذا الامتحان هو المعيارُ الموضوعي الوحيد للمفاضلة بينهم عند تقدمهم للالتحاق بالتعليم الجامعي بالتفوق والجدارة- التوزيع على الكليات والمعاهد الجامعية محكوم في الأساس بقواعدَ موضوعية، ولا يُنظَرُ فيها إلى تحقيق الرغبات الشخصية للطلاب المتقدمين للالتحاق بالكليات أو المعاهد المختلفة، إلا في حالة اتفاق الرغبة مع القواعد الموضوعية، وفي حالة التزاحم بينهم على كلياتٍ بِعَينها أو على أقسامٍ أو شعب معينة، فإن المفاضلة بينهم تجري على أساس المجموع الكلي الحاصل عليه الطالب في الثانوية العامة، أو على أساس مجموع المواد المؤَهِّلة للالتحاق بالقسم أو الشعبة، ومن ثم فإن رغبة الطلاب في الدراسة في كلية بعينها أو قسم أو شعبة معينة لا تتحققُ في كثيرٍ من الأحيان، ويلتحقون بكلياتٍ أو معاهد جامعية لا تتفقُ ورغباتهم.
- المادتان (167) و(196) من قانون تنظيم الجامعات، الصادر بالقرار بقانون رقم 49 لسنة 1972.
- المواد (63) و(74) و(75) و(77) و(88) من اللائحة التنفيذية لقانون تنظيم الجامعات المشار إليه، الصادرة بقرار رئيس الجمهورية رقم 809 لسنة 1975.
- اللائحة الداخلية لكلية الطب بجامعة طنطا (مرحلة البكالوريوس)، الصادرة بموجب قرار وزير التعليم العالي رقم 891 بتاريخ 8/9/1981، المعدَّلة بموجب القرارين الوزاريين رقمي 1393 لسنة 1997، و995 لسنة 2003.
----------------
الوقائع
في يوم الأربعاء الموافق 15/3/2006، أودع وكيل الطاعن بصفته قلم المحكمة الإدارية العليا تقريرَ طعنٍ في الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإداري بطنطا (الدائرة الثالثة) في الدعوى رقم 8834 لسنة 11ق بجلسة 21/1/2006، الذي قضى بقبول الدعوى شكلا، وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه، مع ما يترتب على ذلك من آثار، على النحو المبين بالأسباب، وألزمت الجامعة المدعى عليها المصروفات.
وطلبت الجامعة الطاعنة في ختام تقرير الطعن، ولِما أوردته به من أسبابٍ، الحكم بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددًا برفض الدعوى، وإلزام المطعون ضده المصروفات.
وتم إعلان تقرير الطعن إلى المطعون ضده على النحو المبين بالأوراق.
وأعدت هيئة مفوضي الدولة تقريرًا بالرأي القانوني في الطعن، ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددًا برفض الدعوى، مع إلزام المطعون ضده المصروفات.
وتدوول نظر الطعن بجلسات المرافعة أمام الدائرة السادسة (عليا- فحص طعون) بالمحكمة الإدارية العليا على النحو الثابت بمحاضرها، حيث قررت إحالة الطعن إلى الدائرة السادسة (عليا- موضوع)، الذي تدوول بجلساتها على النحو المبين بمحاضرها، وبجلسة 5/2/2014، قررت المحكمة إصدار الحكم في الطعن بجلسة 26/3/2014، ثم تقرَّر مَدُّ أجل النطق بالحكم لجلسة اليوم، وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
----------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة قانونًا.
وحيث إن الطعن قد استوفى جميع أوضاعه الشكلية، فمن ثم يكون مقبولا قانونًا.
وحيث إنه عن موضوع الطعن، فإن عناصر هذه المنازعة تخلص -حسبما يبين من الأوراق- في أن المطعون ضده أقام الدعوى المطعون في الحكم الصادر فيها أمام محكمة القضاء الإداري بطنطا (الدائرة الثالثة)، وذلك للحكم له بقبول الدعوى شكلا، وبوقف تنفيذ وإلغاء القرار السلبي بالامتناع عن قبوله بالفرقة الأولى بكلية الطب البشري بجامعة طنطا، مع ما يترتب على ذلك من آثار.
وذكر شرحًا لدعواه: أنه حصل على بكالوريوس العلوم من جامعة طنطا- قسم بيولوجي- دور يونيه 2004، بتقدير عام جيد، وطبقًا لقرار وزير التعليم العالي رقم 1393 لسنة 1997، فإنه يحق له الالتحاق بكلية الطب البشرى بجامعة طنطا- الفرقة الأولى، حيث جاء بهذا القرار أنه يجوز أن يقبل بكلية الطب بجامعة طنطا عدد لا يتجاوز 10% من الطلاب المقيَّدين سنويا عن طريق مكتب التنسيق، ممن لا يقل تقديرهم العام عن جيد، من خريجي الكليات المحددة به، ولما كان ذلك ينطبق على المدعي، وكان المتقدمون للفرقة الأولى بكلية الطب عام 2004/2005 حوالي 800 طالب، وبذلك تكون الكلية مُلزمةً بقبول 80 طالبًا من الحاصلين على بكالوريوس العلوم- قسم بيولوجي، من الحاصلين على تقدير عام جيد.
وأضاف المدعي: أنه منذ 15/8/2004، وهو يبذل كل المحاولات لتطبيق نص القرار المشار إليه، إلا أن كل هذه المحاولات باءت بالفشل، رغم قبول 45 طالبًا من قسم التشريح والفسيولوجي في العام 2004/2005، وهو القسم الثاني من القرار الوزاري رقم 1393 لسنة 1997 المشار إليه، وهو ما حداه على إقامة دعواه بالطلبات المبينة سالفًا.......................... .
وبجلسة 21/1/2006، أصدرت المحكمة حكمها المطعون فيه.
وشيَّدت المحكمة قضاءها -بعد استعراضها نص المادة (77) من اللائحة التنفيذية لقانون تنظيم الجامعات، والمادة الأولى من قرار وزير التعليم العالي رقم 1393 لسنة 1997 بشأن إجراء تعديل باللائحة الداخلية لكلية الطب بجامعة طنطا (مرحلة البكالوريوس)، وقرار وزير التعليم العالي رقم 995 بتاريخ 15/7/2003 بإلغاء المادة (23 مكررًا) من القرار الوزاري رقم 1393 لسنة 1997 -شيَّدته- على أن المدعي كان قد التحق بالسنة الأولى بكلية العلوم في ظل العمل بالقرار الوزاري رقم 1393 لسنة 1997، الذي كان يُجِيزُ قبول خريجي كلية العلوم- شعبة بيولوجي أو كيمياء بالسنة الأولى بكلية الطب البشرى، على اعتبار أنه رتب أوضاعه التعليمية على أن التحاقه بكلية العلوم يمكن أن يفتح الباب أمامه للقبول بكلية الطب، وذلك بشروطٍ مُحدَّدة بالقرار الأخير، وهي الحصول على تقدير جيد، وألا يتجاوز عدد المقبولين عن 10% من عدد الطلاب المقيَّدين سنويا عن طريق مكتب التنسيق، وفي حالة زيادة العدد المتقدِّم تكون الأفضلية للحاصلين على تقدير عام ودرجات أعلى، ومن ثم يكون إغلاق الباب أمام المدعي سوف يترتب عليه إخلال بالقواعد التي تمَّ بناءً عليها اختياره للالتحاق بكلية العلوم، ولذلك يكون القرار رقم 995 لسنة 2003 قد صدر دون مراعاةٍ لأوضاع المدعي ومن هم في مركزه، الذين اكتسبوا مركزًا قانونيا في ظل العمل بالقرار رقم 1393 لسنة 1997، ومن ثم يتعيَّن إلغاءُ القرار رقم 995 لسنة 2003 فيما تضمنه من قصر القبول بالفرقة الأولى بكلية الطب على الحاصلين على الثانوية العامة أو ما يعادلها اعتبارًا من العام الدراسي 2003/2004، مع ما يترتب على ذلك من آثار، أهمها أحقية المدعي في الاستفادة من الأحكام الواردة بالقرار رقم 1393 لسنة 1997، لالتحاقه بكلية العلوم في ظل العمل به.

........................................................
ونظرًا لأن هذا القضاء لم يلقَ قبولا من جانب الجامعة المذكورة، فقد طعنت عليه بالطعن الماثل، ناعيةً عليه مخالفة القانون، والخطأ في تفسيره وتأويله، حيث إن مرحلة قبول الطلاب وقيدهم بالكليات على وفق النظم المقرَّرة هي مرحلةٌ مستقلة عن مرحلة الدراسة والامتحان وفرصه وتقديراته، ولا يجوز الخلط بينهما، فمرحلة القبول والقيد بالكليات تتمُّ على وفق الشروط والقواعد المقرَّرة بأثرٍ فوري، بمعنى أنه إذا كانت هناك قواعد قانونية للقبول والقيد بالكليات ثم عُدِّلَت وتغيَّرت ووُضِعَ نظامٌ آخر للقبول والقيد، فلا يجوز لطلاب الثانوية العامة أو غيرهم الذين التحقوا بالدراسة الثانوية أو الدراسة الجامعية أن يتمسكوا بتطبيق القواعد السابقة للقبول والقيد بالكلية دون القواعد الجديدة والقائمة حال التقدم والقيد، أما مرحلة الدراسة والامتحان وفرصه وتقديراته، فإنه يُطبَّقُ في شأنها القواعدُ والشروط المقرَّرة حال التحاق الطلاب بالكلية ويظلُّون يُعامَلون بها حتى تخرجهم، بحيث إذا ما عُدِّلَت أو تغيَّرت، فإن هذا التعديل أو التغيير لا يطبق عليهم، وإنما يطبق على الطلاب الذين يلتحقون بالكليات بعد تاريخ صدور هذا التعديل، ويُؤكِّدُ هذا النظر أن المشرِّع في المادة (196) من قانون تنظيم الجامعات أفرد بندًا مستقلا لمرحلة القبول والقيد، ثم أفرد بندًا آخر لمرحلة الدراسة والامتحان، وما يطبق من قواعد ونظم بالنسبة للمرحلة الأولى لا يطبق على المرحلة الثانية، ومن ثم لا يجوزُ الخلطُ بين قواعد ونظم المرحلتين.
لما كان ذلك وكان الثابت أنه اعتبارًا من تاريخ صدور القرار الوزاري رقم 995 في 15/7/2003، قصر المشرِّع القبول والقيد بالفرقة الأولى بكلية الطب- جامعة طنطا على الطلاب الحاصلين على الثانوية العامة أو ما يُعادِلها فقط، وذلك دون الطلاب الدارسين لمرحلة البكالوريوس على النحو الموَضَّح بالقرار رقم 1393 لسنة 1997، الذي أُلغِيَ بالقرار المذكور، فضلا عن أن عملية التوزيع على الكليات والمعاهد الجامعية محكومة في الأساس بقواعد موضوعية، ولا يُنظر فيها إلى تحقيق الرغبات الشخصية للطلاب المتقدمين للالتحاق بالكليات أو المعاهد المختلفة إلا في حالة اتفاق الرغبة الشخصية مع القواعد الموضوعية، بالإضافة إلى أنه في حالة التزاحم بين الطلاب على كليات بذاتها أو على أقسام أو شعب معينة، فإن عملية المفاضلة بين هؤلاء الطلاب تجري على أساس المجموع الكلي الحاصل عليه الطالب في الثانوية العامة، أو على أساس مجموع المواد المؤهلة للالتحاق بالقسم أو الشعبة، ومن ثم فإن رغبة الطلاب في الدراسة في كلية بذاتها أو قسم أو شعبة معينة لا تتحقق في كثير من الأحيان، ويلتحقون بكليات أو معاهد جامعية لا تتفق ورغباتهم، ولما كان الثابت أن الحكم الطعين قد ذهب إلى أن المطعون ضده قد رتب أوضاعه التعليمية على أساس أن التحاقه بكلية العلوم سوف يفتح الباب أمامه للالتحاق بكلية الطب، فإن ما ذهب إليه يخالف التأويل والتفسير الصحيح لحكم القانون، وخلصت الجامعة الطاعنة إلى طلباتها المبينة سالفًا.

........................................................

وحيث إنه عن موضوع الطعن، فإن المادة (167) من قانون تنظيم الجامعات الصادر بالقرار بقانون رقم 49 لسنة 1972 تنص على أنه: "مع مراعاة أحكام هذا القانون، تحدِّدُ اللائحةُ التنفيذية موعدَ بدء الدراسة وانتهائها والأسسَ العامة المشتركة لنظم الدراسة والقيد ولنظم الامتحان وفرصه وتقديراته. وتحدِّد اللوائحُ الداخلية للكليات أو المعاهد التابعة للجامعة، كلٌّ في دائرة اختصاصها وفي حدود الإطار العام المقرَّر في القانون وفي اللائحة التنفيذية، الهيكلَ الداخلي لتكوينها والأحكامَ التفصيلية لنظم القيد والدراسة والامتحان فيما يخصُّها".

وتنص المادة (196) من القانون نفسه على أن: "تصدرُ اللائحةُ التنفيذية لهذا القانون بقرارٍ من رئيس الجمهورية بناءً على عرض وزير التعليم العالي وبعد أخذ رأي مجالس الجامعات وموافقة المجلس الأعلى للجامعات. وتتولى هذه اللائحةُ بصفةٍ عامة وضعَ الإطار العام لتنفيذ أحكام هذا القانون وبيانَ النظم والأحكام العامة المشتركة بين الجامعات وتلك المشتركة بين بعض كلياتها ومعاهدها. وتنظمُ هذه اللائحةُ، علاوةً على المسائل المحدَّدة في القانون، المسائلَ الآتية بصفةٍ خاصة:

(1) تكوين الجامعات...

(4) شروط قبول الطلاب وقيدهم ورسوم الخدمات التي تؤدى إليهم.

(5) القواعد العامة لنظام الدراسة والامتحان والإشراف على الرسائل ومناقشتها ونظام التأديب...".

وتنص المادة (63) من اللائحة التنفيذية لقانون تنظيم الجامعات، الصادرة بقرار رئيس الجمهورية رقم 809 لسنة 1975، على أن: "يُقيَّد الطالبُ بالكلية بناءً على طلبٍ يقدمه قبل افتتاح الدراسة، ولا يجوزُ القيدُ بعد ذلك إلا بترخيصٍ من مجلس الكلية في حدود القواعد التي يقرِّرُها مجلسُ الجامعة".

وتنص المادة (74) من اللائحة المذكورة على أن: "يُحدِّد المجلسُ الأعلى للجامعات في نهاية كل عامٍ جامعي بناءً على اقتراح مجالس الجامعات بعد أخذ رأي مجالس الكليات المختلفة عددَ الطلاب من أبناء جمهورية مصر العربية الذي يُقبَلون في كلِّ كليةٍ أو معهد في العام الجامعي التالي من بين الحاصلين على شهادة الثانوية العامة أو على الشهادات المعادلة...".

وتنص المادة (75) منها على أن: "يُشترَط في قيد الطالب في الجامعة للحصول على درجة الليسانس أو البكالوريوس: (1) أن يكون حاصلا على شهادة الدراسة الثانوية العامة أو ما يعادلها، ويكون القبولُ بترتيب درجات النجاح مع مراعاة التوزيع الجغرافي وفقًا لِما يقرِّره المجلسُ الأعلى للجامعات وبعد أخذ رأي مجالس الجامعات ومجالس الكليات...".

وتنص المادة (77) منها على أن: "يجوزُ قبولُ الطلاب الحاصلين على درجة الليسانس أو البكالوريوس أو ما يعادلها بأقسام الليسانس أو البكالوريوس في كلياتٍ أو معاهد أخرى أو في أقسامٍ أو شعب أخرى في ذات الكلية أو المعهد وفقًا للشروط التي تنص عليها اللوائح الداخلية للكليات والمعاهد...".

وتنص المادة (88) من اللائحة ذاتها على أنه: "... ويُحدِّد المجلسُ الأعلى للجامعات بناء على اقتراح مجالس الجامعات بعد أخذ رأي مجالس الكليات المختصة العددَ الذي يُقبَل في كل كليةٍ كما يُبيِّن شروطَ القبول...".

وتنص المادة الأولى من قرار وزير التعليم العالي والدولة للبحث العلمي رقم 1393 لسنة 1997 بشأن إجراء تعديل باللائحة الداخلية لكلية الطب بجامعة طنطا (مرحلة البكالوريوس) على أن: "يُضافُ إلى أحكام اللائحة الداخلية لكلية الطب- جامعة طنطا والصادرة بالقرار الوزاري رقم 891 بتاريخ 8/9/1981 مادةٌ جديدة برقم (23 مكررًا) نصها التالي:

يجوزُ قبولُ عددٍ لا يتجاوزُ (10%) من عدد الطلاب المقيَّدين سنويا عن طريق مكتب التنسيق، ولا يقلُّ تقديرهم العام عن جيد، من بين الحاصلين على درجة البكالوريوس في طب الأسنان وجراحتها، والحاصلين على درجة البكالوريوس في العلوم الصيدلية، والحاصلين على درجة البكالوريوس في العلوم الطبية البيطرية، والحاصلين على درجة البكالوريوس في العلوم شعبة بيولوجي أو كيمياء والحاصلين على درجة البكالوريوس في التمريض للقبول بالفرقة الأولى بالكلية. وكذلك الحاصلين على درجة البكالوريوس في العلوم شعبة تشريح وفسيولوجي نظام الأربع سنوات، للقبول بالفرقة الثالثة، وذلك للحصول على البكالوريوس في الطب والجراحة، على أن تطبَّق الأحكامُ العامة في هذا الشأن. وفي حالة زيادة العدد المتقدم تكون الأفضلية للحاصلين على تقدير عام ودرجات أعلى".

وبتاريخ 15/7/2003، صدر قرار وزير التعليم العالي والبحث العلمي رقم 995 لسنة 2003 متضمنًا في مادته الأولى النص على: "إلغاء المادة (23 مكررًا) السابق إضافتها بالقرار الوزاري رقم 1393 لسنة 1997 إلى اللائحة الداخلية لكلية الطب بجامعة طنطا".

ونص هذا القرار في مادته الثانية على أن: "يُضافُ إلى أحكام اللائحة الداخلية المشار إليها حكمٌ انتقالي جديد تحت رقم (27 مكررًا) وذلك على النحو التالي:

1- يقتصرُ القبولُ بالفرقة الأولى بمرحلة البكالوريوس بكلية الطب- جامعة طنطا على الطلاب الحاصلين على شهادة الثانوية العامة المصرية أو الثانوية المعادلة (العربية/الأجنبية) اعتبارًا من العام الجامعي 2003/2004.

2-...".

وحيث إن المستفاد من النصوص أن المشرِّع مايز في القواعد والأحكام بين مرحلتين: (المرحلة الأولى) هي مرحلة قبول الطلاب وقيدهم بالكليات على وفق النظم المقرَّرة، و(المرحلة الثانية) هي مرحلة الدراسة والامتحان وفرصه وتقديراته، وكلُّ من هاتين المرحلتين مستقلةٌ عن الأخرى ولا تختلط بها، فمرحلة القبول والقيد بالكليات تتمُّ على وفق الشروط والقواعد المقرَّرة بأثرٍ فوري، أي إنه إذا كانت هناك قواعد قانونية للقبول والقيد بالكليات ثم عُدِّلَت وتغيَّرت ووُضِعَ نظامٌ آخر للقبول والقيد، فلا يجوزُ لطلاب الثانوية العامة أو غيرهم الذين التحقوا بالدراسة الثانوية أو الدراسة الجامعية أن يتمسكوا بتطبيق القواعد السابقة للقبول والقيد بالكلية دون القواعد الجديدة والقائمة حال التقدم والقيد، فالمركز القانوني لطلاب الجامعات هو مركزٌ تنظيمي عام يجري تغييره في أي وقتٍ واستبداله بتنظيمٍ جديد تراه جهة الإدارة أكثر ملاءمة للوفاء بمتطلبات وأهداف التعليم الجامعي، على أن يطبق هذا التنظيم الجديد على الطلاب بأثرٍ مباشر، بما لا يؤدي إلى إهدار مركز قانوني ذاتي نشأ لهم واستقر وضعهم عليه في إطار التنظيم الملغي. (يُراجَع في هذا المعني حكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 2706 لسنة 39ق.ع بجلسة 15/2/1998).

أما مرحلة الدراسة والامتحان وفرصه وتقديراته، فإنه تُطَبَّقُ في شأنها القواعدُ والشروط المقرَّرة حال التحاق الطلاب بالكلية ويظلُّون يُعامَلون بها حتى تخرجهم، بحيث إذا ما عُدِّلَت أو تغيَّرت، فإن هذا التعديل أو التغيير لا يطبق عليهم، وإنما يطبق على الطلاب الذين يلتحقون بالكليات بعد تاريخ صدور هذا التعديل، ويُؤَكِّد هذا النظر أن المشرِّع في المادة (196) من قانون تنظيم الجامعات أفرد بندًا مستقلا لمرحلة القبول والقيد، ثم أفرد بندًا آخر لمرحلة الدراسة والامتحان، وما يطبق من قواعدَ ونظم بالنسبة للمرحلة الأولى لا يطبق على المرحلة الثانية، ومن ثم لا يمكنُ القولُ بأن الطالب يلتحق بكليةٍ معينة تمهيدًا للالتحاق بكليةٍ أخرى عجز مجموعُ درجاته في الثانوية العامة عن إلحاقه بها، ففرص الالتحاق بالتعليم الجامعي لا تتهيأ لجميع الناجحين في شهادة الثانوية العامة وما يعادلها، بل تتوفر هذه الفرص لأعدادٍ مُحدَّدة منهم يُقدِّرُها المجلسُ الأعلى للجامعات في نهاية كلِّ عامٍ جامعي طبقًا لخطة الجامعة في الوفاء بحاجات المجتمع من المتخصصين والفنيين، وهو ما من شأنه تزاحم الطلاب على المقاعد المتاحة بكليات الجامعة، سواء من الحاصلين على الثانوية العامة الذين يطلبون لأول مرةٍ الالتحاق بالجامعة، أو أولئك الذين التحقوا في البداية بكلياتٍ تخضع لأحكام قانون تنظيم الجامعات.

وقد ربط المشرِّعُ القبولَ بالتعليم الجامعي بترتيب درجات النجاح في امتحان تلك الشهادة، بحسبان أن هذا الامتحان -الذي يتمُّ في إطار مسابقةٍ عامة تُجريها الدولة، وتضمن فيها لجميع المتقدمين فرصًا متكافئة للحصول على تلك الشهادة- هو المعيارُ الوحيد للمفاضلة بينهم عند تقدمهم للالتحاق بالتعليم الجامعي بالتفوق والجدارة. (يُراجَع في هذا الشأن حكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 4042 لسنة 42ق.ع بجلسة 21/2/2001).

وحيث إنه لما كان ما تقدم، وكان الثابت من الأوراق أنه بتاريخ 20/11/1997 صدر قرار وزير التعليم العالي رقم 1393 لسنة 1997 بإضافة المادة (23 مكررًا) إلى اللائحة الداخلية لكلية الطب بجامعة طنطا (مرحلة البكالوريوس)، متضمنةً النص على قبول عدد لا يتجاوزُ (10%) من عدد الطلاب المقيَّدين سنويا عن طريق مكتب التنسيق، لا يقلُّ تقديرُهم العام عن جيد، من بين الحاصلين على درجة البكالوريوس في العلوم- شعبة بيولوجي، بالفرقة الأولى بكلية الطب- جامعة طنطا، إلا أنه بتاريخ 15/7/2003 (وقبل حصول المطعون ضده على بكالوريوس العلوم دور يونيه 2004) صدر قرار وزير التعليم العالي والبحث العلمي رقم 995 لسنة 2003 متضمنًا النص في مادته الأولى على إلغاء المادة (23 مكررًا) المضافة للائحة الداخلية لكلية الطب- جامعة طنطا بالقرار رقم 1393 لسنة 1997 المشار إليه، وقصْر القبول بكلية الطب على الحاصلين على شهادة الثانوية العامة أو ما يعادلها.

وحيث إن عملية التوزيع على الكليات والمعاهد الجامعية محكومةٌ في الأساس بقواعدَ موضوعية، ولا يُنظَرُ فيها إلى تحقيق الرغبات الشخصية للطلاب المتقدمين للالتحاق بالكليات أو المعاهد المختلفة، إلا في حالة اتفاق الرغبة الشخصية مع القواعد الموضوعية، وفي حالة التزاحم بين الطلاب على كلياتٍ بذاتها أو على أقسامٍ أو شعب معينة، فإن عملية المفاضلة بين هؤلاء الطلاب تجري على أساس المجموع الكلي الحاصل عليه الطالب في الثانوية العامة، أو على أساس مجموع المواد المؤَهِّلة للالتحاق بالقسم أو الشعبة، ومن ثم فإن رغبة الطلاب في الدراسة في كلية بذاتها أو قسم أو شعبة معينة لا تتحققُ في كثيرٍ من الأحيان، ويلتحقون بكلياتٍ أو معاهد جامعية لا تتفقُ ورغباتهم، ومن ثم لا يكون للمطعون ضده أصلُ حقٍّ في المطالبة بالالتحاق بكلية الطب في ظلِّ قرارٍ وزاري أُلْغِيَ وانتهى العملُ به قبل تخرجه في كلية العلوم؛ حيث إن مرحلة القبول والقيد بالكليات تختلفُ تمامًا عن مرحلة الدراسة والامتحان على النحو المبين سالفًا، وهو ما يضحى معه القرار المطعون فيه قائمًا على أسبابه المبرِّرة له قانونًا، ويكون النعيُ عليه غيرَ قائمٍ على سندٍ من الواقع أو القانون، خليقًا بالرفض.

وحيث إن الحكم المطعون فيه قد قضى بغير ذلك، فإنه يكون قد صدر مخالفًا للقانون، حقيقًا بالإلغاء.
وحيث إنه من خسر الطعن يلزم مصروفاته عملا بالمادة (184) من قانون المرافعات.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددًا برفض الدعوى، وألزمت المطعون ضده المصروفات.

الطعن 11999 لسنة 49 ق جلسة 28 / 6 / 2014 إدارية عليا مكتب فني 59 ج 2 ق 86 ص 976

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ فريد نزيه حكيم تناغو رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ د. عبـد الفتاح صبري أبو الليل، وفوزي عبد الراضي سليمان أحمد، وإبراهيم سيد أحمد الطحان، وعبد الجيد مسعد عبد الجليل حميدة. نواب رئيس مجلس الدولة
----------------------
حجز إداري- مفهومه ومناطه-
الحجز الإداري هو مجموعة من الإجراءات التي نص عليها القانون، بموجبها تُخَوَّلُ الحكومةُ أو الأشخاصُ الاعتبارية العامة حجزَ أموالِ مدينيها أو بعضها، ونزعَ ملكيتها، استيفاءً لحقوقها التي يجيز القانون استيفاءها بهذا الطريق- يجب أن تثبت لجهة الإدارة مستحقاتٌ مالية فعلا، وأن يكون من الجائز قانونًا تحصيلها بطريق الحجز الإداري- (تطبيق): مناط إجراء الحجز الإداري المنصوص عليه في قوانين البناء، أن تكون هناك نفقاتٌ قد تكبدتها الجهةُ الإدارية بالفعل نتيجة قيامها بإزالة الأعمال المخالفة بنفسها أو عن طريق مَنْ تعهد إليه بذلك- إذا انتفى ثبوت هذه المستحقات (لعدم تنفيذ قرار الإزالة مثلا)، كان الحجزُ باطلا؛ لأنه يكون حالئذٍ لاستيفاءِ مبالغَ لم يتحقق مناطُ استيفائها.
- المادة رقم (1) من القانون رقم 308 لسنة 1955 في شأن الحجز الإداري.
- المادة رقم (17) من القانون رقم 106 لسنة 1976 في شأن توجيه وتنظيم أعمال البناء، المعدَّل بموجب القانون رقم 30 لسنة 1983، والملغى لاحقًا -عدا المادة (13 مكررًا) منه- بموجب القانون رقم 119 لسنة 2008 بإصدار قانون البناء.
-----------------
الوقائع
بتاريخ 15/7/2003 أودعت هيئةُ قضايا الدولة نائبةً عن الطاعنين قلمَ كُتَّابِ هذه المحكمةِ تقريرًا بالطعن الماثل في الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإداري بالمنصورة (الدائرة الأولى) في الدعوى رقم 544 لسنة 20 القضائية بجلسة 18/5/2003، الذي قضى منطوقه ببطلان الحجز الإداري الموقع على المدعي، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام جهة الإدارة المصروفات.
وطلب الطاعنون بصفاتهم -للأسباب الواردة بتقرير الطعن- بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه، ثم الحكم بقبول الطعن شكلا، وبإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددًا برفض الدعوى، مع إلزام المطعون ضده المصروفات عن درجتي التقاضي.
وجرى إعلان الطعن إلى المطعون ضده على وفق المبين بمحضر الإعلان.
وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريرًا مُسَبَّبًا بالرأي القانوني، ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلا، وبإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددًا برفض الدعوى، وإلزام المطعون ضده المصروفات عن درجتي التقاضي.
وعُيِّنَتْ لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بالدائرة الخامسة جلسة 1/5/2010، وبها قررت إحالة الطعن إلى الدائرة الأولى (عليا- فحص) للاختصاص، وحُدِّدَتْ لنظره جلسة 1/4/2013، وتدوول بالجلسات، وبجلسة 4/11/2013 قررت الدائرة حجز الطعن لإصدار الحكم بجلسة 2/12/2013، وفيها قررت إحالته إلى الدائرة الأولى (موضوع)، وحُدِّدَتْ لنظره جلسة 1/2/2014، وتدوول بالجلسات أمام هذه الدائرة، وبجلسة 5/4/2014 قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم، وفيها صدر الحكم، وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
----------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
وحيث إن الحكم المطعون فيه صدر بتاريخ 18/5/2003، وأقيم الطعن الماثل بتاريخ 15/7/2003 خلال الميعاد القانوني المنصوص عليه في المادة (44) من قانون مجلس الدولة، وإذ استوفى أوضاعه الشكلية الأخرى، فإنه يكون مقبولا شكلا.
وحيث إنه عن الموضوع، فإن عناصر المنازعة تخلص -حسبما يبين من الأوراق- في أنه بتاريخ 2/11/1994 أقام المطعون ضده الدعوى رقم 544 لسنة 20 ق بإيداع صحيفتها -ابتداء- قلم كُتَّابِ محكمة قسم أول بندر المنصورة، حيث قُيِّدَتْ بجدولها العام برقم 618 لسنة 1994 مدني قسم أول المنصورة، طالبًا الحكم بوقف تنفيذ الحجز الإداري الموقع ضده بتاريخ 12/10/1994 على السيارة المملوكة له وفاءً لِمبلغ 77602 جنيه، والحكم بوقف الدعوى المقامة منه وإحالتها إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل في التنازع القائم بين الحكم الصادر في الدعوى رقم 1976 لسنة 14ق عن محكمة القضاء الإداري بالمنصورة، والحكم الصادر في الطعن رقم 1163 لسنة 39 ق.ع، وبين الحكمين النهائيين الصادرين في الدعويين رقمي 468 لسنة 1986 جنح مستأنف المنصورة، و1744 لسنة 1992 جنح مستأنف المنصورة، وذلك للتعارض القائم بين هذه الأحكام، أو تكليف المدعي برفع الأمر إلى المحكمة الدستورية العليا في هذا الشأن خلال المدة التي تحددها له المحكمة، وإلزام المدعى عليهم المصروفات، وذلك على سندٍ من القول بأن الجهة الإدارية قد أوقعت حجزًا إداريًّا على سيارة مملوكة له بتاريخ 12/10/1994؛ وفاءً لِمبلغ 77602 جنيه قيمة نفقات إزالة الأدوار من الخامس حتى الثامن العلوي بعقاره، وجاء هذا الحجز مخالفًا لأحكام القانون وباطلا؛ لعدم اشتماله على البيانات الواجبة طبقًا لحكم المادة (75) من القانون رقم 308 لسنة 1955، فضلا عن أن أعمال الإزالة التي أُوقِعَ الحجز نظير تكاليفها لم تبدأ ولم تتحدد قيمتها على نحوٍ قاطع، وأنه يشترط لتوقيع الحجز أن يكون الدين محققَ الوجود وخاليا من النزاع، بالإضافة إلى أن قرار محافظ الدقهلية رقم 915 لسنة 1992 (سند المطالبة بالدين الموقع الحجز من أجله) غيرُ قابل للتنفيذ؛ لأنه مقامٌ بشأنه الدعوى رقم 1976 لسنة 14ق أمام محكمة القضاء الإداري بالمنصورة، ولا يكفي في هذا الشأن مجرد صدور حكم بالرفض في الشق العاجل؛ لتعارضه مع الأحكام الصادرة في الشق الجنائي ببراءته من تهمة إقامة الأدوار المطلوب إزالتها، وهو ما حداه على اللجوء إلى المحكمة، طالبًا الحكم له بطلباته المبينة سالفًا.
وتدوول نظر الدعوى أمام محكمة قسم أول بندر المنصورة على النحو الثابت بمحاضر الجلسات، وبجلسة 26/1/1995 أصدرت المحكمة حكمها بعدم اختصاصها ولائيًّا بنظر الدعوى وإحالتها بحالتها إلى محكمة القضاء الإداري بالمنصورة للاختصاص، وأبقت الفصل في المصروفات.
ونفاذًا لذلك وردت الدعوى إلى محكمة القضاء الإداري بالمنصورة، وتدوولت بجلساتها، وبجلسة 18/5/2003 أصدرت المحكمة حكمها المطعون فيه. وشيَّدت المحكمة قضاءها -بعد استعراضها نصي المادتين رقمي (1) من القانون رقم 308 لسنة 1955 في شأن الحجز الإداري، و(17) من القانون رقم 106 لسنة 1976- على أن الثابت من الأوراق أنها قد جاءت خاليةً مما يفيد مراعاتها للإجراءات اللازمة لإزالة أعمال البناء المخالفة، ومنها إخطاره بموجب كتاب مُوصَى عليه بعلم الوصول، وأن تحدد له أجلا للتنفيذ، وينقضي هذا الأجل دون التنفيذ الكامل للقرار، وحينئذٍ يكون لجهة الإدارة أن تقوم بتنفيذ أعمال الإزالة بنفسها أو عن طريق من تعهد إليه بذلك، وفي هذه الحالة يتحمل المخالف تكاليف الإزالة، ومن ثم فإن إغفال جهة الإدارة مراعاة هذه الإجراءات يترتب عليه عدمُ نشوءِ الالتزام في ذمة صاحب الشأن بأداء نفقات وتكاليف الإزالة، ومن ثم يضحى الحجز الإداري باطلا، بصرف النظر عن مدى مشروعية القرار الصادر بإزالة الأعمال المخالفة، وخلصت المحكمة إلى إصدار حكمها المطعون فيه.
وحيث إن مبنى الطعن الماثل يقوم على أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون وتأويله، حيث خالف المطعون ضده نص المادة (17) من القانون رقم 106 لسنة 1976 في شأن توجيه وتنظيم أعمال البناء، وذلك بقيامه ببناء الأدوار الخامس والسادس والسابع والثامن بدون ترخيص، مما حدا محافظ الدقهلية على إصدار قرار الإزالة رقم 915 لسنة 1992، فأقام المطعون ضده الدعوى رقم 976 لسنة 14 ق. طالبًا الحكم بوقف تنفيذ ثم إلغاء هذا القرار، وصدر الحكم فيها برفض الشق العاجل، فطعن على هذا الحكم أمام المحكمة الإدارية العليا وقيد برقم 1163 لسنة 39 ق.ع، وبجلسة 4/7/1994 قضت المحكمة برفض الطعن، ومن ثم فقد حاز الحكم الحجية المقررة للأحكام، ومن ثم فإن المطعون ضده كان على دراية تامة بأن قرار الإزالة يتعين عليه تنفيذه، وعلى الرغم من ذلك امتنع عن التنفيذ، فما كان من الجهة الإدارية -تنفيذًا للأحكام المذكورة- إلا أن قامت بعمل مقايسة بتكاليف إزالة الأعمال المخالفة ونقل مخلفاتها، والتي بلغت 77602 جنيه، ثم قامت بتوقيع الحجز الإداري على سيارة المطعون ضده، وهو ما يتضح معه مشروعية هذا الحجز ومطابقته للقانون، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر، وانتهى إلى بطلان هذا الحجز، على سندِ أنه لم يتم إخطار المخالِف بضرورة الإزالة، على الرغم من أن المشرع لم يرتب البطلان على إغفال هذا الإجراء، فإن هذا الحكم يكون موصوما بالمخالفة الواضحة لأحكام القانون، مما يتعين معه إلغاؤه، وانتهى الطاعنون إلى طلب الحكم لهم بطلباتهم المبينة سالفًا...

وحيث إن المادة (1) من القانون رقم 308 لسنة 1955 في شأن الحجز الإداري تنص على أنه: "يجوز أن تتبع إجراءات الحجز الإداري المبينة بهذا القانون عند عدم الوفاء بالمستحقات الآتية في مواعيدها المحدَّدة بالقوانين والمراسيم والقرارات الخاصة بها وفي الأماكن وللأشخاص الذين يعينهم الوزراء المختصون:
(أ) الضرائب والإتاوات والرسوم بجميع أنواعها.
(ب) المبالغ المستحقة للدولة مقابل خدمات عامة.
(ج) المصروفات التي تبذلها الدولة نتيجة أعمال أو تدابير تقضي بها القوانين...
(ى) المبالغ الأخرى التي نصت القوانين الخاصة بها على تحصيلها بطريق الحجز الإداري".
وتنص المادة (17) من القانون رقم 106 لسنة 1976 في شأن توجيه وتنظيم أعمال البناء، المعدَّلة بالقانون رقم 30 لسنة 1983، على أن: "على ذوي الشأن أن يبادروا إلى تنفيذ القرار الصادر بإزالة أو تصحيح الأعمال المخالفة، وذلك خلال المدة المناسبة التي تحددها الجهة الإدارية المختصة بشئون التنظيم، ويخطر بذلك ذوو الشأن بكتابٍ مُوصَى عليه. فإذا امتنعوا عن التنفيذ أو انقضت المدة دون إتمامه، قامت الجهة الإدارية المختصة بشئون التنظيم بذلك بنفسها أو بواسطة مَنْ تعهد إليه، ويتحمَّل المخالِف جميعَ النفقات وتُحَصَّلُ منه بطريق الحجز الإداري".

وحيث إن مفاد ما تقدم أن المشرع أجاز لجهة الإدارة تحصيل مستحقاتها التي نصت عليها القوانين بطريق الحجز الإداري، وهو مجموعة من الإجراءات التي ينص عليها القانون، والتي بموجبها تُخَوَّلُ الحكومةُ أو الأشخاصُ الاعتبارية العامة حجزَ أموال مدينيها أو بعضها، ونزع ملكيتها استيفاءً لحقوقها التي يجيز القانون استيفاءها بهذا الطريق، وعلى وفق نص المادة (17) من القانون رقم 106 لسنة 1976 المذكور سالفًا، فإن مناطَ الحجز الإداري أن تكون هناك نفقاتٌ قد تكبدتها الجهة الإدارية بالفعل نتيجة قيامها بإزالة الأعمال المخالفة بنفسها أو عن طريق مَنْ تعهد إليه بذلك، فإذا انتفى هذا المناط، كان الحجزُ باطلا؛ لأنه يكون حالئذٍ لاستيفاءِ مبالغ لم يتحقق مناطُ استيفائها.

وحيث إنه في ضوء المبادئ المتقدمة، ولما كان الثابت من الأوراق، أن المطعون ضده يمتلك وآخرون العقار رقم 11 شارع دليور- ناحية شارع محمد فريد- بمنطقة السكة القديمة بالمنصورة، وقد قام ببناء الأدوار (الأرضي وأربعة أدوار علوية) بناءً على الترخيص الصادر له عن حي غرب المنصورة رقم 554 لسنة 81/1982، وفي غضون عام 1992 قام ببناء الأدوار من الخامس حتى الثامن العلوي، فأصدر محافظ الدقهلية القرار رقم 915 لسنة 1992 بإزالة هذه الأدوار؛ لإقامتها بدون ترخيص، وبالمخالفة لقيود الارتفاع، فأقام المطعون ضده الدعوى رقم 1976 لسنة 14 ق. طالبًا الحكم بوقف تنفيذ ثم إلغاء هذا القرار، وبجلسة 21/1/1993 أصدرت المحكمة حكمها برفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه، فطعن على هذا الحكم أمام المحكمة الإدارية العليا، وقُيِّدَ برقم 1163 لسنة 39 ق.ع، وبجلسة 4/7/1994 قضت المحكمة برفض الطعن، وبتاريخ 8/10/1994 صدر أمرٌ بتوقيع الحجز الإداري على المطعون ضده بقيمة المبلغ المطلوب (77600 جنيه)، وقد ورد بأسباب توقيع الحجز أنه "نظير قيمة إزالة الأدوار من الخامس للثامن علوي، مع نقل المخلفات"، وبتاريخ 12/10/1994 تمَّ توقيع الحجز الإداري بالفعل على سيارة مرسيدس موديل عام 1981 ليموزين أبيض قيمتها 80000 جنيه، وتحمل لوحات معدنية رقم 23242 ملاكي دقهلية.

وحيث إنه متى كان ما تقدم، وكان الثابت من الأوراق، وعلى الأخص حافظة المستندات المقدمة من هيئة قضايا الدولة 26/9/2000 أمام محكمة القضاء الإداري بالمنصورة أثناء نظرها الدعوى محل الطعن الماثل، وكذلك حافظة المستندات المقدمة من المطعون ضده بجلسة 4/11/2013 -تنفيذًا للتصريح الصادر له عن هذه المحكمة بإحضار إفادة من حي غرب المنصورة لبيان ما إذا كان قد تم تنفيذ قرار الإزالة الصادر عن محافظ الدقهلية رقم 915 لسنة 1992 من عدمه، حيث قام المطعون ضده بإحضار أصل كتاب رئيس حي غرب المنصورة المؤرَّخ في 28/10/2013، والثابت به أن القرار رقم 915 لسنة 1992 الصادر بتاريخ 8/7/1992 ضد المطعون ضده لم يتم تنفيذه، ولم يتم إزالة أيِّ أدوار من العقار حتى تاريخه، وبه جميع المرافق، وذلك تنفيذًا لقرار رئيس مجلس الوزراء ومجلس المحافظين الصادر بتاريخ 25/11/1998-، فمن ثم ينتفي مناط الحجز الإداري الذي تم توقيعه لاستيفاء النفقات التي تكبدتها الجهة الإدارية نتيجة قيامها بإزالة الأعمال المخالفة بنفسها أو عن طريق من تعهد إليه بذلك، والتي لم تتم على نحو المبين سالفًا، وهو ما يضحى معه الحجز باطلا؛ لأنه تمَّ لاستيفاء مبالغ لم يتحقق مناطُ استيفائها، بصرف النظر عن مدى مشروعية القرار الصادر بإزالة الأعمال المخالفة، والذي لم يكن مطروحًا أمام هذه المحكمة.

وحيث إن الحكم المطعون فيه قد خلص إلى هذه النتيجة لأسبابٍ مغايرة، فيكون قد أصاب صحيح حكم القانون فيما انتهى إليه، وتكتفي هذه المحكمة بأن تحل أسبابها محل ما ورد بالحكم المطعون فيه من أسبابٍ، مع تأييده فيما انتهى إليه من نتيجةٍ هي محصلة صحيح التطبيق القانوني، ويكون الطعن الماثل -من ثمَّ- غيرَ قائمٍ على أساسٍ سليم من الواقع أو القانون، جديرًا بالرفض.
وحيث إن من خسر الطعن يلزم مصروفاته عملا بالمادتين (184) و(240) من قانون المرافعات.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، ورفضه موضوعًا، وألزمت الجهة الإدارية المصروفات.

الطعن 12823 لسنة 53 ق جلسة 7 / 5 / 2011 مكتب فني 55 - 56 توحيد المبادئ ق 9 ص 97

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد عبد الغني محمد حسن رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة.
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ محمد منير السيد جويفل، والسيد محمد السيد الطحان، ورمزي عبد الله محمد أبوالخير، وغبريال جاد عبد الملاك، وأحمد أمين حسان، والصغير محمد محمود بدران، وفريد نزيه حكيم تناغو، وسعيد أحمد محمد حسين برغش، وسامي أحمد محمد الصباغ، وأحمد عبد العزيز أبو العزم. نواب رئيس مجلس الدولة.
وبحضور السيد الأستاذ المستشار/ مصطفى حسين السيد نائب رئيس مجلس الدولة ومفوض الدولة.
---------------
جامعات - شئون الطلاب - قواعد الرأفة
قواعد الرأفة - هي قواعد استثنائية تطبق في الحدود التي استنت من أجلها - حالتا منحها: (الحالة الأولى) قواعد تطبق على طلاب السنوات الدراسية لتغيير حالة الطالب للأفضل، و(الحالة الثانية) قواعد تطبق على من تم تخرجه بالحصول على درجة البكالوريوس أو الليسانس لرفع تقديره التراكمي لتقدير أعلى، وذلك بمنحه نسبة معينة من المجموع التراكمي المقرر للدرجة المذكورة - لكل من الحالتين هدفها، ولا يستقيم الخلط بينهما، أو اعتبار كلا الطالبين في مركز قانوني واحد
- لا يستحق الطالب الذي أنهى دراسته الجامعية بحصوله على درجة البكالوريوس أو الليسانس الحصول على عدد من درجات الرأفة المقرر منحها خلال الأعوام الدراسية، لرفع مجموعه التراكمي إلى التقدير الأعلى.
-----------------
الوقائع
في يوم السبت الموافق 12/5/2007 أودع الأستاذ/ .... المحامي، نائباً عن الأستاذ/ ......... المحامي بالنقض، بصفته وكيلاً عن السيد/ ..... قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن، قيد بجدولها تحت رقم 12823 لسنة 53 ق.ع، طعناً في الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإداري بطنطا في الدعوى رقم 2043 لسنة 14 ق بجلسة 3/4/2007، والقاضي منطوقه بقبول الدعوى شكلاً، وبرفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه، وبإحالة الدعوى إلى هيئة مفوضي الدولة لتحضيرها وإعداد تقرير بالرأي القانوني في موضوعها.
وطلب الطاعن في ختام تقرير الطعن - للأسباب الواردة فيه – الحكم بقبول الطعن شكلاً، وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه، وبوقف تنفيذ القرار المطعون فيه، مع ما يترتب على ذلك من آثار، أخصها إعلان نتيجة امتحانه واعتباره حاصلا على ليسانس الحقوق بالجامعة المطعون ضدها دور أكتوبر 2006 بتقدير عام (جيد) بدلا من (مقبول)، مع تنفيذ الحكم بمسودته وبغير إعلان، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، مع ما يترتب على ذلك من آثار، أخصها تعديل نتيجة تقديره العام إلى (جيد) بدلاً من (مقبول)، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وتحددت لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بالدائرة السادسة عليا جلسة 13/1/2010، وفيها تقرر حجز الطعن للحكم بجلسة 3/2/2010، وتم مد أجل النطق بالحكم لجلسة 24/3/2010، وبهذه الجلسة قررت الدائرة إحالة الطعن إلى دائرة توحيد المبادئ المشكلة طبقاً للمادة (54) مكرراً من قانون مجلس الدولة، الصادر بالقانون رقم (47) لسنة 1972؛ للعدول عن القضاء الذي صدر عن دائرة الموضوع في الطعن رقم 4637 لسنة 53 ق.ع بجلسة 2/4/2008، وكذلك الطعن رقم 9666 لسنة 53 ق.ع الصادر بذات الجلسة، حيث قضت في الطعنين بإلغاء الحكمين الصادرين عن محكمة القضاء الإداري برفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه، مع ما يترتب على ذلك من آثار على النحو المبين بالأسباب. ومن ثم تكون المحكمة ألزمت الجامعة برفع تقدير الطالب من مرتبة (مقبول) إلى مرتبة (جيد) بمنح المدعي الأول اثنتي عشرة درجة والثاني عشر درجات، بما يجاوز ما قررته تلك القواعد من منح 0.5% من درجات المجموع التراكمي، مستندة في ذلك إلى أن ما تضمنته تلك القواعد من حرمان الطالب الذي حصل على درجة الليسانس من الاستفادة من درجات الرأفة التي تحصل عليها بعض طلاب السنوات الدراسية الأربع ينطوي على مخالفة لمبدأ المساواة المقرر دستورياً وقانونياً.

ولما كان إعمال المبدأ المذكور وتطبيقه لا يكون إلا بين أصحاب المراكز القانونية الواحدة، وهو أمر غير متحقق بين طلاب الفرق الدراسية الأربع، ومن حصل على درجة الليسانس وأصبح في مركز قانوني مختلف، حيث أفردت له تلك القواعد حكماً خاصاً مغايراً لما هو مقرر لهؤلاء، لذا فقد ارتأت الدائرة العدول عما انتهى إليه ذلك القضاء، نزولاً على ما استقرت عليه أحكام المحكمة الإدارية العليا من أن قواعد الرأفة هي قواعد استثنائية لا يقاس عليها ولا يتوسع في تفسيرها، ويكون تطبيقها في نطاق هذا المجال الضيق المقرر.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريرا بالرأي القانوني في الطعن، ارتأت فيه عدم أحقية الطالب الذي أنهى دراسته الجامعية محتاجا إلى عدد من الدرجات لرفع تقديره العام خصما من الدرجات المقررة لمواد الرسوب خلال سنوات الدراسة، وإعادة الطعن إلى الدائرة السادسة عليا (موضوع) لتفصل فيه طبقاً لذلك.
وقد حددت لنظر الطعن أمام هذه الدائرة جلسة 5/6/2010، وتدوول أمامها على النحو المبين بمحاضر جلساتها، وبجلسة 6/11/2010 قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة 5/2/2011، ومد أجل النطق بالحكم لجلسة 5/3/2011 ثم لجلسة 7/5/2011، وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه ومنطوقه.
-----------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.

من حيث إن عناصر النزاع تخلص حسبما يبين من الأوراق في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 2043 لسنة 14 ق أمام محكمة القضاء الإداري بطنطا، طالباً في ختامها: الحكم له بقبول الدعوى شكلاً، وبوقف تنفيذ القرار الصادر بإعلان نتيجته في درجة الليسانس بكلية الحقوق جامعة طنطا دور أكتوبر 2006 بتقدير (مقبول)، وما يترتب على ذلك من آثار، أهمها منحه تقديراً عاماً (جيد)، مع تنفيذ الحكم بمسودته وبدون إعلان، وفي الموضوع بإلغائه، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام الجامعة المدعى عليها المصروفات.

وقال شرحا لدعواه: إنه حصل على ليسانس الحقوق من الجامعة المدعى عليها في دور أكتوبر 2006 بتقدير عام (مقبول) بمجموع (510) درجات من المجموع الكلي البالغ (800) درجة، بنسبة 63.75% ويحتاج إلى (10) درجات لرفع تقديره العام إلى (جيد)، لا سيما وأنه لم يستفد من درجات الرأفة خلال سنوات الدراسة الأربع إلا بتسع درجات من أصل (24) درجة قررتها الجامعة للطلاب المتعثرين، بينما قررت للحاصل على درجة الليسانس (4) درجات فقط لتعديل تقديره التراكمي من (مقبول) إلى (جيد)، مما يجعل الطالب المتعثر في وضع أفضل من الطالب الذي لم يستفد من هذه الدرجات، ثم احتاج إلى بعضها بعد تخرجه لتعديل مرتبة نجاحه. وفي ذلك تمييز يخل بقاعدة المساواة التي نص عليها الدستور.

وبجلستها المنعقدة في 2/4/2007 أصدرت محكمة القضاء الإداري بطنطا حكمها في الدعوى بقبولها شكلاً، وبرفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه، وألزمت المدعي المصروفات، وأمرت بإحالة الدعوى إلى هيئة مفوضي الدولة لتحضيرها وإعداد تقرير بالرأي القانوني في موضوعها.

وشيدت المحكمة قضاءها على سند من أن قواعد الرأفة التي جرت الجامعات على إقرارها وأصبحت بذلك عرفا جامعيا لإقالة الطالب المعرض للرسوب أو الفصل من الكلية لاستنفاد مرات الرسوب، هي في واقع الأمر قواعد استثنائية، وهذا الاستثناء يجب أن يقدر بقدره ويحد بحدوده، ولا يتوسع في تفسيره وتطبيقه، وإنما يتم هذا التطبيق بالضوابط والقيود الواردة به، التي لا يجوز الخروج عليها، حتى بفرض وجود تعارض في التطبيق فإنه ينبغي التوفيق بين النصوص بما يحقق الغاية منها. ولما كان المدعي يحتاج إلى عشر درجات لتعديل مجموعه التراكمي ليكون بتقدير (جيد) بدلا من (مقبول)، بينما الدرجات المقررة لتحقيق ذلك هي 0.5% من المجموع التراكمي، أي بواقع (4) درجات، وبإضافتها إلى مجموعه البالغ (510) درجات لن يترتب عليها رفع تقديره، لذا يكون قرار إعلان نتيجته بتقدير (مقبول) صحيحاً، ويكون طلب وقف تنفيذه غير قائم على سند من القانون جديرا بالرفض. وخلصت المحكمة من ذلك إلى قضائها المذكور الذي لم يرتضه الطاعن، فأقام طعنه عليه على قول منه بمخالفة الحكم المطعون فيه لتطبيق القانون وتأويله وتفسيره، لأسباب حاصلها أن قواعد الرأفة التي وضعتها الجامعة تقوم على تمييز بين الطالب المجتهد وزميله المتعثر في دراسته، حيث يتحصل هذا الأخير على أربع وعشرين درجة عن الأعوام الدراسية الأربع، بينما لا يتحصل من اجتاز هذه السنوات بدون استفادة منها أو باستفادته ببعضها إلا على عدد من الدرجات لا تزيد عن أربع درجات مما حصل عليه زميله المذكور، وفي ذلك تمييز بوضع الطالب المتعثر في مركز أفضل من زميله الذي لم يحتاج إلى تلك الدرجات.

ومن حيث إن المسألة المطروحة على هذه الدائرة حددتها دائرة فحص الطعون بالدائرة السادسة بالمحكمة الإدارية العليا بجلستها المعقودة في 24/3/2010 بإحالة هذا الطعن إلى هذه الدائرة للعدول عما تضمنه قضاء سابق لدائرة الموضوع في الطعنين رقمي 4637 لسنة 53 ق.ع و9666 لسنة 53 ق.ع الصادرين بجلسة 2/4/2008 بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه، وما يترتب على ذلك من آثار بمنح الطاعنين عدد الدرجات التي يترتب عليها تعديل مرتبة نجاح كل منهما من (مقبول) إلى (جيد).

وحيث إن تلك الدائرة أقامت قضاءها في الطعنين المذكورين على سند من أن قواعد الرأفة التي قررها مجلس جامعة طنطا بالنسبة للطعن الأول انحصر تطبيقها على تغيير حالة الطالب إلى الأفضل طبقاً لما يلي:

1- تغيير حالة الطالب من النقل بمادتين إلى النقل بمادة أو النجاح الخالص.

2- تغيير حالة الطالب من الرسوب إلى النقل بمادة أو مادتين أو النجاح الخالص أو دخول امتحان الدور الثاني.

3- تغيير حالة الطالب من دخول الدور الثاني في مواد إلى دخول امتحان الدور الثاني في مواد أقل.

4- تغيير حالة الطالب المفصول.

ونص البند (ب) من ذات القواعد على عدم تطبيق قواعد الرفع الخاصة بالتقدير العام على نتائج طلاب السنوات الدراسية الأربع، وأن يقتصر تطبيقها فقط على المجموع التراكمي للطلاب عند التخرج وعند حساب مرتبة النجاح في درجة البكالوريوس أو الليسانس، بحيث يكون الحد الأقصى لرفع التقدير العام 0.5% من المجموع التراكمي للدراسة بالكلية، على أن يخصم ما قد يكون استفاده الطالب من تلك الدرجات التي قررها مجلس الجامعة لرفع مواد الرسوب.

ونصت القواعد على أن يكون الرفع بواقع 6 درجات تطبق على أكثر من مادة على مستوى الفرقة الواحدة، وفي حدود ثلاث درجات كحد أقصى للمادة الواحدة.

ومن حيث إن ما تضمنه قرار جامعة طنطا على النحو سالف الذكر من حرمان الطالب الحاصل على الليسانس من الاستفادة من درجات الرأفة المقررة لصالح طلاب تلك الكليات في سنوات الدراسة الأربع، وقدرها (24) درجة، بواقع (6) درجات للفرقة الواحدة، مع خصم تلك الدرجات من درجات الرأفة التي تمنح للخريج لرفع تقديره التراكمي 0.5% من المجموع الكلي لسنوات الدراسة الأربع، وهو (800) درجة، أي ما يعادل (4) درجات فيه مخالفة لمبدأ المساواة المنصوص عليه دستوريا، كما أنه يتعارض مع الواقع، وذلك لصعوبة خصم ما مقداره (24) درجة من أصل ما يتحصل عليه الطالب عند رفع مجموعه التراكمي بواقع (4) درجات. الأمر الذي يجعل قرار مجلس جامعة طنطا سالف الذكر فيما تضمنه بالنسبة للمبدأ المذكور مخالفاً للقانون، خليقا بعدم الاعتداد به. ومن ثم خلصت المحكمة إلى إلغاء حكم محكمة القضاء الإداري بطنطا في الدعوى رقم 9484 لسنة 13 ق، ووقف تنفيذ القرار المطعون فيه، مع ما يترتب على ذلك من آثار، أخصها حصول المدعي على عدد الدرجات المطلوبة لرفع تقديره من (مقبول) إلى (جيد).

كما استند حكم المحكمة بالنسبة للطعن الثاني إلى القصور الذي شاب القواعد التي قررها مجلس جامعة القاهرة في جلسته رقم 963 بتاريخ 27/1/1998، وما قرره مجلس كلية الحقوق من تطبيق ذات القواعد على نتائج طلاب دور مايو وأكتوبر من العام الجامعي 2005، بحرمان الطالب المتخرج من الكلية من الاستفادة بدرجات الرأفة المقررة لطلاب الكلية في سنوات الدراسة الأربع، ومقدارها (28) درجة، أي بواقع سبع درجات للفرقة الواحدة، على أن تخصم من الدرجات التي تمنح للطالب لرفع تقديره التراكمي، وهي أربع درجات ونصف فقط، إذ أن في تقرير ذلك مخالفة لمبدأ المساواة المنصوص عليه دستورياً، كما أنه يتعارض مع الواقع لاستحالة تنفيذه من الناحية العملية. ومن ثم قضت المحكمة بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبوقف تنفيذ القرار المطعون فيه، وما يترتب على ذلك من آثار بحصول الطالب على الدرجات المطلوبة لرفع تقديره من (مقبول) إلى (جيد)، طالما كان ذلك في حدود الدرجات التي يتحصل عليها الطالب خلال سنوات الدراسة الأربع.

ونظرا إلى أن القواعد التي قررها مجلس الجامعتين في طنطا والقاهرة، التي درج على تسميتها بقواعد الرأفة تضمنت نوعين من الحالات التي تناولتها تلك القواعد بالرعاية:

(الحالة الأولى) قواعد تطبق على طلاب السنوات الدراسية الأربع لتغيير حالة الطالب للأفضل، على النحو المشار إليه، وذلك بواقع عدد محدد لكل فرقة دراسية.

(الحالة الثانية) قواعد تطبق على من تم تخرجه بالحصول على درجة البكالوريوس أو الليسانس لرفع تقديره التراكمي لتقدير أعلى، وذلك بمنحه نسبة 0.5% من المجموع التراكمي المقرر للدرجة المذكورة.

ولما كان لكل من الحالتين هدفها، حيث استهدفت القواعد في الحالة الأولى إقالة الطالب المتعثر مساعدة له في مواصلة تعليمه واستكمال دراسته، بينما أن الطالب في الحالة الثانية تحقق له الهدف المبتغى في الحالة الأولى، حيث لا يتطلع إلى نجاح، وإنما لتحسين مرتبة نجاحه، وقد كفلتها القواعد في حدود عدد معين من الدرجات، الأمر الذي لا يستقيم معه الخلط بين الحالتين، أو اعتبار كلتيهما في مركز قانوني واحد، لما في ذلك من إهدار للغاية التي استهدفتها تلك القواعد، وإخلال بمبدأ المساواة الذي كفله الدستور، حيث إن المعني بالمبدأ المذكور ليس المساواة المطلقة، وإنما المساواة القانونية في حالة تماثل تلك المراكز، بما يتضمنه ذلك من حق المشرع في وضع ضوابط موضوعية طبقاً لسلطته التقديرية تحقيقاً لهذه المساواة القانونية، فإذا توافرت هذه الشروط في عدد معين من الأفراد دون البعض الآخر انتفى مناط التطبيق، لا سيما وأن المحكمة الدستورية العليا قضت بأن مبدأ المساواة بين المواطنين في الحقوق لا يعني أن تعامل فئاتهم على ما بينهم من تباين في مراكزهم القانونية معاملة متكافئة، إذ أن المنهي عنه ذلك التمييز الذي يكون تحكمياً، دون الذي يستند إلى أسس موضوعية لتحقيق أغراض بعينها، تعكس مشروعيتها في إطار المصلحة العامة المستهدف تحقيقها من وراء هذا التنظيم.

ولما كان القول بأحقية الطالب الذي أنهى دراسته بالكلية في الاستفادة من درجات الرأفة المقررة لرفع مواد الرسوب خلال سنوات الدراسة، التي لم يكن قد استنفدها خلال تلك السنوات، إلى جانب درجات الرفع المقررة لرفع تقديره العام إلى التقدير الأعلى، إنما ينطوي على خلط بين نوعي تلك الدرجات، وإهدار للهدف والغاية من كل منهما، وهو الأمر الذي تداركه مجلس جامعة طنطا رغبة منه في إزالة هذا الخلط، إذ قرر عدم حساب الدرجات التي منحت للطالب لتحسين وضعه في مواد الرسوب ضمن المجموع التراكمي، وذلك اعتبارا من نتائج امتحانات العام الجامعي 2006/2007؛ حتى يغلق الباب أمام دعوى الإخلال بمبدأ المساواة، ومؤكدا على أنها قواعد استثنائية تطبق في الحدود التي استنت من أجلها.

ومن حيث إنه لما كان ذلك، وكان الطاعن حصل على ليسانس الحقوق جامعة طنطا دور أكتوبر 2006 بتقدير تراكمي (مقبول) وبدرجات بلغت (510) درجات من (800) درجة، وكان في حاجة إلى (10) عشر درجات لرفع تقديره العام إلى (جيد)، رغم أن الدرجات المقررة لهذا التعديل هي (4) درجات، بواقع 0.5%، وبإضافتها إلى مجموعه الحقيقي لن تؤدي إلى رفع تقديره إلى (جيد)، فمن ثم يكون قرار إعلان نتيجته على أساس ذلك صحيحاً لا مطعن عليه، ويكون طلب حصوله على العشر الدرجات من درجات الرأفة المقررة للسنوات الأربع، التي حصل منها على تسع درجات خلال تلك السنوات، يفتقد إلى سند صحيح؛ لاختلاف مناط المنح في الحالتين، وعدم تساوي المراكز القانونية فيهما.

ومن حيث إنه بالبناء على ما تقدم يكون متعيناً العدول عن قضاء الدائرة السادسة (موضوع) بالمحكمة الإدارية العليا الصادر في الطعنين رقمي 4637 لسنة 53 ق.ع و9666 لسنة 53 ق.ع الصادرين بجلسة 2/4/2008، والقضاء بعدم أحقية الطالب الذي أنهى دراسته الجامعية في الحصول على عدد من درجات الرأفة المقرر استفادته منها خلال أعوام الدراسة، وذلك لرفع تقديره التراكمي للمرتبة الأعلى.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بعدم أحقية الطالب الذي أنهى دراسته الجامعية بحصوله على درجة البكالوريوس أو الليسانس في الحصول على عدد من درجات الرأفة المقرر منحها خلال الأعوام الدراسية لرفع مجموعه التراكمي إلى التقدير الأعلى، وذلك على النحو الموضح بالأسباب، وبإعادة الطعن إلى الدائرة المختصة بالمحكمة الإدارية العليا للفصل فيه في ضوء ذلك.

الطعن 34048 لسنة 52 ق جلسة 2 / 4 / 2011 إدارية عليا مكتب فني 55 - 56 توحيد المبادئ ق 8 ص 88

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد منير السيد جويفل نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة.
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ السيد محمد السيد الطحان، ورمزي عبد الله محمد أبوالخير، وغبريال جاد عبد الملاك، والصغير محمد محمود بدران، وفريد نزيه حكيم تناغو، وعصام عبد العزيز جاد الحق، وسعيد أحمد محمد حسين برغش، وسامي أحمد محمد الصباغ، ومجدي حسين محمد العجاتي، وحسن كمال أبو زيد شلال. نواب رئيس مجلس الدولة.
بحضور السيد الأستاذ المستشار/ مصطفى حسين السيد نائب رئيس مجلس الدولة ومفوض الدولة.
-----------------
تقادم - انقطاعه
تقادم - انقطاعه – يترتب على المطالبة الإدارية نفس الأثر المترتب على المطالبة القضائية من حيث قطع التقادم - يعتد بالطلبات المتكررة المقدمة لجهة الإدارة في قطع مدة التقادم، فيبدأ تقادم جديد عقب كل مطالبة إدارية.
------------
الوقائع
في يوم السبت الموافق 19/8/2006 أودع الأستاذ/ ... المحامي، بصفته وكيلا عن الطاعن، قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريرا بالطعن، قيد بجدولها برقم 34048 ق. عليا، في الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإداري بطنطا (الدائرة الثانية) بجلسة 19/6/2006 في الدعوى رقم 1561 لسنة 10 ق، القاضي بسقوط حق المدعي في إقامة الدعوى بالتقادم الطويل، وإلزامه المصروفات.
وطلب الطاعن - للأسباب الواردة بتقرير الطعن - الحكم بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددا بأحقيته في ضم مدة خدمته العسكرية من 1/11/1976 حتى 1/10/1978 إلى مدة خدمته المدنية الحالية، مع ما يترتب على ذلك من آثار، مع إلزام جهة الإدارة المصروفات عن الدرجتين.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريرا مسببا بالرأي القانوني، ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددا بأحقية الطاعن في ضم مدة خدمته العسكرية إلى مدة خدمته المدنية الحالية، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام جهة الإدارة المصروفات.
وقد حددت لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بالدائرة التاسعة بالمحكمة الإدارية العليا جلسة 13/10/2008، وتدوول بالجلسات على النحو المبين بمحاضرها، حيث قررت بجلسة 27/10/2008 إحالة الطعن إلى الدائرة التاسعة (موضوع) بالمحكمة الإدارية العليا، وحددت لنظره أمامها جلسة 20/11/2008. وقد تدوول نظر الطعن أمام تلك الدائرة على النحو المبين بمحاضر جلساتها، إلى أن قررت بجلسة 16/4/2009 إصدار الحكم بجلسة 25/6/2009، وفيها قررت المحكمة إعادة الطعن للمرافعة بجلسة 1/10/2009 لتقدم الجهة الإدارية بيانا بالحالة الوظيفية لزميل الطاعن الذي يقيده في ضم مدة خدمته العسكرية.
وتداولت المحكمة نظر الطعن على النحو الثابت بالمحاضر إلى أن قررت بجلسة 21/1/2010 إحالة الطعن إلى دائرة توحيد المبادئ المشكلة طبقا للمادة (54) مكررا من قانون مجلس الدولة، الصادر بالقانون رقم (47) لسنة 1972، المضافة بالقانون رقم (136) لسنة 1984 لقيام موجب الإحالة إليها، على سند من أن الحكم المطعون فيه قضى بسقوط الحق في إقامة الدعوى بالتقادم الطويل، وأن مبنى الطعن الماثل أن مدة التقادم قطعت بأكثر من طلب قدم لجهة الإدارة، وأودعت الطلبات بحافظة المستندات المقدمة لمحكمة أول درجة بجلسة 15/2/2005، ونظرا لأن الدائرة التاسعة (موضوع) بتشكيل مغاير سبق أن اعتدت بحكمها الصادر بجلسة 26/2/2009 في الطعن رقم 1630 لسنة 49 ق. عليا بالطلبات المتكررة المقدمة لجهة الإدارة في قطع مدة التقادم، في حين ترى الدائرة بتشكيلها الحالي الاعتداد فقط بالطلب الأول المقدم لجهة الإدارة في قطع مدة التقادم، وأن الأخذ بهذا النظر من شأنه أن يتعارض مع الحكم الصادر في الطعن رقم 1630 لسنة 49 ق. عليا.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريرا مسببا بالرأي القانوني، ارتأت فيه الاعتداد في قطع مدة التقادم الطويل للحق في إقامة الدعوى بالطلب الأول المقدم للجهة الإدارية.
وقد حددت لنظر الطعن أمام هذه الدائرة جلسة 6/3/2010، وتدوول أمامها بالجلسات على النحو المبين بمحاضرها، وبجلسة 5/6/2010 قررت الدائرة إصدار الحكم بجلسة 3/7/2010، وفيها قررت إعادة الطعن إلى المرافعة بجلسة 2/10/2010 لتغيير تشكيل الهيئة، وبجلسة 4/12/2010 قررت الدائرة إصدار الحكم بجلسة 5/2/2011 مع التصريح بتقديم مذكرات ومستندات خلال ثلاثة أسابيع، وقد انقضى هذا الأجل دون تقديم أية مذكرات أو مستندات، وتأجل النطق بالحكم إداريا لجلسة 5/3/2011، وفيها قررت المحكمة إعادة الطعن للمرافعة بذات الجلسة لتغيير تشكيل الهيئة، وبذات الجلسة قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها قررت إعادة الطعن للمرافعة بجلسة اليوم لتغيير التشكيل، والحكم آخر الجلسة وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
---------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تخلص - حسبما يبين من الأوراق - في أنه بتاريخ 22/1/2003 أقام ... الدعوى رقم 1561 لسنة 10 ق ضد محافظ الغربية ومدير مديرية التربية والتعليم بالغربية بصفتيهما أمام محكمة القضاء الإداري بطنطا، وطلب الحكم بقبول الدعوى شكلا، وفي الموضوع بأحقيته في ضم مدة خدمته بالقوات المسلحة من 1/11/1976 حتى 1/10/1978 إلى مدة خدمته المدنية الحالية، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام جهة الإدارة المصروفات.

وقال المدعي شرحا لدعواه: إنه حصل على دبلوم التجارة عام 1976، وتم تجنيده بالقوات المسلحة خلال المدة 1/11/1976 حتى 1/10/1978، وعين بإدارة شرق المحلة الكبرى التعليمية اعتبارا من 1/6/1980، وقد تقدم إلى الجهة الإدارية بطلب لضم مدة تجنيده إلى مدة خدمته المدنية الحالية، إلا أن الجهة الإدارية لم تستجب إلى طلبه، مما حداه على إقامة دعواه للقضاء له بطلباته آنفة البيان.

وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريرا مسببا بالرأي القانوني، ارتأت فيه الحكم (أصليا) بسقوط حق المدعي في إقامة الدعوى بالتقادم الطويل وإلزامه المصروفات، و(احتياطيا) بقبول الدعوى شكلا، وفي الموضوع بأحقية المدعي في ضم مدة خدمته العسكرية في الفترة من 1/11/1976 حتى 1/10/1978 إلى مدة خدمته الحالية، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.

وبجلسة 19/6/2006 حكمت محكمة القضاء الإداري بطنطا (الدائرة الثانية) بسقوط حق المدعي في إقامة الدعوى بالتقادم الطويل، وألزمته المصروفات. وأقامت المحكمة قضاءها - بعد أن استعرضت نص المادة 374 من القانون المدني - على أن الثابت بالأوراق أن المدعي أقام دعواه الماثلة بتاريخ 22/1/2003، طالبا ضم مدة خدمته بالقوات المسلحة خلال الفترة من 1/11/1976 حتى 1/10/1978 إلى مدة خدمته الحالية، وذلك بعد مرور أكثر من خمسة عشر عاما على تعيينه بالجهة الإدارية المدعى عليها اعتبارا من 1/6/1980، فمن ثم يكون حقه في إقامة الدعوى قد سقط بالتقادم الطويل.

ومن حيث إن الطعن يقوم على أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله، وذلك على سند من أن محكمة أول درجة لم تطلع على حافظة المستندات المقدمة من الطاعن بجلسة 15/2/2005، التي طويت على ثلاث نسخ ضوئية لثلاثة طلبات مؤرخة في 11/4/1985 و16/3/1989 و2/1/1995 - على التوالي - تقدم بها الطاعن إلى الجهة الإدارية لضم مدة خدمته العسكرية إلى مدة خدمته الحالية، وهذه النسخ مختومة بخاتم الجهة الإدارية كصورة طبق الأصل، إلا أن الحكم المطعون فيه أغفل الرد على ما ذكره الطاعن من أن هذه الطلبات من شأنها قطع مدة التقادم لتبدأ مدة تقادم جديدة من تاريخ تقديم آخر طلب تم تقديمه في 2/1/1995، وبذلك لا يكون حق الطاعن في إقامة الدعوى قد سقط بالتقادم.

ومن حيث إن المسألة المعروضة على هذه الدائرة قد حددتها الدائرة التاسعة (موضوع) بالمحكمة الإدارية العليا بجلستها المعقودة في 21/10/2010، التي قررت فيها إحالة الطعن إلى هذه الدائرة للعدول عما ذهبت إليه - بتشكيل مغاير - بحكمها الصادر بجلستها المعقودة في 26/2/2009 في الطعن رقم 1630 لسنة 49 ق. عليا بالاعتداد بالطلبات المتكررة المقدمة لجهة الإدارة في قطع مدة التقادم، في حين ترى الدائرة بتشكيلها الحالي الاعتداد فقط بالطلب الأول المقدم لجهة الإدارة في قطع مدة التقادم.

ومن حيث إن المادة (374) من القانون المدني الصادر بالقانون رقم (131) لسنة 1948 تنص على أن: "يتقادم الالتزام بانقضاء خمس عشرة سنة فيما عدا الحالات التي ورد عنها نص خاص في القانون وفيما عدا الاستثناءات التالية".

وتنص المادة (381/1) من ذات القانون على أنه "لا يبدأ سريان التقادم فيما لم يرد فيه نص خاص إلا من اليوم الذي يصبح فيه الدين مستحق الأداء".

كما تنص المادة (383) من ذات القانون على أن: "ينقطع التقادم بالمطالبة القضائية ولو رفعت الدعوى إلى محكمة غير مختصة، وبالتنبيه، وبالحجز، وبالطلب الذي يتقدم به الدائن لقبول حقه في تفليس أو في توزيع، وبأي عمل يقوم به الدائن للتمسك بحقه أثناء السير في إحدى الدعاوى".

وتنص المادة (385/1) منه على أنه "إذا انقطع التقادم بدأ تقادم جديد يسري من وقت انتهاء الأثر المترتب على سبب الانقطاع، وتكون مدته هي مدة التقادم الأول".

ومن حيث إن المستفاد من النصوص المتقدمة أن الأصل في التقادم المسقط هو خمسة عشر عاما، ولا يتحول عنها إلى مدة أخرى إلا بنص خاص. ولا يبدأ سريان التقادم فيما لم يرد فيه نص خاص إلا من اليوم الذي يصبح فيه الدين مستحق الأداء. وينقطع التقادم لأسباب عدة، من بينها: المطالبة القضائية، وأي عمل يقوم به الدائن للتمسك بحقه أثناء السير في إحدى الدعاوى. ويترتب على ذلك بقاء الانقطاع قائما ما دامت الدعوى قائمة، فإذا انتهت بحكم نهائي للدائن بطلباته، بدأ سريان تقادم جديد من وقت صدور هذا الحكم، أما إذا انتهت الدعوى برفض طلبات الدائن فيعتبر انقطاع التقادم كأن لم يكن.

ويقصد بانقطاع التقادم: زوال كل أثر للمدة التي انقضت منه، بحيث تعتبر هذه المدة كأن لم تكن، فإذا بدأ سريان التقادم بعد انقطاعه كان تقادما جديدا، يعقب ذلك الذي زال بالانقطاع. ولا يمنع انقطاع التقادم من تكراره استنادا لذات السبب، بحيث يبدأ تقادم جديد عقب كل انقطاع، حيث خلا القانون المدني من النص على أن مدة التقادم لا تنقطع إلا مرة واحدة.

ومن حيث إن قضاء المحكمة الإدارية العليا قد اطرد على أنه وإن كانت قواعد القانون المدني قد وضعت أصلا لتحكم روابط القانون الخاص، ولا تسري وجوبا على روابط القانون العام، إلا أن القضاء الإداري له أن يطبق من تلك القواعد ما يتلاءم مع هذه الروابط ويتفق مع طبيعتها، اللهم إلا إذا وجد النص التشريعي الخاص لمسألة معينة، فعندئذ وجب التزام النص. وقد جاءت قوانين مجلس الدولة المتعاقبة وآخرها القانون رقم (47) لسنة 1972 خلوا من تحديد مواعيد معينة لرفع الدعاوى في المنازعات الإدارية التي يختص بنظرها بهيئة القضاء الإداري، إلا ما تعلق منها بطلبات الإلغاء، ومن ثم فإن غيرها من الطلبات يجوز لذوي الشأن رفعها متى كان الحق المطالب به لم يسقط بالتقادم طبقا لقواعد القانون المدني، وذلك بحسبان أن فكرة التقادم المسقط، الذي هو طريق لانقضاء الديون التي لم تنقض بأي طريق آخر، لا تتعارض في طبيعتها ومفهومها مع روابط القانون العام؛ إذ إنه إذا كان للتقادم المسقط للمطالبة بالحقوق في نطاق روابط القانون الخاص حكمته التشريعية المتعلقة باستقرار الحقوق، فإن حكمته في مجال روابط القانون العام تجد تبريرها على نحو ألزم وأوجب لاستقرار الأوضاع الإدارية والمراكز القانونية لعمال المرافق العامة، استقرارا تمليه المصلحة العامة وحسن سير المرفق.

(حكم دائرة توحيد المبادئ في الطعن رقم 567 لسنة 29 ق بجلسة 15/12/1985)

كما جرى قضاء المحكمة الإدارية العليا على أنه ولئن كان مفاد النصوص المدنية أن المطالبة التي تقطع التقادم هي المطالبة القضائية دون غيرها، إلا أن مقتضيات النظام الإداري قد مالت بالقضاء الإداري إلى تقرير قاعدة أكثر تيسيرا في علاقة الحكومة بموظفيها بمراعاة طبيعة هذه العلاقة والتدرج الرئاسي الذي تقوم عليه؛ ذلك أن المفروض في السلطة الرئاسية إنصاف الموظف بتطبيق القانون في أمره تطبيقا صحيحا حتى ينصرف إلى عمله هادئ الحال دون الالتجاء إلى القضاء، ومن ثم فقد استقر على أن يقوم مقام المطالبة القضائية في قطع التقادم: المطالبة الإدارية التي يوجهها الموظف إلى الجهة الإدارية متمسكا فيها بحقه طالبا أداءه، ويترتب على المطالبة الإدارية نفس الأثر المترتب على المطالبة القضائية من حيث قطع التقادم.

ومن حيث إن مجمل ما تقدم جميعه أنه ولئن كان كل من القانون المدني وقانون مجلس الدولة قد خلا من النص على اعتبار المطالبة الإدارية قاطعة للتقادم، إلا أنه رغبة من القضاء الإداري في تحقيق المصلحة العامة بتقليل الوارد من القضايا بقدر المستطاع، وتحقيق العدالة الإدارية بطريق أيسر للناس، وإنهاء المنازعات الإدارية في مراحلها الأولى، واستقرار المعاملات وتوفير الطمأنينة في المراكز القانونية، فقد استقر على اعتبار المطالبة الإدارية التي يتقدم بها صاحب الشأن إلى الجهة الإدارية مساوية للمطالبة القضائية من حيث أثرها في قطع مدة التقادم. وينبني على ذلك نتيجة مفادها وجوب الاعتداد بالطلبات المتكررة المقدمة لجهة الإدارة في قطع التقادم، بحيث يبدأ تقادم جديد عقب كل مطالبة إدارية.

والقول بأن المشرع نص صراحة في المادة (101) من قانون الإثبات في المواد المدنية والتجارية الصادر بالقانون رقم (25) لسنة 1968 على أن الأحكام - وهي نهاية المطاف في المطالبة القضائية التي تقطع التقادم - متى حازت قوة الأمر المقضي به فإنها تكون حجة فيما فصلت فيه من الحقوق، ويمتنع قبول دليل ينقض هذه الحجية، فإذا انتهت الدعوى بحكم نهائي للدائن بطلباته بدأ سريان تقادم جديد من وقت صدور هذا الحكم، وإذا انتهت الدعوى برفض طلبات الدائن فيعتبر انقطاع التقادم كأن لم يكن، ولا يجوز حينئذ إقامة دعوى جديدة متى اتحدت مع الدعوى السابقة في الخصوم والمحل والسبب، الأمر الذي يستتبعه بالضرورة عدم إمكانية إعطاء الفرع، وهو المطالبة الإدارية، أثرا قانونيا يفوق الأثر القانوني الذي رتبه المشرع على الأصل، وهو المطالبة القضائية؛ لمخالفة ذلك لقواعد القياس التي استند إليها القضاء الإداري للاعتداد بالمطالبة الإدارية كإجراء قاطع للتقادم، مما يتعين معه الاعتداد في قطع مدة التقادم بالطلب الأول فقط المقدم إلى جهة الإدارة وغض الطرف عن الطلبات التالية له - هذا القول ينطوي على خلط بين الأحكام الخاصة بالحجية والأحكام الخاصة بانقطاع التقادم، وهو ما أدى إلى نتيجة خاطئة مؤداها الاعتداد في قطع التقادم بالطلب الأول المقدم إلى جهة الإدارة وغض الطرف عن الطلبات التالية له.

كما أنه لا حجة في القول بأنه إذا تتابعت التظلمات فإن التظلم الذي يقطع الميعاد هو التظلم الأول فقط دون غيره، وهو ما يصدق أيضا على المطالبات الإدارية؛ لأن كلا منهما يهدف إلى مراجعة الجهة الإدارية نفسها قبل إقامة الدعوى - فهذا القول ينطوي على تفرقة تحكمية بين المطالبة الإدارية وبين غيرها من أسباب قطع التقادم الأخرى فيما يتعلق بمدى إمكانية قطع التقادم أكثر من مرة.

وفضلا عن ذلك فإن هذا القول لا يستقيم مع ما تتميز به طلبات الإلغاء من طبيعة خاصة جعلت المشرع يحدد لها ميعادا في قانون مجلس الدولة، وهو ما استتبع الاعتداد بالتظلم الأول فقط في قطع هذا الميعاد، وذلك بعكس الطلبات الأخرى التي لم يحدد قانون مجلس الدولة لها مددا، ومن ثم يجوز رفعها متى كان الحق المطالب به لم يسقط بالتقادم طبقا لقواعد القانون المدني، بما لا وجه معه لقياس المطالبات الإدارية على حالة تتابع التظلمات فيما يتعلق بقطع ميعاد رفع الدعوى.

ومن حيث إنه في ضوء ما تقدم جميعه فإنه يكون متعينا الاعتداد بالطلبات المتكررة في قطع مدة التقادم الطويل المسقط للحق في رفع الدعوى.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بالاعتداد في قطع مدة التقادم الطويل المسقط للحق في إقامة الدعوى بالطلبات المتكررة المقدمة للجهة الإدارية، وأمرت بإعادة الطعن إلى الدائرة المختصة بالمحكمة الإدارية العليا للفصل فيه.


·