الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

السبت، 30 أغسطس 2014

الطعنان 8240 و 8296 لسنة 65 ق جلسة 23 /6 / 1997 مكتب فني 48 ج 2 ق 184 ص 952

جلسة 23 من يونيه سنة 1997

برئاسة السيد المستشار/ عبد المنعم وفا نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ لطف الله جزر، منير الصاوي، زهير بسيوني نواب رئيس المحكمة ووجيه أديب.

---------------

(184)
الطعنان رقما 8240، 8296 لسنة 65 القضائية

(1) بطلان "بطلان التصرفات". عقد.
عدم إقامة الدليل على أن الشق الباطل أو القابل للإبطال من العقد لا ينفصل عن جملة التعاقد. أثره. اقتصار البطلان على هذا الشق وحده. م 143 مدني.
 (2)
بنوك. فوائد.
الالتزام بسعر الفائدة الذي يحدده البنك المركزي على العمليات المصرفية. مناطه. اتفاق البنك وعميله على هذا السعر. عدم وجود اتفاق. أثره. تطبيق السعر القانوني للفائدة.
 (3)
نقض "أسباب الطعن". بطلان.
وجوب اشتمال صحيفة الطعن بالنقض على بيان أسباب الطعن وإلا كان باطلاً. م 253 مرافعات. مقصوده. تحديد أسباب الطعن وتعريفها تعريفاً واضحاً كاشفاً وافياً نافياً عنها الغموض والجهالة. علة ذلك. عدم إيضاح الطاعن العيب المنسوب للحكم المطعون فيه. نعي مجهل غير مقبول.
(4)
دعوى "المصلحة في الدعوى".
المصلحة التي تجيز رفع الدعوى. ماهيتها. المصلحة القانونية دون الاقتصادية. م 3 مرافعات.
 (5)
عقد "بطلان العقد". بطلان. دعوى "قبولها".
الحق في طلب إبطال العقد للغلط الجوهري أو التدليس. يتوافر به شرط المصلحة الحالة اللازمة لقبول الدعوى. المادتان 120، 125 مدني.
 (8 -6)
عقد "بطلان العقد". بطلان. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير أوجه بطلان العقد".
(6)
طلب إبطال التصرف الذي شابه غلط جوهري في قيمة الشيء. شرطه. أن يكون هو الدافع الرئيسى للتعاقد ووقع فيه المتعاقد الآخر وأتصل علمه به أو كان من السهل عليه أن يتبينه.
 (7)
اعتبار السكوت عمداً عن واقعة أو ملابسة تدليساً. شرطه. ثبوت أن المدعى عليه ما كان ليبرم العقد لو علم بها.
(8)
محكمة الموضوع لها تقدير ثبوت الغلط المصحوب بالتدليس أو عدم ثبوته دون رقابة من محكمة النقض متى أُقيم قضاؤها على أسباب سائغة
.
 (9)
نقض "أسباب الطعن: السبب الجديد".
عدم التمسك أمام محكمة الموضوع بالدفاع الوارد في وجه النعي. سبب جديد. عدم جواز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض.
(10، 11 ) عقد "انعقاد العقد".
(10)
تحرير المحرر المثبت للعقد في تاريخ لاحق لانعقاده. جائز. علة ذلك.
 (11)
الإيجاب. ماهيته. وجوب توافر الدليل على تلاقي إرادة المتعاقدين على قيام الالتزام ونفاذه. شرطه. اقتران الإيجاب بقبول مطلق
.
(12)
عقد "المفاوضات".
المفاوضة ليست إلا عملاً مادياً ليس له أثر قانوني.
 (13)
عقد "أركان العقد: التراضي".
استخلاص ما إذا كان الإيجاب باتاً. من سلطة محكمة الموضوع. شرطه. أن يكون سائغاً ومستمداً من عناصر تؤدي إليه من وقائع الدعوى.
 (14)
استئناف "أثر الاستئناف".
الاستئناف. أثره. نقل الدعوى إلى محكمة الدرجة الثانية بحالتها التي كانت عليها قبل صدور الحكم المستأنف بالنسبة لما رُفع عنه الاستئناف. عدم جواز تعرض محكمة الاستئناف للفصل في أمر غير مطروح عليها.
 (15)
دعوى "دعوى الضمان الفرعية". استئناف.
دعوى الضمان الفرعية. استقلالها عن الدعوى الأصلية ولا تعد دفعاً أو دفاعاً فيها. امتناع محكمة الاستئناف أن تعرض لها أثناء نظر الاستئناف المرفوع عن الحكم الصادر في الدعوى الأصلية.
(16)
عقد "عيوب الرضا". مسئولية "مسئولية تقصيرية".
إبطال العقد للغلط. جواز الحكم بالتعويض عند توافر شروط الخطأ الموجب للمسئولية التقصيرية في جانب المتعاقد الذي تسبب بخطئه في هذا الإبطال باعتبار أن العقد واقعة مادية.
 (17)
التزام. نقد.
الأصل في الإلزام قضاء بأداء مبلغ من النقود أن يكون بالعملة الوطنية. الاستثناء. اتفاق الخصوم على الالتزام بالعملة الأجنبية.

--------------
1 - مفاد نص المادة 143 من القانون المدني أنه إذا لم يقم من يدعي البطلان الدليل على أن الشق الباطل أو القابل للإبطال لا ينفصل عن جملة التعاقد يظل ما بقى من العقد صحيحاً باعتباره عقداً مستقلاً ويقتصر البطلان على الشق الباطل وحده.
2 - لئن كان الشارع قد أجاز في المادة السابعة فقرة (د) من القانون رقم 120 لسنة 1975 بشأن البنك المركزي المصري والجهاز المصرفي لمجلس إدارة ذلك البنك "تحديد أسعار الخصم والفائدة الدائنة والمدنية على العمليات المصرفية حسب طبيعة هذه العمليات ومقدار الحاجة إليها وفقاً لسياسة النقد والائتمان دون التقيد بالحدود المنصوص عليها في أي تشريع آخر" إلا أن مناط الالتزام بسعر الفائدة في نطاق السعر الذي حدده البنك المركزي هو اتفاق البنك وعميله على هذا السعر, وإلا طبق السعر القانوني للفائدة.
3 - أوجبت المادة 253 من قانون المرافعات اشتمال صحيفة الطعن بالنقض على بيان الأسباب التي بني عليها الطعن وإلا كان باطلاً وقد قصد بهذا البيان أن تحدد أسباب الطعن وتعرف تعريفاً واضحاً كاشفاً عن المقصود منها كشفاً وافياً نافياً عنها الغموض والجهالة بحيث يبين منها العيب الذي يعزوه الطاعن إلى الحكم وموضعه منه وأثره في قضائه ومن ثم فإن كان سبب يراد التحدي به يجب أن يكون مبيناً بياناً دقيقاً. لما كان ذلك, وكان الطاعن لم يوضح ماهية القاعدة العامة في استحقاق الفوائد التي يعيب على الحكم المطعون فيه عدم تطبيقها ولا يغني عن هذا الإفصاح سرده لنص المادة 226 من القانون المدني فإن النعي يكون مجهلاً ومن ثم غير مقبول.
4 - يدل النص في المادة الثالثة من قانون المرافعات على أن المصلحة التي تجيز رفع الدعوى أو المطالبة بالحق هي تلك المصلحة القانونية التي يحميها القانون دون النظر إلى المصلحة الاقتصادية.
5 - المقرر وفقاً للمادتين 120، 125 من القانون المدني أن للمتعاقد الذي وقع في غلط جوهري أو وقع عليه تدليس الحق في طلب إبطال العقد وهو حق يتوافر به شرط المصلحة الحالة اللازمة لقبول الدعوى.
6 - المقرر وفقاً للمادتين 121،120 من القانون المدني أن للمتعاقد الذي وقع في غلط جوهري في قيمة الشيء أن طلب إبطال التصرف الذي شابة هذا الغلط متى كان هو الدافع الرئيسي إلى التعاقد ووقع فيه المتعاقد الآخر أو أتصل علمه به أو كان من السهل عليه أن يتبينه.
7 - المقرر وفقاً للفقرة الثانية من المادة 125 من القانون المدني يعتبر تدليساً السكوت عمداً عن واقعة أو ملابسة إذا ثبت أن المدلس عليه ما كان ليبرم العقد لو علم بتلك الواقعة أو هذه الملابسة.
8 - تقدير ثبوت الغلط المصحوب بالتدليس الذي يجيز إبطال العقد أو عدم ثبوته هو من المسائل التي تستقل بها محكمة الموضوع دون رقابة عليها في ذلك من محكمة النقض ما دام قضائها مقاماً على أسباب سائغة.
9 - لما كانت الطاعنة لم تتمسك أمام محكمة الموضوع بدفاعها الوارد في وجه النعي فإنه وأياً كان وجه الرأي فيه يعد سبباً جديداً لا يجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض.
10 - ليس ثمة ما يمنع قانوناً من تحرير المحرر المثبت للعقد في تاريخ لاحق لانعقاده لأن المحرر أداة للإثبات لا يلزم أن يكون تحريره موافقاً لتاريخ انعقاد العقد.
11 - المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن الإيجاب هو العرض الذي يعبر به الشخص الصادر منه على وجه جازم عن إرادته في إبرام عقد معين بحيث إذا ما اقترن به قبول مطابق انعقد العقد ولا يعتبر التعاقد تاماً وملزماً إلا بتوافر الدليل على تلاقي إرادة المتعاقدين على قيام هذا الالتزام ونفاذه.
12 - المفاوضات ليست إلا عملاً مادياً ولا يترتب عليها بذاتها أي أثر قانوني.
13 - استخلاص ما إذا كان الإيجاب باتاً والتعرف على ما عناه الطرفان من المحرر مما يدخل في حدود السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع ما دام هذا الاستخلاص سائغاً ومستمداً من عناصر تؤدي إليه من وقائع الدعوى.
14 - الاستئناف وفقاً لنص المادة 232 من قانون المرافعات ينقل الدعوى إلى محكمة الدرجة الثانية بحالتها التي كانت عليها قبل صدور الحكم المستأنف بالنسبة لما رُفع عنه الاستئناف ولا يجوز لمحكمة الاستئناف أن تتعرض للفصل في أمر غير مطروح عليها.
15 - لما كانت دعوى الضمان مستقلة بكيانها عن الدعوى الأصلية ولا تعتبر دفعاً ولا دفاعاً فيها, فإنه يمتنع على محكمة الاستئناف أن تعرض لدعوى الضمان المرفوعة من الطاعنة أثناء نظر الاستئناف المرفوع من المطعون ضده الأول عن الحكم الصادر في الدعوى الأصلية.
16 - يجوز مع القضاء ببطلان العقد للغلط أو التدليس أن يحكم بالتعويض إذا ترتب عليه ضرراً بأحد المتعاقدين ويكون ذلك لا على اعتبار أنه عقد بل باعتباره واقعة مادية متى توافرت شروط الخطأ الموجب للمسئولية التقصيرية في جانب المتعاقد الآخر الذي تسبب بخطئه في هذا البطلان.
17 - المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن الأصل في الإلزام قضاءً بأداء مبلغ من النقود أن يكون بالعملة الوطنية, وكان الثابت بالأوراق أن الحكم المطعون فيه قد ألزم الطاعنة بأداء التعويض بالدولار الأمريكي دون أن يكون هناك اتفاق بين الخصوم على أداء التعويض بالعملة الأجنبية فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعنين استوفيا أوضاعهما الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المصرف الطاعن في الطعن رقم 8240 لسنة 65 ق أقام على الشركتين المطعون ضدهما الأولى والثانية الدعوى رقم 11932 لسنة 1991 جنوب القاهرة الابتدائية بطلب الحكم على الشركة الأولى وفي مواجهة الشركة الثانية أولاً: - ببطلان الاتفاق المؤرخ 28/ 6/ 1990 بشأن مقابل الوفاء بمبلغ ستة ملايين دولار أمريكي تمثل أسهم الشركة المطعون ضدها الثالثة البالغ عددها ستون ألف سهم, ثانيا: - ببطلان إبرائه لها من مبلغ 7727567 دولاراً أمريكياً من أصل الدين الثابت بالاتفاق المذكور, ثانياً: - بإلزامها بأن تؤدي له الجزء الباقي من الدين ومقداره 13727567 دولاراًً أمريكياً وفوائده المصرفية اعتباراً من 1/ 11/ 1989 وحتى تمام السداد, ومبلغ ثلاثة ملايين دولار أمريكي على سبيل التعويض, وقال بياناً لدعواه إنه منح الشركة المطعون ضدها الأولى تسهيلات ائتمانية بلغ رصيدها المدين في 31/ 10/ 1989 مبلغ 22527567 دولاراً أمريكياً, ولتسوية هذه المديونية أبرم اتفاق مؤرخ 28/ 6/ 1990 بينه وبين المطعون ضدهما الأولى والثانية تضمن الوفاء بجزء من الدين قدره 14.8 مليون دولار أمريكي بمقابل هو نقل ملكية عقارات مملوكة للشركة المدينة قيمتها ستمائة ألف دولار أمريكي ونقل ملكية أسهم تمتلكها في شركات استثمارية قيمتها 14.2 مليون دولار أمريكي من بينها ستون ألف سهم من أسهم الشركة المطعون ضدها الثالثة قيمتها الاسمية ستة ملايين دولار أمريكي, وفي حالة تنفيذها لهذا الالتزام يبرئها من مبلغ 7727567 دولاراً أمريكياً, وبعد أن أستلم شهادة مؤقتة بملكيته لأسهم الشركة المطعون ضدها الثالثة اكتشف في 26/ 2/ 1991 أن مجلس إدارة هذه الشركة قد قرر في 3/ 6/ 1990 خفض رأس مالها من 35 مليون إلى 350 ألف دولار وأن جمعيتها العامة غير العادية قد وافقت على هذا الخفض بتاريخ 27/ 6/ 1990 وهو ما أوقعه في غلط جوهري متنصل بقيمة السهم نتيجة تدليس المطعون ضدها الأولى, مما حدا به إلى إقامة دعواه بطلباته سالفة البيان, أدخلت الشركة المطعون ضدها الأولى الشركتين المطعون ضدهما الثالثة والرابعة وآخرين وطلبت الحكم بإلزامهم بما عسى أن يحكم به عليهم في الدعوى الأصلية, ودفعت بعدم قبول الدعوى لزوال المصلحة بالعدول عن قرار التخفيض, وبتاريخ 28/ 6/ 1993 حكمت المحكمة بإجابتها لهذا الدفع, استأنف المصرف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 10877 لسنة 110 ق القاهرة, وبتاريخ 21/ 4/ 1994 حكمت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وبقبول الدعوى, وبتاريخ 24/ 5/ 1995 قضت ببطلان الاتفاق المؤرخ 28/ 6/ 1990 بشأن مقابل الوفاء بمبلغ ستة ملايين دولار أمريكي تمثل أسهم الشركة المطعون ضدها الثالثة والبالغ عددها ستون ألف سهم, وبإلزام الشركة المطعون ضدها الأولى بأن تؤدي للبنك الطاعن مبلغ ستة ملايين دولار أمريكي والفوائد القانونية بواقع 5% سنوياً من تاريخ هذا الحكم وحتى تمام السداد إذا أعاد لها أسهم الشركة المطعون ضدها الثالثة, وبأن تؤدي له نصف مليون دولار أمريكي تعويضاً عما أصابها من أضرار، ورفضت ما عدا ذلك من الطلبات. طعن المصرف في هذا الحكم بطريق النقض بالطعن رقم 8240 لسنة 65 ق, كما طعنت فيه الشركة المحكوم عليها بالطعن رقم 8296 لسنة 65 ق, وقدمت النيابة العامة مذكرة في الطعن الأول أبدت فيها الرأي برفضه. كما قدمت مذكرة في الطعن الثاني أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه, وإذ عُرض الطاعنان على هذه المحكمة في غرفة مشورة قررت ضم الطعن الثاني إلى الطعن الأول للارتباط وليصدر فيهما حكم واحد, وحددت جلسة لنظرهما وفيها التزمت النيابة رأيها.

أولاً: عن الطعن رقم 8240 لسنة 65 ق:
 
وحيث إن هذا الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعي المصرف الطاعن بالوجهين الأول والثاني من السبب الأول على الحكم المطعون فيه مخالفة الثابت بالأوراق والفساد في الاستدلال, وفي بيان ذلك يقول إنه طلب إبطال الاتفاق في شقه الخاص بالإبراء لما شاب إرادته من غلط وتدليس, إلا أن الحكم المطعون فيه لم يتنبه إلى وجود هذا الطلب وذهب إلى انحسار هذين العيبين عن إرادته لدى إبرائه المطعون ضدها الأولى من بعض الدين استناداً إلى أنه قصر طلب الإبطال على مقابل الوفاء المتمثل في أسهم الشركة المطعون ضدها الثالثة, مما يعيبه بمخالفة الثابت بالأوراق والفساد في الاستدلال.
وحيث إن هذا النعي غير صحيح, ذلك أنه لما كان البيّن من الحكم المطعون فيه أنه أورد في أسبابه الواقعية طلب الطاعن إبطال إبرائه المطعون ضدها الأولى من مبلغ 7727567 دولار أمريكي وقضى برفضه تأسيساً على أن تنازل البنك الطاعن عن هذا المبلغ كان ضمن الاتفاق المؤرخ 28/ 6/ 1990 والذي كيفه أنه يتضمن تجديداً وإبراء بمقابل وخلص إلى أنه لم يلحقه غلط أو تدليس، فإن النعي يضحى غير صحيح وبالتالي غير مقبول.
وحيث إن الطاعن ينعي بالوجهين الثالث والرابع من السبب الأول وبالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه مخالفه القانون والخطأ في تطبيقه والتناقض في الأسباب، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم رفض إبطال الإبراء على سند من أنه كان يحب عليه أن يطلب بطلان الاتفاق بأكمله, في حين أن قضاء الحكم ببطلان مقابل الوفاء بمبلغ الستة ملايين دولار أمريكي للغلط والتدليس وتسليمه بعدم تحقق الشرط الواقف المتمثل في تنفيذ مقابل الوفاء كان يجب عليه بطريق التلازم أن يقضي بعدم قابلية التزامه بالإبراء للتنفيذ وبإلزام الشركة المطعون ضدها الأولى بأن تؤدي له الدين محل الإبراء والبالغ مقداره 7727567 دولاراً أمريكياً لأن الاتفاق بين الطرفين على مقابل الوفاء كان الباعث الذي حدا به إلى إبراء المطعون ضدها الأولى, مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه في هذا الصدد.
وحيث إن النعي في غير محله, وذلك أن المادة 143 من القانون المدني تنص على أنه "إذا كان العقد في شق منه باطلاً أو قابلاً للإبطال فهذا الشق وحده هو الذي يبطل, إلا إذا تبين أن العقد ما كان يتم بغير الشق الذي وقع باطلاً أو قابلاً للإبطال فيبطل العقد كله". ومفاد ذلك أنه إذا لم يقم من يدعي البطلان الدليل على أن الشق الباطل أو القابل للإبطال لا ينفصل عن جملة التعاقد يظل ما بقى من العقد صحيحاً باعتباره عقداً مستقبلاً ويقتصر البطلان عن الشق الباطل وحده, لما كان ذلك, وكان الحكم المطعون فيه عند تفسيره للاتفاق المؤرخ 28/ 6/ 1990 قد انتهى إلى أن التكييف الصحيح للتصرف الذي اسماه المتعاقدان إبراء بحسب ما عناه المتعاقدان هو أنه صلح انطوى على إبراء بمقابل نزل فيه كل من المتصالحين عن بعض ما يدعيه في مقابل استنفاد الطاعن لجزء مما يدعيه من مديونية قبل الشركة المطعون ضدها الأولى, وأن بطلان مقابل الوفاء بملغ الستة ملايين دولار لما شاب إرادة الطاعن من عيب الغلط وعيب التدليس لا يترتب عليه بطلان الإبراء بمقابل ما دام الطاعن هو المتمسك بانتقاض التعاقد على جزء منه دون الآخر, مما يفيد تسليمه بأن إرادته كانت حرة بالنسبة لسائر بنود الاتفاق, فلا يحق له طلب الحكم بإبطال الإبراء, وهي أسباب سائغة تؤدي إلى ما انتهى إليه من رفض طلب إبطال الإبراء بعد أن أنزل عليه حكم القانون المنطبق على وصفه الصحيح, لما كان ما تقدم فإن النعي يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعي على الحكم المطعون فيه بالوجه الأول من السبب الثالث مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه, إذ احتسب فوائد عن المبلغ المقضي به مقدارها 5% سنوياً باعتبار أن هذا المبلغ مصدره عقد التسوية الذي لا يعتبر من الأعمال المصرفية, في حين أن هذا المبلغ يسري عليه أسعار الفائدة التي تحددها البنك المركزي المصري لكونه دين تجاري نشأ عن التسهيلات الائتمانية التي منحها الطاعن للمطعون ضدها الأولى, والالتزام الذي استبدل به بموجب الاتفاق المؤرخ 28/ 6/ 1990 قضي ببطلانه.
وحيث إن هذا النعي مردود, ذلك أنه ولئن كان الشارع قد أجاز في المادة السابعة فقرة "د" من القانون رقم 120 لسنة 1975 بشأن البنك المركزي المصري والجهاز المصرفي لمجلس إدارة ذلك البنك "تحديد أسعار الخصم وأسعار الفائدة الدائنة والمدنية على العمليات المصرفية حسب طبيعة هذه العمليات ومقدار الحاجة إليها وفقاً لسياسة النقد والائتمان دون التقيد بالحدود المنصوص عليها في أي تشريع آخر". , إلا أن مناط الالتزام بسعر الفائدة في نطاق السعر الذي حدده البنك المركزي هو اتفاق البنك وعميله على هذا السعر, وإلا طبق السعر القانوني للفائدة, لما كان ذلك, وكان العقد موضوع الدعوى قد خلى من اتفاق بشأن سعر الفائدة, فإن الفوائد القانونية هي التي تسري بشأنه, وإذ التزم الحكم المطعون فيه ها النظر فإن النعي يكون في غير محله.
وحيث إن هذا الطاعن ينعى بالوجه الثاني من السبب الثالث على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه, إذ لم يطبق القاعدة العامة في استحقاق الفوائد التي تنص عليها المادة 226 من القانون المدني.
وحيث إن المادة 253 من قانون المرافعات قد أوجبت اشتمال صحيفة الطعن بالنقض على بيان الأسباب التي بني عليها الطعن وإلا كان باطلاً وقد قصد بهذا البيان أن تحدد أسباب الطعن وتعرف تعريفاً واضحاً كاشفاً عن المقصود منها كشفاً وافياً نافياً عنها الغموض والجهالة بحيث يبين منها العيب الذي يعزوه الطاعن إلى الحكم وموضعه منه وأثره في قضائه, ومن ثم فإن كل سبب يراد التحدي به يجب أن يكون مبيناً بياناً دقيقاً. لما كان ذلك, وكان الطاعن لم يوضح ماهية القاعدة العامة في استحقاق الفوائد التي يعيب على الحكم المطعون فيه عدم تطبيقها ولا يُغني عن هذا الإفصاح سرده لنص المادة 226 من القانون المدني فإن النعي يكون مجهلاً ومن ثم غير مقبول.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.

ثانياً: عن الطعن رقم 8296 لسنة 65 ق:

وحيث إن هذا الطعن أُقيم على سبعة أسباب تنعي الشركة الطاعنة بالسبب الأول منها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون, وفي بيان ذلك تقول إنها تمسكت بعدم قبول دعوى المصرف المطعون ضده الأول لزوال مصلحته في إبطال الاتفاق إبطالاً جزئياً في شقة المتعلق بمقابل الوفاء المؤسس على وقوعه في غلط جوهري يتمثل في تخفيض القيمة الاسمية للأسهم, طالما أن هذا الغلط لم يتحقق لعدم تنفيذ قرار تخفيض رأس المال والتمسك به يتعارض مع حسن النية, إلا أن الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر وقضى بقبول الدعوى الأمر الذي يعيبه بالخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي في غير محله. ذلك أن النص في المادة الثالثة من قانون المرافعات على أنه "لا يقبل أي طلب أو دفع لا تكون لصاحبه فيه مصلحة قائمة يقرها القانون, ومع ذلك تكفي المصلحة المحتملة......." يدل على أن المصلحة التي تجيز رفع الدعوى أو المطالبة بالحق هي تلك المصلحة القانونية التي يحميها القانون دون النظر إلى المصلحة الاقتصادية, وأن المقرر وفقاً للمادتين 120, 125 من القانون المدني أن للمتعاقد الذي وقع في غلط جوهري أو وقع عليه تدليس الحق في طلب إبطال العقد, وهو حق يتوافر به شرط المصلحة الحالة اللازمة لقبول الدعوى. لما كان ذلك, وكان المصرف المطعون ضده الأول قد أسس طلب إبطال الاتفاق المؤرخ 28/ 6/ 1990 بشأن مقابل الوفاء بمبلغ ستة ملايين دولار أمريكي على أنه وقع في غلط جوهري بشأن القيمة الاسمية لأسهم الشركة المطعون ضدها الثالثة المتنازل له عنها وكذا لما شاب رضاه من تدليس, فإن ما دفعت به الطاعنة من عدم تحقق الغلط وعدم جواز التمسك به على وجه يتعارض مع ما يقضي به حُسن النية لا تعدو أن تكون دفوعاً موضوعية لدعوى المطعون ضده الأول ولا صلة لها بشروط قبول الدعوى في ذاتها, وإذ كان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى هذه النتيجة, فإن النعي يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعى على الحكم المطعون فيه بالسببين الثاني والثالث والوجه الأول من السبب الرابع الخطأ في تطبيق القانون ومخالفة الثابت في الأوراق والتناقض والفساد في الاستدلال والقصور المبطل, وفي بيان ذلك تقول إنها تمسكت بأنه لم يحدث أصلاً تخفيض لرأس مال الشركة المطعون ضدها الثالثة لأن قرار جمعيتها العمومية غير العادية بتخفيض رأس مالها يعد تعديلاً لنظامها الأساسي ومن ثم فلا ينفذ إلا بعد موافقة الهيئة العامة للاستثمار وصدر قرار من الوزير المختص بالتخفيض ونشره, وإذ أستند الحكم في قضاءه إلى أن قرار موافقة الجمعية على تخفيض رأس المال بنسبة 99% وعلمها بهذه الموافقة يتوافر به عيب الغلط الجوهري في صفة السهم موضوع التنازل وفي قيمتها كما يتوافر به عيب التدليس, دون أن يرد على دفاعها الجوهري رغم أنها قدمت المستندات الدالة على عدم اتصال موافقة هيئة الاستثمار بقرار التخفيض, كما أن اعتراضها في اجتماع الجمعية العمومية غير العادية على قرار التخفيض ومبادرتها برفع الدعوى رقم 10431 لسنة 1990 مدني كلي جنوب القاهرة طلب عدم الاعتداد بهذا القرار وبطلانه والتي انتهت بالصلح لسحب هذا القرار يعني أنها تحملت مسئولية تنفيذ الاتفاق على الوفاء بمقابل دون أن يمس القيمة الاسمية للأسهم وينفي الغلط والغش والكتمان الذي تحدث عنه الحكم, وأن قرار تخفيض رأس مال الشركة هو حيلة قانونية مشروعة لتحقيق أهداف اقتصادية ترمي إلى خير المساهمين وقد تؤدي في النهاية إلى إقالة الشركة من عثرتها دون أن يطرأ على القيمة السوقية للسهم أي تغيير.
وحيث إن هذا النعي في غير محله, ذلك أنه لما كان المقرر وفقاً للمادتين 120, 121 من القانون المدني أن للمتعاقد الذي وقع في غلط جوهري في قيمة الشيء أن يطلب إبطال التصرف الذي شابه هذا الغلط متى كان هو الدافع الرئيس إلى التعاقد ووقع فيه المتعاقد الآخر أو أتصل علمه به أو كان من السهل عليه أن يتبينه, كما أنه وفقاً للفقرة الثانية من المادة 125 من القانون المدني يعتبر تدليساً السكوت عمداً عن واقعة أو ملابسة إذا ثبت أن المدلس عليه ما ليبرم العقد لم علم بتلك الواقعة أو هذه الملابسة, وأن تقدير ثبوت الغلط المصحوب بالتدليس الذي يجيز إبطال العقد أو عدم ثبوته هو من المسائل التي تستقل بها محكمة الموضوع دون رقابة عليها في ذلك من محكمة النقض ما دام قضاءها مقاماً على أسباب سائغة. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد قضى ببطلان الاتفاق المؤرخ 28/ 6/ 1990 في شقه المتعلق بمقابل الوفاء بأسهم الشركة المطعون ضدها الثالثة والتي استعيض بها عن الوفاء بمبلغ ستة ملايين دولار أمريكي لثبوت وقوع البنك المطعون ضده الأول في غلط جوهري في قيمة الأسهم المتنازل عنها بما استخلصه من الوقائع التي أوردها من وقوع تدليس من جانب الطاعنة على المطعون ضده الأول بكتمانها عنه عند الاتفاق تدهور الشركة المطعون ضدها الثالثة مالياً وتجاوز خسائرها لجملة رأس مالها وموافقة جمعيتها العمومية غير العادية في اليوم السابق للاتفاق على تخفيض القيمة الاسمية لأسهمها بنسبة 99%، وكذا من واقعة مبادرة الطاعنة بتاريخ 1/ 10/ 1990 بإجراء التنازل عن الأسهم دفعة واحدة على خلاف شروط الاتفاق بتنفيذ على فترة زمنية قدرها ثلاث سنوات, وكان ما أستند إليه الحكم يقوم على ما تكشف من ظروف الدعوى وملابساتها وله مأخذه الصحيح من الأوراق ويؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها, فإنه لا يكون عليه إن هو لم يتتبع الطاعنة في شتى وجوه دفاعها وما تمسكت به من عدم تخفيض رأس مال الشركة والرد عليها إذ في قيام الحقيقة التي اقتنع بها وأورد دليلها ما يكفي لحمل قضائه ويتضمن الرد الضمني المسقط لكل تلك الأوجه, ومن ثم فإن النعي يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعي بالوجه الثاني من السبب الرابع على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال والقصور المبطل, وفي بيان ذلك تقول إن البنك المطعون ضده الأول وكان يعلم بأن الشركة المطعون ضدها الثالثة خاسرة وأن ما دفعة لقبول أسهمها كمقابل وفاء هو حصوله على نسبة من موجوداتها بعد تصفيتها بنسبة مساهمته في رأس مالها وهو أمر لا صلة له مطلقاً بالقيمة الاسمية للسهم أو المضاربة لتوقعه إزهار الشركة، وإذ قضى الحكم المطعون فيه بإبطال الاتفاق على مقابل الوفاء لوقوع المطعون ضده الأول في غلط بشأن القيمة الاسمية للأسهم دون أن يستظهر قيمتها الفعلية, فإنه يكون قد أعتد بصفة ثانوية في شيء محل التعاقد لا تأثير لها في قبول التعاقد أو الإحجام عنه.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول, ذلك أنه لما كانت الطاعنة لم تتمسك أمام محكمة الموضوع بدفاعها الوارد في وجه النعي فإنه - وأياً كان وجه الرأي فيه - ويعد سبباً جديداً لا يجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض.
وحيث إن الطاعنة تنعي بالسبب الخامس على الحكم المطعون فيه القصور المبطل والخطأ في تطبيق القانون, وفي بيان ذلك تقول إنها تمسكت بأن الاتفاق على مقابل الوفاء مثار النزاع لم يكن وليد يوم 28/ 6/ 1990 لأنه في هذا التاريخ لم يحرر سوى الدليل الكتابي المعد لإثبات اتفاق سابق تم التوصل إليه في نهاية المفاوضات التي جرت بينها وبين البنك المطعون ضده الأول وقبل تخفيض رأس مال الشركة المطعون ضدها الثالثة, ودللت على ذلك بالكتب والمراسلات المتبادلة بينهما, إلا أن الحكم المطعون فيه رد على هذا الدفاع بأن إرادة الطرفين قد اتجهت إلى اعتبار يوم 28/ 6/ 1990 تاريخاً لإتمام الاتفاق وبدء سريانه, وهو ما لا يصلح رداً عليه ذلك أن تحديد تاريخ معين لتنفيذ الاتفاق لا ينفي وجود الاتفاق قبل إعداد دليله, وأن المطعون ضده الأول قد اعترف في تمهيد العقد المؤرخ 28/ 6/ 1990 وفي المادة الأولى منه بأن هذا المحرر إنما هو لتوثيق اتفاق مسبق توصل إليه الطرفان.
وحيث إن هذا النعي في غير محله, ذلك أنه وإن كان ليس ثمة ما يمنع قانوناً من تحرير المحرر المثبت للعقد في تاريخ لاحق لانعقاده لأن المحرر أداة للإثبات لا يلزم أن يكون تحريره موافقاً لتاريخ انعقاد العقد, إلا أن المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن الإيجاب هو العرض الذي يعبر به الشخص الصادر منه - على وجه جازم - عن إرادته في إبرام عقد معين بحيث إذا ما اقترن به قبول مطابق له انعقد العقد ولا يعتبر التعاقد تاماً وملزماً إلا بتوافر الدليل على تلاقي إرادة المتعاقدين على قيام هذا الالتزام ونفاذه, وإن المفاوضات ليست إلا عملاً مادياً ولا يترتب عليها بذاتها أي أثر قانوني. لما كان ذلك, وكان استخلاص ما إذا كان الإيجاب باتاً والتعرف على ما عناه الطرفان من المحرر مما يدخل في حدود السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع ما دام هذا الاستخلاص سائغاً ومستمداً من عناصر تؤدي إليه من وقائع الدعوى, وكان الحكم المطعون فيه قد استخلص أن الاتفاق لم يتم إلا في تاريخ تحريره، ورتب على ذلك أن هذا الاتفاق كان سابقاً على تاريخ قرار الجمعية العمومية غير العادية للشركة المطعون ضدها الثالثة بتخفيض رأس مالها, مستهدياً في ذلك بمدلول عبارات الاتفاق وبطريقة تنفيذه ومن أن بدء سريانه من تاريخ التوقيع عليه، وكان هذا الذي استخلصه الحكم هو استخلاص سائغ مما تحتمله عبارات الاتفاق, فإن ما تثيره الطاعنة في ذلك لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.
وحيث إن الطاعنة تنعي بالسبب السادس على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون, وفي بيان ذلك تقول إنها أقامت دعوى ضمان فرعية اختصمت فيها الشركة المطعون ضدها الثالثة للحكم عليها بما عسى أن يحكم به عليها, وقد قضى الحكم المطعون فيه بإلغاء الحكم الابتدائي وحكم عليها بالتعويض في الدعوى الأصلية دون أن يعرض لدعوى الضمان ويفصل فيها, مع أن استئناف المطعون ضده الأول للحكم الابتدائي الذي قضى بعدم قبول الدعوى الأصلية يطرح على محكمة الاستئناف دعوى الضمان التي تمثل دفاعاً لها, الأمر الذي يعيبه بمخالفة القانون ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد, ذلك أن الاستئناف وفقاً لنص المادة 232 من قانون المرافعات ينقل الدعوى إلى محكمة الدرجة الثانية بحالتها التي كانت عليها قبل صدور الحكم المستأنف بالنسبة لما رفع عنه الاستئناف ولا يجوز لمحكمة الاستئناف أن تتعرض للفصل في أمر غير مطروح عليها, ولما كان الثابت من الأوراق أن الحكم الابتدائي قد قضى في الدعوى الأصلية بعدم قبولها, وكان المطعون ضده الأول - المدعي في الدعوى الأصلية - هو الذي استأنف الحكم طالباً القضاء له بطلباته على الطاعنة, فإنه الاستئناف يكون قاصراً على قضاء الحكم في الدعوى الأصلية, ولا يتناول ما قضى به الحكم المذكور في دعوى الضمان. لما كان ذلك, وكانت دعوى الضمان مستقلة بكيانها عن الدعوى الأصلية ولا يعتبر دفعاً ولا دفاعاً فيها, فإنه يتمنع على محكمة الاستئناف أن تعرض لدعوى الضمان المرفوعة من الطاعنة أثناء نظر الاستئناف المرفوع من المطعون فيه ضده الأول عن الحكم الصادر في الدعوى الأصلية, وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد طبق القانون على وجهه الصحيح ويكون النعي عليه بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعي بالوجه الأول من السبب السابع على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور المبطل, وفي بيان ذلك تقول أن الحكم قضى بإلزامها بأن تدفع للبنك المطعون ضده الأول مبلغ نصف مليون دولار أمريكي كتعويض عن حرمانه من أرباح كان سيحققها من استثمار للمبلغ المطالب به لتسببها بخطئها في إبطال الاتفاق المؤرخ 28/ 6/ 1990 في شقة المتعلق بمقابل الوفاء رغم عدم وقوع خطأ منها وأن الحرمان من مبلغ مطالب به ولم يحكم به يسري بشأنه فوائد التأخير وأن الفوائد القانونية التي قضى بها الحكم بواقع 5% سنوياً من تاريخه وحتى تمام السداد هي التعويض القانوني المطالب به فيكون الحكم قد قضى بالتعويض مرتين, كما أن المطعون ضده الأول إذ لم ينفذ الحكم بإعادة السهم لها يكون ما زال متمتعاً بمقابل الوفاء.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه لما كان يجوز مع القضاء ببطلان العقد للغلط أو التدليس أن يحكم بالتعويض إذا ترتب عليه ضرراً بأحد المتعاقدين ويكون ذلك لا على اعتبار أنه عقد بل باعتباره واقعة مادية مت توافرت شروط الخطأ الموجب للمسئولية التقصيرية في جانب المتعاقد الآخر الذي تسبب بخطئه في هذا البطلان, وكان أساس مطالبة البنك المطعون ضده الأول بالفوائد القانونية التي تستحق عن التأخير في رد مبلغ الستة ملايين دولار أمريكي بسبب إعادة المتعاقدين إلى الحالة التي كانا عليها قبل العقد بالنسبة للشق المنقضي ببطلانه يختلف عن أساس
مطالبته بالتعويض عن هذا البطلان جبراً للضرر الذي أصابه نتيجة خطأ الطاعنة المتمثل في تدليسها عليه, فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى للبنك المطعون ضده الأول بالتعويض بسبب خطأ الطاعنة في إبطال عقد الاتفاق المؤرخ 28/ 6/ 1990 في شقة المتعلق بمقابل الوفاء - للغلط المصحوب بالتدليس - لا يكون قد أخطأ في تطبيق القانون ويكون النعي عليه بهذا الوجه على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالوجه الثاني من السبب السابع على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وإذ قضى بالتعويض بالدولار الأمريكي دون العملة الوطنية.
وحيث إن هذا النعي سديد, ذلك أنه لما كان المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن الأصل في الإلزام قضاء بأداء مبلغ من النقود أن يكون بالعملة الوطنية, وكان الثابت بالأوراق أن الحكم المطعون فيه ألزم الطاعنة بأداء التعويض بالدولار الأمريكي دون أن يكون هناك اتفاق بين الخصوم على أداء التعويض بالعملة الأجنبية, فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون مما يوجب نقضه نقضاً جزئياً في هذا الخصوص.

الطعن 354 لسنة 63 ق جلسة 23 / 6 / 1997 مكتب فني 48 ج 2 أحوال شخصية ق 183 ص 947

جلسة 23 من يونيه سنة 1997

برئاسة السيد المستشار/ محمد مصباح شرابيه نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ فتحي محمود السيد، سعيد غرياني، وحسين السيد متولي وعبد الحميد الحلفاوي نواب رئيس المحكمة.

------------------

(183)
الطعن رقم 354 لسنة 63 القضائية "أحوال شخصية"

 (2، 1)أحوال شخصية "المسائل المتعلقة بالمسلمين: المتعة: استحقاقها". محكمة الموضوع.
 (1)
المتعة. استحقاقها. شرطه. م 18 مكرراً مرسوم بق 25 لسنة 1929 المضافة بق 100 لسنة 1985.
 (2)
ترك الزوجة منزل الزوجية. عدم تأثيره في استحقاق المتعة. علة ذلك. الاستثناء كون الترك في السبب المباشر الذي أدى إلى فصم عُرى الزوجية. استقلال محكمة الموضوع بتقديره دون رقابة عليها. شرطه. أن تقيم قضاءها على أسباب سائغة لها معينها بالأوراق
.
(3)
أحوال شخصية "المسائل المتعلقة بالمسلمين: نفقة: متعة". حكم "حجية الحكم".
الحكم الصادر بإسقاط النفقة للنشوز. لا يُحاج به في دعوى المتعة. علة ذلك.
 (4)
محكمة الموضوع "سلطتها في فهم الواقع وتقدير الأدلة". نقض "أسباب الطعن: الأسباب الموضوعية".
محكمة الموضوع لها السلطة التامة في فهم الواقع وتقدير الأدلة دون رقابة عليها في ذلك طالما لم تعتمد على واقعة بغير سند. حسبها أن تبين الحقيقة التي اقتنعت بها وأن تقيم قضاءها على أسباب سائغة تحمله. عدم التزامها بتتبع أقوال وحجج وطلبات الخصوم والرد عليها استقلالاً ما دام في قيام الحقيقة التي اقتنعت بها وأوردت دليلها الرد الضمني المسقط لتلك الأقوال والحجج والطلبات. النعي عليها في ذلك. جدل في سلطتها في فهم الواقع وتقدير الأدلة. عدم جواز إثارته أمام محكمة النقض.

-----------------
1 - مفاد نص المادة 18 مكرر من المرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1929 المضافة بالقانون رقم 100 لسنة 1985 أن الزوجة المدخول بها في زواج صحيح تستحق متعة تقدر بنفقة سنتين على الأقل وفقاً لحال المطلق يسراً أو عسراً وظروف الطلاق ومدة الزوجية, إذا طلقها زوجها دون رضاها ولا بسبب من قبلها.
2 - مجرد ترك الزوجة منزل الزوجية لا يؤثر في استحقاق المتعة إذ لا يفيد رضاها بالطلاق كما لا يدل على أنه كان بسبب من جانبها إلا إذا كان الترك هو السبب المباشر الذي أدى إلى فصم عُرى الزوجية وهو ما تستقل بتقديره محكمة الموضوع في حدود سلطتها التقديرية ولا رقابة عليها في ذلك متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة لها معينها من الأوراق.
3 - لا يُحاج بالحكم الصادر بإسقاط نفقه المطعون ضدها لنشوزها لاختلاف المناط في استحقاق النفقة والمتعة إذ تستحق النفقة للزوجة مقابل احتباسها لزواجها وقصرها عليه لحقه ومنفعته تحقيقاً لمقاصد الزواج بينما سبب الحق في المتعة هو الطلاق والأصل في تشريعها جبر خاطر المطلقة وفيها ما يحقق المعونة المادية لها على نتائج الطلاق.
4 - لمحكمة الموضوع السلطة التامة في تحصيل فهم الواقع في الدعوى وتقدير الأدلة إذ هي لا تقضي إلا على أساس ما تطمئن إليه وتثق به ولا رقيب عليها في ذلك طالما لم تعتمد على واقعة بغير سند وحسبها أن تبين الحقيقة التي اقتنعت بها وأن تقيم قضاءها على أسباب سائغة تحمله ولا عليها من بعد أن تتبع الخصوم في مختلف أقوالهم وحججهم وطلباتهم وترد استقلالاً على كل قول أو حجة أو طلب أثاروه ما دام قيام الحقيقة التي اقتنعت بها وأوردت دليلها فيه الرد الضمني المسقط لتلك الأقوال والحجج والطلبات. لما كان ذلك, وكان الحكم المطعون فيه قد قضى باستحقاق المطعون ضدها للمتعة على سند مما أورده بأسبابه من أن الطلاق لم يكن برضاها ولا يسبب من قبلها إذ ثبت من الأوراق أن الطاعن دأب على الاعتداء عليها بالسب والضرب وأُدين جنائيا بذلك وطلقها في غيبة منها حسبما قرر شاهداها وهذه أسباب سائغة لها أصلها الثابت بالأوراق وتؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها الحكم وفيها الرد الضمني المسقط لكل دليل أو حجة مخالفة فإن النعي لا يعدو أن يكون جدلاً فيما لمحكمة الموضوع من سلطة فهم الواقع وتقدير الأدلة وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضدها أقامت الدعوى رقم....... لسنة 1987 كلي أحوال شخصية جنوب القاهرة على الطاعن بطلب الحكم عليه بمتعة لها, وقالت بياناً لدعواها, إنها كانت زوجاً له ودخل بها وأنه طلقها غيابياً بتاريخ........ دون رضاها ولا بسبب من قبلها, ومن ثم أقامت الدعوى, أحالت المحكمة الدعوى إلى التحقيق, وبعد أن سمعت شهود الطرفين, حكمت بتاريخ...... برفض الدعوى. استأنفت المطعون ضدها هذا الحكم بالاستئناف رقم..... لسنة 105 ق القاهرة, بتاريخ....... قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف, طعنت المطعون ضدها في هذا الحكم بطريق النقض بالطعن رقم 141 لسنة 59 ق "أحوال شخصية"، وبتاريخ.... نقضت المحكمة الحكم المطعون فيه وأحالت القضية إلى محكمة استئناف القاهرة, وبعد أن عجلت المطعون ضدها الاستئناف قضت المحكمة بتاريخ........ بإلغاء الحكم المستأنف وإلزام الطاعن بأن يؤدي للمطعون ضدها مبلغ خمسة آلاف جنية متعة لها. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض, وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وإذ عُرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أُقيم على سببين ينعي بهما الطاعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال وفي بيان ذلك يقول إنه تمسك أمام محكمة الموضوع بأن طلاق المطعون ضدها كان بسبب نشوزها إذ قضى بإسقاط حقها في النفقة لنشوزها بمقتضى حكم نهائي إلا أن الحكم المطعون فيه قضى لها بالمتعة على سند من أنه قضى بحبسه لاعتدائه عليها بالضرب في حين أن المطعون ضدها قبلت معاشرته بعد تلك الواقعة وإذ لم يتناول الحكم هذا الدفاع الجوهري بالرد فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أن مفاد نص المادة 18 مكرراً من المرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1929 المضافة بالقانون رقم 100 لسنة 1985 أن الزوجة المدخول بها في زواج صحيح تستحق متعة تقدر بنفقة سنتين على الأقل وفقاً لحال المطلق يسراً أو عسراً وظروف الطلاق ومدة الزوجية, إذا طلقها زوجها دون رضاها ولا بسبب من قبلها، كما أن مجرد ترك الزوجة منزل الزوجية لا يؤثر في استحقاق المتعة إذ لا يفيد رضاها بالطلاق كما لا يدل على أنه كان بسبب من جانبها إلا إذا كان هذا الترك هو السبب المباشر الذي أدى إلى فصم عُرى الزوجية وهو ما تستقل بتقديره محكمة الموضوع في حدود سلطتها التقديرية ولا رقابة عليها في ذلك متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة لها معينها من الأوراق لا يُحاج بالحكم الصادر بإسقاط نفقه المطعون ضدها لنشوزها لاختلاف المناط في استحقاق النفقة والمتعة إذ تستحق النفقة للزوجة مقابل احتباسها لزوجها وقصرها عليه لحقه ومنفعته تحقيقاً لمقاصد الزواج بينما سبب الحق في المتعة هو الطلاق والأصل في تشريعها جبر خاطر المطلقة وفيها ما يحقق المعونة المادية لها على نتائج الطلاق، ولمحكمة الموضوع السلطة التامة في تحصيل فهم الواقع في الدعوى وتقدير الأدلة إذ أنها لا تقضي إلا على أساس ما تطمئن إليه وتثق به ولا رقيب عليها في ذلك طالما لم تعتمد على واقعة بغير سند وحسبها أن تبين الحقيقة التي اقتنعت بها وأن تقيم قضاءها على أسباب سائغة تحمله ولا عليها من بعد أن تتبع الخصوم في مختلف أقوالهم وحججهم وطلباتهم وترد استقلالاً على كل قول أو حجة أو طلب أثاروه ما دام قيام الحقيقة التي اقتنعت بها وأوردت دليلها فيه الرد الضمني المسقط لتلك الأقوال والحجج والطلبات؛ لما كان ذلك, وكان الحكم المطعون فيه قد قضي باستحقاق المطعون ضدها للمتعة على سند مما أورده بأسبابه من أن الطلاق لم يكن برضاها ولا بسبب من قبلها إذ ثبت من الأوراق أن الطاعن دأب على الاعتداء عليها بالسب والضرب وأُدين جنائياً بذلك وطلقها في غيبة منها حسبما قرر شاهداها وهذه أسباب سائغة لها أصلها الثابت بالأوراق وتؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها الحكم وفيها الرد الضمني المسقط لكل دليل أو حجة مخالفة فإن النعي لا يعدو أن يكون جدلاً فيما لمحكمة الموضوع من سلطة فهم الواقع وتقدير الأدلة وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض ومن ثم فإن النعي يكون على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.

الطعن 69 لسنة 63 ق جلسة 23 / 6 / 1997 مكتب فني 48 ج 2 أحوال شخصية ق 182 ص 942

جلسة 23 من يونيه سنة 1997

برئاسة السيد المستشار/ محمد مصباح شرابيه نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ فتحي محمود السيد، سعيد غرياني، عبد الحميد الحلفاوي نواب رئيس المحكمة وحسن حسن منصور.

--------------------

(182)
الطعن رقم 69 لسنة 63 القضائية "أحوال شخصية"

 (3 - 1)أحوال شخصية "المسائل المتعلقة بالمسلمين: النسب". إثبات.
 (1)
الفراش. ماهيته. النسب يثبت بالفراش. الزنا لا يثبت نسباً. وجوب أن تكون ولادة الزوجة أو المطلقة لمدة لا تقل عن ستة أشهر من تاريخ الزواج. علة ذلك. زواج الزاني بمزنيته الحبلى منه. لا يثبت الولد منه إذا أتت به لأقل من ستة أشهر لأنه لم يكن وليد مدة حمل تام.
 (2)
الفراش الذي به النسب. مقصوده. قيام الزوجية بين الرجل والمرأة عند ابتداء الحمل لا عند حصول الولادة.
 (3)
ثبوت النسب المستند إلى الزواج الصحيح أو الفاسد. شرطه. أن يكون الزواج ثابتاً لا نزاع فيه سواء كان الإثبات بالفراش أو بالإقرار أو بالبيّنة الشرعية
.
 (4)
أحوال شخصية "المسائل المتعلقة بالمسلمين: الزواج: المعاشرة: النسب". إثبات حكم "عيوب التدليل: الخطأ في تطبيق القانون: الفساد في الاستدلال".
المعاشرة. عدم اعتبارها وحدها دليلاً شرعياً على قيام الزوجية والفراش الذي يثبت به نسب. عقد الزواج اللاحق على المعاشرة. لا يدل على قيام زوجية صحيحة قبل العقد ولا يفيد ثبوت نسب ولد كان نتيجة علاقة سابقة على تاريخ العقد. مخالفة الحكم المطعون فيه هذا النظر. خطأ وفساد في الاستدلال.

----------------
1 - من الأصول المقررة في فقه الشريعة الإسلامية - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن النسب يثبت بالفراش والزواج الصحيح ما لحق به من مخالطة بناء على عقد فاسد أو بشبهة, ورتب الفقهاء على ذلك أن الزنا لا يثبت نسباً, إلا أن أساس الأخذ بهذه القاعدة هو ولادة الزوجة أو المطلقة في زمن لا يقل عن ستة أشهر من تاريخ الزواج, لما هو مُجمع عليه من أنها أقل مدة للحمل أخذاً بقوله تعالى "وحمله وفصاله ثلاثون شهراً" وقوله تعالى "وفصاله في عامين" فبإسقاط مدة الفصال في الآية الأخيرة من مدة الحمل والفصال الواردة في الآية الأولى يتبقى للحمل ستة أشهر, وفرع الفقهاء على ذلك أنه إذا تزوج الرجل امرأة فجاءت بولد لأقل من ستة أشهر من زواجها لو يثبت نسبه لأن العلوق سابق على النكاح بيقين فلا يكون منه, ولما كان الراجح في مذهب الحنيفة سريان هذه القاعدة ولو كان العلوق من نفس الزوج نتيجة الزنا, فيحق للزاني أن ينكح مزنيته الحبلى منه ويحل له أن يطأها في هذا النكاح, ولكن لا يثبت الولد منه إذا أتت به لأقل من ستة أشهر لأنه لم يكن وليد مدة حمل تام.
2 - المقصود بالفراش الذي يثبت به النسب هو الزوجية القائمة بين الرجل والمرأة عند ابتداء الحمل لا عند حصول الولادة.
3 - القاعدة في إثبات النسب أنه إذا استند إلى زواج صحيح أو فاسد فيجب لثبوته أن يكون الزواج ثابتاً لا نزاع فيه سواء كان الإثبات بالفراش أو الإقرار أو البيّنة الشرعية وهي على من ادعى.
4 - إذ أقام الحكم المطعون فيه قضاءه على ما أورده بأسبابه من أن إبرام عقد الزواج في وقت لاحق على الحمل دليل على ثبوت النسب لوثوق الطاعن بأن الحمل كان نتيجة معاشرته للمطعون ضدها معاشرة الأزواج قبل العقد فيكون العقد تصادقاً على زوجية قائمة بما مفاده أن الحمل منه, وكانت هذه الأسباب لا تؤدي إلى ثبوت النسب, وذلك أن المعاشرة لا تعتبر وحدها دليلاً شرعياً على قيام الزوجية والفراش الذي يثبت به النسب, كما أن عقد الزواج في وقت لاحق على المعاشرة لا يدل في ذاته على قيام زوجية صحيحة قبل هذا العقد ولا يفيد ثبوت نسب ولد كان نتيجة علاقة سابقة على تاريخ العقد كما ذهب الحكم, ومن ثم فإن الحكم يكون مشوباً بالفساد في الاستدلال جره إلى الخطأ في تطبيق القانون.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم....... لسنة 1990 كلي أحوال شخصية الإسكندرية على المطعون ضدها بطلب الحكم بنفي نسب الصغير "....." إليه وقال بياناً لدعواه إنه بتاريخ 2/ 10/ 1989 تزوج بالمطعون ضدها, وبتاريخ 17/ 3/ 1990 وضعت ابناً أسمته "........" ونسبته إليه, فتكون قد أتت به لأقل من ستة شهور من تاريخ العقد, ومن ثم أقام الدعوى, حكمت المحكمة بنفي النسب, استأنفت المطعون ضدها هذا الحكم بالاستئناف رقم 99 لسنة 1991 شرعي الإسكندرية, أحالت المحكمة الدعوى إلى التحقيق, وبعد أن استمعت إلى شهود الطرفين, قضت بتاريخ 6/ 1/ 1993 بإلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى, طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض, وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وإذ عُرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه, وفي بيان ذلك يقول إن الثابت من الأوراق أنه تزوج بالمطعون ضدها بتاريخ 2/ 10/ 1989 ووضعت حملها بتاريخ 17/ 3/ 1990 وبذلك تكون قد جاءت به لأقل من ستة أشهر من تاريخ العقد وكان سابقاً على النكاح فلا يثبت به نسب, وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون معيباً مما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك أنه ولئن كان من الأصول المقررة في فقه الشريعة الإسلامية - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن النسب يثبت بالفراش وهو الزواج الصحيح وما لحق به من مخالطة بناء على عقد فاسد أو بشبهة, ورتب الفقهاء على ذلك أن الزنا لا يثبت نسباً, إلا أن أساس الأخذ بهذه القاعدة هو ولادة الزوجة أو المطلقة في زمن لا يقل عن ستة أشهر من تاريخ الزواج, لما هو مجمع عليه من أنها أقل مدة للحمل أخذاً بقوله تعالي "وحمله وفصاله ثلاثون شهراً" وقوله تعالى "وفصاله في عامين" فبإسقاط مدة الفصال في الآية الأخيرة من مدة الحمل والفصال الواردة في الآية الأولى يتبقى للحمل ستة أشهر, وفرع الفقهاء على ذلك أنه إذا تزوج الرجل امرأة فجاءت بولد لأقل من ستة أشهر من زواجها لو يثبت نسبه لأن العلوق سابق على النكاح بيقين فلا يكون منه, ولما كان الراجح في مذهب الحنيفة سريان هذه القاعدة ولو كان العلوق من نفس الزوج نتيجة الزنا, فيحق للزاني أن ينكح مزنيته الحبلى منه ويحل له أن يطأها في هذا النكاح, ولكن لا يثبت الولد منه إذا أتت به لأقل من ستة أشهر لأنه لم يكن وليد مدة حمل تام. لما كان ذلك، وكان المقصود بالفراش الذي يثبت به النسب هو الزوجية القائمة بين الرجل والمرأة عند ابتداء الحمل لا عند حصول الولادة، لما كان ما تقدم وكان القاعدة في إثبات النسب أنه إذا استند إلى زواج صحيح أو فاسد فيجب لثبوته أن يكون الزواج ثابتاً لا نزاع فيه سواء كان الإثبات بالفراش أو الإقرار أو البينة الشرعية وهي على من ادعى, لما كان ما تقدم، وإذ أقام الحكم المطعون فيه قضاءه على ما أورده بأسبابه من أن إبرام عقد الزواج في وقت لاحق على الحمل دليل على ثبوت النسب لوثوق الطاعن بأن الحمل كان نتيجة معاشرته للمطعون ضدها معاشره الأزواج قبل العقد فيكون العقد تصادقاً على زوجية قائمة بما مفاده أن الحمل منه, وكانت هذه الأسباب لا تؤدي إلى ثبوت النسب, وذلك بأن المعاشرة لا تعتبر وحدها دليلاً شرعياً على قيام الزوجية والفراش الذي يثبت به النسب, كما أن عقد الزواج في وقت لاحق على المعاشرة لا يدل في ذاته على قيام زوجية صحيحة قبل هذا العقد ولا يفيد ثبوت نسب ولد كان نتيجة علاقة سابقة على تاريخ العقد كما ذهب الحكم, ومن ثم فإن الحكم يكون مشوباً بالفساد في الاستدلال جره إلى الخطأ في تطبيق القانون، بما يوجب نقضه, دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن، على أن يكون مع النقض الإحالة.

الطعن 1796 لسنة 65 ق جلسة 24/ 6/ 1997 مكتب فني 48 ج 2 ق 189 ص 995

جلسة 24 من يونيه سنة 1997

برئاسة السيد المستشار/ محمود شوقي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمود الخضيري، أحمد الزواوي، أنور العاصي وسعيد شعله نواب رئيس المحكمة.

-----------------

(189)
الطعن رقم 1796 لسنة 65 القضائية

(1 - 4) تأمين "التأمين الإجباري عن حوادث السيارات". تقادم "تقادم مسقط: قطع التقادم: تغيير مدة التقادم". تعويض. مسئولية "المسئولية التقصيرية". حكم "حجية الحكم الجنائي أمام المحاكم المدنية" "عيوب التدليل: مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه".
(1) الأثر المترتب على رفع الدعوى والحكم فيها من قطع التقادم أو استبدال مدته لا يتعدى من رفعها ومن رُفعت عليه. مؤداه. الحكم الصادر للمضرور بالتعويض المؤقت لا يقطع التقادم ولا يستبدل مدته بالنسبة لشركة التأمين ما لم تكن طرفاً فيه.
(2) المطالبة القضائية التي تقطع التقادم المسقط. ماهيتها. المطالبة الصريحة الجازمة أمام القضاء بالحق الذي يراد اقتضاؤه. صحيفة الدعوى المرفوعة بحق ما لا يقطع التقادم إلا في خصوص هذا الحق وما التحق به من توابعه. تغاير الحقان أو مصدرهما. أثره. رفع الدعوى بطلب أحدهما لا يقطع التقادم بالنسبة للآخر.
(3) دعوى التعويض عن الضرر الشخصي المباشر من وفاة المجني عليه. اختلافها عن دعوى ورثة الأخير بطلب التعويض المورث. الدعوى الأولى غير قاطعة لتقادم الثانية.
(4) إقامة المطعون ضدها على الشركة الطاعنة - التي لم تكن طرفاً في الدعوى المدنية المقامة أمام محكمة الجنح - دعوى بطلب التعويض المادي والأدبي عما أصابها من وفاة مورثها. إضافتها طلبا عارضاً بالتعويض الموروث بعد فوات أكثر من ثلاث سنوات من تاريخ صيرورة الحكم الجنائي باتاً. صيرورة الدفع المبدي من الشركة بسقوط الحق في المطالبة بالتعويض الموروث بالتقادم الثلاثي صحيحاً. القضاء برفض هذا الدفع. مخالفة للقانون وخطأ في تطبيقه.

----------------
1 - القاعدة في الإجراء القاطع للتقادم أن الأثر المترتب على رفع الدعوى والحكم فيها من قطع التقادم أو استبدال مدته لا يتعدى من رفعها ومن رُفعت عليه, ولا يغير من ذلك أن نص المادة الخامسة من القانون 652 لسنة 1955 بشأن التأمين الإجباري من المسئولية المدنية الناشئة عن حوادث السيارات قد أنشأ دعوى مباشرة للمضرور قبل المؤمن وأخضع هذه الدعوى للتقادم الثلاثي المنصوص عليه في المادة 752 من القانون المدني, كما ألزم شركة التأمين بأن تؤدي إلى المضرور مقدار ما يُحكم به قضائياً من تعويض مهما بلغت قيمته مما مفاده أن الحكم بالتعويض يكون حجة على الشركة ولو لم تكن طرفاً فيه, ذلك أن حجيته عليها عندئذ مقصورة على إثبات تحقق الشرط المنصوص عليه بتلك المادة للرجوع عليها بمقدار التعويض دون أن يكون لها أن تنازع في ذلك المقدار, ومن ثم فإن الحكم بالتعويض المؤقت لا يقطع التقادم ولا يستبدل مدته بالنسبة لشركة التأمين ما لم تكن طرفاً فيه.
2 - المقرر - في قضاء هذه المحكمة أن المطالبة القضائية التي تقطع مدة التقادم هي المطالبة الصريحة الجازمة أمام القضاء بالحق الذي يُراد اقتضاؤه, ولهذا فإن صحيفة الدعوى المتضمنة المطالبة بحق ما لا يقطع التقادم إلا في خصوص هذا الحق وما التحق به توابعه التي تجب بوجوبه أو تسقط بسقوطه, فإن تغاير الحقان أو تغاير مصدرهما فإن رفع الدعوى بطلب أحدهما لا يترتب عليه انقطاع التقادم بالنسبة للآخر.
3 - إذ كانت الدعوى التي يرفعها من حاق به ضرر شخصي مباشر من وفاة المجني عليه تختلف في موضوعها عن الدعوى التي يرفعها ورثة المجني عليه بطلب التعويض الموروث فإن رفع الدعوى بطلب التعويض عن الضرر الشخصي المباشر ليس من شأنه قطع التقادم بالنسبة لطلب التعويض عن الضرر الموروث.
4 - لما كان الثابت بالأوراق أن المطعون ضدها الأولى لم تختصم الشركة الطاعنة في الدعوى المدنية التي رفعتها أمام محكمة الجنح فإن الحكم الصادر في تلك الدعوى بإلزام مرتكب الفعل الضار بالتعويض المؤقت لا يجعل مدة تقادم دعوى التعويض الكامل بالنسبة للشركة الطاعنة خمس عشرة سنة بدلاًً من ثلاث سنوات طالما لم يصدر في مواجهتها وكان الثابت أيضاً أنه قضى بإدانة المطعون ضده الثاني بحكم صار باتاً بتاريخ 9/ 5/ 1989 وقد أقامت المطعون ضدها الأولى عن نفسها وبصفتها الدعوى الماثلة على الشركة الطاعنة والمطعون ضدهما الأخيرين للمطالبة بالتعويض المادي والأدبي الذي أصابها عن وفاة مورثها فقط ثم أضافت طلباً عارضاً بصحيفة أودعت قلم الكتاب في 20/ 6/ 1993 هو الحكم بمبلغ ثلاثين ألف جنية تعويضاً موروثاً أي بعد فوات أكثر من ثلاث سنوات من تاريخ صيرورة الحكم الجنائي باتاً ومن ثم يكون الدفع المبدي من الشركة الطاعنة بسقوط الحق في المطالبة بالتعويض الموروث بالتقادم الثلاثي صحيحاً وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى في أسبابه برفض هذا الدفع فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضدها الأولى عن نفسها وبصفتها وصية على ولديها القاصرين أقامت الدعوى 2076 لسنة 1990 مدني شبين الكوم الابتدائية على الشركة الطاعنة والمطعون ضدهما الأخيرين بطلب الحكم بإلزامهم بأن يؤدوا إليها متضامنين مبلغ خمسين ألف جنيه تعويضاً مادياً ومبلغ عشرين ألف جنيه تعويضاً أدبياً عن الأضرار التي لحقتها وولديها من جزاء وفاة مورثهم بسبب خطأ المطعون ضده الثاني أثناء قيادته سيارة مملوكة للمطعون ضدها الثالثة ومؤمن عليها لدى الشركة الطاعنة, وأدين عنه بحكم بات ألزمته بالتعويض المؤقت - وبصحيفة مودعة قلم الكتاب في 20/ 6/ 1993 أبدت المطعون ضدها الأولى عن نفسها وبصفتها طلباً عارضاً بطلب الحكم بمبلغ ثلاثين ألف جنيه تعويضاً موروثاً بالإضافة إلى طلباتها السابقة. ومحكمة أول درجة حكمت بتاريخ 8/ 6/ 1994 بالتعويض الذي قدرته. استأنفت الشركة الطاعنة هذا الحكم بالاستئناف 970 لسنة 27 ق طنطا "مأمورية شبين الكوم" ودفعت بسقوط الحق في المطالبة بالتعويض الموروث بالتقادم الثلاثي. وبتاريخ 14/ 12/ 1994 قضت المحكمة بالتأييد. طعنت الشركة في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم وعُرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن حاصل ما تنعاه الشركة الطاعنة بسبب الطعن على الحكم المطعن فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه إذ أقام قضاءه برفض الدفع بسقوط الحق في التعويض الموروث بالتقادم الثلاثي على أن الحكم بالتعويض المؤقت يجعل مدة تقادم التعويض الكامل خمس عشرة سنة وأن المطالبة القضائية بجزء من الحق تعتبر قاطعة للتقادم بالنسبة لباقي هذا الحق في حين أن استبدال التقادم أو قطع مدته يقتصر على أطراف الدعوى التي صدر فيها وأن الإجراء القاطع للتقادم يتعين أن يكون متعلقاً بالحق المراد اقتضاؤه, والتعويض الموروث يغاير التعويض عن الأضرار الشخصية التي تحيق بالوارثة من جراء وفاة مورثهم فإن المطالبة بأحدهما لا تقطع التقادم بالنسبة للآخر.
وحيث إن هذا النعي - بشقيه - في محله، ذلك أن القاعدة في الإجراء القاطع للتقادم أن الأثر المترتب على رفع الدعوى والحكم فيها - من قطع التقادم أو استبدال مدته - لا يتعدى من رفعها ومن رفعت عليه, ولا يغير من ذلك أن نص المادة الخامسة من القانون 652 لسنة 1955 بشأن التأمين الإجباري من المسئولية المدنية الناشئة عن حوادث السيارات قد أنشأ دعوى مباشرة للمضرور قبل المؤمن وأُخضع هذه الدعوى للتقادم الثلاثي المنصوص عليه في المادة 752 من القانون المدني, كما ألزم شركة التأمين بأن تؤدي إلى المضرور مقدار ما يحكم به قضائياً من تعويض مهما بلغت قيمته مما مفاده أن الحكم بالتعويض يكون حجة على الشركة ولو لم تكن طرفاً فيه, وذلك أن حجيته عليها عندئذ مقصورة على إثبات تحقق الشرط المنصوص عليه بتلك المادة للرجوع عليها بمقدار التعويض دون أن يكون لها أن تنازع في ذلك المقدار, ومن ثم فإن الحكم بالتعويض المؤقت لا يقطع التقادم ولا يستبدل مدته بالنسبة لشركة التأمين ما لم تكن طرفاً فيه، وأن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن المطالبة القضائية التي تقطع مدة التقادم هي المطالبة الصريحة الجازمة أمام القضاء بالحق الذي يراد اقتضاؤه, ولهذا فإن صحيفة الدعوى المتضمنة المطالبة بحق ما لم تقطع التقادم إلا في خصوص هذا الحق ما التحق به من توابعه التي تجب بوجوبه أو تسقط بسقوطه, فإن تغاير الحقان أو تغاير مصدرهما فإن رفع الدعوى بطلب أحدهما لا يترتب عليه انقطاع التقادم بالنسبة للآخر. ولما كانت الدعوى التي يرفعها من حاق به ضرر شخصي مباشر من وفاة المجني عليه تختلف في موضوعها عن الدعوى التي يرفعها ورثة المجني عليه بطلب التعويض الموروث فإن رفع الدعوى بطلب التعويض عن الضرر الشخصي المباشر ليس من شأنه قطع التقادم بالنسبة لطلب التعويض عن الضرر الموروث، لما كان ذلك وكان الثابت بالأوراق أن المطعون ضدها الأولى لم تختصم الشركة الطاعنة في الدعوى المدنية التي رفعتها أمام المحكمة الجنح فإن الحكم الصادر في تلك الدعوى بإلزام مرتكب الفعل الضار بالتعويض المؤقت لا يجعل مدة تقادم دعوى التعويض الكامل بالنسبة للشركة الطاعنة خمس عشرة سنة بدلاً من ثلاث سنوات طالما لم يصدر في مواجهتها وكان الثابت أيضاً أنه قضى بإدانة المطعون ضده الثاني بحكم صار باتاً بتاريخ 9/ 5/ 1989 وقد أقامت المطعون ضدها الأولى عن نفسها وبصفتها الدعوى الماثلة على الشركة الطاعنة والمطعون ضدهما الأخيرين للمطالبة بالتعويض المادي والأدبي الذي أصابها عن وفاة مورثها فقط ثم أضافت طلباً عارضاً بصحيفة أودعت قلم الكتاب في 20/ 6/ 1993 هو الحكم بمبلغ ثلاثين ألف جنية تعويضاً موروثاً - أي بعد فوات أكثر من ثلاث سنوات من تاريخ صيرورة الحكم الجنائي باتاً ومن ثم يكون الدفع المبدي من الشركة الطاعنة بسقوط الحق في المطالبة بالتعويض الموروث بالتقادم الثلاثي صحيحاً وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى في أسبابه برفض هذا الدفع فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه مما يوجب نقضه نقضاً جزئياً بالنسبة لما قضى به من تعويض موروث.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه.

الطعن 194 لسنة 63 ق جلسة 24 / 6 / 1997 مكتب فني 48 ج 2 أحوال شخصية ق 188 ص 989

جلسة 24 من يونيه سنة 1997

برئاسة السيد المستشار/ ممدوح علي أحمد السعيد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ عبد المنعم الشهاوي، ود. فتحي المصري نائبي رئيس المحكمة، محمد برهام عجيز وعبد الله عمر.

---------------

(188)
الطعن رقم 194 لسنة 63 القضائية "أحوال شخصية"

(1) أحوال شخصية. محكمة الموضوع "سلطتها في فهم الواقع وتقدير الأدلة".
محكمة الموضوع. لها السلطة التامة في فهم الواقع والترجيح بين البينات وتقدير الأدلة. حسبها أن تبين الحقيقة التي اقتنعت بها وأن تقيم قضاءها على أسباب سائغة تكفي لحمله.
(2 - 4) أحوال شخصية "المسائل الخاصة بالمسلمين. إثبات. نسب".
(2) الفراش الصحيح الذي يثبت به النسب. ماهيته. الوعد والاستيعاد. لا ينعقد بهما زواج. علة ذلك. الزواج لا يصح تعليقه على شرط ولا إضافته إلى مستقبل.
(3) الزنا لا يثبت به نسب. مؤداه. عدم ثبوت نسب من جاءت به الزوجة لأقل من ستة أشهر من تاريخ عقد الزواج. علة ذلك. زواج الزاني بمزنيته الحبلى منه لا يثبت نسب الوليد إليه إذا أتت به الزوجة لأقل من ستة أشهر من تاريخ العقد عليها ما لم يدع هو النسب ولم يقل أنه من زنا.
(4) الأصل الفقهي ألا ينسب لساكت قول. الاستثناء. اعتبار السكوت بمثابة الإقرار. والسكوت عند نسبة الحمل الحاصل قبل الزواج وولادته لأقل من أدنى مدة حمل. لا يعد إقراراً.
(5) أحوال شخصية. نقض. "أسباب الطعن: السبب غير المنتج".
إقامة الحكم قضاءه على سبب سائغ له معينه من الأوراق ويؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها. اعتباره دعامة مستقلة تكفي لحمله وفيه الرد الضمني المسقط لكل حجة تخالفه. تعييب الحكم في اعتداده بدعامة أخرى. غير منتج.

----------------
1 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن لمحكمة الموضوع السلطة التامة في فهم الواقع في الدعوى والترجيح بين البينات وتقدير الأدلة ولا رقيب عليها في ذلك طالما لم تعتمد على واقعة بلا سند، وحسبها أن تبين الحقيقة التي اقتنعت بها، وأن تقيم قضائها على أسباب سائغة تكفي لحمله.
2 - المقرر باتفاق فقهاء الشريعة الإسلامية أن النسب يثبت بالفراش الصحيح وهو الزواج الصحيح وما يلحق به من مخالطة بناء على عقد فاسد أو شبهة، وأن الوعد أو الاستيعاد لا ينعقد بهما زواج باعتبار الزوج لا يصح تعليقه على شرط ولا إضافته إلى المستقبل.
3 - اتفق الفقهاء على أن الزنا لا يثبت به نسب، ورتبوا على ذلك عدم ثبوت نسب من جاءت به الزوجة لأقل من ستة أشهر من تاريخ عقد الزواج لما أجمعوا عليه من أن هذه المدة هي أقل مدة حمل أخذاً من قول الله تعالى "وحمله وفصاله ثلاثون شهرا" وقوله تعالى في آية أخرى "وفصاله في عامين" فبإسقاط مدة الفصال الواردة في الآية الأخيرة من مدة الحمل والفصال الواردة بالآية الأولى يتبقى للحمل ستة أشهر وفرع الفقهاء على ذلك أنه إذا تزوج رجل امرأة فجاءت بولد لأقل من ستة أشهر من زواجها لا يثبت نسبه إليه لأن العلوق سابق على النكاح بيقين فلا يكون منه. ومن الراجح في مذهب الحنفية الواجب الإتباع عملاً بنص المادة 280 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية سريان هذه القاعدة ولو كان العلوق من نفس الزوج نتيجة زنا، فيحق للزاني أن ينكح مزنيته الحبلى منه ويحل له أن يطأها في هذا النكاح ولكن لا يثبت نسب الولد إليه إذا أتت به لأقل من ستة أشهر من تاريخ العقد عليها لأنه لم يكن وليد حمل تام ما لم يدع هو النسب ولم يقل أنه من زنا.
4 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن فقهاء الأحناف استثنوا من الأصل الفقهي بألا ينسب لساكت قول بعض مسائل جعلوا السكوت فيها بمثابة الإقرار ليس من بينها السكوت عند نسبة الحمل الحاصل قبل الزواج وولادته لأقل من أدنى مدة الحمل.
5 - لما كان الثابت من الأوراق أن الطاعنة قد أتت بالصغير.... لأقل من ستة أشهر من تاريخ زواجها بالمطعون ضده وبالتالي فلا يجوز نسبته إليه ولو ثبت أن العلوق منه نتيجة الزنا، وإذ أقام الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه قضاءه بنفي نسب الصغير المذكور للمطعون ضده على هذا السبب السائغ الذي له معينه من الأوراق، ويؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها ويعتبر دعامة مستقلة تكفي لحمل قضائه وفيه الرد الضمني المسقط لكل حجة تخالفه، فإن تعييب الطاعنة للحكم في اعتداده بدعامة أخرى قوامها الإقرار المؤرخ.....، المنسوب صدوره لها - وأياً كان وجه الرأي فيه - يكون غير منتج.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضده أقام الدعوى رقم 407 لسنة 1986 كلي أحوال شخصية طنطا ضد الطاعنة بطلب الحكم بنفي نسب وليدها "......" إليه. وقال بياناً لدعواه إنه تزوجها بعقد رسمي مؤرخ 13/ 9/ 1984 ثم وضعت ولدها المذكور بتاريخ 15/ 2/ 1985، وإذ أتت به لأقل من ستة أشهر من تاريخ عقد الزواج بعد أن أقرت كتابة بتاريخ 11/ 11/ 1984 أنها حملت به من رجل غيره، ومن ثم فقد أقام الدعوى. أحالت المحكمة الدعوى إلى التحقيق، وبعد أن سمعت شهود الطرفين حكمت بتاريخ 9/ 1/ 1990 بنفي نسب الولد "......" للمطعون ضده استأنفت الطاعنة هذا الحكم بالاستئناف رقم 50 لسنة 40 ق طنطا. وتاريخ 28/ 3/ 1993 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن. عُرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أُقيم على خمسة أسباب تنعي بها الطاعنة على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وتفسيره ومخالفة الثابت بالأوراق والفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك تقول إن الحكم المطعون فيه عوّل في قضائه بنفي النسب على الإقرار العرفي المؤرخ 11/ 11/ 1984 المنسوب إليها رغم إنكارها له وتمسكها بتزويره، وأعرض عن الدليل المستمد من تحقيقات الشكوى رقم 1939 لسنة 1985 إداري زفتى ومذكرة النيابة فيها من وطء المطعون ضده ليها في فترة الخطبة. وأغفل دلالة مواقعته إياها بعد الدخول دون تحفظ أو اعتراض، فضلاً عن طرحه للقواعد الشرعية التي توجب الاحتياط في الدعاوي النسب فتجيز الاحتيال فيه بما هو جائز عقلاً ومقبول شرعاً لحمل المرأة على الصلاح صيانة لشرفها وشرف عشيرتها وإحياء للولد، وترجيح جانب الثبوت فيه على جانب النفي، فكان لزاماً على الحكم المطعون فيه أن يتحقق من صحة النسب من أدلة الدعوى المتعددة ويرجح جانب الثبوت فيه النظر عن صحة الإقرار المنسوب للطاعنة من عدمه ودون الاعتداد بوضعها الولد لأقل من ستة أشهر من تاريخ عقد الزواج أما وقد خالف هذا النظر، فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أنه من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن لمحكمة الموضوع السلطة التامة في فهم الواقع في الدعوى والترجيح بين البيانات وتقدير الأدلة ولا رقيب عليها في ذلك طالما لم تعتمد على واقعة بلا سند، وحسبها أن تبين الحقيقة التي اقتنعت بها، وأن تقيم قضائها على أسباب سائغة تكفي لحمله، كما أن المقرر باتفاق فقهاء الشريعة الإسلامية أن النسب يثبت بالفراش الصحيح وهو الزواج الصحيح وما يلحق به من مخالطة بناء على عقد فاسد أو شبهة، وأن الوعد أو الاستيعاد لا ينعقد بهما زواج باعتبار الزواج لا يصح تعليقه على شرط ولا إضافته إلى المستقبل واتفق الفقهاء أيضاً على أن الزنا لا يثبت به نسب، ورتبوا على ذلك عدم ثبوت نسب من جاءت به الزوجة لأقل من ستة أشهر من تاريخ عقد الزواج لما أجمعوا عليه من أن هذه المدة هي أقل مدة حمل أخذاً من قول الله تعالى "وحمله وفصاله ثلاثون شهراً" وقوله تعالى في آية أخرى "وفصاله في عامين" فبإسقاط مدة الفصل الواردة في الآية الأخيرة من مدة الحمل والفصال الواردة بالآية الأولى يتبقى للحمل ستة أشهر. وفرع الفقهاء على ذلك أنه إذا تزوج رجل امرأة فجاءت بولد لأقل من ستة أشهر من زواجها لا يثبت نسبه إليه لأن العلوق سابق على النكاح بيقين فلا يكون منه. ومن الراجح في مذهب الحنفية الواجب الإتباع عملاً بنص المادة 280 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية سريان هذه القاعدة ولو كان العلوق من نفس الزوج نتيجة زنا، فيحق للزاني أن ينكح مزنيته الحبلى منه ويحل أن يطأها في هذا النكاح ولكن لا يثبت نسب الولد إليه إذا أتت به لأقل من ستة أشهر من تاريخ العقد عليها لأنه لم يكن وليد حمل تام ما لم يدع هو النسب ولم يقل أنه من زنا. كما أن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن فقهاء الأحناف استثنوا من الأصل الفقهي بألا ينسب لساكت قول بعض مسائل جعلوا السكوت فيها بمثابة الإقرار ليس من بينها السكوت عند نسبة الحمل الحاصل قبل الزواج وولادته لأقل من أدنى مدة الحمل. لما كان ذلك، وكان الثابت من الأوراق أن الطاعنة قد أتت بالصغير "......." لأقل من ستة أشهر من تاريخ زواجها بالمطعون ضده وبالتالي فلا يجوز نسبته إليه ولو ثبت أن العلوق منه نتيجة الزنا، وإذ أقام الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه قضاءه بنفي نسب الصغير المذكور للمطعون ضده على هذا السبب السائغ الذي له معينه من الأوراق، ويؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها ويعتبر دعامة مستقلة تكفي لحمل قضائه وفيه الرد الضمني المسقط لكل حجة تخالفه، فإن تعييب الطاعنة للحكم في اعتداده بدعامة أخرى قوامها الإقرار المؤرخ 11/ 11/ 1984 المنسوب صدوره لها - وأياً كان وجه الرأي فيه - يكون غير منتج، ومن ثم يكون النعي على الحكم المطعون فيه بأسباب الطعن على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.

الطعن 182 لسنة 63 ق جلسة 24 / 6 / 1997 مكتب فني 48 ج 2 أحوال شخصية ق 187 ص 982

جلسة 24 من يونيه سنة 1997

برئاسة السيد المستشار/ ممدوح علي أحمد السعيد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ عبد المنعم الشهاوي، ود/ فتحي المصري نائبي رئيس المحكمة، محمد برهام عجيز وعبد الله عمر.

----------------

(187)
الطعن رقم 182 لسنة 63 القضائية "أحوال شخصية"

(1) أحوال شخصية" المسائل المتعلقة بالمسلمين: الطلاق: أثار الطلاق".
سريان أثار الطلاق في حق الزوجة من تاريخ إيقاعه. تعمد الزوج إخفاءه عنها. أثره. عدم ترتيب أثاره من حيث الميراث والحقوق المالية الأخرى إلا من تاريخ علمها به. العدة. بدؤها من تاريخ الطلاق علمت به الزوجة أو لم تعلم. عله ذلك.
(2، 3) أحوال شخصية "المسائل المتعلقة بالمسلمين" "النسب". دعوى النسب: إنكار النسب : الوطء بشبهة".
(2) عدم سماع دعوى النسب لولد المطلقة عند الإنكار. شرطه. أن تأتي به بعد سنة من انقضاء فراش الزوجية. علة ذلك.
(3) تحقق الوطء بشبهة الفعل. شرطه. ظن الفاعل حل الفعل. وطء الرجل مبانته ثلاثاً وهي في العدة. مؤداه. سقوط الحد عنه إن ظن حلها له ووجوب الحد عليه إذا علم بالحرمة. عدم ثبوت نسب الولد منه في الحالين وإن ادعاه. علة ذلك. الزنا لا يثبت به نسب.
(4) أحوال شخصية. إثبات "العدول عن إجراءات الإثبات". حكم "حجية الحكم: حجية حكم الإثبات".
حكم الإثبات عدم حيازته قوة الأمر المقضي طالما خلت أسبابه من حسم النزاع في مسألة أولية بين الخصوم. مؤداه. جواز عدول المحكمة عما أمرت به من إجراءات الإثبات وعدم الأخذ بنتيجة الإجراءات بعد تنفيذه. عدم التزامها ببيان أسباب هذا العدول. علة ذلك.
(5) أحوال شخصية. نقض "أسباب الطعن: السبب غير المنتج".
ثبوت أن ما أثارته الطاعنة ليس له مورد من الحكم المطعون فيه. مؤداه النعي عليه به - أياً كان وجه الرأي فيه - غير منتج.

---------------
1 - النص في المادة الخامسة مكرراً من المرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1929 المضافة بالقانون رقم 100 لسنة 1985 يدل على أن آثار الطلاق تسري في حق الزوجة من تاريخ إيقاعه إلا إذا تعمد الزوج إخفاءه عنها فلا تترتب من حيث الميراث والحقوق المالية الأخرى إلا من تاريخ علمها به أما العدة فتبدأ من تاريخ الطلاق سواء علمت به الزوجة أو لم تعلم لأنها تتعلق بحق الله تعالى لاتصالها بحقوق وحرمات أوجب الله رعايتها.
2 - النص في المادة 15 من المرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1929 يدل على أن المشرع رأي درءاً للاحتيال أن ينهي عن سماع دعوى النسب عند الإنكار لولد المطلقة إذا أتت به بعد سنة من انقضاء فراش الزوجية باعتبار أن أقصى مدة للحمل وفقاً لما أفاد به الطب الشرعي وما ورد بالمذكرة الإيضاحية هي سنة حتى تشمل جميع الحالات النادرة.
3 - المقرر أن الوطء بشبهة الفعل يشترط لتحققه أن يظن الفاعل حل الفعل فإذا وطأ رجل مبانته ثلاثاً وهي في العدة سقط عنه الحد إن ظن حلها له أما إذا علم بالحرمة وجب عليه الحد وفي الحالين لا يثبت نسب الولد الذي جاءت به المرأة وإن ادعاه الرجل لأن هذا أمر متعلق بالفعل نفسه إذ الفعل في ذاته لا شبهة مطلقاً في أنه زناً - وكونه زناً في حقيقته في كل الحالات تستتبع عدم ثبوت النسب لأن الزنا لا يثبت به النسب.
4 - النص في المادة التاسعة من قانون الإثبات رقم 25 لسنة 1968 مؤداه أن حكم الإثبات لا يحوز قوة الأمر المقضي طالما خلت أسبابه من حسم مسألة أولية متنازع عليه بين الخصوم وصدر بالبناء عليها حكم الإثبات ومن ثم يجوز للمحكمة أن تعدل عما أمرت به إجراءات الإثبات إذا ما وجدت في أوراق الدعوى ما يكفي لتكوين عقيدتها للفصل في موضوع النزاع كما لها ألا تأخذ بنتيجة الإجراء بعد تنفيذه، والمشرع وأن تطلب في النص المشار إليه بيان أسباب العدول عن إجراء الإثبات في محضر الجلسة وبيان أسباب عدم الأخذ بنتيجة إجراء الإثبات الذي تنفذ في أسباب الحكم إلا أنه لم يرتب جزاءً معيناً على مخالفة ذلك فجاء النص في هذا الشأن تنظيمياً. لما كان ذلك، وكان البيّن من مدونات الحكم المطعون فيه أن محكمة الاستئناف وجدت في أوراق الدعوى ما يكفي لتكوين عقيدتها لحسم النزاع دون أن تأخذ بنتيجة التحقيق الذي أجرته وكان هذا منها عدولاً ضمنياً عن الأخذ بنتيجة إجراء الإثبات الذي نفذته فلا يعيب الحكم عدم الإفصاح صراحة في مدوناته عن أسباب هذا العدول.
5 - لما كان ما أثارته الطاعنة بشأن بينتها الشرعية الصحيحة وبينة المطعون ضده التي جاءت سماعية متناقضة ليس له مورد من الحكم المطعون فيه فإن النعي عليه به - أياً كان وجه فيه - يكون غير منتج.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضده أقام الدعوى رقم 1295 لسنة 1987 كلي أحوال شخصية شمال القاهرة ضد الطاعنة للحكم بنفي نسب البنت "........" إليه وقال بياناً لدعواه إن الطاعنة كانت زوجته بصحيح العقد الشرعي ودخل بها ثم طلقها بتاريخ 25/ 3/ 1985 طلاقاً بائناً مكملاً للثلاث وإذ أتت بالبنت "......" في 5/ 9/ 1986 بعد أكثر من سنة من تاريخ ذلك الطلاق وادعت نسبتها إليه رغم أنها ليست ابنته فقد أقام الدعوى. أحالت المحكمة الدعوى إلى التحقيق وبعد أن سمعت شهود الطرفين حكمت بتاريخ 25/ 11/ 1991 بنفي نسب البنت "......" إلى المطعون ضده. استأنفت الطاعنة هذا الحكم بالاستئناف رقم 1121 لسنة 108 ق شخصية القاهرة، أحالت محكمة الاستئناف الدعوى إلى التحقيق وبعد أن سمعت شهود الطرفين قضت بتاريخ 9/ 3/ 1993 بتأييد الحكم المستأنف. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض. قدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن. عُرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أُقيم على سببين تنعي الطاعنة بالوجه الثالث من السبب الأول وبالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال وفي بيان ذلك تقول إن الحكم المطعون فيه إذ قضى بتأييد الحكم الابتدائي بنفي نسب البنت "......" إلى المطعون ضده على سند من أن الوطء بشبهة الفعل لا يثبت به نسب وأن آثار الطلاق بالنسبة لحق الله تعالى تترتب في حق الزوجة من تاريخ إيقاع الطلاق حتى ولو لم تعلم بحصوله في حين أن الوطء بشبهة يثبت به النسب طبقاً للمحكمة التي تغياها المشرع من نص المادة الخامسة المضافة بالقانون رقم 100 لسنة 1985 طالما أن الطاعنة لم تكن تعلم بواقعة الطلاق فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أن النص في المادة الخامسة مكرراً من المرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1929 المضافة بالقانون رقم 100 لسنة 1985 على أن "على المطلق أن يوثق إشهاد طلاقه لدى الموثق المختص خلال ثلاثين يوماً من تاريخ إيقاع الطلاق، وتعتبر الزوجة عالمة بالطلاق بحضورها توثيقه، فإذا لم تحضره كان على الموثق إعلان إيقاع الطلاق لشخصها على يد محضر. وعلى الموثق تسليم نسخة إشهاد الطلاق إلى المطلقة أو من ينوب عنها وفق الإجراءات التي يصدر بها قرار من وزير العدل. وتترتب آثار الطلاق من تاريخ إيقاعه إلا إذا أخفاه الزوج عن الزوجة فلا تترتب آثاره من حيث الميراث والحقوق المالية الأخرى إلا من تاريخ علمها به" يدل على أن آثار الطلاق تسري في حق الزوجة من تاريخ إيقاعه إلا إذا تعمد الزوج إخفاءه عنها فلا تترتب من حيث الميراث والحقوق المالية الأخرى إلا من تاريخ علمها به أما العدة فتبدأ من تاريخ الطلاق سواء علمت به الزوجة أو لم تعلم لأنها تتعلق بحق الله تعالى لاتصالها بحقوق وحرمات أوجب الله رعايتها، والنص في المادة 15 من المرسوم بقانون سالف الذكر على أن "لا تسمع عند الإنكار دعوى النسب لولد زوجة ثبت عدم التلاقي بينها وبين زوجها من حين العقد، ولا لولد المطلقة والمتوفى عنها زوجها إذا أتت به لأكثر من سنة وقت الطلاق أو الوفاة" يدل على أن المشرع رأى درءا للاحتيال أن ينهي عن سماع دعوى النسب عند الإنكار لولد المطلقة إذا أتت به بعد سنة من انقضاء فراش الزوجية باعتبار أن أقصى مدة للحمل وفقاً لما أفاد به الطب الشرعي وما ورد بالمذكرة الإيضاحية هي سنة حتى تشمل جميع الحالات النادرة. وكان من المقرر أن الوطء بشبهة الفعل يشترط لتحققه أن يظن الفاعل حل الفعل فإذا وطأ رجل مبيانته ثلاثاً وهي في العدة سقط عنه الحد إن ظن حلها له أما إذا علم بالحرمة وجب عليه الحد، وفي الحالين لا يثبت نسب الولد الذي جاءت به المرأة وإن ادعاه الرجل لأن هذا أمر متعلق بالفعل نفسه إذ الفعل في ذاته لا شبهة مطلقاً في أنه زنا - وكونه زنا في حقيقته في كل الحالات يستتبع عدم ثبوت النسب لأن الزنا لا يثبت به النسب. لما كان ذلك وكان الثابت من الأوراق أن المطعون ضده قد طلق الطاعنة بتاريخ 25/ 3/ 1985 وهو الطلاق المكمل للثلاث وقد وضعت الصغيرة "..." في 5/ 9/ 1986 أي أنها وضعتها لأكثر من سنة بعد تاريخ الطلاق البائن بينونة كبري فإنه مع افتراض صحة ما ادعته الطاعنة من معاشرة المطعون ضده لها بعد هذا الطلاق وعدم علمها به فإن هذه المعاشرة لا تعدو أن تكون وطء بشبهة الفعل لا يثبت به النسب في جميع الأحوال وإذ قضى الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه بنفي نسب البنت "......" إلى المطعون ضده على سند من أن الطاعنة وضعتها لأكثر من سنة من تاريخ طلاقها البائن فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون ويكون النعي على غير أساس.
وحيث إن حاصل النعي بالوجهين الأول والثاني من السبب الأول على الحكم المطعون فيه الفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب وفي بيان ذلك تقول الطاعنة إن المطعون ضده أخفق في إثبات دعواه إذ جاءت شهادة شاهديه سماعية متناقضة متعارضة لا تصلح دليلاً للإثبات بينما اتفقت أقوال شاهدي الطاعنة على انتفاء علمها بواقعة الطلاق واستمرار المساكنة والمخالطة الدالة على قيام المعاشرة الزوجية بينها وبين المطعون ضده حتى 28/ 12/ 1985 وإذ أهدر الحكم المطعون فيه نتيجة التحقيق الذي أجرته المحكمة بدرجتيها ولم يعوّل عليه وأقام قضاءه على ما استدل عليه من إشهاد الطلاق المقدم من المطعون ضده والذي لا يكفي لإثبات دعواه فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أن مؤدى نص المادة التاسعة من قانون الإثبات رقم 25 لسنة 1968 أن حكم الإثبات لا يحوز قوة الأمر المقضي طالما خلت أسبابه من حسم مسألة أولية متنازع عليه بين الخصوم وصدر بالبناء عليها حكم الإثبات ومن ثم يجوز للمحكمة أن تعدل عما أمرت به إجراءات الإثبات إذا ما وجدت في أوراق الدعوى ما يكفي لتكوين عقيدتها للفصل في موضوع النزاع كما لها ألا تأخذ بنتيجة الإجراء بعد تنفيذه. والمشرع وإن تطلب في النص المشار إليه بيان أسباب العدول عن إجراء الإثبات في محضر الجلسة، وبيان أسباب عدم الأخذ بنتيجة إجراء الإثبات الذي تنفذ في أسباب الحكم، إلا أنه لم يرتب جزاء معيناً على مخالفة ذلك فجاء النص في هذا الشأن تنظيمياً، لما كان ذلك، وكان البيّن من مدونات الحكم المطعون فيه أن محكمة الاستئناف وجدت في أوراق الدعوى ما يكفي لتكوين عقيدتها لحسم النزاع دون أن تأخذ بنتيجة التحقيق الذي أجرته وكان هذا منها عدولاً ضمنياً عن الأخذ بنتيجة إجراء الإثبات الذي نفذته فلا يعيب الحكم عدم الإفصاح صراحة في مدوناته عن أسباب هذا العدول. وكان ما أثارته الطاعنة بشأن بينتها الشرعية الصحيحة وبينة المطعون ضده التي جاءت سماعية متناقضة ليس له مورد من الحكم المطعون فيه فإن النعي عليه به - أياً كان وجه الرأي فيه يكون غير منتج ومن ثم غير مقبول.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.