الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 4 فبراير 2019

الطعن 2788 لسنة 32 ق جلسة 5 / 2 / 1963 مكتب فني 14 ج 1 ق 22 ص 103


برياسة السيد/ محمد متولي عتلم نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: محمود حلمي خاطر، وعبد الحليم البيطاش، ومختار رضوان، ومحمد صبري.
--------------
- 1  شيك بدون رصيد. مسئولية جنائية. فاعل أصلي. وكالة.
إصدار شيك بدون رصيد قائم وقابل للسحب. موجب للمسئولية الجنائية: ولو كان مصدر الشيك وكيلا عن صاحب الحساب. علة ذلك: مقارفة الوكيل الجريمة كفاعل أصلي.
متى كان الثابت أن الطاعن هو الذي أصدر الشيك بوصفه وكيلاً عن زوجته - صاحبة الحساب - دون أن يكون له رصيد قائم وقابل للسحب، فإنه يكون مسئولاً ويحق عقابه بوصفه فاعلاً أصلياً للجريمة، لأن وكالته عن زوجته صاحبة الحساب لا ينفي أنه هو الذي قارف الجريمة التي دين من أجلها.
- 2  محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل". حكم. "تسبيب غير معيب". نقض. "ما لا يقبل من الأسباب".
حق محكمة الموضوع في الأخذ بما ترتاح إليه من الأدلة وإطراح ما عداها. عدم التزامها بالرد على كل دليل على حدة صراحة. يكفي الرد الضمني. ما يثار حول ذلك من قبيل الجدل الموضوعي في تقدير المحكمة للأدلة ومصادرة لها في عقيدتها. عدم جواز إثارته أمام محكمة النقض.
من حق محكمة الموضوع أن تأخذ بما ترتاح إليه من الأدلة وتطرح ما عداها دون أن تكون ملزمة بالرد على كل دليل على حدة، ما دام أن ردها مستفاد ضمناً من قضائها بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت الأخرى، وكل ما يثار حول ذلك يعد من قبيل الجدل الموضوعي في تقدير المحكمة لأدلة الدعوى ومصادرة لها في عقيدتها مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.
-------------
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه في يوم 16/10/1959 بدائرة قسم مصر الجديدة: أعطى بسوء نية لـ..... شيكاً بمبلغ 795 جنيها مسحوبا على بنك الجمهورية دون أن يكون له رصيد قائم وقابل للسحب. وطلبت عقابه بالمادتين 336 و337 من قانون العقوبات. وقد أدعى..... وشريكه.... بحق مدني قبل المتهم بمبلغ 51 جنيها على سبيل التعويض المؤقت. ومحكمة مصر الجديدة الجزئية قضت حضوريا بتاريخ 27 فبراير سنة 1960 عملا بالمادة 304/1 من قانون الإجراءات الجنائية ببراءة المتهم مما نسب إليه ورفض الدعوى المدنية وإلزام رافعها المصاريف المدنية، فاستأنفت النيابة هذا الحكم كما استأنفه المدعيان بالحقوق المدنية ومحكمة القاهرة الابتدائية ـ بهيئة استئنافية ـ قضت حضوريا بتاريخ 7 مايو سنة 1962 عملا بمادتي الاتهام بقبول الاستئنافين شكلا وفي الموضوع وبإجماع الآراء بإلغاء الحكم المستأنف وحبس المتهم شهرين مع الشغل بلا مصاريف جنائية مع إلزامه بأن يدفع للمدعيين بالحق المدني مبلغ 51 جنيها على سبيل التعويض المؤقت والمصروفات المدنية عن الدرجتين
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.

-------------
المحكمة
حيث إن مبنى الوجه الأول من الطعن الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب, ذلك أن الحكم المطعون فيه دان الطاعن مع أن الثابت أنه أصدر الشيك بصفته وكيلا عن زوجته مما تنتفي معه مسئوليته. وما قاله الحكم في هذا الصدد بجواز صدور الشيك من وكيل الساحب لا يصلح ردا على أسباب الحكم المستأنف الذي كان قد انتهى إلى تبرئة الطاعن ابتدائيا
وحيث إنه لما كان من المقرر أن الجريمة المنصوص عليها في المادة 337 من قانون العقوبات تتحقق في حق كل من يعطي بسوء نية شيكا لا يقابله رصيد قائم وقابل للسحب أو كان الرصيد أقل من قيمة الشيك, وكان الطاعن - على ما يبين من مدونات الحكم ومن المفردات التي أمرت المحكمة بضمها - هو الذي أصدر الشيك موضوع الدعوى ضمانا لمعاملات تجارية بينه وبين المدعيين بالحق المدني دون أن يكون للشيك رصيد قائم وقابل للسحب ولم يعمل الطاعن من جانبه على إيداع مقابل الشيك قبل تقديمه للصرف. لما كان ما تقدم, وكان الحكم المطعون فيه قد حصل واقعة الدعوى بما تتوافر به العناصر القانونية لجريمة إعطاء الشيك دون أن يقابله رصيد قائم وقابل للسحب وهي الجريمة المسندة إلى الطاعن, وكان قد أورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى النتيجة التي رتبها عليها وأثبت في حق الطاعن أنه أصدر الشيك موضوع الدعوى متضمنا البيانات التي تجعله أداة وفاء ويتحقق بها المعنى المقصود من الشيك في نطاق المادة 337 من قانون العقوبات, فإن الحكم المطعون فيه يكون سليما متفقا مع صحيح القانون ويكون النعي عليه بالخطأ في القانون أو القصور في التسبيب في غير محله. ولا يقدح في ذلك أن يكون الطاعن قد أصدر الشيك بوصفه وكيلا عن زوجته صاحبة الحساب ما دام أنه هو الذي أصدر الشيك دون أن يكون له رصيد قائم وقابل للسحب ويحق عقابه بوصفه فاعلا أصليا للجريمة لأن وكالته عن زوجته صاحبة الحساب لا ينفي أنه هو الذي قارف الجريمة التي دين من أجلها
وحيث إن محصل الوجه الثاني من الطعن القصور في التسبيب والخطأ في الإسناد, ذلك أن الحكم المطعون فيه أطرح دفاع الطاعن المؤسس على أن الشيكات حررت ضمانا لسداد كمبيالات خاصة بعمليات تجارية وأن المدعيين بالحق المدني خطفا منه هذه الشيكات وعقد الاتفاق الذي تعهدا فيه بردها. وما قاله الحكم في تبرير ذلك من أن الاتفاق المقدم من المدعيين لم يتضمن التزاما برد الشيك موضوع الدعوى بل كان خاصا بسداد قيمة شيك آخر فلا مصلحة لهما في اختطافه فضلا عن أن هذه الواقعة لم يقم عليها أي دليل قول غير صحيح ولا يتفق مع الثابت في الشكوى الخاصة بذلك ولا مع ما أورده حكم محكمة أول درجة الذي استقاه من أقوال الشهود في هذه الشكوى ولم يعن الحكم المطعون فيه بالرد على ما أورده الحكم المستأنف في هذا الصدد. أما خلو الاتفاق من إثبات التزام المدعيين بالحق المدني برد الشيكات فهو لا ينفي قيام الاتفاق على الرد الذي لم يريا محلا لإثباته فضلا عن أنه وارد في مسألة تجارية مما يمكن إثباته بكافة طرق الإثبات
وحيث إنه لما كان الحكم المطعون فيه قد خلص إلى عدم قيام دليل على واقعة خطف الاتفاق والشيكات استنادا إلى أسباب سائغة وكان من حق المحكمة أن تأخذ بما ترتاح إليه من الأدلة وتطرح ما عداها دون أن تكون ملزمة بالرد على كل دليل على حدة ما دام أن ردها مستفاد ضمنا من قضائها بالإدانة استنادا إلى أدلة الثبوت الأخرى. لما كان ذلك, فإن ما يثيره الطاعن في هذا الوجه هو من قبيل الجدل الموضوعي في تقدير المحكمة لأدلة الدعوى ومصادرة لها في عقيدتها مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض ويكون هذا النعي في غير محله ويكون الطعن برمته على غير أساس متعين الرفض.

الطعن 2599 لسنة 32 ق جلسة 5 / 2 / 1963 مكتب فني 14 ج 1 ق 21 ص 97


برياسة السيد المستشار السيد أحمد عفيفي, وبحضور السادة المستشارين: عادل يونس، وتوفيق الخشن، وأديب نصر، وأحمد موافي.
--------
- 1  دفاع. إجراءات محاكمة. حكم. "تسبيبه". "تسبيب غير معيب".
للمحكمة الاستغناء عن سماع الشهود. شرط ذلك: قبول المتهم أو المدافع عنه: هذا القبول قد يكون صريحا أو ضمنيا. المادة 289 إجراءات المعدلة بالقانون 113 لسنة 1957. إتمام إجراءات المحاكمة في ظل هذا القانون. عدم تمسك الدفاع بطلب سماع الشهود. مفاده: تنازله الضمني عن سماعهم. تعويل المحكمة على أقوالهم في التحقيقات دون سماعهم. لا خطأ. ما دام أن تلك الأقوال كانت مطروحة على بساط البحث في الجلسة.
لما كان القانون رقم 113 لسنة 1957 المعمول به من 19/5/1957 قد صدر بتعديل المادة 289 من قانون الإجراءات الجنائية بما يخول المحكمة الاستغناء عن سماع الشهود إذا قبل المتهم أو المدافع عنه ذلك، ويستوي أن يكون القبول صريحاً أو ضمنياً بتصرف المتهم أو المدافع عنه بما يدل عليه. ولما كانت إجراءات المحاكمة قد تمت في ظل هذا القانون، وكان يبين من مطالعة محاضر جلسات المحاكمة أن المدافع عن الطاعنين لم يتمسك بطلب سماع الشهود مما يستفاد منه تنازله الضمني عن سماعهم، فإن المحكمة لا تكون مخطئة إذا هي عولت على أقوالهم في التحقيقات دون سماعهم ما دام الطاعنان قد قبلا ذلك ضمناً وما دام أن تلك الأقوال كانت مطروحة على بساط البحث في الجلسة.
- 2  استئناف. معارضة. حكم.
صدور حكم غيابي من محكمة أول درجة. وصفه خطأ بأنه حضوري. استئناف المتهمة لهذا الحكم. قول محكمة ثاني درجة بأن استئناف المتهمة وعدم تقريرها بالمعارضة يفيد تجاوزها عن استعمال حقها في المعارضة. هذا القول صحيح في القانون ويتفق وما قضت به المادة 406 إجراءات. ما يثيره الطاعنان من وجوب إعادة القضية إلى محكمة أول درجة حتى لا يفوتهما درجة من درجات التقاضي. لا أساس له.
متى كانت محكمة ثاني درجة وإن أقرت الطاعنة (المتهمة) على أن الحكم الصادر من محكمة أول درجة وصف خطأ بأنه حضوري في حين أنه غيابي، إلا أنها عقبت على ذلك بما مؤداه أن استئناف الطاعنة لحكم محكمة أول درجة وعدم تقريرها بالمعارضة في هذا الحكم يفيد أنها تجاوزت عن استعمال حقها في المعارضة اكتفاء منها باستئناف الحكم الذي يبدأ ميعاده من تاريخ انقضاء ميعاد المعارضة، فإن ما قاله الحكم من ذلك صحيح في القانون ويتفق وما قضت به المادة 406 من قانون الإجراءات الجنائية. ومن ثم فإن ما يثيره الطاعنان من أنه كان يتعين على محكمة ثاني درجة إعادة القضية إلى محكمة أول درجة حتى لا تفوت عليهما درجة من درجات التقاضي - يكون على غير أساس متعيناً إطراحه.
- 3  مأمورو الضبط القضائي. اختصاص. تفتيش.
تحقيق مأمور الضبط الدعوى على أساس وقوع واقعتها في اختصاصه. امتداد اختصاصه إلى جميع من اشتركوا فيها أو اتصلوا بها وإن اختلفت الجهات التي يقيمون فيها. حقه عند الضرورة في تتبع المسروقات المتحصلة من جريمة السرقة التي بدأ تحقيقها وإجراء كل ما خوله القانون إياه من أعمال التحقيق سواء في حق المتهم بالسرقة أو في حق من ظهر اتصاله بالجريمة. صدور إن التفتيش من وكيل النيابة المختص بمكان ضبط المسروقات قيام مأمور الضبط بتنفيذه بعيدا عن دائرة اختصاصه. صحيح في القانون.
لما كان ما أجراه مأمور الضبط القضائي من تفتيش بعيداً عن دائرة اختصاصه إنما كان في صدد الدعوى ذاتها التي بدأ تحقيقها على أساس وقوع واقعتها في اختصاصه فوجب أن يمتد اختصاصه بداهة إلى جميع من اشتركوا فيها أو اتصلوا بها وإن اختلفت الجهات التي يقيمون فيها مما يجعل له الحق عند الضرورة في تتبع المسروقات المتحصلة من جريمة السرقة التي بدأ تحقيقها وأن يجري كل ما خوله القانون إياه من أعمال التحقيق سواء في حق المتهم بالسرقة أو في حق الطاعنين على أثر ظهور اتصالهما بالجريمة. لما كان ذلك، وكان الإذن الذي صدر له بالتفتيش قد صدر من وكيل النيابة المختص بمكان ضبط المسروقات وقد روعيت فيه هذه الاعتبارات فإن قيامه بتنفيذه يكون صحيحاً في القانون.
-----------
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنين وآخرين بأنهم في غضون الفترة ما بين 9 يونيه سنة 1961 إلى 21 يونيه سنة 1961 بدائرة مركز قليوب الأول والثاني والثالث والسادس سرقوا الأشياء المبينة بالمحضر والمملوكة لهيئة السكك الحديدية والرابع والخامسة أخفوا المسروقات السابق ذكرها مع علمهما بذلك. وطلبت عقابهم بالمادتين 44 مكررة، 318 من قانون العقوبات. ومحكمة قليوب الجزئية قضت حضوريا بتاريخ 4 ديسمبر سنة 1961 عملا بمادتي الاتهام بحبس كل من المتهمين الأول والثاني والثالث والسادس سنة مع الشغل والنفاذ وبحبس كل من المتهمين الرابع والخامسة سنة مع الشغل وكفالة 100ج استأنف المحكوم عليهم هذا الحكم. ومحكمة بنها الابتدائية ـ بهيئة استئنافية ـ قضت حضوريا بتاريخ 21 فبراير سنة 1962: أولاً ـ بعدم قبول استئناف المتهم........ شكلاً للتقرير به بعد الميعاد. وثانيا ـ قبول الاستئناف بالنسبة لباقي المتهمين شكلا وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف، فطعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.
-------------
المحكمة
حيث إن مبنى الوجه الأول من الطعن هو أن الحكم المطعون فيه قد انطوى على إخلال بحق الدفاع ذلك أنه دان الطاعنين استنادا إلى أقوال الشهود في محضر جمع الاستدلالات 
دون أن تقرر المحكمة استدعاءهم لسماع شهادتهم بالجلسة مما يعيب إجراءات المحاكمة ويستوجب نقض الحكم
وحيث إن ما يثيره الطاعنان في هذا الوجه غير سديد ذلك أنه لما كان القانون رقم 113 لسنة 1957 المعمول به من 19/5/1957 قد صدر بتعديل المادة 289 من قانون الإجراءات الجنائية بما يخول المحكمة الاستغناء عن سماع الشهود إذا قبل المتهم أو المدافع عنه ذلك ويستوي أن يكون القبول صريحا أو ضمنيا بتصرف المتهم أو المدافع عنه بما يدل عليه. ولما كانت إجراءات المحاكمة قد تمت في ظل هذا القانون. وكان يبين من مطالعة محاضر جلسات المحاكمة أن المدافع عن الطاعنين لم يتمسك بطلب سماع الشهود مما يستفاد منه تنازله عن سماعهم فإن المحكمة لا تكون مخطئة إذا هي عولت على أقوالهم في التحقيقات دون سماعهم ما دام الطاعنان قد قبلا ذلك ضمنا وما دام أن تلك الأقوال كانت مطروحة على بساط البحث في الجلسة
وحيث إن مبنى الوجه الثاني من الطعن هو أن المحكمة قد أخطأت حين وضعت حكمها ضد الطاعنين بأنه حضوري مع أنه في حقيقته غيابي وكان يتعين على المحكمة الاستئنافية أن تعيد القضية إلى محكمة أول درجة حتى لا تفوت على الطاعنين درجة من درجات التقاضي
وحيث إن محكمة ثاني درجة وإن أقرت الطاعنة على أن الحكم الصادر من محكمة أول درجة وصف خطأ بأنه حضوري في حين أنه غيابي إلا أنها عقبت على ذلك بما مؤداه أن استئناف الطاعنة الثانية لحكم محكمة أول درجة وعدم تقريرها بالمعارضة في هذا الحكم يفيد أنها تجاوزت عن استعمال حقها في المعارضة اكتفاء منها باستئناف الحكم الذي يبدأ ميعاده به من تاريخ انقضاء ميعاد المعارضة وما قاله الحكم من ذلك صحيح في القانون ويتفق وما قضت به المادة 406 من قانون الإجراءات الجنائية. ومن ثم فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الوجه يكون على غير أساس متعينا اطراحه
وحيث إن مبنى الوجه الثالث هو القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال ذلك أن الحكم المطعون فيه جاء قاصرا في التدليل على توفر ركن العلم وهو ركن جوهري في جريمة إخفاء الأشياء المسروقة كما أن ما ساقه للتدليل على هذا العلم لا يصلح سندا له
وحيث إن الحكم المطعون فيه قد عرض لما يثيره الطاعنان في هذا الوجه ورد عليه بقوله "أما فيما يختص بعدم علم المتهمين (الطاعنين) بأن المضبوطات مسروقة من السكة الحديد فيكفي في ذلك ما شهد به كل من السيد/ ........... مندوب هيئة السكة الحديد والسيد/........... مندوب العربات من أن المضبوطات من متعلقات السكة الحديد وخاصة بعرباتها ولا يوجد مثيل لها في السوق لأن مثل هذه الأشياء لا تستعمل إلا في عربات السكة الحديد كما أن المتهمة الخامسة (الطاعنة الثانية) تعرفت على كل من المتهمين الأول والثاني عندما عرضا عليها وقالت إنهما باعا لها الأدوات المضبوطة وهما من الأشخاص الذين لا يتجرون في مثل هذه الأشياء مما يقطع بعلمهما بالسرقة خصوصا أنها والمتهم الرابع (الطاعن الأول) ممن يتجرون في الخردة ولهما دراية تامة بكل ما يعرض عليهما للشراء ومن ثم يكون ما ذهبا إليه من عدم علمهما بالسرقة وأن ما ضبط لديهما غير متحصل من سرقة لا أساس له" وهذا الذي قاله الحكم كاف وسائغ في التدليل على توفر ركن العلم في حق الطاعنين. ومن ثم فإن ما يعيبه الطاعنان في هذا الوجه لا يكون له محل
وحيث إن مبنى الوجه الرابع هو أن الحكم المطعون فيه شابه خطأ في تطبيق القانون. فقد دفع الحاضر عن الطاعنين ببطلان التفتيش الواقع على محليهما الكائنين بدائرة قسم باب الشعرية لصدور الإذن به من وكيل نيابة قليوب - وهو غير مختص - إلى ضابط قضائي السكة الحديد واختصاصه لا يمتد إلى الحوادث التي تقع خارج نطاق محطات السكك الحديدية أو عرباتها. وإذ كان الحكم قد رفض هذا الدفع وأعتبر الإذن والتفتيش المترتب عليه صحيحين فإنه يكون قد جانب التطبيق السليم للقانون مما يتعين معه نقضه
وحيث إنه يبين من مطالعة المفردات التي أمرت المحكمة بضمها تحقيقا لهذا الوجه من الطعن أن ضابط مباحث قسم قضائي مصر الذي باشر تحقيق هذا الحادث حرر بتاريخ 22/6/1961 محضرا أثبت فيه أنه بالنظر لتعدد حوادث سرقات المهمات الكهربائية من عربات السكة الحديد فقد شددت المراقبة وتوصل رجال المباحث إلى ضبط أفراد العصابة وأسفر التحقيق معهم عن اعتراف بعضهم ببيع بعض المسروقات إلى الطاعنين ...... و...... ولكل منهما محل لبيع الخردة بشارع باب البحر التابع لقسم الأزبكية كما أنهما مشهوران بالاتجار في المسروقات المتعلقة بمصالح الحكومة وطلب في ختام هذا المحضر من نيابة الأزبكية الإذن بتفتيش محل تجارة المذكورين ومسكنهما لضبط ما قد يوجد لديهما من مهمات وأدوات خاصة بالسكة الحديد فصدر الإذن بذلك من وكيل نيابة الأزبكية إلى ضابط مباحث قسم قضائي مصر ومن يرافقه من رجال الضبطية القضائية. ونفاذا له تم تفتيش محل تجارة كل من الطاعنين الكائن بباب البحر تبع قسم الأزبكية وعثر لديهما على المضبوطات المبينة بالمحضر وجميعها من متعلقات السكك الحديدية. لما كان ذلك, وكان ما أجراه الضابط بعيدا عن دائرة اختصاصه إنما كان في صدد الدعوى ذاتها التي بدأ تحقيقها على أساس وقوع واقعتها في اختصاصه فوجب أن يمتد اختصاصه بداهة إلى جميع من اشتركوا فيها واتصلوا بها وإن اختلفت الجهات التي يقيمون فيها مما يجعل له الحق عند الضرورة في تتبع المسروقات المتحصلة من جريمة السرقة التي بدأ تحقيقها وأن يجري كل ما خوله القانون إياه من أعمال التحقيق سواء في حق المتهم بالسرقة أو في حق الطاعنين على أثر ظهور اتصالهما بالجريمة - كما هو الحال في واقعة الدعوى - لما كان ما تقدم, وكان الإذن الذي صدر له بالتفتيش قد صدر من وكيل نيابة الأزبكية المختص بمكان ضبط المسروقات وقد روعيت فيه هذه الاعتبارات فإن قيامه بتنفيذه يكون صحيحا في القانون لما كان كل ذلك, فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.

الطعن 2052 لسنة 32 ق جلسة 5 / 2 / 1963 مكتب فني 14 ج 1 ق 20 ص 94


برياسة السيد المستشار السيد أحمد عفيفي، وبحضور السادة المستشارين: عادل يونس، وتوفيق الخشن، وأديب نصر، وحسين السركي.
-----------
رشوة. حكم. "تسبيب غير معيب". دفاع.
اختصاص الموظف بالعمل الذي من أجله طلب الرشوة. يكفي لتوفره: أن يكون للموظف منه نصيب يسمح له بتنفيذ الغرض من الرشوة. (مثال).
يكفي لتوفر اختصاص الموظف بالعمل الذي من أجله طلب الرشوة أن يكون له منه نصيب يسمح له بتنفيذ الغرض من الرشوة، ولما كان الثابت مما أورده الحكم المطعون فيه أن عمل المتهم (الطاعن) هو تلقي الخطابات الواردة وتوزيعها على الأقلام المختصة وأن الشكوى التي دارت عليها الواقعة قد سلمت إليه بسبب وظيفته فاستبقاها لديه وحملها إلى التاجر المشكو وطلب منه مبلغ الرشوة نظير إتلاف هذه الشكوى وعدم إرسالها إلى المختصين، وكان اختصاص الطاعن حسبما أوردته المحكمة له أصله في الأوراق وفي اعترافه في التحقيقات، وكان ما أورده الحكم من ذلك ينطوي على الرد على دفاع الطاعن القائم على عدم اختصاصه بالعمل الذي من أجله طلب الرشوة، ومن ثم فإن النعي على الحكم بالخطأ في القانون والإسناد وبالقصور يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.
-------------
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه في يوم 23 فبراير سنة 1959 بدائرة قسم الجمالية محافظة القاهرة: بصفته موظفاً عمومياً "موظف بالمراقبة العامة لمكافحة التهريب بمصلحة الضرائب" طلب لنفسه عطية للإخلال بواجبات وظيفته بأن طلب مبلغ عشرة جنيهات من...... مقابل عدم إحالة شكوى مرسلة ضد التاجر سالف الذكر لإدارة مكافحة التهريب للجهة المختصة لاتخاذ اللازم نحوها وإعدامها. وإحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته بالمادتين 104 و111 من قانون العقوبات. ومحكمة جنايات القاهرة قضت حضورياً بتاريخ 13 فبراير سنة 1961 عملاً بالمواد 103 و104 و111 و17 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالسجن لمدة ثلاث سنوات وتغريمه 2000ج ألفي جنيه. فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.
------------
المحكمة
حيث إن مبنى الطعن أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة الرشوة قد أخطأ في القانون كما أخطأ في الإسناد وشابه القصور, ذلك أن الطاعن غير مختص باستلام الشكاوى التي ترد لمراقبة مكافحة التهرب من الجمهور ضد الممولين ولم يزعم - على خلاف ما أثبته الحكم - أنه مختص بتلقي مثل هذه الخطابات وتوزيعها على الأقلام المختصة وقد أثار في دفاعه أنه تلقى الشكوى خطأ وفي غير دائرة اختصاصه فالتفتت المحكمة عن هذا الدفاع ولم ترد عليه
وحيث إن الحكم المطعون فيه حصل واقعة الدعوى في قوله "إن المتهم ..... من موظفي مصلحة الضرائب ومن عمله تلقي الخطابات الواردة وتوزيعها على الأقلام المختصة وقد سلمت إليه شكوى ضد التاجر..... لتلاعبه في إقرارات المستحق عليه من الضرائب فحملها إلى هذا التاجر وتوجه إلى محله وطلب منه مبلغ عشرة جنيهات رشوة نظير إتلاف هذه الشكوى وعدم إرسالها إلى المختصين فلم يقبل هذا العرض واستدعى الشرطي .... الذي قبض عليه" وأستند الحكم في ثبوت هذه الواقعة في حق الطاعن إلى محضر ضبط الواقعة وأقوال الشهود. لما كان ذلك, وكان يكفي لتوفر هذا الاختصاص في جريمة الرشوة أن يكون للموظف منه نصيب يسمح له بتنفيذ الغرض من الرشوة, وكان الثابت مما أورده الحكم المطعون فيه أن عمل الطاعن هو تلقي الخطابات الواردة وتوزيعها على الأقلام المختصة وأن الشكوى التي دارت عليها الواقعة قد سلمت إليه بسبب وظيفته فاستبقاها لديه للغرض الذي بينه الحكم, ولما كان يبين من كتاب المراقبة العامة لمكافحة التهرب - المرفق بالمفردات التي أمرت المحكمة بضمها تحقيقا لوجه الطعن - أن اختصاص الطاعن حسبما أوردته المحكمة له أصله في هذا الكتاب وفي اعترافه في التحقيقات, وكان ما أورده الحكم من ذلك ينطوي على الرد على دفاع الطاعن القائم على عدم غير أساس متعينا رفضه موضوعا.

الطعن 3066 لسنة 32 ق جلسة 4 / 2 / 1963 مكتب فني 14 ج 1 ق 19 ص 88


برياسة السيد/ محمد متولي عتلم نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: محمود حلمي خاطر، وعبد الحليم البيطاش، ومختار رضوان، ومحمد صبري.
-----------
- 1  نقض. دفاع. حكم "تسبيب غير معيب".
تفتيش زائر السجن. لا يلزم الرضاء الصريح به. يكفي عدم معارضة الزائر في تفتيشه. المادة 41 من القانون 396 لسنة 1956.
متى كانت المادة 41 من قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 396 لسنة 1956 تنص على أنه "إذا اشتبه مدير السجن أو مأموره في أي زائر جاز له أن يأمر بتفتيشه فإذا عارض الزائر في التفتيش جاز منعه من الزيارة مع بيان أسباب هذا المنع في سجل يومية السجن"، وكانت هذه المادة كما هو واضح من عباراتها لا تستلزم الرضاء الذي يصدر بفعل إيجابي ممن يحصل تفتيشه بل يكفي عدم معارضته في التفتيش - وهو فعل سلبي - فإن تفتيش مأمور السجن للطاعنين حين اشتبه فيهما لدي دخولهما سجن النساء في اليوم المخصص للزيارة يكون صحيحاً بالتطبيق لأحكام هذه المادة ما دام أن الطاعنين لم يدفعا بأنهما اعترضا على تفتيشهما بمعرفة مأمور السجن، ومن ثم يكون النعي ببطلان التفتيش في غير محله.
- 2  نقض. دفاع. حكم "تسبيب غير معيب".
الرضاء بالتفتيش. لا يلزم أن يكون ثابتا بالكتابة. ثبوت أن الرضاء كان صريحا غير مشوب، وأنه سبق إجراء التفتيش مع العلم بظروفه. ذلك يكفي: ما دام أن المحكمة قد استخلصته في حدود سلطتها التقديرية ومن الأدلة السائغة.
متى كانت المحكمة قد استخلصت - في حدود السلطة المخولة لها - ومن الأدلة السائغة التي أوردتها أن رضاء الطاعنين بالتفتيش كان صريحاً غير مشوب، وأنه سبق إجراء التفتيش، وكان الطاعنان يعلمان بظروفه، وكان غير لازم أن يكون الرضاء بالتفتيش ثابتاً بكتابة صادرة ممن حصل تفتيشه, فإن المجادلة في ذلك أمام محكمة النقض لا تصح، ويكون الحكم سليماً فيما انتهى إليه من رفض الدفع ببطلان التفتيش.
- 3  نقض. دفاع. حكم "تسبيب غير معيب".
الطعن على إجراءات التفتيش. الحق فيه لا يسقط بعدم إبدائه في التحقيق. سقوطه إذا لم يبد أمام محكمة الموضوع.
ليس صحيحاً في القانون أن الحق في الطعن على إجراءات التفتيش يسقط لعدم إثارته من الدفاع في استجواب النيابة، إذ العبرة في سقوط هذا الحق لا تكون إلا بعدم إبدائه أمام محكمة الموضوع.
- 4  تحقيق. "إجراءاته". حكم. "تسبيبه. ما لا يعيبه". إثبات "بوجه عام".
لم يرتب القانون البطلان على عدم مراعاة ما نصت عليه المادة 55 وما بعدها إجراءات في شأن تحريز المضبوطات وعرضها على المتهم. تقدير ذلك متروك لمحكمة الموضوع.
لم يرتب المشرع البطلان على عدم مراعاة ما نصت علية المادة 55 وما بعدها من قانون الإجراءات الجنائية في شأن تحريز المضبوطات المتعلقة بالجريمة وعرضها على المتهم مما يجعل الأمر فيها راجعاً إلى تقدير محكمة الموضوع لسلامة الإجراءات التي اتخذها مأمور الضبط القضائي، ولما كانت المحكمة قد اطمأنت إلى عدم حصول عبث بالمخدر المضبوط وإلى سلامة إجراءات التحريز فإن النعي ببطلان الإجراءات يكون غير سديد.
---------
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما في يوم 16/9/1961 بدائرة مركز قليوب محافظة القليوبية: أحرزا بقصد الاتجار جواهر مخدرة (حشيشا) في غير الأحوال المصرح بها قانونا، وطلبت إلى غرفة الاتهام إحالتهما إلى محكمة الجنايات لمحاكمتهما بالمواد 1، 2، 34/1 ـ 2، 36، 42 من القانون رقم 182 لسنة 1960 والبند 12 من الجدول رقم 1 المرفق. فقررت الغرفة ذلك. وأمام محكمة جنايات بنها دفع الحاضر مع المتهمين: أولا ـ ببطلان التفتيش الذي أجراه مأمور السجن. وثانياً ـ ببطلان تحريز المادة المضبوطة. والمحكمة قضت حضوريا بتاريخ 21 من أكتوبر سنة 1962 عملا بالمواد 1، 2، 37، 42 من القانون رقم 182 والبند رقم 12 من الجدول رقم 1 مع تطبيق المادة 17 من قانون العقوبات بمعاقبة كل من المتهمين "الطاعنين" بالحبس مع الشغل لمدة ستة شهور وبتغريم كل منهما خمسمائة جنيه وبمصادرة المادة المخدرة المضبوطة، فطعن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.
-------------
المحكمة
حيث إن الطاعنين ينعيان على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وبطلان الإجراءات. وفي بيان ذلك يقولان إنهما دفعا ببطلان إجراءات القبض والتفتيش التي أسفرت عن وجود المخدر معهما إذ لم يكونا في حالة من حالات التلبس مما يجعل القبض الذي وقع عليهما من المخبرين باطلا ويترتب على ذلك بطلان ما نسب إليهما من اعتراف وقت القبض عليهما وبطلان التفتيش بطلان ما نسب إليهما من اعتراف وقت القبض عليهما وبطلان التفتيش الذي قام به مأمور السجن بعد ذلك. أما زعم مأمور السجن من أنه حصل على رضاء الطاعنين بالتفتيش فإنه لا يؤيده الواقع ولا القانون فقد أنكر الطاعنان حصول هذا الرضاء. كما يتعين أن يقوم طالب التفتيش بإفهام من يراد تفتيشه أنه ليس معه إذن وأن من حقه أن يرفض التفتيش وأن يخطره بسببه وأن يحصل على هذا الرضاء كتابة وهو ما لم يتم في هذه الدعوى. إلا أن الحكم رد على هذا الدفع بقوله إن مأمور السجن أثبت في محضره أن المتهمين قبلا التفتيش وأن القانون لا يشترط في القبول أن يكون كتابة وأن المتهمين حضر معهما محام أثناء استجوابهما في النيابة ولم يطعنا في الإجراءات السابقة على التحقيق. وهذا الرد ينطوي على مخالفة للقانون إذ يشترط طبقا لما استقر عليه قضاء محكمة النقض أن يكون القبول كتابة كما يشترط طبقا للمادة 333 من قانون الإجراءات الجنائية لسقوط الحق في الدفع بالبطلان أن يكون الإجراء قد تم في حضور المحامي, وواضح أن التفتيش لم يتم في حضور محامي الطاعنين. فضلا عن أن هذا الدفع من الدفوع القانونية التي يجوز التمسك بها في أية حالة كانت عليها الدعوى. وقد سئل مأمور السجن عن سنده في إجراء التفتيش فقرر أنه يستند إلى المادة 41 من القانون رقم 396 لسنة 1956 في شان تنظيم السجون والتي تنص على أنه إذا ما اشتبه مدير السجن أو مأموره في أي زائر جاز له أن يأمر بتفتيشه فإذا عارض الزائر في التفتيش جاز منعه من الزيارة. وطبقا لهذا النص يكون من حق الطاعنين أن يرفضا التفتيش وليس لمأمور السجن إلا منعهما من الزيارة يضاف إلى ذلك أن الطاعنين دفعا ببطلان إجراءات تحريز المضبوطات إذ لم يقم المحقق بتحريزها فور انتهائه من التحقيق في حضور المتهمين وأرسل الحرزان من مقر النيابة في قليوب إلى مصلحة الطب الشرعي في القاهرة يوم 18/9/1961 داخل قطعتين باليتين من القماش ولم تكتب عليهما بيانات تكشف عن موضوعهما ونسبة كل منهما إلى أي من الطاعنين. وأعيدا إلى النيابة لإعادة تحريزهما في 29/9/1961 بينما حدث الضبط في 16/9/1961 مما لا يطمأن معه إلى عدم العبث بهما. ورد الحكم على هذا الدفع بقوله إن القانون لم يرتب بطلانا على عدم تحريز المضبوطات في حضور المتهم وهذا الرد يخالف نص المادتين 55, 57 من قانون الإجراءات الجنائية
وحيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن بين واقعة الدعوى بما تتوافر به العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعنين بها وأورد على ثبوتها في حقهما أدلة تؤدي إلى ما رتبه عليهما عرض للدفع ببطلان التفتيش ورد عليه بقوله "حيث إن الدفاع عن المتهمين قد دفع: أولا - ببطلان التفتيش الذي أجراه مأمور السجن بمقولة إن موافقة المتهمين على تفتيشهما يجب أن تكون كتابة. وحيث إنه بالنسبة للدفع الأول فهو مردود ذلك أن مأمور السجن أثبت في محضره أن المتهمين قد قبلا التفتيش وأن المحكمة لا تشك في صحة ما أثبته وأن المتهمين لم يزعما أنهما لم يصرحا له بالتفتيش ولم يشترط القانون أن يكون هذا التصريح كتابة كما يقول الدفاع. كما أنه ظاهر من الأوراق أن المتهمين قد حضر معهما محام أثناء استجوابهما في النيابة ولم يطعنا في الإجراءات السابقة على التحقيق" كما حصل الحكم المطعون فيه دفاع الطاعنين بشأن بطلان إجراءات التحريز ورد عليه بقوله "وحيث إن الدفاع عن المتهم دفع ثانيا ببطلان إجراءات تحريز المادة المضبوطة لأنه تم في غيبة المتهمين - وحيث إنه بالنسبة للدفع الثاني فهو مردود أيضا إذ أن الثابت أن الضابط قد حرزها وأن وكيل النيابة قد عاين الأحراز عندما أعادها الطبيب الشرعي لإعادة تحريزها وقد اطمأن إلى سلامة الأختام التي عليها وأن المحكمة لا يساورها أي شك في أن المضبوطات هي بنفسها التي وضعت في حرز وهي التي أرسلت للتحليل ووردت النتيجة بأنها حشيش. ولما كان الأمر كذلك وكان القانون لم يرتب بطلانا على التحريز في غيبة المتهم ما دامت المحكمة قد اطمأنت إلى عدم العبث بالمضبوطات ...". لما كان ذلك, وكانت المحكمة قد استخلصت في حدود السلطة المخولة لها ومن الأدلة السائغة التي أوردتها أن رضاء الطاعنين بالتفتيش كان صريحا غير مشوب, وأنه سبق إجراء التفتيش, وكان الطاعنان يعلمان بظروفه, وكان غير لازم أن يكون الرضاء بالتفتيش ثابتا بكتابة صادرة ممن حصل تفتيشه فإن المجادلة في ذلك أمام محكمة النقض لا تصح ويكون الحكم سليما فيما انتهى إليه من رفض الدفع ببطلان التفتيش. ولا يقدح في سلامته ما ورد به من تقرير خاطئ خاص بسقوط حق الطاعنين في الطعن على إجراءات التفتيش لعدم إثارته من الحاضر معهما في استجواب النيابة لأن الحق في الطعن على إجراءات التفتيش لا يسقط إلا بعدم إبدائه أمام محكمة الموضوع وقد أبدى الطاعنان هذا الدفع بجلسة المحاكمة - لما كان ما تقدم, وكان الثابت من واقعة الدعوى كما أوردها الحكم المطعون فيه - فضلا عن ذلك - أن الطاعنين دخلا سجن النساء بالقناطر الخيرية في اليوم المخصص لزيارة المسجونات فاشتبه المأمور فيهما لما نما إلى علمه من أنهما يحرزان مواد مخدرة وقام بتفتيشها دون معارضة منهما بل وبعد قبولهما وعثر معهما على المواد المخدرة المضبوطة وكانت المادة 41 من قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 396 لسنة 1956 تنص على أنه "إذ اشتبه مدير السجن أو مأموره في أي زائر جاز له أن يأمر بتفتيشه فإذا عارض الزائر في التفتيش جاز منعه من الزيارة مع بيان أسباب هذا المنع في سجل يومية السجن" - وكانت هذه المادة كما هو واضح من عبارتها لا تستلزم الرضاء الذي يصدر بفعل إيجابي ممن يحصل تفتيشه بل يكفي عدم معارضة الأخير في التفتيش - وهو فعل سلبي - فإن تفتيش مأمور السجن للطاعنين يكون صحيحا أيضا بالتطبيق لأحكام هذه المادة ما دام أن الطاعنين لم يدفعا بأنهما اعترضا على تفتيشهما بمعرفة مأمور السجن من ثم يكون النعي ببطلان التفتيش على غير أساس - ولما كانت المحكمة قد اطمأنت إلى أنه لم يحصل أي عبث بالمخدر واطمأنت إلى سلامة إجراءات التحريز وكان قانون الإجراءات الجنائية لم يرتب البطلان على عدم مراعاة ما نصت عليه المادة 55 وما بعدها في شأن تحريز المضبوطات المتعلقة بالجريمة وعرضها على المتهم مما يجعل الأمر فيها راجعا إلى تقدير محكمة الموضوع لسلامة الإجراءات التي اتخذها مأمور الضبط القضائي - فإن النعي ببطلان الإجراءات يكون غير سديد
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن برمته على غير أساس ويتعين رفضه موضوعا.

الطعن 3065 لسنة 32 ق جلسة 4 / 2 / 1963 مكتب فني 14 ج 1 ق 18 ص 85


برياسة السيد المستشار / أحمد عفيفي، وبحضور السادة المستشارين : عادل يونس، وتوفيق الخشن، وأديب نصر، وأحمد موافي.
------------
دفاع. "الإخلال بحق الدفاع". حكم. "تسبيبه. ما يعيبه".
إبداء المحكمة رأيها في دليل لم يعرض عليها. لا يجوز. إن فعلت ذلك فقد سيقت إلى الحكم على ورقة لم تطلع عليها ولم تمحصها مع ما يمكن أن يكون لها من أثر في عقيدتها لو أنها أطلعت عليها. نفي الدفاع عن الطاعن (المتهم) وقوع الواقعة على الوجه الوارد بالتحقيق. طلبه ضم مذكرة لأحوال القسم تثبت قيام مشاجرة وإصابة المجني عليه من جراء اعتداء وقع عليه من بعض الأهالي. طلب جوهري. على المحكمة إجابته أو الرد عليه ردا سائغا. قولها بأنه لا جدوى للطاعن من طلب ضم المذكرة بعد أن تجمعت الأدلة التي أوردتها قبله. هذا القول لا يصلح أساسا للرفض ويجعل الحكم مشوبا بالإخلال بحق الدفاع مما يستوجب نقضه.
لما كان مؤدى ما أثاره الدفاع عن الطاعن (المتهم) في مرافعته إنما أراد به نفي وقوع الواقعة على الوجه الوارد بالتحقيق، فإن ما طلبه تأييداً لدفاعه من ضم مذكرة لأحوال القسم - تثبت وقوع مشاجرة اعتدى فيها بعض الأهالي على المجني عليه بقطعة من الخشب - يكون طلباً جوهرياً يتعين على المحكمة أن تجيبه أو أن ترد عليه رداً سائغاً، وكان ما ردت به من قولها - أنه لا جدوى للطاعن من طلب ضم تلك المذكرة بعد أن تجمعت الأدلة التي أوردتها قبله - لا يصلح أساساً للرفض، ذلك بأنه يجوز للمحكمة أن تبدي رأياً في دليل لم يعرض عليها وهي إذ فعلت فقد سبقت إلى الحكم على ورقة لم تطلع عليها ولم تمحصها مع ما يمكن أن يكون لها من أثر في عقيدتها لو أنها اطلعت عليها. لما كان ذلك، فإن الحكم يكون مشوباً بالإخلال بحق الدفاع ويتعين لذلك نقضه.
----------
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه في يوم 6 من أغسطس سنة 1961 بدائرة قسم السويس محافظة السويس. ضرب..... عمدا بقطعة من الخشب على عينه فأحدث به الإصابة الموصوفة بالتقرير الطبي الشرعي والتي نشأ عنها عاهة مستديمة يستحيل برؤها هي فقد إبصار عينه اليمنى، وطلبت من غرفة الاتهام إحالته إلى محكمة الجنايات لمحاكمته طبقا للقيد والوصف الموضحين بأمر الإحالة. فقررت الغرفة ذلك وأدعى المجني عليه بحق مدني بمبلغ واحد وخمسين جنيها على سبيل التعويض المؤقت قبل المتهم. ومحكمة جنايات السويس قضت حضوريا بتاريخ 16 أكتوبر سنة 1962 عملا بالمادتين 240/1 و17 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالحبس مع الشغل لمدة ستة شهور وبإلزامه بأن يؤدي إلى المدعي بالحق المدني مبلغ إحدى وخمسين جنيها على سبيل التعويض والمصروفات المدنية: فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض..... الخ.
-----------
المحكمة
حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه الإخلال بحق الدفاع ذلك أن المدافع عنه طلب من المحكمة ضم المذكرة رقم 16 أحوال قسم السويس - المثبتة لقيام مشاجرة في مكتب العمل يوم الحادث نتج عناه إصابة المجني عليه وهي مرتبطة ارتباطا وثيقا بالواقعة التي دين بها ولكن المحكمة لم تستجب لطلب الدفاع وردت عليه بقولها إنه لا جدوى للمتهم من طلب ضم هذه المذكرة بعد أن "تجمعت الأدلة السليمة قبل المتهم والمستمدة من تحقيق ترتاح إليه". 
وحيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن بين واقعة الدعوى وأورد الأدلة التي يستند إليها عرض لطلب الطاعن ضم المذكرة رقم 16 أحوال قسم السويس فقال "كما أنه لا جدوى للمتهم من طلب ضم المذكرة رقم 16 أحوال قسم السويس التي حررت أثر قيام المشاجرة المنوه عنها بأقوال شاهد النفي بعد أن تجمعت هذه الأدلة السليمة قبل المتهم والمعتمدة من تحقيق ترتاح إليه المحكمة مما لا يدع محلا لإجابة هذا الطلب" لما كان ذلك, وكان يبين من محضر الجلسة أن الدفاع عن الطاعن أبدى في مرافعته أن المجني عليه قرر في محضر البوليس الأول أنه لا يعرف الضارب له وأنه وقعت مشاجرة اعتدى فيها بعض الأهالي عليه بقطعة من الخشب وطلب ضم مذكرة البوليس المنوه عنها في وجه الطعن ولما كان مؤدى ما أثاره الدفاع من ذلك أن الطاعن إنما أراد نفي وقوع الواقعة على الوجه الوارد بالتحقيق فإن ما طلبه الحاضر مع المتهم تأييدا لدفاعه من ضم هذه المذكرة يكون طلبا جوهريا يتعين على المحكمة أن تجيبه أو أن ترد عليه ردا سائغا, لما كان ما تقدم, وكان ما ردت به من قولها إنه لا جدوى للطاعن من طلب ضم المذكرة بعد أن تجمعت الأدلة التي أوردتها قبله لا يصلح أساسا للرفض ذلك بأنه لا يجوز للمحكمة أن تبدي رأيا في دليل لم يعرض عليها وهي إذ فعلت فقد سبقت إلى الحكم على ورقة لم تطلع عليها ولم تمحصها مع ما يمكن أن يكون لها من أثر في عقيدتها لو أنها أطلعت عليها, لما كان ذلك, فإن الحكم يكون مشوبا بالإخلال بحق الدفاع ويتعين لذلك نقضه دون حاجة إلى بحث أوجه الطعن الأخرى.

الطعن 2196 لسنة 32 ق جلسة 4 / 2 / 1963 مكتب فني 14 ج 1 ق 17 ص 83


برياسة السيد المستشار / أحمد عفيفي، وبحضور السادة المستشارين : عادل يونس، وتوفيق الخشن، وأديب نصر، وحسين السركي.
-----------
سلاح. محكمة الموضوع. "سلطتها التقديرية".
انتهاء التقرير الطبي الشرعي إلى أن السلاح المضبوط وإن كان ذو ماسورة مششخنة إلا أنه فقد طبيعته وأصبح في حكم الأسلحة الخرطوش غير المششخنة. استخلاص الحكم أن السلاح مصقول الماسورة حكما وتوقيع العقاب على هذا الأساس. استخلاص سائغ لا معقب عليه. لا أساس للنعي على الحكم بالخطأ في تطبيق القانون.
متى كان مؤدى ما أثبته الحكم نقلاً عن التقرير الطبي الشرعي عن فحص البندقية المضبوطة، أن ماسورتها وإن كانت مششخنة إلا أنها قد فقدت طبيعتها فأصبحت في حكم الماسورة غير المششخنة، فإن ما خلص إليه الحكم - في حدود السلطة التقديرية للمحكمة - من اعتبار السلاح مصقول الماسورة حكماً وتوقيع العقاب على هذا الأساس سائغ ولا معقب عليه فيه، ويكون النعي على الحكم بالخطأ في تطبيق القانون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.
-----------
الوقائع
اتهمت النيابة العامة المطعون ضده بأنه في يوم 5 مايو سنة 1960 بدائرة مركز أبو تيج محافظة أسيوط حاز بالذات سلاحا ناريا (بندقية مششخنة) بدون ترخيص وأحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته بالمواد 1/1، 26/2، 30، من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانون رقم 546 لسنة 1954 والجدول رقم 3 القسم الأول ب. ومحكمة جنايات أسيوط قضت حضوريا بتاريخ 13 أبريل سنة 1961 عملا بالمواد 1، 26/1، 30 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانون رقم 546 لسنة 1954 والجدول رقم 2 المرفق 17، 55، 56 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالحبس مع الشغل لمدة ستة شهور وبتغريمه خمسة جنيهات وأمرت بإيقاف تنفيذ العقوبتين لمدة ثلاث سنوات تبدأ من اليوم وبمصادرة السلاح المضبوط. فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.
------------
المحكمة
حيث إن مبنى الطعن أن الحكم المطعون فيه قد أخطأ في تطبيق القانون ذلك أنه دان المطعون ضده بأنه أحرز بندقية تعتبر في حكم الأسلحة الخرطوش غير المششخنة أخذا بنوع المقذوفات التي تطلقها حاليا, في حين أن العبرة في تحديد نوع السلاح الناري إنما تكون بنوع ماسورته بغض النظر عن المقذوفات التي تطلق منه
وحيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن بين واقعة الدعوى بما تتوافر به العناصر القانونية للجريمة التي دان المطعون ضده بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة تؤدي إلى ما رتبه عليها, حصل مؤدى التقرير الطبي الشرعي عن فحص السلاح المضبوط في قوله "وحيث إنه ثبت من تقرير الطبيب الشرعي أن البندقية المضبوطة من نوع رمنجتون ماسورتها مششخنة وصالحة للاستعمال وهذه البندقية وإن كانت ماسورتها مششخنة إلا أنها تطلق حاليا أظرف خاصة بها تعمر كل منها بمقذوفات متعددة عبارة عن سبع قطع رصاصية على هيئة أنصاف مكعبات لهذا تعتبر في حكم الأسلحة الخرطوش الغير مششخنة" ومؤدى هذا الذي أثبته الحكم نقلا عن التقرير الطبي الشرعي عن فحص البندقية المضبوطة أن ماسورتها قد فقدت طبيعتها فأضحت في حكم الماسورة غير المششخنة, فيكون ما خلص إليه الحكم - في حدود لسلطة التقديرية للمحكمة - من اعتبار السلاح مصقول الماسورة حكما وتوقيع العقاب على هذا الأساس سائغا ولا معقب عليه فيه ومن ثم يكون الطعن على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.

الطعن 2190 لسنة 32 ق جلسة 4 / 2 / 1963 مكتب فني 14 ج 1 ق 16 ص 72


برياسة السيد/ محمد متولي عتلم نائب رئيس المحكمة: وبحضور السادة المستشارين: محمود حلمي خاطر، وعبد الحليم البيطاش، ومختار رضوان، ومحمد صبري.
---------
- 1  تجمهر. سبق الإصرار. محكمة الموضوع.
شروط قيام التجمهر: أن يكون مؤلفا من خمسة أشخاص على الأقل، وأن يكون الغرض منه ارتكاب جريمة أو منع أو تعطيل تنفيذ القوانين أو اللوائح أو التأثير على السلطات في أعمالها أو حرمان شخص من حرية العمل باستعمال القوة أو التهديد باستعمالها. مناط العقاب على التجمهر وتضامن المتجمهرين في المسئولية عما يقع من جرائم تنفيذا للغرض منه: هو ثبوت علمهم بهذا الغرض.
حددت المادتان الثانية والثالثة من القانون رقم 10 لسنة 1914 شروط قيام التجمهر قانوناً في أن يكون مؤلفاً من خمسة أشخاص على الأقل وأن يكون الغرض منه ارتكاب جريمة أو منع أو تعطيل تنفيذ القوانين أو اللوائح أو التأثير على السلطات في أعمالها أو حرمان شخص من حرية العمل باستعمال القوة أو التهديد باستعمالها، وأن مناط العقاب على التجمهر وشرط تضامن المتجمهرين في المسئولية عن الجرائم التي تقع تنفيذاً للغرض منه هو ثبوت علمهم بهذا الغرض. وما دامت المحكمة قد خلصت - في حدود سلطتها التقديرية- إلى عدم قيام الدليل على توافر العناصر القانونية لجريمة التجمهر، واستندت في ذلك إلى أن المجني عليه الأول أصيب قبل اكتمال النصاب العددي اللازم لتوافر حالة التجمهر، وأن من قدم بعد ذلك من الأهلين إنما كان مدفوعاً بعامل الفضول وحب الاستطلاع دون أن يتوافر الدليل على أن حضورهم كان مقروناً بأي غرض غير مشروع مما تنص المادة الثانية من قانون التجمهر على وجوب توافره وعلم المتجمهرين به أو قيام التوافق بينهم على تنفيذه، فإن ما انتهى إليه الحكم في هذا الصدد يكون صحيحاً.
- 2  تجمهر. سبق الإصرار. محكمة الموضوع.
ظرف سبق الإصرار. البحث في توافره: موضوعي. لا رقابة لمحكمة النقض في ذلك: ما دام استنتاجه من وقائع الدعوى سائغا.
البحث في توافر ظرف سبق الإصرار أو عدم توافره داخل تحت سلطة قاضي الموضوع يستنتجه من وقائع الدعوى وظروفها ما دام موجب هذه الوقائع والظروف لا يتنافر عقلاً مع هذا الاستنتاج، وما دامت المحكمة قد استخلصت في استدلال سائغ أن الحادث لم يكن وليد إصرار سابق بل حدث فجأة، فإنها تكون قد فصلت في مسألة موضوعية لا رقابة لمحكمة النقض عليها فيها.
-----------
الوقائع
اتهمت النيابة العامة المطعون ضدهم بأنهم في يوم 3 من يونيو سنه 1954 بدائرة مركز منوف مديرية المنوفية: اشتركوا في تجمهر من خمسة أشخاص مهدد للسلم والنظام العام كان الغرض منه ارتكاب الجرائم، مستعملين في ذلك القوة والعنف وحالة كون بعضهم يحمل آلات من شأنها إحداث الموت إذا استعملت بصفة أسلحة وتولي المتهم الأول تدبير هذا التجمهر، وذلك بأن اتحدت إرادة المتهمين على التوجه بجموعهم حاملين العصى إلى مكان وجود ساقية يملكها .... بالاشتراك مع المتهم السابع وآخرين للعمل على منع الأول من استعمال الساقية لري أرضه بالقوة والتعدي عليه بالضرب فوقعت بقصد تنفيذ الغرض المقصود من هذا التجمهر الجرائم الآتية: أولا ـ ضربوا ...... عمدا بأن تعدوا عليه بالضرب بالعصي فأحدثوا به الإصابات الموضحة بالتقرير الطبي، ولم يقصدوا من ذلك قتلا ولكن الضرب أفضى إلى موت المجني عليه، وكان ذلك مع سبق الإصرار. ثانيا ـ ضربوا ...... عمدا فأحدثوا به الإصابات الموضحة بالتقرير الطبي والتي تخلف لديه من جرائها عاهة مستديمة يستحيل برؤها هي فقد جزء من عظام الجمجمة ما يقلل من قدرته وكفاءته على العمل بحوالي 60 %، وكان ذلك مع سبق الإصرار. ثالثا ـ ضربوا .... عمدا فأحدثوا به الإصابات الموضحة بالتقرير الطبي والتي تخلف لديه من جرائها عاهة مستديمة يستحيل برؤها هي فقد جزء من عظام الجمجمة مما يقلل من قدرته وكفاءته على العمل بحوالي 12 %، وكان ذلك مع سبق الإصرار. رابعا ـ ضربوا .... عمدا فأحدثوا به الإصابات الموضحة بالتقرير الطبي والتي تخلفت لديه من جرائها عاهة مستديمة يستحيل برؤها هي فقد جزء من عظام الجمجمة مما يقلل من قدرته وكفاءته على العمل بحوالي 5 % ، وكان ذلك مع سبق الإصرار. خامسا ـ ضربوا ..... عمدا فأحدثوا به الإصابات الموضحة بالتقرير الطبي والتي تخلف من جرائها عاهة مستديمة يستحيل برؤها هي إعاقات بحركة الإصبع البنصر من اليد، وكان ذلك مع سبق الإصرار. سادسا ـ ضربوا كلا من .... و........ عمدا فأحدثوا بهما الإصابات الموضحة بالتقارير الطبية والتي أعجزتهما عن أعمالهما الشخصية مدة لا تزيد عن عشرين يوما، وكان ذلك مع سبق الإصرار. وطلبت إلى المحكمة العسكرية العليا معاقبتهم بالمواد 1/1 ، 20/2 و 3 و 4 من الأمر العسكري رقم 5 في شأن التجمهر والمواد 40/1 و 2و 41 و 236/2 و 240/2 من قانون العقوبات. وبتاريخ 8 من أكتوبر سنة 1956 قررت المحكمة العسكرية العليا إحالتهم إلى محكمة الجنايات لمحاكمتهم بالمواد سالف الذكر. وقد ادعت ...... زوجة القتيل ..... عن نفسها وبصفتها وصية على أولادها ....... و..... و.... و...... و..... و..... بحق مدني قدره ثلاثة آلاف جنيه، كما أدعى ...... قبل المتهمين متضامنين بمبلغ ألفي جنيه، وأدعى أيضا .... قبل المتهمين متضامنين بمبلغ خمسمائة جنيه وأدعى ..... بمبلغ سبعمائة جنيه قبل المتهمين وذلك بطريق التضامن، ومحكمة جنايات شبين الكوم قضت في الدعوى حضوريا بتاريخ 13 فبراير سنة 1960 عملا بالمواد 1 و2 و3 و4 من القانون رقم لسنة 1914 والمواد 236/201 و 242 و32/2 من قانون العقوبات بمعاقبة كل من المتهمين بالسجن لمدة ثلاث سنوات وبإلزامهم متضامنين بأن يدفعوا ل.... عن نفسها وبصفتها وصية على القصر ... و...... و.... و......و..... و.... أولاد المرحوم .... مبلغ أربعمائة جنيه مع المصروفات المناسبة وبإلزامهم أيضا متضامنين بأن يدفعوا لـ.......مبلغ مائتي جنيه والمصروفات المدنية المناسبة وبإلزامهم أيضا متضامنين بأن يدفعوا لـ..... مبلغ مائة جنيه مع المصروفات المناسبة وإلزامهم أيضا متضامنين بأن يدفعوا ل.... مبلغ خمسين جنيها مع المصروفات المدنية المناسبة. فطعن المحكوم عليهم في هذا الحكم بطريق النقض وقيد الطعن بجدول المحكمة برقم 828 سنة 30ق. وبتاريخ 26 من يونيه سنة 1960 قضت محكمة النقض بقبول الطعن شكلا وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإحالة القضية إلى محكمة شبين الكوم لتحكم فيها مجددا دائرة أخرى. ومحكمة جنايات شبين الكوم سمعت هذه الدعوى من جديد وقضت فيها حضوريا بتاريخ 17 مايو سنة 1961 عملا بالمادتين 304/1 ، 381/1 من قانون الإجراءات الجنائية ببراءة جميع المتهمين مما اسند إليهم ورفض الدعاوى المدنية المقامة عليهم وإلزامهم رافعيها مصروفاتها. فطعن ....... " أحد المدعين بالحق المدني" في هذا الحكم بطريق النقض ... الخ.
-----------
المحكمة
حيث إن مبنى الوجه الأول من الطعن هو التناقض والفساد في الاستدلال, ذلك أن الحكم المطعون فيه انتهى إلى عدم قيام الأدلة على توافر جريمة التجمهر بكافة عناصرها مع أن الأوراق تحمل الأدلة على توافر هذه الجريمة من أقوال شهود الواقعة. كما صور الحكم واقعة الدعوى على نحو يتنافى مع منطق الأوراق والتحقيقات إذ أثبت أن المطعون ضده الأول أقبل إلى مكان الحادث بعد وقوع الاعتداء الذي ذهب ضحيته المجني عليه...... ثم عاد إلى تصوير ثان فقال إنه لم يكن بمكان الحادث وقت وقوع الاعتداء سوى المطعون ضدهم الثاني والثالث والرابع وأضاف إليهم في موضع أخر المطعون ضده الأول. ثم عاد إلى القول بأن الحشد الذي تجمهر بقيادة المطعون ضده الأول إنما جاء أفراده بدافع الفضول وحب الاستطلاع وأنهم ذهبوا إلى مكان الحادث وهم خلو الذهن من أي غرض آخر. وأخيرا أورد تصويرا جديدا لكيفية وقوع الحادث وهو أن الاعتداء وقع بعد حضور المتجمهرين ولم يكن مقرونا بغرض غير مشروع. ثم أضاف الحكم تخريجا خاطئا إذ أثبت أن وقوع النقاش بين القتيل والمطعون ضده الرابع وصحبه ليس من شأن من يذهب بقصد الاعتداء. والتفت بذلك عن تعليل حضور المطعون ضده الأول وأقاربه حاملين أسلحتهم وتعرضهم للمجني عليهم وتحقق بغيتهم من منع المجني عليهم من ري أرضهم مع أن ذلك يوفر عناصر جريمة التجمهر
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى في قوله "إنه في صباح يوم 2 من يونيه سنة 1954 حصلت مشاجرة بين أفراد عائلة عيسى وأفراد عائلة .......  بناحية شبشير طملاوي من أعمال مركز منوف بسبب نزاع على إدارة ساقية للري مشتركة بينهما وقد أصيب....... بإصابة أفضت إلى وفاته كما أصيب آخرون غيره بإصابات مختلفة إلا أن إصابات كل من ..... و ..... و ...... قد تخلف عنها عاهة مستديمة بكل واحد منهم". واستطرد الحكم إلى بيان أركان جريمة التجمهر وإلى عدم توافرها في قوله "بما أن النيابة العامة أسندت إلى المتهمين جميعا تهمة التجمهر وحملتهم على هذا الأساس مسئولية جميع هذه الجرائم التي وقعت بمقولة إنها وقعت تنفيذا للغرض الذي من أجله قد تم هذا التجمهر. كما حملت المتهم الأول - المطعون ضده الأول - مسئولية تدبير هذا التجمهر كل هذا استنادا إلى المادتين الثانية والثالثة من القانون رقم 10 لسنة 1914. وبما أنه ينبغي لإمكان مساءلة المتهمين على هذا الأساس أن يقدم الدليل بادي ذي بدء على توافر التجمهر بكافة عناصره القانونية والتي هي إلى جانب النصاب العددي الذي يجب أن يكون خمسة على الأقل, أن يكون قد تم بقصد غرض من الأغراض الغير مشروعة المنصوص عنها في المادة الثانية من القانون رقم 10 لسنة 1914 وأن يثبت علم المتجمهرين بالغرض المذكور, وأن تكون الجرائم قد وقعت حال قيام التجمهر وبقصد تنفيذ الغرض المقصود منه. وبما أنه لا نزاع طبقا للتحقيقات في أن إصابة القتيل.... بتلك الإصابة التي أفضت إلى موته كانت أولى الجرائم التي ارتكبت وقد قرر..... في بدء التحقيق في تصوير كيفية حصول هذه الواقعة أنه ذهب يوم الحادث في الصباح المبكر مع والده وبعض ذويه إلى الساقية وأداروها فعلا واستمروا على ذلك حتى الساعة التاسعة صباحا فحضر إليهم المتهمون الثاني والثالث والرابع وطلب هذا الأخير منهم وقف الساقية حتى يتمكن هو وأفراد عائلته من إدارتها لري أرضهم وحصلت مشاحنة بين الطرفين لهذا السبب حصل خلالها الاعتداء على القتيل بتلك الضربة التي أفضت إلى موته. وبعد ذلك أقبل عدد من أفراد العائلتين وغيرهم من الأهالي ثم حصلت المشاجرة بين أفراد العائلتين فأصيب خلالها من أصيب... وبما أن معنى ما قرره....... هذا أن والده "القتيل" لما أصيب بتلك الضربة التي أفضت إلى وفاته لم يكن موجودا بحسب روايته سوى ثلاثة أشخاص هم المتهمون الثاني والثالث والرابع على حد قوله في أول الأمر أو أربعة أشخاص على حد قوله في موضع أخر من التحقيق وكان الرابع هو المتهم الأول الذي أسندوا إليه أنه حضر وقال "أضرب يا ولد" الأمر الذي يستفاد منه أن القتيل وهو أول من أصيب بإجماع أقوال الشهود قد حصل الاعتداء عليه في ظروف لا يمكن القول معها بتوافر حالة التجمهر من حيث النصاب العددي والذي هو خمسة أشخاص على الأقل. فإذا أضفنا إلى ذلك أن من اجتمع على أثر وقوع الحادث من الأهالي إنما اجتمع بدافع الفضول وحب الاستطلاع ومن ثم فقد ذهب إلى محل الحادث هو خالي الذهن من أي غرض إجرامي, لوضح أنه لا يمكن القول بإمكان توافر حالة التجمهر بشروطها القانونية ذلك أن المشاجرة التي وقعت بعد ذلك لم يكن يربطها غرض غير مشروع من الأغراض التي نصت عليها المادة الثانية من القانون رقم 10 لسنة 1914 وهو العنصر المميز لجريمة التجمهر والتي تقوم إلى جانب وجوب وجود غرض غير مشروع يسعى المتجمهرون إلى تنفيذه, وجوب علم المتجمهرين أيضا بهذا الغرض أو على الأقل قيام التوافق بينهم على تنفيذ مثل هذا الغرض وهو ما لم يقم الدليل عليه. يؤيد هذا النظر ما جاء على لسان ....... في التحقيقات من أن المتهم الرابع لما وصل إلى مكان الساقية طلب من والده "القتيل" حل الساقية وعدم الاستمرار في إدارتها حتى يتمكن هو أيضا من ري أرضه فأمهله القتيل نصف ساعة أخرى حتى يتم ري أرضه فحصلت بينهما المشاحنة التي أدت إلى قيام المشاجرة بين الطرفين. ودلالة هذا أن المتهم الرابع لما حضر هو ومن معه لم يكمن غرضه الاعتداء وإنما حصلت مشاورة بينه وبين القتيل بخصوص إنهاء الري من الساقية وأية ذلك أن القتيل استمهله حوالي نصف ساعة حتى ينتهي من ري أرضه وليس هذا شأن من يحضر بقصد الاعتداء من أول الأمر وإنما الاعتداء قد حصل بعد أن قامت المشاحنة لا قبل ذلك. ومعنى ذلك أن قيام المشاجرة ابن وقته ووليد ساعته دون تدبير سابق أو تصميم معقود العزم عليه من قبل. ويؤيد ذلك أيضا أن الاعتداء لو كان وليد تدبير سابق لما ترك فريق المتهمين الفريق الآخر يقوم بإدارة الساقية في الصباح المبكر حتى الساعة التاسعة صباحا ولكانوا سبقوهم في الصباح المبكر إلى مكان الساقية ومنعوهم من إدارتها. ومن ثم فإن المشاجرة لما قامت حصلت الاعتداءات خلالها دون أن يربط المعتدين غرض معين يسعون إليه أو يرغبون في تنفيذه, إنما حصلت هذه الاعتداءات بناء على دوافع شخصية دون أن يضم مقترفيها توافق يمكن أن يجعلهم جميعا مسئولين عنها دون تفريق. لما كان ذلك, وكان ما أورده الحكم من بيان عناصر وأركان جريمة التجمهر يتفق وصحيح القانون, ذلك أن المادتين الثانية والثالثة من القانون رقم 10 لسنة 1914 في شأن التجمهر حددتا شروط قيام التجمهر قانونا في أن يكون مؤلفا من خمسة أشخاص على الأقل وأن يكون الغرض منه ارتكاب جريمة أو منع أو تعطيل تنفيذ القوانين أو اللوائح أو التأثير على السلطات في أعمالها أو حرمان شخص من حرية العمل باستعمال القوة أو التهديد باستعمالها وأن مناط العقاب على التجمهر وشرط تضامن المتجمهرين في المسئولية عن الجرائم التي تقع تنفيذا للغرض منه هو ثبوت علمهم بهذا الغرض وما دامت المحكمة قد خلصت في حدود سلطتها التقديرية إلى عدم قيان الدليل على توافر العناصر القانونية لجريمة التجمهر واستندت في ذلك إلى أن المجني عليه الأول أصيب قبل اكتمال النصاب العددي اللازم لتوافر حالة التجمهر, وأن من قدم بعد ذلك من الآهلين إنما كان مدفوعا بعامل الفضول وحب الاستطلاع دون آن يتوافر الدليل على أن حضورهم كان مقرونا بأي غرض غير مشروع مما تنص المادة الثانية من قانون التجمهر على وجوب توافره وعلم المتجمهرين به أو قيام التوافق بينهم على تنفيذه فإن ما انتهى إليه الحكم في هذا الصدد يكون صحيحا والنعي عليه بدعوى توافر جريمة التجمهر من أقوال شهود الواقعة في غير محله
لما كان ذلك, وكان لمحكمة الموضوع أن تستخلص الواقعة وتتبينها على حقيقتها من أدلتها وعناصرها المختلفة وأن ترد الحادث إلى صورته الصحيحة من أدلتها وعناصرها المختلفة وأن ترد الحادث إلى صورته الصحيحة من مجموع الأدلة المطروحة عليها دون أن تتقيد في هذا التصوير بدليل بعينه وكانت المحكمة قد بينت أن الاعتداء الذي وقع على المجني عليه الأول القتيل كان وليد ساعته إثر المشاحنة التي قامت بينه وبين المطعون ضده الرابع حول حل الساقية وعدم الاستمرار في إدارتها حتى يتمكن بدوره من ري أرضه فلما استمهله القتيل بعض الوقت قامت المشاجرة بين الطرفين, وأضافت المحكمة إلى ذلك أنه لو كان الحادث وليد تدبير وتصميم سابق لما ترك المطعون ضدهم المجني عليه القتيل وفريقه يديرون الساقية منذ الصباح المبكر ومنعوا القتيل من إدارتها وهو تصوير سليم لواقعة الدعوى لا تناقض فيه. أما ما يثيره الطاعن من قصور الحكم عن تعليل حضور باقي المطعون ضدهم يحملون أسلحتهم من عصى غليظة وتعرضهم للمجني عليه ووصولهم إلى بغيتهم من منعهم من ري أرضهم رغم توافر عناصر جريمة التجمهر فمردود بأن المحكمة قد اطمأنت للأسباب السائغة التي أوردتها إلى أنه عقب مقتل المجني عليه الأول توجه بعض الأفراد العائلتين وبعض الأهالي إلى مكان الحادث تحدوهم الرغبة في استطلاع ما حدث وبدافع من الفضول فنشب الشجار بينهم ونتج عنه إصابات باقي المجني عليهم فلا يحق للطاعن بعد ذلك أن يصادر المحكمة في معتقدها وأن يتمسك بأن باقي المطعون ضدهم قد تجمعوا حاملين أسلحتهم من عصى غليظة متجهين إلى مكان الحادث بقصد الاعتداء على المجني عليهم, إذ لا يعدو ما يثيره في هذا الشأن أن يكون جدلا موضوعيا لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض. ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الوجه لا يكون له محل
وحيث إن مبنى الوجه الثاني من أوجه الطعن هو القصور والخطأ في القانون والخطأ في الإسناد ذلك أن الحكم إذ انتهى إلى عدم توافر أركان جريمة التجمهر اتجه إلى مساءلة كل منهم على حدة مع أن الثابت من الأوراق أن الجرائم التي نشأت عن التجمهر كما وردت في وصف التهمة كانت مقرونة بسبق الإصرار مما يوجب مساءلة المتهمين في الاعتداء على شخص معين عن النتائج الكاملة لهذا الاعتداء. يضاف إلى ذلك أن ما أثبته الحكم عن عناصر جريمة التجمهر وشروطها لا يتفق ومراد الشارع من قانون التجمهر. كما أخطأه التوفيق فيما أستند إليه من أقوال........ من أنه لم يتواجد وقت الاعتداء على القتيل سوى المطعون ضدهم الثاني والثالث والرابع, ثم الأول وهو ما استخلص منه عدم اكتمال النصاب العددي للتجمهر, مع أنها تخالف أقواله الثابتة في التحقيقات ومحضر الجلسة فضلا عن أنها لا تتفق مع ما أورده الحكم في موضع آخر من أن الاعتداء وقع بعد اكتمال هذا العدد بحضور أفراد عائلة العمدة حاملين أسلحتهم والذي أثبت على فهم خاطئ منه لواقعة الدعوى وأدلتها أنهم حضروا بدافع الفضول وحب الاستطلاع وأن العمدة أقبل على رأسهم بوصفه عمدة للبلدة لا بوصفه المحرض الأول لهذا التجمهر والمدبر له. كما يعيب الحكم أيضا أنه وقد ذهب إلى أن المتجمهرين حضروا إلى مكان الحادث بدافع الفضول لم يستطع تعليل الاعتداء الجسيم الذي نتج وفاة القتيل وإصابة أولاده بعاهات مستديمة, مع أن مؤدى هذه الجرائم أن المتجمهرين رموا إلى الحيلولة دون القتيل وأولاده ري أرضهم بالقوة
وحيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن أثبت عدم توافر أركان جريمة التجمهر خلص إلى أن الحادث وقع دون تصميم سابق في قوله "إن قيام المشاجرة كان ابن وقته ووليد ساعته دون تدبير سابق أو تصميم معقود العزم عليه من قبل", ثم استطر بعد ذلك إلى القول "إن المشاجرة لما وقامت حصلت الاعتداءات خلالها دون أن يربط المعتدين غرض معين يسعون إليه أو يرغبون في تنفيذه وإنما حصلت هذه الاعتداءات بناء على دوافع شخصية دون أن يضم مقترفيها توافق أن يجعلهم جميعا مسئولين عنها دون تفريق" ثم عرض الحكم إلى اتهام المطعون ضده الأول وهو عمدة البلدة بتدبير الحادث لسبق تدخله بين الفريقين في اليوم السابق وإلى ما قيل من تهديده القتيل بالأذى إن أدار المسقى ورد عليه في قوله "إن الفريقين المتنازعين لجآ إلى العمدة كما يحصل عادة لفض النزاع بينهما وأن العمدة هدد الفريقين معا إذا ارتكبا أي حماقة قد يؤدي إليها نزاعهما على الساقية وكانت هذه هي وسيلة لتسوية مثل هذا النزاع. ومن ثم فلا يمكن تحميل هذه الواقعة أكثر مما تحتمل خصوصا وقد وقع الحادث دون تدبير سابق بل كان وليد وقته وابن ساعته كما سلف البيان. أما ذهاب العمدة إلى محل الحادث فإنه أمر طبيعي تحتمه عليه واجبات وظيفته خصوصا وأنه لم يثبت أن العمدة ذهب على رأس فريقه للاعتداء كما أراد فريق المصابين أن يصور الحادث. أما ما أسند إلى المتهم الأول من أنه قال "اضرب يا ولد" أو أنه أمسك بالقتيل حتى يتمكن المتهمان الثاني والثالث من ضربه كما روى بعض الشهود فهو قول قصد به النكاية بالعمدة والكيد له باعتبار أنه كبير عائلته التي ينتمي إليها باقي المتهمين". ثم أوردت المحكمة بعد ذلك أقوال شهود الإثبات. وأفصحت عن عدم اطمئنانها إلى أقوالهم لما شابها من تضارب وما قام بينها وبين التقارير الطبية من تناقض آثار الشك في عقيدتها وولد لديها اعتقادا بأنهم كالوا الاتهام جزافا لفريق المطعون ضدهم بقصد النيل من أكبر عدد منهم. لما كان ذلك, وكان البحث في توافر ظرفي سبق الإصرار أو عدم توافره داخل تحت سلطة قاضي الموضوع يستنتجه من وقائع الدعوى وظروفها ما دام موجب هذه الوقائع والظروف لا يتنافى عقلا مع هذا الاستنتاج وما دامت المحكمة قد استخلصت في استدلال سائغ أن الحادث لم يكن وليد إصرار سابق بل حدث فجأة إثر المشاحنة التي قامت بين القتيل والمطعون ضدهم الثاني والثالث والرابع فإنها تكون قد فصلت في مسألة موضوعية لا رقابة لمحكمة النقض عليها. لما كان ذلك, وكان الثابت من الاطلاع على المفردات المضمومة أن ما أورده الحكم من أقوال الشاهد ............ . من أنه لم يكن موجودا وقت الاعتداء على القتيل سوى المطعون ضدهم الثاني والثالث والرابع ثم أضاف إليهم الأول له أصله الثابت في أوراق الدعوى مما ينفي عن الحكم قاله الخطأ في الإسناد, كما أنه لا تعارض بين ما أورده الحكم من أقوال هذا الشاهد وما ذكره الحكم في موضع أخر من حضور عدد من أفراد العائلتين وغيرهم من الأهالي بعد مقتل المجني عليه بدافع الفضول وقيام مشاجرة بين أفراد عناصر جريمة التجمهر بما لا يتفق ومراد الشارع من هذا القانون فقد سبق تناوله في الوجه الأول من وجهي الطعن. لما كان ذلك, وكان الحكم المطعون فيه قد أورد الأدلة السائغة التي أستند إليها والتي من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها من اطمئنانه إلى صحة إسناد الاتهام إلى المطعون ضدهم واطرح أدلة الإثبات المقدمة في الدعوى بعد أن داخلته الريبة في صحة عناصرها, وكان يكفي في المحاكمة الجنائية أن يتشكك القاضي في صحة إسناد التهمة إلى المتهمين لكي يقضي ببراءتهم إذ المرجع في ذلك إلى ما يطمئن إليه في تقدير الدليل ما دام الظاهر من الحكم أنه فحص الدعوى وأحاط بظروفها. لما كان ما تقدم, فإن ما يثيره الطاعن بشأن الأدلة التي أطرحتها المحكمة في حدود سلطتها المطلقة في التقدير لا يعدو أن يكون جدلا موضوعيا مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض, ومن ثم فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعينا رفضه ومصادرة الكفالة.