الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 23 ديسمبر 2018

الطعن 57244 لسنة 76 ق جلسة 6 / 4 / 2013 مكتب فني 64 ق 62 ص 471

جلسة 6 من ابريل لسنة 2013
برئاسة السيد القاضي/ مصطفى صادق نائب رئيس المحكمة وعضويـة السادة القضاة / وجيـه أديب ، حمدي أبو الخير ، محمود خضر وبـدر خليفة نواب رئيس المحكمة .
--------------
(62)
الطعن 57244 لسنة 76 ق
 (1) حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
بيان الحكم واقعة الدعوى والتدليل على ثبوتها في حق الطاعن بأدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها . لا قصور .
مثال .
(2) تزوير " أوراق رسمية " " استعمال أوراق مزورة " . جريمة " أركانها " " الجريمة الوقتية " . دعوى جنائية " انقضاؤها بمضي المدة " . دفوع " الدفع بانقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة " . تقادم .
جريمة التزوير . وقتية . تنتهي بمجرد وقوعها . بدء سقوطها من ذلك التاريخ .
اعتبار يوم ظهور التزوير تاريخاً للجريمة . شرطه : ألا يقوم الدليل على وقوع التزوير في تاريخ سابق .
مثال لتسبيب سائغ في الرد على الدفع بانقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة في جريمتي تزوير واستعمال أوراق مزورة.
(3) جريمة " الجريمة المستمرة " . تقادم . تزوير " أوراق رسمية " .
الجريمة المستمرة . ماهيتها ؟
بدأ التقادم في الجريمة المستمرة . من تاريخ انتهاء حالة الاستمرار التي يتصف بها السلوك الإجرامي في هذا النوع من الجرائم.
(4) تزوير " أوراق رسمية " " استعمال أوراق مزورة " . جريمة " الجريمة المستمرة " . دعوى جنائية "انقضاؤها بمضي المدة " . تقادم.
جريمة استعمال ورقة مزورة . مستمرة . تبدأ بتقديمها والتمسك بها وتبقى مستمرة ما بقي ذلك التمسك .
حساب مدة سقوط الدعوى الجنائية في جريمة استعمال ورقة مزورة من تاريخ الكف عن التمسك بالورقة أو التنازل عنها أو الحكم بتزويرها .
(5) تزوير " استعمال أوراق مزورة " " أوراق رسمية " . دعوى جنائية " انقضاؤها بمضي المدة " . تقادم . جريمة " الجريمة المستمرة " .
تاريخ حجز الدعوى للحكم . يعتد به في حساب مدة التقادم باعتباره اليوم الذي انتهت فيه حالة الاستمرار التي يتصف بها السلوك الإجرامي في جريمتي التزوير في محاضر جلسات الدعوى المدنية واستعمال المحرر المزور .
ندب النيابة العامة مندوب الاستيفاء لسؤال الطاعن في الشكوى المقدمة ضده في جريمتي تزوير محاضر جلسات الدعوى المدنية واستعمال محرر مزور . اعتباره إجراء قاطع للتقادم . علة ذلك؟
مثال .
(6) جريمة " أركانها " . قصد جنائي . تزوير " استعمال أوراق مزورة " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
تحدث الحكم عن القصد الجنائي في جريمة التزوير والاستعمال صراحة . غير لازم . علة ذلك ؟
اطراح الحكم الدفع بانتفاء القصد الجنائي بأسباب كافية سائغة . لا قصور .
(7) مأمورو الضبط القضائي " اختصاصاتهم " . استدلالات . قانون " تفسيره " .
جمع الاستدلالات . عدم قصرها على مأموري الضبط القضائي . لمساعديهم القيام بذلك وتحرير محاضر بما أجروه . أساس ذلك ؟
 (8) تزوير " أوراق رسمية " . جريمة " أركانها " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب".
تغيير الحقيقة بطريق الغش بالوسائل التي نص عليها القانون . كفايته لتحقق جريمة التزوير في الأوراق الرسمية . حدوث الضرر لشخص معين . غير لازم . علة ذلك ؟
(9) تزوير " استعمال أوراق مزورة " . وكالة . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
مثال لرد سائغ على الدفع بحصول خطأ مادي في إثبات التوكيلات .
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل أمام محكمة النقض . غير جائز .
 (10) دفوع " الدفع بتلفيق التهمة " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " .
الدفع بتلفيق الاتهام . موضوعي . لا يستوجب رداً . استفادة الرد ضمناً من القضاء بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي أوردها الحكم.
(11) نقض " المصلحة في الطعن " . عقوبة " العقوبة المبررة " . ارتباط .
إدانة الطاعنين بجرائم تزوير محررات رسمية وإدانة الأول بجريمة استعمال محرر مزور وإيقاع عقوبة الجريمة الأشد للارتباط . صحيح.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 - لما كان الحكم المطعون فيه بيَّن واقعة الدعوى في قوله:" أن المتهمة الثانية .... طلبت من المتهم الأول ...... (محام) رفع دعوى مدنية (مساكن) باسمها وباسم شقيقتيهما .... ضد أحد المستأجرين لوحدة في العقار ملكهم يطلب الحكم بثبوت الضرر بسبب استعماله العين المؤجرة بطريقة ضارة بالعين في سبيل ذلك أمدته ببيانات الأخيرتين وقامت عن نفسها فقط بتحرير التوكيل الرسمي العام رقم .... لسنة .... للمتهم الأول والذي قام بإضافة اسم كل من .... و.... لذلك التوكيل وقام برفع الدعوى رقم .... لسنة .... مساكن .... بأسمائهن جميعاً ( المتهمة الثانية وشقيقتيها ) رغم عدم صدور توكيل له بذلك من شقيقتي المتهمة الثانية ومثل المتهم الأول أمام المحكمة التي نظرت أمامها الدعوى المشار إليها بذات التوكيل المشار إليه وأثبت حضوره بمحاضر جلساتها بوصفه وكيلاً عن المتهمة الثانية وعن شقيقتيها سالفتي الذكر رغم عدم صدور التوكيل المذكور من الأخيرتين وأنه صادر له فقط من المتهمة الثانية وقد ترتب على ذلك أن أصبح الحكم الصادر برفض الدعوى المشار إليها حجة على شقيقتي المتهمة الثانية سالفتي الذكر " ودلل على ثبوت الواقعة في حقهما بأدلة سائغة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه عليها .
2- لما كان الحكم قد رد على الدفع بانقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة قبل المتهمين لانقضاء عشر سنوات من تاريخ وقوعها واطرحه بقوله : " إن جريمة التزوير بطبيعتها جريمة وقتية تقع وتنتهى بمجرد التزوير في محرر بإحدى الطرق المنصوص عليها قانوناً ولذلك يجب أن يكون جريان مدة سقوط الدعوى بها من ذلك الوقت واعتبار يوم ظهور التزوير تاريخاً للجريمة محله ألَّا يكون قد قام الدليل على وقوعها في تاريخ سابق وأن جريمة استعمال الورقة المزورة جريمة مستمرة ما بقى مقدمها متمسكاً بالورقة أو التنازل عنها وأن تبيَّن تاريخ وقوع الجرائم عموماً هو ما يستقل به قاضى الموضوع كما أنه من المقرر أن المادتين 15 ، 17 من قانون الإجراءات الجنائية تقضى بانقضاء الدعوى الجنائية في مواد الجنايات بمضي عشر سنين من يوم وقوع الجريمة وتنقطع المدة بإجراءات التحقيق أو الاتهام أو المحاكمة وكذلك بالأمر الجنائي أو بإجراءات الاستدلالات إذ اتخذت في مواجهة المتهم أو إذا أخطر بها بوجه رسمي وتسرى المدة من جديد ابتداء من يوم وقوع الانقطاع ، وإذ كان ذلك ، وكان المتهم الأول قد قام برفع الدعوى رقم .... لسنة .... بناء على تكاليف المتهمة الثانية له بذلك ، وحضر المتهم الأول بالجلسة الأولى المحددة لنظرها وهي جلسة 6/3/1990 وأثبت بمحضر تلك الجلسة حضوره عن المدعيات فيها وهن المتهمة الثانية ، والمدعية بالحق المدني ، ومن تدعى .... رغم أن التوكيل رقم .... لسنة .... صادر من المتهمة الثانية عن نفسها فقط واستمر المتهم الأول في الحضور بجلسات الدعوى سواء بشخصه أو عن طريق محامين آخرين بذات التوكيل المشار إليه عن جميع المدعيات فيها حتى جلسة 10/5/1995 حيث تم حجزها للحكم لجلسة 28/2/1995 وقضى برفضها بتلك الجلسة الأخيرة ، وإذ كان ذلك الثابت من الأوراق أن نيابة .... بتاريخ 17/7/2004 ندبت مندوب استيفاء النيابة المذكورة لسؤال المتهم الأول في الشكوى المقدمة ضده وموضوعها هو موضوع الدعوى الراهنة وبناء على ذلك الندب قام مندوب الاستيفاء المذكور بسؤال المتهم الأول بتاريخ 14/10/2004 مما تضمنته الشكوى المقدمة ضده ، ومن ثم فإن هذا الإجراء الذى اتخذ في مواجهة المتهم الأول يقطع التقادم في حق المتهم الأول ويقطعه كذلك بالنسبة للمتهمة الثانية عملاً بنص المادة 18 من قانون الإجراءات الجنائية وعليه فإن مدة العشر سنوات لم تنقض بعد في تاريخ 14/10/2004 باعتبار أن تاريخ 10/1/1995 هو ميعاد حساب سريان مدة سقوط الدعوى الجنائية في الدعوى الراهنة ومن ثم يضحى الدفع قد جاء على غير أساس وترفضه المحكمة " ، وهو من الحكم سائغ وصحيح ، ذلك أن المقرر أن جريمة التزوير بطبيعتها وقتية تقع وتنتهي بمجرد وقوع التزوير في محرر بإحدى الطرق المنصوص عليها في القانون ولذا يجب أن يكون جريان مدة سقوط الدعوى بها من ذلك الوقت واعتبار يوم ظهور التزوير تاريخاً للجريمة محله ألَّا يكون قد قام الدليل على وقوعها في تاريخ سابق وأنه إذ دفع لدى محكمة الموضوع بأن تزوير المحرر حصل في تاريخ معين والدعوى العمومية عنه قد سقطت فيجب عليها أن تحقق هذا الدفع ثم ترتب على ما يظهر لها النتيجة التي تقتضيها .
3- من المقرر أن الجريمة الدائمة المستمرة هي التي يستمر فيها الاعتداء على المصلحة محل الحماية الجنائية مدة من الزمن فالجاني يرتكب سلوكاً إجرامياً واحداً يستمر فترة زمنية والعبرة في الاستمرار هنا هي تدخل الجاني في الفعل المعاقب عليه تدخلاً متتابعاً متجدداً ويشكل اعتداء على المصلحة المحمية طوال فترة الاستمرار ويبدأ التقادم في الجريمة المستمرة من تاريخ انتهاء حالة الاستمرار التي يتصف بها السلوك الإجرامي في هذا النوع من الجرائم .
4- من المقرر أن جريمة استعمال الورقة المزورة جريمة مستمرة تبدأ بتقديم الورقة والتمسك بها وتبقى مستمرة ما بقي مقدمها متمسكاً بها ولا تبدأ مدة سقوط الدعوى إلَّا من تاريخ الكشف عن التمسك بالورقة أو التنازل عنها أو من تاريخ صدور الحكم بتزويرها .
5- لما كان البيِّن من مدونات الحكم المطعون فيه على السياق المتقدم أنه اعتبر تاريخ 10/1/1995 وهو تاريخ حجز الدعوى المدنية للحكم هو التاريخ الذى يعتد به في حساب مدة التقادم باعتباره اليوم الذى انتهى فيه النشاط الإجرامي المستمر الذى تقع به الجريمة أو بعبارة أخرى التاريخ الذى انتهت فيه حالة الاستمرار التي يتصف بها السلوك الإجرامي فجريمتا تزوير محاضر جلسات الدعوى المدنية واستعمال المحرر المزور فيما زور من أجله تبدأ مدة التقادم فيهما من تاريخ الكشف عن الاستمرار في تزوير محاضر الجلسات والكشف عن استعمال المحرر المزور ـــ التوكيل ـــ أي من تاريخ انتهاء حالة الاستمرار أو الدوام التي يتصف بها السلوك الإجرامي في هذا النوع من الجرائم ، هذا إلى أن ما قامت به نيابة .... من ندب مندوب الاستيفاء لسؤال الطاعن في الشكوى المقدمة ضده ، وموضوعها هو موضوع الدعوى الراهنة في 14/10/2004 هو إجراء اتخذ في مواجهة الطاعن قاطع للتقادم بالنسبة لجريمتي تزوير محاضر جلسات الدعوى المدنية واستعمال المحرر المزور ، لأنه تم قبل مضي عشر سنوات من 10/1/1995 وحتى سؤال الطاعن في 14/10/2004 وذلك بالنسبة للطاعنين عملاً بالمادة 18 من قانون الإجراءات الجنائية ، باعتبار أن انقطاع المدة عيني يمتد أثره إلى جميع المتهمين في الدعوى أي عن الواقعة ذاتها وإذ ينصرف إلى جريمتي اشتراك الطاعنين في تزوير محاضر جلسات الدعوى المدنية واستعمال الطاعن الأول للمحرر المزور ، ومن ثم يكون الحكم قد طبق صحيح أحكام القانون على السياق المتقدم ويكون منعى الطاعن في هذا الصدد غير سديد .
6- لما كان تحدث الحكم عن القصد الجنائي في جريمة التزوير والاستعمال من المسائل المتعلقة بوقائع الدعوى التي تفصل فيها محكمة الموضوع في ضوء الظروف المطروحة عليها وليس بلازم أن يتحدث الحكم عنه صراحة وعلى استقلال مادام قد أورد من الوقائع ما يدل عليه - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - هذا إلى أن الحكم عرض للدفع بانتفاء القصد الجنائي وأطرحه برد كافٍ وسائغ ومن ثم فإن النعي على الحكم بالقصور في هذا الشأن يكون في غير محله .
7- من المقرر أن جمع الاستدلالات الموصلة إلى التحقيق وعلى ما نصت عليه المادة 24 من قانون الإجراءات الجنائية ليس مقصوراً على رجال الضبطية القضائية بل إن القانون يخول ذلك لمساعديهم ومادام هؤلاء قد كلفوا بمساعدة مأموري الضبط القضائي في أداء ما يدخل في نطاق وظيفتهم فيكون لهم الحق في تحرير محاضر بما أجروه ومن ثم فإن منعي الطاعن على نحو ما أثاره بأسباب الطعن يكون غير سديد .
8- من المقرر أن جريمة التزوير في الأوراق الرسمية تتحقق بمجرد تغيير الحقيقة بطريق الغش بالوسائل التي نص عليها القانون ولو لم يتحقق عنه ضرر يلحق شخصاً بعينه ، لأن هذا التغيير ينتج عنه حتماً ضرر بالمصلحة العامة لما يترتب عليه من عبث بالأوراق الرسمية ينال من قيمتها وحجيتها في نظر الجمهور ومن ثم فإن منعي الطاعنين على الحكم من عدم قيام ركن الضرر يكون على غير سند .
9- لما كان الحكم قد عرض لدفاع الطاعن الأول بحصول خطأ مادي في إثبات التوكيلات واطرحه بقوله : " أن المتهم الأول أقام الدعوى رقم .... لسنة .... بأسماء المتهمة الثانية والمدعية بالحق المدني وشقيقتيهما ..... وليس بيده توكيل من المتهمة الثانية عن نفسها فقط ومع ذلك فقد حضر بالجلسة الأولى المحددة لنظر الدعوى وأثبت في محضر الجلسة حضوره عن جميع المدعيات بوصفه وكيلاً عنهن بالتوكيل رقم .... لسنة .... وتوالى حضوره بباقي الجلسات سواء كان ذلك بشخصه أو بحضور محامين آخرين إذ الثابت من محاضر جلسات تلك الدعوى أن حضور آخرين عن المدعيات كان بذات التوكيل سالف الذكر ولم يقف المتهم الأول عند هذا الحد إذ إن الدعوى المذكورة قد تقرر شطبها بجلسة 5/11/1991 فجددها من الشطب بنفس أسماء المدعيات وحضر عنهن جميعاً بالجلسة المحددة لها بعد الشطب بذات التوكيل المشار إليه وكان عليه وهو يعلم أنه ليس معه توكيلاً إلا عن المتهمة الثانية أن يقرر بذلك في محضر الجلسة وأن يترك الدعوى للشطب بالنسبة للآخرين ومن ثم فإن هذا الدفاع لا أساس له وتلتفت عنه المحكمة " وكان ما أورده الحكم على المساق المتقدم سائغاً وصحيحاً ويكون ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص جدلاً موضوعياً في تقدير أدلة الدعوى مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض .
10- من المقرر أن الدفع بتلفيق الاتهام هو من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب رداً صريحاً بل إن الرد يستفاد من أدلة الثبوت السائغة التي أوردها الحكم ومن ثم فإن منعي الطاعن في هذا الشأن يكون غير مقبول .
11- لما كان الحكم قد دان الطاعنين بجرائم تزوير في المحررات الرسمية كما دان الطاعن الأول منفرداً بجريمة استعمال - التوكيل المزور - فيما زور من أجله المسندة إليهما وأوقع عليهما عقوبة الجريمة الأشد عملاً بالمادة 32 من قانون العقوبات للارتباط ، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس ويتعين رفضه موضوعاً .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الـوقـائـــع
    اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما: أولاً:- وهما ليسا من أرباب الوظائف العمومية اشتركا بطريقي الاتفاق والمساعدة في ارتكاب تزوير في محرر رسمي هو التوكيل المرقوم .... لسنة .... رسمي عام .... وذلك بطريق الإضافة بأن اتفقا على تزويره وساعدت المتهمة الثانية الأول بأن أمدته بأسماء وبيانات باقي ورثة .... فأضافها الأخير لمحتوى التوكيل الآنف فتمت الجريمة بناءً على ذلك الاتفاق وتلك المساعدة .
ثانياً:- بصفتهما المشار إليها آنفا اشتركا بطريق الاتفاق فيما بينهم والمساعدة مع موظف عام حسن النية هو سكرتير جلسة الدائرة (..) مساكن .... في ارتكاب تزويرٍ في محررات رسمية هي محاضر جلسات الدعوى الرقمية .... لسنة .... كلى حال تحريرها المختص بوظيفته وذلك بجعل واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة بأن اتفقا على ذلك ومثل المتهم الأول بالتوكيل موضوع الاتهام السالف بيانه مثبتاً كونه وكيلاً عن كل من .... ، .... فضبط منه الموظف محاضره على خلاف الحقيقة فتمت الجريمة بناء على ذلك الاتفاق وتلك المساعدة .
ثالثاً:- المتهم الأول :- استعمل التوكيل موضوع الاتهام الأول فيما زور من أجله بأن مثل به أمام هيئة المحكمة في الدعوى ..... لسنة .... للاعتداد بما ورد به على خلاف الحقيقة مع علمه بتزويره .
وأحالتهما إلى محكمة جنايات .... لمعاقبتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمـر الإحالة .
وادعت المجني عليها قبل المتهمين مدنياً بمبلغ ألفي جنيه وواحد على سبيل التعويض المؤقت .
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 40/3,2 ، 41 ، 42 ، 55 ، 56 ، 211 ، 212 ، 213 ، 214 من قانون العقوبات مع إعمال المادتين 17 ، 32 من ذات القانون. بمعاقبة كل منهما بالحبس مع الشغل سنة واحدة وأمرت بوقف تنفيذ عقوبة الحبس فقط لمدة ثلاث سنوات وإحالة الدعوى المدنية إلى المحكمة المدنية المختصة وعلى قلم كتاب تلك المحكمة تحديد جلسة لنظرها.
فطعن عن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمة
ومن حيث ينعى الطاعنان .... ، .... على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهما بجريمة التزوير في محررات رسمية - التوكيل الرسمي العام .... لسنة ...... - محاضر جلسات الدعوى رقم .... لسنة .... كلى .... كما دان الطاعن الأول بجريمة استعمال محرر مزور فيما زور من أجله قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والخطأ في تطبيق القانون ، ذلك أنه رد على دفعهما بانقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة بقالة أن تاريخ حجز الدعوى المدنية للحكم في 10/1/1995 هو ميعاد بدء حساب مدة التقادم مع أن التاريخ الذي يعتد به هو تاريخ جلسة 6/3/1990 الذى وقعت فيه الجريمة والذى يبدأ منه حساب مدة التقادم كما لم يدلل على توافر القصد الجنائي في حقهما وأن الحكم قد تساند إلى وجود إجراء قاطع للتقادم تمثل في قيام استيفاء نيابة .... بسؤال الطاعن الأول في الشكوك المقدمة ضده من المدعية بالحق المدني مع أن هذا المندوب ليس من مأموري الضبط القضائي ومن ثم فليس له سلطة التحقيق وأضافت الطاعنة الثانية أن ركن الضرر في جريمة التزوير غير قائم كما أضاف الطاعن الأول أن الحكم المطعون فيه رد بما لا يسوغ على دفاعه القائم على أن إثبات حضوره عن المدعيات الثلاثة بالتوكيل الرسمي الصادر له من الطاعنة الثانية هو راجع إلى خطأ مادى وليس نتيجة سوء قصد منه وهو ما يدل على تلفيق الاتهام قبله . مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه .
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بيَّن واقعة الدعوى في قوله:" إن المتهمة الثانية .... طلبت من المتهم الأول .... (محام) رفع دعوى مدنية (مساكن) باسمها وباسم شقيقتيها .... ضد أحد المستأجرين لوحدة في العقار ملكهم يطلب الحكم بثبوت الضرر بسبب استعماله العين المؤجرة بطريقة ضارة بالعين في سبيل ذلك أمدته ببيانات الأخيرتين وقامت عن نفسها فقط بتحرير التوكيل الرسمي العام رقم .... لسنة .... للمتهم الأول والذي قام بإضافة اسم كل من .... ، .... لذلك التوكيل وقام برفع الدعوى رقم .... لسنة .... بأسمائهن جميعاً ( المتهمة الثانية وشقيقتيها ) رغم عدم صدور توكيل له بذلك من شقيقتي المتهمة الثانية ومثل المتهم الأول أمام المحكمة التي نظرت أمامها الدعوى المشار إليها بذات التوكيل المشار إليه وأثبت حضوره بمحاضر جلساتها بوصفه وكيلاً عن المتهمة الثانية وعن شقيقتيها سالفتي الذكر رغم عدم صدور التوكيل المذكور من الأخيرتين وأنه صادر له فقط من المتهمة الثانية وقد ترتب على ذلك أن أصبح الحكم الصادر برفض الدعوى المشار إليها حجة على شقيقتي المتهمة الثانية سالفتي الذكر " ودلل على ثبوت الواقعة في حقهما بأدلة سائغة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه عليها . لما كان ذلك ، وكان الحكم قد رد على الدفع بانقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة قبل المتهمين لانقضاء عشر سنوات من تاريخ وقوعها واطرحه بقوله : " إن جريمة التزوير بطبيعتها جريمة وقتية تقع وتنتهى بمجرد التزوير في محرر بإحدى الطرق المنصوص عليها قانوناً ولذلك يجب أن يكون جريان مدة سقوط الدعوى بها من ذلك الوقت واعتبار يوم ظهور التزوير تاريخاً للجريمة محله ألَّا يكون قد قام الدليل على وقوعها في تاريخ سابق وأن جريمة استعمال الورقة المزورة جريمة مستمرة ما بقى مقدمها متمسكاً بالورقة أو التنازل عنها وأن تبيَّن تاريخ وقوع الجرائم عموماً هو ما يستقل به قاضى الموضوع كما أنه من المقرر أن المادتين 15 ، 17 من قانون الإجراءات الجنائية تقضى بانقضاء الدعوى الجنائية في مواد الجنايات بمضي عشر سنين من يوم وقوع الجريمة وتنقطع المدة بإجراءات التحقيق أو الاتهام أو المحاكمة وكذلك بالأمر الجنائي أو بإجراءات الاستدلالات إذ اتخذت في مواجهة المتهم أو إذا أخطر بها بوجه رسمي وتسرى المدة من جديد ابتداء من يوم وقوع الانقطاع ، وإذ كان ذلك ، وكان المتهم الأول قد قام برفع الدعوى رقم .... لسنة .... بناء على تكليف المتهمة الثانية له بذلك ، وحضر المتهم الأول بالجلسة الأولى المحددة لنظرها وهي جلسة 6/3/1990 وأثبت بمحضر تلك الجلسة حضوره عن المدعيات فيها وهن المتهمة الثانية ، والمدعية بالحق المدني ، ومن تدعى .... رغم أن التوكيل رقم .... لسنة .... صادر من المتهمة الثانية عن نفسها فقط واستمر المتهم الأول في الحضور بجلسات الدعوى سواء بشخصه أو عن طريق محامين آخرين بذات التوكيل المشار إليه عن جميع المدعيات فيها حتى جلسة 10/5/1995 حيث تم حجزها للحكم لجلسة 28/2/1995 وقضى برفضها بتلك الجلسة الأخيرة ، وإذ كان ذلك الثابت من الأوراق أن نيابة .... بتاريخ 17/7/2004 ندبت مندوب استيفاء النيابة المذكورة لسؤال المتهم الأول في الشكوى المقدمة ضده وموضوعها هو موضوع الدعوى الراهنة وبناء على ذلك الندب قام مندوب الاستيفاء المذكور بسؤال المتهم الأول بتاريخ 14/10/2004 مما تضمنته الشكوى المقدمة ضده ومن ثم فإن هذا الإجراء الذى اتخذ في مواجهة المتهم الأول يقطع التقادم في حق المتهم الأول ويقطعه كذلك بالنسبة للمتهمة الثانية عملاً بنص المادة 18 من قانون الإجراءات الجنائية وعليه فإن مدة العشر سنوات لم تنقض بعد في تاريخ 14/10/2004 باعتبار أن تاريخ 10/1/1995 هو ميعاد حساب سريان مدة سقوط الدعوى الجنائية في الدعوى الراهنة ومن ثم يضحى الدفع قد جاء على غير أساس وترفضه المحكمة " . وهو من الحكم سائغ وصحيح ذلك أن المقرر أن جريمة التزوير بطبيعتها وقتية تقع وتنتهى بمجرد وقوع التزوير في محرر بإحدى الطرق المنصوص عليها في القانون ولذا يجب أن يكون جريان مدة سقوط الدعوى بها من ذلك الوقت واعتبار يوم ظهور التزوير تاريخاً للجريمة محله ألَّا يكون قد قام الدليل على وقوعها في تاريخ سابق وأنه إذ دفع لدى محكمة الموضوع بأن تزوير المحرر حصل في تاريخ معين والدعوى العمومية عنه قد سقطت فيجب عليها أن تحقق هذا الدفع ثم ترتب على ما يظهر لها النتيجة التي تقتضيها كما أنه من المقرر أن الجريمة الدائمة المستمرة هي التي يستمر فيها الاعتداء على المصلحة محل الحماية الجنائية مدة من الزمن فالجاني يرتكب سلوكاً إجرامياً واحداً يستمر فترة زمنية والعبرة في الاستمرار هنا هي تدخل الجاني في الفعل المعاقب عليه تدخلاً متتابعاً متجدداً ويشكل اعتداء على المصلحة المحمية طوال فترة الاستمرار ويبدأ التقادم في الجريمة المستمرة من تاريخ انتهاء حالة الاستمرار التي يتصف بها السلوك الإجرامي في هذا النوع من الجرائم كما أنه من المقرر أن جريمة استعمال الورقة المزورة جريمة مستمرة تبدأ بتقديم الورقة والتمسك بها وتبقى مستمرة ما بقى مقدمها متمسكاً بها ولا تبدأ مدة سقوط الدعوى إلا من تاريخ الكشف عن التمسك بالورقة أو التنازل عنها أو من تاريخ صدور الحكم بتزويرها . لما كان ذلك ، وكان البيِّن من مدونات الحكم المطعون فيه على السياق المتقدم أنه اعتبر تاريخ 10/1/1995 وهو تاريخ حجز الدعوى المدنية للحكم هو التاريخ الذى يعتد به في حساب مدة التقادم باعتباره اليوم الذى انتهى فيه النشاط الإجرامي المستمر الذى تقع به الجريمة أو بعبارة أخرى التاريخ الذى انتهت فيه حالة الاستمرار التي يتصف بها السلوك الإجرامي فجريمتا تزوير محاضر جلسات الدعوى المدنية واستعمال المحرر المزور فيما زور من أجله تبدأ مدة التقادم فيهما من تاريخ الكشف عن الاستمرار في تزوير محاضر الجلسات والكشف عن استعمال المحرر المزور – التوكيل - أي من تاريخ انتهاء حالة الاستمرار أو الدوام التي يتصف بها السلوك الإجرامي في هذا النوع من الجرائم هذا إلى أن ما قامت به نيابة .... من ندب مندوب الاستيفاء لسؤال الطاعن في الشكوى المقدمة ضده ، وموضوعها هو موضوع الدعوى الراهنة في 14/10/2004 هو إجراء اتخذ في مواجهة الطاعن قاطع للتقادم بالنسبة لجريمتي تزوير محاضر جلسات الدعوى المدنية واستعمال المحرر المزور ، لأنه تم قبل مضي عشر سنوات من 10/1/1995 وحتى سؤال الطاعن في 14/10/2004 وذلك بالنسبة للطاعنين عملاً بالمادة 18 من قانون الإجراءات الجنائية ، باعتبار أن انقطاع المدة عيني يمتد أثره إلى جميع المتهمين في الدعوى أي عن الواقعة ذاتها وإذ ينصرف إلى جريمتي اشتراك الطاعنين في تزوير محاضر جلسات الدعوى المدنية واستعمال الطاعن الأول للمحرر المزور ومن ثم يكون الحكم قد طبق صحيح أحكام القانون على السياق المتقدم ويكون منعى الطاعن في هذا الصدد غير سديد . لما كان ذلك ، وكان تحدث الحكم عن القصد الجنائي في جريمة التزوير والاستعمال من المسائل المتعلقة بوقائع الدعوى التي تفصل فيها محكمة الموضوع في ضوء الظروف المطروحة عليها وليس بلازم أن يتحدث الحكم عنه صراحة وعلى استقلال مادام قد أورد من الوقائع ما يدل عليه ــــ كما هو الحال في الدعوى المطروحة ــــ هذا إلى أن الحكم عرض للدفع بانتفاء القصد الجنائي واطرحه برد كافٍ وسائغ ومن ثم فإن النعي على الحكم بالقصور في هذا الشأن يكون في غير محله . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن جمع الاستدلالات الموصلة إلى التحقيق وعلى ما نصت عليه المادة 24 من قانون الإجراءات الجنائية ليس مقصوراً على رجال الضبطية القضائية بل إن القانون يخول ذلك لمساعديهم ومادام هؤلاء قد كلفوا بمساعدة مأموري الضبط القضائي في أداء ما يدخل في نطاق وظيفتهم فيكون لهم الحق في تحرير محاضر بما أجروه ومن ثم فإن منعي الطاعن على نحو ما أثاره بأسباب الطعن يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن جريمة التزوير في الأوراق الرسمية تتحقق بمجرد تغيير الحقيقة بطريق الغش بالوسائل التي نص عليها القانون ولو لم يتحقق عنه ضرر يلحق شخصاً بعينه، لأن هذا التغيير ينتج عنه حتماً ضرر بالمصلحة العامة لما يترتب عليه من عبث بالأوراق الرسمية ينال من قيمتها وحجيتها في نظر الجمهور ومن ثم فإن منعي الطاعنين على الحكم من عدم قيام ركن الضرر يكون على غير سند . لما كان ذلك ، وكان الحكم قد عرض لدفاع الطاعن الأول بحصول خطأ مادي في إثبات التوكيلات واطرحه بقوله : " إن المتهم الأول أقام الدعوى رقم .... لسنة .... بأسماء المتهمة الثانية والمدعية بالحق المدني وشقيقتيهما .... وليس بيده توكيل من المتهمة الثانية عن نفسها فقط ومع ذلك فقد حضر بالجلسة الأولى المحددة لنظر الدعوى وأثبت في محضر الجلسة حضوره عن جميع المدعيات بوصفه وكيلاً عنهن بالتوكيل رقم .... لسنة .... وتوالى حضوره بباقي الجلسات سواء كان ذلك بشخصه أو بحضور محامين آخرين إذ الثابت من محاضر جلسات تلك الدعوى أن حضور آخرين عن المدعيات كان بذات التوكيل سالف الذكر ولم يقف المتهم الأول عند هذا الحد إذ إن الدعوى المذكورة قد تقرر شطبها بجلسة 5/11/1991 فجددها من الشطب بنفس أسماء المدعيات وحضر عنهن جميعاً بالجلسة المحددة لها بعد الشطب بذات التوكيل المشار إليه وكان عليه وهو يعلم أنه ليس معه توكيل إلا عن المتهمة الثانية أن يقرر بذلك في محضر الجلسة وأن يترك الدعوى للشطب بالنسبة للآخرين ومن ثم فإن هذا الدفاع لا أساس له وتلتفت عنه المحكمة " وكان ما أورده الحكم على المساق المتقدم سائغاً وصحيحاً ويكون ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص جدلاً موضوعياً في تقدير أدلة الدعوى مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن الدفع بتلفيق الاتهام هو من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب رداً صريحاً بل إن الرد يستفاد من أدلة الثبوت السائغة التي أوردها الحكم ومن ثم فإن منعي الطاعن في هذا الشأن يكون غير مقبول . لما كان ذلك ، وكان الحكم قد دان الطاعنين بجرائم تزوير في المحررات الرسمية كما دان الطاعن الأول منفرداً بجريمة استعمال - التوكيل المزور - فيما زور من أجله المسندة إليهما وأوقع عليهما عقوبة الجريمة الأشد عملاً بالمادة 32 من قانون العقوبات للارتباط ، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس ويتعين رفضه موضوعاً .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الطعن 1302 لسنة 19 ق الجلسة 2/5 / 1950 مكتب فني 1 ق 185 ص 563

جلسة 2 من مايو سنة 1950
برياسة حضرة صاحب السعادة أحمد محمد حسن باشا رئيس المحكمة وبحضور حضرات أصحاب العزة أحمد حسني بك وحسن إسماعيل الهضيبي بك وفهيم عوض بك وإبراهيم خليل بك المستشارين.
-----------------
(185)
القضية رقم 1302 سنة 19 القضائية
حكم. تسبيبه.
حكم بعدم جواز المعارضة لسبق المعارضة. دفع رافعة المعارضة بأن التوكيل الذي بناء عليه رفعت المعارض الأولى مزور. عدم تحقيقه. حكم معيب.
---------------
إذا كانت المحكمة قد قضت بعدم جواز المعارضة في الحكم لسبق المعارضة فيه، وكان الثابت أن الطاعنة كانت قد قالت في دفاعها إن التوكيل المنسوب إليها والذي بناءً عليه قدمت المعارضة الأولى إنما هو توكيل مزور عليها، وأوردت أدلتها على هذا التزوير، ولكن المحكمة التفتت عن هذا الدفاع ولم تتعرض له مع ما قد يكون له من أثر واضح في النظر الذي انتهت إليه، فإن حكمها يكون معيبا متعيناً نقضه.

الوقائع
اتهمت النيابة العامة: 1- وردة علي جوهر (الطاعنة). 2- محمود علي الإسناوي بأنهما أحرزا "حشيشًا" بقصد الإتجار بغير مسوغ قانوني، وطلبت عقابهما بالمواد 1 و2 و35/6أ و41 و45 من القانون رقم 21 لسنة 1928.
وأمام محكمة مركز الزقازيق الجزئية التي سمعت الدعوى دفع المتهم الثاني ببطلان التفتيش. فأنهت سماعها، ثم قضت حضورياً ببراءة المتهمين مما أسند إليهما عملا بالمادة 172 من قانون تحقيق الجنايات. فاستأنفت النيابة هذا الحكم طالبة إلغاءه ومعاقبة المتهمين بمواد الاتهام، وأمام محكمة الزقازيق الابتدائية التي نظرت هذا الاستئناف تمسك المتهم الثاني بما سبق أن دفع به من بطلان التفتيش فحكمت المحكمة برفض هذا الدفع، ثم قضت بحكمها الصادر حضورياً للثاني وغيابياً للأولى بقبول الاستئناف شكلا وفي الموضوع بتأييد الحكم المستأنف بالنسبة للمستأنف عليه الثاني وبإلغائه بالنسبة للمستأنف عليها الأولى وبحبسها سنة مع الشغل وتغريمها مائتي جنيه والمصادرة، وذلك عملا بالمواد 1 و2 و35/6ب و40 و41 و45 من القانون رقم 21 لسنة 1928. فعارضت المحكوم عليها غيابياً، ولكنها لم تحضر الجلسة المحددة لنظر معارضتها رغم التنبيه عليها بالحضور قانوناً، فقضت المحكمة المذكورة باعتبار هذه المعارضة كأنها لم تكن مع إلزامها بمصاريفها، ثم عادت المحكمة فأصدرت حكما آخر بعدم جواز هذه المعارضة لسابق رفعها.
فطعنت المحكوم عليها في الحكم الأخير بطريق النقض الخ الخ.

المحكمة
وحيث إن الطاعنة تقول في طعنها إن الحكم المطعون فيه حين قضى بعدم جواز المعارضة جاء باطلا لقصوره. وفي بيان ذلك تقول إن النيابة رفعت عليها الدعوى بأنها وآخر أحرزا مخدراً، فقضت محكمة أول درجة بالبراءة، فاستأنفت النيابة، فقضت المحكمة الاستئنافية في غيبتها بإلغاء الحكم والإدانة، فقرر أحد المحامين بالمعارضة في الحكم، وتأجلت القضية مراراً لإعلانها، فلم تعلن، وأخيراً قضت المحكمة باعتبار المعارضة كأنها لم تكن. وحصل أن قبض عليها بالإسكندرية، فتقدم وكيلها بطلب إلى النيابة شرح فيه حقيقة الأمر، فقبلت النيابة عمل المعارضة ثانية منها، وتقدمت القضية ثانية للجلسة فتقدمت بمذكرة بدفاعها قالت فيها إنها لم تقرر بالمعارضة الأولى، ولم تعلن بالحكم، ولم تعلم به، وإن هذه المعارضة إنما عملت بتوكيل لم يصدر منها، بل كان توكيلا مزورا عليها بواسطة زوجها لحصول نزاع بينهما استدلت عليه بوثيقة الطلاق التي قدمتها، كما أشارت إلى أن التوكيل موقع عليه بختم منسوب إليها مع أنها تعرف القراءة والكتابة، وقد وقعت بإمضائها على محضر ضبط الواقعة وتقرير المعارضة الثانية، وطلبت إلى المحكمة تحقيق هذا الدفاع، ولكن المحكمة قضت بعدم جواز المعارضة لسابقة رفعها دون أن تتعرض لما دافعت به من تزوير التوكيل مما يعيب الحكم ويجعله باطلا.
وحيث إن الحكم المطعون فيه حين قضى بعدم جواز المعارضة اكتفى بالقول "إن وكيل المعارضة قدم عريضة للنيابة طلب فيها قبول المعارضة فيها على أساس أن الحكم الصادر ضدهما هو حكم غيابي قابل للمعارضة للأسباب الواردة بتلك العريضة... وإن هذه الأسباب لا تصلح أساساً لرفع معارضة أخرى في حكم سبق أن عورض فيه وقضى في المعارضة... وإنه متى صدر هذا الحكم فلا يجوز قانوناً لهذه المحكمة أن تعيد النظر فيه، وإن قبول المعارضة الثانية من المتهمة وتحديد جلسة لنظرها خطأ وقعت فيه النيابة ولا يقيد المحكمة بحال..." ولما كانت الطاعنة، على ما يبين من ملف الدعوى الذي أمرت المحكمة بضمه تحقيقاً لوجه الطعن، قد تقدمت بمذكرة بدفاعها قالت فيها إن التوكيل المنسوب إليها والذي انبنت عليه المعارضة الأولى إنما هو توكيل مزور عليها، وأوردت أدلتها على هذا التزوير، فإن المحكمة حين التفتت عن هذا الدفاع، ولم تتعرض له مع ما قد يكون له من أثر - لو صح - في النظر الذي انتهت إليه، يكون حكمها معيباً متعيناً نقضه.
وحيث إنه لما تقدم يتعين قبول الطعن ونقض الحكم المطعون فيه.

الطعن 9853 لسنة 79 ق جلسة 9 / 11 / 2013 مكتب فني 64 ق 138 ص 895

جلسة 9 من نوفمبر سنة 2013
برئاسة السيد القاضي / عبد الفتاح حبيب نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / مصطفى محمد ، محمود عبد الحفيظ ، خالد الجندي وعلي جبريل نواب رئيس المحكمة .
---------
(138)
الطعن 9853 لسنة 79 ق
(1) إثبات " شهود " . محكمة الجنايات " نظرها الدعوى والحكم فيها " . حكم " بيانات التسبيب " " تسبيبه . تسبيب غير معيب ".
بيان الحكم واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها وإيراده على ثبوتها في حقه أدلة سائغة تؤدي لما رتبه عليها . لا قصور .
عدم رسم القانون شكلاً خاصاً لصياغة الحكم . كفاية أن يكون ما أورده مؤدياً إلى تفهم الواقعة بأركانها وظروفها .
صيغة الاتهام المبينة بالحكم . جزء منه . كفاية الإحالة إليها في بيان الواقعة .
لمحكمة الجنايات أن تورد في حكمها أقوال شهود الإثبات كما تضمنتها القائمة المقدمة من النيابة العامة . ما دامت تصلح في ذاتها لإقامة قضائها بالإدانة .
(2) إثبات " خبرة " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " .
عدم إيراد الحكم نص تقرير الخبير بكامل أجزائه . لا ينال من سلامته .
مثال .
(3) نقض " أسباب الطعن . تحديدها " " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
وجه الطعن . وجوب أن يكون واضحاً محدداً .
نعي الطاعن بعدم اتفاق أدلة قائمة الثبوت مع ما هو قائم بالأوراق وتناقض أقوال الشهود دون الكشف عن أوجهه . غير مقبول.
(4) إثبات " شهود " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
نعي الطاعن بخلاف ما قطع به الضباط في تحقيقات النيابة العامة بوجود الطاعن على مسرح الحادث . غير مقبول .
(5) إثبات " بوجه عام " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
تساند الأدلة في المواد الجنائية . مؤداه ؟
الجدل الموضوعي في العناصر التي استنبطت منها محكمة الموضوع معتقدها . غير جائز أمام محكمة النقض .
(6) حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " . نقض " المصلحة في الطعن " " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
نعي الطاعن على الحكم بشأن الكتاب الموجه من المتهم السابق محاكمته إلى المجني عليه . غير مجد . ما دام الحكم لم يستند إلى دليل مستمد منه .
(7) حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .
   إيراد الحكم دفاع الطاعن والرد عليه في بيان جلي مفصل. لا قصور.
(8) فاعل أصلي . ضرب " ضرب أفضى إلى موت " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
    إثبات الحكم إسهام الطاعن بنصيب في الأفعال المادية المكونة للجريمة ووجوده على مسرحها مع باقي المتهمين وقيامهم بالتعدي بالضرب على المجني عليه واقتياده قسراً لغرفة الكلاب الوحشية وإطلاقها عليه وسقوطه أرضاً لهلعه ورعبه منها مما أحدث إصابته التي أودت بحياته . كفايته لاعتبارهم جميعاً فاعلين أصليين .
الجدل الموضوعي في سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها . غير جائز أمام محكمة النقض .
(9) ضرب " ضرب أحدث عاهة " " ضرب أفضى إلى موت " . باعث . جريمة " أركانها ". قصد جنائي . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب ". نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها ".
القصد الجنائي في جريمتي إحداث الجروح عمداً والتي ينشأ عنها عاهة والضرب المفضي إلى الموت . قصد عام . تحققه : بعلم الجاني بمساس الفعل بسلامة جسم المجني عليه أو صحته . تحدث المحكمة عنه استقلالاً . غير لازم . كفاية استفادته من وقائع الدعوى كما أوردها الحكم .
تعلل الطاعن بأن إطلاق الكلاب الضارية على المجني عليه لمجرد تهديده وإرهابه . غير مجد . علة ذلك ؟
(10) ضرب " ضرب أفضى إلى موت " . رابطة السببية . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير توافر رابطة السببية " . قصد جنائي . مسئولية جنائية . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
علاقة السببية في المواد الجنائية . مادية . تقدير توافرها . موضوعي . ما دام سائغاً .
الجاني في جريمة الضرب أو إحداث الجرح عمداً . مسئول عن جميع النتائج المحتملة نتيجة سلوكه الإجرامي ولو كانت عن طريق غير مباشر .
مثال .
(11) اتفاق . سبق إصرار . ترصد . ظروف مشددة . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
نعي الطاعن التفات الحكم عن دفاعه بعدم توافر الاتفاق بينه وبين باقي المتهمين وانتفاء ظرفي سبق الإصرار والترصد . غير مقبول . ما دام ثبت قيامه بفتح غرفة الكلاب وإطلاقها على المجني عليه .
(12) إثبات " بوجه عام " . محكمة الموضوع " سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " . ضرب " ضرب أفضى إلى موت " . قتل خطأ.
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى . موضوعي . ما دام سائغاً .
نعي الطاعن بأن الواقعة جنحة قتل خطأ أو مخالفة وليست ضرب أفضى إلى موت . منازعة في الصورة التي اعتنقتها المحكمة للواقعة . غير جائزة أمام محكمة النقض .
(13) إثبات " بوجه عام " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
التفات الحكم عن الصلح الذي تم بين ورثة المجني عليه والمتهم . لا يعيبه . علة ذلك ؟
(14) إثبات " بوجه عام " " أوراق رسمية " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
الأدلة في المواد الجنائية إقناعية . للمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية . ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها .
عدم التزام المحكمة بالرد صراحة على أدلة النفي . استفادة الرد عليها من قضائها بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت .
بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه إيراد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم . تعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه . غير لازم . التفاته عنها . مفاده : اطراحها .
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها . غير جائز أمام محكمة النقض .
 (15) نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها "" المصلحة في الطعن " . إجراءات " إجراءات المحاكمة " .
نعي الطاعن بشأن إيراد المحكمة دفاع متهمين إبان محاكمتهما السابقة بصورة مبتسرة وعدم سؤالها لمتهم رغم عدم استجوابه بمعرفة النيابة . غير مقبول . لعدم اتصاله بقضاء الحكم .
(16) محضر الجلسة . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
خلو محضر الجلسة من إثبات دفاع المتهم كاملاً . لا يعيب الحكم . ما دام لم يطلب إثباته صراحة في المحضر .
نعي الطاعن بمصادرة المحكمة حقه في الدفاع . غير جائز . ما لم يقدم الدليل على ذلك ولم يسجل عليها المخالفة في طلب مكتوب قبل صدور الحكم .
(17) إثبات " شهود " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير أقوال الشهود " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
تحصيل الحكم من أقوال شاهد الإثبات ما له صداه وأصله بالأوراق . النعي بخلاف ذلك . غير مقبول .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- لما كان الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة مستمدة من أقوال شهود الإثبات ، وتقرير الصفة التشريحية ، ومعاينة النيابة العامة لمكان الحادث ، وما ثبت من أقوال .... بالتحقيقات ، ومن الخطاب الكتابي المرفق بها والموجه من الطاعن إلى المجني عليه ، وهي أدلة سائغة ومن شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها . لما كان ذلك ، وكان القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، فمتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة كان هذا محققاً لحكم القانون ، وإذ كانت صيغة الاتهام المبينة في الحكم تعتبر جزءاً منه فيكفي في بيان الواقعة والإحالة عليها ، كما أنه لا يوجد في القانون ما يمنع محكمة الجنايات أن تورد في حكمها أقوال شهود الإثبات كما تضمنتها قائمة شهود الإثبات المقدمة من النيابة العامة ما دامت تصلح في ذاتها لإقامة قضائها بالإدانة - وهو الحال في الدعوى المطروحة - فإن النعي على الحكم بالقصور لاكتفائه بترديد صيغة الاتهام بياناً للواقعة ، وإيراده لمؤدى الأدلة التي استند إليها في قضائه كما تضمنتها قائمة أدلة الثبوت المقدمة من النيابة العامة - بفرض صحته - يكون لا محل له .
2- لما كان الحكم قد أورد مؤدى تقرير الصفة التشريحية وأبرز ما جاء به من أن إجراء الصفة التشريحية على جثة المجني عليه قد أسفر عن وجود معالم وأثار إصابية على الجانب الأيسر للجثة خاصة على الجانب الأيسر للحوض وبالطرف السفلي الأيسر ونجم عن مجملها اختراق رأس وعنق عظمة الفخذ الأيسر لعظام الحوض المتفتتة واندفاعهما داخل تجويف الحوض على الناحية اليسرى مما أدى لحدوث تهتك بأنسجة وعضلات الجانب الأيسر للحوض وانزياح الجانب الأيسر لعظام الحوض إلى أعلى وأن تلك المعالم والأثار الإصابية في مجملها جائزة الحدوث من جراء سقوط المجني عليه من أعلى وتشير إلى أنه قد تلقى صدمة السقوط على قدمه اليسرى ومقعدته على جانبها الأيسر وتعزى وفاته لإصابته السالف بيانها وما نجم عنها من صدمة إصابية جسيمة ، فإن ما ينعاه الطاعن بعدم إيراد مضمون تقرير الصفة التشريحية للمجني عليه بصورة وافية لا يكون له محل لما هو مقرر من أنه لا ينال من سلامة الحكم عدم إيراد نص تقرير الخبير بكامل أجزائه .
3- من المقرر أنه يجب لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً محدداً ، وكان الطاعن قد أطلق القول بعدم اتفاق الأدلة الواردة بقائمة أدلة الثبوت مع مـا هو قائم بالأوراق ، وبأن الحكم لم يعن برفع التناقض بين أقوال شهود الإثبات دون أن يكشف في طعنه عن وجه الخلاف بين تلك الأدلة وبين ما ورد بأوراق الدعوى ، أو يكشف كذلك عن وجه التناقض بين أقوال الشهود الذي يقول به ، ومن ثم فإن ما ينعاه في هذا الشأن يكون غير مقبول .
4- لما كان يبين من مطالعة الصورة الرسمية المرفقة من تحقيقات النيابة العامة أن العقيد .... قد قطع بوجود الطاعن على مسرح الجريمة - خلافاً لما يزعمه الأخير - فإن النعي على الحكم في هذا الشأن لا يكون له محل .
5- من المقرر أنه لا يشترط أن تكون الأدلة التي اعتمد عليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه ، فإن ما يثيره الطاعن في شأن أقوال الضابط المذكور لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في العناصر التي استنبطت منها محكمة الموضوع معتقدها مما لا يقبل إثارته أمام محكمة النقض .
6- لما كان البين من الحكم المطعون فيه أنه - خلافاً لما يقول به الطاعن - لم يتخذ من أي كتاب موجه من المتهم السابق محاكمته .... دليلاً قبل الطاعن على مقارفة الجريمة التي دانه بها ، بل عول في هذا الخصوص على الكتاب الموجه إلى المجني عليه من الطاعن ذاته ، فإن نعيه في هذا الشأن يكون غــير صحيح .
7- لما كان يبين من الحكم المطعون فيه أن ما أورده في بيانه لدفاع الطاعن والرد عليه إنما جاء - خلافاً لما يزعمه الطاعن - في بيان جلي مفصل ينبئ عن أن المحكمة قد ألمت به ، ومن ثم فإن منعى الطاعن على الحكم في هذا الخصوص لا يكون له محل .
8- لما كان يبين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه أثبت في حق الطاعن إسهامه بنصيب في الأفعال المادية المكونة للجريمة ووجوده على مسرح الجريمة مع باقي المتهمين وقيامهم جميعاً بالتعدي بالضرب على المجني عليه واقتياده قسراً إلى الطابق الخامس بالمبنى محل الجريمة حيث توجد الغرفة المخصصة لعدد من الكلاب الوحشية الواثبة الضارية هائلة الحجم وإطلاق تلك الكلاب عليه فلاذ بالفرار هلعاً ورعباً من افتراسها إياه فسقط أرضاً من ذلك الطابق الشاهق مما أحدث إصاباته الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته ، وهو ما يكفي لاعتبارهم جميعاً فاعلين أصليين في الجريمة فإن ما ينعاه الطاعن في شأن التدليل على مشاركته في ارتكاب الجريمة لا يعدو في حقيقته أن يكون جدلاً موضوعياً في سلطة المحكمة في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض .
9- لما كانت جرائم إحداث الجروح عمداً والتي ينشأ عنها عاهة مستديمة وجرائم الضرب المفضي إلى الوفاة لا تتطلب غير القصد الجنائي العام وهو يتوافر كلما ارتكب الجاني الفعل عن إرادة وعن علم بأن هذا الفعل يترتب عليه المساس بسلامة جسم المجني عليه أو صحته ، ولما كانت المحكمة لا تلتزم بأن تتحدث استقلالاً عن القصد الجنائي في هذه الجرائم بل يكفي أن يكون هذا القصد مستفاداً من وقائع الدعوى كما أوردها الحكم وهو ما تحقق في واقعة الدعوى فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً لا يقبل منه ولا يجديه التعلل بأن إطلاق الكلاب الضارية على المجني عليه كان لمجرد تهديده وإرهابه لأنه يتصل بالباعث وهو غير مؤثر في توافر القصد الجنائي .
10- من المقرر أن علاقة السببية في المواد الجنائية علاقة مادية تبدأ بالفعل الذي اقترفه الجاني وترتبط من الناحية المعنوية بما يجب عليه أن يتوقعه من النتائج المألوفة إذا ما أتاه عمداً ، وهذه العلاقة مسألة موضوعية ينفرد قاضي الموضوع بتقديرها ومتى فصل فيها إثباتاً أو نفياً فلا رقابة لمحكمة النقض عليه ما دام قد أقام قضاءه في ذلك على أسباب تؤدي إلى ما انتهى إليه ، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد أثبت في حق الطاعن أنه والمتهمين سالفي الذكر قيامهم بالتعدي على المجني عليه واقتياده عنوة إلى الطابق الخامس بالمبنى محل الجريمة وإطلاق الكلاب عليه على النحو المذكور آنفاً مما أدى إلى هلعه وسقوطه أرضاً من هذا الارتفاع وإحداث إصابته سالفة البيان ، ودلل على توافر رابطة السببية بين هذه الإصابات والوفاة بما أثبته تقرير الصفة التشريحية من أن تلك الإصابات أفضت إلى الوفاة ، فإن في ذلك ما يحقق مسئوليته - في صحيح القانون - عن هذه النتيجة التي كان من واجبه أن يتوقع حصولها لما هو مقرر من أن الجاني في جريمة الضرب أو إحداث جرح عمداً يكون مسئولاً عن جميع النتائج المحتمل حصولها نتيجة سلوكه الإجرامي ولو كانت عن طريق غير مباشر ، ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الوجه يضحى غير قويم.
11- لما كان البين من مدونات الحكم المطعون فيه ، والصورة الرسمية المرفقة من تحقيقات النيابة العامة - أن الطاعن هو من قام بفتح الغرفة المخصصة للكلاب سالفة الذكر وإطلاقها على المجني عليه ، ومن ثم فلا محل لما ينعاه الطاعن من التفات الحكم عن دفاعه القائم على عدم توافر الاتفاق بينه وبين باقي المتهمين ، أو خلو الأوراق من ظرفي سبـق الإصـرار والترصد .
12- من المقرر أنه من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق لا ينازع الطاعن في أن لها أصلها في الأوراق ، وكان النعي بأن الواقعة مجرد جنحة قتل خطأ أو مخالفة تنطبق على المادة 377/9،4 من قانون العقوبات وليست جناية ضرب أفضى إلى موت لا يعدو أن يكون منازعة في الصورة التي اعتنقتها المحكمة للواقعة وجدلاً موضوعياً في سلطة محكمة الموضوع في استخلاص صورة الواقعة كما ارتسمت في وجدانها مما تستقل بالفصل فيه بغير معقب .
13- من المقرر أنه لا يعيب الحكم التفاته عن الصلح الذي تم بين ورثة المجني عليه وبين المتهم في معرض نفي التهمة عنه وهو ما يدخل في تكوين معتقدها في الدعوى ولا تلتزم في حالة عدم أخذها به أن تورد سبباً لذلك إذ الأخذ بأدلة الثبوت التي ساقها الحكم يؤدي دلالة إلى اطراح هذا الصلح .
14- من المقرر أن الأدلة في المواد الجنائية إقناعيه وللمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها من باقي الأدلة في الدعوى ، وكان من المقرر أن المحكمة غير ملزمة بالرد صراحة على أدلة النفي التي يتقدم بها المتهم ما دام الرد عليها مستفاداً ضمناً من الحكم بالإدانة اعتماداً على أدلة الثبوت التي أوردها ، إذ بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصته من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم ، ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه لأن مفاد التفاته عنها أنه اطرحها ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في شأن التفات الحكم عن المستندات المقدمة تدليلاً على انتفاء مسئوليته هو وباقي المتهمين ، وعدم صحة أقوال شهود الإثبات لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض .
15- لما كان ما يثيره الطاعن بأسباب طعنه بشأن إيراد محكمة الموضوع لدفاع المتهمين الثاني والثالث إبان محاكمتهما السابقة بصورة مبتسرة ، وعدم سؤال المحكمة للمتهم الثاني رغم عدم استجوابه بمعرفة النيابة العامة هو أمر لم يتصل بقضاء الحكم ، فضلاً عن أنه لا مصلحة للطاعن فيه ، ومن ثم فإن منعاه في هذا الشأن لا يكون مقبولاً .
16- من المقرر أنه لا يعيب الحكم خلو محضر الجلسة من إثبات دفاع المتهم كاملاً إذ كان عليه إن كان يهمه تدوينه أن يطلب صراحة إثباته بالمحضر وأن عليه إن ادعى أن المحكمة صادرت حقه في ذلك أن يقدم الدليل ويسجل عليها المخالفة في طلب مكتوب قبل صدور الحكم وإلا لم تجز محاجتها من بعد ذلك أمام محكمة النقض على أساس من تقصيرها فيما كان يتعين عليها تسجيله ومن ثم يكون منعاه في هذا الخصوص غير مقبول .
17- لما كان يبين من مطالعة تحقيقات النيابة العامة - المرفق صورتها - أن ما حصله الحكم من أقوال شاهد الإثبات الرابع له صداه وأصله الثابت في الأوراق ، فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم بدعوى الخطأ في الإسناد في هذا الشأن لا يكون له محل .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائع
اتهمت النيابة الطاعن وآخرين سبق الحكم عليهم بأنهم : ضربوا / .... عمداً بأن اقتادوه عنوة للدور الخامس بقرية .... إلى حيث غرفة مخصصة لحجز كلاب وحشية متعدين عليه بالضرب ومهددينه بإطلاقها فبثوا الرعب في نفسه وشلوا مقاومته وما أن وصلوا إليها أطلقوها عليه فلم يجد ملجأ إلا السقوط أرضاً فأحدثوا إصابته الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته ولم يقصدوا من ذلك قتله ولكن الضرب أفضى إلى موت .
وأحالته إلى محكمة جنايات .... لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .
والمحكمة قضت حضورياً عملاً بالمادة 236/ 1 من قانون العقوبات ، وبعد إعمال نص المواد ( 17 ، 55 /1 ، 56 /1 ) من ذات القانون ، بمعاقبته بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة وأمرت بإيقاف تنفيذ عقوبة الحبس المقضي بها لمدة ثلاث سنوات تبدأ من تاريخ جلسة الحكم .
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمـة
حيث إن الطاعن ينعي على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة الضرب المفضي إلى الموت قد شابه القصور في التسبيب ، والفساد في الاستدلال ، والخطأ في تطبيق القانون ، كما انطوى على الإخلال بحق الدفاع ، والخطأ في الإسناد ؛ ذلك بأنه اكتفى في بيان واقعة الدعوى ومضمون الأدلة التي استند إليها في قضائه بالإدانة - لاسيما أقوال الشهود والتقرير الطبي الشرعي - بما ورد في وصف الاتهام وبقائمة أدلة الثبوت المقدمة من النيابة العامة رغم مخالفتها لما هو قائم بالأوراق ، ودون أن يرفع التناقض بين أقوال شهود الإثبات ، كما عول في الإدانة على أقوال شاهد الإثبات الرابع العقيد / .... بالتحقيقات رغم أنه قطع بعدم وجود الطاعن على مسرح الجريمة وبعدم إتيان أحد من المتهمين لأية أفعال مادية من شأنها المساس بجسد المجني عليه أو اتجاه إرادتهم إلى ذلك ، كما تساند في قضائه إلى الكتاب الموجه من المتهم الثاني .... - الذي سبق الحكم عليه - إلى المجني عليه بالحضور إلى مكان الواقعة رغم أنه لا يصلح دليلاً في هذا الخصوص ، هذا وقد أورد دفاعه بصورة مبتسرة لا تعبر عن مرماه واطرحه برد قاصر غير سائغ ، ولم تحفل محكمة الموضوع بدفاعه القائم على عدم اتهامه - بالذات أو بالواسطة - بأي فعل يمثل مساساً بالمجني عليه ، وأن الأخير هو من قام بإلقاء نفسه من إحدى نوافذ الطابق الخامس ، فضلاً عن انتفاء القصد الجنائي ونية الإيذاء لديه بدلالة ما شهد به الضابط المذكور من أن إطلاق الكلاب على المجني عليه كان لمجرد تهديده وإرهابه ، وكذا عدم توافر رابطة السببية بين ما قام به من أفعال وبين وفاة المجني عليه ، وبعدم وجود اتفاق بينه وبين باقي المتهمين على الاعتداء بما تنعدم معه المسئولية التضامنية بينهم لاسيما وقد خلت الأوراق من توافر ظرفي سبق الإصرار والترصد ، هذا إلى أن للواقعة صورة أخرى مغايرة لتلك الواردة بالأوراق إذ لا تعدو أن تكون جنحة قتل خطأ أو مخالفة بالمادة 377/9،4 من قانون العقوبات ، فضلاً عن ذلك فقد التفتت المحكمة عن محضر الصلح المقدم في الدعوى والمتضمن عدول ورثة المجني عليه عن اتهامه ، وكذا عن المستندات المقدمة من المتهمين الثاني والثالث - الذين سبق الحكم عليهما - تدليلاً على انتفاء مسئوليتهم جميعاً عن الواقعة وعدم صحة أقوال شهود الإثبات ، كما أوردت دفاع هذين المتهمين إبان محاكمتهما السابقة بصورة مبتسرة لا تعبر عن مضمونه ، ولم تقم بسؤال المتهم الثاني رغم عدم استجوابه بمعرفة النيابة العامة ، كما وأن ما أثبت بمحضر جلسة المحاكمة لا يمثل حقيقة الدفاع الذي تمسك به المدافع عن الطاعن ، وأخيراً فإن ما أورده الحكم من أقوال شاهد الإثبات الرابع قد جاء على خلاف الثابت في الأوراق من حيث تسلسل الوقائع والقصد الجنائي والأفعال المادية المنسوبة إلى الطاعن ، كل ذلك يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة مستمدة من أقوال شهود الإثبات ، وتقرير الصفة التشريحية ، ومعاينة النيابة العامة لمكان الحادث ، وما ثبت من أقوال .... بالتحقيقات ، ومن الخطاب الكتابي المرفق بها والموجه من الطاعن إلى المجني عليه ، وهي أدلة سائغة ومن شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها . لما كان ذلك ، وكان القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، فمتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة كان هذا محققاً لحكم القانون ، وإذ كانت صيغة الاتهام المبينة في الحكم تعتبر جزءاً منه فيكفي في بيان الواقعة والإحالة عليها ، كما أنه لا يوجد في القانون ما يمنع محكمة الجنايات أن تورد في حكمها أقوال شهود الإثبات كما تضمنتها قائمة شهود الإثبات المقدمة من النيابة العامة ما دامت تصلح في ذاتها لإقامة قضائها بالإدانة - وهو الحال في الدعوى المطروحة - فإن النعي على الحكم بالقصور لاكتفائه بترديد صيغة الاتهام بياناً للواقعة ، وإيراده لمؤدى الأدلة التي استند إليها في قضائه كما تضمنتها قائمة أدلة الثبوت المقدمة من النيابة العامة - بفرض صحته - يكون لا محل له . لما كان ذلك ، وكان الحكم قد أورد مؤدى تقرير الصفة التشريحية وأبرز ما جاء به من أن إجراء الصفة التشريحية على جثة المجني عليه قد أسفر عن وجود معالم وأثار إصابية على الجانب الأيسر للجثة خاصة على الجانب الأيسر للحوض وبالطرف السفلي الأيسر ونجم عن مجملها اختراق رأس وعنق عظمة الفخذ الأيسر لعظام الحوض المفتتة واندفاعهما داخل تجويف الحوض على الناحية اليسرى مما أدى لحدوث تهتك بأنسجة وعضلات الجانب الأيسر للحوض وانزياح الجانب الأيسر لعظام الحوض إلى أعلى وأن تلك المعالم والأثار الإصابية في مجملها جائزة الحدوث من جراء سقوط المجني عليه من أعلى وتشير إلى أنه قد تلقى صدمة السقوط على قدمه اليسرى ومقعدته على جانبها الأيسر وتعزى وفاته لإصابته السالف بيانها وما نجم عنها من صدمة إصابية جسيمة ، فإن ما ينعاه الطاعن بعدم إيراد مضمون تقرير الصفة التشريحية للمجني عليه بصورة وافية لا يكون له محل لما هو مقرر من أنه لا ينال من سلامة الحكم عدم إيراد نص تقرير الخبير بكامل أجزائه . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه يجب لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً محدداً ، وكان الطاعن قد أطلق القول بعدم اتفاق الأدلة الواردة بقائمة أدلة الثبوت مع مـا هو قائم بالأوراق ، وبأن الحكم لم يعن برفع التناقض بين أقوال شهود الإثبات دون أن يكشف في طعنه عن وجه الخلاف بين تلك الأدلة وبين ما ورد بأوراق الدعوى ، أو يكشف كذلك عن وجه التناقض بين أقوال الشهود الذي يقول به ، ومن ثم فإن ما ينعاه في هذا الشأن يكون غير مقبول . لما كان ذلك ، وكان يبين من مطالعة الصورة الرسمية المرفقة من تحقيقات النيابة العامة أن العقيد .... قد قطع بوجود الطاعن على مسرح الجريمة - خلافاً لما يزعمه الأخير - فإن النعي على الحكم في هذا الشأن لا يكون له محل . لما كان ذلك ، وكان لا يشترط أن تكون الأدلة التي اعتمد عليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه ، فإن ما يثيره الطاعن في شأن أقوال الضابط المذكور لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في العناصر التي استنبطت منها محكمة الموضوع معتقدها مما لا يقبل إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان البين من الحكم المطعون فيه أنه - خلافاً لما يقول به الطاعن - لم يتخذ من أي كتاب موجه من المتهم السابق محاكمته .... دليلاً قبل الطاعن على مقارفة الجريمة التي دانه بها ، بل عول في هذا الخصوص على الكتاب الموجه إلى المجني عليه من الطاعن ذاته ، فإن نعيه في هذا الشأن يكون غــير صحيح . لما كان ذلك ، وكان يبين من الحكم المطعون فيه أن ما أورده في بيانه لدفاع الطاعن والرد عليه إنما جاء - خلافاً لما يزعمه الطاعن - في بيان جلي مفصل ينبئ عن أن المحكمة قد ألمت به ، ومن ثم فإن منعى الطاعن على الحكم في هذا الخصوص لا يكون له محل . لما كان ذلك ، وكان يبين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه أثبت في حق الطاعن إسهامه بنصيب في الأفعال المادية المكونة للجريمة ووجوده على مسرح الجريمة مع باقي المتهمين وقيامهم جميعاً بالتعدي بالضرب على المجني عليه واقتياده قسراً إلى الطابق الخامس بالمبنى محل الجريمة حيث توجد الغرفة المخصصة لعدد من الكلاب الوحشية الواثبة الضارية هائلة الحجم وإطلاق تلك الكلاب عليه فلاذ بالفرار هلعاً ورعباً من افتراسها إياه فسقط أرضاً من ذلك الطابق الشاهق مما أحدث إصاباته الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته ، وهو ما يكفي لاعتبارهم جميعاً فاعلين أصليين في الجريمة فإن ما ينعاه الطاعن في شأن التدليل على مشاركته في ارتكاب الجريمة لا يعدو في حقيقته أن يكون جدلاً موضوعياً في سلطة المحكمة في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكانت جرائم إحداث الجروح عمداً والتي ينشأ عنها عاهة مستديمة وجرائم الضرب المفضي إلى الوفاة لا تتطلب غير القصد الجنائي العام وهو يتوافر كلما ارتكب الجاني الفعل عن إرادة وعن علم بأن هذا الفعل يترتب عليه المساس بسلامة جسم المجني عليه أو صحته ، ولما كانت المحكمة لا تلتزم بأن تتحدث استقلالاً عن القصد الجنائي في هذه الجرائم بل يكفي أن يكون هذا القصد مستفاداً من وقائع الدعوى كما أوردها الحكم وهو ما تحقق في واقعة الدعوى فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً لا يقبل منه ولا يجديه التعلل بأن إطلاق الكلاب الضارية على المجني عليه كان لمجرد تهديده وإرهابه لأنه يتصل بالباعث وهو غير مؤثر في توافر القصد الجنائي . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن علاقة السببية في المواد الجنائية علاقة مادية تبدأ بالفعل الذي اقترفه الجاني وترتبط من الناحية المعنوية بما يجب عليه أن يتوقعه من النتائج المألوفة إذا ما أتاه عمداً ، وهذه العلاقة مسألة موضوعية ينفرد قاضي الموضوع بتقديرها ومتى فصل فيها إثباتاً أو نفياً فلا رقابة لمحكمة النقض عليه ما دام قد أقام قضاءه في ذلك على أسباب تؤدي إلى ما انتهى إليه ، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد أثبت في حق الطاعن أنه والمتهمين سالفي الذكر قيامهم بالتعدي على المجني عليه واقتياده عنوة إلى الطابق الخامس بالمبنى محل الجريمة وإطلاق الكلاب عليه على النحو المذكور آنفاً مما أدى إلى هلعه وسقوطه أرضاً من هذا الارتفاع وإحداث إصابته سالفة البيان ، ودلل على توافر رابطة السببية بين هذه الإصابات والوفاة بما أثبته تقرير الصفة التشريحية من أن تلك الإصابات أفضت إلى الوفاة ، فإن في ذلك ما يحقق مسئوليته - في صحيح القانون - عن هذه النتيجة التي كان من واجبه أن يتوقع حصولها لما هو مقرر من أن الجاني في جريمة الضرب أو إحداث جرح عمداً يكون مسئولاً عن جميع النتائج المحتمل حصولها نتيجة سلوكه الإجرامي ولو كانت عن طريق غير مباشر ، ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الوجه يضحى غير قويم . لما كان ذلك ، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه ، والصورة الرسمية المرفقة من تحقيقات النيابة العامة - أن الطاعن هو من قام بفتح الغرفة المخصصة للكلاب سالفة الذكر وإطلاقها على المجني عليه ، ومن ثم فلا محل لما ينعاه الطاعن من التفات الحكم عن دفاعه القائم على عدم توافر الاتفاق بينه وبين باقي المتهمين ، أو خلو الأوراق من ظرفي سبـق الإصـرار والترصد . لما كان ذلك ، وكان من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق لا ينازع الطاعن في أن لها أصلها في الأوراق ، وكان النعي بأن الواقعة مجرد جنحة قتل خطأ أو مخالفة تنطبق على المادة 377/9،4 من قانون العقوبات وليست جناية ضرب أفضى إلى موت لا يعدو أن يكون منازعة في الصورة التي اعتنقتها المحكمة للواقعة وجدلاً موضوعياً في سلطة محكمة الموضوع في استخلاص صورة الواقعة كما ارتسمت في وجدانها مما تستقل بالفصل فيه بغير معقب . لما كان ذلك ، وكان لا يعيب الحكم التفاته عن الصلح الذي تم بين ورثة المجني عليه وبين المتهم في معرض نفي التهمة عنه وهو ما يدخل في تكوين معتقدها في الدعوى ولا تلتزم في حالة عدم أخذها به أن تورد سبباً لذلك إذ الأخذ بأدلة الثبوت التي ساقها الحكم يؤدي دلالة إلى اطراح هذا الصلح . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن الأدلة في المواد الجنائية إقناعيه وللمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها من باقي الأدلة في الدعوى ، وكان من المقرر أن المحكمة غير ملزمة بالرد صراحة على أدلة النفي التي يتقدم بها المتهم ما دام الرد عليها مستفاداً ضمناً من الحكم بالإدانة اعتماداً على أدلة الثبوت التي أوردها ، إذ بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصته من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم ، ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه لأن مفاد التفاته عنها أنه اطرحها ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في شأن التفات الحكم عن المستندات المقدمة تدليلاً على انتفاء مسئوليته هو وباقي المتهمين ، وعدم صحة أقوال شهود الإثبات لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان ما يثيره الطاعن بأسباب طعنه بشأن إيراد محكمة الموضوع لدفاع المتهمين الثاني والثالث إبان محاكمتهما السابقة بصورة مبتسرة ، وعدم سؤال المحكمة للمتهم الثاني رغم عدم استجوابه بمعرفة النيابة العامة هو أمر لم يتصل بقضاء الحكم ، فضلاً عن أنه لا مصلحة للطاعن فيه ، ومن ثم فإن منعاه في هذا الشأن لا يكون مقبولاً . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه لا يعيب الحكم خلو محضر الجلسة من إثبات دفاع المتهم كاملاً إذ كان عليه إن كان يهمه تدوينه أن يطلب صراحة إثباته بالمحضر وأن عليه إن ادعى أن المحكمة صادرت حقه في ذلك أن يقدم الدليل ويسجل عليها المخالفة في طلب مكتوب قبل صدور الحكم وإلا لم تجز محاجتها من بعد ذلك أمام محكمة النقض على أساس من تقصيرها فيما كان يتعين عليها تسجيله ومن ثم يكون منعاه في هذا الخصوص غير مقبول . لما كان ذلك ، وكان يبين من مطالعة تحقيقات النيابة العامة - المرفق صورتها - أن ما حصله الحكم من أقوال شاهد الإثبات الرابع له صداه وأصله الثابت في الأوراق ، فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم بدعوى الخطأ في الإسناد في هذا الشأن لا يكون له محل . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ