الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 14 يناير 2018

اختلاف المعارضة في أحكام الجنح الغيابية عن الاعتراض على الأمر الجنائي

القضية رقم 40 لسنة 30 ق " دستورية ".
باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الثالث من يونيو سنة 2017م، الموافق الثامن من رمضان سنة 1438 هـ.
برئاسة السيد المستشار / عبد الوهاب عبد الرازق رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين: محمد خيرى طه النجار والدكتور عادل عمر شريف وبولس فهمى إسكندر ومحمود محمد غنيم والدكتور محمد عماد النجار والدكتور عبدالعزيز محمد سالمان نواب رئيس المحكمة
وحضور  السيد المستشار الدكتور / طارق عبد الجواد شبل     رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد / محمـد ناجى عبد السميع        أمين السر


أصدرت الحكم الآتى
 
في القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 40 لسنة 30 قضائية " دستورية ".
 

المقامة من
.........
ضد

1 - رئيس الجمهوريــــــــــــــــة
2 - رئيس مجلس الوزراء
3- رئيس مجلس الشعب ( النواب حاليًّا )
4 - وزير العـــــــــــدل
 

الإجراءات
    بتاريخ الثامن والعشرين من يناير سنة 2008، أودع المدعى صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، بطلب الحكم بعدم دستورية نص الفقرة الأولى من المادة (327)، والفقرة الأولى من المادة (398) من قانون الإجراءات الجنائية الصادر بالقانون رقم 150 لسنة 1950 المعدل بالقانون رقم 74 لسنة 2007.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم برفض الدعوى.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.
 

المحكمة

    بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع تتحصل – على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق – فى أن النيابة العامة كانت قد اتهمت المدعى فى القضية رقم 604 لسنة 2006 مخالفات الدخيلة بأنه بتاريخ 14/1/2006 امتنع عن تنفيذ قرار إزالة أعمال البناء غير المرخص بها فى العقار المبين بالأوراق، رغم إعلانه بالطريق الإدارى، بالمخالفة لنص المادة (24) من القانون رقم 106 لسنة 1976 فى شأن توجيه وتنظيم أعمال البناء المعدل بالقانون رقم 101 لسنة 1996، وبتاريخ 3/4/2006 أصدر وكيل نيابة الدخيلة أمرًا جنائيًّا بتغريم المدعى جنيهًا واحدًا عن كل يوم امتنع فيه عن التنفيذ لحين تمامه، وقد تقدم المدعى بطلب إلى رئيس نيابة الدخيلة لتمكينه من الاعتراض على الأمر الجنائى المشار إليه، الذى أشر بتمكينه من ذلك، وبتاريخ 3/12/2007 اعترض المدعى على هذا الأمر بتقرير بالقلم الجنائى بمحكمة الدخيلة، وقيد برقم 28 لسنة 2008 مستأنف غرب، أمام محكمة الدخيلة والبرج للجنح المستأنفة، وأثناء نظر الدعوى دفع المدعى بعدم دستورية نص الفقرة الأولى من المادة (327)، والفقرة الأولى من المادة (398) من قانون الإجراءات الجنائية الصادر بالقانون رقم 150 لسنة 1950 المعدل بالقانون رقم 74 لسنة 2007، وإذ قدرت المحكمة جدية هذا الدفع، وصرحت للمدعى برفع الدعوى الدستورية، أقام دعواه المعروضة، وبجلسة 29/1/2008 قضت المحكمة بعدم جواز الاستئناف.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن المصلحة الشخصية المباشرة المعتبرة شرطًا لقبول الدعوى الدستورية، لا تعتبر متحققة بالضرورة بناء على مجرد مخالفة النص التشريعي المطعون عليه للدستور، بل يتعين أن يكون هذا النص بتطبيقه على المدعى - قد أخل بأحد الحقوق الدستورية على نحو ألحق به ضررًا مباشرًا، وبذلك يكون شرط المصلحة الشخصية المباشرة فى الدعوى الدستورية مرتبطًا بالخصم الذى أثار المسألة الدستورية، وليس بهذه المسألة ذاتها منظورًا إليها بصفة مجردة، ولا يجوز بالتالي الطعن على النص التشريعي إلا بعد توافر شرطين أوليين، أولهما : أن يقيم المدعى - وفى حدود الصفة التي اختصم بها النص التشريعي المطعون فيه - الدليل على أن ضررًا واقعيًّا اقتصاديًّا أو غيره قد لحق به، ويجب أن يكون هذا الضرر مباشرًا مستقلاًّ بعناصره، ممكنًا إدراكه ومواجهته بالترضية القضائية، وليس ضررًا متوهمًا أو نظريًّا أو مجهلاً أو منتحلاً، بما مؤداه أن الرقابة على الدستورية يجب أن تكون موطئًا لمواجهة أضرار واقعية بغية ردها وتصفية آثارها القانونية، ولا يتصور أن تقوم المصلحة الشخصية المباشرة إلا مرتبطة بدافعها، وثانيهما : أن يكون مرد الأمر فى هذا الضرر إلى النص التشريعى المطعون عليه، بما مؤداه قيام علاقة سببية بينها، وتحتم أن يكون الضرر المدعى به ناشئًا من هذا النص مترتبًا عليه، فإذا لم يكن النص التشريعي المطعون عليه قد طبق على المدعى أصلاً، أو كان من غير المخاطبين بأحكامه أو كان قد أفاد من مزاياه، أو كان الإخلال بالحقوق التى يدعيها لا يعود إليه، فإن المصلحة الشخصية المباشرة تكون منتفية، ذلك أن إبطال النص التشريعي فى هذه الصور جميعها لن يحقق للمدعى أية فائدة عملية يمكن أن يتغير بها مركزه القانوني بعد الفصل فى الدعوى الدستورية عما كان عليه عند رفعها.
وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن الخطأ فى تأويل أو تطبيق النصوص القانونية لا يوقعها فى دائرة المخالفة الدستورية، إذا كانت صحيحة فى ذاتها، وأن الفصل فى دستورية النصوص المدعى مخالفتها للدستور، لا يتصل بكيفية تطبيقها عملاً، ولا بالصورة التى فهمها القائمون على تنفيذها، وإنما مرد اتفاقها مع الدستور أو خروجها على أحكامه إلى الضوابط التى فرضها الدستور على الأعمال التشريعية جميعًا.
وحيث إن من المقرر فى قضاء هذه المحكمة كذلك، أنه متى كان الضرر المدعى به ليس مرده إلى النص المطعون بعدم دستوريته، وإنما مرده إلى الفهم الخاطئ له، والتطبيق غير الصحيح لأحكامه، غدت المصلحة فى الدعوى الدستورية منتفية.
وحيث إن الفقرة الأولى من المادة (327) من قانون الإجراءات الجنائية الصادر بالقانون رقم 150 لسنة 1950، المعدل بالقانونين رقمي 74 لسنة 2007 و153 لسنة 2007، تنص على أن "للنيابة العامة أن تعلن عدم قبولها للأمر الجنائي الصادر من القاضي، ولباقي الخصوم أن يعلنوا عدم قبولهم للأمر الصادر من القاضي أو من النيابة العامة، ويكون ذلك بتقرير بقلم كتاب محكمة الجنح المستأنفة فيما يتعلق بالأمر الصادر من القاضي طبقًا للمادة (323 مكررًا) من هذا القانون، وبتقرير بقلم كتاب محكمة الجنح فى غير هذه الحالات، وذلك كله خلال عشرة أيام من تاريخ صدور الأمر بالنسبة للنيابة العامة، ومن تاريخ إعلانه بالنسبة لباقى الخصوم". والواضح من هذا النص أن المشرع كفل لكل من النيابة العامة ولباقي الخصوم الحق فى الاعتراض على الأمر الجنائي، وذلك بتقرير بقلم كتاب محكمة الجنح المستأنفة، إذا صدر الأمر الجنائي من القاضي من تلقاء نفسه طبقًا لنص المادة (323 مكررًا) من قانون الإجراءات الجنائية، فإذا صدر الأمر من النيابة العامة أو من القاضي فى غير الحالة المتقدمة، يكون الاعتراض عليه بتقرير بقلم كتاب محكمة الجنح المختصة، وذلك خلال عشرة أيام من تاريخ صدور الأمر بالنسبة للنيابة العامة، ومن تاريخ إعلان الأمر بالنسبة لباقي الخصوم.
وحيث إن المدعى قد عين الضرر الذى لحقه من جراء النص المطعون فيه، والمتمثل فى اضطراره إلى الالتجاء إلى النيابة العامة لتمكينه من الاعتراض على الأمر الجنائي الصادر من النيابة العامة ضده بتاريخ 3/4/2006 فى القضية رقم 604 لسنة 2006 مخالفات الدخيلة، والتي مكنته من الاعتراض على هذا الأمر، وما ينعاه المدعى على ذلك من أن إعطاء النيابة العامة الحق فى تمكين ذوى الشأن من الاعتراض على الأمر أو رفض ذلك، إنما يتضمن سلبًا للحق فى اللجوء مباشرة إلى القاضي الطبيعي، واعتداء على السلطة القضائية. متى كان ذلك، وكان الضرر المدعى به - على النحو المتقدم - هو فى حقيقته ضررًا متوهمًا لا يعود إلى النص المطعون فيه، وإنما مرده إلى الفهم الخاطئ والتطبيق غير الصحيح لأحكامه، الأمر الذى تنتفى معه المصلحة الشخصية المباشرة للمدعى فى الطعن على هذا النص، مما يتعين معه القضاء بعدم قبول الدعوى بالنسبة له.
وحيث إن الفقرة الأولى من المادة (398) من قانون الإجراءات الجنائية المشار إليه المعدل بالقانون رقم 74 لسنة 2007 تنص على أن "تقبل المعارضة فى الأحكام الغيابية الصادرة فى الجنح المعاقب عليها بعقوبة مقيدة للحرية، وذلك من المتهم أو من المسئول عن الحقوق المدنية فى خلال الأيام العشرة التالية لإعلانه بالحكم الغيابي خلاف ميعاد المسافة القانونية، ويجوز أن يكون هذا الإعلان بملخص على نموذج يصدر به قرار من وزير العدل، وفى جميع الأحوال لا يعتد بالإعلان لجهة الإدارة".
وحيث إن المشرع قد أجاز بمقتضى أحكام النص المتقدم للمتهم أو المسئول عن الحقوق المدنية المعارضة فى الحكم الغيابي الصادر فى الجنح المعاقب عليها بعقوبة مقيدة للحرية، هذا وقد قضت المحكمة الدستورية العليا بحكمها الصادر بجلسة 5/3/2016 فى القضية رقم 56 لسنة 32 قضائية "دستورية" بعدم دستورية هذا النص فيما تضمنه من قصر قبول المعارضة فى الأحكام الغيابية الصادرة في الجنح على تلك المعاقب عليها بعقوبة مقيدة للحرية، دون المعاقب عليها بعقوبة الغرامة، ونشر هذا الحكم فى الجريدة الرسمية بالعدد رقم 10 (مكرر) بتاريخ 14/3/2016. متى كان ذلك، وكان مجال إعمال أحكام هذا النص قاصر على المعارضة فى الأحكام الغيابية التى تصدر فى الجنح، ولا شأن له بواقع الحال فى الدعوى الموضوعية بشأن اعتراض المدعى على الأمر الجنائي الصادر ضده من النيابة العامة، طبقًا لنص المادة (327) من قانون الإجراءات الجنائية المشار إليه، الأمر الذى تنتفى معه مصلحته الشخصية المباشرة فى الطعن على نص المادة (398) من قانون الإجراءات الجنائية سالف الذكر، بحسبان أن القضاء فى مدى دستوريته لن يكون ذا أثر أو انعكاس على النزاع الموضوعي، والطلبات المطروحة به، وقضاء محكمة الموضوع فيها، متعينًا لذلك القضاء بعدم قبول الدعوى بالنسبة له.
وحيث إن من المقرر فى قضاء هذه المحكمة أن اتصال الخصومة الدستورية بها وفقًا للأوضاع المنصوص عليها فى قانونها، يعنى دخولها فى حوزتها لتهيمن عليها وحدها، فلا يجوز بعد انعقادها، أن تتخذ محكمة الموضوع إجراءً أو تصدر حكمًا يحول دون الفصل فى الدعوى الدستورية، بل عليها أن تتربص قضاء المحكمة فيها، غير أنه وقد انتهت هذه المحكمة فيما تقدم إلى القضاء بعدم قبول الدعوى، فلا تثريب على محكمة الموضوع إذا استمرت في نظر الدعوى، وقضت فيها بجلسة 29/1/2008 بعدم جواز نظر الاستئناف، إذ لا ينهض ذلك مبررًا لإسباغ الولاية من جديد على محكمة الموضوع لمعاودة نظر الدعوى الموضوعية.

  فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى، وبمصادرة الكفالة، وألزمت المدعى المصروفات، ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة.

عدم دستورية اشتراط اتخاذ الصحف شكل تعاونيات أو شركات مساهمة

القضية رقم 13 لسنة 29 ق " دستورية "
باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الثالث من يونيو سنة 2017م، الموافق الثامن من رمضان سنة 1438 هـ.
برئاسة السيد المستشار / عبد الوهاب عبد الرازق رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين: الدكتور حنفي على جبالي ومحمد خيرى طه النجار وسعيد مرعى عمـرو والدكتور عادل عمر شريف ورجب عبد الحكيم سليم والدكتور حمدان حسن فهمى                       نواب رئيس المحكمة
وحضور  السيد المستشار الدكتور / طارق عبد الجواد شبل  رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد / محمـد ناجى عبد السميع   أمين السر
أصدرت الحكم الآتى

فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 13 لسنة 29 قضائية " دستورية " بعد أن أحالت محكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة بحكمها الصادر بجلسة 23/5/2006 ملف الدعوى رقم 6469 لسنة 58 قضائية.
 

المقامة من
رئيس مجلس إدارة جمعية أنصار الترابط الاجتماعي
ضد
رئيس المجلس الأعلى للصحافة
الإجراءات
بتاريخ الثامن عشر من يناير سنة 2007، ورد إلى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا ملف الدعوى رقم 6469 لسنة 58 قضائية، بعد أن حكمت محكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة بجلسة 23/5/2006 بوقف الدعوى وإحالة أوراقها إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل فى دستورية نص الفقرة الثانية من المادة (52) من القانون رقم 96 لسنة 1996 بشأن تنظيم الصحافة، فيما تضمنته من اشتراط شكل معين فى الشخص الاعتباري الخاص حتى يكون له الحق فى إصدار صحيفة.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم برفض الدعوى.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.

المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع تتحصل – على ما يتبين من حكم الإحالة وسائر الأوراق – فى أن رئيس مجلس إدارة جمعية أنصار الترابط الاجتماعي كان قد أقام الدعوى رقم 6469 لسنة 58 قضائية، أمام محكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة، ضد رئيس المجلس الأعلى للصحافة، طالبًا الحكم بوقف تنفيذ قرار المجلس بالامتناع عن الموافقة على طبع جريدة البيان لدى مطابع الأخبار، وفى الموضوع بإلغاء ذلك القرار، وذلك على سند من أنه تقدم بتاريخ 26/10/2003 إلى المجلس الأعلى للصحافة طالبًا إصدار صحيفة أسبوعية تحمل اسم البيان وذلك بعد استيفاء الاشتراطات المقررة قانونًا، وإذ انقضت مدة الأربعين يومًا المقررة بنص المادة (47) من القانون رقم 96 لسنة 1996 بشأن تنظيم الصحافة دون أن يصدر المجلس الأعلى للصحافة قراره بالموافقة على إصدار الصحيفة، الأمر الذى يشكل قرارًا سلبيًّا بالامتناع يخالف أحكام الدستور والقانون. وإذ تراءى لتلك المحكمة عدم دستورية نص المادة (52) من القانون رقم 96 لسنة 1996 بشأن تنظيم الصحافة فيما تضمنه من اشتراط شكل معين فى الشخص الاعتباري الخاص الذى يملك الحق فى إصدار صحيفة لمخالفتها أحكام المواد (206، 207، 209) من دستور 1971، حكمت بجلسة 23/5/2006 بوقف الدعوى وإحالة أوراقها إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل فى دستورية ذلك النص.    
وحيث إن المادة (52) من القانون رقم 96 لسنة 1996 بشأن تنظيم الصحافة تنص على أن " ملكية الأحزاب السياسية والأشخاص الاعتبارية العامة والخاصة للصحف مكفولة طبقًا للقانون.
ويشترط فى الصحف التى تصدرها الأشخاص الاعتبارية الخاصة فيما عدا الأحزاب السياسية والنقابات والاتحادات أن تتخذ شكل تعاونيات أو شركات مساهمة على أن تكون الأسهم جميعها فى الحالتين اسمية ومملوكة للمصريين وحدهم وألا يقل رأس مال الشركة المدفوع عن مليون جنيه إذا كانت يومية ومائتين وخمسين ألف جنيه إذا كانت أسبوعية ومائة ألف جنيه إذا كانت شهرية، ويودع رأس المال بالكامل قبل إصدار الصحيفة فى أحد البنوك المصرية، ويجوز للمجلس الأعلى للصحافة أن يستثنى من بعض الشروط سالفة البيان.
    ولا يجوز أن تزيد ملكية الشخص وأفراد أسرته وأقاربه حتى الدرجة الثانية فى رأس مال الشركة على 10% من رأس مالها ويقصد بالأسرة الزوج والزوجة والأولاد القصر.
    ويجوز إنشاء شركات توصية بالأسهم لإصدار مجلات شهرية أو صحف إقليمية، ويسرى على هذه الشركات الشروط السابقة ".

وحيث إن المصلحة فى الدعوى الدستورية - وهى شرط لقبولها - مناطها – وعلى ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة – أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة القائمة فى الدعوى الموضوعية، وذلك بأن يؤثر الحكم فى المسألة الدستورية على الطلبات المرتبطة بها والمطروحة على محكمة الموضوع، ويستوى فى شأن توافر المصلحة أن تكون الدعوى قد اتصلت بالمحكمة عن طريق الدفع أو عن طريق الإحالة، والمحكمة الدستورية العليا هى وحدها التى تتحرى توافر شرط المصلحة فى الدعاوى الدستورية للتثبت من شروط قبولها، بما مؤداه أن الإحالة من محكمة الموضوع إلى المحكمة الدستورية العليا لا تفيد بذاتها توافر المصلحة، بل يتعين أن يكون الحكم فى المطاعن الدستورية لازمًا للفصل فى النزاع المثار أمام محكمة الموضوع، فإذا لم يكن للفصل فى دستورية النصوص التى ثارت بشأنها شبهة عدم الدستورية لدى محكمة الموضوع انعكاس على النزاع الموضوعي؛ فإن الدعوى الدستورية تكون غير مقبولة. متى كان ذلك، وكان النزاع المردد أمام محكمة الموضوع ينصب على طلب المدعى فى الدعوى الموضوعية الموافقة على طلبه إصدار صحيفة البيان التي تعتزم الجمعية إصدارها بصفة أسبوعية، وكان الفصل فى دستورية النص المحال سوف يكون له انعكاس على قضاء محكمة الموضوع فى الطلبات المطروحة أمامها، فمن ثم تكون المصلحة متوافرة فى ضوء حقيقة ما قصدت إليه محكمة الموضوع من الإحالة المتقدمة، ويتحدد نطاقها فيما نصت عليه الفقرة الثانية من المادة (52) من قانون تنظيم الصحافة من أنه "ويشترط في الصحف التى تصدرها الأشخاص الاعتبارية الخاصة فيما عدا الأحزاب السياسية والنقابات والاتحادات أن تتخذ شكل تعاونيات أو شركات مساهمة".
وحيث إن الرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح، من حيث مطابقتها للقواعد الموضوعية التي تضمنها الدستور، إنما تخضع لأحكام الدستور القائم دون غيره، إذ إن هذه الرقابة تستهدف أصلاً صون الدستور القائم، وحمايته من الخروج على أحكامه التي تمثل دائمًا القواعد والأصول التي يقوم عليها نظام الحكم، ولها مقام الصدارة بين قواعد النظام العام التي يتعين التزامها ومراعاتها وإهدار ما يخالفها من التشريعات، باعتبارها أسمى القواعد الآمرة، وكان النص المحال معمولاً بأحكامه بعد صدور الدستور الحالي، ومن ثم فإن حسم أمر دستوريته يتم في ضوء أحكام الدستور الصادر عام 2014.    
وحيث إن المادة (70) من الدستور تنص على أن " حرية الصحافة والطباعة والنشر الورقي والمرئي والمسموع والإلكتروني مكفولة، وللمصريين من أشخاص طبيعية أو اعتبارية، عامة أو خاصة، حق ملكية وإصدار الصحف وإنشاء وسائل الإعلام المرئية والمسموعة، ووسائط الإعلام الرقمي.
وتصدر الصحف بمجرد الإخطار على النحو الذى ينظمه القانون. وينظم القانون إجراءات إنشاء وتملك محطات البث الإذاعي والمرئي والصحف الإلكترونية".
وحيث إن الدستور قد عُنى فى المادة (70) منه بكفالة حرية الصحافة والطباعة والنشر، كما خوّل المصريين من الأشخاص الطبيعيين أو الأشخاص الاعتبارية العامة أو الخاصة الحق فى ملكية وإصدار الصحف، وجعل إصدار الصحف يتم بمجرد الإخطار على النحو الذى ينظمه القانون.
وحيث إن المقرر أن الدستور هو القانون الأساسي الأعلى الذى يرسى القواعد والأصول التى يقوم عليها نظام الحكم، ويحدد السلطات العامة ويرسم لها وظائفها ويضع الحدود والقيود الضابطة لنشاطها، ويقرر الحريات والحقوق العامة ويرتب الضمانات الأساسية لحمايتها، ومن ثم فقد تميز الدستور بطبيعة خاصة تضفى عليه السيادة والسمو بحسبانه كفيل الحريات وموئلها وعماد الحريات الدستورية وأساس نظامها، وحق لقواعده أن تستوى على القمة من البناء القانوني للدولة وتتبوأ مقام الصدارة بين قواعد النظام العام باعتبارها أسمى القواعد الآمرة التي يتعين على الدولة التزامها فى تشريعاتها وفى قضائها وفيما تمارسه من سلطات تنفيذية، دون أية تفرقة أو تمييز فى مجال الالتزام بها، بين السلطات العامة الثلاث التشريعية والتنفيذية والقضائية، وإذ كان خضوع الدولة بجميع سلطاتها لمبدأ سيادة الدستور أصلاً مقررًا وحكمًا لازمًا لكل نظام ديمقراطى سليم، فإنه يتعين على كل سلطة عامة، أيًّا كان شأنها وأيًّا كانت وظيفتها وطبيعة الاختصاصات المسندة إليها، أن تنزل على قواعد الدستور ومبادئه وأن تلتزم حدوده وقيوده، فإن هى خالفتها أو تجاوزتها شاب عملها عيب مخالفة الدستور، وخضع - متى انصبت المخالفة على قانون أو لائحة - للرقابة القضائية التى عهد بها الدستور إلى المحكمة الدستورية العليا بوصفها الهيئة القضائية العليا التى اختصها دون غيرها بالفصل فى دستورية القوانين واللوائح بغية الحفاظ على أحكام الدستور وصونها وحمايتها من الخروج عليها.

    وحيث إن الدساتير المصرية المتعاقبة قد حرصت جميعها - منذ دستور سنة 1923 - على تقرير الحريات والحقوق العامة فى صلبها قصدًا من المشرع الدستوري أن يكون النص عليها في الدستور قيدًا على المشرع العادي فيما يسنه من قواعد وأحكام وفى حدود ما أراده الدستور لكل منها، فإذا خرج المشرع فيما يقرره من تشريعات على هذا الضمان الدستوري، وعن الإطار الذى عينه الدستور له، بأن قيد حرية أو حقًّا أو أهدر أو انتقص من أيهما تحت ستار التنظيم الجائز دستوريًّا، وبالمخالفة للضوابط الحاكمة له، وقع عمله التشريعي فى حومة مخالفة أحكام الدستور.

    وحيث إن ضمان الدستور القائم - بنص المادة (65) التى رددت ما اجتمعت عليه الدساتير المقارنة - لحرية التعبير عن الآراء والتمكين من عرضها ونشرها سواء بالقول أو التصوير أو بطباعتها أو بتدوينها وغير ذلك من وسائل التعبير، قد تقرر بوصفها الحرية الأصل التى لا يتم الحوار المفتوح إلا فى نطاقها، ذلك أن ما توخاه الدستور من خلال ضمان حرية التعبير - وعلى ما اطرد عليه قضاء هذه المحكمة - هو أن يكون التماس الآراء  والأفكار وتلقيها عن الغير ونقلها إليه، غير منحصر فى مصادر بذواتها تحد من قنواتها، بل قصد أن تترامى آفاقها، وأن تتعدد مواردها وأدواتها، سعيًا لتعدد الآراء، ومحورًا لكل اتجاه، بل إن حرية التعبير أبلغ ما تكون أثرًا فى مجال اتصالها بالشئون العامة، وعرض أوضاعها تبيانًا لنواحي التقصير فيها، فقد أراد الدستور بضمانها أن تهيمن على مظاهر الحياة فى أعماق منابتها، بما يحول بين السلطة وفرض وصايتها على العقل العام، وألا تكون معاييرها مرجعًا لتقييم الآراء التى تتصل بتكوينه ولا عائقًا دون تدفقها، ومن ثم لم يعد جائزًا تقييد حرية التعبير وتفاعل الآراء التى تتولد عنها بأغلال تعوق ممارستها، سواء من ناحية فرض قيود مسبقة على نشرها أو من ناحية العقوبة اللاحقة التى تتوخى قمعها؛ إذ يتعين أن ينقل المواطنون من خلالها - وعلانية - تلك الأفكار التى تجول فى عقولهم ويطرحونها عزمًا - ولو عارضتها السلطة العامة - إحداثًا من جانبهم - وبالوسائل السلمية - لتغيير قد يكون مطلوبًا، ومن ثم وجب القول بأن حرية التعبير التى كفلها الدستور هى القاعدة فى كل تنظيم ديمقراطي، فلا يقوم إلا بها، ولا ينهض مستويًا إلا عليها؛ وما الحق في الرقابة الشعبية النابعة من يقظة المواطنين المعنيين بالشئون العامة، الحريصين على متابعة جوانبها، وتقرير موقفهم من سلبياتها إلا فرع من حرية التعبير ونتاج لها، وهى التى ترتد فى حقيقتها إلى الحرية الأم وهى الحرية الشخصية التى فطر الله الناس عليها، لا تبديل لخلق الله؛ ومن أجل هذا جعلها الدستور مصونة فلا تمس.
وحيث إن حرية الصحافة تعد من صور حرية التعبير الأكثر أهمية والأبلغ أثرًا ومن ثم فقد كفلها الدستور - بنص المادة (70) منه - وحظر الرقابة على الصحف أو مصادرتها أو وقفها أو إغلاقها، وأجاز استثناء فرض رقابة محددة عليها في زمن الحرب أو التعبئة العامة.
    وحيث إنه إدراكًا من واضعي الدستور بأن حرية الصحافة تغدو خاليًا وفاضها، خاويًا وعاؤها، مجردة من أي قيمة، إذا لم تقترن بحق الأشخاص فى إصدار الصحف، فقد كفل - بنص المادة (70) منه - للمصريين من الأشخاص الطبيعيين أو الأشخاص الاعتبارية العامة والخاصة حرية إصدار الصحف بمجرد الإخطار على النحو الذى ينظمه القانون، وأقام على شئونها بنص المادة (211) مجلسًا أعلى، وفوض السلطة التشريعية فى أن تحدد طريقة تشكيله ونظام عمله، والأوضاع الوظيفية للعاملين فيه، وذلك فى إطار ما ألزم به الدستور هذا المجلس من أن يمارس اختصاصه بما يضمن حرية الصحافة واستقلالها وحيادها، ويحقق الحفاظ على أصول المهنة وأخلاقياتها، ومقتضيات الأمن القومي، وذلك على النحو المبين فى الدستور والقانون؛ ومن ثم أضحى المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام الجهة الإدارية القائمة على شئون الصحافة، سواء ما تعلق بإصدار الصحف أو استمرارها أو مباشرة مهنة الصحافة ذاتها، مقيدًا - فى ذلك كله - بألا يهدر عمله الحرية التى كفلها الدستور لهذه وتلك أو يفتئت على الاستقلال المقرر لها.

 وحيث إن الدستور قد تغيا - بنصوصه سالفة الذكر - إرساء أصل عام يعزز للصحافة - تملكًا وإصدارًا وممارسة - ضمانات حريتها - من خلال الأطر التى قررها - بما يجعلها طليقة من أية قيود جائرة ترهق رسالتها، أو تحد - بغير ضرورة - من فرص إصدارها أو إضعافها بتقليص دورها فى بناء المجتمع وتطويره، وليؤمن من خلالها أفضل الفرص التى تكفل تدفق الآراء والأنباء والأفكار ونقلها إلى القطاع الأعرض من الجماهير ، متوخيًا دومًا أن يكرس بالصحافة قيمًا جوهرية يتصدرها أن يكون النقاش العام الذى يدور فوق منابرها بديلاً عن الانغلاق والقمع والتسلط، ونافذة لإطلال المواطنين على الحقائق التى لا يجوز حجبها عنهم، ومدخلاً لتعميق معلوماتهم، فلا يجوز طمسها أو تلوينها؛ خاصة في عصر أَذِنَ احتكار المعلومة فيه بالغروب، واستحال الحجر عليها، بعد أن تنوعت مصادرها وباتت المعرفة مطلبًا ضروريًّا لكل الناس، وغدت حرية الأفراد فى التعبير والقول أمرًا لازمًا لتكفل للمواطن نهرًا فياضًا بالآراء والمعلومات، ودورًا فاعلاً - من خلال الفرص التي تتيحها - فى التعبير عن تلك الآراء التي يؤمن بها، ويحقق بها تكامل شخصيته. ولتؤتي ثمارها فى بناء قيم الفرد والجماعة، وتنمية روافد الديمقراطية، وتأكيد الهوية المصرية الأصيلة، والتأليف بين منابع التراث وتيارات الحداثة والمعاصرة، وتكريسًا لحرية الصحافة - التى كفل الدستور ممارستها - أطلق الدستور قدراتها فى مجال التعبير ليظل عطاؤها متدفقًا تتصل روافده دون انقطاع، فلا تكون القيود الجائرة عليها إلا عدوانًا على رسالتها يهيئ لانفراط عقدها ومدخلاً للتسلط والهيمنة عليها، وإيذانًا بانتكاسها. ولئن كان الدستور قد أجاز فرض رقابة محدودة عليها فإن ذلك لا يكون إلا فى الأحوال الاستثنائية ولمواجهة تلك المخاطر الداهمة التي حددتها المادة (71) منه، ضمانًا لأن تكون الرقابة عليها موقوتة زمنيًّا ومحـددة غائيًّا، فلا تنفلت من كوابحها. ومن ثم، فقد صـار متعينًا على المشرع أن يضع من القواعد القانونية ما يصون للصحافة - من حيث التملك أو الإصدار أو الممارسة - حريتها، ويكفل عدم تجاوز هذه الحرية - في الوقت ذاته - لأطرها الدستورية المقررة، بما يضمن عدم إخلالها بما اعتبره الدستور من مقومات المجتمع ومساسها بما تضمنه من حقوق وحريات وواجبات عامة؛ وأصبح الأفراد الطبيعيون أو الأشخاص الاعتبارية العامة أو الخاصة بما فيها مؤسسات المجتمع المدني جميعًا مطالبين - في نشر أفكارهم وآرائهم ونتاج إبداعهم - بمراعاة هذه القيم الدستورية، لا ينحرفون عنها، ولا يتناقضون معها، وإلا غدت حرية التعبير وما يقترن بها فوضى لا عاصم من جموحها، وعصفت بشططها ثوابت المجتمع وقيمه ومبادئه.
وحيث إن حق الأفراد الطبيعيين من المصريين أو الأشخاص الاعتبارية العامة أو الخاصة المصرية فى إصدار الصحف إنما يستصحب بالضرورة حقوقهم وحرياتهم العامة الأخرى التي كفلها الدستور، والتي ترتبط به وتؤثر فيه، يباشرونها متآلفة فيما بينهم، متجانسة مضمونها، متضافرة توجهاتها، تتساند معًا، ويعضد كل منها الآخر فى نسيج متكامل، وكان الدستور توكيدًا لأهمية هذا الحق قد ضمنه وثيقة الدستور ذاته، وكفل ممارسته بمجرد الإخطار، محددًا بذلك النطاق الذى يجوز للمشرع التدخل فيه وتناوله بالتنظيم، في إطار السلطة التي يملكها فى مجال تنظيم الحقـوق وقصرها على تنظيم ذلك الإخطار، معينًا بذلك تخوم الدائرة التي لا يجوز له اقتحامها، بما ينال من الحق محل الحماية أو يؤثر في محتواه، ذلك أن لكل حق دائرة يعمل فيها ولا يتنفس إلا من خلالها، فلا يجوز تنظيمه إلا فيما وراء حدودها الخارجية، فإذا اقتحمها المشرع، كان ذلك أدخل إلى مصادرة الحق أو تقييده، الذى يفضى بالضرورة إلى الانتقاص من الحريات والحقوق المرتبطة به. متى كان ذلك، وكان النص المحال بالصيغة التي أفرغها المشرع فيه قد تناول بالتنظيم الأحكام المتعلقة بإصدار الصحف، واشترط لذلك أن تتخذ الصحف التي تصدرها الأشخاص الاعتبارية الخاصة - على النحو المبين بالقانون رقم 96 لسنة 1996 بشأن تنظيم الصحافة - شكل التعاونيات أو شركات المساهمة، والذى يعد فى حقيقته قيدًا على إصدارها، يجاوز حدود سلطة المشرع فى تنظيم الإصدار بمجرد الإخطار، الذى عينه له الدستور، ليغدو اشتراط اتخاذ الصحيفة هذا الشكل القانوني، كما ورد بالنص المطعون فيه قيدًا على ممارسة هذا الحق الدستوري بالنسبة لهم، وتعطيلاً له، يفرغ الحق الدستوري فى إصدار الصحف من مضمونه، مقوضًا جوهره، عاصفًا بحريتي التعبير والصحافة، ومخالفًا - بالتالي - لنصوص المواد (53، 65، 70، 92) من الدستور
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم دستورية صدر الفقرة الثانية من المادة (52) من القانون رقم 96 لسنة 1996 بشأن تنظيم الصحافة فيما نصت عليه من أنه " يشترط في الصحف التي تصدرها الأشخاص الاعتبارية الخاصة فيما عدا الأحزاب السياسية والنقابات والاتحادات أن تتخذ شكل تعاونيات أو شركات مساهمة ".

السبت، 13 يناير 2018

دستورية قصر منح العلاوة التشجيعية على العاملين المخاطبين بقانون نظام العاملين المدنيين بالدولة

القضية رقم 81 لسنة 26 ق " دستورية ".
باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الثالث من يونيو سنة 2017م، الموافق الثامن من رمضان سنة 1438 هـ.
برئاسة السيد المستشار / عبد الوهاب عبد الرازق رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين: محمد خيرى طه النجار والدكتور عادل عمر شريف وبولس فهمى إسكندر ومحمـود محمـد غنيم والدكتور محمـد عماد النجار والدكتور عبد العزيز محمد سالمان          نواب رئيس المحكمة
وحضور  السيد المستشار الدكتور / طارق عبد الجواد شبل رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد / محمـد ناجى عبد السميع     أمين السر 
أصدرت الحكم الآتى
فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 81 لسنة 26 قضائية " دستورية ".
المقامة من
 المستشار الدكتور / ..............
ضد
1 - رئيس الجمهوريـة
2 - رئيس مجلس الوزراء
3 - مساعد وزير العدل مدير إدارة التفتيش القضائي
4 - وزير العـدل
الإجراءات
بتاريخ الحادي عشر من إبريل سنة 2004، أودع المدعى صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طلبًا للحكم بعدم دستورية نص المادة الخامسة من قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 898 لسنة 1982 بقواعد وإجراءات منح علاوة تشجيعية للعاملين الذين يحصلون أثناء الخدمة على مؤهلات علمية أعلى من الدرجة الجامعية الأولى.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم أصليًّا بعدم قبول الدعوى، واحتياطيًّا برفضها.
وبعد تحضير الدعوى, أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع تتحصل- حسبما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق - في أن المدعى كان قد أقام أمام محكمة النقض "دائرة طلبات رجال القضاء والنيابة العامة" الطلب رقم 42 لسنة 73 قضائية "رجال قضاء"، ضد وزير العدل، طالبًا الحكم؛ أولاً : بعدم دستورية نص المادة السادسة من قرار رئيس الجمهورية رقم 2287 لسنة 1960 في شأن الرواتب الإضافية للحاصلين على درجتي الماجستير والدكتوراه فيما نص عليه من أنه " لا يمنح الرواتب المشار إليها في المادتين (1، 2) الموظفون الذين يعينون بمقتضى أحكام كادرات خاصة"، ثانيًا : إلغاء القرار الصادر عن مدير التفتيش القضائي بوزارة العدل بتاريخ 13/1/2003 وما يترتب عليه من آثار، وذلك فيما تضمنه من عدم أحقية الطالب في العلاوة التشجيعية المقررة للحاصلين على درجتي الماجستير، أو الدكتوراه، وأحقيته مجددًا في العلاوة المقررة في المادة (52) من القانون رقم 47 لسنة 1978 بنظام العاملين المدنيين بالدولة، وبجلسة 9/12/2003 أدخل المدعى رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء، ومساعد وزير العدل مدير التفتيش القضائي خصومًا جددًا فى الطلب، وعدل طلباته الختامية إلى الحكم بعدم دستورية نص المادة الخامسة من قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 898 لسنة 1982 بقواعد وإجراءات منح علاوة تشجيعية للعاملين الذين يحصلون أثناء الخدمة على مؤهلات علمية أعلى من الدرجة الجامعية الأولى، وذلك فيما تضمنه من أنه لا تسرى أحكام هذا القرار على المعاملين بكادرات خاصة، وأحقية الطالب مجددًا فى العلاوة المقررة بالقرار السالف ذكره وذلك من تاريخ حصوله على درجة الماجستير عام 1992، ودرجة الدكتوراه عام 2001، وإلزام المطعون ضده الأخير - وزير العدل - بالتعويض الجابر لما أصاب الطالب من أضرار. وإذ قدرت محكمة الموضوع جدية الدفع بعدم دستورية نص المادة الخامسة من قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 898 لسنة 1982 المشار إليه، وصرحت للمدعى برفع الدعوى الدستورية، أقام الدعوى المعروضة.
وأثناء تحضير الدعوى أمام هيئة المفوضين بالمحكمة الدستورية العليا، قدم المدعى مذكرة طلب فيها الحكم بعدم دستورية المادة السادسة من قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 734 لسنة 2005 في شأن قواعد وإجراءات منح حافز أداء متميز للعاملين المدنيين بالدولة الحاصلين على درجة الدكتوراه وما يعادلها ودرجة الماجستير وما يعادلها، والمادة الأولى من قـرار وزير الدولة للتنمية الإدارية رقم 47 لسنة 2005 بشأن ضوابط استحقاق الحافز المنصوص عليه في قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 734 لسنة 2005 وأحوال تخفيضه والحرمان منه.
وحيث إنه عن هذا الطلب فإن من المقـرر فى قضاء هذه المحكمة أنه لا يجوز إبداء طلبات جديدة أو إضافية أمام هيئة المفوضين، كما أن الدفع بعدم الدستورية المبدى أمام محكمة الموضوع قد اقتصر على نص المادة الخامسة من قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 898 لسنة 1982 بقواعد وإجراءات منح علاوة تشجيعية للعاملين الذين يحصلون أثناء الخدمة على مؤهلات علمية أعلى من الدرجة الجامعية الأولى، وهو النص الذى انصب عليه تقدير المحكمة لجدية هذا الدفع، وتصريحها للمدعى برفع الدعوى الدستورية، ومن ثم فإن الدعوى المعروضة، فيما جاوز ذلك التصريح، تنحل إلى دعوى دستورية أصلية، أقيمت بالمخالفة لنص المادة (29 / ب) من قانون هذه المحكمة الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979، مما يتعين معه الحكم بعدم قبول الدعوى بالنسبة للنصين المتقدم بيانهما.
وحيث إن عجز الفقرة الأخيرة من المادة (52) من القانون رقم 47 لسنة 1978 بنظام العاملين المدنيين بالدولة تنص على أنه " كما يجوز للسلطة المختصة منح علاوة تشجيعية للعاملين الذين يحصلون أثناء خدمتهم على درجات علمية أعلى من مستوى الدرجة الجامعية الأولى وذلك وفقًا للقواعد والإجراءات التي يصدر بها قرار من رئيس مجلس الوزراء بناء على عرض لجنة شئون الخدمة المدنية ".
وحيث إن المادة الخامسة من قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 898 لسنة 1982 بقواعد وإجراءات منح علاوة تشجيعية للعاملين الذين يحصلون أثناء الخدمة على مؤهلات علمية أعلى من الدرجة الجامعية الأولى تنص على أنه " لا تسرى أحكام هذا القرار على المعاملين بكادرات خاصة ".
وحيث إن من المقرر فى قضاء هذه المحكمة أن مناط توافر المصلحة الشخصية المباشرة فى الدعوى الدستورية - وهى شرط لقبولها - أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة القائمة في الدعوى الموضوعية، وذلك بأن يكون الفصل فى المسألة الدستورية لازمًا للفصل فى الطلبات المرتبطة بها والمطروحة على محكمة الموضوع.
وحيث إن المقرر فى قضاء هذه المحكمة أن إلغاء النص التشريعي المطعون فيه لا يحول دون النظر والفصل في الطعن بعدم الدستورية من قبل من طبق عليهم ذلك القانون خلال فترة نفاذه، وترتبت بمقتضاه آثار قانونية بالنسبة إليهم، وتبعًا لذلك توافرت لهم مصلحة شخصية فى الطعن بعدم دستوريته.
متى كان ذلك، وكان المدعى يطلب الحكم في دعواه الموضوعية بأحقيته فى علاوة تشجيعية لحصوله أثناء خدمته على مؤهل علمي أعلى من الدرجة الجامعية الأولى، التى انتظم قواعد وإجراءات منحها قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 898 لسنة 1982، وكان نص المادة الخامسة من قرار رئيس مجلس الوزراء السالف ذكره يحول دون إعمال محكمة الموضوع سلطتها في تقرير مدى سريان قواعد وإجراءات منح تلك العلاوة التشجيعية على أعضاء السلطة القضائية المعدودة ضمن الجهات المعاملة ماليًّا بكادر خاص، ومن ثم فإن حسم المسألة الدستورية يكون لازمًا للفصل في النزاع الموضوعي المرتبط بها، مما تتوافر معه المصلحة الشخصية المباشرة للمدعى في الدعوى المعروضة، ويتحدد نطاقها فى مجال إعمال نص المادة المطعون فيها على أعضاء السلطة القضائية دون غيرهم من المعاملين بكادرات خاصة. ولا ينال من ذلك نسخ القرار المار ذكره بمقتضى نص المادة الثانية من قانون الخدمة المدنية الصادر بالقانون رقم 81 لسنة 2016 - المعمول به اعتبارًا من 2 نوفمبر سنة 2016، اليوم التالي لتاريخ نشره فى الجريدة الرسمية، طبقًا لنص المادة الخامسة من مواد إصدار هذا القانون - بعدما أعادت المادة (39) منه، والمادتان (124، 125) من اللائحة التنفيذية لهذا القانون الصادرة بقرار رئيس مجلس الوزراء رقم 1216 لسنة 2017 تنظيم المسألة ذاتها التى نظمتها المادة (52) من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة سالف الذكر، وقرار رئيس مجلس الوزراء رقم 898 لسنة 1982 المشار إليه، على نحو مغاير لتنظيمها السابق به، كما طبقت الأحكام المتقدمة على حالة المدعى، وترتبت بمقتضاه آثار قانونية بالنسبة إليه.
وحيث إن الرقابة الدستورية على القوانين، من حيث مطابقتها للقواعد الموضوعية التى تضمنها الدستور، إنما تخضع لأحكام الدستور القائم وحمايته من الخروج على أحكامه؛ إذ إن نصوص هذا الدستور تمثل دائمًا القواعد والأصول التى يقوم عليها نظام الحكم ولها مقام الصدارة بين قواعد النظام العام التى يتعين التزامها ومراعاتها وإهدار ما يخالفها من التشريعات باعتبارها أسمى القواعد الآمرة، وبالبناء على ما تقدم، فإن هذه المحكمة تباشر رقابتها على النص المطعون عليه فى ضوء أحكام الدستور الصادر سنة 2014.
وحيث إن المادة (68) من قانون السلطة القضائية الصادر بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 46 لسنة 1972 تنص على أن " تحدد مرتبات القضاة بجميع درجاتهم وفقًا للجدول الملحق بهذا القانون ولا يصح أن يقرر لأحد منهم مرتب بصفة شخصية أو أن يعامل معاملة استثنائية بأية صورة ".
وحيث إن جدول الوظائف والمرتبات والبدلات الملحق بقانون السلطة القضائية المشار إليه والمستبدل بالقانون رقم 32 لسنة 1983 تحت مسمى جدول رقم 1 (أ) قد حدد المخصصات السنوية للمخاطبين بأحكام قانون السلطة القضائية فى المرتب وبدل القضاء، وبدل التمثيل، والعلاوة الدورية السنوية، على النحو المبين تفصيلاً بالفئات المقررة لكل وظيفة من وظائف السلطة القضائية، وقواعد تطبيق جدول المرتبات المكملة له.
وحيث إن المادة (1) من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة المشار إليه تقضى بأنه " لا تسرى أحكامه على العاملين الذين تنظم شئون توظفهم قوانين أو قرارات خاصة فيما نصت عليه هذه القوانين والقرارات، وقد صدر قرار رئيس مجلس الوزراء المطعون فيه ملتزمًا أحكام هذا النص فى خصوص تحديده لنطاق المخاطبين بأحكام العلاوة التشجيعية المار ذكرها، فاستثنى منها بمقتضى النص المطعون فيه المعاملين بكادرات خاصة، بحيث لا تسرى عليهم أحكامها.
وحيث إنه من المقرر قانونًا أن سمات الكادر الخاص تطغى فيه طبيعة العمل محل الوظيفة على التنظيم القانونى لها بحيث تدمغه بطابعها وتسبغ هذا الطابع على ذلك التنظيم فيفرض طبيعته وآثاره عليه، ولقد عدد المشرع فى القانون رقم 32 لسنة 1983 سالف الذكر الكادرات الخاصة بما يكشف عن هذه الطبيعة الخاصة والإطار المتميز لها. وإذا كان هذا هو وضع الكادر الخاص فى دائرة الوظيفة العامة، فإنه يكون مفهومًا - وباعتباره تنظيمًا خاصًّا - أن يمثل الأصل فى تنظيم شئون الخاضعين لأحكامه، فإذا قصــر هذا التنظيم، أو سكت عن ترتيب أمر ما، وجب وبلا ريب الرجوع للشريعة العامة للوظيفة العامة، وعلى هذا تجرى دائمًا التشريعات المنظمة للوظيفة العامة، على أن يكون لهذا الرجوع حدود وضوابط، فإذا كان منطق التفسير يقبل استدعاء أحكام التوظف العام فى نظام خاص فيما لم يرد فيه حكم، فإن ذلك مشروط بألا يتضمن النظام العام أحكامًا تتعارض مع أحكام القانون الخاص أو تتنافى مع مقتضاها أو تتنافر مع مفادها، أو مع طبيعة عمل تلك الكادرات، ومتطلباته.
متى كان ما تقدم، وكان جدول الوظائف والمرتبات والبدلات الملحق بقانون السلطة القضائية الصادر بالقرار بقانون رقم 46 لسنة 1972 والمستبدل بالقانون رقم 32 لسنة 1983 قد خلا من تقرير مخصص مالى بمسمى العلاوة التشجيعية المنصوص عليها فى عجز نص المادة (52) من القانون رقم 47 لسنة 1978 بنظام العاملين المدنيين بالدولة، والتى صدر قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 898 لسنة 1982 بقواعد وإجراءات منحها للعاملين الذين يحصلون أثناء الخدمة على مؤهلات علمية أعلى من الدرجة الجامعية الأولى، وكان منح تلك العلاوة التشجيعية للعاملين المدنيين بالدولة، دون أعضاء الكادرات الخاصة، قد جرى تنظيمه بقرار رئيس الجمهورية رقم 2287 لسنة 1960 فى شأن الرواتب الإضافية للحاصلين على الماجستير والدكتوراه المعدل بقرار رئيس الجمهورية رقم 2706 لسنة 1966، والذى ألغى بمقتضى نص المادة السادسة من قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 898 لسنة 1982 السالف الإشارة إليه، والذى أعاد التأكيد على الحكم ذاته فى المادة الخامسة منه، فإن مؤدى ذلك أن المشرع فى قانون السلطة القضائية قد تناول بالتنظيم المستحقات المالية لأعضاء السلطة القضائية، بما يمتنع معه الرجوع إلى ما عداه فى شأنها، ولازم ذلك عدم سريان المعاملة المالية للمخاطبين بأحكام نظام العاملين المدنيين بالدولة فى خصوص العلاوة التشجيعية عليهم، خاصة بعد أن حصرت المادة (1) منه نطاق تطبيق أحكامه عليهم، فيما لم تتناوله بالتنظيم القوانين والقرارات الخاصة بهم، وذلك كله شريطة اتفاقه مع طبيعة عملهم والأوضاع الخاصة بهم، ويتواكب ذلك مع ما قرره الدستور فى المادة (186) منه من أن القضاة مستقلون غير قابلين للعزل، لا سلطان عليهم فى عملهم لغير القانون، كما أوجب تنظيم أوضاعهم بما يحفظ استقلالهم وحيدتهم، ومؤدى ذلك استبعاد كل ما يناقض تلك الأوضاع والغايات، ويتعارض مع طبيعة عمل القاضى والولاية التى يضطلع بها وموجباتها، والذى يدخل ضمنه تقرير علاوة تشجيعية للحاصلين أثناء الخدمة على درجات علمية أعلى من مستوى الدرجة الجامعية الأولى، والتى قررها نظام العاملين المدنيين بالدولة والقرار المطعون فيه، والتى لا تتفق قواعد وضوابط منحها مع طبيعة عمل القاضى، وما يجب كفالته له من حيدة واستقلال حرص الدستور على توكيدها، ومن أجل ذلك أعرض المشرع عن إقرار تلك العلاوة تشجيعية للمخاطبين بأحكام قانون السلطة القضائية، فضلاً عن أن تطبيق تلك العلاوة التشجيعية على أعضاء السلطة القضائية من شأنه إهدار قاعدة عدم جواز أن يقل مرتب وبدلات من يشغل إحدى الوظائف القضائية عن مرتب وبدلات من يليه فى الأقدمية فى ذات الوظيفة، المنصوص عليها فى الفقرة الرابعة من البند تاسعًا من قواعد تطبيق جدول المرتبات الملحق بقانون السلطة القضائية والمستبدلة بالقانون رقم 11 لسنة 1981.
وحيث إن المدعى ينعى على النص المطعون فيه إخلاله بمبدأ المساواة بين المواطنين وإهداره لمبدأ كفالة حرية البحث العلمي المنصوص عليهما فى المادتين (40 و49) من دستور سنة 1971 المقابلتين للمواد (23 و53 و66) من دستور سنة 2014.
وحيث إن هذا النعى فى جملته مردود، ذلك أنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن مبدأ المساواة أمام القانون، ليس مبدأً تلقينيًّا جامدًا منافيًا للضرورة العملية ولا هو بقاعدة صمّاء تنبذ صور التمييز جميعها، ولا كافلاً لتلك الدقة الحسابية التي تقتضيها موازين العدل المطلق بين الأشياء. ومن الجائز بالتالي أن تغاير السلطة التشريعية - وفقًا لمقاييس منطقية - بين مراكز لا تتحد معطياتها، أو تتباين فيما بينها فى الأسس التي تقوم عليها، على أن تكون الفوارق بينها حقيقية لا اصطناع فيها ولا تحايل، ذلك أن ما يصون مبدأ المساواة، ولا ينقض محتواه، هو ذلك التنظيم الذى يقيم تقسيمًا تشريعيًّا ترتبط فيه النصوص القانونية التى يضمها بالأغراض المشروعة التي يتوخاها، فإذا قام الدليل على انفصال هذه النصوص عن أهدافها، كان التمييز انفلاتًا لا تبصر فيه، كذلك الأمر إذا كان اتصال الوسائل بالمقاصد واهيًا، إذ يعتبر التمييز عندئذ مستندًا إلى وقائع يتعذر أن يُحمل عليها فلا يكون مشروعًا دستوريًّا.
كذلك فإن المقرر - فى قضاء هذه المحكمة - أن عمل القاضي لا يقاس بعمل الموظف العام، لأن المغايرة في هذا الخصوص تقوم على أساس موضوعي مرده إلى اختلاف المركز القانوني للقاضي عن المركز القانوني لسواه.
متى كان ما تقدم، وكان تطبيق العلاوة التشجيعية المنصوص عليها في قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة وقرار رئيس مجلس الوزراء رقم 898 لسنة 1982 سالف الذكر - قبل إلغائهما - على أعضاء السلطة القضائية الذين حصلوا أثناء خدمتهم على مؤهلات علمية أعلى من الدرجة الجامعية الأولى يحول دونه - كما سلف البيان - تنظيم المعاملة المالية لأعضاء هذه السلطة على نحو يغاير تنظيمها في قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة؛ الأمر الذى يبرره اختلاف المركز القانوني لعضو السلطة القضائية، في شأن معاملته المالية، عن المركز القانوني لسواه من المعاملين بنظم الوظيفة العامة، ومن ثم فإن قالة الإخلال بمبدأ المساواة أمام القانون تكون فاقدة لأساسها حَرِيّة بالرفض.
وحيث إن قضاء المحكمة الدستورية العليا قد جرى على أن حرية التعبير عن الآراء ونشرها بكل الوسائل، إنما تمثل الإطار العام لحرية الإبداع التى بلورها الدستور ذاته بما يحول دون عرقلتها، بل إنها توفر لإنفاذ محتواها وسائل تشجيعها ليكون ضمانها التزامًا على الدولة بكل أجهزتها.
وحيث إن كفالة حرية البحث العلمي، والتزام الدولة برعاية الباحثين والمخترعين وحماية ابتكاراتهم والعمل على تطبيقها، هي من نسيج حرية الفكر والرأي والتعبير المنصوص عليها في المادة (65) من الدستور، وتُكَوّن جميعها إطارًا من أطر الدولة القانونية، كما تسعى النظم الديمقراطية إلى كفالتها، بما يحقق تقدم مواطنيها، ويضمن إسهامهم في دعم الحضارة الإنسانية، ومن ثم فإنه ولئن كان إثابة الباحثين والمخترعين ماليًّا أحد مظاهر رعاية الدولة لهم، إلا أن قصر مدلول هذه الرعاية على العلاوة التشجيعية رغم كونها أحد وسائلها لتحقيق ذلك، وليس جلها، واعتبار التنظيم التشريعي الذى يخلو من تقريرها للباحثين والمخترعين متضمنًا إهدارًا لنص المادة (66) من الدستور، إنما ينطوي على فهم غير سديد لمقاصد المشرع الدستوري من النص على التزام الدولة برعاية الباحثين والمخترعين، التي تهدف على ما سلف بيانه كفالة حرية الفكر والرأي والتعبير من ناحية، وحماية ابتكارات الباحثين والمخترعين والعمل على تطبيقها من ناحية أخرى، فوق كون أن إعمال هذه الوسيلة فى شأن إثابة فئة من الباحثين إنما يُعد رهنًا باتفاق ذلك مع عناصر ومكونات مركزهم القانوني، وطبيعة عملهم، والقواعد الحاكمة لهما، ليضحى اللجوء إليها في حالة تصادمها معهما، وعدم اتساقها مع متطلباتهما، انتهاجًا لوسيلة لا تتسق والأهداف المبتغاة من تقريرها، يصير معها التنظيم المقرر لها مصادمًا لأحكام الدستور.
متى كان ذلك، وكان النص المطعون فيه لم يجترئ على أى من الغايات التي تغياها نص المادة (66) من الدستور، وأعمل المشرع سلطته التقديرية فى قصر منح العلاوة التشجيعية على العاملين المخاطبين بقانون نظام العاملين المدنيين بالدولة، الذين يحصلون أثناء الخدمة على مؤهلات علمية أعلى من الدرجة الجامعية الأولى، دون المخاطبين بقانون السلطة القضائية، ولم يكن فى هذا التنظيم ما يخل بجوهر حرية البحث العلمي والتزام الدولة برعاية الباحثين، ومن ثم فإن قالة إخلال النص المطعون فيه بهذا المبدأ تكون منتفية.
وحيث إن النص المطعون فيه لا يتعارض مع أى حكم آخر من أحكام الدستور.
فلهــذه الأسبــاب
حكمت المحكمة برفض الدعوى، وبمصادرة الكفالة،  وألزمت المدعى المصروفات ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة.

قانون 32 لسنة 1983 بتعديل جداول مرتبات الكادرات الخاصة

منشور بتاريخ 29 / 6 / 1983
قرر مجلس الشعب القانون الآتي نصه، وقد أصدرناه:
المادة 1
يستبدل بجداول الوظائف والمرتبات والبدلات الملحقة بقانون "السلطة القضائية" رقم 46 لسنة 1972 وقانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 والقانون رقم 88 لسنة 1973 ببعض الأحكام الخاصة بأعضاء النيابة الإدارية والقانون رقم 89 لسنة 1973 ببعض الأحكام الخاصة بأعضاء إدارة قضايا الحكومة بالجداول أرقام 1 - أ، 1 - ب، 1 - جـ، 1 - د، الملحقة بهذا القانون.
المادة 2
يستبدل بجدول الوظائف والمرتبات والبدلات الملحق بقانون المحكمة الدستورية العليا والصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 الجدول رقم 2 الملحق بهذا القانون.
المادة 3
يستبدل بجدولي وظائف ومرتبات أعضاء السلك الدبلوماسي والقنصلي وأعضاء السلك التجاري الملحقين بقانون نظام السلك الدبلوماسي والقنصلي رقم 45 لسنة 1982 الجدولان رقما 3 ـ أ و3 ـ ب الملحقان بهذا القانون.
المادة 4
يستبدل بجدول المرتبات والبدلات الملحق بالقانون رقم 49 لسنة 1972 بشأن تنظيم الجامعات الجدول رقم 4 الملحق بهذا القانون
ويطبق هذا الجدول على العاملين بالمؤسسات العلمية الصادر بشأنهم القانون رقم 69 لسنة 1973.

المادة 5
يستبدل بالملاحق المرفقة بالقانون رقم 100 لسنة 1971 الخاص بنظام المخابرات العامة والقوانين المعدلة له الجداول أرقام 5 أ، 5 ب، 5 جـ، 5 د، 5 هـ.
المادة 6
يستبدل بجدولي الوظائف والمرتبات الملحقين بالقانون رقم 54 لسنة 1964 بإعادة تنظيم هيئة الرقابة الإدارية الجدولان رقما 6ـ أ و6 ـ ب الملحقان بهذا القانون.
المادة 7
يستبدل بجدول الأجور والعلاوات الخاص بعمال المناجم والمحاجر المرفق بالقانون رقم 27 لسنة 1981 الجدول رقم 7 الملحق بهذا القانون.
المادة 8
تزاد مرتبات العاملين الحاليين الخاضعين للقوانين المشار إليها بالمواد السابقة المعينين قبل 1/7/1983 بواقع ستين جنيها سنويا وتمنح هذه الزيادة بعد العلاوة الدورية المستحقة في تاريخ العمل بهذا القانون ولو تجاوز بها المرتب نهاية الربط المقرر قانونا.
المادة 9

ينشر هذا القانون في الجريدة الرسمية، ويعمل به اعتبارا من أول يوليو سنة 1983 
يبصم هذا القانون بخاتم الدولة، وينفذ كقانون من قوانينها.

السند الدستوري لمبدأ رجعية القوانين الأصلح للمتهم

القضية رقم 137 لسنة 24 ق " دستورية "
باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الثالث من يونيو سنة 2017م، الموافق الثامن من رمضان سنة 1438 هـ.
برئاسة السيد المستشار / عبد الوهاب عبد الرازق رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين: محمد خيرى طه النجار والدكتور عادل عمر شريف وبولس فهمى إسكندر ومحمود محمد غنيم وحاتم حمد بجاتو والدكتور محمد عماد النجار نواب رئيس المحكمة
وحضور  السيد المستشار الدكتور / طارق عبد الجواد شبل رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد / محمـد ناجى عبد السميع      أمين السر

أصدرت الحكم الآتي
فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 137 لسنة 24 قضائية " دستورية "
بعد أن أحالت محكمة جنوب القاهرة الابتدائية بجلسة 20/3/2002 ملف الجنحة رقم 649 لسنة 2002 جنح مستأنف وسط القاهرة

المقامة من
النيابـــــــة العامــــة
ضد
1 - وحيد محمد خالد غـــازى
2 - حسام محمد وهب الله محمد

الإجراءات
بتاريخ الثامن عشر من إبريل سنة 2002، ورد إلى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا ملف الجنحة المستأنفة رقم 649 لسنة 2002 مستأنف وسط القاهرة، بعد أن قضت محكمة جنوب القاهرة الابتدائية - دائرة الجنح المستأنفة بجلسة 20/3/2002، بوقف الدعوى وإحالتها إلى هذه المحكمة للنظر فى دستورية نص الفقرة الأولى من المادة (178 مكررًا) من قانون العقوبات.    

وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فى ختامها الحكم برفض الدعوى.
 وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.
 ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.

المحكمة
    بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن وقائع الدعوى تتحصل - على ما يتبين من حكم الإحالة وسائر الأوراق - فى أن النيابة العامة كانت قد قدمت كلاًّ من وحيد محمد خالد غازى، وحسام محمد وهب الله إلى المحاكمة الجنائية أمام محكمة جنح عابدين، فى الجنحة رقم 5437 لسنة 2001، متهمة إيّاهما بأنهما عرضا للبيع والتوزيع نسخًا من عدد جريدة "المواجهة" رقمى (195) و(196) الصادرين فى 12/6/2001، و19/6/2001، تضمنت صورًا فاضحة مخلة بالآداب العامة، وطلبت عقابهما بالمواد (30، 171، 178) من قانون العقوبات، بحسبان الأول رئيس تحرير ورئيس مجلس إدارة جريدة المواجهة، والثانى محررًا بها، فقضت تلك المحكمة بمعاقبة كل منهما بالحبس مدة سنتين. وإذ لم يرتض المتهمان الحكم طعنا عليه أمام محكمة جنوب القاهرة الابتدائية دائرة الجنح المستأنفة بالاستئناف رقم 649 لسنة 2002، وتدوول الاستئناف أمام تلك المحكمة، فقررت إصدار حكمها فيه بجلسة 20/3/2002، وقضى بإلغاء الحكم المستأنف وبراءة المتهم الثانى من التهمة الموجهة إليه استنادًا لما ثبت لديها من اقتصار نشاطه على ترجمة المقال وانتفاء صلته بالصور محل المساءلة، وعدلت قيد مواد الاتهام للمتهم الأول بإضافة المادة (178/1 مكررًا) من قانون العقوبات، وقضت بوقف الدعوى وإحالة الأوراق بغير رسوم إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل فى دستورية نص الفقرة الأولى من المادة (178 مكررًا) من قانون العقوبات، وذلك لإنشائها مسئولية افتراضية لرؤساء تحرير الصحف واعتبارهم فاعلين بمجرد النشر.
وحيث إن المادة (178) من قانون العقوبات بعد استبدالها بالقانون رقم 95 لسنــة 1996، وقبل استبدالها بالقانون رقم 147 لسنة 2006، كانت تنص على أن: "يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنتين وبغرامة لا تقل عن خمسة آلاف جنيه ولا تزيد على عشرة آلاف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من صنع أو حاز بقصد الاتجار أو التوزيع أو الإيجار أو اللصق أو العرض مطبوعات أو مخطوطات أو رسومات أو إعلانات أو صورًا محفورة أو منقوشة أو رسومات يدوية أو فوتوغرافية أو إشارات رمزية أو غير ذلك من الأشياء أو الصور عامة إذا كانت منافية للآداب العامة".
وكانت الفقرة الأولى من المادة (178 مكررًا) من قانون العقوبات المضافة بالقانون رقم 16 لسنــة 1952 - قبل إلغائها بالقانون رقم 147 لسنة 2006- تنص على أنه : "إذا ارتكبت الجرائم المنصوص عليها فى المادة السابقة عن طريق الصحف يكون رؤساء التحرير والناشرون مسئولين كفاعلين أصليين بمجرد النشر".
وحيث إن المقرر فى قضاء هذه المحكمة أن مناط قبول الدعوى الدستورية هو توافر المصلحة فيها، وذلك بأن يكون للفصل فى دستورية النصوص التشريعية المعروضة عليها انعكاس على النزاع الموضوعي، فإن لم يكن كذلك، فإن الدعوى الدستورية تكون غير مقبولة، دون نظر إلى قرار الإحالة الصادر من محكمة الموضوع، فالمحكمة الدستورية العليا هى وحدها التى تتحرى توافر شرط المصلحة فى الدعوى المعروضة عليها. كما اطرد قضاء هذه المحكمة على أنه لا يكفى توافر المصلحة عند رفع الدعوى الدستورية وإنما يتعين أن تظل قائمة حتى الفصل فيها، فإذا زالت المصلحة بعد رفعها وقبل الحكم فيها فلا سبيل إلى التطرق إلى موضوعها .    

وحيث إن من المقرر كذلك فى قضاء هذه المحكمة أنه ولئن كان الدستور لا يتضمن بين أحكامه مبدأ رجعية القوانين الأصلح للمتهم، إلا أن القاعدة التي يرتكز عليها هذا المبدأ تفرضها المادة (54) من الدستور، التي تقرر أن الحرية الشخصية حق طبيعي، وأنها مصونة لا تمس، ذلك أن مبدأ شرعية الجرائم والعقوبات، وما اتصل به من عدم جواز تقرير رجعية النصوص العقابية، غايته حماية الحرية الفردية وصونها من العدوان عليها فى إطار من الموازنة بين موجباتها من ناحية، وما يعتبر لازمًا لحماية مصلحة الجماعة والتحوط لنظامها العام من ناحية أخرى. وفى إطار هذه الموازنة وعلى ضوئها، تكون رجعية القوانين الأصلح للمتهم ضرورة حتمية يقتضيها صون الحرية الفردية بما يرد عنها كل قيد غدا تقريره مفتقرًا إلى أية مصلحة اجتماعية. ويتحقق ذلك بوجه خاص حين ينتقل القانون الجديد بالفعل كلية من منطقة التجريم إلى دائرة الإباحة - وهى الأصل - مقررًا أن ما كان مؤثمًا لم يعد كذلك، وأن الفلسفة التى كان القانون القديم ينطلق منها معاقبًا على كل فعل يناقضها، قد أسقطتها فلسفة جديدة اعتنقتها الجماعة فى واحد من أطوار تقدمها، بما مؤداه : انتفاء الضرورة الاجتماعية الكامنة وراء إنفاذ أحكامه. ويتعين بالتالي - وكلما صدر قانون جديد يعيد الأوضاع إلى حالها قبل التجريم - أن ترد إلى أصحابها الحرية التى كان القانون القديم ينال منها، وأن يرتد هذا القانون بالتالي على عقبيه إعلاءً لقيم القانون الجديد.    
وحيث إنه متى كان ما تقدم، وكانت محكمة الموضوع قد أضافت إلى قيد الاتهام المنسوب للمتهم الأول نص الفقرة الأولى من المادة (178 مكررًا) من قانون العقوبات، تقديرًا منها لوجوب إعمال حكمها على الواقعة المطروحة عليها فى الدعوى الموضوعية، عملاً بحقها المخول لها بمقتضى نص المادة (308) من قانون الإجراءات الجنائية، بحسبانه رئيس تحرير جريدة المواجهة، ثم أوقفت نظر الدعوى، وأحالت الأوراق إلى هذه المحكمة للفصل فى دستورية نص هذه الفقرة، إلا أن المشرع وأثناء تداول الدعوى أمام هذه المحكمة ألغى هذا النص برمته بموجب نص المادة الأولى من القانون رقم 147 لسنة 2006، الذى يُعد قانونًا أصلح للمتهم، لما يترتب عليه من إنهاء صور المسئولية عن الجريمة المنسوبة إليه بأثر رجعى، وزوال ما كان له من آثار فى حقه، فى ضوء ما هو مقرر من أن كل قانون جديد يمحو التجريم عن الأفعال التى أثمها القانون القديم ، إنما ينشئ للمتهم مركزًا قانونيًّا جديدًا ويقوض – من خلال رد هذه الأفعال إلى دائرة المشروعية – مركزًا سابقًا، لتغدو الدعوى المعروضة، بإلغاء النص التشريعى المحال، مفتقدة لشرط المصلحة الشخصية المباشرة، مما يتعين معه القضاء بعدم قبولها.
فلهذه الاسباب
حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى.

مناط الخضوع لقانون المحال العامة (دون قانون المحال الصناعية والتجارية)

القضية رقم 220 لسنة 25 ق " دستورية ".
باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الثالث من يونيو سنة 2017م، الموافق الثامن من رمضان سنة 1438 هـ.
برئاسة السيد المستشار / عبد الوهاب عبد الرازق رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين: محمد خيرى طه النجار والدكتور عادل عمر شريف وبولس فهمى إسكندر ومحمود محمد غنيم وحاتم حمد بجاتو
والدكتور محمد عماد النجار نواب رئيس المحكمة
وحضور السيد المستشار الدكتور / طارق عبد الجواد شبل رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد / محمـد ناجى عبد السميع أمين السر
أصدرت الحكم الآتي
فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 220 لسنة 25 قضائية " دستورية ".
المقامة من
.........
ضد
1- رئيس الجمهورية
2- رئيس مجلس الوزراء
3- رئيس مجلس النواب
4- وزير العـــدل
5- محافظ القاهـرة
6- رئيس حى السيدة زينب
الإجراءات
بتاريخ السادس والعشرين من يوليو سنة 2003، أقام المدعى هذه الدعوى، بإيداع صحيفتها قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طالبًا الحكم بعدم دستورية نصى المادتين (29) و (30) من قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 371 لسنة 1956 فى شأن المحال العامة.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم برفض الدعوى.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.
ونظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع تتحصل- على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق- فى أن المدعى كان قد أقام الدعوى رقم 11679 لسنة 55 قضائية، أمام الدائرة الرابعة بمحكمة القضاء الإداري بالقاهرة، طلبًا للحكم بقبولها شكلًا، وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار الصادر بغلق محله، وفى الموضوع بإلغاء هذا القرار مع ما يترتب على ذلك من آثار، وذلك على سند من القول بأن الجهة الإدارية "حي ...." أصدرت بتاريخ 10/8/2001، القرار رقم 88 لسنة 2001، بغلق محله الكائن بالعقار رقم 41 شارع ....، دائرة قسم شرطة السيدة زينب، بمحافظة القاهرة، وذلك لقيامه بتغيير النشاط من إصلاح أجهزة كهربائية، إلى إصلاح سيارات، دون ترخيص من الجهة الإدارية المختصة. كما أقام المدعى- أيضًا- الدعوى رقم 2197 لسنة 56 قضائية، أمام المحكمة ذاتها، طلبًا للحكم بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه، لحين الفصل في دعواه السابقة، وبعد أن قررت المحكمة ضم الدعويين ليصدر فيهما حكم واحد، دفع المدعى بجلسة 10/6/2003 بعدم دستورية نصى المادتين (29) و (30) من قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 371 لسنة 1956 فى شأن المحال العامة، وإذ قدرت محكمة الموضوع، بالجلسة ذاتها جدية هذا الدفع، وصرحت للمدعى بإقامة الدعوى الدستورية، أقام دعواه المعروضة.
وحيث إن المادة (1) من القرار بقانون رقم 371 لسنة 1956 في شأن المحال العامة تنص على أن: تسرى أحكام هذا القانون على نوعى المحال العامة الآتي بيانهما:
(1) النوع الأول: ويشمل المطاعم والمقاهي وما يماثلها من المحال المعدة لبيع أو تقديم المأكولات أو المشروبات، بقصد تناولها في ذات المحل.
(2) النوع الثاني: ويشمل الفنادق والوكائل والبنسيونات والبيوت المفروشة وما يماثلها من المحال المعدة لإيواء الجمهور على اختلاف أنواعها،....".
وتنص المادة (3) من ذلك القرار بقانون على أنه "لا يجوز فتح أي محل عام إلا بعد الحصول على ترخيص في ذلك،.....". كما تنص المادة (10) منه على أنه "لا يجوز إجراء أي تعديل في المحل المرخص به إلا بموافقة الجهة المختصة،.....".
وحيث إن المادة (29) من ذلك القرار بقانون- المطعون عليها- تنص على أنه "يغلق المحل إداريًّا أو يضبط إذا تعذر إغلاقه في الأحوال الآتية: (1)...... (2) إذا غير نوع المحل أو الغرض المخصص له دون الحصول على ترخيص جديد. (3)....". وبينت الفقرة الثانية من تلك المادة الحالات التي يجوز فيها غلق المحل إداريًّا أو ضبطه إذا تعذر إغلاقه. وأوردت المادة (30) من القرار بقانون ذاته الحالات التي تلغى فيه رخصة المحل العام، ومن بينها حالة تغيير نوع المحل أو الغرض المخصص له.
وحيث إن المادة (1) من القانون رقم 453 لسنة 1954 في شأن المحال الصناعية والتجارية وغيرها من المحال المقلقة للراحة والمضرة بالصحة والخطرة، تقضى بسريان أحكامه على المحال المنصوص عليها في الجدول الملحق بهذا القانون- وقد تضمن البند (29) من ذلك الجدول " محال تصليح الأجهزة الكهربائية"- ونصت المادة (11) من القانون المشار إليه على عدم جواز إجراء أي تعديل في المحال المرخص بها إلا بموافقة الجهة المنصرفة منها الرخصة.
وحيث إن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن المصلحة الشخصية المباشرة- وهى شرط لقبول الدعوى الدستورية- مناطها أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة القائمة فى الدعوى الموضوعية، وذلك بأن يكون الحكم في المسألة الدستورية مؤثرًا فى الطلبات الموضوعية المرتبطة بها والمطروحة على محكمة الموضوع، ومن ثم يتحدد مفهوم هذا الشرط بأن يقيم المدعى الدليل على أن ضررًا واقعيًّا قد لحق به، وأن يكون هذا الضرر عائدًا إلى النص المطعون فيه، فإذا كان الإخلال بالحقوق التي يدعيها لا يعود إليه، أو كان من غير المخاطبين بهذا النص، دل ذلك على انتفاء المصلحة الشخصية المباشرة، إذ إن إبطال النص التشريعي في هذه الحالة لن يحقق للمدعى أية فائدة يمكن أن يتغير بها مركزه القانوني بعد الفصل في الدعوى الموضوعية عما كان عليه قبل ذلك.
وحيث كان ما تقدم، وكانت رحى النزاع في الدعوى الموضوعية تدور حول طلب وقف تنفيذ ثم إلغاء قرار جهة الإدارة بغلق محل المدعى، لقيامه، بدون ترخيص، بتغيير النشاط الذى يباشره فيه من إصلاح أجهزه كهربائية، إلى إصلاح سيارات، وهى أنشطة تخضع لأحكام القانون رقم 453 لسنة 1954 في شأن المحال الصناعية والتجارية، دون أحكام القرار بقانون رقم 371 لسنة 1956 في شأن المحال العامة، الذى يقتصر نطاق سريانه- وفقًا لنص المادة (1) منه- على المحال المعدة لبيع أو تقديم المأكولات والمشروبات بقصد تناولها في المحل ذاته، وكذا المحال المعدة لإيواء الجمهور، دون سواها، ومن ثم فإن الفصل في دستورية النصين المطعون فيهما من ذلك القرار بقانون لن يكون له أثر أو انعكاس على الدعوى الموضوعية والطلبات المطروحة بها، وقضاء محكمة الموضوع فيها، لتنتفي بذلك المصلحة الشخصية المباشرة في الطعن عليها، مما يتعين معه القضاء بعدم قبول الدعوى.
وحيث كان ذلك، فإنه لا تثريب على محكمة الموضوع، أن تداركت أمر تصريحها للمدعى بإقامة الدعوى الدستورية، وتقديمه لتلك المحكمة ما يفيد إقامتها، فمضت في نظر الدعوى الموضوعية، وقضت بجلسة 27/4/2004 برفض الشق العاجل منها، وإحالة الأوراق إلى هيئة مفوضي الدولة لإعداد تقرير بالرأي القانوني في طلب إلغاء القرار المطعون فيه، وذلك بعد أن تبين لها أن النزاع المعروض عليها لا يخضع لأحكام النصين المطعون عليهما.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى، وبمصادرة الكفالة، وألزمت المدعى المصروفات ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة.