الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 8 يوليو 2020

الطعن 2757 لسنة 32 ق جلسة 8 / 4 / 1963 مكتب فني 14 ج 2 ق 61 ص 306


جلسة 8 من إبريل سنة 1963
برياسة السيد المستشار/ السيد أحمد عفيفي، وبحضور السادة المستشارين: عادل يونس، وتوفيق الخشن، وأديب نصر، وحسين السركي.
-----------------
(61)
الطعن رقم 2757 لسنة 32 القضائية

استئناف. معارضة. بطلان.
استنفاد محكمة أول درجة ولايتها بالحكم في موضوع المعارضة بالتأييد. انتهاء المحكمة الاستئنافية إلى وقوع بطلان في الإجراءات أثر في الحكم. عليها أن تصحح البطلان وتحكم في الدعوى. قضاؤها بإعادة القضية إلى محكمة أول درجة للفصل في معارضة المتهم. مخالف للقانون المادة 419/ 1 من قانون الإجراءات الجنائية.

-------------------
متى كانت محكمة أول درجة قد استنفدت ولايتها بالحكم في موضوع المعارضة بالتأييد، وكان على المحكمة الاستئنافية وفقاًً للمادة 419/ 1 من قانون الإجراءات الجنائية - وقد رأت أن هناك بطلاناًً في الإجراءات أو في الحكم أن تقوم هي بتصحيح البطلان والحكم في الدعوى، فإن الحكم إذ قضى بإعادة الدعوى إلى محكمة أول درجة للفصل في المعارضة على خلاف حكم المادة 419 سالفة الذكر يكون قد أخطأ مما يتعين معه نقضه والإحالة.


الوقائع
اتهمت النيابة العامة المطعون ضده بأنه في يوم 10 أغسطس سنة 1960 بدائرة مركز دشنا "بدد الأشياء المبينة وصفاً وقيمة بالمحضر المحجوز عليها قضائياًً لصالح أنور محمد حسن والتي كانت قد سلمت إليه على سبيل الوديعة بصفته حارسا لحفظها وتقديمها في اليوم المحدد للبيع فاختلسها إضرارا بالدائن الحاجز". وطلبت عقابه بالمادتين 341، 342 من قانون العقوبات. ومحكمة دشنا الجزئية قضت غيابياًً بتاريخ 27 فبراير سنة 1961 عملاًً بمادتي الاتهام بحبس المتهم شهراً واحداً مع الشغل وكفالة 200 قرش لوقف التنفيذ. فعارض المحكوم عليه في هذا الحكم وقضى في معارضته بتاريخ 11 سبتمبر سنة 1961 بقبولها شكلاً وفى الموضوع برفضها وتأييد الحكم الغيابي المعارض فيه. فاستأنف المتهم هذا الحكم. ومحكمة قنا الابتدائية قضت فيه حضورياً بقبوله شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف وإعادة القضية لمحكمة أول درجة للفصل في المعارضة من جديد.
فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة
حيث إن النيابة العامة تنعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى ببطلان الحكم المستأنف القاضي بقبول المعارضة شكلاًًً ورفضها موضوعاًً وبتأييد الحكم المعارض فيه وبإعادة القضية إلى محكمة أول درجة للفصل في المعارضة من جديد قولاً منه بأن المتهم كان مريضاً عند نظر معارضته قد أخطأ في تطبيق القانون ذلك بأنه كان من المتعين على المحكمة الاستئنافية - وقد رأت أن هناك بطلاناًً في الحكم الابتدائي - أن تصححه وتحكم في الدعوى دون أن تعيدها إلى محكمة أول درجة أخذاً بحكم الفقرة الأولى من المادة 419 من قانون الإجراءات الجنائية.
وحيث إنه يبين من الاطلاع على الأوراق أن الدعوى الجنائية أقيمت على المطعون ضده بوصف أنه بدد المحجوزات المملوكة له والمحجوز عليها قضائياً لصالح أنور محمد حسن والتي سلمت إليه على وجه الوديعة للمحافظة عليها وتقديمها يوم البيع فاختلسها لنفسه إضراراً بالدائن الحاجز، وطلبت النيابة العامة معاقبته بالمادتين 341، 342 من قانون العقوبات. ومحكمة أول درجة قضت غيابياً بحبس المطعون ضده شهراً مع الشغل وكفالة 200 قرش لوقف التنفيذ. فعارض وحضر أول جلسة لنظر معارضته ثم تخلف في الجلسة التالية فقضت المحكمة بقبول المعارضة شكلاً ورفضها موضوعاً وبتأييد الحكم المعارض فيه. فاستأنف، وأمام المحكمة الاستئنافية دفع المطعون ضده بأنه كان مريضاً عند نظر معارضته وقدم شهادة مرضية المؤرخة في 9/ 9/ 1961 تفيد أنه مريض بالتهاب وتضخم بالكبد ويحتاج للراحة التامة للعلاج لمدة عشرين يوماً وقضت المحكمة بحكمها المطعون فيه بإلغاء الحكم المستأنف وإعادة القضية إلى محكمة أول درجة للفصل في المعارضة من جديد، لما كان ذلك، وكانت محكمة أول درجة قد استنفدت ولايتها بالحكم في موضوع المعارضة بالتأييد، وكان على المحكمة الاستئنافية وفقاً للمادة 419/ 1 من قانون الإجراءات الجنائية - وقد رأت أن هناك بطلاناً في الإجراءات أو في الحكم أن تقوم هي بتصحيح البطلان والحكم في الدعوى، فإن الحكم إذ قضى بإعادة الدعوى إلى محكمة أول درجة للفصل في المعارضة على خلاف حكم المادة 419 سالفة الذكر يكون قد أخطأ مما يتعين معه نقضه والإحالة إلى محكمة قنا الابتدائية لتحكم فيها مجدداً هيئة استئنافية أخرى.


مثل هذا المبدأ مقرر في الطعن رقم 2758 لسنة 32 ق - جلسة 8/ 4/ 1963 (لم ينشر) والطعن ق 2186 لسنة 32 ق - جلسة 4/ 2/ 1963 س 14 ع 1 ص 64.

الطعن 2198 لسنة 32 ق جلسة 9 / 4 / 1963 مكتب فني 14 ج 2 ق 63 ص 313


جلسة 9 من إبريل سنة 1963
برياسة السيد المستشار/ السيد أحمد عفيفي، وبحضور السادة المستشارين: عادل يونس، وتوفيق الخشن, وأديب نصر، وأحمد موافي.
----------------
(63)
الطعن رقم 2198 لسنة 32 القضائية

(أ) تزوير. "تزوير الأوراق الرسمية". "أركانه". "وثيقة الزواج".
التزوير في المحررات لا تكتمل أركانه إلا إذا وقع تغيير الحقيقة على بيان مما أعد المحرر لإثباته.
مناط العقاب على التزوير في وثيقة الزواج، هو أن يقع تغيير الحقيقة في إثبات خلو أحد الزوجين من الموانع الشرعية مع العلم بذلك. القول بأن الزوجة بكر لم يسبق لها الزواج. يستوي في النتيجة مع القول بأنها مطلقة طلاقاًً يحل به العقد الجديد. الأمران يلتقيان مع الواقع في الدلالة على خلو الزوجة من الموانع الشرعية عند العقد، إبرام العقد في وقت كان قد صدر فيه حكم نهائي بطلاق الزوجة لعدم الطعن عليه. انعقاده صحيحاً. لجوء الطاعن بعد ذلك إلى الطعن على حكم الطلاق. لا يغير من الأمر العبرة بوقت توثيق العقد.
(ب) غرفة الاتهام. "الطعن في أوامرها".
الطعن في الأوامر الصادرة من غرفة الاتهام أمام محكمة النقض. غير جائز. إلا لخطأ في تطبيق القانون. المادتان 195 و212 من قانون الإجراءات الجنائية. النعي على الأمر المطعون فيه - الصادر من الغرفة - بالقصور في التسبيب غير مقبول.

---------------------
1 - من المقرر أن التزوير في المحررات لا تكتمل أركانه إلا إذا كان تغيير الحقيقة قد وقع في بيان مما أعد المحرر لإثباته، وأن مناط العقاب على التزوير في وثيقة الزواج، هو أن يقع تغيير الحقيقة في إثبات خلو أحد الزوجين من الموانع الشرعية مع العلم بذلك. ولما كان القول بأن الزوجة بكر لم يسبق لها الزواج كما جاء بوثيقة الزواج يستوي في النتيجة مع القول بأنها مطلقة طلاقاً يحل به العقد الجديد ما دام الأمران يلتقيان مع الواقع في الدلالة على خلو الزوجة من الموانع الشرعية عند العقد، وكان الثابت أن عقد الزواج قد انعقد في وقت كان قد صدر فيه حكم بطلاق الزوجة وأصبح نهائياً بعدم الطعن فيه، مما يجعل البيان مطابقاً للواقع في نتيجته ويجعل بالتالي انعقاد العقد صحيحاً، ولا يغير من الأمر أن يكون الطاعن قد لجأ بعد ذلك إلى المعارضة في حكم الطلاق لأن العبرة إنما تكون بوقت توثيق العقد.
2 - من المقرر قانوناً أنه لا يجوز الطعن في القرار الصادر من غرفة الاتهام أمام محكمة النقض إلا لخطأ في تطبيق القانون، وذلك إعمالاً لنص المادة 195 و212 من قانون الإجراءات الجنائية. ومن ثم فلا يقبل من الطاعن أن ينعى على القرار المطعون فيه قصوره في التسبيب.  (1)


الوقائع
تتحصل وقائع هذا الطعن في أنه بتاريخ 11 أكتوبر سنة 1960 تقدم الطاعن بشكوى إلى النيابة العامة ضد المطعون ضدهم متهماًً إياهم بتزوير أوراق رسمية. فقررت النيابة العامة بعد التحقيق حفظ الشكوى إدارياً. فاستأنف الطاعن هذا القرار أمام غرفة الاتهام بمحكمة القاهرة الابتدائية التي أصدرت بتاريخ 9 مارس سنة 1961 أمراً بقبول الاستئناف شكلاً وفى الموضوع برفضه وبتأييد القرار المستأنف. فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض.... الخ.

المحكمة
حيث إن مبنى الطعن هو أن القرار المطعون فيه قد انطوى على خطأ في القانون وقصور في التسبيب ذلك أنه قضى بتأييد أمر الحفظ الذي أصدرته النيابة خطأ في شكوى الطاعن رغم قيام جريمة التزوير في وثيقة زواج المطعون ضدها الأولى من المطعون ضده الثاني لما ثبت بها على خلاف الحقيقة من أن الزوجة لم يسبق لها الزواج في حين أنها كانت زوجة له، وهذا الإقرار في وثيقة الزواج يعتبر من ناحية من الأقارير الرسمية التي يجب على من يقررها أن يتحرى الصدق لأن مركز المقر فيه كمركز الشاهد لا يمكن إثبات الحقيقة على وجهها الصحيح إلا عن طريقه ومن ناحية أخرى فهو من البيانات الجوهرية في وثيقة الزواج. كما انتهى القرار المطعون فيه إلى استبعاد شبهة التزوير على الرغم مما شاب إجراءات دعوى الطلاق والحكم فيها من بطلان يترتب عليه اعتبار المطعون ضدها الأولى في عصمة الطاعن إلى أن تم العقد المطعون فيه. ومن ثم تكون جريمة التزوير قائمة. ويقول الطاعن إن ما أورده القرار من عدم علم المتهمة بمحل إقامة الطاعن يخالف الثابت في الأوراق من علمها بذلك وقدرتها على التحري، كذلك ذهب القرار إلى أن الادعاء بتزوير الإعلان أمر تستقل به الجهة التي أصدرت الحكم وهو قول ينطوي على فهم خاطئ لدفاع الطاعن ذلك أنه أسس دفاعه على بطلان الإعلان دون التمسك بتزويره والبطلان مرده قاعدة قانونية عامة لا تنفرد بها محاكم الأحوال الشخصية، هذا إلى أن القرار المطعون فيه لم يعرض لما أثاره الطاعن بمذكرته المقدمة للغرفة حول جريمة التزوير.
وحيث إنه يبين من الأوراق ومن دعوى النفقة 1092 لسنة 1956 مصر القديمة للأحوال الشخصية التي اطلعت عليها هذه المحكمة أن الطاعن كان قد عقد على المطعون ضدها الأولى بتاريخ 15 من سبتمبر سنة 1955 بوثيقة شرعية ولم يدخل بها بإقراره في التحقيق ثم قام بين الزوجين نزاع غير الطاعن خلاله محل إقامته أكثر من مرة وقد رفعت المطعون ضدها الأولى دعوى نفقة أعقبتها دعوى الطلاق رقم 46 لسنة 1958 كلى مصر أحوال شخصية فصدر فيها حكم غيابي بتطليقها من الطاعن وأعلن هذا الحكم في مواجهة النيابة بتاريخ 16 من يوليو سنة 1958. ولما لم تحصل المعارضة فيه تم توثيق عقد الزواج الثاني في 10 من مارس سنة 1960. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن التزوير في المحررات لا تكتمل أركانه إلا إذا كان تغيير الحقيقة قد وقع على بيان مما سبق المحرر لإثباته وكان مناطق العقاب على التزوير في هذه الحالة هو أن يقع تغيير الحقيقة في إثبات خلو أحد الزوجين من الموانع الشرعية مع العلم بذلك، ولما كان القول بأن الزوجة بكر لم يسبق لها الزواج كما جاء بوثيقة الزواج وإن كان يستوي في النتيجة مع القول بأنها مطلقة طلاقاًًً يحل به العقد الجديد ما دام الأمران يلتقيان مع الواقع في الدلالة على خلو الزوجة من الموانع الشرعية عند العقد فإن عقد الزواج قد انعقد في وقت كان قد صدر فيه حكم بالطلاق وأصبح نهائياً بعدم الطعن فيه بما يجعل البيان مطابقاًًً للواقع في نتيجته ويجعل بالتالي انعقاد العقد صحيحاً ولا يغير من ذلك أن يكون الطاعن قد لجأ أخيراً إلى المعارضة في هذا الحكم لأن العبرة إنما تكون بوقت توثيق العقد. ولما كان الثابت من الأوراق أن المطعون ضدها قد أعلنت الطاعن بحكم الطلاق في مواجهة النيابة وكان القرار المطعون فيه قد انتهى في تقدير سليم وسائغ إلى أنه لم يثبت علم الزوجة بمحل إقامة الطاعن مستنداً في حدود سلطته التقديرية إلى ما استظهره التحقيق من ذلك مما ينتفي به سوء النية ويؤكد جدية الإجراءات المؤيدة فوق ما سبق بما تبين من أن إعلان حكم الطلاق ثم في 16 من يوليو سنة 1958 وأن الزواج الجديد لم يعقد إلا في 10 مارس سنة 1960 لما كان ذلك، وكان لا يقبل من الطاعن أن ينعى على القرار المطعون فيه قصوره في التسبيب لما هو مقرر في المادتين 195، 212 من قانون الإجراءات الجنائية من عدم جواز الطعن في القرار الصادر من غرفة الاتهام أمام محكمة النقض إلا لخطأ في تطبيق القانون وهو منتف في واقعة الدعوى. لما كان ما تقدم، فإن الطعن في موضوعه يكون قائماً على غير أساس واجباً رفضه.


(1) المادتين 195 و212 من قانون الإجراءات الجنائية عدلتا بالقانون رقم 107 لسنة 1962 الصادر في 17/ 6/ 1962.

الطعن 3068 لسنة 32 ق جلسة 9 / 4 / 1963 مكتب فني 14 ج 2 ق 64 ص 317


جلسة 9 من إبريل سنة 1963
برياسة السيد المستشار/ السيد أحمد عفيفي، وبحضور السادة المستشارين: عادل يونس، وتوفيق الخشن, وأديب نصر، وأحمد موافي.
----------------
(64)
الطعن رقم 3068 لسنة 32 القضائية

(أ) شيك. "طبيعته".
طبيعة الشيك: أداة وفاء، تجري مجرى النقود. اقتضاء ذلك أن يكون تاريخ السحب هو نفسه تاريخ الوفاء. التأشير على الشيك باستنزال ما دفع من قيمته الأصلية. حملة بذلك لتاريخين. فقدانه مقوماته كأداة وفاء. انقلابه إلى أداة ائتمان. خروجه عن نطاق تطبيق المادة 337 عقوبات. إدانة الحكم الطاعن على أساس مغاير لهذا الفهم. خطأ يستوجب نقضه وتبرئة المتهم.
(ب) دعوى مدنية. "ولاية المحكمة الجنائية بنظرها". اختصاص.
الأصل أن ترفع دعاوى الحقوق المدنية إلى المحاكم المدنية. أباح القانون استثناء رفعها إلى المحكمة الجنائية. شرط ذلك: أن تكون تابعة للدعوى الجنائية، وأن يكون الحق المدعى به ناشئاً عن ضرر وقع للمدعى من الجريمة المرفوعة بها الدعوى الجنائية ثبوت أن الضرر ليس ناشئاًً عن الجريمة أو كان أساسه منازعة مدنية لا شبهة فيها. سقوط الإباحة، وزوال اختصاص المحكمة الجنائية بنظر الدعوى المدنية. القضاء بالبراءة في هذه الحالة يلزم عنه القضاء بعدم اختصاص المحكمة الجنائية بنظر الدعوى المدنية.

----------------
1 - طبيعة الشيك كأداة وفاء تقتضى أن يكون تاريخ السحب هو نفسه تاريخ الوفاء، بمعنى أن يكون مستحق الأداء بمجرد الاطلاع عليه بغض النظر عن وقت تحريره. وإذ كان الشيك بعد التأشير عليه باستنزال ما دفع من قيمته الأصلية قد حمل تاريخين فقد فَقَدَ بذلك منذ هذه اللحظة وإلى - حين تقديمه للبنك - مقوماته كأداة وفاء تجري مجرى النقود وانقلب إلى أداة ائتمان، فخرج بذلك من نطاق تطبيق المادة 337 من قانون العقوبات التي تسبغ حمايتها على الشيك بمعناه المعرف به قانوناً، ومن ثم يكون الحكم الطعون فيه مخطئا حين دان الطاعن على أساس مغاير لهذا الفهم، ويتعين لذلك نقضه وتبرئة الطاعن.
2 - الأصل في دعاوى الحقوق المدنية أن ترفع إلى المحاكم المدنية، وإنما أباح القانون استثناء رفعها إلى المحكمة الجنائية متى كانت تابعة للدعوى الجنائية وكان الحق المدعى به ناشئاًً عن ضرر وقع للمدعي من الجريمة المرفوعة بها الدعوى الجنائية، فإذا لم يكن الضرر الذي لحق به ناشئاً عن هذه الجريمة أو كان أساسه منازعة مدنية لا شبهة فيها من بادئ الأمر، سقطت تلك الإباحة وزال معها اختصاص المحكمة الجنائية بنظر الدعوى المدنية، ومن ثم فإن القضاء بالبراءة يلزم عنه القضاء بعدم اختصاص المحكمة الجنائية بنظر الدعوى المدنية.


الوقائع
أقام المدعى بالحق المدني هذه الدعوى بطريق الادعاء المباشر أمام محكمة روض الفرج الجزئية ضد الطاعن بوصف أنه بتاريخ 31 أكتوبر سنة 1961 بدائرة قسم روض الفرج "أعطى المدعى بالحق المدني شيكاً لا يقابله رصيد قائم وقابل للسحب" - وطلب عقابه بالمادتين 336 و337 من قانون العقوبات وإلزامه بأن يدفع له قرشاًً صاغاً واحداً على سبيل التعويض المؤقت. والمحكمة المذكورة قضت حضورياًًً بتاريخ 7 من أكتوبر سنة 1962 عملاً بمادتي الاتهام: أولاً - بحبس المتهم شهراً مع الشغل وكفالة مائة قرش لوقف التنفيذ وثانياً - بإلزامه بأن يدفع للمدعي بالحق المدني مبلغ قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المدني المؤقت وألزمت المتهم المصاريف المدنية ومائة قرش مقابل أتعاب المحاماة ورفضت ما عدا ذلك من الطلبات. فاستأنف المتهم هذا الحكم. ومحكمة القاهرة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بتاريخ 25 نوفمبر سنة 1962 بقبول الاستئناف شكلاً وفى الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف. فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض.... الخ

المحكمة
حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى بتأييد الحكم الابتدائي ودانه بجريمة إصدار شيك بدون رصيد وألزمه بالتعويض المؤقت للمطعون ضده - المدعى بالحقوق المدنية - قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه قصور في التسبيب ذلك بأن الطاعن بعد أن سدد إلى المطعون ضده جزءاً من القيمة الأصلية للشيك في اليوم التالي لتاريخ استحقاقه واستنزله هذا الأخير على الشيك ذاته، فإنه بذلك يكون الشيك قد فقد صفته وأصبح مجرد سند مديونية مدنية ولا يترتب على تقديمه إلى البنك المسحوب عليه في تاريخ لاحق أية مسئولية جنائية، وقد تمسك الطاعن بهذا الدفاع وبتسديده باقي قيمة الشيك وتخالصه مع المطعون ضده ونزوله عن دعواه، ومع ذلك فقد أغفل الحكم المطعون فيه الرد على ذلك مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى في قوله: "إن المدعي بالحق المدني حرك الدعوى الجنائية بإعلان تاريخ 5/ 6/ 1962 طلب في ختامه الحكم بتوقيع العقوبة الجنائية المنصوص عليها في المادة 337 ع وذلك لأنه في يوم 31/ 7/ 1961 بدائرة قسم روض الفرج أصدر شيكاً بدون رصيد مع علمه بذلك إضراراً به وبسوء نية مع إلزام المتهم (الطاعن) بأن يدفع له مبلغ قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت والمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة وشمول الحكم بالنفاذ المعجل وبلا كفالة، وقال شرحاً لدعواه إن المتهم حرر له شيكاً بمبلغ عشرة جنيهات على بنك مصر فرع الجيزة ولما قدمه للبنك أشار بالرجوع على الساحب وتبين من الاطلاع على الشيك موضوع الدعوى أنه صدر بتاريخ 31/ 3/ 1961 لصالح المدعي بالحق المدني على بنك مصر فرع الجيزة بمبلغ عشرة جنيهات ومرفق به إفادة من البنك بالرجوع على الساحب لعدم وجود رصيد له. ومن حيث إن التهمة ثابتة قبل المتهم من الشيك آنف الذكر والموقع عليه بإمضاء المتهم ومن إفادة البنك سالفة الذكر ومن عدم دفع المتهم للتهمة بأي دفاع مقبول ومن ثم فعقابه ينطبق على المادتين 336، 337 عقوبات....." وبعد أن عرض الحكم للدعوى المدنية انتهى إلى إجابة المدعى بالحقوق المدنية إلى طلبه وإدانة الطاعن في الدعوى الجنائية. لما كان ذلك، وكان يبين من الاطلاع على المفردات التي أمرت المحكمة بضمها تحقيقاً للطعن أن الشيك - موضوع الدعوى - مؤرخ في 31 من مارس سنة 1961 ومسحوب على بنك مصر فرع الجيزة بمبلغ عشرة جنيهات لأمر المطعون ضده "شفيق صبري" ومؤشر على ظهر الشيك بعبارة "4 ج تنزيل في 1/ 4/ 1961 من أصل المطلوب"، وألصق به إفادة بنك مصر بتاريخ 17/ 7/ 1961 الموضح بها سبب رفض الشيك وهو الرجوع على الساحب لعدم وجود حساب طرف البنك. وقد قدم الطاعن حافظة بمستنداته - في المرحلة الاستئنافية - بجلسة 25 من نوفمبر سنة 1962 تضمنت إيصالاً يحمل إمضاء "شفيق صبري" بتاريخ 1/ 4/ 1961 دالا على استلامه مبلغ أربعة جنيهات من حسابه طرف الطاعن كما ضمت مخالصة أخرى مؤرخة في 12/ 10 - دون إثبات تاريخ السنة - تحمل توقيع "شفيق صبري" تفيد استلامه مبلغ ستة جنيهات باقي قيمة الشيك المرفوع به الدعوى وتخالصه مع الطاعن وعدم أحقيته في الرجوع عليه بشيء مستقبلاًً. لما كان ذلك، وكانت طبيعة الشيك كأداة وفاء تقتضى أن يكون تاريخ السحب هو بنفسه تاريخ الوفاء بمعنى أن يكون مستحق الأداء بمجرد الاطلاع عليه بغض النظر عن وقت تحريره - وكان الثابت من الأوراق أن الشيك موضوع الدعوى - قد ظل في يد المستفيد إلى أن أشر عليه في يوم 1/ 4/ 1961 وهو اليوم التالي لتاريخ الاستحقاق المثبت به "31/ 3/ 1961" باستنزال أربعة جنيهات من قيمته البالغ قدرها عشرة جنيهات وأن الشيك لم يقدم إلى مقر المركز الرئيسي لفرع البنك المسحوب عليه إلا بتاريخ 17/ 7/ 1961. وإذا كانت الورقة بعد التأشير عليها باستنزال ما دفع من قيمتها الأصلية قد حملت تاريخين فقد فقدت بذلك منذ هذه اللحظة وإلى - حين تقديمها للبنك - مقوماتها كأداة وفاء تجرى مجرى النقود وانقلبت إلى أداة ائتمان فخرجت بذلك من نطاق تطبيق المادة 337 من قانون العقوبات التي تسبغ حمايتها على الشيك بمعناه المعرف به قانوناً، ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه مخطئاً حين دان الطاعن على أساس مغاير لهذا الفهم، ويتعين لذلك نقضه وتبرئة الطاعن بغير حاجة إلى بحث سائر ما يثيره في أوجه طعنه. ولما كانت تبرئة الطاعن على أساس أن الفعل الذي تحركت به الدعوى الجنائية لا يكون جريمة بل هو في @حقيقته لا يعدو أن يكون منازعة مدنية ألبست ثوب الجريمة على غير سند من القانون. وكان الأصل في دعاوى الحقوق المدنية أن ترفع إلى المحاكم المدنية وإنما أباح القانون استثناء رفعها إلى المحكمة الجنائية متى كانت تابعة للدعوى الجنائية وكان الحق المدعى به ناشئاً عن ضرر وقع للمدعي من الجريمة المرفوعة بها الدعوى الجنائية، فإذا لم يكن الضرر الذي لحق به ناشئاًًً عن هذه الجريمة أو كان أساسه منازعة مدنية لا شبهة فيها من بادئ الأمر، سقطت تلك الإباحة وزال معها اختصاص المحكمة الجنائية بنظر الدعوى المدنية، ومن ثم فإن القضاء بالبراءة يلزم عنه القضاء بعدم اختصاص المحاكم الجنائية بنظر الدعوى المدنية وذلك بغير حاجة إلى التصدي لما يثيره الطاعن في شأن تخالصه مع المطعون ضده ونزول هذا الأخير عن دعواه. لما كان ما تقدم، فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه وبراءة الطاعن والقضاء بعدم اختصاص المحاكم الجنائية بالفصل في الدعوى المدنية وإلزام المطعون ضده المصاريف المدنية.

الطعن 828 لسنة 33 ق جلسة 30 / 12 / 1963 مكتب فني 14 ج 3 ق 183 ص 1003


جلسة 30 من ديسمبر سنة 1963
برياسة السيد/ محمد متولي عتلم نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: مختار رضوان ومحمد صبري، ومحمد محمد محفوظ، ومحمد عبد المنعم حمزاوي.
----------
(183)
الطعن رقم 828 لسنة 33 القضائية

(أ، ب) حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". محكمة جنايات. محاكمة. "إجراءاتها".
(أ ) حضور المحكوم عليه غيابياً من محكمة الجنايات أو القبض عليه قبل سقوط العقوبة بمضي المدة. أثره: بطلان الحكم الغيابي. إعادة نظر الدعوى أمام المحكمة لا يترتب عليه إهدار الأقوال والشهادات التي أبديت في المحاكمة الأولى. اعتبارها من عناصر الدعوى. للمحكمة الاستناد إليها في قضائها.
(ب) لمحكمة الجنايات عند إعادة محاكمة المتهم المحكوم في غيبته أن تورد الأسباب ذاتها التي اتخذها الحكم الغيابي الساقط أسباباً لحكمها. ما دامت تصلح في ذاتها لإقامة قضائها بالإدانة.
(ج) حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". اختصاص. نيابة عامة.
استناد الحكم إلى أقوال أدلى بها أحد المتهمين أمام النيابة التي ضبط في دائرة اختصاصها. لا يعيبه. ولو كانت الجريمة قد ارتكبت في مكان آخر خارج عن دائرة هذا الاختصاص. علة ذلك: ضبط المتهم في دائرة اختصاص هذه النيابة يسبغ عليها ولاية استجوابه.
(د، هـ) حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
)د) للمحكمة في سبيل تكوين عقيدتها الأخذ بأقوال الشاهد أو المتهم في أي مرحلة من مراحل الدعوى متى اطمأنت إليها. لها الأخذ من أقواله بما تثق به واطراح ما عداها.
(هـ) التناقض بين أقوال الشهود أو المتهمين. لا يعيب الحكم. ما دام قد استخلص الإدانة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً.

-----------------
1 - رتبت المادة 395 من قانون الإجراءات الجنائية على حضور المحكوم عليه في غيبته أو القبض عليه قبل سقوط العقوبة بمضي المدة بطلان الحكم السابق صدوره، إلا أن إعادة نظر الدعوى أمام المحكمة في هذه الحالة لا يترتب عليه إهدار الأقوال والشهادات التي تكون قد أبديت في المحاكمة الأولى بل أنها تظل معتبرة من عناصر الدعوى شأنها في ذلك شأن محاضر التحقيق الأولية للمحكمة أن تستند إليها في قضائها.
2 - من المقرر أنه لا يوجد في القانون ما يمنع محكمة الجنايات عند إعادة محاكمة المتهم الذي كان غائباً من أن تورد الأسباب ذاتها التي اتخذها الحكم الغيابي الساقط أسباباً لحكمها، ما دامت تصلح في ذاتها لإقامة قضائها بالإدانة.
3 - لا ينال من سلامة الحكم استناده إلى أقوال أدلى بها أحد المتهمين أمام النيابة التي ضبط في دائرة اختصاصها ولو كانت الجريمة قد ارتكبت في مكان خارج عن دائرة هذا الاختصاص. ذلك لأن ضبط المتهم في دائرة اختصاص هذه النيابة يسبغ عليها ولاية استجوابه ويجعل من اختصاصها سماع أقواله عملاً بنص المادة 217 من قانون الإجراءات الجنائية.
4 - من المقرر أن للمحكمة في سبيل تكوين عقيدتها أن تأخذ بأقوال الشاهد أو المتهم في أي مرحلة من مراحل الدعوى متى اطمأنت إليها، وتأخذ من أقواله بما تثق به وتطرح ما عداها.
5 - التناقض بين أقوال الشهود أو المتهمين - بفرض وجوده - لا يعيب الحكم ما دام قد استخلص الإدانة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه.


الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه في ليلة 24 سبتمبر سنة 1959 بدائرة مركز شبين الكوم مديرية المنوفية: وآخرين سبق الحكم عليهم بتاريخ 14 فبراير سنة 1961 سرقوا مبالغ النقود الذهبية والورقية والسلاحين والذخيرة والحقيبتين والأوراق والأشياء المبينة بالمحضر لعبد الحميد حجازي عمر بطريق الإكراه الواقع عليه وعلى كل من زوجته السيدة دولت على عمر وتابعه محمد عبد الفتاح عرفه بأن توجهوا إلى منزل المجني عليه حاملين فيما عدا أو لهم أسلحة نارية وهددوه وزوجته وتابعه المذكورين بها إن هم قاوموا أو استغاثوا كما استولى المتهم الأول على بندقية المجني عليه وساهم بواسطتها في تهديد المذكورين ودفع أحدهم السيدة دولت على عمر لما اعترضت سبيلهم فسقطت على الأرض وضرب المتهم التاسع المجني عليه محمد عبد الفتاح عرفه بسوط كان يحمله قاصداً إرغامه على فتح خزانة المجني عليه الأول مما ترك به آثار الجروح المبينة بالتقرير الطبي وتمكنوا بذلك من الاستيلاء على المسروقات والفرار بها. وطلبت من غرفة الاتهام إحالته على محكمة الجنايات لمحاكمته بالمواد 40/ 2 - 3، 41، 314/ 2 من قانون العقوبات. فقررت الغرفة ذلك. وادعى بحق مدني كل من السيدة دولت على عمر والدكتور عبد الرحمن حجازي عمر. وطلبا الحكم لهما قبل المتهم بمبلغ قرش صاغ تعويضاً مؤقتاً. ومحكمة جنايات شبين الكوم قضت حضورياً بتاريخ 25 يناير سنة 1962 عملاً بالمادة 314/ 1 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالإشغال الشاقة لمدة خمس عشرة سنة وبإلزامه بأن يؤدى للمدعيين بالحق المدني مبلغ قرش صاغ واحد على سبيل التعويض والمصاريف المدنية. فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.

المحكمة
حيث إن الحكم المطعون فيه - إذ دان الطاعن بجريمة سرقة بإكراه قد شابه قصور وتخاذل في الأسباب وفساد في الاستدلال - ذلك بأنه على الرغم من أن الحكم الغيابي قد صدر بمعاقبة من اسمه "محمد الطلباوى الشهير بمحمد الصغير" دون بيان الجهة التي يقيم بها إلا أنه قبض على الطاعن على أن اسمه "محمد صالح السيد حسن" وأعيدت الإجراءات في مواجهته وصدر ضده الحكم المطعون فيه مستنداً في ذلك إلى تقرير مقدم من ضابط المباحث وإلى بعض قضايا جنائية اتهم فيها الطاعن مرة باسم محمد صالح السيد الطلياوى وأخرى باسم محمد على صالح الطلباوى في حين أن الطاعن شخص آخر خلاف المتهم الحقيقي الذي ساهم في هذه الجناية ولم تلتفت المحكمة إلى المستندات المقدمة منه والتي تقطع بحقيقة شخصيته - كما أن ما ورد في هذه القضايا الجنائية من اسمين نسبا إلى الطاعن لا يؤدى حتماً إلى أن الطاعن هو بالذات من ساهم في الجناية المذكورة هذا فضلاً عن أن اسم محمد الطلباوى ومحمد الصغير وإن كانا قد وردا على لسان المتهمين "سامي مجلع العبد ووحيد الدين إبراهيم حسن" إلا أنه عندما عرض الطاعن أمام المحكمة على المتهم "سامي مجلع العبد" قرر هذا الأخير بأنه شخص آخر خلاف المتهم الحقيقي الذي ساهم معهم في ارتكاب جناية السرقة بالإكراه سالفة البيان ولم تعرض المحكمة الطاعن على المتهم الآخر "وحيد الدين إبراهيم حسن" لأنه عدل عن أقواله التي أدلى بها أمام نيابة شمال القاهرة يضاف إلى ذلك أن الحكم المطعون فيه عول في قضائه بإدانة الطاعن على أقوال المتهم "وحيد الدين إبراهيم حسن" أمام نيابة شمال القاهرة. مع أن التحقيق الذي أجرته هذه النيابة باطل لأنها غير مختصة بإجرائه لان الاختصاص قد انعقد لنيابة شبين الكوم التي وقع الحادث في دائرة اختصاصها والتي كانت قد باشرت التحقيق في الجريمة فعلاً. هذا فضلاً عن أن هذا المتهم عدل عن أقواله الأولى وقال بأن ما أدلى به أمام نيابة شمال القاهرة كان تحت تأثير إكراه وقع عليه من ضابط المباحث بتلفيق قضية مخدرات ضده. ومع ذلك فلم تستدعه المحكمة لمناقشته في حقيقة شخصية الطاعن، وأخيراً فإن الهيئة التي أصدرت الحكم المطعون فيه أهدرت ما أجرته من تحقيقات بمعرفتها وعولت في قضائها على ما قاله الشهود أمام الهيئة التي أصدرت الحكم الغيابي كما أن الحكم المطعون فيه نقل جزءاً كبيراً من الحكم الغيابي وهذا جميعه يعيب الحكم المطعون فيه ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه - بين واقعة الدعوى في قوله "إن المرحوم عبد الحميد حجازي عمر الذي كان يقيم بعزبته التابعة لبلدة كوم الراهب مركز شبين الكوم محافظة المنوفية اشتهر عنه أنه من الأثرياء الذين يحتفظون بأموالهم معهم الأمر الذي أطمع في سرقته مما جعل المتهمون يدبرون أمر اختلاس هذه الثروة منه واتفقوا على مهاجمته في عزبته واعدوا أسلحة نارية للتهديد بها لتسهيل السرقة كما أعدوا سيارة للوصول بها إلى العزبة وهى سيارة المتهم الثامن "عادل محمد حسان" الذي قادها ليلة 24/ 9/ 1959 ومعه جميع المتهمين عدا المتهم الأخير متجهين إلى العزبة وأوقفوا السيارة بداخلها وظل المتهم الثامن بالسيارة بعد أن حول اتجاها إلى خارج العزبة وظل محركها دائراً حتى يسهل على الجناة أمر الفرار ثم قطعوا الاتصال التليفوني الخارجي مع العزبة واتجهوا صوب منزل المجني عليه وكان المتهم الثاني وحيد الدين إبراهيم حسن يشهر مسدسه وفى الطريق إلى المسكن قابلهم كاتب العزبة محمد عبد الفتاح فأمسكه المتهم السادس عبد السميع محمد على دراز واستفسره عن مكان وجود المجني عليه فأخبر أنه بداخل منزله فوزع المتهمون أنفسهم للمراقبة ودخل منهم إلى المسكن كل من المتهمين الأول سامي مجلع العبد والثالث عبد القادر عبد الواحد خليفة والسابع عبد الستار عبد الغنى نوفل والتاسع غريب محمد الشهير بحامد العبد وتبعهم المتهم الثالث وحيد الدين إبراهيم حسن منتحلاً صفة أحد الضباط ولما وصلوا إلى غرفة المجني عليه وجدوه بها مع زوجته وأفهمه المتهم التاسع أنهم من رجال المباحث وقد حضروا لضبط أسلحة ومنشورات فأجابهم المجني عليه بأنه مرخص له بحمل بندقيته وهى بداخل الغرفة فاستولى عليها المتهم الأول كما استولى هؤلاء الجناة على مفاتيح خزانة المجني عليه وكانت أسفل وسادته وكذلك على مسدس وطلبوا من كاتب العزبة أن يرشدهم إلى الغرفة التي بها خزانة المجني عليه فلما تراخى ضربه المتهم التاسع غريب محمد الشهير بحامد العبد بسوط ففتح الخزانة واستولى هؤلاء الجناة على ما بها من نقود قال المجني عليه إنها حوالي الخمسة عشر ألفاً من الجنيهات وسبعين جنيهاً ذهبياً وكانت النقود الورقية بحقيبة كما استولوا على أوراق أخرى وحقيبة بها أوراق كانت بغرفة المجني عليه ثم استقل الجناة العشرة الأول السيارة بعد أن ركب بها من كان منهم بالخارج للمراقبة وهربوا حاملين المسروقات إلى مقر المتهم الأخير ببلدة إكياد دجوى حيث استولى كل منهم على نصيبه من المسروقات وأحرقوا بعض الأوراق وأخفى المتهم الأخير نصيبه من المسروقات في مكان قريب من مسكنه وانصرف كل من المتهمين حاملاً ما أصابه من نقود نتيجة اقترافه ومساهمته في السرقة وأورد الحكم على ثبوت الواقعة في حق الطاعن أدلة مستمدة من اعترافات المتهمين سامي مجلع العبد ووحيد الدين إبراهيم حسن بمحاضر تحقيقات النيابة من أقوال شهود الإثبات وما ثبت من التقرير الطبي الخاص بفحص كاتب العزبة من وجود إصابات بجسمه ثم رد الحكم على ما أثاره الدفاع بجلسة المحاكمة من أن الطاعن لا صلة له بهذه الجناية وأنه شخص آخر خلاف المتهم الحقيقي فيها في قوله "وبما أن المحكمة ترى أن أوراق الدعوى كلها تشير بوضوح إلى أن المتهم الحالي هو الذي عناه المتهمان الأول والثاني سامي مجلع العبد ووحيد الدين إبراهيم حسن في التحقيقات يؤكد ذلك الأمور التالية: أولاً - قرر المتهم الأول أن المتهم الحالي يدعى محمد الصغير وكان يرافق دائماً حامد العبد وقد قرر باشتراكه في الحادث عند بدء استجوابه بمحضر تحقيق النيابة وظل على هذا القول طوال تحقيقات النيابة وإن عدل عن اعترافه وأقواله السابقة بجلسة المحاكمة وهذا القول من جانبه في وصف المتهم الحالي يؤيد بأن عمر المتهم حسب الثابت من الأوراق وعلى الأخص بطاقته الشخصية وشهادة ميلاده قرابة الخمس وعشرين سنة وهو أصغر المتهمين سناً فلا غرو إن قال إنه يدعى محمد الصغير فضلاً عن أن عمدة بلدة كفر الزيات قرر بمحضر التحريات السابق الإشارة والتي تقتنع بها المحكمة أن هذا المتهم كان يصاحب دائماً حامد الجيزاوي وهو حامد العبد ذلك لأنه ثبت من تحقيقات الجناية الحالية أن حامد العبد هذا من بلدة نزلة البطران التابعة لمركز الجيزة والتي تقيم بها والدته نعيمة سيد زيد التي سئلت بالتحقيقات وهوجم منزلها بهذه العزبة بمعرفة الضابط فاروق عبد الوهاب طبقاً للمحضر المؤرخ 16/ 10/ 1959 المرفق بالأوراق والذي أثبت أنه عثر به على راديو جديد وملابس جديدة وطبنجة بالقفطان الخاص به عيار 6.35 ضبطها الضابط على ذمة القضية هي والراديو كما أثبت الضابط أيضاً أن مظاهر الثراء ظهرت على هذا المتهم إذ اشترى منزلاً من محمد سيد أحمد أبو عقيلة بمبلغ 260 جنيهاً في اليوم السابق على ضبطه. ثانياً - ما ثبت على لسان المتهم الثاني وحيد الدين إبراهيم حسن عند اعترافه أمام نيابة شمال القاهرة السابق تفصيله من أن اسم هذا المتهم هو محمد الطلياوى وقد ثبت أن المتهم تسمى بهذا الاسم عند سؤاله في الجناية رقم 3180 سنة 1960 منوف كما تسمى به في الجنحة رقم 1658 سنة 1956 قليوب والجنحة المستأنفة 442 سنة 1956 بنها ولم يقل فيها إن اسمه محمدي صالح سيد وقد وجه له الاتهام في كل من الجنحة والجناية السابق الإشارة إليها فقرر في الجنحة أن اسمه محمد صالح السيد الطلياوى وفى الجناية أن اسمه محمد على صالح الطلباوى". وقد خلص الحكم بعد ذلك إلى قوله "إن المتهم الحالي بالذات هو في اقتناع المحكمة من الأسباب السابقة - المتهم الذي عناه المتهمان الأول والثاني سامي مجلع العبد ووحيد الدين إبراهيم حسن عند اعترافهما بمحاضر تحقيق النيابة" لما كان ما تقدم، وكان الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة عناصر الجريمة التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة من شانها أن تؤدى إلى ما رتب عليها كما أورد الأدلة على أن الطاعن له اسما شهرة هما محمد الطلياوى ومحمد الصغير بما استخلصه من أقوال المهمين سامي مجلع العبد ووحيد الدين إبراهيم حسن في التحقيقات وما ثبت من الاطلاع على قضية الجنحة رقم 2858 سنة 1956 قليوب واستئنافها وعلى قضية الجناية رقم 3180 سنة 1961 منوف واللتين كان الطاعن متهماً فيهما وليس فيما ذهب إليه الحكم في هذا الخصوص ما يتعارض مع الثابت بالأوراق المقدمة من الطاعن. ولما كان من المقرر أن للمحكمة وهى في سبيل تكوين عقيدتها أن تأخذ بأقوال الشاهد أو المتهم في أي مرحلة من مراحل الدعوى متى اطمأنت إليها وتأخذ من أقواله بما تثق به وتطرح ما عداها وكان التناقض بين أقوال الشهود أو المتهمين بفرض وجوده لا يعيب الحكم ما دام قد استخلص الإدانة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً بما لا تناقض فيه - لما كان ذلك، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشق من الطعن يكون في غير محله.
ولما كان ما ينعاه الطاعن من بطلان الدليل المستمد من أقوال المتهم وحيد الدين إبراهيم حسن التي عول الحكم عليها في إدانته للطاعن لإدلائه بها أمام نيابة شمال القاهرة لوقوع الجريمة خارجاً عن اختصاصها. فمردود بأنه لا ينال من سلامة الحكم استناده إلى أقوال أدلى بها أحد المتهمين أمام النيابة التي ضبط في دائرة اختصاصها ولو كانت الجريمة قد ارتكبت في مكان آخر خارج عن دائرة هذا الاختصاص ذلك لأن ضبط المتهم في دائرة اختصاص هذه النيابة يسبغ عليها ولاية استجواب المتهم ويجعل من اختصاصها سماع أقواله عملاً بنص المادة 217 من قانون الإجراءات الجنائية - ولذلك لا يكون محضر التحقيق الذي أجرته نيابة شمال القاهرة مشوباً بالبطلان ويجوز الاستدلال بما أثبت فيه أما ما ينعاه الطاعن على الحكم لاستناده على أقوال المتهم وحيد الدين إبراهيم حسن أمام نيابة شمال القاهرة في حين أنه عدل عنها بدعوى أن إكراها وقع عليه من ضابط المباحث بتلفيق قضية مخدرات له كما أن المحكمة لم تستدعه لمناقشته في حقيقة شخصية الطاعن - هذا النعي لا يعيب الحكم أو ينال من سلامته لأنه متى أخذت محكمة الموضوع بأقوال المتهم المذكور في تلك التحقيقات فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد ينطوي على مصادرة لحرية المحكمة الأساسية في وزن عناصر الإثبات المختلفة وتقديرها على الوجه الذي يرتاح إليه ضميرها - كما أن عدم استدعاء وحيد الدين إبراهيم حسن لعرض الطاعن عليه لا يعيب الحكم ما دام أنه عدل عن اعترافه. يضاف إلى ذلك أن الطاعن لم يطلب من المحكمة اتخاذ هذا الإجراء فليس له أن ينعى على الحكم عدم القيام بإجراء لم يطلب منها. لما كان ما تقدم، وكان ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه من إهداره للتحقيقات التي أجرتها الهيئة التي أصدرت الحكم وتعويله على ما قاله الشهود أمام الهيئة التي أصدرت الحكم الغيابي ونقله جزءاً كبيراً من الحكم الغيابي في مدوناته مردوداً بأن المادة 395 من قانون الإجراءات الجنائية قد رتبت على حضور المحكوم عليه في غيبته أو القبض عليه قبل سقوط العقوبة بمضي المدة بطلان الحكم السابق صدوره إلا أن إعادة نظر الدعوى أمام المحكمة في هذه الحالة لا يترتب عليه إهدار الأقوال والشهادات التي تكون قد أبديت أمام المحكمة في المحاكمة الأولى بل إنها تظل معتبرة من عناصر الدعوى شانها في ذلك شأن محاضر التحقيق الأولية وللمحكمة أن تستند إليها في قضائها. ومن ثم فإن هذا النعي يكون في غير محله - لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه لا يوجد في القانون ما يمنع محكمة الجنايات عند إعادة محاكمة المتهم الذي كان غائباً من أن تورد الأسباب ذاتها التي اتخذها الحكم الغيابي الساقط أسباباً لحكمها ما دامت تصلح في ذاتها لإقامة قضائها بالإدانة. كما هو واقع الحال في الدعوى المطروحة فإن النعي في هذا الخصوص يكون في غير محله. لما كان ما تقدم جميعه فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

الطعن 951 لسنة 33 ق جلسة 30 / 12 / 1963 مكتب فني 14 ج 3 ق 184 ص 1011


جلسة 30 من ديسمبر سنة 1963
برياسة السيد المستشار/ عادل يونس، وبحضور السادة المستشارين: أديب نصر، وحسين صفوت السركي، وأحمد موافي، ومحمد عبد الوهاب خليل.
-------------
(184)
الطعن رقم 951 لسنة 33 القضائية

تلبس. مأمور الضبط القضائي.
حالة التلبس. قيامها: وجوب تحقق مأمور الضبط القضائي من قيام الجريمة، بمشاهدتها بنفسه أو إدراكها بإحدى حواسه. تلقى نبأها عن طريق الرواية أو النقل عن الشهود. لا يغني عن ذلك. طالما أن تلك الحالة قد انتهت بتماحي آثار الجريمة والشواهد التي تدل عليها.

--------------
حالة التلبس أن يتحقق مأمور الضبط القضائي من قيام الجريمة بمشاهدتها بنفسه أو إدراكها بإحدى حواسه، ولا يغنيه عن ذلك أن يتلقى نبأها عن طريق الرواية أو النقل عن الشهود، طالما أن تلك الحالة قد انتهت بتماحى آثار الجريمة والشواهد التي تدل عليها.


الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه في يوم 26/ 5/ 1961 بدائرة مركز قوص محافظة قنا: أولاً - أحرز السلاح الناري المبين بالمحضر "مسدسا" بغير ترخيص. ثانياً - أحرز الذخيرة المبينة بالمحضر "طلقات" لسلاح ناري لم يرخص له بحمله - وأحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته بالمواد 6 و26/ 2 و4 و30 من المرسوم بقانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانون رقم 546 لسنة 1954 والجدول رقم 3 القسم الأول. ولدى نظر الدعوى أمام محكمة جنايات قنا دفع الحاضر مع المتهم ببطلان التفتيش وما تلاه من إجراءات. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً بتاريخ 19 مارس سنة 1962 عملاً بمواد الاتهام مع تطبيق المادتين 17 و32/ 2 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة لمدة ثلاث سنوات وبمصادرة المضبوطات وقد ردت المحكمة في أسباب حكمها على الدفع قائلة بأنه على غير أساس متعيناً إطراحه. فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.

المحكمة
حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمتي إحراز السلاح والذخيرة بغير ترخيص قد أخطأ في تطبيق القانون، ذلك بأن الطاعن دفع ببطلان التفتيش لحصوله في غير الحالات التي يجيزها القانون، إلا أن الحكم رفض هذا الدفع بقوله إن الجريمة في حالة تلبس مع أن وقائع الدعوى كما أثبتها الحكم لا توفر قيامها إذ أن الضابط الذي قام بالتفتيش إنما تلقى نبأ الجريمة عن طريق الرواية من رجل الشرطة بعد انفضاض المشاجرة التي قيل إن الطاعن كان يطلق الرصاص فيها.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى في قوله إن مشاجرة نشبت بين أفراد عائلة على سليم محمد "المتهم" (الطاعن) وآخرين في الساعة الخامسة من مساء يوم 26 مايو سنة 1961 بسوق بندر قوص من أعمال محافظة قنا فانتقل على أثر ذلك السيد الملازم إبراهيم حنفي دسوقي ضابط مباحث مركز قوص لضبط الواقعة وهناك أخبره المخبر عبد العال عمر أحمد بأنه أبصر المتهم يحمل مسدساً ضخماً ويطلقه في الهواء فأسرع السيد الضابط المذكور ومعه المخبر إلى منزل المتهم لضبط هذا المسدس فألقيا بابه الخارجي مغلقاً فطرقاه ففتحته لهما زوجة المتهم التي أرشدتهما إلى حجرة زوجها وكانت مغلقة وقامت بفتحها فأجرى المخبر المذكور تفتيشها تحت إشراف السيد الضابط فعثر تحت مرتبة السرير على مسدس ضخم به خمس طلقات كما عثر على كيس به تسع طلقات وقد ثبت من التقرير الطبي الشرعي أن المسدس "مششخن" وهو وتسع طلقات من الطلقات المضبوطة صالحة للاستعمال وأورد الحكم على ثبوت هذه الواقعة لديه على هذا النحو أدلة مستمدة من أقوال الضابط والمخبر والتقرير الطبي الشرعي. لما كان ذلك، وكان الحكم قد عرض للدفع ببطلان التفتيش ورد عليه في قوله "وحيث إنه مما لا مراء فيه أن إبلاغ المخبر عبد العال عمر أحمد السيد ضابط المباحث إبراهيم حنفي دسوقي بإحراز المتهم لمسدس استعمله في المشاجرة وتحققه من حصول ذلك, ثم قيامه بتفتيش منزل المتهم وعثوره على المسدس والذخيرة المضبوطة اعتبر هذا التفتيش واقعاً في حالة تلبس ولا يزيل عن الجريمة صفة التلبس عدم انتقال الضابط إلى منزل المتهم إلا بعد وقوع الجريمة بنصف ساعة ما دام أن الثابت أن الضابط المذكور بادر بإجراءات التفتيش عقب حضوره إلى مكان الحادث مباشرة. ومن ثم يكون الدفع الذي أثاره الدفاع عن المتهم لا يستوي على ادعاء سليم ويتعين لذلك إطراحه" وما أورده الحكم فيما تقدم لا يوفر حالة التلبس ذلك لأن تلك الحالة، وهى تتطلب مشاهدة الجريمة وهى على هذا الوضع أو بالقليل وجود مظاهر خارجية تنبئ بذاتها عن وقوعها فإنها تستوجب أن يتحقق مأمور الضبط القضائي من قيام الجريمة بمشاهدتها بنفسه أو إدراكها بإحدى حواسه، ولا يغنيه عن ذلك أن يتلقى نبأها عن طريق الرواية أو النقل عن الشهود طالما أن تلك الحالة قد انتهت بتماحى آثار الجريمة والشواهد التي تدل عليها. لما كان ذلك، فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى برفض الدفع ببطلان التفتيش يكون معيباً بما يستوجب نقضه، ولما كان الحكم قد اعتمد في قضائه بالإدانة على ما أسفر عنه محضر التفتيش وما شهد به المخبر عبد العال عمر، ولا يبين مدى أثر أي من الدليلين في تكوين عقيدة المحكمة فإنه يتعين مع نقض الحكم الإحالة دون حاجة لبحث باقي أوجه الطعن.

الطعن 961 لسنة 33 ق جلسة 30 / 12 / 1963 مكتب فني 14 ج 3 ق 185 ص 1014


جلسة 30 من ديسمبر سنة 1963
برياسة السيد/ محمد متولي عتلم نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: مختار رضوان، ومحمد صبري، ومحمد محمد محفوظ، ومحمد عبد المنعم حمزاوي.
-----------------
(185)
الطعن رقم 961 لسنة 33 القضائية

قمار. محال عامة. نقض "أحوال الطعن بالنقض". "مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه".
لعبة "الكونكان" من ألعاب القمار المحظور لعبها في المحال العامة. القانون 371 لسنة 1956 وقرار الداخلية رقم 37 لسنة 1957.
الربح كما يتحقق في صورة المقامرة على مبلغ من النقود قد يتحقق أيضاً في المقامرة على طعام أو شراب مستحق الأداء لصاحب المقهى أو على أي شئ آخر يقوم بمال.
مستغل المحل ومديره والمشرف على الأعمال فيه مسئولون معاً عن أي مخالفة لإحكام القانون سالف الذكر ولو لم يكن أيهم موجوداً بالمحل وقت وقوعها. المادة 38 من القانون المذكور. مثال.

-----------------
متى كان الحكم قد أثبت أن اللعبة التي كان يزاولها بعض رواد المقهى هي لعبة "الكونكان" وهى من ألعاب القمار المحظور لعبها في المحال العامة طبقاً لنص المادة 19 من القانون رقم 371 لسنة 1956 وقرار وزير الداخلية رقم 37 لسنة 1957، وكان الربح كما يتحقق في صورة المقامرة على مبلغ من النقود قد يتحقق أيضاً في المقامرة على طعام أو شراب ثمنه مستحق الأداء لصاحب المقهى أو على أي شئ آخر يقوم بمال، وكانت المادة 38 من القانون سالف الذكر تنص على أن يكون مستغل المحل ومديره والمشرف على الأعمال فيه مسئولين معاً عن أية مخالفة لأحكامه، وهى مسئولية أقامها الشارع وافترض بها علم هؤلاء بما يقع من مخالفات حتى ولو لم يكن أيهم موجوداً بالمحل وقت وقوعها فلا يقبل من أحد منهم أن يعتذر بعدم علمه. ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى ببراءة المطعون ضدهما من جريمة السماح بلعب القمار بالمقهى تأسيساً على أن لعب الورق لقاء دفع الخاسر من اللاعبين ثمن الشراب لا يعتبر من قبيل المقامرة، وعلى أنه لا يمكن افتراض علم صاحب المقهى بالجريمة - غير صحيح في القانون مما يعيبه ويستوجب نقضه.


الوقائع
اتهمت النيابة العامة المطعون ضدهما بأنهما في يوم 8 أكتوبر سنة 1960 بدائرة مركز المحلة الكبرى: باعتبارهما الأول مشرفا على المقهى والثاني مالكاً ومستغلا لها سمحا بلعب القمار بالمقهى - وطلبت عقابهما بالمواد 1، 19، 29/ 1 - 2، 34، 36/ 2، 37، 38 من القانون رقم 371 لسنة 1956. ومحكمة المحلة الكبرى الجزئية قضت بتاريخ 26 مارس سنة 1961 حضورياً اعتبارياً عملاً بمواد الاتهام بحبس كل من المتهمين أسبوعين مع الشغل وبتغريم كل منهما خمسة جنيهات ومصادرة المضبوطات وغلق المحل لمدة أسبوعين وكفالة 100 قرش لإيقاف تنفيذ عقوبة الحبس لكل من المتهمين. فاستأنف المتهمان هذا الحكم. ومحكمة طنطا الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت بتاريخ 18 ديسمبر سنة 1961 حضورياً للأول وغيابياً للثاني عملاً بالمادة 304/ 1 من قانون الإجراءات الجنائية بقبول الاستئنافين شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف وبراءة المتهمين مما أسند إليهما. فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض....إلخ.

المحكمة
حيث إن حاصل ما تنعاه النيابة العامة على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى بإلغاء الحكم المستأنف وبراءة المطعون ضدهما من جريمة السماح بلعب القمار بالمقهى تأسيساً على أن لعب الورق لقاء دفع الخاسر من اللاعبين ثمن الشراب لا يعتبر من قبيل المقامرة التي يشترط فيها أن يكون الرهان غير محدد، وعلى أنه لا يمكن والحال كذلك افتراض علم صاحب المقهى بالجريمة، قد أخطأ في تطبيق القانون ذلك لأن الربح يجوز أن يتحقق بالمقامرة على طعام أو شراب وأن مسئولية مستغل المحل والمشرف عليه عما يجرى فيه من مخالفات هي مسئولية مفترضة لا يدفعها الاحتجاج بعدم العلم بموضوع المخالفة.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بقوله "إنها تخلص فيما أثبته ضابط مكتب آداب الغربية أنه شاهد أربعة أشخاص يلعبون الورق داخل مقهى المتهم الثاني - المطعون ضده الثاني - الذي علم أنه يدار لألعاب القمار وأضاف محرر المحضر أنه تبين أن اللاعبين يلعبون لعبة الكونكان ولم يجد صاحب المقهى المتهم - الثاني - المطعون ضده الثاني - فأرسل في استدعائه ثم علم من أقاربه أنه سافر إلى المنصورة عندما علم بضبط المقهى وقد ذكر له اللاعبون أنهم يتراهنون في اللعب على أربعة طلبات قهوة كل اثنين يزاملان بعضهما وقد ذكر أولهم فريد حسنى معوض عند سؤاله عن التهمة أن إبراهيم - المطعون ضده الأول - هو الذي قدم لهم الورق وأن الثاني وهو صاحب المقهى يعلم بذلك وكان موجوداً وانصرف قبل دخول الضابط إلى المقهى بقليل" وبعد أن عرض الحكم لإقرار المطعون ضده الأول بأنه سلم الورق للاعبين أثناء وجود المطعون ضده الثاني بالمقهى وإن كان لم يشهد هذه الواقعة، وإلى إنكار هذا الأخير وجوده بالمقهى يوم الحادث. انتهى إلى إلغاء الحكم المستأنف وبراءة المطعون ضدهما قولاً منه "إن المحكمة ترى أن لعب الورق أو غيره لا يدخل في باب المقامرة أن يكون الرهان فيه محدوداً بما يناوله اللاعبين من مشروب في المقهى إذ أن العرف الشائع قد جرى بأن يدفع أحد الجلوس في جلسة ثمن المشروب حتى ولو لم يكن ثمة لعب ويبدو فوق ذلك أن افتراض علم صاحب المقهى أن سماحه بذلك من مجرد تقديمه أوراق اللعب ليس له ما يبرره إذا كان اللعب بالورق يمكن أن يتم بغير مقامرة ولم يكن لصاحب المقهى مصلحة من مثل هذا الفعل طالما أنه لا يتقاضى إلا ثمن المشروب الذي يقدمه ومن الصعب أن يتبين عندئذ ما إذا كان من يدفعه إليه على سبيل المجاملة أو لأنه خسر في لعبة القمار طالما أن اللاعبين لا يتداولون نقوداً أثناء اللعب". لما كان ذلك، وكان الحكم قد أثبت أن اللعبة التي كان يزاولها بعض رواد المقهى هي لعبة "الكونكان" وهى من ألعاب القمار المحظور لعبها في المحال العامة طبقاً لنص المادة 19 من القانون رقم 371 لسنة 1956 وقرار وزير الداخلية رقم 37 لسنة 1957 - وكان الربح كما يتحقق في صورة المقامرة على مبلغ من النقود قد يتحقق أيضاً في المقامرة على طعام أو شراب ثمنه مستحق الأداء لصاحب المقهى أو على شيء آخر يقوم بمال، وكانت المادة 38 من القانون سالف الذكر تنص على أن يكون مستغل المحل ومديره والمشرف على الأعمال فيه مسئولين معاً عن أية مخالفة لأحكامه، وهى مسئولية أقامها الشارع وافترض بها علم هؤلاء بما يقع من مخالفات حتى ولو لم يكن أيهم موجوداً بالمحل وقت وقوعها فلا يقبل من أحد منهم أن يعتذر بعدم علمه، لما كان ما تقدم، فإن النظر المار ذكره الذي ذهب إليه الحكم - فحجبه عن نظر موضوع الدعوى - يكون غير صحيح في القانون مما يعيبه ويستوجب نقضه والإحالة.


هذا المبدأ مقرر أيضا في الطعن رقم 960 لسنة 33 ق جلسة 30/ 12/ 1963 (لم ينشر).

الطعن 628 لسنة 33 ق جلسة 24 / 6 / 1963 مكتب فني 14 ج 2 ق 108 ص 563


جلسة 24 من يونيه سنة 1963
برياسة السيد/ محمد متولي عتلم نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: عادل يونس، وتوفيق أحمد الخشن، وأديب نصر، وحسين صفوت السركي.
---------------
(108)
الطعن رقم 628 لسنة 33 القضائية

مسئولية جنائية. إصابة عمدية. قصد جنائي. "الخطأ في شخص المجني عليه".
الخطأ في شخص المجني عليه لا يغير من قصد المتهم، ولا من ماهية الفعل الجنائي الذي ارتكبه تحقيقاً لهذا القصد. مسئوليته عن الإصابة العميدة ولو أصاب شخصاً غير الذي تعمد ضربه. العمد يكون باعتبار الجاني وليس باعتبار المجني عليه.

--------------
الخطأ في شخص المجني عليه لا يغير من قصد المتهم، ولا من ماهية الفعل الجنائي الذي ارتكبه تحقيقاً لهذا القصد، فيعتبر مسئولاً عن الإصابة العمدية ولو أصاب شخصاً غير الذي تعمد ضربه، لأنه إنما قصد الضرب وتعمده، والعمد يكون باعتبار الجاني وليس باعتبار المجني عليه.


الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه في يوم 7 أغسطس سنة 1961 بدائرة مركز بني سويف "ضرب (محمد نادي محمود علي) بعصا على رأسه فأحدث به الإصابة الموصوفة بالتقريرين الطبيين الابتدائي والشرعي والتي تخلف لديه من جرائها عاهة مستديمة يستحيل برؤها هي فقد عظمى من الجدارية اليمنى مما يحرم المخ من حمايته الطبيعية ويعرض المجني عليه للمضاعفات الخطيرة كالالتهابات والأنزفة السحائية والمخية والصرع مما يقلل من كفاءته على العمل بنحو 6 - 8%". وطلبت من غرفة الاتهام إحالته على محكمة الجنايات لمحاكمته بالمادة 240/ 1 من قانون العقوبات فقررت الغرفة ذلك. ومحكمة جنايات بني سويف قضت حضورياً بتاريخ 9 من يناير سنة 1963عملاً بمادة الاتهام مع تطبيق المادة 17 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة. فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.

المحكمة
حيث إن مبنى الطعن أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة الضرب العمد الذي أحدث عاهة قد أخطأ في تطبيق القانون ذلك بأن إصابة المجني عليه جاءت نتيجة عدم الاحتياط والتحرز حين أراد أن يفض النزاع بين الطاعن وبين حسين إبراهيم جمعه وأن يفرق بينهما فأصابته ضربة الطاعن خطأ مما ينتفي معه القصد الجنائي لدى الطاعن وما أورده الحكم من أن الخطأ في شخص المجني عليه لا يغير من قصد المتهم غير صحيح ما دام ظرف سبق الإصرار غير متوافر في واقعة الدعوى.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه عليها - لما كان ذلك، وكان الخطأ في شخص المجني عليه لا يغير من قصد المتهم ولا من ماهية الفعل الجنائي الذي ارتكبه تحقيقاً لهذا القصد فيعتبر مسئولاً عن الإصابة العمدية ولو أصاب شخصاً غير الذي تعمد ضربه لأنه إنما قصد الضرب وتعمده، والعمد يكون باعتبار الجاني وليس باعتبار المجني عليه. لما كان ذلك، فإن الطعن يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.