الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الجمعة، 7 يونيو 2019

الطعن 168 لسنة 62 ق جلسة 14 / 12 / 1993 مكتب فني 44 ق 179 ص 1142


جلسة 14 من ديسمبر سنة 1993
برئاسة السيد المستشار/ محمد حسين لبيب نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ رضوان عبد العليم ووفيق الدهشان وبدر الدين السيد نواب رئيس المحكمة ومصطفى عبد المجيد.
----------------
(179)
الطعن رقم 168 لسنة 62 القضائية

 (1)تزوير "أوراق رسمية". جريمة "أركانها". قصد جنائي. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
القصد الجنائي في جريمة التزوير. مناط تحققه؟ استخلاصه. موضوعي. تحدث الحكم استقلالاً عن توافره. غير لازم.
 (2)تزوير "أوراق رسمية". فاعل أصلى. اشتراك.
الاشتراك بالاتفاق. يتكون من اتحاد نية الفاعل والشريك على ارتكاب الفعل المتفق عليه. الاشتراك بالتحريض. قد لا تكون له سمات أو شواهد ظاهرة تدل عليه
الاشتراك بالمساعدة. يتحقق بتدخل الشريك مع الفاعل تدخلاً مقصوداً. ويتحقق فيه تسهيل ارتكاب الجريمة
 (3)إثبات "بوجه عام" "قرائن". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". 
حرية القاضي الجنائي في تكوين عقيدته من الأدلة المباشرة أو غير المباشرة
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل. لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض
مثال.
(4) اختلاس. تزوير. اشتراك. ارتباط. عقوبة "العقوبة المبررة". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". 
نعي الطاعن على الحكم المطعون فيه بالقصور في التدليل على ارتكابه جريمة الاختلاس. لا جدوى منه. ما دامت المحكمة قد طبقت المادة 32 عقوبات وعاقبته بالعقوبة الأشد المقررة لجريمة التزوير والاشتراك فيه التي أثبتها الحكم في حقه
 (5)إثبات "بوجه عام". حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل". تزوير "أوراق رسمية". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". 
الخطأ في الإسناد. لا يعيب الحكم. ما لم يتناول من الأدلة ما يؤثر في عقيدة المحكمة
 (6)نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". 
عدم قبول أسباب الطعن التي لا تتصل بشخص الطاعن
 (7)دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". 
عدم التزام المحكمة بتعقب المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي. اطمئنانها إلى الأدلة التي عول عليها. يفيد إطراحها جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها
(8) إثبات "بوجه عام" "قرائن" "أوراق". حكم "حجيته". محكمة الموضوع "نظرها الدعوى والحكم فيها". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". 
قواعد حجية المحررات وإثبات صحتها الواردة في قانون الإثبات. خاصة بالمواد المدنية والتجارية. عدم التزام القاضي الجنائي بإتباع طريق خاص في تحري الأدلة
 (9)تزوير "أوراق رسمية". اشتراك. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". 
مساءلة الطاعن عن اشتراكه في تزوير محضر الطرد. نعيه بأن محاميه هو الذي تولى رفع الدعوى. غير سديد.
 (10)إثبات "بوجه عام". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". 
تساند الأدلة في المواد الجنائية. مؤداه؟ 
 (11)إثبات "شهود". تزوير
لا يشترط في الشهادة. أن ترد على الحقيقة المراد إثباتها بأكملها
 (12)تزوير. إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". 
وزن أقوال الشاهد وتقديرها. موضوعي
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى. لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض

----------------
1 - القصد الجنائي في جريمة التزوير يتحقق متى تعمد الجاني بتغير الحقيقة في المحرر مع انتواء استعماله في الغرض الذي من أجله غيرت الحقيقة وفيه واستخلاص هذا القصد من المسائل المتعلقة بوقائع الدعوى التي تفصل فيها محكمة الموضوع وفي ضوء الظروف المطروحة عليها وليس بلازم أن يتحدث الحكم عنه صراحة وعلى استقلال ما دام قد أورد من الوقائع ما يدل عليه وهو ما وفره الحكم المطعون فيه
2 - الاشتراك بالاتفاق إنما يتكون من اتحاد نية الفاعل والشريك على ارتكاب الفعل المتفق عليه وهذه النية من مخبات الصدور ودخائل النفس الذي لا تقع عادة تحت الحس وليس لها أمارات ظاهرة كما أن الاشتراك بالتحريض قد لا تكون له سمات أو شواهد ظاهرة تدل عليه ويتحقق الاشتراك بالمساعدة بتدخل الشريك مع الفاعل تدخلاً مقصوداً يتجاوب صداه مع فعله ويتحقق فيه معنى تسهيل ارتكاب الجريمة الذي جعله الشارع مناطاً لعاقب الشريك
3 - للقاضي الجنائي إذا لم يقم على الاتفاق أو التحريض أو المساعدة دليل مباشر أن يستدل على ذلك بطريق الاستنتاج والقرائن التي تقوم لديه ما دام هذا الاستنتاج سائغاً. وله من ظروف الدعوى ما يبرره وكان الحكم في سرده لوقائع الدعوى ومؤدى أدلة الثبوت فيها - على ما سلف بيانه - قد أورد أن الطاعن الثاني استصدر حكماً باطلاً لصالحه بطرد المستأجر.... برغم تأخيره في سداد الأجرة وعهد إلى المتهم الأول بتنفيذ هذا الحكم في غيبة المستأجر المنفذ ضده وقد أطلع المتهم الأول بتنفيذ الحكم بإرشاد الطاعن الثاني في غيبة المستأجر - على خلاف ما تقضى به التعليمات من ضرورة حضوره أثناء التنفيذ إذ رخص له القانون أن يتوقى الطرد بعرض الأجرة المتأخرة - فأثبت زوراً في محضر الجرد والطرد والتسليم حضور المستأجر الغائب وقام بجرد محتويات الشقة وتسليمها إلى الطاعن الثاني واتبع ذلك بإجراء مزاد صوري انتهى إلى بيع المحجوزات بمبلغ 413 جنيه مع أن قيمتها الحقيقية 33000 جنيه فإن الحكم إذ استخلص من ذلك اشتراك الطاعن الثاني مع الأول بالاتفاق والتحريض - والمساعدة في ارتكاب جريمة التزوير فإنه يكون استخلاصاً سائغاً مؤدياً إلى ما قصده الحكم وينحل ما يثيره الطاعن الثاني في هذا الصدد إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل مما تستقل به محكمة الموضوع بغير معقب
4 - لا جدوى للطاعنين من نعيهما على الحكم بالقصور في التدليل على أركان جريمة اختلاس المحجوزات ما دامت المحكمة قد طبقت المادة 32 من قانون العقوبات وعاقبهما بالعقوبة الأشد المقررة لجريمة التزوير والاشتراك فيه التي أثبتها الحكم في حقهما
5 - لا يؤثر في سلامة الحكم أن يكون قد أخطأ في الإسناد بالنسبة لواقعة معينة ما دامت المحكمة لم تجعل لهذه الواقعة اعتباراً في إدانة المتهم وما دام حكمها مقاماً على أدلة مؤدية إلى ما ترتب عليه
6 - لا يقبل من أوجه الطعن على الحكم إلا ما كان متصلاً بشخص الطاعن وله مصلحة فيه فإنه يكون غير مقبول ما يثيره الطاعن الأول بدعوى التناقض كما هي واردة بوجه النعي لاتصالها بالطاعن الثاني ولا شأن له بها
7 - محكمة الموضوع غير ملزمة بتعقب المتهم في كل جزئية في مناحي دفاعه الموضوعي إذ في اطمئنانها إلى الأدلة التي أوردتها وعولت عليها ما يفيد إطراحها لجميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها دون أن تكون ملزمه ببيان علة إطراحها إياها
8 - إن ما جاء في القانون من حجية المحررات وإثبات صحتها إنما محله أحكام الإثبات في المواد المدنية والتجارية حيث عينت الأدلة ووضعت أحكام لها وألزم القاضي بأن يجرى في أحكامه على مقتضاها وليس في القانون ما يجبر المحاكم الجنائية على ترسمه لأنها في الأصل حرة في انتهاج السبيل الموصل إلى اقتناعها ولم يرسم القانون في المواد الجنائية طريقاً يسلكه القاضي في تحري الأدلة
9 - لما كان الثابت من الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه بمساءلة الطاعن الثاني لا عن واقعة رفع الدعوى وإنما عن اشتراكه مع الطاعن الأول في تزوير محضر الطرد بطريق الاتفاق والتحريض والمساعدة فإن ما يثيره الدفاع عن الطاعن استناداً إلى أن محاميه هو الذي تولى رفع الدعوى يكون غير سديد
10 - من المقرر أن الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضا ومنها مجتمعة تتكون عقيدة القاضي فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومجتمعة في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه
11 - لا يشترط في شهادة الشاهد أن تكون واردة على الحقيقة المراد إثباتها بأكملها وبجميع تفاصيلها على وجه دقيق بل يكفي أن يكون من شأن تلك الشهادة أن تؤدى إلى هذه الحقيقة باستنتاج سائغ تجريه محكمة الموضوع يتلاءم به ما قاله الشاهد بالقدر الذي يتفق مع أدلة الإثبات الأخرى المطروحة أمامها
12 - وزن أقوال الشاهد وتقديرها متروك لمحكمة الموضوع ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن الثاني من أن إقراره بوجوده أثناء التنفيذ لا يكفي لاستخلاص مقارفته الجريمة وما يردده حول القوة التدليلية لشهادة المحضر الأول والمجني عليه لا يخرج عن كونه جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا يجوز إثارته أو الخوض فيه أمام محكمة النقض.


الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنين أولاً: المتهم الأول: بوصفه موظفاً عمومياً (محضر بمحكمة..... الجزئية) ارتكب تزويراً في محرر رسمي هو محضر الجرد والطرد والتسليم المؤرخ 14 من إبريل سنة 1984 حال تحريره المختص بوظيفته وذلك بجعله واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة بأن أثبت حضور المدعى عليه المنفذ ضده..... في المحضر سالف البيان على خلاف الحقيقة مع علمه بتزويرها. ثانياً..... المتهم الثاني: اشترك مع المتهم الأول بطريق التحريض والاتفاق والمساعدة في ارتكاب جريمة التزوير المبينة بالوصف بأن حرضه واتفق معه على ارتكابها مرشداً إياه عن المنفذ ضده على خلاف الحقيقة فوقعت الجريمة بناء على هذا التحريض وذلك الاتفاق وتلك المساعدة ثالثاً: المتهمين الأول والثاني: اختلسا المنقولات المبينة وصفاً وقيمة بالتحقيقات والمملوكة...... والمحجوز عليها قضائياً لصالح المتهم الثاني والمسلمة إليه على سبيل الوديعة لحراستها وتقديمها في اليوم المحدد للبيع فاختلسها والمتهم الأول بإجراء بيعا بالمزاد صورياً إضراراً بمالكها، وأحالتهما إلى محكمة الجنايات لمعاقبتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. ومحكمة جنايات القاهرة قضت حضورياً عملاً بالمواد 40، 41، 213، 341، 342 من قانون العقوبات مع إعمال المادتين 17 و32 من ذات القانون أولاً: بمعاقبة المتهم..... بالحبس مع الشغل لمدة ثلاث سنوات وبغزله من وظيفته عما أسند إليه. ثانياً: بمعاقبة...... بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة عما أسند إليه. فطعن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض...... إلخ.

المحكمة
حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن الأول بجريمة تزوير في محرر رسمي والطاعن الثاني بجريمة الاشتراك في ارتكاب ذلك التزوير كما دانهما معاً بجريمة اختلاس المحجوزات قد شابه قصور وتناقض في التسبيب وانطوى على خطأ في الإسناد وفساد في الاستدلال ذلك بأنه لم يستظهر توافر ركن القصد الجنائي بالنسبة للطاعن الأول ولم يستظهر بالنسبة للثاني عناصر الاشتراك في الجريمة وركن العلم ولم يدل على توافرها في حقه - ولم يعني ببيان أركان جريمة اختلاس المحجوزات التي دانهما بها وما قاله الحكم من أن الطاعن الأول لم يثبت بمحضر الطرد إرشاد طالب التنفيذ على المنفذ ضده لا أصل له في الأوراق وتناقض مع ما انتهى إليه من إدانة المتهم الثاني تأسيساً على أنه أرشد عن المنفذ ضده وبنى الطاعن الثاني دفاعه على أن المجني عليه كان حاضراً عند تنفيذ حكم الطرد مدللاً على ذلك بشواهد عددها من ذلك أن المحضر أثبت وجوده في محضره الرسمي إلا أن الحكم أطرح هذا الدفاع بتسبيب قاصر غير سائغ وإهدار حجية المحرر الرسمي والإقرارات الرسمية للموثقين عليه ثم أن الحكم التفت عن دفاعه بأن محاميه هو الذي تولى رفع الدعوى نيابة عنه ولا يمكن مساءلته عما صدر من وكيله واستخلص الحكم من إقرار الطاعن بوجوده عند تنفيذ الحكم دليلاً على مقارفته الجريمة مع أن ذلك لا يؤدى إلى ما رتب عليه كما عول على أقوال المجني عليه من أنه لم يكن موجوداً عند التنفيذ رغم افتقارها إلى الدليل الذي يدعمها وإلى أقوال الشاهد...... رغم أنه ليس في أقواله ما يكشف عن ارتكابه الجريمة مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى في قوله بأنها "تتحصل في أن أحد كان يستأجر من المتهم الثاني..... شقة.... بناحية المعادي..... ولرغبة المتهم المذكور في انتهاء العلاقة الإيجارية بغير مسوغ من الواقع أو القانون امتنع عن تقاضي الأجرة منه ليسجل عليه التأخير في سدادها...... مما اضطر المستأجر أن يعرض عليه القيمة الإيجارية بالطرق الرسمية..... وقد استغل المتهم المذكور فرصة تغيب المستأجر وسفره إلى ألمانيا في رحلة علاج واستحصل على حكم مستعجل بالطرد بزعم تأخره في سداد الأجرة رغم وفائه بها والذي أعلن إليه إعلاناً غير صحيح وسلم هذا الحكم المستصدر على غير سبب صحيح من القانون والمعلن إليه إعلاناً باطلاً سلمه إلى المتهم الأول (الطاعن الأول) محضر محكمة المعادي الجزئية متفقاً معه ومحرضاً له ومساعداً إياه على أن يقوم بتنفيذ هذا الحكم في غيبة المستأجر مخالفاً بذلك القانون وقد أثبت المتهم الأول زوراً في محضر الجرد والطرد والتسليم..... حضور المستأجر وهو غائب وقام المتهم الأول بصفته المحضر القائم بعملية التنفيذ بجرد محتويات الشقة وقام بتسليمها والشقة للمتهم الثاني واتبع ذلك قيامه بتقييم تلك المنقولات تقيماً غير حقيقي فبخس ثمنها على النحو الذي سطره في محضره..... إذ أثبت أن قيمة منقولات الشقة جميعها هي عبارة عن..... مبلغ 413 بينما يبلغ قيمتها الحقيقة نحو 33000 وقام ببيع محتويات الشقة - بالثمن البخس الذي قدره متواطئاً في ذلك كله من سلب للشقة والاستيلاء على المنقولات مع المتهم الثاني (الطاعن الثاني) إذ قاما بإجراء بيع بالمزاد العلني بطريق الصورية إضراراً بمالكها بعد أن سلبه حيازة الشقة المؤجرة إليه بتنفيذ صوري مخالف للحقيقة...." وساق الحكم على ثبوت الواقعة بالتصوير المتقدم في حق الطاعنين أدلة استقاها من أقوال الشهود ومن إقرار المتهمين ومما جاء بأوراق التنفيذ وهي أدلة سائغة تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك وكان القصد الجنائي في جريمة التزوير يتحقق متى تعمد الجاني بتغير الحقيقة في المحرر مع انتواء استعماله في الغرض الذي من أجله غيرت الحقيقة فيه واستخلاص هذا القصد من المسائل المتعلقة بوقائع الدعوى التي تفصل فيها محكمة الموضوع في ضوء الظروف المطروحة عليها وليس بلازم أن يتحدث الحكم عنه صراحة وعلى استقلال ما دام قد أورد من الوقائع ما يدل عليه وهو ما وفره الحكم المطعون فيه - وكان الاشتراك بالاتفاق إنما يتكون من اتحاد نية الفاعل والشريك على ارتكاب الفعل المتفق عليه وهذه النية من مخبات الصدور ودخائل النفس الذي لا تقع عاده تحت الحس وليس لها أمارات ظاهرة كما أن الاشتراك بالتحريض قد لا تكون له سمات أو شواهد ظاهرة تدل عليه ويتحقق الاشتراك بالمساعدة بتدخل الشريك مع الفاعل تدخلاً مقصوداً يتجاوب صداه مع فعله ويتحقق فيه معنى تسهيل ارتكاب الجريمة الذي جعله الشارع مناطاً لعاقب الشريك وللقاضي الجنائي إذا لم يقم على الاتفاق أو التحريض أو المساعدة دليل مباشر أن يستدل على ذلك بطريق الاستنتاج والقرائن التي تقوم لديه ما دام هذا الاستنتاج سائغاً. وله من ظروف الدعوى ما يبرره وكان الحكم في سرده لوقائع الدعوى ومؤدى أدلة الثبوت فيها - على ما سلف بيان - قد أورد أن الطاعن الثاني استصدر حكماً باطلاً لصالحه بطرد المستأجر.... بزعم تأخيره في سداد الأجرة وعهد إلى المتهم الأول بتنفيذ هذا الحكم في غيبة المستأجر المنفذ ضده وقد أطلع المتهم الأول بتنفيذ الحكم بإرشاد الطاعن الثاني في غيبة المستأجر - على خلاف ما تقضى به التعليمات من ضرورة حضوره أثناء التنفيذ إذ رخص له القانون أن يتوقى الطرد بعرض الأجرة المتأخرة - فأثبت زوراً في محضر الجرد والطرد والتسليم حضور المستأجر الغائب وقام بجرد محتويات الشقة وتسليمها إلى الطاعن الثاني واتبع ذلك بإجراء مزاد صوري انتهى إلى بيع المحجوزات بمبلغ 413 جنيه مع أن قيمتها الحقيقية 33000 جنيه فإن الحكم إذ استخلص من ذلك اشتراك الطاعن الثاني مع الأول بالاتفاق والتحريض والمساعدة في ارتكاب جريمة التزوير فإنه يكون استخلاصاً سائغاً مؤدياً إلى ما قصده الحكم وينحل ما يثيره الطاعن الثاني في هذا الصدد إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل مما تستقل به محكمة الموضوع بغير معقب لما كان ذلك وكان لا جدوى للطاعنين من نعيهما على الحكم بالقصور في التدليل على أركان جريمة اختلاس المحجوزات ما دامت المحكمة قد طبقت المادة 32 من قانون العقوبات وعاقبتهما بالعقوبات الأشد المقررة لجريمة التزوير والاشتراك فيه التي أثبتها الحكم في حقهما لما كان ذلك وكان لا يؤثر في سلامة الحكم أن يكون قد أخطأ في الإسناد بالنسبة لواقعة معينة ما دامت المحكمة لم تجعل لهذه الواقعة اعتباراً في إدانة المتهم وما دام حكمها مقاماً على أدلة مؤدية إلى ما رتبته عليه فإنه لا يجدي الطاعن الأول ما ينعاه على الحكم فيما أثبته في مدوناته من أن الطاعن الأول لم يثبت بمحضر الطرد أن التنفيذ تم بإرشاد الطالب إذ أن هذه الواقعة الفرعية بفرض ثبوت خطأ الحكم فيها ليست بذي أثر في منطقه ولا في النتيجة التي انتهى إليها بعد أن أثبت بالأدلة السائغة بقيام الطاعن الأول بتزوير محضر الطرد والتسليم بالاشتراك مع المتهم الثاني وإثبات حضور المجني عليه بالمحضر على خلاف الحقيقة. لما كان ذلك وكان لا يقبل من أوجه الطعن على الحكم إلا ما كان متصلاً بشخص الطاعن وله مصلحة فيه فإنه يكون غير مقبول ما يثيره الطاعن الأول بدعوى التناقض كما هي واردة بوجه النعي لاتصالها بالطاعن الثاني ولا شأن له بها، ولما كان ذلك وكان ما يثيره الطاعن بشأن التفات الحكم عن دفاعه القائم على أن المجني عليه كان حاضراً عند تنفيذ الحكم مردوداً بما هو مقرر من أن محكمة الموضوع غير ملزمة بتعقب المتهم في كل جزئية في مناحي دفاعه الموضوعي إذ في اطمئنانها إلى الأدلة التي أوردتها وعولت عليها ما يفند إطراحها لجميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها دون أن تكون ملزمة ببيان علة إطراحها إياها أما ما يتحدى به الطاعن من إهدار الحكم لحجية المحضر الرسمي وإقرارات الموقعين عليه فيما أثبته من حضور المنفذ ضده عند التنفيذ فمردود بأن ما جاء في القانون من حجية المحررات وإثبات صحتها إنما محله أحكام الإثبات في المواد المدنية والتجارية حيث عينت الأدلة ووضعت أحكام لها وإلزام القاضي بأن يجرى في أحكامه على مقتضاها وليس في القانون ما يجبر المحاكم الجنائية على ترسمه لأنها في الأصل حرة في انتهاج السبيل الموصل إلى اقتناعها ولم يرسم القانون في المواد الجنائية طريقاً يسلكه القاضي في تحري الأدلة. لما كان ذلك وكان الثابت من الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه بمساءلة الطاعن الثاني لا عن واقعة رفع الدعوى وإنما عن اشتراكه مع الطاعن الأول في تزوير محضر الطرد بطريق الاتفاق والتحريض والمساعدة فإن ما يثيره الدفاع عن الطاعن استناداً إلى أن محاميه هو الذي تولى رفع الدعوى يكون غير سديد. لما كان ذلك وكان من المقرر أن الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضا ومنها مجتمعة تتكون عقيدة القاضي فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حده دون باقي الأدلة بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومجتمعة في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه وكان الأصل أنه لا يشترط في شهادة الشاهد أن تكون واردة على الحقيقة المراد إثباتها بأكملها وبجميع تفاصيلها على وجه دقيق بل يكفي أن يكون من شأن تلك الشهادة أن تؤدى إلى هذه الحقيقة باستنتاج سائغ تجريه محكمة الموضوع يتلاءم به ما قاله الشاهد بالقدر الذي ردده مع أدلة الإثبات الأخرى المطروحة أمامها وكان وزن أقوال الشاهد وتقديرها متروك لمحكمة الموضوع ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن الثاني من أن إقراره بوجوده أثناء التنفيذ لا يكفي لاستخلاص مقارفته الجريمة وما يردده حول القوة التدليلية لشهادة المحضر الأول والمجني عليه لا يخرج عن كونه جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا يجوز إثارته أو الخوض فيه أمام محكمة النقض لما كان ما تقدم فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

الطعن 7705 لسنة 62 ق جلسة 13 / 12 / 1993 مكتب فني 44 ق 176 ص 1124


جلسة 13 من ديسمبر سنة 1993
برئاسة السيد المستشار/ نجاح نصار نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ مجدي منتصر وحسن حمزة ومصطفى كامل ومحمد عبد العزيز محمد نواب رئيس المحكمة.
-----------------
(176)
الطعن رقم 7705 لسنة 62 القضائية

 (1)نيابة عامة. إعدام. محكمة النقض "سلطتها". 
وجوب عرض الحكم الحضوري الصادر بالإعدام على محكمة النقض مشفوعاً برأي النيابة.
وظيفة محكمة النقض في شأن الأحكام الصادرة بالإعدام؟
عدم تقيد محكمة النقض بحدود أوجه الطعن أو رأي النيابة. أساس ذلك؟ 
 (2)إثبات "بوجه عام". سبق إصرار. حكم "تسبيبه. تسبيب معيب".
استناد الحكم للتدليل على توافر ظرف سبق الإصرار في حق الطاعن إلى ما ليس له أصل في الأوراق. يعيبه.
مؤدى تساند الأدلة في المواد الجنائية؟ 
مثال لتسبيب معيب للتدليل على توافر ظرف سبق الإصرار
 (3)قتل عمد. سرقة. ظروف مشددة. سبق إصرار. ارتباط
العقوبة المقررة لجريمة القتل العمد مع سبق الإصرار المؤثمة بالمادة 230 عقوبات. الإعدام. في حين أن تلك المقررة لجريمة القتل المرتبطة بجنحة سرقة المؤثمة بالمادة 234/ 3 عقوبات. الإعدام أو الأشغال الشاقة المؤبدة. تساند الحكم بالإعدام إلى توافر ظرفي سبق الإصرار والارتباط رغم فساد استدلاله على توافر سبق الإصرار. يعيبه. علة ذلك؟ 
 (4)حكم "بطلانه" "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض "أثر نقض الحكم". إعدام
صدور حكم بالإعدام معيباً بأحد العيوب التي أوردتها المادة 30 من القانون رقم 57 لسنة 1959. يوجب نقضه. المادة 46 من ذات القانون.

---------------------
1 - لما كانت النيابة العامة عرضت القضية على هذه المحكمة إعمالاً لنص المادة 46 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض وقدمت مذكرة برأيها طلبت فيها إقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليه. وحيث إن المادة 46 من القانون رقم 57 لسنة 1959 سالف البيان تنص على أنه "مع عدم الإخلال بالأحكام المتقدمة إذا كان الحكم صادراً حضورياً بعقوبة الإعدام يجب على النيابة العامة أن تعرض القضية على محكمة النقض مشفوعة بمذكرة برأيها وذلك في الميعاد المبين بالمادة 34 وتحكم المحكمة طبقاً لما هو مقرر في الفقرة الثانية من المادة 35 والفقرتين الثانية والثالثة من المادة 39". ومفاد ذلك أن وظيفة محكمة النقض في شأن الأحكام الصادر بالإعدام ذات طبيعة خاصة تقتضيها أعمال رقابتها على عناصر الحكم كافة موضوعية وشكلية وتقضي بنقض الحكم في أية حالة من حالات الخطأ في القانون أو البطلان ولو من تلقاء نفسها غير مقيدة في ذلك بحدود أوجه الطعن أو مبنى الرأي الذي تعرض به النيابة العامة تلك الأحكام وذلك هو المستفاد من الجمع بين الفقرة الثانية من المادة 35 والفقرتين الثانية والثالثة من المادة 39 من القانون رقم 57 لسنة 1959 المشار إليه
2 - لما كان يبين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه استدل على توافر ظرف سبق الإصرار في حق الطاعن - ضمن ما استدل به عليه باعترافه الذي أسند إليه فيه قوله أنه "بيت النية وصمم على استدراج المجني عليه وقتله وسرقة نقوده..... إلخ" ولما كان البين من المفردات المضمومة أن اعتراف الطاعن في تحقيق النيابة قد خلا من القول باستدراجه للمجني عليه، ومن ثم يكون الحكم قد أورد في مقام التدليل على توافر ظرف سبق الإصرار في حق الطاعن وقائع لا أصل لها في الأوراق كان لها أثر في منطق الحكم، ولا يغني في ذلك ما تضمنه الحكم من أدلة أخرى في مقام التدليل على توافر ظرف سبق الإصرار في حق الطاعن إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة والمحكمة تكون عقيدتها منها مجتمعة بحيث إذا سقط إحداها أو استبعد تعذر الوقوف على مبلغ الأثر الذي كان للدليل الباطل في الرأي الذي انتهت إليه المحكمة. فإن الحكم يكون معيباً بالخطأ في الإسناد.
3 - من المقرر بأن عقوبة الإعدام الموقعة على الطاعن مقررة لجريمة القتل العمد المرتبط بجنحة سرقة طبقاً للمادة 234 فقرة ثالثة من قانون العقوبات ذلك بأنه وإن كان يكفي لتغليظ العقاب عملاً بهذه المادة أن يثبت الحكم استقلال الجريمة المرتبطة عن جناية القتل وتميزها عنها وقيام الارتباط السببي بينهما - وهو ما لم يخطئ الحكم في تقريره - إلا أنه لا جدال في أن لكل من الجريمتين أركانها وظروفها والعقوبة المقررة لها، فقد أوجبت المادة 230 من قانون العقوبات عند انتفاء موجبات الرأفة إنزال العقوبة الوحيدة وهي عقوبة الإعدام بكل من قتل نفسهاً عمداً مع سبق الإصرار على ذلك أو الترصد في حين قضت المادة 234 من قانون العقوبات في فقرتها الثالثة على أنه ".... وأما إذا كان القصد منها - أي من جناية القتل العمد المجرد عن سبق الإصرار والترصد - التأهب لفعل جنحة أو تسهيلها أو ارتكبها بالفعل أو مساعدة مرتكبيها أو شركائهم على الهرب أو التخلص من العقوبة فيحكم بالإعدام أو الأشغال الشاقة المؤبدة" لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه - وعلى ما يبين من مدوناته قد جمع في قضائه بين الظرفين المشددين سبق الإصرار والارتباط وجعلهما معاً عماده في إنزال عقوبة الإعدام بالطاعن - فإنه وقد شاب استدلال الحكم على ظرف سبق الإصرار الخطأ في الإسناد الذي يعيبه فلا يمكن - والحال هذه - الوقوف على ما كانت تنتهي إليه المحكمة لو أنها تفطنت إلى ذلك ولا يعرف مبلغ الأثر الذي كان يتركه تخلف الظرف المشار إليه في وجدان المحكمة لو أنها اقتصرت على إعمال الظرف المشدد الآخر - وهو الارتباط - الذي يبرر عند توافره توقيع عقوبة تخييرية أخرى مع الإعدام
4 - لما كان البطلان الذي لحق بالحكم المطعون فيه يندرج تحت حكم الحالة الثانية من المادة 30 من القانون رقم 57 لسنة 1959 التي أحالت إليها الفقرة الثانية من المادة 39، وكانت المادة 46 من القانون سالف الذكر قد أوجبت على هذه المحكمة أن تقضي من تلقاء نفسها بنقض الحكم إذا ما وقع فيه بطلان من هذا القبيل فإنه يتعين قبول عرض النيابة العامة للقضية ونقض الحكم المطعون فيه الصادر بإعدام الطاعن وإعادة القضية إلى المحكمة التي أصدرته لتحكم فيها من جديد من هيئة مشكلة من قضاة آخرين.


الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه..... أولاً: قتل..... عمداً مع سبق الإصرار والترصد بأن بيت النية وعقد العزم المصمم على قتله وأعد لهذا الغرض آلة صلبة راضه لها حافة حادة (فأس) استعارها من المدعو...... وأستدرجه للحضور إليه في حجرته الكائنة.... حاملاً معه مبلغاً من المال بعد أن أوهمه بأن يبيعه نقداً أجنبياً وترصده في المكان آنف البيان والذي أيقن سلفاً حضوره إليه فيه في ذلك الوقت بعد أن قام بتغيير نوبتجيته من العامل النوبتجي المعين في ذلك اليوم - حتى إذا ما حضر إليه المجني عليه في الموعد المتفق عليه وظفر به المتهم بعد أن اطمئن إلى خلو المكان من رواده ووجود المبلغ النقدي مع المجني عليه حتى انهال على رأسه ورقبته وفخذه الأيمن ضرباً بالآلة سالفة البيان قاصداً من ذلك قتله فأحدث الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته - وكان قصده من ذلك ارتكابه بالفعل جنحة سرقة المبلغ النقدي الذي كان يحوزه المجني عليه سالف الذكر حالة كون ذلك ليلاً الأمر المنطبق عليه نص المادة 317/ 4 من قانون العقوبات. ثانياً: أخفى جثة المجني عليه سالف الذكر ودفنها قبل الكشف عليها وتحقيق حالة الموت وأسبابه على النحو المبين بالتحقيقات. وأحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة وادعت زوجة المجني عليه مدنياً قبل المتهم بمبلغ 51 جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت. ومحكمة جنايات بني سويف قررت وبإجماع الآراء بإحالة أوراق المتهم.... إلى فضيلة المفتي وحددت جلسة.... للنطق بالحكم وبتلك الجلسة قضت حضورياً وبإجماع الآراء عملاً بالمواد 230، 231، 232، 234/ 3، 239 من قانون العقوبات مع إعمال المادة 32 من نفس القانون بمعاقبته بالإعدام لما نسب إليه وفي الدعوى المدنية بإلزامه بأن يدفع للمدعية بالحق المدني مبلغاً قدره واحد وخمسون جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض. كما عرضت النيابة العامة القضية على المحكمة مشفوعة بمذكرة بالرأي...... إلخ.


المحكمة
حيث إن النيابة العامة عرضت القضية على هذه المحكمة إعمالاً لنص المادة 46 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض وقدمت مذكرة برأيها طلبت فيها إقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليه.
وحيث إن المادة 46 من القانون رقم 57 لسنة 1959 سالف البيان تنص على أنه "مع عدم الإخلال بالأحكام المتقدمة إذا كان الحكم صادراً حضورياً بعقوبة الإعدام يجب على النيابة العامة أن تعرض القضية على محكمة النقض مشفوعة بمذكرة برأيها وذلك في الميعاد المبين بالمادة 34 وتحكم المحكمة طبقاً لما هو مقرر في الفقرة الثانية من المادة 35 والفقرتين الثانية والثالثة من المادة 39". ومفاد ذلك أن وظيفة محكمة النقض في شأن الأحكام الصادرة بالإعدام ذات طبيعة خاصة تقتضيها أعمال رقابتها على عناصر الحكم كافة موضوعية وشكلية وتقضي بنقض الحكم في أية حالة من حالات الخطأ في القانون أو البطلان ولو من تلقاء نفسها غير مقيدة في ذلك بحدود أوجه الطعن أو مبنى الرأي الذي تعرض به النيابة العامة تلك الأحكام وذلك هو المستفاد من الجمع بين الفقرة الثانية من المادة 35 والفقرتين الثانية والثالثة من المادة 39 من القانون رقم 57 لسنة 1959 المشار إليه. لما كان ذلك، وكان يبين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه استدل على توافر ظرف سبق الإصرار في حق الطاعن - ضمن ما استدل به عليه باعترافه الذي أسند إليه فيه قوله أنه "بيت النية وصمم على استدراج المجني عليه وقتله وسرقة نقوده..... إلخ" ولما كان البين من المفردات المضمومة أن اعتراف الطاعن في تحقيق النيابة قد خلا من القول باستدراجه للمجني عليه، ومن ثم يكون الحكم قد أورد في مقام التدليل على توافر ظرف سبق الإصرار في حق الطاعن وقائع لا أصل لها في الأوراق كان لها أثر في منطق الحكم، ولا يغني في ذلك ما تضمنه الحكم من أدلة أخرى في مقام التدليل على توافر ظرف سبق الإصرار في حق الطاعن إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة والمحكمة تكون عقيدتها منها مجتمعة بحيث إذا سقط أحداها أو استبعد تعذر الوقوف على مبلغ الأثر الذي كان للدليل الباطل في الرأي الذي انتهت إليه المحكمة. فإن الحكم يكون معيباً بالخطأ في الإسناد. ولا يعترض على ذلك بأن عقوبة الإعدام الموقعة على الطاعن مقررة لجريمة القتل العمد المرتبط بجنحة سرقة طبقاً للمادة 234 فقرة ثالثة من قانون العقوبات ذلك بأنه وإن كان يكفي لتغليظ العقاب عملاً بهذه المادة أن يثبت الحكم استقلال الجريمة المرتبطة عن جناية القتل وتميزها عنها وقيام الارتباط السببي بينهما - وهو ما لم يخطئ الحكم في تقريره - إلا أنه لا جدال في أن لكل من الجريمتين أركانها وظروفها والعقوبة المقررة لها، فقد أوجبت المادة 230 من قانون العقوبات عند انتفاء موجبات الرأفة إنزال العقوبة الوحيدة وهي عقوبة الإعدام بكل من قتل نفساً عمداً مع سبق الإصرار على ذلك أو الترصد في حين قضت المادة 234 من قانون العقوبات في فقرتها الثالثة على أنه ".... وأما إذا كان القصد منها - أي من جناية القتل العمد المجرد على سبق الإصرار والترصد - التأهب لفعل جنحة أو تسهيلها أو ارتكبها بالفعل أو مساعدة مرتكبيها أو شركائهم على الهرب أو التخلص من العقوبة فيحكم بالإعدام أو الأشغال الشاقة المؤبدة" لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه - وعلى ما يبين من مدوناته قد جمع في قضائه بين الظرفين المشددين سبق الإصرار والارتباط وجعلهما معاً عماده في إنزال عقوبة الإعدام بالطاعن - فإنه وقد شاب استدلال الحكم على ظرف سبق الإصرار الخطأ في الإسناد الذي يعيبه فلا يمكن - والحال هذه - الوقوف على ما كانت تنتهي إليه المحكمة لو أنها تفطنت إلى ذلك ولا يعرف مبلغ الأثر الذي كان يتركه تخلف الظرف المشار إليه في وجدان المحكمة لو أنها اقتصرت على إعمال الظرف المشدد الآخر - وهو الارتباط - الذي يبرر عند توافره توقيع عقوبة تخييرية أخرى مع الإعدام. لما كان ذلك وكان البطلان الذي لحق بالحكم المطعون فيه يندرج تحت حكم الحالة الثانية من المادة 30 من القانون رقم 57 لسنة 1959 التي أحالت إليها الفقرة الثانية من المادة 39، وكانت المادة 46 من القانون سالف الذكر قد أوجبت على هذه المحكمة أن تقضي من تلقاء نفسها بنقض الحكم إذا ما وقع فيه بطلان من هذا القبيل فإنه يتعين قبول عرض النيابة العامة للقضية ونقض الحكم المطعون فيه الصادر بإعدام الطاعن وإعادة القضية إلى المحكمة التي أصدرته لتحكم فيها من جديد من هيئة مشكلة من قضاة آخرين وذلك بغير حاجة إلى بحث ما يثيره الطاعن بوجه الطعن.

الطعن 104 لسنة 62 ق جلسة 13 / 12 / 1993 مكتب فني 44 ق 175 ص 1117


جلسة 13 من ديسمبر سنة 1993
برئاسة السيد المستشار/ نجاح نصار نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ مقبل شاكر ومجدي منتصر ومصطفى كامل ومحمد عبد العزيز محمد نواب رئيس المحكمة.
--------------
(175)
الطعن رقم 104 لسنة 62 القضائية

 (1)إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
وزن أقوال الشهود وتقديرها. موضوعي.
مفاد أخذ المحكمة بأقوال شهود الإثبات؟
 (2)إثبات "بوجه عام" "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
الأخذ بأقوال شاهد لم يبلغ سنه أربع عشرة سنة على سبيل الاستدلال. يخضع لتقدير القاضي
 (3)إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
التناقض بين أقوال الشهود. لا يعيب الحكم. متى استخلصت المحكمة الحقيقة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه.
 (4)إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". دفوع "الدفع بنفي التهمة".
نفي التهمة. دفاع موضوعي. استفادة الرد عليه من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم.
 (5)إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
عدم التزام المحكمة بالإشارة إلى أقوال شهود النفي. ما دامت قد أطرحتها ولم تستند إليها في قضائها.
 (6)هتك عرض. جريمة "أركانها". إثبات "بوجه عام". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". 
هتك العرض. هو كل فعل مخل بالحياء ويستطيل إلى جسم المجني عليه وعوراته ويخدش عاطفة الحياء لديه. عدم اشتراط أن يترك الفعل أثراً في جسم المجني عليه
الجدل الموضوعي في تقدير الأدلة واستخلاص ما تؤدى إليه. غير جائز أمام النقض.
 (7)إثبات "بوجه عام". صلح. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". دعوى جنائية. مسئولية جنائية. نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". هتك عرض.
التفات الحكم عن الصلح الذي تم بين والدة المجني عليها وبين المتهم. لا يعيبه. عدم التزام المحكمة بإيراد أسباب ذلك
الصلح مع المجني عليه. لا أثر له على الجريمة التي وقعت أو على مسئولية مرتكبها أو على الدعوى الجنائية المرفوعة بها.
 (8)إثبات "خبرة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". هتك عرض.
مثال بتسبيب سائغ لإطراح طلب استدعاء الطبيب الشرعي لمناقشته.

------------------
1 - من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل هذا مرجعة إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه دون رقابة لمحكمة النقض عليها، وأنها متى أخذت بأقوال شهود الإثبات فإن ذلك يفيد إطراحها كافة الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها.
2 - إن القانون لم يحرم على القاضي الأخذ بأقوال شاهد لم يبلغ سنه أربع عشرة سنة على سبيل الاستدلال إذا أنس فيها الصدق فهي عنصر من عناصر الإثبات يقدره القاضي حسب اقتناعه.
3 - التناقض في أقوال شهود الإثبات أو تضاربهم في أقوالهم - بفرض حصوله - لا يعيب الحكم ما دامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه
4 - من المقرر أن نفي التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل رداً طالما كان الرد عليه مستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم
5 - لمحكمة الموضوع أن تعول على أقوال شهود الإثبات وأن تعرض عن قالة شهود النفي ما دامت لا تثق فيما شهدوا به وفي قضائها بالإدانة لأدلة الثبوت التي أوردتها دلالة على أنها لا تطمئن إلى أقوال هؤلاء الشهود فأطرحتها.
6 - من المقرر أن هتك العرض هو كل فعل مخل بالحياء يستطيل إلى جسم المجني عليه وعوارته ويخدش عاطفة الحياء عنده من هذه الناحية ولا يشترط لتوافره قانوناً أن يترك الفعل أثراً بجسم المجني عليه، وإذ كانت الصورة التي استخلصتها المحكمة من أقوال المجني عليها وسائر الأدلة التي أشارت إليها في حكمها لا تخرج عن الاقتضاء العقلي والمنطقي فإن ما ينعاه الطاعن على المحكمة في هذا الشأن يكون في غير محله، إذ هو في حقيقته لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الأدلة واستخلاص ما تؤدى إليه مما تستقل به محكمة الموضوع بغير معقب طالما كان استخلاصها سائغاً - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - فلا يجوز منازعتها في شأنه أمام محكمة النقض
7 - لا يعيب الحكم التفاته عن الصلح الذي تم بين والدة المجني عليها وبين المتهم في معرض نفي التهمة عنه وهو ما يدخل في تكوين معتقدها في الدعوى ولا تلتزم في حالة عدم أخذها به أن تورد سبباً لذلك إذ الأخذ بأدلة الثبوت التي ساقها الحكم يؤدى دلالة إلى إطراح هذا الصلح فضلاً عن أن الصلح مع المجني عليها لا أثر له على الجريمة التي وقعت أو على مسئولية مرتكبها أو على الدعوى الجنائية المرفوعة بها، فإن منعى الطاعن في هذا الصدد يكون في غير محله.
8 - لما كان الحكم المطعون فيه قد عرض لطلب الدفاع عن الطاعن مناقشة الطبيب الشرعي ورد عليه بقوله "... فإن المحكمة تطمئن إلى أن المتهم استطال بقضيبه إلى فرج المجني عليها دون إيلاج وأن الاحتكاك الخارجي لا يترك أثراً ينم عنه كما ورد بالتقرير الطبي الشرعي، فضلاً عن أن المحكمة تطمئن إلى أقوال المجني عليها في هذا الخصوص بالإضافة إلى أن جريمة هتك العرض بالقوة تتوافر في حق المتهم متى استطال موضع العفة في المجني عليها كرهاً عنها دون ما حاجة لأن يترك ذلك أثراً ينم عنه ولا تعول المحكمة بما ورد بالتقرير الطبي الابتدائي من وجود التهابات بفرج المجني عليها لأن وجود مثل هذه الالتهابات وأياً كان سببها - لا يؤثر في قيام الجريمة ونسبتها إلى المتهم، لما كان ما تقدم فإن طلب استدعاء الطبيب الشرعي لمناقشته يضحى غير مجد ولا طائل منه وتلتفت عنه المحكمة". وإذ كان هذا الذي رد به الحكم كافياً ويسوغ به رفض طلب مناقشة الطبيب الشرعي فإن ما يثيره الطاعن هذا في الخصوص لا يكون سديداً.


الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن..... بأنه هتك عرض..... بالقوة بأن أمسك بها عنوة وطرحها على فراشه وكمم فاها وحك قضيبه في فرجها حالة كون المجني عليها لم تبلغ ست عشرة سنة كاملة. وأحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته طبقاً للقيد الوصف الواردين بأمر الإحالة. ومحكمة جنايات كفر الشيخ قضت حضورياً عملاً بالمادة 268 من قانون العقوبات بمعاقبته بالأشغال الشاقة لمدة ثلاث سنوات
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض...... إلخ.


المحكمة
حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة هتك العرض بالقوة قد شابه الفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع، ذلك أنه عرض على أقوال المجني عليها التي تبلغ من العمر ست سنوات وعلى أقوال والدتها رغم تناقض أقوال كل منهما كما أن مردها الرغبة في تلفيق الاتهام والخلافات السابقة، وأطرح محضر الصلح الذي أقرت فيه الأم ببراءة الطاعن من الفعل المسند إليه، وأهدر إنكار الطاعن التهمة الذي تأيد بأقوال شهود النفي، كما التفت عن دلالة ما تضمنه التقرير الطبي الشرعي من سلامة المجني عليها وخلوها من الإصابات في نفي الاتهام، هذا إلى أنه أغفل طلبه مناقشة الطبيب الشرعي في تقريره وتحقيق دفاعه القائم على أن الالتهابات التي وجدت بالمجني عليها قد تحدث من عملية إدرار البول وعدم النظافة، وذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة هتك عرض المجني عليها التي لم تبلغ ست عشرة سنة كاملة بالقوة التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة مستمدة من أقوال شاهدتي الإثبات وما ثبت من تحريات الشرطة والتقارير الطبية، وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل هذا مرجعة إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه دون رقابة لمحكمة النقض عليها، وأنها متى أخذت بأقوال شهود الإثبات فإن ذلك يفيد إطراحها كافة الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، وكان القانون لم يحرم على القاضي الأخذ بأقوال شاهد لم يبلغ سنه أربع عشرة سنة على سبيل الاستدلال إذا أنس فيها الصدق فهي عنصر من عناصر الإثبات يقدره القاضي حسب اقتناعه، وكان التناقض في أقوال شهود الإثبات أو تضاربهم في أقوالهم - بفرض حصوله - لا يعيب الحكم ما دامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه - كما هو الحال في الدعوى الراهنة - وكان من المقرر أن نفي التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل رداً طالما كان الرد عليه مستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم، وأن لمحكمة الموضوع أن تعول على أقوال شهود الإثبات وأن تعرض عن قالة شهود النفي ما دامت لا تثق فيما شهدوا به وفي قضائها بالإدانة لأدلة الثبوت التي أوردتها دلالة على أنها لا تطمئن إلى أقوال هؤلاء الشهود فأطرحتها. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن هتك العرض هو كل فعل مخل بالحياء يستطيل إلى جسم المجني عليه وعوارته ويخدش عاطفة الحياء عنده من هذه الناحية ولا يشترط لتوافره قانوناً أن يترك الفعل أثراً بجسم المجني عليه، وإذ كانت الصورة التي استخلصتها المحكمة من أقوال المجني عليها وسائر الأدلة التي أشارت إليها في حكمها لا تخرج عن الاقتضاء العقلي والمنطقي فإن ما ينعاه الطاعن على المحكمة في هذا الشأن يكون غير محله، إذ هو في حقيقته لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الأدلة واستخلاص ما تؤدى إليه مما تستقل به محكمة الموضوع بغير معقب طالما كان استخلاصها سائغاً - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - فلا يجوز منازعتها في شأنه أمام محكمة النقض. لما كان ذلك وكان لا يعيب الحكم التفاته عن الصلح الذي تم بين والدة المجني عليها وبين المتهم في معرض نفي التهمة عنه وهو ما يدخل في تكوين معتقدها في الدعوى ولا تلتزم في حالة عدم أخذها به أن تورد سبباً لذلك إذ الأخذ بأدلة الثبوت التي ساقها الحكم يؤدى دلالة إلى إطراح هذا الصلح فضلاً عن أن الصلح مع المجني عليها لا أثر له على الجريمة التي وقعت أو على مسئولية مرتكبها أو على الدعوى الجنائية المرفوعة بها، فإن منعى الطاعن في هذا الصدد يكون في غير محله. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لطلب الدفاع عن الطاعن مناقشة الطبيب الشرعي ورد عليه بقوله ".... فإن المحكمة تطمئن إلى أن المتهم استطال بقضيبه إلى فرج المجني عليها دون إيلاج وأن الاحتكاك الخارجي لا يترك أثراً ينم عنه كما ورد بالتقرير الطبي الشرعي، فضلاً عن أن المحكمة تطمئن إلى أقوال المجني عليها في هذا الخصوص بالإضافة إلى أن جريمة هتك العرض بالقوة تتوافر في حق المتهم متى استطال موضع العفة في المجني عليها كرهاً عنها دون ما حاجة لأن يترك ذلك أثراً ينم عنه ولا تعول المحكمة بما ورد بالتقرير الطبي الابتدائي من وجود التهابات بفرج المجني عليها لأن وجود مثل هذه الالتهابات وأياً كان سببها - لا يؤثر في قيام الجريمة ونسبتها إلى المتهم، لما كان ما تقدم فإن طلب استدعاء الطبيب الشرعي لمناقشته يضحى غير مجد ولا طائل منه وتلتفت عنه المحكمة". وإذ كان هذا الذي رد به الحكم كافياً ويسوغ به رفض طلب مناقشة الطبيب الشرعي فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص لا يكون سديداً. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

الطعن 80 لسنة 62 ق جلسة 13 / 12 / 1993 مكتب فني 44 ق 174 ص 1114


جلسة 13 من ديسمبر سنة 1993
برئاسة السيد المستشار/ نجاح نصار نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ مقبل شاكر ومجدي منتصر وحسن حمزه وحامد عبد الله نواب رئيس المحكمة.
---------------
(174)
الطعن رقم 80 لسنة 62 القضائية

مواد مخدرة. إثبات "بوجه عام". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها". 
طلب الطاعن سماع ضابط الكلاب البوليسية وضم دفتر الأحوال لإثبات العثور على المخدر في مكان غير خاضع لسيطرته المادية. خلافاً لأقوال الشاهدين. دفاع جوهري. يوجب على المحكمة تحقيقه. نكولها عن ذلك. إخلال بحق الدفاع. أساس ذلك؟ 

------------------
لما كان ما أثاره المدافع عن الطاعن في طلب سماع ضابط الكلاب البوليسية وضم دفتر الأحوال الثابت به عثور الكلاب البوليسية على المخدر في مكان لا يخضع لسيطرة الطاعن المادية بما يناقض أقوال الضابطين شاهدي الواقعة إنما يعد - في صورة هذه الدعوى - دفاعاً جوهرياً لتعلقه بالدليل المقدم في الدعوى - المستمد من أقوال هذين الشاهدين المراد نفيها عن طريق سماع أقوال ضابط الكلاب البوليسية والاطلاع على دفتر الأحوال الخاص بها مما كان يقتضي من المحكمة أن تتخذ ما تراه من الوسائل لتحقيق كل ذلك ومن ثم يكون ما جاء بحكمها في هذا الخصوص من قبيل المصادرة على المطلوب والحكم على الدليل قبل تحقيقه، فإن الحكم فوق إخلاله بحق الدفاع يكون مشوباً بالفساد في الاستدلال.


الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه أحرز بقصد الاتجار جوهراً مخدراً (حشيش) في غير الأحوال المصرح بها قانوناً. وأحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. ومحكمة جنايات كفر الشيخ قضت حضورياً عملاً بالمواد 1، 2، 38/ 1، 42/ 1 من القانون 182 لسنة 60 المعدل بالقانون 122 لسنة 89 والبند 57 من القسم الثاني من الجدول رقم 1 الملحق بالقانون مع إعمال المادة 17 من قانون العقوبات بمعاقبته بالسجن لمدة ست سنوات وبتغريمه خمسين ألف جنيه ومصادرة المخدر والميزان والعملات المعدنية المضبوطة باعتبار أن الإحراز مجرد من القصود.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض....... إلخ.


المحكمة
حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة إحراز جوهر مخدر بغير قصد من القصود المسماة في القانون قد انطوى على إخلال بحق الدفاع وشابه قصور في التسبيب ذلك بأن الطاعن تمسك أمام محكمة الموضوع بطلب استدعاء ضابط الكلاب البوليسية وضم دفتر الأحوال الثابت به عثور الكلاب البوليسية على المخدر في مكان آخر لا يخضع لسيطرة الطاعن المادية وبما يتناقض مع أقوال الضابطين شاهدي الواقعة بيد أن المحكمة ردت على هذا الطلب بما لا يصلح رداً. مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إنه يبين من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة أن المدافع عن الطاعن أثار في دفاعه ما أشار إليه في أسباب الطعن. كما يبين من الاطلاع على مدونات الحكم المطعون فيه أنه تساند في إدانة الطاعن إلى أقوال المقدمين.... و.... المفتشين بالإدارة العامة لمكافحة مخدرات الغربية من أن تفتيش الطاعن بمعرفتهما أسفر عن إحرازه للمخدر المضبوط ثم عرض الحكم لطلب الدفاع ورد عليه بقوله "وحيث إنه طلب محامي المتهم استدعاء ضابط الكلاب البوليسية وضم دفتر أحواله على النحو السابق بيانه فإن هذا الطلب غير مجد إذ أن الثابت من أوراق الدعوى وما تم فيها من تحقيقات أن الاستعانة بضابط الكلاب البوليسية لم يتم إلا بعد أن تم ضبط المتهم وفي حيازته المواد المخدر وتفتيش المسكن بمعرفة شاهدي الإثبات والذي لم يسفر هذا التفتيش عن ضبط أي ممنوعات أخرى وأن مواصلة البحث في المسكن بمعرفة الكلاب البوليسية برئاسة ضابطها لم تسفر أيضاً عن ضبط أي ممنوعات ومن ثم يكون سؤال الضابط المذكور غير مجد في أدلة الدعوى خاصة وأن المحكمة تطمئن إلى ما قرره شاهدي الإثبات بصدد ضبط المتهم محرزاً للمواد المخدرة المضبوطة." لما كان ذلك وكان ما أثاره المدافع عن الطاعن في طلب سماع ضابط الكلاب البوليسية وضم دفتر الأحوال الثابت به عثور الكلاب البوليسية على المخدر في مكان لا يخضع لسيطرة الطاعن المادية بما يناقض أقوال الضابطين شاهدي الواقعة إنما يعد - في صورة هذه الدعوى - دفاعاً جوهرياً لتعلقه بالدليل المقدم في الدعوى - المستمد من أقوال هذين الشاهدين المراد نفيها عن طريق سماع أقوال ضابط الكلاب البوليسية والاطلاع على دفتر الأحوال الخاص بها مما كان يقتضي من المحكمة أن تتخذ ما تراه من الوسائل لتحقيق كل ذلك ومن ثم يكون ما جاء بحكمها في هذا الخصوص من قبيل المصادرة على المطلوب والحكم على الدليل قبل تحقيقه، فإن الحكم فوق إخلاله بحق الدفاع يكون مشوباً بالفساد في الاستدلال. بما يوجب نقضه والإعادة وذلك بغير حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن.

الخميس، 6 يونيو 2019

الطعن 18143 لسنة 59 ق جلسة 14 / 12 / 1993 مكتب فني 44 ق 177 ص 1131


جلسة 14 من ديسمبر سنة 1993
برئاسة السيد المستشار/ محمد حسين لبيب نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ رضوان عبد العليم ووفيق الدهشان وبدر الدين السيد نواب رئيس المحكمة ومصطفى عبد المجيد.
---------------
(177)
الطعن رقم 18143 لسنة 59 القضائية

امتناع عن دفع المستحق عن أطعمة ومشروبات. جريمة "أركانها". قانون "تفسيره". حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
مناط التأثيم في جريمة الامتناع عن دفع المستحق عن تناول أطعمة ومشروبات في محل. أن يكون ذلك بغير مبرر.
منازعة الطاعن في شأن المستحق للفندق. يوجب على المحكمة التمحيص واستظهار مبرر لامتناعه عن السداد. قعود المحكمة عن ذلك. قصور

------------------
مفاد نص المادة 324 مكرراً من قانون العقوبات أن مناط التأثيم في جريمة الامتناع عن دفع المستحق عن تناول أطعمة ومشروبات في محل معد لذلك - كيما يكون مرتكبه مستأهلاً للعقاب أن يكون هذا الامتناع بغير مبرر. لما كان ذلك، وكان يبين من الاطلاع على التحقيقات التي أجرتها محكمة أول درجة أن الطاعن أثبت على الفاتورة المقدمة إليه من الفندق الذي جرى تناول الأطعمة والمشروبات فيه ما يفيد مجادلته بشأن العدد الذي حضر الحفل ونوعية الخدمات التي قدمت لهم ومدى استحقاق الضريبة التي تضمنتها الفاتورة باعتبار أن الحفل لجمعية خيرية لا يستحق عليه مثلها ولما كان ما أثاره الطاعن وأثبته على هذه الفاتورة على النحو المتقدم يثير منازعة جدية بشأن المستحق للفندق، وكان الحكم المطعون فيه لم يمحص هذه المنازعة ويستظهر ما إذا كانت مبرر الامتناع عن سداد ما عساه يكون مستحقاً مقابل ما تناوله من زادوا عن عدد الأشخاص المتفق عليهم بين الطاعن والفندق، كما خلا من بيان قيمة المستحق عن هذه الزيادة، إذا ما ثبت استحقاقها فإنه يكون قاصراً عن بيان التهمة بعناصرها القانونية كافة.


الوقائع
أقام المدعي بالحقوق المدنية دعواه بطريق الادعاء المباشر أمام محكمة جنح قصر النيل ضد الطاعن بوصف أنه امتنع عن دفع ما هو مستحق عليه على النحو الموضح بعريضة الدعوى وطلب عقابه بالمادة 324/ 2 مكرراً من قانون العقوبات، وإلزامه بأن يؤدى له مبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بمادة الاتهام بتغريم المتهم مائة جنية وإلزامه بأن يؤدى للمدعي بالحق المدني مبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت. استأنف ومحكمة جنوب القاهرة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف.
فطعنت الأستاذة/ ....... المحامية نيابة عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة
حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة الامتناع بغير مبرر عن دفع ما استحق عن تناول أطعمة ومشروبات في محل معد لذلك، قد شابه القصور في التسبيب، ذلك بأنه لم يبين الواقعة على نحو كاف يتحقق به أركان الجريمة وأدلة ثبوتها ومؤداها مما يعيبه بما يستوجب نقضه
وحيث إن مفاد نص المادة 324 مكرراً من قانون العقوبات أن مناط التأثيم في جريمة الامتناع عن دفع المستحق عن تناول أطعمة ومشروبات في محل معد لذلك - كيما يكون مرتكبه مستأهلاً للعقاب أن يكون هذا الامتناع بغير مبرر. لما كان ذلك، وكان يبين من الاطلاع على التحقيقات التي أجرتها محكمة أول درجة أن الطاعن أثبت على الفاتورة المقدمة إليه من الفندق الذي جرى تناول الأطعمة والمشروبات فيه ما يفيد مجادلته بشأن العدد الذي حضر الحفل ونوعية الخدمات التي قدمت لهم ومدى استحقاق الضريبة التي تضمنتها الفاتورة باعتبار أن الحفل لجمعية خيرية لا يستحق عليه مثلها ولما كان ما أثاره الطاعن وأثبته على هذه الفاتورة على النحو المتقدم يثير منازعة جدية بشأن المستحق للفندق، وكان الحكم المطعون فيه لم يمحص هذه المنازعة ويستظهر ما إذا كانت مبرر الامتناع عن سداد ما عساه يكون مستحقاً مقابل ما تناوله من زادوا عن عدد الأشخاص المتفق عليهم بين الطاعن والفندق، كما خلا من بيان قيمة المستحق عن هذه الزيادة، إذا ما ثبت استحقاقها فإنه يكون قاصراً عن بيان التهمة بعناصرها القانونية كافة ومن ثم يتعين نقضه والإعادة بغير حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن وإلزام المطعون ضده المصاريف المدنية.

الطعن 47632 لسنة 59 ق جلسة 10 / 11 / 1993 مكتب فني 44 ق 152 ص 981


جلسة 10 من نوفمبر سنة 1993
برئاسة السيد المستشار/ أحمد عبد الرحمن نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ إبراهيم عبد المطلب وأحمد عبد الباري سليمان ومحمود دياب نواب رئيس المحكمة ومجدي أبو العلا.
-------------------
(152)
الطعن رقم 47632 لسنة 59 القضائية

تزوير "تزوير المحررات العرفية". إجراءات "إجراءات المحاكمة". إثبات "بوجه عام". حكم "تسبيبه. تسبيب معيب".
إغفال المحكمة الاطلاع على الورقة المزورة. يعيب إجراءات المحاكمة. علة ذلك؟ 

-------------------
إشارة الحكم إلى اطلاع المحكمة على الصورة الشمسية للسند المدعي بتزويره. عدم كفايته إلا في حالة فقد أصل السند المزور.
إن إغفال المحكمة الاطلاع على الورقة محل الجريمة عند نظر الدعوى يعيب إجراءات المحاكمة لأن اطلاع المحكمة بنفسها على الورقة المزورة إجراء جوهري من إجراءات المحاكمة في جرائم التزوير يقتضيه واجبها في تمحيص الدليل الأساسي في الدعوى على اعتبار أن تلك الورقة هي الدليل الذي يحمل شواهد التزوير، ومن ثم يجب عرضها على بساط البحث والمناقشة بالجلسة في حضور الخصوم ليبدي كل منهم رأيه فيها ويطمئن إلى أن الورقة موضوع الدعوى هي التي دارت مرافعته عليها الأمر الذي فات محكمة أول درجة إجراءه، وغاب عن محكمة ثاني درجة تداركه ولا يغير من ذلك أن يكون الحكم قد أشار إلى اطلاع المحكمة على الصورة الشمسية للسند المدعي بتزويره لأن اطلاع المحكمة على تلك الصورة لا يكفي إلا في حالة فقد أصل السند المزور. لما كان ذلك، فإن الحكم المطعون فيه يكون معيباً بما يبطله.


الوقائع
أقام المدعون بالحقوق المدنية دعواهم بطريق الادعاء المباشر أمام محكمة جنح قسم الدرب الأحمر ضد الطاعن بوصف أنه قدم تنازلاً نسب صدوره زوراً إلى مورثهم بأن أضاف إلى الإقرار المؤرخ...... عبارات تفيد تنازله عن عقد المشاركة المؤرخ..... وذلك على غير الحقيقة، كما استعمل المحرر العرفي المزور فيما زور من أجله بأن قدمه إلى محكمة جنوب القاهرة الابتدائية بقصد الإضرار بمورثهم. وطلبوا عقابه بالمادة، 215 من قانون العقوبات وإلزامه بأن يؤدى لهم مبلغ واحد وخمسين جنيه على سبيل التعويض المؤقت. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بمادة الاتهام بحبس المهتم ثلاثة أشهر مع الشغل وكفالة خمسين جنيهاً لوقف التنفيذ وإلزامه بأن يؤدى للمدعين بالحقوق المدنية مبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت. استأنف المحكوم عليه ومحكمة جنوب القاهرة الابتدائية (بهيئة استئنافية) قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً، وفي الموضوع بتعديل الحكم المستأنف والاكتفاء بحبس المتهم شهراً مع الشغل والنفاذ.
فطعن الأستاذ/..... المحامي عن الأستاذ/..... المحامي نيابة عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض...... إلخ.


المحكمة
من حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمتي تزوير محرر عرفي واستعماله جاء مشوباً ببطلان في الإجراءات ذلك بأن المحكمة بدرجتيها لم تتطلع على السند المدعى بتزويره، رغم إيداعه في الدعوى رقم.... لسنة.... مدني كلي جنوب القاهرة، وقد طلب الطاعن ضمها إلا أن المحكمة لم تجبه إلى طلبه، وعولت على الصورة الضوئية للسند المذكورة رغم جحد الطاعن لها، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إنه لا يبين من محاضر جلسات المحاكمة الابتدائية والاستئنافية أو من الحكم المطعون فيه أن المحكمة في أي من درجتي المحاكمة قد اطلعت على أصل السند المطعون عليه بالتزوير في حضور الخصوم في الدعوى. لما كان ذلك، وكان إغفال المحكمة الاطلاع على الورقة محل الجريمة عند نظر الدعوى يعيب إجراءات المحاكمة لأن اطلاع المحكمة بنفسها على الورقة المزورة إجراء جوهري من إجراءات المحاكمة في جرائم التزوير يقتضيه واجبها في تمحيص الدليل الأساسي في الدعوى على اعتبار أن تلك الورقة هي الدليل الذي يحمل شواهد التزوير، ومن ثم يجب عرضها على بساط البحث والمناقشة بالجلسة في حضور الخصوم ليبدي كل منهم رأيه فيها ويطمئن إلى أنه الورقة موضوع الدعوى هي التي دارت مرافعته عليها الأمر الذي فات محكمة أول درجة إجراءه، وغاب عن محكمة ثاني درجة تداركه ولا يغير من ذلك أن يكون الحكم قد أشار إلى اطلاع المحكمة على الصورة الشمسية للسند المدعي بتزويره لأن اطلاع المحكمة على تلك الصورة لا يكفي إلا في حالة فقد أصل السند المزور. لما كان ذلك، فإن الحكم المطعون فيه يكون معيباً بما يبطله ويوجب نقضه والإعادة بغير حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن.

الطعن 27140 لسنة 59 ق جلسة 10 / 11 / 1993 مكتب فني 44 ق 151 ص 976


جلسة 10 من نوفمبر سنة 1993
برئاسة السيد المستشار/ أحمد عبد الرحمن نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ إبراهيم عبد المطلب وأحمد عبد الباري سليمان ومحمود دياب نواب رئيس المحكمة ومجدي أبو العلا.
-----------------
(151)
الطعن رقم 27140 لسنة 59 القضائية

 (1)تزوير "أوراق عرفية". إثبات "بوجه عام" "شهود" "خبرة". حكم "تسبيبه. تسبيب معيب".
وجوب إيراد الأدلة التي تستند إليها المحكمة وبيان مؤداها في حكمها بياناً كافياً. مجرد الإشارة إليها. غير كاف.
استناد المحكمة إلى شهادة شاهد وتقرير أبحاث التزييف والتزوير في القول بتزوير السند. دون العناية بسرد مضمون الشهادة وذكر مؤدى التقرير. قصور.
(2) دعوى جنائية "انقضاؤها بمضي المدة". تقادم. دفوع "الدفع بانقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة". نظام عام.
الدفع بانقضاء الدعوى الجنائية بالتقادم. جوهري. يوجب على المحكمة الرد عليه.
(3) دعوى جنائية "انقضاؤها بمضي المدة". تقادم. دفوع "الدفع بانقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة". تزوير. جريمة "الجريمة الوقتية". إجراءات "إجراءات المحاكمة". حكم "تسبيبه. تسبيب معيب".
بدء سقوط الدعوى الجنائية من يوم وقوع الجريمة. ولو جهل المجنى عليه وقوعها.
مدة سقوط الدعوى بجريمة التزوير. بدء سريانها بمجرد وقوع التزوير. لا من تاريخ تقديم المحرر المزور. علة ذلك؟
الدفع بانقضاء الدعوى الجنائية بالتقادم. يوجب على محكمة الموضوع تحقيقه وترتيب ما يظهر لها من نتائج
مثال لتسبيب معيب لرفض الدفع بانقضاء الدعوى الجنائية بالتقادم في جريمة تزوير.

--------------------
1 - من المقرر أنه يجب إيراد الأدلة التي تستند إليها المحكمة وبيان مؤداها في حكمها بياناً كافياً، فلا تكفي الإشارة إليها بل ينبغي سرد مضمون كل دليل وذكر مؤداه بطريقة وافية يبين منها مدى تأييده للواقعة كما اقتنعت بها المحكمة ومبلغ اتساقه مع باقي الأدلة. وإذ كان ذلك فإن مجرد استناد محكمة الموضوع في حكمها على النحو السالف بيانه - إلى شهادة..... وتقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير - في القول بتزوير السند، دون العناية بسرد مضمون الشهادة وبذكر مؤدى التقرير والأسانيد التي أقيم عليها، لا يكفي لتحقيق الغاية التي تغياها الشارع من تسبيب الأحكام ولا يمكن محكمة النقض من مراقبة صحة تطبيق القانون على الواقعة كما صار إثباتها في الحكم الأمر الذي يصم الحكم بالقصور.
2 - من المقرر أن الدفع بانقضاء الدعوى بالتقادم الذي تمسك به المدافع عن الطاعن هو من الدفوع الجوهرية المتعلقة بالنظام العام مما يجوز إبداؤه لدى محكمة الموضوع في أي وقت وبأي وجه وعليها أن ترد عليه رداً كافياً سائغاً.
3 - من المقرر أن القاعدة العامة في سقوط الحق في إقامة الدعوى العمومية هي أن يكون مبدأ هذا السقوط تاريخ وقوع الجريمة بالذات، دون أن يؤثر في ذلك جهل المجني عليه بوقوعها، وليست جريمة التزوير مستثناة من هذه القاعدة، وكانت هذه الجريمة جريمة وقتية تقع وتنتهي بمجرد وقوع التزوير، لا من تاريخ تقديم المحرر المزور، ولذا يجب أن يكون جريان مدة سقوط الدعوى بها من ذلك الوقت. وأنه إذا دفع لدى محكمة الموضوع بأن الدعوى العمومية قد سقطت فيجب عليها أن تحقق هذا الدفع ثم ترتب على ما يظهر لها النتيجة التي تقتضيها. وكان ما أورده الحكم المطعون فيه رداً على الدفع المبدى من الطاعن بانقضاء الدعوى الجنائية بالتقادم قد جاء قاصر البيان فاسد التدليل، ذلك أنه اعتبر عدم معرفة تاريخ وقوع جريمة التزوير المنسوبة إلى الطاعن مبرراً لرفض الدفع، دون أن يبين من الحكم أن المحكمة قد حققت واقعة مقارفة الطاعن تزوير السند، وتاريخ الواقعة حتى يتبين لها وجه الحقيقة، فإن الحكم يكون معيباً بما يبطله ويوجب نقضه والإعادة بغير حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن.


الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه ارتكب تزويراً في محرر عرفي هو عقد الإيجار المؤرخ في الأول من أكتوبر سنة 1970 وذلك بأن قام بإضافة اللفظ عدد "3" إلى ما بين العبارة المطبوعة والعبارة الأصلية في ظروف لاحقة مغايرة لظروف تحرير البيانات الأصلية بالعقد على النحو الوارد بالأوراق. وطلبت عقابه بالمادة 215 من قانون العقوبات. ومحكمة جنح أبو المطامير الجزئية قضت حضورياً عملاً بمادة الاتهام بحبس المتهم شهراً مع الشغل وكفالة خمسين جنيهاً لوقف التنفيذ. استأنف المحكوم عليه ومحكمة كفر الدوار الابتدائية (بهيئة استئنافية) قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف.
فطعن الأستاذ/...... المحامي نيابة عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض....... إلخ.


المحكمة
من حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة تزوير سند عرفي، قد شابه قصور في التسبيب وفساد في الاستدلال ذلك بأن الحكم الابتدائي - المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه - لم يستظهر أركان جريمة التزوير وعول على أقوال شاهد وتقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير دون بيان مؤداهما ووجه الاستدلال بهما. وأطرح دفع الطاعن بانقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة بما لا يسوغه مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم الابتدائي الذي اعتنق الحكم المطعون فيه أسبابه قد اقتصر في بيان واقعة الدعوى والتدليل على ثبوتها في حق الطاعن على قوله: "ومن حيث إنه لما كانت التهمة المسندة للمتهم ثابتة قبله ثبوتاً كافياً لإدانته مما شهد به...... نجل المجني عليه بالتحقيقات وما انتهى إليه تقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير بمصلحة الطب الشرعي من إضافة اللفظ عدد (3) بعقد الإيجار موضوع الدعوى على النحو الموضح بالتقرير المذكور. ولما كانت المحكمة ترى أن دفاع المتهم بشأن التهمة المسندة إليه الوارد بتحقيقات النيابة وبمذكرة دفاعه المقدمة خلال فترة حجز الدعوى للحكم غير مستساغ من ثم تعين عقابه طبقاً لمادة الاتهام عملاً بالمادة 304/ 2 أ. ج وإلزامه المصروفات الجنائية استناداً للمادة 213 أ. ج" لما كان ذلك، وكان هذا الذي أورده الحكم يعد قاصراً من استظهار الواقعة وأركان جريمة التزوير المنسوبة إلى الطاعن، وكان من المقرر أنه يجب إيراد الأدلة التي تستند إليها المحكمة وبيان مؤداها في حكمها بياناً كافياً، فلا تكفي الإشارة إليها بل ينبغي سرد مضمون كل دليل وذكر مؤداه بطريقة وافية يبين منها مدى تأييده للواقعة كما اقتنعت بها المحكمة ومبلغ اتساقه مع باقي الأدلة. وإذ كان ذلك فإن مجرد استناد محكمة الموضوع في حكمها على النحو السالف بيانه - إلى شهادة.... وتقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير - في القول بتزوير السند، دون العناية بسرد مضمون الشهادة وبذكر مؤدى التقرير والأسانيد التي أقيم عليها، لا يكفي لتحقيق الغاية التي تغياها الشارع من تسبيب الأحكام ولا يمكن محكمة النقض من مراقبة صحة تطبيق القانون على الواقعة كما صار إثباتها في الحكم الأمر الذي يصم الحكم بالقصور. لما كان ذلك، وكان البين من الأوراق أن المدافع عن الطاعن دفع أمام محكمة أول درجة بجلسة...... بانقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة، وقد عرض الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه، لهذا الدفع ورد عليه بقوله: "ومن حيث إنه لم يثبت للمحكمة من أوراق الدعوى وتقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير المرفق بها تاريخ وقوع الجريمة المسندة للمتهم وهو التاريخ الذي يحتسب معه انقضاء الدعوى بداية منه حسبما تنص على ذلك المادة 15/ 1 أ. ج فإنه من ثم يكون الدفع المبدى من وكيل المتهم بجلسة.... واقعاً في غير محله" ولما كان من المقرر أن الدفع بانقضاء الدعوى بالتقادم الذي تمسك به المدافع عن الطاعن هو من الدفوع الجوهرية المتعلقة بالنظام العام مما يجوز إبداؤه لدى محكمة الموضوع في أي وقت وبأي وجه وعليها أن ترد عليه رداً كافياً سائغاً. وكانت القاعدة العامة في سقوط الحق في إقامة الدعوى العمومية هي أن يكون مبدأ هذا السقوط تاريخ وقوع الجريمة بالذات، دون أن يؤثر في ذلك جهل المجني عليه بوقوعها، وليست جريمة التزوير مستثناة من هذه القاعدة، وكانت هذه الجريمة جريمة وقتية تقع وتنتهي بمجرد وقوع التزوير، لا من تاريخ تقديم المحرر المزور، ولذا يجب أن يكون جريان مدة سقوط الدعوى بها من ذلك الوقت. وأنه إذا دفع لدى محكمة الموضوع بأن الدعوى العمومية قد سقطت فيجب عليها أن تحقق هذا الدفع ثم ترتب على ما يظهر لها النتيجة التي تقتضيها. وكان ما أورده الحكم المطعون فيه رداً على الدفع المبدى من الطاعن بانقضاء الدعوى الجنائية بالتقادم قد جاء قاصر البيان فاسد التدليل، ذلك أنه اعتبر عدم معرفة تاريخ وقوع جريمة التزوير المنسوبة إلى الطاعن مبرراً لرفض الدفع، دون أن يبين من الحكم أن المحكمة قد حققت واقعة مقارفة الطاعن تزوير السند، وتاريخ الواقعة حتى يتبين لها وجه الحقيقة، فإن الحكم يكون معيباً بما يبطله ويوجب نقضه والإعادة بغير حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن.