الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 30 ديسمبر 2020

الطعن 11999 لسنة 89 ق جلسة 28 / 12 / 2020 مكتب فني 70 هيئة عامة ق 1 ص 7

جلسة 28 من ديسمبر سنة 2020
برئاسة السيـد القاضي/ عبد الله عمر رئيس محكمة النقض وعضوية السـادة القضاة/ د. فتحي المصري، فتحي محمد حنضل، حسن محمد منصور، عبد الجواد موسى، عبد العــزيز الطنطاوي، نبيل عمران، نبيل صادق، محمد أبو الليل، صلاح الدين مجاهد، ود. مصطفى سالمان نواب رئيس المحكمة.
-----------------
( )
الطعن رقم 11999 لسنة 89 قضائية "هيئة عامة"
(1- 10) اختصاص " الاختصاص المتعلق بالولاية: اختصاص المحاكم العادية: القضاء العادي صاحب الولاية العامة ". رد غير المستحق" حالاته : اثراء بلا سبب" . دستور " المحكمة الدستورية العليا : حجية أحكامها ". قرار إداري " ما لا يعد كذلك ". جمارك" منازعاتها".
(1) القضاء العادي صاحب الولاية العامة فى نظر المنازعات المدنية والتجارية . تقييد هذه الولاية. استثناء يجب عدم التوسع فى تفسيره . لازمه .
(2) محاكم مجلس الدولة صاحبة الولاية العامة فى الفصل فى المنازعات الإدارية . م 10 ق 47 لسنة 1972.
(3) القرار الإدارى الذى لا تختص جهة القضاء العادى بإلغائه أو تأويله أو تعديله أو التعويض عن الأضرار المترتبة عليه . ماهيته . القرار الذى تفصح به جهة الإدارة عن إرادتها الملزمة بما لها من سلطة بمقتضى القوانين بقصد إحداث مركز قانون معين متى كان ممكنٌا وجائزٌا قانونٌا وكان الباعث عليه مصلحة عامة .
(4) إشابة القرار الإداري بعيب انحدر به إلى درجة الانعدام. مؤداه . أصبح واقعة مادية مما يخرجه عن عداد القرارات الإدارية . أثره . يخضعه لاختصاص المحاكم العادية.
(5) الرسوم . ماهيتها . الفرائض التى تُستأدَى جبرًا مقابل خدمة محددة يقدمها الشخص العام لمن يطلبها عوضًا عن تكلفتها وإن لم يكن فى مقدارها .
(6) إجازة تفويض السلطة التشريعية للسلطة التنفيذية فى تنظيم أوضاع الرسوم. شرطه . تحديد القانون نوع الخدمة والحدود القصوى للرسم وغيرها من القيود التى لا يجوز تخطيها. علة ذلك. قضاء المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية نص الفِقرتين الأولى والأخيرة من المادة 111 من قانون الجمارك رقم 66 لسنة 1963وبسقوط الفِقرة الثانية منها وبسقوط قرار وزير الخزانة رقم 58 لسنة 1963 والقرارين المعدلين له رقمى 100 لسنة 1965 و255 لسنة 1993 وكذا قرار وزير المالية رقم 123 لسنة 1994 والقرارين المعدلين له رقمى 1208 لسنة 1996 و752 لسنة 1997. التزامًا لهذا النظر.
(7) رد ما دفع بغير حق . حالاته . الوفاء بدين غير مستحق أصلاً أو بدين زال سببه . التزام المدفوع له بالرد بزوال سبب الوفاء . علة ذلك . الاستثناء . أن ينسب إلى الدافع نية التبرع أو أى تصرف قانونى آخر . المادتان 181 , 182 مدنى .
(8) المطالبة عن طريق دعوى رد غير المستحق . احدى تطبيقات قاعدة الاثراء بلا سبب . ماهيتها. زوال سبب الوفاء يبطل الوفاء كعمل قانونى ولا يبقى قائمًا إلا كواقعة مادية وهى الواقعة التى يترتب عليها إثراء المدفوع له وافتقار الدافع كما أنها هى ذاتها التى ينشأ عنها الالتزام برد ما دُفع بغير حق. مناطها . دعوى ذات طبيعة مدنية محضة ولا يغير من طبيعتها تلك أن يكون قد لابسها عنصر إدارى أضفى عليها شكل المنازعة الإدارية وأن يكون هذا العنصر هو سبب الالتزام قبل زواله . مؤداه . يختص بها القضاء العادى . أثره . طلب استرداد مبالغ مالية دُفعت بغير حق استنادًا إلى نص قانونى قُضى بعدم دستوريته لا يتصل بقرار إدارى ولا يتساند إليه يدخل بحسب طبيعته المدنية المحضة فى نطاق اختصاص القضاء العادى.
(9) ثبوت الحُجية المطلقة الملزمة لجميع سلطات الدولة وللكافة لأحكام المحكمة الدستورية العليا فى الدعاوى الدستورية وقراراتها بالتفسير. الدعاوى التى تُرفع إليها للفصل فى مسائل تنازع الاختصاص بين جهات القضاء أو فى النزاع الذى يقوم بشأن تنفيذ حكمين نهائيين متناقضين صادرين من جهتى قضاء . اقتصارها على تحديد أى الجهات القضائية المتنازعة هى المختصة بالفصل فى النزاع أو أي الحكمين المتناقضين صدر من الجهة التى لها ولاية الحكم فى النزاع فيكون أولى بالتنفيذ. مؤداه . لا يتوافر لها عينية الأثر وإن ثبتت لها الحُجية المطلقة فإنما تثبت فى نطاقها أى بين أطرافها فقط ولا تتجاوزهم إلى سواهم.
(10) طلب استرداد رسوم الخِدمات الجمركية المسددة بغير حق عند الإفراج عن البضائع المحصلة استنادًا إلى المادة 111 من قانون الجمارك رقم 66 لسنة 1963 وقرارات وزير المالية المنفذة لها والمقضى بعدم دستوريتها . مناطها . منازعة ذات طبيعة مدنية محضة يختص بها القضاء العادى صاحب الولاية العامة فى نظر المنازعات المدنية والتجارية . أثره. انتهاء الهيئة العامة بالأغلبية المنصوص عليها فى الفِقرة الثانية من المادة الرابعة من قانون السلطة القضائية العدول عن الرأى فى الاحكام المخالفة لهذا النظر وإقرار الأحكام التى التزمت به.
-------------------
1- المقرر فى قضاء محكمة النقض أن القضاء العادى هو صاحب الولاية العامة فى نظر المنازعات المدنية والتجارية وكافة المنازعات التى لم تخرج عن دائرة اختصاصه بنص خاص، وأن أى قيد يضعه المشرع للحد من هذه الولاية - ولا يخالف به أحكام الدستور - يعتبر استثناءً واردًا على أصل عام ومن ثم يجب عدم التوسع فى تفسيره، ولازم ذلك أنه إذا لم يوجد نص فى الدستور أو القانون يجعل الاختصاص بالفصل فى النزاع لجهة أخرى غير المحاكم، فإن الاختصاص بالفصل فيه يكون باقيًا للقضاء العادى على أصل ولايته العامة.
2- إذ كان النص فى المادة العاشرة من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972 مؤداه أن محاكم مجلس الدولة هى صاحبة الولاية العامة فى المنازعات الإدارية سواء ما ورد منها على سبيل المثال بالمادة المشار إليها أو ما قد يثور بين الأفراد والجهات الإدارية بصدد ممارسة هذه الجهات لنشاطها فى إدارة أحد المرافق العامة بما لها من سلطة عامة.

3- إذ كان قضاء محكمة النقض قد استقر على أن القرار الإدارى الذى لا تختص جهة القضاء العادى بإلغائه أو تأويله أو تعديله أو التعويض عن الأضرار المترتبة عليه هو ذلك القرار الذى تفصح به الإدارة عن إرادتها الملزمة بما لها من سلطة بمقتضى القوانين بقصد إحداث مركز قانونى معين متى كان ممكنًا وجائزًا قانونًا وكان الباعث عليه مصلحة عامة.
4- إن شاب القرار الإدارى عيب انحدر به إلى درجة الانعدام أصبح واقعة مادية مما يخرجه عن عداد القرارات الإدارية ويخضعه لاختصاص المحاكم العادية صاحبة الولاية العامة بنظر كافة المنازعات.
5- إذ كانت الرسوم – وفقًا لما قررته المحكمة الدستورية العليا – من الفرائض التى تُستأدَى جبرًا مقابل خدمة محددة يقدمها الشخص العام لمن يطلبها عوضًا عن تكلفتها وإن لم يكن فى مقدارها.
6- لئن كان للسلطة التشريعية تفويض السلطة التنفيذية فى تنظيم أوضاعها إلا أن ذلك مشروط بأن يحدد القانون نوع الخدمة والحدود القصوى للرسم وغيرها من القيود التى لا يجوز تخطيها حتى لا تكون تلك الرسوم مجرد وسيلة جباية لا تقابلها خِدمات حقيقية يحصل عليها من يدفعها. وانطلاقًا من هذا النظر قضت المحكمة الدستورية العليا فى القضية رقم 175 لسنة ۲۲ق "دستورية" بتاريخ 5/9/2004 بعدم دستورية نص الفِقرتين الأولى والأخيرة من المادة 111 من قانون الجمارك رقم 66 لسنة 1963الصادر بقرار رئيس الجمهورية، وبسقوط الفِقرة الثانية منها، وبسقوط قرار وزير الخزانة رقم 58 لسنة 1963 والقرارين المعدلين له رقمى 100 لسنة 1965 و255 لسنة 1993 وكذا قرار وزير المالية رقم 123 لسنة 1994 والقرارين المعدلين له رقمى 1208 لسنة 1996 و752 لسنة 1997.
7- مُفاد النص فى المادتين 181 و182 من القانون المدنى - وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض - أن المشرع أورد حالتين يجوز فيهما للموفى أن يسترد ما أوفاه، أولاهما الوفاء بدين غير مستحق أصلًا، وهو وفاء غير صحيح بدين غير مستحق الأداء، وفى هذه الحالة يلتزم المدفوع له بالرد إلا إذا نسب إلى الدافع نية القيام بتبرع أو أى تصرف قانونى آخر. وثانيتهما أن يتم الوفاء صحيحًا بدين مستحق الأداء ثم يزول السبب الذى كان مصدرًا لهذا الالتزام، ولا يتصور فى هذه الحالة أن يكون طالب الرد عالمًا وقت الوفاء بأنه غير ملتزم بما أوفىَ لأنه كان ملتزمًا به قانونًا، وسواء تم الوفاء اختيارًا أو جبرًا فإن الالتزام بالرد يقوم بمجرد زوال السبب.
8- إذ كانت المطالبة بالرد عن طريق دعوى رد غير المستحق وهى إحدى تطبيقات دعوى الإثراء بلا سبب، إذ بزوال سبب الوفاء يبطل الوفاء كعمل قانونى ولا يبقى قائمًا إلا كواقعة مادية، وهى الواقعة التى يترتب عليها إثراء المدفوع له وافتقار الدافع، كما أنها هى ذاتها التى ينشأ عنها الالتزام برد ما دُفع بغير حق، وهذه الدعوى ذات طبيعة مدنية محضة ويختص بها القضاء العادى، ولا يغير من طبيعتها تلك أن يكون قد لابسها عنصر إدارى أضفى عليها شكل المنازعة الإدارية، وأن يكون هذا العنصر هو سبب الالتزام قبل زواله، ذلك أن هذا السبب بمجرده لا يغير من الطبيعة الموضوعية لدعوى رد غير المستحق وهى الطبيعة المدنية المحضة، إذ إنه لا عبرة بسبب الوفاء أيًا كان، طالما أن دعوى رد غير المستحق لا تقوم على هذا السبب ولا على الوفاء المترتب عليه، وإنما تقوم لدى زواله وبطلان الوفاء كعمل قانونى وبقائه كواقعة مادية كما سلف القول، وباعتبار أن هذا هو أساس نشأة الالتزام فى دعوى رد غير المستحق دون النظر إلى السبب الذى زال. وهو ما يترتب عليه، أن موضوع المنازعة الحالية – بطلب استرداد مبالغ مالية دُفعت بغير حق استنادًا إلى نص قانونى قُضى بعدم دستوريته – لا يتصل بقرار إدارى ولا يتساند إليه، ويدخل بحسب طبيعته المدنية المحضة فى نطاق اختصاص القضاء العادى.
9- الحُجية المطلقة الملزمة لجميع سلطات الدولة وللكافة إنما تثبت لأحكام المحكمة الدستورية العليا فى الدعاوى الدستورية وقراراتها بالتفسير، أما الدعاوى التى تُرفع إليها للفصل فى مسائل تنازع الاختصاص بين جهات القضاء أو فى النزاع الذى يقوم بشأن تنفيذ حكمين نهائيين متناقضين صادرين من جهتى قضاء، فإن دورها فيها، وعلى ما جرى به قضاؤها، يقتصر على تحديد أى الجهات القضائية المتنازعة هى المختصة بالفصل فى النزاع، أو أى الحكمين المتناقضين صدر من الجهة التى لها ولاية الحكم فى النزاع فيكون أولى بالتنفيذ، وهى بهذه المثابة لا يتوافر لها عينية الأثر، وإن ثبتت لها الحُجية المطلقة فإنما تثبت فى نطاقها، أى بين أطرافها فقط ولا تتجاوزهم إلى سواهم.

10- إذ كانت بعض أحكام محكمة النقض قد ذهبت فى قضائها إلى اختصاص القضاء الإدارى بنظر المنازعات المتعلقة بطلب استرداد رسوم الخِدمات الجمركية المسددة بغير حق عند الإفراج عن البضائع، فقد رأت الهيئة، بالأغلبية المنصوص عليها فى الفِقرة الثانية من المادة الرابعة من قانون السلطة القضائية المشار إليه آنفًا، العدول عن هذا الرأى والأحكام التى اعتدت به، وإقرار الأحكام التى استقر عليها قضاء محكمة النقض والتى انتهت إلى أن المنازعة بشأن رد رسوم الخِدمات المحصلة استنادًا إلى المادة 111 من قانون الجمارك رقم 66 لسنة 1963 وقرارات وزير المالية المنفذة لها والمقضى بعدم دستوريتها ، هى منازعة ذات طبيعة مدنية محضة يختص بها القضاء العادى صاحب الولاية العامة فى نظر المنازعات المدنية والتجارية.
---------------
المحكمـة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد القاضى المقرر، والمرافعة والمداولة.
حيث إن الوقائع على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق تتحصل فى أن الشركة المطعون ضدها أقامت على الطاعن بصفته الدعوى رقم 251 لسنة 2018 مدنى دمياط الابتدائية بطلب الحكم بإلزامه رد مبلغ 850‚368‚15 جنيهًا والفوائد القانونية بواقع 5% سنويًا من تاريخ اللجوء إلى لجنة فض المنازعات وحتى تمام السداد، وقالت بيانًا لذلك إنها استوردت عدة رسائل لإنشاء محطة لإنتاج وتوليد الكهرباء، وإذ حصلت مصلحة الجمارك رسوم خِدمات عنها دون وجه حق استنادًا إلى المادة 111 من قانون الجمارك رقم 66 لسنة 1963 وقرارات وزير المالية المنفذة لها والتى قُضى بعدم دستوريتها فكانت الدعوى. وبتاريخ 29/10/2018 حكمت المحكمة بإلزام الطاعن بصفته برد المبلغ المطالب به والفوائد القانونية بواقع 4% سنويًا من تاريخ المطالبة القضائية وحتى تمام السداد. استأنفت المطعون ضدها هذا الحكم بالاستئناف رقم 1518 لسنة 50ق أمام محكمة استئناف المنصورة "مأمورية دمياط". كما استأنفه الطاعن بصفته بالاستئناف رقم 1604 لسنة 50ق أمام ذات المحكمة، التى ضمت الاستئناف الثانى للأول ثم قضت بتاريخ 9/4/2019 برفضهما وتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن بصفته فى هذا الحكم بطريق النقض، وأودعت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأى برفض الطعن، وإذ عُرض الطعن على دائرة المواد التجارية والاقتصادية فى غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الدائرة التجارية والاقتصادية المختصة تبينت وجود اتجاه ذهبت به بعض الدوائر فى أحكامها إلى أن المنازعة المتعلقة بطلب استرداد رسوم الخِدمات الجمركية المسددة بغير حق عند الإفراج عن البضائع، تعد منازعة إدارية بطبيعتها التزامًا بالحُجية المطلقة لحكمى المحكمة الدستورية العليا الصادرين فى الدعويين رقمى 24 لسنة 39 قضائية "تنازع" و3 لسنة 38 قضائية "تنازع" بجلستى 2/3/2019، 6/7/2019– بعد العمل بدستور عام 2014 الذى نص فى المادة (195) منه على أن " تُنشر فى الجريدة الرسمية الأحكام والقرارات الصادرة من المحكمة الدستورية العليا، وهى ملزمة للكافة وجميع سلطات الدولة، وتكون لها حُجية مطلقة بالنسبة لهم."، ومن ثم تندرج ضمن الاختصاص الولائى لمحاكم مجلس الدولة، وذلك باعتبار أنه قد ورد بأسباب قضاء المحكمة الدستورية العليا فى دعويى التنازع سالفتى البيان أن المنازعة ذات طبيعة إدارية وأنه يجب الالتزام بما ورد بهذه الأسباب. وهو ما يخالف الاتجاه الذى استقر عليه قضاء محكمة النقض من أن المنازعة بشأن رد رسوم الخِدمات المحصلة استنادًا إلى المادة 111 من قانون الجمارك المشار إليه هى منازعة ذات طبيعة مدنية محضة يختص بها القضاء العادى صاحب الولاية العامة فى نظر المنازعات المدنية والتجارية، باعتبار أنها وبعد القضاء بعدم دستورية المادة المذكورة قد أصبحت دينًا عاديًا، وأن الفصل فيها لا يتعلق بقرار إدارى أو طلب التعويض عنه، وأن بقاء ما تم سداده تحت يد محصله يكون بغير سند ويصير دينًا عاديًا يتم اقتضاؤه عن طريق دعوى استرداد ما دُفع بغير حق.
وإزاء هذا الاختلاف قررت الدائرة التجارية والاقتصادية المختصة بجلستها المعقودة بتاريخ 28 من يناير 2020 إحالة الطعن إلى الهيئة العامة للمواد المدنية والتجارية ومواد الأحوال الشخصية وغيرها عملًا بالفِقرة الثانية من المادة الرابعة من قانون السلطة القضائية الصادر بالقرار بقانون رقم 46 لسنة 1972 المعدل للفصل فى هذا الاختلاف وإقرار المبدأ المستقِر فى قضاء هذه المحكمة والعدول عن المبدأ الذى قررته أحكام الاتجاه الآخر من انعقاد الاختصاص بنظر المنازعات المتعلقة بطلب استرداد رسوم الخِدمات الجمركية إلى القضاء الإدارى.
وإذ حددت الهيئة جلسة لنظر الطعن أودعت النيابة العامة مذكرة عدلت فيها عن رأيها السابق ورأت نقض الحكم المطعون فيه وبالجلسة المحددة التزمت النيابة رأيها الأخير.
وحيث إنه من المقرر فى قضاء هذه المحكمة أن القضاء العادى هو صاحب الولاية العامة فى نظر المنازعات المدنية والتجارية وكافة المنازعات التى لم تخرج عن دائرة اختصاصه بنص خاص، وأن أى قيد يضعه المشرع للحد من هذه الولاية - ولا يخالف به أحكام الدستور - يعتبر استثناءً واردًا على أصل عام ومن ثم يجب عدم التوسع فى تفسيره، ولازم ذلك أنه إذا لم يوجد نص فى الدستور أو القانون يجعل الاختصاص بالفصل فى النزاع لجهة أخرى غير المحاكم، فإن الاختصاص بالفصل فيه يكون باقيًا للقضاء العادى على أصل ولايته العامة. وكان النص فى المادة العاشرة من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972 مؤداه أن محاكم مجلس الدولة هى صاحبة الولاية العامة فى المنازعات الإدارية سواء ما ورد منها على سبيل المثال بالمادة المشار إليها أو ما قد يثور بين الأفراد والجهات الإدارية بصدد ممارسة هذه الجهات لنشاطها فى إدارة أحد المرافق العامة بما لها من سلطة عامة. وكان قضاء هذه المحكمة قد استقر على أن القرار الإدارى الذى لا تختص جهة القضاء العادى بإلغائه أو تأويله أو تعديله أو التعويض عن الأضرار المترتبة عليه هو ذلك القرار الذى تفصح به الإدارة عن إرادتها الملزمة بما لها من سلطة بمقتضى القوانين بقصد إحداث مركز قانونى معين متى كان ممكنًا وجائزًا قانونًا وكان الباعث عليه مصلحة عامة، فإن شابه عيب انحدر به إلى درجة الانعدام أصبح واقعة مادية مما يخرجه عن عداد القرارات الإدارية ويخضعه لاختصاص المحاكم العادية صاحبة الولاية العامة بنظر كافة المنازعات. وكانت الرسوم – وفقًا لما قررته المحكمة الدستورية العليا – من الفرائض التى تُستأدَى جبرًا مقابل خدمة محددة يقدمها الشخص العام لمن يطلبها عوضًا عن تكلفتها وإن لم يكن فى مقدارها، وأنه ولئن كان للسلطة التشريعية تفويض السلطة التنفيذية فى تنظيم أوضاعها إلا أن ذلك مشروط بأن يحدد القانون نوع الخدمة والحدود القصوى للرسم وغيرها من القيود التى لا يجوز تخطيها حتى لا تكون تلك الرسوم مجرد وسيلة جباية لا تقابلها خِدمات حقيقية يحصل عليها من يدفعها. وانطلاقًا من هذا النظر قضت المحكمة الدستورية العليا فى القضية رقم 175 لسنة ۲۲ق "دستورية" بتاريخ 5/9/2004 بعدم دستورية نص الفِقرتين الأولى والأخيرة من المادة 111 من قانون الجمارك رقم 66 لسنة 1963الصادر بقرار رئيس الجمهورية، وبسقوط الفِقرة الثانية منها، وبسقوط قرار وزير الخزانة رقم 58 لسنة 1963 والقرارين المعدلين له رقمى 100 لسنة 1965 و255 لسنة 1993 وكذا قرار وزير المالية رقم 123 لسنة 1994 والقرارين المعدلين له رقمى 1208 لسنة 1996 و752 لسنة 1997. وكان مُفاد النص فى المادتين 181 و182 من القانون المدنى - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن المشرع أورد حالتين يجوز فيهما للموفى أن يسترد ما أوفاه، أولاهما الوفاء بدين غير مستحق أصلًا، وهو وفاء غير صحيح بدين غير مستحق الأداء، وفى هذه الحالة يلتزم المدفوع له بالرد إلا إذا نسب إلى الدافع نية القيام بتبرع أو أى تصرف قانونى آخر. وثانيتهما أن يتم الوفاء صحيحًا بدين مستحق الأداء ثم يزول السبب الذى كان مصدرًا لهذا الالتزام، ولا يتصور فى هذه الحالة أن يكون طالب الرد عالمًا وقت الوفاء بأنه غير ملتزم بما أوفىَ لأنه كان ملتزمًا به قانونًا، وسواء تم الوفاء اختيارًا أو جبرًا فإن الالتزام بالرد يقوم بمجرد زوال السبب. وكانت المطالبة بالرد عن طريق دعوى رد غير المستحق وهى إحدى تطبيقات دعوى الإثراء بلا سبب، إذ بزوال سبب الوفاء يبطل الوفاء كعمل قانونى ولا يبقى قائمًا إلا كواقعة مادية، وهى الواقعة التى يترتب عليها إثراء المدفوع له وافتقار الدافع، كما أنها هى ذاتها التى ينشأ عنها الالتزام برد ما دُفع بغير حق، وهذه الدعوى ذات طبيعة مدنية محضة ويختص بها القضاء العادى، ولا يغير من طبيعتها تلك أن يكون قد لابسها عنصر إدارى أضفى عليها شكل المنازعة الإدارية، وأن يكون هذا العنصر هو سبب الالتزام قبل زواله، ذلك أن هذا السبب بمجرده لا يغير من الطبيعة الموضوعية لدعوى رد غير المستحق وهى الطبيعة المدنية المحضة، إذ إنه لا عبرة بسبب الوفاء أيًا كان، طالما أن دعوى رد غير المستحق لا تقوم على هذا السبب ولا على الوفاء المترتب عليه، وإنما تقوم لدى زواله وبطلان الوفاء كعمل قانونى وبقائه كواقعة مادية كما سلف القول، وباعتبار أن هذا هو أساس نشأة الالتزام فى دعوى رد غير المستحق دون النظر إلى السبب الذى زال. وهو ما يترتب عليه، أن موضوع المنازعة الحالية – بطلب استرداد مبالغ مالية دُفعت بغير حق استنادًا إلى نص قانونى قُضى بعدم دستوريته – لا يتصل بقرار إدارى ولا يتساند إليه، ويدخل بحسب طبيعته المدنية المحضة فى نطاق اختصاص القضاء العادى.
ولا ينال من ذلك، ما ذهبت إليه أحكام الاتجاه الآخر من اختصاص القضاء الإدارى بنظر منازعات استرداد رسوم الخِدمات الجمركية محل الطعن استنادًا إلى ما ورد بأسباب الحكمين الصادرين من المحكمة الدستورية العليا فى دعويى التنازع سالفتى البيان، ومن ثبوت الحجية المطلقة لهما، ذلك بأن الحُجية المطلقة الملزمة لجميع سلطات الدولة وللكافة إنما تثبت لأحكام المحكمة الدستورية العليا فى الدعاوى الدستورية وقراراتها بالتفسير، أما الدعاوى التى تُرفع إليها للفصل فى مسائل تنازع الاختصاص بين جهات القضاء أو فى النزاع الذى يقوم بشأن تنفيذ حكمين نهائيين متناقضين صادرين من جهتى قضاء، فإن دورها فيها، وعلى ما جرى به قضاؤها، يقتصر على تحديد أى الجهات القضائية المتنازعة هى المختصة بالفصل فى النزاع، أو أى الحكمين المتناقضين صدر من الجهة التى لها ولاية الحكم فى النزاع فيكون أولى بالتنفيذ، وهى بهذه المثابة لا يتوافر لها عينية الأثر، وإن ثبتت لها الحُجية المطلقة فإنما تثبت فى نطاقها، أى بين أطرافها فقط ولا تتجاوزهم إلى سواهم.
لما كان ما تقدم، وكانت بعض أحكام هذه المحكمة قد ذهبت فى قضائها إلى اختصاص القضاء الإدارى بنظر المنازعات المتعلقة بطلب استرداد رسوم الخِدمات الجمركية المسددة بغير حق عند الإفراج عن البضائع، فقد رأت الهيئة، بالأغلبية المنصوص عليها فى الفِقرة الثانية من المادة الرابعة من قانون السلطة القضائية المشار إليه آنفًا، العدول عن هذا الرأى والأحكام التى اعتدت به، وإقرار الأحكام التى استقر عليها قضاء هذه المحكمة والتى انتهت إلى أن المنازعة بشأن رد رسوم الخِدمات المحصلة استنادًا إلى المادة 111 من قانون الجمارك رقم 66 لسنة 1963 وقرارات وزير المالية المنفذة لها والمقضى بعدم دستوريتها، على نحو ما سلف بيانه، هى منازعة ذات طبيعة مدنية محضة يختص بها القضاء العادى صاحب الولاية العامة فى نظر المنازعات المدنية والتجارية.
ومن ثم فإن الهيئة وبعد الفصل فى المسألة المعروضة تعيد الطعن إلى الدائرة التى أحالته إليها للفصل فيه وفقًا لما سبق وطبقًا لأحكام القانون.
----------------

الثلاثاء، 29 ديسمبر 2020

الطعن 9735 لسنة 86 ق جلسة 12 / 10 / 2016 مكتب فني 67 ق 88 ص 686

جلسة 12 من أكتوبر سنة 2016
برئاسة السيد القاضي / أحمد عبد القوي أيوب نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / عبد الرحمن هيكل ، أبو بكر البسيوني ، محمد العشماوي وعلى سليمان نواب رئيس المحكمة .
----------

(88)

الطعن رقم 9735 لسنة 86 القضائية

(1) حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .

بيان الحكم واقعة الدعوى بكافة ظروفها وأركانها وأدلتها بما يدل على أن المحكمة محصتها التمحيص الكافي بما يحقق حكم القانون . لا قصور .

مثال .

(2) إرهاب " الانضمام لجماعة أُسست على خلاف أحكام القانون " . قصد جنائي . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . قانون " تفسيره " . جريمة " أركانها " .

التنظيم الإرهابي في المادتين 86 ، 86 مُكرراً عقوبات . ماهيته ؟

العبرة في قيام الجماعة أو الهيئة أو المنظمة أو العصابة ووصفها بالإرهابية . بالغرض الذي تهدف إليه والوسائل التي تتخذها للوصول لِمَا تتغياه . لا بصدور تراخيص باعتبارها كذلك .

جريمة الانضمام لجماعة أُسست على خلاف أحكام القانون . تحققها : بانضمام الجاني لأحد التنظيمات الإرهابية . القصد الجنائي فيها . مناط تحققه واستخلاصه ؟

انتهاء الحكم إلى أن الطاعنين كانا من جماعة الإخوان المسلمين ويغطيان المظاهرات إعلاميًا وشارك أحدهما بها . كاف للتدليل على توافر أركان جريمة الانضمام لجماعة أُسست على خلاف أحكام القانون . علة ذلك ؟

(3) إثبات " بوجه عام". إرهاب " الانضمام لجماعة أُسست على خلاف أحكام القانون".

 إثبات جريمة الانضمام لجماعة أُسست على خلاف أحكام القانون . لا يشترط فيه طريقة خاصة . كفاية اقتناع المحكمة بوقوع الفعل المكون لها من أي دليل أو قرينة تقدم إليها .

(4) تفتيش " إذن التفتيش . إصداره " . استدلالات . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير جدية التحريات " .

تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار إذن التفتيش . موضوعي .

(5) إثبات " اعتراف " . إكراه . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير صحة الاعتراف " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .

تقدير صحة الاعتراف وقيمته في الإثبات في المسائل الجنائية . موضوعي . حد ذلك ؟

تدليل الحكم سائغاً إلى أن الاعتراف منبت الصلة عما وجد بالطاعنين من إصابات . كفايته لاطراح ما أثير بشأن بطلانه للإكراه .

الجدل الموضوعي في تقدير الدليل . غير جائز أمام النقض .

(6) حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . قانون " سريانه " .

مثال سائغ للرد على الدفع بعدم رجعية القوانين .

(7) مسئولية جنائية . فاعل أصلي .

 تدليل الحكم على تواجد الطاعنين على مسرح الجريمة واتجاههما وجهة واحدة في تنفيذها وصدور الجريمة عن باعث واحد وأن كلاً منهما قصد قصد الآخر في إيقاعها ووحدة الحق المُعتدى عليه كفايته لاعتبارهما فاعلين أصليين في تلك الجريمة . تحديده الأفعال التي أتاها كلُ منهما على حدة . غير لازم .

(8) إثبات " بوجه عام " " أوراق رسمية " . تفتيش " إذن التفتيش . إصداره " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . دفوع " الدفع بصدور إذن التفتيش بعد الضبط والتفتيش " .

الدفع بصدور الإذن بعد الضبط والتفتيش . موضوعي . كفاية اطمئنان المحكمة إلى وقوع الضبط والتفتيش بناءً على الإذن ردًا عليه .

الأدلة في المواد الجنائية إقناعية . للمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية . ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها .

(9) دفوع " الدفع بنفي التهمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .

 الدفع بنفي التهمة . موضوعي . لا يستأهل ردًا . استفادته من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم .

 إيراد الحكم وصف المضبوطات الثابت بتقرير الأدلة الجنائية . النعي عليه بخلاف ذلك . غير مقبول .

(10) إثبات " اعتراف " " بوجه عام " " خبرة " " شهود " . استدلالات . إجراءات " إجراءات المحاكمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " " سلطتها في تقدير صحة الاعتراف " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .

العبرة في المحاكمات الجنائية باقتناع القاضي بناءً على الأدلة المطروحة عليه . له أن يستمد اقتناعه من أي دليل يطمئن إليه . ما دام له مأخذه الصحيح من الأوراق .

وزن أقوال الشهود وتقديرها . موضوعي .

مفاد أخذ المحكمة بأقوال الشاهد ؟

عدم التزام المحكمة بنص اعتراف المتهم وظاهره . لها تجزئته وأن تستنبط منه الحقيقة كما كشف عنها .

ورود الاعتراف على الوقعة بكافة تفاصيلها . غير لازم . للمحكمة أن تستنتج منه وباقي عناصر الدعوى اقتراف الجاني للجريمة .

للمحكمة أن تعوّل في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها مُعززة لِمَا ساقته من أدلة .

لمحكمة الموضوع تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من اعتراضات . لها الجزم بما لم يجزم به الخبير . حد ذلك ؟

الجدل الموضوعي في تقدير أدلة الدعوى . غير جائز أمام النقض .

قعود المتهم عن إبداء دفاعه الموضوعي أمام محكمة الموضوع . يحول بينه وبين إبدائه أمام محكمة النقض . علة ذلك ؟

(11) حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .

 تحصيل الحكم لواقعة الدعوى بما له من أصل وصدى بالأوراق . مؤداه ؟

 مثال .

(12) دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .

تقديم طلب من باب الاحتياط . للمحكمة أن تطرحه دون الالتزام بالرد عليه .

طلب الطاعنين احتياطيًا عرض أحراز بالدعوى ومناقشة الأطباء الشرعيين مُحرري

التقارير الطبية واللجنة الفنية التي نوقشت في غيبة دفاعهما . إجابة المحكمة له والرد عليه . غير لازم .

(13) دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .

الطلب الذي تلتزم محكمة الموضوع بإجابته أو الرد عليه . ماهيته ؟

مثال .

(14) إجراءات " إجراءات المحاكمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .

النعي على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها . غير جائز .

(15) إجراءات " إجراءات التحقيق " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره ". نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .

النعي بأن وصف النيابة العامة للاتهام غير صحيح . تعييب للتحقيق الذي جرى في المرحلة السابقة على المحاكمة . لا يصلح سبباً للطعن على الحكم . علة ذلك ؟

(16) إثبات " خبرة " .

النعي بشأن الأسطوانات المضبوطة وتقرير اللجنة المُنتدبة بمعرفة محكمة الإعادة . غير مقبول . ما دام أن الحكم لم يعوّل في الإدانة على دليل مُستمد منهما .

(17) إثبات " بوجه عام " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .

 عدم التزام المحكمة بالتحدث في حكمها إلَّا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها . التفاتها عن دليل آخر . مفاده : اطراحه .

(18) عقوبة " عقوبة الجريمة الأشد " . ارتباط . نقض " المصلحة في الطعن " .

اعتبار الحكم الجرائم المُسندة للطاعنين مُرتبطة وإيقاع العقوبة المُقرَّرة لأشدها عليهما . النعي على الحكم بشأن ما عداها من جرائم . غير مجد .

(19) إرهاب " إعانة جماعة أُسست على خلاف أحكام القانون " . عقوبة " تطبيقها " . نقض " حالات الطعن . الخطأ في تطبيق القانون " " عدم جواز مضارة الطاعن بطعنه ".

 إدانة الطاعنين بجريمة إمداد جماعة أُسست على خلاف أحكام القانون بمعونات مادية ومالية مع علمهما بما تدعو إليه ومعاقبتهما بالسجن المُشدَّد ثلاث سنوات . خطأ في تطبيق القانون . لا سبيل لتصحيحه . أساس وعلة ذلك ؟

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 1 - لمَّا كَان الحُكم المطعون فيه حَصَّل واقعة الدعوى بما مُؤداه أن قناة .... الإعلامية قد سَخَّرت إعلامها من أجل خدمة ودَعم فصيل الإخوان المُسلمين ، والتي انحازت له قلبًا وقالبًا على حساب شرفها الإعلامي ، فقام المُتَهمون بالعمل لديها عن طريق إعداد تقارير ، وفيديوهات ، وصور تَخدم توجهات تلك الجماعة ، وذلك عن طريق أعمال المُونتاج والبث المُبَاشر للأخبار التي تَضر بالأمن الداخلي للبلاد ، وتُسئ لصورة مصر بالخارج ، وتظهر البلاد بأنها تَمُر بحالة حرب أهلية ، وبث وإشـاعة الأخبار المغلوطة التي تهدف إلى استثارة المُواطنين ، وخلق رأي عام سلبي تجاه النظام الحالي للبلاد ، وإرسالها لقناة .... ، وقد اتخذوا من الجناحين رقمي .... ، .... ، والغُرفـة رقم .... بفندق .... ، والشقة السكنية رقم .... بالعقار رقم .... قطعة .... شارع .... حي .... مقرات لتنفيذ مُخططهم ، وبناءً على ذلك تم استصدار إذن من النيابة العامة بضبط وتفتيش الأماكن سالفة الذكر والمُتَهمين ، ونفاذًا له تم ضبط المُتَهمين وبحوزتهم مطبوعات وتَسجيلات تَتَضمَّن تَرويجًا لأغراض جماعة الإخوان المُسلمين ، وأجهزة الاتصالات والبث المُبَاشر والتصوير وأجهزة نقل صوت وصورة والمُخصصة لإذاعة البيانات والإشاعات الكاذبة ، وطلقة نارية مما لا يجوز الترخيص بإحرازها ، وبعرض المضبوطات سالفة الذكر على إدارة الأدلة الجنائية واللَّجنة الثلاثية بقطاع الهندسة الإذاعية واتحاد الإذاعة والتليفزيون ، تَبيَّن أن المضبوطات تحتوي على مقاطع مُسجَّلة ، وصور من شأنها المساس بالوحدة الوطنية وإشاعة الفوضى بالبلاد ، وذلك من خلال التَغيير والتَعديل فيها ، باستخدام برامج المُونتاج ، وأن الأجهزة المضبوطة من الأجهزة التي يلزم لها التَصريح من اتحاد الإذاعة والتليفزيون . وساق الحُكم على ثبوت الواقعة لديه – على هذه الصورة – في حق الطاعنين أدلة استقاها من أقوال شهود الإثبات ، وتحريات الشرطة ، وتقرير الأدلة الجنائية ، وتَقرير لجنة الإذاعة التليفزيون وإقرارات المُتَهمين ، وهي أدلة سائغة من شأنها أن تُؤدي إلى ما رَتَّبه الحُكم عليها ، وكَان مجموع ما أورده الحُكم - على النحو السالف بسطه - كَافياً في تَفهُّم الواقعة بظروفها وأركَانها ، ومُبيّنًا لفحوى أدلتها ، على نحو يَدُل على أن المحكمة مَحَّصتها التَمحيص الكَافي ، وألمَّت بها إلمامًا شاملاً ، يفيد أنها قامت بما يَنبغي عليها من تَدقيق البحث لتعرف الحقيقة ، فــــــإن ذلك يـــكون مُحققًا لحُكم القانون ، ويضحى منعى الطاعنين عليه بالقصور ، والغموض ، والإبهام ، وعدم الإلمام بأدلة الواقعة ، في غير محله .

2- لمَّا كَان البيِّن من استقراء المادتين 86 ، 86 مُكررًا من قانون العقوبات ، أن المُشرّع أطلق وصف التنظيم الإرهابي على أي جمعية ، أو هيئة ، أو مُنظمة ، أو جماعة ، أو عصابة تَهدف إلى تَعطيل أحكام الدستور ، أو القوانين ، أو منع إحدى مُؤسسات الدولة ، أو سُلطاتها العامة من مُمَارسة أعمالها ، أو الاعتداء على الحُرية الشخصية للمواطن ، أو غيرها من الحُريات ، والحقوق العامة التي تَكفَّل الدستور والقانون بحمياتها ، أو الإضرار بالوحدة الوطنية ، أو السلام الاجتماعي ، وذلك كله باستخدام القوة ، أو العُنف ، أو التهديد ، ولمَّا كَانت العبرة في قيام هذه الجماعة ، أو تلك الهيئة ، أو المُنظمة ، أو العصابة ، وعدم مشروعيتها ، ووصفها بالإرهابية ، ليست بصدور تراخيص ، أو تَصريح باعتبارها كذلك ، ولكن العبرة في ذلك بالغرض الذي تَهدف إليه ، والوسائل التي تَتَخذها للوصول إلى ما تتغياه ، وكَانت جريمة الانضمام إلى جماعة أُسست على خلاف أحكام القانون المُؤثَّمة بالفقرة الثانية من المادة 86 مُكرراً من القانون سالف الذكر ، تَتَحقق بانضمام الجاني إلى إحدى هذه التنظيمات المُشَار إليها آنفًا ، ويَتحقق القصد الجنائي فيها بعلم الجاني بالغرض الذي تَهدف إليه ، ويستخلص ذلك الغرض من مضمون أعمال الإرهاب التي تَرتكبها هذه الجماعة ، والتي تُعتَبر صورة للسلوك الإجرامي – بغض النظر عمَّا إذا كَان الجاني قد شَارك في الأعمال الإرهابية من عدمه – متى ثبت أن ذلك التَنظيم يهدف إلى الترويع ، وتَعطيل أحكام الدستور ، أو القوانين ، أو منع إحدى مُؤسسات الدولة ، أو إحدى سُلطاتها العامة من مُمَارسة أعمالها ، أو الاعتداء على أي من الحُريات ، أو الحقوق التي تَكفَّل الدستور والقانون بحمياتها ، والإضرار بالوحدة الوطنية ، والسلام الاجتماعي مع علمه بتلك الأهداف ، وإذ انتهى الحُكم المطعون فيه وحال رده على دفاع الطاعنين بعدم توافر أركَان جريمة الانضمام إلى جماعة أُسست على خلاف أحكام القانون إلى أنهما من جماعة الإخوان المُسلمين ، وكَانا يقومان بتغطية المُظَاهرات ، وأن الطاعن الأول اختار أن يكون من بين المُؤيدين لتلك الجماعة سالفة الذكر ، وشارك في المُظاهرات المُنَاهضة للنظام حسبما استقر لديه من عقيدة ، وهو ما يَكشف عن انضمامه لتلك الجماعة التي أُسست على خلاف أحكام القانون ، والمعلوم أغراضها ، وأهدافها ، إذ إن الطاعن شَارك معهم في ذروة أعمالهم المُعلَنة على الكَافة عبر الفضائيات ، وفي خضم التهديدات ، والتَحذيرات، والانتقادات ، والتَفجيرات ، وحرق البلاد ، وهو ما يَكشف عن علمه بتلك الأهداف وقت انضمامه للجماعة .

 3- من المُقرَّر أنه لا يُشتَرط لإثبات هذه الجريمة طريقة خاصة غير طُرق الاستدلال العامة ، - بل يَكفي كما هو الحال في سائر الجرائم بحسب الأصل – أن تَقتنع المحكمة بوقوع الفعل المُكوِّن لها من أي دليل ، أو قرينة تُقدَّم إليها ، فإن ما أورده الحُكم – على السياق المار بيانه – يُعَد كَافيًا وسائغًا في تدليله على توافر جريمة الانضمام إلى جماعة أُسست على خلاف أحكام القانون في حق الطاعنين بركنيها المادي والمعنوي ، ويضحى ما ينعاه الطاعنان على الحُكم من قصور في هذا الصَدد غير قويم .

4- من المُقرَّر أن تَقدير جدية التحريات ، وكفايتها لإصدار إذن التفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يُوكل الأمر فيها إلى سُلطة التَحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع ، وكَانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بُني عليها إذن التفتيش ، وكفايتها لتسويغ إصداره – كما هو الشأن في الدعوى المطروحة - وأقرَّت النيابة على تَصرُفها في هذا الشأن ، فإنه لا مُعقِب عليها فيما ارتأته لتَعلُّقه بالموضوع لا بالقانون ، ولمَّا كَانت المحكمة قد سَوَّغت الأمر بالتفتيش ورَدت على شواهد الدفع ببُطلانه لعدم جدية التحريات التي سبقته بأدلة مُنتجة لا يُنَازع الطاعنين في أن لها أصل ثابت بالأوراق ، فإن ما ينعاه الطاعنان في هذا الصَدد لا يكون سديدًا .

5- من المُقرَّر أن الاعتراف في المسائل الجنائية من عناصر الاستدلال التي تَملُك محكمة الموضوع كَامل الحُرية في تَقدير صحتها ، وقيمتها في الإثبات ، فلها تَقدير عدم صحة ما يَدعيه المُتَهم من أن اعترافه كَان نتيجة إكراه بغير مُعقِب عليها ، ما دامت تقيمه على أسباب سائغة ، وكَانت المحكمة قد عرضت لِمَا أثاره الدفاع حول اعتراف الطاعنين ، واطرحت ما أُثير بشأن بُطلانه للإكراه بالأسباب السائغة التي أوردتها ، وخلصت في منطق سائغ ، وتَدليل مقبول إلى أن هذا الاعتراف مُنبت الصلة عمَّا وجد بالطاعنين من إصابات ، فإن الحُكم يكون قد برئ من أية شائبة في هذا الخصوص ، ولا يعدو ما يثيره الطاعنان في هذا الشأن مُجرَّد جدل موضوعي في تقدير الدليل ، مما تَستقل به محكمة الموضوع ، ولا تجوز مُجَادلتها فيه ، أو مُصَادرة عقيدتها بشأنه أمام محكمة النقض .

6- لمَّا كَان الحُكم قد عرض للدفع المُبدى من الطاعنين بمُخَالفة الاتهام الوارد بالبند أولاً وثانيًا وثالثًا من أمر الإحالة للدستور ، وقانون العقوبات لإهداره مبدأ أنه لا عقاب إلَّا على الأفعال السابقة على النص التجريمي ، وعدم رجعية القوانين واطرحه في قوله : " أن المادة 80 (د) من قانون العقوبات عُدِّلت بالقانون رقم 112 لسنة 1957 ، أمَّا المادة 86 مُكرراً ، 86 مُكرراً (أ) من قانون العقوبات ، فقد أُضيفت للقانون رقم 97 لسنة 1992 ، وهو ما يُؤكد أن النص العقابي كَان منصوصًا عليه قَبل ارتكاب المُتَهمين للواقعة وأنه بصدور القرار الوزاري رقم 227 لسنة 2013 بتاريخ 9/10/2013 الصَادر من وزير التضامن الاجتماعي بحل جمعية الإخوان المُسلمين ووضع كَافة أموال الجمعية تحت تَصرُّف اللَّجنة المُشكَّلة بقرار رئيس الوزراء رقم 1141 لسنة 2013 لحين صدور أحكام قضائية باتة ، ومن ثم فإن جمعية الإخوان المُسلمين منذ تاريخ حلها أضحت بغير سند رسمي يشهد بصفتها ، ولمَّا كَان ذلك ، وكَان المُتَهمون حتى القبض عليهم في .... يعملون لمصلحة جماعة الإخوان المُسلمين رغم حلها ، وأنهم ضُبطوا في المركز الإعلامي بـ .... الذي يُستَخدم في إجراء أعمال المُونتاج ، والبث المُبَاشر للأخبار التي تضُر بالأمن الداخلي للبلاد ، وأنهم لم يكفوا ، أو يتراجعوا عن ذلك على الرغم من حل الجمعية ، الأمر الذي يكون معه قد قارفوا الجريمة المُؤثَّمة قانوناً ، ويكون الدفع بغير سند من الواقع أو القانون خليقًا بالرفض " . وهو رد سائغ وكَاف ، ويكون ما ينعاه الطاعنان على الحُكم في هذا الخصوص غير سديد .

7- لمَّا كَان الحُكم قد حَدَّد في بيان كَاف – على نحو ما تَقدَّم – الأفعال التي قارفها الطاعنان بما تَتَوافر به كَافة العناصر القانونية للجرائم التي دينا بها ، إذ أثبت وجود كُل منهما على مسرح الجريمة وقت مُقَارفتها ، واتجاههما معًا وجهة واحدة في تنفيذها ، وصدور الجريمة عن باعث واحد ، وأن كلاً منهما قصد قصد الآخر في إيقاعها ، بالإضافة إلى وحدة الحق المُعتَدى عليه ، ويصح من ثم طبقًا للمادة 39 من قانون العقوبات اعتبارهما فاعلين أصليين ، وكَان ليس بلازم – والحال كذلك – أن يُحدِّد الحُكم الأفعال التي أتاها كُل منهما على حدة ، فإن النعي على الحُكم في هذا الخصوص ، يكون غير مُقتَرِن بالصواب .

8- من المُقرَّر أن الدَفع بحصول الضبط والتفتيش قَبل صدور الإذن بهما يُعَد دفاعًا موضوعيًا ، يكفي للرد عليه اطمئنان المحكمة إلى وقوع الضبط والتفتيش بناءً على هذا الإذن ، أخذًا منها بالأدلة السائغة التي أوردتها ، وكَان من المُقرَّر أن الأدلة في المواد الجنائية إقناعية ، وللمحكمة أن تَلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ، ما دام يَصح في العقل أن يكون غير مُلتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها المحكمة من باقي الأدلة في الدعوى ، ومن ثم فإن النعي على الحُكم في هذا الصَدد يكون غير سديد .

 9- لمَّا كَان الدفع بانتفاء صلة الطاعنين بالمضبوطات ، مردودًا بأن نفي التُهمَة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تَستأهل ردًا ، طالما الرد عليها مُستفادًا من أدلة الثبوت التي أوردها الحُكم – كما هو الحال في الدعوى – ومن ثم فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الخصوص لا يكون مقبولاً . فضلاً عن أن الحُكم المطعون فيه قد أورد في مدوناته أن تَقرير الأدلة الجنائية قد أثبت أن المضبوطات تَحتوي على مقاطع مُسجَّلة ، وصور من شأنها المساس بالوحدة الوطنية ، وإشاعة الفوضى في البلاد ، وذلك من القيام بتغيير وتَعديل مقاطع الفيديو باستخدام برامج المُونتاج – خلافًا لِمَا يَزعمه الطاعنان بأسباب طعنهما – ، ويكون النعي عليه في هذا الشأن لا محل له .

10- من المُقرَّر أن العبرة في المُحَاكمات الجنائية هي باقتناع قاضي الموضوع بناءً على الأدلة المطروحة عليه ، وأن لمحكمة الموضوع أن تَستمد اقتناعها بثبوت الجريمة من أي دليل تَطمئن إليه ، طالما أن هذا الدليل له مأخذه الصحيح من أوراق الدعوى ، ولها أن تزن أقوال الشهود، وتُقدِّرها التَقدير الذي تَطمئن إليه ، بغير مُعقِب ، ومتى أخذت بأقوال شاهد ، فإن ذلك يفيد اطراحها لجميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، كما أنها ليست مُلزَمة في أخذها باعتراف المُتَهم أن تَلتزم نصه وظاهره ، بل لها أن تُجزئه ، وتَستنبط منه الحقيقة كما كَشف عنها ، ولا يلزم أن يرد الاعتراف على الواقعة بكَافة تفاصيلها ، بل يَكفي أن يرد على وقائع تَستنتج المحكمة منها ، ومن باقي عناصر الدعوى بكَافة المُمكنات العقلية ، والاستنتاجات اقتراف الجاني للجريمة ، وأنه لا تَثريب على المحكمة إن هي أخذت بتحريات الشرطة ضمن الأدلة التي استندت إليها ، لِمَا هو مُقرَّر أن لها أن تُعوِّل عليها في تكوين عقيدتها ، باعتبارها مُعززة لِمَا ساقته من أدلة ، وكَان من المُقرَّر أن تَقدير آراء الخُبراء ، والفصل فيما يُوجَّه إلى تقاريرهم من اعتراضات ، مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كَامل الحُرية في تقدير القوة التدليلة لتقرير الخبير المُقدَّم إليها ، شأنه في هذا الشأن سائر الأدلة ، فلها مُطلَق الحُرية في الأخذ بما تَطمئن إليه منها ، والالتفات عمَّا عداه ، والجزم بما لم يَجزم بها الخبير في تَقريره ، متى كَانت وقائع الدعوى قد أيَّدت ذلك عندها ، وأكدته لديها ، وهو ما لم يخطئ الحُكم في تقديره ، فإن كُل ما يثيره الطاعنان من مُنَازعة بشأن أقوال شهود الإثبات ، وتحريات الشرطة ، وما تَضمَّنه تقريري اللَّجنة الفنية من النيابة العامة ، والأدلة الجنائية – على نحو ما ذهبا إليه بأسباب طعنهما – ينحل – جميعه – إلى جدل موضوعي في تَقدير أدلة الدعوى ، وهو ما تَستقل به محكمة الموضوع ، ولا تجوز مُجَادلتها فيه ، أو مُصَادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض . فضلاً عن أن البيِّن من محاضر جلسات المُحَاكمة أن أيًا من الطاعنين ، أو المُدَافع عنهما ، لم يَذكُر شيئًا عمَّا تَضمَّنه تقريري اللَّجنة الفنية المُنتدبة من النيابة العامة ، والأدلة الجنائية ، وكَان من المُقرَّر أن قعود المُتَهم عن إبداء دفاعه الموضوعي أمام محكمة الموضوع يحول بينه وبين إبدائه أمام محكمة النقض ، نظرًا لِمَا يحتاجه من تَحقيق يَخرُج عن وظيفتها .

11- لمَّا كَان البيِّن من الاطلاع على المُفردات أن ما حَصَّله الحُكم بشأن تَعمُّد قناة .... إظهار جمهورية مصر العربية بصورة تبدو أمام العالم بأنها تشهد حربًا داخلية ، له صداه وأصله الثابت بالأوراق ، وأنها حَوَّت صورة من الحُكم الصَادر من محكمة القضاء الإداري في الدعوى رقم .... لسنة .... قضائية ، - غير مُحرزة – وهو ما يتأدى منه أن ذلك المُستَند كَان معروضًا على بساط البحث والمُنَاقشة في الدعوى في حضور الخصوم ، ومن ثم يكون منعى الطاعنين بخصوص ذلك ، في غير محله .

12- لمَّا كَان الطاعنان سَلَّما في أسباب طعنهما أن طلبهما بعرض كَافة الأسطوانات المُدمَجة المُحرَّزة بالدعوى ، ومُنَاقشة اللَّجنة الفنية ، والتي نوقشت في غيبة الدفاع بجلسة .... ، ومُنَاقشة الأطباء الشرعيين مُحرري التقارير الطبية ، والمُرفَقة بالأوراق بعد النقض ، والسابق طلبها ، كَانت طلبات على سبيل الاحتياط ، وكَان من المُقرَّر أن المحكمة غير مُلزَمة بإجابتها ، أو الرد عليها ، إلَّا إذا كَانت طلبات جازمة ، أمَّا الطلبات التي تُبدى من باب الاحتياط ، فللمحكمة إن شاءت أن تجيبها ، وإن رفضت أن تطرحها من غير أن تكون مُلزَمة بالرد عليها .

13- من المُقرَّر أن الطَلب الذي تَلتزم محكمة الموضوع بإجابته ، أو الرد عليه ، هو الطَلب الجازم الذي يصر عليه مُقدِّمه ، ولا ينفك عن التَمسُّك به ، والإصرار عليه في طلباته الختامية ، وكَان البيِّن من الاطلاع على محاضر جلسات المُحَاكمة أن المُدَافع عن الطاعنين ، وإن كَان قد طَلب لدى مُرَافعته بجلستي .... ، .... ضم الأشعة التي أُجريت للطاعنين ، إلَّا أنه لم يعد إلى التَحدُّث عن طلبه هذا ، واقتصر في ختام مُرَافعته بجلستي .... ، .... على طلب البراءة ، ولمَّا كَان هذا الطَلب على هذا النحو غير جازم ، ولم يصر عليه الدفاع في ختام مُرَافعته ، فإن ما ينعاه الطاعنان بدعوى الإخلال بحق الدفاع ، لا يكون له محل .

14- لمَّا كَان البيِّن من الاطلاع على محاضر جلسات المُحَاكمة ، أن المُدَافع عن الطاعنين لم يَطلُب إلى المحكمة إعادة عَرض الطاعن الثاني على مصلحة الطب الشرعي ، فليس له – من بعد – أن ينعي عليها قعودها عن إجراء تَحقيق لم يُطلَب منها .

 15- لمَّا كَان البيِّن من مُطَالعة محضر جلسة المُحَاكمة المُؤرَّخ .... أن من بين ما أبداه المُدافع عن الطاعنين أن وصف النيابة العامة للاتهام – بالنسبة للجرائم الواردة بالبند أولاً ، وثانيًا وثالثًا من أمر الإحالة – غير صحيح ، وذلك دون أن يَطلُب من المحكمة اتخاذ إجراء مُعيَّن في هذا الخصوص ، فإن ما أثاره الدفاع فيما سلف لا يعدو أن يكون تعييبًا للتحقيق الذي جرى في المرحلة السابقة على المُحَاكمة ، لا يصح أن يكون سببًا للطعن على الحُكم ، إذ إنه من المُقرَّر أن تَعييب التحقيق الذي تجريه النيابة العامة لا تأثير له على سلامة الحُكم ، والأصل أن العبرة عند المُحَاكمة هي بالتحقيق الذي تجريه المحكمة بنفسها ، وطالما لم يَطلُب الدفاع منها استكمال ما قد يكون بالتحقيقات الابتدائية من نقص أو عيب ، فليس له أن يَتخذ من ذلك سببًا لمنعاه .

16- لمَّا كَان الحُكم المطعون فيه لم يُعوِّل في إدانة الطاعنين على دليل مُستَمد من الأسطوانات المضبوطة أو على التقرير الصَادر من اللَّجنة التي انتدبتها محكمة الإعادة ، فإن كُل ما يثيره الطاعنان – على النحو الذي ذهبا إليه بأسباب طعنهما - يكون واردًا على غير محل له من قضاء الحُكم ، ومن ثم غير مقبول .

17- من المُقرَّر أنه لا يَقدح في سلامة الحُكم إغفال الإشارة إلى التَقرير الصَادر من اللَّجنة التي انتدبتها محكمة الإعادة ، لِمَا هو مُقرَّر من أن المحكمة غير مُلزمة بالتَحدُّث في حُكمها إلَّا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها ، ولا عليها إن هي التفتت عن دليل آخر ، لأن في عدم إيرادها له ما يفيد اطراحه ، وعدم التعويل عليه .

18- لمَّا كَان الحُكم المطعون فيه قد اعتبر الجرائم المُسنَدة إلى الطاعنين مُرتَبطة ارتباطًا لا يَقبل التجزئة ، واعتبرها كُلها جريمة واحدة ، وأوقع عليهما العقوبة المُقرَّرة لأشدها ، وهي جريمة إمداد جماعة أُسست على خلاف القانون وتَتَخذ من الإرهاب وسيلة لتنفيذ أغراضها بمعونات مادية ومالية مع علمهما بما تدعو إليه – بعد أن بَيَّن أركَانها ، وتوافرت في حق الطاعنين – ، وقد سلم الحُكم مما ينعياه بشأنها ، بما لا يجديهما النعي عليه بشأن ما عداها من جرائم ، ويضحى النعي عليه في هذا الشأن غير مقبول .

 19- لمَّا كَانت العقوبة المُقرَّر للجريمة الأشد التي انتهت المحكمة إلى مُعَاقبة الطاعنين بها هي الإعدام ، أو السجن المُؤبَّد ، وفقًا لنص الفقرة الثانية من المادة 86 مُكررًا "أ" من قانون العقوبات ، وكَانت المادة 88 مُكررًا "ج" من ذات القانون قد نَصَّت على أنه " لا يجوز تطبيق أحكام المادة "17" من هذا القانون عند الحُكم بالإدانة في جريمة من الجرائم المنصوص عليها في هذا القسم ، عدا الأحوال التي يُقرِّر فيها القانون عقوبة الإعدام أو السجن المُؤبَّد ، يجوز النزول بعقوبة الإعدام إلى السجن المُؤبَّد والنزول بعقوبة السجن المُؤبَّد إلى السجن المُشدَّد التي لا تقل عن عشر سنوات ، وكَان الحُكم المطعون فيه قد عَاقب الطاعنين بالسجن المُشدَّد لمُدة ثلاث سنوات بعد أن عاملهما بالرأفة ، وأعمل في حقهما المادة 17 من قانون العقوبات ، فإنه يكون قد أخطأ في تَطبيق القانون ، إلَّا أنه لا سبيل لتصحيح هذا الخطأ ، لأن الطعن مرفوع من الطاعنين – وحدهما – دون النيابة العامة ، وحتى لا يُضَارا بطعنهما .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الوقائـع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين وآخرين بأنهم :

أولاً - المُتَهمون من الأول حتى السادس عشر :

انضموا لجماعة أُسست على خلاف أحكام القانون الغرض منها الدعوة إلى تَعطيل أحكام الدستور والقوانين ، ومنع مُؤسسات الدولة وسُلطاتها العامة من مُمَارسة أعمالها ، والاعتداء على الحُرية الشخصية للمواطنين والحقوق والحُريات العامة ، والإضرار بالوحدة الوطنية والسلام الاجتماعي ، بأن انضموا لجماعة الإخوان المُسلمين التي تَهدف لتَغيير نظام الحُكم بالقوة والاعتداء على حُرية الأفراد واستهداف المُنشآت العامة بهدف الإخلال بالنظام العام وتَعريض سلامة المجتمع وأمنه للخطر ، وكَان الإرهاب من الوسائل التي تَستخدمها هذه الجماعة في تنفيذ أغراضها ، على النحو المُبيَّن بالتحقيقات .

ثانيًا - المُتَهمون من الخامس حتى السابع ومن الثاني عشر حتى السادس عشر أيضًا : حازوا مطبوعات وتَسجيلات تَتَضمَّن تَرويجًا لأغراض جماعة أُسست على خلاف أحكام القانون – موضوع الاتهام الوارد بالبند أولاً – مُعدَّة لاطلاع الغير عليها مع علمهم بما تَدعو إليه تلك الجماعة من أغراض ووسائلها في تَحقيقها ، على النحو المُبيَّن بالتحقيقات .

ثالثًا - المُتَهمون جميعًا أيضًا :

أمدّوا جماعة أُسست على خلاف أحكام القانون بمعونات مادية ومالية ، بأن أمدّوا الجماعة – موضوع الاتهام الوارد بالبند أولاً – بأموال ومهمات ومُعدات وآلات ومعلومات مع علمهم بما تدعو إليه ووسائلها في تحقيق ذلك ، على النحو المُبيَّن بالتحقيقات .

رابعًا - المُتَهمون من الخامس حتى العاشر ومن الثاني عشر حتى السابع عشر أيضًا:

حازوا أجهزة من أجهزة الاتصالات والبث ( هاتف ثريا ، جهاز إنمارسات ، جهاز موبايل فيوبوينت ) دون الحصول على تَرخيص من الجهات الإدارية المُختَصة ، وذلك لغرض المساس بالأمن القومي للبلاد على النحو المُبيَّن بالتحقيقات .

خامسًا - المُتَهم السادس أيضًا :

أحرز ذخائر – طلقة نارية – مما لا يجوز الترخيص بحيازتها أو إحرازها .

سادسًا - المُتَهمون من الأول حتى السادس عشر أيضًا :

بصفتهم مصريين أذاعوا عمدًا بالخارج أخبارًا وبيانات وإشاعات كاذبة حول الأوضاع الداخلية للبلاد ، بأن بثوا عبر شبكة المعلومات الدولية وإحدى القنوات الفضائية " قناة ... " مقاطع فيديو وصور وأخبار كاذبة للإيحاء للرأي العام الخارجي بأن البلاد تَشهد حالة اقتتال داخلي وحَرب أهلية بين مواطنيها ، وكَان من شأن ذلك إضعاف هيبة الدولة واعتبارها والإضرار بالمصالح القومية للبلاد ، على النحو المُبيَّن بالتحقيقات .

سابعًا - المُتَهمون جميعًا أيضًا :

1- أذاعوا عمدًا أخبارًا وبيانات وإشاعات كاذبة بثوها عبر شبكة المعلومات الدولية وإحدى القنوات الفضائية " قناة .... " على النحو المُبيَّن بالاتهام الوارد بالبند سادسًا ، وكَان من شأن ذلك تَكدير الأمن العام وإلحاق الضَرر بالمصلحة العامة وإلقاء الرُعب بين الناس وإثارة الفتن ، على النحو المُبيَّن بالتحقيقات .

2- حازوا وسيلة من وسائل التَسجيل والعلانية ، بأن حازوا أجهزة تصوير وبث ، وأجهزة نقل صوت وصورة والمُخصصة لإذاعة المُحتوى موضوع الاتهام المُبيَّن بالبند السابق ، على النحو المُبيَّن بالتحقيقات .

3– حازوا بقصد العرض صورًا غير حقيقية عن الأوضاع الداخلية للبلاد من شأنها الإساءة لسُمعتها ، على النحو المُبيَّن بالتحقيقات .

ثامنًا - المُتَهمون من السابع عشر حتى العشرين أيضًا :

اشتركوا بطريقي الاتفاق والمُسَاعدة مع المُتَهمين من الأول حتى السادس عشر في ارتكاب الجريمة موضوع الاتهام الوارد بالبند سادسًا ، بأن اتفقوا معهم على ارتكابها وساعدوهم بأن أمدّوهم ببعض من المواد الإعلامية وأجروا عليها تَعديلات بالحذف والإضافة ، وبثوها علانية عبر شبكة المعلومات الدولية وإحدى القنوات الفضائية " قناة .... " ، فوقعت الجريمة بناءً على ذلك الاتفاق وتلك المُسَاعدة ، على النحو المُبيَّن بالتحقيقات .

وأحالتهم إلى محكمة جنايات .... لمُحَاكمتهم وفقًا للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .

والمحكمة قَضت عملاً بالمواد 2/أولاً ، ثانيًا/ فقرة أ ، 30 ، 40/ثانيًا ، ثالثًا ، 41/1 ، 80 (د)/1 ، 86 ، 86 مُكررًا /4،3،1 ، 86مكررأ/2،1، 102 مُكررًا /4،2،1 ، 178 مُكررًا ثانيًا /1 من قانون العقوبات ، والمواد 1 ، 44 ، 48/1 ، 2 ، 70 ، 77/4،3،2،1 من القانون رقم 10 لسنة 2003 بشأن تنظيم الاتصالات ، والمواد 1/1 ، 6 ، 26/4 ، 30/1 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المُعدَّل بالقانونين رقمي 26 لسنة 1978 ، 165 لسنة 1981 ، والمرسوم بقانون رقم 6 لسنة 2012 ، والجدول رقم 3 المُلحَق بالقانون الأول بشأن الأسلحة والذخائر، مع إعمال المادة نص المادة 32 من قانون العقوبات ، أولاً / غيابيًا بمُعَاقبة كُل من المُتَهمين
( ....، و.... ، و.... ، و.... ، و.... ، و.... ، و.... ، و.... ، و.... ، و.... ، و.... ) بالسجن المُشدَّد لمُدة عشر سنوات عمَّا أُسند إليهم . ثانيًا / حضوريًا بالنسبة للمُتَهمين ( .... ، و.... ، و.... ، و.... ، و....، و.... ، و.... ) بالسجن المُشدَّد لمُدة سبع سنوات . وببراءة كُل من ( .... ، و....) مما نُسِب إليهما . ثالثًا / بمُعَاقبة المُتَهم ( .... ) بالسجن لمُدة ثلاث سنوات عن التُهمَة الواردة بالبند خامسًا من أمر الإحالة ، وتَغريمه خمسة آلاف جُنيه . رابعًا / بمُصَادرة الأدوات والمواد الفلمية المضبوطة .

 فطعن كُل من المحكوم عليهم ( .... ، و.... ، و.... ، و.... ، و.... ، و.... ، و.... ) في هذا الحُكم بطريق النقض ، ومحكمة النقض قَضت بنقض الحُكم المطعون فيه والإعادة .

 ومحكمة الإعادة - بهيئة مُغَايرة – قَضت حضوريًا للمُتَهمين ( .... ، و.... ، و.... ، و.... ، و.... ، و.... ، و.... ) ، وغيابيًا للمُتَهم ( .... ) عملاً بالمواد 2/أولاً ، ثانيًا/فقرة أ ، 40/ثانيًا، ثالثًا، 41/1 ، 80(د)/1 ، 86 ، 86 مُكرراً/4،3،1 ، 86 مُكرر أ/2،1 ، 102 مُكرراً/4،2،1 ، 178 مُكرر ثانيًا/1 من قانون العقوبات ، والمواد 1 ، 44 ، 48/1،2 ، 70 ، 77/4،3،2،1 من القانون رقم 10 لسنة 2003 بشأن تنظيم الاتصالات ، والمواد 1/1 ، 6 ، 26/4 ، 30/1 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المُعدَّل بالقانونين رقمي 26 لسنة 1978 ، 165 لسنة 1981 ، والمرسوم بقانون رقم 6 لسنة 2012 ، والجدول رقم 3 المُلحَق بالقانون الأول بشأن الأسلحة والذخائر، مع إعمال نص المادتين 17 ، 32 من قانون العقوبات ، أولاً - بمُعَاقبة كُل من المُتَهمين ( .... ، و.... ، و.... ، و.... ، و.... ، و.... ) بالسجن المُشدَّد لمُدة ثلاث سنوات عمَّا نُسِب إليهم . ثانيًا - بمُعَاقبة المُتَهم ( .... ) بالحبس مع الشُغل لمُدة ستة أشهُّر ، وتَغريمه مبلغ خمسة آلاف جُنيه عمَّا نُسِب إليه في البند الخامس مع أمر الإحالة . ثالثًا - ببراءة المُتَهمين ( .... ، و.... ) مما نُسِب إليهما بـأمر الإحالة . رابعًا - مُصَادرة المضبوطات .

فطعن المحكوم عليهما .... ، .... في هذا الحُكم بطريق النقض .... إلخ .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المحكمـة

 ومن حيث إن الطاعنين ينعيان على الحُكم المطعون فيه أنه إذ دانهما وآخرين بجرائم الانضمام لجماعة أُسست على خلاف أحكام القانون الغَرض منها الدعوة إلى تَعطيل أحكام الدستور ، والقوانين ، ومنع مُؤسسات الدولة ، وسُلطاتها العامة من مُمَارسة أعمالها ، والاعتداء على الحُرية الشخصية للمواطنين ، والحقوق ، والحُريات العامة ، والإضرار بالوحدة الوطنية ، والسلام الاجتماعي ، وتتخذ الإرهاب وسيلة من الوسائل التي تُستَخدم في تنفيذ أغراضها ، وإمداد تلك الجماعة بمعونات مادية ومالية ، مع علمهما بما تدعوا إليه ، وبوسائلها في تَحقيق ذلك ، وحيازة مطبوعات وتَسجيلات تَتَضمَّن تَرويجاً لتلك الجماعة ، معدَّة لاطلاع الغير عليها ، وحيازة أجهزة من أجهزة الاتصالات والبث دون الحصول على تَرخيص بذلك من الجهات المُختَصة ، وبث وإذاعة أخبار وبيانات وإشاعات كاذبة عبر شبكة المعلومات الدولية ، وإحدى القنوات الفضائية - قناة .... - من شأنها تَكدير الأمن العام ، لإضعاف هيبة الدولة ، وإلقاء الرُعب بين الناس ، وإلحاق الضرر بالمصلحة العامة ، وحيازة وسيلة من وسائل التَسجيل والعلانية وصور غير حقيقية عن الأوضاع الداخلية للبلاد ، قد شابه القصور والتنَاقُض في التسبيب ، والفساد في الاستدلال ، والخطأ في الإسناد ، ومُخَالفة الثابت بالأوراق ، وران عليه البُطلان ، وانطوى على الإخلال بحق الدفاع ، ذلك بأنه لم يُورد بيانًا كَافيًا لواقعة الدعوى وأدلتها ، واعتوره الغموض والإبهام ، وعدم الإلمام بتلك الأدلة ، ولم يُدلِّل على توافر أركَان الجرائم التي دان الطاعنين بها ، لا سيما القصد الجنائي ، ورد بما لا يَصلُح ردًا على دفوعهما ببُطلان إذن التفتيش لابتنائه على تحريات غير جدية ، وببُطلان اعترافهما لكونه إثر إكراه مادي ، ومعنوي ، وبمُخَالفة الاتهام الوارد بالبنود أولاً ، وثانيًا ، وثالثًا من أمر الإحالة للدستور ، وقانون العقوبات ، بدلالة أن جماعة الإخوان المُسلمين قد حُلت قَبل ارتكاب الطاعنين للواقعة ، وضرب صفحًا عن دفوعهما بعدم توافر الاتفاق الجنائي بينهما وبين باقي المُتَهمين ، ولم يستظهر عناصر الاشتراك فيما بينهم ، ودور كُل منهما في ارتكاب الواقعة ، وببُطلان الضبط والتفتيش لحصولهما قَبل صدور الإذن بهما ، بدلالة البرقيات التلغرافية المُرسَلة من أهليتهما ، وبانتفاء صلتهما بالمضبوطات بدلالة خلو الأوراق من وجود مقاطع فيديو عُدِّلت بصَدد تلك الواقعة ، وتساند إلى أقوال شهود الإثبات المُرسَلة ، وتحريات الشرطة رغم عدم جديتها ، واعترافات الطاعنين ، والتي حَصَّلها بما يُخَالف مدلولها ، وتقارير اللّجان الفنية التي انتدبتها النيابة العامة رغم قصورها ، وعدم جزمها بصحة الاتهام، وعَوَّل في بيانه لواقعة الدعوى على عبارات لا أصل لها في الأوراق ، مُدعمًا ذلك بالحُكم الصَادر من محكمة القضاء الإداري في الدعوى رقم .... قضائية والذي لم يَكُن معروضًا على بساط البحث ، ولـم تجبهما المحكمة إلى طلبهما بعرض الأسطوانات المُدمجة المُحرزة بالدعوى ، ومُنَاقشة اللَّجنة الفنية ، والأطباء الشرعيين مُحرري التقارير الطبية ، والمُبداة منهما على سبيل الاحتياط ، فضلاً عن عدم ضم الأشعة التي أُجريت للطاعنين ، وإعادة عَرض الطاعن الثاني على مصلحة الطب الشرعي ، فضلاً عن أن وصف النيابة العامة للاتهام الوارد بالبنود أولاً ، وثانيًا ، وثالثًا غير صحيح ، هذا إلى أن محكمة الحُكم الأول المنقوض قد عَهدت إلى النيابة العامة إعادة تَحريز المضبوطات - بعد فضها وتفريغ مُحتواها - في غيبة الطاعنين والمُدَافع عنهما ، مما عَرَّضها للعَبث ، فضلاً عن بُطلان ذلك الإجراء ، وهو ما تَمسَّك به الدفاع ، بيد أن المحكمة قد أشاحت عن هذا الدفاع ، ولم تصحح ذلك الإجراء الباطل ، ولم يعْن الحُكم بالإشارة إلى تقرير اللَّجنة التي انتدبتها محكمة الإعادة والذي انتهى إلى نتيجة تَتَعارض مع التقارير السابقة ، حيث نفى وجود ثمة مُونتاج ، أو تعديلات فنية بالمشاهد ، وأورد الحُكم أن هذا التقرير يَتفق مع الأوراق خلافًا للثابت بها ، وأخيرًا ، فقد دانهما الحُكم بجريمتي حيازة أجهزة من أجهزة الاتصالات ، والبث دون الحصول على تــرخيص بذلك من الجهة المُختصة ، وإذاعة أخبار وإشاعات كاذبة من شأنها تَكدير الأمن العام ، وإلقاء الرُعب بين الناس ، وإلحاق الضرر بالمصلحة العامة رغم عدم توافر أركَانهما في حقهما . وكُل أولئك يعيب الحُكم ويستوجب نقضه .

ومن حيث إن الحُكم المطعون فيه حَصَّل واقعة الدعوى بما مُؤداه أن قناة .... الإعلامية قد سَخَّرت إعلامها من أجل خدمة ودَعم فصيل الإخوان المُسلمين ، والتي انحازت له قلبًا وقالبًا على حساب شرفها الإعلامي ، فقام المُتَهمون بالعمل لديها عن طريق إعداد تقارير ، وفيديوهات ، وصور تَخدم توجهات تلك الجماعة ، وذلك عن طريق أعمال المُونتاج والبث المُبَاشر للأخبار التي تَضر بالأمن الداخلي للبلاد ، وتُسئ لصورة مصر بالخارج ، وتظهر البلاد بأنها تَمُر بحالة حرب أهلية ، وبث وإشاعة الأخبار المغلوطة التي تهدف إلى استثارة المُواطنين ، وخلق رأي عام سلبي تجاه النظام الحالي للبلاد ، وإرسالها لقناة .... ، وقد اتخذوا من الجناحين رقمي .... ، .... ، والغُرفة رقم .... بفندق .... ، والشقة السكنية رقم .... بالعقار رقم .... قطعة .... شارع .... حي .... - .... - .... - مقرات لتنفيذ مُخططهم ، وبناءً على ذلك تم استصدار إذن من النيابة العامة بضبط وتفتيش الأماكن سالفة الذكر والمُتَهمين ، ونفاذًا له تم ضبط المُتَهمين وبحوزتهم مطبوعات وتَسجيلات تَتَضمَّن تَرويجًا لأغراض جماعة الإخوان المُسلمين ، وأجهزة الاتصالات والبث المُبَاشر والتصوير وأجهزة نقل صوت وصورة والمُخصصة لإذاعة البيانات والإشاعات الكاذبة ، وطلقة نارية مما لا يجوز الترخيص بإحرازها ، وبعرض المضبوطات سالفة الذكر على إدارة الأدلة الجنائية واللَّجنة الثلاثية بقطاع الهندسة الإذاعية واتحاد الإذاعة والتليفزيون ، تَبيَّن أن المضبوطات تحتوي على مقاطع مُسجَّلة ، وصور من شأنها المساس بالوحدة الوطنية وإشاعة الفوضى بالبلاد ، وذلك من خلال التَغيير والتَعديل فيها ، باستخدام برامج المُونتاج ، وأن الأجهزة المضبوطة من الأجهزة التي يلزم لها التَصريح من اتحاد الإذاعة والتليفزيون . وساق الحُكم على ثبوت الواقعة لديه – على هذه الصورة – في حق الطاعنين أدلة استقاها من أقوال شهود الإثبات ، وتحريات الشرطة ، وتقرير الأدلة الجنائية ، وتَقرير لجنة الإذاعة التليفزيون وإقرارات المُتَهمين ، وهي أدلة سائغة من شأنها أن تُؤدي إلى ما رَتَّبه الحُكم عليها ، وكَان مجموع ما أورده الحُكم - على النحو السالف بسطه - كَافياً في تَفهُّم الواقعة بظروفها وأركَانها ، ومُبيّنًا لفحوى أدلتها ، على نحو يَدُل على أن المحكمة مَحَّصتها التَمحيص الكَافي ، وألمَّت بها إلمامًا شاملاً ، يفيد أنها قامت بما يَنبغي عليها من تَدقيق البحث لتعرف الحقيقة ، فإن ذلك يكون مُحققًا لحُكم القانون ، ويضحى منعى الطاعنين عليه بالقصور ، والغموض ، والإبهام ، وعدم الإلمام بأدلة الواقعة ، في غير محله . لمَّا كَان ذلك ، وكَان البيِّن من استقراء المادتين 86 ، 86 مُكررًا من قانون العقوبات ، أن المُشرّع أطلق وصف التنظيم الإرهابي على أي جمعية ، أو هيئة ، أو مُنظمة ، أو جماعة ، أو عصابة تَهدف إلى تَعطيل أحكام الدستور، أو القوانين ، أو منع إحدى مُؤسسات الدولة ، أو سُلطاتها العامة من مُمَارسة أعمالها ، أو الاعتداء على الحُرية الشخصية للمواطن ، أو غيرها من الحُريات ، والحقوق العامة التي تَكفَّل الدستور والقانون بحمياتها ، أو الإضرار بالوحدة الوطنية ، أو السلام الاجتماعي ، وذلك كله باستخدام القوة، أو العُنف ، أو التهديد ، ولمَّا كَانت العبرة في قيام هذه الجماعة ، أو تلك الهيئة ، أو المُنظمة ، أو العصابة ، وعدم مشروعيتها ، ووصفها بالإرهابية ، ليست بصدور تراخيص ، أو تَصريح باعتبارها كذلك ، ولكن العبرة في ذلك بالغرض الذي تَهدف إليه ، والوسائل التي تَتَخذها للوصول إلى ما تتغياه ، وكَانت جريمة الانضمام إلى جماعة أُسست على خلاف أحكام القانون المُؤثَّمة بالفقرة الثانية من المادة 86 مُكرراً من القانون سالف الذكر ، تَتَحقق بانضمام الجاني إلى إحدى هذه التنظيمات المُشَار إليها آنفًا ، ويَتحقق القصد الجنائي فيها بعلم الجاني بالغرض الذي تَهدف إليه ، ويستخلص ذلك الغرض من مضمون أعمال الإرهاب التي تَرتكبها هذه الجماعة ، والتي تُعتَبر صورة للسلوك الإجرامي – بغض النظر عمَّا إذا كَان الجاني قد شَارك في الأعمال الإرهابية من عدمه – متى ثبت أن ذلك التَنظيم يهدف إلى الترويع ، وتَعطيل أحكام الدستور ، أو القوانين ، أو منع إحدى مُؤسسات الدولة ، أو إحدى سُلطاتها العامة من مُمَارسة أعمالها ، أو الاعتداء على أي من الحُريات ، أو الحقوق التي تَكفَّل الدستور والقانون بحمياتها ، والإضرار بالوحدة الوطنية ، والسلام الاجتماعي مع علمه بتلك الأهداف ، وإذ انتهى الحُكم المطعون فيه وحال رده على دفاع الطاعنين بعدم توافر أركَان جريمة الانضمام إلى جماعة أُسست على خلاف أحكام القانون إلى أنهما من جماعة الإخوان المُسلمين ، وكَانا يقومان بتغطية المُظَاهرات ، وأن الطاعن الأول اختار أن يكون من بين المُؤيدين لتلك الجماعة سالفة الذكر ، وشارك في المُظاهرات المُنَاهضة للنظام حسبما استقر لديه من عقيدة ، وهو ما يَكشف عن انضمامه لتلك الجماعة التي أُسست على خلاف أحكام القانون ، والمعلوم أغراضها ، وأهدافها ، إذ إن الطاعن شَارك معهم في ذروة أعمالهم المُعلَنة على الكَافة عبر الفضائيات ، وفي خضم التهديدات ، والتَحذيرات ، والانتقادات ، والتَفجيرات ، وحرق البلاد ، وهو ما يَكشف عن علمه بتلك الأهداف وقت انضمامه للجماعة . لمَّا كَان ذلك ، وكَان من المُقرَّر أنه لا يُشتَرط لإثبات هذه الجريمة طريقة خاصة غير طُرق الاستدلال العامة ، - بل يَكفي كما هو الحال في سائر الجرائم بحسب الأصل – أن تَقتنع المحكمة بوقوع الفعل المُكوِّن لها من أي دليل ، أو قرينة تُقدَّم إليها ، فإن ما أورده الحُكم – على السياق المار بيانه – يُعَد كَافيًا وسائغًا في تدليله على توافر جريمة الانضمام إلى جماعة أُسست على خلاف أحكام القانون في حق الطاعنين بركنيها المادي والمعنوي، ويضحى ما ينعاه الطاعنان على الحُكم من قصور في هذا الصَدد غير قويم . لمَّا كَان ذلك ، وكَان من المُقرَّر أن تَقدير جدية التحريات ، وكفايتها لإصدار إذن التفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يُوكل الأمر فيها إلى سُلطة التَحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع ، وكَانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بُني عليها إذن التفتيش ، وكفايتها لتسويغ إصداره – كما هو الشأن في الدعوى المطروحة - وأقرَّت النيابة على تَصرُفها في هذا الشأن ، فإنه لا مُعقِب عليها فيما ارتأته لتَعلُّقه بالموضوع لا بالقانون ، ولمَّا كَانت المحكمة قد سَوَّغت الأمر بالتفتيش ورَدت على شواهد الدفع ببُطلانه لعدم جدية التحريات التي سبقته بأدلة مُنتجة لا يُنَازع الطاعنين في أن لها أصل ثابت بالأوراق ، فإن ما ينعاه الطاعنان في هذا الصَدد لا يكون سديدًا . لمَّا كَان ذلك ، وكَان من المُقرَّر أن الاعتراف في المسائل الجنائية من عناصر الاستدلال التي تَملُك محكمة الموضوع كَامل الحُرية في تَقدير صحتها ، وقيمتها في الإثبات ، فلها تَقدير عدم صحة ما يَدعيه المُتَهم من أن اعترافه كَان نتيجة إكراه بغير مُعقِب عليها ، ما دامت تقيمه على أسباب سائغة ، وكَانت المحكمة قد عرضت لِمَا أثاره الدفاع حول اعتراف الطاعنين ، واطرحت ما أُثير بشأن بُطلانه للإكراه بالأسباب السائغة التي أوردتها ، وخلصت في منطق سائغ ، وتَدليل مقبول إلى أن هذا الاعتراف مُنبت الصلة عمَّا وجد بالطاعنين من إصابات ، فإن الحُكم يكون قد برئ من أية شائبة في هذا الخصوص ، ولا يعدو ما يثيره الطاعنان في هذا الشأن مُجرَّد جدل موضوعي في تقدير الدليل ، مما تَستقل به محكمة الموضوع ، ولا تجوز مُجَادلتها فيه ، أو مُصَادرة عقيدتها بشأنه أمام محكمة النقض . لمَّا كَان ذلك ، وكَان الحُكم قد عرض للدفع المُبدى من الطاعنين بمُخَالفة الاتهام الوارد بالبند أولاً وثانيًا وثالثًا من أمر الإحالة للدستور ، وقانون العقوبات لإهداره مبدأ أنه لا عقاب إلَّا على الأفعال السابقة على النص التجريمي ، وعدم رجعية القوانين واطرحه في قوله : " أن المادة 80 (د) من قانون العقوبات عُدِّلت بالقانون رقم 112 لسنة 1957 ، أمَّا المادة 86 مُكرراً ، 86 مُكرراً (أ) من قانون العقوبات ، فقد أُضيفت للقانون رقم 97 لسنة 1992 ، وهو ما يُؤكد أن النص العقابي كَان منصوصًا عليه قَبل ارتكاب المُتَهمين للواقعة وأنه بصدور القرار الوزاري رقم 227 لسنة 2013 بتاريخ 9/10/2013 الصَادر من وزير التضامن الاجتماعي بحل جمعية الإخوان المُسلمين ووضع كَافة أموال الجمعية تحت تَصرُّف اللَّجنة المُشكَّلة بقرار رئيس الوزراء رقم 1141 لسنة 2013 لحين صدور أحكام قضائية باتة ، ومن ثم فإن جمعية الإخوان المُسلمين منذ تاريخ حلها أضحت بغير سند رسمي يشهد بصفتها . ولمَّا كَان ذلك ، وكَان المُتَهمون حتى القبض عليهم في .... يعملون لمصلحة جماعة الإخوان المُسلمين رغم حلها ، وأنهم ضُبطوا في المركز الإعلامي بـ .... الذي يُستَخدم في إجراء أعمال المُونتاج ، والبث المُبَاشر للأخبار التي تضُر بالأمن الداخلي للبلاد ، وأنهم لم يكفوا ، أو يتراجعوا عن ذلك على الرغم من حل الجمعية ، الأمر الذي يكون معه قد قارفوا الجريمة المُؤثَّمة قانوناً ، ويكون الدفع بغير سند من الواقع أو القانون خليقًا بالرفض " . وهو رد سائغ وكَاف ، ويكون ما ينعاه الطاعنان على الحُكم في هذا الخصوص غير سديد . لمَّا كَان ذلك ، وكَان الحُكم قد حَدَّد في بيان كَاف – على نحو ما تَقدَّم – الأفعال التي قارفها الطاعنان بما تَتَوافر به كَافة العناصر القانونية للجرائم التي دينا بها ، إذ أثبت وجود كُل منهما على مسرح الجريمة وقت مُقَارفتها ، واتجاههما معًا وجهة واحدة في تنفيذها ، وصدور الجريمة عن باعث واحد ، وأن كلاً منهما قصد قصد الآخر في إيقاعها ، بالإضافة إلى وحدة الحق المُعتَدى عليه ، ويصح من ثم طبقًا للمادة 39 من قانون العقوبات اعتبارهما فاعلين أصليين ، وكَان ليس بلازم – والحال كذلك – أن يُحدِّد الحُكم الأفعال التي أتاها كُل منهما على حدة ، فإن النعي على الحُكم في هذا الخصوص ، يكون غير مُقتَرِن بالصواب . لمَّا كَان ذلك ، وكَان من المُقرَّر أن الدَفع بحصول الضبط والتفتيش قَبل صدور الإذن بهما يُعَد دفاعًا موضوعيًا ، يكفي للرد عليه اطمئنان المحكمة إلى وقوع الضبط والتفتيش بناءً على هذا الإذن ، أخذًا منها بالأدلة السائغة التي أوردتها ، وكَان من المُقرَّر أن الأدلة في المواد الجنائية إقناعية ، وللمحكمة أن تَلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ، ما دام يَصح في العقل أن يكون غير مُلتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها المحكمة من باقي الأدلة في الدعوى ، ومن ثم فإن النعي على الحُكم في هذا الصَدد يكون غير سديد . لمَّا كَان ذلك ، وكَان الدفع بانتفاء صلة الطاعنين بالمضبوطات ، مردودًا بأن نفي التُهمَة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تَستأهل ردًا ، طالما الرد عليها مُستفادًا من أدلة الثبوت التي أوردها الحُكم – كما هو الحال في الدعوى – ومن ثم فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الخصوص لا يكون مقبولاً . فضلاً عن أن الحُكم المطعون فيه قد أورد في مدوناته أن تَقرير الأدلة الجنائية قد أثبت أن المضبوطات تَحتوي على مقاطع مُسجَّلة، وصور من شأنها المساس بالوحدة الوطنية ، وإشاعة الفوضى في البلاد ، وذلك من القيام بتغيير وتَعديل مقاطع الفيديو باستخدام برامج المُونتاج – خلافًا لِمَا يَزعمه الطاعنان بأسباب طعنهما – ، ويكون النعي عليه في هذا الشأن لا محل له . لمَّا كَان ذلك ، وكَان من المُقرَّر أن العبرة في المُحَاكمات الجنائية هي باقتناع قاضي الموضوع بناءً على الأدلة المطروحة عليه ، وأن لمحكمة الموضوع أن تَستمد اقتناعها بثبوت الجريمة من أي دليل تَطمئن إليه ، طالما أن هذا الدليل له مأخذه الصحيح من أوراق الدعوى ، ولها أن تزن أقوال الشهود ، وتُقدِّرها التَقدير الذي تَطمئن إليه ، بغير مُعقِب ، ومتى أخذت بأقوال شاهد ، فإن ذلك يفيد اطراحها لجميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، كما أنها ليست مُلزَمة في أخذها باعتراف المُتَهم أن تَلتزم نصه وظاهره ، بل لها أن تُجزئه ، وتَستنبط منه الحقيقة كما كَشف عنها ، ولا يلزم أن يرد الاعتراف على الواقعة بكَافة تفاصيلها ، بل يَكفي أن يرد على وقائع تَستنتج المحكمة منها ، ومن باقي عناصر الدعوى بكَافة المُمكنات العقلية ، والاستنتاجات اقتراف الجاني للجريمة ، وأنه لا تَثريب على المحكمة إن هي أخذت بتحريات الشرطة ضمن الأدلة التي استندت إليها ، لِمَا هو مُقرَّر أن لها أن تُعوِّل عليها في تكوين عقيدتها ، باعتبارها مُعززة لِمَا ساقته من أدلة ، وكَان من المُقرَّر أن تَقدير آراء الخُبراء ، والفصل فيما يُوجَّه إلى تقاريرهم من اعتراضات ، مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كَامل الحُرية في تقدير القوة التدليلة لتقرير الخبير المُقدَّم إليها ، شأنه في هذا الشأن سائر الأدلة ، فلها مُطلَق الحُرية في الأخذ بما تَطمئن إليه منها ، والالتفات عمَّا عداه ، والجزم بما لم يَجزم بها الخبير في تَقريره ، متى كَانت وقائع الدعوى قد أيَّدت ذلك عندها ، وأكدته لديها ، وهو ما لم يخطئ الحُكم في تقديره ، فإن كُل ما يثيره الطاعنان من مُنَازعة بشأن أقوال شهود الإثبات ، وتحريات الشرطة ، وما تَضمَّنه تقريري اللَّجنة الفنية من النيابة العامة ، والأدلة الجنائية – على نحو ما ذهبا إليه بأسباب طعنهما – ينحل – جميعه – إلى جدل موضوعي في تَقدير أدلة الدعوى ، وهو ما تَستقل به محكمة الموضوع ، ولا تجوز مُجَادلتها فيه ، أو مُصَادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض . فضلاً عن أن البيِّن من محاضر جلسات المُحَاكمة أن أيًا من الطاعنين ، أو المُدَافع عنهما ، لم يَذكُر شيئًا عمَّا تَضمَّنه تقريري اللَّجنة الفنية المُنتدبة من النيابة العامة ، والأدلة الجنائية ، وكَان من المُقرَّر أن قعود المُتَهم عن إبداء دفاعه الموضوعي أمام محكمة الموضوع يحول بينه وبين إبدائه أمام محكمة النقض ، نظرًا لِمَا يحتاجه من تَحقيق يَخرُج عن وظيفتها . لمَّا كَان ذلك ، وكَان البيِّن من الاطلاع على المُفردات أن ما حَصَّله الحُكم بشأن تَعمُّد قناة .... إظهار جمهورية مصر العربية بصورة تبدو أمام العالم بأنها تشهد حربًا داخلية ، له صداه وأصله الثابت بالأوراق ، وأنها حَوَّت صورة من الحُكم الصَادر من محكمة القضاء الإداري في الدعوى رقم .... لسنة .... قضائية ، - غير مُحرزة – وهو ما يتأدى منه أن ذلك المُستَند كَان معروضًا على بساط البحث والمُنَاقشة في الدعوى في حضور الخصوم ، ومن ثم يكون منعى الطاعنين بخصوص ذلك ، في غير محله . لمَّا كَان ذلك ، وكَان الطاعنان سَلَّما في أسباب طعنهما أن طلبهما بعرض كَافة الأسطوانات المُدمَجة المُحرَّزة بالدعوى ، ومُنَاقشة اللَّجنة الفنية ، والتي نوقشت في غيبة الدفاع بجلسة .... ، ومُنَاقشة الأطباء الشرعيين مُحرري التقارير الطبية ، والمُرفَقة بالأوراق بعد النقض ، والسابق طلبها ، كَانت طلبات على سبيل الاحتياط، وكَان من المُقرَّر أن المحكمة غير مُلزَمة بإجابتها ، أو الرد عليها ، إلَّا إذا كَانت طلبات جازمة ، أمَّا الطلبات التي تُبدى من باب الاحتياط ،فللمحكمة إن شاءت أن تجيبها ، وإن رفضت أن تطرحها من غير أن تكون مُلزَمة بالرد عليها . لمَّا كَان ذلك ، وكَان من المُقرَّر أن الطَلب الذي تَلتزم محكمـة الموضوع بإجابته ، أو الرد عليه ، هو الطَلب الجازم الذي يصر عليه مُقدِّمه ، ولا ينفك عن التَمسُّك به ، والإصرار عليه في طلباته الختامية ، وكَان البيِّن من الاطلاع على محاضر جلسات المُحَاكمة أن المُدَافع عن الطاعنين ، وإن كَان قد طَلب لدى مُرَافعته بجلستي .... ، .... ضم الأشعة التي أُجريت للطاعنين ، إلَّا أنه لم يعد إلى التَحدُّث عن طلبه هذا ، واقتصر في ختام مُرَافعته بجلستي ....، .... على طلب البراءة ، ولمَّا كَان هذا الطَلب على هذا النحو غير جازم ، ولم يصر عليه الدفاع في ختام مُرَافعته ، فإن ما ينعاه الطاعنان بدعوى الإخلال بحق الدفاع ، لا يكون له محل . لمَّا كَان ذلك ، وكَان البيِّن من الاطلاع على محاضر جلسات المُحَاكمة ، أن المُدَافع عن الطاعنين لم يَطلُب إلى المحكمة إعادة عَرض الطاعن الثاني على مصلحة الطب الشرعي ، فليس له – من بعد – أن ينعى عليها قعودها عن إجراء تَحقيق لم يُطلَب منها . لمَّا كَان ذلك ، وكَان البيِّن من مُطَالعة محضر جلسة المُحَاكمة المُؤرَّخ .... أن من بين ما أبداه المُدافع عن الطاعنين أن وصف النيابة العامة للاتهام – بالنسبة للجرائم الواردة بالبند أولاً ، وثانيًا ، وثالثًا من أمر الإحالة – غير صحيح ، وذلك دون أن يَطلُب من المحكمة اتخاذ إجراء مُعيَّن في هذا الخصوص ، فإن ما أثاره الدفاع فيما سلف لا يعدو أن يكون تعييبًا للتحقيق الذي جرى في المرحلة السابقة على المُحَاكمة ، لا يصح أن يكون سببًا للطعن على الحُكم ، إذ إنه من المُقرَّر أن تَعييب التحقيق الذي تجريه النيابة العامة لا تأثير له على سلامة الحُكم ، والأصل أن العبرة عند المُحَاكمة هي بالتحقيق الذي تجريه المحكمة بنفسها ، وطالما لم يَطلُب الدفاع منها استكمال ما قد يكون بالتحقيقات الابتدائية من نقص أو عيب ، فليس له أن يَتخذ من ذلك سببًا لمنعاه . لمَّا كَان ذلك ، وكَان الحُكم المطعون فيه لم يُعوِّل في إدانة الطاعنين على دليل مُستَمد من الأسطوانات المضبوطة أو على التقرير الصَادر من اللَّجنة التي انتدبتها محكمة الإعادة ، فإن كُل ما يثيره الطاعنان – على النحو الذي ذهبا إليه بأسباب طعنهما - يكون واردًا على غير محل له من قضاء الحُكم ، ومن ثم غير مقبول. لمَّا كَان ذلك ، وكَان لا يَقدح في سلامة الحُكم إغفال الإشارة إلى التَقرير الصَادر من اللَّجنة التي انتدبتها محكمة الإعادة ، لِمَا هو مُقرَّر من أن المحكمة غير مُلزمة بالتَحدُّث في حُكمها إلَّا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها، ولا عليها إن هي التفتت عن دليل آخر ، لأن في عدم إيرادها له ما يفيد اطراحه ، وعدم التعويل عليه . لمَّا كَان ذلك ، وكَان الحُكم المطعون فيه قد اعتبر الجرائم المُسنَدة إلى الطاعنين مُرتَبطة ارتباطًا لا يَقبل التجزئة ، واعتبرها كُلها جريمة واحدة ، وأوقع عليهما العقوبة المُقرَّرة لأشدها ، وهي جريمة إمداد جماعة أُسست على خلاف القانون وتَتَخذ من الإرهاب وسيلة لتنفيذ أغراضها بمعونات مادية ومالية مع علمهما بما تدعو إليه – بعد أن بَيَّن أركَانها ، وتوافرت في حق الطاعنين – ، وقد سلم الحُكم مما ينعياه بشأنها ، بما لا يجديهما النعي عليه بشأن ما عداها من جرائم ، ويضحى النعي عليه في هذا الشأن غير مقبول . لمَّا كَان ما تَقدَّم ، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس ، مُتعيّنًا رفضه موضوعًا . لمَّا كَان ذلك ، وكَانت العقوبة المُقرَّر للجريمة الأشد التي انتهت المحكمة إلى مُعَاقبة الطاعنين بها هي الإعدام ، أو السجن المُؤبَّد ، وفقًا لنص الفقرة الثانية من المادة 86 مُكررًا "أ" من قانون العقوبات ، وكَانت المادة 88 مُكررًا "ج" من ذات القانون قد نَصَّت على أنه " لا يجوز تطبيق أحكام المادة "17" من هذا القانون عند الحُكم بالإدانة في جريمة من الجرائم المنصوص عليها في هذا القسم ، عدا الأحوال التي يُقرِّر فيها القانون عقوبة الإعدام أو السجن المُؤبَّد ، يجوز النزول بعقوبة الإعدام إلى السجن المُؤبَّد والنزول بعقوبة السجن المُؤبَّد إلى السجن المُشدَّد التي لا تقل عن عشر سنوات " ، وكَان الحُكم المطعون فيه قد عَاقب الطاعنين بالسجن المُشدَّد لمُدة ثلاث سنوات بعد أن عاملهما بالرأفة ، وأعمل في حقهما المادة 17 من قانون العقوبات، فإنه يكون قد أخطأ في تَطبيق القانون ، إلَّا أنه لا سبيل لتصحيح هذا الخطأ ، لأن الطعن مرفوع من الطاعنين – وحدهما – دون النيابة العامة ، وحتى لا يُضَارا بطعنهما .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ