الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 11 سبتمبر 2024

الطعن 14 لسنة 11 ق جلسة 25 / 11 / 1940 مج عمر ج 5 ق 154 ص 278

جلسة 25 نوفمبر سنة 1940

برياسة سعادة مصطفى محمد باشا رئيس المحكمة وبحضور حضرات: عبد الفتاح السيد بك ومحمد كامل الرشيدي بك وسيد مصطفى بك وحسن زكي محمد بك المستشارين.

-----------------

(154)
القضية رقم 14 سنة 11 القضائية

جرائم الجلسة:
(أ) المحاضر التي يحرّرها القضاة لإثبات ما يقع من الجرائم بالجلسة. حجة بما يثبت فيها. حرية المتهمين في إبداء دفاعهم. حرية المحكمة في الأخذ بما هو ثابت فيها. دليل كسائر الأدلة.
(ب) حصانة المحامي. مناطها. حمايته أثناء تأدية واجبه كمحامٍ. ما يقع منه في هذه الحالة من جرائم الجلسة. الحكم عليه فوراً. لا يصح. تحرير محضر بما وقع وإحالته إلى النيابة ليقدّم بناءً عليه إلى قاضٍ آخر. اعتبار الدعوى بذلك مرفوعة للقضاء. النيابة لا تستطيع إجراء تحقيق فيها. ما يقع منه بالجلسة في غير هذه الحالة. محاكمته عنه فوراً. جوازها.

(المواد 52 من قانون المحاماة رقم 135 لسنة 1939 و237 تحقيق و87 مرافعات)

-------------------

1 - المحاضر التي يحرّرها القضاة لإثبات ما يقع من الجرائم أمامهم بالجلسات، سواء أكان ذلك بناءً على المادة 52 من قانون المحاماة أم على المادة 237 من قانون تحقيق الجنايات أم على المادة 87 مرافعات، هي محاضر رسمية لصدورها من موظف مختص بتحريرها. فهي بهذا الاعتبار حجة بما يثبت فيها، إلا أن حجيتها لا يمكن أن تكون حائلاً بين المتهمين بهذه الجرائم وبين إبداء دفاعهم على الوجه الذي يرونه مهما كان ذلك متعارضاً مع الثابت بتلك المحاضر، كما أنها لا تمنع القاضي من أن يقضي في الدعوى على الوجه الذي يطمئن إلى صحته من أي طريق من طرق الإثبات، فله إذن أن يأخذ أو أن لا يأخذ بما هو ثابت بهذه المحاضر، كما هو الشأن في سائر الأدلة.
2 - إن حصانة المحامي الوارد ذكرها في المادة 52 من القانون رقم 135 لسنة 1939 لم تقرّر لحمايته في كل ما يقع منه بالجلسة على الإطلاق، بل الغرض من تقرير تلك الحصانة على سبيل الاستثناء إنما هو حماية المحامي أثناء تأدية واجبه كمحامٍ حتى لا يشعر أثناء قيامه بهذا الواجب أنه محدود الحرّية. فهذه هي الحالة التي لا يكون للقاضي أن يحكم فيها على المحامي بالجلسة لما يقع منه وإنما يحرّر محضراً بما يقع ويحيله إلى النيابة لتقدّم المحامي بناء على هذا المحضر إلى قاضٍ آخر في الميعاد الوارد في ذلك النص. ومؤدّى هذا أن الدعوى العمومية تعتبر مرفوعة للقضاء بمقتضى الأمر الصادر بالإحالة من القاضي الذي وقعت أمامه الجريمة، فيكون ممتنعاً إذن على النيابة أن تجري فيها تحقيقاً. شأنها في ذلك الشأن في سائر القضايا بعد أن ترفع فعلاً للمحاكم. أما إذا كان المحامي لم يكن يؤدّي واجبه فلا تكون ثمة حصانة، بل يكون للمحكمة أن تعامله بمقتضى الأحكام العامة فتحكم عليه فوراً بالجلسة أو تحيله إلى النيابة لتجري شئونها نحوه.


المحكمة

وحيث إن مبنى الوجه الأوّل من أوجه الطعن أن الحكم المطعون فيه باطل لأنه اعتبر أن محضر جلسة القضية رقم 3158 سنة 1939 جنح بندر أسيوط الذي تدوّن فيه حادث الاعتداء على القاضي حجة بما ورد فيه. وهذا مخالف للقانون، لأن القاضي المجني عليه أملاه على كاتب الجلسة مع أن المسئول قانوناً عما يدوّن به هو الكاتب نفسه طبقاً للمبادئ العامة ونص المادتين 87 من قانون المرافعات و237 من قانون تحقيق الجنايات. ولأن المادة 52 من قانون المحاماة أمام المحاكم الأهلية رقم 135 لسنة 1939 تنص على أن رئيس الجلسة يأمر بكتابة محضر بما يقع من المحامي ويحيله إلى النيابة العمومية. وبديهي أن للمحامي الذي يتهم بناءً على هذا المحضر الحق في أن يثبت ويصحح الوقائع التي حصلت بالجلسة بما يؤدي إلى براءته. وفضلاً عن ذلك فإن الأحكام الخاصة بنظام الجلسات والجرائم التي تقع فيها الواردة في قانوني المرافعات وتحقيق الجنايات لا تدع مجالاً للشك في أن من حق أي متهم أن يدافع عن نفسه وأن يطلب تحقيق هذا الدفاع وإثباته في ذات محضر الجلسة قبل الحكم عليه. ويكون إذن من غير المفهوم أن يكون مركز المحامي بعد التعديل الوارد في المادة 52 السالفة الذكر أسوأ منه قبله. خصوصاً وأن القاضي نفسه لم يعتبر هذا المحضر حجة إذ قدّم بلاغاً للنيابة ذكر فيه وقائع لم ترد به.
وحيث إن المحاضر التي يحررها القضاة لإثبات ما يقع من الجرائم أمامهم بالجلسات سواء أكان ذلك طبقاً للمادة 52 من قانون المحاماة أو للمادة 237 من قانون تحقيق الجنايات أو المادة 87 مرافعات هي محاضر رسمية لصدورها من موظف مختص بتحريرها، فهي على هذا الاعتبار حجة بما يثبت فيها. إلا أن تلك الحجية لا تمنع المتهم من إبداء دفاعه على الوجه الذي يريده، ولو كان في ذلك ما يتعارض مع الثابت بالمحضر. كما أنها لا تقيد القاضي في تكوين عقيدته في الدعوى الجنائية من أي طريق من طرق الإثبات، فله أن يأخذ بما هو ثابت فيها كما له أن يكوّن اعتقاده من أي دليل آخر ولو كان مغايراً لما تدوّن بها. فإذا ما اعتمدت محكمة الموضوع على ما أثبت من الوقائع بالمحضر الذي حرره القاضي ضمن الأدلة التي ساقتها واطمأنت إليها فليس في ذلك أية مخالفة للقانون.
وحيث إن محصل الوجه الثاني أن الحكم المطعون فيه باطل، لأن الطاعن دفع ببطلان محضر تحقيق النيابة الذي استندت إليه المحكمة في إدانته وطلب من محكمة الجنح المستأنفة استبعاده فرفضت المحكمة هذا الدفع بناءً على ما قالته من أن القانون رقم 135 لسنة 1939 لم يسلب النيابة العمومية سلطتها العامة في التحقيق ولم ينص على بطلان محضر التحقيق الذي تقوم به في مثل هذه الحالة. مع أن النيابة العمومية طبقاً للقانون العام لا تملك التحقيق في الجرائم التي تقع بالجلسات لأن ذلك من حق القاضي وحده فهو الذي يحكم في جرائم الجنح والمخالفات التي تقع بالجلسة ولا عمل للنيابة فيها إن كانت الجلسة مدنية لأنها غير ممثلة فيها. أما إذا كانت الجلسة جنائية فالجنح التي تقع فيها يحكم فيها القاضي بعد سماع أقوال النيابة العمومية أي طلباتها فقط. ولما أريد تعديل القانون بالنسبة للمحامين رؤي طبقاً للمادة 52 من قانون المحاماة الجديد أن يأمر رئيس الجلسة بكتابة محضر بما يقع من المحامي ويحيل المحضر المذكور إلى النيابة العمومية لتتصرف فيه بإحالة المحامي للمحاكمة الجنائية أو التأديبية حسب الأحوال، وذلك في خلال ثلاثة أيام من تاريخ استلام المحضر. ولم ينص هذا القانون على أن للنيابة العمومية الحق في التحقيق، وما ذلك إلا لأن هذا التحقيق من شأن المحكمة التي تقوم بمحاكمة المحامي جنائية كانت أو تأديبية. أما عدم النص على بطلان التحقيق الذي تجريه النيابة في هذه الحالة فلا قيمة له لأن إجراء التحقيق فيه مخالفة للنظام العام.
وحيث إن مبدأ حصانة المحامي الوارد بالمادة 52 من القانون رقم 135 لسنة 1939 لم يتقرّر لحماية المحامي إطلاقاً فيما يقع منه بالجلسة، وإنما الغرض من هذا النص الاستثنائي حمايته فقط أثناء تأدية واجبه كمحامٍ حتى يشعر وهو يقوم بهذا الواجب بأنه يؤدّيه بكامل حريته. ففي هذه الحالة وحدها لا يكون للقاضي أن يحكم على المحامي بالجلسة لما يقع منه بل يحرّر محضراً بذلك ويحيله إلى النيابة لتقدّم المحامي بناءً على هذا المحضر إلى قاضٍ آخر في الميعاد الوارد في النص المذكور. ومؤدّى ذلك أن الدعوى العمومية تعتبر مرفوعة للقضاء بمقتضى الأمر الصادر من القاضي بالإحالة، ويترتب على ذلك أن ليس للنيابة أن تجري تحقيقاً فيها، شأنها في ذلك شأن القضايا المرفوعة للمحاكم فعلاً. أما إذا كان ما ارتكبه المحامي بالجلسة لم يقع أثناء قيامه بعمله فلا يكون هناك محل للحصانة المذكورة، ويكون للمحكمة أن تعامله بمقتضى القانون العام فتحكم عليه فوراً بالجلسة أو تحيله إلى النيابة لتجري شئونها.
وحيث إنه بالرجوع إلى الحكم الابتدائي الذي أدان الطاعن وتأيد استئنافياً لأسبابه بالحكم المطعون فيه يبين أن المحكمة أوضحت في وقائع الدعوى ما يقطع بأن الطاعن لم يكن يؤدي واجباً من واجبات مهنته وقت أن ارتكب ما هو منسوب إليه. فقد أثبت الحكم: "أنه أثناء انعقاد جلسة جنح محكمة أسيوط الجزئية يوم 11 مارس سنة 1940 طلب حضرة الأستاذ حسين أبو زيد أفندي المحامي نظر بعض قضايا له قبل دورها بسبب عذر لديه فأجابه حضرة القاضي فؤاد خير الدين أفندي إلى طلبه، وقبل أن يبدأ بطلب قضاياه دخل الأستاذ عبد المنعم السيد أفندي المحامي (الطاعن) وطلب من حضرته البدء بنظر قضاياه هو أوّلاً، فأفهمه بأن زميلاً له سبقه في ذلك وأنه أجابه إلى طلبه، واستمهله حتى ينتهي النظر في قضاياه، فصمم المتهم (الطاعن) على أن يطلب قضاياه هو أوّلاً، وإزاء ذلك رأى حضرة القاضي أن ينادي على القضايا بحسب دورها في الرول؛ وفعلاً أخذت المحكمة في نظر القضايا بحسب دورها الطبيعي، غير أنها رأت بعد ذلك بناءً على طلب حضرات المحامين الموجودين بالجلسة، وكان عددهم كثيراً، ولرغبتها في عدم تعطيلهم، أن تبدأ بنظر قضاياهم أوّلاً، فطلبت من حضراتهم تحرير كشف بقضاياهم جميعاً ففعلوا. وأخذت المحكمة في نظر هذه القضايا طبقاً للكشف المذكور. وفي أثناء النداء على قضية الجنحة رقم 3158 سنة 1939 بندر أسيوط وكان موكلاً عن المتهم فيها الأستاذ صابر مسيحة أفندي المحامي عاد المتهم (الطاعن) إلى الجلسة منفعلاً، وكان قد خرج منها، وخاطب حضرة القاضي بصوت مرتفع بقوله له "كيف تطلب هذه القضية قبل الدور مع أنك رفضت طلب قضاياي سابقاً" فأفهمه حضرة القاضي بأن حضرات زملائه حرروا كشفاً بقضاياهم فنظرها قبل باقي القضايا تيسيراً لهم وضناً من تعطيلهم، وأنه ينظر هذه القضايا المذكورة بناءً على هذا الأساس. وعرض عليه الكشف السالف الذكر ليثبت فيه قضاياه، فانفعل المتهم وطلب أن يثبت احتجاجه في محضر الجلسة، ورد الكشف لحضرة القاضي بطريقة غير لائقة. وفعل ذلك أيضاً عندما تناول الأستاذ أمين خله أفندي الكشف وأراد أن يثبت فيه قضايا المتهم قائلاً إنه لا يريد طلب قضاياه وإنما يريد أن يثبت اعتراضه، ثم صار يصيح بعبارات مهينة بحضرة القاضي وزملائه ممن أرادوا تهدئة أعصابه وتهدئة ثورته". وظاهر من ذلك أن الطاعن وقت أن اعتدى على القاضي لم يكن يؤدّي واجباً نحو موكليه، ولذا فقد كان من حق القاضي أن يحاكمه في الحال، كما كان له أن يكتفي بتحرير محضر بما وقع أمامه بالجلسة ويحيله إلى النيابة لتجري شئونها فيه. وفي هذه الحالة يكون للنيابة أن تجري تحقيقاً في الدعوى غير مقيدة بما جاء في المحضر المحال إليها وأن ترفع الدعوى بناءً على ذلك دون أن تكون مرتبطة بالميعاد الوارد في المادة 52 السالفة الذكر.
وحيث إنه متى تقرّر ذلك فليس للطاعن أن يتمسك بأحكام المادة 52 من قانون المحاماة، ويبنى على ذلك بطلان محضر تحقيق النيابة واستبعاده من الأوراق.
وحيث إن الوجه الثالث يتحصل في أن الحكم المطعون فيه باطل لأن الوقائع التي أدين من أجلها الطاعن هي غير تلك الثابتة بمحضر جلسة 11 مارس سنة 1940 في القضية رقم 3158 سنة 1939 جنح بندر أسيوط المحرّر بمعرفة القاضي. وفي بيان ذلك يقول الطاعن: (أوّلاً) إن ما اعتبره القاضي من الأفعال إهانة لهيئة المحكمة هو أن الطاعن كان يتكلم بصوت مرتفع ويشير بيديه ولم يعتبر أن هناك شيئاً آخر يصح أن يكون محلاً للمؤاخذة. (وثانياً) إن عبارة "نريد عدالة لا انتقاماً" فضلاً عن أنها لم تصدر فإنها لم تثبت بمحضر الجلسة المذكورة. (وثالثاً) ذكرت المحكمة أن الطاعن قال "إني أطعن بالتزوير" وحقيقة الثابت في محضر الجلسة هو قوله "سأطعن بالتزوير". وقد قيلت هذه العبارة على إثر ما قاله القاضي بعد لفت نظره لتصحيح بعض الوقائع الجوهرية التي حصلت في الجلسة "ابق اطعن بالتزوير". وشتان بين العبارتين في المعنى!
وحيث إن هذا الوجه مردود بما جاء في الرد على الوجه الثاني من أن النيابة كانت تملك التحقيق الذي أجرته في الدعوى ورفع الدعوى عن الوقائع التي ثبتت لها من التحقيق المذكور.
وحيث إن مبنى الوجه الرابع أن المحكمة أخلت بحقوق الدفاع، كما أنها لم تذكر أسباباً لرفضها طلب سماع الشهود، وهذا كله مما يعيب الحكم ويبطله. وفي بيان ذلك يقول الطاعن إن الدفاع طلب أمام المحكمة الجزئية كما طلب أمام المحكمة الاستئنافية سماع أقوال حضرة القاضي المجني عليه لضرورة ذلك في إثبات حسن نيته وأنه لم يكن يقصد إلا المناقشة البريئة لا الإهانة أو القذف، كما طلب أيضاً سماع شهود الواقعة وشهود الصلح. فرفضت المحكمة هذا الطلب بالقول إنها لا ترى محلاً للبحث فيه، مع أنه كان من مستلزمات الخلاف على حقيقة الوقائع التي يترتب عليها الاتهام، وعدم اعتبار محضر الجلسة حجة بما هو ثابت فيه، وبطلان تحقيق النيابة، أن تأمر المحكمة بتحقيقها.
وحيث إنه بالرجوع إلى محضر جلسة محكمة أوّل درجة يتضح أن الطاعن وإن طلب في أوّل جلسة التأجيل لإعلان شهوده إلا أنه في الجلسة التالية التي حصلت فيها المحاكمة لم يصر على هذا الطلب ولم يتمسك بسماع شهادة القاضي المجني عليه أو غيره على الواقعة. وكل ما ذكره هو سماع أقوال القاضي "لتتبين المحكمة رضاءه واستراحة ضميره وقبوله الاعتذار الصادر منه، وليقرّر أمام المحكمة تنازله عن حقه" فلم تجبه المحكمة إلى هذا الطلب. كما أنه يبين من الرجوع إلى محضر جلسة محكمة ثاني درجة أن الدفاع عن الطاعن لم يصر على طلب سماع شهود الواقعة وشهود الصلح الذي تقدّم به لها بل فوّض الرأي للمحكمة أخيراً بالنسبة لهذا الطلب مما يعتبر تنازلاً منه لا يصح معه أن ينعي على المحكمة عدم سماعها شهوده.
وحيث إن محصل الوجه الخامس أن المحكمة أخطأت في تطبيق القانون لأنه فضلاً عن أن الحكم المطعون فيه لم يبحث أمر توافر نية القذف في حق القاضي مع أنها ركن جوهري من أركان الجريمة فإن هذه النية منعدمة.
وحيث إنه بالرجوع إلى الحكم الابتدائي الذي أدان الطاعن وتأيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه يبين أن المحكمة، بعد أن فصّلت وقائع الدعوى وأثبتت الإشارات والعبارات التي صدرت من الطاعن وذكرت أن أقوال القاضي المجني عليه التي أدلى بها للنيابة عما حدث من الطاعن أثناء انعقاد الجلسة وعما بدر منه من العبارات والإشارات المتضمنة الإهانة والقذف تتفق مع ما جاء بمحضر الجلسة والبلاغ المقدّم من القاضي للنيابة وسردت شهادة الشهود، واستخلصت من ذلك أن كل ما أسند إلى الطاعن من الألفاظ النابية والإشارات المهينة صحيح - بعد أن ذكرت المحكمة كل ذلك أخذت في بحث جميع الأركان القانونية بما في ذلك القصد الجنائي لكل من جريمتي الإهانة والقذف المسندتين للطاعن بإسهاب وتفصيل، وأثبتت توافرها كلها في الجريمتين، ثم انتهت إلى القول بأن الطاعن كان سيئ النية فيما طعن به القاضي إذ لم يكن غرضه من هذا الطعن إلا إساءته والحط من كرامته. والمحكمة إذ استظهرت توافر القصد الجنائي في الجريمتين المنسوبتين للطاعن من الوقائع والظروف المطروحة أمامها لا رقابة لمحكمة النقض عليها في ذلك ما دامت قد دللت على تحققه - كما عرفه القانون - مما ساقته في الحكم من الأدلة المقبولة عقلاً والتي تؤدّي إلى النتيجة التي انتهت إليها.
وحيث إن الوجه السادس والأخير من أوجه الطعن يتلخص في أن المحكمة ذكرت في حكمها أن مسلك الطاعن مع القاضي المعتدى عليه كان مسلكاً شائكاً شاذاً، وقد تعوّد هذا الشذوذ في خلقه ومعاملته حتى مع زملائه من المحامين. ويقول الطاعن إن هذا قضاء بعلم القاضي الذي ليس له أن يقضي بعلمه الخاص، وإنه إذا لوحظ فوق هذا أن المحكمة لم تشر في حكمها إلى الأخذ بأسباب الحكم الابتدائي والرد على دفاع الطاعن بشأنها كان الحكم باطلاً من جهة وناقص التسبيب من جهة أخرى، وهو ما يعيبه ويبطله.
وحيث إن ما جاء بالشطر الأوّل من هذا الوجه غير صحيح لأن ما عرضت إليه المحكمة بشأن خلق المحامي الطاعن كان محل مناقشة أمام المحكمة كما هو ظاهر من محضر الجلسة، كما أن الشطر الثاني من هذا الوجه غير صحيح أيضاً لأن المحكمة الاستئنافية في آخر بيان لها في الحكم أضافت الأسباب التي جاءت بالحكم المستأنف إلى الأسباب التي ذكرتها في حكمها لتأييد ذلك الحكم. أما ما يزعمه الطاعن أخيراً من أن المحكمة لم ترد على دفاعه فلا يلتفت إليه لأنه لم يبين أوجه الدفاع التي يدي أن الحكم لم يرد عليها.

الطعن 893 لسنة 43 ق جلسة 21 /12 / 1977 مكتب فني 28 ج 2 ق 318 ص 1859

جلسة 21 من ديسمبر سنة 1977

برئاسة السيد المستشار : محمد أسعد محمود نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/  محمد الباجوري، وصلاح نصار ومحمود رمضان وإبراهيم فراج.

-----------------

(318)
الطعن رقم 893 لسنة 43 القضائية

(1) نقض "الخصوم في الطعن".
اختصام من لم يكن خصماً حقيقياً أمام محكمة الاستئناف في الطعن بالنقض. غير مقبول.
(2) إثبات "الإحالة للتحقيق". استئناف.
طلب المستأنف عليها أمام محكمة الدرجة الأولى إحالة الدعوى إلى التحقيق. استجابة المحكمة الاستئنافية لهذا الطلب رغم أنه لم يبد أمامها. النعي عليها في هذا الخصوص. غير مقبول. علة ذلك.
(3) إيجار "إيجار الأماكن" إرث.
تعهد وزارة الأوقاف بتأجير مسكن له بعقار تزمع إقامته بدلاً من مسكنه المهدوم. حق شخصي له. لا ينتقل إلى ورثته. م 145 مدني.
(4) حكم " الطعن في الحكم".
الطعن في الحكم. حق لكل من كان طرفاً في الخصومة ما لم يقبل الحكم أو يصدر بإجابته إلى كل طلباته.

------------------
1 - إذ كانت الخصومة في الطعن لا تقوم إلا بين من كانوا خصوماً حقيقين في النزاع الذى فصل فيه، الحكم المطعون فيه وكان لا يكفي لقبول الطعن - أن يكون المطعون طرفاً في الخصومة أمام المحكمة التي أصدرت الحكم المطعون فيه بل يجب أيضاً وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن يكون قد نازع خصمه أمامها في طلباته هو، ولما كان البين من مدونات الحكم المطعون فيه، أن الطاعنة اختصمت المطعون عليهما الثالث والرابع أمام محكمة الموضوع ليصدر الحكم في مواجهتها، وأنهما لم ينازعا في طلباتها ولم توجه هي إليهما طلبات ما، فإنه لا تكون لها مصلحة في اختصامهما أمام محكمة النقض، مما يوجب الحكم بعدم قبول الطعن بالنسبة إليهما.
2 - نص المادة 211 من قانون المرافعات صريح فى أنه متى قبل الخصم الحكم الصادر في الدعوى قبولا صريحا أو ضمنيا يفيد تنازله عن حق الطعن فلا يقبل منه بعد ذلك، ويشترط في القبول المانع - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة أن يكون قاطع الدلالة على رضاء المحكوم عليه بالحكم وتركه الحق في الطعن فيه، ولئن كان الأصل في القبول المانع من الطعن أن يتم بعد صدور الحكم لأن حق الخصم في الطعن ينشأ بصدوره فيتصور فيه التنازل عندئذ بقبوله له بعد ثبوت حقه في الطعن إلا أن قبول الحكم قد يكون سابقاً على صدوره كما لو صدر الحكم موافقاً لطلبات الخصم فيمنعه ذلك من الطعن فيه. لما كان ذلك وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أن الطاعنة كانت قد أبدت طلباً احتياطياً فى الدعوى بإحالتها إلى التحقيق لتثبت إقامتها مع والدتها بالسكن الذى هدم فإنه لا يجوز لها وقد أصدرت المحكمة حكماً موافقاً لهذا الطلب أن تطعن فيه، ولا ينال من ذلك صدوره من محكمة الدرجة الثانية بعد أن قضى لصالحها من محكمة أول درجة التي لم تر حاجة لاتخاذ مثل هذا الإجراء طالما أن الاستئناف ينقل الدعوى إلى محكمة الاستئناف بما سبق أن أبداه المستأنف عليه من دفوع أو دفاع أمام محكمة أول درجة وأنه لم يثبت تنازلها عن هذا الطلب، ومن ثم فإن النعي عليه يكون غير مقبول.
3 - إذ كان البين من الأوراق أن الطاعنة أقامت دعواها بأحقيتها لاستئجار شقة النزاع تأسيسا على أن وزارة الأوقاف التي يمثلها المطعون عليه الثالث أعدتها لوالدتها بدلاً من منزلها المهدوم، وأن والدتها إذ توفيت فيقوم حقها في استئجارها باعتبارها وارثتها والمقيمة معها عند هدم المنزل، وأن المطعون عليهما الأولين تمكنا من وضع يديهما على شقة النزاع بطريق الاحتيال، وكان مؤدى هذا أنها تؤسس حقها في شغل هذه الشقة إما بصفتها وارثة لوالدتها باعتبارها صاحبة الحق الأصلي في الاستئجار أو باعتبار أن إقامتها معها بالمنزل المهدوم يعطيها هذا الحق، لما كان ذلك وكان الثابت أو والدة الطاعنة توفيت دون التعاقد على استئجار شقة النزاع وكان معنى تعهد وزارة الأوقاف بتمكينها من استئجار إحدى الشقق التي كانت تزمع إقامتها هو إعداد مكان لإقامتها بدلاً من مسكنها المهدوم وبذلك يكون حقها الناشئ عن هذا التعهد حقاً متعلقاً بشخصها فلا ينتقل من بعدها إلى ورثتها طبقاً لنص المادة 145 من القانون المدني.
4 - المقرر وفقاً لنص المادة 211 من قانون المرافعات أن لكل من كان طرفاً في خصومة أن يطعن في الحكم الصادر فيها ضده ما لم يقبله صراحة أو ضمناً بما يفيد تنازله عن حق الطعن أو كان قد قضى له بكل طلباته، وإذ كان البين أن الطاعنة اختصمت المطعون عليهما في الدعوى ليقضى ضدهما بتمكينها من شقة النزاع باعتبارهما غاصبين لها وقد صدر الحكم الابتدائي لصالحها فإنه تكون لها صفة في الطعن على هذا الحكم بالاستئناف أيا كان سندها القانوني في المنازعة، ويكون الحكم الاستئنافي إذ قضى بقبول الاستئناف قد صادف صحيح القانون.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعنة أقامت الدعوى رقم 4181 لسنة 1969 مدنى أمام محكمة القاهرة الابتدائية ضد المطعون عليهم بطلب الحكم بإلزام الأولين في مواجهة الأخيرين بتمكينها من الشقة رقم ..... وأمرهم بعدم التعرض لها في ذلك، وقالت شرحاً لها أن - والدتها المرحومة ...... كانت تمتلك منزلاً مقاماً على أرض الحكر التابعة لوقف ..... حراسة وزارة الأوقاف التي يمثلها المطعون عليه الثالث، ورأت الوزارة إنشاء عمارات سكنية على الأرض المحكرة، وقامت بإخلاء المساكن المقامة عليها ومنها منزل والدتها بعد أن تعهدت بأعداد مساكن جديدة، ثم أرسلت محافظة القاهرة التي يمثلها المطعون عليه الرابع كتاباً باسم والدتها بتخصيص الشقة موضوع النزاع لها، وإذ لم يصل الخطاب لوالدتها بسبب وفاتها. وأفلحت المطعون عليها الثانية في اصطناع ختم باسم المرسل إليها استملت بموجبه الشقة ثم حولت عقد الإيجار إلى زوجها المطعون عليه الأول احتيالاً دون حق، فقد أقامت دعواها بالطلبات سالفة البيان وبتاريخ 29/ 12/ 1970 حكمت المحكمة في مواجهة المطعون عليهما الثالث والرابع بإلزام المطعون عليهما الأول والثانية بتمكين الطاعنة من الشقة المبينة بصحيفة الدعوى. استأنف المطعون عليهما الأولان هذا الحكم بالاستئناف رقم 547 لسنة 87 ق القاهرة طالبين إلغائه، وبتاريخ 25/ 4/ 1971 حكمت محكمة الاستئناف بقبول الاستئناف شكلاً وبوقف النفاذ المعجل المشمول به الحكم المستأنف، ثم عادت وحكمت بتاريخ 23/ 12/ 1972 بإحالة الدعوى إلى التحقيق لتثبت الطاعنة إقامتها مع والدتها في العقار الذى هدمته وزارة الأوقاف حتى تركها له، وبعد سماعها شهود الطرفين حكمت بتاريخ 24/ 6/ 1973 بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض الدعوى. طعنت الطاعنة في هذا الحكم والحكمين الصادرين في 25/ 4/ 1971 و 23/ 12/ 1971 بطريق النقض، دفع المطعون عليهما الثالث والرابع بعدم قبول الطعن بالنسبة إليهما، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بقبول الدفع في الموضوع برفض الطعن، وبعرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة رأته جديراً بالنظر، وبالجلسة المحددة التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن المطعون عليهما الأخيرين يبنيان دفعهما بعدم قبول الطعن بالنسبة إليهما على أن النزاع ينحصر بين الطاعنة والمطعون عليهما الأولين، وأنهما لم توجه إليهما أية طلبات طوال مراحل التقاضي ولم يحكم لصالحهما بشيء ضدها فلا يقبل اختصامهما في الطعن.
وحيث إن الدفع في محله، ذلك أنه لما كانت الخصومة في الطعن لا تقوم إلا بين من كانوا خصوماً حقيقين في النزاع الذى فصل فيه، الحكم المطعون فيه وكان لا يكفى لقبول الطعن - أن يكون المطعون عليه طرفاً في الخصومة أمام المحكمة التي أصدرت الحكم المطعون فيه بل يجب أيضاً وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن يكون قد نازع خصمه أمامها في طلباته أو نازعه خصمه في طلباته هو، ولما كان البين من مدونات الحكم المطعون فيه، أن الطاعنة اختصمت المطعون عليهما الثالث والرابع أمام محكمة الموضوع ليصدر الحكم في مواجهتها، وأنهما لم ينازعا في طلباتها ولم توجه هي إليهما طلبات ما، فإنه لا تكون لها مصلحة في اختصامهما أمام محكمة النقض، مما يوجب الحكم بعدم قبول الطعن بالنسبة إليهما.
وحيث إن الطعن بالنسبة إلى المطعون عليهما الأولين قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب، تنعى الطاعنة بالسبب الأول وبالوجه الأول من السبب الثالث منها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والقصور في التسبيب، وفى بيان ذلك تقول أن المحكمة الاستئنافية قضت بإحالة الدعوى إلى التحقيق لتثبت سبق إقامتها مع والدتها في العقار المهدوم، حالة أن وزارة الأوقاف رأتها صاحبة الحق فى شقة النزاع ميراثاً عن والدتها تعويضاً لها عن منزلهما المهدوم كما لم يدع أحد ممن ورد ذكرهم في المادة 21 من القانون رقم 52 لسنة 1969 - مساكنته والدتها دونها. هذا إلى أن المطعون عليهما الأول والثانية لا يمتان بأي صلة لوالدتها ولم يساكناها فى المنزل المهدوم ولم يصدر لهما عقد الإيجار عن شقة النزاع فلا صفة لهما في طلب إحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات ما تدعيه هي من مساكنة وإذ قضى الحكم رغم ذلك بإحالة الدعوى إلى التحقيق دون بيان أوجه توافر هذه الصفة فإنه يكون قد خالف القانون وشابه القصور في التسبيب ويكون الحكم المطعون فيه الذى أخذ بنتيجة هذا التحقيق معيباً هو الآخر.
وحيث إن النعي غير مقبول، ذلك أن النص في المادة 211 من قانون المرافعات على أنه "لا يجوز الطعن في الأحكام إلا من المحكوم عليه ولا يجوز ممن قبل الحكم أو ممن قضى له بكل طلباته ما لم ينص القانون على غير ذلك." صريح في أنه متى قبل الخصم الحكم الصادر في الدعوى قبولا صريحا أو ضمنيا يفيد تنازله عن حق الطعن فلا يقبل منه بعد ذلك، ويشترط في القبول المانع - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة أن يكون قاطع الدلالة على رضاء المحكوم عليه بالحكم وتركه الحق في الطعن فيه، ولئن كان الأصل في القبول المانع من الطعن أن يتم بعد صدور الحكم لأن حق الخصم في الطعن فيه ينشأ بصدوره فيتصور منه التنازل عندئذ بقبوله له بعد ثبوت حقه في الطعن إلا أن قبول الحكم قد يكون سابقا على صدوره كما لو صدر الحكم موافقا لطلبات الخصم فيمنعه ذلك من الطعن فيه. لما كان ذلك وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أن الطاعنة كانت قد أبدت طلباً احتياطياً في الدعوى بإحالتها إلى التحقيق لتثبت إقامتها مع والدتها بالمسكن الذى هدم فإنه لا يجوز لها وقد أصدرت المحكمة حكماً موافقاً لهذا الطلب أن تطعن فيه، ولا ينال من ذلك صدوره من محكمة الدرجة الثانية بعد أن قضى لصالحها من محكمة أول درجة التي لم تر حاجة لاتخاذ مثل هذا الإجراء طالما أن الاستئناف ينقل الدعوى إلى محكمة الاستئناف بما سبق أن أبداه المستأنف عليه من دفوع أو دفاع أمام محكمة أول درجة وأنه لم يثبت تنازلها عن هذا الطلب، ومن ثم فإن النعي عليه يكون غير مقبول.
وحيث إن حاصل النعي بالسبب الثاني الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك تقول الطاعنة أن محكمة الاستئناف بعد أن حكمت بوقف النفاذ المعجل المشمول به الحكم الابتدائي قضت برفض الدعوى، مع أن عقد إيجار شقة النزاع إنما صدر لصالح والدتها التي كان قد توفيت من قبل، كما أيدتها الوزارة المؤجرة في دعواها بطلب تمكينها من شقة النزاع، في ذات الوقت الذى لا سند للمطعون عليهما احتيالاً بانتحال ثانيتهما شخصية من صدر لها عقد الإيجار وادعاء الأول صفة الزوج، وقضاء الحكم ينطوي على حماية لوضع يد الغاصب ومنع صاحب الحق من حقه، قولاً بأن الغصب أصبح أمراً واقعاً وأن الضرر الذى يلحق المطعون عليهما بإزالته أفدح من حرمان صاحب الحق من الوصول إلى حقه مما يعيبه بالخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن النعي غير سديد، ذلك أنه لما كان البين من الأوراق أن الطاعنة أقامت دعواها بأحقيتها لاستئجار شقة النزاع تأسيساً على أن وزارة الأوقاف التي يمثلها المطعون عليه الثالث أعدتها لوالدتها بدلاً من منزلها المهدوم، وأن والدتها إذ توفيت فيقوم حقها في استئجارها باعتبارها وارثتها والمقيمة معها عند هدم المنزل، وأن المطعون عليهما الأولين تمكنا من وضع يديهما على شقة النزاع بطريق الاحتيال، وكان مؤدى هذا أنها تؤسس حقها في شغل هذه الشقة إما بصفتها وارثة لوالدتها باعتبارها صاحبة الحق الأصلي في الاستئجار أو باعتبار أن إقامتها معها بالمنزل المهدوم يعطيها هذا الحق، لما كان ذلك وكان الثابت أو والدة الطاعنة توفيت دون التعاقد على استئجار شقة النزاع، وكان مبنى تعهد وزارة الأوقاف بتمكينها من استئجار إحدى الشقق التي كانت تزمع إقامتها هو إعداد مكان لإقامتها بدلاً من مسكنها المهدوم بذلك يكون حقها الناشئ عن هذا التعهد حقاً متعلقاً بشخصها فلا ينتقل من بعدها إلى ورثتها طبقاً لنص المادة 145 من القانون المدني، وكان الحكم المطعون فيه قد خلص - فيما لم يكن فيه موضع نعى من الطاعنة - إلى عدم ثبوت إقامة الطاعنة مع والدتها وقت إزالة منزلها بما ينفى حقها في الاستئجار الذى تدعيه، بغض النظر عما إذا كان عقد الإيجار الصادر للمطعون عليه الأول صحيحاً أو باطلاً فإن النعي على الحكم الصادر في الموضوع يكون ولا محل له، لما كان ما تقدم وكان الطعن في الحكم الموضوعي على غير أساس فإن النعي على الحكم الذى قضى بوقف التنفيذ مؤقتاً يكون غير منتج.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالوجه الثاني من السبب الثالث على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والقصور في التسبيب، وفى بيان ذلك تقول إن المطعون عليهما لم يدعيا صدور عقد إيجار شقة النزاع إليهما بل أنهما يسلمان بصدوره إلى والدتها ومع ذلك قضى الحكم بقبول الاستئناف المرفوع منهما دون أن يبين صفتهما في رفعه وسندهما القانوني في البقاء بشقة النزاع، وهو ما يعيبه بمخالفة القانون والقصور في التسبيب.
وحيث إن النعي غير سديد، ذلك أن المقرر وفقاً لنص المادة 211 من قانون المرافعات أن لكل من كان طرفاً في خصومة أن يطعن في الحكم الصادر فيها ضده ما لم يقبله صراحة أو ضمنا بما يفيد تنازله عن حق الطعن فيه أو كان قد قضى له بكل طلباته، وإذ كان البين أن الطاعنة اختصمت المطعون عليهما في الدعوى ليقضى ضدهما بتمكينها من شقة النزاع باعتبارهما غاصبين لها وقد صدر الحكم الابتدائي لصالحها فإنه تكون لها صفة في الطعن على هذا الحكم بالاستئناف أياً كن سندها القانوني في المنازعة، ويكون الحكم الاستئنافي إذ قضى بقبول الاستئناف قد صادف صحيح القانون. لما كان ذلك وكانت الطاعنة لم تثر أمام محكمة الاستئناف أى نزاع حول مدى توافر الصفة في المطعون عليهما للطعن على الحكم فإن نعيها على الحكم المذكور في هذا الخصوص يكون غير وارد.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.

الطعن 615 لسنة 43 ق جلسة 21 /12 / 1977 مكتب فني 28 ج 2 ق 317 ص 1852

جلسة 21 من ديسمبر سنة 1977

برئاسة السيد المستشار/ محمد أسعد محمود نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: محمد الباجوري ، وصلاح نصار ومحمود رمضان وإبراهيم فراج.

------------------

(317)
الطعن رقم 615 لسنة 43 القضائية

(1) حكم. قوة الأمر المقضي. إصلاح زراعي.
الحكم بوقف الدعوى لتعلق الفصل فيها على إثبات العلاقة الإيجارية بمعرفة لجنة الفصل في المنازعات الزراعية. ماهيته. وجوب التزام المحكمة به وبالقرار الذى تصدره اللجنة لا يغير من ذلك خروج هذه المسألة من اختصاص اللجنة.
(2، 3) إصلاح زراعي. حكم. قوة الأمر المقضي.
(2) لجان الفصل في المنازعات الزراعية. ماهيتها. جهات إدارية ذات اختصاص قضائي. جواز قيامها بتفسير القرارات الصادرة منها.
(3) تأييد اللجنة الاستئنافية للفصل في المنازعات الزراعية لقرار اللجنة. الابتدائية. صدور قرار التفسير من اللجنة الابتدائية . خطأ. عدم الطعن عليه. أثره. صيرورته نهائياً وله حجيته.

-----------------
1 - المقرر - في قضاء هذه المحكمة (1) - أن تعليق أمر الفصل في الدعوى حتى يفصل في مسالة أخرى ترى المحكمة ضرورة الفصل فيها والحكم بوقف الدعوى لهذا السبب - يجعل الوقف حكماً قطعياً فيما تضمنه من عدم جواز الفصل في موضوع الدعوى قبل تنفيذ مقتضاه، بحيث يمتنع على المحكمة معاودة النظر في هذا الموضوع دون أن يقدم لها الدليل على تنفيذ ذلك الحكم، ولما كان البين من الحكم الصادر من محكمة الاستئناف بتاريخ 6/ 11/ 1967 والقاضي بوقف الدعوى حتى تتخذ الإجراءات المنصوص عليها في المادة 36 مكرراً من القانون رقم 52 لسنة 1966 لإثبات قيام العلاقة الإيجارية بين الطاعنين وبين المنصوص عليهما، أنه أقام قضاءه بالوقف عملاً بالمادة 293 من قانون المرافعات السابق على سند من المادة 36 مكرراً المشار إليها واجبة الأعمال على أي ادعاء بقيام علاقة إيجارية بشأن أرض زراعية متى كان الادعاء قائماً وقت العمل بها، فإن هذا الحكم يكون قد قطع في أن لجنة الفصل في المنازعات الزراعية هي المختصة دون سواها بالفصل في قيام العلاقة الإيجارية المشار إليها أو عدم قيامها، ويكون له في هذا النطاق حجية الأمر المقضي بحيث لا تملك المحكمة التي أصدرته أن تعدل عن هذا النظر، فلا يسوغ لها أن تعاود النظر في هذه المسألة أو أن تخالف الرأي الذي انتهت إليه اللجنة في صدده، لا يغير من ذلك أن مفاد الفقرة الثانية من المادة السابعة من القانون رقم 54 لسنة 1966 بشأن لجان الفصل في المنازعات الزراعية والمعمول به اعتباراً من 10/ 9/ 1966 تقضى بأن اختصاص اللجنان ينحسر عن المنازعات التي طرحت الخصومة بشأنها على المحاكم قبل العمل بهذا القانون إذ كان باب المرافعة قد أقفل فيها أمام محكمة أول درجة، ومن باب أولى إذ كان قد قضى فيها ابتدائياً وطعن على حكمها بطريق الاستئناف كما هو الحال في الدعوى الراهنة، لأن حكم الوقف النهائي وقد اشتمل على خطأ في القانون تكون له قوة الأمر المقضي، وهي تعلو على اعتبارات النظام العام.
2 - إذ كانت لجان الفصل في المنازعات الزراعية - قبل إلغائها بالقانون رقم 67 لسنة 1975 - تعد جهات إدارية ذات اختصاص قضائي، وكان لقرارتها حجية أمام المحاكم تبعاً لأن القانون رقم 54 لسنة 1966 خولها ولاية القضاء للفصل في خصومة قائمة بين المؤجرين والمستأجرين سواء على وجه انفرادي أو بالاشتراك مع المحاكم ذات الولاية العامة، فإنه يسرى على قراراتها ما يسرى على الأحكام بحيث يجوز للخصوم وفقاً للمادة 192 من قانون المرافعات القائم - الذى قدم التفسير في ظله - أن يطلبوا إلى اللجنة التي أصدرت القرار تفسير ما وقع منطوقه من غموض وإبهام، ومهما يكن من أمر أن التفسير لا ينبغي أن يقصد به تعديل جوهر القرار الصادر أو يتخذ ذريعة لإصلاح خطأ أو تلافى في نفس وقع فيه، يختص بطلب التفسير اللجنة التي أصدرت القرار سواء كانت اللجنة الابتدائية أو الاستئنافية إذ أن القرار التفسيري يعتبر متمماً من كل الوجوه للقرار الذى فسره وتسرى عليهما قواعد موحدة من حيث جواز الطعن.
3 - إنه على الرغم من أن القرار المراد تفسيره كان قد صدر من اللجنة الاستئنافية فإن القرار التفسيري إذ صدر من اللجنة الابتدائية وأضحى نهائياً بعدم التظلم منه وله بهذه المثابة حجية ويتعين الالتزام بما انتهى إليه أيا كان وجه الرأي فيه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون عليهما وأخرين أقاموا الدعوى رقم 790 لسنة 1961 مدني أمام محكمة المنيا الابتدائية ضد الطاعنين وآخرين بطلب الحكم بطردهم من الأطيان المبينة في الصحيفة وتسليمها إليهم خالية أو بما عسى أن يكون عليها من زراعة، وقالوا بياناً لها بأنهم اشتروا أرض النزاع بعقدين مشهرين برقمي 1162 لسنة 1952، 3515 لسنة1954 توثيق المنيا، وتسلموها من البائع خالية وزرعوها لحسابهم، وإذ تعرض لهم الطاعنون في زراعتها بدعوى أنهم يستأجرونها بعقود غير ثابتة بالكتابة مما يعد غصباً فقد أقاموا الدعوى. دفع الطاعنون بعدم قبول الدعوى لرفعها قبل عرضها على لجنة الفصل في المنازعات الزراعية، وبعد اختصاص المحكمة نوعياً بنظر الدعوى، وبتاريخ 30/ 3/ 1963 حكمت المحكمة (أولاً) برفض الدفع بعدم قبول الدعوى (ثانياً) برفض الدفع بعدم اختصاص المحكمة نوعياً بنظر الدعوى (ثالثاً) بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت الطاعنون أن وضع يد كل منهم على العين كان تنفيذاً لعقد إيجار شفوي بينهم وبين المالك السابق قبل بيعها، وبعد سماع شهود الطرفين عادت فحكمت بتاريخ 30/ 1/ 1964 برفض الدعوى. استأنف المطعون عليهما وآخرين هذا الحكم بالاستئناف رقم 47 لسنة 2 ق بنى سويف (مأمورية المنيا) طالبين إلغاءه والقضاء بطلباتهم، وبتاريخ 9/ 5/ 1966 حكمت المحكمة بندب مكتب الخبراء لبيان واضعي اليد على أطيان النزاع وما أثبت بأوراق الجمعية التعاونية الزراعية بالنسبة لما اتخذته من إجراءات بصدد تحرير عقود إيجار لهم، وبعد أن قدم الخبير تقريره عادت وحكمت في 6/ 11/ 1967 بوقف الدعوى حتى يتخذ الطاعنون ومن معهم الإجراءات المنصوص عليها في المادة 36 مكرراً من القانون رقم 52 لسنة 1966 وإثبات قيام العلاقة الإيجارية المدعاة تقدم المطعون عليه الأول بطلب للفصل فى هذا النزاع أمام لجنة الفصل في المنازعات الزراعية التي أصدرت قرارها فى 11/ 1/ 1968 (أولاً) بعدم اختصاصها بالفصل في موضوع الاغتصاب الذى يدعيه المطعون عليه الأول (ثانياً) باعتبار عقود الإيجار المسجلة بالجمعية والمودع صورها بها ولدى المستأجرين صور منها سارية المفعول (ثالثاً) استمرار الزراع الطاعنين واضعي اليد في زراعة مساحاتهم حسبما هو مبين بعقود الإيجار المتعامل عليها بالجمعية (رابعاً) على المطعون عليه الأول اتخاذ كافة الإجراءات للحصول على باقي الإيجار المتأخر طرف الزراع. تظلم المطعون عليه الأول من هذا القرار أمام اللجنة الاستئنافية طالباً إلغاءه والتقرير بانعدام العلاقة الإيجارية المدعاة، وبتاريخ 12/ 3/ 1969 قررت اللجنة تأييد القرار وبتاريخ 7/ 10/ 1972 استصدر المطعون عليه الأول من لجنة الفصل في المنازعات الزراعية قراراً تفسيرياً قضى (أولاً) بأن المقصود بالبند الثاني من عقود الإيجار المسجلة بالجمعية التعاونية والمودع صورها بها ولدى المستأجرين صور منها والصادرة من أحد الملاك المشتاعين .....(ثانيا بترك الأمر بالنسبة) لأمر بالنسبة لباقي العقود المسجلة بالجمعية التعاونية لمحكمة الاستئناف لعدم اختصاص اللجنة بموضوع الاغتصاب التزاماً بالوارد بالبند الأول من قرار اللجنة الصادر في 11/ 1/ 1968 وإذ استأنفت الدعوى سيرها أمام محكمة الاستئناف حكمت بتاريخ 9 إبريل سنة 1973 (أولاً) بتأييد الحكم المستأنف بالنسبة للأطيان الكائنة بناحية...... وبالنسبة للأطيان المؤجرة من...... لنقر من الزراع (ثانياً) بإلغاء الحكم المستأنف لباقي الأطيان وطرد الطاعنين منها وتسليها للمطعون عليهما. طعن الطاعنون على هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وعرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فرأته جديراً النظر، وبالجلسة المحددة التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن بنى على ثلاثة أسباب ، ينعى الطاعنون بها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفى بيان ذلك يقولون بأن الحكم أقام قضاءه بطردهم من عين النزاع على سند من القول بعدم وجود أية رابطة عقدية بينهم وبين المطعون عليهما وبقية الملاك على الشيوع، أخذاً بقرار التفسير الصادر من لجنة الفصل في المنازعات الزراعية في 7/ 10/ 1972 من عدم الاعتداد بالعقود المبرمة بين الطرفين واعتبار وضع يدهم بمثابة الغصب، في حين أن قرار التفسير المشار إليه يختلف اختلافاً كلياً وجوهرياً في نصه ومضمونه عن القرار المطلوب تفسيره، رغم أن سلطة التفسير تقتصر قانوناً على إزالة اللبس أو الغموض دون إضافة أو حذف. هذا إلى أنه صدر من اللجنة الابتدائية مع أن ولايتها كانت قد استئنافية بتأييد اللجنة الاستئنافية التي كان يقتضى تقديم طلب التفسير إليها. بالإضافة إلى أن حكم محكمة الاستئناف الصادر بتاريخ 6/ 11/ 1967 والقاضي بوقف الدعوى إلى أن يثبت قيام العلاقة الإيجارية أو عدم قيامها من لجنة الفصل في المنازعات الزراعية أضحى نهائياً بعدم الطعن عليه، مما كان يقتضى الاعتداد بقرار اللجنة الصادر في 11/ 1/ 1967 والمؤيد استئنافياً، وهو قرار لا يحتمل تأويلاً في الأخذ بعقود الإيجار المسجلة بالجمعية والمودع بها ولدى المستأجرين صورها دون تفرقة بين نوعين من هذه العقود حسبما ذهب قرار التفسير، وإذ أطرح الحكم المطعون فيه القرار المشار إليه ولجأ إلى أوجه الدفاع الموضوعية السابق إثارتها والتي قضى عليها صدور حكم الوقف آنف الذكر فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن النعي مردود، ذلك أنه لما كان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن تعليق أمر الفصل في الدعوى حتى يفصل في مسالة أخرى ترى المحكمة ضرورة الفصل فيها والحكم بوقف الدعوى لهذا السبب - يجعل حكم الوقف حكماً قطعياً فيما تضمنه من عدم جواز الفصل في موضوع الدعوى قبل تنفيذ مقتضاه، بحيث يمتنع على المحكمة معاودة النظر في هذا الموضوع دون أن يقدم لها الدليل على تنفيذ ذلك الحكم، ولما كان البين من الحكم الصادر من محكمة الاستئناف بتاريخ 6/ 11/ 1967 والقاضي بوقف الدعوى حتى تتخذ الإجراءات المنصوص عليها في المادة 36 مكرراً من القانون رقم 52 لسنة 1966 لإثبات قيام العلاقة الإيجارية بين الطاعنين وبين المنصوص عليهما، أنه أقام قضاءه بالوقف عملاً بالمادة 293 من قانون المرافعات السابق على سند من المادة 36 مكرراً المشار إليها واجبة الأعمال على أي ادعاء بقيام علاقة إيجارية بشأن أرض زراعية متى كان الادعاء قائماً وقت العمل بها، فإن هذا الحكم يكون قد قطع في أن لجنة الفصل في المنازعات الزراعية هي المختصة دون سواها بالفصل في قيام العلاقة الإيجارية المشار إليها أو عدم قيامها، ويكون له في هذا النطاق حجية الأمر المقضي بحيث لا تملك المحكمة التي أصدرته أن تعدل عن هذا النظر، فلا يسوغ لها أن تعاود النظر في هذه المسألة أو أن تخالف الرأي الذي انتهت إليه اللجنة في صدده لا يغير من ذلك أن مفاد الفقرة الثانية من المادة السابقة من القانون رقم 54 لسنة 1966 بشأن لجان الفصل في المنازعات الزراعية والمعمول به اعتباراً من 10/ 6/ 1966 تقضى بأن اختصاص اللجان ينحسر عن المنازعات التي طرحت الخصومة بشأنها على المحاكم قبل العمل بهذا القانون إذ كان باب المرافعة قد أقفل فيها أمام محكمة أول درجة، ومن باب أولى إذ كان قد قضى فيها ابتدائياً وطعن على حكمها بطريق الاستئناف كما هو الحال في الدعوى الراهنة، لأن حكم الوقف النهائي ولو اشتمل على خطأ في القانون تكون له قوة الأمر المقضي، وهي تعلو على اعتبارات النظام العام. لما كان ذلك وكانت لجان الفصل في المنازعات الزراعية - قبل إلغائها بالقانون رقم 67 لسنة 1975 - تعد جهات إدارية ذات اختصاص قضائي، وكان لقرارتها حجية أمام المحاكم تبعاً لأن القانون رقم 54 لسنة 1966 خولها ولاية القضاء للفصل في خصومة قائمة بين المؤجرين والمستأجرين سواء على وجه انفرادي أو بالاشتراك مع المحاكم ذات الولاية العامة، فإنه يسرى على قراراتها ما يسرى على الأحكام بحيث يجوز للخصم وفقاً للمادة 192 من قانون المرافعات القائم - الذى قدم طلب التفسير في ظله - أن يطلبوا إلى اللجنة التي أصدرت القرار تفسير ما وقع منطوقه من غموض وإبهام، ومهما يكن من أمر أن التفسير لا ينبغي أن يقصد به تعديل جوهر القرار الصادر أو يتخذ ذريعة لإصلاح خطأ أو تلافى نقص في نفس وقع فيه ولئن كان يختص بطلب التفسير اللجنة التي أصدرت القرار سواء كانت اللجنة الابتدائية أو الاستئنافية إلا أنه لما كان القرار التفسيري يعتبر متمماً من كل الوجوه للقرار الذى فسره، وتسرى عليهما قواعد موحدة من حيث جواز الطعن، وكان الثابت أنه على الرغم من أن القرار المراد تفسيره كان قد صدر من اللجنة الاستئنافية فان القرار التفسيري إذ صدر من اللجنة الابتدائية واضحى نهائياً بعدم التظلم منه وله بهذه المثابة حجيته ويتعين الالتزام بما انتهى إليه أيا كان وجه الرأي فيه، لما كان ما سلف وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه على سند مما حصله من أقوال الشهود وتقرير مكتب الخبراء، وناقش دفاع الطرفين بأسباب كافية لحمل قضائه ولم تكن محل نعى من الطاعنين، وكان فيما خلص إليه ملتزماً ما انتهى إليه قرار اللجنة الابتدائية المؤرخ 11/ 1/ 1967 والمؤيد استئنافياً والقرار التفسيري الصادر في 7/ 10/ 1972 من عدم اختصاص لجنة الفصل في المنازعات الزراعية بواقعة الغصب التي تترك لتقدير محكمة الاستئناف، فإنه لا تثريب على هذه المحكمة أن تعرض لكافة المستندات وأوجه الدفاع الواردة في الدعوى حتى ولو كانت سابقة على صدور حكم الوقف لأنها تكون طليقة من كل قيد وهى بصدد التحقق من مدى الغصب في وضع يد الطاعنين أو يكون النعي على حكمها بالخطأ في تطبيق القانون على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.


(1) نقض 17/ 4/ 1974 مجموعة المكتب الفني السنة 25 صـ 698.

الطعن 587 لسنة 43 ق جلسة 21 /12 / 1977 مكتب فني 28 ج 2 ق 316 ص 1846

جلسة 21 من ديسمبر سنة 1977

برئاسة السيد المستشار/ محمد أسعد محمود نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: الدكتور إبراهيم صالح ومحمد الباجوري ومحمود رمضان وإبراهيم فراج.

----------------

(316)
الطعن رقم 587 لسنة 43 القضائية

(1) إيجار. شيوع.
تأجير المال الشائع. وحق للأغلبية المطلقة للشركاء. الإيجار الصادر من أحدهم للعين كلها أو لجزء مفرز منها. صحيح نافذ بينه وبين المستأجر. عدم سريانه في حق باقي الشركاء.
(2) إصلاح زراعي. اختصاص. إيجار. شيوع.
الاختصاص الانفرادي للجان الفصل في المنازعات الزراعية. مناطه. المنازعة بشأن عدم نفاذ عقد الإيجار الصادر من أحد الشركاء على الشيوع قبل باقي الشركاء. الاختصاص بنظرها للمحاكم العادية دون اللجان.

------------------
1 - إذ كان مفاد المادتين (827، 828) من القانون المدني إن حق تأجير المال الشائع يثبت للأغلبية المطلقة للشركاء، فمتى صدر الإيجار للعين كلها أو لجزء مفرز منها من أحد الشركاء دون أن تكون له أغلبية الأنصبة، فإن الإيجار وإن وقع صحيحاً ونافذاً فيما بينه وبين المستأجر منه إلا أنه لا يسري في حق باقي الشركاء ممن لم تصدر منهم الإجارة طالما لم يقرروها صراحة أو ضمناً، اعتباراً بأن الإيجار يقع في جزء منه على ملك الغير، فيحق لهؤلاء الشركاء أن يطلبوا إخراج المستأجر من أحدهم من العين كلها ومن أي جزء منها مهما صغر دون انتظار نتيجة القسمة.
2 - المقرر - في قضاء هذه المحكمة - إن مفاد نص المادة الثالثة من القانون رقم 54 لسنة 1966 بشأن لجان الفصل في المنازعات الزراعية - قبل إلغائها بالقانون رقم 67 لسنة 1975 - إن مناط الاختصاص الانفرادي للجان المشار إليها أن يكون الفصل في المنازعة مما يقتضي تطبيق حكم من أحكام المواد من 32 حتى 36 مكرر "ز" من قانون الإصلاح الزراعي والتي يجمع بينهما اشتمالها على القواعد الأساسية التي شرعها القانون الأخير لحماية مستأجر الأراضي الزراعية وفى حدود علاقته بالمؤجر له، فإذا جاوزت المنازعة هذا النطاق أو لم يكن الفصل فيها يتطلب تطبيق حكم من أحكام مواد قانون الإصلاح الزراعي سالفة الإشارة فإن الاختصاص ينعقد للمحاكم العادية صاحبة الولاية العامة بالفصل في جميع المنازعات لما كان ما تقدم وكان ما تمسك به الطاعنان أمام محكمة الموضوع إنما يتعلق بالأثر القانوني للعقود الصادرة من المطعون عليه الأول إلى المطعون عليهم من الثالث إلى الحادي عشر قبل الطاعنين كشريكين مشتاعين وكان الفصل في هذا الأمر مرده إلى القواعد العامة في القانون المدني ولا صلة له بأحكام المواد المشار إليها في قانون الإصلاح الزراعي، وكان الاختصاص بهذه المثابة مخولاً للقضاء العادي دون لجان الفصل في المنازعات الزراعية، فإن إطراح الحكم دفاع الطاعنين القائم على عدم نفاذ هذه العقود في حقهما تبعاً لعدم إقرارهما لهما باعتبارهما صاحبي أغلبية الأنصبة الشائعة في العين المؤجرة على سند من التقيد بالقرار الصادر من اللجنة المشار إليها وبإثبات قيام العلاقة الإيجارية أيا كان وجه الرأي في صحة القرار ومدى حجيته يكون قد حجب نفسه عن الفصل في موضوع يدخل في صميم اختصاصه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعنين والمطعون عليهما الأولين أقاموا الدعوى رقم 990 لسنة 1962 مدنى أمام محكمة المنيا الابتدائية ضد المطعون عليهم من الثالث إلى الحادي عشر وآخرين بطلب الحكم بطردهم من الأطيان المبينة بالصحيفة وتسليمها خالية أو بما عسى أن يكون عليها من زراعة، وقالوا شرحاً لها أن الطاعنين والمطعون عليه الأول يملكون 36 فدان و12 قيراطاً و16 سهم بناحية ....... وتملك المطعون عليها الثانية مساحة قدرها - 2 فدان و 16 قيراط - بناحية .......، بموجب عقدي بيع مشهرين برقمي 3515 سنة 1954، 1162 لسنة 1952 المنيا صادرين من المالك السابق الممثل بالمطعون عليه الثاني عشر بصفته سنديكا على التفليسة وقد تسلموها من البائع خالية من المستأجرين وقاموا بزراعتها لحسابهم، وإذ تعرض لهم المطعون عليهم من الثالث إلى الحادي عشر مع آخرين ووضعوا أيديهم غصباً على هذه الأطيان فقد أقاموا الدعوى بالطلبات سالفة البيان. دفع المطعون عليهم بعدم قبول الدعوى لرفعها قبل عرضها على لجنة الفصل في المنازعات الزراعية، وبعدم اختصاص المحكمة نوعياً بنظر الدعوى، وبتاريخ 30/ 3/ 1963 حكمت المحكمة (أولاً) برفض الدفع بعدم قبول الدعوى (ثانياً) برفض الدفع بعدم اختصاص المحكمة نوعياً بنظر الدعوى (ثالثاً) بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت واضعوا اليد إن وضع يد كل منهم تنفيذاً لعقد إيجار شفوي بينهم وبين المالك السابق للأطيان قبل بيعها، وبعد سماع شهود الطرفين، عادت وحكمت بتاريخ 30/ 1/ 1964 برفض الدعوى. استأنف الطاعنان والمطعون عليهما الأولين هذا الحكم بالاستئناف رقم 47 لسنة 2 ق بنى سويف ( مأمورية المنيا) طالبين إلغاءه والحكم بالطلبات، دفع المستأنف عليهم بعدم قبول الاستئناف بالنسبة للمطعون عليه الأول لتأجيره نصيبه في أطيان النزاع للمطعون عليهم من الثالث إلى الحادي عشر، وبتاريخ 9/ 5/ 1966 حكمت محكمة الاستئناف بندب مكتب الخبراء لبيان واضعي اليد على أطيان النزاع وما أثبت بأوراق الجمعية التعاونية الزراعية بالنسبة لما اتخذ من إجراءات بصدد تحرير عقود إيجار لهم، وبعد أن قدم الخبير تقريره، عادت وحكمت في 6/ 11/ 1967 بوقف الدعوى حتى يتخذ الزراع واضعوا اليد الإجراءات المنصوص عليها في المادة 36 مكرراً من القانون رقم 52 لسنة 1966 لإثبات قيام العلاقة الإيجارية المدعاة، تقدم الطاعن الأول بطلب للفصل في هذا النزاع أمام لجنة الفصل في المنازعات الزراعية المختصة التي أصدرت قرارها في 11/ 1/ 1968 أولاً: بعدم اختصاصها بالفصل في موضوع الاغتصاب الذى يدعيه الطاعن الأول ثانياً: باعتبار عقود الإيجار المسجلة بالجمعية والمودع صورها بها ولدى المستأجرين صور منها سارية المفعول ثالثاً: استمرار الزراع واضعي اليد في زراعة مساحاتهم حسبما هو مبين بعقود الإيجار المتعامل عليها بالجمعية رابعاً: على الطاعن الأول اتخاذ كافة الإجراءات للحصول على باقي الإيجار المتأخر طرف الزراع. تظلم الطاعن الأول من هذا القرار أمام اللجنة الاستئنافية طالباً إلغاءه والتقرير بانعدام العلاقة الإيجارية المدعاة، حضر المطعون عليه الأول أمامها وأقر بتأجيره للمطعون عليهم من الثالث إلى الحادي عشر القدر من أطيان النزاع الموضحة بعقود الإيجار الصادرة لهم وطلب استبعاده من موضوع الطلب، وبتاريخ 12/ 3/ 1969 أصدرت اللجنة قرارها بتأييد القرار المستأنف. وبتاريخ 7/ 10/ 1972 استصدر الطاعن الأول من لجنة الفصل فى المنازعات الزراعية قراراً تفسيرياً قضى (أولاً) بأن المقصود بالبند الثاني عقود الإيجار المسجلة بالجمعية التعاونية والمودع صورها بها ولدى المستأجرين صور منها والصادرة من المطعون عليه الأول للمطعون عليهم من الثالث إلى الحادي عشر (ثانياً) بترك الأمر بالنسبة لباقي العقود المسجلة بالجمعية التعاونية لمحكمة الاستئناف لعدم اختصاص اللجنة بموضوع الاغتصاب التزاماً بالوارد بالبند الأول من قرار اللجنة الصادر فى 11/ 1/ 1968. وإذ استأنفت الدعوى سيرها أمام محكمة الاستئناف حكمت بتاريخ 9/ 4/ 1973 أول/ - بتأييد الحكم المستأنف بالنسبة للأطيان الكائنة بناحية طهنا الجبل وبالنسبة للأطيان المؤجرة من المطعون عليه الأول للمطعون عليهم من الثالث إلى الحادي عشر. ثانياً: - بإلغاء الحكم المستأنف بالنسبة لباقي الأطيان الموضحة بالصحيفة وطرد المطعون عليهم المذكورين وواضعي اليد الآخرين منها وتسليمها للطاعنين طعن الطاعنان في هذا الحكم بالنسبة لما قضى به في شقه الأول بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم. عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فرأته جديراً بالنظر، وبالجلسة المحددة التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما ينعاه الطاعنان على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقولان أن الحكم قضى برفض الدعوى بالنسبة للمطعون عليهم من الثالث إلى الحادي عشر على سند من أن قرار لجنة الفصل في المنازعات الزراعية الذى اعتد بعقود الإيجار الصادرة لهم من المطعون عليه الأول يقيد المحكمة، وأن الطاعن الأول يحاج به لصدوره في خصومة كان طرفاً فيها، ولا يحق للطاعنين تبعاً لذلك الدفع بعدم نفاذ هذه العقود في حقهما، حالة أن القرار اقتصر على إثبات قيام العلاقة الإيجارية بين المطعون عليه الأول وبين المطعون عليهم من الثالث إلى الحادي عشر ولم يعرض لأثرها بالنسبة للطاعنين باعتبارهما يشاركان المطعون عليه الأول في ملكية أطيان النزاع على الشيوع تبعاً لعدم طرح هذه المسألة على اللجنة للفصل فيها فضلاً عن خروجهما عن حدود ولايتها، ومن ثم فإن الحكم إذ تقيد بهذا القرار لاطراح ما تمسكا به من عدم نفاذ الإيجار الصادر من المطعون عليه الأول في حقهما لامتلاكهما غالبية الأنصبة الشائعة في العين المؤجرة ورغبتهما في استغلالها بنفسيهما يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن النعي في محله، ذلك أنه لما كان مفاد المادتين 827، 828 من القانون المدني إن حق تأجير المال الشائع يثبت للأغلبية المطلقة للشركاء، فمتى صدر الإيجار للعين كلها أو لجزء مفرز منها من أحد الشركاء دون أن تكون له أغلبية الأنصبة، فإن الإيجار وإن وقع صحيحاً ونافذاً فيما بينه وبين المستأجر منه إلا أنه لا يسري في حق باقي الشركاء ممن لم تصدر منهم الإجارة طالما لم يقروها صراحة أو ضمناً، اعتباراً بأن الإيجار يقع في جزء منه على ملك الغير، فيحق لهؤلاء الشركاء أن يطلبوا إخراج المستأجر من أحدهم من العين كلها ومن أي جزء منها مهما صغر دون انتظار نتيجة القسمة. لما كان ذلك وكان المقرر في قضاء هذه المحكمة إن مفاد نص المادة الثالثة من القانون رقم 54 لسنة 1966 بشأن لجان الفصل في المنازعات الزراعية - قبل إلغائها بالقانون رقم 67 لسنة 1975 - أن مناط الاختصاص الانفرادي للجان المشار إليها أن يكون الفصل في المنازعة مما يقتضى تطبيق حكم من أحكام المواد من 32 حتى 36 مكرر "ز" من قانون الإصلاح الزراعي والتي يجمع بينها اشتمالها على القواعد الأساسية التي شرعها القانون الأخير لحماية مستأجر الأراضي الزراعية وفى حدود علاقته بالمؤجر له، فإذا جاوزت المنازعة هذا النطاق أو لم يكن الفصل فيها يتطلب تطبيق حكم من أحكام مواد قانون الإصلاح الزراعي سالفة الإشارة فإن الاختصاص ينعقد للمحاكم العادية صاحبة الولاية العامة بالفصل في جميع المنازعات لما كان ما تقدم وكان ما تمسك به الطاعنان أمام محكمة الموضوع إنما يتعلق بالأثر القانوني للعقود الصادرة من المطعون عليه الأول إلى المطعون عليهم من الثالث إلى الحادي عشر قبل الطاعنين كشريكين مشتاعين وكان الفصل في هذا الأمر مرده إلى القواعد العامة في القانون المدني ولا صلة له بأحكام المواد المشار إليها في قانون الإصلاح الزراعي، وكان الاختصاص بهذه المثابة مخولاً للقضاء العادي دون لجان الفصل في المنازعات الزراعية، فإن إطراح الحكم دفاع الطاعنين القائم على عدم نفاذ هذه العقود في حقهما تبعاً لعدم إقرارهما لهما باعتبارهما صاحبي أغلبية الأنصبة الشائعة في العين المؤجرة على سند من التقيد بالقرار الصادر من اللجنة المشار إليها وبإثبات قيام العلاقة الإيجارية أيا كان وجه الرأي في صحة القرار ومدى حجيته يكون قد حجب نفسه عن الفصل في موضوع يدخل في صميم اختصاصه، هذا إلى أنه في واقع الدعوى لم يسبق طرحه على اللجنة، بما يوجب نقضه في هذا الخصوص وحده دون حاجة للتعرض لباقي أسباب الطعن.

الطعن 20007 لسنة 89 ق جلسة 27 / 11 / 2022 مكتب فني 73 ق 87 ص 807

جلسة 27 من نوفمبر سنة 2022
برئاسة السيد القاضي / منصور القاضي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / محمد السعدني ، وائل صبحي ، مصطفى محمد سيد ومحمد عبد العليم مهران نواب رئيس المحكمة .
-----------------
(87)
الطعن رقم 20007 لسنة 89 القضائية
(1) اختلاس أموال أميرية . إثبات " بوجه عام " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل ".
جريمة الاختلاس المنصوص عليها في المادة ١١٢ عقوبات . مناط تحققها ؟
لا يشترط لإثبات جريمة الاختلاس طريقاً خاصاً . كفاية اقتناع المحكمة بوقوع الفعل المكون لها من أي دليل أو قرينة تقدم إليها .
(2) إثبات " شهود " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير أقوال الشهود " .
إيراد النص الكامل لأقوال الشاهد التي اعتمد عليها الحكم . غير لازم . كفاية إيراد مضمونها . النعي بإسقاط المحكمة بعض أقواله . غير مقبول . علة ذلك ؟
(3) إثبات " شهود " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " .
إحالة الحكم في بيان أقوال الشاهد إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر . لا يعيبه . حد ذلك؟
(4) محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير آراء الخبراء " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها .
تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من اعتراضات ومطاعن . موضوعي . عدم التزام المحكمة بالرد عليها أو ندب خبير آخر أو إعادة المأمورية . ما دامت قد أخذت بما جاء بها . علة ذلك ؟
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل . غير جائز أمام محكمة النقض .مثال
(5) إثبات " خبرة " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " .
عدم تكرار الحكم سرد تقرير الخبير . لا يعيبه . إيراد مؤداه لدى تحصيله لأقوال الشهود . كفايته بياناً له .
(6) دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .
الطلب الذي تلتزم محكمة الموضوع بإجابته أو الرد عليه . ماهيته ؟
مثال لما لا يعد طلباً جازماً .
(7) استدلالات . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير جدية التحريات " .
تقدير جدية التحريات . موضوعي . للمحكمة التعويل عليها باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة . حد ذلك ؟
(8) إثبات " إقرار" . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير صحة الاعتراف " .
عدم التزام المحكمة نص إقرار المتهم وظاهره . لها تجزئته واستنباط الحقيقة منه . وروده على الواقعة بكافة تفاصيلها . غير لازم . النعي في هذا الشأن . غير مقبول .
مثال .
(9) عزل . نقض " حالات الطعن . الخطأ في تطبيق القانون " " عدم جواز مضارة الطاعن بطعنه " . محكمة النقض " سلطتها " .
إغفال الحكم القضاء بعقوبة العزل بالمخالفة للمادة 118 من قانون العقوبات . خطأ في تطبيق القانون . لا تملك محكمة النقض تصحيحه . علة ذلك ؟
(10) اختلاس أموال أميرية . رد . نقض " حالات الطعن . الخطأ في تطبيق القانون " . محكمة النقض " سلطتها " .
ضبط جزء من المبلغ المختلس لدى الطاعن . يعفيه من رده . قضاء الحكم بإلزامه برد كامل المبلغ المختلس دون استنزال ما تم ضبطه . يعيبه ويوجب تصحيحه باستنزاله دون قيمة شهادات الاستثمار المضبوطة والمتحفظ عليها من النيابة العامة بقرار المنع المؤقت من التصرف . علة وأساس ذلك ؟
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- لما كان الحكم المطعون فيه بيّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة مستمدة من أقوال شهود الإثبات ، وما ثبت بتقرير لجنة الإدارة المركزية للتفتيش المالي بوزارة المالية والمشكلة من قبل النيابة العامة لفحص أعمال الطاعن ، وببيان الحالة الوظيفية له ، وإقراره بتحقيقات النيابة العامة بارتكابه الواقعة وبأن المبلغ المالي وشهادات الاستثمار المضبوطة لديه هي من متحصلات جريمته ،وهي أدلة سائغة ومن شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن جريمة الاختلاس المنصوص عليها في المادة 112 من قانون عقوبات تتحقق إذا كانت الأموال أو الأشياء المختلسة قد وجدت في حيازة الموظف العام أو من في حكمه بسبب وظيفته ، يستوي في ذلك أن تكون هذه الأموال أو الأشياء قد سلمت إليه تسليماً مادياً ، أو وجدت بين يديه بمقتضى وظيفته ، وأنه لا يشترط لإثبات هذه الجريمة طريقة خاصة غير طرق الاستدلال العامة ، بل يكفي - كما هو الحال في سائر الجرائم بحسب الأصل - أن تقتنع المحكمة بوقوع الفعل المكون لها من أي دليل أو قرينة تقدم إليها مهما كانت قيمة المال موضوع الجريمة ، وكان ما أورده الحكم المطعون فيه كافياً وسائغاً في التدليل على ثبوت اختلاس الطاعن " بصفته موظفاً عاماً ومن مأموري التحصيل – صراف بوحدة مرور .... " للمبالغ المالية " التي أشار إليها في مدوناته " والبالغ قدرها مليون ومائتين وتسعة وسبعين ألفاً وثلاثمائة وسبعة عشر جنيهاً والتي استلمها بمقتضى وظيفته ، بما تتوافر به جريمة اختلاس تلك المبالغ المالية بركنيها المادي والمعنوي في حقه ، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم في هذا الصدد يكون غير سديد .
2- لما كان لا يلزم قانوناً إيراد النص الكامل لأقوال الشاهد التي اعتمد عليها الحكم ، بل يكفي أن يورد مضمونها ، ولا يقبل النعي على المحكمة إسقاطها بعض أقوال الشاهد ، لأن فيما أوردته منها وعولت عليه ما يعني أنها اطرحت ما لم تُشر إليه منها ، لما للمحكمة من حرية في تجزئة الدليل والأخذ بما ترتاح إليه والالتفات عما لا ترى الأخذ به ما دام أنها قد أحاطت بأقوال الشاهد ومارست سلطتها في تجزئتها بغير بتر لفحواها أو مسخ لها بما يحيلها عن معناها أو يحرفها عن مواضعها ، وإذ كان ما أورده الحكم المطعون فيه بالنسبة لأقوال شاهدي الإثبات الأول والسادس يحقق مراد الشارع الذي استوجبه في المادة ٣١٠ من قانون الإجراءات الجنائية ، من بيان مؤدى الأدلة التي يستند إليها الحكم الصادر بالإدانة ، وحصل مضمونها بطريقة وافية ولم يجهل بها ، فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الصدد يكون في غير محله .
3- من المقرر أنه لا يعيب الحكم أن يحيل في بيان أقوال الشاهد إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر ما دامت أقوالهما متفقة مع ما استند إليه الحكم منها ، وكان الطاعن لا يجادل في أن أقوال شهود الإثبات من - الثاني وحتى الخامس - متفقة مع أقوال شاهد الإثبات الأول التي أحال الحكم المطعون فيه عليها ، فإن منعاه في هذا الشأن يكون في غير محله.
4- لما كان الأصل أن تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من اعتراضات ومطاعن مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتلك التقارير شأنها في ذلك شأن سائر الأدلة ، لتعلق الأمر بسلطتها في تقدير الدليل ، وأنها لا تلتزم بندب خبير آخر في الدعوى أو إعادة المأمورية إلى ذات الخبير والرد على الطعون الموجهة إلى تقارير الخبراء ما دامت قد أخذت بما جاء بها ، لأن مؤدى ذلك أنها لم تجد في تلك الطعون ما يستحق التفاتها إليه ، وكانت المحكمة قد عولت في إدانة الطاعن على تقرير لجنة الإدارة المركزية للتفتيش المالي بوزارة المالية والمُشَكَّلة من قِبَل النيابة العامة لفحص أعماله ، والذي انتهى إلى قيامه باختلاس مبالغ مالية قدرها مليون ومائتين وتسعة وسبعين ألفاً وثلاثمائة وسبعة عشر جنيهاً والتي استلمها بمقتضى وظيفته كصراف بوحدة مرور .... ، وذلك استناداً لاطمئنانها إلى ذلك التقرير ، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الخصوص ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الأدلة لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض .
5- لما كان الحكم المطعون فيه قد بين عند تحصيله مؤدى شهادة شهود الإثبات – من الأول وحتى الخامس - مؤدى تقرير لجنة الإدارة المركزية للتفتيش المالي بوزارة المالية والمُشَكَّلة من قِبَل النيابة العامة لفحص أعمال الطاعن بياناً كافياً ، وكان لا يعيب الحكم بعد ذلك عدم تكرار سرده لهذا التقرير ، ويضحى ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص في غير محله .
6- لما كان البين من مطالعة محاضر جلسات المحاكمة أن الدفاع عن الطاعن وإن كان قد طلب بجلسة .... ندب خبير حسابي لاحتساب المبالغ المالية المختلسة وقيمة شهادات الاستثمار " المضبوطين لديه " والواردين بمحضر الضبط المؤرخ .... وخصمها من المبالغ المالية " محل الاتهام " ، إلا أنه وبجلسة المرافعة الأخيرة المؤرخة .... ترافع في الدعوى مختتماً مرافعته بطلب البراءة دون أن يصر في طلباته الختامية على ذلك الطلب ، وكان الطلب الذي تلتزم محكمة الموضوع بإجابته أو الرد عليه هو الطلب الجازم الذي يصر عليه مقدمه ولا ينفك عن التمسك به والإصرار عليه ، ومن ثم فإن رمي الحكم بدعوى الإخلال بحق الدفاع يكون في غير محله .
7- لما كان تقدير جدية التحريات من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها لمحكمة الموضوع ، وكان للمحكمة متى اقتنعت بسلامة هذه التحريات وصحتها أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بها باعتبارها مُعززة لما ساقته من أدلة ، وكانت المحكمة قد عولت على التحريات كقرينة مُعززة لما ساقته من أدلة ، مطرحة برد سائغ وكاف دفع الطاعن بعدم جديتها استناداً إلى ما أوردته من اطمئنانها إليها لأنها جاءت صريحة وواضحة وتصدق من أجراها ، فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الخصوص يكون غير قويم .
8- من المقرر أن المحكمة ليست ملزمة في أخذها بإقرار المتهم أن تلتزم نصه وظاهره ، بل لها أن تجزئه وأن تستنبط منه الحقيقة كما كشفت عنها ، كما لا يلزم أن يرد الإقرار على الواقعة بكافة تفاصيلها ، بل يكفي أن يرد على وقائع تستنتج المحكمة منها ومن باقي عناصر الدعوى بكافة الممكنات العقلية والاستنتاجية اقتراف الجاني للجريمة ، وكان الحكم المطعون فيه قد أخذ من إقرار الطاعن بتحقيقات النيابة العامة ما يتعلق بارتكابه الواقعة وبأن المبلغ المالي وشهادات الاستثمار " المضبوطين لديه " هي من متحصلات جريمته ، دون باقي ما ورد بإقراره من اختلاسه المبلغ المالي وقيمة شهادات الاستثمار " المضبوطين لديه " فقط ، فإنه يكون سليماً فيما انتهى إليه ومبنياً على فهم صحيح للواقع ، ومن ثم فإن النعي عليه في هذا الشأن لا يكون له محل .
9- لما كانت المادة 118 من قانون العقوبات تنص على أنه : ( فضلاً عن العقوبات المقررة للجرائم المذكورة في المواد 112 ، 113 فقرة أولى وثانية ورابعة ، 113 مكرراً فقرة أولى ، 114 ، 115 ، 116 ، 116 مكرراً ، 117 فقرة أولى ، يعزل الجاني من وظيفته أو تزول صفته كما يحكم عليه في الجرائم المذكورة في المواد 112 ، 113 فقرة أولى وثانية ورابعة ، 113 مكرراً فقرة أولى ، 114 ، 115 بالرد وبغرامة مساوية لقيمة ما اختلسه أو استولى عليه أو حصله أو طلبه من مال أو منفعة على ألا تقل عن خمسمائة جنيه ) . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه وإن فاته القضاء بعزل الطاعن من وظيفته بوصف العزل عقوبة تكميلية واجب الحكم بها عملاً بنص المادة 118 من قانون العقوبات - سالف الذكر - إلا أنه لما كان الطاعن هو المحكوم عليه ، فإن محكمة النقض لا تستطيع تصحيح هذا الخطأ ، لما هو مقرر من أن الطاعن لا يضار بطعنه وفقاً لما تقضي به المادة 43 من القانون رقم 57 لسنة 1959 .
10- من المقرر أن ضبط جزء من المبلغ المختلس لدى الطاعن يعفيه فقط من الحكم برده باعتبار أن جزاء الرد يدور مع موجبه من بقاء المال المختلس في ذمة المتهم باختلاسه حتى الحكم عليه ، وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أنه تم ضبط مبلغ مالي " جزء من المبالغ المالية المختلسة " لدى الطاعن والثابت بالمفردات المضمومة أنه يبلغ "مائتين وثلاثين ألف جنيه " ، ومن ثم فإن الحكم إذ قضى بإلزام الطاعن برد المبالغ المالية المختلسة محل الاتهام - والتي انتهى تقرير لجنة الإدارة المركزية للتفتيش المالي بوزارة المالية والمُشَكَّلة من قِبَل النيابة العامة لفحص أعماله إلى قيامه باختلاسها - كاملة والبالغ قدرها " مليون ومائتين وتسعة وسبعين ألفاً وثلاثمائة وسبعة عشر جنيهاً " دون استنزال المبلغ المالي - الجزء من المبالغ المالية المختلسة والذي تم ضبطه لدى الطاعن - سالف الذكر ، فإنه يكون معيباً بمخالفة القانون بما يوجب تصحيحه باستنزال المبلغ المالي المضبوط فقط من المبلغ المالي الذي قضى بإلزام الطاعن برده ، دون استنزال قيمة شهادات الاستثمار المضبوطة لدى الطاعن على ما أثاره بأسباب طعنه ، إذ إن الثابت بالحكم - وبالمفردات المضمومة – أن تلك الشهادات التي ضبطت لدى الطاعن طبقاً للثابت بمحضر الضبط المؤرخ .... والصادرة من البنك .... وإن كانت المبالغ المالية قيمتها هي جزء من المبالغ المالية المختلسة ، إلا أن المبالغ المالية - قيمة تلك الشهادات - ما زالت مودعة في حسابات بذلك البنك باسم الطاعن وزوجته / .... وابنه القاصر / .... ، ولم يتم فك تلك الشهادات وضبط المبالغ المالية قيمتها - وهو ما يسلم به الطاعن بأسباب طعنه - ومن ثم فلا محل لاستنزال قيمة شهادات الاستثمار المضبوطة لدى الطاعن من المبلغ المالي الذي قضى الحكم بإلزامه برده ، ولا ينال من ذلك ما أثاره الطاعن من تحفظ النيابة العامة على تلك الشهادات ، إذ إن الثابت - بالمفردات المضمومة – أن النيابة العامة وإن تحفظت على تلك الشهادات ، إذ أصدر السيد المستشار/ النائب العام بتاريخ .... أمر منع من التصرف رقم .... لسنة .... أوامر التحفظ في القضية المطروحة بمنع الطاعن وزوجته وأولاده القصر مؤقتاً من التصرف في أموالهم ، وذلك استناداً لنص المادة 208 مكرراً (أ) من قانون الإجراءات الجنائية ، وقد تأييد ذلك الأمر بالحكم الصادر من محكمة جنايات .... بتاريخ .... ، إلا أن ذلك الأمر الصادر بالتحفظ على تلك الشهادات هو مجرد تدبير تحفظي ضماناً لتنفيذ ما عسى أن يقضى به من غرامة أو رد أو تعويض الجهة المجني عليها طبقاً لنص المادة 208 مكرراً (أ) من قانون الإجراءات الجنائية ، الأمر الذي تقضي معه المحكمة بتصحيح الحكم المطعون فيه بجعل عقوبة الرد المقضي بها مبلغ مليون وتسعة وأربعين ألفاً وثلاثمائة وسبعة عشر جنيهاً ، وذلك عملاً بالمادة 39/1من القانون رقم 57 لسنة 1959 ، ورفض الطعن فيما عدا ذلك .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه :
أولاً : بصفته موظفاً عاماً ومن مندوبي التحصيل " صراف بوحدة مرور .... " اختلس أموالاً وهي مبلغ مليون ومائتين وتسعة وسبعين ألفاً وثلاثمائة وسبعة عشر جنيهاً والمملوكة لجهة عمله والتي وجدت في حيازته بسبب وظيفته وذلك على النحو المبين بالأوراق ، وقد ارتبطت تلك الجريمة بجريمة تزوير في محررات رسمية واستعمالها ارتباطًا لا يقبل التجزئة وهي أنه في ذات الزمان والمكان سالفي الذكر وبصفته سالفة الذكر : ارتكب تزويراً في محررات رسمية بجهة عمله وهي ( إيصالات ٣٣ ع ح ، حوافظ توريد ) وذلك حال تحريرها المختص بوظيفته بجعل واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة وبطريق الاصطناع بأن أثبت بتلك الإيصالات على خلاف الحقيقة مبالغ مالية أقل من المبالغ التي قام بتحصيلها فعلياً وقام بتغيير حوافظ التوريد المثبت بها المبالغ الصحيحة المستحقة لجهة عمله واصطنع أخرى على غرار الصحيحة وأثبت بها على خلاف الحقيقة المبالغ الأقل لتتطابق قيمتها مع الإيصالات المزورة - سالفة البيان - واستعمل المحررات المزورة فيما زورت من أجله مع علمه بتزويرها بأن قدمها إلى جهة عمله محتجاً بصحة ما دوّن بها ستراً لاختلاسه المبالغ آنفة البيان .
ثانيًا : بصفته آنفة البيان حصل لنفسه على ربح ومنفعة من عمل من أعمال وظيفته بأن ارتكب الجريمة - موضوع الوصف السابق - مما عاد عليه بربح ومنفعة من ذلك تمثلا في جملة المبلغ المختلس وذلك على النحو المبين بالتحقيقات .
ثالثاً : بصفته آنفة البيان أضر عمدًا بأموال ومصالح جهة عمله سالفة الذكر بأن ارتكب الجريمتين موضوع الوصفين السابقين مما ألحق بها ضرراً جسيماً تمثل في جملة المبلغ المختلس وذلك على النحو المبين بالتحقيقات .
وأحالته إلى محكمة جنايات .... لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد ۱۱۲/1 ، 2/ ( أ ، ب ) ، 115 ، 116 مكرراً/۱ ، ۱۱۸ ، ۱۱۸ مكرراً/٣ ، ٤ ، ٥ ، ۱۱۹/أ ، ۱۱۹ مكرراً/أ من قانون العقوبات ، مع إعمال المادتين ۱۷ ، ۳۲ من القانون ذاته بمعاقبته بالسجن المشدد لمدة ست سنوات ورد مبلغ مليون ومائتين وتسعة وسبعين ألفاً وثلاثمائة وسبعة عشر جنيهاً وتغريمه ذات المبلغ المختلس السابق والمصادرة وألزمته بالمصاريف الجنائية .
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمة
من حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه " بصفته موظفاً عاماً ومن مأموري التحصيل " بجرائم الاختلاس المرتبط بجريمتي التزوير في محررات رسمية واستعمالها مع العلم بتزويرها ، والحصول لنفسه بدون حق على ربح ومنفعة من عمل من أعمال وظيفته ، والإضرار العمدي الجسيم بأموال ومصالح جهة عمله ، قد شابه القصور في التسبيب ، والفساد في الاستدلال ، والخطأ في تطبيق القانون ، والإخلال بحق الدفاع ، ذلك بأنه لم يدلل تدليلاً سائغاً على توافر الركن المادي في جريمة الاختلاس بدلالة زيادة المبالغ المالية التي دان الحكم الطاعن باختلاسها عن التي أقر بتحقيقات النيابة باختلاسها ، ولم يورد أقوال شاهدي الإثبات الأول والسادس في بيان مفصل ، وأحال في بيان أقوال الشهود من - الثاني وحتى الخامس - إلى ما شهد به الشاهد الأول ، وعول في إدانة الطاعن على تقرير اللجنة المشكلة من قبل النيابة لفحص أعماله رغم مبالغتها في احتساب المبالغ المالية المختلسة ، ملتفتاً عن منازعته في قيمة المبالغ المالية التي احتسبتها ، ودون أن يورد مضمون ذلك التقرير ، كما التفتت المحكمة عن طلب الطاعن ندب خبير حسابي لاحتساب المبالغ المالية المختلسة وقيمة شهادات الاستثمار المضبوطين لديه والواردين بمحضر الضبط المؤرخ .... وخصمها من المبالغ المالية محل الاتهام ، كما عول الحكم في الإدانة على التحريات رغم عدم جديتها بدلالة مبالغتها في تحديد المبالغ المالية المختلسة ، مطرحاً بما لا يسوغ دفع الطاعن بعدم جديتها ، كما عول الحكم على إقرار الطاعن بتحقيقات النيابة ملتفتاً عما ورد به من اختلاسه المبالغ المالية وقيمة شهادات الاستثمار المضبوطين لديه فقط ، وأخيراً قضى الحكم بإلزام الطاعن برد المبالغ المالية الواردة بتقرير لجنة الفحص ملتفتاً عن طلبه استنزال ما ضبط لديه من الأموال المختلسة ، وكذا قيمة شهادات الاستثمار من المبالغ المالية التي ألزمه بردها ، سيما وأن تلك المضبوطات متحفظ عليها ، كل ذلك مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه .
وحيث إن الحكم المطعون فيه بيّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة مستمدة من أقوال شهود الإثبات ، وما ثبت بتقرير لجنة الإدارة المركزية للتفتيش المالي بوزارة المالية والمشكلة من قبل النيابة العامة لفحص أعمال الطاعن وببيان الحالة الوظيفية له وإقراره بتحقيقات النيابة العامة بارتكابه الواقعة وبأن المبلغ المالي وشهادات الاستثمار المضبوطة لديه هي من متحصلات جريمته ، وهي أدلة سائغة ومن شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن جريمة الاختلاس المنصوص عليها في المادة 112 من قانون عقوبات تتحقق إذا كانت الأموال أو الأشياء المختلسة قد وجدت في حيازة الموظف العام أو من في حكمه بسبب وظيفته ، يستوي في ذلك أن تكون هذه الأموال أو الأشياء قد سلمت إليه تسليماً مادياً أو وجدت بين يديه بمقتضى وظيفته ، وأنه لا يشترط لإثبات هذه الجريمة طريقة خاصة غير طرق الاستدلال العامة ، بل يكفي - كما هو الحال في سائر الجرائم بحسب الأصل - أن تقتنع المحكمة بوقوع الفعل المكون لها من أي دليل أو قرينة تقدم إليها مهما كانت قيمة المال موضوع الجريمة ، وكان ما أورده الحكم المطعون فيه كافياً وسائغاً في التدليل على ثبوت اختلاس الطاعن بصفته موظفاً عاماً ومن مأموري التحصيل " صراف بوحدة مرور شبرا الخيمة " للمبالغ المالية التي أشار إليها في مدوناته والبالغ قدرها " مليون ومائتين وتسعة وسبعين ألفاً وثلاثمائة وسبعة عشر جنيهاً " والتي استلمها بمقتضى وظيفته ، بما تتوافر به جريمة اختلاس تلك المبالغ المالية بركنيها المادي والمعنوي في حقه ، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم في هذا الصدد يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وكان لا يلزم قانوناً إيراد النص الكامل لأقوال الشاهد التي اعتمد عليها الحكم ، بل يكفي أن يورد مضمونها ، ولا يقبل النعي على المحكمة إسقاطها بعض أقوال الشاهد ، لأن فيما أوردته منها وعولت عليه ما يعني أنها اطرحت ما لم تُشر إليه منها ، لما للمحكمة من حرية في تجزئة الدليل والأخذ بما ترتاح إليه والالتفات عما لا ترى الأخذ به ما دام أنها قد أحاطت بأقوال الشاهد ومارست سلطتها في تجزئتها بغير بتر لفحواها أو مسخ لها بما يحيلها عن معناها أو يحرفها عن مواضعها ، وإذ كان ما أورده الحكم المطعون فيه بالنسبة لأقوال شاهدي الإثبات الأول والسادس يحقق مراد الشارع الذي استوجبه في المادة ٣١٠ من قانون الإجراءات الجنائية ، من بيان مؤدى الأدلة التي يستند إليها الحكم الصادر بالإدانة ، وحصل مضمونها بطريقة وافية ولم يجهّل بها ، فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الصدد يكون في غير محله . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه لا يعيب الحكم أن يحيل في بيان أقوال الشاهد إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر ما دامت أقوالهما متفقة مع ما استند إليه الحكم منها ، وكان الطاعن لا يجادل في أن أقوال شهود الإثبات من الثاني وحتى الخامس متفقة مع أقوال شاهد الإثبات الأول التي أحال الحكم المطعون فيه عليها ، فإن منعاه في هذا الشأن يكون في غير محله . لما كان ذلك ، وكان الأصل أن تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من اعتراضات ومطاعن مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتلك التقارير شأنها في ذلك شأن سائر الأدلة ، لتعلق الأمر بسلطتها في تقدير الدليل ، وأنها لا تلتزم بندب خبير آخر في الدعوى أو إعادة المأمورية إلى ذات الخبير والرد على الطعون الموجهة إلى تقارير الخبراء ما دامت قد أخذت بما جاء بها ، لأن مؤدى ذلك أنها لم تجد في تلك الطعون ما يستحق التفاتها إليه ، وكانت المحكمة قد عولت في إدانة الطاعن على تقرير لجنة الإدارة المركزية للتفتيش المالي بوزارة المالية والمُشَكَّلة من قِبَل النيابة العامة لفحص أعماله ، والذي انتهى إلى قيامه باختلاس مبالغ مالية قدرها مليون ومائتين وتسعة وسبعين ألفاً وثلاثمائة وسبعة عشر جنيهاً والتي استلمها بمقتضى وظيفته كصراف بوحدة مرور .... ، وذلك استناداً لاطمئنانها إلى ذلك التقرير ، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الخصوص ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الأدلة لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد بين عند تحصيله مؤدى شهادة شهود الإثبات من الأول وحتى الخامس مؤدى تقرير لجنة الإدارة المركزية للتفتيش المالي بوزارة المالية والمُشَكَّلة من قِبَل النيابة العامة لفحص أعمال الطاعن بياناً كافياً ، وكان لا يعيب الحكم بعد ذلك عدم تكرار سرده لهذا التقرير ، ويضحى ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص في غير محله . لما كان ذلك ، وكان البين من مطالعة محاضر جلسات المحاكمة أن الدفاع عن الطاعن وإن كان قد طلب بجلسة .... ندب خبير حسابي لاحتساب المبالغ المالية المختلسة وقيمة شهادات الاستثمار المضبوطين لديه والواردين بمحضر الضبط المؤرخ .... وخصمها من المبالغ المالية محل الاتهام ، إلا أنه وبجلسة المرافعة الأخيرة المؤرخة .... ترافع في الدعوى مختتماً مرافعته بطلب البراءة دون أن يصرّ في طلباته الختامية على ذلك الطلب ، وكان الطلب الذي تلتزم محكمة الموضوع بإجابته أو الرد عليه هو الطلب الجازم الذي يصر عليه مقدمه ولا ينفك عن التمسك به والإصرار عليه ، ومن ثم فإن رمي الحكم بدعوى الإخلال بحق الدفاع يكون في غير محله . لما كان ذلك ، وكان تقدير جدية التحريات من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها لمحكمة الموضوع ، وكان للمحكمة متى اقتنعت بسلامة هذه التحريات وصحتها أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بها باعتبارها مُعززة لما ساقته من أدلة ، وكانت المحكمة قد عولت على التحريات كقرينة مُعززة لما ساقته من أدلة ، مطرحة برد سائغ وكاف دفع الطاعن بعدم جديتها استناداً إلى ما أوردته من اطمئنانها إليها لأنها جاءت صريحة وواضحة وتصدق من أجراها ، فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الخصوص يكون غير قويم . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن المحكمة ليست ملزمة في أخذها بإقرار المتهم أن تلتزم نصه وظاهره ، بل لها أن تجزئه وأن تستنبط منه الحقيقة كما كشفت عنها ، كما لا يلزم أن يرد الإقرار علي الواقعة بكافة تفاصيلها ، بل يكفي أن يرد على وقائع تستنتج المحكمة منها ومن باقي عناصر الدعوى بكافة الممكنات العقلية والاستنتاجية اقتراف الجاني للجريمة ، وكان الحكم المطعون فيه قد أخذ من إقرار الطاعن بتحقيقات النيابة العامة ما يتعلق بارتكابه الواقعة وبأن المبلغ المالي وشهادات الاستثمار " المضبوطين لديه " هي من متحصلات جريمته ، دون باقي ما ورد بإقراره من اختلاسه المبلغ المالي وقيمة شهادات الاستثمار المضبوطين لديه فقط ، فإنه يكون سليماً فيما انتهى إليه ومبنياً على فهم صحيح للواقع ، ومن ثم فإن النعي عليه في هذا الشأن لا يكون له محل . لما كان ذلك ، وكانت المادة 118 من قانون العقوبات تنص على أنه : ( فضلاً عن العقوبات المقررة للجرائم المذكورة في المواد 112 ، 113 فقرة أولى وثانية ورابعة ، 113 مكرراً فقرة أولى ، 114 ، 115 ، 116 ، 116 مكرراً ، 117 فقرة أولى ، يعزل الجاني من وظيفته أو تزول صفته كما يحكم عليه في الجرائم المذكورة في المواد 112 ، 113 فقرة أولى وثانية ورابعة ، 113 مكرراً فقرة أولى ، 114 ، 115 بالرد وبغرامة مساوية لقيمة ما اختلسه أو استولى عليه أو حصله أو طلبه من مال أو منفعة على ألا تقل عن خمسمائة جنيه ) . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه وإن فاته القضاء بعزل الطاعن من وظيفته بوصف العزل عقوبة تكميلية واجب الحكم بها عملاً بنص المادة 118 من قانون العقوبات - سالف الذكر - إلا أنه لما كان الطاعن هو المحكوم عليه فإن محكمة النقض لا تستطيع تصحيح هذا الخطأ ، لما هو مقرر من أن الطاعن لا يضار بطعنه وفقاً لما تقضي به المادة 43 من القانون رقم 57 لسنة 1959 . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن ضبط جزء من المبلغ المختلس لدى الطاعن يعفيه فقط من الحكم برده باعتبار أن جزاء الرد يدور مع موجبه من بقاء المال المختلس في ذمة المتهم باختلاسه حتى الحكم عليه ، وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أنه تم ضبط مبلغ مالي - جزء من المبالغ المالية المختلسة - لدى الطاعن والثابت بالمفردات المضمومة أنه يبلغ مائتين وثلاثين ألف جنيه ، ومن ثم فإن الحكم إذ قضى بإلزام الطاعن برد المبالغ المالية المختلسة محل الاتهام والتي انتهى تقرير لجنة الإدارة المركزية للتفتيش المالي بوزارة المالية والمُشَكَّلة من قِبَل النيابة العامة لفحص أعماله إلى قيامه باختلاسها كاملة والبالغ قدرها مليون ومائتين وتسعة وسبعين ألفاً وثلاثمائة وسبعة عشر جنيهاً دون استنزال المبلغ المالي - الجزء من المبالغ المالية المختلسة - والذي تم ضبطه لدى الطاعن سالف الذكر ، فإنه يكون معيباً بمخالفة القانون بما يوجب تصحيحه باستنزال المبلغ المالي المضبوط فقط من المبلغ المالي الذي قضي بإلزام الطاعن برده دون استنزال قيمة شهادات الاستثمار المضبوطة لدى الطاعن على ما أثاره بأسباب طعنه ، إذ إن الثابت بالحكم وبالمفردات المضمومة أن تلك الشهادات التي ضبطت لدى الطاعن طبقاً للثابت بمحضر الضبط المؤرخ .... والصادرة من البنك .... وإن كانت المبالغ المالية قيمتها هي جزء من المبالغ المالية المختلسة إلا أن المبالغ المالية قيمة تلك الشهادات ما زالت مودعة في حسابات بذلك البنك باسم الطاعن وزوجته / .... وابنه القاصر / .... ولم يتم فك تلك الشهادات وضبط المبالغ المالية قيمتها وهو ما يسلم به الطاعن بأسباب طعنه ، ومن ثم فلا محل لاستنزال قيمة شهادات الاستثمار المضبوطة لدى الطاعن من المبلغ المالي الذي قضى الحكم بإلزامه برده ، ولا ينال من ذلك ما أثاره الطاعن من تحفظ النيابة العامة على تلك الشهادات ، إذ إن الثابت - بالمفردات المضمومة – أن النيابة العامة وإن تحفظت على تلك الشهادات ، إذ أصدر السيد المستشار / النائب العام بتاريخ .... أمر منع من التصرف رقم .... لسنة .... أوامر التحفظ - في القضية المطروحة - بمنع الطاعن وزوجته وأولاده القصر مؤقتاً من التصرف في أموالهم ، وذلك استناداً لنص المادة 208 مكرراً (أ) من قانون الإجراءات الجنائية ، وقد تأييد ذلك الأمر بالحكم الصادر من محكمة جنايات .... بتاريخ .... ، إلا أن ذلك الأمر الصادر بالتحفظ على تلك الشهادات هو مجرد تدبير تحفظي ضماناً لتنفيذ ما عسى أن يقضى به من غرامة أو رد أو تعويض الجهة المجني عليها طبقاً لنص المادة 208 مكرراً (أ) من قانون الإجراءات الجنائية ، الأمر الذي تقضي معه المحكمة بتصحيح الحكم المطعون فيه بجعل عقوبة الرد المقضي بها مبلغ مليون وتسعة وأربعين ألفاً وثلاثمائة وسبعة عشر جنيهاً ، وذلك عملاً بالمادة 39 /1 من القانون رقم 57 لسنة 1959 ، ورفض الطعن فيما عدا ذلك .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الطعن 5164 لسنة 89 ق جلسة 11 / 12 / 2022 مكتب فني 73 ق 96 ص 924

جلسة 11 من ديسمبر سنة 2022
برئاسة السيد القاضي / صلاح محمد أحمد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / توفيق سليم ، أيمن شعيب ، شعبان محمود ومحمد فتحي نواب رئيس المحكمة .
----------------
(96)
الطعن رقم 5164 لسنة 89 القضائية
(1) حكم " بيانات حكم الإدانة " " تسبيبه . تسبيب معيب " . نقض " أسباب الطعن . ما يقبل منها " .
وجوب اشتمال الحكم على الأسباب التي بني عليها . المادة 310 إجراءات جنائية .
المراد بالتسبيب المعتبر ؟
خلو الحكم الصادر بإدانة الطاعنة من بيان طبيعة ومضمون التوكيلين سند جريمة التزوير والأعمال التي يصرحان للوكيل بها واكتفائه بعبارات عامة مجملة لا يتحقق بها الغرض من إيجاب تسبيب الأحكام ولا يمكن محكمة النقض من إعمال رقابتها . قصور يوجب نقضه ونظر موضوع الدعوى .
مثال .
(2) وكالة . قانون " تفسيره " . محكمة النقض " نظرها موضوع الدعوى " .
المادتان 714 و 715 من القانون المدني . مفادهما ؟
انتهاء الوكالة بموت الموكل كانتهائها بموت الوكيل لا يعتبر من النظام العام . للعاقدين أن يتفقا صراحة أو ضمناً على أن تستمر الوكالة رغم وفاة أحدهما على أن تنتقل التزامات المتوفى منهما إلى ورثته . استخلاص الاتفاق الضمني من ظروف العقد وشروطه . موضوعي .
النص في عقد الوكالة محل النزاع على حق الوكيل في بيع العقار لنفسه أو للغير وعدم جواز إلغائه إلا بحضور الوكيل شخصياً أو أنه غير قابل للإلغاء . مقتضاه : أن الوكالة صادرة لصالح الوكيل ولا يجوز إلغاؤها إلا بموافقته .
مناط سعة الوكالة . عبارات التوكيل ونصوصه وملابسات إصداره وظروف الدعوى .
صدور توكيلين من الموكلة قبل وفاتها لصالح الطاعنة نُص بهما صراحة على حق الأخيرة في بيع نصيبها في العقار موضوع الدعوى لنفسها أو للغير وعدم جواز إنهائهما إلا برضاها . مؤداه : سريانهما رغم وفاة الموكلة . تصرفها فيه لنفسها مباشرة أو توكيل الغير في ذلك . صحيح . أثر ذلك ؟
مثال لحكم صادر بالبراءة من محكمة النقض لدى نظرها موضوع الدعوى في جريمتي اشتراك في تزوير محرر رسمي واستعماله .
(3) دعوى مدنية . محكمة النقض " نظرها موضوع الدعوى " .
انتهاء الحكم إلى براءة المتهمة . أثره : القضاء برفض الدعوى المدنية . علة وأساس ذلك ؟
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- من المقرر أن الشارع يوجب في المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية أن يشتمل الحكم بالإدانة على الأسانيد التي بني عليها ، وإلا كان باطلا والمراد بالتسبيب الذي يحفل به القانون هو تحديد الأسانيد والحجج التي انبنى عليها الحكم والمنتجة له سواء من حيث الواقع أو القانون ، ولكي يحقق التسبيب الغرض منه يجب أن يكون في بيان جلي مفصل بحيث يتيسر الوقوف على مبررات ما قضى به أما إفراغ الحكم في عبارات عامة معماة ، أو وضعه في صورة مجملة مجهلة فلا يحقق الغرض الذي قصده الشارع من إيجاب تسبيب الأحكام ، ولا يمكن محكمة النقض من مراقبة صحة تطبيق القانون على الواقعة كما صار إثباتها في الحكم . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد اقتصر في بيانه لواقعة الدعوى وثبوت نسبتها إلى الطاعنة على مجرد قوله : ( إن واقعة الدعوى تتحصل في أنه في .... قامت المتهمة وهي ليست من أرباب الوظائف العمومية بطريق المساعدة مع موظف عام حسن النية في تزوير محرر رسمي هو التوكيل رقم .... ذلك بجعل واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة مع علمهما بتزويرها حال تحريره المختص بوظيفته بأن تقدمت إليه مدعية وكالتها عن والدتها .... – المتوفاة - بموجب التوكيلين رقمي .... ، .... فقام الموظف المختص باستخراج التوكيل ببيانات مغايرة للحقيقة ، وقامت باستعماله فيما زور من أجله بأن تمكنت به التصرف في ملكية العقار محل الواقعة لآخر حسن النية ) . لما كان ذلك ، وكانت مدونات الحكم المطعون فيه قد خلت من بيان التوكيلين رقمي .... ، .... من حيث طبيعتهما ومضمونهما وما إذا كانا توكيلين عامين لمزاولة الوكيل أعمال الإدارة أم خاصين لقيامه بأعمال التصرفات وفي الحالة الثانية تحديد أنواع التصرفات التي يجوز للوكيل القيام بها ، سيما وأن هذين التوكيلين هما سندا التزوير في التوكيل رقم .... محل الدعوى الراهنة إذ اكتفى في ذلك كله بعبارات عامة مجملة مجهلة لا يبين منها حقيقة مقصود الحكم في شأن الواقع المعروض الذي هو مدار الأحكام ولا يحقق بها الغرض الذي قصده الشارع من إيجاب تسبيبها من الوضوح والبيان ، فإن الحكم المطعون فيه يكون قاصرا بما يوجب نقضه ونظر الموضوع .
2- لما كانت المادة 714 من التقنين المدني تنص على : ( تنتهي الوكالة بتمام العمل الموكل فيه أو بانتهاء الأجل المعين للوكالة وتنتهي أيضا بموت الموكل أو الوكيل ) ، كما تنص المادة 715 من ذات القانون على أنه : ( يجوز للموكل في أي وقت أن ينهي الوكالة أو يقيدها ولو وجد اتفاق يخالف ذلك فإذا كانت الوكالة بأجر فإن الموكل يكون ملزماً بتعويض الوكيل عن الضرر الذي لحقه من جراء عزله في وقت غير مناسب أو بغير عذر مقبول ، على أنه إذا كانت الوكالة صادرة لصالح الوكيل أو لصالح أجنبي فلا يجوز للموكل أن ينهي الوكالة أو يقيدها دون رضاء من صدرت الوكالة لصالحه ) ، وأنه من المقرر تطبيقاً لذلك أن انتهاء الوكالة بموت الموكل كانتهائها بموت الوكيل لا يعتبر من النظام العام فيجوز الاتفاق على ما يخالف هذا الحكم ، إذ للعاقدين أن يتفقا على أن تستمر الوكالة رغم وفاة أحدهما على أن تنتقل التزامات المتوفى منهما إلى ورثته ، وكما يكون صريحاً قد يكون ضمنياً ، ولقاضي الموضوع استخلاص الاتفاق الضمني من ظروف العقد وشروطه بأن تكون الوكالة لمصلحة الوكيل أو الغير مثلاً ، كما أنه من المقرر أنه إذا كان النص في عقد الوكالة محل النزاع على حق الوكيل في أن يبيع العقار لنفسه أو للغير ، وأنه لا يجوز إلغاء الوكالة إلا بحضور الوكيل شخصيا أو إنها غير قابلة للإلغاء يدل ذلك كله على أن الوكالة موضوع الدعوى صادرة لصالح الوكيل فلا يجوز إلغاؤها إلا بموافقته على ذلك ، هذا فضلاً عن أنه من المقرر كذلك أن التعرف على سعة الوكالة تختلف باختلاف الصيغة التي يفرغ فيها التوكيل من حيث ما يشتمل عليه من تصرفات قانونية خول الموكل للوكيل إجراءها يتحدد بالرجوع إلى عبارة التوكيل ذاته وما جرت به نصوصه وإلى الملابسات التي صدر فيها التوكيل وظروف الدعوى ، وحيث إنه وهدياً بما تقدم وبالبناء عليه يستبين أنه بالاطلاع على المفردات المضمومة أن التوكيلين رقمي .... ، .... والصادرين من الموكلة المتوفاة المرحومة .... ( والدة المتهمة ) لصالح الوكيلة ( المتهمة) واللذين تضمنا النص الصريح على حق الوكيلة في بيع نصيبها في العقار محل الدعوى لنفسها أو للغير ، ومن ثم فإن هذين التوكيلين على هذا النحو يتضمنان مصلحة للوكيلة بتقرير حقها في التصرف في العين محلهما للنفس أو للغير وبالتالي يعدان صادرين لصالح الوكيلة (المتهمة) ولا يجوز إنهاؤهما إلا برضائها ، ومن ثم تظل الوكالة سارية مستمرة رغم وفاة الموكلة ، ويكون من حق المتهمة على هذا النحو التصرف في العين محل التوكيلين سالفي الذكر للنفس مباشرة أو توكيل الغير في القيام به على نحو ما تم في التوكيل رقم .... - محل جريمة التزوير - والذي يكون على هذا النحو قد تم وفق صحيح القانون ، ومن ثم تنتفي عن الأوراق جريمتا التزوير في ذلك التوكيل واستعماله ، وهو الأمر الذي تقضي معه المحكمة والحال كذلك ببراءة المتهمة مما هو منسوب إليها عملاً بالمادة 304/1 من قانون الإجراءات الجنائية .
3- لما كانت المحكمة قد انتهت سلفاً إلى براءة المتهمة من التهمة المسندة إليها لانتفاء جريمة التزوير في محرر رسمي واستعماله في حقها ، ومن ثم انتفاء ركن الخطأ الموجب للمسئولية المدنية وهو ما يتعين معه القضاء برفض الدعوى المدنية مع إلزام رافعها بالمصاريف المدنية ومقابل أتعاب المحاماة عملاً بالمادتين 309 ، 320 من قانون الإجراءات الجنائية والمادة 184 من قانون المرافعات والمادة 187 من قانون المحاماة .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنة بأنها :
1- وهي ليست من أرباب الوظائف العمومية اشتركت بطريق المساعدة مع موظف عام حسن النية في التزوير في محرر رسمي هو التوكيل رقم .... وذلك بجعل واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة مع علمها بتزويرها حال تحريرها المختص بوظيفته بأن تقدمت إليه مدعية وكالتها عن والدتها / .... بموجب التوكيلين رقمي .... ، .... فقام الموظف المختص باستخراج التوكيل ببيانات مغايرة للحقيقة وتمت الجريمة بناءً على تلك المساعدة على النحو المبين بالتحقيقات .
2- استعملت المحرر الرسمي المزور موضوع الاتهام السابق فيما زور من أجله بأن تمكنت به من التصرف في ملكية العقار محل الواقعة لآخر حسن النية مع علمها بتزويره على النحو المبين بالتحقيقات .
وأحالتها إلى محكمة جنايات .... لمعاقبتها طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .
وادعت / .... مدنياً قبل المتهمة بمبلغ عشرة آلاف وواحد جنيه على سبيل التعويض المدني المؤقت .
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً بتوكيل عملاً بالمواد 30 ، ٤٠ / ثانياً ، ثالثاً ، 41 /١ ، ۲۱۳ ، ٢١٤ من قانون العقوبات ، مع إعمال نص المادة ۳۲ من ذات القانون ، بمعاقبتها بالسجن لمدة ثلاث سنوات عما نسب إليها ، ومصادرة المحررات المزورة المضبوطة ، وفي الدعوى المدنية بإلزامها بأن تؤدي للمدعية بالحق المدني مبلغ عشرة آلاف وواحد جنيه تعويضاً مدنياً مؤقتاً وألزمتها المصاريف المدنية ومبلغ مائتي جنيه أتعاب للمحاماة .
فطعنت المحكوم عليها في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمة
من حيث إن الطاعنة تنعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانها بجريمتي الاشتراك في تزوير محرر رسمي واستعماله فيما زور من أجله مع علمها بأمر تزويره ، قد شابه القصور في التسبيب ذلك بأنه صيغ في عبارات عامة معماة قاصرة في بيان واقعة الدعوى وظروفها بما يحقق أركان الجريمتين اللتين دانها بهما ، مما يعيبه ويستوجب نقضه .
ومن حيث إن الشارع يوجب في المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية أن يشتمل الحكم بالإدانة على الأسانيد التي بني عليها وإلا كان باطلاً والمراد بالتسبيب الذي يحفل به القانون هو تحديد الأسانيد والحجج التي انبنى عليها الحكم والمنتجة له سواءً من حيث الواقع أو القانون ، ولكي يحقق التسبيب الغرض منه يجب أن يكون في بيان جلي مفصل بحيث يتيسر الوقوف على مبررات ما قضى به أما إفراغ الحكم في عبارات عامة معماة ، أو وضعه في صورة مجملة مجهلة فلا يحقق الغرض الذي قصده الشارع من إيجاب تسبيب الأحكام ، ولا يمكن محكمة النقض من مراقبة صحة تطبيق القانون على الواقعة كما صار إثباتها في الحكم . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد اقتصر في بيانه لواقعة الدعوى وثبوت نسبتها إلى الطاعنة على مجرد قوله : ( إن واقعة الدعوى تتحصل في أنه في .... قامت المتهمة وهي ليست من أرباب الوظائف العمومية بطريق المساعدة مع موظف عام حسن النية في تزوير محرر رسمي هو التوكيل رقم .... ذلك بجعل واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة مع علمهما بتزويرها حال تحريره المختص بوظيفته بأن تقدمت إليه مدعية وكالتها عن والدتها .... – المتوفاة - بموجب التوكيلين رقمي .... ، .... فقام الموظف المختص باستخراج التوكيل ببيانات مغايرة للحقيقة ، وقامت باستعماله فيما زور من أجله بأن تمكنت به التصرف في ملكية العقار محل الواقعة لآخر حسن النية ) . لما كان ذلك ، وكانت مدونات الحكم المطعون فيه قد خلت من بيان التوكيلين رقمي .... ، .... من حيث طبيعتهما ومضمونهما وما إذا كانا توكيلين عامين لمزاولة الوكيل أعمال الإدارة أم خاصين لقيامه بأعمال التصرفات وفي الحالة الثانية تحديد أنواع التصرفات التي يجوز للوكيل القيام بها، سيما وأن هذين التوكيلين هما سندا التزوير في التوكيل رقم .... محل الدعوى الراهنة إذ اكتفى في ذلك كله بعبارات عامة مجملة مجهلة لا يبين منها حقيقة مقصود الحكم في شأن الواقع المعروض الذي هو مدار الأحكام ولا يحقق بها الغرض الذي قصده الشارع من إيجاب تسبيبها من الوضوح والبيان ، فإن الحكم المطعون فيه يكون قاصرا بما يوجب نقضه ونظر الموضوع .
ومن حيث إن الدعوى صالحة للفصل في موضوعها .
ومن حيث إن النيابة العامة اتهمت الطاعنة بأنها : في غضون عام .... بدائرة قسم .... – محافظة .... :
- وهي ليست من أرباب الوظائف العمومية اشتركت بطريق المساعدة مع موظف عام حسن النية في التزوير محرر رسمي هو التوكيل .... وذلك بجعل واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة مع علمها بتزويرها حال تحريره المختص بوظيفته بأن تقدمت إليه مدعية وكالتها عن والدتها / .... بموجب التوكيلين رقمي .... ، .... فقام الموظف المختص باستخراج التوكيل ببيانات مغايرة للحقيقة وتمت الجريمة بناء على تلك المساعدة .
- استعملت المحرر المزور فيما زور من أجله بأن تمكنت به من التصرف في ملكية العقار محل الواقعة لآخر حسن النية مع علمها بتزويره وطلبت عقابه بالمواد ٤٠/ ثانياً ، ثالثاً ، 41/ ١ ، ۲۱۳ ، ٢١٤ من قانون العقوبات .
وقد ركنت سلطة الاتهام في إثبات الاتهام إلى أقوال الشهود / .... ، .... ، المقدم / .... وما ثبت من الاطلاع على شهادة وفاة المدعوة .... وملف الترخيص الخاص بالعقار محل الواقعة وما قرره المدعو / .... .
فقد شهدت / .... بقيام المتهمة بالتصرف في ملكية العقار المكون من دور أرضي الكائن .... باستعمال توكيلات مزورة بغرض حجبها عن ميراثها الشرعي وأشقائها في العقار المملوك لشقيقها المتوفى والد المتهمة .
وشهدت / .... بما لا يخرج عن مضمون ما شهدت به السابقة .
وشهد المقدم / .... رئيس قسم مباحث الأموال العامة بأن تحرياته السرية أسفرت عن قيام المتهمة باستعمال التوكيلين رقمي .... ، .... والصادرين من والدتها لها عقب إلغائهما بوفاة والدتها بأن قدمتها للموظف المختص فاستصدرت على أثرهما التوكيل رقم .... .
وثبت بالاطلاع على شهادة وفاة المدعوة / .... أنها توفيت بتاريخ .... .
وثبت بالاطلاع على ملف الترخيص الخاص بالعقار محل الواقعة أن المتهمة قامت بنقل ملكية العقار للمدعو / .... بموجب التوكيل رقم .... .
وقرر المدعو .... بالتحقيقات بقيام المتهمة ببيع العقار له ، وأنه تحصل منها على جميع المستندات التي استخدمها في الحصول على ترخيص الهدم والبناء .
وإذ سئلت المتهمة بتحقيقات النيابة العامة أنكرت ما أُسند إليها وبجلسات المحاكمة ابتداءً حضر وكيل عن المدعية بالحق المدني المدعوة / .... وادعى مدنياً قبل المتهمة بمبلغ عشرة آلاف وواحد جنيه على سبيل التعويض المدني المؤقت ، وحضر وكيل عن المتهمة بموجب توكيل خاص وطلب البراءة تأسيساً على انتفاء أركان جريمة التزوير في حقها .
ومن حيث إن المحكمة تشير تمهيداً وتأصيلاً لقضائها إلى ما نصت عليه المادة 714 من التقنين المدني : ( تنتهي الوكالة بتمام العمل الموكل فيه أو بانتهاء الأجل المعين للوكالة وتنتهي أيضا بموت الموكل أو الوكيل ) ، كما تنص المادة 715 من ذات القانون على أنه : ( يجوز للموكل في أي وقت أن ينهي الوكالة أو يقيدها ولو وجد اتفاق يخالف ذلك فإذا كانت الوكالة بأجر ، فإن الموكل يكون ملزماً بتعويض الوكيل عن الضرر الذي لحقه من جراء عزله في وقت غير مناسب أو بغير عذر مقبول ، على أنه إذا كانت الوكالة صادرة لصالح الوكيل أو لصالح أجنبي فلا يجوز للموكل أن ينهي الوكالة أو يقيدها دون رضاء من صدرت الوكالة لصالحه ) ، وأنه من المقرر تطبيقاً لذلك أن انتهاء الوكالة بموت الموكل كانتهائها بموت الوكيل لا يعتبر من النظام العام فيجوز الاتفاق على ما يخالف هذا الحكم ، إذ للعاقدين أن يتفقا على أن تستمر الوكالة رغم وفاة أحدهما على أن تنتقل التزامات المتوفى منهما إلى ورثته ، وكما يكون صريحاً قد يكون ضمنياً ، ولقاضي الموضوع استخلاص الاتفاق الضمني من ظروف العقد وشروطه بأن تكون الوكالة لمصلحة الوكيل أو الغير مثلاً ، كما أنه من المقرر أنه إذا كان النص في عقد الوكالة محل النزاع على حق الوكيل في أن يبيع العقار لنفسه أو للغير ، وأنه لا يجوز إلغاء الوكالة إلا بحضور الوكيل شخصياً أو أنها غير قابلة للإلغاء يدل ذلك كله على أن الوكالة موضوع الدعوى صادرة لصالح الوكيل فلا يجوز إلغاؤها إلا بموافقته على ذلك ، هذا فضلاً عن أنه من المقرر كذلك أن التعرف على سعة الوكالة تختلف باختلاف الصيغة التي يفرغ فيها التوكيل من حيث ما يشتمل عليه من تصرفات قانونية خول الموكل للوكيل إجراءها يتحدد بالرجوع إلى عبارة التوكيل ذاته وما جرت به نصوصه وإلى الملابسات التي صدر فيها التوكيل وظروف الدعوى ، وحيث إنه وهدياً بما تقدم وبالبناء عليه يستبين أنه بالاطلاع على المفردات المضمومة أن التوكيلين رقمي .... ، .... والصادرين من الموكلة المتوفاة المرحومة .... ( والدة المتهمة ) لصالح الوكيلة ( المتهمة ) واللذين تضمنا النص الصريح على حق الوكيلة في بيع نصيبها في العقار محل الدعوى لنفسها أو للغير ، ومن ثم فإن هذين التوكيلين على هذا النحو يتضمنان مصلحة للوكيلة بتقرير حقها في التصرف في العين محلهما للنفس أو للغير وبالتالي يعدان صادرين لصالح الوكيلة ( المتهمة ) ولا يجوز إنهاؤهما إلا برضائها ، ومن ثم تظل الوكالة سارية مستمرة رغم وفاة الموكلة ، ويكون من حق المتهمة على هذا النحو التصرف في العين محل التوكيلين سالفي الذكر للنفس مباشرة أو توكيل الغير في القيام به على نحو ما تم في التوكيل رقم .... - محل جريمة التزوير - والذي يكون على هذا النحو قد تم وفق صحيح القانون ، ومن ثم تنتفي عن الأوراق جريمتا التزوير في ذلك التوكيل واستعماله وهو الأمر الذي تقضي معه المحكمة والحال كذلك ببراءة المتهمة مما هو منسوب إليها عملاً بالمادة 304/ 1 من قانون الإجراءات الجنائية .
وحيث إنه عن الدعوى المدنية فلما كانت المحكمة قد انتهت سلفاً إلى براءة المتهمة من التهمة المسندة إليها لانتفاء جريمة التزوير في محرر رسمي واستعماله في حقها ، ومن ثم انتفاء ركن الخطأ الموجب للمسئولية المدنية وهو ما يتعين معه القضاء برفض الدعوى المدنية مع إلزام رافعها بالمصاريف المدنية ومقابل أتعاب المحاماة عملاً بالمادتين 309 ، 320 من قانون الإجراءات الجنائية والمادة 184 من قانون المرافعات والمادة 187 من قانون المحاماة .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ