جلسة 22 من أبريل سنة 2008
برئاسة السيد القاضي الدكتور/ رفعت محمد عبد المجيد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة/ صلاح سعداوى خالد، عبد العزيز إبراهيم الطنطاوي، صلاح الدين كامل أحمد وزياد محمد غازي نواب رئيس المحكمة.----------------
(79)
الطعن رقم 5866 لسنة 65 القضائية
المسائل المتعلقة بالنظام العام . لمحكمة النقض إثارتها من تلقاء ذاتها.
(2) دستور "أثر الحكم بعدم الدستورية".
الحكم بعدم دستورية نص غير ضريبي أو لائحي. ملزم لجميع سلطات الدولة وللكافة. أثره. التزام المحاكم بالامتناع عن تطبيقه من اليوم التالي لنشره حتى ولو كانت الوقائع والمراكز القانونية المطروحة عليها سابقة على صدوره. علة ذلك.
(3) تحكيم "لجان التحكيم الجمركي: قراراتها". جمارك "لجان التحكيم الجمركي: قراراتها".
تأييد القضاء بعدم قابلية قرارات لجان التحكيم الجمركي للطعن نفاذاً لأحكام المادتين 57 ، 58 من ق 66 لسنة 1963 اللتين امتنع إعمالهما بمقتضى حكم المحكمة الدستورية العليا. ترتيب الحكم المطعون فيه على ذلك القضاء بعدم جواز نظر دعوى الطاعن. خطأ.
(4) نقض "أثر نقض الحكم".
نقض الحكم . أثره. إلغاء جميع الأحكام والأعمال اللاحقة عليه متى كان أساساً لها . مؤداه. إلغاء الحكم الصادر في إحدى الدعويين التي لم تستنفد محكمة أول درجة ولايتها في نظر موضوعها والذي هو الادعاء المقابل للأخرى. لازمه. إعادتهما إليها.
1- المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن لها أن تُثير من تلقاء ذاتها المسائل المتعلقة بالنظام العام.
2- المقرر- في قضاء محكمة النقض - أنه يترتب على صدور حكم بعدم دستورية نص في القانون – غير ضريبي أو لائحي – عدم جواز تطبيقه اعتباراً من اليوم التالي لنشر هذا الحكم في الجريدة الرسمية، وهذا الحكم ملزم لجميع سلطات الدولة وللكافة ويتعين على المحاكم باختلاف أنواعها ودرجاتها أن تمتنع عن تطبيقه على الوقائع والمراكز القانونية المطروحة عليها حتى ولو كانت سابقة على صدور هذا الحكم بعدم الدستورية باعتباره قضاءً كاشفاً عن عيب لحق النص منذ نشأته بما ينفى صلاحيته لترتيب أي أثر من تاريخ نفاذه ، ولازم ذلك أن الحكم بعدم دستورية نص في القانون لا يجوز تطبيقه من اليوم التالي لنشره ما دام قد أدرك الدعوى أثناء نظر الطعن أمام محكمة النقض.
3- إذ قضت المحكمة الدستورية العليا بتاريخ 3 من يوليه سنة 1999 في الدعوى رقم 104 لسنة 20 ق (دستورية) بحكمها المنشور في الجريدة الرسمية بتاريخ 15 من يوليه سنة 1999 عدد (28) بعدم دستورية المادة 57 من قانون الجمارك الصادر بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 66 لسنة 1963، وبسقوط المادة 58 من هذا القانون، وكذلك بسقوط قرار وزير المالية رقم 228 لسنة 1985 بشأن نظام التحكيم في المنازعات بين أصحاب البضائع ومصلحة الجمارك . لما كان ذلك، وكان الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه على هدى من عدم قابلية قرارات لجان التحكيم الجمركي للطعن نفاذاً لأحكام هاتين المادتين اللتين امتنع إعمالهما بالقضاء بعدم دستورية الأولى منه وسقوط الثانية ورتب على ذلك عدم جواز نظر دعوى الطاعن فإنه يكون معيباً.
4- إذ كان الحكم المستأنف قد انتهى إلى عدم جواز نظر الدعوى لسابقة صدور قرار بحكم جمركي نهائي يحول دون عرض النزاع على المحاكم صاحبة الولاية العامة لنظر جميع المنازعات المدنية والتجارية ومنها الطعن في القرارات الصادرة من هيئة التحكيم بشأن الضرائب الجمركية وفقاً لأحكام القانون رقم 66 لسنة 1963، ولما كان المقرر- في قضاء هذه المحكمة – أنه يترتب على نقض الحكم إلغاء جميع الأحكام أياً كانت الجهة التي أصدرتها والأعمال اللاحقة للحكم المنقوض متى كان ذلك الحكم أساساً لها، وتعود الخصومة إلى ما كانت عليه قبل صدور الحكم المنقوض ، كما يعود الخصوم إلى مراكزهم الأولى، فإنه يتعين إلغاء الحكم الصادر في الدعويين رقمي ...... لسنة 1988، ...... لسنة 1991 مدني جنوب القاهرة، وإذ كان قضاء محكمة أول درجة بعدم جواز نظر الدعوى لصدور قرار تحكيمي في الدعوى الأولى من شأنه ألاَّ تستنفد هذه المحكمة ولايتها في نظر موضوع الدعوى هو في ذات الوقت الادعاء المقابل للدعوى الأخيرة ، فإنه يجب إحالة القضية إليها.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر والمرافعة وبعد المداولة.حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الشركة الطاعنة أقامت على المطعون ضدهما بصفتيهما الدعوى رقم ..... لسنة 1988م مدني جنوب القاهرة الابتدائية بطلب الحكم أولاً: بعدم أحقية مصلحة الجمارك في إخضاع (المصبات) المبينة وصفاً وطبيعة من مشمول الشهادات الجمركية المنوه عنها بالصحيفة لفئة الضريبة الجمركية بمقدار 60% تأسيساً على خضوعها للبند 39/7/ب/14 من التعريفة الجمركية بفئة لا تتجاوز 30% مع رد الفروق الناجمة عن ذلك لها، ثانياً: ببراءة ذمتها من مبلغ 244375,30 جنيهاً المطالب به من قبل مصلحة الجمارك كفروق رسوم عن الشهادات الجمركية الوارد بيانها بالصحيفة، وقالت بياناً لذلك إن الطاعنة تأسست في ظل سريان أحكام القانون رقم 43 لسنة 1974م بإصدار نظام استثمار المال العربي والأجنبي وغرضها إنتاج وتعبئة وتوزيع المياه الغازية بأشكالها المختلفة، واقتضى التوسع في نشاطها استيراد بعض رسائل (المصبات) من الخارج في منتصف عام 1986م وغدا طبيعياً أن تُخضعها مصلحة الجمارك للبند رقم 39/7/ب/2 بفئة 30%، وقد جرى التعامل علي هذا الأساس، إلا أنه في عام 1988م أخضعتها المصلحة المذکورة لبند جديد هو 39/7/ب/14 بفئة 60% بدلاً من الفئة المقررة، وإذ تظلمت الطاعنة وتم إحالة الأمر إلى التحكيم طبقاً لأحكام القانون رقم 66 لسنة 1963م بإصدار قانون الجمارك الذي خلص إلى إخضاع تلك (المصبات) للبند 39/7/ب/14 لفئة 60% طبقاً لمنشور مصلحة الجمارك رقم 24 لسنة 1988م، فطالبتها بفرق رسوم عن الشهادات المبينة بالصحيفة مقداره مبلغ 244375,30 جنيهاً، وتم التظلم من ذلك للمصلحة إلا أنها رفضت ذلك ومن ثم أقامت دعواها، كما أقام المطعون ضده الأول على الطاعنة الدعوى رقم ........ لسنة 1991م مدني جنوب القاهرة الابتدائية بطلب الحكم أولاً: بصفة مستعجلة بإصدار الأمر بتوقيع الحجز التحفظي على أموال وممتلكات الطاعنة بمقرها المبين بالصحيفة، وتقدير الدين بمبلغ 244375,500 جنيهاً وذلك دون تنبيه أو إنذار، وتقدير مبلغ لحساب مصاريف الحجز وباقي الإجراءات حتى تمام السداد، ثانياً: بصفة احتياطية بإلزام الطاعنة بأن تؤدي له المبلغ سالف البيان، وقال بياناً لدعواه إنه تقدم بطلب إلى قاضي التنفيذ بمحكمة الجيزة الابتدائية لاستصدار أمر بتوقيع الحجز التحفظي على أموال وممتلكات الطاعنة وفاءً لهذا المبلغ بخلاف ما يستجد من مصاريف تأسيساً على أنها استوردت بتاريخ 24 من سبتمبر سنة 1987م مشمول شهادة الإجراءات رقم 7075 (ح)، وبتاريخ 14 من يناير سنة 1988م استوردت مشمول الشهادة رقم 426 (ح)، وبتاريخ 12 من أغسطس سنة 1986م استوردت مشمول الشهادة رقم 5946 (ح)، وبتاريخ 5 من نوفمبر سنة 1987م استوردت مشمول الشهادة رقم 8062 (ح)، وبتاريخ 21 من إبريل استوردت مشمول الشهادة رقم 2953 (م. ك)، وبعد مراجعة الرسوم تبين وجود فرق رسوم علي هذه الشهادات قدر بمبلغ 244375,500 جنيهاً لم تقم الطاعنة بسدادها، فأقام دعواه. ضمت المحكمة الدعويين، وندبت فيهما خبيراً، وبعد أن أودع تقريره قضت بتاريخ 28 من يونيه سنة 1994م أولاً: في الدعوي رقم ...... لسنة 1988م بعدم جواز نظر الدعوي لسابقة الفصل فيها بحكم التحكيم النهائي الصادر في 26 من أغسطس سنة 1988م، ثانياً: في الدعوي رقم ........ لسنة 1991م بإلزام الطاعنة بأن تؤدي للمطعون ضده الأول مبلغ 244375,200 جنيهاً. استأنفت الطاعنة هذا الحكم لدي محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم ........ لسنة 111 ق، وبتاريخ 21 من مارس سنة 1995م حكمت برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض، وأودعت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة – في غرفة مشورة - حددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سبب واحد تنعي به الطاعنة على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه، إذ أيد الحكم الابتدائي فيما انتهى إليه من القضاء بعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها بالتحكيم الجمركي تأسيساً على أن القرارات الصادرة من هيئة التحكيم العالي نهائية تحوز قوة الأمر المقضي، رغم أن المشرع لم يضف وصف النهائية على قرارات هذه الهيئة، وهو ما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن المقرر - في قضاء هذه المحكمة – أن لها أن تُثير من تلقاء ذاتها المسائل المتعلقة بالنظام العام، وكان يترتب على صدور حكم بعدم دستورية نص في القانون – غير ضريبي أو لائحي – عدم جواز تطبيقه اعتباراً من اليوم التالي لنشر هذا الحكم في الجريدة الرسمية، وهذا الحكم ملزم لجميع سلطات الدولة وللكافة ويتعين على المحاكم باختلاف أنواعها ودرجاتها أن تمتنع عن تطبيقه على الوقائع والمراكز القانونية المطروحة عليها حتى ولو كانت سابقة على صدور هذا الحكم بعدم الدستورية باعتباره قضاءً كاشفاً عن عيب لحق النص منذ نشأته بما ينفي صلاحيته لترتيب أي أثر من تاريخ نفاذه، ولازم ذلك بأن الحكم بعدم دستورية نص في القانون لا يجوز تطبيقه من اليوم التالي لنشره ما دام قد أدرك الدعوى أثناء نظر الطعن أمام محكمة النقض، وإذ قضت المحكمة الدستورية العليا بتاريخ 3 من يوليه سنة 1999م في الدعوي رقم 104 لسنة 20 ق (دستورية) بحكمها المنشور في الجريدة الرسمية بتاريخ 15 من يوليه سنة 1999م عدد (28) بعدم دستورية المادة 57 من قانون الجمارك الصادر بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 66 لسنة 1963م، وبسقوط المادة 58 من هذا القانون، وكذلك بسقوط قرار وزير المالية رقم 228 لسنة 1985م بشأن نظام التحكيم في المنازعات بين أصحاب البضائع ومصلحة الجمارك. لما كان ذلك، وكان الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه على هدى من عدم قابلية قرارات لجان التحكيم الجمركي للطعن نفاذاً لأحكام هاتين المادتين اللتين امتنع إعمالهما بالقضاء بعدم دستورية الأولى منه وسقوط الثانية ورتب على ذلك عدم جواز نظر دعوى الطاعن فإنه يكون معيباً بما يوجب نقضه.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه، ولما تقدم، وكان الحكم المستأنف قد انتهى إلي عدم جواز نظر الدعوي لسابقة صدور قرار بحكم جمرکي نهائي يحول دون عرض النزاع على المحاكم صاحبة الولاية العامة لنظر جميع المنازعات المدنية والتجارية ومنها الطعن في القرارات الصادرة من هيئة التحكيم بشأن الضرائب الجمركية وفقاً لأحكام القانون رقم 66 لسنة 1963م، ولما كان المقرر – في قضاء هذه المحكمة - أنه يترتب على نقض الحكم إلغاء جميع الأحكام أياً كانت الجهة التي أصدرتها والأعمال اللاحقة للحكم المنقوض متى كان ذلك الحكم أساساً لها، وتعود الخصومة إلى ما كانت عليه قبل صدور الحكم المنقوض، كما يعود الخصوم إلى مراكزهم الأولى، فإنه يتعين إلغاء الحكم الصادر في الدعويين رقمي ........ لسنة 1988م، ...... لسنة 1991م مدني جنوب القاهرة، وإذ كان قضاء محكمة أول درجة بعدم جواز نظر الدعوى لصدور قرار تحكيمي في الدعوى الأولى من شأنه ألا تستنفد هذه المحكمة ولايتها في نظر موضوع الدعوى هو في ذات الوقت الادعاء المقابل للدعوى الأخيرة، فإنه يجب إحالة القضية إليها.