جلسة 13 من يناير سنة 1991
برئاسة السيد المستشار/
عوض جادو نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ الصاوي يوسف وعادل عبد
الحميد نائبي رئيس المحكمة وحسام عبد الرحيم وسمير أنيس.
----------------
(11)
الطعن رقم 38 لسنة 60
القضائية
(1)اختصاص
"الاختصاص الولائي". محكمة الجنايات "اختصاصها". محكمة أمن
الدولة "طوارئ". قانون "تفسيره". قتل عمد. سلاح. ذخائر.
اختصاص محاكم أمن الدولة طوارئ
ببعض الجرائم طبقاً لقرار رئيس الجمهورية رقم 560 لسنة 1981 وأمر رئيس الجمهورية
رقم 1 لسنة 1981 بإحالة بعض الجرائم إلى محاكم أمن الدولة طوارئ ومنها الجرائم
المنصوص عليها في القانون رقم 394 لسنة 1954 وتعديلاته في شأن الأسلحة والذخائر.
خلو أي منها وأي تشريع آخر من النص على انفراد محاكم أمن الدولة بالاختصاص دون
غيرها. أثر ذلك. إبقاء اختصاص القضاء العادي بهذه الجرائم قائماً.
(2)اختصاص "الاختصاص الولائي" "اختصاص محاكم أمن
الدولة". أوامر عسكرية. سلاح.
محاكم أمن الدولة
استثنائية. اختصاصها محصور في الفصل في الجرائم التي تقع بالمخالفة لأحكام الأوامر
التي يصدرها رئيس الجمهورية أو من يقوم مقامه ولو كانت في الأصل مؤثمة بالقوانين
المعمول بها وكذلك تلك المعاقب عليها بالقانون العام. اختصاص محاكم أمن الدولة
بجرائم السلاح لا يسلب المحاكم العادية اختصاصها. أساس ذلك؟
(3)ارتباط. عقوبة "تطبيقها" "عقوبة الجرائم
المرتبطة". إحالة. شروع. سلاح، نيابة عامة.
تبعية الجريمة ذات
العقوبة الأخف الجريمة ذات العقوبة الأشد المرتبطة بها. علة ذلك.
مثال.
(4)اختصاص "الاختصاص الولائي". حكم "تسبيبه. تسبيب
معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
قضاء المحكمة العادية خطأ
بعدم اختصاصها وتخليها عن الفصل في موضوع الدعوى يعد مانعاً من السير فيها لحرمان
المتهم من حق المثول أمام قاضيه الطبيعي الذي كفله له الدستور. أثر ذلك؟
(5)نيابة عامة. نقض "المصلحة والصفة في الطعن".
للنيابة العامة الطعن في
الحكم ولو كان لمصلحة المتهم. أساس ذلك؟
--------------
1
- لما كان قرار رئيس
الجمهورية رقم 560 لسنة 1981 بإعلان حالة الطوارئ وأمر رئيس الجمهورية رقم 1 لسنة
1981 بإحالة بعض الجرائم إلى محكمة أمن الدولة العليا طوارئ ومنها الجرائم المنصوص
عليها في القانون رقم 394 لسنة 1954 في شأن الأسلحة والذخائر والقوانين المعدلة
له. قد خلا كلاهما كما خلا أي تشريع آخر من النص على إفراد محاكم أمن الدولة
العليا المشكلة وفق قانون الطوارئ وحدها - دون سواها - بالفصل في الدعاوى المرفوعة
عن الجرائم المنصوص عليها في القانون 394 لسنة 1954 آنف البيان.
2 - لما كان قضاء هذه
المحكمة قد استقر على أن محاكم أمن الدولة العليا طوارئ محاكم استثنائية اختصاصها
محصور في الفصل في الجرائم التي تقع بالمخالفة لأحكام الأوامر التي يصدرها رئيس
الجمهورية ومن يقوم مقامه ولو كانت في الأصل مؤثمة بالقوانين المعمول بها وكذلك
القوانين المعاقب عليها بالقانون العام وتحال إليها من رئيس الجمهورية أو من يقوم
مقامه، وأن الشارع لم يسلب المحاكم صاحبة الولاية العامة شيئاً البتة من اختصاصها
الأصيل الذي أطلقته الفقرة الأولى من المادة 15 من قانون السلطة القضائية الصادر
بالقرار بقانون رقم 46 لسنة 1972 ليشمل الفصل في الجرائم كافة إلا ما استثنى بنص
خاص - وبالتالي يشمل هذا الاختصاص الفصل في الجرائم المنصوص عليها في القانون 394
لسنة 1954 المعدل، ومن ثم فإنه لا يحول بين المحاكم العادية وبين الاختصاص بالفصل
في الجرائم المنصوص عليها في القانون سالف الذكر مانع من القانون ولا يمنع أيهما
فيها من نظر الأخرى، إلا أن تحول دون ذلك قوة الأمر المقضي ولا يغير من هذا الأصل
العام ما نصت عليه المادة الثانية من أمر رئيس الجمهورية رقم 1 لسنة 1981 من أنه
"إذا كون الفعل الواحد جرائم متعددة أو وقعت عدة جرائم مرتبطة بعضها ببعض
لغرض واحد كانت إحدى تلك الجرائم داخلة في اختصاص محاكم أمن الدولة فعلى النيابة
تقديم الدعوى برمتها إلى محاكم أمن الدولة "طوارئ" وتطبق هذه المحاكم
المادة 32 من قانون العقوبات" ذلك أنه لو كان الشارع قد أراد إفراد محاكم أمن
الدولة بالفصل وحدها دون سواها في أي نوع من الجرائم لعمد إلى الإفصاح عنه صراحة
على غرار نهجه في الأحوال المماثلة.
3 - قواعد التفسير الصحيح
للقانون تستوجب بحسب اللزوم العقلي أن تتبع الجريمة ذات العقوبة الأخف الجريمة ذات
العقوبة الأشد المرتبطة بها في التحقيق والإحالة والمحاكمة وتدور في فلكها، بموجب
الأثر القانوني للارتباط بحسبان أن عقوبة الجريمة الأشد هي الواجبة التطبيق على
الجريمتين وفقاًَ للمادة 32 من قانون العقوبات إذ أن جريمة الشروع في القتل معاقب
عليها بالأشغال الشاقة المؤقتة وفقاً لأحكام المادتين 46، 234/ 1 من قانون
العقوبات في حين أن جريمة إحراز سلاح ناري وذخائر بدون ترخيص معاقب عليها بالسجن
وفقاً لحكم المادة 26/ 1 - 5 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل.
4 - لما كان الحكم
المطعون فيه وإن صدر - مخطئاً بعدم الاختصاص ولم يفصل في موضوع الدعوى، إلا أنه لم
يعد في الواقع وفقاً لقواعد التفسير الصحيح للقانون - مانعاً من السير فيها - ما
دام يترتب عليه حرمان المتهم من حق المثول أمام قاضيه الطبيعي الذي كلفه له
الدستور بنصه في الفقرة الأولى من مادته الثانية والستين على أن "لكل مواطن
حق اللجوء إلى قاضيه الطبيعي" وما يوفر له هذا الحق من ضمانات لا يوفرها قضاء
استثنائي، وما دامت المحكمة - محكمة الجنايات - قد تخلت على غير سند من القانون عن
نظر الدعوى بعد أن أصبحت بين يديها، وانتهت بذلك الخصومة أمامها دون أن ينحسر
سلطانه عنها ومن ثم فإن حكمها يكون قابلاً للطعن فيه بالنقض.
5 - لما كانت النيابة العامة
- في مجال المصلحة والصفة في الطعن - هي خصم عادل تختص بمركز قانوني خاص، اعتباراً
بأنها تمثل الصالح العام وتسعى إلى تحقيق موجبات القانون من جهة الدعوى الجنائية،
فلها بهذه المثابة أن تطعن في الأحكام وإن لم يكن لها - كسلطة اتهام - مصلحة خاصة
في الطعن، بل كانت المصلحة هي للمتهم.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة
المطعون ضده في قضية الجناية بأنه: 1 - شرع في قتل..... عمداً بأن أطلق عليها
عياراً نارياً من سلاح ناري كان يحمله (فرد) قاصداً من ذلك قتلها فأحدث بها
الإصابة الموصوفة بالتقرير الطبي الشرعي وخاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادته فيه
هو مداركة المجني عليها بالعلاج. 2 - أحرز بغير ترخيص سلاحاً نارياً بماسورة
مصقولة من الداخل (فرد) وفي غير الأحوال المصرح بها قانوناً. 3 - أحرز ذخيرة (طلقة
واحدة) مما تستعمل في السلاح الناري آنف الذكر دون أن يكون مرخصاً له بحيازته
وإحرازه. وأحالته إلى محكمة جنايات أسيوط لمحاكمته طبقاً للقيد والوصف الواردين
بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً بعدم اختصاصها ولائياً بنظر الدعوى
وبإحالتها إلى النيابة العامة لاتخاذ شئونها فيه.
فطعنت النيابة العامة في
هذا الحكم بطريق النقض..... إلخ.
المحكمة
من حيث إن النيابة العامة
تنعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى بعدم اختصاص محكمة الجنايات بنظر الدعوى
المرفوعة على المتهم بجريمتي الشروع في القتل وإحراز سلاح ناري وذخائر بغير ترخيص
وبإحالتها إلى النيابة العامة لاتخاذ ما يلزم فيها قد أخطأ في تطبيق القانون، ذلك
بأنه انتهى إلى القول بأن الاختصاص بنظر هذه الدعوى إنما ينعقد لمحكمة أمن الدولة
العليا المشكلة وفق قانون الطوارئ بينما تشترك محكمة الجنايات مع محكمة أمن الدولة
العليا في الاختصاص مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن النيابة
العامة رفعت الدعوى الجنائية قبل المتهم لمحاكمته عن جريمة الشروع في القتل وإحراز
سلاح ناري وذخائر بدون ترخيص وطلبت عقابه بالمواد 45، 46/ 2 - 3، 234/ 1 من قانون
العقوبات والمواد 1/ 1، 26/ 1 - 5، 30/ 1 من القانون رقم 394 لسنة 54 المعدل
ومحكمة الجنايات قضت بعدم اختصاصها بنظر الدعوى وبإحالتها إلى النيابة العامة
لاتخاذ شئونها فيها. لما كان ذلك وكان قرار رئيس الجمهورية رقم 560 لسنة 1981
بإعلان حالة الطوارئ وأمر رئيس الجمهورية رقم 1 لسنة 1981 بإحالة بعض الجرائم إلى
محكمة أمن الدولة العليا طوارئ ومنها الجرائم المنصوص عليها في القانون رقم 394
لسنة 1954 في شأن الأسلحة والذخائر والقوانين المعدلة له. قد خلا كلاهما كما خلا
أي تشريع آخر من النص على إفراد محاكم أمن الدولة العليا المشكلة وفق قانون
الطوارئ وحدها - دون سواها - بالفصل في الدعاوى المرفوعة عن الجرائم المنصوص عليها
في القانون 394 لسنة 1954 آنف البيان - وكان قضاء هذه المحكمة قد استقر على أن
محاكم أمن الدولة العليا طوارئ محاكم استثنائية اختصاصها محصور في الفصل في
الجرائم التي تقع بالمخالفة لأحكام الأوامر التي يصدرها رئيس الجمهورية ومن يقوم
مقامه ولو كانت في الأصل مؤثمة بالقوانين المعمول بها وكذلك القوانين المعاقب
عليها بالقانون العام وتحال إليها من رئيس الجمهورية أو من يقوم مقامه، وأن الشارع
لم يسلب المحاكم صاحبة الولاية العامة شيئاً البتة من اختصاصها الأصيل الذي أطلقته
الفقرة الأولى من المادة 15 من قانون السلطة القضائية الصادر بقانون رقم 46 لسنة
1972 ليشمل الفصل في الجرائم كافة إلا ما استثنى بنص خاص - وبالتالي يشمل هذا
الاختصاص الفصل في الجرائم المنصوص عليها في القانون 394 لسنة 1954 المعدل، ومن ثم
فإنه لا يحول بين المحاكم العادية وبين الاختصاص بالفصل في الجرائم المنصوص عليها
في القانون سالف الذكر مانع من القانون ويكون الاختصاص في شأنها مشتركاً بين
المحاكم العادية والمحاكم الاستثنائية ولا يمنع أيهما فيها من نظر الأخرى، إلا أن
تحول دون ذلك قوة الأمر المقضي ولا يغير من هذا الأصل العام ما نصت عليه المادة
الثانية من أمر رئيس الجمهورية رقم 1 لسنة 1981 من أنه "إذا كون الفعل الواحد
جرائم متعددة أو وقعت عدة جرائم مرتبطة بعضها ببعض لغرض واحد كانت إحدى الجرائم
داخلة في اختصاص محاكم أمن الدولة فعلى النيابة تقديم الدعوى برمتها إلى محاكم أمن
الدولة "طوارئ" وتطبق هذه المحاكم المادة 32 من قانون العقوبات"
ذلك أنه لو كان الشارع قد أراد إفراد محاكم أمن الدولة بالفصل وحدها دون سواها في
أن نوع من الجرائم لعمد إلى الإفصاح عنه صراحة على غرار نهجه في الأحوال المماثلة،
هذا فضلاً عن أن قواعد التفسير الصحيح للقانون تستوجب بحسب اللزوم العقلي أن تتبع
الجريمة ذات العقوبة الأخف الجريمة ذات العقوبة الأشد المرتبطة بها في التحقيق
والإحالة والمحاكمة وتدور في فلكها، بموجب الأثر القانوني للارتباط بحسبان أن
عقوبة الجريمة الأشد هي الواجبة التطبيق على الجريمتين وفقاًَ للمادة 32 من قانون
العقوبات إذ أن جريمة الشروع في القتل معاقب عليها بالأشغال الشاقة المؤقتة وفقاً
لأحكام المادتين 46، 234/ 1 من قانون العقوبات في حين أن جريمة إحراز سلاح ناري
وذخائر بدون ترخيص معاقب عليها بالسجن وفقاً لحكم المادة 26/ 1 - 5 من القانون رقم
394 لسنة 1954 المعدل. لما كان ذلك وكانت النيابة العامة قد رفعت الدعوى على
المتهم أمام المحكمة العادية صاحبة الولاية العامة فإنه ما كان يجوز لهذه المحكمة
أن تتخلى عن ولايتها الأصلية تلك، وأن تقضي بعدم اختصاصها استناداً إلى ما أوردته
بأسباب حكمها من الاختصاص الفعلي إنما هو لمحكمة أمن الدولة العليا
"طوارئ" لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه وإن صدر - مخطئاً بعدم
الاختصاص ولم يفصل في موضوع الدعوى، إلا أنه لم يعد في الواقع وفقاً لقواعد
التفسير الصحيح للقانون - مانعاً من السير فيها - ما دام يترتب عليه حرمان المتهم
من حق المثول أمام قاضيه الطبيعي الذي كلفه له الدستور بنصه في الفقرة الأولى من
مادته الثانية والستين على أن "لكل مواطن حق اللجوء إلى قاضيه الطبيعي"
وما يوفر له هذا الحق من ضمانات لا يوفرها قضاء استثنائي، وما دامت المحكمة -
محكمة الجنايات - قد تخلت على غير سند من القانون عن نظر الدعوى بعد أن أصبحت بين
يديها، وانتهت بذلك الخصومة أمامها دون أن ينحسر سلطانه عنها ومن ثم فإن حكمها
يكون قابلاً للطعن فيه بالنقض. لما كانت النيابة العامة - في مجال المصلحة والصفة
في الطعن - هي خصم عادل تختص بمركز قانون خاص، اعتباراً بأنها تمثل الصالح العام
وتسعى إلى تحقيق موجبات القانون من جهة الدعوى الجنائية، فلها بهذه المثابة أن
تطعن في الأحكام وإن لم يكن لها - كسلطة اتهام - مصلحة خاصة في الطعن، بل كانت
المصلحة هي للمتهم، وتتمثل - في صورة الدعوى - في الضمانات التي توفرها له محاكمته
أمام المحاكم العادية - دون محاكم أمن الدولة العليا طوارئ - وأخصها حقه في الطعن
بطريق النقض - متى توافرت شروطه - في الحكم الذي قد يصدر ضده، فإن صفة النيابة
العامة في الانتصاب عنه في طعنها تكون قائمة، وقد استوفى الطعن الشكل المقرر في
القانون، ولما تقدم يكون الحكم المطعون فيه واجب النقض، وإذا كان قد قصر بحثه على
مسألة الاختصاص ولم يعرض للواقعة الجنائية ذاتها، فإنه يتعين أن يكون مع النقض
الإعادة إلى محكمة الجنايات
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق