هيئة المحكمة : الرئيس فلاح الهاجري والمستشاران
رانفي محمد ابراهيم واحمد عبد الحميد حامد .
1 - سلطة محكمة الموضوع في تقدير الخطأ المستوجب مسؤولية مرتكبه
منفرداً او بالمشاركة شرط اقامة قضائها سائغاً.
2 - اعتبار إشتراك المجني عليه في حدوث الخطأ المستوجب المسؤولية
مؤدياً الى انقاص الدية بمقدار مشاركته.
3 - التزام محكمة الموضوع بالرد على الدفاع الجوهري المغيّر وجه
الرأي في الدعوى منعاً لتعييب حكمها بالقصور.
4 - عدم صحة الحكم القاضي بإدانة احد المتهمين في جريمة القتل الخطأ
لعدم بحثه الدفاع الجوهري حول مشاركة المجني عليها والمتهم الثاني في وقوع حادث
الصدم والوفاة.
5 - سلطة المحكمة العليا في إثارة المسائل المتعلقة بالنظام العام من
تلقاء نفسها في حال تعلّقها بالحكم المطعون فيه.
11 - اعتبار الحكم الصادر بالادانة في جريمة القتل الخطأ والقاضي
بدية المرأة المجني عليها مساويةً لدية الرجل حكماً مخالفاً احكام الشريعة
الاسلامية.
( 1 ) محكمة الموضوع " سلطتها التقديرية
". مسئولية جزائية . خطأ . اشتراك . دفاع " الاخلال بحق الدفاع ".
حكم " تسبيب معيب ".
- فهم الواقع في الدعوى وتقدير أدلتها وتقدير الخطأ
المستوجب لمسئولية مرتكبه منفرداً أو مشاركا فيه غيره شرط ذلك ؟.
- اشتراك المجني عليه في الخطأ المستوجب للمسئولية
. مؤداه : تخفيف مسئولية مرتكبه ونقص الدية بمقدار نصيبه في الخطأ .
- الدفاع الذي يتعين على المحكمة ايراده والرد عليه
. ماهيته ؟
- مثال لحكم بالإدانة في جريمة قتل خطأ أغفل الرد
على دفاع جوهري للطاعن بمشاركة المجني عليه في الخطأ المستوجب للمسئولية وتحمله
كامل الدية .
( 2 ) دية . شريعة اسلامية . قانون " تفسيره
". المحكمة الاتحادية العليا " سلطتها ".
- للمحكمة الاتحادية العليا إثارة المسائل المتعلقة
بالنظام العام من تلقاء نفسها .
- تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية على وجهها الصحيح
. لا يضر أحداً . القضاء خلاف أحكام الشريعة أثره : بطلان الحكم .
- تحديد الدية بمبلغ قدره مائتي ألف درهم في القتل
خطأ . مجرد معادلة لقيمة الدية الشرعية بالعملة الورقية .
- الشريعة الإسلامية الأصل في بيان مقدار الدية
المستحقة كاملة أو جزء منها . كلمة المتوفى الواردة في القانون . لا تعني التسوية
بين الرجل والمرأه في مقدار الدية المستحقة لكل منهما .
- إجماع أهل العلم أن دية المرأة نصف دية الرجل .
أساس ذلك ؟.
- مخالفة الحكم المطعون فيه أحكام الشريعة
الإسلامية بشأن دية المرأه وقضائه بمائتي ألف درهم . خطأ يوجب للمحكمة الاتحادية
العليا التصدي .
1 - لما كان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن
لمحكمة الموضوع السلطة التامة في فهم الواقع في الدعوى وتقدير أدلة الثبوت فيها
وتقدير الخطأ المستوجب لمسئولية مرتكبه منفرداً أو مشاركاً فيه غيره إلا أن ذلك
مشروط بأن تقيم قضاءها على أسباب سائغة تكفي لحمله ، كما أن من المقرر أن من شأن
اشتراك المجني عليه في الخطأ المستوجب للمسئولية أن يخفف في مسئولية من شاركه
وينقص من الدية بمقدار نصيبه في هذا الخطأ ويقضى بباقيها على من شارك في القتل
بخطئه وأن الدفاع الذي يتعين على محكمة الموضوع إيراده والرد عليه هو الدفاع
الجوهري الذي يقرع سمع المحكمة وقد يتغير ببحثه وجه الرأي في الدعوى فإذا هي لم
تعن بتحقيقه وإقساطه حقه من البحث والتمحيص بلوغاً إلى غاية الأمر فيه شاب حكمها
القصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع . لما كان ذلك وكان الثابت من مدونات الحكم
المطعون فيه وسائر الأوراق أن الطاعن قد تمسك بدفاعه أمام محكمة الاستئناف بأن
المتهم الثاني – الذي قضى ببراءته والمجني عليها قد قامت بعبور الطريق من مكان غير
مخصص لعبور المشاة ودون تبصر وحذر وبشارع مزدوج وأن المتهم الثاني والذي كان يسير
بالمسرب الأخر أمام الطاعن عندما رآي المجني عليها تعبر لم يتوقف ولم يستعمل أي
أشارة للتنبيه بأن شخصاً يعبر وقد استغرق خطأهما خطأ الجاني أو على أقل تقدير قد
ساهم في وقوع الحادث بنسبة لا تقل عن 90 % وأنه كان يتعين على الحكم المطعون فيه
تحديد نسبة هذا الخطأ وتلك المشاركة ونسبتها من خطأ الطاعن وإذ أغفل الحكم المطعون
فيه هذا الدفاع رغم أنه دفاع جوهري – إن صح – قد يترتب على بحثه تغيير وجه الرأي
في الدعوى وإذ لم يعرض له الحكم المطعون فيه ولم يقل كلمته فيه وصولاً إلى رده أو
الأحد به وقد أقام قضاءه بإدانة الطاعن وتحميله كامل الدية سنداً على اعترافه
بالاتهام المسند إليه فإنه يكون معيباً بالقصور المبطل والإخلال بحق الدفاع .
2 - لما كان للمحكمة العليا أن تثير في الطعن
المسائل المتعلقة بالنظام العام من تلقاء نفسها وإن لم يثرها أحد الخصوم متى تعلقت
بالحكم المطعون فيه وتوافرت عناصر الفصل فيها . وكان من المقرر في قضاء هذه
المحكمة أن تطبيق أحكام الشرعية الإسلامية على وجهها الصحيح ، لا يضر أحداً وأن
أحكامها واجبة التطبيق ويبطل كل قضاء يخالفها – وجاء النص بالمادة الأولى من
القانون الاتحادي رقم 17/1991 المعدل بالقانون الاتحادي رقم 9/2003 الصادر في
29/11/2003 بشأن تحديد الدية الشرعية للمتوفي خطأ بمبلغ وقدره 200.000 درهم (
مائتي ألف درهم ) وأن التحديد الوارد في القانون ليس المقصود منه تدخل المشرع
الوضعي في تحديد مقدار الدية كعقوبة وإنما هو مجرد معادلة لقيمة الدية الشرعية
بالعملة الورقية ، وأن كلمة متوفي في القانون لا تعني التسوية بين الرجل والمرأة
في مقدار الدية المستحقة لكل منهما بل إن ذلك لبيان أصل الدية الكاملة ويبقى أمر
ما تفرضه أحكام الشريعة الإسلاميه لكل من يستحق الدية الكاملة أو يستحق جزءاً منها
قائماً حسب ما هو منصوص عليه في القواعد الشرعية طبقاً للمادة الأولى من قانون
العقوبات الاتحادي التي أوجبت إخضاع جرائم الحدود والقصاص والدية لأحكام الشريعة
الإسلامية والمادة الأولى من القانون رقم 3 لسنة 1996 بشأن اختصاص المحاكم الشرعية
بنظر بعض الجرائم . وإذ يتبين من أحكام الشريعة الإسلامية أن أهل العلم قد أجمعوا
على أن دية المرآة نصف دية الرجل وسند إجماعهم في ذلك أحاديث الرسول الكريم صلى
الله عليه وسلم وآراء صحابته والتابعين وما جرى عملهم عليه . روي معاذ بن جبل عن
النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " دية المرأة نصف دية الرجل ". سنن
البيهقي جزء 8 ص 95 ، 96 وأقره الشوكاني في نيل الأوطار جزء 7 ص 67 ، 68 وجاءت كتب
الأئمة الأربعة بتأكيد الإجماع على ذلك . وفي شرح الخرش على متن خليل جزء 8 ص 30
" ودية المرأة على نصف من الذكر ." وفي التحفة لابن عاصم جزء 2 ص 375
" وفي النساء ممن ذكر مسلمات أو كتابيات أو مجوسيات الحكم بتنصيف الدية
الواجبة في ذكورهن ". وذكر الشافعية الإجماع على ذلك . قال : الكاساني في
بدائع الصنائع جزء 1 ص 466 " وإن كان القتيل أنثى فدية المرأة على نصف دية
الرجل بإجماع الصحابة رضي الله عليهم على ذلك " وجاء الحنابلة مثل ذلك قال
أبن قدامة في المغنى جزء ص 531 " ودية الحرة المسلمة نصف دية الحر المسلم
". وأجمع أهل العلم على أن دية المرأة نصف دية الرجل . لما كان ذلك وكان
الحكم المطعون فيه قد قضى بتأييد الحكم المستأنف فيما قضى به بإلزام الطاعن بمبلغ
مائتي ألف درهم دية للمرأة المجني عليها وفقاً للمقدار المحدد بالقانون رقم 9 لسنة
2003 مساوياً بها دية الرجل فإنه يكون قد خالف أحكم الشريعة الإسلامية التي أجمع
عليها أهل العلم في شأن دية المرآة ، ولما كانت أحكام الشريعة الإسلامية تتعلق النظام
العام ويجب على محكمة النقض أن تتصدى لكل مخالفة في شأنها حتى ولو لم يتمسك بذلك
أحد الخصوم ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه بتأييده لقضاء محكمة أول درجة بالدية
الكاملة للمجني عليها فإنه يكون خالف الشريعة الإسلامية .
المحكمة
حيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه
وسائر الأوراق تتحصل في إن النيابة العامة قد أسندت إلى الطاعن وآخر أنهما بتاريخ
26/9 / 2010 بدائرة أم القويين .
المتهمان معاً 1 - تسبباً بخطئهما في وفاة المجني
عليها /..... زوجة ..... وكان ذلك ناشئاً عن إهمالهما وعدم احترازهما .
المتهم الأول ( الطاعن ).
1 - أتلف المال المنقول المبين القدر والوصف
بالأوراق ( المركبة المملوكة لشركة بناء للإنشاء والتعمير ) عن غير قصد نتيجة
استعماله المركبة قيادته على نحو يخالف أحكام قانون السير والمرور على النحو
المبين في الأوراق .
2 - قاد المركبة الموصوفة بالمحضر على الطريق العام
بصورة تشكل خطراً على الجمهور وذلك بعدم تأكده من توفر مجال كاف للرؤية أمامه
حينما ينوي عرقله ( المتوفية ).
المتهم الثاني ( غير طاعن ) قاد المركبة الموصوفة
بالمحضر على الطريق العام بصورة تشكل خطراً على الجمهور وذلك بعدم التنبيه
بالإشارة الضوئية أو اليدوية عند عبور المتوفية أمامه مما أدى إلى صدم المركبة
الأخرى القادمة في الخط الأخر لها ووفاتها على النحو المبين بالأوراق . وطلبت
النيابة العامة معاقبتهما طبقاً لأحكام الشريعة الإسلامية الغراء والمادتين 342/1
و424/1من قانون العقوبات الاتحادي والمواد 2 ، 10/1 ، 57/1 من القانون الاتحادي
رقم 21 لسنة 1995 والمعدل بالقانون الاتحادي رقم 12 لسنة 2007 في شأن السير
والمرور والمادة 41 من اللائحة التنفيذية التابعة له .
بتاريخ 26/1 / 2011 قضت محكمة أول درجة حضورياً
بحبس الطاعن ثلاثة أشهر عن التهم المسندة إليه وإلزامه بـأداء الديـة الشرعيـة
مائتـي ألف درهم ( 200.000 ) لورثة المتوفاة وببراءة المتهم الثاني ( غير طاعن )
من التهمتين المسندتين إليه . استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 17/2011
وبتاريخ 22/2 / 2011 قضت محكمة استئناف أم القيوين الاتحادية بقبول الاستئناف
شكلاً وفي الموضوع بتعديل الحكم المستأنف وذلك بالاكتفاء بحبس الطاعن لمدة شهرين
عن الاتهام المسند إليه وتأييده فيما عدا ذلك . لم يلق الحكم قبولاً لدى الطاعن
فطعن عليه بالطعن الماثل . قدمت النيابة العامة مذكرة برأيها طلبت فيها رفض الطعن
.
وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه الخطأ
في تطبيق القانون والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال ومخالفة الثابت
بالأوراق بأسباب حاصلها أنه تمسك في دفاعه أن الحكم المطعون فيه دانه بجريمة القتل
الخطأ رغم انتفاء أركان هذه الجريمة في حقه ذلك أن خطأ المتهم الثاني مشاركاً فيه
المجني عليها التي قامت بعبور الطريق من غير الأماكن المخصصة لعبور المشاة ومن
شارع مزدوج وأن المتهم الثاني الذي كان يسير أمامه لم يتوقف ولم يستعمل أي إشارة
تنبيه حتى يمكن المركبات خلفه من أخذ الحيطة والحذر مما - جعل الطاعن يتفاجأ بعبور
المجني عليها أمامه وعلى مساقه قريبة لم تمكنه من تفادي الحادث وأن خطأ المتهم
الثاني والمجني عليها قد استغرق خطأ الطاعن أو على أقل تقدير قد شارك وساهم في
حدوث الواقعة بنسبة لا تقل عن 90 % وإذ قضى الحكم المطعون فيه بإدانته وحمله وحده
الدية كاملة دون أن يعن ببحث دفاعه ويمحصه للوصول إلى وجه الحق فيه فإنه يكون
معيباً بما يستوجب نقضه .
وحيث إن النعي سديد ذلك أن من المقرر في قضاء هذه
المحكمة أن لمحكمة الموضوع السلطة التامة في فهم الواقع في الدعوى وتقدير أدلة
الثبوت فيها وتقدير الخطأ المستوجب لمسئولية مرتكبه منفرداً أو مشاركاً فيه غيره
إلا أن ذلك مشروط بأن تقيم قضاءها على أسباب سائغة تكفي لحمله ، كما أن من المقرر أن من شأن اشتراك المجني عليه في الخطأ
المستوجب للمسئولية أن يخفف في مسئولية من شاركه وينقص من الدية بمقدار نصيبه في
هذا الخطأ ويقضى بباقيها على من شارك في القتل بخطئه وأن الدفاع الذي يتعين على محكمة الموضوع إيراده والرد
عليه هو الدفاع الجوهري الذي يقرع سمع المحكمة وقد يتغير ببحثه وجه الرأي في
الدعوى فإذا هي لم تعن بتحقيقه وإقساطه حقه من البحث والتمحيص بلوغاً إلى غاية
الأمر فيه شاب حكمها القصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع . لما كان ذلك وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه وسائر
الأوراق أن الطاعن قد تمسك بدفاعه أمام محكمة الاستئناف بأن المتهم الثاني – الذي
قضى ببراءته والمجني عليها قد قامت بعبور الطريق من مكان غير مخصص لعبور المشاة
ودون تبصر وحذر وبشارع مزدوج وأن المتهم الثاني والذي كان يسير بالمسرب الأخر أمام
الطاعن عندما رآي المجني عليها تعبر لم يتوقف ولم يستعمل أي أشارة للتنبيه بأن
شخصاً يعبر وقد استغرق خطأهما خطأ الجاني أو على أقل تقدير قد ساهم في وقوع الحادث
بنسبة لا تقل عن 90 % وأنه كان يتعين على الحكم المطعون فيه تحديد نسبة هذا الخطأ
وتلك المشاركة ونسبتها من خطأ الطاعن وإذ أغفل الحكم المطعون فيه هذا الدفاع رغم
أنه دفاع جوهري – إن صح – قد يترتب على بحثه تغيير وجه الرأي في الدعوى وإذ لم
يعرض له الحكم المطعون فيه ولم يقل كلمته فيه وصولاً إلى رده أو الأحد به وقد أقام
قضاءه بإدانة الطاعن وتحميله كامل الدية سنداً على اعترافه بالاتهام المسند إليه
فإنه يكون معيباً بالقصور المبطل والإخلال بحق الدفاع بما يوجب نقضه .
وحيث إنه لما كان للمحكمة العليا أن تثير في الطعن
المسائل المتعلقة بالنظام العام من تلقاء نفسها وإن لم يثرها أحد الخصوم متى تعلقت
بالحكم المطعون فيه وتوافرت عناصر الفصل فيها . وكان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن تطبيق أحكام الشرعية
الإسلامية على وجهها الصحيح ، لا يضر أحداً وأن أحكامها واجبة التطبيق ويبطل كل
قضاء يخالفها – وجاء النص بالمادة الأولى من القانون الاتحادي رقم
17/1991 المعدل بالقانون الاتحادي رقم 9/2003 الصادر في 29/ 11 /2003 بشأن تحديد
الدية الشرعية للمتوفي خطأ بمبلغ وقدره 200.000 درهم ( مائتي ألف درهم ) وأن
التحديد الوارد في القانون ليس المقصود منه تدخل المشرع الوضعي في تحديد مقدار
الدية كعقوبة وإنما هو مجرد معادلة لقيمة الدية الشرعية بالعملة الورقية ، وأن كلمة متوفي في القانون لا تعني التسوية بين الرجل
والمرأة في مقدار الدية المستحقة لكل منهما بل إن ذلك لبيان أصل الدية الكاملة ويبقى أمر ما تفرضه أحكام الشريعة الإسلاميه لكل من
يستحق الدية الكاملة أو يستحق جزءاً منها قائماً حسب ما هو منصوص عليه في القواعد
الشرعية طبقاً للمادة الأولى من قانون العقوبات الاتحادي التي أوجبت إخضاع جرائم
الحدود والقصاص والدية لأحكام الشريعة الإسلامية والمادة الأولى من القانون رقم 3
لسنة 1996 بشأن اختصاص المحاكم الشرعية بنظر بعض الجرائم .
وإذ يتبين من أحكام الشريعة الإسلامية أن أهل العلم
قد أجمعوا على أن دية المرآة نصف دية الرجل وسند إجماعهم في ذلك أحاديث الرسول
الكريم صلى الله عليه وسلم وآراء صحابته والتابعين وما جرى عملهم عليه . روي معاذ
بن جبل عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " دية المرأة نصف دية الرجل
". سنن البيهقي جزء 8 ص 95 ، 96 وأقره الشوكاني في نيل الأوطار جزء 7 ص 67 ،
68 وجاءت كتب الأئمة الأربعة بتأكيد الإجماع على ذلك . وفي شرح الخرش على متن خليل
جزء 8 ص 30 " ودية المرأة على نصف من الذكر ." وفي التحفة لابن عاصم جزء
2 ص 375 " وفي النساء ممن ذكر مسلمات أو كتابيات أو مجوسيات الحكم بتنصيف
الدية الواجبة في ذكورهن ". وذكر الشافعية الإجماع على ذلك . قال : الكاساني
في بدائع الصنائع جزء 1 ص 466 " وإن كان القتيل أنثى فدية المرأة على نصف دية
الرجل بإجماع الصحابة رضي الله عليهم على ذلك " وجاء الحنابلة مثل ذلك قال
أبن قدامة في المغنى جزء ص 531 " ودية الحرة المسلمة نصف دية الحر المسلم
". وأجمع أهل العلم على أن دية المرأة نصف دية الرجل . لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد قضى بتأييد الحكم
المستأنف فيما قضى به بإلزام الطاعن بمبلغ مائتي ألف درهم دية للمرأة المجني عليها
وفقاً للمقدار المحدد بالقانون رقم 9 لسنة 2003 مساوياً بها دية الرجل فإنه يكون
قد خالف أحكم الشريعة الإسلامية التي أجمع عليها أهل العلم في شأن دية المرآة ،
ولما كانت أحكام الشريعة الإسلامية تتعلق النظام
العام ويجب على محكمة النقض أن تتصدى لكل مخالفة في شأنها حتى ولو لم يتمسك بذلك
أحد الخصوم ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه بتأييده لقضاء محكمة أول درجة بالدية
الكاملة للمجني عليها فإنه يكون خالف الشريعة الإسلامية مما يوجب نقضه .
ولما تقدم يتعين نقض الحكم المطعون فيه على أن يكون
مع النقض الإحالة .