الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 8 يونيو 2020

الطعن 145 لسنة 42 ق جلسة 24 / 12 / 1972 مكتب فني 23 ج 3 ق 322 ص 1431

جلسة 24 من ديسمبر سنة 1972
برياسة السيد المستشار/ نصر الدين عزام، وعضوية السادة المستشارين: حسن الشربيني، ومحمود عطيفه، ومحمد عبد المجيد سلامة، ومحمد عادل مرزوق.
---------------
(322)
الطعن رقم 145 لسنة 42 القضائية
(أ) تزوير. "في محرر عرفي" جريمة. "أركانها".
مجرد تغيير الحقيقة في محرر عرفي بإحدى الطرق المنصوص عليها في القانون يكفي لتوافر جريمة التزوير متى كان من الممكن أن يترتب عليه وقت وقوع التغيير ضرر ولو محتمل للغير سواء أكان هو المزور عليه أم أي شخص آخر.
(ب) تزوير. "في محرر عرفي". قصد جنائي. جريمة. "أركانها".
القصد الجنائي في التزوير يتحقق بتعمد تغييراً لحقيقة في محرر تغييراً من شأنه أن يسبب ضرراً وبنية استعمال المحرر فيما غيرت الحقيقة فيه.
(جـ) تزوير. "في محرر عرفي". جريمة. "أركانها".
جريمة استعمال المحرر المزور تقوم باستعماله فيما زور من أجله مع علم من استعمله بتزويره.
(د) إثبات. "بوجه عام". تزوير. محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل".
الإثبات في المواد الجنائية العبرة فيه باقتناع القاضي واطمئنانه إلى الأدلة المطروحة. له الأخذ بأي دليل إلا إذا قيده القانون إثبات التزوير واستعماله ليس له طريقاً خاصاً.
(هـ, و) محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل". إثبات. "شهود". دعوى مدنية.
(هـ) وزن أقوال الشهود مرجعه محكمة الموضوع. أخذها بأقوال شاهد مفاده إطراحها جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها.
(و) تعويل الحكم في قضائه على أقوال المدعي المدني لا يعيبه. المادة 288 إجراءات تجيز سماعه كشاهد.
(ز) إثبات. "خبرة". محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل".
محكمة الموضوع. سلطتها في تقدير القوة التدليلية لعناصر الدعوى المطروحة. هي الخبير الأعلى في كل ما تستطيع هي أن تفصل فيه بنفسها ما دامت المسألة المطروحة ليست من المسائل الفنية البحث.
اختلاف المداد يمكن تبينه بالعين المجردة. لا يحتاج إلى خبير في تقريره.
(ح، ط) إثبات. "بوجه عام". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
(ح) تساند الأدلة في المواد الجنائية. يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصد الحكم منها.
)ط) التناقض الذي يعيب الحكم هو الذي يقع بين أسبابه بحيث ينفي بعضها ما أثبته البعض الآخر. مثال لتسبيب سائغ في تزوير.
(ي) تزوير. "في محرر عرفي". إجراءات المحاكمة. نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تقديم العقد المطعون عليه بالتزوير في حافظة للطاعن بين مرفقاتها. اعتباره معروضاً على بساط البحث والمناقشة في حضور الخصوم وليس مودعاً في حرز مغلق لم يفض.
--------------
1 - من المقرر أن مجرد تغيير الحقيقة في محرر عرفي بإحدى الطرق المنصوص عليها في القانون يكفي لتوافر جريمة التزوير متى كان من الممكن أن يترتب عليه في الوقت الذي وقع فيه تغيير الحقيقة ضرر للغير، سواء أكان المزور عليه أم أي شخص آخر، ولو كان الضرر محتملاً.
2 - القصد الجنائي في جريمة التزوير إنما يتحقق بتعمد تغيير الحقيقة في محرر تغييراً من شأنه أن يسبب ضرراً، وبنية استعمال المحرر فيما غيرت الحقيقة فيه.
3 - تقوم جريمة استعمال المحرر المزور باستعماله فيما زور من أجله مع علم من استعماله بتزويره.
4 - العبرة في الإثبات في المواد الجنائية هي باقتناع القاضي واطمئنانه إلى الأدلة المطروحة عليه، وله أن يأخذ بأي دليل يرتاح إليه إلا إذا قيده القانون بدليل معين ينص عليه، وإثبات التزوير واستعماله ليس له طريق خاص والعبرة فيه بما تطمئن إليه المحكمة من الأدلة السائغة.
5 - وزن أقوال الشهود وتقديرها مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره الذي تطمئن إليه بغير معقب، ومتى أخذت بأقوال الشاهد. دل ذلك على إطراحها جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها.
6 - لا يعيب الحكم أن عول في قضائه على أقول المدعي بالحق المدني مادامت المادة 288 من قانون الإجراءات الجنائية تجيز سماعه كشاهد. ومتى كانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال شاهدي الإثبات وصحة تصويرهما للواقعة فلا تجوز مجادلتها في ذلك أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض.
7 - لما كان الأصل أن محكمة الموضوع لها كامل السلطة في تقدير القوة التدليلية لعناصر الدعوى المطروحة على بساط البحث وهى الخبير الأعلى في كل ما تستطيع هي أن تفصل فيه بنفسها ما دامت المسألة المطروحة ليست من المسائل الفنية البحت التي لا تستطيع المحكمة بنفسها أن تشق طريقها لإبداء الرأي فيها، فإن ما استخلصته المحكمة من مطالعتها للعقد موضوع الاتهام لا يحتاج إلى خبير في تقريره لأن اختلاف المداد يمكن تبينه بالعين المجردة.
8 - الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً، ومنها مجتمعة تتكون عقيدة القاضي فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصد الحكم منها ومنتجة في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه.
9 - التناقض الذي يعيب الحكم هو الذي يقع بين أسبابه بحيث ينفي بعضها ما أثبته البعض الآخر، فلا يعرف أي الأمرين قصدته المحكمة، ومتى كانت المحكمة قد اطمأنت في حدود سلطتها إلى أن الطاعن وحده هو محدث التزوير ودللت على ذلك بما لا تناقض فيه وخلصت إلى تبرئة المتهمين الثاني والثالث من تهمة الاشتراك مع الطاعن في تزوير المحرر لانتفاء الدليل الذي يقيم اقتناعها بذلك، وكان لا تعارض بين ما انتهي إليه الحكم في شأنهما وبين ثبوت الاتهام في حق الطاعن إذ يصح في منطق العقل أن يكون الطاعن قد أحدث التغيير في المحرر في غفلة من البائع وشاهد العقد أسوة بما فعل مع المشتري الحقيقي المدعي بالحق المدني, وبغير أتفاق بينه وبينهما وبلا تحريض أو مساعدة منهما, ومن ثم تكون دعوى الطاعن بالتناقض في التسبيب في غير محلها.
10 - إذا كان العقد المطعون عليه بالتزوير مقدم في حافظة للطاعن بين مرفقاتها فإنه بذلك كان معروضاً على بساط البحث والمناقشة في حضور الخصوم بجلسة المحكمة الاستئنافية ولم يكن مودعاً في حرز مغلق لم يفض لدي نظر الدعوى أمامها - على حد ما نعي به الطاعن - فإن المنعى في هذا الشأن لا يكون صحيحاً.

الوقائع
أقام المدعي بالحق المدني..... دعواه بالطريق المباشر أمام محكمة طنطا الجزئية ضد 1 - ..... (طاعن) 2 - ..... 3 - ..... متهماً إياهم بأنهم في يوم 29 نوفمبر سنة 1968 بدائرة مركز طنطا محافظة الغربية: (لمتهم الأول) 1 - غير الحقيقة في عقد البيع على النحو المبين بالعريضة. 2 - استعمل العقد المزور على النحو المبين بالعريضة. (المتهمان الثاني والثالث): اشتركا وعاونا المتهم الأول على النحو المبين بالعريضة - وطلب عقابهم بالمواد 221، 212، 213، 214، 215 من قانون العقوبات مع إلزامهم بأن يدفعوا له قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت مع المصاريف ومقابل أتعاب المحاماة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً اعتبارياً للمتهمين الأول والثاني وغيابياً للثالث بتاريخ 3 فبراير سنة 1971 عملاً بالمواد 211، 213، 215، 32 من قانون العقوبات بالنسبة للمتهم الأول (أولاً) بحبس المتهم الأول ثلاثة شهور مع الشغل وكفالة ثلاثة جنيهات لوقف التنفيذ عن التهمتين وبراءة المتهمين الثاني والثالث مما أسند إليهما (ثانياً) بإلزام المتهم الأول أن يؤدي للمدعي بالحق المدني مبلغ قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت ومصاريف الدعوى المدنية ومائة قرش مقابل أتعاب المحاماة ورفضت ماعدا ذلك من الطلبات وببراءة المتهمين الثاني والثالث مما أسند إليهما وبرفض الدعوى المدنية بالنسبة لهما. فاستأنف المتهم الأول هذا الحكم ومحكمة طنطا الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بتاريخ 27 مارس سنة 1972 بقبول الاستئناف شكلاً، وفى الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف، فطعن الوكيل عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.

المحكمة
حيث إن مبني الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمتي تزوير محرر عرفي واستعماله قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه الفساد في الاستدلال والقصور والتناقض في التسبيب والإخلال بحق الدفاع، ذلك بأن تحرير الطاعن لعقد شراء المنزل باسمه لا باسم المدعي بالحق المدني المشتري الحقيقي - لا يكون جريمة تزوير وإنما جريمة نصب لم تتكامل أركانها لعدم ثبوت وفاء المجني عليه بالثمن وانتفاء تواطؤ الطاعن مع المتهم الثاني البائع والمتهم الثالث الشاهد على إبرام العقد هذا إلى أن الحكم لم يستظهر أركان جريمتي التزوير والاستعمال، وعول على أدلة لا تؤدي إلى النتيجة التي خلص إليها، فاختلاف المداد الذي حرر به اسم الطاعن في العقد عن مداد باقي عبارته هو أمر ينقصه رأي أهل الخبرة ولا يؤدي إلى القول بتزوير العقد، ولا يصح الاعتماد على أقوال المدعي بالحق المدني ولا محل للتعويل على أقوال ابن البائع لأنه ليس طرفاً في العقد، ووضع يد المجني عليه على المنزل لا يدل على أنه هو المشتري. كما أن الحكم قد دان الطاعن رغم أنه لم يوقع على العقد وقضي ببراءة المتهمين الثاني والثالث - البائع والشاهد - الموقعين عليه بما يشوبه بالتناقض. والتفت عن الطلب الذي تمسك به الطاعن في مذكرته المقدمة لمحكمة الدرجة الثانية بندب قسم أبحاث التزييف والتزوير لبيان مدي اختلاف المداد الذي حرر به صلب العقد واسم المشتري فيه، ولم تطلع المحكمة على الحرز الذي يحوي العقد المدعي بتزويره، هذا فضلاً عن أن الحكم قد خلا من بيان الضرر الذي أصاب المدعي بالحق المدني لتبرير قبول الدعويين المدنية والجنائية المرفوعة بالطريق المباشر مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إنه يبين من الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه أنه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر لقانونية لجريمتي التزوير في محرر عرفي واستعماله مع العلم بتزويره اللتين دين الطاعن بهما وأورد على ثبوتهما في حقه أدلة سائغة ولها معينها الصحيح من الأوراق. لما كان ذلك، وكان الحكم قد أثبت في حق الطاعن أنه أسند أمراً لم يقع ممن أسند إليه في محرر أعد لإثباته، وبإحدى الطرق المنصوص عليها في القانون، مما أدى إلى إلحاق الضرر بالمدعي بالحق المدني، بأن استبدل اسمه باسم هذا الأخير في عقد شرائه العقار من المتهم الثاني، وأسند بذلك إلى البائع واقعة لم تصدر منه، وهى بيعه إياه للطاعن، مما أضر بالمدعي بالحق المدني, كما أثبت الحكم في حقه أنه استعمل هذا المحرر مع علمه بتزويره, بأن قدمه إلى محكمة مركز طنطا في دعوى أقامها أمامها بطلب طرد المدعي بالحق المدني من هذا العقار. ولما كان من المقرر أن مجرد تغيير الحقيقة في محرر عرفي بإحدى الطرق المنصوص عليها في القانون يكفي لتوافر جريمة التزوير متى كان من الممكن أن يترتب عليه في الوقت الذي وقع فيه تغيير الحقيقة ضرر للغير، سواء أكان المزور عليه أم أي شخص آخر، ولو كان الضرر محتملاً, وكان القصد الجنائي في جريمة التزوير إنما يتحقق بتعمد تغيير الحقيقة في محرر تغييراً من شأنه أن يسبب ضرراً، وبنية استعمال المحرر فيما غيرت الحقيقة فيه, وكانت جريمة استعمال المحرر المزور تقوم باستعماله فيما زور من أجله مع علم من استعماله بتزويره, فإن ما يثيره الطاعن في خصوص عدم توافر أركان جريمتي التزوير والاستعمال في واقعة الدعوى والزعم بأنها جريمة نصب غير متكاملة لا يكون له محل. لما كان ذلك, وكان الحكم قد عول في قضائه بالإدانة على أقوال الدعي بالحق المدني والشاهد...... "أبن البائع", وعلى حالة العقد ومظهره من اختلاف المداد المحرر به اسم المشتري عن المداد الذي حرر به صلب العقد, وعلى وضع يد المدعي المدني على العقار منذ تاريخ الشراء, وكانت العبرة في الإثبات في المواد الجنائية هي باقتناع القاضي واطمئنانه إلى الأدلة المطروحة عليه، وله أن يأخذ بأي دليل يرتاح إليه إلا إذا قيده القانون بدليل معين ينص عليه، وكان إثبات التزوير واستعماله ليس له طريق خاص والعبرة فيه بما تطمئن إليه المحكمة من الأدلة السائغة وكان وزن أقوال الشهود وتقديرها مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه بغير معقب، ومتى أخذت بأقوال الشاهد دل ذلك على إطراحها جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها, وكان لا يعيب الحكم أن عول في قضائه على أقول المدعي بالحق المدني مادامت المادة 288 من قانون الإجراءات الجنائية تجيز سماعه كشاهد, ومتى كانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال شاهدي الإثبات وصحة تصويرهما للواقعة, فلا تجوز مجادلتها في ذلك أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض. و كان الأصل أن محكمة الموضوع لها كامل السلطة في تقدير القوة التدليلية لعناصر الدعوى المطروحة على بساط البحث, وهى الخبير الأعلى في كل ما تستطيع هي أن تفصل فيه بنفسها ما دامت المسألة المطروحة ليست من المسائل الفنية البحث التي لا تستطيع المحكمة بنفسها أن تشق طريقها لإبداء الرأي فيها، وإذ كان ما استخلصته المحكمة من مطالعتها للعقد موضوع الاتهام لا يحتاج إلى خبير في تقريره لأن اختلاف المداد يمكن تبينه بالعين المجردة, ولما كانت الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً، ومنها مجتمعة تتكون عقيدة القاضي, فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشه على حدة دون باقي الأدلة, بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصد الحكم منها ومنتجة في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه, وكان جماع ما أورده الحكم من الأدلة والقرائن التي اطمأنت المحكمة إليها يسوغ ما رتب عليه ويصح به استدلال الحكم فإن النعي, عليه بالفساد في الاستدلال يكون غير سديد. لما كان ذلك, وكان الحكم قد خلص إلى أن الطاعن عمد إلى تغيير بيان اسم المشترى في العقد بوضع اسمه هو بدلاً منه ونسب بذلك الشراء إلى نفسه, أما المتهم الثاني فقد وقع على العقد بصفته بائعاً كما وقع عليه المتهم الثالث كشاهد, وانتهي الحكم إلي ثبوت جريمة التزوير في حق الطاعن وإلى وجوب عقابه عنها ثم أورد في شأن المتهمين الثاني والثالث قوله بأن الأوراق خلو من دليل على صحة ما نسب إليها من اشتراكهما في ارتكاب جريمة تزوير المحرر, وقضي من ثم ببراءتهما من تلك التهمة وبرفض الدعوى المدنية قبلهما. لما كان ذلك, وكان التناقض الذي يعيب الحكم هو الذي يقع بين أسبابه بحيث ينفي بعضها ما أثبته البعض الآخر، فلا يعرف أي الأمرين قصدته المحكمة، ومتى كانت المحكمة قد اطمأنت في حدود سلطتها إلي أن الطاعن وحده هو محدث التزوير, ودللت على ذلك بما لا تناقض فيه, وخلصت إلى تبرئة المتهمين الثاني والثالث من تهمة الاشتراك مع الطاعن في تزوير المحرر لانتفاء الدليل الذي يقيم اقتناعها بذلك، وكان لا تعارض بين ما انتهي إليه الحكم في شأنهما وبين ثبوت الاتهام في حق الطاعن إذ يصح في منطق العقل أن يكون الطاعن قد أحدث التغيير في المحرر في غفلة من البائع وشاهد العقد أسوة بما فعل مع المشتري الحقيقي المدعي بالحق المدني. وبغير اتفاق بينه وبينهما وبلا تحريض أو مساعدة منهما. ومن ثم تكون دعوى الطاعن بالتناقض في التسبيب في غير محلها. لما كان ذلك, وكان البين من المفردات المضمومة أن الطاعن لم يتمسك بطلب ندب قسم أبحاث التزييف والتزوير بالمذكرة المقدمة منه لمحكمة الدرجة الثانية وأن العقد المطعون عليه بالتزوير مقدم في حافظة للطاعن بين مرفقاتها ومن ثم كان معروضاً على بساط البحث والمناقشة في حضور الخصوم بجلسة المحكمة الاستئنافية وليس مودعاً في حرز مغلق لم يفض لدي نظر الدعوى أمامها, فإن منعي الطاعن في هذا الشأن لا يكون صحيحاً. ولما كان الحكم قد استظهر ركن الضرر حسبما تقدم البيان فإنه لا محل لما يثيره الطاعن بشأن عدم قبول الدعويين المدنية والجنائية. لما كان ما تقدم, فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

الطعن 962 لسنة 42 ق جلسة 25 / 12 / 1972 مكتب فني 23 ج 3 ق 323 ص 1440

جلسة 25 من ديسمبر سنة 1972
برياسة السيد المستشار/ جمال صادق المرصفاوي رئيس المحكمة, وعضوية السادة المستشارين: حسين سعد سامح, وإبراهيم أحمد الديواني, وعبد الحميد محمد الشربيني, وحسن المغربي.
--------
(323)
الطعن رقم 962 لسنة 42 القضائية
(أ) دفاع. "حق الدفاع. كفالته للمرتد عن الإسلام". دفوع. الدفع بعدم سماع دفاع المتهم المرتد عن الإسلام". إجراءات المحاكمة حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". دعوى مدنية.
المبادئ الأساسية الواجب مراعاتها في المحاكمات الجنائية. توجب كفالة حق الدفاع لكل أطراف الخصومة كون المتهم مرتداً عن الإسلام لا يغير من ذلك. علة ذلك؟
(ب) إثبات. "بينة". "شهود " " بوجه عام". تبديد. وكالة. دفوع. "الدفع بعدم جواز الإثبات بالبينة". إجراءات المحاكمة. حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
صدور توكيل مصرفي من الطاعنة إلى زوجها يقتصر على إثبات صفته في التعامل باسم موكلته لدي البنك دون المعاملات بينه وبين الطاعنة.
اتهام المطعون ضده بتبديد المبلغ المسلم إليه من الطاعنة لإيداعه حسابها بالبنك ودفع المدعية بعدم جواز الإثبات بغير الكتابة متخذة هذا التوكيل سنداً لانتفاء المانع الأدبي. رفض الحكم ذلك الدفع تأسيساً على قيام هذا المانع فيما جاوز البنك من معاملات. صحيح.
(ج، د) حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". "ما لا يعيبه في نطاق التدليل". تبديد. محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل". إثبات. "بوجه عام".
(ج) تشكك القاضي في صحة إسناد التهمة إلى المتهم يكفي لتبرئته. مادام الظاهر من الحكم أنه أحاط بالدعوى عن بصر وبصيرة.
(د) إغفال الحكم الرد على بعض أدلة الاتهام. لا يعيبه.
------------------
1 - حرصت الدساتير المتعاقبة والقوانين المنظمة لإجراءات التقاضي على تقرير حق الدفاع وكفالته بما لا يسوغ معه حرمان أي من أطراف الخصومة في الدعوى من عرض أوجه دفاعه وتحقيقها، وإلا كان في ذلك مخالفة لما تقضي به المبادئ الأساسية الواجب مراعاتها في المحاكمات الجنائية. ولما كان الحكم قد رد على الدفع المبدى من الطاعنة (بعدم سماع دفاع المطعون ضده لأنه مرتد عن الإسلام ويعتبر في حكم الميت ساقط الحقوق) بقوله: "إن القانون الوضعي لم يأت به ما يحرم المرتد من الدفاع عن نفسه في اتهام جنائي منسوب إليه أو دعوى مدنية رفعت قبله" وكان ما أورده الحكم سائغاً وصحيحاً في القانون، فإن ما تثيره الطاعنة لا يكون سديداً.
2 - متى كان الحكم قد عرض للدفع (المبدى من الطاعنة) بعدم جواز الإثبات بشهادة الشهود ورد عليه بقوله: "إن الثابت من أقوال المدعية بالحق المدني - الطاعنة - أنها كانت تسلم المتهم - المطعون ضده - المبالغ التي تودع في الحساب الجاري الخاص بها ببنك الإسكندرية ولم تقل إنها كانت تستكتبه أوراقاً لما يتسلمه من مبالغ فليس لها أن تحتج بعد ذلك بعدم جواز إثبات المتهم بغير الكتابة وأن الحساب الجاري الذي فتحه باسمها في البنك كان من ماله الخاص - فإن علاقة الزوجية تمنع أدبياً أيهما أن يطالب الأخر بورقة للإثبات وإلا فكان عليها أن تأخذ عليه ورقة بكل مبلغ تعطيه له ليودعه حسابها الجاري وهى مبالغ كما تدعي كبيرة". وكان ما قرره الحكم ليس فيه ما يخالف قواعد الإثبات ذلك لأن التوكيل المصرفي الصادر من الطاعنة إلى زوجها المطعون ضده هو السند المثبت لصفته من تعامله باسم الموكلة لدي البنك دون العلاقة بينه وبين الطاعنة، فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص يكون في غير محله.
3 - من المقرر أنه يكفي في المحاكمة الجنائية أن يتشكك القاضي في صحة إسناد التهمة إلى المتهم لكي يقضي بالبراءة، إذ مرجع الأمر في ذلك إلى ما يطمئن إليه في تقدير الدليل ما دام الظاهر من الحكم أنه أحاط بالدعوى عن بصر وبصيرة. ولما كان الحكم المطعون فيه أورد الأدلة السائغة التي استند إليها والتي من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها من عدم الاطمئنان إلى الادعاء بالتبديد المسند إلى المطعون ضده وأطرح الحكم أدلة الإثبات المقدمة في الدعوى للأسباب التي ذكرها، فإن ما تثيره الطاعنة يكون على غير أساس.
4 - لا يعيب الحكم ما ذكرته الطاعنة من أن المحكمة قد أغلفت الرد على بعض أدلة الاتهام لأن في إغفال التحدث عنها ما يفيد ضمناً أنها أطرحتها ولم تر فيها ما تطمئن معه إلى إدانة المتهم.

الوقائع
أقامت الطاعنة دعواها بالطريق المباشر أمام محكمة جنح العطارين الجزئية ضد المطعون ضده متهمة إياه بأنه في يوم 22 يوليه سنة 1962 بدائرة قسم العطارين محافظة الإسكندرية: بدد مبلغ 3918 ج و572 م إضرار بها. وطلبت عقابه بالمادة 341 من قانون العقوبات مع إلزامه بمبلغ 51 جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت والمصاريف. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً بتاريخ 20 ديسمبر سنة 1970 عملاً بمادة الاتهام مع تطبيق المادتين 55 و56 من قانون العقوبات بحبس المتهم شهرين مع الشغل وأمرت بوقف تنفيذ العقوبة لمدة ثلاث سنوات تبدأ من صيرورة الحكم نهائياً بلا مصروفات جنائية وألزمت المتهم بأن يدفع للمدعية بالحق المدني مبلغ 51 جنيهاً على سبيل التعويض مع إلزامه بالمصروفات المدنية و200 ق مقابل أتعاب المحاماة، فاستأنف المحكوم عليه هذا الحكم، ومحكمة الإسكندرية الابتدائية (بهيئة استئنافية) قضت حضورياً بتاريخ 26 يونيه سنة 1971 بقول الاستئناف شكلاً وبرفض الدفوع المبدأة من المتهم وإلغاء الحكم المستأنف وبراءته مما أسند إليه ورفض الدعوى المدنية وألزمت المدعية فيها المصروفات المقررة عن الدرجتين وعشرة جنيهات مقابل أتعاب المحاماة. فطعن الوكيل عن المدعية بالحقوق المدنية في هذا الحكم بطريق النقض ... إلخ.

المحكمة
حيث إن مبني الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ قضي بتبرئة المطعون ضده من تهمة التبديد ورفض الدعوى المدنية قد شابه قصور في التسبيب وفساد في الاستدلال وخطأ في تطبيق القانون، ذلك بأن المحكمة أطرحت الدفع بعدم سماع دعوى المطعون ضده لأنه مرتد عن الإسلام ويعتبر في حكم الميت ساقط الحقوق، كما أطرحت دفع الطاعنة بعدم جواز الإثبات بشهادة الشهود لأن إيداع وسحب أموالها من البنك تم بناء على عقد وكالة صادر من الطاعنة إلى المطعون ضده، ولا يجوز التحدث عن المانع الأدبي مع وجود ذلك السند كما اعتبر الحكم أن الحساب الجاري رقم 1 بنك الإسكندرية فرع طنطا هو للمطعون ضده ولم يرد على ما ساقه الدفاع الحاضر عنها من أدله مؤيدة لاتهامه منها ما قدمته من كشف حساب مؤرخ 14 من مايو سنة 1960 محرر بخطه مثبت به ملكيتها لأسهم قيمتها 1985 جنيهاً فضلاً عن أنها قدمت الدليل على تعامله في الأوراق المالية باسمه شخصياً وفى فترة وكالته عنها بما ينفي ادعاءه باستعارته اسمها في التعامل في الأوراق المالية. كما اعتبر الحكم أن الحساب الجاري رقم 2 بالمركز الرئيسي للبنك بالإسكندرية هو للطاعنة وأن زوجها المطعون ضده سلمها رصيده البالغ مائتي جنيه دون قيام أي دليل على هذا التسليم كما لم يحط بالأدلة المقدمة من الطاعنة والتي تؤيد الاتهام المسند إليه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن أحال في بيانه للواقعة إلى الحكمين الصادرين في الدعوى عرض لتحصيل الدفع المبدي من الطاعنة ورد عليه بقوله "إن القانون الوضعي لم يأت به ما يحرم المرتد من الدفاع عن نفسه في اتهام جنائي منسوب إليه أو دعوى مدنية رفعت قبله.. " ولما كان ما أورده الحكم سائغاً وصحيحاً في القانون، ذلك بأن الدساتير المتعاقبة والقوانين المنظمة لإجراءات التقاضي قد حرصت على تقرير حق الدفاع وكفالته بما لا يسوغ معه حرمان أي من أطراف الخصومة في الدعوى من عرض أوجه دفاعه وتحقيقها وإلا كان في ذلك مخالفة لما تقضي به المبادئ الأساسية الواجب مراعاتها في المحاكمات الجنائية لما كان ذلك وكان الحكم قد عرض للدفع بعدم جواز الإثبات بشهادة الشهود ورد عليه بقوله "إن الثابت من أقوال المدعية بالحق المدني - الطاعنة - أنها كانت تسلم المتهم - المطعون ضده - المبلغ التي تودع في الحساب الجاري الخاص بها ببنك الإسكندرية ولم تقل إنها كانت تستكتبه أوراقاً لما يتسلمه من مبالغ فليس لها أن تحتج بعد ذلك بعدم جواز إثبات بغير الكتابة وأن الحساب الجاري الذي فتحه باسمها في البنك كان من ماله الخاص - فإن علاقة الزوجية تمنع أدبياً أيهما أن يطالب الأخر بورقة للإثبات وإلا فكان عليها أن تأخذ عليه ورقة بكل مبلغ تعطيه له ليودعه حسابها الجاري وهى مبالغ كما تدعي كبيرة" وكان ما قرره الحكم ليس فيه ما يخالف قواعد الإثبات, ذلك لأن التوكيل المصرفي الصادر من الطاعنة إلى زوجها المطعون ضده هو السند المثبت لصفته في تعامله باسم الموكلة لدي البنك دون العلاقة بينه وبين الطاعنة، لما كان ذلك, وكان الحكم المطعون فيه أحال في بيان واقعة الدعوى كما صورها الاتهام إلى حكمين سابقين مرفقين بالأوراق وأورد الأدلة السائغة التي استند إليها والتي من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه عليها من عدم الاطمئنان إلى الإدعاء بالتبديد المسند إلى المطعون ضده وأطرح الحكم أدلة الإثبات المقدمة في الدعوى للأسباب التي ذكرها. لما كان ذلك, وكان يكفي في المحاكمة الجنائية أن يتشكك القاضي في صحة إسناد التهمة إلى المتهم لكي يقضي بالبراءة إذ مرجع الأمر في ذلك إلى ما يطمئن إليه في تقدير الدليل ما دام الظاهر من الحكم أنه أحاط بالدعوى عن بصر وبصيرة, وكانت الطاعنة قد أقامت دعواها بالطريق المباشر باتهام المطعون ضده بتبديد رصيد حسابها الجاري رقم 1 وهو ما اعتبرته المحكمة الحساب الجاري مثار الاتهام, فلا على الحكم أن يعرض للحساب الجاري رقم 2 الذي لم يكن مثار اتهام في صحيفة الدعوى الطاعنة. وكان لا يعيب الحكم ما ذكرته الطاعنة من أن المحكمة قد أغلفت الرد على بعض أدلة الاتهام, لأن في إغفال التحدث عنها ما يفيد ضمناً أنها أطرحتها ولم تر فيها ما تطمئن معه إلى إدانة المتهم. لما كان ما تقدم، فإن الطعن يكون على غير أساس متعيناً الرفض موضوعاً.

الطعن 1074 لسنة 42 ق جلسة 25 / 12 / 1972 مكتب فني 23 ج 3 ق 324 ص 1446


جلسة 25 من ديسمبر سنة 1972
برياسة السيد المستشار/ جمال صادق المرصفاوي رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: حسين سعد سامح، وإبراهيم الديواني، ومصطفي الأسيوطي، وعبد الحميد الشربيني.
---------
(324)
الطعن رقم 1074 لسنة 42 القضائية

(أ) دعوى جنائية. "انقضاؤها بمضي المدة". تقادم. نقض. "أسباب الطعن. ما يقبل منها. الأسباب المتعلقة بالنظام العام". "نظرة والحكم فيه". دعوى مدنية.
مضي أكثر من ثلاث السنوات المقررة لانقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة في مواد الجنح من تاريخ التقرير بالطعن بالنقض وحتى تاريخ نظرة أمام محكمة النقض. دون اتخاذ أي إجراء قاطع لها. أثره. انقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة.
الحكم بانقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة. لا أثر له على سير الدعوى المدنية المرفوعة معها التي تنقضي بمضي المدة المقررة في القانون المدني.
(ب) شيك بدون رصيد. مسئولية جنائية. باعث. قصد جنائي. حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض. أساب الطعن. ما لا يقبل منها". "المصلحة في الطعن". إثبات. "بوجه عام".
الباعث. لا تأثير له على المسئولية الجنائية في جريمة إعطاء شيك لا يقابله رصيد. القصد الجنائي في جريمة إعطاء شيك بدون رصيد. يتحقق بمجرد علم الساحب بعدم وجود مقابل وفاء له في تاريخ السحب.
القول بالوفاء بقيمة الشيك قبل تقديمه إلى البنك. لا جدوى منه. ما دام الثابت أنه لم يكن للشيك رصيد قائم ولم يسترده الساحب من المستفيد.
(جـ) محكمة ثاني درجة. "الإجراءات أمامها " إجراءات المحاكمة. إثبات. "شهود". شيك بدون رصيد. دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم. "تسبيه. تسبيب غير معيب". "نقض أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
محكمة ثاني درجة. تحكم على مقتضي الأوراق. عدم إجرائها إلا ما تري لزومه من التحقيقات.
النعي عليها عدم إجرائها تحقيق لم يطلب منها. غير جائز. مثال في شيك بدون رصيد.

--------------
1 - متى كان الثابت أنه قد انقضى على الدعوى من تاريخ التقرير بالطعن إلى تاريخ نظرة أمام محكمة النقض مدة تزيد على ثلاث السنوات المقررة لانقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة في مواد الجنح دون اتخاذ أي إجراء قاطع لهذا المدة، فإن الدعوى الجنائية تكون قد انقضت بمضي المدة ويتعين لذلك نقض الحكم المطعون فيه والقضاء بانقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة دون أن يكون لذلك تأثير على سير الدعوى المدنية المرفوعة معها، فهي لا تنقضي إلا بمضي المدة المقررة في القانون المدني.
2 - من المقرر أن المسئولية الجنائية في صدد المادة 337 من قانون العقوبات لا تتأثر بالسبب أو الباعث الذي من أجله أعطي الشيك - كما أن القصد الجنائي في تلك الجريمة إنما يتحقق بمجرد علم الساحب بعدم وجود مقابل وفاء له في تاريخ السحب - ومن ثم فإن ما يقوله الطاعن عن حقيقة سبب تحرير الشيكين لا أثر له على طبيعتهما - كما لا يجديه ما يدفع به من أن شقيقه أوفي بقيمة الشيكين قبل تقديمهما للبنك المسحوب عليه لصرف قيمتهما مادام أن الثابت أن الشيكين لم يكن لهما رصيد قائم ولم يستردهما من المدعي بالحقوق المدنية.
3 - الأصل أن محكمة ثاني درجة إنما تحكم على مقتضي الأوراق وهى لا تجري من التحقيقات إلا ما تري هي لزوماً لإجرائه. ولما كان الطاعن لم يطلب سماع أقوال شقيقه وإنما اقتصر الحاضر عنه على القول بأنه لا علاقة للطاعن بتلك الدعوى فرأت المحكمة من تلقاء نفسها مناقشة المجني عليه الذي قرر أن شقيق الطاعن كان صرافا للجمعية التعاونية لموظفي الإعلام واكتشف عجزاً في عهدته فقدم الشيكين موضوع الدعوى وفاء لهذا العجز (وهما صادرين من الطاعن لصالح المدعي بالحقوق المدنية)، وإذ تقدم بالشيكين للبنك تبين أن ليس لهما مقابل وفاء، وإثر ذلك أصدرت المحكمة حكمها المطعون فيه. لما كان ذلك، وكان الطاعن لم يطلب من المحكمة إجراء أي تحقيق في الدعوى ولم تر المحكمة من جانبها ما يدعو لسماع أقوال شقيقه، فلا يجوز للطاعن أن يثير نعيه في هذا الشأن لأول مرة أمام محكمة النقض.


الوقائع
أقام المدعي بالحق المدني دعواه بالطريق المباشر أمام محكمة جنح عابدين للجزئية ضد الطاعن متهماً إياه بأنه في 2 و30 يوليه سنة 1968 أصدر له شيكين لا يقابلهما رصيد قائم وقابل للسحب. وطلب معاقبته بالمادتين 336 و337 من قانون العقوبات مع إلزامه أن يؤدي له مبلغ قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت والمصاريف، والمحكمة المذكورة قضت حضورياً اعتبارياً بتاريخ 28 أكتوبر سنة 1968 عملاً بمادتي الاتهام بحبس المتهم ثلاثة شهور مع الشغل وكفالة خمسمائة قرش لإيقاف التنفيذ. فاستأنف المتهم هذا الحكم، ومحكمة القاهرة الابتدائية (بهيئة استئنافية) قضت حضورياً بتاريخ 16 فبراير سنة 1969 بقبول الاستئناف شكلاً ورفضه موضوعاً وتأييد الحكم المستأنف, وألزمت المتهم بمصاريف الدعوى المدنية الاستئنافية بلا مصاريف جنائية. فطعن الوكيل عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض.. إلخ.

المحكمة
حيث إن الحكم المطعون فيه قد صدر في 16 من فبراير سنة 1969 بإدانة المطعون ضده بجنحة إعطاء شيك لا يقابله رصيد، وقرر المحكوم عليه بالطعن فيه بطريق النقض في 20 من فبراير سنة 1969، وقدم أسباباً لطعنه في التاريخ الأخير، ولكن الدعوى لم تتخذ فيها أي إجراء من تاريخ الطعن إلى أن أرسلت أوراقها إلى قلم كتاب محكمة النقض حيث نظر بجلسة - اليوم - 25 من ديسمبر سنة 1972، وإذ كان يبين من ذلك أنه وقد انقضي على الدعوى من تاريخ التقرير بالطعن الحاصل في 20 من فبراير سنة 1969 مدة تزيد على ثلاث السنوات المقررة لانقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة في مواد الجنح دون اتخاذ أي إجراء قاطع لهذه المدة فتكون الدعوى الجنائية قد انقضت بمضي المدة ويتعين لذلك نقض الحكم المطعون فيه والقضاء بانقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة دون أن يكون لذلك تأثير على سير الدعوى المدنية المرفوعة معها فهي لا تنقضي إلا بمضي المدة المقررة في القانون المدني.
وحيث إنه فيما يتعلق بالدعوى المدنية فإن الطاعن ينعي على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضي بتأييد حكم محكمة أول درجة فيما انتهي إليه من إدانته قد انطوي على إخلال بحق الدفاع وخطأ في تطبيق القانون، ذلك بأن الطاعن أقام دفاعه على أنه أصدر الشيكين موضوع الدعوى لشقيقه...... الذي ظهرهما للمدعي بالحقوق المدنية ضماناً للوفاء بقيمة العجز الذي اكتشف في عهدة ذلك الشقيق وأن الأخير أوفي الجمعية التعاونية لموظفي الإعلام نقداً قيمة هذا العجز وحصل منها على وصل بذلك، وقد طلب الطاعن سؤال شقيقه والمدعي بالحقوق المدنية عن تلك الواقعة، فأجلت المحكمة الدعوى لإعلانهما ثم قضت فيها دون سماعها ودون إفصاح عن سبب عدولها عن سماعهما, كما أن الحكم المطعون فيه التفت عن دفاع الطاعن في شأن قيام شقيقه وبالوفاء بقيمة هذه الشيكات قبل حلول أجل استحقاقها، وبذلك يكون الحكم معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إنه يبين من الاطلاع على محاضر جلسات المحاكمة الاستئنافية أن الطاعن لم يطلب سماع أقوال شقيقه وإنما اقتصر الحاضر عنه على القول بأنه لا علاقة للطاعن بتلك الدعوى فرأت المحكمة من تلقاء نفسها مناقشة المجني عليه الذي سئل بجلسة 16 من فبراير سنة 1969 فقرر أن شقيق الطاعن كان صرافاً للجمعية التعاونية لموظفي الإعلام واكتشف عجزاً في عهدته فقدم الشيكين موضوع الدعوى وفاء لهذا العجز وهى صادرة من الطاعن لصالح المدعي بالحقوق المدنية بوصفه صرافاً للجمعية، وإذ تقدم هذا الأخير بالشيكين المذكورين للبنك تبين أن ليس لهما مقابل وفاء وإثر ذلك أصدرت المحكمة حكمها المطعون فيه. لما كان ذلك، وكان الطاعن لم يطلب من المحكمة إجراء أي تحقيق في الدعوى ولم تر المحكمة من جانبها ما يدعو لسماع أقوال شقيق الطاعن، وكان الأصل أن محكمة ثاني درجة إنما تحكم على مقتضي الأوراق وهى لا تجري من التحقيقات إلا ما تري هي لزوماً لإجرائه، فلا يجوز للطاعن أن يثير نعيه في هذا الشأن لأول مرة أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن المسئولية الجنائية في صدد المادة 337 من قانون العقوبات لا تتأثر بالسبب أو الباعث الذي من أجله أعطي الشيك وأن القصد الجنائي في تلك الجريمة إنما يتحقق بمجرد علم الساحب بعدم وجود مقابل وفاء له في تاريخ السحب - فإن ما يقوله الطاعن عن حقيقة سبب تحرير الشيكين لا أثر له على طبيعتهما. لما كان ذلك, وكان لا يجدي الطاعن ما يدفع به من أن شقيقه أوفي بقيمة الشيكين قبل تقديمهما للبنك المسحوب عليه لصرف قيمتهما مادام أن الثابت أن الشيكين لم يكن لهما رصيد قائم ولم يستردهما من المدعي بالحقوق المدنية. لما كان ذلك، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يكون له محل. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

الطعن 1078 لسنة 42 ق جلسة 25 / 12 / 1972 مكتب فني 23 ج 3 ق 325 ص 1451


جلسة 25 من ديسمبر سنة 1972
برياسة السيد المستشار/ جمال صادق المرصفاوي رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: حسين سعد سامح، وإبراهيم الديواني، ومصطفي الأسيوطي، وعبد الحميد الشربيني.
-----------------
(325)
الطعن رقم 1078 لسنة 42 القضائية

محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير جدية التحريات". استدلال. تفتيش. "إذن التفتيش. إصداره". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". بطلان.
تقدير جدية التحريات وكفايتها لتسويغ الأمر بالتفتيش. يستقل به قاضي الموضوع بلا معقب.
النعي على الحكم بالفساد في الاستدلال بدعوى إقامته ببطلان إذن التفتيش لخطأ في اسم المقصود به. لا محل له. ما دام الحكم لم ببطل الأمر لمجرد ذلك الخطأ. بل لقصور التحريات. مثال لتسبيب غير سائغ.

--------------
من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لتسويغ الأمر بالتفتيش هو من الموضوع الذي يستقل به قاضيه بغير معقب. ولما كان الحكم قد أبطل إذن التفتيش تأسيساً على عدم جدية التحريات لما تبينه من أن الضابط الذي استصدره لو كان قد جد في تحريه عن المتهم المقصود لعرف حقيقة اسمه أما وقد جهله وخلا محضره من إشارة إلى عمله أو محل إقامته، وذلك لقصوره في التحري مما يبطل الأمر الذي استصدره ويهدر الدليل الذي كشف عنه تنفيذه، ولم يبطل الأمر لمجرد الخطأ في ذلك الاسم، وهو استنتاج سائغ تملكه محكمة الموضوع، فإن الطعن يكون على غير أساس.


الوقائع
اتهمت النيابة العامة المطعون ضده بأنه في يوم 7 فبراير سنة 1970 بدائرة قسم اللبان محافظة الإسكندرية: أحرز بقصد الاتجار جوهراً مخدراً (أفيوناً) في غير الأحوال المصرح بها قانوناً، وطلبت من مستشار الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته بالمواد 1 و2 و7/ 1 و34 و36 و42 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 40 لسنة 1966 والبند 1 من الجدول رقم 1 المرافق. ومحكمة جنايات الإسكندرية قضت حضورياً بتاريخ أول نوفمبر سنة 1971 عملاً بالمادتين 304/ 1 و381/ 1 من قانون الإجراءات الجناية ببراءة المتهم مما أسند إليه ومصادرة المخدرات المضبوطة. فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.

المحكمة
حيث إن النيابة العامة تنعي على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضي ببراءة المطعون ضده من تهمة إحراز مخدر قد شابه الفساد في الاستدلال، ذلك بأنه أقام قضاءه على ما انتهي إليه من بطلان إذن التفتيش لخطأ في أسم الشخص المقصود به مع أن ذلك لا بنبي عليه بطلانه ما دام أن الشخص الذي حصل تفتيشه هو في الواقع بذاته المقصود بأمر التفتيش، مما يعيب الحكم بما يوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه قضي ببراءة المتهم المطعون ضده قائلاً في تسبيب قضائه ما نصه "وحيث إنه بمراجعة محضر التحريات الذي حرره ضابط قسم مكافحة المخدرات وأصدرت النيابة أمرها بالضبط والتفتيش بناء على ما ورد فيه يبن للمحكمة أنه ذكر فيه أسم المتهم على أنه يدعي........ ولم يرد بمحضر التحريات ذكر لعنوان المتهم ومسكنه وعمله وقد تبين من سؤاله ومن واقع بطاقته العائلية أنه يقيم بشارع....... وأنه يشتغل عاملاً بالبحر ولم يطلب الضابط الإذن بتفتيش مسكنه رغم ما ذكره من أنه يتجر في المخدرات الأمر الذي تري معه المحكمة أن الضابط لم يقم بتحريات جدية تكشف عن حقيقة اسم المتهم وعمله ونشاطه ومحل إقامته وتدل على أن ثمة جريمة إحراز مخدرات قد وقعت منه بالفعل وتبرير إصدار الإذن بالتفتيش وحيث إنه إزاء ما رأته المحكمة من عدم جدية التحريات التي صدر إذن النيابة بضبط وتفتيش المتهم بناء عليها يكون الإذن باطلاً ويتعين طرحه وطرح كل ما أنبني عليه من ضبط وتفتيش وما أسفر عنه هذا الضبط والتفتيش" ولما كانت المحكمة قد أبطلت إذن التفتيش تأسيساً على عدم جدية التحريات لما تبينته من أن الضابط الذي استصدره لو كان قد جد في تحريه عن المتهم المقصود لعرف حقيقة اسمه أما وقد جهله وخلا محضره من إشارة إلى عمله أو محل إقامته، وذلك لقصوره في التحري مما يبطل الأمر الذي استصدره ويهدر الدليل الذي كشف عنه تنفيذه. ولم يبطل الأمر لمجرد الخطأ في ذلك الاسم، وهو استنتاج سائغ تملكه محكمة الموضوع. لما كان ذلك، وكان تقدير جدية التحريات وكفايتها لتسويغ الأمر بالتفتيش هو من الموضوع الذي يستقل به قاضيه بغير معقب. لما كان ما تقدم، فإن الطعن يكون على غير أساس متعين الرفض.

الطعن 1079 لسنة 42 ق جلسة 25 / 12 / 1972 مكتب فني 23 ج 3 ق 326 ص 1454

جلسة 25 من ديسمبر سنة 1972
برياسة السيد المستشار/ جمال صادق المرصفاوي رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: حسين سعد سامح، وإبراهيم الديواني، وعبد الحميد الشربيني، وحسن المغربي.
------------------
(326)
الطعن رقم 1079 لسنة 42 القضائية
(أ) جلب. مواد مخدرة. قصد جنائي. جريمة. "أركانها". حكم. "تسبيبه. تسبيب معيب". "بيانات التسبيب". إثبات. "بوجه عام". نقض. "حالات الطعن. مخالفة القانون". "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
المراد بجلب المواد المخدرة في حكم المادة 33 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل. هو استيراده بالذات أو بالواسطة بقصد طرحه للتداول. أساس ذلك؟
الأصل اعتبار فعل الجلب متوافراً فيه قصد التداول.
متى يتعين على الحكم أن يتحدث عن هذا القصد على استقلال.
إثبات الحكم أن المتهم اعترف بجلبه المخدر المضبوط لبيعه. تتوافر به جريمة الجلب الموجب توقيع للعقوبة المقررة لها بالمادة 33 من القانون 182 لسنة 1960. انتهاء الحكم. رغم ذلك. إلى اعتبار الواقعة مجرد إحراز بغير قصد الاتجار أو التعاطي المنطبقة على المادة 38 من هذا القانون قولاً منه يخلو الأوراق من دليل على توافر جريمة الجلب. خطأ.
(ب) نقض. "الطعن للمرة الثانية". "نظره والحكم فيه". مواد مخدرة. جلب. عقوبة. "تطبيقها". محكمة النقض. "سلطتها". ظروف مخففة.
متى يتعين على محكمة النقض. في حالة الطعن للمرة الثانية. أن تحكم في الدعوى دون تحديد جلسة لنظر الموضوع. مثال في جريمة جلب.
سلطة محكمة النقض في إعمال المادة 17 عقوبات.
----------------
1 - إن القانون إذ أوجب توقيع العقوبة المغلظة المنصوص عليها في المادة 33 من القانون رقم 182 لسنة 1960 على جلب المواد المخدرة فقد دل على أن المراد بجلب المخدر استيراده بالذات أو بالواسطة ملحوظاً في ذلك طرحه وتداوله بين الناس سواء كان الجالب استورده لحساب نفسه أو لحساب غيره متى تجاوز بفعله الخط الجمركي، قصداً من الشارع إلي القضاء على انتشار المخدرات في المجتمع الدولي. وهذا المعني يلابس الفعل المادي المكون للجريمة ولا يحتاج في تقريره إلى بيان ولا يلزم الحكم أن يتحدث عنه على استقلال، إلا إذا كان الجوهر المجلوب لا يفيض عن حاجة الشخص أو استعماله الشخصي أو دفع المتهم بقيام قصد التعاطي لديه أو لدي من نقل المخدر لحسابه، وكان ظاهر الحال من ظروف الدعوى وملابساتها يشهد له، يدل على ذلك فوق دلاله المعني اللغوي والاصطلاحي للفظ الجلب أن المشرع نفسه لم يحفل في نصه عن الجلب بالإشارة إلى القصد منه بعكس ما استنه في الحيازة أو الإحراز. ولما كان الحكم المطعون فيه قال في سياق بيانه واقعة الدعوى "إن المخدر المضبوط يزن 2800 جراماً من الحشيش خبئ في ستة أكياس من الدمور ملفوفة حول جسم المتهم - المطعون ضده - الذي اعترف في تحقيقات النيابة بضبط المخدر معه وقرر أن شخصاً أعطاه له لبيعه في القاهرة" فإن ذلك كاف في حد ذاته لأن ينطبق على الفعل الذي قارفه المطعون ضده لفظ "الجلب" كما هو معرف به في القانون بما يتضمنه من طرح الجوهر المخدر في التعامل بغير حاجة إلى استظهار القصد الخاص لهذا الفعل صراحة ولو دفع بانتفائه. وإذ كان الحكم المطعون فيه قد انتهي إلى أن الواقعة مجرد إحراز المخدر بغير قصد الاتجار أو التعاطي المنطبقة على المادة 38 من القانون رقم 182 لسنة 1960 استناداً إلى ما قاله من أن"..... الدعوى خلو من أي دليل يثبت إن المتهم قد جلب إلى جمهورية مصر العربية جوهراً مخدراً" فإنه يكون قد خالف القانون.
2 - لما كان ما أثبته الحكم المطعون فيه من أن كمية المخدر التي أدخلها المطعون ضده البلاد قد بلغ وزنها 2800 جراماً ومن أن المطعون ضده قد اعترف في تحقيق النيابة العامة بأنه أحضر المخدر من بيروت لبيعه في القاهرة كافياً في حد ذاته لأن ينطبق على الفعل الذي قارفه المطعون ضده لفظ "الجلب" وكان الطعن للمرة الثانية، وكان العيب الذي شاب الحكم مقصوراً على الخطأ في تطبيق القانون على الواقعة كما صار إثباتها في الحكم فإنه يتعين حسب القاعدة الأصلية المنصوص عليها في المادة 39 من القانون رقم 57 لسنة 1959 أن تحكم محكمة النقض في الطعن وتصحيح الخطأ وتحكم بمقتضي القانون دون حاجة لتحديد جلسة لنظر الموضوع ما دام أن العوار لم يرد على بطلان في الحكم أو بطلان في الإجراءات أثر في الحكم مما كان يقتضي التعرض لموضوع الدعوى - ومن ثم فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه وتصحيحه بمعاقبة المطعون ضده عن جريمة الجلب المنصوص عليها في المادة 33 ( أ ) من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 40 لسنة 1966 مع مراعاة معني الرأفة الذي أخذت به محكمة الموضوع، باستعمال المادة 17 من قانون العقوبات والنزول بالعقوبة المقررة في المادة 33 ( أ ) من ذلك القانون إلى الحد المعين في المادة 36 منه.

الوقائع
اتهمت النيابة العامة المطعون ضده بأنه في يوم 10 فبراير سنة 1969 بدائرة قسم النزهة محافظة القاهرة: جلب إلى الجمهورية العربية المتحدة جوهراً مخدراً (حشيشاً) قبل الحصول على الترخيص المبين بالقانون. وطلبت من مستشار الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته بالقيد والوصف الواردين بتقرير الاتهام، فقرر ذلك. ومحكمة جنايات القاهرة قضت حضورياً بتاريخ 14 مايو سنة 1970 عملاً بالمواد 1 و2 و37/ 1 و42 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون 40 لسنة 1966 والبند 12 من الجدول رقم 1 المرافق, بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة المؤبدة وتغريمه خمسة آلاف جنيه ومصادرة المخدر المضبوط. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض وقضي فيه بتاريخ 28 مارس سنة 1971 بقبوله شكلاً وفى الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإحالة القضية إلى محكمة جنايات القاهرة لتحكم فيها من جديد دائرة أخري. أعيدت الدعوى ثانية إلى محكمة جنايات القاهرة وقضي فيها بتاريخ 11 نوفمبر سنة 1971، عملاً بالمواد 1/ 1 و2 و37 و42 من القانون رقم 182 لسنة 1960 والبند 12 من الجدول رقم 1 المرافق مع تطبيق المادة 17 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالحبس مع الشغل لمدة سنتين وتغريمه مبلغ خمسمائة جنيه ومصادرة المخدر المضبوط. فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض للمرة الثانية.... إلخ.

المحكمة
حيث إن النيابة العامة تنعي على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون ذلك بأن الحكم أثبت في مدوناته أن المطعون ضده قدم من بيروت ومعه 2800 جراماً من جوهر الحشيش وقد اعترف في التحقيقات بأنه أحضره معه بقصد بيعه في القاهرة، وعلى الرغم من أن المطعون ضده لم يدفع بأنه يحرز المخدر الذي ضبط معه لاستعماله الشخصي فإن المحكمة عدلت وصف التهمة المسندة إليه وهى جلب المخدر المضبوط ودانته بوصف أنه نقل المخدر بغير قصد الاتجار أو التعاطي.
وحيث إنه يبين من الحكم المطعون فيه أنه قال في سياق بيانه واقعة الدعوى "أن المخدر المضبوط يزن 2800 جراماً من الحشيش خبئ في ستة أكياس من الدمور ملفوفة حول جسم المتهم - المطعون ضده - الذي اعترف في تحقيقات النيابة بضبط المخدر معه وقرر أن شخصاً أعطاه له لبيعه في القاهرة" ثم قال الحكم "إن الدعوى خلو من أي دليل يثبت أن المتهم قد جلب إلى جمهورية مصر العربية جوهراً مخدراً". وانتهي الحكم إلى أن الواقعة مجرد إحراز للمخدر بغير قصد الاتجار أو التعاطي المنطبقة على المادة 38 من القانون رقم 182 لسنة 1960. وهذا الذي قرره الحكم غير صحيح في القانون ذلك بأن القانون إذ أوجب توقيع العقوبة المغلظة المنصوص عليها في المادة 33 من القانون رقم 182 لسنة 1960 على جلب المواد المخدرة فقد دل على أن المراد بجلب المخدر استيراده بالذات أو بالواسطة ملحوظاً في ذلك طرحه وتداوله بين الناس سواء كان الجالب استورده لحساب نفسه أو لحساب غيره متى تجاوز بفعله الخط الجمركي، قصداً من الشارع إلى القضاء على انتشار المخدرات في المجتمع الدولي. وهذا المعني يلابس الفعل المادي المكون للجريمة ولا يحتاج في تقريره إلى بيان ولا يلزم الحكم أن يتحدث عنه على استقلال، إلا إذا كان الجوهر المجلوب لا يفيض عن حاجة الشخص أو استعماله الشخصي أو دفع المتهم بقيام قصد التعاطي لديه أو لدي من نقل المخدر لحسابه وكان ظاهر الحال من ظروف الدعوى وملابساتها يشهد له، بدل على ذلك فوق دلالة المعني اللغوي والاصطلاحي للفظ الجلب أن المشرع نفسه لم يحفل في نصه عن الجلب بالإشارة إلى القصد منه بعكس ما استنه في الحيازة أو الإحراز. ولما كان ذلك, وكان ما أثبته الحكم من أن كمية المخدر التي أدخلها المطعون ضده البلاد قد بلغ وزنها 2800 جراماً ومن أن المطعون ضده قد اعترف في تحقيق النيابة العامة بأنه احضر المخدر من بيروت لبيعه في القاهرة كافياً في حد ذاته لأن ينطبق على الفعل الذي قارفه المطعون ضده لفظ "الجلب" كما هو معرف به في القانون بما يتضمنه من طرح الجوهر المخدر في التعامل بغير حاجة إلى استظهار القصد الخاص لهذا الفعل صراحة ولو دفع بانتفائه فان الحكم المطعون فيه إذ جانب هذا النظر على ما سلف بيانه فإنه يكون قد خالف القانون. لما كان ما تقدم, وكان الطعن للمرة الثانية، وكانت المادة 45 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 تنص على أنه "إذا طعن مرة ثانية في الحكم الصادر من المحكمة المحال إليها الدعوى تحكم محكمة النقض في الموضوع وفي هذه الحالة تتبع الإجراءات المقررة في المحاكمة عن الجريمة التي وقعت". غير أنه لما كان العيب الذي شاب الحكم مقصوراً على الخطأ في تطبيق القانون على الواقعة كما صار إثباتها في الحكم فإنه يتعين حسب القاعدة الأصلية المنصوص عليها في المادة 39 من القانون المشار إليه, أن تحكم محكمة النقض في الطعن وتصحح الخطأ وتحكم بمقتضي القانون دون حاجة لتحديد جلسة لنظر الموضوع ما دام إن العوار لم يرد على بطلان في الحكم أو بطلان في الإجراءات أثر في الحكم مما كان يقتضي التعريض لموضوع الدعوى بما يتعين معه نقض الحكم المطعون فيه وتصحيحه بمعاقبة المطعون ضده عن جريمة الجلب المنصوص عليها في المادة 33 أ من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 40 لسنة 1966, مع مراعاة معني الرأفة الذي أخذت به محكمة الموضوع، باستعمال المادة 17 من قانون العقوبات والنزول بالعقوبة المقررة في المادة 33 أ من ذلك القانون, إلى الحد المعين في المادة 36 منه.

الطعن 1148 لسنة 42 ق جلسة 25 / 12 / 1972 مكتب فني 23 ج 3 ق 327 ص 1459


جلسة 25 من ديسمبر سنة 1972
برياسة السيد المستشار/ جمال صادق المرصفاوي رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: حسين سامح، وإبراهيم الديواني، وعبد الحميد الشربيني، وحسن المغربي.
---------------
(327)
الطعن رقم 1148 لسنة 42 القضائية

إثبات. "اعتراف". دفوع. "الدفع ببطلان الاعتراف". إكراه. حكم. "تسبيبه. تسبيب معيب". قتل عمد. اعتراف.
الاعتراف الذي يعول عليه. يجب أن يكون اختيارياً صادراً عن إرادة حرة. عدم جواز التعويل على الاعتراف. ولو كان صادقاً. متى كان وليد إكراه كائناً ما كان قدره. دفع الطاعن ببطلان اعترافه لصدوره تحت تأثير الإكراه نتيجة وثوب الكلب البوليس عليه مما ترك به آثار. على المحكمة إن رأت التعويل على الاعتراف أن تعرض الصلة بينه وبين تلك الإصابات وتنفي قيامها في تدليل سائغ.
قول الحكم رداً على هذا الدفع بأن الإصابات التي أشير إليها بالتقرير الطبي ترجع إلى مقاومة المجني عليها. دون أن يفطن للإصابات الأخرى التي حدثت بالطاعن في عملية الاستعراف اللاحقة. يعيب الحكم. ما أورده الحكم من أدلة أخرى لا يغني إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة.

--------------
من المقرر أن الاعتراف الذي يعول عليه كدليل إثبات في الدعوى يجب أن يكون اختيارياً صادراً عن إرادة حرة، فلا يصح التعويل على الاعتراف - ولو كان صادقاً - متى كان وليد إكراه كائناً ما كان قدره. ولما كان الأصل أنه يتعين على المحكمة إن هي رأت التعويل على الدليل المستمد من الاعتراف أن تبحث الصلة بينه وبين الإصابات المقول بحصولها لإكراه الطاعن عليه ونفي قيامها في استدلال سائغ. ولما كان الثابت أنه كان بالطاعن إصابات أشار إليها التقرير الطبي الشرعي وقد جاءت نتيجة الكشف الطبي عليه في 7 يناير سنة 1970 كما أنه كانت هناك إصابات أخرى به أشير إليها بالتحقيقات نتجت عن هجوم كلب الشرطة على الطاعن عند عرضه عليه في 8 يناير سنة 1970، ولم يعرض الطاعن في شأنها على الطبيب الشرعي أو أي طبيب آخر، وقد كانت هذه الإصابات معاصرة لاعتراف الطاعن بما اعترف به في أول مرة، وكان اعترافه اللاحق في اليوم نفسه تالياً للاعتراف السابق وإثر اتجاه كلب الشرطة نحوه في عملية استعراف أخرى "فارتاع" - حسب تعبير المحقق بمحضر الاستعراف المشار إليه - فإذا جاء الحكم من بعد وكان من بين ما استند إليه في إطراح دفاع الطاعن في شأن وقوع إكراه عليه أدي به إلى ألإدلاء بما أدلي به في تحقيقات النيابة العامة يقول بأن الإصابات التي وجدت بالطاعن عبارة عن آثار سجحات بوجهه من أثر المقاومة التي أبدتها المجني عليها والتي حدثت في وقت معاصر للجريمة دون أن يفطن إلى أن الإصابات التي أشار إليها الطبيب الشرعي في تقريره ليست هي الإصابات التي ورد بالتحقيقات أنها حدثت بالطاعن عند استعراف كلب الشرطة عليه، فإنه لا يكون قد ألم بعناصر الدعوى إلماماً كافياً وأحاط بظروفها إحاطة كاملة، وقد أدي به ذلك إلى عدم التعرض لمبلغ تأثير الإصابات التي نتجت عن وثوب كلب الشرطة على الطاعن - والتي علل بها إدلاءه بما أدلي - في الأقوال التي صدرت منه إثر ذلك مباشرة والصلة بينهما، مما يعيب الحكم ويوجب نقضه. ولا يغني في ذلك ما ذكرته المحكمة من أدلة أخرى إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة يشد بعضها بعضاً ومنها مجتمعه تتكون عقيدة القاضي بحيث إذا سقط أحدها أو استبعد تعذر التعرف على مبلغ الأثر الذي كان لهذا الدليل الباطل في الرأي الذي انتهت إليه المحكمة.


الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه في يوم 6 يناير سنة 1970 بدائرة مركز طلخا محافظة الدقهلية: قتل.......... عمداً بأن ضربها بجسم صلب راض ثقيل "عصا غليظة" وأطبق بيديه على فمها وعنقها فكتم أنفسها وخنقها قاصداً من ذلك قتلها فأحدث بها الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أوردت بحياتها، وطلبت من مستشار الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته بالمادة 234/ 1 من قانون العقوبات، فقرر ذلك في 7 يونيه سنة 1971، ومحكمة جنايات المنصورة قضت حضورياً بتاريخ 15 فبراير سنة 1972 عملاً بمادة الاتهام مع تطبيق المادة 17 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالحبس مع الشغل لمدة ثلاث سنوات. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.

المحكمة
حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه إنه إذ دانه بجريمة قتل عمد قد شابه القصور في التسبيب، ذلك بأنه رد برد غير سائغ على دفاع الطاعن ببطلان الاعتراف الصادر منه بالتحقيقات لأنه كان وليد إكراه وقع عليه من كلب الشرطة بإطلاقه عليه أكثر من مرة وإحداثه به إصابات، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن البين من محضر جلسة المحاكمة أن المدافع عن الطاعن دفع ببطلان الاعتراف المسند إليه لصدوره تحت تأثير إكراه وقع عليه بوثوب كلب الشرطة عيه وإحداث إصابات به نتيجة لذلك سميت خدوشاً، ويبين من الحكم المطعون فيه أن من بين ما عولت عليه المحكمة في إدانة الطاعن اعترافه في تحقيقات النيابة العامة، وقد عرض الحكم لهذا الدفع ورد عليه في قوله "أما عن القول بأن اعترافه كان وليد إكراه وضرب وتعذيب فإن الثابت بالتحقيقات وأوراق الدعوى أن المتهم لم يجر بشأنه تعذيب أو ضرب لإكراهه على الاعتراف، وقد ثبت أن ما وجد به من آثار سجحات بوجهه كان من أثر المقاومة التي أبدتها المجني عليها والتي حدثت في وقت معاصر لوقوع الجريمة، وكذلك الأمر بالنسبة لاعترافه بعد إحضار الكلب البوليسي وهو أمر مشروع قانوناً للاهتداء إلى معرفة الجاني، ولذلك وطالما أن الاعتراف كان اختيارياً ولم يكن نتيجة تهديد أو خوف أو أمر غير مشروع وهو ما لم يحدث فإن المحكمة بالتالي تطمئن كل الاطمئنان إلى اعتراف المتهم في تحقيقات النيابة وإلى أدلة الثبوت سالفة البيان". لما كان ذلك، وكان البين من مطالعة المفردات المضمومة أن الطاعن سئل بتحقيقات النيابة العامة شفوياً وتفصيلاً في المحضر الذي فتح في يوم 7/ 1/ 1970 الساعة 1 صباحاً فأنكر ما أسند إليه، وأن المحقق قد ناظرة وأثبت أنه شاهد به خدوشاً أسفل وبجوار عينه اليسرى وفى الغد الساعة 30 و12 مساء أجريت عملية عرض الطاعن على كلب الشرطة بعد أن شم الحبل الذي كان ملفوفاً حول رقبة المجني عليها فاستعرف على الطاعن وقد أثبت بمحضر هذا الاستعراف أن الكلب هجم على الطاعن وأحدث به بعض الخدوش وأن الطاعن ذكر وقتئذ أنه سيقرر الحقيقة واعترف شفوياً باعتدائه على المجني عليها بالضرب بعصا ثم سئل تفصيلاً فردد هذا الاعتراف كما أثبت بالمحضر الذي فتح في اليوم ذاته الساعة 40 و2 مساء أنه عند عرض شقيق الطاعن على كلب الشرطة أنطلق الكلب تجاه الطاعن "فارتاع" وقرر بأنه يريد الإدلاء بأقوال على انفراد ولما سئل الطاعن كرر اعترافه لسابق مضيفاً إليه تفصيلات أخرى نافياً أنه الذي وضع الحبل حول رقبة المجني عليها، وفى يوم 10/ 1/ 1970 أعيد سؤال الطاعن فأنكر ما نسب إليه وأرجع اعترافه السابق إلى خوفه من كلب الشرطة لأنه عضه في عملية العرض الأولى وكان يخشي من عرضه عليه في أخري وظل على إنكاره بعد ذلك في مرحلتي التحقيق والمحاكمة مردداً أن اعترافه كان بسبب اعتداء كلب الشرطة عليه, ولما كان الثابت من التقرير الطبي أن الطبيب الشرعي انتقل في الساعة العاشرة من صباح 7/ 1/ 1970 إلى البلدة مكان الحادث وأجرى الصفة التشريحية لجثة المجني عليها وقام بالكشف على الطاعن وانتهي في تقريره إلى أنه شوهد بالطاعن آثار اصابية عبارة عن ثلاث سجحات ظفريه حديثه أحدها بالوجنة اليسرى واثنتان بجوار الأنف أسفل الإنسية العين اليسرى وأنها تحدث نتيجة تماسك أو مقاومة في تاريخ معاصر لتاريخ الحادث. لما كان ذلك, وكان من المقرر أن الاعتراف الذي يعول عليه كدليل إثبات في الدعوى يجب أن يكون اختيارياً صادراً عن إرادة حرة، فلا يصح التعويل على الاعتراف - ولو كان صادقاً - متى كان وليد إكراه كائناً ما كان قدره. وكان الأصل أنه يتعين على المحكمة إن هي رأت التعويل على الدليل المستمد من الاعتراف أن تبحث الصلة بينه وبين الإصابات المقول بحصولها لإكراه الطاعن عليه ونفي قيامها في استدلال سائغ, ولما كان الثابت - مما سلف - أنه كان بالطاعن إصابات أشار إليها التقرير الطبي الشرعي وقد جاءت نتيجة الكشف الطبي عليه في 7/ 1/ 1970 كما أنه كانت هناك إصابات أخرى به أشير إليها بالتحقيقات نتجت عن هجوم كلب الشرطة على الطاعن عند عرضه عليه في 8/ 1/ 1970 ولم يعرض الطاعن في شأنها على الطبيب الشرعي أو أي طبيب آخر وقد كانت هذه الإصابات معاصرة لاعتراف الطاعن بما اعترف به في أول مرة، وكان اعترافه اللاحق في اليوم نفسه تالياً للاعتراف السابق وإثر اتجاه كلب الشرطة نحوه في عملية استعراف أخرى "فارتاع" - حسب تعبير المحقق بمحضر الاستعراف المشار إليه - فإذا جاء الحكم من بعد وكان من بين ما أستند إليه في إطراح دفاع الطاعن في شأن وقوع إكراه عليه أدي به إلى ألإدلاء بما أدلي به في تحقيقات النيابة العامة يقول بأن الإصابات التي وجدت بالطاعن عبارة عن آثار سجحات بوجهه من أثر المقاومة التي أبدتها المجني عليها والتي حدثت في وقت معاصر للجريمة دون أن يفطن إلى أن الإصابات التي أشار إليها الطبيب الشرعي في تقريره ليست هي الإصابات التي ورد بالتحقيقات أنها حدثت بالطاعن عند استعراف كلب الشرطة عليه، فإنه لا يكون قد ألم بعناصر الدعوى إلماماً كافياً وأحاط بظروفها إحاطة كاملة، وقد أدي به ذلك إلى عدم التعرض لمبلغ تأثير الإصابات التي نتجت عن وثوب كلب الشرطة على الطاعن - والتي علل بها إدلاءه بما أدلي - في الأقوال التي صدرت منه إثر ذلك مباشرة والصلة بينهما، ما يعيب الحكم ويوجب نقضه. ولا يغني في ذلك ما ذكرته المحكمة من أدلة أخرى, إذ أن الأدلة في المواد الجنائية متساندة يشد بعضها بعضاً ومنها مجتمعه تتكون عقيدة القاضي بحيث إذا سقط أحدها أو استبعد تعذر التعرف على مبلغ الأثر الذي كان لهذا الدليل الباطل في الرأي الذي انتهت إليه المحكمة. لما كان ما تقدم فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه والإحالة بغير حاجة إلى بحث باقي ما أثير في الطعن.

الطعن 1149 لسنة 42 ق جلسة 25 / 12 / 1972 مكتب فني 23 ج 3 ق 328 ص 1464


جلسة 25 من ديسمبر سنة 1972
برياسة السيد المستشار/ جمال صادق المرصفاوي رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: حسين سامح، ومصطفى الأسيوطي، وعبد الحميد الشربيني، وحسن المغربي.
--------------
(328)
الطعن رقم 1149 لسنة 42 القضائية

رابطة السببية. حكم. "بياناته. بيانات التسبيب". "تسبيبه. تسبيب معيب". جريمة. "أركان الجريمة". قتل خطأ. إصابة خطأ. نقض. "أسباب الطعن. ما يقبل منها". إثبات. "خبرة".
إغفال حكم الإدانة بيان الإصابات التي أحدثها المتهم بالمجني عليهما ونوعها وكيف أدت إلى وفاة أحدهما. من واقع الدليل الفني. قصور.

--------------
لئن كان الحكم المطعون فيه قد دلل على أن السيارة قيادة الطاعن اصطدمت من الخلف بالسيارة التي كان المجني عليه الأول يقف على سلمها بحكم عمله "كحمال" أثناء وقوفها بالطريق وأنه ترتب على ذلك وفاته إلا أنه فيما انتهي إليه من إدانة الطاعن لم يذكر شيئاً عن بيان الإصابات التي أحدثها بالمجني عليهما ونوعها وكيف أدت إلى الوفاة أولهما وذلك من واقع الدليل الفني - وهو التقرير الطبي - مما يعيب الحكم بالقصور الذي يتسع له وجه الطعن.


الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه في يوم 15 يونيه سنة 1970 بدائرة مركز المحلة محافظة الغربية (أولاً) تسبب خطأ في موت...... وكان ذلك ناشئاً عن إهماله وعدم احترازه ومخالفته للقوانين واللوائح إذ كان يقود سيارته بحالة تعرض حياة الأشخاص والأموال للخطر ولم يضبط فراملها في الوقت المناسب فصدم سيارة كانت تقف أمامه فحدثت إصابة المجني عليه التي أودت بحياته. (ثانياً) تسبب خطأ في جرح...... وكان ذلك ناشئاً عن إهماله وعدم احترازه ومخالفته للقوانين واللوائح إذ كان يقود سيارة بحالة تعرض حياة الأشخاص والأموال للخطر ولم يضبط فراملها في الوقت المناسب فصدم السيارة التي كانت تقف أمامه فحدثت إصابة المجني عليه (ثالثاً) قاد سيارة بحالة تعرض حياة الأشخاص والأموال للخطر. وطلبت عقابه بالمادتين 238/ 1 و244/ 1 من قانون العقوبات والمادة 2 من القانون رقم 449 لسنة 1955. وادعت السيدات........ مدنياً بمبلغ 51 جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت قبل المتهم ورئيس مجلس إدارة شركة النيل العامة لنقل البضائع. ومحكمة جنح مركز المحلة الجزئية قضت حضورياً اعتبارياً بتاريخ أول فبراير سنة 1971 عملاً بمواد الاتهام بحبس المتهم ستة أشهر مع الشغل وكفالة عشرة جنيهات لوقف التنفيذ وبإلزامه بأن يدفع للمدعيات بالحق المدني مبلغ 51 جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت بلا مصروفات. فاستأنف المتهم. ومحكمة طنطا الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بتاريخ 21 مارس سنة 1972 بقبول الاستئناف شكلاً وفى الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف وألزمت المتهم المصروفات المدنية الاستئنافية بلا مصروفات جنائية. فطعن الوكيل عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.

المحكمة
حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمتي الموت والجرح الخطأ، قد جاء معيباً بالقصور, ذلك بأنه لم يستظهر علاقة السببية بين الخطأ الذي وقع من الطاعن وبين وفاة المجني عليه الأول، وإصابة المجني عليه الآخر.
وحيث إنه بين من الحكم المطعون فيه أنه وإن كان قد دلل على أن السيارة قيادة الطاعن اصطدمت من الخلف بالسيارة التي كان المجني عليه الأول يقف على سلمها بحكم عمله "كحمال" أثناء وقوفها بالطريق وأنه ترتب على ذلك وفاته, إلا أنه فيما انتهي إليه من إدانة الطاعن لم يذكر شيئاً عن بيان الإصابات التي أحدثها بالمجني عليهما ونوعها وكيف أدت إلى وفاة أولهما, وذلك من واقع الدليل الفني "وهو التقرير الطبي" مما يعيب الحكم بالقصور الذي يتسع له وجه الطعن.
ويتعين لذلك نقض الحكم والإحالة بغير حاجة إلى بحث سائر أوجه الطعن.