حيث إن الطعنين استوفيا أوضاعهما الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق- تتحصل في أن المطعون ضدها أقامت على الشركة الطاعنة الدعوى رقم.......لسنة...... أمام محكمة شمال القاهرة الابتدائية بطلب الحكم بإخلائها من الأعيان المبينة بالصحيفة وإنهاء العلاقة الايجارية عنها, وقالت بيانا لدعواها أن الشركة الطاعنة استأجرت من الهيئة العامة للإصلاح الزراعي قطعة الأرض محل النزاع بأجرة سنوية مقدارها مبلغ خمسة عشر مليما للمتر الواحد لاستعمالها كجراج لسياراتها, وإذ آلت الملكية إليها بموجب العقد المشهر برقم............. لسنة 1983 ولرغبتها في إنهاء العلاقة الايجارية لعدم خضوعها لقوانين إيجار الأماكن فقد أقامت الدعوى, وجهت الشركة الطاعنة دعوى فرعية بطلب الحكم برفض الدعوى وباعتبار الإجارة المنعقدة بينها وبين الشركة المطعون ضدها خاضعة لقوانين إيجار الأماكن تأسيسا على حجية الحكم الصادر في طلب التحكيم رقم....... لسنة 1985 في وصف الإجارة بأنها واردة على مباني - مقر وجراج الشركة - ندبت المحكمة خبيرا في الدعويين. وبعد أن أودع تقريره قضت في الدعوى الأصلية بطلبات الشركة المطعون ضدها وبرفض الدعوى الفرعية, استأنفت الشركة الطاعنة هذا الحكم بالاستئناف رقم........ لسنة......ق القاهرة, وبتاريخ 10/5/2000 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف, طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض - بالطعنين المطروحين - وقدمت النيابة مذكرة - في كل منهما - أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه, وإذ عرض الطعنان على هذه المحكمة - في غرفة مشورة - أمرت بضمهما وحددت جلسة لنظرهما وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما تنعاه الشركة الطاعنة - في الطعنين المضمومين - على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع والفساد في الاستدلال, وفي بيان ذلك تقول إنها تمسكت أمام محكمة الاستئناف بعدم قبول دعوى الشركة المطعون ضدها لرفعها من غير ذي صفة فيما جاوز مساحة 2س 16ط 7ف المملوكة لها بعقد البيع المسجل برقم ...... لسنة 1983 شهر عقاري شمال القاهرة الصادر لها من الجهة المؤجرة والتي تستند إليه في دعواها وبقيام علاقة إيجاريه جديدة مباشرة بينهما بعد انتقال الملكية إلى المطعون ضدها انصبت بصفة أساسية على المباني المقامة في العين - في هذا الوقت - وتشمل مركز لإدارة الشركة ومبنى جراج فرعها بالقاهرة ومباني ورش الإصلاحات مما تسري على الإجارة قواعد الامتداد القانوني المقررة بتشريعات إيجار الأماكن الاستثنائية ودللت على هذا الدفاع بما هو ثابت بعقد البيع المسجل سالف البيان من وجود مبان كائنة بالعين, وما ورد بمحضري التسليم المؤرخين 15/2, 27/2/1983 بشأن ذلك وبإقرار الشركة المطعون ضدها في طلب التحكيم رقم ........ لسنة 1985 تحكيم عام وزارة العدل الذي طلبت بموجبه تقدير أجرة الأرض بما عليها من مبان وهو ما انتهى إليه حكم التحكيم بتحديد هذه الأجرة والتي أقرت المطعون ضدها بقبضها منها وقد طلبت إحالة الدعوى للتحقيق لإثبات تلك العلاقة, وإذ لم يعرض الحكم المطعون فيه للدفع سالف البيان ويرد عليه والتفت عن دفاعها الآخر مغفلا طلبها الإحالة للتحقيق لإثباته وأقام قضاءه بالتأسيس على ما استخلصه من محضر التسليم المؤرخ 11/2/1964 المشار إليه بمدونات حكم التحكيم سالف الذكر من أن الأرض تم تأجيرها لها باعتبارها أرضا فضاء وتسلمتها على هذا الأساس وأن الغرض من الإيجار استعمالها حظيرة للسيارات مما لا يتأتى معه إلا أن تكون بهذا الوصف الذي لا ينال منه وجود مبان عليها خلت الأوراق من أنها محل اعتبار وقت تقرير القيمة الايجارية للعين بمبلغ خمسة عشر مليما للمتر الواحد سنويا رغم أن ملف التحكيم الذي عول الحكم على محضر التسليم المودع به لم يكن مضموما للدعوى الراهنة وأن ما تأسس عليه الحكم لا يفيد ما رتبه عليه من أن تكون الإجارة قد وردت على أرض فضاء ومن ثم فإنه يكون معيبا مما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله ذلك أن من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن العبرة في تحديد طبيعة العين المؤجرة محل التعاقد - كلما كان هذا التعرف لازما لتكييف عقد الإيجار وتحديد حقوق طرفيه على موجب هذا التكييف - هي بما تضمنه عقد الإيجار من بيان لها طالما جاء مطابقا لحقيقة الواقع وقت إبرامه, وانصرفت إليه إرادة العاقدين دون اعتداد بما تؤول إليه إبان سريانه إلا أنه إذا فسخ العقد أو انتهى وأبرم عقد جديد بين المتعاقدين فإنه يجب النظر إلى طبيعة العين محل التعاقد وقت إبرام العقد الأخير بحيث إذا كانت قد أقيمت عليها مبان أثناء سريان العقد السابق بمعرفة مالك الأرض أو آلت إليه بحكم الالتصاق بجعلها مكانا فإن العقد الجديد - وهو ليس امتدادا للعقد السابق - يكون واردا على مكان ويخضع بالتالي لقوانين إيجار الأماكن ويمتد إلى أجل غير مسمى التزاما بأحكام تلك التشريعات ودون اعتداد بالمدة الاتفاقية الواردة بالعقد وكان لا عبرة في هذا الخصوص بالغرض الذي استؤجرت من أجله العين, كما أن من المقرر أن النص في المادة 178/302 من قانون المرافعات معدلة بالقانون رقم 13 لسنة 1973- على أنه "...... يجب أن يشتمل الحكم على عرض مجمل لوقائع الدعوى ثم طلبات الخصوم وخلاصة موجزة لدفوعهم ودفاعهم الجوهري..." وأن "القصور في أسباب الحكم الواقعية...... يترتب عليه بطلان الحكم" يدل على أن تقديرا للأهمية البالغة لتسبيب الأحكام وتمكينا لمحكمة الدرجة الثانية من الوقوف على مدى صحة الأسس التي بنيت عليها الأحكام المستأنفة أمامها ثم لمحكمة النقض من بعد ذلك من مراقبة سلامة تطبيق القانون على ما صح من وقائع أوجب المشرع على المحاكم أن تورد في أحكامها ما أبداه الخصوم من دفوع وما ساقوه من دفاع جوهري - ليتسنى تقدير هذا وتلك على ضوء الواقع الصحيح في الدعوى - ثم إيراد الأسباب التي تقرر ما اتجهت إليه المحكمة من رأي ورتب المشرع على قصور الأسباب الواقعية بطلان الحكم هذا إلى أنه بحكم ما للدفوع من أهمية بارزة في سير الخصومات أفرد لها المشرع الفصل الأول من الباب السادس من الكتاب الأول من قانون المرافعات مبينا كيفية التمسك بها وآثارها ومن ثم أوجب على المحاكم إيراد خلاصة موجزة لها في إطلاق غير مقيد بوصف مرتبا البطلان جزاء تقصيرها في ذلك, كما أن من المقرر أيضا أنه وإن كانت محكمة الموضوع غير ملزمة بإجابة الخصوم إلى ما يطلبونه من إحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات ما يجوز إثباته بشهادة الشهود إلا أنها ملزمة إذا رفضت هذا الطلب أن تبين في حكمها ما يسوغ رفضه وأنه وإن كان يجوز لتلك المحكمة أن تستند في قضائها إلى مستندات مقدمة في دعوى أخرى إلا أن شرط ذلك أن تكون هذه الدعوى مضمومة إلى النزاع المطروح بحيث تصبح مستنداتها عنصرا من عناصر الإثبات فيما يتناضل الخصوم في دلالته وأن أسباب الحكم تعتبر مشوبة بالفساد في الاستدلال إذا انطوت على عيب يمس سلامة الاستنباط ويتحقق ذلك إذا استندت المحكمة في اقتناعها إلى أدلة غير صالحة من الناحية الموضوعية للاقتناع بها أو إلى عدم فهم الواقعة التي ثبتت لديها أو وقوع تناقض بين هذه العناصر كما في حالة عدم اللزوم المنطقي للنتيجة التي انتهت إليها المحكمة بناء على تلك العناصر التي ثبتت لديها. لما كان ذلك, وكان الثابت بالأوراق أن الشركة الطاعنة دفعت أمام محكمة الموضوع بعدم قبول دعوى المطعون ضدها فيما جاوز مساحة 2س 16ط 7ف المملوكة للأخيرة بموجب العقد المسجل برقم ...... لسنة 1983 شهر عقاري شمال القاهرة كما تمسكت في دفاعها أمام تلك المحكمة بقيام علاقة إيجاريه جديدة بينها وبين الشركة المطعون ضدها شملت المباني الإدارية وحظيرة السيارات وورش الإصلاح منذ استلام الأخيرة للعين ودللت على ذلك بما أفصحت عنه الأخيرة في طلب التحكيم رقم ..... لسنة 1985 تحكيم عام وزارة العدل الذي طلبت بموجبه تقدير القيمة الايجارية للأرض بما عليها من مبان وهو ما انتهى إليه الحكم في التحكيم المشار إليه بتحديد تلك الأجرة وقد أقرت المطعون ضدها بقبضها لها مقابل الانتفاع بالأرض بما عليها من مبان ومما هو ثابت بعقد شراء المطعون ضدها المسجل سالف البيان من وجود مبان بالعين, وما ورد بمحضري التسليم المؤرخين 15/2, 27/2/1983 نفاذا له, وطلبت إحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات تلك العلاقة, وإذ لم يورد الحكم المطعون فيه بمدوناته الدفع المبدي من الطاعنة بعدم قبول الدعوى ويرد عليه والتفت عن دفاعها بشأن العلاقة الايجارية الجديدة دون أن يعن ببحثه وتمحيصه على ضوء الدلائل التي أشارت إليها, وطلبها الإحالة للتحقيق رغم أنه دفاع جوهري قد يتغير به - لو ثبت - وجه الرأي في الدعوى مؤسسا قضاءه بإنهاء عقد الإيجار بين الطرفين وإخلاء الطاعنة من العين محل النزاع ورفض دعواها الفرعية باعتبار العلاقة الايجارية المنعقدة بينهما تحكمها تشريعات إيجار الأماكن على ما استخلصه من محضر التسليم المؤرخ 11/2/1964 المشار إليه بمدونات الحكم الصادر في طلب التحكيم رقم ...... لسنة 1985 تحكيم عام وزارة العدل من أن العين المؤجرة من المطعون ضدها للطاعنة أرض فضاء استؤجرت لاستعمالها حظيرة للسيارات مما لازمه أن تكون طبيعتها بحسب هذا الوصف حتى يمكن استعمالها في الغرض المؤجرة من أجله, ومن أن المباني المدعي بوجودها من الطاعنة قد خلت الأوراق من أنها كانت محل اعتبار عند تقدير القيمة الايجارية للعين التي حددت بمبلغ خمسة عشر مليما للمتر الواحد, هذا في حين أن الأوراق قد خلت من ضم مفردات التحكيم الذي عول الحكم على محضر التسليم الوارد بمدونات قضاءه ليتناضل الطرفين في دلالة هذا المستند, وأن الغرض الذي استؤجرت من أجله العين محل النزاع وقيمتها الايجارية لا ينهضان بمجرديهما دليلا على تحديد طبيعة العين المؤجرة ومن ثم فإن الحكم يكون فضلا عن قصوره وإخلاله بحق الدفاع مشوبا بالفساد في الاستدلال بما يوجب نقضه دون حاجة لبحث باقي أوجه الطعن.