جلسة 8 من يناير سنة 1991
برئاسة السيد المستشار/
سمير ناجي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد نبيل رياض وطلعت
الاكيابي نائبي رئيس المحكمة وجابر عبد التواب وأمين عبد العليم.
-----------
(8)
الطعن رقم 43 لسنة 60
القضائية
(1) اختلاس. جريمة
"أركانها". موظفون عموميون. نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
مناط العقاب طبقاً للمادة
112 عقوبات؟
(2)اختلاس. حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض "أسباب الطعن.
ما يقبل منها".
مجرد وجود عجز في حساب
الموظف العمومي. لا يمكن بذاته أن يكون دليلاً على حصول الاختلاس. علة ذلك؟
(3)إثبات "بوجه عام". حكم "تسبيبه. تسبيب معيب".
اختلاس. دفاع "الإخلال بحق الدفاع ما يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما
يقبل منها".
الأحكام الجنائية. وجوب
أن تبنى على الجزم واليقين.
إثارة الطاعن دفاعاً بأن
العجز في حسابه مرده إلى عدم انتظام العمل واكتمال الدفاتر وطلبه عرض المستندات
الدالة على الاختلاس للطعن عليها بالتزوير. دفاع جوهري. عدم تمحيصه. يعيب الحكم.
مثال لتسبيب معيب لحكم
بالإدانة في جريمة اختلاس.
-----------------
1 - لما كان القانون قد
فرض العقاب في المادة 112 من قانون العقوبات على عبث الموظف بما يؤمن عليه بما
يوجد بين يديه بمقتضى وظيفته بشرط انصراف نيته باعتباره حائزاً له إلى التصرف فيه
على اعتبار أنه مملوك له وهو معنى مركب من فعل مادي - هو التصرف في المال - ومن
عامل معنوي يقترن به هو نية إضاعة المال على ربه.
2 - من المقرر أن مجرد
وجود عجز في حساب الموظف العمومي لا يمكن أن يكون بذاته دليلاً على حصول الاختلاس
لجواز أن يكون ذلك ناشئاً عن خطأ في العمليات الحسابية أو عدم انتظام العمل أو
لسبب آخر.
3 - الأحكام في المواد
الجنائية يجب أن تبنى على الجزم واليقين لا على الظن والاحتمال. لما كان ذلك وكان
الحكم المطعون فيه قد دان الطاعن بجريمة الاختلاس دون أن يبين بوضوح وتفصيل مفردات
الأشياء التي اقتنعت المحكمة باختلاسها والمنتجة للمبلغ الذي حددته لجان الجرد
واكتفى بالإحالة إلى الأوراق وكشوف الصرف وبعض المستندات المزورة دون أن يورد
مضمونها وذكر مؤداها بطريقة وافية حتى يتضح وجه استدلاله بها واتخذ من العجز بذاته
دليلاً على وقوع الاختلاس دون أن يورد ما يدل على تصرف الطاعن في المال تصرفاً
يتوافر به القصد الجنائي مع أن الطاعن تمسك في دفاعه بأن العجز في حسابه إنما يرجع
إلى عدم انتظام العمل واكتمال الدفاتر كما طلب عرض المستندات الدالة على الاختلاس
المدعى بتوقيعه عليها للطعن عليها بالتزوير وعلى الرغم من جوهرية هذا الدفاع في
خصوصية هذه الدعوى لتعلقه بأحد أركان الجريمة التي دين الطاعن بها مما من شأنه لو
ثبت أن تغير به وجه الرأي في الدعوى - ولما كان الحكم المطعون فيه قد التفت عن هذا
الدفاع ولم يسقطه حقه ولم يعن بتمحيصه بلوغاً إلى غاية الأمر فيه فإنه يكون مشوباً
بالقصور في التسبيب فضلاً عن الإخلال بحق الدفاع.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة
الطاعن وآخر سبق الحكم عليه في جناية أخرى بأنه أولاً: 1 - بصفته في حكم الموظف
العمومي (أمين مخزن وحدة......) التابعة لشركة النيل العامة لأتوبيس....... التي
تملك الدولة أموالها اختلس الأدوات والمعدات المبينة بالمحضر المملوكة للشركة
سالفة الذكر والبالغ قيمتها 14739.148 أربعة عشر ألفاً وسبعمائة وتسعة وثلاثون
جنيهاً ومائة وثمانية وأربعون مليماً والتي سلمت إليه بسبب وظيفته حالة كونه من
الأمناء على الودائع. 2 - ارتكب تزويراً في محررات للشركة سالفة الذكر وذلك بجعله
وقائع مزورة في صورة وقائع صحيحة حالة تحريرها المختص بوظيفته مع علمه بذلك بأن (
أ ) اصطنع أذونات صرف وهمية تفيد إرسال أدوات ومعدات إلى الفروع الأخرى التابعة
للشركة دون طلبها من تلك الفروع الأخرى ودون إرسالها إليها. (ب) لم يثبت بدفاتره
ورود كميات من الأدوات والمعدات وردت إليه من الوحدات الأخرى. (ج) أثبت من كشف صرف
المعدات والأدوات صرفه لمعدات وأدوات تزيد عن القدر الموضح ببونات الصنف، 3 -
استعمل المحررات المزورة سالفة الذكر مع علمه بتزويرها بأن قدمها للموظفين
المختصين بالشركة. ثانياً: متهم وآخر سبق الحكم عليه 1 - بوصفهما في حكم الموظفين
العموميين الأول أميناً لمخازن الشركة والثاني رئيساً للقسم الفني بها اختلسا
الأدوات والمعدات المبينة بالأوراق والمملوكة للشركة سالفة الذكر والبالغ قيمتها
1571.302 ألف وخمسمائة وواحد وسبعون جنيهاً وثلاثمائة واثنين مليماً والمسلمة
إليهما بسبب وظيفتهما حالة كون الأول أميناً على الودائع 2 - ارتكبا تزويراً في
محررات الشركة بجعلهما وقائع مزورة في صورة وقائع صحيحة حالة تحريرها المختص
بوظيفتهما مع علمهما بذلك بأن: ( أ ) اصطنعا أمر الصرف رقم 165 مكرر بتاريخ 20/ 9/
1971 يفيد إرسالهما معدات إلى فرع...... دون طلبها منه ودون إرسالها إليه. (ب)
أثبتا بكشف الصرف رقم 533 بتاريخ 22/ 4/ 1970 صرفهما لستة شمايز تزيد عن الثابت
ببون الصرف رقم 4353 بتاريخ 28/ 3/ 1970 (ج) أثبتا بكشفي المؤرخين 26، 28/ 8/ 1990
على خلاف الحقيقة صرفهما لوصلتي عمود كردان لسيارتين رقمي 78، 173. ثالثاًً:
استعملا المحررات المزورة سالفة الذكر مع علمهما بتزويرها بأن قدماها للموظفين
المختصين بالشركة المذكورة. وأحالته إلى محكمة أمن الدولة العليا بالمنيا لمعاقبته
طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً بالمواد
111/ 6، 112/ 1 - 2، 118، 119، 214 مكرر فقرة/ 2 من قانون العقوبات مع تطبيق
المادتين 32، 17 من ذات القانون بمعاقبة المتهم بالسجن لمدة ثلاث سنوات وبتغريمه
مبلغ 8721.895 وبإلزامه بأن يرد للشركة المجني عليها مبلغ 8721.895 مع عزله من
وظيفته.
فطعن المحكوم عليه في هذا
الحكم بطريق النقض... إلخ
المحكمة
حيث إن مما ينعاه الطاعن
على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجرائم الاختلاس وتزوير أوراق رسمية واستعمالها
قد شابه قصور في التسبيب وانطوى على إخلال بحق الدفاع ذلك أنه دلل على توافر القصد
الجنائي بما لا يكفي لإثباته إذ أورد أن الأوراق والمستندات كشفت عن ذلك دون أن
يبين ماهية هذه الأوراق وتلك المستندات والتفت الحكم عن دفاعه القائم على أساس أن
العجز في عهدته مرجعه عدم انتظام العمل وعدم اكتمال الدفاتر واعتبرت العجز في
عهدته دليلاً على حصول الاختلاس كما لم تستجب إلى طلبه القائم على عرض الأوراق
المدعي بتوقيعه عليها عليه ليتسنى له الطعن عليها بالتزوير مما يعيب الحكم بما
يستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون
فيه بعد أن بين واقعة الدعوى وأورد مؤدى أقوال الشهود وتقرير الخبراء انتهى إلى
ثبوت التهمة وتوافر القصد الجنائي في حق الطاعن بقوله "وحيث إنه عن نية
الاختلاس فهي ثابتة في حق المتهم مما كشفت عنه الأوراق والمستندات من إغفال قيد
بعض الأدوات والأصناف في الدفاتر المخزنية واصطناع أذون الصرف الوهمية والعبث بكشوف
الصرف وتزوير بعض المستندات واكتشاف الاختلاس الذي يقطع بأن العجز الذي ثبت كان
وليد اختلاس من المتهم" لما كان ذلك وكان القانون قد فرض العقاب في المادة
112 من قانون العقوبات على عبث الموظف بما يؤمن عليه مما يوجد بين يديه بمقتضى
وظيفته بشرط انصراف نيته باعتباره حائزاً له إلى التصرف فيه على اعتبار أنه مملوك
له وهو معنى مركب من فعل مادي - هو التصرف في المال - ومن عامل معنوي يقترن به هو
نية إضاعة المال على ربه وكان من المقرر أن مجرد وجود عجز في حساب الموظف العمومي
لا يمكن أن يكون بذاته دليلاً على حصول الاختلاس لجواز أن يكون ذلك ناشئاً عن خطأ
في العمليات الحسابية أو عدم انتظام العمل أو لسبب آخر وكانت الأحكام في المواد
الجنائية يجب أن تبنى على الجزم واليقين لا على الظن والاحتمال. لما كان ذلك وكان
الحكم المطعون فيه قد دان الطاعن بجريمة الاختلاس دون أن يبين بوضوح وتفصيل مفردات
الأشياء التي اقتنعت المحكمة باختلاسها والمنتجة للمبلغ الذي حددته لجان الجرد
واكتفى بالإحالة إلى الأوراق وكشوف الصرف وبعض المستندات المزورة دون أن يورد
مضمونها وذكر مؤداها بطريقة وافية حتى يتضح وجه استدلاله بها واتخذ من العجز بذاته
دليلاً على وقوع الاختلاس دون أن يورد ما يدل على تصرف الطاعن في المال تصرفاً
يتوافر به القصد الجنائي مع أن الطاعن تمسك في دفاعه بأن العجز في حسابه إنما يرجع
إلى عدم انتظام العمل واكتمال الدفاتر كما طلب عرض المستندات الدالة على الاختلاس
المدعي بتوقيعه عليه للطعن عليها بالتزوير وعلى الرغم من جوهرية هذا الدفاع في
خصوصية هذه أركان الجريمة التي دين الطاعن بها مما من شأنه لو ثبت أن يتغير به وجه
الرأي في الدعوى - ولما كان الحكم المطعون فيه قد التفت عن هذا الدفاع ولم يسقطه
حقه ولم يعن بتمحيصه بلوغاً إلى غاية الأمر فيه فإنه يكون مشوباً بالقصور في
التسبيب فضلاً عن الإخلال بحق الدفاع. لما كان ذلك فإن الحكم يكون معيباً بما يوجب
نقضه والإحالة بغير حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق