برئاسة السيد القاضي/ أحمد محمود مكي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة
القضاة/ عبد المنعم دسوقي، بليغ كمال، أحمد عبد الحميد، شريف سامي الكومي نواب
رئيس المحكمة.
---------
- 1 تعويض "مقصوده" "تقدير التعويض: الضرر المادي، الضرر
الأدبي، سلطة محكمة الموضوع في تقدير التعويض".
تقدير التعويض. عدم وضع المشرع قواعد ومعايير تفصيلية له. خضوع ذلك
لسلطة القاضي التقديرية مع مراعاة الظروف الملابسة. الضرر المادي. شموله ما لحق
المضرور من خسارة وما فاته من كسب. المواد 170، 171، 221، 222 مدني.
مفاد النص في المواد 170، 171، 221، 222 من القانون المدني أن المشرع
وإن لم يضع قواعد ومعايير تفصيلية لتقدير التعويض وترك ذلك لسلطة القاضي التقديرية
في ظل توجه تشريعي عام بأن يشمل الضرر المادي ما لحق المضرور من خسارة وما فاته من
كسب ثم نص صراحة على التعويض عن الضرر الأدبي بعد أن كان محل خلاف قبل القانون
المدني الحالي وفي كل الأحوال يراعى في التقدير الظروف الملابسة.
- 2 تعويض "مقصوده" "تقدير التعويض: الضرر المادي، الضرر
الأدبي، سلطة محكمة الموضوع في تقدير التعويض".
المساءلة المدنية. الأصل فيها. تقدير التعويض عموماً بمقدار الضرر
المباشر الذى أحدثه الخطأ مادياً كان أو أدبياً.
إن قضاء محكمة النقض قد جرى على أن الأصل في المساءلة المدنية أن
التعويض عموماً يقدر بمقدار الضرر المباشر الذى أحدثه الخطأ، يستوي في ذلك الضرر
المادي والضرر الأدبي.
- 3 تعويض "مقصوده" "تقدير التعويض: الضرر المادي، الضرر
الأدبي، سلطة محكمة الموضوع في تقدير التعويض".
يجب أن يراعي عند تقدير الأخير (التعويض عن الضرر الأدبي) أن يكون
مواسي للمضرور ويكفل رد اعتباره وهو ما لا يتأتى إلا بتحقيق التناسب مع الضرر
تبعاً لواقع الحال وبمراعاة الظروف الملابسة ودون غلو أو إسراف يجعل منه إثراء بلا
سبب، وأيضاً دون تقتير يقصر به عن مواساته بل ويؤدي إلى الإساءة إليه بزيادة ألمه
وأساه.
يجب أن يراعي عند تقدير الأخير (التعويض عن الضرر الأدبي) أن يكون
مواسي للمضرور ويكفل رد اعتباره وهو ما لا يتأتى إلا بتحقيق التناسب مع الضرر
تبعاً لواقع الحال وبمراعاة الظروف الملابسة ودون غلو أو إسراف يجعل منه إثراء بلا
سبب، وأيضاً دون تقتير يقصر به عن مواساته بل ويؤدي إلى الإساءة إليه بزيادة ألمه
وأساه.
- 4 تعويض "مقصوده"
"تقدير التعويض: الضرر المادي، الضرر الأدبي، سلطة محكمة الموضوع في تقدير
التعويض"
التعويض. مقصوده. تخفيف ألم المضرور لا نكأ جراحه.
إن المقصود بالتعويض هو تخفيف ألم المضرور لا نكأ جراحه.
- 5 تعويض "مقصوده" "تقدير التعويض: الضرر المادي، الضرر
الأدبي، سلطة محكمة الموضوع في تقدير التعويض"
الضرر الأدبي. محله. وجدان الإنسان. الضرر الناشئ عن الاعتداء عليه
تفاوته من شخص لآخر. مناطه. شخص المضرور والظروف الملابسة. عدم إمكانية محوه
وإزالته بالتعويض النقدي. وجوب وجود معادل موضوعي يرمز له ويتكافأ معه يحمل عنه أو
معه نير الألم والحزن والأسى.
إن الضرر الأدبي محله وجدان الإنسان وهو مستودع فكره ومشاعره وأحاسيسه
وسبب تكريمه على ما عداه من المخلوقات باعتبارها مجرد موجودات مالية مسخرة له، ذلك
أن قدرة الإنسان على الكسب منوطة باستقراره، بل إن كل ما سبق له كسبه يغدو عديم
القيمة إذا لم يستقر وجدانه وإن تفاوت الضرر الناشئ عن الاعتداء عليه من شخص لآخر
طبقاً لاعتبارات عدة ترجع لشخص المضرور والظروف الملابسة، وهو على هذا النحو –
وبحسبانه خسارة غير مالية – لا يمكن محوه وإزالته بالتعويض النقدي ولكن قصارى ما
قصده المشرع من النص عليه أن يوجد لهذا الضرر معادلاً موضوعياً يرمز له ويتكافأ
معه يحمل عنه أو معه نير الألم والحزن والأسى فيخفف عنه ذلك.
- 6 تعويض "مقصوده" "تقدير التعويض: الضرر المادي، الضرر
الأدبي، سلطة محكمة الموضوع في تقدير التعويض".
تقدير التعويض. من مسائل الواقع. استقلال قاضي الموضوع به. وجوب أن
يكون متكافئاً مع الضرر بنوعيه بغير تفريط ولا إفراط وقائماً على أساس سائغ ومردود
لعناصره الثابتة بالأوراق.
لئن كان تقدير التعويض من مسائل الواقع التي يستقل بها قاضي الموضوع
إلا أنه يتعين – في ضوء ما سلف – أن يكون متكافئاً مع الضرر بنوعيه بغير تفريط ولا
إفراط وقائماً على أساس سائغ ومردود لعناصره الثابتة بالأوراق.
- 7 تعويض "مقصوده" "تقدير التعويض: الضرر المادي، الضرر
الأدبي، سلطة محكمة الموضوع في تقدير التعويض".
ثبوت تعدي المطعون ضده على الطاعن بالسب بألفاظ نابية مست عقيدته
الدينية مسببة له أضراراً أدبية دفعته لولوج ساحتي القضائيين الجنائي والمدني
متكبداً نفقاتهما من مصاريف ورسوم قضائية وأتعاب محامين. انتهاء الحكم المطعون فيه
إلى تقدير تعويض عما أصابه من أضرار بما لا يتناسب البتة مع ما أصابه من أضرار
مادية وأدبية. خطأ.
إذ كان البين من الأوراق أن المطعون ضده اعتدى على الطاعن بالسب
بألفاظ نابية مست عقيدته الدينية وهي بالنسبة للمؤمن بها أهم مقومات شرفه واعتباره
مما سبب له أضراراً أدبية اضطر معها لولوج ساحتي القضائين الجنائي والمدني متكبداً
نفقاتهما المبينة بوجه النعي (ما تكبده من مصاريف الدعاوى والرسوم القضائية وأتعاب
المحامين) وإذ خلص الحكم المطعون فيه إلى تقدير مبلغ مائتي جنيه تعويضاً عما أصابه
من أضرار وهو تقتير شديد لا يتناسب البتة مع ما أصابه من أضرار مادية وأدبية مما
يعيبه (بالخطأ في تطبيق القانون).
----------
الوقائع
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق -
تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى .... لسنة 1992 مدني الجيزة الابتدائية على
المطعون ضده بطلب الحكم بإلزامه بأداء مليون جنيه تعويضاً عما أصابه من أضرار
نتيجة الاعتداء عليه بالسب الذي أدين عنه بحكم قضائي بات وتعويض مدني مؤقت، ومحكمة
أول درجة حكمت بإلزامه بأداء ألف جنيه. استأنف الطاعن الحكم بالاستئناف ... لسنة
110 ق القاهرة، كما استأنفه المطعون ضده بالاستئناف ...... لسنة 110 ق. وبتاريخ
20/6/ 1995 قضت المحكمة بتعديل مبلغ التعويض إلى مائتي جنيه، طعن الطاعن في هذا
الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وعُرض الطعن
على هذه المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
---------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر
والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق
القانون ذلك أنه قدر التعويض عن الأضرار المادية والأدبية التي حاقت به بمبلغ
مائتي جنيه وهو ما لا يتناسب مع ما أصابه من أضرار من جراء التعدي عليه بسبب دينه
- وهو أحد الأديان السماوية – على النحو الثابت بالحكم الجنائي البات الذي دانه عن
تلك الواقعة وألزمه بتعويض مدني مؤقت مقداره 101 جنيه، كما لا يواجه ما تكبده من
مصاريف الدعاوى والرسوم القضائية وأتعاب المحامين مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله ذلك أن مفاد النص في المواد 170، 171، 221،
222 من القانون المدني أن المشرع وإن لم يضع قواعد ومعايير تفصيلية لتقدير التعويض
وترك ذلك لسلطة القاضي التقديرية في ظل توجه تشريعي عام بأن يشمل الضرر المادي ما
لحق المضرور من خسارة وما فاته من كسب ثم نص صراحة على التعويض عن الضرر الأدبي
بعد أن كان محل خلاف قبل القانون المدني الحالي وفي كل الأحوال يراعى في التقدير
الظروف الملابسة، واستنادا لذلك جرى قضاء هذه المحكمة على أن الأصل في المساءلة
المدنية أن التعويض عموماً يقدر بمقدار الضرر المباشر الذي أحدثه الخطأ، يستوي في
ذلك الضرر المادي والضرر الأدبي على أن يراعى عند تقدير الأخير أن يكون مواسي
للمضرور ويكفل رد اعتباره وهو ما لا يتأتى إلا بتحقيق التناسب مع الضرر تبعاً
لواقع الحال وبمراعاة الظروف الملابسة ودون غلو أو إسراف يجعل منه إثراء بلا سبب،
وأيضاً دون تقتير يقصر به عن مواساته بل ويؤدي إلى الإساءة إليه بزيادة ألمه
وأساه. فالمقصود بالتعويض هو تخفيف ألم المضرور لا نكأ جراحه، والضرر الأدبي محله
وجدان الإنسان وهو مستودع فكره ومشاعره وأحاسيسه وسبب تكريمه على ما عداه من
المخلوقات باعتبارها مجرد موجودات مالية مسخرة له، ذلك أن قدرة الإنسان على الكسب
منوطة باستقراره، بل إن كل ما سبق له كسبه يغدو عديم القيمة إذا لم يستقر وجدانه
وإن تفاوت الضرر الناشئ عن الاعتداء عليه من شخص لآخر طبقاً لاعتبارات عدة ترجع
لشخص المضرور والظروف الملابسة، وهو على هذا النحو - وبحسبانه خسارة غير مالية –
لا يمكن محوه وإزالته بالتعويض النقدي ولكن قصارى ما قصده المشرع من النص عليه أن
يوجد لهذا الضرر معادلاً موضوعياً يرمز له ويتكافأ معه يحمل عنه أو معه نير الألم
والحزن والأسى فيخفف عنه ذلك – ومؤدى ما سلف جميعه أن تقدير التعويض وإن كان من
مسائل الواقع التي يستقل بها قاضي الموضوع إلا أنه يتعين – في ضوء ما سلف – أن
يكون متكافئاً مع الضرر بنوعيه بغير تفريط ولا إفراط وقائماً على أساس سائغ ومردود
لعناصره الثابتة بالأوراق. لما كان ذلك، وكان البين من الأوراق أن المطعون ضده
اعتدى على الطاعن بالسب بألفاظ نابية مست عقيدته الدينية وهي بالنسبة للمؤمن بها
أهم مقومات شرفه واعتباره مما سبب له أضراراً أدبية اضطر معها لولوج ساحتي
القضائين الجنائي والمدني متكبداً نفقاتهما المبينة بوجه النعي وإذ خلص الحكم
المطعون فيه إلى تقدير مبلغ مائتي جنيه تعويضاً عما أصابه من أضرار وهو تقتير شديد
لا يتناسب البتة مع ما أصابه من أضرار مادية وأدبية مما يعيبه ويوجب نقضه دون حاجة
لبحث باقي أوجه الطعن.