الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 14 مارس 2013

خمور /(5) سكر بين بالطريق العام وإدانة والنفاذ

وحيث أن النيابة العامة أسندت إلى المتهم أنه بتاريخ 16 / 11 / 1981 بدائرة قسم بولاق ضبط بحالة سكر بين بالطريق العام ، وطلبت عقابه بالمواد 1 ، 2 ، 3 ، 7 من القانون رقم  / 1976 بحظر شرب الخمر.
·   وحيث أن الاتهام ثابت من قبل المتهم ـ المحبوس احتياطيا ـ وذلك من محضر ضبط الواقعة المحرر 17 / 11 / 1981 الساعة الواحدة صباحا بمعرفة أحد أمناء الشرط والذى أورد بصدر محضره أن الجانى ضبط يسير بالطريق العام يتسكع يمنة ويسرة ، وبالاقتراب منه تبين أن فمه تفوح منه رائحة الخمر ، فقام باصطحابه لديوان القسم ، ثم بسؤاله ، اعترف بتناول الخمر دون إكراه من أحد ، وطلب السماح بنهاية أقواله.
·   وحيث أن الاتهام ثابت أيضا من الكشف الطبى رقم 5136 الموقع على الجانى بتاريخ 16 / 11 / 1981 والذى أورى أنه " وجد فى حالة سكر بين وليس فى إدراكه الكامل "
·   وحيث أنه لدى سؤال المتهم أمام النيابة العامة بتاريخ 17 / 11 / 1981 ، أنكر نسبة الاتهام إليه ، معللا سبب إسناد الاتهام إليه أنه تشاجر مع أمين الشرطة.
·        وحيث أن المتهم لم يدفع الاتهام بأى دفاع مقبول ومن ثم يتعين عقابه طبقا لمواد الاتهام عملا بنص المادة 304 / 2 أ . جـ
الجانب الإلهى :
·   وحيث أن الشريعة الإسلامية حرمت الخمر تحريما قاطعا ، فهى " أم الخبائث " وتراها مضيعة للنفس والعقل والصحة والمال والدين فحرمتها منذ أربعة عشر قرنا ، ووضعت التحريم موضع التنفيذ منذ نزلت آيات التحريم ، إلا أن مصر تطبق القوانين الوضعية ، وتعطل أحكام الشريعة الإسلامية ، فأصبحت الخمر مباحة لشاربها ـ ولا عقاب على شربها أو السكر منها ، الهم إلا إذا وجد شاربها فى حالة سكر بين بالطريق العام ، فإن كان السكر بينا ولكن فى محل خاص فلا عقاب عليه ، أى أن العقوبة التى يقررها القانون المصري ليست على شرب الخمر ولا على السكر وإنما على وجود السكران فى طريق عام ، كما هو الحال فى تلكم الدعوى ، وذاك الاثم.
·   وحيث أن الله جلت قدرته قال : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الخَمْرُ وَالمَيْسِرُ وَالأَنْصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ) [ المائدة : 90 ] وقال الرسول صلى الله عليه وسلم : " كل مسكر خمر ، وكل خمر حرام " . وقوله صلى الله عليه وسلم : " ما أسكر كثيره فقليله حرام " وقوله صلى الله عليه وسلم : " لعن الله الخمر وشاربها وساقيها وبائعها ومبتاعها وعاصرها ومعتصرها ، وحاملها والمحمولة إليه". وقوله صلى الله عليه وسلم : " من شرب الخمر فاجلدوه " . والخمر محرمة سواء على المسلم أو غيره : فالقاعدة : أن السكر تحرمه الأديان جميعا
   وقد رأى فقهاء الإسلام ـ لكل ما سبق ـ حد " غير المسلم " على السكر ، وليس فى قواعد الشريعة ما يمنع من تطبيق حد الشرب على "غير المسلمين " إذ تبين أن السماح لهم بشرب الخمر يؤدى إلى الفساد الاجتماعى ، ولا شك أنه يؤدى إلى ذلك ، لأن السماح لهم بالشرب يقتضى وجود الخمر فى البلاد مما يشجع المسلم على شربها وهذا ـ بالتالى ـ يؤدى إلى هدم قواعد التحريم وإذا كانت الدول المسيحية واليهودية ـ بعضها ـ يحرم الخمر على رعاياها مسيحيين وبوذيين ومسلمين فأولى بالدول الإسلامية أن تحرم الخمر على رعاياها أيا كانت ديانتهم ومذاهبهم.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
جنحة رقم 3000 لسنة 1981 جنح بلدية القاهرة قسم بولاق أبو العلا.
·   وحيث أن ركنى الجريمة فى الإسلام هما الشرب والقصد الجنائي قد توافرا لدى الجانى ، فهو قد شرب " كأسين " حسبما قرر ، وحسبما أورى تقرير الطبيب وكفى لاعتباره شاربا أن يصل المشروب إلى حلقه ، بله يعتبر كذلك إذا شرب المسكر لدفع العطش ، أما من شرب مضطرا لدفع " غصته " فلا حد عليه لقوله تعالى : فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلا عَادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ ) [البقرة: 173] كذا من شرب مكرها ـ ماديا أو أدبيا ـ فلا حد عليه لقول رسول الله : " عفى الله لأمتى الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه " والرأى الراجح حد الجانى المتداوى بالخمر إذا شربها المريض لقول رسول الله : " من تداوى بالخمر فلا شفاه الله ، إن الله لم يجعل شفاء أمتى فيما حرم عليها " . ويشترط أن يؤدى الشرب إلى السكر ، وهذا ما توافر للجانى الماثل بما تبينته المحكمة من الأوراق وبالنسبة للقصد الجنائى فإنه توفر بعلم الجانى أنه شرب خمرا ، ولا يقبل الجهل ممن نشأ فى بلاد المسلمين لأن نشأته بينهم تجعل العلم بالتحريم مفترضا فيه ، وعلى أى الأوضاع لا يقبل الادعاء بجهل القانون.
·   وحيث أنه انطلاقا مما نصت عليه المادة الثانية من الدستور من أن " الإسلام دين الدولة ، ومبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسى للتشريع " ومما نصت عليه المادة السابعة من قانون العقوبات من أنه : " لا تُخِلُّ أحكام هذا القانون فى أى حال من الأحوال بالحقوق المقررة بالشريعة الغراء " . تقول المحكمة أنه انطلاقا من هذا وذاك فإن الله قال : فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً ) [ النساء : 59 ] وتأسيسا على ما تقدم وكان النص القرآنى ـ بصدد الخمر ـ قاطع الدلالة على تحريمها ، ومن ثم فإن القرآن : بتعاليمه وأصوله وقواعده أنزله الله على النبى الكريم محمد ؛ وكلفه بتبليغه للناس كافة ، وبالتالى فإن الشريعة الإسلامية الغراء فى عمومها ، وشمولها وأصالة قواعدها صالحة لكل زمان ومكان ، قادرة على حكم الناس جميعهم ـ دينا ودنيا ـ ووضع الحدود الفاصلة بين الحق والباطل ، والحلال والحرام دستورا ينتظم الجميع فى محبة وسلام.
·   وحيث أن كل تشريع أو قانون أو حكم يخالف ما جاء به الإسلام : باطل ويجب رده والاحتكام إلى شريعة الديان هجرا وصدا ونكرانا لشريعة الإنسان ، كما يجب الأمر بتطبيق الشريعة الإسلامية لزاما ، وليس لأحد أن يبدى رأيا فى وجوب ذلك ، ولا تقبل مشورة بالتمهل أو التدرج أو التأجيل ، لا بل إن التسويف فى إقرار القوانين الإسلامية معصية لله ورسوله ، واتباع لطريق الغى والهوى دون الرشاد والهدى ، وليس أبلغ من الحاجة إلى الرجوع تماما إلى الإسلام الحنيف ، وأن على علماء الأزهر بث الدعوة الإسلامية ونشرها علما وعملا فى كل دروب الحياة ومسالكها.
·   وحيث أنه وقد استقام ما تقدم فإن مشروع قانون الذى قدم إلى مجلس الشعب بتاريخ 20 / 12 / 1975 ـ وغيره ـ بشأن تعديل قانون العقوبات أو القانون رقم 63 / 1976 ـ تعديلا يصبح بمقتضاه قانونا إسلاميا كاملا قد نص فى المادة 324 منه على أنه : " يعاقب بالجلد ثمانين جلدة كل مسلم شرب الخمر أو سكر من غيرها " . ومصدر هذا النص العقابى ما أثر أن عمر بن الخطاب رضى الله عنه وأرضاه استشار عليا بن أبى طالب كرم الله وجهه فى عقوبة شارب الخمر فقال : " نرى أن يجلد ثمانين لأنه إذا شرب سكر ، وإذا سكر هذى ، وإذا هذى افترى ، وحد المفترى ثمانون جلدة ".
   والأصل فى الحدود أنها لا تقبل عفوا ولا إسقاطا إذ هى من حقوق الله الخالصة ، وليسس للأفراد أو الجماعة إسقاطها أو العفو عنها ، والعقوبة  ـ هنا ـ لا تنفذ على السكران حتى يفيق لأن العقوبة جعلت للتأديب والزجر ، والسكران لا يشعر تماما بما يحدث له ، وعند التنفيذ يضرب ـ الجانى ـ بسوط غير يابس ضربا متوسطا ـ ثمانين جلدة ـ لئلا يجرح أو يبرح ، وأن لا يكون بالسوط عقد فى طرفه حتى لا يصاب الجسم ، ويضرب الجانى قائما ، والمرأة جالسة ، ويكون الضرب على سائر الأعضاء إلا الوجه والفرج والرأس.
·   وحيث أن هذه المحكمة كانت تهفو إلى أن تطبق حدا من حدود الله على مثل هذا الآثم السكير الذى لم يدع إلا ولا ذمة إلا وداسها عندما شرب ثم وجد بحالة سكر بين بالطري االعام ، ولئن كانت هذه المحكمة قد غلت يمناها فى مرارة وكمد وهى تفتش عن نص إسلامى زاجر تطبقه فخرا لها واعتزازا به فلا تجد ، إلا أنه بقى لها أمر ـ ولا معقب عليها من أحد !
   أن تناشد كلا من السيد رئيس الجمهورية والسلطة التشريعية التوأم ، دون تردد ولا هوادة ولا لين ، وغبراء لذمتهما أمام الله والناس : إقرار مشروعات القوانين المقدمة إلى الأخيرة خاصة بحدود الله ، وإخراجها من حيز الطمس إلى حيز اللمس ، ومن حيز الخنوع إلى نطاق الخضوع لله ، ومن حيز الأدراج إلى نطاق الإفراج ، ومن حيز التنميق إلى نطاق التنفيذ ، ومن حيز التنميق إلى حيز التطبيق ، وكل هذا قياسا على قوانين حماية القيم من العيب رقم 95 / 1980 ، وتعديل قانون الأحوال الشخصية ، وحماية الوحدة الوطنية والسلام الاجتماعى ونص المادة 179 من قانون العقوبات الوضعى ، وغيرها كثير ، وذلك نزولا على قوله تعالى : وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَن يَّفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْك ) [ المائدة : 49]
   كما تناشد السلطة التنفيذية القابضة على مقاليد الحكم فى البلاد ، ومن بينها جهاز الشرطة أن تضرب بيد من حديد على يد كل من تسول له نفسه ـ تحت أى وصف ، ومن خلال أى عذر ـ أن يشرب الخمر وان تضع نصب أعينها أنه لا استثناء فى قانون الله ، أنه : " لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطع محمد يدها " . ومن ثم فأولى بها أن تحارب الشرب شرا فى مكامنه وجذوره فى كل مكان ، خلقا للانضباط الحق ومنعا للتسيب المهين حتى تكون كلمة الله هى العليا ، وكلمة الذين كفروا هى السفلى والله عزيز حكيم. وأن عليها أن تحارب السكر حيث يكون وتضربه وأصحابه فى مكامنه وجذوره ، بما لها من سلطات واستخبارات سرية لا حد لها شريطة الحصول على إذن مسبق من النيابة العامة فثمة جناة الخمر لحمتهم والسكر سداهم.
·   وحيث أن النظام القانونى المصرى فى هيكله العام نظاما قانونينا إسلاميا وفقا للدستور فإنه لا محل فيه إذن لقداسة التشريع الوضعى فى خصوصية حدود الله.
·        وحيث أنه متى استقام ما تقدم ومصداقا لقوله تعالى : (كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ) [المدثر : 38 ]
فلهذه الأسباب
    حكمت المحكمة حضوريا بحبس المتهم ستة أشهر مع الشغل والنفاذ
                                                          محكمة جنح قسم بولاق أبو العلا (البلدية)
                                                                             الدائــرة
                                                محمود عبد الحميد غراب رئيس المحكمة
                                                رمضان عبد الحليم بدر             وكيل النائب العام
                                                محمد عبد الحميد نصر              أمين السر
                                                                جلسة 12 / 12 / 1981

خمور / (4) سكر بين بالطريق العام وإدانة والنفاذ

  حيث أن النيابة العامة أسندت إلى المتهم أنه بتاريخ 13 / 9 / 1978 بدائرة قسم بنى سويف

1ـ تناول مشروبات كحولية بالطريق العام
2ـ وجد بحالة سكر بين بالطريق العام.
   وطلبت عقابه بالمواد 1 ، 2  / 1  ، 5 ، 7 ، 8 ، 9 من القانون رقم 36 / 1976 بحظر شرب الخمر.
·   وحيث أن الاتهام ثابت قبل المتهم ـ المعلن لجلسة 11 / 10 / 1980 ـ من محضر ضبط الواقعة المحرر بتاريخ 13 / 9 / 1978 بمعرفة رئيس مكافحة جرائم الآداب والذى أورد بصدر محضره أن المتهم تواجد خلف شركة بيع المصنوعات : يهذى وبجواره زجاجة إلى نصفها تنفذ منها رائحة كحولية نفاذة ، واتضح له من بطاقة المتهم الشخصية اسمه ومهنته ، كما وجد بداخلها مبلغا من المال ، وورقة يانصيب وكشف نتيجة رهانات على سباق خيل.
·   وحيث أن الاتهام ثابت أيضا قبل المتهم من الكشف الطبى رقم 15063 والذى أورى أنه " بتوقيع الكشف الطبى على المتهم وجد أنه فى حالة سكر بين ، وقد تم غسيل معدته " .
·   وحيث أنه بسؤال المتهم بمحضر الضبط اعترف بما أسند إليه معللا الواقعة الإجرامية بأنه مريض بانخفاض ضغطه ، ,أنه لن يشرب مرة أخرى بالطريق وبأنه يجهل القانون.
·        وحيث أنه لدى سؤال المتهم أمام النيابة العامة أنكر .
·   وحيث أن المتهم لم يحضر المحاكمة لدفع الاتهام بأى دفاع مقبول ومن ثم ينعين عقابه طبقا لمواد الاتهام عملا بنص المادة 304 / 20 من قانون الإجراءات الجنائية.
·   وحيث أنه بادئ ذى بدء فإن المحكمة تقرر بأن دفاع المتهم بالأوراق بمرضه مردود شرعا بقول الله تعالى : (فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلا عَادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ) [البقرة : 173 ] وقولـه عز من قائل :(فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ  لإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ) [ المائدة : 3 ] وقد أدى هذا الاستثناء إلى نظر الفقهاء فى الإباحة عند التداوى بالمحرم ، والتقت آراؤهم حول الاستثناء فقالوا بالإباحة فى حدود القدر الذى يزول به الضرر ، وهذا لا يتوافر إلا بشرطين :
الأول : الرجوع إلى الطبيب الذى يصف الدواء ، بشرط أن يكون مسلما ، ثقة ، مأمونا ، معروفا بالصدق والأمانة.
الثانى : ألا يوجد من الحلال ما يقوم مقام هذا المحرم الممنوع ، على أن تكون حالة المريض تفرض تناول هذا النوع المحرم من الدواء ، ذلك أنه من المقرر فى الإسلام : " أن الضرورات تبيح المحظورات" . وحسبنا أن ندرك فى هذا المقام ما فى هذا الدين الحنيف من يسر ، فهو يعطى للضرورات أحكامها بلا عنت ولا حرج مع تعليق الأمر كله بالنية المستقرة والمستكنة ، ثم بالتقوى وهذه أمور كلها موكولة إلى الله وحده.
·   وحيث أنه انطلاقا مما نصت عليه المادة الثانية من الدستور من أن الإسلام دين الدولة ، ومبادئ الشريعة الإسلامية هى المصدر الرئيسي للتشريع ، ثم ما نصت عليه المادة السابعة من قانون العقوبات من أنه: "لا تخل أحكام هذا القانون بأى حال من الأحوال ، بالحقوق المقررة فى الشريعة الغراء" ومن ثم فإن الله تعالى قال : (فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً ) [النساء : 59]
ــــــــــــــــــــــــــ
* جنحة رقم 7517 لسنة 1978 جنح بندر بني سويف.
·   وحيث أنه بالبناء على ما تقدم تستحضر المحكمة فى ذهنها لدى هذا القضاء قول الله فى الخمر (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الخَمْرُ وَالمَيْسِرُ وَالأَنْصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ * إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُّوقِعَ بَيْنَكُمُ العَدَاوَةَ وَالبَغْضَاءَ فِي الخَمْرِ وَالمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُم مُّنْتَهُونَ ) [ المائدة : 90 ـ 91]
   ومما لا شك فيه ، والحال كذلك أن هذا النص قاطع الدلالة على تحريم الخمر إذ أن شاربها كعابد الأوثان من دون الله كافر ، وفوق ذلك فهى " أم الخبائث " كما وصفها صلى الله عليه وسلم .
·   وحيث إن فقهاء المذاهب الثلاثة قد أجمعوا ثلاثتهم على أن : " كل مسكر خمر ، وكل خمر حرام " . وعلى أن كل مسكر يطلق عليه اسم الخمر ويأخذ حكمه ، ومن ثم فإن الشريعة الإسلامية الغراء فى عمومها وشمولها وأصالة قواعدها صالحة لكل زمان ومكان قادرة على حكم الناس جميعهم ، ووضع الحدود الفاصلة بين الحق والباطل وبين الحلال والحرام دستورا فوق دستور البشر ينتظم الجميع فى محبة وسلام.
·   وحيث أن كل تشريع أو حكم يخالف ما جاء به الإسلام باطل ويجب رده والاحتكام إلى شريعة الله ، كما يجب على كل مسلم أن يأمر بتطبيق الشريعة الإسلامية ، وليس لأحد أن يبدى رأيا فى وجوب ذلك ، ولا تُقبل مشورة بالتمهل أو التدرج أو التأجيل فى نفاذ شريعة الله بين الناس ، بل إن التسويف فى إقرار القوانين الإسلامية معصية لله ورسوله واتباع لطريق الغي والهوى دون الرشاد والهدى ، وقد ورد أن الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال : " لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعا لما جئت به ".
·   وحيث إنه ليس أبلغ من الحاجة إلى الرجوع ـ تماما ـ إلى الإسلام الحنيف ، وأن على علماء الأزهر بث الدعوة الإسلامية ، ونشرها فى كل دروب الحياة ومسالكها علما وعملا ، بل وقديما كانت الرعية توجه الحاكم وتنصحه وترشده إلى اتباع شرع الله والالتزام بأحكامه ، وصدق الله القائل : (وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَن يَّفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْك ) [ المائدة : 49] ذلك أن الذين جعلوا القرآن عضين من الحكام أو العلماء هم أعدى أعداء الله ، شياطين خرساء صمتت عن الحق وقوله لتجمعهم الولائم والمناصب أو المال الحرام ، وقد صدق رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ حين قال : " سيد الشهداء حمزة بن عبد المطلب ، ورجل قام إلى إمام جائر فأمره ونهاه فقتله". وحين قال : " أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر " . وإن الجور كل الجور أن لا يحكم بكتاب الله ، وألا يكون دستورا فى دولة كنيتها : " العلم والإيمان "
·   وحيث إن المحكمة كان يعنيها تماما أن تعزف عن تطبيق حكم قانون وضعى أجوف هالك متهالك ، أخل فعلا بالحقوق المقررة بالشريعة الغراء فضلا عن الدستور لكونه مستقى من شرائع دول أخرى لا تؤمن بالله ربا ولا بمحمد نبيا ورسولا ، فى الوقت الذى كانت تهفو نفس المحكمة فيه إلى أن تطبق حدا من حدود الله على مثل هذا الآثم السكير الذى لم يدع إلاً ولا ذمة إلا داسها وقد تناول المشروب الحرام ثم وجد بحالة سكر بين بالطريق العام. ولئن كانت المحكمة قد غلت يمناها فى مرارة وكمد وهى تفتش عن نص إسلامى زاجر تطبقه فخرا لها واعتزازا به فلا تجد حتى بالمجهر ، إلا أنه بقى لها أمران ولا معقب عليها من بشر !
الأمر الأول : تناشد المحكمة كلا من السيد رئيس الجمهورية والسلطة التشريعية فى دورتها هذه ـ دون تردد ولا هوادة ـ إبراء لذمتهما أمام الله والناس . تناشدهما إقرار مشروعات قوانين الله ورسوله المقدمة إليهما بصدد حدود الله فى الخمر والسرقة والردة والزنا والقذف والحرابة ، أيضا فى القصاص والديات وتحريم الفوائد ، وذلك قياسا على قانون حماية القيم من العيب رقم 95 / 1980 وغيره من القوانين الأخرى المجافية لتعاليم الله.
الأمر الثانى : تقرر المحكمة إزاء استعراضها للواقعة الماثلة بأنها مثال  حقيقى لكارثة خلقية بأى معيار ، ومثالها فى مصر كثير ، فهناك متهمون آخرون لحمتهم وسداهم احتساء الخمر ، ورغم أنهم عديدون حقا إلا أنه لا ينالهم أبدا سوط الاتهام ولا قيد السجان أو رسف الأغلال ، وكل هذا تحت سياج من سيادة القانون ذاته ، والمحكمة تناشد السلطة التنفيذية القابضة على مقاليد الحكم فى البلاد ، أن تضرب بيد من حديد على يد هؤلاء وأولئك حتى تكون كلمة الله هى العليا وكلمة الذين كفروا هى السفلى .
   ومتى استقام ما تقدم وكانت الواقعة على ما جاء بمدونات الدعوى العمومية وما جرت به التحقيقات وما ثبت بالأوراق قد قام الدليل على ثبوتها وصحة إسنادها إلى المتهم فإنه مصداقا لقول الله تعالى : (كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ ) [ المدثر : 38 ]
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة غيابيا : بحبس المتهم ستة أشهر مع الشغل وتغريمه مائتا جنيه والنفاذ عن كل من العقوبتين.
                                                          محكمة جنح قسم بنى سويف
                                                                   الدائــرة
                                      محمود عبد الحميد غراب           رئيس المحكمة
                                      محمود السيد السبروت                        وكيل النائب العام
                                      محمد محمود عبد الله                         أمين السر
                                                        جلسة 1 / 11 / 1980

خمور / ( 3 ) سُكر مسيحي سُكراً بينًا بالطريق العام

حيث أن النيابة العامة أسندت إلى المتهم فى القضية رقم 4119 / 1980 جنح مركز المنيا أنه فى يوم 10 / 5 / 1980 بدائرة المركز ، ضبط بالطريق العام بحالة سكر بين ، وطلبت النيابة عقابه بالمواد 1 ، 7 ، 9 من القانون رقم 63 / 1976 بشأن حظر الخمور.
·   وحيث أن محكمة مركز المنيا قضت حضوريا بجلسة 18 / 5 / 1980 بحبس المتهم شهرا واحدا مع الشغل والنفاذ ، فاستأنف ذاك المتهم بذات التاريخ.
·        وحيث أن النيابة العامة بجلسة المحاكمة طلبت تأييد الحكم المستأنف . وحضر المتهم ودفاعه بالجلسة.

المحكمــة

   بعد تلاوة تقرير التلخيص الذى تلاه السيد رئيس المحكمة.
   وبعد سماع المرافعة الشفهية ومطالعة الأوراق ، والمداولة قانونا.
·   وحيث أن الاستئناف قدم فى الميعاد القانونى ، واستوفى شرائطه القانونية ، ومن ثم فهو مقبول شكلا عملا بنص المادتين 402 ، 406 من قانون الإجراءات الجنائية.
·        وحيث أنه لدى سؤال المتهم بالجلسة أنكر ما نسب إليه.
·        وحيث أن الحكم المستأنف فى محله للأسباب الواردة به ، والتى تأخذ بها هذه المحكمة قاعدة من قواعد هذا الحكم.
·   وحيث أن الاتهام ثابت قبل المتهم من محضر ضبط الواقعة ومما هو مبين بالأوراق ، إذ قرر المتهم أن ما حدث منه كان ـ غصبا عنه ـ وأنه ما كان يعلم أن الكينا التى ثمل منها مسكرة ، ثم علل تقريره هذا أمام النيابة العامة بأسلوب الاعتراف وذلك بتاريخ 12 / 5 / 1980 قائلا : إنه ما شرب المشروب الكحولى إلا لكى يشفى من مرضه.
·   وحيث أن المتهم لم يدفع الاتهام بأى دفاع مقبول ، ومن ثم يتعين عقابه طبقا لمواد القيد عملا بنص المادة 304 / 2 من قانون الإجراءات الجنائية.
·   وحيث أن المحكمة لا يفوتها أن تشير ـ قبلا ـ فى تجلة واحترام إلى قرار النيابة العامة ـ الصادر منها إثر فراغها من تحقيق الاتهام بتاريخ 12 / 5/ 1980 ـ بحبس المتهم مع تقديمه إلى المحاكمة مقيد الحرية يرسف فى أغلال ما جنت يداه ، فهذا القرار ما كان منها إلا على طريق الإيمان بالله عملا على تحقيق الانضباط الخلقى السليم فى المجتمع ولئن كانت النيابة قد قامت من جانبها بهذا الإجراء المشروع لها ، إلا أنه فاتها استعمال حقها المواتى لها ، وتعنى به المحكمة : استئناف حكم محكمة أول درجة بهدف التشديد على المتهم ، وذلك حتى يتسنى لهذه المحكمة أن تنزل بالمتهم العقاب الأقصى بشقيه تعديلا للحكم الجزئى ، فأصبحت المحكمة بإزاء متهم استعمل حقه باستئنافه المنظور فقط وهو منطق معكوس.
   والمتهم السكير بمنطقه الطبيعى والفطرى معا ، على هذا ، يظمأ إلى براءة. لكنها أصبحت له أمام هذه المحكمة : كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ (يَحْسَبُهُ الظَمْآنُ مَاءً حَتَّى إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا وَوَجَدَ اللَّهَ عِنْدَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ وَاللَّهُ سَرِيعُ الحِسَابِ) [النور : 39] .
   والمحكمة لا تقرر ذلك منطلقا من سراب بل من واقع الأوراق.
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
* جنحة 6273 لسنة 1980 جنح مستأنف المنيا
·   وحيث أنه يهم المحكمة أولا وقبل كل شيء أن ترسى قضاء ـ فى حدود إرادة الله ـ تجعل تعاليم الإسلام بمبادئه السامية هى خاتمة المطاف ، إذ أن الدين عند الله الإسلام ، وبه تضع المحكمة نصب أعين هذا المتهم ـ وأمثاله ـ قواعد عادلة تسرى على جميع خلق الله إلى يوم الدين.
   والإنجيل ذاته جعل الخمر محرمة ، فقد جاء فى أكثر من موضع بالكتاب المقدس أمر بعدم شرب الخمر . ففى رسالة بولس إلى أهل أفسوس بالإصحاح ( 5 : 18 ) " ولا تسكروا بالخمر الذى فيه الخلاعة بل امتلئوا بالروح " . ومن أمثال سليمان بالإصحاح ( 20 : 1 ) "الخمر مستهزئة ، والمسكر عجاج ، ومن يترنح بهما فليس بحكيم " .
·   وحيث أن المسيحية تمج الخمر ولا تنادى بشربها ، وموقفها من شارب الخمر دقيق وصريح ، لا تبيحها ، وتؤثم شاربها وتلعنه ، لا بل إنها تلعن من يقدم كأسا واحدة منها لصاحبه ، وهى تحذر الناس بلغة قوية حتى من الاقتراب منها. تقول الأمثال ( 23  29  32 ) : " لمن الويل ، لمن الشقاوة ؟ لمن المخاصمات؟ لمن الكرب ؟ لمن الجروح بلا سبب؟ لمن إزمهرار العينين ؟ للذين يدمنون الخمر " وقد جاء فى رسالة الرسول بولس الأولى إلى أهل كورنتوس إصحاح 10 عدد 23 : " كل الأشياء تحل لى ، لكن ليس كل الأشياء توافق. كل الأشياء تحل لى لكن ليس كل الأشياء تبنى " ومن الاستثناء الواضح فى كلمة " لكن " ترى المحكمة أن شرب الخمر لا يوافق المجتمع الإيمانى الذى ينبغى أن نعيشه ، ولا يوافق ظروفنا المادية لأن الخمر هى قمة الهدم : هدم صحة شاربها وكرامته ونفسيته ومادياته. وفى الكتاب المقدس أيضا :
1 ـ " لا تنظر إلى الخمر إذا احمرت حين تظهر حباتها فى الكأس وساغت مرقرقة ، فى الآخر تلسع كالحية ، وتلدغ كالأفعوان : خمرا ومسكرا لا تشرب أنت وبنوك معك .
2 ـ " عنبهم عنب سم ، ولهم عناقيد مرارة ، خمرهم جمة الثعابين وسم الأصلال القاتل "
3 ـ " هؤلاء ضلوا بالخمر وتاهوا بالمسكر "
4 ـ " الزنا والخمر والسلافة تخلب القلب ، حقا إن الخمر غادرة ".
5 ـ " اصحوا أيها السكارى ، وابكوا وولولوا يا جميع شاربى الخمر "
6 ـ لا زناة ، لا سارقون ، لا طماعون ، لا سكيرون يرثون ملكوت الله " .
·   وحيث أن المحكمة تقرر وهى بإزاء استعراضها للواقعة ، بأنها واقعة مثال : مثال لكارثة خلقية بأى معيار ، وبكل الاعتبارات والمقاييس ، وأن أمثال هذه الواقعة كثير : ارتكب ولا يزال يرتكبها آخرون لا يمثلون اليوم ـ كالمتهم ـ فى قفص الاتهام مقيدى الحرية ، غلت أيديهم ، وتعنى المحكمة بهؤلاء : أساطين الخمارات ، ونوادى وصالات اللعب والقمار اللذين هم : لمراكزهم أو لشخصياتهم أو لمادياتهم ـ بكل أسف ـ يُتركون. والمتهم فى مثل هذه الوقائع المزرية ـ والماثل خير مثال على ذلك ـ عادة ما يكون شخصا بسيطا عاديا ليست له الحظوة أو السطوة أو الوزن الاجتماعى وفقا للمعايير ـ المشبوهة ـ السائدة فى هذا المجتمع. فهناك متهمون عديدون لحمتهم الخمر وسداهم ، لا ينالهم أبدا صوت الاتهام ولا قيد السجان ورسف الأغلال ، وهؤلاء فى دولتنا ـ عقابهم عند الله يوم القيامة : جهنم وبئس المصير ،هم وإن كانوا قد فروا من طائلة القانون العقابى فى الدنيا إلا أنهم لن يستطيعوا أبدا أن يفروا من الله.
·   وحيث أن المحكمة ـ هنا  تناشد السلطة التنفيذية القابضة على مقاليد الحكم فى البلاد أن تضرب بيد من حديد على كل من تسول له نفسه تحت أى وصف ، ومن خلال أى عذر أن يشرب ، وأن تضع نصب أعينها أنه أولى بها أن تحارب الشرب شرا فى مكامنه وجذوره هنا وهناك حتى تكون كلمة الله هى العليا وكلمة الذين كفروا هى السفلى والله عزيز حكيم.
·   وحيث أن الإسلام ـ كنص الدستور ـ هو دين الدولة ، والشريعة الإسلامية هى المصدر الرئيسى للتشريع فإن المحكمة فى هذا المقام تردد قول الله سبحانه وتعالى ( وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الإِنْجِيلِ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِ وَمَن لَّمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الفَاسِقُونَ) [ المائدة : 47 ] كما تستحضر قول الخالق (فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً ) [ النساء : 59 ] وأخيرا تستعرض قول العزيز الجبار (فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ) [ النساء : 65 ]
   ومنطلقا من هذا فإن للمحكمة هنا وقفة لابد منها ـ دون معقب ـ لإعلاء كلمة الله :
إن الإسلام : وهو خاتم الديانات جميعا ، قد حرم الخمر تحريما قاطعا ، يقول الله تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الخَمْرُ وَالمَيْسِرُ وَالأَنْصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ * إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُّوقِعَ بَيْنَكُمُ العَدَاوَةَ وَالبَغْضَاءَ فِي الخَمْرِ وَالمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُم مُّنْتَهُونَ ) [ المائدة : 90 ـ 91 ]
   هذا النص ولاشك قاطع الدلالة على تحريم الخمر ، لأن شاربها كعابد الأوثان من دون الله كافر ، وفوق هذا فإنها أم الخبائث كما وصفها خاتم الأنبياء محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ
تأسيسا على ذلك ـ وقد أورد التقرير الطبى المودع بالأوراق ـ أن المتهم " تناول مشروبا كحوليا ، وفى حالة سكر بين " ـ فإن المحكمة تقر بأن العقوبات الإسلامية فى الحدود مقدرة ـ ذات حد واحد ـ وليس للقاضى أن يستبدل بها عقوبات أخرى ، ومن جهة أخرى فإن طبيعة العقوبات فى الشريعة الإسلامية لا تسمح بالتفريق فى العقوبة بين فرد وفرد ولا بين مسلم وغير مسلم ، وأن لكل جريمة فى الإسلام عقوبتها ـ فمن ارتكب جريمة استحق عقوبتها على أى مذهب أو دين لأن العقوبة فى الإسلام ـ كما هى فى الشرائع السماوية ـ تتجه إلى العدالة وحماية الفضيلة والأخلاق ، وإن العقوبات التى يكون هدفها كذلك ، لا ينظر فيها إلى مقدار الجريمة ، إنما ينظر فيها إلى مقدار آثار الجريمة فى المجتمع ، والفضيلة التى عمل الإسلام على حمايتها هى الفضيلة الخلقية التى تنظم السلوك الإنسانى العام دون نظر إلى إرضاء الناس أو ملاءمتها لأغراضهم إذا كانت ـ كالخمر ـ مفسدة فلا تخضع للأوضاع ولا لأعراف الناس ، كى يحكم عليهم بالخير أو الشر.
   ومن ثم فإنه بالنسبة لحد الشرب فإن جمهور الفقهاء حرموا الخمرعلى المسلمين وغير المسلمين ، ومن يشربها يكون قد ارتكب جريمة يعاقب عليها ، وبمقتضى قاعدة أن " لغير المسلمين لهم ما للمسلمين وعليهم ما على المسلمين " يجب أن يعاقب كل من على غير دين الإسلام بما يعاقب به المسلم سواء بسواء.
   وبالبناء على ما تقدم : فالخمر لا تُعد حلالا فى دين من الأديان ، واستباحة النصارى لها ـ ليست بالقواعد التى أسلفنا ـ استباحة مشتقة من دينهم ، فدينهم حرمها . كما وأن التدخل لمنعها لا يُعد تدخلا فى الحرية الدينية ، إذ التدخل يكون إذا كانت المسألة أمرا يطلبه دينهم ولا يحرمه ويحبب فيه بينما يمنعه الإسلام أو يعاقب عليه. والحال فى الخمر ليس كذلك إذ أن الديانتين تتفقان على تحريمها تماما.
   ومن ناحية أخرى فالحدود تعد أحكامها من النظام العام ، وما هو كذلك بهذا الوصف يطبق حتما على جميع المقيمين بالدولة دون تفرقة بين دين ودين ، وإنما كانت الحدود ـ إقامة ـ من النظام العام لأنها لحماية الفضيلة والآداب العامة فى الأمة ، وفضلا عن ذلك فإن كل ما ورد به نص مجمع عليه عند فقهاء الشريعة يعد فى الإسلام من النظام العام.
   وأخيرا فإن سد الذرائع المؤدية إلى الشر توجب وضع العقوبات الزاجرة لمن يشرب الخمر أو يسكر منها ، فى أى موضع سواء. إذ أن رؤية المسلم غيره يشرب الخمر يغريه هو بها فكان سدا للذريعة أن يعمم العقاب حيث لا استثناء فى قانون الله ، وحيث كان المرض يجب القضاء عليه ، وحيثما كان الجانى وجبت عقوبته دون التفات إلى جنسه أو دينه ، إذ عدم إقامة الحد تعطيل للحدود وهذا إثم عظيم.
   ومتى استقام ما تقدم وكانت الواقعة على ما جاء بمدونات الدعوى وما جرت به التحقيقات قد قام الدليل على ثبوتها وصحة إسنادها إلى المتهم فإنه يتعين رفض الاستئناف موضوعا وتأييد الحكم المستأنف مصداقا لقول الله تعالى : (كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ ) [ القيامة : 38]
                                                فلهذه الأسباب
    حكمت المحكمة بقبول الاستئناف شكلا وفى الموضوع برفضه وبتأييد الحكم المستأنف.

خمور / ( 2 ) سكر مسلم سكرا بينا بالطريق العام

حيث أن النيابة العامة أسندت إلى المتهم المذكور فى القضية رقم 12387 / 1978 جنح مركز مغاغة أنه فى يوم 15 / 11 / 1978 بدائرة المركز وجد بالطريق العام فى حالة سُكر بين وطلبت عقابه بالمواد 1 ، 7 ، 9 من القانون رقم 63 / 1976 بشأن حظر الخمور.
·   وحيث أن محكمة مركز مغاغة الجزئية قضت فى المعارضة وبجلسة 2/3/1979 بحبس المتهم شهرين مع الشغل وكفالة عشرون جنيها ، فاستأنف المتهم بتوكيل ، وكان ذلك بتاريخ 5/3/1979 وبالجلسة طلبت النيابة تأييد الحكم المستأنف فى مواجهة المتهم ودفاعه بالجلسة.
                                                المحكمـة
       بعد تلاوة تقرير التلخيص الذى تلاه السيد رئيس المحكمة .
       وبعد سماع المرافعة الشفهية ومطالعة الأوراق والمداولة قانونا.
·   وحيث أن الاستئناف قدم فى الميعاد القانونى واستوفى شرائطه القانونية ، ومن ثم فهو مقبول شكلا عملا بنص المادتين 402 ، 406 من قانون الإجراءات الجنائية.
·        وحيث أنه لدى سؤال المتهم أنكر ما نسب إليه.
·        وحيث أن الحكم المستأنف فى محله للأسباب الواردة به والتى تأخذ بها هذه المحكمة دعامة من دعامات هذا الحكم.
·   وحيث أن الاتهام ثابت قبل المتهم وذلك من محضر ضبط الواقعة ، ومما هو مبين بالأوراق ومن اعتراف المتهم الثابت بمحضر الضبط مقررا به أنه لن يتكرر ذلك منه مرة أخرى ، ومردفا أنه لم يجبره آخر على الشرب ، ثم علل جريمته بالصداع الذى أصاب رأسه.
·   وحيث أن المتهم لم يدفع الاتهام بأى دفاع مقبول ، ومن ثم يتعين عقابه طبقا لمواد الاتهام عملا بنص المادة 304 / 2 من قانون الإجراءات الجنائية.
·   وحيث أن المحكمة بادئ ذى بدء كان يعنيها فى هذا المقام أن تستعمل النيابة العامة ـ فى دولة كنيتها الإيمان ـ حقها المواتى لها طالبة التشديد وذلك عن طريق استئنافها الحكم الجزئى وذلك حتى يطلق العنان لهذه المحكمة فتنزل بالمتهم أقصى عقاب تعديلا لحكم محكمة أول درجة. ولكن ما حدث هو العكس : فقد استعمل المتهم حقه وبتوكيل وذلك حتى يتسنى له عدم سداد الكفالة عند استئنافه ، وهذا منه منطق عجيب : يسكر السكر البين وفى طريق عام ثم يظمأ إلى البراءة تواقا إليها ، بينما هى بالنسبة له ـ أمام هذه المحكمة ـ وهو الذى خالف الله نهارا جهارا ـ هى له كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَمْآنُ مَاءً حَتَّى إِذَا جَاءَ هُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا وَوَجَدَ اللَّهَ عِنْدَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ وَاللَّهُ سَرِيعُ الحِسَابِ) [النور : 39 ]
·   وحيث أنه انطلاقا مما نصت عليه المادة الثانية من دستور مصر ـ المعدلة فى 22 / 5 / 1980 ـ ومما ورد بنص المادة السابعة من قانون العقوبات ، انطلاقا من هذا وذاك تقرر المحكمة أن الله سبحانه قال : ( فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً ) [ النساء : 59 ] وأنه سبحانه قال ( فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ) [ النساء: 65 ]
ــــــــــــــــــــــــ
* جنحة 4355 لسنة 1979 جنح مستأنف المنيا
·   وحيث أنه بالبناء على ما تقدم ، وبوضع مثل هذه النوعية من الأنزعة والوقائع التى نحن بصددها الآن أمام كتاب الله وسنة رسوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قضاء وتحكيما فإن الله سبحانه ترتيبا على ذلك قال (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الخَمْرُ وَالمَيْسِرُ وَالأَنْصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ * إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُّوقِعَ بَيْنَكُمُ العَدَاوَةَ وَالبَغْضَاءَ فِي الخَمْرِ وَالمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُم مُّنْتَهُونَ ) [ المائدة : 90 ـ 91]
     ومما لا شك فيه والحال كذلك ، ونحن أمام نص قاطع الدلالة على تحريم الخمر ، إذ أن شاربها كعابد الأوثان من دون الله كافر ، هذا بالإضافة إلى أنها هى أم الخبائث كما وصفها رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ .
·   وحيث أن الفقهاء فى شريعة الإسلام قد أجمعوا على أن ما أسكر كثيره فقليله حرام ، ويطلق عليه اسم الخمر ويأخذ حكمه ، كما وان اتفاقهم أصبح قاعدة شمولية مقتبسة من رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، وعندئذ فإن المحكمة تستحضر قول الله : (وَمَا آَتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ العِقَابِ ) [ الحشر : 7 ] وقوله : (وَمَا كَانَ لمؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُّبِينًا ) [ الأحزاب : 36]
·   وحيث أن الإسلام وهو دين الله الذى أوحى بتعاليمه إلى محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ  وكلفه بتبليغه إلى الناس كافة ومن هنا كانت الشريعة الإسلامية الغراء فى عمومها وشمولها وأصالة قواعدها صالحة لكل زمان ومكان ، قادرة على حكم الناس جميعهم ، ووضع الحدود الفاصلة بين الحق والباطل وبين الحلال والحرام ، ومن ثم فإن كل تشريع أو حكم يخالف ما جاء به الإسلام باطل ، ويجب على كل مسلم رده وصده والاحتكام إلى شريعة الله التى لا يتحقق إيمان أى مسلم  إلا بالاحتكام إليها شكلا وموضوعا ، كما يجب الأمر بتطبيق الشريعة الإسلامية ، وليس لأحد أن يبدى رأيا فى وجوب ذلك ، ولا تقبل مشورة بالتمهل أو التدرج أو التأجيل ، لا بل التسويف فى إقرارا القوانين الإسلامية معصية لله ولرسوله واتباع لغير سبيل المؤمنين.
·   وحيث أنه ليس أبلغ من الحاجة إلى الرجوع ـ تماما ـ إلى الإسلام الحنيف ، وأن على علماء الأزهر بث الدعوة الإسلامية ونشرها علما وعملا بين صفوف الحكام ، والمحكمة لتعرب فى حكمها هذا عن شدة أسفها على إسلام ينزوى فيه علماء الدين فى كل ركن هاربين متهربين من أداء رسالتهم أو الإفصاح بها جوهرا ونفاذا وذلك بفكرهم الحصيف وبإنزال حكم الدين على كل ما يعرض عليهم أو على الدولة من أمور فلا هم أدوا رسالتهم وأعلوا كلمة الحق ، ولا هم تركوا أماكنهم ومراكزهم شاغرة يتولاها من يقدر على أداء الرسالة قدرة واقتدارا أمرا بالمعروف ونهيا عن المنكر ، دون خوف إلا من الله ، وقديما كانت الرعية توجه الحاكم إلى اتباع شرع الله والالتزام بأحكامه مصداقا لقوله سبحانه: (وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَن يَّفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَن يُّصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ[المائدة: 49] .
·        وحيث أنه وقد استقام ما تقدم فإن مشروع القانون المقدم إلى مجلس الشعب بتاريخ 20 / 12 / 1975 بشأن تعديل قانون العقوبات تعديلا يصبح بمقتضاه قانونا إسلاميا كاملا قد نص فى المادة 324 منه على أن : " يعاقب بالجلد ثمانين جلدة كل من شرب الخمر أو سكر من غيرها " . ومصدر هذا النص ما أثر عن عمر بن الخطاب رضى الله عنه وأرضاه من أنه استشار عليا بن أبى طالب كرم الله وجهه فى عقوبة شارب الخمر فقال له : أرى أن يجلد ثمانون جلدة ، لأنه إذا شرب سكر ، وإذا سكر هذى ، وإذا هذى افترى ، وحد المفترى ثمانون جلدة " .
·   وحيث أن تقرير الطبيب قد أورد أن المتهم المذكور " وجدت رائحة الخمر تفوح منه وأنه فى حالة سكر بين " فإن نص مادة المشروع سالف البيان هى المنطبقة فى مثل هذه الحالة وعلى أمثال هذا المتهم. وكان يعنى المحكمة تماما ألا تعزف محكمة أول درجة عن تطبيق الشريعة الغراء ، ولكنه إجبارا عنها طبقت ـ ويطبق قضاة مصر المسلمون ـ قانونا وضعيا هالكا متهالكا أجوف مستقى من شرائع إلحادية لا تؤمن بالله رباً ولا بمحمد نبياً ورسولا . ولئن كان القاضى الذى يعرف ربه قد غلت يمناه فى مرارة وكمد عن تطبيق شريعة الإسلام إلا أنه يبقى لهذه المحكمة أمران :
الأمر الأول : أن رعاية حقوق الله واجبة على كل قاض مسلم أداء لأمانة الإسلام وذلك لقول الله تعالى : إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا ) [ النساء : 58 ]
الأمر الثانى : هذه المحكمة تسدى النصح إلى السيد رئيس الجمهورية وإلى السلطة التشريعية بتقنين حدود الله نزولا على قوله سبحانه (إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الكِتَابَ بِالحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ وَلا تَكُن لِّلخَائِنِينَ خَصِيمًا ) [النساء : 105] وذلك إبراء لذمتهما أمام الله والناس قياسا على إصدار قانون العيب وقوانين أخرى.
   ومتى استقام ما تقدم وكانت الواقعة على ما جاء بمدونات الدعوى ، وما جرى به التحقيق ، قد قام الدليل على ثبوتها وصحة إسنادها للمتهم ، فإنه يتعين رفض الاستئناف موضوعا وتأييد الحكم المستأنف مصداقا لقول الله سبحانه : (كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ ) [ المدثر : 38 ]

 

 

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الاستئناف شكلا ، وفى الموضوع برفضه وبتأييد الحكم المستأنف.

محكمة الجنح المستأنفة / المنيا
       الدائـــرة
محمود عبد الحميد غراب           رئيس المحكمة
زكريا ويصا جبره                               القاضى
عمر أحمد ابراهيم                                القاضى
عاطف رزق الله                     وكيل النائب العام
على عارف                                    أمين السر
                   جلسة 24 / 6 / 1980                

خمور / ( 1 ) عرض مشروبات روحية للبيع

 عد سماع المرافعة الشفهية ومطالعة الأوراق .
·   وحيث أن النيابة العامة أسندت إلى المتهم أنه فى يوم 15 / 7 / 1978 بدائرة مركز سنورس عرض للبيع مشروبات روحية دون ترخيص وطلبت عقابه بالمواد 1 ، 2 ، 5 / 1 ، 6 من القانون 63 / 1976 بشأن حظر الخمور.
·    وحيث أن التهمة ثابتة قبل المتهم وذلك من محضر ضبط الواقعة ومما هو مبين من الأوراق كذلك من اعتراف الآثم الثابت بمحضر الضبط معللا جريمته النكراء بجهله بالقانون رغم أنها جريمة وإثم يمجه الدين ويلفظه العقل . فقد ضبط لديه أربع وعشرون زجاجة بيرة منها سبع عشرة مملوءة وسبع أخرى فارغة.
·    وحيث أن المتهم لم يدفع الاتهام بأى دفاع مقبول لدى المحكمة ، ومن ثم تعين عقابه طبقا لمواد الاتهام عملا بنص المادة ـ 304 / 2 من قانون الإجراءات الجنائية.
·    وحيث أن خاتم الأنبياء والمرسلين قال : " كل مسكر خمر ، وكل خمر حرام " . وإذا كان المتهم قد عرض مثل هذا المسكر للبيع فى المكان والزمان المبينين بالمحضر مخالفا بذلك دين الله وشرعته الغراء ، فإن عقابه فى مثل  هذه الحالة هو الجلد من خمسين إلى سبعين جلدة لكونه مسلما عرض أو قدم مسكرا على الوجه المبين بالمحضر (تراجع المادة ـ 327 فقرة جـ من مشروع القانون المقدم إلى مجلس الشعب بتاريخ 20 / 12 / 1975 بشأن تعديل قانون العقوبات الوضعى تعديلا يصبح بمقتضاه قانونا إسلاميا كاملا)
·   وحيث أن المحكمة قد غلت يمناها فى مرارة وكمد ـ عن تطبيق هذه العقوبة الإسلامية الزاجرة ، إلا أنه لا يفوتها ـ أبدا ـ فى هذا المقام إسداء النصح إلى السيد رئيس الجمهورية والسلطة التشريعية التوأم عند أول اجتماع لها ـ أن يقنن ـ أيهما ـ حدود الله نزولا على قول الحق جل شأنه : (إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الكِتَابَ بِالحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ وَلا تَكُن لِّلخَائِنِينَ خَصِيمًا ) [ النساء : 105] وقولـه جل شأنه (وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ) [ المائدة : 49] وقوله (وَمَا آَتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا) [ الحشر : 7] وقوله (مَن يُّطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّه) [النساء : 80 ]
     لما كان ذلك كذلك وكانت المادة الثانية من الدستور القائم قد جرى نصها على أن " الإسم هو دين الدولة ومبادئ الشريعة الإسلامية مصدر رئيسى للتشريع وحتى يتسنى بهذا أن تكون مصر ـ فعلا وقولا ، وحقا لا شعارا ـ هى دولة الإيمان.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
     * جنحة رقم 3518 لسنة 1978 (جنح مركز سنورس . محافظة الفيوم)
 

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة حضوريا : بحبس المتهم ستة أشهر مع الشغل وكفالة 200 جنيه عما هو منسوب إليه ، وغرامة ـ 200 جنيه.
محكمة جنح مركز سنورس / الفيوم

    الدائــرة

محمود عبد الحميد غراب           القاضى
عبد الرحمن أبو سليمة                        وكيل النائب العام
محمد الدنف                                   أمين السر                 
جلسة 17 / 5 / 1979

مشروع قانون الغدر الجديد

المجلس الأعلى للقوات المسلحة 

مرسوم بقانون رقم (ـــ) لسنة 2011
بتعديل بعض أحكام المرسوم بقانون رقم 24 لسنة 1952 في شأن جريمة الغدر والمعدل بالمرسوم بقانون رقم 1973 لسنة 1953
رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة
بعد الاطلاع على الإعلان الدستورى الصادر بتاريخ 32/2/ 2011، وعلى الإعلان الدستورى بتاريخ 30/3/2011، وعلى قانون العقوبات الصادر بالقانون رقم 58 لسنة1937، وعلى المرسوم بقانون رقم 344 لسنة 1952، فى شأن جريمة الغدر، المعدل بالمرسوم بقانون رقم 113 سنة 1953، قرر المرسوم بقانون الآتي نصه وقد أصدرناه.  المادة الأولى
يستبدل بنصوص المواد2 و3 و4 من المرسوم بقانون رقم 344 لسنة 1952، فى شأن جريمة الغدر المعدل بالقانون رقم 173 لسنة1953 النصوص الأتية.
مادة 2
مع عدم الإخلال بالعقوبات الجنائية أو التاديبية يجازى على الغدر بالجزاءات الآتية أو بأحدها
أ/العزل من الوظائف العامة القيادية
ب/سقوط العضوية فى مجلسى الشعب أو الشورى أو المجالس الشعبية المحلية
ج/الحرمان من حق الانتخاب أو الترشيح لأى مجلس من المجالس المنصوص عليها فى الفقرة( ب) من هذه المادة لمدة خمس سنوات من تاريخ الحكم.
د/الحرمان من تولى الوظائف العامة القيادية لمدة 5 سنوات من تاريخ الحكم.
هـ/الحرمان من الانتماء لأى حزب سياسي لمدة 5 سنوات من تاريخ الحكم.
و/الحرمان من عضوية مجالس إدارة الهيئات العامة أو الشركات أو المؤسسات التى تخضع لإشراف السلطات العامة لمدة 5 سنوات من تاريخ الحكم..
ويحكم بالجزاءات ذاتها أو بأحدها على كل من اشترك بطريق التحريض أو الاتفاق أو المساعدة فى ارتكاب الجريمة سالفة الذكر، ولو لم يكن من الأشخاص المذكورين فى المادة الأولى من هذا القانون.
ويجوز الحكم برد ما أفاده الغادر من غدره وشركائه، وتقدر المحكمة مقدار ما يرد، كما يجوز للمحكمة أن تحكم على الغادر وشركائه بتعويض ماحدث من ضرر لأى شخص من الأشخاص الاعتتبارية العامة.
مادة(3)
"تختص محكمة الجنايات دون غيرها بالنظر في دعاوى الغدر والفصل فيها". ويحدد رئيس محكمة الاستئناف بعد موافقة الجمعية العمومية للمحكمة دائرة أو أكثر للاختصاص بنظر هذه الدعاوى والجلسة المحددة لنظرها.
ويتم إعلان المتهم بالجلسة المحددة واتباع إجراءات المحاكمة وفقًا للقواعد العامة بقانون الإجراءات الجنائية.
مادة (4)
"ترفع دعاوى الغدر بناء على طلب النيابة العامة من تلقاء ذاتها أو بناء على بلاغ يقدم إليها متى توافرت بشأن المتهم أدلة جديدة على ارتكابه أحد الأفعال المبينة بالمادة رقم 1 من المرسوم بقانون رقم 344 لسنة 1952 في شأن جريمة الغدر المعدل بالقانون رقم 173 لسنة ،1953 وذلك بعد تحقيق قضائي تجريه النيابة العامة وتكون لها كل الصلاحيات المقررة قانونًا بشأن سلطتي التحقيق والاتهام ومباشرة الدعوى أمام المحكمة.
(المادة الثانية)
يلغى كل حكم يخالف أحكام هذا المرسوم بقانون.