الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 3 يونيو 2020

الطعن 409 لسنة 58 ق جلسة 30/ 11/ 1988 مكتب فني 39 ج 2 ق 180 ص 1155


جلسة 30 من نوفمبر سنة 1988
برئاسة السيد المستشار/ إبراهيم حسين رضوان نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ ناجي إسحق نائب رئيس المحكمة وفتحي خليفة وإبراهيم عبد المطلب ووفيق الدهشان.
---------------
(180)
الطعن رقم 409 لسنة 58 القضائية

(1) قذف. دعوى جنائية "قيود تحريكها". دفوع "الدفع بعدم قبول الدعويين الجنائية والمدنية. ميعاده".
جريمة القذف من الجرائم التي لا يجوز رفع الدعوى الجنائية فيها إلا بناء على شكوى شفاهية أو كتابية من المجني عليه أو وكيله الخاص. عدم قبول الشكوى بعد ثلاثة أشهر من يوم علم المجني عليه بالجريمة ومرتكبها. المادة 3 إجراءات.
(2) حكم "بيانات التسبيب" "تسبيبه. تسبيب معيب".
تعييب الحكم عدم تحديده تاريخ الواقعة أو الخطأ فيه. حده: اتصال هذا التاريخ بحكم القانون فيها أو ادعاء المتهم أن الدعوى الجنائية قد انقضت بمضي المدة.
 (3)نقض "الطعن للمرة الثانية" "نظره والحكم فيه".
نقض الحكم للمرة الثانية. أثره: وجوب تحديد جلسة لنظر الموضوع.

-----------------
1 - إن المادة الثالثة من قانون الإجراءات الجنائية بعد أن عددت الجرائم التي لا يجوز أن ترفع الدعوى الجنائية فيها إلا بناء على شكوى شفاهية أو كتابية من المجني عليه أو وكيله الخاص - ومنها جريمة القذف - نصت في فقرتها الثانية على أنه لا تقبل الشكوى بعد ثلاثة أشهر من يوم علم المجني عليه بالجريمة ومرتكبها.
2 - من المقرر أن تعييب الحكم عدم تحديده تاريخ الواقعة أو الخطأ فيه - حده أن يتصل هذا التاريخ بحكم القانون فيها. أو يدعي المتهم أن الدعوى الجنائية قد انقضت بمضي المدة.
3 - لما كان الطعن مقدماً لثاني مرة فإنه يتعين تحديد جلسة لنظر الموضوع وذلك إعمالاً لحكم المادة 45 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959.


الوقائع
أقام المدعي بالحقوق المدنية دعواه بطريق الادعاء المباشر أمام محكمة جنح بندر الإسماعيلية ضد الطاعن بوصف أنه - قذف في حقه وهو من رجال الدين في مصر بأن نعته بأنه جاهل وأمسك بلحيته ثلاث مرات استهزاء واستخفافاً بشعار الإيمان فيه. وطلبت عقابه بالمادة 303 من قانون العقوبات، وإلزامه بمبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً اعتبارياً عملاً بمادة الاتهام بحبس المتهم شهراً مع الشغل وكفالة عشرة جنيهات، وإلزامه بأن يؤدي للمدعي بالحقوق المدنية مبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت. استأنف المحكوم عليه ومحكمة الإسماعيلية الابتدائية (بهيئة استئنافية) قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً، وفي الموضوع بتعديل الحكم المستأنف والاكتفاء بتغريم المتهم خمسين جنيهاً وتأييده فيما عدا ذلك.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض (قيد بجدول محكمة النقض برقم 6502 سنة 53 القضائية). ومحكمة النقض قضت بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإعادة القضية إلى محكمة الإسماعيلية الابتدائية للفصل فيهما مجدداً من هيئة أخرى وألزمت المطعون ضده "المدعي بالحقوق المدنية" المصاريف المدنية. ومحكمة الإعادة قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بتعديل الحكم المستأنف والاكتفاء بتغريم المتهم خمسين جنيهاً وتأييده فيما عدا ذلك.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض (للمرة الثانية) .... إلخ.


المحكمة
من حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة القذف وألزمه بدفع تعويض للمدعي بالحقوق المدنية قد شابه قصور في التسبيب، ذلك أنه في رده على الدفع بعدم قبول الدعويين الجنائية والمدنية لفوات أكثر من ثلاثة أشهر على علم المجني عليه بالجريمة ومرتكبها، لم يحدد تاريخ الواقعة، مما يعيبه ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن المادة الثالثة من قانون الإجراءات الجنائية بعد أن عددت الجرائم التي لا يجوز أن ترفع الدعوى الجنائية فيها إلا بناء على شكوى شفاهية أو كتابية من المجني عليه. أو وكيله الخاص - ومنها جريمة القذف - نصت في فقرتها الثانية على أنه لا تقبل الشكوى بعد ثلاثة أشهر من يوم علم المجني عليه بالجريمة ومرتكبها. لما كان ذلك، وكان تعييب الحكم عدم تحديده تاريخ الواقعة أو الخطأ فيه - حده أن يتصل هذا التاريخ بحكم القانون فيها، أو يدعي المتهم أن الدعوى الجنائية قد انقضت بمضي المدة، وكان الحكم المطعون فيه في رده على الدفع بعدم قبول الدعويين الجنائية والمدنية لفوات أكثر من ثلاثة أشهر على علم المجني عليه بالجريمة ومرتكبها قد عول على أن الشكوى قدمت في 3 من ديسمبر سنة 1979 عن الواقعة التي حدثت في شهر سبتمبر سنة 1979 دون أن يحدد يوم الواقعة رغم اتصال هذا التحديد بسلامة الدفع أو عدم صحته، فإنه يكون معيباً بالقصور الذي يبطله ويوجب نقضه، مع إلزام المطعون ضده المدعي بالحقوق المدنية بالمصاريف المدنية. لما كان الطعن مقدماً لثاني مرة فإنه يتعين تحديد جلسة لنظر الموضوع وذلك إعمالاً لحكم المادة 45 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 سنة 1959

الطعن 696 لسنة 58 ق جلسة 1/ 12/ 1988 مكتب فني 39 ج 2 ق 181 ص 1159


جلسة أول ديسمبر سنة 1988
برئاسة السيد المستشار/ محمد رفيق البسطويسي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد أحمد حسن وعبد الوهاب الخياط نائبي رئيس المحكمة وعبد اللطيف أبو النيل وعمار إبراهيم.
-------------------
(181)
الطعن رقم 696 لسنة 58 القضائية

(1) رشوة. جريمة "أركانها". موظفون عموميون. قانون "تفسيره".
جريمة الرشوة. تمامها بمجرد طلب الرشوة - من جانب الموظف والقبول من جانب الراش. تسليم مبلغ الرشوة من بعد ليس إلا نتيجة الاتفاق.
 (2)إجراءات "إجراءات المحاكمة" نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
النعي على المحكمة عدم اطلاعها على حرزي النقود المضبوطة والتسجيلات الصوتية. غير جائز. ما دام الطاعن لم يطلب منها ذلك.
(3) إجراءات "إجراءات التحقيق". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
إجراءات التحريز. تنظيمية. عدم ترتب البطلان على مخالفتها. علة ذلك؟
 (4)حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل".
الخطأ في الإسناد الذي يعيب الحكم. ماهيته؟
مثال لخطأ مما لا يعيب الحكم.
 (5)مأمورو الضبط القضائي "اختصاصهم". استدلالات.
مهمة مأموري الضبط القضائي وفق أحكام المادة 21 إجراءات؟ حدها؟
(6) رشوة. جريمة "أركانها". موظفون عموميون. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
جريمة عرض الرشوة. ما لا يؤثر في قيامها؟
 (7)قبض. تفتيش "إذن التفتيش. تنفيذه" "الدفع ببطلان التفتيش". دفوع "الدفع ببطلان التفتيش". مأمورو الضبط القضائي.
التفتيش المحظور قانوناً. ماهيته؟
دخول المنازل تعقباً لشخص صدر أمر بالقبض عليه وتفتيشه لا بقصد تفتيشها. جائز.
(8) تفتيش "إذن التفتيش. تنفيذه" "الدفع ببطلان التفتيش". دفوع "الدفع ببطلان التفتيش". مأمورو الضبط القضائي.
صدور أمر بتفتيش شخص. لمأمور الضبط القضائي تنفيذه أينما وجده. ما دام في دائرة اختصاص مصدر الإذن ومنفذه.
(9) تفتيش "إذن التفتيش. تنفيذه". "الدفع ببطلان التفتيش". دفوع "الدفع ببطلان التفتيش". مأمورو الضبط القضائي.
الدفع ببطلان التفتيش. شرع للمحافظة على حرمة المكان.
التمسك ببطلان تفتيش سيارة. لا يقبل من غير حائزها. علة ذلك؟.

---------------------
1 - من المقرر أن جريمة الرشوة تتم بمجرد طلب الرشوة من جانب الموظف والقبول من جانب الراشي، وما تسليم المبلغ بعد ذلك إلا نتيجة لما تم الاتفاق عليه بينهما.
2 - لما كان الثابت بالحكم أن الطاعن قد أقر بالتحقيقات بطلب المبلغ المضبوط من المبلغة، وإنه لم يطلب من المحكمة أن تفض حرزي مبلغ النقود المضبوطة والتسجيلات الصوتية، فليس له من بعد أن ينعى على الحكم عدم اطلاع المحكمة عليها أو عرضها عليه، ومن ثم يكون ما يثيره الطاعن في هذا الشأن غير سديد.
3 - من المقرر أن إجراءات التحريز المنصوص عليها في المواد 55، 56، 57 من قانون الإجراءات الجنائية إنما قصد بها تنظيم العمل للمحافظة على الدليل خشية توهينه ولم يرتب القانون على مخالفتها بطلاناً بل ترك الأمر في ذلك إلى اطمئنان المحكمة إلى سلامة الدليل.
4 - من المقرر أن الخطأ في الإسناد هو الذي يقع فيما هو مؤثر في عقيدة المحكمة التي خلصت إليها، وكان ما يثيره الطاعن من خطأ الحكم إذ نسب للطاعن أنه هو الذي حدد للمبلغة موع اللقاء بالمقهى على خلاف ما جاء بالتسجيلات الصوتية من أنها هي التي حددت الموعد، فإنه بفرض صحته غير ذي بال في جوهر الواقعة التي اعتنقها الحكم ولم يكن له أثر في منطقه وسلامة استدلاله، على مقارفة الطاعن للجريمة التي دانه بها، ومن ثم تضحى دعوى الخطأ في الإسناد غير مقبولة.
5 - من مهمة مأمور الضبط القضائي بمقتضى المادة 21 من قانون الإجراءات الجنائية الكشف عن الجرائم والتوصل إلى مرتكبيها وكل إجراء يقوم به في هذا السبيل يعتبر صحيحاً منتجاً لأثره ما دام لم يتدخل بفعله في خلق الجريمة أن التحريض على مقارفتها وطالما إرادة الجاني حرة غير معدومة.
6 - من المقرر أنه لا يؤثر في قيام جريمة الرشوة أن تقع نتيجة تدبير لضبط الجريمة وألا يكون الراشي جاداً فيما عرضه على المرتشي متى كان عرضه الرشوة جدياً في ظاهره وكان الموظف المتهم قد قبله على أنه جدي منتوياً العبث بمقتضيات وظيفته لمصلحة الراشي أو غيره، وكان الثابت بمدونات الحكم المطعون فيه أن الطاعن هو الذي سعى بنفسه إلى المبلغة وطلب منها مبلغ الرشوة وقدمته إليه بناء على الاتفاق الذي جرى بينهما، فإن مفاد ذلك أن الطاعن هو الذي انزلق إلى مقارفة جريمة الرشوة وكان ذلك منه عن إرادة حرة طليقة، وإذ كان ما أثبته الحكم فيما تقدم كافياً وسائغاً لإدانة الطاعن بجريمة الرشوة، فإن ما يثيره عن القول بأن المبلغة هي التي حرضته على ارتكاب الجريمة بإيعاز من الشرطة لا يكون صحيحاً.
7 - الأصل أن التفتيش الذي يحرمه القانون على مأمور الضبط القضائي إنما هو التفتيش الذي يكون في إجرائه اعتداء على الحرية الشخصية أو انتهاك لحرمة المساكن أما دخول المنازل وغيرها من الأماكن لا بقصد تفتيشها ولكن تعقباً لشخص صدر أمر بالقبض عليه وتفتيشه من الجهة صاحبة الاختصاص فإنه لا يترتب عليه بطلان القبض والتفتيش الذي يقع على ذلك الشخص.
8 - من المقرر أنه متى صدر أمر من النيابة العامة بتفتيش شخص كان لمأمور الضبط القضائي المنتدب لإجرائه أن ينفذه أينما وجده ما دام المكان الذي تم فيه التفتيش واقعاً في دائرة اختصاص من أصدر الإذن ومن نفذه.
9 - إن الدفع ببطلان التفتيش إنما شرع للمحافظة على حرمة المكان، ومن ثم فإن التمسك ببطلان تفتيش السيارة - لا يقبل من غير حائزها اعتباراً بأن الحائز هو صاحب الصفة في ذلك، وأن الصفة تسبق المصلحة فإن لم يثره فليس لغيره أن يبديه ولو كان يستفيد منه لأن هذه الفائدة لا تلحقه إلا بالتبعية وحدها.


الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه بصفته موظفاً عمومياً....... طلب وأخذ عطية للإخلال بواجبات وظيفته بأن طلب وأخذ مبلغ مائة جنيه من........ الوصية على أولادها القصر على سبيل الرشوة مقابل تحريره وإقراره على خلاف الحقيقة كشفاً بحساب الإيرادات والمصروفات الخاصة بالقصر المشمولين بوصايتها وأحالته إلى محكمة أمن الدولة العليا لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمادتين 103، 104 من قانون العقوبات مع تطبيق المادة 17 من القانون ذاته بمعاقبته بالأشغال الشاقة لمدة ثلاث سنوات وبتغريمه ألفي جنيه.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة
من حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة الرشوة قد شابه البطلان والقصور في التسبيب ومخالفة الثابت في الأوراق والخطأ في تطبيق القانون والإخلال بحق الدفاع، ذلك بأن المحكمة لم تفض حرزي التسجيلات الصوتية ومبلغ النقود المضبوطة وطرح دفاع الطاعن القائم على أن ما ضبط من نقود يخالف المبلغ الذي قدم في التحقيقات بدلالة اختلاف المظروف المضبوط عما جرى تحريزه، ونسب إلى المبلغة أن الطاعن هو الذي حدد لها موعد اللقاء بالمقهى على خلاف ما جاء بالتسجيلات الصوتية من أنها هي التي حددت الموعد، وأطرح ما دفع به من أن الجريمة إنما وقعت بتحريض من المبلغة ورجال الشرطة، ورد على الدفع ببطلان القبض والتفتيش لوقوعهما على سيارة صديق لم يصدر إذن بتفتيشها بما لا يسوغ ذلك، وهو ما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة مستمدة من أقوال المبلغة والعقيد...... والنقيب...... و....... و...... وما تم ضبطه مع المتهم وتسجيل ما دار بين المتهم والمبلغة من شأنها تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها ولم يجادل الطاعن في صحة معينها من أوراق الدعوى. لما كان ذلك وكان من المقرر أن جريمة الرشوة تتم بمجرد طلب الرشوة من جانب الموظف والقبول من جانب الراشي، وما تسليم المبلغ بعد ذلك إلا نتيجة لما تم الاتفاق عليه بينهما، وكان الثابت بالحكم أن الطاعن قد أقر بالتحقيقات بطلب المبلغ المضبوط من المبلغة، وإنه لم يطلب من المحكمة أن تفض حرزي مبلغ النقود المضبوطة والتسجيلات الصوتية، فليس له من بعد أن ينعى على الحكم عدم اطلاع المحكمة عليها أو عرضها عليه، ومن ثم يكون ما يثيره الطاعن في هذا الشأن غير سديد. لما كان ذلك وكان من المقرر أن إجراءات التحريز المنصوص عليها في المواد 55، 56، 57 من قانون الإجراءات الجنائية إنما قصد بها تنظيم العمل للمحافظة على الدليل خشية توهينه ولم يرتب القانون على مخالفتها بطلاناً بل ترك الأمر في ذلك إلى اطمئنان المحكمة إلى سلامة الدليل، وكان مفاد ما أورده الحكم هو أن المحكمة عولت - ضمن ما عولت عليه على ضبط مبلغ النقود الذي كان في حوزة المتهم، وعلى تسجيل ما دار بينه وبين المبلغة، وقد اطمأنت المحكمة إلى سلامة إجراءات تحريزها والدليل المستمد منها كما أن الدفاع عن الطاعن لم يذهب إلى أن يد العبث قد امتدت إليها على نحو معين فإن ما يثيره الطاعن في هذا الوجه يكون في غير محله. لما كان ذلك وكان من المقرر أن الخطأ في الإسناد هو الذي يقع فيما هو مؤثر في عقيدة المحكمة التي خلصت إليها، وكان ما يثيره الطاعن من خطأ الحكم إذ نسب للطاعن أنه هو الذي حدد للمبلغة موع اللقاء بالمقهى على خلاف ما جاء بالتسجيلات الصوتية من أنها هي التي حددت الموعد، فإنه بفرض صحته غير ذي بال في جوهر الواقعة التي اعتنقها الحكم ولم يكن له أثر في منطقه وسلامة استدلاله، على مقارفة الطاعن للجريمة التي دانه بها، ومن ثم يضحى دعوى الخطأ في الإسناد غير مقبولة. لما كان ذلك وكان الثابت من الحكم المطعون فيه أن الضابط الذي ندبته النيابة العامة لضبط واقعة عرض الرشوة قد انتقل إلى المكان الذي تحدد لتقديمها نفاذاً للاتفاق الذي تم بين المبلغة والطاعن، وبعد أن تيقن من تسليم المبلغ ألقى القبض عليه، وكان من مهمة مأمور الضبط القضائي بمقتضى المادة 21 من قانون الإجراءات الجنائية الكشف عن الجرائم والتوصل إلى مرتكبيها وكل إجراء يقوم به في هذا السبيل يعتبر صحيحاً منتجاً لأثره ما دام لم يتدخل بفعله في خلق الجريمة أو التحريض على مقارفتها وطالما بقيت إرادة الجاني حرة غير معدومة - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - وكان من المقرر أنه لا يؤثر في قيام جريمة الرشوة أن تقع نتيجة تدبير لضبط الجريمة وألا يكون الراشي جاداً فيما عرضه على المرتشي متى كان عرضه الرشوة جدياً في ظاهره وكان الموظف المتهم قد قبله على أنه جدي منتوياً العبث بمقتضيات وظيفته لمصلحة الراشي أو غيره، وكان الثابت بمدونات الحكم المطعون فيه أن الطاعن هو الذي سعى بنفسه إلى المبلغة وطلب منها مبلغ الرشوة وقدمته إليه بناء على الاتفاق الذي جرى بينهما، فإن مفاد ذلك أن الطاعن هو الذي انزلق إلى مقارفة جريمة الرشوة وكان ذلك منه عن إرادة حرة طليقة، وإذ كان ما أثبته الحكم فيما تقدم كافياً وسائغاً لإدانة الطاعن بجريمة الرشوة، فإن ما يثيره عن القول بأن المبلغة هي التي حرضته على ارتكاب الجريمة بإيعاز من الشرطة لا يكون صحيحاً، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لما دفع به الطاعن من بطلان القبض والتفتيش لوقوعه بسيارة صديقه التي لم يشملها الإذن بالتفتيش وإطراحه في قوله "فإن هذا الدفع ظاهر الفساد ذلك لأن الثابت أن السيارة التي ركبتها المبلغة هي سيارة أحد أصدقاء المتهم وأن الأخير هو الذي طلب منها ركوبها هذا فضلاً عن أن السيارة لم يتم تفتيشها الأمر الذي تلتفت معه المحكمة عن هذا الدفع" وكان الأصل أن التفتيش الذي يحرمه القانون على مأمور الضبط القضائي إنما هو التفتيش الذي يكون في إجرائه اعتداء على الحرية الشخصية أو انتهاك لحرمة المساكن أما دخول المنازل وغيرها من الأماكن لا بقصد تفتيشها ولكن تعقباً لشخص صدر أمر بالقبض عليه وتفتيشه من الجهة صاحبة الاختصاص فإنه لا يترتب عليه بطلان القبض والتفتيش الذي يقع على ذلك الشخص، وكان من المقرر أيضاً أنه متى صدر أمر من النيابة العامة بتفتيش شخص كان لمأمور الضبط القضائي المنتدب لإجرائه أن ينفذه أينما وجده ما دام المكان الذي تم فيه التفتيش واقعاً في دائرة اختصاص من أصدر الإذن ومن نفذه، وكان الطاعن لا يجادل فيما أورده الحكم المطعون فيه من أن النيابة العامة قد أصدرت قبل ضبط الواقعة إذناً لضبطه وتفتيشه وتفتيش مسكنه حال تسلمه مبلغ الرشوة، وأن ثمة تفتيشاً لم يقع على السيارة وكان الدفع ببطلان التفتيش إنما شرع للمحافظة على حرمة المكان، ومن ثم فإن التمسك ببطلان تفتيش السيارة لا يقبل من غير حائزها اعتباراً بأن الحائز هو صاحب الصفة في ذلك، وأن الصفة تسبق المصلحة فإن لم يثره فليس لغيره أن يبديه ولو كان يستفيد منه لأن هذه الفائدة لا تلحقه إلا بالتبعية وحدها. لما كان ما تقدم فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

الطعن 4214 لسنة 58 ق جلسة 1/ 12/ 1988 مكتب فني 39 ج 2 ق 182 ص 1167


جلسة أول من ديسمبر سنة 1988
برئاسة السيد المستشار/ محمد رفيق البسطويسي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد أحمد حسن وعبد الوهاب الخياط نائبي رئيس المحكمة وعبد اللطيف أبو النيل وعمار إبراهيم.
-------------------
(182)
الطعن رقم 4214 لسنة 58 القضائية

(1) إثبات "اعتراف". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". قتل عمد.
ورود الاعتراف على الواقعة بكافة تفاصيلها. غير لازم.
 (2)إثبات "بوجه عام".
كفاية أن تكون الأدلة في مجموعها مؤدية إلى ما قصده الحكم منها.
 (3)إثبات "بوجه عام".
لا يلزم لصحة الحكم أن يكون الدليل الذي تستند إليه المحكمة صريحاً ومباشراً في الدلالة على ما تستخلصه منه.
 (4)إثبات "بوجه عام". حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل".
حسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه. أن تكون الأدلة التي عول عليها في مجموعها كافية لأن تؤدي إلى ما رتبه عليها.
 (5)إثبات "خبرة" "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
تطابق أقوال الشهود ومضمون الدليل الفني. غير لازم. كفاية أن يكون جماع الدليل القولي كما أخذت به المحكمة غير متناقض مع الدليل الفني تناقضاً يستعصى على الملاءمة والتوفيق.
 (6)إثبات "بوجه عام". حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل".
عدم التزام المحكمة بالتحدث في حكمها إلا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها.
(7) قتل عمد. إثبات "بوجه عام". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
حدث إصابة المجني عليه من الأمام رغم وقوف ضاربه خلفه. جائز. إذ أن جسم الإنسان متحرك. لا يتخذ وضعاً ثابتاً وقت الاعتداء.
تجريح أدلة الدعوى على وجه معين تأدياً إلى مناقضة الصورة التي ارتسمت بالدليل الصحيح في وجدان المحكمة. غير جائز أمام النقض.
(8) إثبات "خبرة". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من مطاعن. موضوعي.
عدم التزام المحكمة بإجابة طلب مناقشة الطبيب الشرعي. ما دام أن الواقعة قد وضحت لديها ولم تر هي حاجة إلى ذلك.
(9) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
وزن أقوال الشهود. موضوعي.
خصومة الشاهد للمتهم أو قرابته للمجني عليه. لا تمنع من الأخذ بشهادته.
(10) نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل وفي سلطة المحكمة في استنباط معتقدها. غير جائز أمام النقض.
(11) إجراءات "إجراءات المحاكمة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
طلب ضم قضية بقصد إثارة الشبهة في أدلة الثبوت التي اطمأنت إليها المحكمة. عدم التزام المحكمة بإجابته. أساس ذلك؟
 (12)قتل عمد. جريمة "أركانها". قصد جنائي. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
قصد القتل. أمر خفي استخلاص توافره. موضوعي.
مثال لتسبيب سائغ لتوافر نية القتل.
(13) نقض "أسباب الطعن. تحديدها".
وجه الطعن يجب لقبوله أن يكون واضحاً محدداً.
(14) إثبات "بوجه عام". اشتراك. اتفاق. سبق إصرار. قتل عمد. جريمة "أركانها". قصد جنائي.
ثبوت سبق الإصرار في حق المتهمين. يستلزم بالضرورة توافر الاشتراك بالاتفاق بالنسبة لمن لم يقارف الجريمة منهم.
(15) إثبات "بوجه عام". اتفاق. اشتراك. جريمة "أركانها". قصد جنائي. فاعل أصلي. قتل عمد. مسئولية جنائية "التضامن في المسئولية". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
ثبوت تصميم المتهمين على قتل المجني عليه. يرتب تضامناً في المسئولية.
استظهار الحكم اتفاق الطاعن مع المتهم الآخر على قتل المجني عليه من معينه في الزمان والمكان ونوع الصلة بينهما وصدور الجريمة عن باعث واحد واتجاههما وجهة واحدة في تنفيذها وإن كل منهما قَصَدَ قصْد الآخر في إيقاعها. اعتباره فاعلاً أصلياً في الجريمة.
 (16)إجراءات "إجراءات المحاكمة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
الطلب الذي تلتزم المحكمة بإجابته أو الرد عليه. ماهيته؟
حق المحكمة في عدم إجابة المتهم إلى طلب سماع شهود النفي ما لم يسلك السبيل الذي رسمه قانون الإجراءات الجنائية في المادة 214 مكرراً/ أ.

----------------
1 - من المقرر أنه لا يلزم في الاعتراف أن يرد على الواقعة بكافة تفاصيلها بل يكفي فيه أن يرد على وقائع تستنتج المحكمة منها ومن باقي عناصر الدعوى بكافة الممكنات العقلية والاستنتاجية اقتراف الجاني للجريمة.
2 - لا يلزم في الأدلة التي يعول عليها الحكم أن ينبئ كل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى، بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه.
3 - لا يلزم لصحة الحكم أن يكون الدليل الذي تستند إليه المحكمة صريحاً ومباشراً في الدلالة على ما تستخلصه المحكمة منه، بل لها أن تركن في تكوين عقيدتها عن الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى واستظهار الحقائق القانونية المتصلة بها، إلى ما تخلص إليه من جماع العناصر المطروحة بطريق الاستنتاج والاستقراء وكافة الممكنات العقلية ما دام استخلاصها سليماً لا يخرج عن الاقتضاء العقلي والمنطقي.
4 - لما كان الحكم المطعون فيه عرض لأدلة الدعوى التي استند إليها في قضائه، وحصل اعتراف الطاعن الأول بما مؤداه أن المجني عليه - في الدعوى الماثلة - قتل شقيقه...... بتاريخ 14/ 9/ 1986 وبعد الإفراج عنه من محبسه احتياطياً دأب على إثارته واستفزازه، مما أثار حفيظته وقرر الانتقام منه وأعد لذلك الغرض البندقية المضبوطة. وفي طريق عودة المجني عليه من حقله أطلق عليه عياراً نارياً لم يصبه فتتبعه بإطلاق الأعيرة النارية حتى بلغ مقصده وقتله أخذاً بثأر شقيقه، ثم بين أقوال الشاهدين ما حصله أنه لدى عودتهما من الحقل صحبه المجني عليه يوم الحادث وعند بلوغهما حظيرة المتهم الثاني - المحكوم عليه غيابياً - والذي كان يجلس على بابها خرج الطاعنان وكان الأول منهما يحمل بندقية آلية (المضبوطة على ذمة القضية) وأطلق على المجني عليه عياراً نارياً لم يصبه فلاذا المجني عليه بالهرب إلا أن الطاعن الأول تبعه بالعدو خلفه ومعه الطاعن الثاني والمتهم الآخر. ولحق به وأصابه بعدة طلقات أجهزت عليه. وحصل شهادة رئيس مباحث المركز بما مؤداه أن تحرياته السرية دلت على أن المتهمين قتلوا المجني عليه ثأراً لمقتل شقيق المتهمين الأول والثاني. وعلى النحو الذي شهد به الشاهد الأول.. كما أورد الحكم مضمون تقرير الصفة التشريحية وتقرير فحص السلاح. والذي جاء به أن وفاة المجني عليه تعزى إلى الإصابات النارية الموصوفة بجثته في وقت يعاصر تاريخ الحادث ومن الممكن حدوثها باستعمال مثل البندقية المضبوطة والطلقات على النحو الوارد بمذكرة النيابة. وإذ كانت هذه الأدلة في مجموعها كافية لأن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها ومنتجة في اكتمال اقتناع المحكمة فإن هذا بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه وتنحسر به عن الحكم دعوى الفساد في الاستدلال.
5 - من المقرر أنه ليس بلازم أن تطابق أقوال الشهود مضمون الدليل الفني بل يكفي أن يكون جماع الدليل القولي كما أخذت به المحكمة غير متناقض مع الدليل الفني تناقضاً يستعصى على الملاءمة والتوفيق.
6 - إن المحكمة غير ملزمة بالتحدث في حكمها إلا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها.
7 - إن جسم الإنسان بطبيعته متحرك ولا يتخذ وضعاً ثابتاً وقت الاعتداء مما يجوز معه حدوث الإصابات بالأمام والضارب له واقف خلفه حسب الوضع الذي يكون فيه الجسم وقت الاعتداء وتقدير ذلك لا يحتاج إلى خبرة خاصة. فإنه لا يكون هناك ثمة تناقض بين ما قرره الشهود وأقر به الطاعن الأول وبين تقرير الصفة التشريحية، ويكون الحكم قد خلا مما يظاهر دعوى الخلاف بين الدليلين القولي والفني في هذا الخصوص، ويكون منعى الطاعنين في هذا غير سليم. ولا يعدو الطعن عليه في هذا الشأن أن يكون محاولة لتجريح أدلة الدعوى على وجه معين تأدياً من ذلك إلى مناقضة الصورة التي ارتسمت في وجدان قاضي الموضوع بالدليل الصحيح وهو ما لا يقبل لدى محكمة النقض.
8 - لما كان من المقرر أن تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من مطاعن مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير شأنه في ذلك شأن سائر الأدلة، وهي غير ملزمة من بعد بإجابة طلب استدعاء الطبيب الشرعي لمناقشته، ما دان أن الواقعة قد وضحت لديها ولم تر هي من جانبها حاجة إلى اتخاذ هذا الإجراء، وكانت المحكمة قد أقامت قضاءها على ما اقتنعت به مما حواه تقرير الصفة التشريحية بما لا يتعارض مع إقرار الطاعن الأول وأقوال الشهود، فلا تثريب على المحكمة إن هي التفتت عن طلب دعوة الطبيب الشرعي لتحقيق دفاع الطاعنين المبني على المنازعة في صورة الواقعة ما دام أنه غير منتج في نفي التهمة عنهما ويكون النعي على الحكم المطعون فيه بقالة الإخلال بحق الدفاع لهذا السبب في غير محله.
9 - من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهاداتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه، فلها أن تأخذ بشهادة الشاهد ولو كانت بينه وبين المتهم خصومة قائمة، كما أن قرابة الشاهد للمجني عليه لا تمنع من الأخذ بأقواله متى اقتنعت المحكمة بصدقها.
10 - لما كان ما يثيره الطاعنان من تشكيك في أقوال شاهدي الإثبات الأولين لا يعدو أن يكون من أوجه الدفاع الموضوعية والجدل في تقدير الدليل وفي سلطة المحكمة في استنباط معتقدها مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.
11 - لما كان قضاء هذه المحكمة قد جرى بأن طلب ضم قضية بقصد إثارة الشبهة في أدلة الثبوت التي اطمأنت إليها المحكمة - وهو طلب لا يتجه مباشرة إلى نفي الفعل المكون للجريمة، فلا على المحكمة إن هي أعرضت عنه والتفتت عن إجابته، وهو لا يستلزم منها عند رفضه رداً صريحاً، وكان البين من الاطلاع على محاضر جلسات المحاكمة أن المدافع عن الطاعنين طلب ضم القضية رقم....... جنايات السنطة وأشار في مرافعته إلى أن القصد من ذلك هو وقوف المحكمة على إبعاد الخصومة بين المجني عليه والشاهدين وبين الطاعنين والمحكوم عليه الآخر، فإنه فضلاً عن أن المحكمة فطنت إليه وكان من بين العناصر التي كونت منها عقيدتها في الدعوى وحصلته في بيانها لواقعاتها وأوردته ضمن إقرار الطاعن الأول المعول عليه في قضائها، فإن القصد منه ليس سوى إثارة الشبهة في أدلة الثبوت التي اطمأنت إليها المحكمة، ومن ثم فلا يحق للطاعنين - من بعد - إثارة دعوى القصور والإخلال بحق الدفاع لالتفات المحكمة عن طلب ضم هذه القضية.
12 - من المقرر أن قصد القتل أمر خفي لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه فإن استخلاص هذه النية من عناصر الدعوى موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية، وإذ كان ما أورده الحكم على النحو المتقدم كافياً وسائغاً في التدليل على ثبوت نية القتل لدى الطاعنين، وهو ما ينحسر به عن الحكم قالة القصور في البيان في هذا الصدد.
13 - من المقرر أنه يتعين لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً محدداً مبيناً به ما يرمي إليه مقدمه حتى يتضح مدى أهميته في الدعوى المطروحة وكونه منتجاً مما تلتزم محكمة الموضوع بالتصدي له إيراداً له ورداً عليه.
14 - من المقرر أن مجرد إثبات سبق الإصرار على المتهمين يلزم عنه الاشتراك بالاتفاق بالنسبة لمن لم يقارف الجريمة بنفسه من المصرين عليها وليست المحكمة ملزمة ببيان وقائع خاصة لإفادة الاتفاق غير ما تبينه من الوقائع المفيدة لسبق الإصرار.
15 - إذ كان الحكم قد أثبت تصميم المتهمين على قتل المجني عليه، فإن ذلك يرتب تضامناً في المسئولية، يستوي في ذلك أن يكون الفعل الذي قارفه كل منهم محدداً بالذات أم غير محدد، وبصرف النظر عن مدى مساهمة هذا الفعل في النتيجة المترتبة عليه، هذا إلى أن ما أثبته الحكم كاف بذاته للتدليل على اتفاق الطاعن الثاني مع الطاعن الأول على قتل المجني عليه من معينه في الزمان والمكان ونوع الصلة بينهما وصدور الجريمة عن باعث واحد واتجاههما وجهة واحدة في تنفيذها وأن كلاً منهما قصد قصد الآخر في إيقاعها، بالإضافة إلى وحدة الحق المعتدى عليه، ومن ثم يصح طبقاً للمادة 39 من قانون العقوبات اعتبار الطاعن - الثاني - فاعلاً أصلياً في جريمة القتل التي وقعت تنفيذاً لذلك التصميم أو هذا الاتفاق، ويكون النعي على الحكم بالقصور في هذا الصدد في غير محله.
16 - لما كان من المقرر أن الطلب الذي تلتزم المحكمة بإجابته أو الرد عليه هو الطلب الجازم الذي يقرع سمع المحكمة ويشتمل على بيان ما يرمي إليه به، ويصر عليه مقدمه في طلباته الختامية، وإذ كان البين من محضر جلسة المرافعة الأخيرة أن الدفاع عن الطاعنين وإن أشار في مرافعته إلى شخصين كان يجب أن يقدم أولهما كشاهد وأن الثاني لم يحضر للإدلاء بشهادته، إلا أنه لم يتمسك بطلب سماعهما في طلباته الختامية، فليس له من بعد أن ينعى على المحكمة، عدم إجابته إلى هذا الطلب أو الرد عليه، هذا إلى أنه بفرض إصرار الطاعنين على طلب سماع شاهدي النفي في ختام مرافعته، فإنه لا جناح على المحكمة إن هي أعرضت عن هذا الطلب ما دام الطاعنان لم يتبعا الطريق الذي رسمه قانون الإجراءات الجنائية المعدل بالقانون رقم 170 لسنة 1981 في المادة 214 مكرراً منه، بالنسبة لإعلان الشهود الذين يطلب المتهم سماع شهادتهم أمام محكمة الجنايات.


الوقائع
اتهمت النيابة العامة كلاً من 1 -..... (طاعن) 2 -..... 3 -.... بأنهم قتلوا..... عمداً مع سبق الإصرار والترصد بأن بيتوا النية على قتله فأعدوا لهذا الغرض سلاحاً نارياً بندقية وكمنوا له في الطريق الذي أيقنوا مروره فيه وما أن ظفروا به حتى أطلق عليه المتهم الأول عدة أعيرة نارية قاصداً إزهاق روحه ووقف المتهمين الثاني والثالث بمسرح الجريمة يشدان من أزره فأحدث به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته والمتهم الأول أيضاً. 1 - أحرز سلاحاً نارياً مششخناً لا يجوز الترخيص به بندقية آلي. 2 - أحرز ذخائر طلقات مما تستعمل في السلاح الناري سالف الذكر والذي لا يجوز الترخيص به وأحالتهم إلى محكمة جنايات طنطا لمعاقبتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة وادعت كل من...... أرملة المجني عليه عن نفسها وبصفتها وصية على أولادها القصر..... أبناء المجني عليه..... ابنة المجني عليه مدنياً قبل المتهمين بمبلغ قرش صاغ على سبيل التعويض المؤقت. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً للأول والثالث وغيابياً للثاني عملاً بالمادة 230، 231، 232 من قانون العقوبات والمواد 1/ 2، 6، 21/ 2، 5، 30/ 1 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانونين رقمي 26 لسنة 1978، 165 لسنة 1981 والقسم الثاني من الجدول رقم (3) الملحق بالقانون الأول بمعاقبة المتهم الأول بالأشغال الشاقة لمدة خمسة عشر عاماً وبمعاقبة المتهمين الثاني والثالث بالأشغال الشاقة لمدة ثلاث سنوات ومصادرة السلاح والذخيرة المضبوطة عما أسند إليهم وإلزامهم بأن يؤدوا للمدعين بالحقوق المدنية مبلغ قرش صاغ على سبيل التعويض المؤقت.
فطعن المحكوم عليهم الأول والثالث في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ.


المحكمة
من حيث إن الطاعنين ينعيان على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهما بجريمة القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد، ودان أولهما بجريمتي إحراز سلاح ناري مششخن وذخائر بغير ترخيص، قد شابه الفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع ذلك أنه اعتمد في قضائه بالإدانة على إقرار الطاعن الأول، وأقوال الشاهدين، وتقرير الصفة التشريحية وهي لا تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها، ذلك بأن إقرار الطاعن الأول لم يتضمن تحديد مواضع إصابات المجني عليه وأن الشاهدين قررا بمشاهدتهما لواقعة إطلاق العيار الناري الأول الذي لم يصب المجني عليه، وأنهما سمعا صوت إطلاق أعيرة نارية أخرى لم يقولا بمشاهدتها تصيب المجني عليه كما أن أقوالهما قد تناقضت، هي أيضاً وإقرار الطاعن المذكور تتفق وما أثبته تقرير الصفة التشريحية من حيث مواضع الإصابات التي لحقت بالمجني عليه ومسار واتجاه ومستوى ومسافة إطلاق المقذوفات النارية، فضلاً عن العثور بمكان الحادث على عدد من الطلقات يجاوز سعة السلاح المضبوط، وهو ما ينبئ عن تعدد مطلقي الأعيرة النارية، خلافاً لما أقر به الطاعن وقرر به الشاهدان. وهما على صلة قربى بالمجني عليه، وبينهما وبين الطاعنين وهي خصومة ثأرية ضبطت عنها قضية الجناية رقم 3350 سنة 1986 السنطة وقد أثار دفاع الطاعنين هذه الأوجه للدفاع وطلب تحقيقها باستدعاء الطبيب الشرعي لمناقشته في هذه الأمور والوقوف على حقيقة الحادث. وضم القضية المشار إليها للتحقق من إبعاد الخصومة القائمة بين الطرفين. بيد أن الحكم التفت عن ذلك ولم يتناولها إيراداً لها أو رداً عليها، وجاء قاصراً في استظهار نية القتل، كما ساءل الطاعن الثاني عن الجريمة دون تحديد للدور المنسوب له والفعل الإيجابي الذي قارفه في ارتكابها واتخذ من أقوال الشاهدين بوجوده في مكان حدوثها دليلاً قبله. كما أعرض الحكم عن دفاعه - الطاعن الثاني - بطلب سماع شهود نفي كان معهم وقت وقوع الحادث، وذلك كله يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعنين بها وأورد على ثبوتها في حقهما أدلة مستمدة من إقرار الطاعن الأول وأقوال شهود الإثبات وما ثبت من تقرير الصفة التشريحية وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها.
لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه لا يلزم في الاعتراف أن يرد الواقعة بكافة تفاصيلها بل يكفي أن يرد على وقائع تستنتج المحكمة منها ومن باقي عناصر الدعوى بكافة الممكنات العقلية والاستنتاجية اقتراف الجاني للجريمة كما هو الحال في الدعوى الراهنة - ومن ثم فلا يجدي الطاعنان القول بخلو هذا الاعتراف من تحديد مواضع إصابات المجني عليه. لما كان ذلك، وكان لا يلزم في الأدلة التي يعول عليها الحكم أن ينبئ كل منها ويقطع في كل جزئيات الدعوى، بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه، كما لا يلزم لصحة الحكم أن يكون الدليل الذي تستند إليه المحكمة صريحاً ومباشراً في الدلالة على ما تستخلصه المحكمة منه، بل لها أن تركن في تكوين عقيدتها عن الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى واستظهار الحقائق القانونية المتصلة بها، إلى ما تخلص إليه من جماع العناصر المطروحة بطريق الاستنتاج والاستقراء وكافة الممكنات العقلية ما دام استخلاصها سليماً لا يخرج عن الاقتضاء العقلي والمنطقي. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه عرض لأدلة الدعوى التي استند إليها في قضائه، وحصل اعتراف الطاعن الأول بما مؤداه أن المجني عليه - في الدعوى الماثلة - قتل شقيقه...... بتاريخ 14/ 9/ 1986 وبعد الإفراج عنه من محبسه احتياطياً دأب على إثارته واستفزازه، مما أثار حفيظته وقرر الانتقام منه وأعد لذلك الغرض البندقية المضبوطة. وفي طريق عودة المجني عليه من حقله أطلق عليه عياراً نارياً لم يصبه فتتبعه بإطلاق الأعيرة النارية حتى بلغ مقصده وقتله أخذاً بثأر شقيقه، ثم بين أقوال الشاهدين بما محصله أنه لدى عودتهما من الحقل صحبه المجني عليه يوم الحادث وعند بلوغهما حظيرة المتهم الثاني - المحكوم عليه غيابياً - والذي كان يجلس على بابها خرج الطاعنان وكان الأول منهما يحمل بندقية آلية (المضبوطة على ذمة القضية) وأطلق على المجني عليه عياراً نارياً لم يصبه فلاذ المجني عليه بالهرب إلا أن الطاعن الأول تبعه بالعدو خلفه ومعه الطاعن الثاني والمتهم الآخر. ولحق به وأصابه بعدة طلقات أجهزت عليه. وحصل شهادة رئيس مباحث المركز بما مؤداه أن تحرياته السرية دلت على أن المتهمين قتلوا المجني عليه ثأراً لمقتل شقيق المتهمين الأول والثاني. وعلى النحو الذي شهد به الشاهد الأول. كما أورد الحكم مضمون تقرير الصفة التشريحية وتقرير فحص السلاح. والذي جاء به أن وفاة المجني عليه تعزى إلى الإصابات النارية الموصوفة بجثته في وقت يعاصر تاريخ الحادث ومن الممكن حدوثها باستعمال مثل البندقية المضبوطة والطلقات على النحو الوارد بمذكرة النيابة. وإذ كانت هذه الأدلة في مجموعها كافية لأن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها ومنتجة في اكتمال اقتناع المحكمة فإن هذا بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه وتنحسر به عن الحكم دعوى الفساد في الاستدلال. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه ليس بلازم أن تطابق أقوال الشهود مضمون الدليل الفني بل يكفي أن يكون جماع الدليل القولي كما أخذت به المحكمة غير متناقض مع الدليل الفني تناقضاً يستعصى على الملاءمة والتوفيق، وكان الحكم المطعون فيه قد أورد في بيانه لواقعة الدعوى أن الطاعن الأول - وحده - هو مطلق الأعيرة النارية من البندقية المضبوطة التي حدثت من جرائها إصابات المجني عليه وأدت إلى قتله، كما نقل الحكم عن تقرير الصفة التشريحية أن إصابات المجني عليه النارية حدثت من مقذوفات مفردة تماثل البندقية المضبوطة والطلقات في وقت يعاصر تاريخ الحادث، وكان الطاعنان لا يجادلان فيما نقله الحكم عن تلك الأدلة ومأخذها الصحيح من الأوراق، وكان البين مما تقدم أن ما أخذ به الحكم من إقرار الطاعن الأول وأقوال الشهود لا يتعارض مع تقرير الصفة التشريحية وفحص السلاح المضبوط بل يتطابق معها في عموم قولهم، وكان قول الطاعنين بالعثور على عدد من الطلقات يجاوز سعة البندقية المضبوطة، ومؤدى إقرار الطاعن الأول وأقوال الشهود حدوث إصابات المجني عليه من الخلف وهو ما خلا منه تقرير الصفة التشريحية بما يدل على تعدد الجناة، وإذ كان الحكم المطعون فيه لم يورد هذا الأثر في مدوناته ولأن المحكمة غير ملزمة بالتحدث في حكمها إلا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها، ولم يكن هذا الأثر بذي اعتبار لدى المحكمة، وأن جسم الإنسان بطبيعته متحرك ولا يتخذ وضعاً ثابتاً وقت الاعتداء مما يجوز معه حدوث الإصابات بالأمام والضارب له واقف خلفه حسب الوضع الذي يكون فيه الجسم وقت الاعتداء وتقدير ذلك لا يحتاج إلى خبرة خاصة، فإنه لا يكون هناك ثمة تناقض بين ما قرره الشهود وأقر به الطاعن الأول وبين تقرير الصفة التشريحية، ويكون الحكم قد خلا مما يظاهر دعوى الخلاف بين الدليلين القولي والفني في هذا الخصوص، ويكون منعى الطاعنين في هذا غير سليم. ولا يعدو الطعن عليه في هذا الشأن أن يكون محاولة لتجريح أدلة الدعوى على وجه معين تأدياً من ذلك إلى مناقضة الصورة التي ارتسمت في وجدان قاضي الموضوع بالدليل الصحيح وهو ما لا يقبل لدى محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من مطاعن مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير شأنه في ذلك شأن سائر الأدلة، وهي غير ملزمة من بعد بإجابة طلب استدعاء الطبيب الشرعي لمناقشته، ما دان أن الواقعة قد وضحت لديها ولم تر هي من جانبها حاجة إلى اتخاذ هذا الإجراء، وكانت المحكمة قد أقامت قضاءها على ما اقتنعت به مما حواه تقرير الصفة التشريحية بما لا يتعارض مع إقرار الطاعن الأول وأقوال الشهود، فلا تثريب على المحكمة إن هي التفتت عن طلب دعوة الطبيب الشرعي لتحقيق دفاع الطاعنين المبني على المنازعة في صورة الواقعة ما دام أنه غير منتج في نفي التهمة عنهما ويكون النعي على الحكم المطعون فيه بقالة الإخلال بحق الدفاع لهذا السبب في غير محله. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهاداتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه، فلها أن تأخذ بشهادة الشاهد ولو كانت بينه وبين المتهم خصومة قائمة، كما أن قرابة الشاهد للمجني عليه لا تمنع من الأخذ بأقواله متى اقتنعت المحكمة بصدقها، وكان ما يثيره الطاعنان من تشكيك في أقوال شاهدي الإثبات الأولين لا يعدو أن يكون من أوجه الدفاع الموضوعية والجدل في تقدير الدليل وفي سلطة المحكمة في استنباط معتقدها مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض لما كان ذلك، وكان قضاء هذه المحكمة قد جرى بأن طلب ضم قضية بقصد إثارة الشبهة في أدلة الثبوت التي اطمأنت إليها المحكمة - وهو طلب لا يتجه مباشرة إلى نفي الفعل المكون للجريمة، فلا على المحكمة إن هي أعرضت عنه والتفتت عن إجابته، وهو لا يستلزم منها عند رفضه رداً صريحاً، وكان البين من الاطلاع على محاضر جلسات المحاكمة أن المدافع عن الطاعنين طلب ضم القضية رقم 3350 سنة 86 جنايات السنطة وأشار في مرافعته إلى أن القصد من ذلك هو وقوف المحكمة على إبعاد الخصومة بين المجني عليه والشاهدين وبين الطاعنين والمحكوم عليه الآخر، فإنه فضلاً عن أن المحكمة فطنت إليه وكان من بين العناصر التي كونت منها عقيدتها في الدعوى وحصلته في بيانها لواقعاتها وأوردته ضمن إقرار الطاعن الأول المعول عليه في قضائها، فإن القصد منه ليس سوى إثارة الشبهة في أدلة الثبوت التي اطمأنت إليها المحكمة، ومن ثم فلا يحق للطاعنين - من بعد - إثارة دعوى القصور والإخلال بحق الدفاع لالتفات المحكمة عن طلب ضم هذه القضية. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد استظهر نية القتل بقوله: "وكان استعمال المتهمين سلاحاً نارياً قاتلاً بطبيعته وتوجيهه إلى المجني عليه في مواضع قاتلة من جسده وبعضها من مسافة بسيطة قد تصل إلى حد ملامسة الجسم وإطلاق العديد من الطلقات ما أصابه منها وما أخطأه بعد أن لامس ملابسه إنما يكشف عن نية إجرامية لديهم في قصدهم إزهاق روح المجني عليه وهو ذات ما جهر به المتهم الأول أمام النيابة". ولما كان من المقرر أن قصد القتل أمر خفي لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه فإن استخلاص هذه النية من عناصر الدعوى موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية، وإذ كان ما أورده الحكم على النحو المتقدم كافياً وسائغاً في التدليل على ثبوت نية القتل لدى الطاعنين، وهو ما ينحسر به عن الحكم قالة القصور في البيان في هذا الصدد. لما كان ذلك، وكان يتعين لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً محدداً مبيناً به ما يرمي إليه مقدمه حتى يتضح مدى أهميته في الدعوى المطروحة وكونه منتجاً مما تلتزم محكمة الموضوع بالتصدي إيراداً له ورداً عليه. وكان الطاعنان لم يكشفا بأسباب الطعن عن أوجه التناقض والتضارب بين أقوال شاهدي الإثبات الأولين، بل ساقا قولهما مرسلاً مجهلاً، فإن النعي على الحكم في هذا المقام يكون غير مقبول. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد دلل بأسباب سائغة على توافر سبق الإصرار في حق الطاعنين متمثلاً في رغبتهم الثأر من المجني عليه وتدبيرهم لهذا الأمر منذ الإفراج عنه. خلال بضعة أسابيع سابقة للحادث وإعدادهم السلاح الناري والذخائر، وكان من المقرر أن مجرد إثبات سبق الإصرار على المتهمين يلزم عنه الاشتراك بالاتفاق بالنسبة لمن لم يقارف الجريمة بنفسه من المصرين عليها وليست المحكمة ملزمة ببيان وقائع خاصة لإفادة الاتفاق غير ما تبينه من الوقائع المفيدة لسبق الإصرار، وإذ كان الحكم - على السياق المتقدم - قد أثبت تصميم المتهمين على قتل المجني عليه، فإن ذلك يترتب تضامناً في المسئولية، يستوي في ذلك أن يكون الفعل الذي قارفه كل منهم محدداً بالذات أم غير محدد، وبصرف النظر عن مدى مساهمة هذا الفعل في النتيجة المترتبة عليه، هذا إلى أن ما أثبته الحكم كاف بذاته للتدليل على اتفاق الطاعن الثاني مع الطاعن الأول على قتل المجني عليه من معينه في الزمان والمكان ونوع الصلة بينهما وصدور الجريمة عن باعث واحد واتجاههما وجهة واحدة في تنفيذها وأن كلاً منهما قَصَدَ قصْد الآخر في إيقاعها، بالإضافة إلى وحدة الحق المعتدى عليه، ومن ثم يصح طبقاً للمادة 39 من قانون العقوبات اعتبار الطاعن - الثاني - فاعلاً أصلياً في جريمة القتل التي وقعت تنفيذاً لذلك التصميم أو هذا الاتفاق، ويكون النعي على الحكم بالقصور في هذا الصدد في غير محله. لما كان ذلك وكان من المقرر أن الطلب الذي تلتزم المحكمة بإجابته أو الرد عليه هو الطلب الجازم الذي يقرع سمع المحكمة ويشتمل على بيان ما يرمي إليه به، ويصر عليه مقدمه في طلباته الختامية، وإذ كان البين من محضر جلسة المرافعة الأخيرة أن الدفاع عن الطاعنين وإن أشار في مرافعته إلى شخصين كان يجب أن يقدم أولهما كشاهد وأن الثاني لم يحضر للإدلاء بشهادته، إلا أنه لم يتمسك بطلب سماعهما. في طلباته الختامية، فليس له من بعد أن ينعى على المحكمة، عدم إجابته إلى هذا الطلب أو الرد عليه، هذا إلى أنه بغرض إصرار الطاعنين على طلب سماع شاهدي النفي في ختام مرافعته، فإنه لا جناح على المحكمة إن أعرضت عن هذا الطلب ما دام الطاعنان لم يتبعا الطريق الذي رسمه قانون الإجراءات الجنائية المعدل بالقانون رقم 170 لسنة 1981 في المادة 214 مكرراً أ منه، بالنسبة لإعلان الشهود الذين يطلب المتهم سماع شهادتهم أمام محكمة الجنايات. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس واجب الرفض موضوعاً، مع إلزام الطاعن بالمصاريف المدنية.

الطعن 4582 لسنة 58 ق جلسة 1/ 12/ 1988 مكتب فني 39 ج 2 ق 183 ص 1185


جلسة 1 من ديسمبر سنة 1988
برئاسة السيد المستشار/ أحمد أبو زيد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ مصطفى طاهر وحسن عميرة نائبي رئيس المحكمة وصلاح البرجي وزكريا الشريف.
------------------
(183)
الطعن رقم 4582 لسنة 58 القضائية

 (1)دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". محاماة. إجراءات "إجراءات المحاكمة" نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
وجوب أن يكون لكل متهم بجناية محام يدافع عنه. أمر الدفاع متروك للمحامي يتصرف فيها بما يرضي ضميره وما تهدي إليه خبرته.
(2) إجراءات "إجراءات المحاكمة". محضر الجلسة. دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره" نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
خلو محضر الجلسة من إثبات دفاع الخصم كاملاً. لا يعيب الحكم. للخصم أن يطلب صراحة تدوين دفاعه في المحضر فإن ادعى أن المحكمة صادرت حقه في الدفاع قبل قفل باب المرافعة. عليه أن يقدم الدليل على ذلك ويسجل هذه المخالفة في طلب مكتوب قبل الحكم. إغفال ذلك. أثره. عدم جواز المحاجة به أمام النقض.
(3) حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
عدم التزام الحكم بأن يورد من أقوال الشهود إلا ما يقيم عليه قضاءه.
عدم التزام المحكمة بسرد روايات الشاهد المتعددة. حسبها أن تورد منها ما تطمئن إليه وتطرح ما عداه.
للمحكمة أن تعول على أقوال الشاهد في أي مرحلة من مراحل الدعوى ما دامت قد اطمأنت إليها.
تناقض الشاهد وتضاربه في أقواله. لا يعيب الحكم ما دامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة من تلك الأقوال بما لا تناقض فيه.
الجدل الموضوعي في تقدير المحكمة للأدلة. لا يجوز إثارته أمام النقض.
 (4)دفوع "الدفع بتلفيق التهمة". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
الدفع بتلفيق التهمة. موضوعي. لا يستلزم رداً صريحاً. كفاية الأخذ بأدلة الثبوت رداً عليه.
(5) ضرب "أحدث عاهة". ضرب بسيط. تعويض. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
كفاية أن يثبت الحكم وقوع العمل الضار الناشئ عن جريمة الضرب في حق الطاعن للحكم بالتعويض المؤقت. يستوي في ذلك أن يؤدي الضرب إلى عاهة مستديمة أم يقتصر على مجرد الضرب البسيط.
مجادلة الطاعن بشأن التقارير الطبية وفساد استدلال الحكم بها على قيام رابطة السببية بين فعل الضرب الذي أسنده إليه والعاهة عدم جدواه.

--------------
1 - إن القانون وإن أوجب أن يكون بجانب كل متهم بجناية محام يتولى الدفاع عنه أمام محكمة الجنايات إلا أنه لم يرسم للدفاع خططاً معينة لأنه لم يشأ أن يوجب على المحامي أن يسلك في كل ظرف خطة مرسومة بل ترك له - اعتماداً على شرف مهنته واطمئناناً إلى نبل أغراضها - أمر الدفاع يتصرف فيه بما يرضي ضميره وعلى ما تهديه خبرته في القانون.
2 - من المقرر أنه لا يعيب الحكم خلو محضر الجلسة من إثبات دفاع الخصم كاملاً إذ كان عليه إن كان يهمه تدوينه أن يطلب صراحة إثباته في المحضر، كما أن عليه إن ادعى أن المحكمة صادرت حقه في الدفاع قبل قفل باب المرافعة وحجز الدعوى للحكم أن يقدم الدليل على ذلك وأن يسجل عليها هذه المخالفة في طلب مكتوب قبل صدور الحكم وإلا لم تجز المحاجة من بعد أمام محكمة النقض على أساس من تقصيره فيما كان يتعين عليه تسجيله وإثباته، ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الصدد لا يكون له محل.
3 - من المقرر أن الأحكام لا تلتزم بحسب الأصل أن تورد من أقوال الشهود إلا ما تقيم عليه قضاءها وأن المحكمة غير ملزمة بسرد روايات الشاهد إذا تعددت وبيان وجه أخذها بما اقتنعت به منها بل حسبها أن تورد منها ما تطمئن إليه وتطرح ما عداه وأن لها أن تعول على أقوال الشاهد في أي مرحلة من مراحل الدعوى ما دامت قد اطمأنت إليها، وكان تناقض الشاهد وتضاربه في أقواله لا يعيب الحكم ما دامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة من تلك الأقوال استخلاصاً سائغاً بما لا تناقض فيه - وهو الحال في الدعوى المطروحة - فإن منعى الطاعن في شأن التعويل على أقوال المجني عليه لا يعدو في حقيقته أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير المحكمة للأدلة القائمة في الدعوى وهو من إطلاقاتها ولا يجوز مصادرتها فيه لدى محكمة النقض.
4 - من المقرر أن الدفع بتلفيق التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب رداً صريحاً بل أن الرد يستفاد من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم.
5 - يكفي للحكم بالتعويض المؤقت في صورة الدعوى - أن يثبت الحكم وقوع العمل الضار الناشئ عن جريمة الضرب في حق الطاعن يستوي في ذلك أن يؤدي الضرب إلى عاهة مستديمة أم يقتصر على مجرد الضرب البسيط، فإنه لا جدوى مما يجادل فيه الطاعن بشأن التقارير الطبية وفساد استدلال الحكم بها على قيام رابطة السببية بين فعل الضرب الذي أسنده إليه والعاهة.


الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه ضرب...... بعصا على بطنه فأحدث به الإصابات المبينة بالتقرير الطبي الشرعي والتي تخلف لديه من جرائها عاهة مستديمة يستحيل برؤها هي فتق جراحي وضعف في عضلات مقدم جدار البطن مما يعرضه إلى اضطرابات في الهضم ونوبات إسهال وإمساك شديدين مما يؤثر عليه من إنهاك وضعف في قواه وأن الفتق الجراحي المتكون والمشاهد لدى المذكور يعتبر مضاعفة شائعة الحدوث عقب العمليات الجراحية لاستئصال التهتك بالأمعاء بنوعيها مما يعتبر عاهة مستديمة تقدر بحوالي 40% وإحالته إلى محكمة جنايات أسوان لمحاكمته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة وادعى المجني عليه مدنياً قبل المتهم بمبلغ قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت ومحكمة جنايات أسوان قضت حضورياً عملاً بالمادة 240/ 1 من قانون العقوبات مع إعمال المادة 17 من ذات القانون بمعاقبة المتهم بالحبس مع الشغل لمدة سنتين وإلزامه بأن يؤدي للمدعي بالحقوق المدنية مبلغ قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة
حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة إحداث عاهة مستديمة وإلزامه بالتعويض قد شابه الإخلال بحق الدفاع والبطلان والفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب، ذلك أن الطاعن لم يحظ بدفاع جدي علاوة على إثبات هذا الدفاع بطريقة مبتسرة بمحضر جلسة المحاكمة، وقد عول الحكم على رواية للمجني عليه قصر فيها الاتهام على الطاعن وحده دون أن يشير إلى تناقضها مع رواياته الأخرى التي أسند فيها الاتهام للطاعن وآخرين أو يعرض لما أثاره الدفاع من دلالة ذلك على تلفيق الاتهام، وهذا إلى أن الحكم جمع بين التقارير الطبية الابتدائية واعتبرها بمثابة تقرير واحد تساند إليه التقرير الطبي الشرعي مع ما في ذلك من تناقض لاقتصار التقرير الأخير وحده على إثبات حصول العاهة، فضلاً عن أن كلا التقريرين خليا من بيان سبب حدوث إصابات المجني عليه والآلة المحدثة لها ولم يقطعا بتخلف العاهة لديه من جرائها مما يصم الحكم بالقصور في استظهار علاقة السببية بين فعل الضرب الذي أسنده إلى الطاعن والعاهة وينال من سلامة قضائه في الدعويين الجنائية والمدنية المرفوعة تبعاً لها معاً، كل ذلك يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
وحيث إن القانون وإن أوجب أن يكون بجانب كل متهم بجناية محام يتولى الدفاع عنه أمام محكمة الجنايات إلا أنه لم يرسم للدفاع خططاً معينة لأنه لم يشأ أن يوجب على المحامي أن يسلك في كل ظرف خطة مرسومة بل ترك له - اعتماداً على شرف مهنته واطمئناناً إلى نبل أغراضها - أمر الدفاع يتصرف فيه بما يرضي ضميره وعلى ما تهديه خبرته في القانون، وإذ كان البين من محضر جلسة المحاكمة أن اثنين من المحامين الموكلين ترافعا في موضوع الدعوى عن الطاعن وأبديا من أوجه الدفاع ما هو ثابت بهذا المحضر، فإن ذلك يكفي لتحقيق غرض الشارع ويكون الجدل الذي يثيره الطاعن بوجه النعي حول كفاية هذا الدفاع غير مقبول. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه لا يعيب الحكم خلو محضر الجلسة من إثبات دفاع الخصم كاملاً إذ كان عليه إن كان يهمه تدوينه أن يطلب صراحة إثباته في المحضر، كما أن عليه إن ادعى أن المحكمة صادرت حقه في الدفاع قبل قفل باب المرافعة وحجز الدعوى للحكم أن يقدم الدليل على ذلك وأن يسجل عليها هذه المخالفة في طلب مكتوب قبل صدور الحكم وإلا لم تجز المحاجة من بعد أمام محكمة النقض على أساس من تقصيره فيما كان يتعين عليه تسجيله وإثباته، ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الصدد لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان الحكم قد حصل من أقوال المجني عليه أن الطاعن اعتدى عليه بالضرب بعصا على بطنه وأحدث ما به من إصابات، وإذ كان الطاعن لا ينازع في سلامة إسناد الحكم في هذا الشأن وكان من المقرر أن الأحكام لا تلتزم بحسب الأصل أن تورد من أقوال الشهود إلا ما تقيم عليه قضاءها وأن المحكمة غير ملزمة بسرد روايات الشاهد إذا تعددت وبيان وجه أخذها بما اقتنعت به منها بل حسبها أن تورد منها ما تطمئن إليه وتطرح ما عداه وأن لها أن تعول على أقوال الشاهد في أي مرحلة من مراحل الدعوى ما دامت قد اطمأنت إليها، وكان تناقض الشاهد وتضاربه في أقواله لا يعيب الحكم ما دامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة من تلك الأقوال استخلاصاً - سائغاً بما لا تناقض فيه - وهو الحال في الدعوى المطروحة - فإن منعى الطاعن في شأن التعويل على أقوال المجني عليه لا يعدو في حقيقته أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير المحكمة للأدلة القائمة في الدعوى وهو من إطلاقاتها ولا يجوز مصادرتها فيه لدى محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الدفع بتلفيق التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب رداً صريحاً بل إن الرد يستفاد من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم، فضلاً عن أن الحكم عرض لهذا الدفاع وأطرحه بأسباب سائغة، ومن ثم فقد بات النعي عليه في هذا الخصوص غير سديد. لما كان ذلك، وكان الحكم قد أثبت على الطاعن اعتداءه على المجني عليه بالضرب البسيط باستعمال عصا المعاقب عليها بمقتضى الفقرة الثالثة من المادة 242 من قانون العقوبات والتي لا يلزم لتوافرها أن يحدث الاعتداء جرحاً أو ينشأ عنه مرض أو عجز بل يعد الفعل ضرباً ولو لم يتخلف عنه آثار أصلاً، وكان يكفي للحكم بالتعويض المؤقت في صورة الدعوى - أن يثبت الحكم وقوع العمل الضار الناشئ عن جريمة الضرب في حق الطاعن يستوي في ذلك أن يؤدي الضرب إلى عاهة مستديمة أم يقتصر على مجرد الضرب البسيط، فإنه لا جدوى مما يجادل فيه الطاعن بشأن التقارير الطبية وفساد استدلال الحكم بها على قيام رابطة السببية بين فعل الضرب الذي أسنده إليه والعاهة. لما كان ما تقدم، فإن الطعن يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.