باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الثالث من فبراير سنة 2024م،
الموافق الثاني والعشرين من رجب سنة 1445ه.
برئاسة السيد المستشار / بولس فهمي إسكندر رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين: رجب عبد الحكيم سليم والدكتور محمد عماد
النجار والدكتور طارق عبد الجواد شبل وخالد أحمد رأفت دسوقي والدكتورة فاطمة محمد
أحمد الرزاز ومحمد أيمن سعد الدين عباس نواب رئيس المحكمة
وحضور السيدة المستشار/ شيرين حافظ فرهود رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد/ محمد ناجي عبد السميع أمين السر
أصدرت الحكم الآتي
في الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 108 لسنة 40
قضائية "دستورية"، بعد أن أحالت محكمة القضاء الإداري بالقاهرة -
الدائرة الثانية – بحكمها الصادر بجلسة 26/6/2018، ملف الدعوى رقم 45584 لسنة 70
قضائية.
المقامة من
مرتضى أحمد منصور
ضد
1- وزير الصناعة
2- وزير الاستثمار
3- رئيس الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة
4- رئيس اتحاد الغرف الصناعية
5- رئيس غرفة صناعة الإعلام المرئي والمسموع
----------------
الإجراءات
بتاريخ الحادي والعشرين من نوفمبر سنة 2018، ورد إلى قلم كتاب المحكمة
الدستورية العليا ملف الدعوى رقم 45584 لسنة 70 قضائية، بعد أن قضت محكمة القضاء
الإداري بالقاهرة - الدائرة الثانية - بجلسة 26/6/2018، بوقف الدعوى تعليقًا،
وإحالة أوراقها إلى هذه المحكمة للفصل في دستورية الفقرة الأخيرة من المادة الأولى
من القانون رقم 2 لسنة 2017 بتعديل بعض أحكام القانون رقم 21 لسنة 1958 في شأن
تنظيم الصناعة وتشجيعها.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم، أصليًّا: بعدم قبول
الدعوى، واحتياطيًّا: برفضها.
وقدم المدعى عليه الثالث مذكرة، طلب فيها الحكم بعدم قبول الدعوى
بالنسبة إليه؛ لرفعها على غير ذي صفة.
وقدم المدعى عليه الخامس مذكرة، طلب فيها الحكم، أصليًّا: بعدم قبول
الدعوى، واحتياطيًّا: برفضها.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.
ونُظرت الدعوى على الوجه المبين بمحضر الجلسة، وفيها قدمت هيئة قضايا
الدولة مذكرة بطلباتها السالفة، وقررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم.
--------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع تتحصل – على ما يتبين من حكم الإحالة وسائر الأوراق –
في أن المدعي في الدعوى الموضوعية، أقام أمام محكمة القضاء الإداري بالقاهرة –
الدائرة الثانية – الدعوى رقم 45584 لسنة 70 قضائية، ضد المدعى عليهم؛ طالبًا
الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء قرار وزير التجارة والصناعة والاستثمار رقم 216 لسنة 2014
المنشور بالوقائع المصرية، العدد (74) في 31 مارس سنة 2014، فيما تضمنه من إنشاء
غرفة لصناعة الإعلام المرئي والمسموع، مع ما يترتب على ذلك من آثار، أخصها: إلغاء
ما صدر عن تلك الغرفة من قرارات بشأن حظر ظهور المدعي على جميع القنوات الأعضاء في
الغرفة أو إذاعة أو نشر أخبار يكون طرفًا فيها، ومقاطعة التغطية الإعلامية
للمؤتمرات التي ينظمها أو يشارك فيها، أو أي مكان يتواجد فيه أو تصريحات يدلي بها.
وبجلسة 2/8/2016، قضت المحكمة في الشق العاجل من الدعوى بوقف تنفيذ القرار المطعون
فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار، على النحو المبين بالأسباب، وأمرت بإحالتها إلى
هيئة مفوضي الدولة لإعداد تقرير بالرأي القانوني في طلب الإلغاء. وإذ تراءى لتلك
المحكمة - إبان نظرها للشق الموضوعي - أن نص الفقرة الأخيرة من المادة الأولى من
القانون رقم 2 لسنة 2017 بتعديل بعض أحكام القانون رقم 21 لسنة 1958 في شأن تنظيم
الصناعة وتشجيعها، قد تضمن أثرًا رجعيًّا، ولم يستوف الإجراء الذي قررته المادة
(225) من الدستور القائم، بوجوب موافقة أغلبية ثلثي أعضاء مجلس النواب على النص
المشار إليه، فأحالت أوراق الدعوى إلى هذه المحكمة للفصل في دستوريته.
وحيث إنه عن الدفع المبدى من المدعى عليه الثالث، بعدم قبول الدعوى في
مواجهته، فقد سبق إبداء الدفع ذاته أمام محكمة الموضوع، إبان نظرها للشق العاجل من
الدعوى، وخلصت إلى رفضه. ولما كانت الخصومة في الدعاوى الدستورية خصومة عينية،
والأحكام الصادرة فيها تحوز حجية مطلقة في مواجهة الكافة، وبالنسبة إلى الدولة
بسلطاتها المختلفة، وبهذه المثابة فإن الخصوم – كافة- في هذه الدعاوى مواجهون بتلك
الحجية، مما يكون طلب إخراجه من الخصومة الدستورية - حال كونه خصمًا في الدعوى
الموضوعية – لغوًا، جديرًا بالالتفات عنه.
وحيث إن البيّن من تعقب التطور التشريعي للنص المُحال، أن القانون رقم
21 لسنة 1958 في شأن تنظيم الصناعة وتشجيعها، عهد إلى رئيس الجمهورية – بموجب نص
المادة (28) منه – الاختصاص بإنشاء الغرف الصناعية، ومنحها الشخصية الاعتبارية،
وأدرجها ضمن المؤسسات العامة؛ وإعمالًا لذلك أصدر رئيس الجمهورية القرار رقم 453
لسنة 1958 بإنشاء غرف صناعية، ناصًّا في المادة (1) منه على أن " تنشأ غرف
صناعية للصناعات التي يصدر بتحديدها قرار من وزير الصناعة وتُعتبر هذه الغرف من
المؤسسات العامة...". وبموجب هذا التفويض أصدر وزير الصناعة القرار رقم 170
لسنة 1958 بتحديد الغرف الصناعية، أعقبه صدور قرارات عدة لوزير الصناعة بضم بعض
الغرف الصناعية إلى اتحاد الصناعات، وبتحديد الصناعات المنضمة إليها، ومن بينها
القرار رقم 101 لسنة 1967، ثم أصدر وزير التجارة والصناعة والاستثمار القرار رقم
216 لسنة 2014، بتحديد الصناعات التي تضمها غرفة صناعة الإعلام المرئي والمسموع،
ناصًّا في المادة الأولى منه على أن " تُضاف غرفة لصناعة الإعلام المرئي
والمسموع إلى الغرف الصناعية المنصوص عليها في القرار الوزاري رقم 101 لسنة 1967،
وتضم هذه الغرفة الصناعات الآتية :
1- إنشاء وإدارة القنوات الأرضية والفضائية
والإذاعية.
2- ........ 3- ............ 4- ........ ".
ثم استبدل وزير الصناعة والتجارة والمشروعات الصغيرة والمتوسطة بالنص
السالف البيان، النص الوارد بالقرار رقم 655 لسنة 2015 المنشور بالوقائع المصرية –
العدد (277) في 8 أكتوبر سنة 2015، الذي جرى في البند رقم (1) منه على: "
إنشاء وإدارة وبث القنوات الأرضية والفضائية والإذاعية".
وقد أصدر المشرع القانون رقم 2 لسنة 2017 بتعديل بعض أحكام القانون
رقم 21 لسنة 1958 في شأن تنظيم الصناعة وتشجيعها، ناصًّا في مادته الأولى على أن
" يستبدل بنص المادة (28) من القانون رقم 21 لسنة 1958 المشار إليه، النص
الآتي: تنشأ الهيئات الآتية بقرار من رئيس مجلس الوزراء، بعد موافقة مجلس الوزراء:
(1) الغرف الصناعية. (2) المجالس الإقليمية للصناعة.
(3) اتحاد الصناعات .
ويكون لهذه الهيئات الشخصية الاعتبارية وتعتبر من المؤسسات العامة.
واعتبارًا من تاريخ العمل بهذه المادة، تُعد القرارات التي صدرت
بإنشاء الغرف الصناعية أو تحديد الصناعات المنضمة لكل منها صحيحة، كل بحسب أداة
إصدارها".
وتنص المادة الثانية من القانون ذاته على أن " يُنشر هذا القانون
في الجريدة الرسمية، ويُعمل به من اليوم التالي لتاريخ نشره".
وحيث إنه يشترط لقبول الدعوى الدستورية – على ما جرى به قضاء هذه
المحكمة – توافر المصلحة فيها، ومناطها أن يكون الفصل في المسألة الدستورية لازمًا
للفصل في الطلبات المرتبطة بها والمطروحة على محكمة الموضوع. والمحكمة الدستورية
العليا هي وحدها التي تتحرى توافر المصلحة في الدعوى المعروضة عليها، للتثبت من
شروط قبولها، وليس لجهة أخرى أن تنازعها في ذلك أو تحل محلها فيه، وليس هناك تلازم
بين الإحالة من محكمة الموضوع إلى المحكمة الدستورية العليا وتوافر المصلحة في
الدعوى الدستورية، فالأولى لا تغني عن الثانية، فإذا لم يكن للفصل في دستورية
النصوص التشريعية المحالة، التي تراءى لمحكمة الموضوع عدم دستوريتها، انعكاس على
الطلبات في النزاع الموضوعي؛ فإن الدعوى الدستورية تكون غير مقبولة، كما جرى قضاء
هذه المحكمة على أن شرط المصلحة في الدعوى لا يكفي أن يتوافر عند رفعها، بل يتعين
أن يظل قائمًا حتى الفصل فيها.
وحيث إنه بتاريخ 28/5/2019، صدر قانون تنظيم اتحاد الصناعات المصرية
والغرف الصناعية بالقانون رقم 70 لسنة 2019، ناصًّا في الفقرة الثانية من المادة
الثانية من مواد الإصدار على استمرار الغرف الصناعية القائمة حاليًّا إلى حين
إعادة إصدار قرارات إنشائها وتنظيمها على النحو المبين في المادة (2) من القانون
المرافق، وذلك خلال ثلاثة أشهر من تاريخ العمل بأحكام هذا القانون، وقد عهدت
المادة (2) من القانون المرافق إلى رئيس مجلس الوزراء سلطة إصدار قرارات إنشاء
الغرف الصناعية، بعد موافقة مجلس الوزراء، بناءً على عرض رئيس مجلس إدارة اتحاد
الصناعات المصرية، وبعد أخذ رأي الغرفة ذات النشاط المتداخل (إن وجدت)، كما تقرر
في المادة الرابعة من مواد قانون الإصدار، إلغاء العمل بالمادة (28) من القانون
رقم 21 لسنة 1958 في شأن تنظيم الصناعة وتشجيعها، وإلغاء قرارات رئيس الجمهورية
أرقام: 33 لسنة 1958 بإنشاء مجالس إقليمية للصناعة، و452 لسنة 1958 بتنظيم اتحاد
الصناعات، و453 لسنة 1958 بإنشاء غرف صناعية، وكذا إلغاء كل نص يخالف أحكام هذا
القانون والقانون المرافق، ومقتضى ذلك ولازمه؛ أن غرفة صناعة الإعلام المرئي
والمسموع، التي كانت من بين الغرف القائمة في ظل العمل بنص المادة (28) قبل
إلغائه، تغدو غير قائمة حين أدركها آخر يوم من فترة الثلاثة أشهر المقررة قانونًا،
دون صدور قرار بإعادة إنشائها، على النحو المبين سلفًا. ولما كانت أوراق الدعوى
المعروضة قد جاءت خلوًا مما يفيد صدور أية قرارات عن رئيس مجلس الوزراء بشأن إعادة
إنشاء وتنظيم غرفة صناعة الإعلام المرئي والمسموع، وفقًا لأحكام المادة (2) من
قانون تنظيم اتحاد الصناعات المصرية والغرف الصناعية المار ذكره، على النحو الذي
أكدته الإفادة الصادرة عن اتحاد الصناعات المصرية بكتابها المؤرخ 16/11/2023، مما
مؤداه: أن الغرفة المذكورة قد زالت من الوجود القانوني والفعلي؛ ومن ثم فإن الفصل
في المسألة الدستورية المتعلقة بالنص المحال يضحى غير ذي أثر أو انعكاس على الفصل
في الطلبات المطروحة على محكمة الموضوع، لتزول - تبعًا لذلك - المصلحة في الدعوى
المعروضة، بحسبانها
- على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - شرط
ابتداء واستمرار لقبول الدعوى الدستورية، مما يتعين معه القضاء بعدم قبول الدعوى.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى.