الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 19 أكتوبر 2020

الطعن 42 لسنة 40 ق جلسة 9 /1/ 1974 مكتب فني 25 ج 1 ق 24 ص 135

جلسة 9 من يناير سنة 1974

برياسة السيد نائب رئيس المحكمة المستشار أحمد حسن هيكل وعضوية السادة المستشارين: جودة أحمد غيث وإبراهيم السعيد ذكرى وإسماعيل فرحان عثمان وجلال عبد الرحيم عثمان.

----------------

(24)
الطعن رقم 42 لسنة 40 القضائية "أحوال شخصية"

(1)، (2)  أحول شخصية "البينة الشرعية" إثبات. "البينة": نقض "أسباب الطعن".
(1)عدم بيان الطاعن أمام محكمة الموضوع ماهية الخصومة بينه وبين الشاهد. تمسكه أمام محكمة النقض بقيام عداوة دنيوية بينهما لاتهامه بالاعتداء عليه بالضرب. نعي غير مقبول تعلقه بواقع مما تستقل محكمة الموضوع بتحقيقه.
 (2)اختلاف الشاهدين في الزمان أو المكان. لا يمنع قبول الشهادة متى كان المشهود به قولاً محضاً.

-------------
1 - إذ كان البين من الحكم المطعون فيه أن دفاع الطاعن أقتصر على طلب استبعاد أقوال الشاهد الثاني للمطعون عليها لوجود خصومة بينهما، وكان الطاعن لم يبين في دفاعه أمام محكمة الموضوع ماهية هذه الخصومة وسببها على نحو ما أثاره بسبب النعي من أن هذا الشاهد سبق أن اتهمه بالاعتداء عليه بالضرب في قضية جنحة، كما خلت أوراق الطعن مما يدل على أنه قدم صورة من هذا المحضر إلى محكمة الموضوع لما كان ذلك فإن النعي بهذا السبب - بأنه لا تقبل شهادة العدو على عدوه إذا كانت العداوة بينهما دنيوية - يكون غير مقبول لما يخالطه من واقع تستقل محكمة الموضوع بتحقيقه.
2 - من المقرر في الفقه الحنفي أنه إذا كان المشهود به قولاً محضاً، فإن اختلاف الشاهدين في الزمان أو المكان لا يمنع قبول الشهادة لأنهما لم يكلفا حفظ ذلك. وإذ كان الثابت مما أورده الحكم أن أقوال شاهدي المطعون عليها قد تطابقت فيما وجهه الطاعن إلى المطعون عليها من ألفاظ السب، واستخلصت المحكمة من أقوالهما في حدود سلطتها الموضوعية أن الطاعن قد أضر بزوجته المطعون عليها بما لا يستطاع معه دوام العشرة بينهما، لما كان ذلك فإن النعي على الحكم - بأن الشاهدين لم يتفقا في الوقائع المشهود عليها في الزمان والمكان والحادثة - يكون على غير أساس  (1) .


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون عليها أقامت ضد الطاعن الدعوى رقم 94 سنة 1969 طنطا الابتدائية للأحوال الشخصية "نفس" طالبة الحكم بتطليقها منه طلقة بائنة للضرر تأسيساً على أنها زوجة له بصحيح العقد الشرعي المؤرخ 22/ 3/ 1967 وأنه دأب على توجيه ألفاظ جارحة إليها كلما قابلها في الطريق مما لا يستطاع معه دوام العشرة بينهما. وبتاريخ 21/ 10/ 1969 حكمت المحكمة بإحالة الدعوى إلى التحقيق لتثبت المطعون عليها أن زوجها الطاعن عمد إلى الإضرار بها ودأب على الاعتداء عليها بألفاظ جارحة وشكا والدها وأساء معاملتها على نحو لا يستطاع معه دوام العشرة بينها، وبعد سماع شهود الطرفين عادت المحكمة وبتاريخ 20/ 1/ 1970 فحكمت المحكمة بتطليق المطعون عليها من زوجها الطاعن طلقة بائنة. استأنف الطاعن هذه الحكم بالاستئناف رقم 11 سنة 20 ق في طنطا للأحوال الشخصية "نفس"، وبتاريخ 7/ 6/ 1970 حكمت المحكمة برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف، طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن. وعرض الطعن على هذه الدائرة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها أصرت النيابة على رأيها.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الأول على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقول أن الحكم استند في قضائه إلى أقوال الشاهد الثاني للمطعون عليها مع أنه من المقرر في فقه الحنفية الواجب تطبيقه أنه لا تقبل شهادة العدو على عدوه إذا كانت العداوة بينهما دنيوية وقد سبق أن أبلغ هذا الشاهد كذباً ضد الطاعن في قضية الجنحة رقم 3284 سنة 1968 بسيون بأنه اعتدى عليه بالضرب وهو ما يؤكد العداوة الدنيوية بينهما ويتعين معه عدم قبول شهادته، وقد تمسك الطاعن بهذا الدفاع أمام محكمة الاستئناف غير أن الحكم المطعون فيه لم يعن بتمحيصه وأخذ بأقوال الشاهد المذكور الأمر الذي يعيبه بمخالفة القانون والقصور في التسبيب.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه لما كان البين من الحكم المطعون فيه أن دفاع الطاعن اقتصر في هذا الخصوص على طلب استبعاد أقوال الشاهد الثاني للمطعون عليها لوجود خصومة بينهما، وكان الطاعن لم يبين في دفاعه أمام محكمة الموضوع ماهية هذه الخصومة وسببها على نحو ما أثاره بسبب النعي من أن هذا الشاهد سبق أن اتهمه بالاعتداء عليه بالضرب في قضية جنحة رقم 3284 سنة 1968 بسيون، كما خلت أوراق الطعن مما يدل على أنه قدم صورة من هذا المحضر إلى محكمة الموضوع، لما كان ذلك فإن هذا السبب يكون غير مقبول لما يخالطه من واقع تستقل محكمة الموضوع بتحقيقه.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون وذلك أنه يبين من أقوال شاهدي المطعون عليها أنهما لم يتفقا في الوقائع المشهود عليها في الزمان والمكان والحادثة خلافاً لما يشترطه المذهب الحنفي، مما يتعين معه رد شهادتهما، وإذا استند الحكم إلى هذه الشهادة فإنه يكون قد خالف القانون لقيامة على غير دليل مقبول شرعاً.
وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك أنه من المقرر في الفقه الحنفي أنه إذا كان المشهود به قولاً محضاً فإن اختلاف الشاهدين في الزمان أو المكان لا يمنع قبول الشهادة لأنهما لم يكلفا حفظ ذلك، ولما كان يبين من الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه بثبوت الضرر على ما قرره من أنه "أما عن الضرر فقد ثبت من أقوال شاهدي المستأنف عليها - المطعون عليها - إذا قرر الأول أنه سمع المستأنف - الطاعن - يقول للمستأنف عليها ما نصه (يا شرموطة وبكره أجيبك في ذيل الحصان) كذلك قرر الشاهد الثاني بأن سمع المستأنف يسب المستأنف عليها بنفس الوصف الجارح السابق. وإذ يكون استناد محكمة أول درجة إلى أقوال هذين الشاهدين في توافر الضرر الموجب للتطليق في محله - لأن اللفظ الذي رماها به زوجها المستأنف علناً ينطوي على شتم مقذع ينبئ عن استحالة دوام العشرة بينهما، وكان الثابت مما أورده الحكم أن أقوال شاهدي المطعون عليها قد تطابقت فيما وجهه الطاعن إلى المطعون عليها من ألفاظ السب واستخلصت المحكمة من أقوالهما في حدود سلطتها الموضوعية أن الطاعن قد أضر بزوجته المطعون عليها بما لا يستطاع معه دوام العشرة بينهما، لما كان ذلك فإن النعي على الحكم بهذا السبب يكون على غير أساس.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.


 (1) يراجع نقض 23/ 3/ 1966 مجموعة المكتب الفني السنة 17 ص 666.

الطعن 5 لسنة 40 ق جلسة 23 /1/ 1974 مكتب فني 25 ج 1 أحوال شخصية ق 39 ص 229

جلسة 23 من يناير سنة 1974

برياسة السيد نائب رئيس المحكمة المستشار أحمد حسن هيكل وعضوية السادة المستشارين: محمد أسعد محمود، جوده أحمد غيث، إبراهيم السعيد ذكرى، إسماعيل فرحات.

-----------------

(39)
الطعن رقم 5 لسنة 40 القضائية "أحوال شخصية"

(1 و2) أحوال شخصية "الولاية على المال". محكمة الموضوع.
(1) جواز تنحي الولي عن ولايته بإذن من المحكمة. تغير الظروف التي دعت إلى ذلك. للولي أن يطلب من المحكمة رد الولاية إليه.
 (2)تقدير الظروف المبررة لرد الولاية إلى الولي بعد الإذن له بالتنحي. هو مما يستقل به قاضي الموضوع متى أقام قضاءه على أسباب سائغة.

-------------
1 - تنص المادة الأولى من المرسوم بقانون رقم 119 لسنة 1952 بأحكام الولاية على المال على أنه "للأب ثم للجد الصحيح إذا لم يكن الأب قد اختار وصياً، الولاية على مال القاصر، وعليه القيام بها، ولا يجوز له أن يتنحى عنها إلا بإذن المحكمة" ويبين من هذا النص أن الولاية واجبة في الأصل، ولكن يجوز للولي أن يتنحى عن ولايته بإذن المحكمة لظروف تتطلب ذلك، مما مقتضاه أنه إذا تغيرت الظروف التي دعت الولي إلى طلب التنحي أو زالت، وكان قادراً على تحمل أعبائها، فله أن يطلب من المحكمة رد الولاية إليه، وهو ما يستفاد مما جاء في المذكرة الإيضاحية للقانون تعليقاً على هذه المادة.
2 - تقدير الظروف التي تبرر رد الولاية إلى الولي، بعد الإذن له بالتنحي، بما يجعله قادراً على تحمل أعبائها، هو مما يستقل به قاضي الموضوع بلا رقابة عليه من محكمة النقض، متى أقام قضاءه على أسباب سائغة.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أنه بتاريخ 19/ 12/ 1967 قدم المطعون عليه إلى نيابة القاهرة الابتدائية للأحوال الشخصية القضية رقم 94 سنة 1966 مصر الجديدة طلباً باسترداد ولايته على حفيده.....، وقال بياناً لذلك أنه سبق أن طلب قبول تنحيه عن الولاية على حفيده....... بحجة كبر سنه وضعف صحته رغم تمتعه بصحة جيدة إرضاء لوالدة القاصر - الطاعنة - التي رشحها للوصية عليه وقد أجابته محكمة القاهرة الابتدائية للأحوال الشخصية إلى طلبه فقررت بتاريخ 7/ 5/ 1966 قبول تنحيه عن ولايته على القاصر وتعيين الطاعنة وصية عليه وتعيين ابنه........ مشرفاً على الوصية إلا أنه وقد تزوجت الوصية وانشغلت بالزواج عن مصلحة القاصر ولأنه يتمتع بصحة جيدة فقد تقدم بطلبه لاسترداد ولايته على القاصر، وبعد أن وافقت النيابة عليه عرض على محكمة القاهرة الابتدائية للأحوال الشخصية فقررت بتاريخ 22/ 6/ 1968 رفضه استأنف المطعون عليه هذا القرار بالاستئناف رقم 38 سنة 85 ق القاهرة للأحوال الشخصية "ولاية على المال طالباً إلغاءه والحكم له بطلباته. وبتاريخ 16/ 12/ 1969 قررت المحكمة إلغاء القرار المستأنف ورد ولاية المطعون عليه على حفيده. طعنت الطاعنة في هذا القرار بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وعرض الطعن على هذه الدائرة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها أصرت النيابة على رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب تنعى الطاعنة بالسببين الأول والثاني منها على القرار المطعون فيه مخالفة القانون والفساد في الاستدلال، وتقول بياناً لذلك أن القرار قضى برد ولاية المطعون عليه على القاصر استناداً إلى نص المادة 23 من القانون رقم 119 سنة 1952 وزوال الأسباب التي دعت إلى سلب الولاية لما تبين من الشهادة الطبية المقدمة من المطعون عليه أنه سليم البنية وخال من الأمراض ومكتمل القوى العقلية ولأنه سافر إلى الأراضي الحجازية لأداء فريضة الحج مما يدل على أنه أصبح قادراً على تحمل أعباء الولاية، في حين أن الثابت من قرار محكمة أول درجة الصادر بتاريخ 7/ 5/ 1966 أنه قضى بقبول تنحي المطعون عليه عن الولاية لأنه طاعن في السن وما يستتبع ذلك من ضعف صحي، وتقول الطاعنة أن هذا السبب لم يتغير بل إنه يزيد بتقدم السن بالمطعون عليه فلا يكون أسباب سلب الولاية قد زالت وهو ما يعيب الحكم بمخالفة القانون علاوة على أن ما استند إليه القرار في قضائه برد ولاية المطعون عليه لا يدل على تغير حالته الصحية لأن الطاعنة لا تقول في دفاعها بضعف صحته لمرضه بل تمسكت بأن حالته الصحية قد ساءت بتقدم السن هذا إلى أنه واضح من دفاع المطعون عليه أنه ما تقدم بطلبه إلا بسبب زواج الطاعنة الأمر الذي يعيب الحكم بالفساد في الاستدلال.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه لما كانت المادة الأولى من المرسوم بقانون رقم 119 لسنة 1952 بأحكام الولاية على المال تنص على أنه للأب ثم للجد الصحيح إذا لم يكن الأب قد اختار وصياً الولاية على مال القاصر وعليه القيام بها ولا يجوز له أن يتنحى عنها إلا بإذن المحكمة, وكان يبين من هذا النص أن الولاية واجبة في الأصل ولكن يجوز للولي أن يتنحى عن ولايته بإذن من المحكمة لظروف تتطلب ذلك، مما مقتضاه أنه إذا تغيرت الظروف التي دعت الولي إلى طلب التنحي أو زالت وكان قادراً على تحمل أعبائها فله أن يطلب من المحكمة رد الولاية إليه، وهو ما يستفاد مما جاء في المذكرة الإيضاحية للقانون تعليقاً على هذه المادة بقولها "وقد نصت هذه المادة على أنه لا يجوز للولي أن يتنحى عن ولايته إلا بإذن من المحكمة فالولاية واجبة في الأصل ولكن يجوز للولي أن يطلب إقالته منها إذا كان في ظروفه ما يقتضي ذلك - وقد جعل التنحي معقوداً بإذن المحكمة حتى تتخذ في هذه المناسبة من الإجراءات ما يكفل مصالح من يشمله الولاية" ولما كان تقدير الظروف التي تبرر رد الولاية إلى الولي بعد الإذن له بالتنحي بما يجعله قادراً على تحمل أعبائها هو مما يستقل به قاضي الموضوع بلا رقابة عليه من محكمة النقض متى أقام قضاءه على أسباب سائغة، وكان يبين من القرار المطعون فيه أنه قضى برد ولاية المطعون عليه على حفيده تأسيساً على ما قرره من أن الثابت من الأوراق ومن محضر تحقيق السيد المعاون المؤرخ 30/ 4/ 1966.... جد القاصر - المستأنف - المطعون عليه - قرر أنه نظراً لضعف صحته وكبر سنة إذا يبلغ من العمر 81 سنة أنه لا يستطيع القيام بأعباء الولاية على حفيده القاصر وأنه يتنازل عن ولايته الشرعية على حفيده ورشح والدة القاصر الطاعنة لتكون وصية عليه وكذلك رشح عم القاصر مشرفاً عليها..... وأن الثابت من المستندات المقدمة من المستأنف أنه قام بأداء فريضة الحج في عام 1967 - كما أن الثابت من الشهادة الطبية المقدمة منه أنه سليم خال من الأمراض مكتمل القوى العقلية وأن ذاكرته سليمة ويدرك إدراكاً صحيحاً لكل ما يدور حوله من أحداث ومناقشات ويرد على كل ما يوجه إليه من أسئلة رداً منطقياً سليماً ومن ثم تكون الأسباب التي دعت إلى سلب ولاية المستأنف قد زالت وأصبح قادراً على القيام بأعباء الولاية على حفيده القاصر. ولما كان يبين مما أورده الحكم أنه استخلص من وقائع الدعوى والمستندات المقدمة فيها أن المطعون عليه أصبح قادراً على القيام بما تتطلبه رعاية أموال القاصر من واجبات والتزامات مما يتعين معه رد الولاية إليه، واستند الحكم في ذلك إلى اعتبارات سائغة تؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها، لما كان ذلك، فإن القرار المطعون فيه لا يكون قد خالف القانون أو شابه فساد في الاستدلال ويكون النعي عليه لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً لا يجوز قبوله أمام محكمة النقض، ولا يؤثر في سلامة قضائه استناده الخطأ إلى المادة 23 من المرسوم بقانون رقم 119 لسنة 1952 الخاصة باسترداد الولاية إذا زالت الأسباب التي دعت إلى سلبها أو الحد منها أو وقفها والتي أوردتها المواد من 20 إلى 22 من المرسوم بقانون سالف الذكر.
وحيث إن النعي بالسبب الثالث يتحصل في أن الطاعنة تمسكت في دفاعها أمام محكمة الاستئناف بأنها قامت نحو القاصر بواجبات لم يلتفت إليها الجد فقد رفعت دعوى تعويض عن وفاة والد القاصر وقامت بتسوية الضريبة المستحقة على التركة ولم يفعل الجد شيئاً لعدم اهتمامه بسبب شيخوخته، وهو ما يدل على عدم صلاحيته للولاية غير أن القرار المطعون فيه لم يعلن بالإشارة إلى هذا الدفاع أو الرد عليه مما يعيبه بالإخلال بحق الدفاع - والقصور في التسبيب.
وحيث إن هذا النعي مردود بأن ما تثيره الطاعنة في هذا السبب ليس إلا تأييداً لدفاعها بعدم صلاحية المطعون عليه للولاية على القاصر، وإذ كان البين من القرار المطعون فيه وعلى ما سلف البيان في الرد على السببين الأول والثاني أن المحكمة انتهت في حدود سلطتها الموضوعية إلى أن المطعون عليه قادراً على مباشرة أعباء الولاية على القاصر للأسباب السائغة إلى أوردتها وتكفي لحمل قضائها، فلا تكون المحكمة من بعد ملزمة بأن تتعقب كل حجة للطاعنة وترد عليها استقلالاً لأن قيام الحقيقة الواقعية التي استخلصتها فيه الرد الضمني المسقط لكل حجة تخالفها، لما كان ذلك فإن النعي على القرار بهذا السبب يكون على غير أساس.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.

الطعن 46 لسنة 40 ق جلسة 20 /2/ 1974 مكتب فني 25 ج 1 أحوال شخصية ق 63 ص 379

جلسة 20 من فبراير سنة 1974

برياسة السيد المستشار أحمد حسن هيكل نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: محمد أسعد محمود وجودة أحمد غيث وإبراهيم السعيد ذكرى وإسماعيل فرحات عثمان.

----------------

(63)
الطعن رقم 46 لسنة 40 ق "أحوال شخصية"

 (1)أحوال شخصية "الأحوال الخاصة بالمصريين المسلمين. الطلاق". قوة الأمر المقضي. دفوع "الدفع بعدم جواز نظر الدعوى".
للزوجة حق رفع دعوى جديدة بالتطليق للضرر استنادها إلى وقائع استجدت بعد صدور الحكم الأول برفض التطليق القضاء برفض الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها. صحيح.
 (2)،  (3) أحوال شخصية "الأحوال الخاصة بالمصريين المسلمين. الطلاق".
 (2)إقامة الزوجة دعوى جديدة بالتطليق للضرر. عجزها عن إثبات ما تشكو منه. وجوب أن يبعث القاضي حكمين. إلغاء محكمة الاستئناف قضاء محكمة أول درجة بالتطليق لعدم اطمئنانها لشهود الزوجة، ثم مضيها في نظر الدعوى والقضاء ببعث الحكمين. لا عيب.
 (3)الأحكام الخاصة ببعث القاضي حكمين، مستمدة من فقه المالكة. الحكمان طريقهما الحكم لا الشهادة ولا الوكالة التقرير بجهل الحال والتفريق بين الزوجين. متروك للحكمين. استخلاص الحكم جهل الحال من اختلاف الحكمين والقضاء بالتطليق. خطأ.

----------------
1 - النص في المادة "السادسة" من المرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1929 ببعض أحكام الأحوال الشخصية، يدل على أن من حق الزوجة أن ترفع دعوى جديدة تطلب فيها التطليق لذات السبب وهو الضرر، على أن تستند في ذلك إلى وقائع مغايرة لتلك التي رفعت الدعوى الأولى على أساسها. لما كان ذلك وكان البين من الحكم المطعون فيه أن الموضوع مختلف في الدعويين، لأن الدعوى الأولى رفعت عن الوقائع السابقة عليها، أما الدعوى الماثلة فهي عن واقعة أخرى استجدت بعد صدور الحكم في الدعوى الأولى إذ حدثت عند انصراف المطعون عليها عقب نظر الاستئناف المرفوع عن دعوى الطاعة، ولما كان من حق المطعون عليها أن ترفع دعواها بالتطليق عن هذه الواقعة الجديدة لتدفع عن نفسها الضرر الذي ادعت وقوعه أثناء قيام الحياة الزوجية دون أن يلزم لذلك أن تكون مقيمة مع زوجها، فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى برفض الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها لا يكون قد خالف القانون.
2 - مفاد نص المادة السادسة من المرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1929 أنه إذا كررت الزوجة شكواها طالبة التطليق لإضرار الزوج بها بعد رفض طلبها بالتفريق ولم تثبت ما تشكو منه، فإنه يتعين أن يبعث القاضي حكمين على النحو المبين بالمواد من 7 إلى 11 من القانون المذكور، وهو حكم مأخوذ من مذهب الإمام مالك في أحكام الشقاق بين الزوجين. ولما كان الثابت من أن المطعون عليها أقامت دعواها الأولى طالبة التطليق للضرر، وقضى برفضها نهائياً لعجزها عن الإثبات ثم أقامت دعواها الحالية بنفس الطلبات وقضى فيها ابتدائياًً بالتطليق، ولما كانت محكمة الاستئناف بعد أن ألغت حكم محكمة أول درجة بالتطليق - لعدم الاطمئنان إلى أقوال شهود المطعون عليها - قد مضت في نظر الدعوى وقضت ببعث الحكمين تطبيقاً لما يوجبه القانون على النحو سالف البيان، النعي على الحكم يكون في غير محله.
3 - مؤدى نصوص المواد الثامنة والتاسعة والعاشرة والحادية عشر من المرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1929 أن المشروع خول الحكمين أن يتعرفا أسباب الشقاق بين الزوجين، ويبذلا جهدهما في الإصلاح فإن أمكن على طريقة معينه قرراها وإذا عجزا عن الإصلاح وكانت الإساءة من الزوج أو الزوجين معاً أو جهل الحال ولم يعرف من أي جانب كانت الإساءة قرار التفريق بينهما بطلقة بائنة، وإذا اختلف الحكمان أمرهما القاضي بمعاودة البحث، فإن استمرار الخلاف بينهما حكم غيرهما، وعلى الحكمين أن يرفعا إلى القاضي ما يقرران، وعلى القاضي أن يحكم بمقتضاه. وهذه الأحكام مستمدة من فقه المالكية، ومن المنصوص عليه فيه أن الحكمين طريقهما الحكم لا الشهادة ولا الوكالة ولو كان من جهة الزوجين لأن الحكم في اللغة هو الحاكم، فإن اتفقا الحكمان نفذ حكمهما ووجب على الحاكم إمضاؤه من غير تعقيب ولو خالف مذهبه، وإن اختلفا فطلق أحدهما ولم يطلق الآخر، فلا يكون هناك فراق لأن إلى كل واحد منهما ما إلى صاحبه باجتماعهما عليه. ولما كان الثابت من الحكم المطعون فيه أن الحكمين الآخرين، كسابقيهما اختلفا ولم يقررا بجهل الحال، وكان يتعين إزاء اختلافهما أن تكلفهما المحكمة بمعاودة البحث تطبيقاً لحكم المادة العاشرة من القانون، وإذا استنتج الحكم جهل الحال من اختلاف الحكمين، وقضى بتطليق المطعون عليها مع أن المشرع ترك للحكمين التقرير بجهل الحال وبالتفريق بين الزوجين تبعاً لذلك، على أن يحكم القاضي بالتطليق حسبما قراره عملاً بحكم المادتين التاسعة والحادية عشر من القانون، لما كان ما تقدم فإنه الحكم يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون عليها أقامت الدعوى رقم 1047 لسنة 1966 أمام محكمة القاهرة الابتدائية للأحوال الشخصية "نفس" ضد الطاعن بطلب الحكم بتطليقها منه طلقة بائنة للضرر وأمره بمنع التعرض لها في شئون الزوجية، وقالت شرحاً لدعواها أنها زوجة للطاعن بصحيح العقد الشرعي المؤرخ 2 من ديسمبر سنة 1943، وسبق أن أقامت عليه الدعوى رقم 1006 لسنة 1964 أمام نفس المحكمة طالبة الحكم بتطليقها منه تأسيساً على أنه دأب على الإساءة إليها بالسب والضرب علاوة على هجره إياها وقضى برفض دعواها وتأييد هذا الحكم استئنافياً، غير أن الخلاف استمر قائماً بينهما وأقام عليها دعوى بدخولها في طاعته، وإذ اعترض طريقها يوم 4 من أكتوبر 1966 عند انصرافها بعد نظر استئناف تلك الدعوى وتطاول عليها بالسب وكاد أن يضربها لو لا أن حيل بينه وبينها، وفي ذلك إضرار بها بما لا يستطاع معه دوام العشرة بين أمثالهما، فقد أقامت دعواها بطلباتها سالفة البيان - دفع الطاعن بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها بالدعوى رقم 1006 لسنة 1964 القاهرة الابتدائية للأحوال الشخصية واستئنافها رقم 25 لسنة 83 ق أحوال شخصية. وبتاريخ 28 من فبراير 1967 حكمت برفض الدفع، ثم حكمت في 29 من إبريل 1967 بإحالة الدعوى إلى التحقيق لتثبت المطعون عليها أنها زوجة للطاعن بصحيح العقد الشرعي وقد دخل بها ولا تزال على عصمته وطاعته وأنه أساء إليها بالقول والفعل بما لا يستطاع معه دوام العشرة بين أمثالهما، وبعد سماع شهود الطرفين حكمت بتاريخ 5 من مارس 1968 بتطليق المطعون عليها من زوجها الطاعن طلقة بائنة. استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 25 لسنة 85 ق أحوال شخصية القاهرة، وبتاريخ 29 من يونيو 1968 حكمت المحكمة بتأييد الحكم برفض الدفع بعدم جواز نظر الدعوى، وبإلغاء الحكم القاضي بالتطليق موضوعاً، وتكليف كل من الخصمين بتقديم كشف ببعض الأسماء التي يرغب أن يكون منها الحكم عنه، وبتاريخ 3 من مايو 1969 حكمت المحكمة باختيار........ حكماً عن الطاعن...... حكماً عن المطعون عليها وكلفتهما بتعرف أسباب الشقاق بين الزوجين وأن يبذلا جهدهما في الإصلاح فإن أمكن على طريقة معينة قرارها مع إبداء رأيهما بتقرير يرفع إلى المحكمة، وإزاء اختلاف الحكمين في الرأي فقد أمرتهما المحكمة في 4 من يناير 1970 بمعاودة البحث، وإذا استمر الخلاف بينهما حكمت في 5 من إبريل 1970 باختيار........ حكماً عن الطاعن..... حكماً عن المطعون عليها لأداء ذات المهمة، وبعد أن قدم الحكمان الأخيران تقريرهما حكمت في 31 من أكتوبر 1970 بتطليق المطعون عليها من الطاعن طلقة بائنة. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم. وعرض الطعن على هذه الدائرة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر، وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على خمسة أسباب، ينعى الطاعن بالسبب الخامس منها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم قضى برفض الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها بالدعوى رقم 1006 لسنة 1964 القاهرة الابتدائية للأحوال الشخصية واستئنافها رقم 25 لسنة 83 ق أحوال شخصية القاهرة، في حين أن الادعاء بالسب والضرب في الدعويين ادعاء مكرر، علاوة على أنه لم تحدث بينهما معاشرة شرعية منذ إقامة دعواها الأولى بالتطليق الأمر الذي يجعل دعواها الثانية منبتة الصلة بالحياة الزوجية، ويكون الدفع بعدم جواز نظر الدعوى على أساس سليم من القانون.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أن النص في المادة السادسة من المرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1929 ببعض أحكام الأحوال الشخصية على أنه "إذا ادعت الزوجة إضرار الزوج بها بما لا يستطاع معه دوام العشرة بين أمثالهما يجوز لها أن تطلب من القاضي التفريق، وحينئذ يطلقها القاضي طلقة بائنة إذا ثبت الضرر وعجز عن الإصلاح بينهما، فإذا رفض الطلب ثم تكررت الشكوى ولم يثبت الضرر بعث القاضي حكمين على الوجه المبين بالمواد 7، 8، 9، 10، 11، يدل على أن من حق الزوجة أن ترفع الدعوى جديدة تطلب فيها التطليق لذات السبب وهو الضرر، على أن تستند في ذلك إلى وقائع مغايرة لتلك التي رفعت الدعوى الأولى على أساسها. لما كان ذلك وكان البين من الحكم المطعون فيه أن الموضوع مختلف في الدعويين لأن الدعوى الأولى رقم 1006 لسنة 1964 القاهرة الابتدائية للأحوال الشخصية رفعت عن الوقائع السابقة عليها، أما الدعوى الماثلة فهي عن واقعة أخرى استجدت بعد صدور الحكم في الدعوى الأولى إذا حدثت عند انصراف المطعون عليها يوم 4 من إبريل 1966 عقب نظر الاستئناف المرفوع عن دعوى الطاعة، ولما كان من حق المطعون عليها أن ترفع دعواها بالتطليق عن هذه الواقعة الجديدة لتدفع عن نفسها الضرر الذي ادعت وقوعه أثناء قيام الحياة الزوجية دون أن يلزم لذلك أن تكون مقيمة مع زوجها، فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى برفض الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها لا يكون قد خالف القانون، ويكون النعي عليه بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسببين الأول والرابع على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال والتناقض، وفي بيان ذلك يقول أن الحكم نفى وقوع خطأ في جانب الزوجة على سند من أن الزوج لم ينسب إليها أية إساءة واقتصر قوله على الرغبة في استئناف الحياة الزوجية، واعتبر الحكم أن مرحلة التحكيم مرحلة مستقلة مبناها عدم ثبوت الضرر لعجز الزوجة عن إقامة بينتها عليه، في حين أن الثابت من تقارير الحكمين الأولين والآخرين أن المطعون عليها أحالت في تعرف أسباب الشقاق إلى ما أوردته بصحف الدعاوى التي أقامتها ضد الطاعن، وبالرجوع إلى الحكم الصادر في الدعوى رقم 1006 لسنة 1964 كلي أحوال شخصية القاهرة واستئنافها رقم 25 لسنة 83 ق القاهرة وكذلك الحكم المطعون فيه يبين أن هذه الأحكام دمغت المطعون عليها بأنها تسعى إلى الطلاق بأية وسيلة، وأطرحت أقوال الشهود الذين استعانت بهم في دعوييها، ويتعين أخذاً بروح التشريع وحكمته الاعتداد بحجية هذه الأحكام لبيان خطأ الزوجة وبالتالي وجوب رفض دعواها وعدم تعيين الحكمين، وهو ما يعيب الحكم بالخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال. هذا إلى أن محكمة الاستئناف بقضائها بالتطليق في حكمها المطعون فيه الصادر بتاريخ 31 من أكتوبر 1970 قد ناقضت حكمها السابق الذي أصدرته بتاريخ 29 من يونيو 1968 وقضت فيه بإلغاء حكم محكمة أول درجة بالتطليق، ذلك أن الحكم السابق أنهى موضوع الخصومة فلا يجوز للمحكمة العدول عنه والقضاء ببعث الحكمين إذ لم يطلبه أحد من الخصوم كما لا يجوز لها التصدي للموضوع مرة ثانية والحكم بالتطليق.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه لما كان مفاد نص المادة السادسة من المرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1929 أنه إذا كررت الزوجة شكواها طالبة التطليق لإضرار الزوج بها بعد رفض طلبها بالتفريق ولم تثبت ما تشكو منه فإن يتعين أن يبعث القاضي حكمين على النحو المبين بالمواد 7 إلى 11 من القانون المذكور، وهو حكم مأخوذ من مذهب الإمام مالك في أحكام الشقاق بين الزوجين، ولما كان يبين من الحكم الاستئنافي الصادر بتاريخ 29 من يونيو سنة 1968 أن المطعون عليها أقامت دعواها الأولى رقم 1006 لسنة 1964 القاهرة الابتدائية للأحوال الشخصية طالبة التطليق للضرر وقضي برفضها نهائياً لعجزها عن الإثبات، ثم أقامت دعواها الحالية رقم 1047 لسنة 1966 القاهرة الابتدائية للأحوال الشخصية بنفس الطلبات وقضى فيها ابتدائياً بالتطليق وألغى هذا الحكم استئنافياً لعدم اطمئنان المحكمة لأقوال شهودها، ثم قرر الحكم أنه يرى بعث حكمين لعجز المطعون عليها عن إثبات دعواها الثانية، وكان الحكم المطعون فيه الصادر بتاريخ 31 من أكتوبر سنة 1970 قد ناقش تقارير الحكمين الأولين والآخرين ثم أضاف قوله "كما أنه من ناحية أخرى فلا يمكن اعتبار امتناع الزوجة عن عودة الحياة الزوجية إساءة من جانبها، ذلك أنه لكي يعتبر الأمر إساءة من جانب الزوجة يجب أن يصدر منها قول أو فعل تسيء به إلى الزوج وإلى الحياة الزوجية ذاتها بغرض إيجاد وسيلة للتخلص من هذه الحياة الزوجية التي لا ترغب في استمرارها، فإذا كان الثابت هو أن الزوج لم ينسب إليها إساءة ما ولم يقل بخطأ صدر منها بل اقتصر قوله على الرغبة في استئناف الحياة الزوجية وقيام الزوجين معاً برعاية ابنهما فإنه لا يمكن القول بأن الزوجة هي المتسببة في الخلاف أو أن الإساءة منها....."، وكان ما انتهى إليه هذا الحكم من نفي الخطأ في جانب المطعون عليها ليس فيه تعارض مع الحكم الصادر في 29 من يونيو سنة 1968 والحكم في الدعوى السابقة إذا اقتصرا على القضاء برفض دعوى التطليق لعجز المطعون عليها عن الإثبات ولم ينسبا إليها الخطأ ما، ولما كان يبين مما سلف أن محكمة الاستئناف بعد أن ألغت حكم محكمة أول درجة بالتطليق قد مضت في نظر الدعوى وقضت ببعث الحكمين تطبيقاً لما يوجبه القانون على النحو سالف البيان، وهو ما أبرزه الحكم المطعون فيه بقوله "لا يفوت المحكمة وهي تقضي بالتطليق إعمالاً لهذه المواد أن تشير إلى أن حكمها الصادر بجلسة 29 من يونيو سنة 1968 بإلغاء حكم التطليق إنما مبناه كما وضح في الأسباب المكملة للمنطوق عدم كفاية البينة القائمة على القول بإضرار الزوج بزوجته بما لا يستطاع معه دوام العشرة، ونتيجة لهذا صدر الحكم بتعيين الحكمين فالحكم بإلغاء التطليق لم يكن منهياً للخصومة ولا قاطعاً فيها وإنما كان نتيجة لعدم ثبوت الضرر بالبينة، فسارت إجراءات التحكيم بعد ذلك وفقاً للقانون"، لما كان ذلك فإن النعي على الحكم بهذين السببين يكون في غير محله.
وحيث إن حاصل النعي بالسببين الثاني والثالث أن الحكم المطعون فيه بني قضاءه بالتطليق على سند من القول بأن الحكمين الآخرين عجزا عن الاتفاق على رأي معين في التعرف على أسباب الشقاق بين الزوجين شأنهما في ذلك شأن الحكمين الأولين، وأن الحال بهذه المثابة يعتبر مجهلاً يتعين معه القضاء بالتطليق وفق المادة التاسعة من القانون رقم 25 لسنة 1929، وهو من الحكم خطأ في تطبيق القانون، ذلك أنه طبقاً للمادة الحادية عشرة من المرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1929 - ومصدره المذهب المالكي - إذا قضت المحكمة ببعث الحكمين فإنها تكون قد فوضت الأمر إليهما وليس لها أن تتدخل في أية دراسة موضوعية أو أن تستنتج خلاف ما يراه الحكمان بل يتعين عليها أن تحكم بما قرراه، وقد ثبت من تقرير الحكمين الأولين والأخيرين أنهما اختلفا ولم يقررا بجهالة الأمر فما كان للحكم أن يستنتج الجهالة من اختلافهما إذ الجهالة يقررها الحكمان لأن ولاية الحكم أصبحت لهما، ويكون الحكم بذلك قد خلط بين الجهالة وهي الحالة التي يقضي فيها بالتفريق وبين اختلاف الحكمين وهي الحالة التي يقضي فيها بتكليف الحكمين بمعاودة البحث طبقاً للمادة العاشرة من القانون المذكور، وإذ قضى الحكم المطعون فيه بالتطليق على خلاف رأي الحكمين فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أن النص في المادة الثامنة من المرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1929 بأن "على الحكمين أن يتعرفا أسباب الشقاق بين الزوجين ويبذلا جهدهما في الإصلاح فإن أمكن على طريقة معينة قرراها"، وفي المادة التاسعة على أنه "إذا عجز الحكمان عن الإصلاح وكانت الإساءة من الزوج أو منهما أو جهل الحال قررا التفريق بطلقة بائنة"، وفي المادة العاشرة على أنه "إذا اختلف الحكمان أمرهما القاضي بمعاودة البحث فإن استمر الخلاف بينهما حكم غيرهما،" وفي الماد الحادية عشر بأن" على الحكمين أن يرفعا إلى القاضي ما يقررانه وعلى القاضي أن يحكم بمقتضاه" يدل على أن المشروع خول الحكمين أن يتعرفا أسباب الشقاق بين الزوجين ويبذلا جهدهما في الإصلاح، فإن أمكن على طريقة معينة قرراها, وإذا عجزاً عن الإصلاح وكانت الإساءة من الزوج أو الزوجين معاً أو جهل الحال ولم يعرف من أي جانب كانت الإساءة قررا التفريق بينهما بطلقة بائنة. وإذا اختلف الحكمان أمرهما القاضي بمعاودة البحث، فإن استمر الخلاف بينهما حكم غيرهما وعلى الحكمين أن يرفعا إلى القاضي ما يقرران وعلى القاضي أن يحكم بمقتضاه. وهذه الأحكام مستمدة من فقه المالكية ومن المنصوص عليه فيه أن الحكمين طريقهما الحكم لا الشهادة ولا الوكالة ولو كانا من جهة الزوجين لأن الحكم في اللغة هو الحاكم، فإن اتفق الحكمان نفذ حكمهما ووجب على الحاكم إمضاؤه من غير تعقيب ولو خالف مذهبه، وإن اختلفا فطلق أحدهما ولم يطلق الآخر فلا يكون هناك فروق لأن إلى كل واحد منهما ما إلى صاحبه باجتماعهما عليه، لما كان ذلك وكان يبين من الحكم المطعون فيه أنه بعد أن أشار إلى اختلاف الحكمين الأولين وتكليفهما بمعاودة البحث واستمرار الخلاف بينهما أورد ما يلي "فأصدرت المحكمة بتاريخ 5 من إبريل 1970 حكماً ثانياً باعتبار........ حكماً عن المستأنف/ الطاعن - و........ حكماً عن المستأنف عليها - المطعون عليها - لأداء ذات المهمة..... وجاء في ذيل تقريرهما فقرة خاصة بالحكم عن الزوجة أنه يرى أن الخلف مبعثه الزوج وهو مصدره والمتسبب فيه وأن الحياة أصبحت مستحيلة مما يرى معه الحكم المذكور التفريق، ثم تقدم الحكمان معاً بمذكرة في 28 من إبريل 1970 برأي حكم الزوجة على النحو سالف الذكر ورأي حكم الزوج أن سبب عدم عودة الحياة الزوجية هو عند الزوجة وأنه لا سبيل إلى التفرقة بينهما، وقال في مذكرة خاصة به مقدمة لجلسة 13 من مايو 1970 أنه يقصد بعدم وجود سبيل للتفرقة هو عدم وجود المبرر لأن الخلاف القائم مرجعه الزوجة.....". ثم انتهى الحكم إلى قوله "نتيجة لهذا كله وإذ عجز الحكمان عن إبداء رأي متفق عليه بينهما شأنهما في ذلك شأن سابقيهما تعين الأخذ بالثابت من أعمال الحكمين، وترى المحكمة من خلافهما أن الحال مجهل وأن الإساءة المانعة من الحياة الزوجية غير معروف من أي منهما صدرت، ومن ثم يتعين الحكم بالتطليق إعمالاً لنص المواد 8 إلى 11 من القانون رقم 25 لسنة 1929"، ولما كان الثابت من الحكم أن الحكمين الآخرين كسابقيهما اختلفا ولم يقررا بجهل الحال وكان يتعين إزاء اختلافهما أن تكلفهما المحكمة بمعاودة البحث تطبيقاً لحكم المادة العاشرة من القانون، وإذ استنتج الحكم جهل الحال من اختلاف الحكمين وقضى بتطليق المطعون عليها مع أن المشرع ترك للحكمين التقرير بجهل الحال وبالتفريق بين الزوجين تبعاً لذلك على أن يحكم القاضي بالتطليق حسبما قرراه عملاً بحكم المادتين التاسعة والحادية عشر من القانون، لما كان ما تقدم فإنه الحكم يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يوجب نقضه في هذا الخصوص.

الطعن 11 لسنة 40 ق جلسة 20 /3/ 1974 مكتب فني 25 ج 1 أحوال شخصية ق 85 ص 526

جلسة 20 من مارس سنة 1974

برياسة السيد المستشار أحمد حسن هيكل نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد أسعد محمود، وجوده أحمد غيث، وإسماعيل فرحات عثمان، وجلال عبد الرحيم عثمان.

---------------

(85)
الطعن رقم 11 لسنة 40 ق "أحوال شخصية"

(1 و2) أحوال شخصية "الطلاق". إثبات "الإقرار".
 (1)ما يقع به الطلاق. شرطه. الطلاق يقع باللفظ الصريح قضاء وديانة دون حاجة إلى نية الطلاق.
 (2)الإقرار بالطلاق كاذباً يقع قضاء لا ديانة. مثال.

---------------
1 - يشترط فيما يقع به الطلاق أن يصدر ممن يملكه، ما يفيد رفع القيد الثابت بالزواج الصحيح بلفظ الطلاق أو ما يقوم مقامه حالاً بالطلاق البائن، أو مآلاً بالطلاق الرجعي إذا لم تعقبه الرجعة أثناء العدة، على أن يصادف محلاً لوقوعه، ويقع الطلاق باللفظ الصريح قضاء وديانة دون حاجة إلى نية الطلاق.
2 - المنصوص عليه شرعاً أن الإقرار بالطلاق كاذباً يقع قضاء لا ديانة، وأن الرجل إذا سئل عن زوجته فقال أنا طلقتها وعديت عنها، والحال أنه لم يطلقها، بل أخبر كاذباً، فإنه لا يصدق قضاء - في ادعاء أنه أخبر كاذباً - ويدين فيما بينه وبين الله تعالى. ولما كان يبين من الاطلاع على الإقرارات الثلاثة المنسوبة للمتوفى والتي كانت تحت نظر محكمة الموضوع - وهي الإقرارات المؤرخة 28/ 3/ 1957 و9/ 8/ 1958، والثالث ورد بالحكم الصادر بتاريخ 29/ 12/ 1959 في دعوى النفقة التي أقامتها الطاعنة وهي الزوجة الأخرى للمتوفى - أن ألفاظ الطلاق الصريح والإقرارات بالطلاق المنسوبة إلى المتوفى، يقع بها الطلاق طبقاً للنصوص الفقهية، وهو طلاق وقع لاحقاً على مراجعة المتوفى للمطعون عليها - الزوجة الأولى - وبتاريخ 3 من أكتوبر 1934 المثبتة بأسفل إشهاد الطلاق المؤرخ 13 من سبتمبر 1934، وهذه الألفاظ والإقرارات منبتة الصلة بما تضمنه الإقراران المؤرخان 28 من مارس 1957 و9 من أغسطس 1958من عبارات أخرى تشير إلى الأخبار عن الطلاق الرسمي الصادر بتاريخ 13 من سبتمبر 1934، فلا محل من بعد لاستناد الحكم إلى أقوال شهود المطعون عليها - في إثبات قيام الزوجية حتى وفاة المورث - لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر وجرى في قضائه على أن الإقرارات المذكورة المنسوبة إلى المتوفى لا تعتبر إنشاء لطلاق، بل هي إخبار عن الطلاق الذي أوقعه على المطعون عليها بالإشهار الشرعي المؤرخ 13 من سبتمبر 1934، وأن الإخبار يحتمل التصديق والتكذيب وأن قوله في الإقرارات الثلاثة بأنه لم يراجعها يكذبه أنه راجعها بعد هذا الطلاق بتاريخ 3 من أكتوبر 1934، ورتب الحكم على ذلك أن المطعون عليها بقيت زوجة له حتى تاريخ وفاته وترث في تركته، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون عليها أقامت الدعوى رقم 785 لسنة 1964 أمام محكمة القاهرة الابتدائية للأحوال الشخصية "نفس" ضد الطاعنة وآخرين بطلب الحكم لها بوفاة زوجها المرحوم.... وهي على عصمته واستحقاقها نصف ثمن تركته فرضاً وقدره 1 و1/ 2 قيراط من أربعة وعشرين قيراط تنقسم إليها تركته وأمرهم بعدم التعرض لها في ذلك. وقالت شرحاً لدعوها أنه بتاريخ أول إبريل سنة 1964 توفى...... وانحصر ميراثه الشرعي فيها وفي زوجته الأخرى - الطاعنة - وأولاده من كل منهما، وإذ توفى وهو على عصمته وامتنع باقي الورثة عن تسليمها نصيبها في تركته فقد أقامت دعواها بطلباتها سالفة البيان. ردت الطاعنة بأن المطعون عليها ليست زوجة للمورث وقت الوفاة لأنه طلقها طلقة ثالثة طبقاً لما هو ثابت في القضية رقم 836 لسنة 1959 أحوال شخصية الزيتون والإقرارين الصادرين منه في 28 من مارس سنة 1957، 9 من أغسطس سنة 1958، وبتاريخ 2 من ديسمبر سنة 1967 حكمت المحكمة بإثبات ترك المطعون عليها للخصومة بالنسبة لسائر المدعى عليهم عدا الطاعنة وبرفض الدعوى. استأنفت المطعون عليها هذا الحكم بالاستئناف المقيد برقم 125 لسنة 84 ق القاهرة للأحوال الشخصية. وبتاريخ 25 من يناير سنة 1969 حكمت المحكمة بإحالة الدعوى إلى التحقيق لتثبت المطعون عليها وفاة المرحوم..... وبتاريخ أول إبريل سنة 1964 وانحصار ميراثه الشرعي في زوجتيه الطاعنة والمطعون عليها وفي أولاده منهما، وأنه توفى والمطعون عليها زوجة له وعلى عصمته لحين وفاته, وأنها تستحق نصف الثمن فرضاً, وبعد سماع شهود الطرفين عادت وبتاريخ 18 من يناير سنة 1970 فحكمت بإلغاء الحكم المستأنف وبوفاة المرحوم....... في إبريل سنة 1964 عن ورثة منهم الطاعنة والمطعون عليها باعتبارهما زوجتيه وأن المطعون علها تستحق في تركته 1 و1/ 2 قيراط أي نصف الثمن بالفريضة الشرعية من أربعة وعشرين قيراطاً تنقسم إليها التركة وأمرت الطاعنة بعدم التعرض لها في ذلك. طعنت الطاعنة في هذا الحكم وفي الحكم الصادر بتاريخ 25 من يناير سنة 1969 بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وعرض الطعن على هذه الدائرة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها‌.
وحيث إن مما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب وفي بيان ذلك تقول أن الحكم استند في قضائه إلى أن المتوفى راجع المطعون عليها بتاريخ 3 من أكتوبر سنة 1934 وأنه أثبت ذلك بخطه على إشهاد الطلاق المؤرخ 13 من سبتمبر سنة 1934 ولم يعول الحكم على إقراره بطلاق المطعون عليها وعدم الرجعة في الإقرارين المؤرخين 28 من مارس 1957، 9 من أغسطس سنة 1958 وفي مجلس القضاء في القضية رقم 839 لسنة 1959 أحوال شخصية الزيتون تأسيساً على أن هذه الإقرارات لا تعتبر إنشاء لطلاق بل هي إخبار يسبق حصوله والإخبار يحتمل التصديق والتكذيب، في حين أن الإجماع والفتوى في المذهب الحنفي على أن الزوج لو أقر بالطلاق كاذباً أو هازلاً وقع الطلاق ويثبت من وقت الإقرار به إذا كان مستنداً إلى تاريخ ماضٍ متى أنكرته الزوجة المطلقة، وقد أقر المتوفى بحدوث الطلاق وبعدم الرجعة في الإقرارات الثلاثة سالفة الذكر مما مؤداه أن الطلاق ثابت بيقين وأن الرجعة غير قائمة من تاريخ هذه الإقرارات وهو تاريخ لاحق على الرجعة الثابتة في إشهاد الطلاق، وإذ أهدر الحكم الإقرارات المذكورة وأعرض عن نفي الرجعة دون أن يورد تعليلاً لذلك فإنه يكون معيباً بالخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أنه لما كان يشترط فيما يقع به الطلاق أن يصدر ممن يملكه ما يفيد رفع القيد الثابت بالزواج الصحيح بلفظ الطلاق أو ما يقوم مقامه حالاً بالطلاق البائن أو مآلاً بالطلاق الرجعي إذا لم تعقبه الرجعة أثناء العدة، على أن يصادف محلاً لوقوعه، ويقع الطلاق باللفظ الصريح قضاء وديانة دون حاجة إلى نية الطلاق، وكان المنصوص عليه شرعاً الإقرار بالطلاق كاذباً يقع قضاء لا ديانة، وأن الرجل إذا سئل عن زوجته فقال أنا طلقتها وعديت عنها والحال أنه لم يطلقها بل أخبر كاذباً فإنه لا يصدق قضاء في ادعائه أنه أخبر كاذباً - ويدين فيما بينه وبين الله تعالى، ولما كان يبين من الاطلاع على الإقرارات الثلاثة المنسوبة للمتوفى...... والتي كانت تحت نظر محكمة الموضوع وهي الإقرار المؤرخ 28 من مارس سنة 1957 ورد بصدره ما يلي "أقر أنا... أن...... - المطعون عليها - التي كانت منذ أكثر من عشرين عاماً أي من قبل زواجي بالسيدة...... - الطاعنة - سنة 1937 كانت طالقة مني طلاقاً بائناً منذ أن كنت برتبة اليوزباشي من قبل مرضها وقبل دخولها بالمستشفى النمساوي ولم ترد إلى عصمتي مطلقاً منذ ذاك التاريخ للآن...." وأن الإقرار المؤرخ 9 من أغسطس سنة 1958 ورد في نهايته ما يلي: ".... وأشهد الله والناس أن السيدة....... طالق مني منذ أكثر من سبعة وعشرين عاماً ولا زالت طالقة للآن وهذا اعتراف وإقرار مني بذلك" وأن الإقرار الثالث ورد بالحكم الصادر بتاريخ 29 من سبتمبر سنة 1959 في الدعوى رقم 836 لسنة 1959 أحوال شخصية الزيتون التي أقامتها الطاعنة تطلب الحكم على زوجها........ بفرض نفقة لها وجاء بالحكم أن المدعى عليه صادق على الزوجية وقرر "إن حالته الاجتماعية ليست له زوجة سوى المدعية - الطاعنة - وقد كان متزوجاً بمن تدعى...... - المطعون عليها - ثم طلقها منذ عشرين سنة تقريباً ولم يراجعها...." وكانت ألفاظ الطلاق الصريحة والإقرارات بالطلاق المنسوبة إلى المتوفى على النحو سالف البيان يقع بها الطلاق طبقاً للنصوص الفقهية آنفة الذكر، وهو طلاق وقع لاحقاً على مراجعة المتوفى للمطعون عليها بتاريخ 3 من أكتوبر 1934 المثبتة بأسفل إشهاد الطلاق المؤرخ 13 من سبتمبر سنة 1934، وهذه الألفاظ والإقرارات منبتة بما تضمنه الإقراران المؤرخان 28 من مارس 1957، 9 من أغسطس 1958من عبارات أخرى تشير إلى الإخبار عن الطلاق الرسمي الصادر بتاريخ 13 من سبتمبر سنة 1934، فلا محل من بعد لاستناد الحكم إلى أقوال شهود المطعون عليها, لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر وجرى في قضائه على أن الإقرارات المذكورة المنسوبة إلى المتوفى لا تعتبر إنشاء لطلاق بل هي إخبار عن الطلاق الذي أوقعه على المطعون عليها بالإشهار الشرعي المؤرخ 13 من سبتمبر سنة 1934، وأن الإخبار يحتمل التصديق والتكذيب وأن قوله في الإقرارات الثلاثة بأنه لم يراجعها يكذبه أنه راجعها بعد هذا الطلاق بتاريخ 3 من أكتوبر سنة 1934، ورتب الحكم على ذلك أن المطعون عليها بقيت زوجة له حتى تاريخ وفاته وترث في تركته فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يوجب نقضه دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.

الطعن 28 لسنة 40 ق جلسة 27 /3/ 1974 مكتب فني 25 ج 1 أحوال شخصية ق 94 ص 587

جلسة 27 من مارس سنة 1974

برياسة السيد المستشار أحمد حسن هيكل نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمد أسعد محمود، وجودة أحمد غيث، وإبراهيم السيد ذكرى، وإسماعيل فرحات عثمان.

---------------

(94)
الطعن رقم 28 لسنة 40 ق "أحوال شخصية"

(1، 2  ) شركات. "شركات التوصية" ملكية.
 (1)شركة التوصية. شركة تجارية ذات شخصية معنوية مستقلة عن أشخاص الشركاء. خروج حصة الشريك عن ملكه وصيرورتها مملوكة للشركة.
(2) الأصل أن حصة الشريك في شركات الأشخاص غير قابلة للتنازل إلا بموافقة سائر الشركاء. تنازل الشريك دون موافقتهم. أثره. بقاء هذا التنازل قائماً بينه وبين الغير مع عدم نفاذه قبل الشركة أو الشركاء. علة ذلك.

--------------
1 - شركة التوصية البسيطة، هي شركة تجارية ذات شخصية معنوية مستقلة عن أشخاص الشركاء فيها، ومن مقتضى هذه الشخصية - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة أن يكون للشركة وجود مستقل عن الشركاء، فتكون أموالها مستقلة عن أموالهم وتعتبر ضماناً عاماً لدائنيها وحدهم، كما تخرج حصة الشريك في الشركة عن ملكه وتصبح مملوكة للشركة ولا يكون له بعد ذلك إلا مجرد حق في نسبة معينة من الأرباح أو نصيب في رأس المال عند قسمة الشركة.
2 - الأصل في حصة الشريك في شركات الأشخاص أنها غير قابلة للتنازل إلا بموافقة سائر الشركاء أخذاً بأن الشريك قد لوحظت فيه اعتبارات شخصية عند قبوله شريكاً، إلا أنه مع ذلك - يجوز له أن يتنازل عن حقوقه إلى الغير بدون موافقتهم، ويبقى هذا التنازل قائماً بينه وبين الغير لأن الشريك إنما يتصرف في حق من حقوقه الشخصية التي تتمثل في نصيبه في الأرباح وفي موجودات الشركة عند تصفيتها، ولكن لا يكون هذا التنازل نافذاً في حق الشركة أو الشركاء، ويبقى هذا الغير أجنبياً عن الشركة وهو ما نصت عليه المادة 441 من التقنين المدني السابق بقولها "لا يجوز لأحد من الشركاء أن يسقط حقه في الشركة كله أو بعضه إلا إذا وجد شرط يقضي بذلك، وإنما يجوز له فقط أن يشرك في أرباحه غيره ويبقى هذا الغير خارجاً عن الشركة" ولكن التقنين المدني الحالي لم يأت بنص مقابل لأن حكمه يتفق مع القواعد العامة.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعنة الأولى أقامت الدعوى رقم 42 لسنة 1965 أحوال شخصية للمصريين غير المسلمين أمام محكمة الإسكندرية الابتدائية - والتي قيدت بعد إحالتها إلى دائرة الأجانب برقم 55 لسنة 1965 الإسكندرية الابتدائية للأحوال الشخصية - بطلب الحكم ضد المطعون عليها عن نفسها وبصفتها وصية على ابنتها...... وضد الطاعنة الثانية بثبوت وفاة المرحوم..... بتاريخ 13 من إبريل 1965 وانحصار إرثه فيها وفي الطاعنة الثانية وببطلان أي تصرف يكون قد صدر منه، وقالت شرحاً لدعواها أن شقيقها المرحوم........ المصري الجنسية توفى بتاريخ 13 من إبريل 1965 وانحصر إرثه فيها وفي شقيقته الأخرى الطاعنة الثانية، وقد نازعتهما المطعون عليها وادعت أنها زوجته. طلبت المطعون عليها الحكم بانحصار الإرث فيها وفي ابنتها القاصر من المورث وفي شقيقتيه الطاعنتين، وأضافت أن المورث توفى بعد أن أوصى لها ولابنتها القاصر بثلث تركته، كما وهبهما حصة قدرها النصف في شركة توصية بسيطة - هو شريك متضامن فيها - بموجب عقد الهبة الموثق بتاريخ 30 من مارس 1965 بواقع ستة قراريط لكل منهما. ادعت الطاعنة الثانية بتزوير عقد الهبة. وبتاريخ 9 من يونيو 1966 حكمت المحكمة (أولاً) بثبوت وفاة المرحوم........ وفي 13 من إبريل 1965 وانحصار إرثه الشرعي في زوجته المطعون عليها ولها الثمن في تركته فرضاً وفي ابنته منها ولها النصف فرضاًًً وفي شقيقتيه الطاعنتين ولهما باقي التركة تعصيباً. (ثانياً) بندب قسم أبحاث التزييف والتزوير بمصلحة الطب الشرعي لأداء المأمورية المبينة بمنطوق ذلك الحكم. وبعد أن قدم الخبير تقريره الذي انتهى فيه إلى صحة التوقيع المنسوب للمورث على عقد الهبة تنازلت الطاعنة الثانية عن إجراءات الادعاء بالتزوير، ودفعت الطاعنة الأولى بصدور الهبة في مرض موت المورث وباعتبارها تصرفاً تسري عليه أحكام الوصية، وبتاريخ 27 من يونيو 1968 حكمت المحكمة بإنهاء إجراءات الادعاء بالتزوير وبإحالة الدعوى إلى التحقيق لتثبيت الطاعنة الأولى أن عقد الهبة صدر من مورثها خلال فترة تزايد المرض واشتداد وطأته عليه للدرجة التي يغلب فيها الهلاك وشعوره بدنو أجله وانتهاء حالته المرضية سالفة الذكر بوفاته، وبعد سماع شهود الطرفين حكمت المحكمة بتاريخ 12 من يونيو 1969 برفض الدعوى. استأنفت الطاعنتان هذا الحكم بالاستئناف المقيد برقم 6 لسنة 25 ق أحوال شخصية أجانب الإسكندرية، وبتاريخ 23 من مارس سنة 1970 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعنت الطاعنتان في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن. وعرض الطعن على هذه الدائرة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر, وحددت جلسة لنظره, وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على أربعة أسباب، تنعى الطاعنتان بالسبب الأول منها على الحكم المطعون فيه التناقض، ذلك أن الحكم المطعون فيه أخذ بأسباب الحكم الابتدائي التي يستفاد منها أنه اعتبر عقد الهبة موقوفاً على إجازة الشركاء، في حين أن الحكم المطعون فيه اعتبره باتاً، وهو من الحكم تعارض في التسبيب يعيبه ويبطله.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أن البين من الاطلاع على حكم محكمة أول درجة الصادر بتاريخ 12 من يونيو 1969 أنه أورد في هذا الخصوص قوله "... ومن ثم كان عقد الهبة المؤرخ 30 من مارس 1965. وقد تم توثيقه أمام موظف رسمي مستوفياً لشرائط صحته شكلاً وموضوعاً إذ صدر الإيجاب من الواهب وصادف قبولاً حالاً ومقرراً في مجلس العقد، ولم تنعقد هذه الهبة في مرض موت الواهب فلا تعتبر تصرفاً مضافاً إلى ما بعد الموت تسري عليها أحكام الوصية، وإنما تخضع لأحكام الهبة الصحيحة المقررة في القانون، ولا يقدح في هذه النتيجة والتي تتفق وصحيح حكم القانون ما ذهبت إليه المدعية - الطاعنة الأولى - في دفاعها من أن عقد الهبة انعقد موقوفاً على إجازة باقي الشركاء في الشركة ذلك أن هذه الإجازة بالنسبة لحصة الشريك الواهب ليست من الأركان اللازم توافرها لانعقاد الهبة وإنما هي لازمة لاستمرار الشركة...." وكان مفاد ما قرره هذا الحكم أنه انتهى إلى أن عقد الهبة منجز ولم يعتبره موقوفاً على إجازة باقي الشركاء وهو بذلك يستقيم مع ما انتهى إليه الحكم المطعون فيه في هذا الخصوص فلا يكون هناك ثمة تناقض.
وحيث إن حاصل النعي بالأسباب الثاني والثالث والرابع منها أن الحكم المطعون فيه استند في قضائه برفض الدعوى إلى أن العبارة الواردة بالبند الرابع من عقد الهبة لم يقصد منها تعليق الهبة على موافقة باقي الشركاء وإنما مجرد الحصول على هذه الموافقة لحسن سير استغلال الشركة، وأن عقد الشركة لم يتضمن أي قيد على تصرف الشريك في حصته حال حياته بل إنه نص على أيلولة حصة المورث بعد وفاته إلى ابنته....، وأن هذا يقطع بأن عقد الهبة صدر منجزاً وارتضاه باقي الشركاء بدليل أنهم لم يعترضوا عليه ولم يطلبوا حل الشركة وتصفيتها، وهو من الحكم مخالفة للقانون وخطأ في الاستناد وفساد الاستدلال، ذلك لأنه خرج بعبارة البند الرابع من عقد الهبة عن مدلولها فهذه العبارة ليست منشأة وإنما مقررة بحيث لو لم تكن موجودة لتحتم العمل بموجبها، هذا إلى أن المستفاد مما قرره الحكم أنه سمح للشريك في شركة التوصية البسيطة - وهي من شركات الأشخاص - بالنزول عن حقه في الشركة وأباح انتقال هذا الحق بالميراث إلى من يخالفه، وفي ذلك مخالفة القانون لأن المادة 528/ 1، 2 من التقنين المدني تقضي بأن الشركة تنتهي بموت أحد الشركاء ما لم ينص في عقد الشركة على استمرارها بين الشركاء الأحياء ورثة الشريك المتوفى مما مفاده أنه لا يجوز نزول الشريك عن حقه في الشركة إلا بإجازة باقي الشركاء سواء بنص في العقد أو باتفاق لاحق، علاوة على أن الحكم أخذ من سكوت بقية الشركاء وإحجامهم عن طلب حل الشركة قرينة على موافقتهم على الهبة مع أنه كان يتعين على الحكم أن يثبت علمهم بحصول الهبة، بل أن مسلكهم في دعوى الحراسة المقامة من الطاعنتين يتم عن عدم موافقتهم على الهبة، الأمر الذي يعيب الحكم بالخطأ في الإسناد والفساد في الاستدلال.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه إذا كانت شركة التوصية البسيطة التي كان المورث شريكاً متضامناً فيها هي شركة تجارية ذات شخصية معنوية مستقلة عن أشخاص الشركاء فيها، ومن مقتضى هذه الشخصية - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن يكون للشركة وجود مستقل عن الشركاء فتكون أموالها مستقلة عن أموالهم وتعتبر ضماناً عاماً لدائنيها وحدهم، كما تخرج حصة الشريك في الشركة عن ملكه وتصبح مملوكة للشركة، ولا يكون له بعد ذلك إلا مجرد حق في نسبة معينة من الأرباح أو نصيب في رأس المال عند قسمة الشركة، وكان الأصل في حصة الشريك في شركات الأشخاص أنها غير قابلة للتنازل إلا بموافقة سائر الشركاء أخذاً بأن الشريك قد لوحظت فيه اعتبارات شخصية عند قبوله شريكاً، إلا أنه - مع ذلك - يجوز له أن يتنازل عن حقوقه إلى الغير بدون موافقتهم، ويبقى هذا التنازل قائماً بينه وبين الغير لأن الشريك إنما يتصرف في حق من حقوقه الشخصية التي تتمثل في نصيبه في الأرباح وفي موجودات الشركة عند تصفيتها ولكن لا يكون هذا التنازل نافذاً في حق الشركة أو الشركاء ويبقى هذا الغير أجنبياً عن الشركة، وهو ما نصت عليه المادة 441 من التقنين المدين السابق بقولها "لا يجوز لأحد من الشركاء أن يسقط حقه في الشركة كله أو بعضه إلا إذا وجد شرط يقضي بذلك. وإنما يجوز له فقط أن يشرك في أرباحه غيره ويبقى هذا الغير خارجاً عن الشركة"، ولكن التقنين المدني الحالي لم يأت بنص مقابل لأن حكمه يتفق مع القواعد العامة. لما كان ذلك وكان الثابت أن مورث الطرفين وهب المطعون عليهما الحصة التي كان يمتلكها بصفته شريكاً متضامناً وقدرها النصف في شركة التوصية البسيطة فإن هذا التصرف وعلى ما سلف البيان يكون صحيحاً فيما بين الواهب والموهوب لها لأنه ينصرف إلى نصيبه في الأرباح وفي موجودات الشركة عند تصفيتها، وكان النزاع قد ثار في الدعوى بين الموهوب لهما وبين باقي الورثة - الطاعنتين - حول صدور الهبة في مرض موت المورث، وكان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى أن الهبة لم تصدر في مرض الموت ورتب على ذلك أن العقد صدر منجزاً، وكان ما أورده الحكم بشأن إجازة باقي الشركاء لعقد الهبة وموافقتهم عليه هو استطراد زائد عن حاجة الدعوى لأنه لم يكن لازماً للفصل في موضوع النزاع الدائر بين الطرفين حول صحة الهبة وإنما يتصل بمدى نفاذ هذا العقد في حق الشركة وهو ما يخرج عن نطاق الدعوى، وإذ انصب النعي بالأسباب الثاني والثالث والرابع على هذه التقريرات الزائدة ولم يوجه إلى قضاء الحكم في موضوع الخصومة فإن النعي عليه بهذه الأسباب يكون غير منتج.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.

الطعن 31 لسنة 40 ق جلسة 27 /3/ 1974 مكتب فني 25 ج 1 أحوال شخصية ق 95 ص 593

جلسة 27 من مارس 1974

برياسة السيد المستشار أحمد حسن هيكل نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين محمد أسعد محمود، وجودة أحمد غيث، وإسماعيل فرحات عثمان، وجلال عبد الرحيم عثمان.

----------------

(95)
الطعن رقم 31 لسنة 40 ق أحوال شخصية

(1، 2) أحوال شخصية "الولاية على المال". أهلية. حكم "عيوب التدليل. قصور".
(1) السفه. تبذير المال وإتلافه فيما لا يعده العقلاء من أهل الديانة غرضاً صحيحاً. الغفلة. ضعف بعض الملكات الضابطة في النفس ترد على حسن الإدارة والتقدير. وتؤدي إلى غبن الشخص في معاملاته مع الغير.
(2) القضاء بتوقيع الحجر. اكتفاء الحكم برد تصرفات المحجور عليه دون بيان الوقائع التي تنبئ عن قيام حالة السفه أو الغفلة. استناد الحكم إلى قول المحجور عليه بالتحقيقات دون إيراد هذه الأقوال وبيان دلالتها. قصور.

---------------
1 - من المقرر في قضاء هذه المحكمة (1) أن السفه هو تبذير المال وإتلافه فيما لا يعده العقلاء من أهل الديانة غرضاً صحيحاً، وهو فكرة معيارية تبنى بوجه عام على إساءة استعمال الحقوق، ومن ضوابطه أنه خفة تعتري الإنسان فتحمله على العمل على خلاف مقتضى العقل والشرع. وأن الغفلة هي ضعف بعض الملكات الضابطة في النفس ترد على حسن الإدارة والتقدير ويترتب على قيامها بالشخص أن يغبن في معاملاته مع الغير.
2 - لما كان يبين من الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى بتوقيع الحجر على الطاعن قد اكتفى بسرد التصرفات الصادرة منه، حسبما أوردها المطعون عليه في طلب الحجر، وساق عبارة مجملة دون أن يناقش هذه التصرفات ويبين الوقائع التي تنبئ عن إنفاق المال وإتلافه على غير ما يقتضيه العقل والشرع، وعن الغبن الذي لحق الطاعن من هذه التصرفات. واستدل الحكم في قضائه بتوقيع الحجر على ما جاء بأقوال الطاعن في التحقيقات دون أن يورد هذه الأقوال ويكشف عن دلالتها على السفه والغفلة، وكان الطاعن قد تمسك في دفاعه أمام محكمة الاستئناف بأن القدر الذي باعه إلى...... مرهون وأن البيع لم يشمل...... وأنه أخذ على المشتري ورقة ضد بهذا المعنى، قدم صورة منها ضمن مستنداته، غير أن الحكم التفت عن تحقيق هذا الدفاع الجوهري ولم يتناوله بأي رد، لما كان ذلك فإن الحكم المطعون فيه يكون معيباً بالقصور.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل في أن المطعون عليه قدم لنيابة أسيوط الكلية في 4/ 2/ 1969 طلباً بتوقيع الحجر على عمه - الطاعن للسفه والغفلة وتعيينه قيماً عليه، وقال بياناً لطلبه أنه سبق توقيع الحجر على الطاعن للسفه في الدعوى رقم 25 لسنة 1932 حسبي أسيوط ثم رفع عنه الحجر بتاريخ 28/ 4/ 1960، إلا أنه عاد إلى سيرته الأولى فأخذ يتصرف في أملاكه على غير مقتضى العقل والشرع وبغبن فاحش مما يوجب توقيع الحجر عليه للسفه والغفلة إذ باع 6 أفدنه و3 قراريط و13 سهماً في 24/ 5/ 1965 بمبلغ 1800 جنيه وأقر في دعوى صحة التعاقد بتسلمه كامل الثمن مع أنه لم يقبض منه سوى مبلغ 50 جنيهاً نقداً وحرر له سند إذنياً بمبلغ 300 جنيه، وباع للسيدة...... قيراطاً وحداً 10 و5/ 7 سهم بعقد مؤرخ 19/ 11/ 1965 مقابل ثمن قدره 300 جنيه أقر باستلامه في دعوى صحة التعاقد، كما باع لها ولسيدة أخرى قيراطاً واحداً بعقد مؤرخ 24/ 12/ 1966 نظير ثمن قدره 200 جنيه أقر باستلامه في دعوى صحة التعاقد، ثم باع أخيراً 1519 متراً مربعاً إلى شقيقته...... مقابل ثمن قدره 300 جنيه حالة أنها تساوي 7000 جنيه ولم يقبض شيئاً من الثمن. وحققت النيابة الطالب وقيد برقم 9 ب سنة 1969 أحوال شخصية مال أسيوط الابتدائية. وبتاريخ 14/ 1/ 1970 حكمت المحكمة بتوقيع الحجر على الطاعن للسفه والغفلة وتعيين المطعون عليه قيماًً بلا أجر. استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 2 سنة 1970 (45 ق) أحوال شخصية مال أسيوط طالباً إلغاءه والحكم برفض الدعوى، وبتاريخ 8/ 4/ 1970 حكمت المحكمة برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وعرض الطعن على هذه الدائرة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره, وفيها أصرت النيابة على رأيها.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع، ذلك أنه قضى بتوقيع الحجر دون أن يبين الوقائع التي استمد منها الدليل على السفه والغفلة، كما استند الحكم إلى أقوال الطاعن في التحقيقات دون أن يفصح عن وجه دلالتها على ذلك ومع أن هذه الأقوال في ذاتها تكشف عن سلامة الإدراك وحسن التقدير، هذا إلى أن الطاعن تمسك في دفاعه أمام محكمة الاستئناف بأن الأطيان التي باعها إلى مرهونة وأن البيع لا يدخل في 3 أفدنة و3 قراريط و4 أسهم وأنه أخذ على المشتري ورقة ضد تثبت ذلك وأنه باع هذه المقادير وسلم ثمنها لشقيقته.... التي يقيم معها لينفق فيها على نفسه إذ لا يزاولا عملاً، غير أن الحكم المطعون فيه أغفل تحقيق هذا الدفاع مما يعيبه بالقصور.
وحيث إن هذا النعي صحيح ذلك أنه لما كان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن السفه هو تبذير المال وإتلافه وفيما لا يعده العقلاء من أهل الديانة غرضاً صحيحاً وهو فكرة معيارية تبنى بوجه عام على إساءة استعمال الحقوق ومن ضوابطه أنه خفة تعتري الإنسان فتحمله على العمل على خلاف مقتضى العقل والشرع، وأن الغفلة هي ضعف بعض الملكات الضابطة في النفس ترد على حسن الإدارة والتقدير ويترتب على قيامها بالشخص أن يغبن في معاملاته مع الغير، وكان البين من الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه أنه سرد مضمون طلب الحجر والتصرفات التي صدرت من الطاعن واستند إليها المطعون عليه في طلبه وهي تصرفه بالبيع في 6 أفدنة و3 قراريط و13 سهماً بتاريخ 24/ 5/ 1965 إلى...... مقابل ثم قدره 1800 ج أقر باستلامه في دعوى صحة ونفاذ العقد مع أنه لم يقبض سوى 50 ج نقداً وحرر له المشتري سنداً إذنياً بمبلغ 300 ج وأنه باع بتاريخ 19/ 11/ 1965 قيراطاً 10 و5/ 7 سهم مقابل ثمن قدره 300 ج، أقر باستلامه في دعوى صحة التعاقد، ثم باع بتاريخ 24/ 12/ 1966 قيراطاً واحداً نظير ثمن قدره 200 ج أقر باستلامه في دعوى صحة التعاقد، وباع أخيراً بتاريخ 22/ 9/ 1967، 1519 متراً مربعاً لشقيقته...... بثمن قدره 3000 ج في حين أنها تساوي 7000 ج ولم يقبض شيئاً من الثمن المبين بالعقد، ثم أورد الحكم ما يلي "إنه يبين من تصرفات المطلوب توقيع الحجز عليه سالفة البيان أنه أساء استعمال حقه وأسرف في تبرعاته وأنه تصرف دون أن يهتدي إلى الربح من تلك التصرفات بل وبغبن فاحش بأيسر وسائل الانخداع مما يهدد ماله بخطر الضياع ومن ثم ترى المحكمة حفاظاً على أمواله توقيع الحجر عليه للسفه والغفلة" وأضاف الحكم المطعون فيه قوله "إن ما يثيره المستأنف - الطاعن - في أسباب استئنافه على ما سبق الإلماح إليه لا يغير من وجه الرأي الذي انتهى إليه الحكم المستأنف من دمغ المستأنف بوصف السفه والغفلة على ما استخلصه من الواقع الصحيح المستمد مما تم في القضية من تحقيقات ومما ورد على لسان المستأنف لدى سؤاله فيها ومن أقوال شهود التحقيق فضلاً عما ثبت مما قدم من مستندات في الدعوى واتضح فيها من وقائع تنبئ دلائلها جميعاً على أن المستأنف سار في تصرفاته على غير مقتضى العقل والشرع، بل وعلى التبذير في ماله وإتلافه غير مبصر بعواقب الأمور، ويتعين لما تقدم بيانه ولما ساقه الحكم المستأنف من أسباب صحيحة تأخذ بها المحكمة أسباباً لها القضاء وبرفض الاستئناف موضوعاً وتأييد الحكم المستأنف"، ولما كان يبين من الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى بتوقيع الحجر على الطاعن قد اكتفي بسرد التصرفات الصادرة منه حسبما أوردها المطعون عليه في طلب الحجر وساق عبارة مجملة دون أن يناقش هذه التصرفات ويبين الوقائع التي تنبئ عن إنفاق المال وإتلافه على غير ما يقتضيه العقل والشرع. وعن الغبن الذي لحق الطاعن من هذه التصرفات, هذا إلى أن الحكم استدل في قضائه بتوقيع الحجر على ما جاء بأقوال الطاعن في التحقيقات دون أن يورد هذه الأقوال ويكشف عن دلالتها على السفه والغفلة، وكان الطاعن قد تمسك في دفاعه أمام محكمة الاستئناف بأن القدر الذي باعه إلى........ مرهون وأن البيع لم يشمل 3 أفدنة و3 قراريط و4 أسهم وأنه أخذ على المشتري ورقة ضد بهذا المعنى قدم صورة منها ضمن مستنداته غير أن الحكم التفت عن تحقيق هذا الدفاع الجوهري ولم يتناوله بأي رد، لما كان ذلك فإن الحكم المطعون فيه يكون معيباً بالقصور بما يستوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.


(1) نقض 25 / 10 / 1972  مجموعة المكتب الفني السنة 23 ص 1216.
نقض 18/ 5/ 1966 مجموعة المكتب الفني السنة 17 ص 1179.
نقض 2/ 2/ 1966 مجموعة المكتب الفني السنة 17 ص 237.