جلسة 8 من يناير سنة 1995
برئاسة السيد المستشار/ عوض جادو نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد شتا وحسام عبد الرحيم وفتحي الصباغ نواب رئيس المحكمة وسمير مصطفى.
----------------
(10)
الطعن رقم 10319 لسنة 64 القضائية
(1) إعدام. نيابة عامة. نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها" "نظر الطعن والحكم فيه".
إثبات تاريخ تقديم مذكرة النيابة في قضايا الإعدام. غير لازم.
اتصال محكمة النقض بالدعوى المحكوم فيها بالإعدام بمجرد عرضها عليها دون التقيد بالرأي الذي ضمنته النيابة مذكرتها. أساس ذلك؟
(2) إثبات "شهود" "خبرة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". قتل عمد.
الدفاع بعدم وقوع الحادث في الوقت الذي حدده الشهود ووقوعه في وقت سابق بدلالة وجود الجثة في حالة التيبس الرمي التام رغم مضي أقل من يوم على القتل. جوهري. وجوب تحقيقه عن طريق المختص فنياً. إغفال ذلك. قصور وإخلال بحق الدفاع. سكوت الدفاع عن طلب دعوة أهل الفن صراحة لتحديد وقت وقوع الحادث الذي ينازع فيه. لا يقدح في اعتبار دفاعه جوهرياً. منازعته فيه تتضمن بذاتها المطالبة الجازمة بتحقيق هذا الدفاع والرد عليه.
حدود سلطة المحكمة في تقدير القوة التدليلية لعناصر الدعوى؟
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما 1 - قتلا... عمداً مع سبق الإصرار والترصد بأن بيتا النية وعقدا العزم على قتله وأعدا لهذا الغرض سلاحاً نارياً "مسدس" وتوجها إليه في المكان الذي أيقنا سلفاً وجوده فيه وما أن ظفرا به حتى أطلق عليه الأول عدة أعيرة نارية بينما وقف الثاني ليشد من أزره قاصدين من ذلك قتله فأحدثا به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته. 2 - المتهم الأول أيضاً: أحرز بغير ترخيص سلاحاً نارياً مششخناً "مسدس". 3 - أحرز ذخائر (عدة طلقات) مما تستعمل في السلاح الناري سالف الذكر دون أن يكون مرخصاً له في حيازته أو إحرازه. وأحالتهما إلى محكمة جنايات سوهاج لمعاقبتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. وادعى والد المجني عليه مدنياً قبل المتهم بمبلغ 5001 جنيه على سبيل التعويض المؤقت. والمحكمة المذكورة قررت إرسال أوراق القضية إلى فضيلة مفتي جمهورية مصر العربية لإبداء الرأي فيها وحددت جلسة للنطق بالحكم. وبالجلسة المحددة قضت حضورياً وبإجماع الآراء عملاً بالمادتين 230، 231 من قانون العقوبات والمواد 1/ 1، 6، 26/ 2، 5، 30/ 1 من القانون رقم 394/ 1954 المعدل بالقانونين رقمي 26 لسنة 1978، 165 لسنة 1981 والبند "أ" من القسم الأول من الجدول رقم "3" الملحق بالقانون الأول مع إعمال المادة 32/ 2 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم الأول بالإعدام شنقاً وبمعاقبة المتهم الثاني بالأشغال الشاقة المؤبدة وإلزامهما بأن يؤديا للمدعي بالحقوق المدنية مبلغ خمسة آلاف وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت.
فطعن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض، كما عرضت النيابة العامة القضية مشفوعة بمذكرة بالرأي... إلخ.
المحكمة
حيث إن النيابة العامة قد عرضت القضية على هذه المحكمة مشفوعة بمذكرة - رأت فيها إقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليه... - إعمالاً لنص المادة 46 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 دون إثبات تاريخ تقديمها بحيث يستدل منه على أنه روعي فيها عرض القضية في ميعاد الستين يوماً المحددة في المادة 34 من ذلك القانون والمعدلة بالقانون رقم 23 لسنة 1992 إلا أنه لما كان تجاوز هذا الميعاد - على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - لا يترتب عليه عدم قبول عرض النيابة بل إن محكمة النقض تتصل بالدعوى بمجرد عرضها عليها لتفصل فيها وتتبين من تلقاء نفسها - ودون أن تتقيد بالرأي الذي ضمنته النيابة مذكرتها - ما عسى أن يكون قد شاب الحكم من عيوب، يستوي في ذلك أن يكون عرض النيابة في الميعاد المحدد أو بعد فواته، فإنه يتعين قبول عرض النيابة العامة للقضية.
وحيث إن مما ينعاه الطاعنان على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهما بجريمة القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد قد شابه القصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع ذلك أنه أغفل دفاعهما القائم على عدم وقوع الحادث في الوقت الذي حدده الشهود بدلالة وجود الجثة في حالة التيبس الرمي التام رغم مضي أقل من يوم على الوفاة ولم يعن بتحقيقه عن طريق المختص فنياً مما يعيبه ويستوجب نقضه.
ومن حيث إنه يبين من محاضر جلسات المحاكمة أن المدافع عن الطاعنين أشار إلى عدم وقوع الحادث في الوقت الذي حدده الشهود ووقوعه في وقت سابق بدلالة وجود الجثة في حالة التيبس الرمي التام رغم مضي أقل من يوم على القتل كما يبين من الحكم المطعون فيه أنه نقل عن تقرير الصفة التشريحية أن إصابات المجني عليه جائزة الحدوث وفق تصوير شهود الواقعة وفي تاريخ يتفق وتاريخ الحادث، وأحال في الرد على دفاع الطاعنين بشأن وقت وقوع الحادث إلى ما أورده من تقرير الصفة التشريحية. لما كان ذلك وكان الدفاع الذي أبداه الطاعنان في الدعوى المطروحة - على ما سلف بيانه - يُعد دفاعاً جوهرياً لتعلقه بالدليل المقدم فيها والمستمد من أقوال شهود الإثبات ومن تقرير الصفة التشريحية وهو دفاع قد ينبني عليه - لو صح - تغيير وجه الرأي في الدعوى مما كان يقتضي من المحكمة وهي تواجه مسألة تحديد وقت الوفاة وهي مسألة فنية بحتة أن تتخذ ما تراه من الوسائل لتحقيقها بلوغاً إلى غاية الأمر فيها بتحقيق هذا الدفاع الجوهري عن طريق المختص فنياً وهو الطبيب الشرعي أما وهي لم تفعل فإن حكمها يكون معيباً بالقصور فضلاً عن الإخلال بحق الدفاع، ولا يقدح في هذا أن يسكت الدفاع عن طلب دعوة أهل الفن صراحة، ذلك بأن منازعة الطاعنين في تحديد الوقت الذي وقع فيه الحادث وحدثت فيه الوفاة يتضمن في ذاته المطالبة الجازمة بتحقيقه والرد عليه بما يفنده. ولا يرفع هذا العوار ما أورده الحكم من رد قاصر لا يغني في مقام التحديد لأمر يتطلبه ذلك وأنه وإن كان الأصل أن المحكمة لها كامل السلطة في تقدير القوة التدليلية لعناصر الدعوى المطروحة على بساط البحث إلا أن هذا مشروط بأن تكون المسألة المطروحة ليست من المسائل الفنية البحتة التي لا تستطيع المحكمة بنفسها أن تشق طريقاً لإبداء الرأي فيها كما هو واقع الحال في خصوصية الدعوى المطروحة. لما كان ما تقدم، فإن الحكم المطعون فيه يكون معيباً بما يوجب نقضه والإعادة دون حاجة لبحث سائر أوجه الطعن.