جلسة 9 من يناير سنة 2016
(7)
الطعن رقم 2611 لسنة 85 القضائية
(1) حكم " وصفه " . نيابة عامة . نقض " ما يجوز
الطعن فيه من الأحكام
" .
الحكم الصادر من محكمة الجنايات في جناية ببراءة
المطعون ضدهم في غيبتهم . نهائي . لا يبطل
بحضورهم أو القبض عليهم . أثر ذلك : جواز طعن النيابة العامة فيه بالنقض . علة
وأساس ذلك ؟
(2) إرهاب
" الانضمام لجماعة أُسست على خلاف أحكام القانون " . إذاعة أخبار
وبيانات وشائعات كاذبة . إتلاف . تجمهر . حيازة مطبوعات من شأنها تكدير الأمن
العام . استعمال القوة والعنف مع موظف عام . محكمة الموضوع
" سلطتها في تقدير الدليل " . حكم " بيانات التسبيب " " تسبيبه . تسبيب معيب " .
نقض " حالات الطعن . الخطأ في
تطبيق القانون " .
وجوب اشتمال الحكم ولو بالبراءة على الأسباب التي
بني عليها وإلَّا كان باطلاً . المادة 310 إجراءات .
المراد بالتسبيب المعتبر ؟
لمحكمة الموضوع
القضاء بالبراءة متى تشككت في صحة إسناد التهمة للمتهم
أو لعدم كفاية الأدلة . شرط ذلك ؟
جريمة التجمهر . مناط تحققها ؟
العبرة في عدم مشروعية جماعة ووصفها بالإرهابية بالغرض الذي تهدف إليه
والوسائل التي تتخذها للوصول لما تتغياه . لا بصدور ترخيص أو تصريح باعتبارها كذلك
.
مثال
لتسبيب معيب لحكم صادر بالبراءة عن جرائم الانضمام لجماعة أُسست على خلاف أحكام
القانون والتجمهر واستعراض القوة والعنف ضد موظفين عموميين والإتلاف العمدي لمنشآت
ذات نفع عام وحيازة وإحراز أدوات تستعمل في الاعتداء على الأشخاص وحيازة مطبوعات
ومحررات وإذاعة بيانات كاذبة من شأنها تكدير الأمن العام.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- لما كان الحكم المطعون فيه وإن صدر في غيبة المطعون ضدهم
من محكمة الجنايات بالبراءة في جناية إلَّا أنه لا يُعتبر أنه أضر بهم لأنه لم
يدنهم بها ، ومن ثمَّ فهو لا يبطل بحضورهم أو القبض عليهم ، لأن البطلان وإعادة
نظر الدعوى أمام محكمة الجنايات مقصوران على الحكم الصادر بالعقوبة في غيبة المتهم
بجناية – حسبما يبين من صريح نص المادة 395 من قانون الإجراءات الجنائية ، ومن
ثمَّ فهو حكم نهائي ويكون طعن النيابة العامة بطريق النقض على هذا الحكم جائزاً .
2- لما كان الحكم
المطعون فيه قال تبريراً لقضائه بالبراءة " وحيث إن المحكمة وهي في مقام وزن
وتقدير الدليل الذي ساقته النيابة العامة ترى أن ذلك الدليل قد ران عليه الوهن
وأحاطت به الشكوك وجاء غير مطمئن لوجدان المحكمة في مقارفة المتهمين لتلك الجرائم
وآية ذلك ما يلي : أولاً : أن جمعية الإخوان المسلمين مقيدة ومسجلة طبقاً لأحكام
القانون رقم 84 لسنة 2005 تحت إشراف الإدارة المركزية للجمعيات بموجب قرار القيد
رقم .... بتاريخ.... والمنشور بالعدد .... من الوقائع المصرية في .... فهي كيان
معترف به قانوناً . وجاءت الأوراق رغما عن ذلك خالية من انضمام المتهمين إليها
وتمتعهم بعضويتها ومقيدين في سجلاتها وما نُسب إليهم في هذا الشأن ظنياً تلتفت عنه
المحكمة. ثانياً : بطلان القبض الحاصل على
المتهم الأول إذ إن التلبس حالة تلازم الجريمة ذاتها لا شخص مرتكبها وأن
مشاهدة تجمهرٍ وقع .... صباحاً داخل كلية .... بـ .... واستمر قرابة النصف ساعة
وتفرق إثر تلقي الشرطة أنباء وقوعه وأتت لم تجده وانصرفت ثم شاهدت المتهم الأول
بمفرده أعزل قرابة الساعة .... مساء ذلك اليوم يستقل سيارة ميكروباص بالطريق العام
وقيام طالب وزملائه بالالتفاف حوله وإنزاله منها وقبضهم عليه وتلقي الشرطة نبأ ذلك
والتي أتت وضبطته لا يوفر أي حالة من حالات التلبس المبينة على سبيل الحصر بالمادة
30 من قانون الإجراءات الجنائية مما يكون معه القبض الواقع عليه باطلاً لافتقاده
للسند القانوني ولوقوعه من غير ذي صفة . ثالثاً : ما أُسند للمتهمين من
الثاني للخامس من تدبير للتجمهر وتحريضهم وإغرائهم المتهم الأول ومساعدته لارتكاب
الجرائم المسندة إليه ودعوتهم له للاشتراك في
نشر وتوزيع احتجاجات سياسية حملته تحريات منفردة مرسلة لا تصلح لأن تكون
دليلاً أو حتى قرينة على ارتكابهم الجرائم المسندة إليهم ولم تتأيد بأي دليل أو
حتى قرينة تشاركها وتحمل معها ما يدنهم ولا يمكن التعويل عليها كما خلت الأوراق من
وجود صلة من أي نوع بين المتهم الأول وباقي المتهمين مما تلتفت معه المحكمة عن تلك التحريات مما ورد فيها ولا تأخذ
بها وتطرح شهادة من قام بإجرائها . رابعاً : خلت الأوراق من دليل يقيني
تطمئن إليه المحكمة على شبهة التجمهر للمتهم الأول إذ لم يضبط داخل حرم الجامعة
حال قيامه بالتجمهر أو يضبط داخل حرم الجامعة حال حمله ثمة أسلحة أو أدوات أو يضبط
حال تعديه على أحد من موظفي الأمن .... فضلاً عن أن الصور المأخوذة للمتهم لا يمكن
التحقق من أنها كانت داخل حرم جامعة .... بـ .... ومن الجائز أنها صورت للمتهم في
مكان آخر غير حرم الجامعة محل الاتهام فضلاً عن أن الأدوات المقال بضبطها لم تعرض
على النيابة العامة في حينه بل تم عرضها بعد ضبط المتهم بما يزيد عن الثلاثة أشهر
وأن أحداً من أساتذة الجامعة لم يتقدم للشهادة على أن المتهم الأول وآخرين قد
احتلوا الجامعة وعطلوا العمل الدراسي بها ومنعوا الموظفين من أداء عملهم وأن أياً
من رجال الشرطة لم يقم بضبطه عقب تلقيهم النبأ بهذا التظاهر فضلاً عن أن العبارات
المُقال بها في الأوراق والتي تسيء إلى مشيخة الأزهر والجيش والشرطة .... وسجلت
عليها عبارات تحمل هذا المعنى ، الأمر الذي جماعه أن ما أسند إلى المتهم الأول من
جرائم ظنياً وليس يقينياً فضلاً عن أن الثابت من الأوراق المقدمة من دفاع المتهم
أنه كان بالقوات المسلحة وحافظاً للقرآن الكريم وأعطته القوات المسلحة شهادة بحسن
سيره وسلوكه .... ، خامساً : تناقض أقوال شهود الإثبات بشأن أعداد المتجمهرين تارة أنها ثلاثمائة وتارة أنها أربعمائة
وتارة أنها خمسمائة بل قرر الشاهد الرابع بمحضر الشرطة أنها مائة وخمسون
متناقضاً مع ما قرره بالتحقيقات من أنها ما بين أربعمائة إلى خمسمائة ، كما قرر
الشاهد السابع أنه لم يكن متواجداً وقت التجمهر داخل الكلية وعاد لينفي ذلك ويقرر
تواجده آنذاك داخل مكتبه . سادساً : عدم معقولية أن يعلم المتهم الأول قائد ذلك
التجمهر بتلقي الشرطة نبأ وقوع التجمهر دون الانصراف وفض ذلك التجمهر .... وأنه لا
يعقل أن يقوم الشاهد الأول وبرفقته سبعين طالباً بحماية المبنى الإداري للكلية من
المتجمهرين ولا يترتب على ذلك حدوث ضرب أو تعدي أو حتى حدوث إصابات من أي نوع بأي
من هؤلاء السبعين .... . سابعاً : أن المحكمة وإن أغفلت التحدث عن بعض من أدلة
الثبوت لأنها اطرحت تلك الأدلة ولم تثر فيها ما
تطمئن معه إلى الحكم بالإدانة إذ إنها ليست ملزمة بالرد على كل دليل من تلك الأدلة
. ثامناً: أن الأحكام الجنائية تبنى على الجزم واليقين المستمد من الدليل
المعتبر قانوناً دون الظن والاحتمالات ولا يضير العدالة إفلات مجرم من العقاب بقدر
ما يضيرها إدانة بريء وأن المتهم بريء حتى تثبت إدانته وهو حق تمليه الفطرة وتفرضه
مبادئ الشريعة الإسلامية .... . لما كان ما تقدم ، وكان وجدان المحكمة قد امتلأ
بالشك في صحة الواقعة وعدم الاطمئنان إليها فإنه يتعين عليها والحال كذلك القضاء
ببراءة المتهمين مما أسند إليهم عملاً بالمادة 304 /1 من قانون الإجراءات الجنائية
". لما كان ذلك ، وكان الشارع يوجب في المادة 310 من قانون الإجراءات
الجنائية أن يشتمل الحكم – ولو كان صادر بالبراءة - على الأسباب التي بني عليها
وإلَّا كان باطلاً ، والمراد بالتسبيب المعتبر تحديد الأسانيد والحجج المبني عليها
والمنتجة هي له سواء من حيث الواقع أو من حيث القانون ، ولكي يحقق الغرض منه يجب
أن يكون في بيان جليّ مُفصَّل بحيث يستطاع الوقوف على مسوغات ما قضى به أما إفراغ
الحكم في عبارة عامة معماه أو وضعه في صورة مجهلة مجملة لا يحقق الغرض الذي قصده
الشارع من استيجاب تسبيب الأحكام ولا يُمكِّن محكمة النقض من مراقبة تطبيق القانون
على الواقعة كما صار إثباتها في الحكم ، وكان من المقرر أن محكمة الموضوع وإن كان
لها أن تقضي بالبراءة متى تشككت في صحة إسناد التهمة إلى المتهم أو لعدم كفاية
الأدلة ، غير أن ذلك مشروط بأن تلتزم الحقائق الثابتة بالأوراق وبأن يشتمل حكمها
على ما يفيد أنها محَّصت الدعوى وأحاطت بظروفها وبأدلة الثبوت التي قام الاتهام
عليها عن بصر وبصيرة ووازنت بينها وبين أدلة النفي فرجحت دفاع المتهم أو داخلتها
الريبة في صحة عناصر الإثبات ، وإذ كان الثابت مما ساقه الحكم المطعون فيه وتساند إليه في قضائه بالبراءة – على نحو ما سلف بيانه –
أنه لم يبيِّن سنده فيما اطرحه من أدلة وأقوال ، حتى يبين منه وجه استدلاله
لما جهله ولما باعد بين المطعون ضدهم وبين التهم المسندة إليهم ، ولا كيف اندفعت
عنهم بالرغم مما حصَّله في شأنهم على صورة تفيد توافر عناصر الجرائم المسندة إليهم ، سيما جريمة التجمهر التي لا تتطلب لقيامها
قانوناً سوى أن يكون التجمهر مؤلفاً من خمسة أشخاص على الأقل وأن يكون الغرض منه
ارتكاب جريمة .... فضلاً عن أن الحكم أثبت بمدوناته أن المطعون ضده الأول قد أقر
بتحقيقات النيابة العامة باشتراكه في التجمهر حاملاً علامات ولافتات تحمل عبارات
ضد الدولة وأنه تم إتلاف زجاج باب كلية .... كما أوردت معاينة النيابة العامة
لمكان الحادث والتي أفادت بوجود كسر بزجاج باب المبنى - سالف الذكر - وأن قيمة التلفيات أربعمائة
وستة وعشرون جنيهاً ، بحسب الثابت من كتاب كلية .... – دون أن يعرض لهذه
الأدلة ودون أن تدلي المحكمة برأيها مما يفيد أنها فطنت إليها ووزنتها ولم تقتنع
بها أو رأتها غير صالحة للاستدلال بها على المتهمين ، فإن ذلك ينبئ عن أن المحكمة
أصدرت حكمها المطعون فيه بغير إحاطة بظروف الدعوى وتمحص أدلتها مما يصم الحكم بعيب
القصور والفساد في الاستدلال ، هذا فضلاً عن أن الحكم المطعون فيه ذهب إلى القضاء
ببراءة المطعون ضدهم من جريمة الانضمام إلى جماعة أُسست على خلاف أحكام القانون
تأسيساً على أن جمعية الإخوان المسلمين حاصلة على ترخيص قانوني – فبفرض صحة ذلك –
فمردود على ذلك بأن العبرة في قيام هذه الجماعة وعدم مشروعيتها ووصفها بالإرهابية
ليست بصدور تراخيص أو تصاريح باعتبارها كذلك ، ولكن العبرة في هذا الشأن بالغرض
الذي تهدف إليه والوسائل التي تتخذها للوصول إلى ما تتغياه ، ولما كانت المحكمة
بتقريرها القانوني الخاطئ – المار ذكره – قد حجبت نفسها عن نظر موضوع التهمة
الأولى وهي الانضمام إلي جماعة أُسست على خلاف أحكام القانون تكون قد أخطأت في
تطبيق القانون فضلاً عن قصورها في التسبيب وفسادها في الاستدلال ، بما يوجب نقض
الحكم المطعون فيه والإعادة بالنسبة لجميع المطعون ضدهم .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائع
اتهمت النيابة العامة
المطعون ضدهم بأنهم : المتهمون جميعاً : انضموا إلى جماعة أنشأت
وأسست على خلاف أحكام القانون " جماعة الإخوان المسلمين الإرهابية "
الغرض منها الدعوة إلى تعطيل أحكام الدستور
" الإعلان الدستوري الصادر في 8 من نوفمبر سنة 2013 والمعمول به
اعتباراً من 9 يوليو سنة 2013 " والقوانين ومنع مؤسسات الدولة وسلطاتها
العامة من ممارسة أعمالها ، وشاركوا في الاعتداء على الحرية الشخصية للمواطنين
وغيرها من الحريات والحقوق العامة التي كفلها الدستور والقانون ، وأضروا بالوحدة
الوطنية والسلام الاجتماعي مع علمهم بأغراضها ، وكان الإرهاب هو الوسيلة التي
استخدموها في تحقيق تلك الأغراض ، على النحو المبين بالتحقيقات .
أ - المتهمون من الثاني
إلى الخامس : 1– دبروا تجمهراً مؤلف من أكثر من خمسة أشخاص من شأنه
أن يجعل السلم العام في خطر وكان الغرض منه تعطيل تنفيذ القوانين واللوائح
والتأثير على رجال السلطات في أعمالهم والضرب والإتلاف العمدي وكان ذلك باستعمال
القوة وبالتهديد بأن أمدوا المتهم الأول والمشاركين فيه بالأموال اللازمة لشراء
الأدوات وأعدوا الخطة لهذا التجمهر وأصدروا التكليفات والتعليمات اللازمة لتحقيق
الغرض المقصود منه ووقعت الجرائم اللاحقة بناءً على هذا التدبير ، على النحو
المبين بالتحقيقات . 2– اشتركوا بطريق التحريض والاتفاق والمساعدة مع
المتهم الأول في ارتكاب الجرائم اللاحقة بأن حرضوه واتفقوا معه على ارتكابها في
ذلك بأن دبروا التجمهر وأصدروا تكليفاته لتحقيق الغرض المقصود منه وساعدوه بأن
أمدوه بالأموال اللازمة ، فتمت هذه الجرائم بناءً على ذلك التحريض والاتفاق وتلك
المساعدة ، على النحو المبين بالتحقيقات . 3– أغروا وحرضوا المتهم الأول
بصفته طالب بكلية .... بـ .... على القيام بالتجمهر آنف الذكر ، على النحو المبين
بالتحقيقات . 4– دعوا المتهم الأول بصفته طالب بكلية .... بـ .... إلى
الاشتراك في نشر وتوزيع احتجاجات ذات صبغة سياسية ، على النحو المبين بالتحقيقات .
ب – المتهم الأول : وهو طالب بجامعة .... كلية
.... بـ .... اشترك وآخرون مجهولون في تجمهر مؤلف من أكثر من خمسة أشخاص من شأنه
أن يجعل السلم العام في خطر وكان الغرض منه تعطيل تنفيذ القوانين واللوائح
والتأثير على رجال السلطات العامة في أعمالهم والضرب والإتلاف العمدي وكان ذلك
باستعمال القوة وبالتهديد بناءً على تحريض واتفاق ومساعدة المتهمين من الثاني إلى
الخامس لهم وقد وقعت تنفيذاً للغرض المقصود من التجمهر مع علمهم به الجرائم الآتية
: 1– استعرضوا القوة ولوَّحوا بالعنف ضد العاملين بجامعة .... " أفراد الأمن
بكلية .... " والطلاب بها واستخدموها ضدهم بقصد تخويفهم بإلحاق الأذى بهم
بدنياً وإلقاء الرعب في نفوسهم لفرض السطوة
عليهم وتكدير الأمن العام والسكينة وتعريض حياتهم للخطر وقد ارتكبت الجرائم
محل الأوصاف السابقة واللاحقة بناءً على تلك الأفعال وحال حمل بعضهم أدوات "
قطع خشب ، عصي معدنية " كون بعض المجني عليهم نساء ، على النحو المبين
بالتحقيقات . 2– حاولوا بالقوة احتلال مبنى من المباني المخصصة لمصلحة حكومية هو
مبنى كلية .... على النحو المبين بالتحقيقات . 3– استعملوا القوة والعنف مع موظفين
عموميين وهم موظفي أمن جامعة .... " كلية .... بـ .... " المبينين
بالتحقيقات لحملهم بغير حق على الامتناع عن أداء عمل من أعمال وظيفتهم بأن اعتدوا
عليهم ضرباً وبلغوا من ذلك مقصدهم ومنعوهم من تأمين مبنى إدارة الكلية ليتمكنوا من
اقتحامه وتمكن المجهولون من الفرار دون ضبطهم حال حمل بعضهم أدوات " قطع خشب ،
عصى معدنية " ، على النحو المبين بالتحقيقات . 4– أتلفوا عمداً منشآت مُعدة
للنفع العام " البوابة الرئيسية لكلية .... بـ .... بأن أحدثوا بها التلفيات
الثابتة بمعاينتهما إدارة الشئون الهندسية بجامعة .... والنيابة العامة المرفقتين
بالتحقيقات . 5– حازوا وأحرزوا أدوات " قطع خشب ، عصى معدنية " مما
تستعمل في الاعتداء على الأشخاص دون أن يكون لحملهما أو إحرازهما مسوغ قانوني أو
حرفي والمستعملين في الجرائم محل التهم السابقة واللاحقة وكان ذلك في أماكن
التجمعات ، على النحو المبين بالتحقيقات . 6– أذاعوا عمداً بطريق الصياح أخباراً
وبيانات كاذبة من شأنها تكدير الأمن العام وإلحاق الضرر بالمصلحة العامة ، على
النحو المبين بالتحقيقات . 7– حازوا بالذات وبالواسطة وأحرزوا محررات ومطبوعات
تتضمن أخباراً وبيانات وإشاعات كاذبة من شأنها تكدير الأمن العام وإلحاق الضرر
بالمصلحة العامة كانت معدة للتوزيع ولاطلاع الغير عليها ، على النحو المبين
بالتحقيقات . 8 – حرضوا وأغروا طلبة الجامعة على القيام بمظاهرات داخلها وتوزيع
احتجاجات ذات صبغة سياسية ، على النحو المبين بالتحقيقات . 9 – اجترأوا بواسطة
الصياح والمحررات والمطبوعات على الدعوة إلى الأفعال محل الوصف السابق داخل
الجامعة ، على النحو المبين بالتحقيقات .
وأحالتهم إلى محكمة جنايات .....
لمعاقبتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .
ومحكمة الجنايات قضت حضورياً للأول وغيابياً للباقين عملاً بالمادة 304 من قانون الإجراءات الجنائية ببراءتهم مما نسب إليهم ومصادرة المضبوطات .
فطعنت النيابة العامة على هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمة
عن الطعن المقدم من النيابة العامة قبل
المطعون ضدهم ... ، ... ، ... ، ....
حيث إن الحكم المطعون فيه وإن صدر في غيبة المطعون ضدهم
من محكمة الجنايات بالبراءة في جناية إلَّا أنه لا يُعتبر أنه أضر بهم لأنه لم
يدنهم بها ، ومن ثمَّ فهو لا يبطل بحضورهم أو القبض عليهم ، لأن البطلان وإعادة
نظر الدعوى أمام محكمة الجنايات مقصوران على الحكم الصادر بالعقوبة في غيبة المتهم
بجناية – حسبما يبين من صريح نص المادة 395 من قانون الإجراءات الجنائية - ومن
ثمَّ فهو حكم نهائي ويكون طعن النيابة العامة بطريق النقض على هذا الحكم جائزاً .
وحيث إن الطعن المقدم من النيابة العامة
قد استوفى الشكل المقرر في القانون .
وحيث إن النيابة العامة
– الطاعنة - تنعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى ببراءة المطعون ضدهم من جرائم
الانضمام إلى جماعة إرهابية أُسست على خلاف أحكام القانون ، والاشتراك في تجمهر
مؤلف من أكثر من خمسة أشخاص الغرض منه تعريض السلم العام للخطر ، واستعراض القوة
والعنف ضد العاملين بجامعة .... ، والإتلاف العمدي للمنشآت ذات النفع العام ، وحيازة
وإحراز أدوات " عصى وقطع خشب " دون مسوغ قانوني ، وحيازة مطبوعات
ومحررات ، وإذاعة بيانات كاذبة من شأنها تكدير الأمن العام ، قد شابه القصور في
التسبيب ، والفساد في الاستدلال ، واعتراه الخطأ في تطبيق القانون ، ذلك بأن الحكم
قد أقام قضاءه بالبراءة تأسيساً على عدم اطمئنان المحكمة إلى أدلة الثبوت على
الرغم من أن الثابت من أقوال شهود الإثبات وما أسفرت عنه تحريات الأمن الوطني
ومعاينة النيابة العامة لمكان الحادث والأسطوانات المدمجة واعتراف المطعون ضده
الأول بتحقيقات النيابة ما هو قاطع الدلالة على وقوع الجرائم موضوع الاتهام
ونسبتها إلى فاعليها ، فضلاً عن أن الحكم قضى ببراءة المطعون ضدهم من الجريمة
الأولى تأسيساً على أن جمعية الإخوان المسلمين مقيدة ومسجلة طبقاً لأحكام القانون
رقم 84 لسنة 2002 ولها كيان قانوني مقترن بها في حين أن جريمة الانضمام إلى جماعة
أُسست على خلاف أحكام القانون تتحقق بأي فعل يصدر من الجاني من شأنه مساعدة
الجماعة في تحقيق أغراضها الغير مشروعة بالإضافة إلى أن هذه الجمعية تم حلها عقب
إنشائها مما ينبئ عن أن المحكمة لم تعني بتمحيص الواقعة ولم تلم بعناصرها وأدلتها
عن بصر وبصيرة ، مما يعيب حكمها بما يبطله ويستوجب نقضه .
وحيث إن الحكم المطعون
فيه قال تبريراً لقضائه بالبراءة " وحيث إن المحكمة وهي في مقام وزن وتقدير
الدليل الذي ساقته النيابة العامة ترى أن ذلك الدليل قد ران عليه الوهن وأحاطت به
الشكوك وجاء غير مطمئن لوجدان المحكمة في مقارفة المتهمين لتلك الجرائم وآية ذلك
ما يلي : أولاً : أن جمعية الإخوان المسلمين مقيدة ومسجلة طبقاً لأحكام القانون
رقم 84 لسنة 2005 تحت إشراف الإدارة المركزية للجمعيات بموجب قرار القيد رقم ....
بتاريخ.... والمنشور بالعدد .... من الوقائع المصرية في .... فهي كيان معترف به
قانوناً . وجاءت الأوراق رغما عن ذلك خالية من انضمام المتهمين إليها وتمتعهم
بعضويتها ومقيدين في سجلاتها وما نُسب إليهم في هذا الشأن ظنياً تلتفت عنه
المحكمة. ثانياً : بطلان القبض الحاصل على المتهم الأول إذ إن التلبس حالة تلازم
الجريمة ذاتها لا شخص مرتكبها وأن مشاهدة تجمهرٍ وقع .... صباحا داخل كلية .... بـ
.... واستمر قرابة النصف ساعة وتفرق إثر تلقي الشرطة أنباء وقوعه وأتت لم تجده
وانصرفت ثم شاهدت المتهم الأول بمفرده أعزل قرابة الساعة .... مساء ذلك اليوم
يستقل سيارة ميكروباص بالطريق العام وقيام طالب وزملائه بالالتفاف حوله وإنزاله
منها وقبضهم عليه وتلقي الشرطة نبأ ذلك والتي أتت وضبطته لا يوفر أي حالة من حالات
التلبس المبينة على سبيل الحصر بالمادة 30 من قانون الإجراءات الجنائية مما يكون
معه القبض الواقع عليه باطلاً لافتقاده للسند القانوني ولوقوعه من غير ذي صفة .
ثالثاً : ما أُسند للمتهمين من الثاني للخامس من تدبير للتجمهر وتحريضهم
وإغرائهم المتهم الأول ومساعدته لارتكاب الجرائم المسندة إليه ودعوتهم له للاشتراك
في نشر وتوزيع احتجاجات سياسية حملته تحريات منفردة مرسلة لا تصلح لأن تكون دليلاً
أو حتى قرينة على ارتكابهم الجرائم المسندة إليهم ولم تتأيد بأي دليل أو حتى قرينة
تشاركها وتحمل معها ما يدنهم ولا يمكن التعويل عليها كما خلت الأوراق من وجود صلة
من أي نوع بين المتهم الأول وباقي المتهمين مما تلتفت معه المحكمة عن تلك التحريات مما ورد فيها ولا تأخذ بها وتطرح شهادة من قام
بإجرائها . رابعاً : خلت الأوراق من دليل يقيني تطمئن إليه المحكمة على
شبهة التجمهر للمتهم الأول إذ لم يضبط داخل حرم الجامعة حال قيامه بالتجمهر أو
يضبط داخل حرم الجامعة حال حمله ثمة أسلحة أو أدوات أو يضبط حال تعديه على أحد من
موظفي الأمن .... فضلاً عن أن الصور المأخوذة للمتهم لا يمكن التحقق من أنها كانت
داخل حرم جامعة .... بـ .... ومن الجائز أنها صورت للمتهم في مكان آخر غير حرم
الجامعة محل الاتهام فضلاً عن أن الأدوات المقال بضبطها لم تُعرض على النيابة
العامة في حينه بل تم عرضها بعد ضبط المتهم بما يزيد عن الثلاثة أشهر وأن أحداً من
أساتذة الجامعة لم يتقدم للشهادة على أن المتهم الأول وآخرين قد احتلوا الجامعة
وعطلوا العمل الدراسي بها ومنعوا الموظفين من أداء عملهم وأن أياً من رجال الشرطة
لم يقم بضبطه عقب تلقيهم النبأ بهذا التظاهر فضلاً عن أن العبارات المُقال بها في
الأوراق والتي تسيء إلى مشيخة الأزهر والجيش والشرطة .... وسجلت عليها عبارات تحمل
هذا المعنى ، الأمر الذي جماعه أن ما أسند إلى المتهم الأول من جرائم ظنياً وليس
يقينياً فضلاً عن أن الثابت من الأوراق المقدمة من دفاع المتهم أنه كان بالقوات المسلحة وحافظاً للقرآن الكريم وأعطته
القوات المسلحة شهادة بحسن سيره وسلوكه .... ، خامساً : تناقض أقوال شهود
الإثبات بشأن أعداد المتجمهرين تارة أنها ثلاثمائة وتارة أنها أربعمائة وتارة أنها خمسمائة بل قرر الشاهد الرابع بمحضر
الشرطة أنها مائة وخمسون متناقضاً مع ما قرره بالتحقيقات من أنها ما بين أربعمائة
إلى خمسمائة ، كما قرر الشاهد السابع أنه لم يكن متواجداً وقت التجمهر داخل الكلية
وعاد لينفي ذلك ويقرر تواجده آنذاك داخل مكتبه . سادساً : عدم معقولية أن يعلم
المتهم الأول قائد ذلك التجمهر بتلقي الشرطة نبأ وقوع التجمهر دون الانصراف وفض
ذلك التجمهر .... وأنه لا يعقل أن يقوم الشاهد الأول وبرفقته سبعين طالباً بحماية
المبنى الإداري للكلية من المتجمهرين ولا يترتب على ذلك حدوث ضرب أو تعدي أو حتى
حدوث إصابات من أي نوع بأي من هؤلاء السبعين .... . سابعاً : أن المحكمة وإن أغفلت
التحدث عن بعض من أدلة الثبوت لأنها اطرحت تلك الأدلة ولم تثر فيها ما تطمئن معه
إلى الحكم بالإدانة إذ إنها ليست ملزمة بالرد على كل دليل من تلك الأدلة . ثامناً
: أن الأحكام الجنائية تبنى على الجزم واليقين المستمد من الدليل المعتبر قانوناً
دون الظن والاحتمالات ولا يضير العدالة إفلات مجرم من العقاب بقدر ما يضيرها إدانة
بريء وأن المتهم بريء حتى تثبت إدانته وهو حق تمليه الفطرة وتفرضه مبادئ الشريعة
الإسلامية .... . لما كان ما تقدم ، وكان وجدان المحكمة قد امتلأ بالشك في صحة
الواقعة وعدم الاطمئنان إليها فإنه يتعين عليها والحال كذلك القضاء ببراءة المتهمين
مما أسند إليهم عملاً بالمادة 304/1 من قانون الإجراءات الجنائية". لما كان
ذلك ، وكان الشارع يوجب في المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية أن يشتمل الحكم
– ولو كان صادر بالبراءة - على الأسباب التي بني عليها وإلَّا كان باطلاً ،
والمراد بالتسبيب المعتبر تحديد الأسانيد والحجج المبني عليها والمنتجة هي له سواء من حيث الواقع أو من حيث القانون
، ولكي يحقق الغرض منه يجب أن يكون في بيان جليّ مُفصَّل بحيث يستطاع
الوقوف على مسوغات ما قضى به أما إفراغ الحكم في عبارة عامة معماه أو وضعه في صورة
مجهلة مجملة لا يحقق الغرض الذي قصده الشارع من استيجاب تسبيب الأحكام ولا يُمكِّن
محكمة النقض من مراقبة تطبيق القانون على الواقعة كما صار إثباتها في الحكم ، وكان
من المقرر أن محكمة الموضوع وإن كان لها أن تقضي بالبراءة متى تشككت في صحة إسناد
التهمة إلى المتهم أو لعدم كفاية الأدلة ، غير أن ذلك مشروط بأن تلتزم الحقائق
الثابتة بالأوراق وبأن يشتمل حكمها على ما يفيد أنها محَّصت الدعوى وأحاطت بظروفها
وبأدلة الثبوت التي قام الاتهام عليها عن بصر وبصيرة ووازنت بينها وبين أدلة النفي
فرجحت دفاع المتهم أو داخلتها الريبة في صحة عناصر الإثبات ، وإذ كان الثابت مما
ساقه الحكم المطعون فيه وتساند إليه في قضائه بالبراءة – على نحو ما سلف بيانه – أنه لم يبيِّن سنده فيما اطرحه من
أدلة وأقوال ، حتى يبين منه وجه استدلاله لما جهله ولما باعد بين المطعون ضدهم
وبين التهم المسندة إليهم ، ولا كيف اندفعت عنهم بالرغم مما حصَّله في شأنهم على صورة تفيد توافر
عناصر الجرائم المسندة إليهم، سيما جريمة التجمهر التي لا تتطلب لقيامها قانوناً
سوى أن يكون التجمهر مؤلفاً من خمسة أشخاص على الأقل وأن يكون الغرض منه ارتكاب
جريمة .... فضلاً عن أن الحكم أثبت بمدوناته أن المطعون ضده الأول قد أقر بتحقيقات
النيابة العامة باشتراكه في التجمهر حاملاً علامات ولافتات تحمل عبارات ضد الدولة
وأنه تم إتلاف زجاج باب كلية .... كما أوردت معاينة النيابة العامة لمكان الحادث
والتي أفادت بوجود كسر بزجاج باب المبنى - سالف الذكر - وأن قيمة التلفيات أربعمائة وستة وعشرين جنيهاً ، بحسب الثابت من
كتاب كلية .... – دون أن يعرض لهذه الأدلة ودون أن تدلي المحكمة برأيها مما يفيد
أنها فطنت إليها ووزنتها ولم تقتنع بها أو رأتها غير صالحة للاستدلال بها على
المتهمين ، فإن ذلك ينبئ عن أن المحكمة أصدرت حكمها المطعون فيه بغير إحاطة بظروف
الدعوى وتمحص أدلتها مما يصم الحكم بعيب القصور والفساد في الاستدلال ، هذا فضلاً
عن أن الحكم المطعون فيه ذهب إلى القضاء ببراءة المطعون ضدهم من جريمة الانضمام
إلى جماعة أُسست على خلاف أحكام القانون تأسيساً على أن جمعية الإخوان المسلمين
حاصلة على ترخيص قانوني – فبفرض صحة ذلك – فمردود على ذلك بأن العبرة في قيام هذه
الجماعة وعدم مشروعيتها ووصفها بالإرهابية ليست بصدور تراخيص أو تصاريح باعتبارها
كذلك ، ولكن العبرة في هذا الشأن بالغرض الذي
تهدف إليه والوسائل التي تتخذها للوصول إلى ما تتغياه ، ولما كانت المحكمة
بتقريرها القانوني الخاطئ – المار ذكره – قد حجبت نفسها عن نظر موضوع
التهمة الأولى وهي الانضمام إلي جماعة أُسست على خلاف أحكام القانون تكون قد أخطأت
في تطبيق القانون فضلاً عن قصورها في التسبيب وفسادها في الاستدلال ، بما يوجب نقض
الحكم المطعون فيه والإعادة بالنسبة لجميع المطعون ضدهم .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ