جلسة 24 من ديسمبر سنة 1972
برياسة السيد المستشار/
نصر الدين عزام، وعضوية السادة المستشارين: حسن الشربيني، ومحمود عطيفه، ومحمد عبد
المجيد سلامة، ومحمد عادل مرزوق.
---------------
(322)
الطعن رقم 145 لسنة 42
القضائية
(أ) تزوير. "في محرر
عرفي" جريمة. "أركانها".
مجرد تغيير الحقيقة في
محرر عرفي بإحدى الطرق المنصوص عليها في القانون يكفي لتوافر جريمة التزوير متى
كان من الممكن أن يترتب عليه وقت وقوع التغيير ضرر ولو محتمل للغير سواء أكان هو
المزور عليه أم أي شخص آخر.
(ب) تزوير. "في محرر
عرفي". قصد جنائي. جريمة. "أركانها".
القصد الجنائي في التزوير
يتحقق بتعمد تغييراً لحقيقة في محرر تغييراً من شأنه أن يسبب ضرراً وبنية استعمال
المحرر فيما غيرت الحقيقة فيه.
(جـ) تزوير. "في
محرر عرفي". جريمة. "أركانها".
جريمة استعمال المحرر
المزور تقوم باستعماله فيما زور من أجله مع علم من استعمله بتزويره.
(د) إثبات. "بوجه
عام". تزوير. محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل".
الإثبات في المواد
الجنائية العبرة فيه باقتناع القاضي واطمئنانه إلى الأدلة المطروحة. له الأخذ بأي
دليل إلا إذا قيده القانون إثبات التزوير واستعماله ليس له طريقاً خاصاً.
(هـ, و) محكمة الموضوع.
"سلطتها في تقدير الدليل". إثبات. "شهود". دعوى مدنية.
(هـ) وزن أقوال الشهود
مرجعه محكمة الموضوع. أخذها بأقوال شاهد مفاده إطراحها جميع الاعتبارات التي ساقها
الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها.
(و) تعويل الحكم في قضائه
على أقوال المدعي المدني لا يعيبه. المادة 288 إجراءات تجيز سماعه كشاهد.
(ز) إثبات.
"خبرة". محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل".
محكمة الموضوع. سلطتها في
تقدير القوة التدليلية لعناصر الدعوى المطروحة. هي الخبير الأعلى في كل ما تستطيع
هي أن تفصل فيه بنفسها ما دامت المسألة المطروحة ليست من المسائل الفنية البحث.
اختلاف المداد يمكن تبينه
بالعين المجردة. لا يحتاج إلى خبير في تقريره.
(ح، ط) إثبات. "بوجه
عام". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
(ح) تساند الأدلة في
المواد الجنائية. يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصد الحكم
منها.
)ط) التناقض الذي يعيب
الحكم هو الذي يقع بين أسبابه بحيث ينفي بعضها ما أثبته البعض الآخر. مثال لتسبيب
سائغ في تزوير.
(ي) تزوير. "في محرر
عرفي". إجراءات المحاكمة. نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تقديم العقد المطعون عليه
بالتزوير في حافظة للطاعن بين مرفقاتها. اعتباره معروضاً على بساط البحث والمناقشة
في حضور الخصوم وليس مودعاً في حرز مغلق لم يفض.
--------------
1 - من المقرر أن مجرد
تغيير الحقيقة في محرر عرفي بإحدى الطرق المنصوص عليها في القانون يكفي لتوافر
جريمة التزوير متى كان من الممكن أن يترتب عليه في الوقت الذي وقع فيه تغيير
الحقيقة ضرر للغير، سواء أكان المزور عليه أم أي شخص آخر، ولو كان الضرر محتملاً.
2 - القصد الجنائي في
جريمة التزوير إنما يتحقق بتعمد تغيير الحقيقة في محرر تغييراً من شأنه أن يسبب
ضرراً، وبنية استعمال المحرر فيما غيرت الحقيقة فيه.
3 - تقوم جريمة استعمال
المحرر المزور باستعماله فيما زور من أجله مع علم من استعماله بتزويره.
4 - العبرة في الإثبات في
المواد الجنائية هي باقتناع القاضي واطمئنانه إلى الأدلة المطروحة عليه، وله أن
يأخذ بأي دليل يرتاح إليه إلا إذا قيده القانون بدليل معين ينص عليه، وإثبات
التزوير واستعماله ليس له طريق خاص والعبرة فيه بما تطمئن إليه المحكمة من الأدلة
السائغة.
5 - وزن أقوال الشهود
وتقديرها مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره الذي تطمئن
إليه بغير معقب، ومتى أخذت بأقوال الشاهد. دل ذلك على إطراحها جميع الاعتبارات
التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها.
6 - لا يعيب الحكم أن عول
في قضائه على أقول المدعي بالحق المدني مادامت المادة 288 من قانون الإجراءات
الجنائية تجيز سماعه كشاهد. ومتى كانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال شاهدي الإثبات
وصحة تصويرهما للواقعة فلا تجوز مجادلتها في ذلك أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام
محكمة النقض.
7 - لما كان الأصل أن
محكمة الموضوع لها كامل السلطة في تقدير القوة التدليلية لعناصر الدعوى المطروحة
على بساط البحث وهى الخبير الأعلى في كل ما تستطيع هي أن تفصل فيه بنفسها ما دامت
المسألة المطروحة ليست من المسائل الفنية البحت التي لا تستطيع المحكمة بنفسها أن
تشق طريقها لإبداء الرأي فيها، فإن ما استخلصته المحكمة من مطالعتها للعقد موضوع
الاتهام لا يحتاج إلى خبير في تقريره لأن اختلاف المداد يمكن تبينه بالعين المجردة.
8 - الأدلة في المواد
الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً، ومنها مجتمعة تتكون عقيدة القاضي فلا ينظر إلى
دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها
كوحدة مؤدية إلى ما قصد الحكم منها ومنتجة في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها
إلى ما انتهت إليه.
9 - التناقض الذي يعيب
الحكم هو الذي يقع بين أسبابه بحيث ينفي بعضها ما أثبته البعض الآخر، فلا يعرف أي
الأمرين قصدته المحكمة، ومتى كانت المحكمة قد اطمأنت في حدود سلطتها إلى أن الطاعن
وحده هو محدث التزوير ودللت على ذلك بما لا تناقض فيه وخلصت إلى تبرئة المتهمين
الثاني والثالث من تهمة الاشتراك مع الطاعن في تزوير المحرر لانتفاء الدليل الذي يقيم
اقتناعها بذلك، وكان لا تعارض بين ما انتهي إليه الحكم في شأنهما وبين ثبوت
الاتهام في حق الطاعن إذ يصح في منطق العقل أن يكون الطاعن قد أحدث التغيير في
المحرر في غفلة من البائع وشاهد العقد أسوة بما فعل مع المشتري الحقيقي المدعي
بالحق المدني, وبغير أتفاق بينه وبينهما وبلا تحريض أو مساعدة منهما, ومن ثم تكون
دعوى الطاعن بالتناقض في التسبيب في غير محلها.
10 - إذا كان العقد
المطعون عليه بالتزوير مقدم في حافظة للطاعن بين مرفقاتها فإنه بذلك كان معروضاً
على بساط البحث والمناقشة في حضور الخصوم بجلسة المحكمة الاستئنافية ولم يكن
مودعاً في حرز مغلق لم يفض لدي نظر الدعوى أمامها - على حد ما نعي به الطاعن - فإن
المنعى في هذا الشأن لا يكون صحيحاً.
الوقائع
أقام المدعي بالحق
المدني..... دعواه بالطريق المباشر أمام محكمة طنطا الجزئية ضد 1 - ..... (طاعن)
2 - ..... 3 - ..... متهماً إياهم بأنهم في يوم 29 نوفمبر سنة 1968 بدائرة
مركز طنطا محافظة الغربية: (لمتهم الأول) 1 - غير الحقيقة في عقد البيع على النحو
المبين بالعريضة. 2 - استعمل العقد المزور على النحو المبين بالعريضة. (المتهمان
الثاني والثالث): اشتركا وعاونا المتهم الأول على النحو المبين بالعريضة - وطلب
عقابهم بالمواد 221، 212، 213، 214، 215 من قانون العقوبات مع إلزامهم بأن يدفعوا
له قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت مع المصاريف ومقابل أتعاب المحاماة.
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً اعتبارياً للمتهمين الأول والثاني وغيابياً للثالث
بتاريخ 3 فبراير سنة 1971 عملاً بالمواد 211، 213، 215، 32 من قانون العقوبات
بالنسبة للمتهم الأول (أولاً) بحبس المتهم الأول ثلاثة شهور مع الشغل وكفالة ثلاثة
جنيهات لوقف التنفيذ عن التهمتين وبراءة المتهمين الثاني والثالث مما أسند إليهما
(ثانياً) بإلزام المتهم الأول أن يؤدي للمدعي بالحق المدني مبلغ قرش صاغ واحد على
سبيل التعويض المؤقت ومصاريف الدعوى المدنية ومائة قرش مقابل أتعاب المحاماة ورفضت
ماعدا ذلك من الطلبات وببراءة المتهمين الثاني والثالث مما أسند إليهما وبرفض
الدعوى المدنية بالنسبة لهما. فاستأنف المتهم الأول هذا الحكم ومحكمة طنطا
الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بتاريخ 27 مارس سنة 1972 بقبول
الاستئناف شكلاً، وفى الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف، فطعن الوكيل عن
المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.
المحكمة
حيث إن مبني الطعن هو أن
الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمتي تزوير محرر عرفي واستعماله قد أخطأ في
تطبيق القانون وشابه الفساد في الاستدلال والقصور والتناقض في التسبيب والإخلال
بحق الدفاع، ذلك بأن تحرير الطاعن لعقد شراء المنزل باسمه لا باسم المدعي بالحق المدني
المشتري الحقيقي - لا يكون جريمة تزوير وإنما جريمة نصب لم تتكامل أركانها لعدم
ثبوت وفاء المجني عليه بالثمن وانتفاء تواطؤ الطاعن مع المتهم الثاني البائع
والمتهم الثالث الشاهد على إبرام العقد هذا إلى أن الحكم لم يستظهر أركان جريمتي
التزوير والاستعمال، وعول على أدلة لا تؤدي إلى النتيجة التي خلص إليها، فاختلاف
المداد الذي حرر به اسم الطاعن في العقد عن مداد باقي عبارته هو أمر ينقصه رأي أهل
الخبرة ولا يؤدي إلى القول بتزوير العقد، ولا يصح الاعتماد على أقوال المدعي بالحق
المدني ولا محل للتعويل على أقوال ابن البائع لأنه ليس طرفاً في العقد، ووضع يد
المجني عليه على المنزل لا يدل على أنه هو المشتري. كما أن الحكم قد دان الطاعن
رغم أنه لم يوقع على العقد وقضي ببراءة المتهمين الثاني والثالث - البائع والشاهد
- الموقعين عليه بما يشوبه بالتناقض. والتفت عن الطلب الذي تمسك به الطاعن في
مذكرته المقدمة لمحكمة الدرجة الثانية بندب قسم أبحاث التزييف والتزوير لبيان مدي
اختلاف المداد الذي حرر به صلب العقد واسم المشتري فيه، ولم تطلع المحكمة على
الحرز الذي يحوي العقد المدعي بتزويره، هذا فضلاً عن أن الحكم قد خلا من بيان
الضرر الذي أصاب المدعي بالحق المدني لتبرير قبول الدعويين المدنية والجنائية
المرفوعة بالطريق المباشر مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إنه يبين من الحكم
الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه أنه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر
به كافة العناصر لقانونية لجريمتي التزوير في محرر عرفي واستعماله مع العلم
بتزويره اللتين دين الطاعن بهما وأورد على ثبوتهما في حقه أدلة سائغة ولها معينها
الصحيح من الأوراق. لما كان ذلك، وكان الحكم قد أثبت في حق الطاعن أنه أسند أمراً
لم يقع ممن أسند إليه في محرر أعد لإثباته، وبإحدى الطرق المنصوص عليها في
القانون، مما أدى إلى إلحاق الضرر بالمدعي بالحق المدني، بأن استبدل اسمه باسم هذا
الأخير في عقد شرائه العقار من المتهم الثاني، وأسند بذلك إلى البائع واقعة لم
تصدر منه، وهى بيعه إياه للطاعن، مما أضر بالمدعي بالحق المدني, كما أثبت الحكم في
حقه أنه استعمل هذا المحرر مع علمه بتزويره, بأن قدمه إلى محكمة مركز طنطا في دعوى
أقامها أمامها بطلب طرد المدعي بالحق المدني من هذا العقار. ولما كان من المقرر أن
مجرد تغيير الحقيقة في محرر عرفي بإحدى الطرق المنصوص عليها في القانون يكفي
لتوافر جريمة التزوير متى كان من الممكن أن يترتب عليه في الوقت الذي وقع فيه
تغيير الحقيقة ضرر للغير، سواء أكان المزور عليه أم أي شخص آخر، ولو كان الضرر
محتملاً, وكان القصد الجنائي في جريمة التزوير إنما يتحقق بتعمد تغيير الحقيقة في
محرر تغييراً من شأنه أن يسبب ضرراً، وبنية استعمال المحرر فيما غيرت الحقيقة فيه,
وكانت جريمة استعمال المحرر المزور تقوم باستعماله فيما زور من أجله مع علم من
استعماله بتزويره, فإن ما يثيره الطاعن في خصوص عدم توافر أركان جريمتي التزوير
والاستعمال في واقعة الدعوى والزعم بأنها جريمة نصب غير متكاملة لا يكون له محل.
لما كان ذلك, وكان الحكم قد عول في قضائه بالإدانة على أقوال الدعي بالحق المدني
والشاهد...... "أبن البائع", وعلى حالة العقد ومظهره من اختلاف المداد
المحرر به اسم المشتري عن المداد الذي حرر به صلب العقد, وعلى وضع يد المدعي
المدني على العقار منذ تاريخ الشراء, وكانت العبرة في الإثبات في المواد الجنائية
هي باقتناع القاضي واطمئنانه إلى الأدلة المطروحة عليه، وله أن يأخذ بأي دليل
يرتاح إليه إلا إذا قيده القانون بدليل معين ينص عليه، وكان إثبات التزوير
واستعماله ليس له طريق خاص والعبرة فيه بما تطمئن إليه المحكمة من الأدلة السائغة
وكان وزن أقوال الشهود وتقديرها مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها
وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه بغير معقب، ومتى أخذت بأقوال الشاهد دل ذلك على
إطراحها جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها, وكان لا
يعيب الحكم أن عول في قضائه على أقول المدعي بالحق المدني مادامت المادة 288 من
قانون الإجراءات الجنائية تجيز سماعه كشاهد, ومتى كانت المحكمة قد اطمأنت إلى
أقوال شاهدي الإثبات وصحة تصويرهما للواقعة, فلا تجوز مجادلتها في ذلك أو مصادرة
عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض. و كان الأصل أن محكمة الموضوع لها كامل السلطة
في تقدير القوة التدليلية لعناصر الدعوى المطروحة على بساط البحث, وهى الخبير
الأعلى في كل ما تستطيع هي أن تفصل فيه بنفسها ما دامت المسألة المطروحة ليست من
المسائل الفنية البحث التي لا تستطيع المحكمة بنفسها أن تشق طريقها لإبداء الرأي
فيها، وإذ كان ما استخلصته المحكمة من مطالعتها للعقد موضوع الاتهام لا يحتاج إلى
خبير في تقريره لأن اختلاف المداد يمكن تبينه بالعين المجردة, ولما كانت الأدلة في
المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً، ومنها مجتمعة تتكون عقيدة القاضي, فلا
ينظر إلى دليل بعينه لمناقشه على حدة دون باقي الأدلة, بل يكفي أن تكون الأدلة في
مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصد الحكم منها ومنتجة في اكتمال اقتناع المحكمة
واطمئنانها إلى ما انتهت إليه, وكان جماع ما أورده الحكم من الأدلة والقرائن التي
اطمأنت المحكمة إليها يسوغ ما رتب عليه ويصح به استدلال الحكم فإن النعي, عليه
بالفساد في الاستدلال يكون غير سديد. لما كان ذلك, وكان الحكم قد خلص إلى أن
الطاعن عمد إلى تغيير بيان اسم المشترى في العقد بوضع اسمه هو بدلاً منه ونسب بذلك
الشراء إلى نفسه, أما المتهم الثاني فقد وقع على العقد بصفته بائعاً كما وقع عليه
المتهم الثالث كشاهد, وانتهي الحكم إلي ثبوت جريمة التزوير في حق الطاعن وإلى وجوب
عقابه عنها ثم أورد في شأن المتهمين الثاني والثالث قوله بأن الأوراق خلو من دليل
على صحة ما نسب إليها من اشتراكهما في ارتكاب جريمة تزوير المحرر, وقضي من ثم
ببراءتهما من تلك التهمة وبرفض الدعوى المدنية قبلهما. لما كان ذلك, وكان التناقض
الذي يعيب الحكم هو الذي يقع بين أسبابه بحيث ينفي بعضها ما أثبته البعض الآخر،
فلا يعرف أي الأمرين قصدته المحكمة، ومتى كانت المحكمة قد اطمأنت في حدود سلطتها
إلي أن الطاعن وحده هو محدث التزوير, ودللت على ذلك بما لا تناقض فيه, وخلصت إلى
تبرئة المتهمين الثاني والثالث من تهمة الاشتراك مع الطاعن في تزوير المحرر
لانتفاء الدليل الذي يقيم اقتناعها بذلك، وكان لا تعارض بين ما انتهي إليه الحكم
في شأنهما وبين ثبوت الاتهام في حق الطاعن إذ يصح في منطق العقل أن يكون الطاعن قد
أحدث التغيير في المحرر في غفلة من البائع وشاهد العقد أسوة بما فعل مع المشتري
الحقيقي المدعي بالحق المدني. وبغير اتفاق بينه وبينهما وبلا تحريض أو مساعدة
منهما. ومن ثم تكون دعوى الطاعن بالتناقض في التسبيب في غير محلها. لما كان ذلك,
وكان البين من المفردات المضمومة أن الطاعن لم يتمسك بطلب ندب قسم أبحاث التزييف
والتزوير بالمذكرة المقدمة منه لمحكمة الدرجة الثانية وأن العقد المطعون عليه
بالتزوير مقدم في حافظة للطاعن بين مرفقاتها ومن ثم كان معروضاً على بساط البحث
والمناقشة في حضور الخصوم بجلسة المحكمة الاستئنافية وليس مودعاً في حرز مغلق لم
يفض لدي نظر الدعوى أمامها, فإن منعي الطاعن في هذا الشأن لا يكون صحيحاً. ولما
كان الحكم قد استظهر ركن الضرر حسبما تقدم البيان فإنه لا محل لما يثيره الطاعن
بشأن عدم قبول الدعويين المدنية والجنائية. لما كان ما تقدم, فإن الطعن برمته يكون
على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.