الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 11 فبراير 2018

الطعن 10319 لسنة 64 ق جلسة 8 / 1 / 1995 مكتب فني 46 ق 10 ص 101

جلسة 8 من يناير سنة 1995

برئاسة السيد المستشار/ عوض جادو نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد شتا وحسام عبد الرحيم وفتحي الصباغ نواب رئيس المحكمة وسمير مصطفى.

----------------

(10)
الطعن رقم 10319 لسنة 64 القضائية

(1) إعدام. نيابة عامة. نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها" "نظر الطعن والحكم فيه".
إثبات تاريخ تقديم مذكرة النيابة في قضايا الإعدام. غير لازم.
اتصال محكمة النقض بالدعوى المحكوم فيها بالإعدام بمجرد عرضها عليها دون التقيد بالرأي الذي ضمنته النيابة مذكرتها. أساس ذلك؟
(2) إثبات "شهود" "خبرة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". قتل عمد.
الدفاع بعدم وقوع الحادث في الوقت الذي حدده الشهود ووقوعه في وقت سابق بدلالة وجود الجثة في حالة التيبس الرمي التام رغم مضي أقل من يوم على القتل. جوهري. وجوب تحقيقه عن طريق المختص فنياً. إغفال ذلك. قصور وإخلال بحق الدفاع. سكوت الدفاع عن طلب دعوة أهل الفن صراحة لتحديد وقت وقوع الحادث الذي ينازع فيه. لا يقدح في اعتبار دفاعه جوهرياً. منازعته فيه تتضمن بذاتها المطالبة الجازمة بتحقيق هذا الدفاع والرد عليه.
حدود سلطة المحكمة في تقدير القوة التدليلية لعناصر الدعوى؟

----------------
1 - لما كانت النيابة العامة قد عرضت القضية على هذه المحكمة مشفوعة بمذكرة - رأت فيها إقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليه... - إعمالاً لنص المادة 46 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 دون إثبات تاريخ تقديمها بحيث يستدل منه على أنه روعي فيها عرض القضية في ميعاد الستين يوماً المحددة في المادة 34 من ذلك القانون والمعدلة بالقانون رقم 23 لسنة 1992 إلا أنه لما كان تجاوز هذا الميعاد - على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - لا يترتب عليه عدم قبول عرض النيابة بل إن محكمة النقض تتصل بالدعوى بمجرد عرضها عليها لتفصل فيها وتتبين من تلقاء نفسها ودون أن تتقيد بالرأي الذي ضمنته النيابة مذكرتها - ما عسى أن يكون قد شاب الحكم من عيوب، يستوي في ذلك أن يكون عرض النيابة في الميعاد المحدد أو بعد فواته، فإنه يتعين قبول عرض النيابة العامة للقضية.
2 - لما كان يبين من محاضر جلسات المحاكمة أن المدافع عن الطاعنين أشار إلى عدم وقوع الحادث في الوقت الذي حدده الشهود وقوعه في وقت سابق بدلالة وجود الجثة في حالة التيبس الرمي التام رغم مضي أقل من يوم على القتل كما يبين من الحكم المطعون فيه أنه نقل عن تقرير الصفة التشريحية أن إصابات المجني عليه جائزة الحدوث وفق تصوير شهود الواقعة وفي تاريخ يتفق وتاريخ الحادث وأحال في الرد على دفاع الطاعنين بشأن وقت وقوع الحادث إلى ما أورده من تقرير الصفة التشريحية. لما كان ذلك وكان الدفاع الذي أبداه الطاعنان في الدعوى المطروحة - على ما سلف بيانه - يعد دفاعاً جوهرياً لتعلقه بالدليل المقدم فيها والمستمد من أقوال شهود الإثبات ومن تقرير الصفة التشريحية وهو دفاع قد ينبني عليه - لو صح - تغيير وجه الرأي في الدعوى مما كان يقتضي من المحكمة وهي تواجه مسألة تحديد وقت الوفاة وهي مسألة فنية بحته أن تتخذ ما تراه من الوسائل لتحقيقها بلوغاً إلى غاية الأمر فيها بتحقيق هذا الدفاع الجوهري عن طريق المختص فنياً وهو الطبيب الشرعي أما وهي لم تفعل فإن حكمها يكون معيباً بالقصور فضلاً عن الإخلال بحق الدفاع ولا يقدح في هذا أن يسكت الدفاع عن طلب دعوة أهل الفن صراحة، ذلك بأن منازعة الطاعنين في تحديد الوقت الذي وقع فيه الحادث وحدثت فيه الوفاة يتضمن في ذاته المطالبة الجازمة بتحقيقه والرد عليه بما يفنده. ولا يرفع هذا العوار ما أورده الحكم من رد قاصر لا يغني في مقام التحديد لأمر يتطلبه ذلك وأنهأنهأن وإن كان الأصل أن المحكمة لها كامل السلطة في تقدير القوة التدليلية لعناصر الدعوى المطروحة على بساط البحث إلا أن هذا مشروط بأن تكون المسألة المطروحة ليست من المسائل الفنية البحتة التي لا تستطيع المحكمة بنفسها أن تشق طريقاً لإبداء الرأي فيها كما هو الحال في خصوصية الدعوى المطروحة.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما 1 - قتلا... عمداً مع سبق الإصرار والترصد بأن بيتا النية وعقدا العزم على قتله وأعدا لهذا الغرض سلاحاً نارياً "مسدس" وتوجها إليه في المكان الذي أيقنا سلفاً وجوده فيه وما أن ظفرا به حتى أطلق عليه الأول عدة أعيرة نارية بينما وقف الثاني ليشد من أزره قاصدين من ذلك قتله فأحدثا به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته. 2 - المتهم الأول أيضاً: أحرز بغير ترخيص سلاحاً نارياً مششخناً "مسدس". 3 - أحرز ذخائر (عدة طلقات) مما تستعمل في السلاح الناري سالف الذكر دون أن يكون مرخصاً له في حيازته أو إحرازه. وأحالتهما إلى محكمة جنايات سوهاج لمعاقبتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. وادعى والد المجني عليه مدنياً قبل المتهم بمبلغ 5001 جنيه على سبيل التعويض المؤقت. والمحكمة المذكورة قررت إرسال أوراق القضية إلى فضيلة مفتي جمهورية مصر العربية لإبداء الرأي فيها وحددت جلسة للنطق بالحكم. وبالجلسة المحددة قضت حضورياً وبإجماع الآراء عملاً بالمادتين 230، 231 من قانون العقوبات والمواد 1/ 1، 6، 26/ 2، 5، 30/ 1 من القانون رقم 394/ 1954 المعدل بالقانونين رقمي 26 لسنة 1978، 165 لسنة 1981 والبند "أ" من القسم الأول من الجدول رقم "3" الملحق بالقانون الأول مع إعمال المادة 32/ 2 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم الأول بالإعدام شنقاً وبمعاقبة المتهم الثاني بالأشغال الشاقة المؤبدة وإلزامهما بأن يؤديا للمدعي بالحقوق المدنية مبلغ خمسة آلاف وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت.
فطعن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض، كما عرضت النيابة العامة القضية مشفوعة بمذكرة بالرأي... إلخ.


المحكمة

حيث إن النيابة العامة قد عرضت القضية على هذه المحكمة مشفوعة بمذكرة - رأت فيها إقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليه... - إعمالاً لنص المادة 46 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 دون إثبات تاريخ تقديمها بحيث يستدل منه على أنه روعي فيها عرض القضية في ميعاد الستين يوماً المحددة في المادة 34 من ذلك القانون والمعدلة بالقانون رقم 23 لسنة 1992 إلا أنه لما كان تجاوز هذا الميعاد - على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - لا يترتب عليه عدم قبول عرض النيابة بل إن محكمة النقض تتصل بالدعوى بمجرد عرضها عليها لتفصل فيها وتتبين من تلقاء نفسها - ودون أن تتقيد بالرأي الذي ضمنته النيابة مذكرتها - ما عسى أن يكون قد شاب الحكم من عيوب، يستوي في ذلك أن يكون عرض النيابة في الميعاد المحدد أو بعد فواته، فإنه يتعين قبول عرض النيابة العامة للقضية.
وحيث إن مما ينعاه الطاعنان على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهما بجريمة القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد قد شابه القصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع ذلك أنه أغفل دفاعهما القائم على عدم وقوع الحادث في الوقت الذي حدده الشهود بدلالة وجود الجثة في حالة التيبس الرمي التام رغم مضي أقل من يوم على الوفاة ولم يعن بتحقيقه عن طريق المختص فنياً مما يعيبه ويستوجب نقضه.
ومن حيث إنه يبين من محاضر جلسات المحاكمة أن المدافع عن الطاعنين أشار إلى عدم وقوع الحادث في الوقت الذي حدده الشهود ووقوعه في وقت سابق بدلالة وجود الجثة في حالة التيبس الرمي التام رغم مضي أقل من يوم على القتل كما يبين من الحكم المطعون فيه أنه نقل عن تقرير الصفة التشريحية أن إصابات المجني عليه جائزة الحدوث وفق تصوير شهود الواقعة وفي تاريخ يتفق وتاريخ الحادث، وأحال في الرد على دفاع الطاعنين بشأن وقت وقوع الحادث إلى ما أورده من تقرير الصفة التشريحية. لما كان ذلك وكان الدفاع الذي أبداه الطاعنان في الدعوى المطروحة - على ما سلف بيانه - يُعد دفاعاً جوهرياً لتعلقه بالدليل المقدم فيها والمستمد من أقوال شهود الإثبات ومن تقرير الصفة التشريحية وهو دفاع قد ينبني عليه - لو صح - تغيير وجه الرأي في الدعوى مما كان يقتضي من المحكمة وهي تواجه مسألة تحديد وقت الوفاة وهي مسألة فنية بحتة أن تتخذ ما تراه من الوسائل لتحقيقها بلوغاً إلى غاية الأمر فيها بتحقيق هذا الدفاع الجوهري عن طريق المختص فنياً وهو الطبيب الشرعي أما وهي لم تفعل فإن حكمها يكون معيباً بالقصور فضلاً عن الإخلال بحق الدفاع، ولا يقدح في هذا أن يسكت الدفاع عن طلب دعوة أهل الفن صراحة، ذلك بأن منازعة الطاعنين في تحديد الوقت الذي وقع فيه الحادث وحدثت فيه الوفاة يتضمن في ذاته المطالبة الجازمة بتحقيقه والرد عليه بما يفنده. ولا يرفع هذا العوار ما أورده الحكم من رد قاصر لا يغني في مقام التحديد لأمر يتطلبه ذلك وأنه وإن كان الأصل أن المحكمة لها كامل السلطة في تقدير القوة التدليلية لعناصر الدعوى المطروحة على بساط البحث إلا أن هذا مشروط بأن تكون المسألة المطروحة ليست من المسائل الفنية البحتة التي لا تستطيع المحكمة بنفسها أن تشق طريقاً لإبداء الرأي فيها كما هو واقع الحال في خصوصية الدعوى المطروحة. لما كان ما تقدم، فإن الحكم المطعون فيه يكون معيباً بما يوجب نقضه والإعادة دون حاجة لبحث سائر أوجه الطعن.

الطعن 7979 لسنة 64 ق جلسة 5 / 1 / 1995 مكتب فني 46 ق 9 ص 94

جلسة 5 من يناير سنة 1995

برئاسة السيد المستشار/ محمد يحيى رشدان نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ صلاح البرجي ومجدي الجندي وحسين الشافعي وحسن أبو المعالي أبو النصر نواب رئيس المحكمة.

----------------

(9)
الطعن رقم 7979 لسنة 64 القضائية

(1) إثبات "اعتراف". إكراه. دفوع "الدفع ببطلان الاعتراف للإكراه". بطلان. دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
الدفع ببطلان الاعتراف لصدوره تحت تأثير إكراه. جوهري. وجوب مناقشته والرد عليه سواء وقع الإكراه على المتهم المعترف أو على غيره من المتهمين. متى عول الحكم عليه في الإدانة.
الاعتراف الذي يعول عليه. شرطه؟
الوعيد أو الإغراء يعد قرينة الإكراه والتهديد. علة ذلك؟
تعويل المحكمة على الدليل المستمد من الاعتراف. يوجب عليها بحث الصلة بينه وبين الإكراه المقول بحصوله. إغفالها ذلك. يعيب الحكم.
(2) إثبات "بوجه عام".
تساند الأدلة في المواد الجنائية. مؤداه؟
(3) نيابة عامة. إعدام. عقوبة. نقض "ميعاده". قتل عمد.
قبول عرض النيابة العامة لقضايا الإعدام ولو تجاوزت الميعاد المقرر في القانون. علة ذلك؟
(4) نيابة عامة. عقوبة. إعدام. قتل عمد. محكمة النقض "سلطتها".
اتصال محكمة النقض بالدعوى المحكوم فيها بالإعدام بمجرد عرضها عليها. سواء قدمت النيابة مذكرة برأيها أو لم تقدم.
وظيفة محكمة النقض. في شأن الأحكام الصادرة بالإعدام؟
(5) إجراءات "إجراءات المحاكمة". محاماة. محكمة الجنايات "الإجراءات أمامها". بطلان. دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما يوفره".
حضور محام مع المتهم بجناية أمام محكمة الجنايات للدفاع عنه. واجب.
اختصاص المحامين المقبولين للمرافعة أمام محكمة الاستئناف أو المحاكم الابتدائية دون غيرهم بالمرافعة أمام محكمة الجنايات. المادة 377 إجراءات. تعذر التثبت أن المحاميين اللذين توليا الدفاع عن الطاعنين مقبولين للمرافعة أمام محكمة الجنايات. أثره: بطلان إجراءات المحاكمة.

------------------
1 - لما كان الدفع ببطلان الاعتراف هو دفع جوهري يجب على محكمة الموضوع مناقشته والرد عليه رداً سائغاً يستوي في ذلك أن يكون المتهم المقر هو الذي وقع عليه الإكراه أو يكون قد وقع على غيره من المتهمين ما دام الحكم قد عول في قضائه بالإدانة على هذا الاعتراف وأن الاعتراف الذي يعتد به يجب أن يكون اختيارياً صادراً عن إرادة حرة فلا يصح التعويل على الاعتراف - ولو كان صادقاً - متى كان وليد إكراه أو تهديد كائناً ما كان قدره وكان الوعيد أو الإغراء يعد قرين الإكراه والتهديد لأن له تأثيره على حرية المتهم في الاختيار بين الإنكار أو الاعتراف ويؤدي إلى حمله على الاعتقاد بأنه قد يجني من وراء الاعتراف فائدة أو يتجنب ضرراً، مما كان يتعين معه على المحكمة وقد دفع أمامها بأن اعتراف الطاعن الأول نتيجة إكراه مادي تمثل في تعذيبه وإكراه أدبي تعرض له تمثل في التهديد باستحضار زوجته وشقيقاته إلى ديوان الشرطة إذا أنكر والوعد بتجنيبه ما هدد به في حالة إدلائه بالاعتراف أن تتولى هي تحقيق هذا الدفاع وتبحث الصلة بين الإكراه وسببه وعلاقته بأقواله فإن هي نكلت عن ذلك ولم تعرض البتة للصلة بين التهديد والوعد وبين اعترافه الذي عولت عليه وتقول كلمتها فيه فإن حكمها يكون معيباً بالإخلال بحق الدفاع فضلاً عن القصور.
2 - من المقرر أن الأدلة في المواد الجنائية متساندة يشد بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة القاضي بحيث إذا سقط إحداها أو استبعد تعذر التعرف على مبلغ الأثر الذي كان لهذا الدليل الباطل في الرأي الذي انتهت إليه المحكمة.
3 - من المقرر أن النيابة العامة ولئن كانت قد عرضت هذه القضية على محكمة النقض مشفوعة بمذكرة برأيها في الحكم عملاً بنص المادة 46 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض بعد ميعاد الستين يوماً المبين في المادة 34 من القانون سالف الذكر بعد تعديلها بالقانون رقم 23 لسنة 1992 - وطلبت إقرار الحكم إلا أن تجاوز الميعاد المذكور لا يترتب عليه عدم قبول عرض النيابة ذلك لأن المشرع إنما أراد بتحديده مجرد وضع قاعدة تنظيمية وعدم ترك الباب مفتوحاً إلى غير نهاية والتعجيل بعرض الأحكام الصادرة بالإعدام على محكمة النقض في كل الأحوال متى صدر الحكم حضورياً.
4 - من المقرر أن محكمة النقض تتصل بالدعوى بمجرد عرضها عليها طبقاً للمادة 46 من القانون رقم 57 لسنة 1959 سالف البيان وتفصل فيها لتستبين عيوب الحكم من تلقاء نفسها سواء قدمت النيابة مذكرة برأيها أو لم تقدم وسواء قدمت هذه المذكرة قبل فوات الميعاد المحدد للطعن أو بعده ومفاد ذلك أن وظيفة محكمة النقض في شأن الأحكام الصادرة بالإعدام ذات طبيعة خاصة تقتضيها إعمال رقابتها على عناصر الحكم كافة موضوعية وشكلية وتقضي بنقض الحكم في أية حالة من حالات الخطأ في القانون أو البطلان ولو من تلقاء نفسها غير مقيدة في ذلك بحدود أوجه الطعن أو مبنى الرأي الذي تعرض به النيابة العامة تلك الأحكام وذلك هو المستفاد من الجمع بين الفقرة الثانية من المادة 35 والفقرتين الثانية والثالثة من المادة 39 من القانون رقم 57 لسنة 1959 المشار إليه.
5 - لما كان من المقرر وجوب حضور محام مع المتهم بجناية أمام محكمة الجنايات يتولى الدفاع عنه وكانت المادة 377 من قانون الإجراءات الجنائية تقضي بأن المحامين المقبولين للمرافعة أمام محكمة الاستئناف أو المحاكم الابتدائية يكونون مختصين دون غيرهم للمرافعة أمام محكمة الجنايات وكان يبين من كتابي نقابة المحامين المرفقين عدم الاستدلال على اسمي هذين المحاميين بجدول النقابة نظراً لأن الاسم ثنائي لكل منهما ومن ثم تعذر لهذه المحكمة الوقوف على استيفاء كل منهما لشرائط المرافعة أمام محكمة الجنايات فإن إجراءات المحاكمة تكون قد وقعت باطلة بما يعيب الحكم.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما قتلا... عمداً مع سبق الإصرار بأن عقدا العزم وبيتا النية على قتله وأعدا لذلك جراراً زراعياً ثم استدرجته المتهمة الثانية للمبيت بمكان الحادث وما أن اطمأنت لاستغراقه في النوم حتى قام المتهم الأول بدهمه بالجرار الزراعي قاصدين من ذلك قتله فأحدثا به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته وأحالتهما إلى محكمة جنايات المنصورة لمعاقبتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. وادعى شقيق المجني عليه بصفته وصياً على أولاد أخيه القصر وهم... و... و... مدنياً قبل المتهمين بمبلغ 250 جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت. والمحكمة المذكورة قررت حضورياً إحالة أوراق المتهمين إلى فضيلة مفتي الجمهورية لإبداء الرأي فيها وحددت جلسة للنطق بالحكم، وبالجلسة المحددة قضت حضورياً وبإجماع الآراء عملاً بالمادتين 230، 231 من قانون العقوبات مع إعمال المادة 13 من ذات القانون بمعاقبة المتهمين بالإعدام شنقاً وإلزامهما بأن يؤديا إلى المدعي بالحقوق المدنية بصفته مبلغ 250 جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت.
فطعن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض، كما عرضت النيابة العامة القضية بمذكرة مشفوعة بالرأي... إلخ.


المحكمة

من حيث إن مما تنعاه الطاعنة الثانية على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانها - والطاعن الأول - بجريمة القتل العمد مع سبق الإصرار فقد شابه قصور في التسبيب وإخلال بحق الدفاع ذلك بأن المحكمة وقد عولت في إدانتهما ضمن ما عولت عليه على الدليل المستمد من اعتراف الطاعن الأول بالتحقيقات فإنها لم ترد على ما أثاره المدافع عنه من بطلان هذا الاعتراف لصدوره تحت تأثير الإكراه والتعذيب والتهديد وهذا ما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
ومن حيث إنه يبين من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة بتاريخ 12 من ديسمبر سنة 1993 أن المدافع عن الطاعن الأول قد دفع ببطلان كافة إجراءات الدعوى بما فيها اعتراف المتهم "على أساس ممارسة ضابط الشرطة التعذيب ضد المتهم" في فترة سابقة على تحرير محضر التحريات وممارسته الضغط عليه بتهديده باستحضار زوجته وشقيقاته إلى ديوان الشرطة لفعل ما لا يمكن أن يقال ولتواجده حال التحقيق مع المتهم وإفهامه بضرورة سرد الاعتراف وإلا سيتعرض لتنفيذ ما هدد به من قبل وألا يظن المتهم أنه أصبح بمنأى عنه وطلبه استدعاء الضابط لمناقشته في تلك الأمور وفي قوله "وإن الاعتراف للأخذ به له شروط أن يكون وليد إرادة حرة سليمة خالية من كل العيوب" وقوله "وأن المتهم أمليت عليه أقواله أملى عليه الاعتراف" ويبين من الحكم المطعون فيه أنه استند فيما استند إليه في إدانة الطاعنين إلى اعتراف الطاعن الأول في تحقيق النيابة - لما كان ذلك وكان من المقرر أن الدفع ببطلان الاعتراف هو دفع جوهري يجب على محكمة الموضوع مناقشته والرد عليه رداً سائغاً يستوي في ذلك أن يكون المتهم المقر هو الذي وقع عليه الإكراه أو يكون قد وقع على غيره من المتهمين ما دام الحكم قد عول في قضائه بالإدانة على هذا الاعتراف وأن الاعتراف الذي يعتد به يجب أن يكون اختيارياً صادراً عن إرادة حرة فلا يصح التعويل على الاعتراف - ولو كان صادقاً - متى كان وليد إكراه أو تهديد كائناً ما كان قدره وكان الوعيد أو الإغراء يعد قرين الإكراه والتهديد لأنه له تأثيره على حرية المتهم في الاختيار بين الإنكار أو الاعتراف ويؤدي إلى حمله على الاعتقاد بأنه قد يجني من وراء الاعتراف فائدة أو يتجنب ضرراً مما كان يتعين معه على المحكمة وقد دفع أمامها بأن اعتراف الطاعن الأول نتيجة إكراه مادي تمثل في تعذيبه وإكراه أدبي تعرض له تمثل في التهديد باستحضار زوجته وشقيقاته إلى ديوان الشرطة إذا أنكر والوعد بتجنيبه ما هدد به في حالة إدلائه بالاعتراف أن تتولى هي تحقيق هذا الدفاع وتبحث الصلة بين الإكراه وسببه وعلاقته بأقواله فإن هي نكلت عن ذلك ولم تعرض البتة للصلة بين التهديد والوعد وبين اعترافه الذي عولت عليه وتقول كلمتها فيه فإن حكمها يكون معيباً بالإخلال بحق الدفاع فضلاً عن القصور ولا يغني عن ذلك ما أورده الحكم من أدلة أخرى إذ أن الأدلة في المواد الجنائية متساندة يشد بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة القاضي بحيث إذا سقط إحداها أو استبعد تعذر التعرف على مبلغ الأثر الذي كان لهذا الدليل الباطل في الرأي الذي انتهت إليه المحكمة الأمر الذي يتعين معه نقض الحكم المطعون فيه والإعادة بالنسبة للطاعنين معاً.
ومن حيث إن النيابة العامة ولئن كانت قد عرضت هذه القضية على محكمة النقض مشفوعة بمذكرة برأيها في الحكم عملاً بنص المادة 46 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض بعد ميعاد الستين يوماً المبين في المادة 34 من القانون سالف الذكر بعد تعديلها بالقانون رقم 23 لسنة 1992 - وطلبت إقرار الحكم إلا أن تجاوز الميعاد المذكور لا يترتب عليه عدم قبول عرض النيابة ذلك لأن المشرع إنما أراد بتحديده مجرد وضع قاعدة تنظيمية وعدم ترك الباب مفتوحاً إلى غير نهاية والتعجيل بعرض الأحكام الصادرة بالإعدام على محكمة النقض في كل الأحوال متى صدر الحكم حضورياً كما أن من المقرر أن محكمة النقض تتصل بالدعوى بمجرد عرضها عليها طبقاً للمادة 46 من القانون رقم 57 لسنة 1959 سالف البيان وتفصل فيها لتستبين عيوب الحكم من تلقاء نفسها سواء قدمت النيابة مذكرة برأيها أو لم تقدم وسواء قدمت هذه المذكرة قبل فوات الميعاد المحدد للطعن أو بعده - ومفاد ذلك أن وظيفة محكمة النقض في شأن الأحكام الصادرة بالإعدام ذات طبيعة خاصة تقتضيها إعمال رقابتها على عناصر الحكم كافة موضوعية وشكلية وتقضي بنقض الحكم في أية حالة من حالات الخطأ في القانون أو البطلان ولو من تلقاء نفسها غير مقيدة في ذلك بحدود أوجه الطعن أو مبنى الرأي الذي تعرض به النيابة العامة تلك الأحكام وذلك هو المستفاد من الجمع بين الفقرة الثانية من المادة 35 والفقرتين الثانية والثالثة من المادة 39 من القانون رقم 57 لسنة 1959 المشار إليه لما كان ذلك، وكان يبين من الاطلاع على الحكم المطعون فيه ومحاضر جلسات المحاكمة أنه حضر مع الطاعن الأول أمام محكمة الجنايات الأستاذ/ ... المحامي كما حضر مع الطاعنة الثانية الأستاذ/ ... المحامي وهما اللذان شهدا المحاكمة وقاما بالدفاع عنهما - ولما كان من المقرر وجوب حضور محام مع المتهم بجناية أمام محكمة الجنايات يتولى الدفاع عنه وكانت المادة 377 من قانون الإجراءات الجنائية تقضي بأن المحامين المقبولين للمرافعة أمام محكمة الاستئناف أو المحاكم الابتدائية يكونون مختصين دون غيرهم للمرافعة أمام محكمة الجنايات وكان يبين من كتابي نقابة المحامين المرفقين عدم الاستدلال على اسمي هذين المحاميين بجدول النقابة نظراً لأن الاسم ثنائي لكل منهما ومن ثم تعذر لهذه المحكمة الوقوف على استيفاء كل منهما لشرائط المرافعة أمام محكمة الجنايات فإن إجراءات المحاكمة تكون قد وقعت باطلة بما يعيب الحكم أيضاً ويوفر سبباً آخر لنقضه الأمر الذي يتعين معه قبول عرض النيابة العامة للقضية ونقض الحكم الصادر بإعدام الطاعنين والإعادة.

الطعن 1515 لسنة 57 ق جلسة 5 / 1 / 1995 مكتب فني 46 ق 8 ص 84

جلسة 5 من يناير سنة 1995

برئاسة السيد المستشار/ صلاح البرجي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ مجدي الجندي وحسين الشافعي ومحمد حسين وإبراهيم الهنيدي نواب رئيس المحكمة.   

-----------------

(8)
الطعن رقم 1515 لسنة 57 القضائية

(1) سرقة "سرقة بإكراه". نقض "الطعن للمرة الثانية". محكمة النقض "نظرها موضوع الدعوى". تداخل في وظيفة عمومية.
مثال لحكم صادر بالإدانة في جريمة السرقة بإكراه وتداخل وظيفة عمومية صادر من محكمة النقض لدى نظرها موضوع الدعوى.
(2) جريمة "أركانها". سرقة "سرقة بإكراه". إكراه.
التسليم الذي ينتفي به ركن الاختلاس في السرقة. شرطه: أن يكون برضاء حقيقي يقصد به التخلي عن الحيازة.
المهم في جريمة السرقة عدم الرضا لا عدم العلم. يستوي أن يكون الإكراه سابقاً على السرقة أو لاحقاً عليها ما دام بقصد الهروب بالمسروقات.
مثال.
(3) إكراه. ظروف مشددة. فاعل أصلي. اشتراك. جريمة "أركانها". مسئولية جنائية.
الإكراه. ظرف عيني. يتعلق بالأركان المادية للجريمة. سريانه في حق كل من ساهموا فيها ولو كان وقوعه من أحد المتهمين دون الباقين.
(4) عقوبة "عقوبة الجرائم المرتبطة". ارتباط. سرقة "سرقة بإكراه". محكمة النقض "نظرها موضوع الدعوى". تداخل في وظيفة عمومية. نقض "نظره والحكم فيه".
ارتباط جريمتي السرقة بإكراه وتداخل في وظيفة عمومية المسندتين إلى المتهم وآخرين ارتباطاً لا يقبل التجزئة. وجوب اعتبارهما جريمة واحدة والحكم بالعقوبة المقررة لأشدهم. المادة 32/ 2 عقوبات.

------------------
1 - لما كانت واقعة الدعوى حسبما استخلصتها المحكمة من مطالعة أوراقها وما تم فيها من تحقيقات وما دار بشأنها بالجلسة تتحصل في أن اتفاقاً قد تم بين المتهم الماثل - ... - والمتهمين الثلاثة الآخرين الذين سبق الحكم عليهم على أن يكونوا فيما بينهم تشكلاً عصابياً ينتحلون فيه صفة رجال المباحث حتى يتمكنوا من الاستيلاء على نقود من يصادفهم من المواطنين وسرقتهم بالإكراه، وتنفيذاً لهذا الاتفاق فقد استقل الأربعة في ليلة 13 من أغسطس سنة 1982 السيارة الأجرة رقم... القاهرة بقيادة واحد منهم بعد أن وزعت الأدوار فيما بينهم بأن ينتحل المتهم الماثل صفة ضابط المباحث وآخر صفة رقيب شرطة بينما يكون دور أحدهم هو سب نظام الحكم القائم، ليستدرج بذلك من يستقل معهم السيارة حتى يتم لهم تخويفه ثم الاستيلاء على نقوده، وفي مدينة... كان المجني عليه... وصاحبه... يبغيان العودة إلى بلدتهما... فاستقلا سيارة المتهمين وفي الطريق نفذ من كان عليه سب نظام الحكم ما تم الاتفاق عليه فانبرى له المنتحل من بينهم لصفة رقيب الشرطة وصفعه على وجهه معلناً أن ضابط المباحث يستقل السيارة - وحينئذ أمره المتهم الماثل الموكول إليه القيام بهذا الدور الأخير أن يجعل المجني عليه وصاحبه يخرجان ما معهما من أوراق وأمتعة ونقود، فأخرج الأول مبلغ ألف وعشرين جنيهاً استولى عليها وسلمها للمتهم الماثل الذي قام باحتجازه ورفض إعادته لصاحبه ولما أصر الأخير على استرداده أمره بمغادرة السيارة، فلما تشبث بها أثناء نزوله منها طعنه من قام بدور رقيب الشرطة بمطواة وأحدث به إصابته المبينة بالتقرير الطبي المرفق، فخارت قواه وسقط أرضاً، وانطلقت السيارة بالمتهم الماثل والثلاثة الآخرين هاربين. وقد اعترف المتهم الماثل والثلاثة الآخرون في تحقيقات النيابة العامة بارتكابهم الحادث وبالدور الذي قام به كل منهم خلال ارتكابه.
ومن حيث إن الواقعة على تلك الصورة المتقدمة قام الدليل على صحتها وثبوتها بيقين في حق المتهم الماثل - ... - من شهادة كل من المجني عليه... و...، ومن اعتراف المتهم وزملائه تفصيلاً في تحقيقات النيابة العامة بارتكاب الحادث، وبما ثبت من التقرير الطبي الموقع على المجني عليه... ومما دلت عليه تحريات الشرطة. إذ شهد المجني عليه... بأنه وصاحبه... كان يبغيان العودة إلى بلدتهما... يوم 13 أغسطس سنة 1982، وأثناء وقوفهما أمام المعهد الديني بمدينة... وكانت الساعة التاسعة والنصف مساء وقفت سيارة أجرة يستقلها أربعة - منهم المتهم الماثل - وعرضوا توصيلهما إلى بلدتهما، وفي الطريق دار حديث من أحد أولئك الأربعة أخذ فيه يسب نظام الحكم القائم، وحينئذ انبرى له آخر من الباقين وصفعه على وجهه مخبراً إياه بأنه رقيب شرطة وأن المتهم الماثل ضابط مباحث، وهنا طلب هذا الأخير من سابقه أن يقوم بتفتيش من بالسيارة وإذ فتش... الشاهد الثاني - عثر معه على مبلغ جنيهين أعيد إليه بعد ذلك، بينما عثر معه على مبلغ ألف وعشرين جنيهاً استولى عليها وسلمها للمتهم الماثل الذي رفض إعادة هذا المبلغ إليه عندما طالبه بذلك، ولما أصر على استرداده أمره بالنزول من السيارة إلا أنه تشبث بها أثناء نزوله منها مستغيثاً، فقام الذي تولى تفتيشه من أولئك الأربعة بطعنه بمطواة وأحدث به الإصابات المبينة بالتقرير الطبي المرفق فخارت قواه وسقط أرضاً وانطلقت السيارة بالمتهم الماثل ورفاقه الثلاثة هاربين بها. وشهد... بركوبه وصاحبه الشاهد الأول للسيارة الأجرة التي كان يستقلها المتهم الماثل وزملاؤه الثلاثة الآخرون وبتفتيشه عثر معه على مبلغ جنيهين ردا إليه، وأنه بتفتيش المجني عليه عثر معه على مبلغ ألف وعشرين جنيهاً تم الاستيلاء عليها وأنه أنزل من السيارة واضطر لركوب سيارة أخرى وفي الطريق أبصر بالمجني عليه ملقى على الأرض مصاباً فنقله إلى المستشفى وأضاف أن - المجني عليه أخبره بما فعله المتهمون قبله على النحو الذي أوراه في شهادته. واعترف المتهم الماثل بتحقيقات النيابة العامة أن اتفاقاً تم بينه وبين باقي المتهمين على أن يستقلوا سيارة يقودها أحدهم، ووزعت بينهم الأدوار، بأن ينتحل هو صفة ضابط المباحث وآخر صفة رقيب شرطة ويقوم ثالثهم بسب نظام الحكم القائم ليستدرج من يستقل معهم السيارة، ويتمكنوا بذلك من الاستيلاء على نقوده، وأن المجني عليه... - وزميله - ... استقلا السيارة من مدينة المنصورة ونفذت الخطة فقام من كان عليه سب نظام الحكم بالسب فصفعه منتحل صفة رقيب الشرطة على وجهه منبهاً إلى وجوده كضابط مباحث - وقد أمره بتفتيش الراكبين بحثاً عن ممنوعات، فنفذ المنتحل لصفة رقيب الشرطة الأمر، واستولى من المجني عليه على مبلغ من المال كان معه وسلمه له، ولما طالبه المجني عليه برده أمره بالنزول من السيارة - وكان قد أنزل صاحبه من قبل - فتشبث المجني عليه بالسيارة أثناء نزوله منها - فطعنه المنتحل لصفة رقيب الشرطة بمطواة وأنزله عنوة في الطريق ثم قام هو بتوزيع المبلغ على زملائه الذين اعترفوا بالتحقيقات بهذا المضمون ودلت تحريات المباحث أن المتهم الماثل وزملائه الثلاثة الآخرين هم مرتكبوا الحادث وأنهم قد اتفقوا فيما بينهم على تكوين تشكيل عصابي ينتحلون فيه صفة رجال المباحث وذلك ليتمكنوا من الاستيلاء على نقود من يصادفهم من المواطنين وسرقتها مستخدمين السيارة الأجرة قيادة أحدهم ونفاذاً لهذا الاتفاق فقد استقلوا السيارة الأجرة رقم... القاهرة قيادة واحد منهم، وزعت عليهم الأدوار فيما بينهم بأن انتحل المتهم الماثل صفة ضابط المباحث وآخر صفة رقيب شرطة والأخير منهم يكون دوره سب نظام الحكم القائم ليستدرج بذلك من يستقل معهم السيارة حتى يتم تخويفه والاستيلاء على نقوده. ونفذ الاتفاق، ووقع الحادث طبقاً لتصوير الشاهدين الأول والثاني المتقدم بيانه. وثبت من التقرير الطبي أن المجني عليه... مصاب بجرح قطعي أعلى الجفن الأيسر العلوي طوله 3 سم، وجرح أسفل الفك الأيسر طوله 3 سم. وبجلسات المحاكمة السابقة أنكر المتهم ما أسند إليه، وأمام هذه المحكمة التزم الصمت وقال المحامي الحاضر معه أن تسليم المجني عليه للمبلغ كان نتيجة خدعة وهي إيهام المجني عليه بأن المتهم وزميله من رجال المباحث والتسليم على هذا الأساس اختيارياً والتمس الحكم ببراءة المتهم واحتياطياً استعمال الرأفة معه. والمحكمة تلتفت عن إنكار المتهم السابق اقتناعاً منها بما أوردته من أدلة تستند إلى أصل ثابت في أوراق الدعوى.
2 - من المقرر أن التسليم الذي ينفي ركن الاختلاس في جريمة السرقة يجب أن يكون برضاء حقيقي من واضع اليد مقصوداً به التخلي عن الحيازة حقيقة، وعدم الرضا - لا عدم العلم - هو الذي يهم في جريمة السرقة، والحاصل في هذه الدعوى أن المجني عليه لم يسلم نقوده برضاء منه بل أخذها أحد المتهمين قسراً عنه ولما طالب بها أجبر على ترك السيارة دونها باستعمال الإكراه الذي ترك به جروحاً بينما هرب الجناة بالمسروقات ويستوي في الإكراه أن يكون سابق على السرقة أو لاحقاً عليها ما دام بقصد الهروب بالمسروقات.
3 - من المقرر أن ظرف الإكراه في السرقة ظرف عيني متعلق بالأركان المادية للجريمة ولذلك فهو يسري في حق كل من أسهم في الجريمة المقترنة ولو كان وقوعه من أحد المتهمين دون الباقين.
4 - من المقرر أن ارتباط الجريمتين المسندتين إلى المتهم ارتباطاً لا يقبل التجزئة وجب اعتبارهما جريمة واحدة والحكم بالعقوبة المقررة لأشدهما عملاً بنص المادة 32/ 2 من قانون العقوبات.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة المطعون ضده بأنه وآخرين سبق الحكم عليهم أولاً: سرقوا النقود المبينة قدراً بالتحقيقات المملوكة... وآخر بطريق الإكراه الواقع عليه بأن استدرجوه لركوب سيارة يستقلونها وانتحل الأول صفة ضابط مباحث والثاني رقيباً للشرطة وقام الأخير بتفتيشه بهذه الصفة واستولى على المبلغ السالف الذكر ثم طعنه بمطواة وقد ترك الإكراه أثراً بالمجني عليه هو إصابته الموصوفة بالتقرير الطبي حالة كونه يحمل سلاحاً ظاهراً "مطواة" وكان ذلك في إحدى وسائل النقل البرية. ثانياً: تداخل في وظيفة عمومية بأن ادعى أنه ضابط مباحث وأن الثاني رقيب شرطة دون أن يكون لهما صفة رسمية من الحكومة وأحالتهم إلى محكمة جنايات المنصورة لمعاقبتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة، والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 314، 315/ 1 - 2 - 3، 155 من قانون العقوبات مع تطبيق المادة 32 من ذات القانون بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة لمدة خمسة عشر عاماً عما أسند إليه. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض (قيد بجداول محكمة النقض برقم... لسنة 55 القضائية) وقضت هذه المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإحالة القضية إلى محكمة جنايات المنصورة لتحكم فيها من جديد دائرة أخرى. ومحكمة الإعادة - بهيئة أخرى - قضت حضورياً عملاً بالمادتين 155، 336 من قانون العقوبات مع تطبيق المادة 32 من ذات القانون بمعاقبة المتهم بالحبس مع الشغل لمدة ثلاث سنوات عما أسند إليه. فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض (للمرة الثانية وقدمت أسباب الطعن بذات التاريخ موقعاً عليها من رئيس بها)،. فقضت هذه المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وتحديد جلسة 18 من فبراير سنة 1988 لنظر الموضوع وفي 11 من مايو 1988 قضت هذه المحكمة بمعاقبة المتهم... بالأشغال الشاقة لمدة خمسة عشر عاماً عما أسند إليه وألزمته المصاريف الجنائية.
ثم أعيدت إجراءات المحاكمة مرة أخرى وحددت جلسة 21 من مارس سنة 1991 لنظر الدعوى... إلخ.


المحكمة

حيث إن واقعة الدعوى حسبما استخلصتها المحكمة من مطالعة أوراقها وما تم فيها من تحقيقات وما دار بشأنها بالجلسة تتحصل في أن اتفاقاً قد تم بين المتهم الماثل... والمتهمين الثلاثة الآخرين الذين سبق الحكم عليهم على أن يكونوا فيما بينهم تشكيلاً عصابياً ينتحلون فيه صفة رجال المباحث حتى يتمكنوا من الاستيلاء على نقود من يصادفهم من المواطنين وسرقتهم بالإكراه، وتنفيذاً لهذا الاتفاق فقد استقل الأربعة في ليلة 13 من أغسطس سنة 1982 السيارة الأجرة رقم... القاهرة بقيادة... بعد أن وزعت الأدوار فيما بينهم بأن ينتحل المتهم الماثل صفة ضابط المباحث. وآخر صفة رقيب شرطة بينما يكون دور أحدهم هو سب نظام الحكم القائم، ليستدرج بذلك من يستقل معهم السيارة حتى يتم تخويفه ثم الاستيلاء على نقوده، وفي مدينة المنصورة كان المجني عليه... وصاحبه... يبغيان العودة إلى بلدتهما أجا فاستقلا سيارة المتهمين وفي الطريق نفذ من كان عليه سب نظام الحكم ما تم الاتفاق عليه فانبرى له المنتحل من بينهم لصفة رقيب الشرطة وصفعه على وجهه معلناً أن ضابط المباحث يستقل السيارة - وحينئذ أمره المتهم الماثل الموكول إليه القيام بهذا الدور الأخير أن يجعل المجني عليه وصاحبه يخرجان ما معهما من أوراق وأمتعة ونقود، فأخرج الأول مبلغ ألف وعشرين جنيهاً استولى عليها وسلمها للمتهم الماثل الذي قام باحتجازه ورفض إعادته لصاحبه ولما أصر الأخير على استرداده أمره بمغادرة السيارة، فلما تشبث بها أثناء نزوله منها طعنه من قام بدور رقيب الشرطة بمطواة وأحدث به إصابته المبينة بالتقرير الطبي المرفق، فخارت قواه وسقط أرضاً، وانطلقت السيارة بالمتهم الماثل والثلاثة الآخرين هاربين. وقد اعترف المتهم الماثل والثلاثة الآخرون في تحقيقات النيابة العامة بارتكابهم الحادث وبالدور الذي قام به كل منهم خلال ارتكابه.
ومن حيث إن الواقعة على تلك الصورة المتقدمة قام الدليل على صحتها وثبوتها بيقين في حق المتهم الماثل - ... - من شهادة كل من المجني عليه... و...، ومن اعتراف المتهم وزملائه تفصيلاً في تحقيقات النيابة العامة بارتكاب الحادث، وبما ثبت من التقرير الطبي الموقع على المجني عليه... ومما دلت عليه تحريات الشرطة. إذ شهد المجني عليه... بأنه وصاحبه... كانا يبغيان العودة إلى بلدتهما أجا يوم 13 أغسطس سنة 1982 وأثناء وقوفهما أمام المعهد الديني بمدينة المنصورة وكانت الساعة التاسعة والنصف مساء وقفت سيارة أجرة يستقلها أربعة - منهم المتهم الماثل - وعرضوا توصيلهما إلى بلدتهما، وفي الطريق دار حديث من أحد أولئك الأربعة أخذ فيه يسب نظام الحكم القائم، وحينئذ انبرى له آخر من الباقين وصفعه على وجهه مخبراً إياه بأنه رقيب شرطة وأن المتهم الماثل ضابط مباحث، وهنا طلب هذا الأخير من سابقه أن يقوم بتفتيش من بالسيارة وإذ فتش... - الشاهد الثاني - عثر معه على مبلغ جنيهين أعيدا إليه بعد ذلك، بينما عثر معه على مبلغ ألف وعشرين جنيها - استولى عليها وسلمها للمتهم الماثل الذي رفض إعادة هذا المبلغ إليه عندما طالبه بذلك، ولما أصر على استرداده أمره بالنزول من السيارة إلا أنه تشبث بها أثناء نزوله منها مستغيثاً، فقام الذي تولى تفتيشه من أولئك الأربعة بطعنه بمطواة وأحدث به الإصابات المبينة بالتقرير الطبي المرفق فخارت قواه وسقط أرضاً وانطلقت السيارة بالمتهم الماثل ورفاقه الثلاثة هاربين بها. وشهد... بركوبه وصاحبه الشاهد الأول للسيارة الأجرة التي كان يستقلها المتهم الماثل وزملاؤه الثلاثة الآخرون وبتفتيشه عثر معه على مبلغ جنيهين رداً إليه، وأنه بتفتيش المجني عليه عثر معه على مبلغ ألف وعشرين جنيهاً تم الاستيلاء عليها وأنه أنزل من السيارة واضطر لركوب سيارة أخرى وفي الطريق أبصر بالمجني عليه ملقى على الأرض مصاباً فنقله إلى المستشفى وأضاف أن - المجني عليه أخبره بما فعله المتهمون قبله على النحو الذي أوراه في شهادته. واعترف المتهم الماثل بتحقيقات النيابة العامة أن اتفاقاً تم بينه بين باقي المتهمين على أن يستقلوا سيارة يقودها أحدهم، ووزعت بينهم الأدوار، بأن ينتحل هو صفة ضابط المباحث وآخر صفة رقيب شرطة ويقوم ثالثهم بسب نظام الحكم القائم ليستدرج من يستقل معهم السيارة، ويتمكنوا بذلك من الاستيلاء على نقوده، وأن المجني عليه... - وزميله - ... استقلا السيارة من مدينة المنصورة ونفذت الخطة فقام من كان عليه سب نظام الحكم بالسب فصفعه منتحل صفة رقيب الشرطة على وجهه منبهاً إلى وجوده كضابط مباحث - وقد أمره بتفتيش الراكبين بحثاً عن ممنوعات، فنفذ المنتحل لصفة رقيب الشرطة الأمر، واستولى من المجني عليه على مبلغ من المال كان معه وسلمه له، ولما طالبه المجني عليه برده أمره بالنزول من السيارة - وكان قد أنزل صاحبه من قبل - فتشبث المجني عليه بالسيارة أثناء نزوله منها - فطعنه المنتحل لصفة رقيب الشرطة بمطواة وأنزله عنوة في الطريق ثم قام هو بتوزيع المبلغ على زملائه الذين اعترفوا بالتحقيقات بهذا المضمون ودلت تحريات المباحث أن المتهم الماثل وزملاءه الثلاثة الآخرين هم مرتكبوا الحادث وأنهم قد اتفقوا فيما بينهم على تكوين تشكيل عصابي ينتحلون فيه صفة رجال المباحث وذلك ليتمكنوا من الاستيلاء على نقود من يصادفهم من المواطنين وسرقتها مستخدمين السيارة الأجرة قيادة أحدهم ونفاذاً لهذا الاتفاق فقد استقلوا السيارة الأجرة رقم... القاهرة قيادة واحد منهم، وزعت عليهم الأدوار فيما بينهم بأن انتحل المتهم الماثل صفة ضابط المباحث وآخر صفة رقيب شرطة والأخير منهم يكون دوره سب نظام الحكم القائم ليستدرج بذلك من يستقل معهم السيارة حتى يتم تخويفه والاستيلاء على نقوده. ونفذ الاتفاق، ووقع الحادث طبقاً لتصوير الشاهدين الأول والثاني المتقدم بيانه. وثبت من التقرير الطبي أن المجني عليه... مصاب بجرح قطعي أعلى الجفن الأيسر العلوي طوله 3 سم، وجرح أسفل الفك الأيسر طوله 3 سم. وبجلسات المحاكمة السابقة أنكر المتهم ما أسند إليه، وأمام هذه المحكمة التزم الصمت وقال المحامي الحاضر معه أن تسليم المجني عليه للمبلغ كان نتيجة خدعة وهي إيهام المجني عليه بأن المتهم وزميله من رجال المباحث والتسليم على هذا الأساس اختيارياً والتمس الحكم ببراءة المتهم واحتياطياً استعمال الرأفة معه. والمحكمة تلتفت عن إنكار المتهم السابق اقتناعاً منها بما أوردته من أدلة تستند إلى أصل ثابت في أوراق الدعوى وتكتفي المحكمة بالإشارة إلى الآتي: 1 - أن التسليم الذي ينفي ركن الاختلاس في جريمة السرقة يجب أن يكون برضاء حقيقي من واضع اليد مقصوداً به التخلي عن الحيازة حقيقة، وعدم الرضا - لا عدم العلم - هو الذي يهم في جريمة السرقة، والحاصل في هذه الدعوى أن المجني عليه لم يسلم نقوده برضاء منه بل أخذها أحد المتهمين قسراً عنه ولما طالب بها أجبر على ترك السيارة دونها باستعمال الإكراه الذي ترك به جروحاً بينما هرب الجناة بالمسروقات ويستوي في الإكراه أن يكون سابقاً على السرقة أو لاحقاً عليها ما دام بقصد الهروب بالمسروقات وهو الحال في الدعوى. 2 - أن ظرف الإكراه في السرقة ظرف عيني متعلق بالأركان المادية للجريمة ولذلك فهو يسري في حق كل من أسهم في الجريمة المقترنة ولو كان وقوعه من أحد المتهمين دون الباقين.
ومن حيث إنه لما تقدم، يكون قد ثبت لدى المحكمة واستقر في يقينها على وجه جازم أن المتهم... في ليلة 13 من أغسطس سنة 1982 بدائرة مركز أجا - محافظة الدقهلية. أولاً: سرق وآخرون سبق الحكم عليهم النقود المبينة قدراً بالتحقيقات والمملوكة... بطريق الإكراه الواقع عليه بأن اتفقوا فيما بينهم على اختلاس نقوده وتنفيذاً لهذا الغرض وحال معيتهم لهذا السبب انتزعها أحدهم قسراً ثم طعنه بمطواة لشل مقاومته وقد تمكنوا بهذه الوسيلة من الإكراه من الاستيلاء على المبلغ سالف الذكر والفرار به، وقد ترك الإكراه أثراً بالمجني عليه هو إصابته الموصوفة بالتقرير الطبي وكان ذلك في إحدى وسائل النقل البرية. ثانياً: تداخل هو وآخر - سبق الحكم عليه - في وظيفة عمومية بأن ادعى هو أنه ضابط مباحث والآخر أنه رقيب شرطة دون أن يكون لهما صفة رسمية من الحكومة وأجريا عملاً من أعمالها. ومن ثم تعين إدانة المتهم الماثل عن هاتين الجريمتين عملاً بنص المادة 304/ 2 من قانون الإجراءات الجنائية ومعاقبته عنهما عملاً بالمواد 314/ 1، 2، 315/ 1، 3، 155 من قانون العقوبات.
ومن حيث إنه بالنظر إلى ارتباط الجريمتين المسندتين إلى المتهم الماثل ارتباطاً لا يقبل التجزئة وجب اعتبارهما جريمة واحدة والحكم بالعقوبة المقررة لأحدهما عملاً بنص المادة 32/ 2 من قانون العقوبات.
وحيث إنه عن المصروفات الجنائية فتلزم بها المحكمة المتهم عملاً بنص المادة 311 من قانون الإجراءات الجنائية .

الطعن 2907 لسنة 62 ق جلسة 4 / 1 / 1995 مكتب فني 46 ق 7 ص 80

جلسة 4 من يناير سنة 1995

برئاسة السيد المستشار/ محمد أحمد حسن نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ عبد اللطيف علي أبو النيل ومحمد إسماعيل موسى نائبي رئيس المحكمة ويحيى محمود خليفه ومحمد علي رجب.

-----------------

(7)
الطعن رقم 2907 لسنة 62 القضائية

(1) معارضة "نظرها والحكم فيها". إجراءات "إجراءات المحاكمة". محكمة استئنافية "الإجراءات أمامها". شهادة مرضية.
احتواء ملف الدعوى أمام المحكمة الاستئنافية على بيان بتعلية الأوراق من بينه شهادة مرضية. دلالته: تأييد دفاع الطاعن بتقديم محاميه الدليل على العذر القهري المانع من حضور جلسة المعارضة الاستئنافية. خلو الأوراق من تلك الشهادة. لا أثر له. علة ذلك؟
(2) معارضة "نظرها والحكم فيها". إجراءات "إجراءات المحاكمة". شهادة مرضية. دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما يوفره". نقض "أثر الطعن".
إبداء المدافع عن المعارض عذر تخلفه عن الحضور. يوجب على المحكمة أن تعني بالرد عليه بالقبول أو بالرفض. إغفال ذلك: إخلال بحق الدفاع.
وحدة الواقعة وحسن سير العدالة. أثرهما: امتداد أثر نقض الحكم لمحكوم عليه آخر.

-----------------
1 - لما كان البين من الأوراق والمفردات المضمومة أنه وإن كان محضر الجلسة التي صدر فيها الحكم المطعون فيه قد خلا من إثبات تقديم الشهادة الطبية التي ذكر الطاعن في طعنه أن محاميه قدمها للمحكمة، إلا أن ملف الدعوى أمام المحكمة الاستئنافية قد تضمن بياناً بتعلية الأوراق من بينه شهادة مرضية، الأمر الذي يظاهر قول الطاعن بتقديم محاميه الدليل على العذر القهري المانع من حضور جلسة المعارضة الاستئنافية ولا يغير من ذلك خلو الأوراق من تلك الشهادة لاحتمال فقدها نتيجة الإهمال في حفظها بالملف.
2 - لما كان من المقرر أنه إذا تقدم المدافع عن المعارض بما يبين عذره في عدم الحضور كان لزاماً على المحكمة أن تعنى بالرد عليه سواء بالقبول أو بالرفض، وكان في إغفال الحكم الإشارة إلى ذلك مساس بحق الطاعن في الدفاع مما يعيبه ويوجب نقضه والإعادة بالنسبة للطاعن والمحكوم عليه الآخر لوحدة الواقعة وحسن سير العدالة.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة كلاً من 1 - ... (طاعن) 2 - ... بأنهما أولاً: تسببا خطأ في موت... و... وإصابة كل من... و... و... و... و... و... و... وكان ذلك ناشئاً عن إهمالهما وعدم احترازهما ومخالفتهما القوانين بأن قادا سيارتهما دون التأكد من خلو الطريق فصدما سيارة المجني عليهم وأحدثا إصابتهم الموصوفة بالتقارير الطبية والتي أودت بحياة المجني عليهما الأول والثاني. ثانياً: قادا مركبتيهما بطريقة تعرض حياة الغير للخطر. وطلبت عقابهما بالمادتين 238، 244/ 1 من قانون العقوبات والمواد 1، 2، 3، 4، 77، 78 من القانون رقم 66 لسنة 1973 المعدل. وادعت كل من... أرملة المجني عليه الأول عن نفسها وبصفتها و... أرملة المجني عليه الثاني عن نفسها وبصفتها مدنياً قبل المتهمين الأولى بمبلغ واحد وخمسين جنيهاً والثانية بمبلغ مائة وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت. ومحكمة جنح قسم ثاني طنطا قضت حضورياً عملاً بمواد الاتهام بحبس كل من المتهمين ستة أشهر مع الشغل وكفالة مائة جنيه لوقف التنفيذ وإلزامهما بأن يؤديا للمدعيتين بالحقوق المدنية مبلغ واحد وخمسين جنيهاً ومائة وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت. استأنفا ومحكمة طنطا الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت غيابياً بسقوط الحق في الاستئناف. عارضا وقضي في معارضتهما باعتبارها كأن لم تكن.
فطعن الأستاذ/ ... عن الأستاذ/ ... نيابة عن المحكوم عليه الأول في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

من حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى في معارضته الاستئنافية باعتبارها كأن لم تكن قد شابه الإخلال بحق الدفاع، ذلك بأنه لم يتخلف عن حضور الجلسة التي صدر فيها الحكم المطعون فيه إلا لعذر قهري هو مرضه الثابت بالشهادة الطبية التي قدمها محاميه بالجلسة وطلب التأجيل لهذا السبب غير أن المحكمة لم تجبه إلى طلبه وقضت في المعارضة في غيبته بما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إنه يبين من محضر جلسة... التي نظرت فيها معارضة الطاعن الاستئنافية أن محامياً حضر عن الطاعن وقضى الحكم المطعون فيه باعتبار المعارضة كأن لم تكن، لما كان ذلك وكان يبين من الأوراق والمفردات المضمومة أنه وإن كان محضر الجلسة التي صدر فيها الحكم المطعون فيه قد خلا من إثبات تقديم الشهادة الطبية التي ذكر الطاعن في طعنه أن محاميه قدمها للمحكمة، إلا أن ملف الدعوى أمام المحكمة الاستئنافية قد تضمن بياناً بتعلية الأوراق من بينه شهادة مرضية، الأمر الذي يظاهر قول الطاعن بتقديم محاميه الدليل على العذر القهري المانع من حضور جلسة المعارضة الاستئنافية ولا يغير من ذلك خلو الأوراق من تلك الشهادة لاحتمال فقدها نتيجة الإهمال في حفظها بالملف. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه لم يشر إلى حضور محامي الطاعن ولا إلى ما أبداه من عذر وكان من المقرر أنه إذا تقدم المدافع عن المعارض بما يبين عذره في عدم الحضور كان لزاماً على المحكمة أن تعني بالرد عليه سواء بالقبول أو بالرفض، وكان في إغفال الحكم الإشارة إلى ذلك مساس بحق الطاعن في الدفاع مما يعيبه ويوجب نقضه والإعادة بالنسبة للطاعن والمحكوم عليه الآخر لوحدة الواقعة وحسن سير العدالة وإلزام المطعون ضدهما المصاريف المدنية.

الطعن 10106 لسنة 63 ق جلسة 3 / 1 / 1995 مكتب فني 46 ق 6 ص 74

جلسة 3 من يناير سنة 1995

برئاسة السيد المستشار/ محمد نبيل رياض نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ جابر عبد التواب وأمين عبد العليم وعلي شكيب نواب رئيس المحكمة وأحمد عبد القوي أيوب.

----------------

(6)
الطعن رقم 10106 لسنة 63 القضائية

(1) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
إحالة الحكم في بيان شهادة الشهود إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر. لا يعيبه. ما دامت أقوالهم متفقة مع ما استند إليه الحكم منها.
اختلاف الشهود في بعض التفصيلات. لا يعيب الحكم. علة ذلك؟.
(2) تفتيش "إذن التفتيش. تنفيذه". مأمورو الضبط القضائي. دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". مواد مخدرة.
طريقة تنفيذ إذن التفتيش. موكولة إلى رجل الضبط المأذون له. حقه في أن يتخذ من وسائل التحوط ما يمكنه من تنفيذ الإذن. وأن يستعين في تنفيذه بأعوانه أو غيرهم من رجال السلطة العامة. بحيث يكونون على مرأى منه وتحت بصره.
التفات الحكم عن الدفاع القانوني ظاهر البطلان. لا يعيبه.
مثال.
(3) مواد مخدرة. قانون "تفسيره". عقوبة "الإعفاء منها". أسباب الإباحة وموانع العقاب "الإعفاء من العقاب". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الإعفاء من العقاب بعد علم السلطات بالجريمة وفقاً لنص المادة 48 من القانون 182 لسنة 1960. شرطه: تعدد الجناة المساهمين في الجريمة. فاعلين كانوا أو شركاء. وورود الإبلاغ على غير المبلغ.
عدم تحقق صدق البلاغ. أثره: انتفاء موجب الإعفاء.

-------------------
1 - لما كان من المقرر أنه لا يعيب الحكم أن يحيل في بيان شهادة الشهود إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر ما دامت أقوالهم متفقة مع ما استند إليه الحكم منها، ولا يؤثر في هذا النظر اختلاف الشهود في بعض التفصيلات التي لم يوردها الحكم ذلك أن لمحكمة الموضوع في سبيل تكوين عقيدتها أن تعتمد على ما تطمئن إليه من أقوال الشاهد وأن تطرح ما عداها وفي عدم إيراد المحكمة لهذه التفصيلات ما يفيد إطراحها لها، وكان البين من المفردات المضمومة أن ما حصله الحكم من أقوال الشاهد الأول يتفق في جملته مع أقوال الشاهد الثاني فإن منعى الطاعن في هذا الصدد لا يكون مقبولاً.
2 - لما كان من المقرر أن طريقة تنفيذ إذن التفتيش موكولة إلى رجل الضبط المأذون له به تحت إشراف سلطة التحقيق ورقابة محكمة الموضوع فله أن يتخذ من وسائل التحوط ما يمكنه من تحقيق الغرض من التفتيش المأذون له به وأن يستعين في ذلك بأعوانه من رجال الضبط القضائي أو غيرهم من رجال السلطة العامة بحيث يكونون على مرأى منه وتحت بصره. وإذ كان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه والمفردات المضمومة - أن من قام بضبط الطاعن وتفتيشه هو الضابط المأذون له بذلك من النيابة خلافاً لما يدعيه الطاعن وكان معه زميله... فإن الدفع ببطلان تنفيذ الإذن على فرض إثارته - لا يعدو أن يكون دفاعاً قانونياً ظاهر البطلان وبعيداً عن محجة الصواب لا يعيب الحكم المطعون فيه التفاته عنه ويكون النعي عليه في هذا الخصوص غير مقبول.
3 - لما كان قضاء محكمة النقض قد جرى على أن مناط الإعفاء الذي تتحقق به حكمة التشريع وفقاً للمادة 48 من القانون 182 لسنة 1960 هو تعدد الجناة المساهمين في الجريمة فاعلين كانوا أو شركاء وورود الإبلاغ على غير المبلغ، بما مفاده أنه حتى يتوافر موجب الإعفاء يتعين أولاً أن يثبت أن عدة جناة قد ساهموا في اقتراف الجريمة المبلغ عنها فاعلين كانوا أو شركاء وأن يقوم أحدهم بإبلاغ السلطات العامة بها فيستحق بذلك منحه الإعفاء المقابل الذي قصده الشارع وهو تمكين السلطات من وضع يدها على مرتكبي الجرائم الخطرة التي نص عليها القانون فإذا لم يتحقق صدق البلاغ بأن لم يثبت أصلاً أن هناك جناة آخرين ساهموا مع المبلغ في الجريمة فلا إعفاء لانتفاء مقوماته وعدم تحقق حكمة التشريع بعدم بلوغ النتيجة التي يجزي القانون عنها بالإبلاغ عنها، وهو تمكين السلطات من الكشف عن تلك الجرائم الخطرة، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد اعتنق هذا النظر وخلص بحق - مما له معينه من الأوراق - إلى رفض تمتع الطاعن بالإعفاء المشار إليه لانتفاء مقوماته والحكمة من تشريعه فإن النعي عليه في هذا الشأن يكون غير سديد.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه أحرز بقصد الاتجار جوهراً مخدراً "هيروين" في غير الأحوال المصرح بها قانوناً. وأحالته إلى محكمة جنايات الإسكندرية لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة، والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 1، 2، 7/ 1، 34/ 1، أ، 36، 43/ 1 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 122 لسنة 1989 والبند 2 من القسم الأول من الجدول رقم (1) المرفق بالقانون الأخير مع إعمال المادة 17 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة المؤبدة وتغريمه مائة ألف جنيه ومصادرة الجوهر المخدر المضبوط.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة إحراز جوهر مخدر بقصد الاتجار قد شابه القصور في التسبيب والخطأ في تطبيق القانون وفي الإسناد ذلك بأنه أحال في بيان شهادة الشاهد الثاني إلى مضمون ما حصله من شهادة الشاهد الأول رغم اختلاف أقوالهما في شأن وقت الضبط ولم يعرض الحكم لما دفع به الطاعن من بطلان التفتيش لأن من قام به لم يثبت ندبه لذلك من الضابط المأذون له بالتفتيش، وتمسك الطاعن بالإعفاء من العقاب المقرر بنص المادة 48 من القانون رقم 182 لسنة 1960 لإبلاغه عن متهم آخر تم ضبطه، إلا أن الحكم أطرح ذلك بما لا يسوغ كما نسب الحكم إلى شاهدي الإثبات أن الطاعن أقر لهما بإحرازه للمخدر المضبوط بقصد الاتجار خلافاً للثابت بالأوراق كل ذلك يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة مستمدة من أقوال شاهدي الإثبات ومن تقرير التحليل وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان الحكم قد أورد مؤدى أقوال الشاهد الأول، وعند إيراده لأقوال الشاهد الثاني أورد أنه شهد بمضمون ما شهد به الشاهد الأول، وكان من المقرر أنه لا يعيب الحكم أن يحيل في بيان شهادة الشهود إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر ما دامت أقوالهم متفقة مع ما استند إليه الحكم منها، ولا يؤثر في هذا النظر اختلاف الشهود في بعض التفصيلات التي لم يوردها الحكم، ذلك أن لمحكمة الموضوع في سبيل تكوين عقيدتها أن تعتمد على ما تطمئن إليه من أقوال الشاهد وأن تطرح ما عداها وفي عدم إيراد المحكمة لهذه التفصيلات ما يفيد إطراحها لها، وكان البين من المفردات المضمومة أن ما حصله الحكم من أقوال الشاهد الأول يتفق في جملته مع أقوال الشاهد الثاني فإن منعى الطاعن في هذا الصدد لا يكون مقبولاً. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن طريقة تنفيذ إذن التفتيش موكولة إلى رجل الضبط المأذون له به تحت إشراف سلطة التحقيق ورقابة محكمة الموضوع فله أن يتخذ من وسائل التحوط ما يمكنه من تحقيق الغرض من التفتيش المأذون له به وأن يستعين في ذلك بأعوانه من رجال الضبط القضائي أو غيرهم من رجال السلطة العامة بحيث يكونون على مرأى منه وتحت بصره، وإذ كان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه والمفردات المضمومة - أن من قام بضبط الطاعن وتفتيشه هو الضابط المأذون له بذلك من النيابة خلافاً لما يدعيه الطاعن - وكان معه زميله... فإن الدفع ببطلان تنفيذ الإذن على فرض إثارته - لا يعدو أن يكون دفاعاً قانونياً ظاهر البطلان وبعيداً عن محجة الصواب لا يعيب الحكم المطعون فيه التفاته عنه ويكون النعي عليه في هذا الخصوص غير مقبول. لما كان ذلك، وكان الحكم قد عرض لما أثاره الطاعن بشأن تمتعه بالإعفاء المقرر في المادة 48/ 2 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل وأطرحه تأسيساً على أن ما قرره الطاعن هو مجرد قول مرسل في حق آخر عار من الدليل متسم بالجدية، إذ لم يوصل إلى كشف صلة المذكور بالجريمة المبلغ عنها. وكان قضاء محكمة النقض قد جرى على أن مناط الإعفاء الذي تتحقق به حكمة التشريع وفقاً للمادة 48 من القانون 182 لسنة 1960 هو تعدد الجناة المساهمين في الجريمة فاعلين كانوا أو شركاء وورود الإبلاغ على غير المبلغ، بما مفاده أنه حتى يتوافر موجب الإعفاء يتعين أولاً أن يثبت أن عدة جناة قد ساهموا في اقتراف الجريمة المبلغ عنها فاعلين كانوا أو شركاء وأن يقوم أحدهم بإبلاغ السلطات العامة بها فيستحق بذلك منحه الإعفاء المقابل الذي قصده الشارع وهو تمكين السلطات من وضع يدها على مرتكبي الجرائم الخطرة التي نص عليها القانون فإذا لم يتحقق صدق البلاغ بأن لم يثبت أصلاً أن هناك جناة آخرين ساهموا مع المبلغ في الجريمة فلا إعفاء لانتفاء مقوماته وعدم تحقق حكمة التشريع بعدم بلوغ النتيجة التي يجزي القانون عنها بالإبلاغ عنها، وهو تمكين السلطات من الكشف عن تلك الجرائم الخطرة، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد اعتنق هذا النظر وخلص بحق - مما له معينه من الأوراق - إلى رفض تمتع الطاعن بالإعفاء المشار إليه لانتفاء مقوماته والحكمة من تشريعه فإن النعي عليه في هذا الشأن يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان البين من المفردات المضمومة أن ما حصله الحكم من أقوال الشاهدين بشأن إقرار الطاعن لهما بإحرازه المخدر المضبوط بقصد الاتجار له صداه في الأوراق فإن النعي على الحكم بالخطأ في الإسناد يكون في غير محله. لما كان ما تقدم فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

الطعن 1129 لسنة 63 ق جلسة 3 / 1 / 1995 مكتب فني 46 ق 5 ص 67

جلسة 3 من يناير سنة 1995

برئاسة السيد المستشار/ محمد حسين لبيب نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ رضوان عبد العليم ووفيق الدهشان وبدر الدين السيد نواب رئيس المحكمة وسلامه أحمد عبد المجيد.

----------------

(5)
الطعن رقم 1129 لسنة 63 القضائية

(1) نقض "أسباب الطعن. عدم إيداعها".
عدم إيداع الطاعن أسباباً لطعنه. أثره: عدم قبول الطعن شكلاً. أساس ذلك؟
(2) اختصاص "الاختصاص الولائي". محكمة الجنايات "اختصاصها". محكمة أمن الدولة "طوارئ". قانون "تفسيره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
المحاكم العادية. صاحبة الولاية العامة. محاكم أمن الدولة المنشأة طبقاً لقانون الطوارئ. استثنائية. إحالة بعض الجرائم المعاقب عليها بالقانون العام إليها. لا يسلب المحاكم العادية اختصاصها بالفصل في تلك الجرائم.
(3) نقض "المصلحة في الطعن".
المصلحة. أساس الدعوى أو الطعن. انعدامها. مؤداه: عدم قبول الدعوى أو الطعن. اعتباراً بأن أيهما في هذه الحالة يكون مسألة نظرية بحتة لا يؤبه لها.
مثال.
(4) حكم "وضعه وإصداره" "بيانات الديباجة". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
النعي بصدور الحكم من هيئة غير مشكلة تشكيلاً صحيحاً. غير مقبول. ما دام الثابت أن الحكم المطعون فيه صدر من محكمة الجنايات وليس من محكمة أمن الدولة العليا وفق القانون رقم 105 لسنة 1980.
(5) سرقة. قصد جنائي. نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها" "المصلحة في الطعن". مواد مخدرة. إكراه.
إثارة الطاعن أن الاستيلاء على السيارة لم يكن بنية التملك. غير مجد. ما دام الحكم أثبت أنه وآخر سرقا بالإضافة إلى السيارة حافظة نقود ورخصتي القيادة والتسيير وبطاقة إثبات الشخصية المملوكة للمجني عليه.
مجادلة الطاعن بأن الأقراص المضبوطة معه غير مخدرة. غير مجد. طالما أن المحكمة أدانته عن جريمة سرقة مجردة من ظرف الإكراه.

------------------
1 - لما كان الطاعن الأول ولئن قرر بالطعن في الميعاد إلا أنه لم يودع أسباباً لطعنه مما يتعين معه القضاء بعدم قبول طعنه شكلاً عملاً بحكم المادة 34 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض.
2 - من المقرر أن المحاكم العادية هي صاحبة الولاية العامة في حين أن محاكم أمن الدولة - طوارئ - ليس إلا محاكم استثنائية. ولما كان القانون رقم 162 لسنة 1958 بشأن حالة الطوارئ المعدل بالقانون رقم 164 لسنة 1981 والقانون رقم 50 لسنة 1982 وإن أجاز في المادة التاسعة منه إحالة الجرائم التي يعاقب عليها القانون العام إلى محاكم أمن الدولة وكان قرار رئيس الجمهورية رقم 560 لسنة 1981 بإعلان حالة الطوارئ وكذلك أمر رئيس الجمهورية رقم 1 لسنة 1981 بإحالة بعض الجرائم إلى محاكم أمن الدولة طوارئ ومنها الجرائم المنصوص عليها في القانون 394 لسنة 1954 في شأن الأسلحة والذخائر والقوانين المعدلة له قد خلت جميعها كما خلا أي تشريع آخر من النص على انفراد محاكم أمن الدولة المشكلة وفق قوانين الطوارئ بالفصل في فيها وحدها دون غيرها في هذه الجرائم أو الجرائم المرتبطة بها أو المرتبطة هي بها، ولو كان المشرع قد أراد
إفراد محاكم أمن الدولة المذكورة بالفصل فيها وحدها دون سواها في أي نوع من الجرائم لعمد إلى الإفصاح عنه صراحة على غرار نهجه في الأحوال المماثلة فإن النعي بصدور الحكم من محكمة غير مختصة ولائياً يكون على غير أساس.
3 - لما كان من المقرر أنه من المبادئ العامة المتفق عليها، أن المصلحة أساس الدعوى أو الطعن فإن انعدمت فلا تقبل الدعوى أو الطعن باعتبار أن الدعوى أو الطعن في هذه الحالة يكون مسألة نظرية بحتة لا يؤبه لها، وكان لا مصلحة للطاعن في أن يحاكم أمام محكمة أمن الدولة المشكلة وفقاً لقانون الطوارئ، لأن في ذلك إساءة إلى مركزه الذي لا يصح أن يضار بالطعن المرفوع منه وحده عملاً بنص المادة 43 من القانون رقم 57 لسنة 1959 بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض، إذ أن مصلحته تستوجب - في صورة الدعوى الماثلة - أن يحاكم أمام المحاكم العادية صاحبة الولاية العامة في نظر كافة الجرائم أو الدعاوى - إلا ما استثنى بنص خاص - لأن المشرع قد أحاط هذه المحاكم بضمانات متمثلة في تشكيلها من عناصر قضائية صرف ومن تعدد درجاتها ومن الحق في الطعن في أحكامها بطرق الطعن كافة ومنها طريق الطعن بالنقض متى توافرت شروط ذلك وهي ضمانات لا تتوافر في محاكم أمن الدولة المشكلة وفقاً لقانون الطوارئ ومن ثم فلا مصلحة للطاعن في النعي على الحكم بهذا الوجه.
4 - لما كان الطاعن لا يماري في أن الحكم المطعون فيه قد صدر من محكمة جنايات عادية ولم يصدر من محكمة أمن الدولة العليا وفق القانون رقم 105 لسنة 1980 فإن النعي على الحكم صدوره من هيئة غير مشكلة تشكيلاً صحيحاً بحسب القانون الأخير يكون في غير محله.
5 - لا يجدي الطاعن القول بأن الاستيلاء على السيارة وحدها لم يكن بنية التملك كما لا يجديه القول أو المجادلة في شأن الأقراص المضبوطة معه وكونها غير مخدرة طالما أن المحكمة قد استبعدت ظرف الإكراه المؤسس على استعمال أقراص مخدرة في تخدير المجني عليه واعتبرت الواقعة جنحة بالمادة 317 عقوبات وأدانت الطاعن بمقتضاها.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين وأخرى "قضي ببراءتها" بأنهم سرقوا سيارة ونقود المجني عليه... وكان ذلك بطريق الإكراه وفي إحدى الطرق العامة بأن وضع المتهم الثاني له مادة مخدرة في كوب شاي وما أن احتساه المجني عليه حتى فقد وعيه وتمكنوا بهذه الوسيلة من سرقة الأشياء آنفة البيان. المتهم الأول: 1 - أحرز بغير ترخيص سلاحاً نارياً غير مششخن "فرد" 2 - أحرز ذخائر "عدد ست طلقات" مما تستعمل في السلاح الناري سالف الذكر دون أن يكون مرخصاً له في حيازته أو إحرازه. وأحالتهم إلى محكمة جنايات الفيوم لمعاقبتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 1/ 1، 26/ 1 - 5، 30 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل والجدول رقم (2) الملحق به والمادة 317/ رابعاً، خامساً من قانون العقوبات مع إعمال المادتين 17، 32 من نفس القانون بمعاقبة المتهم الأول بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة عن التهمة الأولى وبالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة عن التهمتين الثانية والثالثة وتغريمه مائة جنيه ومصادرة السلاح الناري والذخيرة المضبوطين. ثانياً: بمعاقبة المتهم الثاني بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة عما هو منسوب إليه. باعتبار أن التهمة الأولى المسندة إليهما هي السرقة ليلاً.
فطعن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن الطاعن الأول ولئن قرر بالطعن في الميعاد إلا أنه لم يودع أسباباً لطعنه مما يتعين معه القضاء بعدم قبول طعنه شكلاً عملاً بحكم المادة 34 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض.
وحيث إن الطاعن الثاني ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجرائم السرقة، وإحراز سلاح ناري وذخائر بغير ترخيص قد شابه خطأ في تطبيق القانون وفساد في الاستدلال وقصور في التسبيب ذلك أن الحكم المطعون فيه قد صدر من محكمة غير مختصة بعد صدور أمر رئيس الجمهورية رقم 1 لسنة 1981 بإحالة بعض الجرائم إلى محاكم أمن الدولة المشكلة وفق قانون الطوارئ بل ومن هيئة غير مشكلة تشكيلاً قانونياً طبقاً للقانون رقم 105 لسنة 1980 بشأن محاكم أمن الدولة الذي أوجب أن يكون رئيسها بدرجة رئيس استئناف، كما أن الدفاع عن الطاعن دفع بأن الواقعة المنسوبة إليه لا تشكل سوى جريمة الجنحة المنصوص عليها في المادة 323 من قانون العقوبات وهي الاستيلاء على سيارة الغير بغير حق وبدون نية التملك، وبأن الأقراص المضبوطة مع الطاعن غير مخدرة بما كان من المتعين الاستجابة إلى طلبه في إرسالها للتحليل دون أن تحل المحكمة محل الخبير في مسألة فنية بحت كل ذلك مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
وحيث إنه من المقرر أن المحاكم العادية هي صاحبة الولاية العامة في حين أن محاكم أمن الدولة - طوارئ - ليست إلا محاكم استثنائية. ولما كان القانون رقم 162 لسنة 1958 بشأن حالة الطوارئ المعدل بالقانون رقم 164 لسنة 1981 والقانون رقم 50 لسنة 1982 وإن أجاز في المادة التاسعة منه إحالة الجرائم التي يعاقب عليها القانون العام إلى محاكم أمن الدولة وكان قرار رئيس الجمهورية رقم 560 لسنة 1981 بإعلان حالة الطوارئ وكذلك أمر رئيس الجمهورية رقم 1 لسنة 1981 بإحالة بعض الجرائم إلى محاكم أمن الدولة طوارئ ومنها الجرائم المنصوص عليها في القانون 394 لسنة 1954 في شأن الأسلحة والذخائر والقوانين المعدلة له قد خلت جميعها كما خلا أي تشريع آخر من النص على انفراد محاكم أمن الدولة المشكلة وفق قوانين الطوارئ بالفصل في فيها وحدها دون غيرها في هذه الجرائم أو الجرائم المرتبطة بها أو المرتبطة هي بها، ولو كان المشرع قد أراد إفراد محاكم أمن الدولة المذكورة بالفصل فيها وحدها دون سواها في أي نوع من الجرائم لعمد إلى الإفصاح عنه صراحة على غرار نهجه في الأحوال المماثلة فإن النعي بصدور الحكم من محكمة غير مختصة ولائياً يكون على غير أساس. هذا إلى أنه من المبادئ العامة المتفق عليها، أن المصلحة أساس الدعوى أو الطعن فإن انعدمت فلا تقبل الدعوى أو الطعن. باعتبار أن الدعوى أو الطعن في هذه الحالة يكون مسألة نظرية بحتة لا يؤبه لها، وكان لا مصلحة للطاعن في أن يحاكم أمام محكمة أمن الدولة المشكلة وفقاً لقانون الطوارئ، لأن في ذلك إساءة إلى مركزه الذي لا يصح أن يضار بالطعن المرفوع منه وحده عملاً بنص المادة 43 من القانون رقم 57 لسنة 1959 بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض، إذ أن مصلحته تستوجب - في صورة الدعوى الماثلة - أن يحاكم أمام المحاكم العادية صاحبة الولاية العامة في نظر كافة الجرائم أو الدعاوى - إلا ما استثنى بنص خاص - لأن المشرع قد أحاط هذه المحاكم بضمانات متمثلة في تشكيلها من عناصر قضائية صرف ومن تعدد درجاتها ومن الحق في الطعن في أحكامها بطرق الطعن كافة ومنها طريق الطعن بالنقض متى توافرت شروط ذلك وهي ضمانات لا تتوافر في محاكم أمن الدولة المشكلة وفقاً لقانون الطوارئ ومن ثم فلا مصلحة للطاعن في النعي على الحكم بهذا الوجه - لما كان ذلك، وكان الطاعن لا يماري في أن الحكم المطعون فيه قد صدر من محكمة جنايات عادية ولم يصدر من محكمة أمن الدولة العليا وفق القانون رقم 105 لسنة 1980 فإن النعي على الحكم صدوره من هيئة غير مشكلة تشكيلاً صحيحاً بحسب القانون الأخير يكون في غير محله. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها، ولما كانت الواقعة التي استخلصتها المحكمة هي أن الطاعن - والمتهم الآخر الذي لم يقبل طعنه شكلاً - قد سرقا بالإضافة إلى السيارة الأجرة حافظة نقود ورخصتي القيادة والتسيير وبطاقة إثبات الشخصية المملوكة للمجني عليه ومن ثم فلا يجدي الطاعن القول بأن الاستيلاء على السيارة وحدها لم يكن بنية التملك كما لا يجديه القول أو المجادلة في شأن الأقراص المضبوطة معه وكونها غير مخدرة طالما أن المحكمة قد استبعدت ظرف الإكراه المؤسس على استعمال أقراص مخدرة في تخدير المجني عليه واعتبرت الواقعة جنحة بالمادة 317 عقوبات وأدانت الطاعن بمقتضاها. لما كان ذلك، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس ويتعين لذلك رفضه موضوعاً.

الطعن 1125 لسنة 63 ق جلسة 3 / 1 / 1995 مكتب فني 46 ق 4 ص 61

جلسة 3 من يناير سنة 1995

برئاسة السيد المستشار/ محمد حسين لبيب نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ رضوان عبد العليم ووفيق الدهشان ومصطفى عبد المجيد نواب رئيس المحكمة وزغلول البلشي.

------------------

(4)
الطعن رقم 1125 لسنة 63 القضائية

(1) إثبات "شهود". محكمة الجنايات "نظرها الدعوى والفصل فيها". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
حق محكمة الجنايات أن تورد في حكمها أقوال شهود الإثبات كما تضمنتها القائمة المقدمة من النيابة العامة. ما دامت تصلح في ذاتها لإقامة قضائها بالإدانة.
(2) إثبات "خبرة". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
عدم إيراد الحكم نص تقرير الخبير بكل فحواه وأجزائه. لا يعيبه. مثال.
(3) اختلاس أموال أميرية. جريمة "أركانها". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
جريمة الاختلاس المنصوص عليها في المادة 112 عقوبات. متى تتحقق؟
(4) إثبات "بوجه عام". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها" "المصلحة في الطعن".
عدم التزام المحكمة بالتحدث في حكمها إلا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها.
النعي ببطلان تقرير اللجنة المشكلة لفحص أعمال الطاعن. غير مجد. ما دام الحكم لم يتساند في قضائه بالإدانة إلى هذا التقرير.
(5) إثبات "خبرة". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من اعتراضات. موضوعي.
أخذ المحكمة بتقرير الخبير. مفاده: أن ما وجه إليه من مطاعن لا يستحق الالتفات إليه.
(6) إثبات "بوجه عام". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
النعي بأن المحكمة لم تقم بضم أصول الفواتير. لا يعد إخلالاً بحق الدفاع. ما دام أن تلك الأصول أعدمت.

--------------------
1 - من المقرر أنه لا يوجد في القانون ما يمنع محكمة الجنايات أن تورد في حكمها أدلة الثبوت كما تضمنتها قائمة الإثبات المقدمة من النيابة العامة ما دامت تصلح في ذاتها لإقامة قضائها بالإدانة.
2 - من المقرر أنه لا ينال من سلامة الحكم عدم إيراده نص تقرير الخبير بكل فحواه وأجزائه ومن ثم تنتفي عن الحكم دعوى القصور في هذا المنحى. لما كان ذلك، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه أورد مضمون تقرير الخبير بما تضمنه من بيان أسس ومفردات المبالغ المختلسة - الذي عول عليه في قضائه من أن المبلغ المختلس هو 30183.725 جنيه وهو عبارة عن مبلغ 26770.160 جنيه قيمة مواد تموينية تسلمها الطاعن لتوزيعها على مستحقيها ولم يقم بذلك وتبين عدم وجودها بالرصيد الموجود بعهدته ومبلغ 2313 جنيه قيمة فرق السعر بين ثمن المواد التموينية المدعم والثمن الحر، ومبلغ 1100.565 جنيه قيمة التمغات على البطاقات التموينية المنصرفة بمعرفة الطاعن ولم يوردها لمصلحة الضرائب، فإن هذا حسبه كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه.
3 - جناية الاختلاس المنصوص عليها في المادة 112 من قانون العقوبات تتحقق متى كان المال المختلس مسلماً إلى الموظف العمومي أو من في حكمه طبقاً للمادتين 111، 119 من ذلك القانون بسبب وظيفته وبأن يضيف الجاني مال الغير إلى ملكه وتتجه نيته إلى اعتباره مملوكاً له بأي فعل يكشف عن نيته في تملك هذا المال.
4 - من المقرر أن المحكمة غير ملزمة بالتحدث في حكمها إلا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها، وكان الحكم المطعون فيه أنه لم يتساند في قضائه بالإدانة إلى تقرير اللجنة المشكلة لفحص أعمال الطاعن، وإنما عول في ذلك على تقرير مكتب الخبراء وأقوال شهود الإثبات فإن ما ينعاه الطاعن من بطلان تقرير تلك اللجنة يكون غير مجد.
5 - من المقرر أن تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من اعتراضات ومطاعن مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتلك التقارير شأنها في ذلك شأن سائر الأدلة لتعلق الأمر بسلطتها في تقدير الدليل، وأنها لا تلتزم بالرد على الطعون الموجهة إلى تقارير الخبراء ما دامت قد أخذت بما جاءت بها لأن مؤدى ذلك أنها لم تجد في تلك الطعون ما يستحق التفاتها إليه.
6 - لما كان الثابت بمحضر جلسة المحاكمة أن أصول الفواتير التي طلب الطاعن ضمها قد أعدمت وهو ما يسلم به الطاعن بأسباب طعنه، فإن ما يثيره الطاعن من أن المحكمة قد أخلت بحقه في الدفاع إذ لم تقم بضم أصول تلك الفواتير يكون في غير محله.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه بصفته موظفاً عمومياً "أمين عهدة بالجمعية التعاونية الاستهلاكية العامة - فرع..." اختلس مبلغ 33326.016 جنيه فقط ثلاثة وثلاثون ألف وثلاثمائة وستة وعشرون جنيهاً وستة عشر مليماً قيمة المواد التموينية المبينة بالأوراق والمسلمة إليه بسبب تأدية وظيفته حالة كونه أميناً عليها والمسلمة إليه بهذه الصفة وأحالته إلى محكمة أمن الدولة العليا بالفيوم لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 112/ أ، 118، 118 مكرراً، 119، 119 مكرر/ هـ من قانون العقوبات مع إعمال المادة (17) من نفس القانون بمعاقبة المتهم بالسجن لمدة ثلاث سنوات عما أسند إليه وبتغريمه ثلاثين ألف ومائة وثلاثة وثمانين جنيهاً وسبعمائة وعشرين مليماً وبإلزامه برد مبلغ مساو إلى الجمعية الاستهلاكية العامة... وبعزله من وظيفته.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة اختلاس أموال أميرية، قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع، ذلك بأن الحكم اكتفى بإيراد قائمة الثبوت المقدمة من النيابة العامة ولم يبين بوضوح أساس ومفردات المبالغ المختلسة، وقام دفاع الطاعن على انتفاء نية الاختلاس لديه بدلالة ما قرره رئيس اللجنة من أن هناك خطأ في العمليات الحسابية، وما قرره أعضاء اللجنة من تصرف الطاعن في المواد التموينية لغير مستحقيها بيد أن الحكم قضى بالإدانة ودلل على توافر نية الاختلاس لدى الطاعن بما لا يوفرها. وأن مجرد مطالبة مصلحة الضرائب بمبلغ 1715.600 جنيه لا تعني أن الطاعن قام بتحصيله وأخذه لنفسه وأن عرض الطاعن على تقدير اللجنة المشكلة لفحص أعماله لعدم دعوته للحضور أمامها وهي تباشر عملها، وتمسك بضم أصول الفواتير لأن الصور الكربونية لا تحمل توقيعاته ولا تعتبر حجة عليه، بيد أن المحكمة لم تعرض لدفاعه ولم تستجب لطلبه بالإيراد أو الرد - مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة اختلاس الأموال الأميرية التي دان الطاعن بها، وأورد على ثبوتها في حقه أدلة مستمدة من أقوال شهود الإثبات ومن تقرير مكتب الخبراء، وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان لا يوجد في القانون ما يمنع محكمة الجنايات أن تورد في حكمها أدلة الثبوت كما تضمنتها قائمة الإثبات المقدمة من النيابة العامة ما دامت تصلح في ذاتها لإقامة قضائها بالإدانة - وهو الحال في الدعوى المطروحة - فإن النعي على حكمها في هذا الصدد - بفرض صحته - يكون على غير سند وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه أورد مضمون تقرير الخبير بما تضمنه من بيان أسس ومفردات المبالغ المختلسة الذي عول عليه في قضائه من أن المبلغ المختلس هو 30183.725 جنيه وهو عبارة عن مبلغ 26770.160 جنيه قيمة مواد تموينية تسلمها الطاعن لتوزيعها على مستحقيها ولم يقم بذلك وتبين عدم وجودها بالرصيد الموجود بعهدته ومبلغ 2313 جنيه قيمة فرق السعر بين ثمن المواد التموينية المدعم والثمن الحر، ومبلغ 1100.565 جنيه قيمة التمغات على البطاقات التموينية المنصرفة بمعرفة الطاعن ولم يوردها لمصلحة الضرائب، فإن هذا حسبه كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه، ذلك بأنه لا ينال من سلامة الحكم عدم إيراده نص تقرير الخبير بكل فحواه وأجزاؤه ومن ثم تنتفي عن الحكم دعوى القصور في هذا المنحى. لما كان ذلك، وكانت جناية الاختلاس المنصوص عليها في المادة 112 من قانون العقوبات تتحقق متى كان المال المختلس مسلماً إلى الموظف العمومي أو من في حكمه طبقاً للمادتين 111 و119 من ذلك القانون بسبب وظيفته وبأن يضيف الجاني مال الغير إلى ملكه وتتجه نيته إلى اعتباره مملوكاً له بأي فعل يكشف عن نيته في تملك هذا المال، وهو ما أثبته الحكم في حق الطاعن، ومن ثم فإن ما يدعيه الطاعن من قصور في التسبيب في هذا الصدد يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن المحكمة غير ملزمة بالتحدث في حكمها إلا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها، وكان الحكم المطعون فيه أنه لم يتساند في قضائه بالإدانة إلى تقرير اللجنة المشكلة لفحص أعمال الطاعن، وإنما عول في ذلك على تقرير مكتب الخبراء وأقوال شهود الإثبات فإن ما ينعاه الطاعن من بطلان تقرير تلك اللجنة يكون غير مجد. ولما كان من المقرر أن تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من اعتراضات ومطاعن مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتلك التقارير شأنها في ذلك شأن سائر الأدلة لتعلق الأمر بسلطتها في تقدير الدليل، وأنها لا تلتزم بالرد على الطعون الموجهة إلى تقارير الخبراء ما دامت قد أخذت بما جاءت بها لأن مؤدى ذلك أنها لم تجد في تلك الطعون ما يستحق التفاتها إليه فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً لا شأن لمحكمة النقض به. لما كان ذلك، وكان الثابت بمحضر جلسة المحاكمة أن أصول الفواتير التي طلب الطاعن ضمها قد أعدمت وهو ما يسلم به الطاعن بأسباب طعنه، فإن ما يثيره الطاعن من أن المحكمة قد أخلت بحقه في الدفاع إذ لم تقم بضم أصول تلك الفواتير يكون في غير محله. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

الطعن 22532 لسنة 62 ق جلسة 3 / 1 / 1995 مكتب فني 46 ق 3 ص 46

جلسة 3 من يناير سنة 1995

برئاسة السيد المستشار/ محمد نبيل رياض نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ جابر عبد التواب وأمين عبد العليم ومحمد شعبان نواب رئيس المحكمة وعمر بريك.

------------------

(3)
الطعن رقم 22532 لسنة 62 القضائية

(1) حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل".
الخطأ في الإسناد الذي يعيب الحكم. هو الذي يقع فيما هو مؤثر في عقيدة المحكمة التي خلصت إليها.
(2) حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل". إثبات "شهود".
إحالة الحكم في بيان شهادة الشهود إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر. لا يعيبه. ما دامت أقوالهم متفقة مع ما استند إليه الحكم منها.
(3) إثبات "شهود" محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل".
اختلاف الشهود في بعض التفصيلات التي لم يوردها الحكم. لا يعيبه. إطراح المحكمة لها. مفاده؟
(4) دفوع "الدفع بصدور إذن التفتيش بعد القبض". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
الدفع بصدور إذن التفتيش بعد الضبط والتفتيش. موضوعي. كفاية اطمئنان المحكمة إلى وقوع الضبط والتفتيش بناء على الإذن رداً عليه.
(5) دفوع "الدفع ببطلان الاعتراف". إثبات "اعتراف". نقض "المصلحة في الطعن".
عدم جدوى النعي ببطلان الاعتراف. متى لم يستند الحكم في الإدانة إلى دليل مستمد منه.
(6) استدلالات. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير جدية التحريات". تفتيش "إذن التفتيش. إصداره".
تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار إذن التفتيش. موضوعي.
(7) دفوع "الدفع بشيوع التهمة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
الدفع بشيوع التهمة. موضوعي. لا يستأهل رداً خاصاً.
(8) محكمة الموضوع "سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى". إثبات "بوجه عام" "شهود". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى. موضوعي.
وزن أقوال الشهود. موضوعي.
مفاد أخذ المحكمة بشهادة الشهود؟
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل. عدم جواز إثارته أمام النقض.
(9) إجراءات "إجراءات التحقيق" "إجراءات المحاكمة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تعييب التحقيقات السابقة على المحاكمة. لا يصح سبباً للنعي على الحكم. النعي على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها. غير مقبول.
(10) إجراءات "إجراءات المحاكمة". محكمة الجنايات "الإجراءات أمامها". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
عدم إيجاب القانون حضور أكثر من محام مع كل متهم بجناية.
(11) إثبات "شهود". إجراءات "إجراءات المحاكمة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
للمحكمة الاستغناء على سماع شهود الإثبات بقبول المتهم أو المدافع عنه ذلك صراحة أو ضمناً. عدم حيلولة ذلك دون الاعتماد على أقوالهم التي أدلوا بها في التحقيقات.
(12) مواد مخدرة. دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل". قصد جنائي. جريمة "أركانها".
القصد الجنائي في جريمة إحراز أو حيازة أو نقل المخدر. قوامه. العلم بكنه المادة المخدرة. تحدث الحكم عن استقلالاً. غير لازم. متى كان ما أورده الحكم كافياً في الدلالة عليه.
إدانة الحكم المطعون فيه الطاعنين وفقاً لنص المادة 38 من القانون رقم 182 لسنة 1960 استناداً إلى إحرازهما المخدر بركنيه المادي والمعنوي. لا خطأ.
(13) نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". محكمة النقض "سلطتها". إجراءات "إجراءات المحاكمة".
إبداء أسباب جديدة للطعن أمام محكمة النقض. غير جائز. تقيدها بالأسباب المقدمة في الميعاد. الاستثناء من ذلك. شرطه وأساسه؟.
حق محكمة النقض في نقض الحكم من تلقاء نفسها لمصلحة المحكوم عليه. عملاً بنص الفقرة الثانية من المادة 35 من القانون سالف الذكر. طبيعته ومداه؟
النص في الفقرة الثالثة من المادة 253 مرافعات على أن الأسباب المبنية على النظام العام. يمكن التمسك بها في أية حالة كانت عليها الدعوى وتأخذ بها المحكمة من تلقاء نفسها. عدم سريانه على المواد الجنائية. أساس ذلك؟
مثال.
(14) نظام عام. محكمة النقض "سلطتها".
اتصال محكمة النقض بالأسباب المتعلقة بالنظام العام المحددة بالمادة 35/ 2 من القانون 57 لسنة 1959. شرطه: أن تكون مقوماتها واضحة من مدونات الحكم المطعون فيه أو تكون عناصر الحكم مؤدية إلى قبولها بغير حاجة إلى إجراء تحقيق موضوعي.

-------------------
1 - من المقرر أن الخطأ في الإسناد الذي يعيب الحكم هو الذي يقع فيما هو مؤثر في عقيدة المحكمة التي خلصت إليها.
2 - من المقرر أنه لا يعيب الحكم أن يحيل في بيان أقوال الشهود إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر ما دامت أقوالهم متفقة مع ما استند إليه الحكم منها.
3 - من المقرر أن اختلاف الشهود في بعض التفصيلات التي لم يوردها الحكم لا يعيبه ذلك أن لمحكمة الموضوع في سبيل تكوين عقيدتها أن تعتمد على ما تطمئن إليه من أقوال الشاهد وأن تطرح ما عداها وفي عدم إيراد الحكم لهذه التفصيلات ما يفيد إطراحه لها.
4 - من المقرر أن الدفع بحصول الضبط والتفتيش قبل صدور الإذن دفاعاً موضوعياً يكفي للرد عليه اطمئنان المحكمة إلى وقوع الضبط والتفتيش بناء على هذا الإذن أخذاً منها بالأدلة السائغة التي أوردتها.
5 - من المقرر أنه لا جدوى مما يثيره الطاعنان من بطلان الاعتراف ما دام البين من الواقعة كما صار إثباتها في الحكم ومن استدلاله أن الحكم لم يستند في الإدانة إلى دليل مستمد من الاعتراف المدعي ببطلانه وإنما أقام قضاءه على الأدلة المستمدة من أقوال شاهدي الإثبات ومن تقرير المعمل الكيماوي وهي أدلة مستقلة عن الاعتراف.
6 - من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع ومتى كانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بني عليها أمر التفتيش وكفايتها لتسويغ إصداره، وأقرت النيابة على تصرفها في شأن ذلك فلا معقب عليها فيما ارتأته لتعلقه بالموضوع لا بالقانون، ولما كانت المحكمة قد سوغت الأمر بالتفتيش وردت على شواهد الدفع ببطلانه لعدم جدية التحريات التي سبقته بأدلة منتجة لها أصلها الثابت بالأوراق فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الصدد يكون غير سديد.
7 - لما كان الدفع بشيوع التهمة هو من الدفوع التي لا تستأهل من المحكمة رداً خاصاً، إذ في قضائها بإدانة الطاعنين استناداً إلى أدلة الثبوت التي أوردتها في حكمها ما يفيد إطراحها له.
8 - من المقرر أن من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق وأن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها الشهادة وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من شبهات مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه بغير معقب عليها ومتى أخذت المحكمة بأقوال الشاهد فإن ذلك يفيد إطراحها لجميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها. لما كان ذلك، وكانت المحكمة في الدعوى الماثلة قد اطمأنت إلى أقوال شاهدي الإثبات وصحة تصويرهما للواقعة فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الصدد ينحل إلى جدل موضوعي حول تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرتها في شأنه أمام محكمة النقض.
9 - لما كان ما يثيره الطاعنان في خصوص قعود النيابة عن سؤال مالك العقار الذي يقطنان فيه وسائقه عن مكان ضبط الواقعة لا يعدو أن يكون تعييباً للتحقيق الذي جرى في المرحلة السابقة على المحاكمة مما لا يصح أن يكون سبباً للطعن على الحكم، وكان لا يبين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعنين قد طلبا إلى المحكمة تدارك هذا النقص فليس لهما من بعد أن ينعيا عليها قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها ولم تر هي حاجة إلى إجرائه بعد أن اطمأنت إلى صحة الواقعة كما رواها الشهود.
10 - لما كان القانون لا يوجب أن يكون مع كل متهم بجناية أكثر من محام واحد يتولى الدفاع عنه فإن ما تثيره الطاعنة بدعوى الإخلال بحق الدفاع وبطلان الإجراءات يكون في غير محله.
11 - من المقرر أن للمحكمة أن تستغني عن شهود الإثبات إذا قبل المتهم أو المدافع عنه ذلك صراحة أو ضمناً دون أن يحول عدم سماعهم أمامها من أن تعتمد في حكمها على أقوالهم التي أدلوا بها في التحقيقات ما دامت هذه الأقوال مطروحة على بساط البحث، وكان المدافع عن الطاعنة قد تنازل صراحة عن سماع شاهدي الإثبات باكتفائه بتلاوة أقوالهما في التحقيقات فليس له من بعد أن ينعى على المحكمة قعودها عن سماعهما ويكون منعاه في هذا الصدد في غير محله.
12 - لما كان القصد الجنائي في جريمة إحراز أو حيازة أو نقل الجوهر المخدر يتحقق بعلم المحرز أو الحائز أو الناقل بأن ما يحرزه أو يحوزه أو ينقله من المواد المخدرة وكانت المحكمة غير مكلفة بالتحدث استقلالاً عن هذا الركن إذا كان ما أوردته في حكمها من الوقائع والظروف كافياً في الدلالة على توافره بما لا يخرج عن موجب الاقتضاء العقلي والمنطقي كما هو الحال في الدعوى المطروحة فإن ما يثيره الطاعنان في شأن عدم استظهار الحكم علمهما بكنه العقار المخدر المضبوط يكون على غير أساس، لما كان ذلك وكان الحكم قد دلل على ثبوت إحراز الطاعنين المخدر بركنيه المادي والمعنوي بما يكفي لحمل قضائه بإدانتهما بالتطبيق لنص المادة 38 من القانون رقم 182 لسنة 1960 التي لا تستلزم قصداً خاصاً من الإحراز بل تتوافر أركانها بتحقق الفعل المادي والقصد الجنائي العام وهو علم المحرز بحقيقة الجوهر المخدر، فإن الحكم إذ انتهى إلى تطبيق المادة المذكورة وأنزل عقوبتها على الطاعنين لا يكون قد خالف القانون ويكون ما يثيره الطاعنان في هذا الشأن غير سديد.
13 - لما كان الأصل طبقاً لنص الفقرة الأولى من المادة 35 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 أنه لا يجوز إبداء أسباب أخرى أمام المحكمة - سواء من النيابة العامة أو غيرها من الخصوم غير الأسباب التي سبق بيانها في الميعاد المنصوص عليه في المادة 34 من القانون المذكور وأن تتقيد محكمة النقض بالأسباب المقدمة في الميعاد - وكان نقض المحكمة للحكم لمصلحة المتهم من تلقاء نفسها طبقاً لنص الفقرة الثانية من المادة 35 سالفة الذكر، على خلاف هذا الأصل، هو رخصة استثنائية خولها القانون للمحكمة على سبيل الحصر في حالة ما إذا تبين لها مما هو ثابت في الحكم أنه مبني على مخالفة القانون أو على الخطأ في تطبيقه أو في تأويله أو أن المحكمة التي أصدرته لم تكن مشكلة وفقاً للقانون ولا ولاية لها بالفصل في الدعوى، أو إذا صدر بعد الحكم المطعون فيه قانون يسري على واقعة الدعوى. لما كان ذلك، وكان منعى الطاعنة والمقدم بعد الميعاد المقرر لا يندرج تحت إحدى هذه الحالات بل يدخل ضمن حالات البطلان التي تفتح سبيل الطعن في الحكم دون أن ينعطف عليها وصف مخالفة القانون أو الخطأ في تطبيقه أو في تأويله المشار إليها في البند "أولاً" من المادة المذكورة والذي لا ينصرف إلا إلى مخالفة القانون الموضوعي سواء أكان قانون العقوبات والقوانين المكملة له أو قانون الإجراءات الجنائية فيما تضمنه من قواعد موضوعية، ومن ثم فلا يلتفت إلى ما أثارته الطاعنة في هذا الشأن بعد فوات ميعاد الطعن. ولا يغير من ذلك ما نصت عليه الفقرة الثالثة من المادة 253 من قانون المرافعات فيما يتعلق بالطعن في المواد المدنية والتجارية من أن الأسباب المبنية على النظام العام يمكن التمسك بها في أي وقت وتأخذ المحكمة بها من تلقاء نفسها، ذلك بأن الشارع فيما سنه من إجراءات في شأن الطعن في المواد الجنائية قد أراد عدم الأخذ بحكم هذا النص فحدد الأسباب التي تمس النظام العام وأفصحت المذكرة الإيضاحية للمادة 425/ 2 من قانون الإجراءات الجنائية - التي رددت المادة 35 من القانون 57 لسنة 1959 حكمها عن مراد الشارع من الاستثناء الوارد على مبدأ التقيد بأسباب الطعن وعدم إبداء أسباب جديدة بعد الميعاد القانوني، وذلك بقولها "أنه ليس من المقبول التغاضي عن الخطأ الملموس الذي يتعلق بأمور تمس النظام العام مما يجب على القاضي وفقاً للقواعد العامة أن يراعيها من تلقاء نفسه وقد آثر المشرع في هذه الحالة تحديد الأسباب التي تمس النظام العام وتجيز للمحكمة أن تستند إليها من تلقاء نفسها في نقض الحكم بدلاً من ترك هذه المسألة لضابط النظام العام وحده فإن ذلك يؤدي إلى التوسع أكثر مما يجب".
14 - من المقرر أنه يشترط لاتصال محكمة النقض بالأسباب المتعلقة بالنظام العام التي حددتها الفقرة الثانية من المادة 35 سالفة البيان أن تكون مقوماتها واضحة في مدونات الحكم المطعون فيه أو أن تكون عناصر الحكم مؤدية إلى قبولها بغير حاجة إلى إجراء تحقيق موضوعي لأن هذا التحقيق خارج عن وظيفتها.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما (1) جلبا إلى داخل جمهورية مصر العربية جوهراً مخدراً "هيروين" وذلك في غير الأحوال المصرح بها قانوناً وقبل الحصول على ترخيص كتابي من الجهة المختصة. (2) أحرزا بقصد الاتجار جوهراً مخدراً "هيروين" في غير الأحوال المصرح بها وأحالتهما إلى محكمة جنايات القاهرة لمعاقبتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة، والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 1، 2، 38، 42/ 1 من القانون 182 لسنة 1960 المعدل بالقانونين 40 لسنة 1966، 122 لسنة 1989 والبند رقم 2 من القسم الأول من الجدول رقم 1 الملحق بالقانون الأول مع إعمال المادة 17 من قانون العقوبات بمعاقبة كل من المتهمين بالأشغال الشاقة لمدة خمسة عشر عاماً وتغريمهما مائة ألف جنيه ومصادرة المخدر المضبوط باعتبار أن الجريمة هي إحراز مخدر بغير قصد من القصود الخاصة.
فطعن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعنين بجريمة إحراز مخدر الهيروين بغير قصد من القصود المجرمة قد شابه الخطأ في الإسناد والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع والقصور في التسبيب وران عليه البطلان ذلك أنه أحال في بيان شهادة الشاهد الثاني إلى مضمون ما حصله من شهادة الشاهد الأول رغم اختلاف أقوالهما، كما دفعا ببطلان إجراءات الضبط والتفتيش لحصولهما قبل صدور إذن من النيابة العامة في غير حالات التلبس - وهو ما يبطل أيضاً الاعتراف المستمد من القبض الباطل - وببطلان إذن التفتيش لابتنائه على تحريات غير جدية بيد أن الحكم أغفل الرد على الدفع الأول ورد على الدفع الثاني برد غير سائغ، كما أثارا دفاعاً حاصله شيوع التهمة وأن الضبط تم داخل الشقة المؤجرة لهما مفروشة وذلك في حضور مالك الشقة وسائقه اللذين لم تسمعهما النيابة - وليس خارجها كما ذهب شاهدا الإثبات في أقوالهما بيد أن الحكم أطرح هذا الدفاع بما لا يسوغ به إطراحه ولم تسمع أقوال مالك الشقة وسائقه في هذا الشأن باعتبارهما شاهدي واقعة، كما أن الحاضر عن الأستاذ... المحامي الموكل للدفاع عن الطاعن طلب تأجيل نظر الدعوى لحضوره فضلاً عن أنه تمسك بسماع شاهدي الإثبات وكان يتعين على المحكمة إجابته إلى طلبه، ولا يغير من ذلك استغناء المحامين الآخرين للطاعنة عن ذلك، هذا إلى أن الأستاذ... الذي ترافع عن موكله لبناني الجنسية وغير مقبول للمرافعة أمام محاكم الاستئناف أو المحاكم الابتدائية، كما دفع الطاعنان بانتفاء القصد الجنائي لديهما لعدم العلم بكنه المخدر المضبوط بيد أن الحكم التفت عن هذا الدفاع رغم جوهرية - ولم يعرض له إيراداً ورداً كل ذلك يعيب الحكم المطعون فيه بما يستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعنين بها وأورد على ثبوتها في حقهما أدلة سائغة مستمدة من أقوال شاهدي الإثبات وتقرير المعامل الكيماوية. لما كان ذلك، وكان الحكم قد أورد مؤدى أقوال العميد... وعند إيراد الحكم لأقوال زميله الضابط... أورد أنه شهد بمضمون ما شهد به الشاهد الأول، وكان من المقرر أن الخطأ في الإسناد الذي يعيب الحكم هو الذي يقع فيما هو مؤثر في عقيدة المحكمة التي خلصت إليها وأنه لا يعيب الحكم أن يحيل في بيان أقوال الشهود إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر ما دامت أقوالهم متفقة مع ما استند إليه الحكم منها، وأن اختلاف الشهود في بعض التفصيلات التي لم يوردها الحكم لا يعيبه ذلك أن لمحكمة الموضوع في سبيل تكوين عقيدتها أن تعتمد على ما تطمئن إليه من أقوال الشاهد وأن تطرح ما عداها وفي عدم إيراد الحكم لهذه التفصيلات ما يفيد إطراحه لها ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الصدد لا يكون له محل، لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الدفع بحصول الضبط والتفتيش قبل صدور الإذن دفاعاً موضوعياًً يكفي للرد عليه اطمئنان المحكمة إلى وقوع الضبط والتفتيش بناء على هذا الإذن أخذاً منها بالأدلة السائغة التي أوردتها فإن النعي في هذا الصدد يكون في غير محله. لما كان ذلك وكان لا جدوى مما يثيره الطاعنان من بطلان الاعتراف ما دام البين من الواقعة كما صار إثباتها في الحكم ومن استدلاله أن الحكم لم يستند في الإدانة إلى دليل مستمد من الاعتراف المدعي ببطلانه وإنما أقام قضاءه على الأدلة المستمدة من أقوال شاهدي الإثبات ومن تقرير المعمل الكيماوي وهي أدلة مستقلة عن الاعتراف فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الصدد يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض للدفع المبدى من الطاعنين ببطلان إذن التفتيش لعدم جدية التحريات وأطرحه في قوله "وحيث إنه عن الدفع بعدم جدية التحريات فمردود بأن الثابت من أقوال العقيد... التي أدلى بها في التحقيقات والتي هي محل اطمئنان المحكمة أنه قام قبل استصدار الإذن بإجراء التحريات عن طريق مصادر سرية وتأكد منها قبل استصدار إذن النيابة بما تطمئن معه المحكمة إلى جدية تلك التحريات فيما يتعلق بإحراز المتهمين للمخدر المضبوط وتقر المحكمة سلطة التحقيق على إصدارها إذن التفتيش بما يكون معه الدفع ببطلان إذن النيابة وعدم جدية التحريات في غير محله جديراً بالرفض" وكان من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع ومتى كانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بني عليها أمر التفتيش وكفايتها لتسويغ إصداره، وأقرت النيابة على تصرفها في شأن ذلك فلا معقب عليها فيما ارتأته لتعلقه بالموضوع لا بالقانون، ولما كانت المحكمة قد سوغت الأمر بالتفتيش وردت على شواهد الدفع ببطلانه لعدم جدية التحريات التي سبقته بأدلة منتجة لها أصلها الثابت بالأوراق فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الصدد يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان الدفع بشيوع التهمة هو من الدفوع التي لا تستأهل من المحكمة رداً خاصاً، إذ في قضائها بإدانة الطاعنين استناداً إلى أدلة الثبوت التي أوردتها في حكمها ما يفيد إطراحها له، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الصدد يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق وأن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها الشهادة وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من شبهات مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه بغير معقب عليها ومتى أخذت المحكمة بأقوال الشاهد فإن ذلك يفيد إطراحها لجميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها. لما كان ذلك، وكانت المحكمة في الدعوى الماثلة قد اطمأنت إلى أقوال شاهدي الإثبات وصحة تصويرهما للواقعة فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الصدد ينحل إلى جدل موضوعي حول تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرتها في شأنه أمام محكمة النقض. لما كان ذلك وكان ما يثيره الطاعنان في خصوص قعود النيابة عن سؤال مالك العقار الذي يقطنان فيه وسائقه عن مكان ضبط الواقعة لا يعدو أن يكون تعييباً للتحقيق الذي جرى في المرحلة السابقة على المحاكمة مما لا يصح أن يكون سبباً للطعن على الحكم، وكان لا يبين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعنين قد طلبا إلى المحكمة تدارك هذا النقض فليس لهما من بعد أن ينعيا عليها قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها ولم تر هي حاجة إلى إجرائه بعد أن اطمأنت إلى صحة الواقعة كما رواها الشهود لما كان ذلك، وكان يبين من محضر جلسة... التي صدر فيها الحكم المطعون فيه أنه حضر مع الطاعنة الأستاذ... والأستاذة... المحاميان وأن الأستاذ... المحامي لم يكن من بين هيئة الدفاع التي حددتها الطاعنة، كما أن المحاميين اللذين ترافعا عنها لم يشر أي منهما إلى أنه بنى خطته في الدفاع عن الطاعنة على وجود زميل معه لما كان ذلك، وكانت الطاعنة لم تشر بأسباب طعنها إلى أن المحامين الموكلين عنها اتفقوا على المشاركة في الدفاع وتقسيمه بينهم ولا تنازع في أن الأستاذة... من المحامين المقبولين أمام محاكم الاستئناف أو المحاكم الابتدائية، وكان القانون لا يوجب أن يكون مع كل متهم بجناية أكثر من محام واحد يتولى الدفاع عنه فإن ما تثيره الطاعنة بدعوى الإخلال بحق الدفاع وبطلان الإجراءات يكون في غير محله، لما كان ذلك، وكان البين من محضر جلسة المحاكمة والتي صدر فيها الحكم المطعون فيه أن شاهدي الإثبات لم يحضرا وأن النيابة العامة والدفاع اكتفيا بتلاوة أقوالهما الواردة بالتحقيقات، وكان من المقرر أن للمحكمة أن تستغني عن شهود الإثبات إذا قبل المتهم أو المدافع عنه ذلك صراحة أو ضمناً دون أن يحول عدم سماعهم أمامها من أن تعتمد في حكمها على أقوالهم التي أدلوا بها في التحقيقات ما دامت هذه الأقوال مطروحة على بساط البحث، وكان المدافع عن الطاعنة قد تنازل صراحة عن سماع شاهدي الإثبات باكتفائه بتلاوة أقوالهما في التحقيقات فليس له من بعد أن ينعى على المحكمة قعودها عن سماعهما ويكون منعاه في هذا الصدد في غير محله. لما كان ذلك وكان القصد الجنائي في جريمة إحراز أو حيازة أو نقل الجوهر المخدر يتحقق بعلم المحرز أو الحائز أو الناقل بأن ما يحرزه أو يحوزه أو ينقله من المواد المخدرة وكانت المحكمة غير مكلفة بالتحدث استقلالاً عن هذا الركن إذا كان ما أوردته في حكمها من الوقائع والظروف كافياً في الدلالة على توافره بما لا يخرج عن موجب الاقتضاء العقلي والمنطقي كما هو الحال في الدعوى المطروحة، فإن ما يثيره الطاعنان في شأن عدم استظهار الحكم علمهما بكنه العقار المخدر المضبوط يكون على غير أساس، لما كان ذلك وكان الحكم قد دلل على ثبوت إحراز الطاعنين المخدر بركنيه المادي والمعنوي بما يكفي لحمل قضائه بإدانتهما بالتطبيق لنص المادة 38 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل التي لا تستلزم قصداً خاصاً من الإحراز بل تتوافر أركانها بتحقق الفعل المادي والقصد الجنائي العام وهو علم المحرز بحقيقة الجوهر المخدر، فإن الحكم إذ انتهى إلى تطبيق المادة المذكورة وأنزل عقوبتها على الطاعنين لا يكون قد خالف القانون ويكون ما يثيره الطاعنان في هذا الشأن غير سديد، لما كان ما تقدم فإن أسباب الطعن المقدمة في الميعاد تكون قائمة على غير أساس سليم.
وحيث إن المدافع عن الطاعنة أثار أمام هذه المحكمة - محكمة النقض - بعد الميعاد القانوني - منعى آخر على الحكم المطعون فيه متعلقاً بالنظام العام مبناه بطلان إجراءات المحاكمة وانطوائها على إخلال بحق الدفاع على اعتبار أن الأستاذة... المحامية التي حضرت مع الطاعنة أمام محكمة الجنايات وتولت الدفاع عنها غير مقبولة للمرافعة أمام المحاكم الابتدائية وقدم إثباتاً لذلك شهادة من نقابة المحامين مؤرخة 30/ 10/ 1994 تتضمن وجود اسم الأستاذة... المحامية والمقيدة أمام المحاكم الابتدائية بتاريخ 6/ 8/ 1981 واسمها مقيد حالياً بجدول المحامين المشتغلين تحت رقم 30725 وأيضاً اسم... سبق لها القيد تحت رقم 34788 بتاريخ 12/ 10/ 1980 واستبعد اسمها من الجدول وذلك لمرور أكثر من أربع سنوات على تاريخ قيدها بالجدول العام دون تعديله ابتدائي.
ومن حيث إنه لما كان الأصل طبقاً لنص الفقرة الأولى من المادة 35 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 أنه لا يجوز إبداء أسباب أخرى أمام المحكمة - سواء من النيابة العامة أو غيرها من الخصوم غير الأسباب التي سبق بيانها في الميعاد المنصوص عليه في المادة 34 من القانون المذكور وأن تتقيد محكمة النقض بالأسباب المقدمة في الميعاد - وكان نقض المحكمة للحكم لمصلحة المتهم من تلقاء نفسها طبقاً لنص الفقرة الثانية من المادة 35 سالفة الذكر، علا خلاف هذا الأصل، هو رخصة استثنائية خولها القانون للمحكمة على سبيل الحصر في حالة ما إذا تبين لها مما هو ثابت في الحكم أنه مبني على مخالفة القانون أو على الخطأ في تطبيقه أو في تأويله أو أن المحكمة التي أصدرته لم تكن مشكلة وفقاً للقانون ولا ولاية لها بالفصل في الدعوى، أو إذا صدر بعد الحكم المطعون فيه قانون يسري على واقعة الدعوى. لما كان ذلك، وكان منعى الطاعنة والمقدم بعد الميعاد المقرر لا يندرج تحت إحدى هذه الحالات بل يدخل ضمن حالات البطلان التي تفتح سبيل الطعن في الحكم دون أن ينعطف عليها وصف مخالفة القانون أو الخطأ في تطبيق أو في تأويله المشار إليها في البند "أولاً" من المادة المذكورة والذي لا ينصرف إلا إلى مخالفة القانون الموضوعي سواء أكان قانون العقوبات والقوانين المكملة له أو قانون الإجراءات الجنائية فيما تضمنه من قواعد موضوعية، ومن ثم فلا يلتفت إلى ما أثارته الطاعنة في هذا الشأن بعد فوات ميعاد الطعن. ولا يغير من ذلك ما نصت عليه الفقرة الثالثة من المادة 253 من قانون المرافعات فيما يتعلق بالطعن في المواد المدنية والتجارية من أن الأسباب المبنية على النظام العام يمكن التمسك بها في أي وقت وتأخذ المحكمة بها من تلقاء نفسها، ذلك بأن الشارع فيما سنه من إجراءات في شأن الطعن في المواد الجنائية قد أراد عدم الأخذ بحكم هذا النص فحدد الأسباب التي تمس النظام العام وأفصحت المذكرة الإيضاحية للمادة 425/ 2 من قانون الإجراءات الجنائية - التي رددت المادة 35 من القانون 57 لسنة 1959 حكمها عن مراد الشارع من الاستثناء الوارد على مبدأ التقيد بأسباب الطعن وعدم إبداء أسباب جديدة بعد الميعاد القانوني، وذلك بقولها "أنه ليس من المقبول التغاضي عن الخطأ الملموس الذي يتعلق بأمور تمس النظام العام مما يجب على القاضي وفقاً للقواعد العامة أن يراعيها من تلقاء نفسه وقد آثر المشرع في هذه الحالة تحديد الأسباب التي تمس النظام العام وتجيز للمحكمة أن تستند إليها من تلقاء نفسها في نقض الحكم بدلاً من ترك هذه المسألة لضابط النظام العام وحده فإن ذلك يؤدي إلى التوسع أكثر مما يجب" فضلاً عن أنه لما كان من المقرر أنه يشترط لاتصال محكمة النقض بالأسباب المتعلقة بالنظام العام التي حددتها الفقرة الثانية من المادة 35 سالفة البيان أن تكون مقوماتها واضحة في مدونات الحكم المطعون فيه أو أن تكون عناصر الحكم مؤدية إلى قبولها بغير حاجة إلى إجراء تحقيق موضوعي لأن هذا التحقيق خارج عن وظيفتها، وكان ما تثيره الطاعنة يقتضي في هذه الحالة تحقيق ما إذا كانت المحامية التي حضرت معها أمام محكمة الجنايات وتولت الدفاع عنها هي الأستاذة... المقيدة أمام المحاكم الابتدائية أو الأستاذة... الغير مقبولة أمام المحاكم الابتدائية والمستبعد اسمها من الجدول حسبما ورد بالشهادة الصادرة من نقابة المحامين وهو ما يخرج عن وظيفة محكمة النقض. لما كان ما تقدم فإنه يتعين رفض الطعن موضوعاً.