الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

‏إظهار الرسائل ذات التسميات احكام الدستورية. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات احكام الدستورية. إظهار كافة الرسائل

السبت، 11 مايو 2024

الدعوى رقم 36 لسنة 41 ق دستورية عليا "تنازع" جلسة 6 / 4 / 2024

باسم الشعب

المحكمة الدستورية العليا

بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت السادس من أبريل سنة 2024م، الموافق السابع والعشرين من رمضان سنة 1445ه.

برئاسة السيد المستشار / بولس فهمي إسكندر رئيس المحكمة

وعضوية السادة المستشارين: رجب عبد الحكيم سليم والدكتور محمد عماد النجار والدكتور طارق عبد الجواد شبل وخالد أحمد رأفت دسوقي والدكتورة فاطمة محمد أحمد الرزاز ومحمد أيمن سعد الدين عباس   نواب رئيس المحكمة

وحضور السيد المستشار الدكتور/ عماد طارق البشري رئيس هيئة المفوضين

وحضور السيد/ محمد ناجي عبد السميع    أمين السر

أصدرت الحكم الآتي

في الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 36 لسنة 41 قضائية "تنازع"

المقامة من

فوزي نظير عبد الملاك

ضد

رئيس الوحدة المحلية لمركز ومدينة إدفو

-----------

الإجراءات

      بتاريخ السابع والعشرين من يوليو سنة 2019، أودع المدعي صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طالبًا الاعتداد بالحكم الصادر من محكمة إدفو الجزئية بجلسة 29/1/2006، في الدعوى رقم 161 لسنة 2003، المؤيد بالحكم الصادر من محكمة استئناف قنا "مأمورية أسوان" بجلسة 19/6/2006، في الاستئناف رقم 227 لسنة 25 قضائية، وعدم الاعتداد بالحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بأسوان بجلسة 29/1/2019، في الدعوى رقم 8525 لسنة 3 قضائية.

وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الاعتداد بالحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بأسوان، دون الحكم الصادر من محكمة إدفو الجزئية، المؤيد بحكم محكمة استئناف قنا "مأمورية أسوان".

  وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.

  ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وفيها قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم.

-----------

المحكمة

      بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.

حيث إن الوقائع تتحصل – على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق – في أن الوحدة المحلية لمركز ومدينة إدفو أعلنت عام 1990 عن مزايدة عامة لتأجير مقصف معبد إدفو، وتم ترسية المزايدة على المدعي، ولامتناعه عن سداد قيمة التأمين النهائي، واستلام المقصف، فقد تم إلغاء المزايدة ومصادرة التأمين الابتدائي، وإعادة طرح العين في مزايدة عامة مرة أخرى، تم ترسيتها على المدعي ذاته، وتحرر عقد إيجار بين الطرفين لمدة ثلاث سنوات تبدأ من 1/8/1991 وتنتهي في 31/7/1994. وبتاريخ 9/2/2003، أنذرت الوحدة المحلية لمركز ومدينة إدفو المدعي بسداد الفرق بين السعر الذي رست به المزايدة الأولى والسعر الذي رست به المزايدة الأخيرة بالإضافة إلى المصروفات الإدارية ومصروفات النشر والإعلان، كما أنذرته بتوقيع الحجز الإداري في حالة عدم السداد، فبادر المدعي إلى إقامة الدعوى رقم 161 لسنة 2003 مدني أمام محكمة إدفو الجزئية، ضد المدعى عليه وآخر، طالبًا الحكم ببراءة ذمته من المبلغ المطالب به، وعدم الاعتداد بإجراءات الحجز الإداري، وبجلسة 30/10/2004، قضت المحكمة بعدم اختصاصها ولائيًّا بنظر الدعوى، وأحالتها إلى محكمة القضاء الإداري بقنا. وإذ لم يلق هذا القضاء قبولًا من المدعي؛ فطعن عليه أمام محكمة استئناف قنا "مأمورية أسوان" بالاستئناف رقم 1324 لسنة 23 قضائية. وبجلسة 11/4/2005، قضت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وإحالة الأوراق إلى قاضي التنفيذ بمحكمة إدفو الجزئية. وبجلسة 29/1/2006، قضت تلك المحكمة في مادة تنفيذ موضوعية، أولًا: ببراءة ذمة المدعي من مبلغ 59940 جنيهًا، ثانيًا: بعدم الاعتداد بالحجز الموقع بتاريخ 9/2/2003، واعتباره كأن لم يكن، وتأيد ذلك القضاء بالحكم الصادر من محكمة استئناف قنا " مأمورية أسوان" في الاستئناف رقم 227 لسنة 25 قضائية.

ومن ناحية أخرى، أقامت الجهة الإدارية أمام محكمة القضاء الإداري بقنا الدعوى رقم 227 لسنة 12 قضائية، طالبة الحكم بإلزام المدعي بأداء مبلغ 59940 جنيهًا؛ لجبر ما أصابها من أضرار نتيجة عدم إتمامه التعاقد بالرغم من ترسية المزايدة باستغلال المقصف الكائن بمعبد إدفو عليه. وبجلسة 27/3/2008، حكمت المحكمة بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها بالحكم الصادر من محكمة إدفو الجزئية المؤيد بحكم محكمة استئناف قنا "مأمورية أسوان" السالف بيانهما. وإذ لم يلق هذا القضاء قبولًا لدى الجهة الإدارية؛ فقد طعنت عليه أمام المحكمة الإدارية العليا بالطعن رقم 26746 لسنة 54 قضائية. حكمت المحكمة بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبإعادة الدعوى إلى محكمة القضاء الإداري بقنا للفصل فيه. حكمت محكمة القضاء الإداري بأسوان في الدعوى التي قيدت أمامها برقم 8525 لسنة 3 قضائية، بإلزام المدعي بأن يؤدي إلى الجهة الإدارية مبلغ 48600 جنيه، يمثل الفرق بين المبلغ الذي رست به المزايدة الأولى والمبلغ الذي رست به المزايدة الأخيرة. وإذ تراءى للمدعي أن ثمة تناقضًا بين الحكم الصادر من محكمة إدفو الجزئية بجلسة 29/1/2006، في الدعوى رقم 161 لسنة 2003، المؤيد استئنافيًّا بالحكم الصادر من محكمة استئناف قنا "مأمورية أسوان" بجلسة 19/6/2006، في الاستئناف رقم 277 لسنة 25 قضائية، وبين الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بأسوان بجلسة 29/1/2019، في الدعوى رقم 8525 لسنة 3 قضائية؛ فقد أقام دعواه المعروضة.

وحيث إن قضاء المحكمة الدستورية العليا قد جرى على أن المشرع ضمانًا لإنباء المحكمة الدستورية العليا – وبما لا تجهيل فيه – بأبعاد النزاع المعروض عليها ووقوفًا على ماهيته، في ضوء الحكمين محل التناقض، قد حتم وفقًا لنص المادة (34) من قانونها، أن يُرفق بالطلب صورة رسمية من كل من هذين الحكمين، وإلا كان الطلب غير مقبول، ومقتضى ذلك أن تقدم الصور الرسمية للأحكام محل التنازع عند رفع الأمر إلى المحكمة الدستورية العليا، باعتبار أن ذلك يُعد إجراءً جوهريًّا تغيا مصلحة عامة حتى ينتظم التداعي في المسائل التي حددها قانون المحكمة الدستورية العليا.

وحيث إن الثابت بالأوراق أن المدعي أرفق بصحيفة دعواه المعروضة، عند إيداعها قلم كتاب هذه المحكمة، صورة رسمية من الحكم الصادر من محكمة إدفو الجزئية بجلسة 29/1/2006، في الدعوى رقم 161 لسنة 2003، ولم يقدم صورة رسمية من الحكم الصادر من محكمة استئناف قنا "مأمورية أسوان" بجلسة 19/6/2006، في الاستئناف رقم 227 لسنة 25 قضائية، الذي صدر بتأييد الحكم الابتدائي، مكتفيًا بتقديم صورة رسمية من محضر الجلسة، ويمثل هذان الحكمان الحد الأول للتناقض في الدعوى المعروضة؛ الأمر الذي تغدو معه هذه الدعوى غير مستوفية لشروط قبولها، على النحو المقرر بنص المادة (34) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979؛ مما يتعين معه الحكم بعدم قبول الدعوى.

فلهذه الأسباب

      حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى.


الدعوى رقم 6 لسنة 44 ق دستورية عليا " تنازع " جلسة 6 / 4 / 2024

باسم الشعب

المحكمة الدستورية العليا

بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت السادس من أبريل سنة 2024م، الموافق السابع والعشرين من رمضان سنة 1445ه.

برئاسة السيد المستشار / بولس فهمي إسكندر     رئيس المحكمة

وعضوية السادة المستشارين: رجب عبد الحكيم سليم ومحمود محمد غنيم

والدكتور عبد العزيز محمد سالمان وطارق عبد العليم أبو العطا وعلاء الدين أحمد السيد وصلاح محمد الرويني    نواب رئيس المحكمة

وحضور السيد المستشار الدكتور/ عماد طارق البشري رئيس هيئة المفوضين

وحضور السيد/ محمد ناجي عبد السميع       أمين السر

أصدرت الحكم الآتي

في الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 6 لسنة 44 قضائية " تنازع "

المقامة من

خالد مختار أحمد متولي

ضد

رئيس مجلس إدارة بنك القاهرة

-----------

الإجراءات

    بتاريخ الثاني من فبراير سنة 2022، أودع المدعي صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طالبًا الاعتداد بحكم المحكمة التأديبية بالشرقية، الصادر في الدعوى رقم 190 لسنة 8 قضائية، بجلسة 27/6/2019، المؤيد بحكم المحكمة الإدارية العليا، الصادر بجلسة 6/10/2020، في الطعن رقم 105379 لسنة 65 قضائية "عليا"، دون حكم محكمة شمال القاهرة الابتدائية، الصادر في الدعوى رقم 870 لسنة 2015 عمال كلي، المؤيد استئنافيًّا بحكم محكمة استئناف القاهرة، الصادر في الاستئناف رقم 382 لسنة 24 قضائية.

وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.

ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وفيها قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم.

-----------

المحكمة

            بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.

حيث إن الوقائع تتحصل – على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق – في أن البنك المدعى عليه، كان قد تقدم ببلاغ إلى مباحث الأموال العامة، قيد برقم 442 لسنة 2015 إداري قسم أول الزقازيق " أموال عامة "، ضد المدعي الذي كان يعمل بوظيفة مصرفي ممتاز بفرع البنك المذكور بالزقازيق، وآخرين، للتحقيق قيما نُسب إليه من ارتكابه جناية تسهيل الاستيلاء بغير حق على أموال البنك لصالح أحد العملاء، وعلى إثر ذلك أصدر البنك المدعى عليه القرار رقم 35 لسنة 2015 بإيقاف المدعي، وآخرين، عن العمل مؤقتًا مع صرف نصف أجورهم، لحين تصرف النيابة العامة في البلاغ المشار إليه. أقام البنك المدعى عليه أمام محكمة شمال القاهرة الابتدائية الدعوى رقم 870 لسنة 2015 عمال كلي ضد المدعي، وآخرين، طالبًا الحكم، أولًا: بالموافقة على قرار إيقاف المدعي عن العمل رقم 35 لسنة 2015. ثانيًا: بفصل المدعي، وآخرين، من العمل. كما أقام المدعي، وآخرون، أمام المحكمة ذاتها الدعوى رقم 5192 لسنة 2015 عمال كلي، ضد البنك المدعى عليه، طالبين الحكم، أولًا: بوقف تنفيذ ثم إلغاء القرار رقم 35 لسنة 2015، والقضاء بعودتهم إلى العمل مع صرف أجرهم كاملًا من تاريخ صدور قرار الوقف عن العمل وحتى الفصل في الدعوى. ثانيًا: بإلزام البنك بأن يؤدي إلى العاملين مبلغ خمسمائة ألف جنيه بواقع مائة ألف جنيه لكل عامل تعويضًا لهم عن الأضرار المادية والأدبية التي لحقت بهم جراء صدور القرار المشار إليه. وضمت المحكمة الدعويين المشار إليهما للارتباط. وبجلسة 18/12/2019، حكمت أولًا: في الدعوى رقم 780 لسنة 2015 عمال كلي شمال القاهرة، بفصل المدعي، وآخرين. ثانيًا: في الدعوى رقم 5192 لسنة 2015 عمال كلي شمال القاهرة برفضها. طعن المدعي على الحكم أمام محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 382 لسنة 24 قضائية، طلبًا للحكم: بإلغاء الحكم المستأنف والقضاء مجددًا أصليًّا: بعدم اختصاص المحكمة ولائيًّا بنظر الدعوى، وإحالتها إلى القضاء الإداري بمجلس الدولة، واحتياطيًّا: بعدم الاعتداد بقرار الإيقاف عن العمل، الصادر برقم 35 لسنة 2015 فيما جاوز مدة ثلاثة أشهر من تاريخ صدوره، وإلغاء ما يترتب على ذلك من آثار، أهمها: عودته إلى عمله، وأحقيته في صرف جميع مستحقاته، ورفض طلب البنك المدعى عليه بفصله من الخدمة. وبجلسة 5/12/2021، حكمت المحكمة برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف. ومن ناحية أخرى، أقام المدعي أمام المحكمة التأديبية لمحافظة الشرقية الدعوى رقم 190 لسنة 8 قضائية، طالبًا الحكم: بإلغاء القرار المطعون عليه رقم 35 لسنة 2015، الصادر من البنك المدعي بتاريخ 11/2/2015، مع ما يترتب على ذلك من آثار. وبجلسة 27/6/2019، قضت المحكمة بعدم الاعتداد بالقرار السالف البيان، فيما تضمنه من إيقاف المدعي عن العمل لمدة تزيد على ثلاثة أشهر، بدءًا من تاريخ صدور القرار، مع ما يترتب على ذلك من آثار، أهمها استلام عمله وأحقيته في جميع مستحقاته المالية. طعن البنك المدعى عليه على هذا الحكم أمام المحكمة الإدارية العليا، بالطعن رقم 105379 لسنة 65 قضائية "عليا". وبجلسة 6/10/2020، حكمت المحكمة برفض الطعن.

وإذ ارتأى المدعي أن الحكمين النهائيين الصادر أحدهما من محكمة شمال القاهرة الابتدائية في الدعويين رقمي 870 و 5192 لسنة 2015 عمال كلي شمال القاهرة، القاضي بالموافقة على قرار البنك المدعى عليه رقم 35 لسنة 2015 بإيقاف المدعي عن العمل، وفصله من الخدمة، المؤيد استئنافيًّا بحكم محكمة استئناف القاهرة الصادر في الاستئناف رقم 382 لسنة 24 قضائية. والصادر ثانيهما من المحكمة التأديبية بالشرقية في الدعوى رقم 190 لسنة 8 قضائية القاضي بعدم الاعتداد بقرار البنك المدعى عليه رقم 35 لسنة 2015 بإيقاف المدعي عن العمل لمدة تزيد عن ثلاثة أشهر من تاريخ صدور القرار المذكور، مع ما يترتب على ذلك من آثار، أهمها عودة المدعي للعمل وأحقيته في صرف جميع مستحقاته، المؤيد بحكم المحكمة الإدارية العليا الصادر في الطعن رقم 105379 لسنة 65 قضائية "عليا"؛ قد تعامدا على محل واحد، إذ أيد الحكم الأول القرار الصادر بإيقاف المدعي عن العمل وفصله من الخدمة، بينما قضى الثاني بعدم الاعتداد بقرار الإيقاف المشار إليه فيما جاوز مدة ثلاثة أشهر وعودة المدعي إلى العمل؛ ومن ثم يكون الحكمان قد تناقضا فيما بينهما، وتعذر تنفيذهما معًا، فقد أقام هذه الدعوى؛ بغية فض ذلك التناقض.

وحيث إن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن مناط قبول طلب الفصل في النزاع، الذي يقوم بشأن تنفيذ حكمين نهائيين متناقضين وفقًا للبند " ثالثًا" من المادة (25) من قانونها الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979، هو أن يكون أحد الحكمين صادرًا من أية جهة من جهات القضاء أو هيئة ذات اختصاص قضائي، والآخر من جهة أخرى منها، وأن يكونا قد تعامدا على محل واحد وحسما موضوع النزاع في جوانبه كلها أو بعضها، وتناقضا بحيث يتعذر تنفيذهما معًا.

متى كان ذلك، وكانت حقيقة طلبات المدعي هي الاعتداد بحكم المحكمة التأديبية بالشرقية الصادر في الدعوى رقم 190 لسنة 8 قضائية، المؤيد بحكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 105379 لسنة 65 قضائية "عليا"، دون حكم محكمة شمال القاهرة الصادر في الدعوى رقم 870 لسنة 2015 عمال كلي، المؤيد بحكم محكمة استئناف القاهرة الصادر في الاستئناف رقم 382 لسنة 24 قضائية. وكان الحكم الصادر من المحكمة التأديبية المشار إليه، قد قضى بعدم الاعتداد بالقرار المطعون عليه رقم 35 لسنة 2015 الصادر من البنك المدعى عليه فيما تضمنه من إيقاف المدعي عن العمل فيما يزيد عن ثلاثة أشهر من تاريخ صدوره، مع ما يترتب على ذلك من آثار، أهمها عودته لاستلام عمله وأحقيته في جميع مستحقاته، وقد تأيد هذا الحكم بحكم المحكمة الإدارية العليا سالف البيان، في حين أن حكم محكمة شمال القاهرة الابتدائية الصادر في الدعوى رقم 870 لسنة 2015 عمال كلي قد صدر مؤيدًا لقرار الإيقاف عن العمل وفصل المدعي من البنك المدعى عليه، وقد تأيد هذا الحكم بحكم محكمة استئناف القاهرة الصادر في الاستئناف رقم 382 لسنة 24 قضائية؛ ومن ثم فإن هذين الحكمين يكونان قد اتحدا نطاقًا في شأن مدة الإيقاف التي تجاوز ثلاثة أشهر، فلم يعتد به أولهما، وتأيَّد من ثانيهما، بما لازمه تناقضهما على نحو يتعذر تنفيذهما معًا؛ ومن ثم يكون مناط قبول دعوى التناقض المعروضة متحققًا.

وحيث إن قضاء هذه المحكمة جرى على أن المفاضلة التي تجريها بين الأحكام القضائية النهائية المتناقضة، لتحدد على ضوئها أيهما أحق بالاعتداد به وتنفيذه، إنما تتم على أساس ما قرره المشرع من قواعد لتوزيع الولاية بين الجهات القضائية المختلفة.

وحيث يجري نص المادة (1) من النظام الأساسي لبنك القاهرة على أن "بنك القاهرة شركة مساهمة مصرية خاضعة لأحكام قانون البنك المركزي والجهاز المصرفي والنقد الصادر بالقانون رقم 88 لسنة 2003 ولائحته التنفيذية، وقانون شركات المساهمة وشركة التوصية بالأسهم والشركات ذات المسئولية المحدودة الصادر بالقانون رقم 159 لسنة 1981 ولائحته التنفيذية، وقانون سوق رأس المال الصادر بالقانون رقم 95 لسنة 1992 ولائحته التنفيذية والنظام الأساسي".

وحيث إن البين من التنظيم التشريعي للبنك المدعى عليه أنه يُعد شركة مساهمة مصرية، يعتمد مجلس إدارة البنك المركزي المصري نظامها الأساسي، وتتم إدارتها وفقًا للقواعد السارية في المنشآت المصرفية العادية، دون تقيد بالنظم والقواعد الإدارية المعمول بها في مصالح الحكومة ومؤسساتها العامة.

وحيث إن من المقرر قانونًا أن قرار رب العمل بإيقاف العامل بسبب إحالته إلى المحاكمة الجنائية، أو أمام المحكمة العمالية للنظر في طلب فصله من العمل ليس جزاءً تأديبيًّا -    بالمعنى المنصوص عليه في البند الثالث عشر من المادة (10) من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972 – ولكنه إجراء يستهدف تنحية العامل مؤقتًا عن مباشرة أعمال وظيفته ابتغاء المصلحة العامة، ورعاية لكرامة الوظيفة وصالح التحقيق، فإن المنازعة في شأن هذا الإيقاف، وما يترتب عليه من آثار، لا تدخل في اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري، المنصوص عليه في المادة العاشرة من قانون مجلس الدولة المشار إليه، وإنما يختص بها القضاء العادي صاحب الولاية العامة.

متى كان ما تقدم، وكان قرار البنك المدعى عليه بإنهاء خدمة المدعي قد صدر عنه بوصفه أحد أشخاص القانون الخاص، التي تتولى – في نطاق أغراضها– إدارة الشئون المصرفية بوسائل ليس لها من صلة بوسائل السلطة العامة، ولا وشيجة بامتيازاتها، على نحو يتوافق كليًّا وطبيعة المشروع الخاص، ولا تربطها بالمتعاملين معها، أو العاملين بها، علاقة تنظيمية تحكمها القوانين واللوائح، بل مرد شئون هؤلاء إلى لوائح البنك وقواعد قانون العمل؛ ومن ثم لا يعتبر قرار إيقاف المدعي عن العمل قرارًا إداريًّا، لصدوره في نطاق علائق القانون الخاص، فينحسر عنه اختصاص محاكم مجلس الدولة، ويقع نظر المنازعة بشأنه، ضمن اختصاص جهة القضاء العادي صاحب الولاية العامة، عملًا بنص المادة (188) من الدستور، والمادة (15) من قانون السلطة القضائية الصادر بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 46 لسنة 1972، وهو ما يتعين القضاء به.

فلهذه الأسباب

      حكمت المحكمة بالاعتداد بحكم محكمة شمال القاهرة الابتدائية الصادر بجلسة 18/12/2019، في الدعوى رقم 870 لسنة 2015 عمال كلي، المؤيد بحكم محكمة استئناف القاهرة - مأمورية شمال- الصادر بجلسة 5/12/2021، في الاستئناف رقم 382 لسنة 24 قضائية، دون حكم المحكمة التأديبية بالشرقية الصادر بجلسة 27/6/2019، في الدعوى رقم 190 لسنة 8 قضائية، المؤيد بحكم المحكمة الإدارية العليا الصادر بجلسة 6/10/2020، في الطعن رقم 105379 لسنة 65 قضائية "عليا".

الثلاثاء، 7 مايو 2024

الدعوى رقم 29 لسنة 43 ق دستورية عليا "تنازع" جلسة 6 / 4 / 2024

باسم الشعب

المحكمة الدستورية العليا

بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت السادس من أبريل سنة 2024م، الموافق السابع والعشرين من رمضان سنة 1445ه.

برئاسة السيد المستشار / بولس فهمي إسكندر رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: رجب عبد الحكيم سليم ومحمود محمد غنيم والدكتور عبد العزيز محمد سالمان وطارق عبد العليم أبو العطا وعلاء الدين أحمد السيد وصلاح محمد الرويني نواب رئيس المحكمة

وحضور السيد المستشار الدكتور/ عماد طارق البشري رئيس هيئة المفوضين

وحضور السيد/ محمد ناجي عبد السميع   أمين السر

أصدرت الحكم الآتي

في الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 29 لسنة 43 قضائية "تنازع"

المقامة من

1- محمد أحمد يوسف الطويل

2- نادية أحمد يوسف الطويل

ضد

1- رئيس الجمهورية

2- رئيس مجلس الوزراء

3- وزير المالية، بصفته الرئيس الأعلى لجهاز تصفية الحراسات ( جهاز إدارة    والتصرف في الأموال المستردة والمتحفظ عليها - حاليًّا )

4- النائب العام

5- وزير العدل

6- وزير الأوقاف

7- وزير الداخلية

---------------

الإجراءات

بتاريخ الخامس والعشرين من أكتوبر سنة 2021، أودع المدعيان صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طالبين الحكم، بصفة مستعجلة: بوقف تنفيذ الحكم الصادر من محكمة جنايات دمياط في القضية رقم 7520 لسنة 2016 جنايات قسم أول دمياط، المقيدة برقم 900 لسنة 2016 كلي دمياط، وفي الموضوع: بعدم الاعتداد بذلك الحكم، المؤيد بحكم محكمة النقض الصادر في الطعن رقم 20932 لسنة 89 قضائية،    والاعتداد بالحكم الصادر من محكمة القيم في الدعويين رقمي 556 لسنة 2 و100 لسنة 6 قضائية قيم، المؤيد بحكم المحكمة العليا للقيم الصادر في الطعنين رقمي 68 و69 لسنة 17 قضائية قيم عليا، وبحكم محكمة النقض الصادر في الطعنين رقمي 3635 و3737 لسنة 69 قضائية، والاعتداد بحكم محكمة القضاء الإداري الصادر في الدعوى رقم 5107 لسنة 55 قضائية، المؤيد بحكم المحكمة الإدارية العليا الصادر في الطعن رقم 3782 لسنة 48 قضائية "عليا"، والاعتداد بحكم محكمة القضاء الإداري الصادر في الدعوى رقم 2770 لسنة 57 قضائية، المؤيد بحكم المحكمة الإدارية العليا الصادر في الطعن رقم 13989 لسنة 49 قضائية "عليا".

وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم بعدم قبول الدعوى.

وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.

ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وفيها قدم الحاضر عن المدعيين مذكرة، صمم فيها على الطلبات الواردة بصحيفة هذه الدعوى، وقدم صورة رسمية من حكم محكمة القضاء الإداري الصادر بجلسة 24/6/2003، في الدعوى رقم 2770 لسنة 57 قضائية، وقررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم.

--------------

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.

حيث إن الوقائع تتحصل –على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق– في أن ورثة أحمد يوسف الطويل، ومنهم المدعيان، أقاموا أمام محكمة القيم الدعويين رقمي 556 لسنة 2 قضائية قيم و100 لسنة 6 قضائية قيم، ضد المدعى عليه الثالث، وآخرين، طالبين الحكم بإلزامهم برد العقارات والأطيان المملوكة لمورثهم، ومن بينها العقار الكائن برقم (4) شارع المدابغ بمدينة دمياط، عينًا أو أداء قيمتها الحقيقية عند استحالة الرد العيني، والتعويض، وفوائد بنسبة 4% من تاريخ الاستحقاق حتي تمام السداد، ومحو كافة ما جرى عليها من تسجيلات بالشهر العقاري، والتي سبق أن فُرضت عليها الحراسة استنادًا إلى أحكام قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 162 لسنة 1958 بشأن حالة الطوارئ. وبجلسة 5/7/1997، حكمت المحكمة بإلغاء عقود البيع المُشهرة بمكاتب توثيق الشهر العقاري المختصة، فيما تضمنته من بيع المُدعى عليه الثالث لعدد من العقارات المملوكة لمورث المدعيين، ومن بينها العقار الكائن برقم (4) شارع المدابغ بمدينة دمياط، وبتسليم هذه العقارات إلى المُدعيين، وآخرين، وعقود الإيجار الخاصة بها، والتأشير بذلك الإلغاء في سجلات الشهر العقاري بغير رسوم والتعويض والفوائد القانونية، وتأيد هذا القضاء بحكم المحكمة العليا للقيم الصادر بجلسة 12/6/1999، في الطعنين رقمي 68 و69 لسنة 17 قيم عليا. وإذ لم يصادف هذا القضاء قبولًا لدى المدعى عليه الثالث؛ فطعن عليه بطريق النقض بالطعن رقم 3635 لسنة 69 قضائية، كما طعن عليه المدعيان وآخرون، بالطعن رقم 3737 لسنة 69 قضائية. وبجلسة 9/6/2012، قضت المحكمة، أولًا: في الطعن رقم 3635 لسنة 69 قضائية، بنقض الحُكم المطعون فيه الصادر في الطعن رقم 68 لسنة 16 قضائية قيم عليا، جزئيًّا، فيما قضى به – بأسبابه - من تعديل الحُكم الابتدائي باحتساب 7٪ سنويًّا كريع استثماري وليست فائدة اعتبارًا من 1/9/1981، وبتعديله بجعلها 4٪ سنويًّا اعتبارًا من 1/9/1981، والتأييد فيما عدا ذلك، ثانيًا: في الطعن رقم 3737 لسنة 69 قضائية برفضه.

ثم أقام المُدعيان، وآخرون، أمام محكمة القضاء الإداري الدعوى رقم 5107 لسنة 55 قضائية، ضد كلٍ من: المُدعى عليهما السادس والسابع، ورئيس هيئة الأوقاف المصرية، طالبين الحُكم بوقف تنفيذ وإلغاء قرار رئيس هيئة الأوقاف المصرية رقم 360 لسنة 2001، مع ما يترتب على ذلك من آثار، فيما تضمنه من إزالة التعدي الواقع من أحد ورثة أحمد يوسف الطويل، وآخرين، على العقار الكائن برقم (4) شارع المدابغ بدمياط، وأضاف المُدعون طلبًا جديدًا، بوقف تنفيذ القرار رقم 424 لسنة 2001 الصادر من رئيس هيئة الأوقاف المصرية عن عقار التداعي المشار إليه. وبجلسة 15/1/2002، قضت المحكمة، أولًا: بعدم قبول طلب وقف تنفيذ القرار رقم 424 لسنة 2001 شكلًا، ثانيًا: بقبول طلب وقف تنفيذ القرار رقم 360 لسنة 2001 شكلًا، وبوقف تنفيذه مع ما يترتب على ذلك من آثار، وأمرت بإحالة هذا الطلب إلى هيئة مُفوضي الدولة لإعداد تقرير بالرأي القانوني في طلب الإلغاء.

لم يرتض المُدعى عليهما السادس والسابع، ورئيس هيئة الأوقاف المصرية، ذلك القضاء؛ فطعنوا عليه أمام المحكمة الإدارية العليا، بالطعن رقم 3782 لسنة 48 قضائية عليا، وبجلسة 28/3/2007، قضت المحكمة: بقبول الطعن شكلًا، ورفضه موضوعًا.

ثم أصدر رئيس هيئة الأوقاف المصرية، قرارًا آخر برقم 581 لسنة 2002، بإزالة التعدي الواقع من ورثة أحمد يوسف الطويل على عقار التداعِي المُشار إليه في الدعوى السالف بيانها، فبادر المُدعيان، وآخرون، بالطعن عليه أمام محكمة القضاء الإداري بالدعوى رقم 2770 لسنة 57 قضائية، مخاصمين المُدعى عليهما السادس والسابع ورئيس هيئة الأوقاف المصرية. وبجلسة 24/6/2003، قضت المحكمة بقبول الدعوى شكلًا، وبوقف تنفيذ القرار المطعون فيه، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وأمرت بإحالة الدعوى إلى هيئة مُفوضي الدولة لإعداد تقرير بالرأي القانوني في طلب الإلغاء. طعن المُدعى عليهما السادس والسابع ورئيس هيئة الأوقاف، على ذلك القضاء أمام المحكمة الإدارية العليا بالطعن رقم 13989 لسنة 49 قضائية عليا، وبجلسة 22/6/2010، قضت المحكمة باعتبار الطعن كأن لم يكُن.

ومن جهة أخرى، أحالت النيابة العامة كلًّا من المدعي الأول في الدعوى المعروضة، وآخر، إلى محكمة جنايات دمياط في الدعوى رقم 7520 لسنة 2016 قسم أول دمياط، المقيدة برقم 900 لسنة 2016 كلي دمياط، متهمة إياهما بالاستيلاء وتسهيل الاستيلاء بغير حق وبنية التملك على العقار الكائن برقم (4) شارع المدابغ بمدينة دمياط، حال كون هذا العقار وقفًا خيريًّا خاضعًا لإدارة هيئة الأوقاف، وارتبطت تلك الجناية بجنايتي تزوير في محرر رسمي واستعمال هذا المحرر فيما زُوّر من أجله. وبجلسة 25/8/2019، حكمت المحكمة حضوريًّا بتوكيل: بمُعاقبة المدعي الأول، وآخر، بالسجن المُشدد لمُدة عشر سنوات، وبالغرامة وبرد مبلغ مساوٍ لقيمة الغرامة، وبمُصادرة المُحررات المُزورة المضبوطة، وتأيَّد هذا القضاء بحكم محكمة النقض الصادر بجلسة 5/9/2021، في الطعن رقم 20932 لسنة 89 قضائية.

وإذ تراءى للمدعيين أن ثمة تناقضًا بين حكم محكمة جنايات دمياط في الدعوى رقم 7520 لسنة 2016 جنايات قسم أول دمياط، المقيدة برقم 900 لسنة 2016 كلي دمياط، والمؤيد بحكم محكمة النقض في الطعن رقم 20932 لسنة 89 قضائية، وبين حكم محكمة القيم في الدعويين رقمي 556 لسنة 2 قضائية قيم و100 لسنة 6 قضائية قيم، المؤيد بحكم محكمة القيم العليا في الطعنين رقمي 68 و69 لسنة 17 قضائية قيم عليا، المؤيد بحكم محكمة النقض في الطعنين رقمي 3635 و3737 لسنة 69 قضائية، وكذلك تناقضه مع حكم محكمة القضاء الإداري في الدعوى رقم 5107 لسنة 55 قضائية، المؤيد بحكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 3782 لسنة 48 قضائية "عليا"، وتناقضه - أيضًا - مع حكم محكمة القضاء الإداري في الدعوى رقم 2770 لسنة 57 قضائية، المؤيد بحكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 13989 لسنة 49 قضائية "عليا"، وذلك فيما فصلت فيه هذه الأحكام بشأن ملكية المدعيين، وآخرين، للعقار الكائن (4) شارع المدابغ مدينة دمياط؛ ومن ثم أقاما الدعوى المعروضة.

وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن نص المادة (192) من الدستور والبند "ثالثًا" من المادة (25) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 قد أسندا لهذه المحكمة دون غيرها الاختصاص بالفصل في النزاع الذي يقوم بشأن تنفيذ حكمين نهائيين متناقضين أحدهما صادر من أيَّة جهة من جهات القضاء أو هيئة ذات اختصاص قضائي والآخر من جهة أخرى منها، ويتعين على كل ذي شأن – عملًا بنص الفقرة الثانية من المادة (32) من قانون هذه المحكمة – أن يبين في طلب فض التناقض بين الحكمين النهائيين النزاع القائم حول التنفيذ ووجه التناقض بين الحكمين. وكان المشرع ضمانًا لإنباء المحكمة الدستورية العليا – بما لا تجهيل فيه – بأبعاد النزاع، تعريفًا به، ووقوفًا على ماهيته، على ضوء الحكمين المتنازعين، قد حتَّم في المادة (34) من قانونها أن يرفق بطلب فض التنازع صورة رسمية من كلٍ من هذين الحكمين، وأن يقدما معًا عند رفع الأمر إلى المحكمة الدستورية العليا، باعتبار أن ذلك يُعد إجراءً جوهريًّا تغيَّا مصلحة عامة حتى ينتظم التداعي في المسائل التي حددها قانون المحكمة الدستورية العليا وفقًا لأحكامه.

متى كان ما تقدم، وكان الثابت بالأوراق أن المدعيين أرفقا بصحيفة الدعوى المعروضة صورة ضوئية من حكم محكمة القضاء الإداري الصادر بجلسة 24/6/2003، في الدعوى رقم 2770 لسنة 57 قضائية – الشق الأول من أحد حدي التناقض – فإن ذلك مما ينحسر معه أحد شروط قبول الدعوى المعروضة في هذا الشق منها.

ولا ينال من ذلك، تقديم المدعيين صورة رسمية من حكم محكمة القضاء الإداري المار ذكره، بعد إيداع صحيفة هذه الدعوى، لما أوجبته المادة (34) من قانون هذه المحكمة أن يرفق بطلب الفصل في التنازع صورة رسمية من الحكمين اللذين وقع في شأنهما التنازع، وأن يقدما معًا عند رفع الأمر إلى المحكمة الدستورية العليا، وإلا كان الطلب غير مقبول.

وحيث إن مناط قبول طلب الفصل في النزاع الذي يقوم بشأن تنفيذ حكمين نهائيين متناقضين - إعمالًا للبند "ثالثًا" من المادة (25) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 - أن يكون أحد الحكمين صادرًا من أية جهة من جهات القضاء أو هيئة ذات اختصاص قضائي، والآخر من جهة أخرى منها، وأن يكونا قد حسما النزاع وتناقضا بحيث يتعذر تنفيذهما معًا، مما مؤداه أن النزاع الذي يقوم بسبب التناقض بين الأحكام – وتتوافر شروط قبول دعواه أمام هذه المحكمة – هو النزاع الذي يقوم بين أحكام أكثر من جهة من جهات القضاء أو الهيئات ذات الاختصاص القضائي، ولا يشمل ذلك التناقض بين الأحكام الصادرة من المحاكم التابعة لجهة واحدة منها؛ لكون الإجراءات القضائية في تلك الجهة القضائية كفيلة بفض مثل هذا التناقض إذا صدر حكمان متناقضان من محاكمها.

وحيث إن المشرع بمقتضى نص المادة الأولى من قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 1 لسنة 1997، قد وسد إلى محكمة النقض ولاية الفصل في الطعون في الأحكام النهائية الصادرة من المحكمة العليا للقيم في المنازعات المنصوص عليها في المادة (6) من قراره بالقانون رقم 141 لسنة 1981 بتصفية الأوضاع الناشئة عن فرض الحراسة، كما أسند إليها بمقتضى نص الفقرة الثانية من المادة الخامسة من القانون رقم 194 لسنة 2008 الاختصاص بالفصل في طلب إعادة النظر المنصوص عليه في الفصل الخامس من الباب الثالث من قانون حماية القيم من العيب، لتصير بذلك محكمة النقض، قمة جهة القضاء العادي، هي محكمة الطعن بالنسبة إلى الأحكام المشار إليها الصادرة من المحكمة العليا للقيم، لتندرج بذلك محكمة القيم والمحكمة العليا للقيم ضمن محاكم جهة القضاء العادي.

متى كان ما تقدم، وكان حكم محكمة القيم الصادر في الدعويين رقمي 556 لسنة 2 قضائية قيم و100 لسنة 6 قضائية قيم، المؤيد بحكم المحكمة العليا للقيم    الصادر في الطعنين رقمي 68 و69 لسنة 17 قضائية قيم عليا، يعتبر- في ضوء ما تقدم - صادرًا من جهة القضاء العادي شأنه شأن الحكم الصادر من محكمة جنايات دمياط في الدعوى رقم 7520 لسنة 2016 جنايات قسم أول دمياط؛ ومن ثم فإن الأحكام الصادرة من محكمة القيم والمحكمة العليا للقيم – التي تمثل الشق الثاني من أحد حدي التناقض – وحكم محكمة الجنايات – الحد الآخر للتناقض - تكون قد صدرت من محاكم تابعة لجهة قضاء واحدة هي جهة القضاء العادي؛ مما ينحسر معه شرط قبول الدعوى المعروضة في هذا الشق منها .

وحيث إن المقرر في قضاء المحكمة الدستورية العليا أن المفاضلة التي تجريها بين الحكمين النهائيين المتناقضين لتحدد على ضوئها أيهما أحق بالاعتداد به عند التنفيذ، إنما تتم على أساس ما قرره المشرع من قواعد توزيع الولاية بين جهات القضاء المختلفة.

وحيث إن حكم محكمة القضاء الإداري الصادر بجلسة 15/1/2002، في الشق العاجل من الدعوى رقم 5107 لسنة 55 قضائية، بوقف تنفيذ قرار رئيس هيئة الأوقاف المصرية رقم 360 لسنة 2001، فيما تضمنه من إزالة التعدي الواقع على العقار محل التداعي الكائن برقم (4) شارع المدابغ بدمياط، لم يحسم موضوع الدعوى الأصلي، ولا يمس أصل النزاع أو يتعرض لموضوعه – ولا يقيد المحكمة عند نظر هذا الموضوع – إذ تقيمه المحكمة على ما بدا لنظرتها العابرة، وما استبان لها من ظاهر الأوراق المطروحة عليها، ليكون حكمها مؤقتًا بطبيعته، مرتبطًا ببقاء الظروف التي اتصل بها دون تغيير فيها، فلا يكون لعناصره من قوام يكفل ثباتها ولا تثبت له سوى حجية مؤقتة تزول دومًا بصدور حكم في الموضوع، وذلك خلافًا للحكم الصادر من محكمة جنايات دمياط، الصادر بجلسة 25/8/2019، في الدعوى رقم 7520 لسنة 2016 جنايات قسم أول دمياط، المقيدة برقم 900 لسنة 2016 كلي دمياط، القاضي بإدانة المدعي الأول في الدعوى المعروضة، وآخر، عما نسب إليهما من الاستيلاء على العقار محل التداعي الكائن برقم (4) شارع المدابغ بدمياط، الذي انحسم به النزاع المعروض على المحكمة، وأنهى الدعوى الجنائية من خلال الفصل في موضوعها، بما لازمه انتفاء التناقض بينه وبين حكم محكمة القضاء الإداري في الشق العاجل- المار ذكره -، وبالمعنى الذي قصده المشرع في البند "ثالثًا" من المادة (25) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979، ذلك أن التناقض الذي يستنهض ولاية هذه المحكمة للفصل فيه – وعلى ما جرى به قضاؤها لا يثور – بين قضائين أحدهما صادر في موضوع النزاع والآخر في الشق المستعجل منه، باعتبار أن ثانيهما لا يعرض إلا لهذا الشق على ضوء ظاهر الأوراق ودون قضاء قاطع في شأن مضمونها، وذلك خلافًا لإنهاء أولهما للخصومة المرددة بين أطرافها من خلال الفصل في موضوعها، وبذلك يتخلف أيضًا شرط قبول الدعوى المعروضة في هذا الشق؛ الأمر الذي يتعين معه الحكم بعدم قبول الدعوى برمتها.

وحيث إنه عن طلب وقف تنفيذ الحكم الصادر من محكمة جنايات دمياط في الدعوى رقم 7520 لسنة 2016 جنايات قسم أول دمياط، المقيدة برقم 900 لسنة 2016 كلي دمياط، فإنه يعد فرعًا من أصل النزاع في الدعوى المعروضة، الذي انتهت هذه المحكمة - فيما تقدم - إلى عدم قبوله؛ فإن قيام رئيس المحكمة الدستورية العليا – طبقًا لنص المادة (32) من قانونها الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 – بمباشرة اختصاص البت في هذا الطلب، يكون قد بات غير ذي موضوع.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى.

الدعوى رقم 26 لسنة 42 ق دستورية عليا "تنازع" جلسة 6 / 4 / 2024

باسم الشعب

المحكمة الدستورية العليا

بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت السادس من أبريل سنة 2024م، الموافق السابع والعشرين من رمضان سنة 1445ه.

برئاسة السيد المستشار / بولس فهمي إسكندر  رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: رجب عبد الحكيم سليم والدكتور محمد عماد النجار والدكتور طارق عبد الجواد شبل وخالد أحمد رأفت دسوقي والدكتورة فاطمة محمد أحمد الرزاز ومحمد أيمن سعد الدين عباس  نواب رئيس المحكمة

وحضور السيد المستشار الدكتور/ عماد طارق البشري  رئيس هيئة المفوضين

وحضور السيد/ محمد ناجي عبد السميع  أمين السر


أصدرت الحكم الآتي

في الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 26 لسنة 42 قضائية "تنازع"

المقامة من

منى محمد عبد المنعم سليمان

ضد

أولًا: سامح محمود سامي عبد الحميد

ثانيًا: ورثة/ فتحية محمد عبد المنعم سليمان، وهم:

صبري أحمد إبراهيم

إسلام صبري أحمد إبراهيم

مروة صبري أحمد إبراهيم

دينا صبري أحمد إبراهيم

ورثة/ قدرية عبد المنعم الشوربجي، وهن:

منى محمد عبد المنعم سليمان

علا محمد عبد المنعم سليمان

يسرية محمد عبد المنعم سليمان

أمل محمد عبد المنعم سليمان

أولاد ابنة/ فتحية محمد عبد المنعم سليمان، وهم:

مروة صبري أحمد إبراهيم

دينا صبري أحمد إبراهيم

إسلام صبري أحمد إبراهيم

ثالثًا: رئيس جهاز القاهرة الجديدة

رابعًا: وزير العدل، بصفته الرئيس الأعلى لمصلحة الشهر العقاري والتوثيق

خامسًا: رئيس مكتب الشهر العقاري، مدينة نصر أول

-----------------

الإجراءات

   بتاريخ السادس والعشرين من ديسمبر سنة 2020، أودعت المدعية صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طالبة الاعتداد بالحُكم    الصادر من محكمة القضاء الإداري - الدائرة الثانية -، بجلسة 29/4/2018، في الدعوى رقم 5197 لسنة 70 قضائية، المؤيد بالحُكم الصادر من المحكمة الإدارية العليا، بجلسة 12/10/2020، في الطعن رقم 73740 لسنة 64 قضائية "عليا"، وعدم الاعتداد بالحكم الصادر من محكمة استئناف القاهرة  مأمورية شمال  بجلسة 15/5/2019، في الاستئنافين رقمي 2572 و 2573 لسنة 20 قضائية، المؤيد بالقرار الصادر من محكمة النقض، في غرفة مشورة، بجلسة 10/2/2020، في الطعن رقم 14561 لسنة 89 قضائية.

وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم بعدم قبول الدعوى.

وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.

ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وفيها قدم المدعى عليه الأول مذكرة، طالبًا الحكم بعدم قبول الدعوى، وقررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم.

----------------

المحكمة

  بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.

حيث إن الوقائع تتحصل – على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق – في أن المدعى عليه الأول أقام أمام محكمة القاهرة الجديدة الابتدائية، الدعويين رقمي 8 و 9 لسنة 2015 مدني حكومة، ضد المدعية، ومورثة المدعى عليهم "ثانيًا"، طالبًا الحُكم ببُطلان البيوع التي تمت بين المدعية ومورثة المدعى عليهم السالفة بشأن الشقة وقطعة الأرض المبينتي الحدود والمعالم بصحيفتى الدعويين المشار إليهما، وذلك للغش والصورية، وعدم نفاذها في مواجهته، وإلغاء التوكيلين الرسميين العامين المخصصين الصادرين من المدعية إلى مورثة المدعى عليهم "ثانيًا" – المعينين في طلبه العارض – لبطلانهما وتجاوزهما حدود الوكالة، وعدم نفاذهما في مواجهته، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وبإلزامهما بأن تؤديا إليه، بالتضامن فيما بينهما، مبلغًا مقداره خمسون ألف جنيه، تعويضًا عن الأضرار المادية والأدبية التي لحقت به، مع إلزام المدعى عليهما الرابع والخامس بإلغاء التوكيل الرسمي العام الصادر من المدعية إلى مورثة المدعى عليهم المار ذكرها. وبجلسة 29/3/2016 حكمت المحكمة في الدعويين برفض الطلب العارض والدعوى الأصلية. وإذ لم يلق هذا القضاء قبولًا لدى المدعى عليه الأول، فطعن عليهما أمام محكمة استئناف القاهرة - مأمورية شمال - بالاستئنافين رقمي 2572 و 2573 لسنة 20 قضائية. كما طعنت عليه مورثة المدعى عليهم "ثانيًا"، أمام المحكمة ذاتها بالاستئنافين رقمي 2991 و2992 لسنة 20 قضائية. وبجلسة 15/5/2019 قضت المحكمة في الاستئنافين المار ذكرهما بانقطاع سير الخصومة لوفاة المُستأنفة - مورثة المدعى عليهم "ثانيًا" - وفي الاستئنافين رقمي 2572 و 2573 لسنة 20 قضائية، بإلغاء التوكيل الرسمي العام رقم 2024 س لسنة 2009 توثيق مدينة نصر أول، والتوكيل الرسمي العام المُخصص رقم 66 ه لسنة 2015، الذي تضمنت سعته بيع الشقة رقم 6/أ بالدور الثاني بالعمارة رقم 102 نموذج (و) -الحي الرابع - المنطقة الأولي - التجمع الخامس، كذلك إلغاء التوكيل الرسمي العام المُخصص رقم 67 ه لسنة 2015، الذي تضمنت سعته، بيع قطعة الأرض رقم (146) منطقة (ز) - حي أبو الهول - القاهرة الجديدة، وذلك لبطلانهما، وعدم نفاذ أية تصرفات بالبيع، تكون قد أبرمت، استنادًا إلى هذين التوكيلين، في حق المُدعى عليه الأول، مع ما يترتب على ذلك من آثار، والتأييد فيما عدا ذلك. لم ترتض المُدعية ذلك القضاء؛ فطعنت عليه أمام محكمة النقض بالطعن رقم 14561 لسنة 89 قضائية. وبجلسة 10/2/2020، قررت المحكمة - في غرفة مشورة - عدم قبول الطعن.

ومن جهة أخرى، أقام المدعى عليه الأول أمام محكمة القضاء الإداري

- الدائرة الثانية - الدعوى رقم 5197 لسنة 70 قضائية، ضد المدعية وآخرين، طالبًا الحكم وفق طلباته الختامية: بوقف تنفيذ ثم إلغاء قرار جهة الإدارة السلبي بالامتناع عن إلغاء التوكيل الرسمي العام رقم 2024 س لسنة 2009 توثيق مدينة نصر أول، والتوكيل الرسمي العام رقم 5263 ب لسنة 2006 توثيق مطروح. وبجلسة 29/4/2018، قضت المحكمة برفض الدعوى. وإذ لم يلق هذا القضاء قبولًا لدى المدعى عليه الأول؛ فطعن عليه أمام المحكمة الإدارية العليا بالطعن رقم 73740 لسنة 64 قضائية "عليا"، التي قضت برفض الطعن.

وإذ تراءى للمدعية أن ثمة تناقضًا بين الحكمين الصادر أولهُما من محكمة القضاء الإداري بجلسة 29/4/2018، في الدعوى رقم 5197 لسنة 70 قضائية، المؤيد بقضاء المحكمة الإدارية العليا الصادر بجلسة 12/10/2020، في الطعن رقم 73740 لسنة 64 قضائية "عليا"، برفض دعوى المدعى عليه الأول إلغاء قرار جهة الإدارة السلبي بشأن التوكيلين السالف بينهما، والصادر ثانيهُما من محكمة استئناف القاهرة - مأمورية شمال - بجلسة 15/5/2019، في الاستئنافين رقمي 2572 و 2573 لسنة 20 قضائية، المؤيد بقرار محكمة النقض – في غرفة مشورة - الصادر بجلسة 10/2/2020، في الطعن رقم 14561 لسنة 89 قضائية، والقاضي بإلغاء التوكيل الرسمي العام رقم 2024 س لسنة 2009 توثيق مدينة نصر أول، والتوكيلين الرسميين العامين المُخصصين رقمي 66 ه ، و67 ه لسنة 2015؛ فقد أقامت المدعية دعواها المعروضة.

وحيث إن الأحكام النهائية التي تراءى للمدعي تناقضها، قد صدرت عن جهتين مختلفتين من جهات القضاء، وكان من بين ما قضت في شأنه، التوكيل رقم 2024 س لسنة 2009 توثيق مدينة نصر أول، الذي أبقى عليه القضاء الإداري قائمًا، فيما ألغاه القضاء العادي؛ ومن ثم تكون أحكام جهتي القضاء المار بيانهما، قد اتحدت محلًا ونطاقًا في الشأن السالف الذكر، وتناقضت على نحو يتعذر معه تنفيذهما معًا، لينعقد الاختصاص لهذه المحكمة، بالفصل في النزاع المعروض، عملًا بنص البند "ثالثًا" من المادة (25) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979.

وحيث إن قضاء المحكمة الدستورية العليا قد جرى على أن المفاضلة التي تجريها المحكمة بين الحكمين النهائيين المتناقضين لتحدد على ضوئها أيهما أحق بالاعتداد به عند التنفيذ، إنما تتم على أساس ما قرره المشرع من قواعد لتوزيع الولاية بين جهات القضاء المختلفة.

متى كان ما تقدم، وكان مقتضى نص المادة ( 188 ) من الدستور الحالي، والمادة (15) من قانون السلطة القضائية الصادر بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 46 لسنة 1972، انعقاد الولاية لمحاكم جهة القضاء العادي بالفصل في كافة المنازعات والجرائم، عدا ما تختص به جهة قضاء أخرى، بما مؤداه اختصاصها بنظر كافة المنازعات الناشئة عن تطبيق روابط القانون الخاص، وكان عقد الوكالة من بين العقود المسماة في القانون المدني، ولازمه أن يكون انعقاد الوكالة أو إلغاؤها وسائر الأحكام المتصلة بها، أدخل إلى اختصاص جهة القضاء العادي حتى لو أفرغت الوكالة في صورة رسمية يلزم معها تدخل جهة الإدارة، ما دامت المنازعة الناشئة عنها تدور، أصالة بين أطرافها، وتتحدد أسبابها على ضوء الأحكام العامة أو الخاصة للعقود، ولا تخاصم فيها جهة الإدارة إلا بوصفها القائمة على إجراء التوثيق اللازم لانعقاد الوكالة أو إلغائها، ما دامت الخصومة لم تستطل إلى عوار شاب إجراءات التوثيق في ذاتها؛ ومن ثم يكون الحكم الصادر من محكمة استئناف القاهرة    - مأمورية شمال - بجلسة 15/5/2019، في الاستئنافين رقمي 2572 و2573 لسنة 20 قضائية، المؤيد بقرار محكمة النقض – في غرفة مشورة – الصادر بجلسة 10/2/2020، في الطعن رقم 14561 لسنة 89 قضائية، هو الأَولى بالاعتداد به دون الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري - الدائرة الثانية -، بجلسة 29/4/2018، في الدعوى رقم 5197 لسنة 70 قضائية، المؤيد من المحكمة الإدارية العليا بحكمها الصادر بجلسة 12/10/2020، في الطعن رقم 73740 لسنة 64 قضائية "عليا"، وهو ما يتعين القضاء به.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بالاعتداد بحكم محكمة استئناف القاهرة  مأمورية شمال  الصادر بجلسة 15/5/2019، في الاستئنافين رقمي 2572 و2573 لسنة 20 قضائية، المؤيد بقرار محكمة النقض - في غرفة مشورة - الصادر بجلسة 10/2/2020، في الطعن رقم 14561 لسنة 89 قضائية، دون حكم محكمة القضاء الإداري - الدائرة الثانية - الصادر بجلسة 29/4/2018، في الدعوى رقم 5197 لسنة 70 قضائية، المؤيد بحكم المحكمة الإدارية العليا الصادر بجلسة 12/10/2020، في الطعن رقم 73740 لسنة 64 قضائية "عليا".

الدعوى رقم 74 لسنة 43 ق دستورية عليا "دستورية" جلسة 6 / 4 / 2024

باسم الشعب

المحكمة الدستورية العليا

بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت السادس من أبريل سنة 2024م، الموافق السابع والعشرين من رمضان سنة 1445ه.

برئاسة السيد المستشار / بولس فهمي إسكندررئيس المحكمة

وعضوية السادة المستشارين: رجب عبد الحكيم سليم ومحمود محمد غنيم والدكتور عبد العزيز محمد سالمان وطارق عبد العليم أبو العطا وعلاء الدين أحمد السيد وصلاح محمد الرويني نواب رئيس المحكمة

وحضور السيد المستشار الدكتور/ عماد طارق البشري رئيس هيئة المفوضين

وحضور السيد/ محمد ناجي عبد السميع   أمين السر

أصدرت الحكم الآتي

في الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 74 لسنة 43 قضائية "دستورية"، بعد أن أحالت محكمة النقض (الدائرة المدنية والعمالية) بحكمها الصادر بجلسة 27/5/2021، ملف الطعن رقم 7 لسنة 89 قضائية

المقام من

1- أحمد عصام راغب العزبي

2- أيمن محمد أحمد نور الدين

3- عمرو يحيى الشيمي علي حسنين

4- باسم ملاك نجيب

5- سامح حسن نصر أحمد

6- ماجي محب ميخائيل

7- محمد محسن صوفي

8- أحمد عبد اللطيف أبو العزم

9- أحمد السعيد أحمد رمضان

10- صبا سعد زغلول أبو عنيبة

11- باسل مدحت توفيق

12- سلام إبراهيم محمد فرج

13- محمد وجدي عبد المنعم أحمد

15- هناء بدر الدين عمر

14- السعيد محمد السعيد مطاوع

ضد

1- نقيب صيادلة مصر

2- أحمد حنفي محمود

3- سيد محمد عطية نصر

---------------

الإجراءات

بتاريخ السادس والعشرين من أغسطس سنة 2021، ورد إلى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا ملف الطعن رقم 7 لسنة 89 قضائية، بعد أن قضت محكمة النقض بجلسة 27/5/2021، بوقف الطعن، وإحالة أوراقه إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل في دستورية المادتين (51 و57) من القانون رقم 47 لسنة 1969 بإنشاء نقابة الصيادلة، فيما نصتا عليه من اختصاص القضاء العادي بنظر الطعن على قرارات التأديب الصادرة من هيئة التأديب بنقابة الصيادلة.

وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم برفض الدعوى.

وقدم الطاعن الأول في الطعن المحال مذكرة، طلب فيها الحكم بعدم دستورية النصين المحالين.

وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.

ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وفيها قدم الطاعن الأول مذكرة بطلباته السالفة، وقررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم.

---------------

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.

حيث إن الوقائع تتحصل – على ما يتبين من حكم الإحالة وسائر الأوراق – في أن مجلس نقابة صيادلة القاهرة أقام أمام هيئة التأديب الابتدائية بنقابة الصيادلة الدعوى التأديبية رقم 64 لسنة 2016 ، ضد الطاعنين في الطعن المحال، وآخرين، لمساءلتهم تأديبيًّا عما نسب إليهم من قيام الطاعن الأول صاحب سلسلة صيدليات العزبي، باستعارة أسماء الطاعنين من الثاني حتى الخامسة عشرة، لتمكينه من فتح أكثر من صيدلية، وقيام الباقين ببيع أسمائهم التجارية للطاعن الأول بالمخالفة لأحكام القانون رقم 127 لسنة 1955 في شأن مزاولة مهنة الصيدلة، وبجلسة 26/2/2017، قررت هيئة التأديب الابتدائية معاقبتهم بإسقاط عضويتهم من النقابة؛ فطعنوا على هذا القرار أمام هيئة التأديب الاستئنافية بمحكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 5213 لسنة 134 قضائية. وبجلسة 8/1/2019، قضت الهيئة بتأييد القرار التأديبي رقم 64 لسنة 2016 بالنسبة إلى الطاعن الأول، وتعديله بالنسبة إلى باقي الطاعنين إلى الاكتفاء بوقفهم عن مزاولة مهنة الصيدلة لمدة سنة؛ فطعنوا على هذا الحكم أمام محكمة النقض بالطعن المقيد برقم 7 لسنة 89 قضائية. وبجلسة 27/5/2021، قررت المحكمة وقف السير في الطعن، وإحالة الأوراق إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل في دستورية ما نصت عليه المادتان (51 و57) من القانون رقم 47 لسنة 1969 بإنشاء نقابة الصيادلة، من اختصاص جهة القضاء العادي بنظر الطعن على القرارات الصادرة من هيئة التأديب الابتدائية بنقابة الصيادلة، لما تراءى لها من مخالفة هذين النصين للمادة (190) من الدستور، التي أصبح بمقتضاها مجلس الدولة دون غيره، هو القاضي الطبيعي لنظر المنازعات الإدارية، وذلك في ضوء ما تواتر عليه قضاء المحكمة الدستورية العليا من أن النقابات المهنية تُعد من أشخاص القانون العام، وتُعد الطعون المتعلقة بصحة انعقاد الجمعية العمومية لأي من تشكيلات النقابات المختلفة، وكذا تشكيل مجالس إداراتها أو القرارات الصادرة عنها، من قبيل المنازعات الإدارية التي ينعقد الاختصاص بنظرها والفصل فيها لمجلس الدولة، بهيئة قضاء إداري، دون غيره.

وحيث إن المادة (51) من القانون رقم 47 لسنة 1969 بإنشاء نقابة الصيادلة تنص على أن "يكون استئناف قرارات هيئة التأديب الابتدائية، أمام هيئة تأديبية استئنافية تتكون من إحدى دوائر محكمة استئناف القاهرة، وعضوين يختار المجلس أحدهما من بين أعضائه، ويختار ثانيهما الصيدلي المحال إلى المحاكمة التأديبية من بين الصيادلة، فإذا لم يُعمل الصيدلي حقه في الاختيار خلال أسبوع من تاريخ إعلانه بالجلسة المحددة لمحاكمته اختار المجلس العضو الثاني".

وتنص المادة (57) من القانون ذاته على أنه " لمن صدر القرار ضده ولمجلس النقابة بناءً على طلب لجنة التحقيق أن يستأنف القرار أمام هيئة التأديب الاستئنافية خلال ثلاثين يومًا من تاريخ إعلان القرار إلى المتهم إذا كان حضوريًّا أو من تاريخ انتهاء ميعاد المعارضة إذا كان غيابيًّا".

وحيث إن من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الخطأ في تأويل أو تطبيق النصوص القانونية لا يوقعها في حمأة المخالفة الدستورية، إذا كانت صحيحة في ذاتها، وأن الفصل في دستورية النصوص القانونية المحالة أو المدعى مخالفتها للدستور لا يتصل بكيفية تطبيقها عملًا، ولا بالصورة التي فهمها القائمون على تنفيذها، وإنما مرد اتفاقها مع الدستور أو خروجها عليه، إلى الضوابط التي فرضها الدستور على الأعمال التشريعية. كما جرى قضاء هذه المحكمة على أنه متى كان الضرر المدعى به ليس مرده إلى النص المطعون بعدم دستوريته، وإنما إلى الفهم الخاطئ له، والتطبيق غير الصحيح لأحكامه، غدت المصلحة في الدعوى الدستورية منتفية.

وحيث إن إخلال أحد أعضاء نقابة الصيادلة بواجبات مهنته أو خروجه على مقتضياتها يعتبر مخالفة تأديبية مؤاخذًا عليها قانونًا، وإسنادها إليه يتعين أن يكون مسبوقًا بتحقيق متكامل، وكلما استكمل التحقيق عناصره، وكان واشيًا بأن للتهمة معينها من الأوراق، كان عرضه لازمًا على هيئة التأديب الابتدائية المنصوص عليها بالمادة (50) من قانون إنشاء النقابة، بحسبانها الجهة التي أولاها المشرع مسئولية الفصل فيه، ونص المشرع في المادة (51) من قانون إنشاء النقابة المشار إليه، على أن يكون استئناف قرارات هيئة التأديب الابتدائية، أمام هيئة تأديب استئنافية تتكون من إحدى دوائر محكمة استئناف القاهرة، وعضوين يختار المجلس أحدهما من بين أعضائه ويختار ثانيهما الصيدلي المحال إلى المحاكمة التأديبية من بين الصيادلة، فإذا لم يُعمل الصيدلي حقه في الاختيار خلال أسبوع من تاريخ إعلانه بالجلسة المحددة لمحاكمته اختار المجلس العضو الثاني.

متى كان ما تقدم، وكانت هيئة التأديب الاستئنافية المشار إليها، وإن ضمت في تشكليها إحدى دوائر محكمة استئناف القاهرة، إلا أن غلبة العنصر القضائي على تشكليها، لا يكفي وحده للتقرير بكونها من محاكم جهة القضاء العادي، على ما ذهب إليه حكم الإحالة، ذلك أن جوهر عملها وطبيعة اختصاصها بالفصل في الطعن على قرارات هيئة التأديب الابتدائية، وفق قواعد إجرائية وموضوعية محققة للمحاكمة المنصفة، إنما يسبغ عليها وصف الهيئة ذات الاختصاص القضائي، التي ناط بها المشرع – في حدود سلطته التقديرية – نظر أنزعة ودعاوى بعينها، وأسند إليها ولاية الفصل فيها بأحكام نهائية، وناط بالمحكمة الدستورية العليا تعيينها    جهة مختصة بنظر الأنزعة التي تدخل في اختصاصها، إذا نازعتها فيه جهة قضاء أخرى أو سلبتها إياه، والاعتداد بأحكامها إذا ناقضتها أحكام نهائية صادرة عن جهة قضائية أو هيئة ذات اختصاص قضائي أخرى، وذلك على ما جرى به نص المادة (192) من دستور 2014، والفقرتين (ثانيًا) و(ثالثًا) من المادة (25) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979؛ ومن ثم يغدو تمحل حكم الإحالة بنص المادة (190) من الدستور، لنزع اختصاص هيئة التأديب الاستئنافية بالفصل في الطعن على قرارات هيئة التأديب الابتدائية، في غير محله، ذلك الفهم الذي أنبته اعتبار هيئة التأديب الاستئنافية المنصوص عليها في المادة (51) من قانون إنشاء نقابة الصيادلة، إحدى دوائر محكمة استئناف القاهرة ، التابعة لجهة القضاء العادي، بالمخالفة لكونها من الهيئات ذات الاختصاص القضائي، بحسب التكييف الصحيح لها؛ ومن ثم فإن ما أورده حكم الإحالة المار ذكره، لا يستنهض ولاية هذه المحكمة للفصل في دستورية النصين المحالين.

وحيث إنه عما أبداه الطاعن الأول في الدعوى الموضوعية، أمام هذه المحكمة، من طلب الحكم بعدم دستورية النصين المحالين، فمردود بأن ولاية هذه المحكمة في الدعاوى الدستورية لا تقوم إلا باتصالها بالدعوى اتصالًا مطابقًا للأوضاع المقررة في المادة (29) من قانونها، بطريقين لا يلتقيان، أولهما: إحالة الأوراق إليها من إحدى المحاكم أو الهيئات ذات الاختصاص القضائي للفصل في المسألة الدستورية المحالة، وثانيهما: برفعها من أحد الخصوم بمناسبة دعوى موضوعية دفع فيها الخصم بعدم دستورية نص تشريعي، وقدرت محكمة الموضوع جدية دفعه، ورخصت له في رفع الدعوى بذلك أمام المحكمة الدستورية العليا، وهذه الأوضاع الإجرائية – سواء ما اتصل منها بطريقة رفع الدعوى الدستورية أو بميعاد رفعها – تتعلق بالنظام العام، باعتباره شكلًّا جوهريًّا في التقاضي، تغيَّا به المشرع مصلحة عامة، حتى ينتظم التداعي في المسائل الدستورية. فإذا اتصلت الدعوى بهذه المحكمة عن طريق الإحالة من محكمة الموضوع التي تراءى لها من وجهة مبدئية عدم دستورية نص قانوني، فأحالت الأوراق إلى المحكمة الدستورية العليا - وفقًا للبند (أ) من المادة (29) من قانونها – لتقول كلمتها الفاصلة في شأن دستورية النص المحال، في النطاق الذي حدده، فإن الطعن الذي يوجهه أحد خصوم الدعوى الموضوعية إلى النص المحال، الذي قضت هذه المحكمة بعدم قبول الدعوى الدستورية المحالة طعنًا عليه، ينحل إلى دعوى دستورية أصلية، أقيمت بالمخالفة لنص المادة (29) من قانون المحكمة الدستورية العليا، مما يتعين معه الالتفات عنه؛ ومن ثم تكون الدعوى برمتها جديرة بعدم القبول.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى.