جلسة 3 من إبريل سنة 2002
برئاسة السيد المستشار/ محمود عبد الباري نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد حسين مصطفى، إبراهيم الهنيدي، هاني مصطفى كمال نواب رئيس المحكمة وعلى سليمان.
---------------
(95)
الطعن رقم 34413 لسنة 71 القضائية
(1) نقض "التقرير بالطعن وإيداع الأسباب".
عدم إيداع الطاعن أسباباً لطعنه. أثره: عدم قبول الطعن شكلاً. علة ذلك؟
(2) إعدام. نيابة عامة. محكمة النقض "سلطتها".
إثبات تاريخ تقديم مذكرة النيابة في قضايا الإعدام. غير لازم. اتصال محكمة النقض بالدعوى المحكوم فيها بالإعدام بمجرد عرضها عليها.
(3) حكم "بياناته" "بيانات الإدانة" تسبيبه. تسبيب غير معيب".
بيانات حكم الإدانة. المادة 310 إجراءات.
(4) قتل عمد. جريمة "أركانها". قصد جنائي. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
قصد القتل. أمر خفى. استخلاص توافره. موضوعي.
مثال لتسبيب سائغ على إثبات توافر نية القتل.
(5) سبق إصرار. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
سبق الإصرار. ماهيته؟
(6) سبق الإصرار. أسباب الإباحة وموانع العقاب "الدفاع الشرعي". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير قيام حالة الدفاع الشرعي". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
سبق التدبير للجريمة أو التحيل لارتكابها ينتفى به حتماً موجب الدفاع الشرعي. علة ذلك؟
(7) قتل عمد. ضرب "أفضى إلى موت". محكمة الموضوع "سلطتها في استخلاص صورة الواقعة". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الجدل الموضوعي في سلطة محكمة الموضوع في استخلاص صورة الواقعة. غير مقبولة محكمة الموضوع غير ملزمة بتعقب المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي.
والرد على كل شبهة يثيرها استقلالاً. كفاية الرد من أدلة الثبوت.
(8) قتل عمد. اقتران. نقض. "ما لا يجوز الطعن فيه". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". عقوبة.
عقوبة المادة 234/ 2 عقوبات. يكفي لتطبيقها. ثبوت استقلال الجريمة المقترنة عن جريمة القتل وتميزها عنها وقيام المصاحبة الزمنية بينهما.
مثال لتسبيب سائغ على توافر ظرف الاقتران.
(9) إجراءات "إجراءات المحاكمة". محاماة. وكالة. دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره.
ندب محامياً للدفاع عن المتهم لعدم توكيله محامياً ورغبته في الدفاع عنه. ترافع المنتدب وإبداء ما عن له من دفاع. لا إخلال بحق الدفاع.
استعداد المدافع أو عدم استعداده. أمر موكول إلى تقديره هو حسبما يوحي به ضميره واجتهاده وتقاليد مهنته.
(10) إعدام. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
الحكم بالإعدام. ما يلزم من تسبيب لإقراره؟
2 - لما كانت النيابة العامة قد عرضت الدعوى المطروحة على هذه المحكمة عملاً بما هو مقرر بالمادة 46 من القانون رقم 57 لسنة 1959 المعدل بالقانون رقم 23 لسنة 1992 بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض مشفوعة بمذكرة برأيها مؤرخة.... انتهت إلى طلب إقرار الحكم المعروض وذلك دون إثبات تاريخ تقديم تلك المذكرة بحيث يستدل منه أنه روعي فيها عرض القضية في ميعاد الستين يوماً المبينة بالمادة 34 من ذلك القانون إلا أنه لما كان ذلك، وكان تجاوز هذا الميعاد - وعلى ما جرى قضاء محكمة النقض - لا يترتب عليه عدم قبول عرض النيابة بل أن محكمة النقض تتصل بالدعوى بمجرد عرضها عليها لتفصل فيها وتستبين من تلقاء نفسها دون أن تتقيد بمبنى الرأي الذي ضمنته النيابة بمذكرتها - ما عسى أن يكون قد شاب الحكم من عيوب، يستوى فى ذلك أن يكون عرض النيابة في الميعاد المحدد أو بعد فواته، فإنه يتعين قبول عرض النيابة العامة للقضية.
3 - لما كان الحكم المعروض حصل واقعة الدعوى فى قوله "بما أن واقعة الدعوى حسبما استقرت في يقين المحكمة واطمأن إليه وجدانها تتحصل فى أن المتهم...... وشهرته (....) كان قد تقدم لخطبة الفتاة....... بيد أنه لسوء سلوك المتهم واعتياده ضرب أمه المسنة حتى طردها من مسكنها الذي يقيم معها فيه رفضت الفتاة وأسرتها خطبة هذا المتهم ولكنه ألح في طلبه وأصر على مأربه حتى أنه طلب من أمه..... أن تعاود الكرة مع أسرة الفتاة ولعلمها أن الأسرة ترفض خطبته فقد رفضت مطلبه حتى أنه ضربها وطردها من المسكن فذهبت لتقيم لدى ابنتها.... قبل عشرين يوماً من تاريخ..... تقريباً ولما كان أمر خطبة الفتاة قد اختمر في ذهنه وأصبح هدفاً له يريد تحقيقه بأي وسيلة فقد التقى قبل التاريخ المذكور بوالد الفتاة..... وسأله عن سبب رفض الأسرة لخطبته فأفهمه والدها أن الفتاة لا تريد خطبته ولما كان المتهم قد تأبط شراً وأضحى أمر خطبته للفتاة هدفاً لا بد من تحقيقه فقد هدد والدها أنه إن لم يتم هذا الأمر فإنه سيقتل أحد أولاده ناسياً أن والد الفتاة هو ذات الوقت والد زوجة شقيقه، وكان في تهديد لوالد الفتاة مؤكداً لما اشتهر عنه من سوء سلوك ينأى عن أن يقبل لابنته زوجاً لها ولم يكن في تهديده مع سوء خلقه هازلاً إذ أنه بتاريخ..... وقد خلال المسكن من أمه بعد أن طردها منه فقد جد في تنفيذ تهديده بقتل أحد أبناء والد الفتاة ووجد ضالته في شاب حسن الخلق هو شقيق الفتاة المجني عليه..... وأعد لذلك جسماً صلباً راضاً ثقيلاً ذو حافة حادة وانتوى تنفيذ ما أصر عليه سلفاً وهو قتل أحد أشقاء الفتاة في ليلة...... ونحو الساعة العاشرة والنصف منها بدأ في تنفيذ ما أضمر عليه فكره وما أصر عليه في نفسه ووجد على ما سلف في المجني عليه.... ضالته فأخذ في البحث عنه فتوجه إلى مقهى بالقرية التي يقيم بها وسأل بعض روادها عن المجنى عليه ولما أخبره بعضهم أنه على شاطئ البحر توجه إليه مؤكداً عزمه على تنفيذ ما أضمر فى نفسه واصطحبه إلى مسكنه ولما أنفرد به وأدخله إلى إحدى حجرات المسكن فقد تهيأت له الظروف لتنفيذ ما أصر عليه فقد أخرج السلاح لذى أعده سالفاً لارتكاب جريمته وأخذ يضرب به المجني عليه فأحدث به عشرة جروح كان أولهم جرحاً قطعياً رضياً متكدماً مستعرض الوضع بطول حوالى 14 سم ويقع شاملاً خلفية فروة الرأس محدثاً كشطاً بالصفحتين الخارجيتين بالعظم المؤخري في مساحة أبعادها حوالى 9 × 7 سم أما ثانيهم فقد كان جرحاً قطعياً رضياً متكدماً مستعرض الوضع بطول حوالى 10 سم ويقع بخلفية يمين فروة الرأس بحيث يقع طرفه الأمامي أعلى مستوى صيوان الأذن اليمنى مباشرة وكان الجرح الثالث قطعياً رضياً متكدماً مستوى الحواف مستعرض بطول حوالى 6 سم ويقع بيمين الوجه بحيث يقع طرفه الخلفي صيوان الإذن بحوالي 1 سم أما الإصابة الرابعة فقد كانت جرحاً قطعياً رضياً متكدماً ومستوى الحواف ومستعرض الوضع وبطول حوالى 4 سم ويقع أسفل يمين الوجه بحيث يقع طرفه الأمامي خلف زاوية الفم اليمنى بحوالي 3 سم والجرح الخامس كان قطعياً رضياً متكدماً مستوى الحواف مستعرض الوضع وبطول حوالى 8 سم ويقع أسفل يمين الوجه ومقابل يمين الفك السفلى وكان الجرح السادس ذبحياً إذ كان موقعه مقدم العنق مستوى الحواف ومتكدم وبطول 15 سم يقع طرفه الأيمن أسفل شحمة الأذن اليمنى بحوالي 4 سم ويمر بمنتصف مقدم العنق فى مستوى الغضروف الدرقي وكان الجرح السابع أسفل الجرح السابق مباشرة جرحاً قطعياً مستوى الحواف متكدماً ومستعرض الوضع وبطول حوالى 6 سم وأخذ الجرح الثامن موضعه فى أسفل وحشية العضد الأيمن وكان جرحاً قطعياً مستوى الحواف متكدماً بطول حوالى 4 سم بحيث يقع طرفه الأسفل مقابل وحشية مفصل المرفق الأيمن مباشرة وفى منتصف إصبع الإبهام الأيمن وكان الجرح التاسع وهو جرح قطعي متقدم مستوى الحواف وكأن الجروح السابقة لم تكف المتهم ولم ترض غليله فقد أحدث بالمجني عليه الجرح العاشر وهو كسابقيه جرحاً قطعياً متكدماً مستوى الحواف طولى الوضع يقع بمنتصف أنسية الساعد الأيسر محدثاً كسراً شطفياً بعظمة الزند اليسرى ويبلغ طول الجرح 8 سم تقريباً وما كان قصد المتهم من أحداث تلك الإصابات الجسيمة إلا قتل المجنى عليه تنفيذاً لإصراره السابق على قتل أي من أشقاء الفتاة التي أراد خطبتها ورفضته أسرتها لسوء مسلكه ولما تم ما أراد المتهم وتحقق غرضه الذي استهدفه فقد أغلق باب الحجرة على جثة المجنى عليه وخرج من مسكنه بعد أن أغلق بابه من خلفه وليتم مشروعاً آخر إجرامياً كان قد اختمر في ذهنه فقد توجه بعد قتله المجنى عليه.... إلى مسكن المجنى عليه..... الذي يقع على مبعده 250 متر تقريباً من مسكن المتهم، توجه المتهم إلى مسكن المجنى عليه الثاني المتزوج من سيدة تدعى..... وكان المتهم قبل أربع سنوات تقريباً قد تقدم إلى خطبتها أيضاً ولكن أسرتها رفضت خطبته ثم تقدم إلى المجنى عليه الثاني إلى خطبتها وارتضت به الأسرة زوجاً لابنتهم مما أوغر صدر المتهم حتى أنه هدد المجني عليه سالف الذكر بقتله إن لم يعدل عن خطبته ولما توجه المتهم إلى مسكن المجنى عليه الأخير وكانت الساعة قد بلغت الحادية عشر والنصف مساءً تقريباً من ذات ليلة..... فقد طرق باب المسكن وما أن فتح له المجنى عليه حتى بادره المتهم بأن هوى على رأسه بما يحمل من سلاح صلب راض ثقيل ذو حافة حادة قاصداً من ذلك قتله تنفيذاً لوعيده السابق والإصرار المسبق على قتله ولكن المجنى عليه تفادى الضربة من موضعها المقصود فطاشت إلى جانب وجه المجنى عليه فأحدثت به جرحاً قطعياً بالوجه طوله 15 سم وآخر متهتك أسفل صيوان الأذن اليسرى حوالى 5 سم وآخر عميق بالعنق وأسفل المنطقة الفكية حوالى 10سم ولكن صوت المجني عليه وزوجته قد علا بالصراخ فخاف المتهم الذي كان قد ارتكب لتوه جريمة قتل المجني عليه..... خاف المتهم المذكور من ضبطه فلاذ بالفرار فخاب أثر جريمته وظل هارباً بعد ارتكابه الحادثين لمدة تقارب الشهرين وعشرة أيام حتى تم ضبطه بمدينة...... واستند الحكم في الإدانة على شهادة كل من النقيب..... رئيس مباحث مركز...... و.... و..... و..... و.... و...... و.... و..... و.... و.... و.... وما شهد به....... قبل وفاته -....... و..... و.... و.... و.... و..... وما قرره المتهم بتحقيق النيابة وما ثبت بتقرير الصفة التشريحية الخاص بالمجنى عليه....... وهي أدلة سائغة لها أصلها الثابت في الأوراق - حسبما يبين من الاطلاع على المفردات المضمومة ومن شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكانت المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية قد أوجبت في كل حكم بالإدانة أن يشتمل على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً تتحقق به أركان الجريمة التي دان المحكوم عليه بها والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت المحكمة ثبوت وقوعها منها وكان البين مما سطره الحكم - على النحو سالف البيان - أنه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان بها المتهم وجاء استعراض المحكمة لأدلة الدعوى على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها ألماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة ومن ثم فقد سلم الحكم المعروض من القصور.
4 - لما كان الحكم قد استظهر نية القتل بقوله "وبما أنه وعن توافر نية القتل فالثابت أن إصابات المجني عليه... تبلغ العشر إصابات الغالب منها إصابات قاتلة بطبيعتها وبحسب مكانها في الرقبة والوجه والرأس وبحسب ما قرره المتهم من أنه لا يذكر عدد الضربات التي كالها إلى المجني عليه اثنين أو ثلاثة أو خمسة فإن المحكمة تستخلص مما تقدم ومن استخدام سلاح قاتل بطبيعته وهو سلاح أبيض ثقيل صلب ذو حافة حادة توافر نية القتل وإزهاق الروح لدى المتهم ويؤيد من اطمئنان المحكمة أن المتهم وإلى ضرب المجني عليه في مقتل من جسده هو رقبته إذ ثبت بتقرير الصفة التشريحية وجود جرحين قطعيين أحدها طوله 15 سم وصفة التقرير بأنه جرح ذبحى والثاني أسفل الجرح الأول وبطول حوالى 6 سم فإذا كان المتهم لا ينتوي القتل بعد إحداثه أول الجرحين مما يقطع بأنه لم يكن ينوى إلا القتل عند إحداثه الجرح الثاني وإذا أضيف إليها الجرح الذي أحدثه المتهم برأس المجنى عليه والذي يبلغ 14 سم شاملاً لخلفية فروة الرأس محدثاً كشطاً بالصحفيتين الخارجتين في مساحة بلغت 9 × 7 سم فإن جسامة تلك الإصابات وكونها قاتلة في ذاتها فإن تكرارها وبهذه الصورة من الجسامة والقوة يؤكد انصراف نية المتهم إلى قتل المجنى عليه". لما كان ذلك، وكان قصد القتل أمراً خفياً لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره فى نفسه واستخلاص هذا القصد من عناصر الدعوى موكول إلى قاضى الموضوع في حدود سلطته التقديرية وكان ما أورده الحكم فيما سلف يكفي في استظهار نية القتل لدى المحكوم عليه سائغاً وصحيحاً في القانون.
5 - لما كان الحكم قد استظهر ظرف سابق الإصرار وتوافره في حق المحكوم عليه في قوله "وبما أنه عن توافر سبق الإصرار السابق على قتل المجني عليه..... فالثابت بالأوراق أن المتهم قد هدد والد المجنى عليه بقتل أحد أبنائه وأخذت فكرة الزواج من ابنته بالغ أهميتها لديه حتى أنه يضرب أمه المسنة ويطردها من مسكنه لرفضها الانصياع لفكرته ولعلمها برفض الأسرة خطبته، فضلاً عن أنه قد توجه للبحث عن المجني عليه في إحدى المقاهي ولما لم يجده وعلم بمكان وجوده على شاطئ البحر ذهب إليه والتقى به واصطحبه إلى مسكنه فإن كل ما تقدم يؤكد أنه لم يكن هازلاً في تهديده فقد أعد السلاح القاتل وأخذ يتحين الفرصة في استدراج المجني عليه إلى مسكنه ولما رافقه فقد أجاد تنفيذ ما أصرت عليه نفسه بل أن إعداد مثل هذا السلاح يؤكد إصرار المتهم السابق على قتل المجنى عليه وأمر تهديده لوالد المجنى عليه وإن كان المتهم قد نفاه إلا أن نفيه كان بمثابة تشويه الحقيقة وذلك أنه يقرر أنه التقى والد المجني عليه في موقف السيارات وسأله عن سبب رفضه خطبته لابنته وهدده بتطليق ابنته من أخيه فهدده والد المجنى عليه بقتله وهو أمر يغاير مجرى الأمور ومنطق الأحداث فلا يتصور أن يهدد أب طالب خطبة ابنته بالقتل سيما وهو شقيق لزوج ابنته، ومن ثم فإن المحكمة تتيقن من توافر إصرار المتهم السابق على قتل المجنى عليه". لما كان ذلك، وكان من المقرر أن سبق الإصرار حالة ذهنية تقوم في نفس الجاني قد لا يكون لها في الخارج أثر محسوس يدل عليها مباشرة وإنما هي تستفاد من وقائع وظروف خارجية يستخلصها القاضي منها استخلاصاً ما دام موجب هذه الوقائع والظروف لا يتنافى مع هذا الاستنتاج وكان ما ساقه الحكم فيما تقدم سائغ ويتحقق به ظرف سبق الإصرار كما هو معرف به في القانون.
6 - لما كان المقرر في صحيح القانون أنه متى أثبت الحكم التدبير للجريمة سواء بتوافر سبق الإصرار عليها أو التحيل لارتكابها انتفى حتماً موجب الدفاع الشرعي الذي يفترض رداً حالاً لعدوان حال دون الإسلاس له وأعمال الخطة في إنفاذه وهو ما أثبته الحكم المعروض في قوله وبما أن المحكمة قد اطمأن وجدانها إلى ما تقدم وقد ثبت لديها الإصرار السابق من المتهم على قتل المجنى عليهما فإن حالة الدفاع الشرعي تكون قد انتفت من الوقائع وانتفى موجب الدفاع الشرعي الذي يفترض رداً على عدوان ولم يشرع للانتقام من الغرباء بل يكفى الاعتداء، وغنى عن البيان أنه لا حديث عن تجاوز حد الدفاع الشرعي إلا بثبوت الحق فيه ولما كان ما ساقه الحكم المعروض من أدلة منتجة في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه من رفض الدفع بقيام حالة الدفاع الشرعي فإن الحكم يكون قد برئ من أي شائبة في هذا الخصوص.
7 - لما كان القول بأن الواقعة مجرد جناية ضرب أفضى إلى موت لا يعدو أن يكون منازعة في الصورة التي اعتنقتها المحكمة للواقعة وجدلاً موضوعياً في سلطة محكمة الموضوع في استخلاص صورة الواقعة كما ارتسمت في وجدانها مما تستقل بالفصل فيه بغير معقب هذا إلى أن محكمة الموضوع غير ملزمة بتعقب المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي والرد على كل شبهة يثيرها استقلالاً إذ ي قضائها بالإدانة استناد إلى أدلة الثبوت التي أوردتها ما يفيد ضمنها أنها أطرحتها ولم تعول عليها فقد سلم الحكم المعروض من القصور.
8 - لما كان الحكم قد عرض لظرف الاقتران في قوله وبما أن الشق الأول من الفقرة الثانية من المادة 234 من قانون العقوبات الذي غلظ عقوبة جناية القتل العمد متى تقدمتها أو اقترنت بها أو تلتها جناية أخرى فإن هذا النص ينصرف أيضاً إلى جميع الأحوال التي يرتكب فيها الجاني علاوة على فعل القتل أي فعل مستقل متميز عنه يكون فى ذاته لجناية أخرى مرتبطة مع جناية القتل برابطة الزمنية حتى لو كانت الأفعال بناء على تصميم جنائي واحد أو تحت تأثير ثورة إجرامية واحدة إذ العبرة بالأفعال وتميزها عن بعضها بالقدر الذي يعتبر به كلاً منها مكوناً لجريمة مستقلة فإذا كان ذلك وكان الثابت أن جناية قتل المجني عليه...... قد تلتها جناية الشروع في قتل المجني عليه...... بعد فترة وجيزة لا تزيد على النصف ساعة وانتقال المتهم إلى مسكن المجني عليه الثاني الذي لا يبعد عن المسكن الذي ارتكب فيه جريمته الأولى بأكثر من مائتي وخمسين متراً تنفيذاً لغرض إجرامي واحد هو تحقيق تهديده بقتل كل من المجني عليهما فإن عناصر الارتباط على نحو ما تقدم تكون متحققة وكان يكفى لتغليظ العقاب عملاً بالمادة 234/ 2 عقوبات أن يثبت الحكم استقلال الجريمة المقترنة عن جناية القتل وتميزها عنها وقيام المصاحبة الزمنية بينهما بأن تكون الجنايتان قد ارتكبتا في وقت واحد وفي فترة قصيرة من الزمن وتقدير ذلك مما يستقل به قاضى الموضوع، وكان ما أورده الحكم فيما سلف يتحقق به توافر ظرف الاقتران كما هو معرف به في القانون وبالتالي تغليظ العقاب في جناية القتل العمد عملاً بالفقرة الثانية من المادة سالفة الذكر ويكون الحكم قد أصاب صحيح القانون في هذا الشأن، فضلاً عن ذلك فإن عقوبة الإعدام المقضي بها على المحكوم عليه هي ذاتها المقررة لجريمة القتل العمد مع سبق الإصرار التي أثبتها الحكم في حقه مجرد من ظرف الاقتران.
9 - لما كان الثابت بمحضر جلسة المحاكمة أن المتهم لم يوكل محامياً للدفاع عنه إلا أنه رغب في المحامي الذي تولى الدفاع عنه وندبته الحكم محامياً ترافع في الدعوى وأبدى ما عن له من دفاع فيها فإن المحكم تكون قد وفرت للمتهم حقه في الدفاع وإذ كان استعداد المدافع عن المتهم أو عدم استعداده أمر موكول إلى تقديره هو حسبما يوحي به ضميره واجتهاده وتقليد مهنته فإنه لا وجه للقول بخلو محضر الجلسة مما يفيد أن المحكمة قد أعطت المحامي المنتدب الوقت الكافي للاطلاع على أوراق الدعوى وتحضير دفاعه خاصة وقد ثبت بمحضر جلسة المحاكمة أن المحامي شرح وقائع الدعوى وأبدى دفاعه فيها على نحو ما سلف يفيد تمحيصه في مطالعة أوراقها بما أهله إبداء دفوعه التي أبداها وانتهى إلى طلب البراءة.
10 - لما كان الحكم المعروض قد أثبت في حق المحكوم عليه ارتكابه الجريمتين اللتين دانه بهما وساق عليهما أدلة سائغة مردودة إلى أصلها في الأوراق ومن شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها وقد صدر الحكم بالإعدام بإجماع آراء أعضاء المحاكمة وبعد استطلاع رأى مفتى الجمهورية قبل صدور الحكم وفقاً للمادة 381/ 2 من قانون الإجراءات الجنائية، وكانت إجراءات المحاكمة قد تمت طبقاً للقانون وجاء الحكم متفقاً وصحيح القانون وبرأ من الخطأ في تطبيقه أو تأويله، كما أنه صدر من محكمة مشكلة وفقاً للقانون ولها ولاية الفصل في الدعوى، ولم يصدر بعده قانون يسري على واقعة الدعوى يصح أن يستفيد منه المحكوم عليه على نحو ما نصت عليه المادة الخامسة من قانون العقوبات - باعتباره قانون أصلح له - ومن ثم يتعين قبول عرض النيابة العامة وإقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليه.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن أنه أولاً: قتل عمداً مع سبق الإصرار..... بأن بيت النية وعقد العزم على قتله وأعد لذلك سلاحاً أبيض (سنجة) واستدرجه لمكان الواقعة وما أن ظفر به حتى انهال عليه طعناً في مواضع متفرقة من جسده قاصداً من ذلك إزهاق روحه فأحدث به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته وقد تلت هذه الجناية جناية أخرى هي أنه في ذات الزمان والمكان سالفي البيان شرع في قتل.... عمداً مع سبق الإصرار بأن بيت النية وعقد العزم على قتله وأعد لذلك السلاح الأبيض سالف البيان وتوجه لمكان الواقعة وما أن ظفر به حتى عاجله بضربة بيسار الوجه قاصداً من ذلك إزهاق روحه فأحدث إصابته الموصوفة بالتقرير الطبي الشرعي وقد أوقف أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادته فيه هو استغاثة المجني عليه وفراره خشية ضبطه. وأحالته إلى محكمة جنايات..... لمحاكمته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة.
وادعت والدة المجنى عليه وأشقاء المجني عليه الثاني مدنياً قبل المتهم بطلب إلزامه أن يؤدى لهم مبلغ مائتي وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت.
والمحكمة المذكورة قررت وبإجماع الآراء بإرسال أوراق القضية إلى فضيلة مفتى الجمهورية لاستطلاع رأيه فيها. وحددت جلسة....... للنطق بالحكم وبالجلسة المحددة قضت حضورياً عملاً بالمواد 45/ 1، 46، 230، 231، 234/ 1 من قانون العقوبات والمادتين 1/ 1، 25 مكرر من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل والبند 11 من الجدول رقم 1 الملحق به مع أعمال المادة 32 من قانون العقوبات. وبإجماع الآراء بمعاقبة المتهم بالإعدام شنقًا عما أسند إليه وأمرت بإحالة الدعوى المدنية إلى المحكمة المختصة.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض وعرضت النيابة العامة القضية بمذكرة مشفوعة برأيها - بإقرار الحكم الصادر بإعدام المتهم....... - على محكمة النقض.
المحكمة
من حيث إن المحكوم عليه وإن قرر بالطعن في الميعاد إلا أنه لم يقدم أسباباً لطعنه، ومن ثم يكون الطعن المقدم منه غير مقبول شكلاً، لما هو مقرر أن التقرير بالطعن هو مناط اتصال المحكمة به وأن تقديم الأسباب التي بني عليها الطعن في الميعاد الذي حدده القانون هو شرط لقبوله وأن التقرير بالطعن وتقديم الأسباب يكونا معاً وحدة إجرائية لا يقوم فيها أحدهما مقام الآخر.
ومن حيث إن النيابة العامة قد عرضت الدعوى المطروحة على هذه المحكمة عملاً بما هو مقرر بالمادة 46 من القانون رقم 57 لسنة 1959 المعدل بالقانون رقم 23 لسنة 1992 بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض مشفوعة بمذكرة برأيها مؤرخة.... انتهت إلى طلب إقرار الحكم المعروض وذلك دون إثبات تاريخ تقديم تلك المذكرة بحيث يستدل منه أنه روعي فيها عرض القضية في ميعاد الستين يوماً المبينة بالمادة 34 من ذلك القانون إلا أنه لما كان ذلك، وكان تجاوز هذا الميعاد - وعلى ما جرى قضاء محكمة النقض - لا يترتب عليه عدم قبول عرض النيابة بل أن محكمة النقض تتصل بالدعوى بمجرد عرضها عليها لتفصل فيها وتستبين من تلقاء نفسها دون أن تتقيد بمبنى الرأي الذي ضمنته النيابة بمذكرتها ما عسى أن يكون قد شاب الحكم من عيوب، يستوي في ذلك أن يكون عرض النيابة في الميعاد المحدد أو بعد فواته، فإنه يتعين قبول عرض النيابة العامة للقضية.
ومن حيث إن الحكم المعروض حصل واقعة الدعوى في قوله "بما أن واقعة الدعوى حسبما استقرت في يقين المحكمة واطمأن إليه وجدانها تتحصل في أن المتهم...... وشهرته (....) كان قد تقدم لخطبة الفتاة.... بيد أنه لسوء سلوك المتهم واعتياده ضرب أمه المسنة حتى طردها من مسكنها الذي يقيم معها فيه رفضت الفتاة وأسرتها خطبة هذا المتهم ولكنه ألح في طلبه وأصر على مأربه حتى أنه طلب من أمه..... أن تعاود الكره مع أسرة الفتاة ولعلمها أن الأسرة ترفض خطبته فقد رفضت مطلبه حتى أنه ضربها وطردها من المسكن فذهبت لتقيم لدى ابنتها..... قبل عشرين يوماً من تاريخ..... تقريباً ولما كان أمر خطبة الفتاة قد اختمر في ذهنه وأصبح هدفاً له يريد تحقيقه بأي وسيلة فقد التقى قبل التاريخ المذكور بوالد الفتاة.... وسأله عن سبب رفض الأسرة لخطبته فأفهمه والدها أن الفتاة لا تريد خطبته ولما كان المتهم قد تأبط شراً وأضحى أمر خطبته للفتاة هدفاً لا بد من تحقيقه فقد هدد والدها أنه إن لم يتم هذا الأمر فإنه سيقتل أحد أولاده ناسياً أن والد الفتاة هو ذات الوقت والد زوجة شقيقه، وكان في تهديد لوالد الفتاة مؤكداً لما اشتهر عنه من سوء سلوك ينأى عن أن يقبل لابنته زوجاً لها ولم يكن في تهديده مع سوء خلقه هازلاً إذ أنه بتاريخ..... وقد خلال المسكن من أمه بعد أن طردها منه فقد جد في تنفيذ تهديده بقتل أحد أبناء والد الفتاة ووجد ضالته في شاب حسن الخلق هو شقيق الفتاة المجني عليه.... وأعد لذلك جسماً صلباً راضاً ثقيلاً ذو حافة حادة وانتوى تنفيذ ما أصر عليه سلفاً وهو قتل أحد أشقاء الفتاة في ليلة.... ونحو الساعة العاشرة والنصف منها بدأ في تنفيذ ما أضمر عليه فكره وما أصر عليه في نفسه ووجد على ما سلف في المجني عليه.... ضالته فأخذ في البحث عنه فتوجه إلى مقهى بالقرية التي يقيم بها وسأل بعض روادها عن المجنى عليه ولما أخبره بعضهم أنه على شاطئ البحر توجه إليه مؤكداً عزمه على تنفيذ ما أضمر فى نفسه واصطحبه إلى مسكنه ولما أنفرد به وأدخله إلى إحدى حجرات المسكن فقد تهيأت له الظروف لتنفيذ ما أصر عليه فقد أخرج السلاح لذى أعده سالفاً لارتكاب جريمته وأخذ يضرب به المجنى عليه فأحدث به عشرة جروح كان أولهم جرحاً قطعياً رضياً متكدماً مستعرض الوضع بطول حوالى 14 سم ويقع شاملاً خلفية فروة الرأس محدثاً كشطاً بالصفحتين الخارجيتين بالعظم المؤخري في مساحة أبعادها حوالى 9 × 7 سم أما ثانيهم فقد كان جرحاً قطعياً راضياً متكدماً مستعرض الوضع بطول حوالى 10 سم ويقع بخلفية يمين فروة الرأس بحيث يقع طرفه الأمامي أعلى مستوى صيوان الأذن اليمنى مباشرة وكان الجرح الثالث قطعياً راضياً متكدماً مستوى الحواف مستعرض بطول حوالى 6 سم ويقع بيمين الوجه بحيث يقع طرفه الخلفي صيوان الأذن بحوالي 1 سم أما الإصابة الرابعة فقد كانت جرحاً قطعياً راضياً متكدماً ومستوى الحواف ومستعرض الوضع وبطول حوالى 4 سم ويقع أسفل يمين الوجه بحيث يقع طرفه الأمامي خلف زاوية الفم اليمنى بحوالي 3 سم والجرح الخامس كان قطعياً راضياً متكدماً مستوى الحواف مستعرض الوضع وبطول حوالى 8 سم ويقع أسفل يمين الوجه ومقابل يمين الفك السفلى وكان الجرح السادس ذبحياً إذ كان موقعه مقدم العنق مستوى الحواف ومتكدم وبطول 15 سم يقع طرفه الأيمن أسفل شحمة الأذن اليمنى بحوالي 4 سم ويمر بمنتصف مقدم العنق في مستوى الغضروف الدرقى وكان الجرح السابع أسفل الجرح السابق مباشرة جرحاً قطعياً مستوى الحواف متكدماً ومستعرض الوضع وبطول حوالى 6 سم وأخذ الجرح الثامن موضعه في أسفل وحشية العضد الأيمن وكان جرحاً قطعياً مستوى الحواف متكدماً بطول حوالى 4 سم بحيث يقع طرفه الأسفل مقابل وحشية مفصل المرفق الأيمن مباشرة وفى منتصف إصبع الإبهام الأيمن وكان الجرح التاسع وهو جرح قطعي متقدم مستوى الحواف وكأن الجروح السابقة لم تكف المتهم ولم ترض غليله فقد أحدث بالمجني عليه الجرح العاشر وهو كسابقيه جرحاً قطعياً متكدماً مستوى الحواف طولى الوضع يقع بمنتصف أنسية الساعد الأيسر محدثاً كسراً شطفياً بعظمة الزند اليسرى ويبلغ طول الجرح 8 سم تقريباً وما كان قصد المتهم من إحداث تلك الإصابات الجسيمة إلا قتل المجنى عليه تنفيذاً لإصراره السابق على قتل أي من أشقاء الفتاة التي أراد خطبتها ورفضته أسرتها لسوء مسلكه ولما تم ما أراد المتهم وتحقق غرضه الذي استهدفه فقد أغلق باب الحجرة على جثة المجنى عليه وخرج من مسكنه بعد أن أغلق بابه من خلفه وليتم مشروعاً آخر إجرامياً كان قد اختمر في ذهنه فقد توجه بعد قتله المجنى عليه.... إلى مسكن المجنى عليه..... الذي يقع على مبعده 250 متر تقريباً من مسكن المتهم، توجه المتهم إلى مسكن المجنى عليه الثاني المتزوج من سيدة تدعى..... وكان المتهم قبل أربعة سنوات تقريباً قد تقدم على خطبتها أيضاً ولكن أسرتها رفضت خطبته ثم تقدم إلى خطبتها المجنى عليه الثاني وارتضت به الأسرة زوجاً لابنتهم مما أوغر صدر المتهم حتى أنه هدد المجنى عليه سالف الذكر بقتله إن لم يعدل عن خطبته ولما توجه المتهم إلى مسكن المجنى عليه الأخير وكانت الساعة قد بلغت الحادية عشر والنصف مساءً تقريباً من ذات ليلة..... فقد طرق باب المسكن وما أن فتح له المجني عليه حتى بادره المتهم بأن هوى على رأسه بما يحمل من سلاح صلب راض ثقيل ذو حافة حادة قاصداً من ذلك قتله تنفيذاً لوعيده السابق والإصرار المسبق على قتله ولكن المجنى عليه تفادى الضربة من موضعها المقصود فطاشت إلى جانب وجه المجني عليه فأحدثت به جرحاً قطعياً بالوجه طوله 15 سم وآخر متهتك أسفل صيوان الأذن اليسرى حوالى 5 سم آخر عميق بالعنق وأسفل المنطقة الفكية حوالى 10 سم ولكن صوت المجنى عليه وزوجته قد علا بالصراخ فخاف المتهم الذي كان قد ارتكب لتوه جريمة قتل المجني عليه..... خاف المتهم المذكور من ضبطه فلاذ بالفرار فخاب أثر جريمته وظل هارباً بعد ارتكابه الحادثين لمدة تقارب الشهرين وعشرة أيام حتى تم ضبطه بمدينة...... واستند الحكم في الإدانة على شهادة كل من النقيب....... رئيس مباحث مركز...... و....... و...... و........ و....... و..... و..... و.... و..... و...... و........ وما شهد به....... قبل وفاته -....... و....... و........ و.... و...... و.... وما قرره المتهم بتحقيق النيابة وما ثبت بتقرير الصفة التشريحية الخاص بالمجني عليه..... وهى أدلة سائغة لها أصلها الثابت في الأوراق - حسبما يبين من الاطلاع على المفردات المضمومة ومن شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكانت المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية قد أوجبت في كل حكم بالإدانة أن يشتمل على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً تتحقق به أركان الجريمة التي دان المحكوم عليه بها والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت المحكمة ثبوت وقوعها منها وكان البين مما سطره الحكم - على النحو سالف البيان - أنه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان بها المتهم وجاء استعراض المحكمة لأدلة الدعوى على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها ألماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة ومن ثم فقد سلم الحكم المعروض من القصور.
لما كان ذلك، وكان الحكم قد استظهر نية القتل بقوله "وبما أنه وعن توافر نية القتل فالثابت أن إصابات المجنى عليه.... تبلغ العشر إصابات الغالب منها إصابات قاتلة بطبيعتها وبحسب مكانها في الرقبة والوجه والرأس وبحسب ما قرره المتهم من أنه لا يذكر عدد الضربات التي كالها إلى المجنى عليه اثنين أو ثلاثة أو خمسة فإن المحكمة تستخلص مما تقدم ومن استخدام سلاح قاتل بطبيعته وهو سلاح أبيض ثقيل صلب ذو حافة حادة توافر نية القتل وإزهاق الروح لدى المتهم ويؤيد من اطمئنان المحكمة أن المتهم وإلى ضرب المجنى عليه في مقتل من جسده هو رقبته إذ ثبت بتقرير الصفة التشريحية وجود جرحين قطعيين أحدهما طوله 15 سم وصفة التقرير بأنه جرح ذبحى والثاني أسفل الجرح الأول وبطول حوالى 6 سم فإذا كان المتهم لا ينتوي القتل بعد إحداثه أول الجرحين مما يقطع بأنه لم يكن ينوى إلا القتل عند إحداثه الجرح الثاني وإذا أضيف إليها الجرح الذي أحدثه المتهم برأس المجنى عليه والذي يبلغ 14 سم شاملاً لخلفية فروة الرأس محدثاً كشطاً بالصحفيتين الخارجتين في مساحة بلغت 9 × 7 سم فإن جسامة تلك الإصابات وكونها قاتلة في ذاتها فإن تكرارها وبهذه الصورة من الجسامة والقوة يؤكد انصراف نية المتهم إلى قتل المجنى عليه". لما كان ذلك، وكان قصد القتل أمراً خفياً لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه واستخلاص هذا القصد من عناصر الدعوى موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية وكان ما أورده الحكم فيما سلف يكفي في استظهار نية القتل لدى المحكوم عليه سائغاً وصحيحاً في القانون. لما كان ذلك، وكان المدافع مع المحكوم عليه قد أورد بأن المتهم انتزع الساطور من المجنى عليه وقتله لفوره مردود بأن من المقرر فى صحيح القانون أنه متى أثبت الحكم التدبير للجريمة سواء بتوافر سبق الإصرار عليها أو التحيل لارتكابها انتفى حتماً موجب الدفاع الشرعي الذي يفترض رداً حالاً لعدوان حال دون الإسلاس له وأعمال الخطة في إنفاذه وهو ما أثبته الحكم المعروض في قوله وبما أن المحكمة قد اطمأن وجدانها إلى ما تقدم وقد ثبت لديها الإصرار السابق من المتهم على قتل المجنى عليهما فإن حالة الدفاع الشرعي تكون قد انتفت من الوقائع وانتفى موجب الدفاع الشرعي الذي يفترض رداً على عدوان ولم يشرع للانتقام من الغرباء بل يكفي الاعتداء، وغني عن البيان أنه لا حديث عن تجاوز حد الدفاع الشرعي إلا بثبوت الحق في ولما كان ما ساقه الحكم المعروض من أدلة منتجة فى اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه من رفض الدفع بقيام حالة الدفاع الشرعي فإن الحكم يكون قد برئ من أي شائبة في هذا الخصوص. لما كان ذلك، وكان القول بأن الواقعة مجرد جناية ضرب أفضى إلى موت لا يعدو أن يكون منازعة في الصورة التي اعتنقتها المحكمة للواقعة وجدلاً موضوعياً في سلطة محكمة الموضوع في استخلاص صورة الواقعة كما ارتسمت في وجدانها مما تستقل بالفصل فيه بغير معقب هذا إلى أن محكمة الموضوع غير ملزمة بتعقب المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي والد على كل شبهة يثيرها استقلالاً إذ في قضائها بالإدانة استناد إلى أدلة الثبوت التي أوردتها ما يفيد ضمناً أنها أطرحتها ولم تعول عليها فقد سلم الحكم المعروض من القصور. لما كان ذلك، وكان الحكم قد عرض لظرف الاقتران في قوله "وبما أن الشق الأول من الفقرة الثانية من المادة 234 من قانون العقوبات الذي غلظ عقوبة جناية القتل العمد متى تقدمتها أو اقترنت بها أو تلتها جناية أخرى فإن هذا النص ينصرف أيضاً إلى جميع الأحوال التي يرتكب فيها الجاني علاوة على فعل القتل أي فعل مستقل متميز عنه يكون في ذاته لجناية أخرى مرتبطة مع جناية القتل برابطة الزمنية حتى لو كانت الأفعال بناء على تصميم جنائي واحد أو تحت تأثير ثورة إجرامية واحدة إذ العبرة بالأفعال وتميزها عن بعضها بالقدر الذي يعتبر به كلاً منها مكوناً لجريمة مستقلة" فإذا كان ذلك وكان الثابت أن جناية قتل المجني عليه...... قد تلتها جناية الشروع في قتل المجنى عليه...... بعد فترة وجيزة لا تزيد على النصف ساعة وانتقال المتهم إلى مسكن المجنى عليه الثاني الذي لا يبعد عن المسكن الذي ارتكب فيه جريمته الأولى بأكثر من مائتي وخمسين متراً تنفيذاً لغرض إجرامي واحد هو تحقيق تهديده بقتل كل من المجنى عليهما فإن عناصر الارتباط على نحو ما تقدم تكون متحققة وكان يكفى لتغليظ العقاب عملاً بالمادة 234/ 2 عقوبات أن يثبت الحكم استقلال الجريمة المقترنة عن جناية القتل وتميزها عنها وقيام المصاحبة الزمنية بينهما بأن تكون الجنايتان قد ارتكبتا في وقت واحد وفى فترة قصيرة من الزمن وتقدير ذلك مما يستقل به قاضي الموضوع، وكان ما أورده الحكم فيما سلف يتحقق به توافر ظرف الاقتران كما هو معرف به في القانون وبالتالي تغليظ العقاب فى جناية القتل العمد عملاً بالفقرة الثانية من المادة سالفة الذكر ويكون الحكم قد أصاب صحيح القانون فى هذا الشأن، فضلاً عن ذلك فإن عقوبة الإعدام المقضي بها على المحكوم عليه هي ذاتها المقررة لجريمة القتل العمد مع سبق الإصرار التي أثبتها الحكم في حقه مجرد من ظرف الاقتران. لما كان ذلك، وكان الثابت بمحضر جلسة المحاكمة أن المتهم لم يوكل محامياً للدفاع عنه إلا أنه رغب في المحامي الذي تولى الدفاع عنه وندبته الحكم محامياً ترافع في الدعوى وأبدى ما عن له من دفاع فيها فإن المحكم تكون قد وفرت للمتهم حقه في الدفاع وإذ كان استعداد المدافع عن المتهم أو عدم استعداده أمر موكول إلى تقديره هو حسبما يوحى به ضميره واجتهاده وتقليد مهنته فإنه لا وجه للقول بخلو محضر الجلسة مما يفيد أن المحكمة قد أعطت المحامي المنتدب الوقت الكافي للاطلاع على أوراق الدعوى وتحضير دفاعه خاصة وقد ثبت بمحضر جلسة المحاكمة أن المحامي شرح وقائع الدعوى وأبدى دفاعه فيها على نحو ما سلف يفيد تمحيصه في مطالعة أوراقها بما أهله إبداء دفوعه التي أبداها وانتهى إلى طلب البراءة.
لما كان ذلك، وكان الحكم المعروض قد أثبت في حق المحكوم عليه ارتكابه الجريمتين اللتين دانه بهما وساق عليهما أدلة سائغة مردودة إلى أصلها في الأوراق ومن شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها وقد صدر الحكم بالإعدام بإجماع آراء أعضاء المحاكمة وبعد استطلاع رأى مفتى الجمهورية قبل صدور الحكم وفقاً للمادة 381/ 2 من قانون الإجراءات الجنائية، وكانت إجراءات المحاكمة قد تمت طبقاً للقانون وجاء الحكم متفقاً وصحيح القانون وبرأ من الخطأ في تطبيقه أو تأويله، كما أنه صدر من محكمة مشكلة وفقاً للقانون ولها ولاية الفصل في الدعوى، ولم يصدر بعده قانون يسري على واقعة الدعوى يصح أن يستفيد منه المحكوم عليه على نحو ما نصت عليه المادة الخامسة من قانون العقوبات - باعتباره قانون أصلح له - ومن ثم يتعين قبول عرض النيابة العامة وإقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليه.