الدعوى رقم 46 لسنة 40 ق "منازعة تنفيذ" جلسة 6 / 4 / 2019
باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت السادس من أبريل سنة 2019م،
الموافق الثلاثين من رجب سنة 1440 هـ.
برئاسة السيد المستشار الدكتور / حنفى على جبالى رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين: محمــد خيرى طه النجار وسعيد مرعــــى عمرو
ورجب عبدالحكيم سليم والدكتور حمدان حسن فهمى والدكتور محمد عماد النجار والدكتور
طارق عبد الجواد شبل نواب رئيس المحكمة
وحضور السيد المستشار الدكتور/ عماد طارق البشرى رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد / محمـد ناجى عبد السميع أمين السر
أصدرت الحكم الآتى:
في الدعوى
المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 46 لسنة 40 قضائية "منازعة
تنفيذ".
المقامة من
شركة شريف وعادل على السيد قوشة، ويمثلها المصفيان / مروة عادل على
السيد قوشة ومحمد شريف على السيد قوشة
ضد
1- السيد وزير المالية بصفته الرئيس الأعلى لمصلحة الجمارك
2- رئيس مصلحة الجمارك
3- رئيس الإدارة المركزية لجمارك الأسكندرية
4- رئيس الإدارة المركزية لجمارك المحمودية
5- رئيس الإدارة المركزية لجمارك الدخيلة والمنطقة الغربية
الإجراءات
بتاريخ السابع عشر من سبتمبر
سنة 2018، أودعت الشركة المدعية صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستورية
العليا، طالبةً الحكم:
أولاً: بالاستمرار في تنفيذ الحكم الصادر من المحكمة الدستورية العليا
بجلسة 5/9/2004، في الدعوى رقم 175 لسنة 22 قضائية "دستورية".
ثانيًا: بوقف تنفيذ، وعدم الاعتداد بالحكم الصادر من المحكمة الإدارية
العليا بجلسة 24/12/2017، في الطعن رقم 21964 لسنة 53 قضائية.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم بعدم قبول الدعوى.
وبعد تحضير الدعوى ، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها .
ونُظرت الدعوى على النحو
المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم .
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة .
حيث إن الوقائع تتحصل – على
ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق – في أن الشركة المدعية استوردت بضائع من
الخارج وردت كرسائل جمركية، وإذ قامت مصلحة الجمارك بفرض رسوم إضافية عليها قدرت
بمبلغ (583770) جنيها، استنادًا إلى قراري وزير المالية رقمى 255 لسنة 1993، و123
لسنة 1994، فقد أقامت الدعوى رقم 16061 لسنة 60 قضائية أمام محكمة القضاء الإداري،
طلبا للحكم بوقف تنفيذ وإلغاء القرار الصادر بفرض رسوم خدمات إضافية على الرسائل
التي استوردتها، وأحقيتها في استرداد المبالغ التي سددتها عن رسوم الخدمات
الإضافية التي فرضتها مصلحـة الجمارك والفوائد القانونية ، على سند من أن المحكمة
الدستورية العليا قضت بجلسة 5/9/2004، في الدعوى رقم 175 لسنة 22 قضائية
"دستورية"، بعدم دستورية القرارين سند هذه الرسوم. وبجلسة 28/6/2007،
قضت تلك المحكمة بأحقية الشركة المدعية في استرداد المبالغ التي حصلتها كرسوم
إضافية، استنادًا للقرارين المقضي بعدم دستوريتهما. لم يرتض المدعى عليهم هذا
القضاء فطعنوا عليه أمام المحكمة الإدارية العليا، بالطعن رقم 21964 لسنة 53
قضائية عليا، فقضت تلك المحكمة بجلسة 24/12/2017، بإلغاء الحكم المطعون عليه، وفى
موضوع الدعوى برفضها. واستندت في ذلك إلى عدم أحقية الشركة المستوردة في استرداد
هذه المبالغ إذ جرى العرف التجاري على تحميل المستورد للمستهلك بقيمة السلعة المستوردة
شاملة ما سدد عنها من ضرائب ورسوم، ومن ثم لا يستحق المستورد استرداد هذه المبالغ،
وإنما جمهور المستهلكين الذين استقر في ذمتهم هذا الرسم وتحملوا به. وإذ ارتأت
الشركة المدعية أن حكم المحكمة الإدارية العليا المشار إليه يُعد عقبة تحول دون
تنفيذ حكم المحكمة الدستورية العليا الصادر بجلسة 5/9/2004، في الدعوى رقم 175
لسنة 22 قضائية "دستورية"، أقامت دعواها المعروضة.
وحيث إن قضاء المحكمة الدستورية العليا قد جرى على أن قوام منازعة
التنفيذ أن يكون تنفيذ الحكم القضائي لم يتم وفقًا لطبيعته، وعلى ضوء الأصل فيه،
بل اعترضته عوائق تحول قانونًا- بمضمونها أو أبعادها- دون اكتمال مداه، وتعطل،
تبعًا لذلك، أو تقيد اتصال حلقاته وتضاممها بما يعرقل جريان آثاره كاملة دون
نقصان، ومن ثم تكون عوائق التنفيذ القانونية هي ذاتها موضوع منازعة التنفيذ التي تتوخى
في غايتها النهائية إنهاء الآثار المصاحبة لتلك العوائق، أو الناشئة عنها، أو
المترتبة عليها، ولا يكون ذلك إلا بإسقاط مسبباتها وإعدام وجودها، لضمان العودة
بالتنفيذ إلى حالته السابقة على نشوئها. وكلما كان التنفيذ متعلقًا بحكم صادر في دعوى
دستورية، فإن حقيقة مضمونه، ونطاق القواعد القانونية التي احتواها، والآثار
المتولدة عنها، هى التي تحدد جميعها شكل التنفيذ، وتبلور صورته الإجمالية، وتعين
كذلك ما يكون لازمًا لضمان فاعليته. بيد أن تدخل المحكمة الدستورية العليا - وفقًا
لنص المادة (50) من قانونها الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 - لإزاحة عوائق
التنفيذ التي تعترض أحكامها، وتنال من جريان آثارها في مواجهة الكافة، دون تمييز،
بلوغًا للغاية المبتغاة منها في تأمين حقوق الأفراد وصون حرياتهم، يفترض ثلاثة
أمور، أولها: أن تكون هذه العوائق- سواء بطبيعتها أو بالنظر إلى نتائجها- حائلة
دون تنفيذ أحكامها، أو مقيدة لنطاقها. ثانيها: أن يكون إسنادها إلى تلك الأحكام،
وربطها منطقيًّا بها ممكنًا، فإذا لم تكن لها بها من صلة، فإن خصومة التنفيذ لا
تقوم بتلك العوائق، بل تعتبر غريبة عنها، منافية لحقيقتها وموضوعها. ثالثها: أن
منازعة التنفيـذ لا تُعد طريقًا للطعن في الأحكام القضائية، وهو ما لا تمتد إليه
ولاية هذه المحكمة.
وحيث إن الفقرة الثالثة من المادة (49) من قانون المحكمة الدستورية
العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 والمستبدلة بالقرار بقانون رقم 168 لسنة
1998 تنص على أنه "ويترتب على الحكم بعدم دستورية نص في قانون أو لائحة عدم
جواز تطبيقه من اليوم التالى لنشر الحكم ما لم يحدد الحكم لذلك تاريخًا آخر، على
أن الحكم بعدم دستورية نص ضريبي لا يكون له في جميع الأحوال إلا أثر مباشر؛ وذلك
دون إخلال باستفادة المدعى من الحكم الصادر بعدم دستورية هذا النص"، ومفاد نص
الفقرة المار ذكرها، أن الأصل أن يكون لأحكام هذه المحكمة بعدم الدستورية أثر رجعى
يرتد إلى تاريخ صدور النص المقضي بعـدم دستوريته، ولا يستثنى مـن ذلك إلا النصوص
الضريبية، المحكوم بعدم دستوريتها، فيسرى حكم المحكمة بأثر مباشر، من اليوم التالي
لتاريخ نشره في الجريدة الرسمية، بما يترتب عليه عدم جواز تطبيقه على الخصوم في المنازعات
الضريبية المتداولة أمام جهات القضاء، حتى ما كان منها قائمًا في تاريخ سابق على
نشر الحكم في الجريدة الرسمية، ما لم تكن الحقوق الضريبية والمراكز القانونية التي
ترتبط بها قد استقر أمرها بناء على حكم قضائي بات، صدر قبل قضـاء المحكمة
الدستورية العليا، ولا كذلك الرسوم التي تفرض لقاء خدمة تؤديها جهة الإدارة، ذلك
أن الاستثناء لا يقاس عليه ولا يتوسع في تفسيره. وإذ كان النص قد خص بهذا الأثر
المباشر الضرائب وحدها، فقد دل بمفهوم المخالفة على عدم سريان هذا الحكم الاستثنائي
على الرسوم، ومن ثم يجوز المطالبة بها بأثر رجعى من تاريخ نفاذ النص المخالف
للدستور.
وحيث إن المحكمة الدستورية العليا قضت بجلسة 5/9/2004، في الدعوى رقم
175 لسنة 22 قضائية "دستورية":
"أولاً: بعدم دستورية الفقرتين الأولى
والأخيرة من المادة (111) من قانون الجمـارك الصادر بقرار رئيس الجمهورية بالقانون
رقم 66 لسنة 1963.
ثانياً : بسقوط الفقرة الثانية من المادة (111) من قانون الجمارك سالف
البيان.
ثالثاً : بسقوط قرار وزير الخزانة رقم 58 لسـنة 1963 والقرارين
المعدلين له رقمي 100 لسنة 1965 و255 لسنة 1993 ، وكذا قرار وزير المالية رقم 123
لسـنة 1994 والقـرارين المعـدلين له رقمي 1208 لسنة 1996 و752 لسنة 1997".
ونُشر هذا الحكم في الجريدة
الرسمية بالعدد رقم 38 تابع (أ) بتاريخ 16/9/2004.
لما كان ذلك، وكانت المحكمة
الدستورية العليا قد خلصت إلى تكييف الفريضة المالية المقررة بنص المادة (111) من
قانون الجمارك وقرارات وزير المالية المنفذة لها، بأنها رسم، وكانت الشركة المدعية
قد أقامت دعواها الموضوعية بغية القضاء برد المبالغ السابق سدادها منها، تحت حساب
هذا الرسم، الذى فرض استنادًا للنصوص المقضي بعدم دستوريتها، وكان التزامها
ومسئوليتها قبل مصلحة الجمارك بتوريد الرسم نابعًا من التزامها الأصلي، وعلاقتها
بالسلع التي تم فرض الرسم عليها، ليظل عبؤها بحكم علاقتها بالسلع المستوردة – مناط
فرض الرسم- ومسئوليتها القانونية قبل مصلحة الجمارك واقعًا في ذمتها، ولو جرى
العرف على تحميل المستهلكين عبء هذا الرسم، عند طرح السلعة للبيع للجمهور، ومن ثم
فإن قضاء المحكمة الإدارية العليا الصادر في الطعن رقم 32156 لسنة 54 قضائية
بإلغاء الحكم المطعون فيه - القاضي بأحقيتها في استرداد المبالغ التي حصلتها مصلحة
الجمارك من الشركة كرسوم إضافية على الرسائل الجمركية التي قامت باستيرادها - وفى
موضوع تلك الدعوى برفضها، يعد عقبة تحول دون ترتيب آثار حكم المحكمة الدستورية
العليا المشار إليه، متعينًا لذلك القضاء بعدم الاعتداد به، والاستمرار في تنفيذ
هذا الحكم .
وحيث إنه عن الطلب العاجل بوقف تنفيذ حكم المحكمة الإدارية العليا
المشار إليه، فإنه يعد فرعًا من أصل النزاع، وإذ انتهت هذه المحكمة فيما تقدم إلى
الفصـل في موضوعه، بما مؤداه: أن قيام هذه المحكمة - طبقًا لنص المادة (50) من
قانونها الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979- بمباشرة اختصاص البت في هذا الطلب،
يكون قد بات غير ذي موضوع.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بالاستمرار في تنفيذ الحكم الصادر من المحكمة الدستورية
العليا بجلسة 5/9/2004، في الدعوى رقم 175 لسنة 22 قضائية "دستورية"،
وعدم الاعتداد بالحكم الصادر من المحكمة الإدارية العليا بجلسة 24/12/2017، في الطعن
رقم 21964 لسنة 53 قضائية، وألزمت الحكومة المصروفات ومبلغ مائتى جنيه مقابل أتعاب
المحاماة .