جلسة 25 من مارس سنة 2013
برئاسة السيد القاضي/ علي محمد علي "نائب رئيس المحكمة" وعضوية السادة القضاة/ عطية النادي، نبيل أحمد صادق، حسام هشام صادق وإيهاب الميداني "نواب رئيس المحكمة".
------------------
(62)
الطعن 16637 لسنة 79 القضائية
(1 - 4) دعوى "ماهيتها" "شروط قبول الدعوى: الصفة في الدعوى: الصفة الموضوعية". محكمة الموضوع "سلطة محكمة الموضوع في استخلاص توافر الصفة والمصلحة في الدعوى".
(1) الدعوى. ماهيتها. حق الالتجاء إلى القضاء لحماية الحق أو المركز القانوني المدعى به. وجوب توافر الصفة الموضوعية لطرفيها.
(2) استخلاص توافر الصفة في الدعوى. استقلال قاضي الموضوع بها متى أقام قضاءه على أسباب سائغة.
(3) تحديد صفة المدعى عليه في الدعوى. امتداده لما جاء بالصحيفة متعلقا بموضوع النزاع وطلبات المدعي فيها ما دامت كافية للدلالة عليها. التمسك بوجوب بيان صفة المدعي عليه بصحيفة الدعوى. تعلق بالقوالب الشكلية الصارمة. أثره. إبعاد المحكمة عن نظر موضوع الدعوى ووسائل الدفاع فيها. م 63 مرافعات.
(4) قضاء الحكم المطعون فيه بقبول الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة لاختصام المطعون ضدهم بأشخاصهم دون البحث في كامل صحيفة الدعوى عن توافر صفاتهم. خطأ وقصور.
(5) محاكم اقتصادية "قضاء محكمة النقض في موضوع الدعوى الاقتصادية".
تصدى محكمة النقض الموضوع الدعوى الاقتصادية. شرطه. سبق تصدي الدائرة الاستئنافية بالمحكمة الاقتصادية للموضوع. قصر قضاء المحكمة الاقتصادية على إجراءات رفع الدعوى أو دفع شكلي دون الموضوع. أثره. عدم جواز تصدي محكمة النقض الموضوع النزاع حال قضائها بنقض الحكم المطعون فيه.
------------------
1 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن الدعوى هي حق الالتجاء إلى القضاء بطلب حماية الحق أو المركز القانوني المدعى به، ومن ثم فإنه يلزم توافر الصفة لطرفي هذا الحق بأن ترفع الدعوى ممن يدعي استحقاق هذه الحماية وضد من يراد الاحتجاج عليه بها.
2 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن استخلاص توافر الصفة في الدعوى هو من قبيل فهم الواقع فيها وهو ما يستقل به قاضي الموضوع وحسبه أن يبين الحقيقة التي اقتنع بها وأن يقيم قضاءه على أسباب سائغة تكفي لحمله.
3 - المقرر - في قضاء محكمة النقض – أن تحديد صفة المدعى عليه في الدعوى لا يقتصر بيانه على ما جاء محددا لها في صدر الصحيفة وفقا لحكم المادة 63 من قانون المرافعات، وإنما أيضا بما جاء بمضمون الصحيفة متعلقا بموضوع النزاع وطلبات المدعي فيها ما دامت تكفي للدلالة على حقيقة هذه الصفة باعتبار أن التمسك بوجوب بيان صفة المدعى عليه في المكان سالف الذكر بحسب، لا يعدو أن يكون ضربا من ضروب التعلق بالقوالب الشكلية الصارمة والتي يترتب عليها إبعاد المحكمة عن نظر موضوع الدعوى وما أبدى فيها طرحا وردا لوسائل الدفاع المختلفة، وهو ما يتضارب مع مبدأ العدالة الناجزة والتي تسعى إليه كافة الأنظمة القانونية.
4 - إذ كان الثابت بالأوراق أن الطاعن وإن اختصم المطعون ضده الأول والمطعون ضدهما الثاني والثالث بأشخاصهم، وكانت طلباته هي الحكم بانقضاء مجلس إدارة شركة المستقبل للخدمات التعليمية لانتهاء مدته وزوال صفة رئيسه وأعضائه وبطلان كافة القرارات والتصرفات والتعاملات الصادرة من مجلس الإدارة في تاريخ انتهاء ولايته في 14/ 3/ 2006، إلا أنه استطرد في ذات الصحيفة إلى أن الشركة كونت من ثلاثة أعضاء (المطعون ضدهم الثلاثة الأول) وأن المطعون ضده الأول رئيس مجلس إدارتها وأن المطعون ضدهما الثاني والثالث قررا صراحة أمام المحكمة بمضمون ما قرر به الطاعن في دعواه فضلا عن أن المطعون ضده الأول بعد إبداء دفعه بالشكل سالف البيان - الدفع بعدم قبول الدعوى نرفعها على غير ذي صفة - ناقش موضوع الدعوى طالبا القضاء بانتهائها وفقا لأحكام القانون 159 لسنة 1981 بما لازمه ومقتضاه أن المراد من الإصرار على الدفع هو تعطيل الفصل في موضوع الدعوى وحسم المراكز القانونية فيها، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقبل دفع المطعون ضده الأول سالف الذكر دون أن يعني بالبحث في كامل صحيفة الدعوى عن توافر صفات المطعون ضدهم، فإنه يكون قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال جره إلى الخطأ في تطبيق القانون.
5 - النص في الفقرة الأخيرة من المادة (12) من قانون المحاكم الاقتصادية رقم 120 لسنة 2008 على أن "... استثناء من أحكام المادة (39) من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض وأحكام الفقرة الثانية من المادة 269 من قانون المرافعات المدنية والتجارية، إذا قضت محكمة النقض بنقض الحكم المطعون فيه حكمت في موضوع الدعوى ولو كان الطعن لأول مرة "، وجاء بالمذكرة الإيضاحية لهذا القانون أن المشرع استهدف من إصداره سرعة إجراءات التقاضي بالنسبة للمنازعات الخاصة بالمجال الاقتصادي وذلك تشجيعا للاستثمار العربي والأجنبي بمصر ووصولا استقرار المبادئ القانونية التي تحكم الحقل الاستثماري، واستعان في هذا بآليات متعددة لتنفيذ هذا الغرض منها أنه خرج عن الأصل العام الوارد بالمادة 269 من قانون المرافعات المدنية والتجارية بشأن تصدى محكمة النقض الموضوع النزاع المطروح أمامها عند نقض الحكم المطعون فيه، بأن أوجب على محكمة النقض التصدي لموضوع النزاع ولو كان الطعن لأول مرة إلا أنه في المقابل فإن التزام محكمة النقض بذلك لا يكون إلا إذا تصدت الدائرة الاستئنافية بالمحكمة الاقتصادية المصدرة لهذا الحكم لموضوع النزاع، أما إذا كان قضاؤها قد اقتصر على الفصل في إجراءات رفع الدعوى أو دفع شكلي فحسب دون الموضوع فلا يكون لمحكمة النقض في هذه الحالة التصدي للموضوع، إذ مؤدى ذلك اختزال إجراءات التقاضي على مرحلة واحدة وهي تصدي محكمة النقض لموضوع النزاع بعد القضاء الصادر منها بنقض الحكم المطعون فيه، وهو أمر يتعارض مع مبادئ العدالة والتي لا يتعين إهدارها في سبيل سرعة الفصل في الأنزعة الاقتصادية، بما يتعين معه في هذه الحالة إحالة الدعوى للدائرة الاستئنافية بالمحكمة الاقتصادية للفصل في الموضوع.
---------------
الوقائع
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعن أقام على المطعون ضدهم الدعوى رقم... لسنة... ق أمام الدائرة الاستئنافية الاقتصادية بالقاهرة طالبا الحكم بانقضاء مجلس إدارة شركة... للخدمات التعليمية شركة مساهمة مصرية وزوال صفة رئيس وأعضاء مجلس الإدارة وبطلان قراراته وتصرفاته تأسيسا على أن مدة أول مجلس إدارة الشركة هي خمس سنوات انتهت في 14/ 2/ 2006 ولم تجدد بما يترتب عليه زوال صفة رئيسه وأعضائه منذ ذلك التاريخ وبتاريخ 15/ 9/ 2009 حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وأودعت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة المشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
---------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر، والمرافعة، وبعد المداولة.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال، إذ قضى بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة تأسيسا على اختصام المطعون ضده الأول وباقي أعضاء مجلس الإدارة بأشخاصهم دون صفاتهم ملتفتا عما ضمنه الطاعن لصحيفة افتتاح الدعوى من طلب انقضاء مجلس الإدارة وزوال صفة رئيسه وأعضائه لانتهاء مدته وعدم تجديدها بما يقطع باختصامهم بصفاتهم، وهو ما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أن المقرر - بقضاء هذه المحكمة – أن الدعوى هي حق الالتجاء إلى القضاء بطلب حماية الحق أو المركز القانوني المدعي به، ومن ثم فإنه يلزم توافر الصفة لطرفي هذا الحق بأن ترفع الدعوى ممن يدعي استحقاق هذه الحماية وضد من يراد الاحتجاج عليه بها، وأن استخلاص توافر الصفة في الدعوى هو من قبيل فهم الواقع فيها وهو ما يستقل به قاضي الموضوع وحسبه أن يبين الحقيقة التي اقتنع بها وأن يقيم قضاءه على أسباب سائغة تكفي لحمله، والمقرر أيضا أن تحديد صفة المدعى عليه في الدعوى لا يقتصر بيانه على ما جاء محددا لها في صدر الصحيفة وفقا لحكم المادة 63 من قانون المرافعات، وإنما أيضا بما جاء بمضمون الصحيفة متعلقا بموضوع النزاع وطلبات المدعي فيها ما دامت تكفي للدلالة على حقيقة هذه الصفة باعتبار أن التمسك بوجوب بيان صفة المدعى عليه في المكان سالف الذكر بحسب، لا يعدو أن يكون ضربا من ضروب التعلق بالقوالب الشكلية الصارمة والتي يترتب عليها إبعاد المحكمة عن نظر موضوع الدعوى وما أبدى فيها طرحا وردة لوسائل الدفاع المختلفة، وهو ما يتضارب مع مبدأ العدالة الناجزة والتي تسعى إليه كافة الأنظمة القانونية. لما كان ذلك، وكان الثابت بالأوراق أن الطاعن وإن اختصم المطعون ضده الأول والمطعون ضدهما الثاني والثالث بأشخاصهم، وكانت طلباته هي الحكم بانقضاء مجلس إدارة شركة... للخدمات التعليمية لانتهاء مدته وزوال صفة رئيسة وأعضائه وبطلان كافة القرارات والتصرفات والتعاملات الصادرة من مجلس الإدارة في تاريخ انتهاء ولايته في 14/ 2/ 2006، إلا أنه استطرد في ذات الصحيفة إلى أن الشركة كونت من ثلاثة أعضاء (المطعون ضدهم الثلاثة الأولى) وأن المطعون ضده الأول رئيس مجلس إدارتها وأن المطعون ضدهما الثاني والثالث قررا صراحة أمام المحكمة بمضمون ما قرر به الطاعن في دعواه فضلا عن أن المطعون ضده الأول بعد إبداء دفعه بالشكل سالف البيان ناقش موضوع الدعوى طالبا القضاء بانتهائها وفقا لأحكام القانون 159 لسنة 1981 بما لازمه ومقتضاه أن المراد من الإصرار على الدفع هو تعطيل الفصل في موضوع الدعوى وحسم المراكز القانونية فيها، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقبل دفع المطعون ضده الأول سالف الذكر دون أن يعني بالبحث في كامل صحيفة الدعوى عن توافر صفة المطعون ضدهم، فإنه يكون قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال جره إلى الخطأ في تطبيق القانون بما يوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.
وحيث إن النص في الفقرة الأخيرة من المادة (12) من قانون المحاكم الاقتصادية رقم 120 لسنة 2008 على أن "... استثناء من أحكام المادة (39) من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض وأحكام الفقرة الثانية من المادة 269 من قانون المرافعات المدنية والتجارية، إذا قضت محكمة النقض بنقض الحكم المطعون فيه حكمت في موضوع الدعوى ولو كان الطعن لأول مرة". وجاء بالمذكرة الإيضاحية لهذا القانون أن المشرع استهدف من إصداره سرعة إجراءات التقاضي بالنسبة للمنازعات الخاصة بالمجال الاقتصادي وذلك تشجيعا للاستثمار العربي والأجنبي بمصر ووصولا لاستقرار المبادئ القانونية التي تحكم الحقل الاستثماري، واستعان في هذا بآليات متعددة لتنفيذ هذا الغرض منها أنه خرج عن الأصل العام الوارد بالمادة 269 من قانون المرافعات المدنية والتجارية بشأن تصدي محكمة النقض لموضوع النزاع المطروح أمامها عند نقض الحكم المطعون فيه، بأن أوجب على محكمة النقض التصدي لموضوع النزاع ولو كان الطعن لأول مرة إلا أن في المقابل فإن التزام محكمة النقض بذلك لا يكون إلا إذا تصدت الدائرة الاستئنافية بالمحكمة الاقتصادية المصدرة لهذا الحكم لموضوع النزاع، أما إذا كان قضاؤها قد اقتصر على الفصل في إجراءات رفع الدعوى أو دفع شكلي فحسب دون الموضوع فلا يكون لمحكمة النقض في هذه الحالة التصدي للموضوع، إذ مؤدى ذلك اختزال إجراءات التقاضي على مرحلة واحدة وهي تصدى محكمة النقض الموضوع النزاع بعد القضاء الصادر منها بنقض الحكم المطعون فيه، وهو أمر يتعارض مع مبادئ العدالة والتي لا يتعين إهدارها في سبيل سرعة الفصل في الأنزعة الاقتصادية، بما يتعين معه في هذه الحالة إحالة الدعوى للدائرة الاستئنافية بالمحكمة الاقتصادية للفصل في الموضوع.