الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 3 سبتمبر 2020

الطعن 25 لسنة 30 ق جلسة 21 / 11 / 1962 مكتب فني 13 ج 3 أحوال شخصية ق 162 ص 1046

جلسة 21 من نوفمبر سنة 1962

برياسة السيد/ محمد فؤاد جابر نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: محمد زعفراني سالم، وأحمد زكى محمد، وعبد المجيد الغايش، وقطب فراج.

--------------

(162)
الطعن رقم 25 لسنة 30 أحوال شخصية

(أ) إثبات "طرق الإثبات". "الإثبات بالبينة". محكمة الموضوع. "قصور" حكم. "عيوب التدليل" "مالا يعد كذلك". أحوال شخصية. نسب.
لمحكمة الموضوع من تلقاء نفسها أن تأمر بالتحقيق في الأحوال التي يجيز القانون فيها الإثبات بشهادة الشهود متى رأت في ذلك فائدة للحقيقة. مثال في دعوى نسب.
(ب) نقض. "حالات الطعن". "مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه". أحوال شخصية. نسب. "ثبوت النسب".
دعوى النسب لولد زوجة ثبت عدم التلاقي بينها وبين زوجها من حين العقد. لا تسمع عند الإنكار. تقرير شاهد الاثبات بعدم علمه بأن الزوج قد عاشر زوجته أثر الزواج العرفي معاشرة الأزواج لا يفيد عدم التلاقي بينهما.
(ج) حكم "عيوب التدليل". "قصور". "الفساد في الاستدلال" "ما لا يعد كذلك". أحوال شخصية. نسب محكمة الموضوع.
بحسب قاضى الموضوع أن يبين الحقيقة التي اقتنع بها ويذكر دليلها ويقيم قضاءه على أسباب سائغة - عدم التزامه بتتبع الخصوم في مناحي أقوالهم ومختلف حججهم وطلباتهم والرد استقلالا على كل منها. ما دام قيام الحقيقة التي اقتنع بها وأورد دليلها، فيه التعليل الضمني المسقط لتلك الأقوال والحجج والطلبات. مثال في دعوى نسب.

-------------

1 - للمحكمة من تلقاء نفسها أن تأمر بالتحقيق في الاحوال التي يجيز فيها القانون الإثبات بشهادة الشهود متى رأت في ذلك فائدة للحقيقة - فإذا كان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بإحالة الدعوى إلى التحقيق على ما أورده في أسبابه من أن المطعون عليها ذهبت في دفاعها أمام محكمة الاستئناف إلى "أنها رزقت بالصغيرة (من الطاعن) ثمرة زواج عرفي سابق لعقد الزواج الرسمي وما هذا العقد الأخير إلا اظهار للعقد العرفي بدليل ما ورد في وثيقة الزواج الرسمي من أنها بكر حكما وهذا القول منها محل نظر" وانتهت المحكمة من سياق دفاع الطرفين إلى أنها ترى من ظروف الدعوى وملابساتها إحالة الدعوى إلى التحقيق لاستظهار وجه الحق في هذا الدفاع الذى يتصل بواقعة الدعوى ومن شأنه لو صح أن يتغير به وجه الرأي فيها "فإن الحكم لا يكون قد شابه قصور".
2 - لئن كان الفقهاء اختلفوا فيما تصير به الزوجة فراشا على ثلاثة أقوال: أحدها - أنه نفس العقد وإن لم يجتمع الزوج بها أو طلقها عقيبه في المجلس - والثاني - أنه العقد مع إمكان الوطء - والثالث - أنه العقد مع الدخول الحقيقي لا إمكانه المشكوك فيه، وكانت المادة 15 من المرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1929 الخاص ببعض أحكام الأحوال الشخصية قد نصت على أنه "لا تسمع عند الإنكار دعوى النسب لولد زوجة ثبت عدم التلاقي بينها وبين زوجها من حين العقد"، وهو مذهب وسط، وكان ما قرره شاهد الإثبات من أنه لا يعلم أن الطاعن قد عاشر المطعون عليها إثر الزواج العرفي معاشرة الأزواج لا يفيد ثبوت عدم التلاقي بينهما فإن الحكم المطعون فيه - إذ لم يخالف هذا النظر - لا يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
3 - بحسب قاضى الموضوع أن يبين الحقيقة التي اقتنع بها وأن يذكر دليلها وأن يقيم قضاءه على أسباب سائغة تكفى لحمله وما عليه بعد ذلك أن يتتبع الخصوم في مناحي أقوالهم ومختلف حججهم وطلباتهم ويرد استقلالا على كل قول أو حجة أو طلب أثاروه في مرافعتهم ما دام قيام الحقيقة التي اقتنع بها وأورد دليلها فيه التعليل الضمني المسقط لتلك الأقوال والحجج والطلبات فإذا كان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه برفض دعوى نفى نسب الصغير على ما حصله من شهادة الشهود من أن زواجا عرفيا قد تم بين الطرفين قبل إثباته رسميا بستة شهور وبذلك تكون الصغيرة قد ولدت بعد مضى أكثر من ستة شهور من انعقاد العقد العرفي ويثبت نسبها من أبيها، فإن ما أورده الحكم كاف لحمله وفيه الرد الضمني على دفاع الطاعن.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 22 سنة 1958 طنطا الابتدائية للأحوال الشخصية بطلب نفى نسب البنت "آمال" إليه ومنع المطعون عليها من التعرض له في ذلك مع إلزامها بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وقال شرحا لدعواه إنه تزوج بالمطعون عليها في 20/ 10/ 1956 وطلقها قبل الدخول في 24/ 10/ 1956 وإذ ولدت بنتا سمتها "آمال" ونسبتها إليه على أنه والدها بينما كانت ولادتها في 19/ 2/ 1957 ولأقل من ستة أشهر من تاريخ الزواج فقد انتهى الى طلب الحكم بنفي نسبها اليه. وبتاريخ 25/ 11/ 1958 حكمت المحكمة حضوريا بنفي نسب البنت آمال الى المدعى ومنع تعرض المدعى عليها له في ذلك وألزمتها المصروفات. واستأنفت المطعون عليها هذا الحكم لدى محكمة استئناف طنطا طالبة إلغاءه والحكم برفض الدعوى مع الزام المستأنف عليه بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن الدرجتين. وقيد استئنافها برقم 14 سنة 8 قضائية أحوال شخصية. وبتاريخ 22 أبريل سنة 1959 حكمت المحكمة حضوريا بقبول الاستئناف شكلا وقبل الفصل في الموضوع بإحالة الدعوى على التحقيق لتثبت المستأنفة بكافة طرق الإثبات القانونية بما فيها شهادة الشهود والقرائن أنها رزقت ببنتها آمال من المستأنف عليه وأنه كان يعاشرها معاشرة الأزواج بناء على عقد زواج شرعي صحيح سابق على عقد الزواج الرسمي الذي لم يكن إلا إظهارا وشهرا لعقد الزواج الأول ورخصت للمستأنف عليه بنفي ذلك بالطرق ذاتها. ونفذ حكم التحقيق وسمعت أقوال الشهود. وبتاريخ 6/ 4/ 1960 حكمت المحكمة حضوريا وفى الموضوع الاستئناف بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض دعوى المستأنف عليه وألزمته المصروفات عن الدرجتين ومبلغ خمسمائة قرش مقابل أتعاب المحاماة عنهما. وقد طعن الطاعن في هذين الحكمين بطريق النقض للأسباب الواردة في التقرير وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون وقررت إحالته الى هذه الدائرة حيث أصر الطاعن على طلب نقض الحكم وطلبت المطعون عليها رفض الطعن وقدمت النيابة العامة مذكرة أحالت فيها الى مذكرتها الأولى وطلبت فيها نقض الحكمين للسببين الأول والثاني من أسباب الطعن.
وحيث إن حاصل السبب الأول أن الطاعن دفع طلب المطعون عليها إحالة الدعوى الى التحقيق لإثبات الزواج العرفي بأنه تحايل على أحكام القانون ويتنافى مع ما قررته وقرره عمها حسين متولى وشيخ الحارة في الشكوى الإدارية رقم 2943 سنة 1956 ادارى قسم أول طنطا من أنها بكر وأنها تقيم مع عمها في منزل واحد ومعيشة واحدة منذ وفاة والدها وأن عمها هذا هو الذى ينفق عليها يرعى شئونها ولم تذكر أنها متزوجة بالطاعن أو أنها تقيم معه وتعاشره معاشرة الأزواج، ورد الحكم التمهيدي الصادر بإحالة الدعوى على التحقيق بأن هذا الدفاع لا يقدح في طلب المطعون عليها "لأن موضوع الشكوى هو محضر تحر قام به البوليس السرى بنوع الاشتباه" دون أن يبين وجه الرأي فيما قررته المطعون عليها في هذه الشكوى، وهو قصور يشوب الحكم وإخلال بدفاع الطاعن في مذكرته المقدمة لجلسة 25/ 3/ 1959 مما قد يتغير معه وجه الرأي في الحكم.
وحيث إن هذا السبب مردود بأن للمحكمة من تلقاء نفسها أن تأمر بالتحقيق في الأحوال التي يجيز القانون فيها الإثبات بشهادة الشهود متى رأت في ذلك فائدة للحقيقة وبالرجوع الى الحكم المطعون فيه يبين أن محكمة الاستئناف أقامت قضاءها في هذا الخصوص على ما أوردته في أسباب الحكم من أنه ".... يبين من أوراق الدعوى أن المستأنفة لم تدفع الدعوى أمام محكمة أول درجة بدفاع ما إلا أنها أوردت في عريضة الاستئناف وفى مذكرتها دفاعا جديدا لم يطرح على محكمة أول درجة ذلك أنها تقول إنها رزقت بالبنت آمال ثمرة زواج عرفي سابق لعقد الزواج الرسمي وما هذا العقد الأخير إلا إظهارا للعقد العرفي بدليل ما ورد في وثيقة الزواج الرسمي من أنها بكر حكما وهذا القول منها محل نظر ذلك أن المقرر شرعا أن الزوجة إذا جاءت بولد لأقل من ستة أشهر من تاريخ الزواج لا يثبت نسبه من أبيه إلا إذا ادعاه وقال إنه ولده أما إذا نفاه فلا يثبت إلا إذا جاءت به لستة أشهر فأكثر من تاريخ الزواج بالعقد الرسمي أو بالعقد العرفي الذى تدعيه المستأنفة ولا يقدح في هذا النظر - ما يقول به المستأنف عليه في خصوص الشكوى الإدارية رقم 2943 سنة 1956 إداري قسم أول طنطا المقدمة صورة طبق الأصل بالمفردات تحت رقم 5 ذلك أن موضوعها هو محضر تحرى قام به البوليس السرى بنوع الاشتباه" وانتهت المحكمة من سياق هذا الدفاع المتبادل بين طرفي الخصومة إلى أنها "ترى من ظروف الدعوى وملابساتها وفى سبيل الوصول إلى الحقيقة وقبل الفصل في الموضوع إحالة الدعوى إلى التحقيق" وهذا الذى أورده الحكم لا قصور فيه ولا ينطوي على الإخلال بدفاع الطاعن وهو كاف لحمله فيما انتهى إليه من إحالة الدعوى على التحقيق لاستظهار وجه الحق في هذا الدفاع الجديد الذى يتصل بواقعة الدعوى ومن شأنه لو صح أن يتغير به وجه الرأي فيها.
وحيث إن حاصل السبب الثالث أن أحد شاهدي الإثبات قرر أنه لا يعلم إن كان الطاعن عاشر المطعون عليها إثر الزواج العرفي معاشرة الأزواج، ورد الحكم الصادر في الموضوع بأن هذا القول "عديم الأثر طالما أن المولودة قد ولدت بعد ستة أشهر من تاريخ انعقاد العقد العرفي" وهو خطأ في تطبيق القانون ومخالفة لأحكام الفقرة الأولى من المادة 15 من القانون رقم 25 لسنة 1929 التي تنص على أنه "لا تسمع عند الإنكار دعوى النسب لولد زوجة ثبت عدم التلاقي بينها وبين زوجها من حين العقد" ولم يعول القانون في هذا الخصوص على مذهب فقهاء الحنفية الذين يقولون إن عقد الزواج الصحيح يثبت به وحده وبمجرده الفراش الصحيح والنسب.
وحيث إن هذا السبب في غير محله ذلك أنه وإن اختلف الفقهاء فيما تصير به الزوجة فراشا على ثلاثة أقوال أحدها أنه نفس العقد وإن لم يجتمع الزوج بها أو طلقها عقيبه في المجلس والثاني أنه العقد مع إمكان الوطء والثالث أنه العقد مع الدخول الحقيقي لا إمكانه المشكوك فيه (نقض 17/ 1/ 1962) وكانت المادة 15 من المرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1929 الخاص ببعض أحكام الأحوال الشخصية قد نصت على أنه "لا تسمع عند الإنكار دعوى النسب لولد زوجة ثبت عدم التلاقي بينها وبين زوجها من حين العقد" وهو مذهب وسط، إلا أن عبارة الشاهد لا تفيد ثبوت عدم التلاقي بين الطاعن والمطعون عليها وهو ما يتحقق به وجه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه.
وحيث إن حاصل الأسباب الثاني والرابع والخامس والسادس أن الحكم الصادر في الموضوع جاء قاصرا في أسبابه حين أخذ بأقوال شاهدي الإثبات دون أن يشير إلى دفاع الطاعن بشأن تضارب أقوالهما وتناقضها مع ما قررته المطعون عليها في محضر التحري ومحضر تحقيق جنحة التزوير رقم 1595 سنة 1957 قسم أول بندر طنطا فقد قرر الشاهد الأول أن المطعون عليها تزوجت عرفيا بالطاعن وأقامت معه في منزل جدته مدة ستة شهور سابقة على عقد الزواج الرسمي بينما قررت المطعون عليها في محضر التحري - وهو سابق على عقد الزواج الرسمي بتسعة أيام - أنها بكر وأنها تقيم مع عمها حسين متولى في منزل واحد ومعيشة واحدة منذ وفاة والدها وهو الذى ينفق عليها وأيدها في ذلك عمها وشيخ الحارة وقرر الشاهد الثاني أن الحديث الذى دار بين الطاعن والمطعون عليها في حضوره وحضور الشاهد الأول كان عن جناية فسق شاع خبرها في الكفرة والموافقة التي تمت في هذا المجلس كانت عن مسألة هبة أو زواج بينما قررت المطعون عليها في محضر تحقيق الجنحة سالفة الذكر - وتاريخه لاحق لولادة البنت - أنها تعرفت على الطاعن وظل يعاكسها ثم ذهبت معه إلى الحقل حيث اتصل بها وتكرر هذا الاتصال كل يوم إلى أن حملت فأخبرت والدتها بذلك وذهبت والدتها للطاعن وأخبرته بالأمر فخاف وعقد عليها في 20/ 10/ 1956 وعاشرته ثلاثة أيام طلقت بعدها ولو استوعبت المحكمة هذا الدفاع الذى تمسك به الطاعن وأيده بما جاء في تحقيقات محضر التحري وجنحة التزوير لتغير وجه الحكم، وأنه أخطأ في الاستدلال حين قال إن العبارة الواردة في وثيقة الزواج من أن الزوجة "بكر حكما" يستفاد منها سابقة العقد عليها مع أن هذه العبارة تنصرف إلى المرأة التي زالت بكارتها لزنا أو مرض ولا تعنى حتما المرأة المدخول بها دخولا شرعيا، وأنه خالف الثابت في الأوراق إذ قال إن شاهدي الطاعن لم ينفيا واقعة العقد العرفي في حين أن الشاهد الثاني قرر أنه لا يعلم بوجود علاقة سابقة بين المطعون عليها والطاعن، وأنه أخل بدفاع الطاعن الوارد في مذكرتيه المقدمتين لجلسة 25 من مارس سنة 1959 و3 من فبراير سنة 1960 ولم يشر إليه وفقط أشار إلى أقوال النيابة رغم أن ما قررته المطعون عليها في محضر الجنحة يقطع بعدم جدية ما تدعيه من أنها تزوجت الطاعن بعقد عرفي قبل عقد الزواج الرسمي كما يقطع بكذب شاهدي الإثبات وهو دفاع جوهري يتغير به وجه الرأي في الدعوى.
وحيث إن هذا النعي مردود بما جرى به قضاء هذه المحكمة من أنه بحسب قاضى الموضوع أن يبين الحقيقة التي اقتنع بها وأن يذكر دليلها وأن يقيم قضاءه على أسباب سائغة تكفى لحمله وما عليه بعد ذلك أن يتتبع الخصوم في مناحي أقوالهم ومختلف حججهم وطلباتهم ويرد استقلالا على كل قول أو حجة أو طلب أثاروه في مرافعتهم ما دام قيام الحقيقة التي اقتنع بها وأورد دليلها فيه التعليل الضمني المسقط لتلك الأقوال والحجج والطلبات، وبالرجوع إلى الحكم المطعون فيه يبين أنه أقام قضاءه برفض الدعوى على أنه "ثبت من شهادة كل من يوسف متولى أحمد شيتوى ونبوي الدمرداش الصعيدي أن المستأنف عليه (الطاعن) عقد بحضورهما عقد زواجه بالمستأنفة (المطعون عليها) عقدا عرفيا وأن ذلك تم قبل إثباته رسميا بستة شهور وذلك بأن سألها في حضورهما أن تتزوجه فقبلت منه هذا العرض وهذا الذى ثبت ينعقد به عقد الزواج شرعا ولو لم تحصل تسمية المهر لأنه في هذه الحالة يكون لها مهر مثلها" وأنه "وقد وثق العقد رسميا في 20 من أكتوبر سنة 1956 فإن العقد العرفي يكون قد تم في أبريل سنة 1956 وإذا كان الثابت أن المولودة "آمال" قد ولدت في فبراير سنة 1957 كما شهد بذلك المستخرج الرسمي المقدم بالأوراق فإنها بذلك تكون قد ولدت بعد مضى أكثر من ستة شهور من انعقاد العقد العرفي وبذلك يثبت نسبها إلى والدها المستأنف عليه" وأن "الذى يؤيد صحة شهادة الشاهدين من انعقاد عقد عرفي بين المستأنف عليه والمستأنفة ما ورد بوثيقة الزواج من أن الزوجة "بكر حكما" ذلك لأنه يحمل حال الزوجة على الصلاح كما هو الأصل شرعا فإن المستفاد من هذه العبارة هو سابقة العقد عليها" وأن "شاهدي المستأنف ضده لم ينفيا واقعة العقد العرفي آنف البيان وترتيبا عليه يكون قد ثبت لهذه المحكمة أن المولودة "آمال" قد ولدت بعد مضى أكثر من ستة شهور على عقد الزواج الشرعي الصحيح الذى اتخذ صورة عرفية وجاء العقد الرسمي مؤيدا لهذه الواقعة وحملت عباراته الدليل على ذلك" وهذا الذى أورد الحكم كاف لحمله وفيه الرد الضمني على دفاع الطاعن.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.

الطعن 1 لسنة 30 ق جلسة 14 / 11 / 1962 مكتب فني 13 ج 3 أحوال شخصية ق 155 ص 1008

جلسة 14 من نوفمبر سنة 1962

برياسة السيد/ محمد فؤاد جابر نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين:، محمد زعفراني سالم، وأحمد زكى محمد، وأميل جبران، وقطب فراج.

----------------

(155)
الطعن رقم 1 لسنة 30 "أحوال شخصية"

وقف "شرط الواقف". "تفسيره". "الاستحقاق في الوقف".
شرط الواقف بأن يجرى استحقاق أولاده على التفاضل فيما بينهم وبان يجرى استحقاق أولاد معتوقيه على النص والترتيب المذكورين بالنسبة لذريته. دلالة ذلك أن يأخذ استحقاق أولاد المعتوقين حكم استحقاق أولاد الواقف. مخالفة الحكم ذلك مخالف لشرط الواقف.
---------------
يحمل كلام الواقف على المعنى الذى يظهر أنه أراده، فإذا كان يبين من إشهاد الوقف أن الواقف أراد أن يأخذ استحقاق أولاد معتوقيه وأولاد أولادهما حكم استحقاق أولاد الواقف وأولاد أولاده ويجرى مجراه بدلالة قوله في الاشهاد على أن يجرى استحقاق أولاد معتوقيه على النص والترتيب المذكورين بالنسبة لذريته، وكان استحقاق أولاد الواقف إنما يجرى على التفاضل فيما بينهم للذكر منهم مثل حظ الانثيين فان استحقاق أولاد المعتوقين يتبعه ويجرى على التفاضل كذلك الحكم المطعون فيه إذ خالف هذا النظر يكون قد خالف شرط الواقف بما يوجب نقضه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن محمد فهمى خورشيد المطعون عليه أقام الدعوى رقم 452 سنة 1956 القاهرة الابتدائية للأحوال الشخصية ضد كل من وزارة الأوقاف وحسن رأفت ابراهيم رأفت مورث الطاعنين بطلب استحقاقه لحصة في وقف المرحوم أحمد باشا رشيد وقال شرحا لدعواه إنه بموجب إشهاد الوقف المؤرخ 14 ربيع الثاني سنة 1297 وإشهادي التغيير المؤرخين 22 صفر سنة 1302 و6 ربيع الثاني سنة 1314 وقف المرحوم أحمد باشا رشيد الأطيان المبينة بها على نفسه مدة حياته ثم من بعده جعل منها 760 فدانا و12 قيراطا وقفا على أولاده ذكورا وإناثا للذكر مثل حظ الأنثيين الموجودين ومن يحدثه الله له من الأولاد وعلى زوجتيه ثم من بعد كل منهم فعلى أولاده ثم على أولاد أولاده ثم على أولاد أولاد أولاده ثم على ذريتهم ونسلهم وعقبهم طبقة بعد طبقة ونسلا بعد نسل وجيلا بعد جيل الطبقة العليا منهم تحجب السفلى من نفسها دون غيرها بحيث يحجب كل أصل فرعه دون فرع غيره يستقل به الواحد ويشترك فيه الاثنان فما فوقهما عند الاجتماع على أن من مات منهم وترك ولدا أو ولد ولد أو أسفل من ذلك انتقل نصيبه من ذلك لأخوته وأخواته المشاركين له في الدرجة والاستحقاق واستحق ما كان يستحقه أصله مضافا لاستحقاقه فإن لم يكن له أخوة ولا أخوات فلا قرب الطبقات للمتوفى من أصل هذا الوقف الموقوف عليهم وعلى أن من مات منهم قبل دخوله في هذا الوقف واستحقاقه لشيء منه وترك ولدا أو ولد ولد أو أسفل من ذلك انتقل نصيبه لولده أو ولد ولده وقام ولده أو ولد ولده مقامه في الدرجة والاستحقاق واستحق ما كان يستحقه أصله أن لو كان الأصل حيا باقيا يتداولون ذلك بينهم كذلك إلى حين انقراضهم أجمعين - كما جعل منها 50 فدانا و12 سهما وقفا على معتوقيه ابراهيم رأفت الچركسى وزوجته كلفدان بحق 40 فدانا و12 قيراطا للأول و10 أفدنة للثانية ثم من بعد كل منهما يكون نصيبه من ذلك وقفا على أولاده ثم على أولاد أولاده ثم على أولاد أولاد أولاده على النص والترتيب المشروحين في ذرية الواقف، وقد توفى الواقف والوقف باق على حاله ثم توفى ابراهيم رأفت وزوجته كلفدان وبوفاتهما انتقل استحقاقهما إلى ولديهما حسن وتفيده ثم توفيت تفيده وبوفاتها انتقل استحقاقها إلى أولادها ومنهم المدعى، وإذ جرت الوزارة على توزيع هذا الاستحقاق بالتفاضل بين حسن وتفيده وبحق الثلثين للأول والثلث للثانية بينما تقضى إشهادات الوقف والتغيير بتوزيعه بالتساوي ومناصفة بينهما، فقد انتهى إلى طلب الحكم له بنصيبه في هذا الفرق وهو 1 فدان و20 قيراطا و12 سهما. وأثناء نظر الدعوى توفى حسن وأدخل ورثته خصوما فيها، وبجلسة 28/ 2/ 1956 عدل المدعى طلباته في مواجهتهم إلى طلب الحكم باستحقاق مورثته للسدس الموقوف تكملة للنصف. وبتاريخ 28/ 3/ 1959 حكمت المحكمة حضوريا برفض الدعوى وألزمت المدعى مصروفاتها وخمسة جنيهات مقابل أتعاب المحاماة. واستأنف محمد فهمى خورشيد هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة طالبا إلغاءه والحكم له بطلباته. وبتاريخ 5 من ديسمبر سنة 1959 حكمت المحكمة حضوريا للمستأنف على المستأنف عليهم باستحقاق والدة المستأنف الست تفيدة رأفت لنصف الموقوف على والديها ابراهيم رأفت وكلفدان البيضاء بمقتضى إشهاد التغيير الصادر في 6 ربيع الثاني سنة 1314 أمام محكمة مصر الشرعية بدلا من الثلث وألزمت المستأنف عليهم عدا وزارة الأوقاف مصاريف الدرجتين وستة جنيهات مقابل أتعاب المحاماة عنهما. وطعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض للسببين الواردين في التقرير وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون وقررت إحالته إلى هذه الدائرة حيث أصر الطاعنون على طلب نقض الحكم وطلب المطعون عليه الأول رفض الطعن وقدمت النيابة العامة مذكرة أحالت فيها إلى مذكرتها الأولى وطلبت قبول الطعن.
وحيث إن الطعن يقوم على سببين حاصلهما (1) أن الأصل في الاستحقاق هو أن يكون بالتساوي ما لم يشترط الواقف التفاضل أو تقوم قرينة على خلافه ومع تسليم الحكم المطعون فيه بهذا الأصل إلا أنه أخطأ في تطبيقه على واقعة الدعوى لأن الواقف نص على التفاضل بين الطبقات بقوله في آخر الانشاء "يتداولون ذلك بينهم كذلك إلى حين انقراضهم أجمعين" ومفهوم هذه العبارة أن الموقوف عليهم من جميع الطبقات يتداولون الموقوف ويسحقونه كالتداول المبين قبله وبالتفاضل فيما بينهم وهى قرينة على أن الواقف لم يسكت عن بيان غرضه في تفضيل الذكر على الأنثى من جميع الطبقات. (2) وما عول عليه الحكم من أن التفاضل المذكور في حجة الوقف كان مقترنا بالطبقة الأولى فيه إغفال لقصد الواقف ولما نصت عليه المادة 10 من القانون رقم 48 لسنة 1946 بأحكام الوقف وما جاء في المذكرة التفسيرية لهذا القانون من أنه يجب حمل كلام الواقفين على ما يظهر أنهم أرادوه منه وافق ذلك لغة العرب أو لغة الشارع أولا.
وحيث إن هذا النعي في محله ذلك أن كلام الواقف يحمل على المعنى الذى يظهر أنه إرادة، وغرض الواقف هنا ظاهر في أن استحقاق أولاد ابراهيم رأفت وزوجته كلفدان وأولاد أولادهما يأخذ حكم استحقاق أولاد الواقف وأولاد أولاده ويجرى مجراه وهو ما يدل عليه قوله في إشهاد الوقف وإشهاد التغيير الأول "... ومن ذلك الخمسين فدانا وثمن فدان وثلثي قيراط من فدان التي بناحية....... تكون وقفا على ابراهيم رأفت الجركسى وزوجته الست كلفدان البيضاء الجركسية ثم من بعد كل منهما فعلى أولاده وأولاد أولاده على النص والترتيب المشروحين في ذرية سعادة الواقف" وقوله في إشهاد التغيير الثاني إنه ".... جعل الثمانية وخمسين فدانا ونصف قيراط من فدان الكائنة بناحية....... وقفا على ابراهيم أفندى رأفت وزوجته الست كلفدان والست (-) ما هو لإبراهيم أفندي رأفت أربعون فدانا ونصف قيراط من فدان وما هو لزوجته الست كلفدان المذكورة عشرة أفدنة وما هو للست (-) ثمانية أفدنة باقي ذلك ثم من بعد كل منهم يكون نصيبه من ذلك وقفا على أولاده ثم على أولاد أولاده ثم على أولاد أولاد أولاده على النص والترتيب المشروحين بكتابي الوقف والتغيير" وإذا كان استحقاق أولاد الواقف - وهو القدر اللازم للفصل في النزاع - إنما يجرى على التفاضل فيما بينهم للذكر منهم مثل حظ الانثيين فإن استحقاق أولاد ابراهيم رأفت وزوجته كلفدان يتبعه وأن يجرى على التفاضل كذلك - وإذ كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر وقضى "باستحقاق والدة المستأنف الست تفيدة رأفت لنص الموقوف على والديها ابراهيم رأفت وكلفدان البيضاء بدلا عن الثلث" فإنه يكون قد خالف شرط الواقف بما يوجب نقضه.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه ولما تقدم ولأن الحكم المستأنف صحيح في ذاته فإنه يتعين تأييده.

الطعن 349 لسنة 29 ق جلسة 19 / 3 / 1964 مكتب فني 15 ج 1 ق 62 ص 372

جلسة 19 من مارس سنة 1964

برياسة السيد/ محمود عياد رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: محمود توفيق إسماعيل، وأميل جبران، ولطفي علي، وصبري فرحات.

---------------

(62)
الطعن رقم 349 لسنة 29 القضائية

(أ) أحوال شخصية. "المسائل الخاصة بالأجانب". "النظام المالي بين الزوجين". "نظام المشاركة في الأموال.
الأصل في القانون المدني الفرنسي خضوع أموال الزوجين لنظام الاشتراك. جواز خروج الزوجين على قواعد هذا النظام بمشارطة يعقدانها أمام الموثق وقبل الزواج يبينان فيها النظام الذي اختاراه. منع تعديل قواعد نظام الاشتراك باتفاقات خاصة يعقدها الزوجان بعد الزواج.
(ب) أحوال شخصية. "المسائل الخاصة بالأجانب". "النظام المالي بين الزوجين". "نظام المشاركة في الأموال". "أثره".
من مقتضى نظام الاشتراك اعتبار المنقولات التي يملكها أي الزوجين وقت الزواج وتلك التي يقتنيها أثناء قيام الزوجية ولو من إيراد خاص حصل عليه من عمله الشخصي مالاً مشتركاً بين الزوجين. يحق لدائني أيهما التنفيذ على جميع الأموال المشتركة لاستيفاء ديونهم منها.

--------------
1 - الأصل بحسب أحكام القانون المدني الفرنسي أن تخضع أموال الزوجين لنظام الاشتراك Communauté الذي نظمت قواعده المادة 1399 وما بعدها. وقد أجاز المشرع الفرنسي للزوجين الذين يريدان الخروج على قواعد هذا النظام كلها أو بعضها أن يعلنا رغبتهما هذه في مشارطة يعقدانها ويبينان فيها النظام المالي الذي اختاراه، وهذه المشارطة يطلق عليه بالفرنسية Contrat de Mariage وهي غير وثيقة الزواج التي يتم بها الزواج acte de Mariage ويوجب القانون تحرير تلك المشارطة أمام الموثق وقبل الزواج. فإذا لم يستعمل الزوجان هذه الرخصة ولم يحررا مشارطة من هذا القبيل خضعت أموالها حتماً لنظام الاشتراك باعتباره أثراً من الآثار التي يرتبها القانون أصلاً على الزواج ويمتنع عليهما في هذه الحالة أن يعدلا من القواعد التي وضعها القانون لهذا النظام باتفاقات خاصة يعقدانها فيما بينهما بعد الزواج، لأن تلك القواعد تعتبر غير قابلة للتغيير بإرادة الزوجين ما دامت الزوجية قائمة. وتبعاً لذلك لا يعتد بما يصدر منهما بعد الزواج من اتفاقات أو إقرارات يكون القصد منها إخراج أي عنصر من عناصر المال المشترك من نظام الاشتراك واعتباره مملوكاً ملكية خاصة لأحدهما.
2 - من مقتضى نظام الاشتراك أن يعتبر مالاً مشتركاً بين الزوجين جميع المنقولات التي كان يملكها كل منهما وقت الزواج وكذلك المنقولات التي يقتنيها أحدهما أثناء قيام الزوجية ولو كان قد دفع ثمنها من إيراد خاص حصل عليه من عمله الشخصي، ويحق لدائني أي الزوجين التنفيذ على جميع الأموال المشتركة. ولا يغير من الأمر صدور حكم للزوجة بالتطليق من زوجها، إذ أن هذا الحكم لا يؤثر على حق الدائن الذي نشأ قبل صدوره وأثناء قيام الزوجية وتعلق هذا الحق بالأموال المشتركة.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أنه بتاريخ 30 من نوفمبر سنة 1954 اقترضت المطعون عليها الأولى وزوجها السيد/ رودلف لندر الذي يمثله المطعون عليهم الثاني والثالث والرابع مبلغ 568 ج من الطاعن وحررا له سنداً بهذا المبلغ ورد فيه أنهما تعهدا بسداد الدين في مدة غايتها 30/ 11/ 1955 وأن الزوج أعطى الدائن على سبيل الضمان شيكاً بمبلغ القرض على بنك كونتوار ناسيونال يستحق الأداء في هذا التاريخ ولما حل ميعاد الاستحقاق ولم يف المدينان بالدين هدد الدائن الزوج باتخاذ الإجراءات الجنائية ضده لعدم وجود مقابل وفاء للشيك فأرسل الزوج بواسطة محاميه خطاباً إلى محامي الدائن بتاريخ 10/ 12/ 1955 تمسك فيه بأن الشيك بالصورة التي حرر بها يعتبر أداة ائتمان لا أداة وفاء وبالتالي فلا يعتبر الامتناع عن الوفاء بقيمته جريمة وأضاف أنه لا خوف على الدين لأن مفروشات المنزل المملوك له ولزوجته تفي قيمتها بأضعاف هذا الدين فيما لو اتخذ الدائن الإجراءات المدنية ضدهما معاً وقد لجأ الطاعن إلى مقاضاة الزوجين المدينين مدنياً فأقام ضدهما الدعوى رقم 18 سنة 1956 كلي الإسكندرية وقضى له فيها بإلزامها بأن يدفعا له مناصفة بينهما مبلغ 568 جنيهاً والمصاريف والفوائد بواقع 4% من تاريخ المطالبة الرسمية الحاصلة في 31/ 12/ 1955 وأوقع الطاعن بموجب هذا الحكم حجزاً تنفيذياً بتاريخ 15 من مايو سنة 1956 على المنقولات الموجودة بمنزل الزوجية. وعلى أثر توقيع هذا الحجز دفعت له الزوجة نصف المبلغ المقضي به من أصل وملحقات ثم استشكلت في الحجز بالدعوى رقم 2457 سنة 1956 مستعجل الإسكندرية طالبة وقف تنفيذ الحكم المنفذ به حتى يفصل في دعوى بطلان الحجز التي أقامتها ضد الدائن والمقيدة برقم 1231 سنة 1956 كلي الإسكندرية وأسست هذا الإشكال على أن الحكم المنفذ به لم يلزمها إلا بنصف الدين وملحقاته وأنها قد أوفت بهذا النصف وليست ملزمة بالنصف الباقي الذي يخص زوجها والتي تسير إجراءات الحجز من أجله وأن المنقولات المحجوز عليها ملك خاص لها دون زوجها وطلب الدائن (الطاعن) رفض هذا الإشكال تأسيساً على أن الزوجين فرنسيان وقد تزوجا طبقاً للقانون الفرنسي على نظام اشتراك الأموال وأن الزوجة لم تقدم ما يدل على أن زواجهما تم على أساس نظام آخر وبتاريخ 24/ 9/ 1956 قضى برفض الإشكال والاستمرار في التنفيذ وبني هذا الحكم على أن المستشكلة (الزوجة) لم تنازع فيما قرره الدائن المستشكل ضده من أن المنقولات المحجوز عليها تعتبر مملوكة للزوجين وإن كانت قد اعترضت على عدم تخصيص الحاجز مقدار ما ينفذ به قبل كل مدين منهما وأن المحكمة لا تقيم وزناً لهذا الاعتراض. بعد ذلك أقامت الزوجة (المطعون عليها الأولى) الدعوى رقم 1925 سنة 1956 أمام محكمة الإسكندرية الابتدائية مختصمة فيها الدائن الحاجز وزوجها وقلم محضري محكمة العطارين وطلبت الحكم لها ضد الأول وفي مواجهة الآخرين بثبوت ملكيتها للمنقولات المحجوز عليها في 15 من مايو سنة 1956 وإلغاء الحجز الموقع عليها بناء على طلب المدعى عليه الأول وأسست هذه الدعوى على أن تلك المنقولات ملك خاص لها وحدها وأن زوجها أقر لها بهذه الملكية بإقرار كتابي محرر في 24 من مايو سنة 1947 وثابت التاريخ في 11 من يونيه سنة 1947 قبل تاريخ القرض وأن هذا الزوج ترك منزل الزوجية منذ أمد بعيد وقد رفعت عليه الدعوى رقم 2213 سنة 1955 أمام محكمة الإسكندرية للأحوال الشخصية بطلب الانفصال عنه وأنه معدم ولا إيراد له في حين أنها تملك مصنعاً للتريكو بمنزلها الذي أوقع فيه الحجز وأبدت استعدادها لإثبات ملكيتها للمنقولات المحجوز عليها بكافة طرق الإثبات القانونية في حالة عدم كفاية المستندات والأدلة المقدمة منها وبتاريخ 20 من نوفمبر سنة 1956 قضت المحكمة بانقطاع سير الخصومة لوضع المدعية والمدعى عليه الثاني (الزوجين) تحت الحراسة باعتبارهما من الرعايا الفرنسيين - وبعد رفع الحراسة عن الزوجة عجل الطاعن الدعوى وأدخل فيها الحارس العام على الرعايا الفرنسيين بصفته حارساً على أموال الزوج ودفع الدعوى بأن رافعتها زوجة المدين وأنهما فرنسيان يخضعان طبقاً للقانون الفرنسي لنظام اشتراك الأموال مما يستتبع اعتبار المنقولات الموجودة بمنزل الزوجية ملكاً شائعاً لكل منهما طبقاً لحكم المادة 1401 من القانون الفرنسي وبتاريخ 26 من نوفمبر سنة 1957 حكمت المحكمة الابتدائية بإحالة الدعوى إلى التحقيق لتثبت المدعية (الزوجة) بشهادة الشهود ملكيتها للمنقولات المحجوز عليها والمبينة بمحضر الحجز الموقع في 15 من مايو سنة 1956 وصرحت المحكمة للدائن والزوج المدين بنفي ذلك وقد قطعت المحكمة في أسباب حكمها هذا بأن القانون الواجب التطبيق هو القانون المصري استناداً إلى ما قالته من أن النزاع المطروح يعتبر ناشئاً عن تنفيذ عقد قرض وأنه طبقاً للمادة 19 من القانون المدني المصري يحكم النزاع القانون المصري باعتبار أن موطن الطرفين مصر وقد تم فيها العقد. وبعد أن سمعت المحكمة شهود الزوجة والدائن الحاجز قضت بتاريخ 24 من يونيه سنة 1958 بثبوت ملكية المدعية للمنقولات المحجوز عليها وبإلغاء الحجز فاستأنف الدائن (الطاعن) هذا الحكم أمام محكمة استئناف الإسكندرية طالباً إلغاءه ورفض الدعوى وقيد استئنافه برقم 282 سنة 14 ق ونعى على الحكم المستأنف خطأه فيما ذهب إليه من انطباق المادة 19 من القانون المدني المصري وقال إن المادة التي ينبغي إعمال حكمها هي المادة 13 من القانون المذكور التي تنص على أنه يسري قانون الدولة التي ينتمي إليها الزوج وقت انعقاد الزواج على الآثار التي يرتبها عقد الزواج بما في ذلك من أثر بالنسبة إلى المال وأن مقتضى تطبيق أحكام القانون في الفرنسي باعتباره قانون الدولة التي ينتمي إليها الزوج في النزاع الحالي أن تعتبر أموال الزوجين خاضعة لنظام الاشتراك ولا تكون ملكاً لأحدهما دون الآخر وأضاف أن الزوج قد أقر بذلك في الخطاب المرسل من محاميه إلى محامي المستأنف (الدائن) بتاريخ 10 من ديسمبر سنة 1955 والسالف الإشارة إليه في صدر هذه الوقائع - وبتاريخ 29 من مارس سنة 1959 حكمت محكمة الاستئناف بتأييد الحكم المستأنف فطعن الدائن في هذا الحكم بطريق النقض وعرض الطعن على دائرة الفحص بجلسة 25 من نوفمبر سنة 1962 وفيها صممت النيابة على ما ورد في المذكرة المقدمة منها والتي انتهت فيها إلى رفض الطعن وقررت دائرة الفحص إحالة الطعن إلى هذه الدائرة وبالجلسة المحددة لنظره تمسكت النيابة برأيها السابق.
وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه في السببين الثاني والثالث الخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك يقول إن هذا الحكم أسس قضاءه بملكية المطعون ضدها الأولى للمنقولات المحجوز عليها على أن الطاعن الحاجز لم يقدم دليلاً على أنها تزوجت طبقاً لنظام الاشتراك المالي وأن القانون الفرنسي كما يعرف هذا النظام فإنه يعرف كذلك نظام انفصال الذمة - وقد أخطأ الحكم في ذلك لأن نظام انفصال الذمة يعتبر خروجاً على النظام الأصلي الذي فرضه القانون الفرنسي وهو نظام الاشتراك ولا يقوم نظام الانفصال إلا باتفاق الزوجين وبشرط يتم أن هذا الاتفاق قبل الزواج وفي عقد يطلق عليه بالفرنسية Contrat de mariage  وإذا كان ذلك فإن المطعون عليها وقد ادعت ملكيتها للمنقولات المحجوز عليها ملكية خاصة لها فإنه يقع عليها عبء إثبات أنها وزوجها تعاقداً على ما يخالف نظام الاشتراك ولا سبيل إلى هذا الإثبات إلا بتقديمها العقد المذكور أما وأنها لم تقدمه بل ولم تدع أن عقداً من هذا القبيل قد حرر بينها وبين زوجها فإن أحكام القانون الفرنسي تقضى باعتبار أن زواجها قد تم على أساس نظام الاشتراك المالي إذ أن هذا النظام هو النظام الذي أراده المشرع الفرنسي نظاماً مالياً للزوجين وافترض أن كل فرنسي متزوج قد تزوج على أساسه طالما أنه لم يثبت أن الزوجين قد تعاقداً قبل الزواج على مخالفته ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه إذ اعتبر زواج المطعون عليها الأولى قد تم على أساس نظام آخر هو نظام انفصال الذمة وذلك استناداً إلى ما قاله من أن الطاعن لم يقدم ما يدل على أن هذا الزواج تم على أساس نظام الاشتراك يكون قد أخطأ في القانون كما أخطأ فيه أيضاً باعتداده بالإقرار الثابت التاريخ في 11 يونيه سنة 1947 والصادر من الزوج لزوجته المطعون عليها الأولى والمتضمن إقراره لها بملكيتها جميع المنقولات الموجودة بمسكنهما المشترك ذلك أنه متى وجب تطبيق قواعد نظام الاشتراك على أموال الزوجين لعدم تقديمهما الدليل على إبرامهما قبل الزواج مشارطة تتضمن خروجهما على هذا النظام فإن تلك القواعد تمنعها من الاتفاق بعد الزواج على تغيير ذلك النظام وإحلال نظام آخر محله كنظام انفصال الذمة ويمتنع عليهما بالتالي الاتفاق على إخراج أي عنصر من عناصر المال المشترك من نظام الاشتراك واختصاص أحدهما به وذلك عملاً بقاعدة عدم قابلية نظام الزوجين المالي للتغيير وإذ كان ذلك وكان مؤدى نظام الاشتراك المالي بين الزوجين أن يصبح جميع ما كان يملكه كل منهما من منقولات وقت انعقاد الزواج ملكاً مشتركاً فيما بينهما كما يصبح كذلك ملكاً مشتركاً كل ما يقتنيه أحدهما بعد الزواج من هذه المنقولات وكانت المادة 1409 من القانون الفرنسي تعتبر الأموال المشتركة ضامنة لسداد ديون الزوج حتى ديونه الخاصة التي انشغلت بها ذمته لمصلحته الشخصية البحتة فإنه لم يكن لمحكمة الاستئناف أن تقيم وزناً للإقرار الصادر من الزوج في يونيه سنة 1947 ولا لشهادة الشهود ولا يغير من الوضع شيئاً استصدار الزوجة حكماً من محكمة الأحوال الشخصية بتطليقها من زوجها لأن هذا الحكم قد صدر على ما هو واضح من بيانات الحكم المطعون فيه بتاريخ 26 مارس سنة 1957 أي بعد نشوء الدين بأكثر من سنتين ومن المقرر فقهاً وقضاًء في فرنسا أن طلاق الزوجين لا أثر له على حقوق الدائنين التي اكتسبوها قبل الزوجين أثناء قيام الزوجية ويتعين الوفاء بهذه الديون من الأموال المشتركة قبل إجراء أية قسمة بين الزوجين.
وحيث إن هذا النعي صحيح ذلك أن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه بملكية الزوجة المطعون عليها الأولى للمنقولات التي حجز عليها الطاعن لاستيفاء دينه قبل الزوج على قوله "وحيث إن الزواج وفقاً لأحكام القانون الفرنسي الذي ينظم العلاقة بين الزوجين المستأنف عليهما فيما بينهما كما يتم طبقاً لنظام الاشتراك في الأموال قد يقع أيضاً على أساس انفصال الذمة وفقاً لشروط العقد بينهما ولما كانت الزوجة تعارض دعوى المستأنف (الطاعن) بأنها تزوجت على نظام اشتراك الأموال ولم يبد زوجها دفاعاً في هذا الموضوع ولم يقدم المستأنف دليلاً على صحة قواه إلا تلك العبارة التي سبقت الإشارة إليها في كتاب محامي الزوج المؤرخ 10/ 12/ 1955 بأن مفروشات المنزل المملوك للزوجين توفى أضعاف المبلغ المطالب به وهي عبارة لا تدل بذاتها على سابقة الزواج على نظام اشتراك الأموال وإنما تنصرف إلى مجرد كفاية المنقولات التي يحتويها المسكن الذي يقيمان فيه وقد خلت أوراق الدعوى من كل دليل على زواجهما على نظام الاشتراك في المال بل أن هناك دلائل كثيرة تنفيه أولها إقرار الزوج المؤرخ 24/ 5/ 1947 والثابت التاريخ في 11/ 6/ 1947 قبل نشوء الدين المنفذ به بمدة طويلة بأن جميع المنقولات التي يحويها السكن الذي تقيم فيه الزوجة إنما هي ملك لها خاصة دون سواها وثانيهما إقامة كل منهما في مسكن يخالف مسكن الآخر وذلك بدلالة إعلان دعوى المديونية والحكم الصادر فيها لكل منهما في عنوان يخالف الآخر وأخيراً إقامة دعوى الانفصال وصدور حكم الطلاق بينهما في الدعوى رقم 3213 سنة 955 كلي أحوال شخصية الإسكندرية في وقت معاصر لدعوى المديونية وبقاء المنقولات بما فيها ما حجز عليه في مسكن الزوجة وحيازتها دون أن يطلب الزوج منها شيئاً أو يدعيه لنفسه يضاف إلى ذلك ما شهد به شهوداً من أن تلك المنقولات ملكها خاصة إذ اقتنتها من كسب يديها مما يؤخذ منه جميعاً أن ملكية هذه المنقولات برمتها بما فيها ما وقع الحجز عليه إنما هي معقودة للزوجة وحدها ولا شيء فيها لزوجها وما دامت قد أوفت نصيبها في الدين المنفذ به فإن بقاء الحجز عليها يغدو في غير محله وينبغي تبعاً إلغاؤه" وهذا الذي قرره الحكم وأقام عليه قضاءه غير صحيح في القانون ذلك أن الأصل بحسب أحكام القانون المدني الفرنسي أن تخضع أموال الزوجين لنظام الاشتراك communauté الذي نظمت قواعده المادة 1399 وما بعدها وقد أجاز المشرع الفرنسي للزوجين اللذين يريدان الخروج على قواعد هذا النظام كلها أو بعضها أن يعلنا رغبتهما هذه في مشارطة يعقد أنها ويبينان فيها النظام المالي الذي اختاراه وهذه المشارطة يطلق عليها بالفرنسية contrat de mariage  وهي غير وثيقة الزواج التي يتم بها الزواج acte de mariage ويوجب القانون تحرير تلك المشارطة أمام الموثق وقبل الزواج فإذا لم يستعمل الزوجان هذه الرخصة ولم يحررا مشارطة من هذا القبيل خضعت أموالهما حتماً لنظام الاشتراك باعتباره أثراً من الآثار التي يرتبها القانون أصلاً على الزواج ويمتنع عليهما في هذه الحالة أن يعدلا من القواعد التي وضعها القانون لهذا النظام باتفاقات خاصة يعقدانها فيما بينهما بعد الزواج لأن تلك القواعد تعتبر غير قابلة للتغيير بإرادة الزوجين ما دامت الزوجية قائمة وتبعاً لذلك لا يعتد بما يصدر منهما بعد الزواج من اتفاقات أو إقرارات يكون القصد منها إخراج أي عنصر من عناصر المال المشترك من نظام الاشتراك واعتباره مملوكاً ملكية خاصة لأحدهما لما كان ذلك وكان من مقتضى نظام الاشتراك أن يعتبر ما لا مشتركاً بين الزوجين جميع المنقولات التي كان يملكها كل منهما وقت الزواج وكذلك المنقولات التي يقتنيها أحدهما أثناء قيام الزوجية ولو كان قد دفع ثمنها من إيراد خاص حصل عليه من عمله الشخصي ويحق لدائني الزوج التنفيذ على جميع الأموال المشتركة لاستيفاء ديونهم منها لما كان ما تقدم وكان تطبيق هذه القواعد على وجهها الصحيح في النزاع المطروح يقتضي ألا يعتد بادعاء الزوجة المطعون عليها الأولى للمقولات المحجوز عليها ملكية خاصة وبطلبها بطلان الحجز الذي أوقعه الطاعن على هذه المنقولات لاستيفاء دينه قبل الزوج إلا إذا قدمت هي الدليل على أنها عقدت مع زوجها قبل الزواج مشارطة تتضمن خروجهما على نظام الاشتراك ولا يغير من الأمر صدور حكم للزوجة بالتطليق من زوجها إذ أن هذا الحكم وقد صدر على ما هو ظاهر من بيانات الحكم المطعون فيه - بتاريخ 26/ 3/ 1957 بفصم عقد الزواج المبرم بين الزوجين بتاريخ 8/ 3/ 1927 لا يؤثر على حق الطاعن الذي نشأ قبل صدوره وأثناء قيام الزوجية وتعلق هذا الحق بالأموال المشتركة لما كان ما تقدم كله فإن الحكم المطعون فيه إذ خالف هذا النظر واعتبر أن زواج المطعون عليها لم يتم على أساس نظام الاشتراك بغير أن تقدم هي الدليل المقبول قانوناً على ذلك واستناداً إلى ما قاله من أن الطاعن لم يقدم الدليل على أن زواجها تم على أساس ذلك النظام مع أنه غير ملزم بتقديمه وإلى الإقرار الصادر من الزوج في سنة 1947 أثناء قيام الزوجية مع أن هذا الإقرار لا يكون له أي أثر إذا ما عجزت الزوجة عن تقديم الدليل سالف الذكر وإلى باقي القرائن التي سردها والتي لا تغني عن تقديم هذا الدليل فإن الحكم يكون مخالفاً للقانون بما يستوجب نقضه.

الأربعاء، 2 سبتمبر 2020

الطعنان 14 لسنة 19 ق ، 2 لسنة 20 ق جلسة 22 / 12 / 1951 مكتب فني 3 ج 3 رجال قضاء ق 1 ص 719

جلسة 22 من ديسمبر سنة 1951

برياسة حضرة صاحب السعادة أحمد حلمي باشا وكيل المحكمة وبحضور حضرات أصحاب العزة أحمد حسني بك وعبد المعطي خيال بك وعبد الحميد وشاحي بك وسليمان ثابت بك وإبراهيم خليل بك ومحمد نجيب أحمد بك ومصطفى فاضل بك وإسماعيل مجدي بك وعبد العزيز سليمان بك وباسيلي موسى بك المستشارين.

-----------------
(1)
القضيتان رقما 14 سنة 19 قضائية و2 سنة 20 قضائية

 (1)ترقية.

الترقية إلى درجة وكيل محكمة وما يعادلها وما فوقها. أساسها الأهلية وعند التساوي تراعى الأقدمية. تطبيق هذه القاعدة ليس من إطلاقات السلطة التنفيذية. المادة 23 من قانون استقلال القضاء.
 (2)تقرير الطعن.

وجوب اشتمال تقرير الطعن على الأسباب التي بني عليها - لا يغني عن هذا البيان لإحالة على الأسباب المذكورة في تقرير الطعن للطالب في مرسوم سابق ولا بيان هذه الأسباب في مذكرته الشارحة. المادة 23 من قانون استقلال القضاء والمادة 429 من قانون المرافعات.

---------------

(1)إنه وإن كان لوزارة العدل كامل السلطة في وضع درجات للأهلية وتقدير أهلية كل من رجال القضاء بحسب ما يتجمع لديها من معلومات تستمدها من واقع أعماله وما تدل عليه تقارير التفتيش عنه وسائر الأوراق المودعة ملفه الخاص، وتقديرها في هذا الشأن هو مما تستقل به متى كان يستند إلى ما هو ثابت بأوراق الملف المشار إليه، إلا أن المادة 23 من قانون استقلال القضاء إذ نصت في الفقرة الأخيرة منها على "أنه يجري الاختيار في الوظائف الأخرى (أي وظائف وكلاء المحاكم وما يعادلها وما فوقها) على أساس الأهلية وعند التساوي تراعى الأقدمية" قد شرعت قواعد في هذا الخصوص يجب مراعاتها وفي الانحراف عنها مخالفة للقانون ومن لا يكون الأمر في تطبيق هذه القواعد من إطلاقات الوزارة تباشره بلا معقب عليها وإلا لكان التظلم من الإخلال بها عبثاً لا جدوى منه. وإذن فمتى كان يبين من مراجعة أوراق الملف السري الخاص بالطالب وما احتواه من تقارير عن درجة أهليته ومقارنة ذلك كله بالبيانات الرسمية المستخرجة بناء على أمر هذه المحكمة من واقع السجل السري لرجال القضاء الذين تناولتهم الترقية بمقتضى المرسوم المطعون فيه ممن كانوا يلون الطالب في الأقدمية - يبين من هذه المقارنة أن الطالب بالأقل مساو في الأهلية لزميله الذي كان يليه في الأقدمية ورقي بمقتضى المرسوم المطعون فيه ولم يقم دليل على وجود مسوغ لهذا التخطي، ومن ثم فإنه يتعين إلغاء المرسوم المطعون فيه لمخالفته للمادة سالفة الذكر وكذلك ما ترتب عليه من قرارات وزارية.
 (2)إن المادة 23 من قانون نظام القضاء إذ أوجبت أن يتبع في تقديم الطلبات من رجال القضاء بإلغاء المراسيم المتعلقة بإدارة القضاء القواعد والإجراءات المقررة للطعن في المواد المدنية، فإن من مقتضى هذا أن المادة 429 من قانون المرافعات تسري في هذه الحالة وهي توجب أن يشتمل تقرير الطعن على بيان الأسباب التي بني عليها ولا يغني عن بيانه فيه الإحالة على ما ذكره الطالب في تقرير طعن له في مرسوم سابق، ولا بيان هذه الأسباب في مذكرته الشارحة، أما ما يرد به الطالب من أن المرسوم المطعون فيه إنما هو أثر من آثار المرسوم السابق الذي يبن في طلبه السابق أسباب طعنه فيه، هذا الرد لا يبرر قبول طلبه الحالي الذي لم يراع فيه الأوضاع الشكلية المقررة قانوناً. على أنه لا يمكن اعتباره طلباً عارضاً مترتباً على طلب السابق بحيث يصح قبوله دون تقيد بإجراءات الطعن الواجب إتباعها، ذلك أن المرسوم 14 من فبراير سنة 1950 يتضمن هو الآخر تخطي الطالب في الترقية إلى درجة وكيل محكمة من الفئة "ب" ولا يتناول بالترقية إلى درجة وكيل محكمة من الفئة ( أ ) أحداً ممن كانوا يلون الطالب في الأقدمية قبل صدور مرسوم 26 سبتمبر سنة 1949 فالطعن فيه هو طعن مستقل عن الطعن في المرسوم السابق إذ هو لا يعتبر أثراً من آثاره وإن كان قبول الطعن في المرسوم السابق من شأنه أن يجعل الطعن في المرسوم الجديد عدم الجدوى ومن ثم يتعين الحكم بعدم قبول هذا الطلب شكلاً.


الوقائع

في 5 من نوفمبر سنة 1949 طعن الأستاذ.... القاضي في المرسوم الصادر في 26 من سبتمبر سنة 1949 والمنشور في الوقائع المصرية بتاريخ 10 من أكتوبر سنة 1949 بالعدد رقم 130 والخاص بإجراء تعيينات وتنقلات وانتدابات قضائية بالمحاكم الوطنية وذلك بتقرير طلب فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء المرسوم المشار إليه فيما تضمنه من تركه في الترقية إلى درجة أعلى وكذلك إلغاء جميع القرارات المترتبة عليه من ترقيات إدارية ونحوها مع إلزام المدعى عليهما بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة مع حفظ كافة حقوقه. وفي 6 من نوفمبر سنة 1949 أعلن المدعى عليهما بتقرير الطعن، وفي 24 من الشهر المذكور أودع الطالب أصل ورقة إعلان المدعى عليهما بتقرير الطعن ومذكرة شارحة وحافظة بمستنداته، وفي 15 من ديسمبر سنة 1949 أودعت وزارة العدل مذكرة بدفاعها طلبت فيه رفض الطلب مع إلزام الطالب بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة، كما قدمت حافظة بمستنداته، وفي 27 من ديسمبر سنة 1949 أودع الطالب مذكرة بملاحظاته على الرد، وفي 14 من مايو سنة 1950 وضعت النيابة العامة مذكرتها وقالت فيها بقبول الطلب شكلاً ومع ما تراه من خلوه بحالته من الدليل مما يستدعي رفضه فإنها بصفة احتياطية وفي شأن طلب ضم الأوراق المطلوبة قبل الفصل في الطعن لا ترى مانعاً من ضم دفاتر الطبع إذا ما رأت المحكمة الاطلاع عليها وضم غيرها من أوراق الحركة المطعون عليها فما خلا الملفات السرية لحضرات القضاة الذين تناولتهم الترقية. وقد قيد هذا الطعن بجدول المحكمة برقم 14 سنة 19 ق "رجال القضاء". وبجلسة 4 من يونيه سنة 1950 المعينة لنظره قررت المحكمة قبل الفصل في الطلب تكليف وزارة العدل بتقديم بيانات مطابقة للأصل من واقع السجل السري لحضرات رجال القضاء الذين رقوا بمقتضى المرسوم المطعون فيه ممن كانوا يلون الطالب في الأقدمية وحددت للمرافعة جلسة 22 من أكتوبر سنة 1950 وألزمت الوزارة بإيداع البيانات المطلوبة إلى ما قبل الجلسة المذكورة بثلاثة أسابيع، وقد نفذت وزارة العدل هذا القرار وفي يوم 16 من مارس سنة 1950 طعن الطالب. بموجب قرار إعفاء من الرسوم رقم 4 سنة 20 ق - في المرسوم الملكي الصادر في 14 من فبراير سنة 1950 بإجراء حركة قضائية بالمحاكم والمنشور في عدد الوقائع الرسمية رقم 21 الصادر في 16 من فبراير سنة 1950 وذلك بتقرير طلب فيه إلغاء المرسوم المذكور فيما تضمنه من تخطيه في الترقية. وفي 18 من مارس سنة 1950 أعلن المدعى عليهما بتقرير الطعن، وفي أول إبريل سنة 1950 أودع الطالب أصل ورقة إعلان المدعى عليهما بتقرير الطعن ومذكرة شارحة وحافظة بمستنداته وفي 20 من إبريل سنة 1950 أودعت وزارة العدل مذكرة بدفاعها طلبت فيها أصلياً الحكم ببطلان الطعن لخلو التقرير من بيان الأسباب التي بني عليها، واحتياطياً رفض الطعن مع إلزام الطاعن في جميع الحالات بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة، وفي 10 من مايو سنة 1950 أودع الطالب مذكرة بملاحظاته على الرد، وفي 21 من مايو سنة 1950 أودعت وزارة العدل مذكرة بملاحظاتها على رد الطالب، وفي 27 من أغسطس سنة 1950 وضعت النيابة العامة مذكرتها وقالت فيها - أولاً - بعدم قبول هذا الطعن شكلاً - وثانياً - في حالة قبوله شكلاً رفضه موضوعاً وإلزام الطاعن بالمصروفات وقد قيد هذا الطعن بجدول المحكمة برقم 2 سنة 20 ق "رجال القضاء" وحدد لنظره جلسة 3 من نوفمبر سنة 1951 التي حددت أخيراً لنظر الطلب رقم 14 سنة 19 ق وفيها قررت المحكمة ضم الطلب رقم 2 سنة 20 ق "رجال القضاء" إلى الطلب الأول لارتباطه به والتأجيل لجلسة 8 من ديسمبر سنة 1951 مع تبادل المذكرات إلى ما قبل الجلسة بأسبوع، وقد قدمت المذكرات التكميلية من الطرفين والنيابة. وبجلسة 8 من ديسمبر سنة 1951 سمعت المرافعة كالمبين بمحضر الجلسة والمحكمة أرجأت إصدار الحكم إلى جلسة اليوم.


المحكمة

عن الطلب رقم 14 سنة 19 ق "رجال القضاء".
من حيث إن الطلب قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن الطالب يبني طلبه على أنه حصل على إجازة الليسانس في القانون عام 1921. ثم اشتغل بالمحاماة حوالي ثلاث سنين، وفي سنة 1924 عين مساعد للنيابة ثم درج في مختلف وظائف النيابة والقضاء حتى عين قاضياً من الدرجة الأولى في سبتمبر سنة 1946، وفي 26 من سبتمبر سنة 1949 صدر المرسوم المطعون فيه متخطياً إياه في الترقية إلى درجة وكيل محكمة من الفئة "ب"، ومما ينعاه على هذا المرسوم في أسباب طعنه أنه خالف في شأنه الفقرة الأخير من المادة 23 من قانون استقلال القضاء التي جعلت الأهلية أساساً للترقية إلى وظيفة وكيل محكمة أو ما يعادلها ونصت على أنه في حالة تساوي المرشحين من القضاة في الأهلية تراعى الأقدمية، ويقول إن أهليته ثابتة بشهادة الرؤساء النيابة الذين سبق له العمل معهم ومن تقارير التفتيش المقدمة عنه وعلى الخصوص تقرير التفتيش الأخير عن أعماله حين كان رئيساً للدائرة التجارية بمحكمة طنطا، وأن من رقوا في نفس المرسوم ممن كانوا يلونه في كشف الأقدمية وهم ثلاثة عشر يبدأون بالأستاذ..... ولا يمتازون عنه في الأهلية مما كان يقتضي معه أن تشمله الترقية قبلهم، وانتهى إلى طلب إلغاء المرسوم المشار إليه فيما تضمنه من عدم ترقيته وإلغاء جميع القرارات الإدارية المترتبة عليه مع إلزام المدعى عليهما بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
ومن حيث إن الوزارة ردت على هذا السبب بأن تقرير الأهلية لا يبنى على تقرير واحد بل على مجموع التقارير وعلى ما تقدم إلى الوزير من معلومات يستقيها من المنظمات التي أنشأها القانون لتمده بالرأي وأن مهمة إدارة التفتيش تنحصر في جمع البيانات التي تساعد على معرفة درجة كفاية القضاة ومدى حرصهم على واجبات وظيفتهم وأن الأهلية لا تنحصر في الكفاية الفنية فحسب بل تشمل عناصر أخرى تكون الصلاحية للترقية وهي تتضمن النواحي العملية والفنية والإدارية والأخلاقية للقاضي وتقدير هذه الأهلية هو حق مطلق للوزارة بدليل أن المادة 23 من قانون استقلال القضاء - جاءت خلواً من تعريف الأهلية مما يستتبع وجوب إطلاق السلطة للوزارة في تقديرها، وقد عرضت الوزارة الحركة القضائية موضوع المرسوم المطعون فيه على المجلس القضاء فأقرها عليها والوزارة إذ هي لم تختر الطالب ضمن من اختارتهم للترقية فقد فعلت ذلك إعمالاً منها لحقها في التقدير والاختيار وترى النيابة أن الوزارة هي التي تقرر كفاية القاضي ومدى صلاحيته للترقية وتقديرها في هذا الشأن لا معقب عليه متى خلا من مخالفة القانون وأن الوزارة لم تجاوز وهي بسبيل إعداد مرسوم الحركة المطعون فيه حدود سلطتها ومن ثم فلا مخالفة للقانون.
ومن حيث إن ما يدفع به المدعى عليهما من أن تقدير أهلية رجال القضاء واختيار المستحقين منهم للترقية هو حق مطلق للوزارة تستعين في مباشرته برأي المنظمات التي أوجب القانون أخذ رأيها في الحركة القضائية دون أن يكون لهذه المحكمة رقابة عليها في استعماله - هذا الدفاع مردود بأنه وإن كان للوزارة كامل السلطة في وضع درجات للأهلية وتقدير أهلية كل من رجال القضاء بحسب ما يتجمع لديها من معلومات تستمدها من واقع أعماله وما تدل عليه تقارير التفتيش عنه وسائر الأوراق المودعة ملفه الخاص وتقديرها في هذا الشأن هو مما تستقل به متى كان يستند إلى ما هو ثابت بأوراق الملف المشار إليه، إلا أن المادة 23 من قانون استغلال القضاء إذ نصت في الفقرة الأخيرة منها على "أنه يجري الاختيار في الوظائف الأخرى (أي وظائف وكلاء المحاكم وما يعادلها وما فوقها) على أساس الأهلية وعند التساوي تراعى الأقدمية" قد شرعت قواعد هذا الخصوص يجب مراعاتها وفي الانحراف عنها مخالفة للقانون ومن ثم لا يكون الأمر في تطبيق هذه القواعد من إطلاقات الوزارة تباشره بلا معقب عليها وإلا لكان التظلم من الإخلال بها عبثاً لا جدوى منه.
ومن حيث إنه يبين من مراجعة أوراق الملف السري الخاص بالطالب وما احتواه من تقارير عن درجة أهليته ومقارنة ذلك كله بالبيانات الرسمية المستخرجة بناء على أمر هذه المحكمة من واقع السجل السري لرجال القضاء الذين تناولتهم الترقية بمقتضى المرسوم المطعون فيه ممن كانوا يلون الطالب في الأقدمية - يبين من هذه المقارنة أن الطالب بالأقل مساو في الأهلية للأستاذ... الذي كان يليه في الأقدمية ورقي بمقتضى المرسوم المطعون فيه، ولم يقم دليل عن وجود مسوغ لهذا التخطي. ومن ثم يتعين إلغاء المرسوم المطعون فيه لمخالفته للمادة سالفة الذكر وكذلك ما ترتب عليه من قرارات وزارية.

(عن الطلب رقم 2 سنة 20 ق(
من حيث إن الطالب قرر في 16 من مارس سنة 1950 الطعن في المرسوم الصادر في 14 من فبراير سنة 1950 بإجراء حركة قضائية بالمحاكم والمنشور في عدد الوقائع المصرية الصادر في 16 من فبراير سنة 1950 لما تضمنه من تخطيه في الترقية إلى درجة أعلى. وقال في تقريره إنه يحيل في أسباب طعنه على ما ذكره تفصيلاً في تقرير طعن سابق له في المرسوم الصادر في 26 من سبتمبر سنة 1949 بإجراء حركة قضائية، ثم قدم مذكرة شارحة بإمضائه لم يوقعها أحد من المحامين ذكر فيها أن الوزارة رقت في المرسوم المطعون فيه اثنين من زملائه ممن يلونه في الأقدمية بحجة امتيازهما في الأهلية في حين أن القانون اكتفى في شأن الترقية إلى درجة وكيل محكمة وما فوقها بالأهلية فقط، يدل على ذلك أن الشارع حين أراد أن يجعل للامتياز أثراً في الترقية من قاض من الدرجة الثانية إلى قاض من الدرجة الأولى نص على ذلك صراحة ووضع الوسائل الكفيلة بتقدير هذا الامتياز.
ومن حيث إن المدعى عليهما والنيابة دفعوا ببطلان تقرير هذا الطعن لأنه خلو من الأسباب التي بني عليها ولأنه لا عبرة بما جاء في المذكرة الشارحة من أسباب إذ فضلاً عن أنها خالية من توقيع محامي الطاعن. ولذلك يجب استبعادها. فإن أسباب الطعن يجب أن تبين ابتداء في التقرير ولا يغني عن ذلك بيانها في المذكرة الشارحة.
ومن حيث إن هذا الدفع في محله، ذلك أن المادة 23 من قانون نظام القضاء إذ أوجبت أن يتبع في تقديم الطلبات من رجال القضاء بإلغاء المراسيم المتعلقة بإدارة القضاء القواعد والإجراءات المقررة للطعن في المواد المدنية، فإن من مقتضى هذا أن المادة 429 من قانون المرافعات تسري في هذه الحالة وهي توجب أن يشتمل تقرير الطعن على بيان الأسباب التي بني عليها ولا يغني عن بيانها فيه الإحالة على ما ذكره الطالب في تقرير طعن له في مرسوم سابق، ولا بيان هذه الأسباب في مذكرته الشارحة، أما ما يرد به الطالب على هذا الدفع من أن المرسوم المطعون فيه إنما أثر من آثار المرسوم السابق الذي بين في طلبه السابق أسباب طعنه فيه - هذا الرد لا يبرر قبول طلبه الحالي الذي لم يراع فيه الأوضاع الشكلية المقررة قانوناً. على أنه لا يمكن اعتباره طلباً عارضاً مترتباً على طلبه السابق بحيث يصح قبوله دون تقيد بإجراءات الطعن الواجب إتباعها. ذلك أن مرسوم 14 من فبراير سنة 1950 يتضمن هو الآخر تخطي الطالب في الترقية إلى درجة وكيل محكمة من الفئة "ب" ولا يتناول بالترقية إلى درجة وكيل محكمة من الفئة "أ" أحداً ممن كانوا يلون الطالب في الأقدمية قبل صدور مرسوم 26 من سبتمبر سنة 1949 فالطعن فيه هو طعن مستقل عن الطعن في المرسوم السابق. إذ هو لا يعتبر أثراً من آثاره وإن كان قبول الطعن في المرسوم السابق من شأنه أن يجعل الطعن في المرسوم الجديد عدم الجدوى.
ومن حيث إنه لما سبق يتعين الحكم بعدم قبول هذا الطلب شكلاً.


الطعن 206 لسنة 19 ق جلسة 3 / 1 / 1952 مكتب فني 3 ج 2 ق 58 ص 344

جلسة 3 يناير سنة 1952

برئاسة حضرة صاحب السعادة أحمد حلمي باشا وكيل المحكمة، وبحضور حضرات أصحاب العزة: عبد المعطي خيال بك وسليمان ثابت بك ومحمد نجيب أحمد بك وأحمد العمروسي بك المستشارين.
------------
(58)
القضية رقم 206 سنة 19 القضائية

نقض:
(أ ) حكم. صحته على غير الأسباب التي أقيم عليها الطعن. ليست وجهاً لعدم قبوله شكلاً. هي سبب لرفضه موضوعاً.
(ب) حكم. قبوله المانع من الطعن فيه. شرطه. حكم بإحالة الدعوى على دائرة الإيجارات. حضور المحكوم عليه أمام هذه الدائرة ومرافعته في الدعوى. لا يعتبر قبولاً. هذا حكم واجب النفاذ قانوناً.
(ج) طعن وارد على إحدى الدعامتين المقام عليهما الحكم. الدعامة الأخرى كافية وحدها لحمله. طعن غير منتج.

-----------
1 - إن صحة حمل الحكم على غير الأسباب التي أقيم عليها الطعن لا تعتبر وجهاً لعدم قبوله شكلاً بل هي تكون سبباً لرفضه موضوعاً.
2 - يشترط في القبول الضمني للحكم أن يكون بقول أو عمل أو إجراء يدل دلالة واضحة لا تحتمل الشك على ترك الحق في الطعن فيه. فلا يصح أن يستخلص قبول المحكوم عليه للحكم القاضي بإحالة الدعوى على الدائرة المختصة بقضايا الإيجارات من مجرد مرافعته أمام محكمة الإحالة في هذه الدعوى إذ هذا الحكم واجب النفاذ قانوناً.
3 - إذا كان الحكم مقاماً على دعامتين، مستقلة كلتاهما عن الأخرى، وكان الطعن وارداً على إحداهما ولا مساس له بالأخرى وكانت الدعامة الأخرى كافية وحدها لحمل قضائه، كان هذا الطعن غير منتج.


الوقائع

في يوم 19 من ديسمبر سنة 1949 طعن بطريق النقض في حكم محكمة استئناف القاهرة الصادر في 8 من مايو سنة 1949 في الاستئناف رقم 185 - 66 ق وذلك بتقرير طلبت فيه الطاعنة الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه والقضاء أصلياً باختصاص الدائرة الثانية عشرة بمحكمة مصر الابتدائية بنظر الدعوى باعتبار أن عقد الإيجار المؤرخ في 19 من إبريل سنة 1936 يخضع في تحديد حقوق طرفيه إلى أحكام القانون رقم 121 سنة 1947 بشأن إيجار الأماكن وتنظيم العلاقات بين المؤجرين والمستأجرين وبعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها في القضية رقم 2765 - 70 ق من محكمة مصر الابتدائية المختلطة بتاريخ 18 من إبريل سنة 1946 و12 من يونيه سنة 1947 واحتياطياً رفض الدعوى. ومن باب الاحتياط الكلي إحالة القضية على محكمة الاستئناف للفصل فيها مجدداً من دائرة أخرى وإلزام المطعون عليهم بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن الدرجات الثلاث. وفي 24 من ديسمبر سنة 1949 أعلن المطعون عليهم بتقرير الطعن. وفي 8 من يناير سنة 1950 أودعت الطاعنة أصل ورقة إعلان المطعون عليهم بالطعن وصورة مطابقة للأصل من الحكم المطعون فيه ومذكرة بشرح أسباب الطعن وحافظة بمستنداتها. وفي 28 منه أودع المطعون عليهم مذكرة بدفاعهم مشفوعة بمستنداتهم طلبوا فيها أصلياً الحكم بعدم قبول الطعن واحتياطياً برفضه وإلزام الطاعنة بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وفي 12 من فبراير سنة 1950 أودعت الطاعنة مذكرة بالرد وفي 25 منه أودع المطعون عليهم مذكرة بملاحظاتهم على الرد.. وفي 7 من أكتوبر سنة 1951 وضعت النيابة العامة مذكرتها وقالت فيها أولاً برفض الدفعين بعدم قبول الطعن وبقبوله شكلاً وثانياً برفضه موضوعاً وإلزام الطاعنة بالمصروفات. وفي 20 من ديسمبر سنة 1951 سمعت الدعوى على ما هو مبين بمحضر الجلسة حيث صمم محاميا الطرفين والنيابة العامة على ما جاء بمذكراتهم. والمحكمة أرجأت إصدار الحكم إلى جلسة اليوم.


المحكمة

.... من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن الوقائع تتحصل حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن في أن المطعون عليهم رفعوا الدعوى رقم 2529 سنة 1948 كلي مصر أمام الدائرة المختصة بنظر قضايا الإيجارات بمحكمة مصر على الطاعن عن نفسه وبصفته رئيس مجلس إدارة الشركة الشرقية للسينما ونيقولا جاللى وابزيدور ليفي وطلبوا فيها الحكم بإلزام الطاعن في مواجهة الآخرين بإخلاء العين المؤجرة المبينة بعقد الإيجار المؤرخ في 19 من إبريل سنة 1936 وتسليمها إليهم بما عليها من مبان وملحقات وقالوا شرحاً لدعواهم أنه في 19 من إبريل سنة 1936 أجروا قطعة أرض فضاء مساحتها 735 متراً مبينة الحدود بالعقد إلى نيقولا جاللى الايطالي الجنسية ليقيم عليها دار للسينما بمبان ثابتة وما يتعبها من ملحقات ودكاكين حسب رغبته لمدة ثمان سنوات من أول يونيه سنة 1936: 31 من مايو سنة 1944 بإيجار شهري مقداره ثمانية جنيهات عن السنوات الخمس الأولى وخمسة عشرة جنيهاً عن ثلاث السنوات التالية وأنهم استصدروا حكماً بالإخلاء في الدعوى رقم 589 سنة 1947 المنيا ضد نيقولا جاللى إلا أن الطاعن استشكل في تنفيذه بحجة أنه مستأجر بموجب عقد إيجار محرر في ديسمبر سنة 1946 صادر له من ليفي الذي استأجر بدوره من نيقولا جاللى، وقضى بقبول الإشكال ووقف تنفيذ الحكم - وأسسوا دعواهم على أن عقد الإيجار المحرر بينهم وبين المستأجر الأصلي منه يحرم التأجير من الباطن لمدة تزيد على مدة العقد الأصلي - وفي 23 من يناير سنة 1949 قضت المحكمة بإحالة الدعوى على الدائرة الخامسة لجلسة 23 من يناير سنة 1949 لاختصاصها بنظرها وأقامت قضاءها على أن القانون رقم 121 سنة 1947 استثنى من نطاق تطبيقه الأرض الفضاء بمقتضى المادة الأولى منه، كما نص في المادة الخامسة عشرة منه على أن تظل المنازعات المدنية الأخرى التي تنشأ بين المؤجر والمستأجر خاضعة للقواعد القانونية العامة. وأنه لا يغير من هذا النظر أن الأرض الفضاء المؤجرة قد اتفق على إقامة مبان عليها إذ أن ذلك لا يؤثر على طبيعة العقد فإنه ينصب على أرض فضاء. فاستأنف الطاعن هذا الحكم وطلب الحكم بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف بكامل أجزائه والقضاء باختصاص دائرة الإيجارات بنظرها وإحالتها عليها للفصل فيها من جديد مع إلزام المستأنف عليهم بالمصاريف فدفع المستأنف عليهم بعدم جواز الاستئناف لأسباب ذكروها. وفي 8 من مايو سنة 1949 قضت محكمة الاستئناف برفض هذا الدفع وبقبول الاستئناف شكلاً وبرفضه موضوعاً وتأييد الحكم المستأنف لأسبابه ولما أضافته عليها من أسباب. فقرر الطاعن الطعن فيه بطريق النقض.
ومن حيث إن المطعون عليهم دفعوا بعدم قبول الطعن لسببين: يتحصل أولهما في أن الحكم المطعون فيه يصح حمله على غير الأسباب التي ينصب عليها الطعن إذ ورد به "إن قانون إيجارات الأماكن الذي تبني الشركة "الطاعنة" دفاعها على أساسه يشترط لجواز الإفادة من أحكامه أن يكون التأجير من الباطن حاصلاً بتصريح كتابي من المؤجر وقت التأجير متى كان عقد الإيجار سابقاً على 30 من ديسمبر سنة 1943 ولا يغني عن التصريح الخاص ما يتضمنه عقد الإيجار الأصلي من تصريح عام ولا ريب أن المرجع في تحديد العلاقة بين المالك أو المؤجر الأصلي وبين المستأجر من الباطن أو المتنازل إليه عن الإجارة هو القانون المعمول به حالياً لأنه وحده هو الذي ينظم العلاقة بين المستأجرين والمؤجرين" وأنه لما كانت هذه الأسباب كافية لحمل الحكم ولم يطعن عليها الطاعن كان الطعن عليه، غير مقبول، ويتحصل السبب الآخر في أنه بعد صدور الحكم المطعون فيه في 8 من مايو سنة 1949 أحيلت الدعوى لجلسة 29 من مايو سنة 1949 على إحدى الدوائر الأخرى تنفيذاً للحكم المطعون فيه، وحضر الطرفان أمامها وأجلت القضية مراراً ثم حجزت للحكم وقدمت المذكرات ثم فتح باب المرافعة فيها وأحيلت أخيراً على محكمة عابدين الجزئية للفصل فيها. وحجزت أمامها للحكم ولم يفكر الطاعن في الطعن في الحكم إلا في 19 من ديسمبر سنة 1949 مما يفيد أنه قد رضي به رضاء يمتنع معه عليه الطعن فيه بالنقض.
ومن حيث إن هذا الدفع بسببيه مردود أولاً: بأن صحة حمل الحكم على غير الأسباب التي أقيم عليها الطعن لا تعتبر وجهاً لعدم قبوله شكلاً بل تكون سبباً لرفضه موضوعاً. وثانياً بأنه يشترط في القبول الضمني للحكم أن يكون بقبول أو حمل أو إجراء يدل دلالة واضحة لا تحمل الشك على ترك الحق في الطعن فيه. فلا يصح أن يستخلص قبول المحكوم عليه للحكم من المرافعة أمام محكمة الإحالة متى كان الحكم واجب النفاذ قانوناً كما هو الحال في الدعوى.
ومن حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إنه بني على سببين يتحصل أولهما في أن الحكم إذ فصل في النزاع على خلاف الحكم الصادر من محكمة مصر الابتدائية المختلطة في القضية رقم 2765 سنة 65 ق. أخطأ في القانون ذلك أن المطعون عليهم رفعوا الدعوى المشار إليها وطلبوا فيها الحكم بالإخلاء لانتهاء مدة التأجير ولأن العين المؤجرة أرض فضاء لا يستفيد مستأجرها بالحماية التي فرضها الأمر العسكري رقم 315 المعدل بالأمر رقم 598، فأصدرت المحكمة المذكورة حكمها في هذا النزاع في 18 من إبريل سنة 1946 قاضياً بصفة انتهائية برفض طلب الإخلاء على أساس على أن المطعون عليهم يمتلكون بحكم القانون وبحكم نص العقد المباني التي أقيمت على الأرض اعتباراً من 31 مايو سنة 1944 وأن الإيجار المتفق عليه يشمل إيجار هذه المباني وأن طلب الإخلاء والحالة هذه مما يتعارض مع نصوص الأمر العسكري المشار إليه، كما قضت بصفة انتهائية في 12 من يونيو سنة 1947 برفض طلب المطعون عليهم زيادة الأجرة المتفق عليها إلى ثمانين جنيهاً على أساس أن الأمر العسكري رقم 598 قد حدد تحديداً قاطعاً الأجرة القانونية التي يجب على المستأجر دفعها كما حدد الزيادة التي أباحها فلا يجوز للمطعون عليهم طلب زيادتها في غير الحدود التي أجازها الأمر العسكري السابق الإشارة إليه، وأنه لما كان الحكمان قد صدرا بين نفس الخصوم وحازا قوة الأمر المقضي بالنسبة إلى تحديد موضوع عقد الإيجار بحيث لا يجوز أن يعتبر العقد بعد ذلك منصباً على قطعة أرض فضاء تحدد حقوق طرفيه وفقاً للقانون العام بل أصبح عقد إيجار مبان تتحدد حقوق طرفيه وفقاً لقواعد القانون الخاص بتحديد العلاقات بين المؤجر والمستأجر، ومن ثم كان من المتعين على المحكمة أن تلتزم في قضائها هذين الحكمين وأنها إذ قررت أن موضوع الدعوى يخرج عن نطاق تطبيق القانون رقم 121 سنة 1947 الخاص بتحديد العلاقة بين المؤجرين - والمستأجرين أهدرت حجية الحكمين الصادرين من محكمة مصر المختلطة وبالتالي خالفت نص المادة 405 من القانون المدني.
ومن حيث إن السبب الآخر يتحصل في أن الحكم إذ قرر أن وجود المباني على الأرض لا يغير من طبيعة العقد ولا يجعل من مستأجرها مستحقاً لحماية الشارع بما تخوله القوانين الاستثنائية لمستأجري المساكن لما في طبيعتها من قيود. قد أخطأ في تطبيق القانون. ذلك لأنه من المسلم أنه إذا رخص للمستأجر في إقامة مبان على قطعة الأرض المؤجرة على أن تؤول ملكيتها عند انتهاء مدة الإجارة إلى المؤجر فإن ملكية المؤجر لهذه المباني تعتبر أنها مستقرة له ابتداء من تاريخ إقامتها وتغير في طبيعة موضوع العقد من أرض فضاء إلى أرض مقام عليها مبان ويؤكد هذا النظر اعتراف المطعون عليهم بأن عقد الإيجار قد شمل الأرض كما شمل المباني المقامة عليها.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه إذ قضى بعدم اختصاص دائرة الإيجارات وهى الدائرة المخصصة للفصل في المنازعات الناشئة عن تطبيق القانون رقم 121 سنة 1947. أقام قضاءه على دعامتين الأولى - أن القانون رقم 121 لسنة 1947 بشأن إيجارات الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجرين والمستأجرين لا تسري أحكامه عملاً بالمادة الأولى منه على الأراضي الفضاء، وأن موضوع العقد هو أرض فضاء - والأخرى - أن الطاعن بصفته وهو مستأجر من الباطن قد أستأجر المكان المؤجر بغير إذن كتابي صريح من المالك في تاريخ التأجير وأن التصريح العام في العقد الأصلي بالتأجير من الباطن لا يعمل به لأنه سابق على 22 من ديسمبر سنة 1943.
ومن حيث إنه لما كان الحكم يقوم على الدعامة الثانية وحدها التي لم يمنع عليها الطاعن يكون النعي في سببي الطعن على الدعامة الأولى وحدها غير منتج. والحكم فيما قرره بالنسبة إلى الدعامة الثانية لا يتعارض مع قضاء المحكمة المختلطة الصادر في 18 من إبريل سنة 1946 قبل العمل بالقانون رقم 121 سنة 1947 إذا لم يكن مطروحاً عليها موضوع عقد التنازل الصادر للطاعن الذي لم يكن خصماً في تلك الدعوى، ومن ثم يتعين رفض الطعن