جلسة 30 من ديسمبر سنة
1963
برياسة السيد/ محمد متولي عتلم نائب رئيس المحكمة،
وبحضور السادة المستشارين: مختار رضوان ومحمد صبري، ومحمد محمد محفوظ، ومحمد عبد
المنعم حمزاوي.
----------
(183)
الطعن رقم 828 لسنة 33
القضائية
(أ، ب) حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". محكمة جنايات.
محاكمة. "إجراءاتها".
(أ ) حضور المحكوم عليه
غيابياً من محكمة الجنايات أو القبض عليه قبل سقوط العقوبة بمضي المدة. أثره:
بطلان الحكم الغيابي. إعادة نظر الدعوى أمام المحكمة لا يترتب عليه إهدار الأقوال
والشهادات التي أبديت في المحاكمة الأولى. اعتبارها من عناصر الدعوى. للمحكمة
الاستناد إليها في قضائها.
(ب) لمحكمة الجنايات عند
إعادة محاكمة المتهم المحكوم في غيبته أن تورد الأسباب ذاتها التي اتخذها الحكم
الغيابي الساقط أسباباً لحكمها. ما دامت تصلح في ذاتها لإقامة قضائها بالإدانة.
(ج) حكم. "تسبيبه. تسبيب
غير معيب". اختصاص. نيابة عامة.
استناد الحكم إلى أقوال
أدلى بها أحد المتهمين أمام النيابة التي ضبط في دائرة اختصاصها. لا يعيبه. ولو
كانت الجريمة قد ارتكبت في مكان آخر خارج عن دائرة هذا الاختصاص. علة ذلك: ضبط
المتهم في دائرة اختصاص هذه النيابة يسبغ عليها ولاية استجوابه.
(د، هـ) حكم.
"تسبيبه. تسبيب غير معيب".
)د) للمحكمة في سبيل تكوين
عقيدتها الأخذ بأقوال الشاهد أو المتهم في أي مرحلة من مراحل الدعوى متى اطمأنت
إليها. لها الأخذ من أقواله بما تثق به واطراح ما عداها.
(هـ) التناقض بين أقوال
الشهود أو المتهمين. لا يعيب الحكم. ما دام قد استخلص الإدانة من أقوالهم
استخلاصاً سائغاً.
-----------------
1 - رتبت المادة 395 من قانون الإجراءات الجنائية
على حضور المحكوم عليه في غيبته أو القبض عليه قبل سقوط العقوبة بمضي المدة بطلان
الحكم السابق صدوره، إلا أن إعادة نظر الدعوى أمام المحكمة في هذه الحالة لا يترتب
عليه إهدار الأقوال والشهادات التي تكون قد أبديت في المحاكمة الأولى بل أنها تظل
معتبرة من عناصر الدعوى شأنها في ذلك شأن محاضر التحقيق الأولية للمحكمة أن تستند
إليها في قضائها.
2 - من المقرر أنه لا
يوجد في القانون ما يمنع محكمة الجنايات عند إعادة محاكمة المتهم الذي كان غائباً
من أن تورد الأسباب ذاتها التي اتخذها الحكم الغيابي الساقط أسباباً لحكمها، ما
دامت تصلح في ذاتها لإقامة قضائها بالإدانة.
3 - لا ينال من سلامة
الحكم استناده إلى أقوال أدلى بها أحد المتهمين أمام النيابة التي ضبط في دائرة
اختصاصها ولو كانت الجريمة قد ارتكبت في مكان خارج عن دائرة هذا الاختصاص. ذلك لأن
ضبط المتهم في دائرة اختصاص هذه النيابة يسبغ عليها ولاية استجوابه ويجعل من
اختصاصها سماع أقواله عملاً بنص المادة 217 من قانون الإجراءات الجنائية.
4 - من المقرر أن للمحكمة
في سبيل تكوين عقيدتها أن تأخذ بأقوال الشاهد أو المتهم في أي مرحلة من مراحل
الدعوى متى اطمأنت إليها، وتأخذ من أقواله بما تثق به وتطرح ما عداها.
5 - التناقض بين أقوال
الشهود أو المتهمين - بفرض وجوده - لا يعيب الحكم ما دام قد استخلص الإدانة من
أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه في ليلة 24
سبتمبر سنة 1959 بدائرة مركز شبين الكوم مديرية المنوفية: وآخرين سبق الحكم عليهم
بتاريخ 14 فبراير سنة 1961 سرقوا مبالغ النقود الذهبية والورقية والسلاحين
والذخيرة والحقيبتين والأوراق والأشياء المبينة بالمحضر لعبد الحميد حجازي عمر
بطريق الإكراه الواقع عليه وعلى كل من زوجته السيدة دولت على عمر وتابعه محمد عبد
الفتاح عرفه بأن توجهوا إلى منزل المجني عليه حاملين فيما عدا أو لهم أسلحة نارية
وهددوه وزوجته وتابعه المذكورين بها إن هم قاوموا أو استغاثوا كما استولى المتهم
الأول على بندقية المجني عليه وساهم بواسطتها في تهديد المذكورين ودفع أحدهم
السيدة دولت على عمر لما اعترضت سبيلهم فسقطت على الأرض وضرب المتهم التاسع المجني
عليه محمد عبد الفتاح عرفه بسوط كان يحمله قاصداً إرغامه على فتح خزانة المجني
عليه الأول مما ترك به آثار الجروح المبينة بالتقرير الطبي وتمكنوا بذلك من الاستيلاء
على المسروقات والفرار بها. وطلبت من غرفة الاتهام إحالته على محكمة الجنايات
لمحاكمته بالمواد 40/ 2 - 3، 41، 314/ 2 من قانون العقوبات. فقررت الغرفة ذلك.
وادعى بحق مدني كل من السيدة دولت على عمر والدكتور عبد الرحمن حجازي عمر. وطلبا
الحكم لهما قبل المتهم بمبلغ قرش صاغ تعويضاً مؤقتاً. ومحكمة جنايات شبين الكوم
قضت حضورياً بتاريخ 25 يناير سنة 1962 عملاً بالمادة 314/ 1 من قانون العقوبات
بمعاقبة المتهم بالإشغال الشاقة لمدة خمس عشرة سنة وبإلزامه بأن يؤدى للمدعيين
بالحق المدني مبلغ قرش صاغ واحد على سبيل التعويض والمصاريف المدنية. فطعن الطاعن
في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.
المحكمة
حيث إن الحكم المطعون فيه - إذ دان الطاعن بجريمة
سرقة بإكراه قد شابه قصور وتخاذل في الأسباب وفساد في الاستدلال - ذلك بأنه على
الرغم من أن الحكم الغيابي قد صدر بمعاقبة من اسمه "محمد الطلباوى الشهير
بمحمد الصغير" دون بيان الجهة التي يقيم بها إلا أنه قبض على الطاعن على أن
اسمه "محمد صالح السيد حسن" وأعيدت الإجراءات في مواجهته وصدر ضده الحكم
المطعون فيه مستنداً في ذلك إلى تقرير مقدم من ضابط المباحث وإلى بعض قضايا جنائية
اتهم فيها الطاعن مرة باسم محمد صالح السيد الطلياوى وأخرى باسم محمد على صالح
الطلباوى في حين أن الطاعن شخص آخر خلاف المتهم الحقيقي الذي ساهم في هذه الجناية
ولم تلتفت المحكمة إلى المستندات المقدمة منه والتي تقطع بحقيقة شخصيته - كما أن
ما ورد في هذه القضايا الجنائية من اسمين نسبا إلى الطاعن لا يؤدى حتماً إلى أن
الطاعن هو بالذات من ساهم في الجناية المذكورة هذا فضلاً عن أن اسم محمد الطلباوى
ومحمد الصغير وإن كانا قد وردا على لسان المتهمين "سامي مجلع العبد ووحيد
الدين إبراهيم حسن" إلا أنه عندما عرض الطاعن أمام المحكمة على المتهم
"سامي مجلع العبد" قرر هذا الأخير بأنه شخص آخر خلاف المتهم الحقيقي
الذي ساهم معهم في ارتكاب جناية السرقة بالإكراه سالفة البيان ولم تعرض المحكمة
الطاعن على المتهم الآخر "وحيد الدين إبراهيم حسن" لأنه عدل عن أقواله
التي أدلى بها أمام نيابة شمال القاهرة يضاف إلى ذلك أن الحكم المطعون فيه عول في
قضائه بإدانة الطاعن على أقوال المتهم "وحيد الدين إبراهيم حسن" أمام
نيابة شمال القاهرة. مع أن التحقيق الذي أجرته هذه النيابة باطل لأنها غير مختصة
بإجرائه لان الاختصاص قد انعقد لنيابة شبين الكوم التي وقع الحادث في دائرة
اختصاصها والتي كانت قد باشرت التحقيق في الجريمة فعلاً. هذا فضلاً عن أن هذا
المتهم عدل عن أقواله الأولى وقال بأن ما أدلى به أمام نيابة شمال القاهرة كان تحت
تأثير إكراه وقع عليه من ضابط المباحث بتلفيق قضية مخدرات ضده. ومع ذلك فلم تستدعه
المحكمة لمناقشته في حقيقة شخصية الطاعن، وأخيراً فإن الهيئة التي أصدرت الحكم
المطعون فيه أهدرت ما أجرته من تحقيقات بمعرفتها وعولت في قضائها على ما قاله
الشهود أمام الهيئة التي أصدرت الحكم الغيابي كما أن الحكم المطعون فيه نقل جزءاً
كبيراً من الحكم الغيابي وهذا جميعه يعيب الحكم المطعون فيه ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون
فيه - بين واقعة الدعوى في قوله "إن المرحوم عبد الحميد حجازي عمر الذي كان
يقيم بعزبته التابعة لبلدة كوم الراهب مركز شبين الكوم محافظة المنوفية اشتهر عنه
أنه من الأثرياء الذين يحتفظون بأموالهم معهم الأمر الذي أطمع في سرقته مما جعل
المتهمون يدبرون أمر اختلاس هذه الثروة منه واتفقوا على مهاجمته في عزبته واعدوا
أسلحة نارية للتهديد بها لتسهيل السرقة كما أعدوا سيارة للوصول بها إلى العزبة وهى
سيارة المتهم الثامن "عادل محمد حسان" الذي قادها ليلة 24/ 9/ 1959 ومعه
جميع المتهمين عدا المتهم الأخير متجهين إلى العزبة وأوقفوا السيارة بداخلها وظل
المتهم الثامن بالسيارة بعد أن حول اتجاها إلى خارج العزبة وظل محركها دائراً حتى
يسهل على الجناة أمر الفرار ثم قطعوا الاتصال التليفوني الخارجي مع العزبة واتجهوا
صوب منزل المجني عليه وكان المتهم الثاني وحيد الدين إبراهيم حسن يشهر مسدسه وفى
الطريق إلى المسكن قابلهم كاتب العزبة محمد عبد الفتاح فأمسكه المتهم السادس عبد
السميع محمد على دراز واستفسره عن مكان وجود المجني عليه فأخبر أنه بداخل منزله
فوزع المتهمون أنفسهم للمراقبة ودخل منهم إلى المسكن كل من المتهمين الأول سامي
مجلع العبد والثالث عبد القادر عبد الواحد خليفة والسابع عبد الستار عبد الغنى
نوفل والتاسع غريب محمد الشهير بحامد العبد وتبعهم المتهم الثالث وحيد الدين
إبراهيم حسن منتحلاً صفة أحد الضباط ولما وصلوا إلى غرفة المجني عليه وجدوه بها مع
زوجته وأفهمه المتهم التاسع أنهم من رجال المباحث وقد حضروا لضبط أسلحة ومنشورات
فأجابهم المجني عليه بأنه مرخص له بحمل بندقيته وهى بداخل الغرفة فاستولى عليها
المتهم الأول كما استولى هؤلاء الجناة على مفاتيح خزانة المجني عليه وكانت أسفل
وسادته وكذلك على مسدس وطلبوا من كاتب العزبة أن يرشدهم إلى الغرفة التي بها خزانة
المجني عليه فلما تراخى ضربه المتهم التاسع غريب محمد الشهير بحامد العبد بسوط
ففتح الخزانة واستولى هؤلاء الجناة على ما بها من نقود قال المجني عليه إنها حوالي
الخمسة عشر ألفاً من الجنيهات وسبعين جنيهاً ذهبياً وكانت النقود الورقية بحقيبة
كما استولوا على أوراق أخرى وحقيبة بها أوراق كانت بغرفة المجني عليه ثم استقل
الجناة العشرة الأول السيارة بعد أن ركب بها من كان منهم بالخارج للمراقبة وهربوا
حاملين المسروقات إلى مقر المتهم الأخير ببلدة إكياد دجوى حيث استولى كل منهم على
نصيبه من المسروقات وأحرقوا بعض الأوراق وأخفى المتهم الأخير نصيبه من المسروقات
في مكان قريب من مسكنه وانصرف كل من المتهمين حاملاً ما أصابه من نقود نتيجة
اقترافه ومساهمته في السرقة وأورد الحكم على ثبوت الواقعة في حق الطاعن أدلة
مستمدة من اعترافات المتهمين سامي مجلع العبد ووحيد الدين إبراهيم حسن بمحاضر
تحقيقات النيابة من أقوال شهود الإثبات وما ثبت من التقرير الطبي الخاص بفحص كاتب
العزبة من وجود إصابات بجسمه ثم رد الحكم على ما أثاره الدفاع بجلسة المحاكمة من
أن الطاعن لا صلة له بهذه الجناية وأنه شخص آخر خلاف المتهم الحقيقي فيها في قوله
"وبما أن المحكمة ترى أن أوراق الدعوى كلها تشير بوضوح إلى أن المتهم الحالي
هو الذي عناه المتهمان الأول والثاني سامي مجلع العبد ووحيد الدين إبراهيم حسن في
التحقيقات يؤكد ذلك الأمور التالية: أولاً - قرر المتهم الأول أن المتهم الحالي
يدعى محمد الصغير وكان يرافق دائماً حامد العبد وقد قرر باشتراكه في الحادث عند
بدء استجوابه بمحضر تحقيق النيابة وظل على هذا القول طوال تحقيقات النيابة وإن عدل
عن اعترافه وأقواله السابقة بجلسة المحاكمة وهذا القول من جانبه في وصف المتهم
الحالي يؤيد بأن عمر المتهم حسب الثابت من الأوراق وعلى الأخص بطاقته الشخصية
وشهادة ميلاده قرابة الخمس وعشرين سنة وهو أصغر المتهمين سناً فلا غرو إن قال إنه
يدعى محمد الصغير فضلاً عن أن عمدة بلدة كفر الزيات قرر بمحضر التحريات السابق
الإشارة والتي تقتنع بها المحكمة أن هذا المتهم كان يصاحب دائماً حامد الجيزاوي
وهو حامد العبد ذلك لأنه ثبت من تحقيقات الجناية الحالية أن حامد العبد هذا من
بلدة نزلة البطران التابعة لمركز الجيزة والتي تقيم بها والدته نعيمة سيد زيد التي
سئلت بالتحقيقات وهوجم منزلها بهذه العزبة بمعرفة الضابط فاروق عبد الوهاب طبقاً
للمحضر المؤرخ 16/ 10/ 1959 المرفق بالأوراق والذي أثبت أنه عثر به على راديو جديد
وملابس جديدة وطبنجة بالقفطان الخاص به عيار 6.35 ضبطها الضابط على ذمة القضية هي
والراديو كما أثبت الضابط أيضاً أن مظاهر الثراء ظهرت على هذا المتهم إذ اشترى
منزلاً من محمد سيد أحمد أبو عقيلة بمبلغ 260 جنيهاً في اليوم السابق على ضبطه.
ثانياً - ما ثبت على لسان المتهم الثاني وحيد الدين إبراهيم حسن عند اعترافه أمام
نيابة شمال القاهرة السابق تفصيله من أن اسم هذا المتهم هو محمد الطلياوى وقد ثبت
أن المتهم تسمى بهذا الاسم عند سؤاله في الجناية رقم 3180 سنة 1960 منوف كما تسمى
به في الجنحة رقم 1658 سنة 1956 قليوب والجنحة المستأنفة 442 سنة 1956 بنها ولم
يقل فيها إن اسمه محمدي صالح سيد وقد وجه له الاتهام في كل من الجنحة والجناية
السابق الإشارة إليها فقرر في الجنحة أن اسمه محمد صالح السيد الطلياوى وفى
الجناية أن اسمه محمد على صالح الطلباوى". وقد خلص الحكم بعد ذلك إلى قوله
"إن المتهم الحالي بالذات هو في اقتناع المحكمة من الأسباب السابقة - المتهم
الذي عناه المتهمان الأول والثاني سامي مجلع العبد ووحيد الدين إبراهيم حسن عند
اعترافهما بمحاضر تحقيق النيابة" لما كان ما تقدم، وكان الحكم المطعون فيه قد
بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة عناصر الجريمة التي دان الطاعن بها وأورد على
ثبوتها في حقه أدلة من شانها أن تؤدى إلى ما رتب عليها كما أورد الأدلة على أن
الطاعن له اسما شهرة هما محمد الطلياوى ومحمد الصغير بما استخلصه من أقوال المهمين
سامي مجلع العبد ووحيد الدين إبراهيم حسن في التحقيقات وما ثبت من الاطلاع على
قضية الجنحة رقم 2858 سنة 1956 قليوب واستئنافها وعلى قضية الجناية رقم 3180 سنة
1961 منوف واللتين كان الطاعن متهماً فيهما وليس فيما ذهب إليه الحكم في هذا
الخصوص ما يتعارض مع الثابت بالأوراق المقدمة من الطاعن. ولما كان من المقرر أن
للمحكمة وهى في سبيل تكوين عقيدتها أن تأخذ بأقوال الشاهد أو المتهم في أي مرحلة
من مراحل الدعوى متى اطمأنت إليها وتأخذ من أقواله بما تثق به وتطرح ما عداها وكان
التناقض بين أقوال الشهود أو المتهمين بفرض وجوده لا يعيب الحكم ما دام قد استخلص
الإدانة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً بما لا تناقض فيه - لما كان ذلك، فإن ما
يثيره الطاعن في هذا الشق من الطعن يكون في غير محله.
ولما كان ما ينعاه الطاعن
من بطلان الدليل المستمد من أقوال المتهم وحيد الدين إبراهيم حسن التي عول الحكم
عليها في إدانته للطاعن لإدلائه بها أمام نيابة شمال القاهرة لوقوع الجريمة خارجاً
عن اختصاصها. فمردود بأنه لا ينال من سلامة الحكم استناده إلى أقوال أدلى بها أحد
المتهمين أمام النيابة التي ضبط في دائرة اختصاصها ولو كانت الجريمة قد ارتكبت في
مكان آخر خارج عن دائرة هذا الاختصاص ذلك لأن ضبط المتهم في دائرة اختصاص هذه
النيابة يسبغ عليها ولاية استجواب المتهم ويجعل من اختصاصها سماع أقواله عملاً بنص
المادة 217 من قانون الإجراءات الجنائية - ولذلك لا يكون محضر التحقيق الذي أجرته
نيابة شمال القاهرة مشوباً بالبطلان ويجوز الاستدلال بما أثبت فيه أما ما ينعاه
الطاعن على الحكم لاستناده على أقوال المتهم وحيد الدين إبراهيم حسن أمام نيابة
شمال القاهرة في حين أنه عدل عنها بدعوى أن إكراها وقع عليه من ضابط المباحث
بتلفيق قضية مخدرات له كما أن المحكمة لم تستدعه لمناقشته في حقيقة شخصية الطاعن -
هذا النعي لا يعيب الحكم أو ينال من سلامته لأنه متى أخذت محكمة الموضوع بأقوال
المتهم المذكور في تلك التحقيقات فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد ينطوي على
مصادرة لحرية المحكمة الأساسية في وزن عناصر الإثبات المختلفة وتقديرها على الوجه
الذي يرتاح إليه ضميرها - كما أن عدم استدعاء وحيد الدين إبراهيم حسن لعرض الطاعن
عليه لا يعيب الحكم ما دام أنه عدل عن اعترافه. يضاف إلى ذلك أن الطاعن لم يطلب من
المحكمة اتخاذ هذا الإجراء فليس له أن ينعى على الحكم عدم القيام بإجراء لم يطلب
منها. لما كان ما تقدم، وكان ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه من إهداره
للتحقيقات التي أجرتها الهيئة التي أصدرت الحكم وتعويله على ما قاله الشهود أمام
الهيئة التي أصدرت الحكم الغيابي ونقله جزءاً كبيراً من الحكم الغيابي في مدوناته
مردوداً بأن المادة 395 من قانون الإجراءات الجنائية قد رتبت على حضور المحكوم
عليه في غيبته أو القبض عليه قبل سقوط العقوبة بمضي المدة بطلان الحكم السابق
صدوره إلا أن إعادة نظر الدعوى أمام المحكمة في هذه الحالة لا يترتب عليه إهدار
الأقوال والشهادات التي تكون قد أبديت أمام المحكمة في المحاكمة الأولى بل إنها
تظل معتبرة من عناصر الدعوى شانها في ذلك شأن محاضر التحقيق الأولية وللمحكمة أن
تستند إليها في قضائها. ومن ثم فإن هذا النعي يكون في غير محله - لما كان ذلك،
وكان من المقرر أنه لا يوجد في القانون ما يمنع محكمة الجنايات عند إعادة محاكمة
المتهم الذي كان غائباً من أن تورد الأسباب ذاتها التي اتخذها الحكم الغيابي
الساقط أسباباً لحكمها ما دامت تصلح في ذاتها لإقامة قضائها بالإدانة. كما هو واقع
الحال في الدعوى المطروحة فإن النعي في هذا الخصوص يكون في غير محله. لما كان ما
تقدم جميعه فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.