الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 8 فبراير 2018

الطعن 10472 لسنة 80 ق جلسة 28 / 3 / 2016


برئاسة السيد القاضي/ أحمد سعيد السيسي (نائب رئيس المحكمة)  وعضوية السادة القضاة/ صلاح مجاهد، حسام هشام صادق، إيهاب الميداني وطارق عمران "نواب رئيس المحكمة". 
بحضور السيد رئيس النيابة العامة لدى محكمة النقض/ عبد الفتاح غلوش
وحضور السيد أمين السر/ مصطفى أبو سريع.

------------
الوقائع
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – تتحصل في أن مورث المطعون ضدهما الأولى والثانية – بالبند الأول – أقام الدعوى رقم 3318 لسنة 2002 أمام محكمة جنوب القاهرة الابتدائية ضد الطاعنة، وباقي المطعون ضدهم بطلب الحكم برد وبطلان الإقرار المؤرخ 10/7/1990 الخاص بالتعديل الذي تم بعقد الشركة وما ترتب عليه من آثار، وبإلزام المطعون ضده الأخير بصفته بمحو التأشير الذي تم بتاريخ 13/1/2002 تحت رقم 119 في السجل التجاري رقم 24867 بنها استثمار محافظة القليوبية، وقال بياناً لذلك أنه بتاريخ 11/9/1997 تكونت شركة ........ بين مورثه والطاعنة وأخرى، إلا أن الطاعنة قامت بتعديل عقد الشركة والتأشير بذلك في السجل التجاري بموجب إقرار نسب إلى مورثهما يتنازل فيه عن حصته في الشركة المذكورة إليها فكانت الدعوى، أقامت الطاعنة دعوى فرعية ضد المطعون ضدهما بطلب الحكم بإلزامهما مبلغ 100,000 جنيه تعويضاً مادياً وأدبياً لها عن إساءتهما استعمال حق التقاضي لاختصامها في الدعوى الأصلية، ندبت المحكمة خبيراً، وبعد أن أودع التقرير النهائي. حكمت بعدم اختصاصها نوعياً بنظر الدعويين الأصلية والفرعية وإحالتها إلى الدائرة الاستئنافية بمحكمة القاهرة الاقتصادية وقيدت بها برقم ....... لسنة ......ق، وبتاريخ 28/4/2010 قضت المحكمة في الدعوى الأصلية برد وبطلان الإقرار المؤرخ 10/7/1990، وبتعديل عقد شركة تجديد الكرنكات والهندسة المؤرخ 13/1/2002، وبشطب التأشير الحاصل في ذلك التاريخ والمقيد برقم 119 بالسجل الخاص بالشركة رقم 24867 بنها استثمار محافظة القليوبية، وفي الدعوى الفرعية برفضها. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض، وأودعت النيابة مذكره أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة بعد إحالته من دائرة فحص الطعون رأت أنه جدير بالنظر، وحددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها
في يوم 7/6/2010 طُعن بطريق النقض في حكم محكمة استئناف القاهرة الاقتصادية الصادر بتاريخ 28/4/2010 في الاستئناف رقم ..... لسنة ..... ق، بصحيفة طلبت فيها الطاعنة الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه
وفي اليوم ذاته أودعت الطاعنة مذكرة شارحة
وفي 15/6/2010 أعلنت المطعون ضدهما أولاً بصحيفة الطعن
وفي 16/6/2010 أعلنت المطعون ضدها الثانية بصحيفة الطعن
وفي 17/6/2010 أعلن المطعون ضده الثالث بصفته بصحيفة الطعن
ثم أودعت النيابة العامة مذكرتها وطلبت فيها قبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً
وبجلسة 9/2/2015 عُرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة، فرأت أنه جدير بالنظر فحددت لنظره جلسة للمرافعة
وبجلسة 22/6/2015 سُمعت الدعوى أمام هذه الدائرة على ما هو مبين بمحضر الجلسة حيث صممت النيابة العامة على ما جاء بمذكرتها، والمحكمة أرجأت إصدار الحكم إلى جلسة اليوم.

----------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر/ ....... "نائب رئيس المحكمة" والمرافعة، وبعد المداولة
وحيث إن الطاعنة تنعي بالوجه الأول من السبب الأول على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك تقول أن قضاء محكمة جنوب القاهرة الابتدائية بعدم اختصاص المحكمة نوعياً بنظر الدعوى وإحالتها إلى المحكمة الاقتصادية الاستئنافية وتصدي الأخيرة لموضوع الدعوى رغم أن قيمة الدعوى أقل من خمسة ملايين جنيه، وتختص بنظرها المحكمة الاقتصادية الابتدائية، فإن حكمها يكون معيباً بمخالفة القانون والخطأ في تطبيقه
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أنه من المقرر – في قضاء هذه المحكمة - أن الحكم الصادر بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى والإحالة هو حكم منهي للخصومة أمام المحكمة التي أصدرته، فإذا لم يطعن الخصوم في هذا الحكم بطرق الطعن المقررة قانوناً فإن قضاءها في هذا الشأن يحوز قوة الأمر المقضي، ووجوب تقيد المحكمة المحال إليها به وامتناعها والخصوم عن معاودة الجدل، ولو كان قد خالف صحيح القانون، وأن التزام المحكمة المحال إليها الدعوى بالحكم النهائي الذي فصل في الاختصاص يكون في نطاق الأساس الذي قام عليه هذا الحكم. لما كان ذلك، وكان الحكم الصادر من محكمة جنوب القاهرة بجلسة 24/11/2009 بعدم اختصاص المحكمة نوعياً بنظر الدعويين الأصلية والفرعية وإحالتها إلى محكمة القاهرة الاقتصادية بمأمورية استئناف القاهرة لنظرها هو حكم منه للخصومة يجوز الطعن عليه استقلال، وإذا لم تطعن الطاعنة على هذا الحكم، فإن لازم ذلك ومقتضاه التزام المحكمة المحال إليها بهذا القضاء، ويكون النعي عليه في هذا الخصوص على غير أساس
وحيث إن الطاعنة تنعي بالوجه الثاني من السبب الأول والسببين الثاني والثالث على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال، وفي بيان ذلك تقول إنه أقام قضاءه على تقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير كركيزة لرفض القضاء برد وبطلان الإقرار موضوع الدعوى في حين أن ذلك الإقرار مصدق عليه من قنصلية مصر في باريس وموقع عليه من مورث الطاعنة أمام الموظف المختص بالقنصلية، ومن ثم فهو ورقة رسمية حجيتها تسري على الكافة، ولا يجوز الادعاء بتزويرها، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أن المقرر - في قضاء هذه المحكمة – أن النص في المادة 11 من قانون الإثبات على أن المحررات الرسمية حجة على الناس كافة بما دون فيها من أمور قام بها محررها في حدود مهمته أو وقعت من ذوي الشأن في حضوره ما لم يتبين تزويرها بالطرق المقررة قانوناً. يدل على أن حجية الورقة الرسمية تقتصر على ما ورد بها من بيانات قام بها الموظف العام أو المكلف بخدمة عامة في حدود مهمته أو وقعت من ذوي الشأن في حضوره، وهي البيانات التي لا يجوز إنكارها إلا عن طريق الطعن بالتزوير. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أورد أن المطعون ضدهم قد طعنوا على الإقرار موضوع الدعوى بطريق الطعن بالتزوير، وكان الدليل الفني المستمد من تقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير انتهى في نتيجته إلى تزوير التوقيع المنسوب إلى مورث الطاعنة وعدم صحته، وكان لمحكمة الموضوع وهي تباشر سلطتها في تقدير الأدلة الأخذ بتقرير الخبير المنتدب في الدعوى متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة كافية لحمله، فإن ما تثيره الطاعنة بهذه الأسباب لا يعدو أن يكون مجادلة موضوعية في تقدير محكمة الموضوع في الأدلة بغية الوصول إلى نتيجة أخرى غير التي أخذت بها تلك المحكمة وهو ما لا يجوز إثارته أمام هذه المحكمة، ومن ثم يكون النعي بالفساد في الاستدلال على غير أساس
وحيث إن ما تنعاه الطاعنة بباقي أسباب الطعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، ذلك أن الحكم المطعون فيه قضى برد وبطلان الإقرار المؤرخ 10/7/1990، وفي موضوع الدعوى معاً مخالفاً بذلك نص المادة 44 من قانون الإثبات، ولم يتناول طلبها إحالة الدعوى للتحقيق، بما يعيبه ويستوجب نقضه
وحيث إن هذا النعي سديد ذلك أن مفاد نص المادة 44 من قانون الإثبات وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة أن الحكم برد وبطلان الورقة المقدمة سنداً في الدعوى لا يعني بطلان التصرف ذاته، وإنما بطلان الورقة المثبتة له فحسب ولا ينال من التصرف أو يمنع من إثباته بأي دليل آخر مقبول قانوناً، فإذا ما ثبت للمحكمة صحة الادعاء بالتزوير وفساد الدليل على إسناد التصرف إلى الصادر منه، فإن ذلك لا يقتضي بطريق اللزوم أن يكون هذا التصرف غير صحيح. وكان المقرر – في قضاء هذه المحكمة - أنه لا يجوز الحكم بتزوير الورقة وفي الموضوع معاً بل يجب أن يكون القضاء بالتزوير سابقاً على الحكم في موضوع الدعوى، وذلك حتى لا يحرم الخصم الذي تمسك بالورقة التي قضي بتزويرها من أن يقدم ما عسى أن يكون لديه من أدلة قانونية أخرى لإثبات ما أراد إثباته بتلك الورقة. لما كان ذلك، وكان قضاء الحكم المطعون فيه بعد أن قضى برد وبطلان الإقرار المؤرخ 10/7/1990 وبشطب التأشير الحاصل بتاريخ 13/1/2002 رقم 119 بالسجل الخاص بشركة ............. رقم 24867 بنها، لا يعني بطلان الاتفاق ذاته وإنما بطلان الورقة المثبتة له ومن ثم فإن هذا الحكم لا يحول دون إثبات حصول هذا الاتفاق بأي دليل آخر مقبول قانوناً، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر، وقضى برد وبطلان الإقرار المذكور وفي موضوع الدعوى بحكم واحد دون أن يفسح المجال لتناضل الخصوم في الدعوى، فإنه يكون معيباً بما يوجب نقضه فيما قضى به في هذا الخصوص. لما كان ذلك، ووفقاً لحكم الفقرة الأخيرة من المادة 12 من القانون رقم 120 لسنة 2008 بإنشاء المحاكم الاقتصادية، فإنه يتعين التصدي لموضوع الدعوى
ولما تقدم.

الأربعاء، 7 فبراير 2018

ارتباط جريمة السلاح بغيرها يمنع اعتبار الحكم فيها عقبة تنفيذ في حكم الدستورية عن الرأفة


القضية رقم 16 لسنة 39 ق " منازعة تنفيذ ".
باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الثالث عشر من يناير سنة 2018م، الموافق السادس والعشرين من ربيع الآخر سنة 1439 هـ.
برئاسة السيد المستشار / عبد الوهاب عبد الرازق رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين: السيد عبدالمنعم حشيش وسعيد مرعى عمرو وبولس فهمى إسكندر ومحمود محمد غنيم والدكتور محمد عماد النجار والدكتور عبدالعزيز محمد سالمان   نواب رئيس المحكمة
وحضور    السيد المستشار / طارق عبدالعليم أبوالعطا  رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد / محمـد ناجى عبد السميع           أمين السر
أصدرت الحكم الآتى
   فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 16 لسنة 39 قضائية " منازعة تنفيذ ".
........
ضــــــــــد
1- رئيس الجمهوريــــة
2- وزير العـــــــــدل
3- النائب العـــــــــام
4- وزير الداخليــــــة
5- مدير مصلحة السجـــون

الإجراءات
   بتاريخ السابع والعشرين من إبريل سنة 2017، أودع المدعى صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، بطلب الحكم:
أولًا    : بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم الصادر من محكمة جنايات الإسكندرية بجلسة 5/6/2016 فى الدعوى رقم 27868 لسنة 2014 جنايات
قسم المنتزه أول (المقيدة برقم 1781 لسنة 2014 كلى شرق الإسكندرية) والمؤيد بحكم محكمة النقض فى الطعن رقم 31014 لسنة 86 قضائية.
ثانيًا : بالاستمرار فى تنفيذ حكمى المحكمة الدستورية العليا الصادر أولهما بجلسة 8/11/2014 فى القضية رقم 196 لسنة 35 قضائية "دستورية"، والصادر ثانيهما بجلسة 14/2/2015 فى القضية رقم 78 لسنة 36 قضائية "دستورية"، وعدم الاعتداد بالحكم الصادر من محكمة الجنايات المؤيد بحكم محكمة النقض المشار إليهما.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم أصليًّا بعدم قبول الدعوى، واحتياطيًّا برفضها.

  وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.
  ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.

المحكمة
      بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
   حيث إن الوقائع تتحصل – على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق– فى أن النيابة العامة كانت قد قدمت المدعى وآخرين للمحاكمة الجنائية أمام محكمة جنايات الإسكندرية فى الدعوى رقم 27868 لسنة 2014 جنايات قسم المنتزه أول (المقيدة برقم 1781 لسنة 2014 كلى شرق الإسكندرية)، وكان ترتيب المدعى فى قائمة الاتهام السادس عشر، متهمة إيّاهم بأنهم فى يوم 15/8/2013، بدائرة قسم شرطة المنتزه أول، محافظة الإسكندرية، المتهمون جميعًا: أولًا : اشتركوا هم وآخرون مجهولون في تجمهر مؤلف من أكثر من خمسة أشخاص، من شأنه أن يجعل السلم العام فى خطر، وكان الغرض منه ارتكاب جرائم الترويع والتخويف والقتل والإتلاف، مستعملين فى ذلك القوة والعنف، مع علمهم بالغرض المقصود منه، حال حمل بعضهم لأسلحة نارية وبيضاء، فوقعت منهم تنفيذًا لذلك الغرض الجرائم الآتية:
- استعرضوا هم وآخرون مجهولون القوة ولوحوا بالعنف، واستخدامهما ضد المجنى عليهم المبين أسماؤهم بالتحقيقات، وكان ذلك بقصد ترويعهم وإلحاق الأذى المادي والمعنوي بهم، ولفرض السطوة عليهم، بأن اشتركوا فى التجمهر موضوع الاتهام السابق، محرزين أسلحة نارية وبيضاء وأدوات معدة للاعتداء على الأشخاص، وما إن ظفروا بهم حتى قذفوهم بالحجارة والزجاجات المشتعلة، وأطلقوا صوبهم وابلًا من الأعيرة النارية، مما ترتب عليه تعريض حياة المجنى عليهم وسلامتهم وأموالهم للخطر وتكدير الأمن والسكينة العامة. وقد اقترنت بالجريمة السابقة جناية قتل عمد، ذلك أنهم فى ذات الزمان والمكان سالفي الذكر قتلوا هم وآخرون مجهولون المجنى عليه .......، وكان ذلك تنفيذًا لغرض إرهابي، على النحو المبين بالتحقيقات. وقد اقترنت بجناية القتل آنفة البيان الجنايات التالية، ذلك أنهم في ذات الزمان والمكان سالفي الذكر: 1- قتلوا هم وآخرون مجهولون المجنى عليهم ....... وكان ذلك لغرض إرهابي، على النحو المبين بالتحقيقات.
2- شرعوا هم وآخرون مجهولون في قتل المجنى عليه.... وآخرين المبين أسماؤهم بالتحقيقات عمدًا .... وكان ذلك لغرض إرهابي، على النحو المبين بالتحقيقات. 3- سرقوا هم وآخرون مجهولون المبلغ المالي والمنقولات المبينة قدرًا ووصفًا بالتحقيقات والمملوكة    ......، وكان ذلك بطريق الإكراه الواقع عليه.
4- عرضوا هم وآخرون مجهولون سلامة إحدى وسائل النقل العام البرية للخطر وعطلوا سيرها عمدًا 5- أتلفوا هم وآخرون مجهولون عمدًا............
ثانيًا : 1- حازوا وأحرزوا بالذات وبالواسطة بغير ترخيص أسلحة نارية مششخنة (مسدسات)، وكان ذلك بأحد أماكن التجمعات بقصد استعمالها فى الإخلال بالنظام العام والأمن العام. 2- حازوا وأحرزوا بالذات والواسطة بغير ترخيص أسلحة نارية غير مششخنة (فرد خرطوش)، وكان ذلك بأحد أماكن التجمعات بقصد استعمالها فى الإخلال بالنظام العام والأمن العام. 3- حازوا وأحرزوا بالذات وبالواسطة ذخائر مما تستعمل فى الأسلحة محل الاتهام ، دون أن يكون مرخصًا لهم بحيازتها أو إحرازها، وكان ذلك بأحد أماكن التجمعات بقصد استعمالها فى الإخلال بالنظام العام والأمن العام.4- حازوا وأحرزوا أسلحة بيضاء وأدوات مما تستخدم فى الاعتداء على الأشخاص دون مسوغ من الضرورة الشخصية أو الحرفية، وكان ذلك بأحد أماكن التجمعات. وطلبت النيابة العامة معاقبتهم بنصوص المواد (86، 86 مكررًا/1-2، 86 مكررًا أ/1-2، 167، 234، 236/1-3، 240/1-3، 241/1-3، 314، 361، 375 مكررًا،375 مكررًا (أ)/1-3-4) من قانون العقوبات. والمواد أرقام (1، 2، 3،3 مكررًا/1) من القانون رقم 10 لسنة 1914 بشأن التجمهر والمعدل بالقانون رقم 87 لسنة 1968. والمواد أرقام ( 1/1، 6، 25 مكررًا، 26/1-2-4-6، 30/1) من القانون رقم 394 لسنة 1954 فى شأن الأسلحة والذخائر المعدل بالقانونين 26 لسنة 1978، 165 لسنة 1981 والمرسوم بقانون رقم 6 لسنة 2012، والبنود أرقام ( 5، 6، 27) من الجدول رقم (1) الملحق بالقانون الأول والمستبدل بقرار وزير الداخلية رقم 1756 لسنة 2007، والجدول رقم (2) والبند (1) من القسم الأول من الجدول رقم (3) المرافقين له. وبجلسة 5/6/2016، قضت المحكمة بمعاقبة المدعى بالسجن المشدد لمدة خمس سنوات وبوضعه تحت مراقبة الشرطة لمدة خمس سنوات تبدأ من نهاية تنفيذ العقوبة المقضي بها.
      وقد تساند هذا الحكم فى توقيع العقوبة المقضي بها على المدعى وباقي المتهمين إلى أن الجرائم المنسوبة إليهم ترتبط بعضها ببعض ارتباطًا لا يقبل التجزئة، بما أوجب اعتبارها كلها جريمة واحدة، والحكم بالعقوبة المقررة لأشد تلك الجرائم، بعد استعمال الرأفة مع جميع المتهمين بما فيهم المدعى – عدا المتهم الأول – عملًا بحكم المادة (17) من قانون العقوبات. وإذ لم يرتض المدعى الحكم المشار إليه فقد طعن عليه أمام محكمة النقض بالطعن رقم 31014 لسنة 86 قضائية، وبجلسة 24/4/2017 قضت محكمة النقض برفض الطعن. وإذ ارتأى المدعى أن حكم محكمة الجنايات المؤيد بحكم محكمة النقض المار بيانهما، يمثلان عقبة فى تنفيذ حكمي المحكمة الدستورية العليا الصادر أولهما بجلسة 8/11/2014 في القضية رقم 196 لسنة 35 قضائية "دستورية"، والصادر ثانيهما بجلسة 14/2/2015 في القضية رقم 78 لسنة 36 قضائية "دستورية"، فقد أقام دعواه المعروضة.
      وحيث إن من المقرر فى قضاء هذه المحكمة أن قوام منازعة التنفيذ التي تختص المحكمة الدستورية العليا بالفصل فيها وفقًا لنص المادة (50) من قانونها الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979، أن تعترض تنفيذ حكمها عوائق تحول قانونًا – بمضمونها – دون اكتمال مداه، أو تقيد اتصال حلقاته، بما يعرقل جريان آثاره كاملة أو يحد منها، ومن ثم تكون هذه العوائق هي محل منازعة التنفيذ التي تستهدف إنهاء الآثار القانونية الناشئة عنها أو المترتبة عليها، وتتدخل المحكمة الدستورية العليا لإزاحة هذه العوائق التي يفترض أن تكون قد حالت فعلًا، أو من شأنها أن تحول، دون تنفيذ أحكامها تنفيذًا صحيحًا مكتملًا، وسبيلها في ذلك الأمر بالمضي في تنفيذ أحكامها، وعدم الاعتداد بذلك الحائل الذى عطل مجراها. بيد أن تدخل المحكمة الدستورية العليا لهدم عوائق التنفيذ التي تعترض أحكامها، وتنال من جريان آثارها فى مواجهة الأشخاص الطبيعيين والاعتبارين جميعهم دون تمييز، يفترض أمرين، (أولهما) أن تكون هذه العوائق - سواء بطبيعتها أو بالنظر إلى نتائجها – حائلة دون تنفيذ أحكامها أو مقيدة لنطاقها. (ثانيهما) أن يكون إسنادها إلى تلك الأحكام وربطها منطقيًّا بها ممكنًا، فإذا لم تكن لها بها من صلة، فإن خصومة التنفيذ لا تقوم بتلك العوائق، بل تعتبر غريبة عنها، منافية لحقيقتها وموضوعها.
      وحيث إن المحكمة الدستورية العليا سبق لها أن قضت بحكمها الصادر بجلسة 8/11/2014 في القضية رقم 196 لسنة 35 قضائية "دستورية" بعدم دستورية نص الفقرة الأخيرة من المادة (26) من المرسوم بقانون رقم 394 لسنة 1954 في شأن الأسلحة والذخائر، المستبدلة بالمادة الأولى من المرسوم بقانون رقم 6 لسنة 2012 فيما تضمنه من استثناء تطبيق أحكام المادة (17) من قانون العقوبات بالنسبة للجريمتين المنصوص عليهما بالفقرتين الثالثة والرابعة من المادة ذاتها، وقد نُشر هذا الحكم في الجريدة الرسمية بعددها رقم 45 مكرر (ب) بتاريخ 12/11/2014، كما قضت بجلسة 14/2/2015 في القضية رقم 78 لسنة 36 قضائية "دستورية" بعدم دستورية نص الفقرة الأخيرة من المادة ( 26) من المرسوم بقانون رقم 394 لسنة 1954 في شأن الأسلحة والذخائر، والمستبدلة بالمادة الأولى من المرسوم بقانون رقم 6 لسنة 2012 فيما تضمنه من استثناء تطبيق أحكام المادة (17) من قانون العقوبات بالنسبة للجريمة المنصوص عليها بالفقرة الثانية من المادة ذاتها، وقد نُشر هـذا الحكم في الجريدة الرسمية بعددها رقــم 8 مكرر (و) بتاريخ 25/2/2015.
      وحيث إن الحكم الصادر من محكمة جنايات الإسكندرية بجلسة 5/6/2016 فى الدعوى رقم 27868 لسنة 2014 جنايات قسم المنتزه أول (المقيدة برقم 1781 لسنة 2014 كلى شرق الإسكندرية) والمؤيد بحكم محكمة النقض، الصادر بجلسة 24/4/2017، في الطعن رقم 31014 لسنة 86 قضائية قضى بمعاقبة المدعى بالسجن المشدد لمدة خمس سنوات عن التهم المنسوبة إليه، والتي من بينها حيازة وإحراز بالذات وبالواسطة بغير ترخيص أسلحة نارية مششخنة، وغير مششخنة، وذخائر مما تستعمل في تلك الأسلحة، وذلك فى أحد أماكن التجمعات بقصد استعمالها فى الإخلال بالنظام العام والأمن العام، المؤثمة بالفقرات الثانية والثالثة والرابعة والسادسة من المادة (26) من المرسوم بقانون رقم 394 لسنة 1954 فى شأن الأسلحة والذخائر المستبدلة بالمرسوم بقانون رقم 6 لسنة 2012، والجدول رقم (2) والبند (أ) من القسم الأول من الجدول رقم (3) المرافق لهذا القانون، والتي انتهت المحكمة إلى ارتباطها بباقي الاتهامات، المنسوب للمدعى وآخرين ارتكابها، ارتباطًا لا يقبل التجزئة، ومن ثم قررت عقابهم بالعقوبة المقررة للجريمة الأشد، عملًا بنص المادة (32) من قانون العقوبات، ثم استعملت الرأفة مع المدعى طبقًا للضوابط المنصوص عليها في المادة (17) من قانون العقوبات، وبدلت العقوبة المقضي بها بالعقوبة الأصلية المقررة لأشد تلك الجرائم. بما مؤداه عدم اعتبار حكم محكمة الجنايات المؤيد بحكم محكمة النقض المشار إليهما، عقبة في تنفيذ الحكمين الصادرين بجلسة 8/11/2014 في القضية رقم 196 لسنة 35 قضائية "دستورية"، وبجلسة 14/2/2015 في القضية رقم 78 لسنة 36 قضائية "دستورية"، والذى يتحقق بقضاء المحكمة الدستورية العليا فيهما معنى القانون الأصلح للمتهم في حكم المادة (5) من قانون العقوبات، إذ أعاد للقاضي رخصة استعمال الرأفة واستبدال عقوبة أخف بالعقوبة المنصوص عليها بالفقرات الثانية والثالثة والرابعة من المادة (26) السالف الإشارة إليها، بالنزول بعقوبتها درجة أو درجتين، إذا اقتضت أحوال الجريمة ذلك التبديل، طبقًا لنص المادة (17) من قانون العقوبات، وهو ما لم يناقضه قضاء محكمة الجنايات المؤيد بقضاء محكمة النقض المشار إليهما، واللذان لا يعتبر أى منهما حائلًا دون تنفيذ قضاء المحكمة الدستورية العليا المتقدم، أو مقيدًا نطاقه. مما يتعين معه – لما تقدم – القضاء بعدم قبول الدعوى المعروضة.
      وحيث إنه عن طلب وقف تنفيذ حكمي محكمتي الجنايات والنقض المشار إليهما، وهو فرع من أصل النزاع حول منازعة التنفيذ المعروضة، وإذ انتهت هذه المحكمة فيما تقدم إلى القضاء بعدم قبول الدعوى، فإن قيامها – طبقًا لنص المادة (50) من قانونها الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 – بمباشرة اختصاص البت في طلب وقف التنفيذ، يكون قد بات غير ذي موضوع.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى، وألزمت المدعى المصروفات، ومبلغ مائتى جنيه مقابل أتعاب المحاماة.

القضية رقم 26 لسنة 39 ق المحكمة الدستورية العليا " منازعة تنفيذ ".


باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الثالث عشر من يناير سنة 2018م، الموافق السادس والعشرين من ربيع الآخر سنة 1439 هـ.
برئاسة السيد المستشار الدكتور / حنفى على جبالى النائب الأول لرئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين: السيد عبدالمنعم حشيش ومحمد خيرى طه النجار وسعيد مرعى عمرو والدكتور عادل عمر شريف وبولس فهمى إسكندر ومحمود محمد غنيم نواب رئيس المحكمة
وحضور السيد المستشار الدكتور/ تامر ريمون فهيم رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد / محمـد ناجى عبد السميع        أمين السر
أصدرت الحكم الآتى
في القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 26 لسنة 39 قضائية " منازعة تنفيذ ".
المقامة من
السيد المستشار رئيس المحكمة الدستورية العليا       بصفته
ضــــــد
السيد المستشار / محمد خضري محمد الجابري
الإجراءات
بتاريخ التاسع عشر من أغسطس سنة 2017، أودع المدعى بصفته صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، بطلب القضاء بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم الصادر من محكمة استئناف القاهرة بجلسة 27/4/2016 فى الدعوى رقم 3576 لسنة 132 قضائية (دعاوى رجال القضاء)، والأمر بتنفيذ الحكم بمسودته وبغير إعلان، وفى الموضوع بعدم الاعتداد بالحكم المشار إليه، والاستمرار فى تنفيذ الحكم الصادر من المحكمة الدستورية العليا بجلسة 24/2/2015 فى الطلب رقم 1 لسنة 37 قضائية "طلبات أعضاء".
 وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.
  ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.
المحكمـــــة
      بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع تتحصل – على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق – فى أن المدعى عليه كان قد أقام الطلب رقم 3431 لسنة 130 قضائية (دعاوى رجال القضاء) أمام محكمة استئناف القاهرة (الدائرة 119 طلبات رجال القضاء)، ضد المدعي بصفته وآخرين، بطلب الحكم بأحقيته في الحصول على كافة المخصصات المالية المقررة لأعضاء المحكمة الدستورية العليا وهيئة المفوضين بها، وما يترتب على ذلك من آثار وفروق مالية، عن السنوات السابقة على رفع الدعوى، فضلاً عما يستجد حتى تاريخ الحكم فى الدعوى. وبجلسة 15/3/2014 قضت المحكمة بأحقية المدعى في صرف كافة المخصصات المالية أيًّا كان اسمها والتي تصرف لنظرائه من قضاة المحكمة الدستورية العليا وهيئة المفوضين بها المتماثلين معه في الدرجة والوظيفة والأقدمية، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وفروق مالية من تاريخ استحقاقها، ومراعاة أحكام التقادم الخمسي. كما أقام المدعى الطلب رقم 3576 لسنة 132 قضائية (دعاوى رجال القضاء) أمام محكمة استئناف القاهرة (الدائرة 120 دعاوى رجال القضاء)، طالبًا الاستمرار في تنفيذ الحكم الصادر لصالحه فى الدعوى رقم 3431 لسنة 130 قضائية (دعـاوى رجال القضاء)، وإلزام المدعى بتقديم بيان رسمي عن كافة ما يتقاضاه رئيس المحكمة الدستورية العليا ونوابه وأعضاء هيئة المفوضين بها، من راتب أساسي وما يرتبط به من بدلات وحوافز، وكذا البدلات - أيًّا كان اسمها - غير المرتبطة بالراتب الأساسي، وبدل عدم جواز الانتداب أو غيره، وكافة المزايا العينية التي تم الحصول عليها أو قيمتها المالية، بقالة أنه تقدم لمجلس القضاء الأعلى لتنفيذ الحكم الصادر لصالحه المار ذكره، إلا أن المجلس لم يقم بالصرف، بعلة عدم استجابة المحكمة الدستورية العليا لطلب المجلس بتقديم مفردات مرتب مستشاري المحكمة، وبجلسة 27/4/2016 قضت المحكمة له بطلباته. وإذ لم يرتض المحكوم ضده هذا القضاء، طعن عليه أمام محكمة النقض (دائرة رجال القضاء) بالطعن رقم 670 لسنة 86 قضائية (رجال قضاء)، وبجلسة 14/3/2017 قضت المحكمة "فى غرفة مشورة" بعدم قبول الطعن. وإذ ارتأى المدعى بصفته أن الحكم الصادر بجلسة 27/4/2016 فى الدعوى رقم 3576 لسنة 132 قضائية (دعاوى رجال القضاء)، يمثل عقبة فى تنفيذ حكم المحكمة الدستورية العليا الصادر بجلسة 24/2/2015 فى الطلب رقم 1 لسنة 37 قضائية "طلبات أعضاء"، القاضي بعدم الاعتداد بحكم "دائرة رجال القضاء" بمحكمة النقض فى الطعن رقم 383 لسنة 84 قضائية، الصادر بجلسة 23/12/2014، الذى تم نشره فى الجريدة الرسمية بعددها رقم 10 (مكرر هـ ) بتاريخ 11/3/2015، فقد أقام الطلب المعروض.
  وحيث إن المقرر أن المحكمة بما لها من هيمنة على الدعوى هى التى تعطيها وصفها الحق وتكييفها القانونى الصحيح، متقصية فى سبيل ذلك طلبات المدعى فيها، مستظهرة حقيقة مراميها وأبعادها. وكانت طلبات المدعى إنما تنصب فى حقيقتها على المنازعة فى القضاء المتضمن إلزامه بتقديم بيان رسمى عن كافة ما يتقاضاه ونوابه وأعضاء هيئة المفوضين بالمحكمة، من راتب أساسى وبدلات وحوافز أيًّا كان اسمها، وكافة المزايا العينية التى يحصلون عليها أو قيمتها المالية، والذى تضمنه قضاء محكمة استئناف القاهرة الصادر بجلسة 27/4/2016 فى الطلب رقم 3576 لسنة 132 قضائية (دعاوى رجال القضاء)، المؤيد بالحكم الصادر من محكمة النقض (دائرة رجال القضاء) منعقدة فى غرفة مشورة بجلسة 14/3/2017 فى الطعن رقم 670 لسنة 86 قضائية (رجال قضاء)، والذى يضحى مطروحًا حكمًا على هذه المحكمة، لارتباطه الذى لا يقبل الفصل أو التجزئة بالحكم الأول آنف الذكر، مما يلزم التعرض لهما معًا، وصولاً بالخصومة القضائية إلى غاياتها ومراميها التي اتجهت إليها طلبات المدعى فى جوهرها ومقاصدها الحقيقية. ولما كان ذلك، وكان القضاء المتقدم يتضمن فى حقيقته إلزام المدعى بالإقرار بما فى ذمته، وما يتقاضاه من راتب أساسي وبدلات وحوافـز ومزايا عينية، وكذا نوابه ورئيس وأعضاء هيئة المفوضين بالمحكمة، وهو ما يتصل بالشئون الوظيفية لهم، لتعلقها بمستحقاتهم المالية المقررة قانونًا، والتى تقرها الجمعية العامة للمحكمة، القائمة على شئونها، والتى يكون التعرض لها، ولتلك البيانات والمستحقات المتصلة بها، والمنازعة فيها، داخلة في عداد المنازعات المتعلقة بشئون الأعضاء، ليغدو النزاع المعروض، بحسب التكييف القانوني الصحيح له، مندرجًا ضمن طلبات الأعضاء، التى عقد نص المادة (192) من الدستور، والمادة (16) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979، لهذه المحكمة دون غيرها، الاختصاص بنظرها والفصل فيها، وإذ استوفى هذا الطلب سائر الشروط المقررة قانونًا لقبوله، ومن ثم يتعين القضاء بقبوله شكلاً.
      وحيث إن الدستور الحالي فى مقام تحديده للسلطـات العامة فى الدولة - باعتبارها أركان نظام الحكم، الذى خصص له الباب الخامس من وثيقة الدستور - وأفرد الفصل الثالث منه للسلطة القضائية، مسندًا توليها بصريح نص المادة (184) منه للمحاكم على اختلاف أنواعها ودرجاتها، التابعة لجهات القضاء، التي ضمن هذا الفصل، والفصل الرابع، والفرع الأول والثالث من الفصل الثامن منه، تحديدًا لتلك الجهات على سبيل الحصر، فى جهة القضاء العادي (القضاء العادي والنيابة العامة)، وجهة القضاء الإداري (مجلس الدولة)، والمحكمة الدستورية العليا، والقضاء العسكري واللجنة القضائية لضباط وأفراد القوات المسلحة، كما تولى المشرع الدستوري توزيع ولاية القضاء بين تلك الجهات، فعين لكل منها اختصاصها، شاملاً اختصاصًا حصريًّا لجهة القضاء العادي، والمحكمة الدستورية العليا، دون غيرهما بالفصل فى المنازعات المتعلقة بشئون أعضائهما المقرر بالمادتين (188، 193) منه، باعتبارهما صاحبتي الاختصـــاص الأصيل والوحيد، بنظر هذه المنازعات والفصل فيها، لتنفرد كل جهة منهما بهذه الولاية دون غيرها، وتضطلع بها، إلى جوار مجلس الدولة صاحب الولاية العامة بنظر المنازعات الإدارية طبقًا لنص المادة (190) من الدستور. وقد أتى هذا التنظيم تقديرًا من المشرع الدستوري لأهمية ذلك، وارتباطه باستقلال تلك الجهات، الذى حرص الدستور على توكيده بالمواد (94، 184، 185، 186، 188، 190، 191) منه، وهو الأمر الوثيق الصلة بالوظيفة القضائية الموكلة لها، وضمان اضطلاعها بمهامها الدستورية فى إقامة العدل، الذى اعتبرته المادة (4) من الدستور أساسًا لبناء المجتمع، وصيانة وحدته الوطنية، وليغدو مجاوزة أي من الجهات القضائية لاختصاصها الذى قرره لها الدستور والقانون، على أي وجه من الوجوه، والاعتداء على اختصاص أي من الجهـات الأخرى، أيًّا كانت صورته، والذى يعد تخومًا لا يجوز لها تجاوزها، انتهاكًا منها لأحكام الدستور ذاته والقانون، ينحدر بعملها إلى مرتبة العدم، ليغدو محض واقعة مادية، فلا يكون له حجية فى مواجهة جهة القضاء صاحبة الاختصاص، وليضحى تقرير ذلك في مكنة الجهة صاحبة الولاية، لا تشاركها فيه جهة أو سلطة أخرى، بوصفه حقًّا نابعًا من اختصاصها الأصيل الموكل إليها بمقتضى أحكام الدستور والقانون، وناشئًا عنه، وداخلاً فى مضمونه ومحتواه، باعتباره أحد أدواتها لرد العدوان على اختصاصها، وإقامة أحكام الدستور والقانون، وكفالة احترامها والالتزام بها وصونها.
      وحيث إن الدستور قد حرص على النص فى المواد من (191) حتى (195) منه على أن المحكمة الدستورية العليا جهة قضائية مستقلة قائمة بذاتها، لها موازنة مستقلة، يناقشها مجلس النواب بكامل عناصرها، وتدرج بعد إقرارها فى الموازنة العامة للدولة رقمًا واحدًا، وتقوم الجمعية العامة للمحكمة على شئونها، وتتولى المحكمة الدستورية العليا الفصل فى المنازعات المتعلقة بشئون أعضائها، وتؤلف المحكمة من رئيس، وعدد كاف من نواب الرئيس، وتؤلف هيئة المفوضين بالمحكمة من رئيس وعدد كاف من الرؤساء بالهيئة والمستشارين والمستشارين المساعدين، وتنشر فى الجريدة الرسمية الأحكام والقرارات الصادرة من المحكمة الدستورية العليا، وهى ملزمة للكافة وجميع سلطات الدولة، وتكون لها حجية مطلقة بالنسبة لهم.
      وحيث إنه يتجلى مما سبق جميعه مقصد المشرع الدستوري فى تأكيد استقلال المحكمة الدستورية العليا عن جهات القضاء الأخرى، وكذلك عن الهيئتين القضائيتين اللتين وردتا بالفصل الخامس من الباب الخامس من الدستور، هذا الاستقلال الذى أفصحت عنه القوامة الذاتية للمحكمة الدستورية العليا، والتى انبثقت عنها كافة الأحكام التى وردت بشأنها فى الدستور، سواء ما تفردت به عن جهات القضاء أو الهيئتين القضائيتين المار ذكرهما، أو ما تماثلت فيه معها، وما أحيل فيه بشأنها إلى حكم ورد فى الفصل الثالث من الدستور، الوارد تحت عنوان "السلطة القضائية"، ذلك أن القول بغير ما تقدم، لازمه تناقض أحكام الدستور مع منهجه فى شأن استقلال السلطات المكونة لنظام الحكم عن بعضها، دون الإخلال بتكاملها وتوازنها الذى حرصت المادة (5) من الدستور على توكيده، كأساس حاكم للعلاقة بين سلطات الدولة المختلفة، وهو ما تتنزه عنه نصوص الدستور بالضرورة.
      وحيث إنه من المقرر - كما سلف البيان - أن صدور حكم فى مسألة تخرج عن ولاية المحكمة التي أصدرته، يحول دون الاعتداد بحجية هذا الحكم، أمام جهة القضاء المختصة ولائيًّا بنظر تلك المسألة، وهو ما لا تصححه قوة الأمر المقضي. كما أنه من المقرر جواز المنازعة فى حكم صدر عن محكمة لا ولاية لها فى المسألة التى قضت فيها، قبل إعلان السند التنفيذي، بغية توقى آثاره، إذ تكون المنازعة موجهة – عندئذ – إلى إهدار حجية ذلك الحكم.
      لما كان ما تقدم، وكان البين من مطالعة حكم محكمة استئناف القاهرة، المؤيد بالحكم الصادر من محكمة النقض المشار إليهما، أنهما ألزما السيد المستشار المدعي ، بتقديم بيان رسمي يتضمن ما يخص المستحقات المالية والمزايا العينية المقررة لسيادته، ونواب رئيس المحكمة الدستورية العليا، ورئيس وأعضاء هيئة المفوضين بها، أيًّا كان اسم تلك المستحقات والمزايا أو طبيعتها، وكان الإلزام بتقديم هذا البيان، يعتبر فى حقيقته - كما تقدم البيان - إلزامًا له بالإقرار بما في ذمته، وما يتقاضاه من عمله من هذه المستحقات، وكذا ما يتقاضاه نواب رئيس المحكمة ورئيس وأعضاء هيئة المفوضين بها، والذى يفتقد لسنده القانوني السليم، كما أنه ينطوي بالضرورة - كما جرى قضاء هذه المحكمة - على مساس بشأن من أخص شئونهم الوظيفية، باعتبار أن البيان المطلوب، علاوة على أنه لا شراكة فيه على وجه الإطلاق بين المدعى والسادة المستشارين نواب رئيس المحكمة ورئيس وأعضاء هيئة المفوضين بها، وبين المدعى عليه، فإنه يعد وعاء تفرغ فيه المستحقات المالية لأعضاء المحكمة الدستورية العليا وهيئة المفوضين بها التي قررها القانون، وتلك التى تقررها الجمعية العامة للمحكمة، وفقًا لاختصاصها الحصري المعقود لها بمقتضى نص المادة (191) من الدستور، باعتبارها القائمة على شئون المحكمة، ونص المادة (8) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979، الذى ناط بها النظر فى المسائل المتعلقة بجميع الشئون الخاصة بأعضاء المحكمة، والتي تصدر قراراتها منضبطة بالموازنة المالية المستقلة للمحكمة، بعد إقرارها من السلطة التشريعية، وفقًا لنص المادة (191) من الدستور سالفة الذكر، التي نصت على استقلال ميزانية المحكمة واعتبارها رقمًا واحدًا. وتأكيدًا على الاستقلال المذكور نصت المادة (56) من قانون المحكمة الدستورية العليا على أن تباشر الجمعية العامة للمحكمة السلطات المخولة لوزير المالية فى القوانين واللوائح بشأن تنفيذ موازنة المحكمة. ولا مشاحة فى أن قرارات الجمعية العامة للمحكمة، والمحررات التي تُثبت فيها هذه القرارات، والتعرض لتلك البيانات والمستحقات على أي نحو كان، أمر تندرج المنازعة حوله – أيًّا كان اسمها أو تكييفها – تحت عباءة الخصومة القضائية فى شأن من شئون أعضاء المحكمة الدستورية العليا وهيئة المفوضين بها، والتي ينعقد الاختصاص بالفصل فيها لهذه المحكمة دون سواها. متى كان ذلك، وكان الحكمان المطلوب عدم الاعتداد بهما، لم يلتزما قواعد توزيع الاختصاص الولائي بين جهات القضاء التي انتظمتها نصوص الدستور والقانون، والتي تحرم غير هذه المحكمة من ولاية القضاء فى شئون أعضائها، فصدرا من جهة القضاء العادي بالمخالفة للقواعد الحاكمة للاختصاص الولائي للمحكمة الدستورية العليا فى شأن أعضائها، ومجاوزة منها لتخوم ولايتها المحددة بالفصل فى المنازعات المتعلقة بشئون قضاة محاكم جهة القضاء العادى، وأعضاء النيابة العامة، دون غيرها من جهات القضاء الأخرى، مما يتعين معه القضاء بعدم الاعتداد بالحكمين المشار إليهما، ويضحى - من ثم - الفصل فى الطلب العاجل بهذه الدعوى لا محل له.
فلهـذه الأسبـاب
      حكمت المحكمة بعدم الاعتداد بالحكم الصادر من محكمة استئناف القاهرة (الدائرة 120 دعاوى رجال القضاء) بجلسة 27/4/2016 في الطلب رقم 3576 لسنة 132 قضائية (دعاوى رجال القضاء)، والحكم الصادر من محكمة النقض (دائرة رجال القضاء) في "غرفة مشورة" بجلسة 14/3/2017 في الطعن رقم 670 لسنة 86 قضائية (رجال قضاء).

اثر الاعتراض على الامر الجنائي الصادر من النيابة العامة


القضية رقم 215 لسنة 30 ق " دستورية ".
باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الثالث عشر من يناير سنة 2018م، الموافق السادس والعشرين من ربيع الآخر سنة 1439 هـ.
برئاسة السيد المستشار / عبد الوهاب عبد الرازق     رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين: السيد عبدالمنعـم حشيش وسعيد مرعى عمـرو وبولس فهمى إسكندر ومحمود محمــد غنيم والدكتور محمد عماد النجار والدكتور طارق عبد الجواد شبل    نواب رئيس المحكمة
وحضور السيد المستشار / طارق عبدالعليم أبوالعطا  رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد / محمـد ناجى عبد السميع     أمين السر
أصدرت الحكم الآتى
فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 215 لسنة 30 قضائية " دستورية ".
المقامة من

خالد محمد عبد الله
ضـــــد
1- رئيس الجمهورية
2- رئيس مجلس الوزراء
3- رئيس مجلس الشعب (النواب حاليًا)
4- النائب العام
الإجراءات
      بتاريخ الثالث عشر من أغسطس سنة 2008، أودع المدعى صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طلبًا للحكم بعدم دستورية نصوص المواد (323 ، 325 مكررًا فقرة ثانية، 398) من قانون الإجراءات الجنائية.
  وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرتين، طلبت فيهما الحكم أصليًّا بعدم قبول الدعوى، واحتياطيًّا برفضها.
 وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.
 ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.
المحكمة
      بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع تتحصل – على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق– فى أن النيابة العامة كانت قد اتهمت المدعى فى القضية رقم 1802 لسنة 2008 جنح قسم قليوب بأنه فى تاريخ 6/2/2008 قام بتعيين ستة عمال دون الحصول على شهادة فنية من مكتب العمل، ولم يسلم كل عامل عقد عمله، وامتنع عن تقديم سجل الأجور للاطلاع عليه، ودليل حصول كل عامل على إجازته السنوية، وحصوله على خمسة عشر يومًا إجازة، وما يدل على إنشاء ملفات خدمة للعمال، ولم يعلق جدول مواعيد العمل الأسبوعية في مكان ظاهر. وبتاريخ 24/3/2008، قام وكيل النيابة العامة بقيد الواقعة جنحة ومخالفة بالمواد أرقام (1، 13/2، 15/201، 32، 45، 48/3، 77/1، 83، 86، 95، 38، 239، 246، 247، 249) من قانون العمل الصادر بالقانون رقم 12 لسنة 2003، ضد المدعى، وأصدر أمرًا جنائيًّا بتغريمه مائة جنيه عن كل اتهام لكل عامل لديه. وإذ لم يلق ذلك الأمر قبولًا لدى المدعى، اعترض عليه، وحُددت جلسة 11/6/2008 لنظر الاعتراض أمام محكمة قليوب الجزئية. وبتلك الجلسة مثل المدعى بوكيل عنه، ودفع بعدم دستورية نص المادة (323)، والفقرة الثانية من المادة (325 مكررًا)، والمادة (398) من قانون الإجراءات الجنائية. وإذ قدرت المحكمة جدية هذا الدفع، وصرحت للمدعى برفع الدعوى الدستورية، أقام دعواه المعروضة.
  وحيث إن المادة (323) من قانون الإجراءات الجنائية الصادر بالقانون رقم 150 لسنة 1950 المستبدلة بالقانون رقم 74 لسنة 2007 تنص على أن "للنيابة العامة فى مواد الجنح التى لا يوجب القانون الحكم فيها بعقوبة الحبس، إذا رأت أن الجريمة بحسب ظروفها تكفى فيها عقوبة الغرامة فضلًا عن العقوبات التكميلية والتضمينات وما يجب رده والمصاريف، أن تطلب من قاضى المحكمة الجزئية التى من اختصاصها نظر الدعوى توقيع العقوبة على المتهم بأمر يصدره بناء على محضر جمع الاستدلالات أو أدلة الإثبات الأخرى بغير إجراء تحقيق أو سماع مرافعة".
  وتنص المادة (325 مكررًا) من القانون ذاته المستبدلة فقرتاها الأولى والثانية بالقانون رقم 74 لسنة 2007 على أن " لكل عضو نيابة، من درجة وكيل نيابة على الأقل، بالمحكمة التي من اختصاصها نظر الدعوى أن يصدر الأمر الجنائي فى الجنح التي لا يوجب القانون الحكم فيها بالحبس أو الغرامة التي يزيد حدها الأدنى على ألف جنيه فضلًا عن العقوبات التكميلية والتضمينات وما يجب رده والمصاريف.
ولا يجوز أن يؤمر بغير الغرامة التي لا يزيد حدها الأقصى على ألف جنيه والعقوبات التكميلية والتضمينات وما يجب رده والمصاريف، ويكون إصدار الأمر الجنائي وجوبيًّا فى المخالفات وفى الجنح المعاقب عليها بالغرامة وحدها التي لا يزيد حدها الأقصى على خمسمائة جنيه، والتي لا يرى حفظها".
  وتنص المادة ( 398) من قانون الإجراءات الجنائية المشار إليه المستبدلة فقرتها الأولى بالقانون رقم 74 لسنة 2007 على أن " تُقبل المعارضة في الأحكام الغيابية الصادرة فى الجنح المعاقب عليها بعقوبة مقيدة للحرية، وذلك من المتهم أو المسئول عن الحقوق المدنية فى خلال الأيام العشرة التالية لإعلانه بالحكم الغيابي خلاف ميعاد المسافة القانونية، ويجوز أن يكون هذا الإعلان بملخص على نموذج يصدر به قرار من وزير العدل، وفى جميع الأحوال لا يعتد بالإعلان لجهة الإدارة ".
  وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن المصلحة الشخصية المباشرة المعتبرة شرطًا لقبول الدعوى الدستورية، لا تعتبر متحققة بالضرورة بناء على مجرد مخالفة النص التشريعي المطعون عليه للدستور، بل يتعين أن يكون هذا النص - بتطبيقه على المدعى – قد أخل بأحد الحقوق الدستورية على نحو ألحق به ضررًا مباشرًا، وبذلك يكون شرط المصلحة الشخصية المباشرة فى الدعوى الدستورية مرتبطًا بالخصم الذى أثار المسألة الدستورية، وليس بهذه المسألة ذاتها منظورًا إليها بصفة مجردة، ولا يجوز بالتالي الطعن على النص التشريعي إلا بعد توافر شرطين، أولهما: أن يقيم المدعى – وفى حدود الصفة التي اختصم بها النص التشريعي المطعون فيه – الدليل على أن ضررًا واقعيًّا اقتصاديًّا أو غيره قد لحق به، ويجب أن يكون هذا الضرر مباشرًا مستقلاًّ بعناصره، ممكنًا إدراكه ومواجهته بالترضية القضائية، وليس ضررًا متوهمًا أو نظريًا أو مجهلًا أو منتحلًا، بما مؤداه أن الرقابة على الدستورية يجب أن تكون موطئًا لمواجهة أضرار واقعية بغية ردها وتصفية آثارها القانونية، ولا يتصور أن تقوم المصلحة الشخصية المباشرة إلا مرتبطة برافعها، وثانيهما: أن يكون مرد الأمر فى هذا الضرر إلى النص التشريعي المطعون عليه، بما مؤداه قيام علاقة سببية بينهما، وتحتم أن يكون الضرر المدعى به ناشئًا من هذا النص مترتبًا عليه، فإذا لم يكن النص التشريعي المطعون عليه قد طُبق على المدعى أصلًا، أو كان من غير المخاطبين بأحكامه، أو كان قد أفاد من مزاياه، أو كان الإخلال بالحقوق التي يدعيها لا يعود إليه، فإن المصلحة الشخصية المباشرة تكون منتفية، ذلك أن إبطال النص التشريعي فى هذه الصور جميعها لن يحقق للمدعى أية فائدة عملية يمكن أن يتغير بها مركزه القانوني بعد الفصل فى الدعوى الدستورية عما كان عليه عند رفعها.
وحيث إن الدعوى الموضوعية التي أثير فيها الدفع بعدم دستورية نص المادة (323) من قانون الإجراءات الجنائية السالف بيانه، لم تطلب النيابة العامة من القاضي الجزئي إصدار أمر جنائي فيها، وإنما أصدرت هي فيها – ابتداءً- أمرًا جنائيًّا بتغريم المدعى، ولم يعرض الأمر على القاضي الجزئي إلا بمناسبة اعتراض المدعى على الأمر الجنائي الصادر من النيابة العامة، ومن ثم فإن المدعى لا يكون من بين المخاطبين بأحكام هذه المادة، وتبعًا لذلك فإن الفصل في دستوريتها لن يكون له من أثر على الدعوى الموضوعية، بما مؤداه انتفاء المصلحة الشخصية المباشرة للمدعى فى الطعن على ذلك النص التشريعي، الأمر الذى يضحى معه عدم قبول الدعوى فى هذا الشق متعينًا.
وحيث إن المدعى يهدف من الطعن بعدم دستورية نص الفقرة الثانية من المادة (325 مكررًا) من قانون الإجراءات الجنائية المشار إليه إسقاط الأمر الجنائي الصادر من النيابة العامة بمعاقبته بالغرامة، وأن تتم محاكمته أمام القاضي المختص بالإجراءات المقررة التي تمكنه من إبداء دفاعه، ودحض أدلة الاتهام القائم قبله.
  وحيث إن المادة (327) من قانون الإجراءات الجنائية أجازت لمن صدر ضده أمر جنائي من النيابة العامة أن يعلن عدم قبوله الأمر بتقرير بقلم كتاب محكمة الجنح خلال عشرة أيام من تاريخ إعلانه بالأمر، ورتبت على ذلك التقرير سقوط الأمر، واعتباره كأن لم يكن. ونصت الفقرة الأولى من المادة (328) من ذلك القانون، فى فقرتها الأولى، على إنه "إذا حضر الخصم الذى لم يقبل الأمر الجنائي في الجلسة المحددة تنظر الدعوى فى مواجهته وفقًا للإجراءات العادية".
وحيث إن المقرر قانونًا أن اعتراض الصادر ضده الأمر الجنائي من النيابة العامة لا يُعد طعنًا بالمعارضة فيه، وإنما إعلان بعدم قبول المدعى إنهاء الدعوى بغير صدور حكم نهائي فيها، وأنه يترتب على التقرير بعدم قبول الأمر الجنائي الصادر من النيابة العامة، وحضور المعترض أمام القاضي المختص فى الجلسة المحددة، سقوط الأمر الجنائي بقوة القانون واعتباره كأن لم يكن، ونظر الدعوى فى مواجهته وفقًا للإجراءات العادية، وذلك وفق نص المادتين (327/2، 328/1) من قانون الإجراءات الجنائية.
وحيث كان ذلك، وإذ كان المدعى قد اعترض على الأمر الجنائي الصادر ضده من النيابة العامة، رغم عدم إعلانه به، وحضر وكيل عنه بالجلسة المحددة لنظر الاعتراض، أمام محكمة جنح ومخالفات قسم قليوب الجزئية، فإن مؤدى ذلك؛ سقوط الأمر الجنائي الصادر من وكيل النيابة العامة، ضد المدعى بقوة القانون واعتباره كأن لم يكن، ومضى محكمة الجنح والمخالفات الجزئية في نظر الدعوى الجنائية الناشئة عن الجرائم المنسوبة للمدعى، وفق الإجراءات العادية، متضمنة مباشرتها إجراءات التحقيق النهائي فيها، وسماع المرافعة الشفوية، وإصدار الحكم في موضوع تلك الدعوى، بما يحقق للمدعى الترضية القضائية التي عينها بصحيفة الدعوى المعروضة، ومن ثم فإن إبطال النص التشريعي المطعون عليه – بفرض صحة المطاعن الموجهة إليه – لن يحقق للمدعى أي فائدة عملية يمكن أن يتغير بها مركزه القانوني بعد الفصل في الدعوى الدستورية عما كان عليه قبلها، الأمر الذى تنتفى معه مصلحة المدعى الشخصية المباشرة في الطعن على نص الفقرة الثانية من المادة (325 مكررًا) من قانون الإجراءات الجنائية، وتضحى من ثم الدعوى في هذا الشق غير مقبولة.
وحيث إن المشرع قد أجاز بمقتضى أحكام نص المادة (398) من قانون الإجراءات الجنائية السالف بيانه للمتهم أو المسئول عن الحقوق المدنية المعارضة فى الحكم الغيابي الصادر في الجنح المعاقب عليها بعقوبة مقيدة للحرية، فقد سبق أن تولت المحكمة الدستورية العليا الرقابة على دستورية ذلك النص، وقضت بحكمها الصادر بجلسة 5/3/2016، في القضية رقم 56 لسنة 32 قضائية "دستورية"، بعدم دستورية هذا النص فيما تضمنه من قصر قبول المعارضة في الأحكام الغيابية الصادرة في الجنح على تلك المعاقب عليها بعقوبة مقيدة للحرية، دون المعاقب عليها بعقوبة الغرامة. وقد نُشر هذا الحكم في الجريدة الرسمية بالعدد رقم 10 (مكرر) بتاريخ 14/3/2016. متى كان ذلك، وكان مجال إعمال أحكام هذا النص مقصورًا على المعارضة في الأحكام الغيابية التي تصدر في الجنح، ولا شأن له بواقع الحال فى الدعوى الموضوعية بشأن اعتراض المدعى على الأمر الجنائي الصادر ضده من النيابة العامة طبقًا لنص المادة (327) من قانون الإجراءات الجنائية المشار إليه، الأمر الذى تنتفى معه مصلحته الشخصية المباشرة في الطعن على نص المادة (398) من قانون الإجراءات الجنائية سالف الذكر، بحسبان أن القضاء في دستوريته لن يكون ذا أثر أو انعكاس على النزاع الموضوعي، والطلبات المطروحة به، وقضاء محكمة الموضوع فيها، مما يتعين معه - كذلك - القضاء بعدم قبول الدعوى بالنسبة لهذا الشق منها.
فلهذه الأسباب
  حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى، وبمصادرة الكفالة، وألزمت المدعى المصروفات، ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة