برئاسة السيد القاضي/ أحمد سعيد السيسي (نائب رئيس المحكمة) وعضوية السادة القضاة/ صلاح مجاهد، حسام هشام صادق، إيهاب الميداني
وطارق عمران "نواب رئيس المحكمة".
بحضور السيد رئيس النيابة العامة لدى محكمة النقض/ عبد الفتاح غلوش.
وحضور السيد أمين السر/ مصطفى أبو سريع.
------------
الوقائع
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق –
تتحصل في أن مورث المطعون ضدهما الأولى والثانية – بالبند الأول – أقام الدعوى رقم
3318 لسنة 2002 أمام محكمة جنوب القاهرة الابتدائية ضد الطاعنة، وباقي المطعون
ضدهم بطلب الحكم برد وبطلان الإقرار المؤرخ 10/7/1990 الخاص بالتعديل الذي تم بعقد
الشركة وما ترتب عليه من آثار، وبإلزام المطعون ضده الأخير بصفته بمحو التأشير
الذي تم بتاريخ 13/1/2002 تحت رقم 119 في السجل التجاري رقم 24867 بنها استثمار
محافظة القليوبية، وقال بياناً لذلك أنه بتاريخ 11/9/1997 تكونت شركة ........ بين
مورثه والطاعنة وأخرى، إلا أن الطاعنة قامت بتعديل عقد الشركة والتأشير بذلك في
السجل التجاري بموجب إقرار نسب إلى مورثهما يتنازل فيه عن حصته في الشركة المذكورة
إليها فكانت الدعوى، أقامت الطاعنة دعوى فرعية ضد المطعون ضدهما بطلب الحكم بإلزامهما
مبلغ 100,000 جنيه تعويضاً مادياً وأدبياً لها عن إساءتهما استعمال حق التقاضي
لاختصامها في الدعوى الأصلية، ندبت المحكمة خبيراً، وبعد أن أودع التقرير النهائي.
حكمت بعدم اختصاصها نوعياً بنظر الدعويين الأصلية والفرعية وإحالتها إلى الدائرة
الاستئنافية بمحكمة القاهرة الاقتصادية وقيدت بها برقم ....... لسنة ......ق،
وبتاريخ 28/4/2010 قضت المحكمة في الدعوى الأصلية برد وبطلان الإقرار المؤرخ
10/7/1990، وبتعديل عقد شركة تجديد الكرنكات والهندسة المؤرخ 13/1/2002، وبشطب
التأشير الحاصل في ذلك التاريخ والمقيد برقم 119 بالسجل الخاص بالشركة رقم 24867
بنها استثمار محافظة القليوبية، وفي الدعوى الفرعية برفضها. طعنت الطاعنة في هذا
الحكم بطريق النقض، وأودعت النيابة مذكره أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عرض
الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة بعد إحالته من دائرة فحص الطعون رأت أنه جدير
بالنظر، وحددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.
في يوم 7/6/2010 طُعن بطريق النقض في حكم محكمة استئناف القاهرة
الاقتصادية الصادر بتاريخ 28/4/2010 في الاستئناف رقم ..... لسنة ..... ق، بصحيفة
طلبت فيها الطاعنة الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه.
وفي اليوم ذاته أودعت الطاعنة مذكرة شارحة.
وفي 15/6/2010 أعلنت المطعون ضدهما أولاً بصحيفة الطعن.
وفي 16/6/2010 أعلنت المطعون ضدها الثانية بصحيفة الطعن.
وفي 17/6/2010 أعلن المطعون ضده الثالث بصفته بصحيفة الطعن.
ثم أودعت النيابة العامة مذكرتها وطلبت فيها قبول الطعن شكلاً ورفضه
موضوعاً.
وبجلسة 9/2/2015 عُرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة، فرأت أنه جدير
بالنظر فحددت لنظره جلسة للمرافعة.
وبجلسة 22/6/2015 سُمعت الدعوى أمام هذه الدائرة على ما هو مبين بمحضر
الجلسة حيث صممت النيابة العامة على ما جاء بمذكرتها، والمحكمة أرجأت إصدار الحكم
إلى جلسة اليوم.
----------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي
المقرر/ ....... "نائب رئيس المحكمة" والمرافعة، وبعد المداولة.
وحيث إن الطاعنة تنعي بالوجه الأول من السبب الأول على الحكم المطعون
فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك تقول أن قضاء محكمة
جنوب القاهرة الابتدائية بعدم اختصاص المحكمة نوعياً بنظر الدعوى وإحالتها إلى
المحكمة الاقتصادية الاستئنافية وتصدي الأخيرة لموضوع الدعوى رغم أن قيمة الدعوى
أقل من خمسة ملايين جنيه، وتختص بنظرها المحكمة الاقتصادية الابتدائية، فإن حكمها
يكون معيباً بمخالفة القانون والخطأ في تطبيقه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أنه من المقرر – في قضاء هذه المحكمة
- أن الحكم الصادر بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى والإحالة هو حكم منهي للخصومة
أمام المحكمة التي أصدرته، فإذا لم يطعن الخصوم في هذا الحكم بطرق الطعن المقررة
قانوناً فإن قضاءها في هذا الشأن يحوز قوة الأمر المقضي، ووجوب تقيد المحكمة
المحال إليها به وامتناعها والخصوم عن معاودة الجدل، ولو كان قد خالف صحيح
القانون، وأن التزام المحكمة المحال إليها الدعوى بالحكم النهائي الذي فصل في
الاختصاص يكون في نطاق الأساس الذي قام عليه هذا الحكم. لما كان ذلك، وكان الحكم
الصادر من محكمة جنوب القاهرة بجلسة 24/11/2009 بعدم اختصاص المحكمة نوعياً بنظر
الدعويين الأصلية والفرعية وإحالتها إلى محكمة القاهرة الاقتصادية بمأمورية
استئناف القاهرة لنظرها هو حكم منه للخصومة يجوز الطعن عليه استقلال، وإذا لم تطعن
الطاعنة على هذا الحكم، فإن لازم ذلك ومقتضاه التزام المحكمة المحال إليها بهذا
القضاء، ويكون النعي عليه في هذا الخصوص على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعي بالوجه الثاني من السبب الأول والسببين الثاني
والثالث على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال، وفي
بيان ذلك تقول إنه أقام قضاءه على تقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير كركيزة لرفض القضاء
برد وبطلان الإقرار موضوع الدعوى في حين أن ذلك الإقرار مصدق عليه من قنصلية مصر
في باريس وموقع عليه من مورث الطاعنة أمام الموظف المختص بالقنصلية، ومن ثم فهو
ورقة رسمية حجيتها تسري على الكافة، ولا يجوز الادعاء بتزويرها، مما يعيب الحكم
ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أن المقرر - في قضاء هذه المحكمة –
أن النص في المادة 11 من قانون الإثبات على أن المحررات الرسمية حجة على الناس
كافة بما دون فيها من أمور قام بها محررها في حدود مهمته أو وقعت من ذوي الشأن في
حضوره ما لم يتبين تزويرها بالطرق المقررة قانوناً. يدل على أن حجية الورقة
الرسمية تقتصر على ما ورد بها من بيانات قام بها الموظف العام أو المكلف بخدمة
عامة في حدود مهمته أو وقعت من ذوي الشأن في حضوره، وهي البيانات التي لا يجوز
إنكارها إلا عن طريق الطعن بالتزوير. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أورد
أن المطعون ضدهم قد طعنوا على الإقرار موضوع الدعوى بطريق الطعن بالتزوير، وكان
الدليل الفني المستمد من تقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير انتهى في نتيجته إلى
تزوير التوقيع المنسوب إلى مورث الطاعنة وعدم صحته، وكان لمحكمة الموضوع وهي تباشر
سلطتها في تقدير الأدلة الأخذ بتقرير الخبير المنتدب في الدعوى متى أقامت قضاءها
على أسباب سائغة كافية لحمله، فإن ما تثيره الطاعنة بهذه الأسباب لا يعدو أن يكون
مجادلة موضوعية في تقدير محكمة الموضوع في الأدلة بغية الوصول إلى نتيجة أخرى غير
التي أخذت بها تلك المحكمة وهو ما لا يجوز إثارته أمام هذه المحكمة، ومن ثم يكون
النعي بالفساد في الاستدلال على غير أساس.
وحيث إن ما تنعاه الطاعنة بباقي أسباب الطعن على الحكم المطعون فيه
الخطأ في تطبيق القانون، ذلك أن الحكم المطعون فيه قضى برد وبطلان الإقرار المؤرخ
10/7/1990، وفي موضوع الدعوى معاً مخالفاً بذلك نص المادة 44 من قانون الإثبات،
ولم يتناول طلبها إحالة الدعوى للتحقيق، بما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد ذلك أن مفاد نص المادة 44 من قانون الإثبات
وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة أن الحكم برد وبطلان الورقة المقدمة سنداً في
الدعوى لا يعني بطلان التصرف ذاته، وإنما بطلان الورقة المثبتة له فحسب ولا ينال
من التصرف أو يمنع من إثباته بأي دليل آخر مقبول قانوناً، فإذا ما ثبت للمحكمة صحة
الادعاء بالتزوير وفساد الدليل على إسناد التصرف إلى الصادر منه، فإن ذلك لا يقتضي
بطريق اللزوم أن يكون هذا التصرف غير صحيح. وكان المقرر – في قضاء هذه المحكمة -
أنه لا يجوز الحكم بتزوير الورقة وفي الموضوع معاً بل يجب أن يكون القضاء بالتزوير
سابقاً على الحكم في موضوع الدعوى، وذلك حتى لا يحرم الخصم الذي تمسك بالورقة التي
قضي بتزويرها من أن يقدم ما عسى أن يكون لديه من أدلة قانونية أخرى لإثبات ما أراد
إثباته بتلك الورقة. لما كان ذلك، وكان قضاء الحكم المطعون فيه بعد أن قضى برد
وبطلان الإقرار المؤرخ 10/7/1990 وبشطب التأشير الحاصل بتاريخ 13/1/2002 رقم 119
بالسجل الخاص بشركة ............. رقم 24867 بنها، لا يعني بطلان الاتفاق ذاته
وإنما بطلان الورقة المثبتة له ومن ثم فإن هذا الحكم لا يحول دون إثبات حصول هذا
الاتفاق بأي دليل آخر مقبول قانوناً، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر، وقضى
برد وبطلان الإقرار المذكور وفي موضوع الدعوى بحكم واحد دون أن يفسح المجال لتناضل
الخصوم في الدعوى، فإنه يكون معيباً بما يوجب نقضه فيما قضى به في هذا الخصوص. لما
كان ذلك، ووفقاً لحكم الفقرة الأخيرة من المادة 12 من القانون رقم 120 لسنة 2008
بإنشاء المحاكم الاقتصادية، فإنه يتعين التصدي لموضوع الدعوى.
ولما تقدم.