الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 23 يناير 2024

الطعن 562 لسنة 6 ق جلسة 16 / 6 / 1963 إدارية عليا مكتب فني 8 ج 3 ق 125 ص 1323

جلسة 16 من يونيه سنة 1963

برئاسة السيد/ عبد العزيز الببلاوي نائب رئيس المجلس وعضوية السادة الدكتور محمود سعد الدين الشريف وعبد الفتاح نصار وعزت عبد المحسن وأبو الوفا زهدي المستشارين.

---------------

(125)

القضية رقم 562 لسنة 6 القضائية

(أ) متطوع بالقوات المسلحة 

- رواتب - القواعد الخاصة برواتب المتطوعين والواردة في المرسوم بقانون رقم 168 لسنة 1952 وفي الأمر العسكري رقم 174 الصادر في 23 من أغسطس 1952 في شأن تفسير قواعد صرف الماهيات والعلاوات المقررة بالقانون رقم 168 لسنة 1952، وفي قرار مجلس الوزراء الصادر في 17 من أغسطس سنة 1952 وقرار وزير الحربية رقم 341 لسنة 1957 الصادر في أول إبريل سنة 1957 - حكم العلاوة الاجتماعية للمتطوعين وموسيقيي الجيش - منح هذه العلاوة لكل من موسيقي الدرجة الأولى وموسيقي الدرجة الثانية دون تفرقة بينهما لأن القرار الوزاري الأخير لا يقيد العبارة المطلقة التي وردت في القانون أو في قرار مجلس الوزراء المشار إليهما - بيان ذلك.
(ب) قوات مسلحة 

- متطوع - جواز التصريح له بالزواج أثناء الخدمة - أساس ذلك.

--------------
1 - جاء في المرسوم بقانون رقم 168 ما يلي: -
"مادة (1) يتبع فيما يتعلق بمرتبات صولات وصف ضباط وعساكر القوات المسلحة وبترقياتهم وعلاواتهم الأحكام المرافقة لهذا القانون.
مادة (2) على وزيري الحربية والبحرية، والمالية والاقتصاد، وكل فيما يخصه تنفيذ هذا القانون والعمل به اعتباراً من أول يوليه سنة 1952". وقد جاء تحت البند رابعاً من أحكام هذا القانون ما يلي: "يمنح المتطوع ومجدد الخدمة من جميع الرتب لغاية صول من الدرجة الثانية علاوة قدرها ستة جنيهات سنوياً كل سنتين وتبدأ فترة العلاوة من تاريخ التخرج من المدرسة بالنسبة للمتطوعين ومن تاريخ التجديد الأول بالنسبة إلى مجددي الخدمة ومن تاريخ الترقي للدرجة الأولى بالنسبة للموسيقيين".
وجاء بقرار مجلس الوزراء الصادر في 17 من أغسطس سنة 1952 تحت البند رابعاً والخاصة بالعلاوات الاجتماعية "( أ ) المجندون: يمنح كل من الصف ضباط والعسكري الإلزامي علاوة اجتماعية قدرها ثلاثة جنيهات شهرياً بشرط أن يكون متزوجاً ومن ذوي الأولاد قبل تجنيده إلزامياً ولا يحق للمجندين الذين يتزوجون أثناء الخدمة أو من يجندون قبل إن يرزقوا أولاداً صرف هذه العلاوة - وجاء تعليلاً لهذه القيود في المذكرة المرفوعة إلى مجلس الوزراء (أن نظام الجيش يفضل عدم الزواج أثناء مدة الخدمة الإلزامية حتى لا تتعارض مسئوليات عائلة المجند مع دواعي الخدمة العسكرية) - (ب) المتطوعون ومجددو الخدمة: يمنح المتطوع أو المجدد المتزوج علاوة اجتماعية قدرها جنيه شهرياً".
وقد جاء بالأمر العسكري 174 الصادر في 23 من أغسطس سنة 1952 في شأن تفسير قواعد صرف الماهيات والعلاوات المقررة بالقانون 168 لسنة 1952 ما يلي بالنسبة للعلاوة الاجتماعية: "يصرف للمتطوعين ومجددي الخدمة الذين ينطبق عليهم القانون رقم 168 لسنة 1952 علاوة اجتماعية بواقع جنيه واحد شهرياً بالشروط الآتية:
(1) أن يكون متزوجاً قبل صدور هذا الأمر وتصرف إليه العلاوة اعتباراً 1/ 7/ 1952.
(2) أو يتزوج بعد صدور هذا الأمر وتصرف إليه العلاوة اعتباراً من الشهر التالي للزواج.
وجاء بقرار وزير الحربية 341 الصادر في أول إبريل سنة 1957 في شأن شروط التطوع بالخدمة للموسيقيين بالجيش بعد أن استعرض شروط التطوع ومدتها ومدة الدراسة وكيفية الخدمة ما يلي وذلك في البند 18 تحت عنوان العلاوات الدورية والاجتماعية وبدل التعيين والملابس وفي الفقرة (ب) "يمنح الموسيقي من الدرجة الأولى المتزوج إعانة اجتماعية قدرها جنيه واحد شهرياً".
ويؤخذ من ذلك جميعه أن العلاوة الاجتماعية التي قررها المرسوم بقانون 168 لسنة 1952 والتي فصلها قرار مجلس الوزراء الصادر في 17 من أغسطس سنة 1952 والأمر العسكري 174 الصادر في 23 من أغسطس سنة 1952 في شأن ترك العلاوات والماهيات التي قررها المرسوم بقانون سالف الذكر لم تفرق في العلاوة الاجتماعية بين الموسيقي من الدرجة الأولى أو الموسيقي من الدرجة الثانية وأن هذه التفرقة جاءت لأول مرة في القرار الوزاري 341 لسنة 1957 حيث جاء نص فيه على الموسيقي من الدرجة الأولى وحده.
ومن أنه بالنسبة لما جاء في القرار الوزاري رقم 341 لسنة 1957 والصادر في إبريل سنة 1957 من قصر العلاوة الاجتماعية على الموسيقي من الدرجة الثانية فإن القانون رقم 168 لسنة 1952 المفصل بالأمر العسكري رقم 174 لسنة 1952 وكذلك قرار مجلس الوزراء الصادر في 17 من أغسطس سنة 1952 لم يفرق في المعاملة بالنسبة للعلاوة الاجتماعية للزواج بين الموسيقي من الدرجة الثانية والموسيقي من الدرجة الأولى بل إن قرار مجلس الوزراء سالف الذكر قد ورد صريحاً مطلقاً عن هذه العلاوة دون أي تمييز بين الدرجتين وإذن فليس للقرار الوزاري رقم 341 سنة 1957 أن يضع هذه التفرقة لأنه سلطة أدنى لا يجوز أن تعدل من أحكام صادرة من سلطة أعلى خاصة وأن القرار الوزاري المذكور قد صدر بالاستناد إلى المرسوم بقانون 168 لسنة 1952 الذي لم يفوض وزير الحربية بوضع قواعد جديدة فيه إنما جاء النص فيه مقصوراً على تفويضه في التنفيذ فقط.
2 - ليس في زواج المدعي، وهو متطوع بالقوات المسلحة، ولا في صدور التصريح إليه أي خروج على القانون، إذ كل ما جاء من قيود بالنسبة للزواج لا يتعدى المجند إلزامياً فقط بل إن القانون لم يحرم على مثل هذا المجند الزواج، إنما وضع له بعض القيود ابتغاء مصلحة عامة كشف عنها قرار مجلس الوزراء الصادر في 17 من أغسطس سنة 1957 وهي "أن نظام الجيش يفضل عدم الزواج (ولكنه لا يحرمه) أثناء مدة الخدمة الإلزامية حتى لا تتعارض مسئوليات عائلة المجند مع دواعي الخدمة العسكرية". ويضاف إلى ذلك أن المدعي حصل على الترخيص بعد أن امتنعت الجهة الإدارية في بادئ الأمر عن التصريح له به على أساس أنه موسيقي من الدرجة الثانية وبعد أن استوفيت جميع الإجراءات التي يتطلبها القانون ومنها إحالته على الكشف الطبي لمعرفة لياقته الطبية للزواج.


إجراءات الطعن

بتاريخ 21 من يناير سنة 1960 أودعت إدارة قضايا الحكومة نيابة عن وزارة الحربية سكرتيرية هذه المحكمة عريضة طعناً في الحكم الصادر من المحكمة الإدارية لوزارتي الأشغال والحربية بجلسة 23 من نوفمبر سنة 1957 في الدعوى رقم 42 لسنة 6 القضائية المقامة من السيد/ محمد حسن الخطيب ضد وزارة الحربية والقاضي بأحقية المدعي في علاوة اجتماعية قدرها جنيه واحد شهرياً اعتباراً من أول ديسمبر سنة 1957 مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الوزارة بالمصروفات ومائتي قرش مقابل أتعاب المحاماة. وطلبت إدارة قضايا الحكومة للأسباب التي استندت إليها في صحيفة طعنها قبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه ورفض الدعوى وإلزام المدعي بالمصروفات والأتعاب عن الدرجتين. وقد أعلن هذا الطعن إلى المطعون ضده في 24 من أكتوبر سنة 1960 وقد أخطر الطرفان في 4/ 3/ 1961 بجلسة 12/ 3/ 1961 التي عينت لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون وبعد أن تداولت القضية بالجلسات قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا وبتاريخ 30/ 12/ 1961 أخطر الطرفان بجلسة 13/ 1/ 1962 التي عينت لنظر الطعن أمام الدائرة الثانية من المحكمة الإدارية العليا.
وبجلسة 17 من مارس سنة 1963 حجزت الدعوى للحكم لجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن وقائع هذه المنازعة حسبما يبين من الأوراق تتحصل في أن المدعي أقام هذه الدعوى يطلب فيها الحكم بأحقيته لعلاوة زواج قدرها جنيهاً واحداً شهرياً ابتداء من أول ديسمبر سنة 1957 مع ما يترتب على ذلك من آثار قانونية ومالية وغيرها وخاصة الحكم بصرف فرق متجمد العلاوة من أول ديسمبر سنة 1957 حتى تاريخ الحكم مع ما يستجد بخلاف المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة مع حفظ كافة الحقوق الأخرى أياً كان نوعها بحكم مشمول بالنفاذ المعجل وبلا كفالة. وذكر المدعي شرحاً لدعواه أنه التحق في 26 من يناير سنة 1956 في وظيفة موسيقي "ب" بموسيقات القواعد الجوية وأنه استصدر في 18 من نوفمبر سنة 1957 ترخيصاً بالزواج طبقاً للقانون وأنه متزوج فعلاً في 2 من نوفمبر سنة 1957 وأنه بالتطبيق للقانون يستحق علاوة اجتماعية قدرها جنيه واحد اعتباراً من الشهر التالي للزواج وأضاف أنه لما أبت عليه الجهة الإدارية استحقاقه لهذا المبلغ فقد اضطر لرفع هذه الدعوى وقد دفعت الحكومة الدعوى طالبة رفضها تأسيساً على أن العلاوة الاجتماعية لا تستحق إلا للموسيقي من الدرجة الأولى فقط.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه أجاب المدعي إلى طلبه وأقام قضاءه على أن المرسوم بقانون 168 سنة 1952 وكذلك قرار مجلس الوزراء الصادر في 17 من ديسمبر سنة 1952 وكذلك الأمر العسكري 174 الصادر في 23 من أغسطس سنة 1952 لم تفرق بين الموسيقي من الدرجة الأولى والموسيقي في الدرجة الثانية بالنسبة لعلاوة الزواج وأنه جاء في الأمر العسكري 174 الصادر في 23 من أغسطس سنة 1952 في شأن تفسير قواعد الماهيات والعلاوات المقررة بالمرسوم بقانون 168 لسنة 1952، وأنه يصرف للمتطوعين ومجددي الخدمة الذين ينطبق عليهم القانون رقم 168 لسنة 1952 علاوة اجتماعية بواقع جنيه واحد شهرياً بالشروط الآتية "أ" أن يكون متزوجاً قبل صدور هذا الأمر وتصرف إليه العلاوة اعتباراً من 1/ 7/ 1952 "ب" أو متزوج بعد صدور هذا الأمر وتصرف إليه العلاوة اعتباراً من الشهر التالي للزواج. وأضاف الحكم أن النص على هذا النحو من مقتضاه استحقاق المدعي وقد توافرت فيه الشروط السابقة لأن يمنح العلاوة الاجتماعية إذ أن النص لم يفرق بين موسيقي من الدرجة الثانية وموسيقي من الدرجة الأولى.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن شروط التطوع بمدارس القوات المسلحة بما فيها مدرسة الموسيقي تحرم على المتطوع الزواج أثناء الدراسة كما تحرمه على الموسيقي من الدرجة الثانية أيضاً وأن المدعي وهو موسيقي من الدرجة الثانية يعتبر طالباً يقضي فيها فترة التمرين وأن الترخيص الذي حصل عليه صدر مخالفاً للقانون وبطريقة الخطأ، أو التزوير وأن الشخص المسئول عن ذلك قد جوزي إدارياً وانتهى الطعن إلى القول بأن الموسيقي من الدرجة الأولى هو وحده الذي يستحق علاوة اجتماعية.
ومن حيث إنه يبين من الاطلاع على الأوراق أن المدعي تخرج في مدرسة الموسيقات في 26 من يناير سنة 1956 وأنه قدم في 28 من يناير سنة 1956 طلباً بالتطوع في وظيفة موسيقي بالقوات الجوية لمدة سبع سنوات اعتباراً من 26 من يناير سنة 1956 وأنه قدم في غضون عام 1957 طلباً بالتصريح له بالزواج ثم تقدم بملتمس - مودع تحت رقم 8 ق ملف خدمة مؤشر عليه بالحفظ في 10/ 10/ 1957 يتظلم فيه ومن أن طلب زواجه قد رفض تأسيساً على أنه موسيقي من الدرجة الثانية في حين أن بعض زملائه في نفس درجته ومن بينهم المغاوري عبد الله عطية وحسين أحمد الشال والشحات محروس وربيع أمين قد صرح لهم بالزواج وأضاف أنه يريد الزواج من ابنة خال له استشهد في بورسعيد أثناء العدوان الغاشم وأنها تقيم مع أسرته وأنه يخشى عليها من الفتنة وقد صدر له التصريح بالزواج في 18 من سبتمبر سنة 1957 موقع عليه من قائمقام طيار "محمد صادق الجواهرجي" بعد أن استوفيت الأوراق التي يتطلبها هذا التصريح وبعد إحالة المدعي إلى الكشف الطبي وظهور لياقته الطبية للزواج - طلب توقيع الكشف الطبي على المدعي موقع عليه من يوزباشي طيار أركان حرب الجناح الإداري ومن قائد قسم الموسيقى مؤرخ 2/ 8/ 1957 ومؤشر بلياقته الطبية للزواج في 14 من سبتمبر سنة 1957 وأنه تزوج فعلاً في 2 من نوفمبر سنة 1957 هذا وظاهر من ملف المغاوري عبد الله عطية أنه وهو موسيقي من الدرجة الثانية أنه قد صرح له بالزواج وأنه تزوج فعلاً في 7 من يونيه سنة 1957.
ومن حيث إن الخلاف ينحصر في أمرين: أولهما - أن المدعي وهو موسيقي من الدرجة الثانية ما كان يجوز له الزواج ولا الحصول على ترخيص له بهذا الزواج وأن حصوله على هذا التصريح مخالف للقانون وثانيهما - أن المدعي وهو موسيقي من الدرجة الثانية فإنه لا يستحق أية علاوة اجتماعية.
ومن حيث إن القواعد التي تحكم هذا الموضوع واردة في المرسوم بقانون 168 لسنة 1952 وفي الأمر العسكري 174 الصادر في 23 من أغسطس سنة 1952 في شأن تفسير قواعد صرف الماهيات والعلاوات المقررة بالقانون 168 لسنة 1952 وفي قرار مجلس الوزراء الصادر في 17 من أغسطس سنة 1952 وفي قرار سيادة وزير الحربية 341 لسنة 1957 الصادر في أول إبريل سنة 1957 وقد جاء في المرسوم بقانون 168 لسنة 1952 ما يلي:
مادة (1) يتبع فيما يتعلق بمرتبات صولات وصف ضباط وعساكر القوات المسلحة وبترقياتهم وعلاواتهم الأحكام المرافقة لهذا القانون.
مادة (2) على وزراء الحربية والبحرية، والمالية والاقتصاد كل فيما يخصه تنفيذ هذا القانون والعمل به اعتباراً من أول يوليه سنة 1952. وقد جاء تحت البند رابعاً من أحكام هذا القانون ما يلي: "يمنح المتطوع ومجدد الخدمة من جميع الرتب لغاية صول من الدرجة الثانية علاوة قدرها ستة جنيهات سنوياً كل سنتين وتبدأ فترة العلاوة من تاريخ التخرج من المدرسة بالنسبة للمتطوعين ومن تاريخ التجديد الأول بالنسبة إلى مجددي الخدمة ومن تاريخ الترقي للدرجة الأولى بالنسبة للموسيقيين.
وجاء بقرار مجلس الوزراء الصادر في 17 من أغسطس سنة 1952 تحت البند رابعاً والخاصة بالعلاوات الاجتماعية ( أ ) المجندون: يمنح كل من الصف ضباط والعسكري الإلزامي علاوة اجتماعية قدرها ثلاثة جنيهات شهرياً بشرط أن يكون متزوجاً ومن ذوي الأولاد قبل تجديده إلزامياً ولا يحق للمجندين الذين يتزوجون أثناء الخدمة أو من يجندون قبل أن يرزقوا أولاداً صرف هذه العلاوة - وجاء تعليلاً لهذه القيود في المذكرة المرفوعة إلى مجلس الوزراء "أن نظام الجيش يفضل عدم الزواج أثناء مدة الخدمة الإلزامية حتى لا تتعارض مسئوليات عائلة المجند مع دواعي الخدمة العسكرية". (ب) المتطوعون ومجددو الخدمة: يمنح المتطوع أو المجدد المتزوج علاوة اجتماعية قدرها جنيه واحد شهرياً".
وقد جاء بالأمر العسكري 174 الصادر في 22 من أغسطس سنة 1952 في شأن تفسير قواعد صرف الماهيات والعلاوات المقررة بالقانون رقم 168 لسنة 1952 ما يلي بالنسبة للعلاوة الاجتماعية: "يصرف للمتطوعين ومجددي الخدمة الذين ينطبق عليهم القانون رقم 168 لسنة 1952 علاوة اجتماعية بواقع جنيه واحد شهرياً بالشروط الآتية:
(1) أن يكون متزوجاً قبل صدور هذا الأمر وتصرف إليه العلاوة اعتباراً من 1/ 7/ 1952.
(2) أو يتزوج بعد صدور هذا الأمر وتصرف إليه العلاوة اعتباراً من الشهر التالي للزواج.
وجاء بقرار وزير الحربية 341 الصادر في أول إبريل سنة 1957 في شأن شروط التطوع بالخدمة للموسيقيين بالجيش بعد أن استعرض شروط التطوع ومدتها ومدة الدراسة وكيفية الخدمة ما يلي في البند "18" تحت عنوان العلاوات الدورية والاجتماعية وبدل التعيين والملابس وفي الفقرة "ب" فيها يمنح الموسيقي من الدرجة الأولى المتزوج إعانة اجتماعية قدرها جنيه واحد شهرياً.
ومن حيث إنه يؤخذ من ذلك جميعه أن العلاوة الاجتماعية التي قررها المرسوم بقانون 168 لسنة 1952 والتي فصلها قرار مجلس الوزراء الصادر في 17 من أغسطس سنة 1952 والأمر العسكري 174 الصادر في 23 من أغسطس سنة 1952 الصادر في شأن تفسير العلاوات والماهيات التي قررها المرسوم بقانون سالف الذكر لم تفرق في العلاوة الاجتماعية بين الموسيقي من الدرجة الأولى أو الموسيقي من الدرجة الثانية وأن هذه التفرقة جاءت لأول مرة في القرار الوزاري 341 لسنة 1957 حيث جاء نص فيه على الموسيقي من الدرجة الأولى وحده.
ومن حيث إنه لما سبق فليس في زواج المدعي، ولا في صدور التصريح إليه أي خروج على القانون وأن كل ما جاء من قيود بالنسبة للزواج لا يتعدى المجند إلزامياً فقط بل إن القانون لم يحرم على مثل هذا المجند الزواج إنما وضع له بعض القيود ابتغاء مصلحة عامة كشف عنها قرار مجلس الوزراء الصادر في 17 من أغسطس سنة 1957 وهي "أن نظام الجيش يفضل عدم الزواج (ولكنه لا يحرمه) أثناء مدة الخدمة الإلزامية حتى لا تتعارض مسئوليات عائلة المجند مع دواعي الخدمة العسكرية". ويضاف إلى ذلك أن المدعي حصل على الترخيص بعد أن امتنعت الجهة الإدارية في بادئ الأمر عن التصريح له به على أساس أنه موسيقي من الدرجة الثانية وبعد أن استوفيت جميع الإجراءات التي يتطلبها القانون ومنها إحالته على الكشف الطبي لمعرفة لياقته الطبية للزواج وإذن فليس من المقبول بعد ذلك أن تذهب الجهة الإدارية إلى القول بأن المدعي حصل على الترخيص بطريق الخطأ أو بطريق التزوير وأن المسئول عن ذلك جوزي إدارياً خاصة وأنه ليس في الأوراق ما يشير من قريب أو بعيد إلى مثل ذلك الإجراء كما أن الجهة الإدارية لم تقدم أي دليل على حدوث شيء من ذلك بل وأكثر من هذا فإن في الأوراق دليلاً يدحض وجهة النظر هذه وهو الدليل المستمد من التصريح لزميل المدعي في مثل درجته وهو المغاوري عبد الله عطية (أي أن الترخيص به لم يكن للمدعي وحده).
ومن حيث إنه بالنسبة لما جاء في القرار الوزاري رقم 341 لسنة 1957 والصادر في إبريل سنة 1957 من قصر العلاوة الاجتماعية على الموسيقي من الدرجة الأولى فإن القانون رقم 168 لسنة 1952 المفصل بالأمر العسكري رقم 174 لسنة 1952 وكذلك قرار مجلس الوزراء الصادر في 17 من أغسطس سنة 1952 لم يفرق في المعاملة بالنسبة للعلاوة الاجتماعية للزواج بين الموسيقي من الدرجة الثانية والموسيقي من الدرجة الأولى بل إن قرار مجلس الوزراء سالف الذكر قد ورد صريحاً مطلقاً عن هذه العلاوة دون أي تمييز بين الدرجتين وإذن فليس للقرار الوزاري رقم 341 سنة 1957 أن يضع هذه التفرقة لأنه سلطة أدنى لا يجوز بها أن تعدل من أحكام صادرة من سلطة أعلى خاصة وأن القرار الوزاري المذكور قد صدر بالاستناد إلى المرسوم بقانون 168 لسنة 1952 الذي لم يفوض وزير الحربية بوضع قواعد جديدة فيه إنما جاء النص فيه مقصوراً على تفويضه في التنفيذ فقط.
ومن حيث إنه لما سبق ذكره، وللأسباب الواردة في الحكم المطعون فيه والتي تعتبرها هذه المحكمة أسباباً لها يكون الطعن في غير محله متعيناً رفضه مع إلزام الحكومة الطاعنة بالمصروفات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، ورفضه موضوعاً، وألزمت الحكومة بالمصروفات.

الطعنان 1667 لسنة 7 ق ، 1547 لسنة 8 ق جلسة 15 / 6 / 1963 إدارية عليا مكتب فني 8 ج 3 ق 124 ص 1305

جلسة 15 من يونيه سنة 1963

برياسة السيد/ الإمام الإمام الخريبي نائب رئيس المجلس وعضوية السادة مصطفى كامل إسماعيل وحسن السيد أيوب والدكتور ضياء الدين صالح ومحمد مختار العزبي المستشارين.

---------------

(124)

القضيتان رقم 1667 لسنة 7 القضائية ورقم 1547 لسنة 8 القضائية

(أ) الأموال الخاصة المملوكة للدولة أو الأشخاص الاعتبارية العامة وكذا أموال الأوقاف الخيرية 

- نص المادة 970 من القانون المدني معدلة بالقانون رقم 147 لسنة 1957 والقانون رقم 39 لسنة 1959 في شأن هذه الأموال - الحكمة التشريعية من هذين التعديلين - هي تحقيق غايتين: هما حماية هذه الأموال من تملكها أو كسب حق عيني عليها بالتقادم عن طريق وضع اليد عليها وحمايتها من التعدي عليها بحظره وتخويل إزالته بالطريق الإداري تفادياً لدخول الإدارة مع واضعي اليد أو المغتصبين في دعاوى وإشكالات إذا ما ترك أمر تقرير الإزالة لجهات القضاء.
(ب) مال عام 

- ترك الدفن في إحدى الجبانات بقرية ما زهاء 55 عاماً ينهي تخصيصها للمنفعة العامة بالفعل، وفقاً لحكم المادة 88 من القانون المدني - فقدها صفتها كمال عام، حتى ولو لم تنقل منها رفات الموتى، وصيرورتها بعد ذلك مالاً خاصاً مملوكاً للدولة - سريان حكم القانون رقم 39 لسنة 1959 في حالة التعدي عليها، بتخويل الجهة الحكومية صاحبة الشأن إزالة التعدي إدارياً دون الالتجاء إلى القضاء.
(جـ) مال خاص ملوك للدولة 

- التعدي عليه - قيام الحكومة بربط الأرض المغتصبة بالإيجار واقتضاء هذا المقابل بالفعل من المتعدي بقسيمة صادرة من مصلحة الأموال المقررة - هو إجراء متبع عادة للمحافظة على حق الحكومة لقاء التعدي على أرضها المغتصبة دون أن ينطوي فيه معنى الإقرار بالتعدي أو تصحيح الوضع القائم على الغصب يجعله عملاً مشروعاً أو إنشاء علاقة تأجير عقدية ممتدة أو مستمرة تحكمها نصوص اتفاق رضائي متبادل لعدم إمكان افتراض هذا الاتفاق افتراضاً من مجرد اقتضاء مقابل الانتفاع بسبب بقاء التعدي إلى أن يزول - أساس ذلك وأثره - أنه لا يسوغ أن تنقلب المحافظة على حق الحكومة في مقابل الانتفاع الحاصل غصباً لملكها سبباً لتبرير الاعتداء على هذا المالك لإسقاط حقها الأصيل في التخلص من هذا الاعتداء بإزالته إدارياً إعمالاً لحكم القانون رقم 39 لسنة 1959.
(د) مال خاص مملوك للدولة 

- التعدي عليه في تاريخ سابق على القانون رقم 39 لسنة 1959 - لا يحرم الجهة الإدارية من مزاولة الرخصة التي قررها في إزالته إدارياً ما دام هذا التعدي لم يزايله طابع الغصب، كما أنه واقعة مستمرة ومتجددة تحققت في ظل هذا القانون ذات عناصرها التي كانت قائمة قبل صدورها - سريانه عليها بأثره الحال المباشر.

------------------
1 - أن قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 39 لسنة 1959 بتعديل المادة 970 من القانون المدني المعدلة بالقانون رقم 147 لسنة 1957 نص في الفقرة الثانية من مادته الأولى على أنه "ولا يجوز تملك الأموال الخاصة المملوكة للدولة أو الأشخاص الاعتبارية العامة، وكذلك أموال الأوقاف الخيرية أو كسب أي حق عيني عليها بالتقادم كما لا يجوز التعدي عليها. وفي حالة حصول التعدي يكون للجهة صاحبة الشأن حق إزالته إدارياً بحسب ما تقتضيه المصلحة العامة". وقد قصد بهذا التعديل التشريعي حماية ملكية الأموال الخاصة المملوكة للحكومة أو للأشخاص الاعتبارية العامة وكذا أموال الأوقاف الخيرية حماية مزدوجة من كل من التقادم المكسب للغير ومن التعدي بحيث تصبح، ومن جهته في مأمن من تملكها أو كسب أي حق عيني عليها بالتقادم عن طريق وضع اليد عليها. ومن جهة أخرى بمنجاة من التعدي عليها الذي أن وقع أمكن رده بالطريق الإداري، وذلك أسوة بالحماية التي شرعتها الفقرة 2 من المادة 87 من القانون المدني بالنسبة إلى الأموال العامة التي للدولة أو للأشخاص الاعتبارية العامة إذ نصت على عدم جواز تملكها بالتقادم المكسب، وقد أفصحت المذكرة الإيضاحية للقانون رقم 39 لسنة 1959 عن حكمة التعديل الذي تضمنه هذا القانون والقانون رقم 147 لسنة 1957 الذي سبقه، إذ جاء بها أن التعديل الذي صدر به هذا القانون الأخير قد ثبت في حالات كثيرة أنه "لم يمنع من التعدي على أراضي الحكومة والادعاء بملكيتها عن طريق وضع اليد.. وأن النيابة العامة كثيراً ما تصدر قرارات بمنع التعرض لواضعي اليد. وتدخل الحكومة نتيجة لذلك في دعاوى وإشكالات لا حصر لها، علاوة على شل يدها عن استغلال الأرض وتنفيذ مشروعاتها وتعرض حقوقها للضياع. ونظراً لأن الغرض من صدور هذا التعديل هو حماية ملكية أرض الحكومة من ادعاءات الملكية، وبالتالي حمايتها من التعديات، وأن النص المعدل بشكله الحالي لا يحقق بصفة قاطعة منع التعديات، إذ أنه يترك التقرير بإزالتها للمحاكم مما ينتفي معه الغرض العام الذي يهدف إليه المشروع فقد رأت الوزارة (وزارة الزراعة) استكمالاً للفائدة من هذا التعديل أن تجرى تعديلاً جديداً في نص المادة 970 سالفة الذكر (من القانون المدني) يقضي بحظر التعدي على أراضي الحكومة وتخويل الجهات الحكومية المختصة حق إزالة التعديات بالطريق الإداري".
ويؤخذ مما تقدم أن التعديل الأخير للمادة 970 من القانون المدني بالقانون رقم 39 لسنة 1959، بعد سبق تعديلها بالقانون رقم 147 لسنة 1957، إنما يقوم على حكمة تستهدف تحقيق غايتين هما: (1) حماية الأموال الخاصة المملوكة للدولة أو للأشخاص الاعتبارية العامة، وكذا أموال الأوقاف الخيرية، من تملكها أو كسب حق عيني عليها بالتقادم عن طريق وضع اليد عليها. وهذه هي الحماية التي قررها القانون رقم 147 لسنة 1957. (2) حماية هذه الأموال من التعدي عليها بحظر هذا التعدي وتخويل الجهات الحكومية المختصة حق دفع هذا التعدي بإزالته بالطريق الإداري تفادياً لدخولها مع واضعي اليد أو المغتصبين في دعاوى وإشكالات إذا ما ترك أمر تقرير الإزالة لجهات القضاء. وهذه هي الحماية التي أضفاها القانون رقم 39 لسنة 1959.
2 - إذا كان الثابت من الأوراق أن الأرض المقام عليها منزل المدعي الصادر في شأنه قرار الإزالة المطعون فيه تقع ضمن أرض جبانة قديمة للمسلمين غير مستعملة بناحية الصلاحات مركز دكرنس بالدقهلية أوقف الدفن فيها منذ زهاء خمس وخمسين سنة وإن لم تنقل منها رفات الموتى. وبهذه المثابة فإنها قد فقدت صفتها كمال عام بانتهاء تخصيصها للمنفعة العامة بالفعل وفقاً لحكم المادة 88 من القانون المدني، ومن ثم فإنه تسري فيما يتعلق بالتعدي عليها الحماية التي أضفاها القانون رقم 39 لسنة 1959 على الأموال الخاصة المملوكة للدولة، وتتبع في شأن هذا التعدي الوسيلة التي شرعها هذا القانون لتحقيق تلك الحماية بتخويل الجهة الحكومية صاحبة الشأن حق إزالته إدارياً دون الالتجاء إلى القضاء.
3 - أن قيام الحكومة بربط الأرض المغتصبة بالإيجار واقتضاء هذا المقابل بالفعل من المتعدي بقسيمة صادرة من مصلحة الأموال المقررة إنما قصد به حصر اعتدائه وقطع التقادم الذي كان يمكن أن يكسبه ملكية الأرض المعتدى عليها في سنتي 1954 و1955 وقت أن كانت الخشية من هذه النتيجة قائمة قبل صدور القانون رقم 147 لسنة 1957 الذي منع كسب الملكية في هذه الحالة بالتقادم. وهذا إجراء متبع عادة للمحافظة على حق الحكومة لقاء التعدي على أرضها المغتصبة دون أن ينطوي فيه معنى الإقرار بالتعدي أو تصحيح الوضع القائم على الغصب يجعله عملاً مشروعاً أو إنشاء علاقة تأجير عقدية ممتدة أو مستمرة تحكمها نصوص اتفاق رضائي متبادل لعدم وجود مثل هذا الاتفاق الذي لا يمكن أن يفترض افتراضاً من مجرد اقتضاء مقابل الانتفاع بسبب بقاء التعدي إلى أن يزول. وغنى عن البيان أن الإجراء المذكور إنما يستهدف فرضاً مستقلاً عن فكرة التأجير وبعيداً عنها إذ لا يتجه فيه القصد إلى إيجاد رابطة تعاقدية مع المعتدي على أرض الحكومة تسيغ له الاستمرار في شغلها بمبانيه أو إلى توطيد اعتدائه عليها، بل الغرض منه هو المحافظة على حق الحكومة من الناحية المالية بالنسبة إلى ما قضى من اعتداء تحقق بالفعل واستوجب أداء المقابل، لا التعامل على أساس استمرار هذا الاعتداء مستقبلاً. وهذا المفهوم يدور فيه الارتباط العقدي ولا يسوغ أن تنقلب المحافظة على حق الحكومة في مقابل الانتفاع الحاصل غصباً لملكها وسبباً لتقرير الاعتداء على هذا الملك أو لإسقاط حقها الأصيل في التخلص من هذا الاعتداء بإزالته بالطريقة التي نص عليها القانون رقم 39 لسنة 1959.
4 - أن التعدي الحاصل من المدعي على أرض الحكومة بوصف كونه لم يزايله طابع الغصب هو واقعة مستمرة ومتجددة تحققت في القانون رقم 39 لسنة 1959 ذات عناصرها التي كانت قائمة قبل صدوره وبهذا التكييف يدركها أثره الحال المباشر ويجرى عليها حكمه بأثره الفوري لا الرجعي، وهو يخول الجهة الإدارية صاحبة الشأن حق إزالة التعدي إدارياً بحسب ما تقتضيه المصلحة العامة.


إجراءات الطعن

في يومي 24 من أغسطس سنة 1961 و20 من أغسطس سنة 1962 أودعت إدارة قضايا الحكومة بصفتها نائبة عن كل من السادة وزير الصحة، ووزير الداخلية، ومدير المنطقة الطبية بالدقهلية، ومدير أمن الدقهلية سكرتيرية المحكمة عريضتي طعنين أمام هذه المحكمة قيدا بجدولها تحت رقم 1667 لسنة 7 القضائية ورقم 1547 لسنة 8 القضائية في الحكمين الصادرين من محكمة القضاء الإداري "هيئة منازعات الأفراد والهيئات" بجلستي 27 من يونيه سنة 1961 و3 من يوليه سنة 1962 في الدعوى رقم 537 لسنة 15 القضائية المقامة من: السيد/ السيد محمد أحمد علي ضد كل من: (1) السيد وزير الصحة و(2) السيد وزير الداخلية و(3) السيد مدير المنطقة الطبية بالدقهلية و(4) السيد مدير أمن الدقهلية، القاضي أولهما "بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه" والقاضي ثانيهما "بإلغاء القرار الإداري الصادر من مدير أمن الدقهلية في 17 من أكتوبر سنة 1960 بإزالة مباني منزل المدعي الموضح الحدود والمعالم بعريضة الدعوى وألزمت الحكومة بالمصروفات وبمبلغ خمسة جنيهات مقابل أتعاب المحاماة" وطلب السادة الطاعنون للأسباب التي استندوا إليها في عريضتي طعنهم، في الطعن الأول "الحكم بقبول الطعن شكلاً، والقضاء بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه - وفي الموضوع بإحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا كما تقضي بإلغاء الحكم المطعون فيه ورفض طلب وقف التنفيذ. مع إلزام المطعون ضده المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة". وفي الطعن الثاني "إحالة هذا الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا لتقضي بقبوله شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والحكم برفض الدعوى، مع إلزام المطعون ضده بالمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة عن الدرجتين". وقد أعلن هذان الطعنان على التوالي إلى المطعون عليه في 2 من سبتمبر سنة 1961 و28 من أغسطس سنة 1962. وعقبت عليهما هيئة مفوضي الدولة بتقريرين بالرأي القانوني مسبباً انتهت في أولهما إلى أنها ترى الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً، وفي الثاني إلى أنها ترى "أولاً ضم الطعن رقم 1667 لسنة 7 القضائية إلى هذا الطعن للحكم فيهما معاً. ثانياً: قبول الطعنين شكلاً ورفضهما موضوعاً وإلزام الطاعن المصروفات". وذلك لما أبدته في تقريرها من أسباب. وبعد أن انقضت المواعيد القانونية المقررة دون أن يقدم أي من الطرفين مذكرة بملاحظاته عين لنظر الطعنين أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة جلسة 6 من إبريل سنة 1963 التي أبلغ بها الطرفان في 12 من مارس سنة 1963. وقد قررت الدائرة إحالة كل من الطعنين إلى المحكمة العليا حيث عين لنظرهما أمام الدائرة الأولى بها جلسة 25 من مايو سنة 1963 التي أبلغ بها الطرفان في 20 من إبريل سنة 1963. وبعد أن سمعت المحكمة ما رأت لزوماً لسماعه من إيضاحات ذوي الشأن على الوجه المبين بمحضر الجلسة قررت إرجاء النطق بالحكم في الطعنين اللذين قررت ضمهما للفصل فيهما معاً بحكم واحد إلى جلسة اليوم. وقد أودع المطعون عليه بعد حجز الطعن للحكم مذكرة بدفاعه صمم فيها على طلب "الحكم برفض الطعن وإلزام الطاعنين بالمصاريف وأتعاب المحاماة". كما قدمت الحكومة حافظة بمستنداتها.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
من حيث إن الطعنين قد استوفيا أوضاعهما الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة، حسبما يبين من أوراق الطعن، تتحصل في أن المدعي أقام الدعوى رقم 537 لسنة 15 القضائية ضد السادة وزير الصحة ووزير الداخلية ومدير المنطقة الطبية بالدقهلية ومدير أمن الدقهلية أمام محكمة القضاء الإداري "هيئة منازعات الأفراد والهيئات" بصحيفة أودعها سكرتيرية المحكمة في 25 من مارس سنة 1961 ذكر فيها أنه منذ نحو خمسة عشر عاماً أقام منزلاً بناحية الصلاحات مركز دكرنس على قطعة أرض فضاء تقع بحوض داير الناحية ومساحة هذا المنزل 350 متراً مربعاً، وهو مكون من ست حجرات ودوار مواشي ومبنى بالطوب الأخضر ومعروش بالخشب والغاب وكامل الأبواب والنوافذ، وحده البحري سكن الصلاحات بفاصل شارع عمومي، والشرقي باقي القطعة، والقبلي باقي القطعة ومقام عليه وحدة علاجية، والغربي سكة زراعية من ميت فارس إلى صدفا وقد ربطت الحكومة الأرض المقام عليها هذا المنزل بطريق الإيجار ابتداء من سنة 1954 وقام المدعي بالفعل بسداد الإيجار المستحق عن السنة المذكورة وما بعدها بإيصالات رسمية. وقد علم أن الحكومة شرعت في اتخاذ إجراءات لهدم منزله هذا بالطريق الإداري وذلك بناء على تبليغات تقدم بها بعض خصومه. وتبين أخيراً أن السيد مدير أمن الدقهلية أصدر قراراً لم ينشر ولم يعلن به بتكليف مأمور مركز دكرنس بالاتحاد مع مفتش صحة بني عبيد ورجال الإدارة بناحية الصلاحات إزالة المنزل إدارياً استناداً إلى القانون رقم 39 لسنة 1959 بحجة أن وضع يد المدعي هو نتيجة تعد على أرض كانت أصلاً جبانة للمسلمين وقد تقدم المدعي إلى الجهات المختصة بتظلمات دون جدوى. مع أن القرار الإداري المذكور قد صدر بالمخالفة للقوانين واللوائح والخطأ في تأويلها وتطبيقها. وجاء مشوباً بإساءة استعمال السلطة، ذلك أن الجهة الإدارية قد استندت في إصداره إلى القانون رقم 39 لسنة 1959، مع أنه يشترط لتطبيق هذا القانون أن يكون وضع اليد على ملك الحكومة مما يشكل تعدياً بينما أن الحكومة قد أقرت حالة وضع يد المدعي عن طريق ربط هذه الأرض عليه بالإيجار واقتضاء الإيجار منه فعلاً هذا إلى أن القانون المذكور لا يطبق بأثر رجعي، بل يقتصر تطبيقه على حالات التعدي التي تقع تالية لصدوره، وقد أقام المدعي منزله من خمس عشرة سنة سابقة، كما ربطت عليه الأرض المقام عليها المنزل بالإيجار اعتباراً من سنة 1954 أي قبل صدور القانون. ولما كان تنفيذ القرار الصادر بإزالة مباني المنزل المذكور معناه هدم المنزل، وهو الأمر الذي يتعذر تدارك نتائجه ما يجوز معه طلب وقف تنفيذ القرار المشار إليه، فإن المدعي يطلب "الحكم: أولاً وبصفه مستعجلة بوقف تنفيذ القرار الصادر من مدير أمن الدقهلية بإزالة منزل الطالب الموضح الحدود والمعالم بهذه العريضة. ثانياً: بصفة عادية بإلغاء القرار المذكور واعتباره كأن لم يكن مع إلزام المدعى عليهم بالمصاريف وأتعاب المحاماة، وحفظ الحق في طلب التعويض وكافة الحقوق الأخرى".
وقد أودع المدعي مذكرة ضمنها أسانيد دفاعه الوارد بصحيفة دعواه، وأضاف إليه أن حق الإدارة في إزالة التعديات مقيد بأن تقتضي هذه الإزالة اعتبارات المصلحة العامة، وهذا غير محقق في الدعوى الحالية، وأن القول بأن الأرض المقام عليها المنزل كانت أصلاً جبانة للمسلمين مردود بأن هذه الجبانة قد درست آثارها وزالت معالمها وأصبحت أرضاً فضاء موضوع اليد عليها من جانب الأهالي ومشغولة جميعها بالمباني. وقد أقيم حديثاً على الجزء الباقي منها مستشفى وملعب، وقد اقتصرت إجراءات الإزالة على منزل المدعي دون غيره مما يدل على التعسف والعنت مع أنه مستأجر للأرض وليس غاصباً.
وقد ردت الحكومة على هذه الدعوى بمذكرة طلبت فيها "الحكم: أولاً - بإخراج وزارة الداخلية ومديرية أمن الدقهلية من الدعوى بلا مصاريف، إذ أن القرار المختصم صادر من المنطقة الطبية بالدقهلية التابعة لوزارة الصحة ثانياً - برفض طلب وقف التنفيذ. ثالثاً - برفض الدعوى مع إلزام المدعي بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة في جميع الأحوال". وذكرت في دفاعها أن منطقة الدقهلية الطبية تلقت شكايات من أهالي الصالحات مركز دكرنس مؤداها أن المدعي تعدى على جبانة المسلمين غير المستعملة بالناحية. وقد شكلت لجنة لفحص الجبانة موضوع الشكوى ومعاينتها. واتضح من المعاينة وجود تعد من المدعي بأن أقام مسكناً له ولأولاده من الطوب الأخضر من طابق واحد على أرض ثبت بها وجود عظام آدمية مدفون بعضها على عمق متر والبعض الآخر على بعد 50 سنتيمتر من سطح الأرض، كما اتضح وجود وحدة علاج شامل مقامة على أرض الجبانة، وعلى أثر هذا حرر السيد مدير أمن الدقهلية لتنفيذ ما نصت عليه المادة الأولى من القانون رقم 39 لسنة 1959 وإزالة التعدي، إلا أن التنفيذ كان محدداً له يوم 29 من أكتوبر سنة 1960 أرجئ انتظاراً لرأي وزارة الصحة فيما يتبع نحو إزالة الوحدة العلاجية، وقد ورد كتاب الوزارة في 10 من نوفمبر سنة 1960 متضمناً إزالة جميع التعديات الواقعة على أرض هذه الجبانة، مع مخاطبة قسم الأمراض المتوطنة للبحث عن مكان آخر تقام عليه الوحدة المذكورة. والثابت من الأوراق أن المنطقة الطبية بالدقهلية طلبت من أهالي الصالحات بمركز دكرنس نقل رفات موتاهم من الجبانة القديمة إلى الجبانة الجديدة، إلا أنهم امتنعوا عن ذلك حتى يزال المنزل الذي أقامه المدعي بالجبانة الأولى، ومن أجل ذلك قررت المنطقة الطبية صاحبة الشأن في أرض هذه الجبانة إزالة جميع التعديات إدارياً ووافق على ذلك قسم صحة البيئة بوزارة صحة في 10 من نوفمبر سنة 1960 تأسيساً على ما أثبتته المعاينة. وعلى المنشور رقم 10 لسنة 1960 المتضمن التعليمات الخاصة بإنشاء الجبانات وتوسيعها وإلغاء الدفن والتعديات والمدافن الخاصة ونقل الجثث وحرقها، وهو الذي قضى في البند رابعاً منه في خصوص التعديات على الجبانات القديمة غير المستعملة. بأن تتبع في شأنها الإجراءات الواردة بالقانون رقم 39 لسنة 1959. أما ما أثاره المدعي بهذا الصدد فمردود بأن الحكومة تمتلك أرض الجبانة القديمة ملكية عامة، إذ أنها تدخل في عداد الأموال العامة للدولة المخصصة أصلاً لدفن الموتى، والأموال العامة لا يمكن تملكها بوضع اليد المدة الطويلة مهما استطالت هذه المدة، والجبانة المذكورة لا تزال محتفظة بطابعها القديم إذ تحوى رفات الموتى السابقين، ومن ثم فإن الاعتداء عليها بإقامة مبان أو خلافة، إنما هو اعتداء على ملك عام يخول الإدارة العمل على إزالته بالطريق الإداري. إذ أن هذا التعدي لا يكسب المعتدي حق استقرار أو تملك. وعلى فرض أن صفة الملك العام قد زالت عن أرض هذه الجبانة بسبب وقف الدفن فيها، فإن وصفها بالملك الخاص لا يمنع جهة الإدارة من استعمال حقها وفقاً للمصلحة العامة في إزالة التعدي إعمالاً لأحكام القانون رقم 39 لسنة 1959 ولا يجدي المدعي كونه قد أقام منزله منذ حوالي خمسة عشر عاماً سابقة على رفع الدعوى وأن الحكومة بصفتها مالكة لهذه الأرض قد ربطت عليه الإيجار ابتداء من سنة 1954، ذلك أنه يؤخذ من صحيفة دعواه أنه يقر بأن التعدي وقع ابتداء من سنة 1956 ولما كان القانون آنف الذكر قد صدر في 2 من فبراير سنة 1959، فإن وضع يده لا يكون قد استمر خمس عشرة سنة، ومن ثم تسري عليه أحكام هذا القانون ويصح إزالة التعدي إدارياً وفقاً لهذه الأحكام. على أن القسيمة المقدمة منه للتدليل على سداد الإيجار المستحق على الأرض المقام عليها المنزل موضوع النزاع لا تدل على شيء من ذلك إذ أنها إيصال من مصلحة الأموال المقررة عن إيجار أطيان من المنافع من سنة 1954 إلى سنة 1955 بينما يزعم أن وضع يده يرجع إلى سنة 1946 مما ينفي الصلة بين هذه القسيمة وأرض النزاع التي هي أرض مبان وليست أرضاً زراعية، ومتى كان الأمر كذلك فإن تعديه بالبناء على أرض الحكومة هو عمل مستمر متجدد يخول الجهة الإدارية صاحبة الشأن الحق في إزالة هذه التعدي إدارياً. وليس في هذا شبهة رجوع القانون إلى الماضي لأن الإزالة منصبة على تعد مستمر، ولأن المدعي لم تكتمل مدة وضع يده على فرض أن اكتمالها يكسبه حقاً ما. أما ما يدعيه من أن الإزالة قد اقتصرت إجراءاتها على منزله دون غيره من المباني والمنشآت فغير صحيح، إذ أن وزارة الصحة قد قررت إزالة وحدة العلاج الشامل المقامة على أرض الجبانة وطلبت من قسم الأمراض المتوطنة البحث عن مكان آخر تقام عليه هذه الوحدة. ومن ثم فإن الدعوى تكون قائمة على غير أساس من القانون ويتعين رفضها. وبالتالي يكون طلب وقف التنفيذ مفتقراً إلى موجباته القانونية حقيقاً بالرفض كذلك بعد أن ثبتت مشروعية القرار المطعون فيه وعدم جدية المطاعن الموجهة إليه. على أن حق المدعي عن الأضرار الناتجة عن إزالة المباني التي أقامها بأرض الجبانة مكفولة قبل جهة الإدارة بالتعويض عن هذه الأضرار إن كان هناك وجه لذلك.
وقد عقب المدعي على دفاع الحكومة بمذكرة أوضح فيها أن طلب إخراج وزارة الداخلية ومديرية أمن الدقهلية من الدعوى يتعارض مع ما سبق أن قررته الحكومة في دفاعها في الدعوى المستعجلة الذي قضى فيها بعدم الاختصاص حيث قدمت فيها صورة قرار الإزالة الصادر من مدير أمن الدقهلية، بينما هي لم تقدم في الدعوى الحالية القرار الصادر من المنطقة الطبية بالدقهلية وإذا صح أن القرار صدر من هذه المنطقة فهي على أية حال ممثلة في الدعوى الموجهة إلى هذا القرار وأضاف أنه بالرجوع إلى المعاينة التي أجرتها اللجنة يبين أنه لم توجد في الجزء من الأرض المقام عليه منزله أية عظام آدمية مدفونة حيث لم تجر أبحاث أو عمليات جس تحت مباني المنزل مما يدل على أن هذه العمليات أجريت في مواضع أخرى وينفي القول بأن المباني أقيمت على أرض كانت جبانة للمسلمين وأن ما ذكرته الحكومة من أنه لم يكتسب ملكية الأرض المقام عليه منزله بالتقادم للأسباب التي أبدتها إنما هو تزيد يجاوز نطاق الدعوى لأنه لا يدعي تملك هذه الأرض بالتقادم المكسب، وإنما يؤسس دعواه على أن وضع يده عليها لا يعتبر تعدياً، لأن الحكومة قد أقرت وضع يده هذا حينما ربطت عليه الأرض بطريق الإيجار وحصلت منه هذا الإيجار فعلاً. وهذا الإيجار ينشئ علاقة تعاقدية لا تعتبر من أحوال التعدي التي أجاز القانون فيها للجهة صاحبة الشأن حق إزالته إدارياً. إذ تظل هذه العلاقة الإيجارية قائمة منتجة لآثارها القانونية ويكون إنهاؤها بالطريق الذي رسمه القانون ولا جدوى من تشكيك الحكومة في انطباق العلاقة الإيجارية المذكورة على الأرض المقام عليها المنزل موضوع النزاع، إذ يدل ظاهر القسيمة المقدمة منه والخاصة بتحصيل الإيجار على انطباقها على هذه الأرض التي لا يضع يده بطريق الإيجار على سواها من أراضي المنافع. أما القول بأن طلب وقف التنفيذ في غير محله لأن حقه في الرجوع بالتعويض على جهة الإدارة مكفول فمردود بأن هدم المنزل وإزالة معالمه ستترتب عليه حالة مادية يتعذر تلافيها وإعادة الحالة إلى ما كانت عليه إذ قضى لصالحه في الطلب الموضوعي الذي سيصبح في هذه الحالة عديم الجدوى إذا ما نفذ القرار المطعون فيه قبل الفصل في الدعوى، بينما إرجاء التنفيذ إلى حين الفصل في الطلب الموضوعي لا يترتب عليه أي ضرر يلحق بالمصلحة العامة.
وبجلسة 27 من يونيه سنة 1961 قضت محكمة القضاء الإداري في الطلب المستعجل "بوقف تنفيذ القرار المطعون" واستندت في ذلك إلى أنه قد استبان لها من الأوراق أن الأرض المقام عليها منزل المدعي موضوع القرار المطلوب وقف تنفيذه من ضمن أرض جبانة قديمة أوقف الدفن فيها من حوالي خمسين عاماً، وبهذا تكون قد فقدت صفة النفع العام وأصبحت من أموال الدولة الخاصة وقد وضع المدعي يده على هذا الجزء من الأرض، وأقام عليه منزله منذ حوالي خمسة عشر عاماً، وربط عليه إيجار منذ سنة 1954 استمر يدفعه منذ ربطه. أما مجال القانون رقم 39 لسنة 1959 فهو أن يكون هناك اغتصاب وتعد ومنازعة في ملك الحكومة بغير حق، الأمر المنتفي في واقعة هذه الدعوى، وبذا يكون القرار المطعون فيه قائماً على غير سبب ومستنداً إلى واقعة غير صحيحة مما يجعله مخالفاً للقانون، ويجعل طلب وقف تنفيذه مرتكزاً بحسب الظاهر من الأوراق على أسباب جدية تبرر إجابته نظراً لما يترتب على التنفيذ من نتائج يتعذر تداركها فيما لو هدم المنزل محل النزاع.
وقد أودعت هيئة مفوضي الدولة في 19 من أكتوبر سنة 1961 تقريراً بالرأي القانوني مسبباً انتهت فيه لما أبدته به من أسباب إلى أنها ترى "الحكم بإلغاء القرار الصادر بإزالة منزل المدعي المقام على أرض الجبانة غير المستعملة بناحية الصلاحات مركز دكرنس بحوض داير الناحية رقم 14 بالقطعة رقم 21".
وبجلسة 3 من يوليه سنة 1962 قضت محكمة القضاء الإداري في الموضوع "بإلغاء القرار الإداري الصادر من مدير أمن الدقهلية في 17 من أكتوبر سنة 1960 بإزالة مباني منزل المدعي الموضح الحدود والمعالم بعريضة الدعوى، وألزمت الحكومة بالمصروفات وبمبلغ خمسة جنيهات مقابل أتعاب المحاماة". وأقامت قضائها على أن مجال تطبيق حكم القانون رقم 39 لسنة 1959 هو أن يكون ثمة تعد من جانب الأفراد على مال من أموال الدولة الخاصة واغتصاب منهم لهذا المال أما إذا تم وضع اليد على مثل هذا المال بعد الحصول على موافقة جهة الإدارة، أو إذا أقرت، جهة الإدارة وضع اليد بعد تمامه، فإن هذا الإقرار بالأمر الواقع من جانب الإدارة يضفي على مركز واضع اليد المشروعية ويخرج وضع اليد في هذه الحالة من نطاق التعدي والغضب الذي يجيز القانون آنف الذكر إزالته إدارياً، حيث يدخل في مجال العلاقة العقدية التي نظم القانون كيفية إنهائها. والثابت من الأوراق أن الأرض المقام عليها منزل المدعي الصادر بشأنه قرار الإزالة المطعون فيه من ضمن أرض جبانة قديمة أوقف الدفن فيها منذ حوالي خمسين سنة، وبهذه المثابة تكون قد فقدت صفة النفع العام وأصبحت من أموال الدولة الخاصة. وإذا كان المدعي قد أقام المنزل المذكور دون موافقة جهة الإدارة في بادئ الأمر، إلا أنها قامت بعد ذلك بربط الأرض المقام عليها هذا المنزل بالإيجار منذ سنة 1954 واقتضت منه هذا الإيجار وقدره 920 مليماً عن مدتي 1954 و1955 في 27 من نوفمبر سنة 1955، ويؤيد هذه العلاقة العقدية الشهادة الإدارية المقدمة منه والموقعة من بعض رجال الإدارة وأعضاء الاتحاد القومي وأهالي البلدة. وعلى هذا فإن واقعة التعدي أو الغضب أو المنازعة في ملك الحكومة تصبح منتفية تماماً، وبالتالي يخرج الأمر عن نطاق القانون رقم 39 لسنة 1959. ولا يجدي قول الحكومة بأن المدعي لم تكتمل مدة وضع يده على الأرض، لأنه لا يستند في دعواه إلى وضع اليد المدة الطويلة المكسبة للملكية، وإنما حقيقة الأمر أن يده على الأرض الحكومية محل المنازعة ما زالت قائمة بصفة عارضة ومؤقتة إذ وافقت جهة الإدارة على العلاقة العقدية الإيجارية التي تظل قائمة ومنتجة لآثارها القانونية ولا يكون إنهاؤها إلا بالطريق الذي رسمه القانون. ومن ثم يكون قرار الإزالة المطعون فيه غير قائم على سبب صحيح يبرره، وبالتالي يكون مخالفاً للقانون ومتعيناً الحكم بإلغائه مع إلزام الحكومة بالمصروفات.
وبعريضتين مودعتين سكرتيرية المحكمة الإدارية العليا في 24 من أغسطس سنة 1961 و20 من أغسطس سنة 1962 طعنت الحكومة في حكمي محكمة القضاء الإداري الصادر أولهما بجلسة 27 من يونيه سنة 1961 في طلب وقف التنفيذ، وثانيهما بجلسة 3 من يوليه سنة 1962 في الموضوع. وطلبت في طعنها الأول "الحكم بقبول الطعن شكلاً، والقضاء بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه، وفي الموضوع بإحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا كي تقضي بإلغاء الحكم المطعون ورفض طلب وقف التنفيذ، مع إلزام المطعون ضده المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة". وفي طعنها الثاني "إحالة هذا الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا لتقضي بقبوله شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والحكم برفض الدعوى، مع إلزام المطعون ضده بالمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة عن الدرجتين". وأسست طعنيها على ذات الأسباب التي أقامت عليها دفاعهما أمام محكمة القضاء الإداري وأضافت إليها أن الحكمين المطعون فيهما قد بنيا على مخالفة القانون والخطأ في تأويله وتطبيقه ذلك أن الحكومة تملك أرض الجبانة القديمة التي أقيم فيها البناء ملكية عامة إذ أنها تدخل في عداد الأموال العامة للدولة المخصصة أصلاً لدفن الموتى، ولم ينكر المدعي على الحكومة هذه الملكية ولم يتمسك بملكيته لأرض النزاع بالتقادم، بل يقيم دعواه على أن الحكومة قد أقرت وضع يده على هذه الأرض بالحصول على إيجارها منه. وما دام الأمر كذلك فإن أي اعتداء يقع عليها أو على جزء منها بأية صورة من الصور يجيز لجهة الإدارة أن تعمل على إزالته بالطريق الإداري، إذ أن التعدي لا يكسب المعتدي حق استقرار أو تملك، وهو فعل مستمر متجدد. وما ذهب إليه الحكم المطعون فيه من أن الجبانة قد فقدت صفة النفع العام لوقف الدفن فيها منذ خمسين سنة وأصبحت من أموال الدولة الخاصة وقد وضع المدعي يده على جزء منها وبني عليه منذ خمسة عشر عاماً وربط عليه الجزء بالإيجار منذ سنة 1954، مردود أن وضع يد المذكور إنما بدأ بإقراره في صحيفة دعواه منذ سنة 1946، ولو سلم بقوله في هذا الشأن فإنه لا يكون قد اكتسب ملكية الأرض موضوع النزاع لأن وضع يده لم يستمر المدة الطويلة قبل صدور القانون رقم 147 لسنة 1957 الذي حرم تملك أموال الدولة الخاصة بالتقادم، فضلاً عن أنه منذ سنة 1954 قد تغيرت صفة وضع يده على الأرض من وضع يد بنية التملك إلى وضع يد بنية الاستئجار، وهذا الوضع الأخير لا يكسبه حقاً في التملك مهما طالت مدته، وحصول الحكومة على مقابل انتفاع عن هذه الأرض لا يمكن أن يعد إقراراً من جانبها للاعتداء الذي وقع، إذ لم يبرم أي عقد إيجار بين الحكومة والمدعي، وكل ما هنالك أن هذا الأخير قدم قسائم تفيد سداده مقابل منفعة عن أرض بالناحية. وحتى لو كانت هذه الأرض هي أرض النزاع فإن ذلك لا يسبغ عليها صفة الإقرار لوضعها الراهن وهو التعدي الحاصل عليها، ولا ينفي عن فعل المدعي صفة الغصب. ومتى كان الأمر كذلك فإن من حق الجهة الإدارية صاحبة الشأن وفقاً لأحكام القانون رقم 39 لسنة 1959 حق إزالة هذا التعدي إدارياً دون أن يكون في ذلك شبهة رجوع القانون إلى الماضي لأن الإزالة إنما تنصب على تعد مستمر متجدد ولأن المدعي لم تكتمل مدة وضع يده على فرض أن اكتمالها يكسبه حقاً ما. وثمة فرق بين أن تربط الحكومة الإيجار نتيجة لعلاقة يحكمها عقد الإيجار، أو أن تقتضي مقابل انتفاع عن أملاكها المغتصبة كتعويض لها عما فاتها من ربح بسبب بقاء التعدي حتى يزول، فهذا الأمر لا تحكمه قواعد عقد الإيجار ولا يعطي أي حق للمغتصب يمكن أن يقال معه أن الحكومة قد أقرت غصبه. ومجرد امتناع الحكومة عن تحرير عقد إيجار مع المدعي هو أكبر دليل على أنه لا تقر واقعة الغصب. وإذا فرض أن ثمة علاقة انتفاع بين الحكومة والمدعي فإن ذلك لا يخول هذا الأخير تبديل تلك العلاقة بما يعتبر غصباً. ومن ثم فإن القرار المطعون فيه يكون قد صدر سليماً مطابقاً للقانون وإذ ذهب الحكمان المطعون فيهما خلاف هذا المذهب فإنهما يكونان قد أخطأ في تأويل القانون وتطبيقه.
وقد عقبت هيئة مفوضي الدولة على هذين الطعنين بتقريرين بالرأي القانوني مسبباً انتهت في أولهما إلى أنها ترى "الحكم بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً". وفي الثاني إلى أنها ترى: "أولاً: ضم الطعن رقم 1667 لسنة 7 القضائية إلى هذا الطعن للحكم فيهما معاً. ثانياً: قبول الطعنين شكلاً ورفضهما موضوعاً وإلزام الطاعن المصروفات". وأسست رأيها على أن مجال تطبيق حكم القانون رقم 39 لسنة 1959 أن يكون هناك تعد من جانب الأفراد على مال من أموال الدولة الخاصة. واغتصاب منهم لهذا المال. أما إذا تم وضع اليد على مثل هذا المال بعد الحصول على موافقة جهة الإدارة، أو إذا أقرت هذه الأخيرة وضع اليد بعد تمامه، فإن هذا الإقرار بالأمر الواقع من جانبها يضفي على مركز واضع اليد صفة المشروعية ويخرج وضع اليد في هذه الحالة من نطاق التعدي والغصب الذي تجوز إزالته إدارياً إلى مجال العلاقة العقدية التي ينظم القانون كيفية إنهائها. والثابت من الأوراق أن الأرض المقام عليها منزل المدعي الصادر بشأنه قرار الإزالة المطعون فيه هي من ضمن أرض جبانة قديمة أوقف الدفن بها منذ حوالي خمسين سنة. وبذلك تكون قد فقدت صفة المال العام وأصبحت من أملاك الدولة. وإذا كان المدعي قد أقام منزله دون موافقة الإدارة في بادئ الأمر، إلا أن الإدارة قامت بعد ذلك بربط الأرض المقام عليها هذا المنزل بالإيجار منذ سنة 1954 وتحصيل مقابل الانتفاع منه، وقد قدم المذكور شهادة إدارية تؤيد هذه العلاقة العقدية، ومن ثم فإن واقعة التعدي أو الغصب أو المنازعة في ملك الحكومة تصبح منتفية تماماً، وبذلك يخرج الأمر عن نطاق القانون رقم 39 لسنة 1959، ولا عبرة بالقول بأن المدعي لم تكتمل مدة وضع يده على الأرض ذلك أنه لا يستند في دعواه إلى وضع اليد المدة الطويلة المكسب للملكية وإنما إلى العلاقة العقدية الإيجارية التي تظل قائمة ومنتجة لآثارها القانونية ولا يمكن إنهاؤها إلا بالطريق الذي رسمه القانون. وعلى هذا فإن الحكمين المطعون فيهما يكونان سليمين" ويكون الطعنان المرفوعان عنهما في غير محلهما متعيناً رفضهما.
ومن حيث إنه يبين أنه من الأوراق أنه وردت إلى منطقة الدقهلية الطبية وإلى وزارة الداخلية شكاوى من أهالي ناحية الصلاحات مركز دكرنس محافظة الدقهلية تتضمن تضررهم من أن المدعي قد تعدى وولده على أرض جبانة المسلمين غير المستعملة بناحية الصلاحات الواقعة بحوض داير الناحية رقم 14 بالقطعة رقم 21 وذلك ببناء منزل له ولأولاده بالطوب الأخضر من طابق واحد وعلى أثر ذلك شكلت لجنة من المختصين قامت بمعاينة الجبانة موضوع الشكوى وفحصها، فاتضح لها من جس الأرض وجود عظام آدمية مدفونة بها على عمق يتراوح بين متر ونصف متر من سطح الأرض، وأن أرض الجبانة تعلو عن مستوى سطح الطريق الزراعي المجاور لها بارتفاع 20 سنتيمتراً تقريباً، مما يدل على أن رفات الموتى لم تنقل منها منذ إبطال الدفن فيها حتى الآن، كما ثبت من المعاينة وجود وحدة علاج شامل مقامة على أرض هذه الجبانة. وقد طلب إلى الأهالي نقل رفات موتاهم إلى الجبانة المستعملة بالناحية فرفضوا بسبب وجود تعد على أرض الجبانة القديمة وعدم إمكان نقل الرفات منها إلا بعد إزالة هذا التعدي. كما طلب إلى المدعي رفع التعدي الحاصل منه فامتنع، وإزاء هذا صدر قرار بإزالة التعدي استناداً إلى القانون رقم 39 لسنة 1959 وإلى المنشورين رقم 1 لسنة 1959 ورقم 10 لسنة 1960 الصادرين من قسم صحة البيئة بالإدارة العامة للصحة الوقائية بوزارة الصحة العمومية. وعين يوم لتنفيذ الإزالة إدارياً إلا أن هذا التنفيذ أرجئ بسبب ما تبين من وجود وحدة علاج شامل مقامة على أرض الجبانة، وذلك إلى أن يرد رأي وزارة الصحة فيما يتبع نحو إزالة هذه الوحدة وقد انتهت الوزارة إلى وجوب إزالة جميع التعديات الواقعة على أرض الجبانة المذكورة مع مخاطبة قسم الأمراض المتوطنة للبحث عن مكان آخر تقام عليه هذه الوحدة. وعلى هذا صدر قرار من السيد مدير المنطقة الطبية بالدقهلية بتنفيذ أمر الوزارة بإزالة كل تعد واقع على سطح الجبانة، وعين يوم لتنفيذ الإزالة بالطريق الإداري. إلا أن التنفيذ أرجئ بسبب عرض النزاع على القضاء. وذلك لحين البت في هذا النزاع.
ومن حيث إن قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 39 لسنة 1959 بتعديل المادة 970 من القانون المدني المعدلة بالقانون رقم 147 لسنة 1957 نص في الفقرة الثانية من مادته الأولى على أنه "ولا يجوز تملك الأموال الخاصة المملوكة للدولة أو الأشخاص الاعتبارية العامة، وكذلك أموال الأوقاف الخيرية أو كسب أي حق عيني عليها بالتقادم، كما لا يجوز التعدي عليها. وفي حالة حصول التعدي يكون للجهة صاحبة الشأن حق إزالته إدارياً بحسب ما تقتضيه المصلحة العامة". وقد قصد بهذا التعديل التشريعي حماية ملكية الأموال الخاصة المملوكة للحكومة أو للأشخاص الاعتبارية العامة وكذا أموال الأوقاف الخيرية حماية مزدوجة من كل من التقادم المكسب للغير ومن التعدي بحيث تصبح، ومن جهته في مأمن من تملكها أو كسب أي حق عيني عليها بالتقادم عن طريق وضع اليد عليها. ومن جهة أخرى بمنجاة من التعدي عليها الذي أن وقع أمكن رده بالطريق الإداري. وذلك أسوة بالحماية التي شرعتها الفقرة 2 من المادة 87 من القانون المدني بالنسبة إلى الأموال العامة التي للدولة أو للأشخاص الاعتبارية العامة إذ نصت على عدم جواز تملكها بالتقادم المكسب، وقد أفصحت المذكرة الإيضاحية للقانون رقم 39 لسنة 1959 عن حكمة التعديل الذي تضمنه هذا القانون والقانون رقم 147 لسنة 1957 الذي سبقه، إذ جاء بها أن التعديل الذي صدر به هذا القانون الأخير قد ثبت في حالات كثيرة أنه "لم يمنع من التعدي على أراضي الحكومة والإدعاء بملكيتها عن طريق وضع اليد". وأن النيابة العامة كثيراً ما تصدر قرارات بمنع التعرض لواضعي اليد، وتدخل الحكومة نتيجة لذلك في دعاوى وإشكالات لا حصر لها، علاوة على شل يدها عن استغلال الأرض وتنفيذ مشروعاتها وتعرض حقوقها للضياع. ونظراً لأن الغرض من صدور هذا التعديل هو حماية ملكية أرض الحكومة من ادعاءات الملكية. وبالتالي حمايتها من التعديات. وأن النص المعدل بشكله الحالي لا يحقق بصفة قاطعة منع التعديات، إذ أنه يترك التقرير بإزالتها للمحاكم مما ينتفي معه الغرض العام الذي يهدف إليه المشروع. فقد رأت الوزارة (وزارة الزراعة)، استكمالاً للفائدة من هذا التعديل أن تجرى تعديلاً جديداً في نص المادة 970 سالفة الذكر (من القانون المدني) يقضي بحظر التعدي على أراضي الحكومة وتخويل الجهات الحكومية المختصة حق إزالة التعديات بالطريق الإداري".
ومن حيث إنه يؤخذ مما تقدم أن التعديل الأخير للمادة 970 من القانون المدني بالقانون رقم 39 لسنة 1959، بعد سبق تعديلها بالقانون رقم 147 لسنة 1957، إنما يقوم على حكمة تستهدف تحقيق غايتين هما: (1) حماية الأموال الخاصة المملوكة للدولة أو للأشخاص الاعتبارية العامة. وكذا أموال الأوقاف الخيرية. من تملكها أو كسب حق عيني عليها بالتقادم عن طريق وضع اليد عليها. وهذه هي الحماية التي قررها القانون رقم 147 لسنة 1957. (2) حماية هذه الأموال من التعدي عليها بحظر هذا التعدي وتخويل الجهات الحكومية المختصة حق دفع هذا التعدي بإزالته بالطريق الإداري تفادياً لدخولها مع واضعي اليد أو المغتصبين في دعاوى وإشكالات إذا ما ترك أمر تقرير الإزالة لجهات القضاء. وهذه هي الحماية التي أضافها القانون رقم 39 لسنة 1959.
ومن حيث إن خشية إدعاء الملكية بالتقادم التي اقتضت من المشرع الحماية الأولى والتي تركز فيها دفاع الحكومة بقولها أن وضع يد المدعي على أرض النزاع، بفرض زوال صفة الملك العام عنها لم يستمر المدة الطويلة التي تكسبه ملكية هذه الأرض قبل صدور القانون رقم 147 لسنة 1957 الذي حرم تملك أموال الدولة الخاصة بالتقادم، فضلاً عن أنه منذ سنة 1954 قد تغيرت صفة وضع يده على الأرض المذكورة من وضع يده بنية التملك إلى وضع يده بنية الإيجار، الأمر الذي لا يكسبه حقاً في الملك منهما طالت مدته، هذه الخشية منتفية بما هو ثابت في صحيفة الدعوى وفي مذكرات المدعي نفسه من أنه "قام بسداد الإيجار الذي ربطته الحكومة على الأرض موضوع النزاع المملوكة لها والمقام عليها منزله بالتقادم المكسب"، وإنما يؤسس دعواه على أن وضع يده على هذه الأرض لا يعتبر تعدياً. كما أنها مرتفعة كذلك بإنذار المذكور في شكواه المؤرخة 27 من أكتوبر سنة 1960 المقدمة منه إلى السيد مدير عام المنطقة الطبية بالدقهلية التي أبدى فيها أنه مستعد لدفع ثمن قطعة الأرض الخاصة بمنزله. ومن ثم فلا حاجة بالنسبة إلى أرض النزاع للحماية التي كفلها المشرع للأموال الخاصة المملوكة للدولة بالنص على عدم جواز تملكها أو كسب أي حق عيني عليها بالتقادم، ما دام المدعي لم يكسب ملكية هذه الأرض بالفعل بالتقادم قبل صدور القانون رقم 147 لسنة 1957 ولم يدع شيئاً من ذلك بل أقر صراحة بعكسه.
ومن حيث إن الأمر ينحصر في بحث ما إذا كان ثمة تعد ابتداء أو استمراراً من جانب المدعي على أرض مملوكة للدولة يقع تحت طائلة القانون رقم 39 لسنة 1959 بأثره المباشر ويسوغ إعمال الحكم الذي استحدثه هذا القانون في شأن حماية هذه الأرض من التعدي عليها بحظر مثل هذا التعدي وتخويل الجهة صاحبة الشأن حق إزالته إدارياً بحسب ما تقتضيه المصلحة العامة، أم أن هذا التعدي الحاصل ابتداء قد أقرته الإدارة بعد وقوعه فانقلب بذلك إلى وضع مشروع زالت عنه صفة الغصب وتحول إلى علاقة عقدية مما نظم القانون كيفية إنهائها.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن الأرض المقام عليها منزل المدعي الصادر في شأنه قرار الإزالة المطعون فيه تقع ضمن أرض جبانة قديمة للمسلمين غير مستعملة بناحية الصلاحات مركز دكرنس بالدقهلية أوقف فيها الدفن منذ زهاء خمس وخمسين سنة وإن لم تنقل منها رفات الموتى. وبهذه المثابة فإنها تكون قد فقدت صفتها كمال عام بانتهاء تخصيصها للمنفعة العامة بالفعل وفقاً لحكم المادة 88 من القانون المدني. ومن ثم فإنه تسري فيما يتعلق بالتعدي عليها الحماية التي أضفاها القانون رقم 39 لسنة 1959 على الأموال الخاصة المملوكة للدولة، وتتبع في شأن هذا التعدي الوسيلة التي شرعها هذا القانون لتحقيق تلك الحماية بتخويل الجهة الحكومية صاحبة الشأن حق إزالته إدارياً دون التجاء إلى القضاء.
ومن حيث إن المدعي لم يقدم أي سند يدل على أنه عندما أقام منزله في بادئ الأمر على أرض الجبانة المملوكة للحكومة كان ذلك بناء على اتفاق مشروع مع هذه الأخيرة وفقاً للأوضاع القانونية الصحيحة أو بموافقتها ورضاها، بل أنه لم يدع شيئاً من هذا، مقراً بذلك أن استيلاءه على تلك الأرض إنما بدا تعدياً وغصباً. وكل ذريعته أن هذا التعدي قد استحال فيما بعد إلى وضع قانوني أساسه اتفاق تعاقدي بمقولة أن الحكومة قد أقرت وضع يده عن طريق ربط الأرض المعتدى عليها بالإيجار منذ سنة 1954 واقتضاء هذا الإيجار منه بالفعل، الأمر الذي ينشئ بينه وبين الحكومة علاقة عقدية إيجارية من مقتضاها اعتبار وضع يده غير قائم على الاعتداء واستمرار إنتاج هذه العلاقة لآثارها القانونية بحيث لا تنتهي إلا بالطريق الذي رسمه القانون، وأن القانون رقم 39 لسنة 1959 لا يطبق على حالته بأثر رجعي بل يقتصر تطبيقه على حالات التعدي التي تقع تالية لصدوره وسنده في ذلك القسيمة رقم 843747 مجموعة رقم 18 الصادرة من مصلحة الأموال المقررة في 27 من نوفمبر سنة 1955 بسداد مبلغ 920 مليماً لحساب إيجار أطيان المنافع عام 1954، 1955 بناحية الصلاحات مركز دكرنس بالدقهلية، وكذا شهادات بعض رجال الإدارة وأعضاء الإتحاد القومي والأهالي التي قدمها بحافظة مستنداته. ويؤخذ من القسيمة الفريدة آنفة الذكر الصادرة له من مصلحة الأموال المقررة، أن هذه القسيمة - وإن صدق أنها تنصب على أرض النزاع لا على أرض أخرى زراعية بذات الناحية - إنما قصد بها حصر اعتدائه وقطع التقادم الذي كان يمكن أن يكسبه ملكية الأرض المعتدى عليها في سنتي 1954 و1955 وقت أن كانت الخشية من هذه النتيجة قائمة قبل صدور القانون رقم 147 لسنة 1957 الذي منع كسب الملكية في هذه الحالة بالتقادم. وهذا إجراء متبع عادة للمحافظة على حق الحكومة لقاء التعدي على أرضها المغتصبة دون أن ينطوي فيه معني الإقرار بالتعدي أو تصحيح الوضع القائم على الغصب بجعله مشروعاً أو إنشاء علاقة تأجير عقدية ممتدة أو مستمرة تحكمها نصوص اتفاق رضائي متبادل لعدم وجود مثل هذا الاتفاق الذي لا يمكن أن يفترض افتراضاً من مجرد اقتضاء مقابل الانتفاع بسبب بقاء التعدي إلى أن يزول. وغنى عن البيان أن الإجراء المذكور إنما يستهدف غرضاً مستقلاً عن فكرة التأجير وبعيداً عنها إذ لا يتجه فيه القصد إلى إيجاد رابطة تعاقدية مع المعتدي على أرض الحكومة تسيغ له الاستمرار في شغلها بمبانيه أو إلى توطيد اعتدائه عليها، بل الغرض منه هو المحافظة على حق الحكومة من الناحية المالية بالنسبة إلى ما مضى من اعتداء تحقق بالفعل واستوجب أداء المقابل، لا التعامل على أساس استمرار هذا الاعتداء مستقبلاً. وهذا المفهوم يدور في مجال غير المجال الذي يمكن أن يدور فيه الارتباط العقدي ولا يسوغ أن تنقلب المحافظة على حق الحكومة في مقابل الانتفاع الحاصل غصباً لملكها سبباً لتقرير الاعتداء على هذا الملك أو لإسقاط حقها الأصيل في التخلص من هذا الاعتداء بإزالته بالطريقة التي ينص عليها القانون رقم 39 لسنة 1959 إعمالاً لهذا القانون بأثره الفوري لا الرجعي كما يزعم المدعي - إذ أن التعدي الحاصل منه على أرض الحكومة بوصف كونه لم يزايله طابع الغصب حسبما سلف بيانه - هو واقعة مستمرة ومتجددة تحققت في ظل القانون المشار إليه ذات عناصرها التي كانت قائمة قبل صدوره وبهذا التكييف يدركها أثره الحال المباشر ويجرى عليها حكمه، وهو يخول الجهة الإدارية صاحبة الشأن حق إزالة التعدي إدارياً بحسب ما تقتضيه المصلحة العامة وقد بينت الجهة المذكورة وجه هذه المصلحة ونزلت على مقتضياتها فيما يتعلق بجميع التعديات الواقعة على أرض الجبانة على حد سواء بما فيها وحدة العلاج الصحية المقامة على هذه الأرض ولا حجة في الشهادات الإدارية المقدمة من المدعي والتي مرجعها إلى الربط التأجيري المراد انتزاعه من قسيمة مصلحة الأموال المقررة على وجه سائغ سبق تنفيذه. ومن ثم فإن القرار المطعون فيه يكون صحيحاً مطابقاً للقانون، ولا يكون المدعي على حق في دعواه لقيامها على غير أساس سليم من الواقع أو القانون. وإذ ذهب الحكمان المطعون فيهما الصادران من محكمة القضاء الإداري، غير هذا المذهب فأجابا المدعي إلى طلباته في كل من وقف التنفيذ ومن الموضوع، فإنهما يكونان قد جانبا الصواب ويتعين والحالة هذه القضاء بإلغائهما وبرفض الدعوى مع إلزام المدعي بالمصروفات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعها بإلغاء الحكمين المطعون فيهما وبرفض الدعوى وألزمت المدعي بالمصروفات.

الاثنين، 22 يناير 2024

الطعن 28045 لسنة 86 ق جلسة 20 / 12 / 2018 مكتب فني 69 ق 125 ص 1118

جلسة 20 من ديسمبر سنة 2018
برئاسة السيد القاضي / أحمد عبد القوي أحمد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / هاني فهمي وأحمد قزامل نائبي رئيس المحكمة ومحمد السنباطي وأحمد عاصم .
--------------
( 125 )
الطعن رقم 28045 لسنة 86 القضائية
تفتيش " إذن التفتيش . إصداره . بياناته " . دفوع " الدفع ببطلان إذن التفتيش" . حكم " تسبيبه . تسبيب معيب " . نقض " حالات الطعن . الخطأ في تطبيق القانون " " أسباب الطعن . ما يقبل منها " .
وجوب أن يكون إذن النيابة العامة لمأموري الضبطية القضائية بإجراء التفتيش مكتوباً وموقعاً عليه بإمضاء من أصدره . علة ذلك ؟
ورقة الإذن . رسمية . وجوب حملها بذاتها دليل صحتها ومقومات وجودها . عدم جواز تكملتها بدليل غير مستمد منها أو بأي طريق إثبات . تحريرها بخط الآذن أو عنونتها باسمه أو شهادته أو تقريره بصدورها منه دون التوقيع عليها . غير كاف . مخالفة الحكم المطعون فيه هذا النظر . خطأ في تطبيق القانون . علة وأثر ذلك ؟
مثال لتسبيب معيب للرد على الدفع ببطلان إذن التفتيش لخلوه من توقيع مصدره .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لما كان الحكم المطعون فيه بعد أن بين واقعة الدعوى وأورد الأدلة عليها عرض إلى الدفع ببطلان إذن التفتيش لخلوه من توقيع مصدره ورد عليه في قوله : " وحيث إنه عن الدفع ببطلان الإذن الصادر من النيابة العامة لعدم تذييله بتوقيع مصدره فهو مردود عليه بما هو مقرر قانوناً من أن الأعمال الإجرائية - جريانها على حكم الظاهر - عدم إبطالها من بعد نزولاً على ما يتكشف من أمر الواقع ، وكان المشرع لم يتطلب شكلاً خاصاً في إذن التفتيش وكل ما استوجبه بنص الفقرة الأخيرة من المادة (91) من قانون الإجراءات الجنائية هو أن يكون مسبباً وهو ما يستتبع لزوماً أن يكون إذن التفتيش مكتوباً ، غير أن اشتراط تدوينه كتابة لا يتفرع عنه ولا يفضي بالضرورة وبطريق اللزوم العقلي لبطلانه في حال خلوه من بيان التوقيع على ورقته ما دام قد استجمع شرائطه من حيث كونه واضحاً ومحدداً في تعيين الأشخاص والأماكن المراد تفتيشها وأن يكون مصدره مختصاً مكانياً بإصداره ومدوناً بخطه بما يشهد بصدق وصحة صدوره عنه على الوجه المعتبر قانوناً ، كما وأن ورقة الإذن التي لا تحمل توقيع مصدرها لسقوط توقيعه لها سهواً لا تعني عدم نسبتها إليه ولا تسلس بطرق الاستدلال المنطقي لعدم صدورها عنه ما دام مصدرها لم ينكر توقيع لها ولا تعدو سوى أن تكون بمثابة دليل نفي يحتج به المتهم للتدليل على عدم صدور إذن قبله بالتفتيش وهى الواقعة المادية التي يحق للقاضي الجنائي استنباط الحقيقة بشأنها من مجموع ما هو مطروح عليه من أدلة أخرى لا يقيده في ذلك ورود نقص في بيان التوقيع بورقة الإذن والتي لم يفرض لها القانون - شأن باقي الأوراق الرسمية – حجية خاصة أمام المحكمة الجنائية تقيدها في استخلاص معتقدها منها بشأن صحة نسبتها لمصدرها فيحق لها تكملتها بدليل آخر خارج عنها ما دام يلتئم في الحقيقة ويصح في الواقع أن يكون موصولاً بها وما دام يحق لها أن تنقض حجيتها متى كانت دلالتها متصادمة مع الحقيقة كما استخلصتها لا يشفع في ذلك كون ورقة الإذن ورقة رسمية وذلك كله عملاً بحقها في الالتفات عن دليل النفي ولو حملته ورقة رسمية ، ولأن الأصل الراسخ في شأن نظرية الإثبات الجنائي بحرية الاقتناع الذاتي للقاضي الجنائي غايته الحقيقة ينشدها من أي طريق يراه موصلاً إليها ما دام استدلاله سائغاً . ومتي كان ما تقدم ، وكان البين بجلسة .... أن المحكمة (بهيئة سابقة) قد اطلعت على مذكرة نيابة .... والمحررة من السيد الأستاذ/ .... مصدر الإذن المنعى عليه والمؤشر عليها من السيد الأستاذ المحامي العام بتاريخ .... والتي ثبت تضمينها إقرار محررها بأنه هو مصدر الإذن المذكور وأن عدم قيامه بتوقيعه قد ورد على سبيل السهو نظراً لضغط العمل وبما يعصم إذن التفتيش من هذا الوجه من البطلان وينحل الدفع ولا سند له ) . لما كان ذلك ، وكان ما قاله الحكم في ذلك غير سديد في صحيح القانون ، ذلك بأن قضاء محكمة النقض قد جرى على أن إذن النيابة العامة لمأموري الضبطية القضائية بإجراء التفتيش يجب أن يكون مكتوباً موقعاً عليه بإمضاء من أصدره ، لأن من القواعد العامة أن إجراءات التحقيق والأوامر الصادرة بشأنه يجب إثباتها بالكتابة لكي تبقى حجة يعامل الموظفون - الآمرون منهم والمؤتمرون - بمقتضاها ولتكون أساساً صالحاً لما يبني عليها من نتائج ، ولما كان الإذن وهو من أعمال التحقيق لا يكفي فيه الترخيص الشفوي بل يجب أن يكون له أصل مكتوب ، فإن ذلك يستتبع بطريق اللزوم وجوب التوقيع عليه أيضاً ممن أصدره إقراراً بما حصل منه وإلا فإنه لا يعتبر موجوداً ويضحي عارياً لا يفصح عن شخص مصدره وصفته ، ذلك لأن ورقة الإذن وهى ورقة رسمية يجب أن تحمل بذاتها دليل صحتها ومقومات وجودها بأن يكون موقعاً عليها ، لأن التوقيع هو السند الوحيد الذي يشهد بصدورها عمن صدرت عنه على الوجه المعتبر قانوناً ، ولا يجوز تكملة هذا البيان الجوهري بدليل غير مستمد منها أو بأي طريق من طرق الإثبات ، ومن ثم فإنه لا يغني عن ذلك أن تكون ورقة الإذن محررة بخط الآذن أو أن تكون معنونه باسمه أو أن يشهد أو يقر بصدورها منه دون التوقيع عليها ، ما دام الأمر لا يتعلق بواقعة صدور الإذن باسم مصدره بل بالشكل الذي أفرغ فيه وبالتوقيع عليه بخط صاحبه . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه إذ قضى برفض الدفع ببطلان إذن التفتيش لعدم التوقيع عليه ممن أصدره قد أخطأ في تطبيق القانون وفي تأويله بما يوجب نقضه ، ولما كانت أوراق الدعوى بما قد تحمله من أدلة أخرى ليست أمام هذه المحكمة ، فإنه يتعين أن يكون النقض مقروناً بالإعادة ، وذلك دون حاجة لبحث باقي أوجه الطعن .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنة بأنها : أحرزت بغير قصد الاتجار جوهراً مخدراً ( حشيش) في غير الأحوال المصرح بها قانوناً .
وأحالتها إلى محكمة جنايات .... لمعاقبتها طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 1/1 ، 2 ، 38/1 ، 42/1 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المستبدل بالقانونين رقمي 61 لسنة 1977 ، 122 لسنة 1989 والبند رقم (56) من القسم الثاني من الجدول رقم (1) الملحق بالقانون والمستبدل بقرار وزير الصحة والسكان رقم 46 لسنة 1997 بمعاقبة .... بالسجن لمدة خمس سنوات وتغريمها خمسين ألف جنيه عما أسند إليها ومصادرة المواد المخدرة المضبوطة وألزمتها المصاريف الجنائية .
فطعنت المحكوم عليها في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمة
حيث إن مما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانها بجريمة إحراز جوهر الحشيش المخدر بغير قصد في غير الأحوال المصرح بها قانوناً قد شابه الخطأ في تطبيق القانون ، ذلك بأنه اطرح بما لا يسوغ الدفع ببطلان الإذن بالتفتيش لخلوه من توقيع مصدره ، بما يعيبه ويستوجب نقضه .
وحيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن بين واقعة الدعوى وأورد الأدلة عليها عرض إلى الدفع ببطلان إذن التفتيش لخلوه من توقيع مصدره ورد عليه في قوله : " وحيث إنه عن الدفع ببطلان الإذن الصادر من النيابة العامة لعدم تذييله بتوقيع مصدره فهو مردود عليه بما هو مقرر قانوناً من أن الأعمال الإجرائية - جريانها على حكم الظاهر - عدم إبطالها من بعد نزولاً على ما يتكشف من أمر الواقع ، وكان المشرع لم يتطلب شكلاً خاصاً في إذن التفتيش وكل ما استوجبه بنص الفقرة الأخيرة من المادة (91) من قانون الإجراءات الجنائية هو أن يكون مسبباً وهو ما يستتبع لزوماً أن يكون إذن التفتيش مكتوباً ، غير أن اشتراط تدوينه كتابة لا يتفرع عنه ولا يفضي بالضرورة وبطريق اللزوم العقلي لبطلانه في حال خلوه من بيان التوقيع على ورقته ما دام قد استجمع شرائطه من حيث كونه واضحاً ومحدداً في تعيين الأشخاص والأماكن المراد تفتيشها وأن يكون مصدره مختصاً مكانياً بإصداره ومدوناً بخطه بما يشهد بصدق وصحة صدوره عنه على الوجه المعتبر قانوناً ، كما وأن ورقة الإذن التي لا تحمل توقيع مصدرها لسقوط توقيعه لها سهواً لا تعني عدم نسبتها إليه ولا تسلس بطرق الاستدلال المنطقي لعدم صدورها عنه ما دام مصدرها لم ينكر توقيع لها ولا تعدو سوى أن تكون بمثابة دليل نفي يحتج به المتهم للتدليل على عدم صدور إذن قبله بالتفتيش وهى الواقعة المادية التي يحق للقاضي الجنائي استنباط الحقيقة بشأنها من مجموع ما هو مطروح عليه من أدلة أخرى لا يقيده في ذلك ورود نقص في بيان التوقيع بورقة الإذن والتي لم يفرض لها القانون - شأن باقي الأوراق الرسمية – حجية خاصة أمام المحكمة الجنائية تقيدها في استخلاص معتقدها منها بشأن صحة نسبتها لمصدرها فيحق لها تكملتها بدليل آخر خارج عنها ما دام يلتئم في الحقيقة ويصح في الواقع أن يكون موصولاً بها وما دام يحق لها أن تنقض حجيتها متى كانت دلالتها متصادمة مع الحقيقة كما استخلصتها لا يشفع في ذلك كون ورقة الإذن ورقة رسمية وذلك كله عملاً بحقها في الالتفات عن دليل النفي ولو حملته ورقة رسمية ، ولأن الأصل الراسخ في شأن نظرية الإثبات الجنائي بحرية الاقتناع الذاتي للقاضي الجنائي غايته الحقيقة ينشدها من أي طريق يراه موصلاً إليها ما دام استدلاله سائغاً . ومتي كان ما تقدم ، وكان البين بجلسة .... أن المحكمة (بهيئة سابقة) قد اطلعت على مذكرة نيابة .... والمحررة من السيد الأستاذ/ .... مصدر الإذن المنعى عليه والمؤشر عليها من السيد الأستاذ المحامي العام بتاريخ .... والتي ثبت تضمينها إقرار محررها بأنه هو مصدر الإذن المذكور وأن عدم قيامه بتوقيعه قد ورد على سبيل السهو نظراً لضغط العمل وبما يعصم إذن التفتيش من هذا الوجه من البطلان وينحل الدفع ولا سند له ) . لما كان ذلك ، وكان ما قاله الحكم في ذلك غير سديد في صحيح القانون ، ذلك بأن قضاء محكمة النقض قد جرى على أن إذن النيابة العامة لمأموري الضبطية القضائية بإجراء التفتيش يجب أن يكون مكتوباً موقعاً عليه بإمضاء من أصدره ، لأن من القواعد العامة أن إجراءات التحقيق والأوامر الصادرة بشأنه يجب إثباتها بالكتابة لكي تبقى حجة يعامل الموظفون - الآمرون منهم والمؤتمرون - بمقتضاها ولتكون أساساً صالحاً لما يبني عليها من نتائج ، ولما كان الإذن وهو من أعمال التحقيق لا يكفي فيه الترخيص الشفوي بل يجب أن يكون له أصل مكتوب ، فإن ذلك يستتبع بطريق اللزوم وجوب التوقيع عليه أيضاً ممن أصدره إقراراً بما حصل منه وإلا فإنه لا يعتبر موجوداً ويضحي عارياً لا يفصح عن شخص مصدره وصفته ، ذلك لأن ورقة الإذن وهى ورقة رسمية يجب أن تحمل بذاتها دليل صحتها ومقومات وجودها بأن يكون موقعاً عليها ، لأن التوقيع هو السند الوحيد الذي يشهد بصدورها عمن صدرت عنه على الوجه المعتبر قانوناً ، ولا يجوز تكملة هذا البيان الجوهري بدليل غير مستمد منها أو بأي طريق من طرق الإثبات ، ومن ثم فإنه لا يغني عن ذلك أن تكون ورقة الإذن محررة بخط الآذن أو أن تكون معنونه باسمه أو أن يشهد أو يقر بصدورها منه دون التوقيع عليها ، ما دام الأمر لا يتعلق بواقعة صدور الإذن باسم مصدره بل بالشكل الذي أفرغ فيه وبالتوقيع عليه بخط صاحبه . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه إذ قضى برفض الدفع ببطلان إذن التفتيش لعدم التوقيع عليه ممن أصدره قد أخطأ في تطبيق القانون وفي تأويله بما يوجب نقضه ، ولما كانت أوراق الدعوى بما قد تحمله من أدلة أخرى ليست أمام هذه المحكمة ، فإنه يتعين أن يكون النقض مقروناً بالإعادة ، وذلك دون حاجة لبحث باقي أوجه الطعن .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الطعن 31051 لسنة 86 ق جلسة 27 / 12 / 2018 مكتب فني 69 ق 126 ص 1123

جلسة 27 من ديسمبر سنة 2018
برئاسة السيد القاضي / عبد التواب أبو طالب نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / صفوت أحمد عبد المجيد، سامح حامد وهشام رسمي نواب رئيس المحكمة وأحمد واصف .
---------------
( 126 )
الطعن رقم 31051 لسنة 86 القضائية
نقض " الصفة في الطعن " " التقرير بالطعن وإيداع الأسباب " . محاماة .
وجوب توقيع مذكرة أسباب الطعن من محامٍ مقبول أمام محكمة النقض وإلا كانت باطلة بطلاناً متعلقاً بالنظام العام .
المادة 208 من القانون 17 لسنة 1983 بشأن المحاماة . مفادها ؟
توقيع مذكرة أسباب الطعن بالنقض من محامٍ أحيل للمعاش التقاعدي قبل توقيعه عليها . يجعلها غير مستوفية شرائطها القانونية وصادرة من غير ذي صفة . أثر ذلك : عدم قبول الطعن شكلاً .
إيداع أسباب الطعن في الميعاد دون التقرير به . أثره : عدم قبول الطعن شكلاً .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
من المقرر وفق قضاء محكمة النقض أن مذكرة أسباب الطعن يجب أن يوقعها محام مقبول أمام محكمة النقض ، وإلا كانت باطلة وهو بطلان متعلق بالنظام العام ولو لم يثره أحد الخصوم . لما كان ذلك ، وكان نص المادة 208 من القانون رقم 17 لسنة 1983 بشأن المحاماة على أنه " يترتب على صرف معاش التقاعد ألا يباشر المحامي أي عمل من أعمال المحاماة أياً كان نوعه ويرفع اسم المحامي نهائياً من جدول المحامين المشتغلين ولا يجوز للمحامي بعد أن يحصل على معاش التقاعد أن يطلب قيد اسمه في جدول المشتغلين " . لما كان ذلك ، وكان الثابت من مذكرة أسباب الطعن بالنقض أن السيد المحامي الأستاذ / .... هو من وقع على هذه المذكرة بوصفه محامياً أمام محكمة النقض ، وإذ أفادت نقابة المحامين بكتابها المرفق بالأوراق بتاريخ .... بأن السيد المحامي المذكور قد أحيل إلى المعاش التقاعدي اعتباراً من 1/1/2016 ولا يجوز له ممارسة مهنة المحاماة بعد هذا التاريخ ، ومن ثم لا يحق له التوقيع على مذكرة أسباب الطعن والذي تم بتاريخ 4/2/2016 وتكون المذكرة بذلك غير مستوفية لشروطها المقررة قانوناً ، ومن ثم تكون تلك الأسباب قد صدرت من غير ذي صفة ، الأمر الذي يتعين معه عدم قبول الطعن شكلاً ، هذا فضلاً عن أن المحكوم عليه الثاني .... وإن قدم أسباباً لطعنه في الميعاد ، إلا أنه لم يقرر بالطعن بالنقض ، فإن عدم التقرير بالطعن لا يجعل للطعن قائمة ولا تتصل به محكمة النقض ولا يغني عنه أي إجراء ، ومن ثم فإن الطعن المقدم منه يكون غير مقبول شكلاً .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما :
- أحرزا بقصد الاتجار جوهر " الحشيش " المخدر في غير الأحوال المصرح بها قانوناً .
وأحالتهما إلى محكمة جنايات .... لمعاقبتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 1 ، 2 ، 38/1 ، 42/1 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل ، والبند رقم " 56 " من القسم الثاني من الجدول الأول الملحق . بمعاقبتهما بالسجن المشدد لمدة ثلاث سنوات وبتغريمهما مائة ألف جنيه عما أسند إليهما وأمرت بمصادرة جوهر المخدر المضبوط ، باعتبار أن الإحراز مجرد من القصود المسماة في القانون .
فطعن المحكوم عليه الأول في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمـة
حيث إنه من المقرر وفق قضاء محكمة النقض أن مذكرة أسباب الطعن يجب أن يوقعها محام مقبول أمام محكمة النقض ، وإلا كانت باطلة وهو بطلان متعلق بالنظام العام ولو لم يثره أحد الخصوم . لما كان ذلك ، وكان نص المادة 208 من القانون رقم 17 لسنة 1983 بشأن المحاماة على أنه " يترتب على صرف معاش التقاعد ألا يباشر المحامي أي عمل من أعمال المحاماة أياً كان نوعه ويرفع اسم المحامي نهائياً من جدول المحامين المشتغلين ولا يجوز للمحامي بعد أن يحصل على معاش التقاعد أن يطلب قيد اسمه في جدول المشتغلين " . لما كان ذلك ، وكان الثابت من مذكرة أسباب الطعن بالنقض أن السيد المحامي الأستاذ / .... هو من وقع على هذه المذكرة بوصفه محامياً أمام محكمة النقض ، وإذ أفادت نقابة المحامين بكتابها المرفق بالأوراق بتاريخ .... بأن السيد المحامي المذكور قد أحيل إلى المعاش التقاعدي اعتباراً من 1/ 1 /2016 ولا يجوز له ممارسة مهنة المحاماة بعد هذا التاريخ ، ومن ثم لا يحق له التوقيع على مذكرة أسباب الطعن والذي تم بتاريخ 4 /2/ 2016 وتكون المذكرة بذلك غير مستوفية لشروطها المقررة قانوناً ، ومن ثم تكون تلك الأسباب قد صدرت من غير ذي صفة ، الأمر الذي يتعين معه عدم قبول الطعن شكلاً ، هذا فضلاً عن أن المحكوم عليه الثاني .... وإن قدم أسباباً لطعنه في الميعاد ، إلا أنه لم يقرر بالطعن بالنقض ، فإن عدم التقرير بالطعن لا يجعل للطعن قائمة ولا تتصل به محكمة النقض ولا يغني عنه أي إجراء ، ومن ثم فإن الطعن المقدم منه يكون غير مقبول شكلاً .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الطعن 2799 لسنة 58 ق جلسة 27/ 9/ 1988 مكتب فني 39 ج 1 ق 126 ص 842

جلسة 27 من سبتمبر سنة 1988

برئاسة السيد المستشار/ محمد أحمد حمدي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ أحمد محمود هيكل ونجاح نصار ومحمد محمد يحيى نواب رئيس المحكمة ومجدي الجندي.

----------------

(126)
الطعن رقم 2799 لسنة 58 القضائية

(1) دعوى مدنية. دعوى جنائية. تعويض. نقض "ما لا يجوز الطعن فيه من أحكام" "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
على الحكم الصادر في الدعوى الجنائية الفصل في التعويضات المطلوبة من المدعي بالحقوق المدنية في دعواه المرفوعة بطريق التبعية للدعوى الجنائية. المادة 309 إجراءات.
للمدعي بالحقوق المدنية الرجوع إلى ذات المحكمة إذا أغفلت الفصل في التعويضات. المادة 193 مرافعات.
عدم جواز الطعن بالنقض المقدم من المدعي بالحقوق المدنية في الحكم الذي أغفل الفصل في الدعوى المدنية. علة ذلك؟
الطعن بالنقض لا يجوز إلا فيما فصلت فيه محكمة الموضوع.
(2) إثبات "شهود". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
تناقض أقوال الشهود لا يعيب الحكم. ما دام قد استخلص الإدانة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه.
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل. لا يجوز أمام النقض.
(3) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
وزن أقوال الشهود. موضوعي.

----------------
1 - من المقرر أنه إذا كانت الدعوى المدنية قد رفعت بطريق التبعية للدعوى الجنائية فإن على الحكم الصادر في موضوع الدعوى الجنائية أن يفصل في التعويضات التي طلبها المدعي بالحقوق المدنية، وذلك عملاً بصريح نص المادة 309 من قانون الإجراءات الجنائية، فإن هو أغفل الفصل فيها، فإنه وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض - يكون للمدعي بالحقوق المدنية أن يرجع إلى ذات المحكمة التي فصلت في الدعوى الجنائية للفصل فيما أغفلته عملاً بالمادة 193 من قانون المرافعات وهي قاعدة واجبة الإعمال أمام المحاكم الجنائية لخلو قانون الإجراءات من نص مماثل وباعتبارها من القواعد العامة الواردة بقانون المرافعات. لما كان ذلك وكان الواضح من منطوق الحكم المطعون فيه أنه أغفل الفصل في الدعوى المدنية فضلاً عن أن مدوناته لم تتحدث عنها مما يحق معه القول بأن المحكمة لم تنظر إطلاقاً في الدعوى المدنية ولم تفصل فيها، وكان الطعن في الحكم بالنقض لا يجوز إلا فيما فصلت فيه محكمة الموضوع، فإن الطعن المقدم من الطاعن - في هذا الصدد - يكون غير جائز لعدم صدور حكم قابل له في خصوص الدعوى المدنية.
2 - لما كان تناقض أقوال الشهود - على فرض حصوله - لا يعيب الحكم ما دام قد استخلص الإدانة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً بما لا تناقض فيه - كما هي الحال في الدعوى - فإن منازعة الطاعن في القوة التدليلية لشهادة شاهدي الإثبات على النحو الذي ذهب إليه في طعنه لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير المحكمة للأدلة. القائمة في الدعوى وهو من إطلاقاتها ولا يجوز مصادرتها فيه لدى محكمة النقض.
3 - من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من شبهات مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه دون رقابة لمحكمة النقض، ومن ثم فإن منعى الطاعن في هذا الشأن يكون غير سديد.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن وآخر قضى ببراءته بأنهما تضاربا فأحدث كل منهما بالآخر الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي والتي تقرر لعلاجها مدة لا تزيد على عشرين يوماً حال استخدامهما آلة حادة (مطواة). وطلبت عقابهما بالمادة 242/ 1، 3 من قانون العقوبات وادعى كل منهما قبل الآخر مدنياً بمبلغ 51 جنيه على سبيل التعويض المؤقت ومحكمة جنح بندر المحلة قضت حضورياً عملاً بمادة الاتهام بحبس كل منهما شهراً مع الشغل وكفالة عشرين جنيهاً لإيقاف التنفيذ وفي الدعوى المدنية بإلزام المتهم الأول (الطاعن) بأن يؤدي للمدعي بالحق المدني مبلغ 51 جنيه على سبيل التعويض المؤقت. استأنفا ومحكمة طنطا الابتدائية مأمورية المحلة الكبرى - بهيئة استئنافية - قضت بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بتعديل الحكم المستأنف إلى براءة المتهم الآخر من التهمة المسندة إليه وتأييده فيما عدا ذلك.
فطعن الأستاذ/..... المحامي نيابة عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض ...... إلخ.


المحكمة

لما كان من المقرر أنه إذا كانت الدعوى المدنية قد رفعت بطريق التبعية للدعوى الجنائية فإن على الحكم الصادر في موضوع الدعوى الجنائية أن يفصل في التعويضات التي طلبها المدعي بالحقوق المدنية، وذلك عملاً بصريح نص المادة 309 من قانون الإجراءات الجنائية، فإن هو أغفل الفصل فيها، فإنه وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض - يكون للمدعي بالحقوق المدنية أن يرجع إلى ذات المحكمة التي فصلت في الدعوى الجنائية للفصل فيما أغفلته عملاً بالمادة 193 من قانون المرافعات وهي قاعدة واجبة الإعمال أمام المحاكم الجنائية لخلو قانون الإجراءات من نص مماثل وباعتبارها من القواعد العامة الواردة بقانون المرافعات. لما كان ذلك وكان الواضح من منطوق الحكم المطعون فيه أنه أغفل الفصل في الدعوى المدنية فضلاً عن أن مدوناته لم تتحدث عنها مما يحق معه القول بأن المحكمة لم تنظر إطلاقاً في الدعوى المدنية ولم تفصل فيها، وكان الطعن في الحكم بالنقض لا يجوز إلا فيما فصلت فيه محكمة الموضوع، فإن الطعن المقدم من الطاعن في هذا الصدد - يكون غير جائز لعدم صدور حكم قابل له في خصوص الدعوى المدنية. لما كان ذلك، وكان تناقض أقوال الشهود - على فرض حصوله - لا يعيب الحكم ما دام قد استخلص الإدانة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً بما لا تناقض فيه - كما هي الحال في الدعوى - فإن منازعة الطاعن في القوة التدليلية لشهادة شاهدي الإثبات على النحو الذي ذهب إليه في طعنه لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير المحكمة للأدلة. القائمة في الدعوى وهو من إطلاقاتها ولا يجوز مصادرتها فيه لدى محكمة النقض لما هو مقرر من أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من شبهات مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه دون رقابة لمحكمة النقض، ومن ثم فإن منعى الطاعن في هذا الشأن يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان البين من مطالعة الحكم المطعون فيه أنه أورد الأدلة على الطاعن واستند في إدانته ضمن ما استند إليه إلى أقوال الشاهد....... وقد أورد فحوى أقوال هذا الشاهد ومن ثم يكون الحكم قد بين مؤدى الدليل المستمد من أقوال الشاهد المذكور ويضحى ما يثيره الطاعن في هذا الصدد في غير محله. لما كان ما تقدم فإن الطعن برمته يكون مفصحاً عن عدم قبوله.

الطعنان 881 ، 1420 لسنة 7 ق جلسة 15 / 6 / 1963 إدارية عليا مكتب فني 8 ج 3 ق 123 ص 1297

جلسة 15 من يونيه سنة 1963

برئاسة السيد/ الإمام الإمام الخريبي نائب رئيس المجلس وعضوية السادة/ مصطفى كامل إسماعيل وحسن السيد أيوب والدكتور ضياء الدين صالح ومحمد مختار العزبي المستشارين.

------------------

(123)

القضيتان رقما 881، 1420 لسنة 7 القضائية

(أ) قرار إداري 

- بطلان القرار بسبب عيب في الشكل - لا يكون القرار باطلاً في الشكل كإغفال إجراء ما إلا إذا نص القانون على البطلان في هذه الحالة أو كان الإجراء جوهرياً - مثال - إصدار إحدى اللجان الصحية بمركز ما قراراً إدارياً بردم بئر مقامة في أرض بعض الأفراد نظراً لخطورته على الصحة العامة وذلك طبقاً لأحكام القرار الوزاري الصادر في 11 من مايو سنة 1895 - عدم اشتراك ضابط البوليس في حضور اجتماع هذه اللجنة لا يترتب عليه البطلان، ما دام القرار الوزاري لم ينص على البطلان في هذه الحالة، كما أن حضور الضابط ليس إجراء جوهرياً.
(ب) قرار إداري 

- عيب الشكل في القرار الإداري - قصور هذا العيب عن إحداث أثره إذا قامت الإدارة بتدارك ما فاتها من استيفاء الشكل دون أن يكون من شأن ذلك التدارك التأثير بتغيير ما في مضمون القرار الإداري أو ملاءمة إصداره - مثال - مخالفة نص المادة الخامسة من أحكام القرار الوزاري الصادر في 11/ 5/ 1895 بعدم أخذ عينة وتحليلها قبل إصدار قرار الردم عيب يجبر بتداركه فيما بعد ما دامت نتيجة التحليل قد جاءت مؤيدة لقرار الردم هذا.

-----------------
1 - لا حجة في النعي على قرار اللجنة الصحية الصادر بالتطبيق للقرار الوزاري الصادر في 11 من مايو سنة 1895 بالبطلان لعدم صحة اجتماع اللجنة بسبب عدم حضور ضابط البوليس ذلك أن القرار الإداري لا يبطل لعيب شكلي إلا إذا نص القانون على البطلان عند إغفال هذا الإجراء أو كان هذا الإجراء جوهرياً. ولم ينص القرار الوزاري الصادر في 11 من مايو سنة 1895 على البطلان إذا لم يحضر أحد أعضاء اللجنة الصحية. كما أن حضور ضابط البوليس ليس إجراء جوهرياً، لأن حضوره ليس بذي أثر في تغيير مضمون قرار اللجنة أو ملاءمة إصداره، فالواضح - على أساس أن اللجنة لجنة صحية - أن العضو ذا الأثر الحاسم في مضمون قرار اللجنة وملاءمة إصداره هو مفتش الصحة وقد حضر اجتماع اللجنة وإذا كان المقصود هو تمثيل سلطة الأمن في اللجنة. فقد مثلت هذه السلطة في شخص مأمور المركز وهو رئيس لضابط البوليس. هذا من ناحية ومن ناحية أخرى فإن القرار الوزاري الصادر في 11 من مايو سنة 1895 لم يحدد نصاباً لصحة انعقاد اللجنة وإنما صمت عن هذا التحديد. وإزاء هذا الصمت يلزم الرجوع إلى الأصل في صحة انعقاد اللجان والمجالس. والأصل أن انعقاد يصح إذا حضر الاجتماع أكثر من نصف الأعضاء. وقد حضر اجتماع اللجنة أربعة أعضاء من خمسة وصدر قرار اللجنة بالإجماع.
2 - لا حجة في النعي على قرار اللجنة الصحية المطعون فيه بأن أغفل مراعاة ما تنص عليه المادة الخامسة من القرار الوزاري الصادر في 11 من مايو سنة 1895 من أخذ عينة المياه وتحليلها قبل صدوره ذلك أن نتيجة التحليل جاءت مؤيدة للقرار. وعيب مخالفة الشكل يقصر عن إحداث أثره، إذا قامت الإدارة بتدارك ما فاتها من استيفاء الشكل دون أن يكون من شأن ذلك التدارك التأثير بتغيير ما في مضمون القرار الإداري أو ملاءمة إصداره.


إجراءات الطعن

في 22 من فبراير سنة 1961 أودعت إدارة قضايا الحكومة سكرتيرية هذه المحكمة بالنيابة عن السيد/ وزير الصحة تقرير طعن في الحكم الصادر بجلسة 27 من ديسمبر سنة 1960 من محكمة القضاء الإداري (هيئة منازعات الأفراد والهيئات) في طلب وقف التنفيذ في الدعوى رقم 1261 لسنة 14 القضائية المقامة من السادة/ أمين سعد الدين ميهوب ويونس محمود ميهوب ضد وزارة الصحة، والقاضي بوقف تنفيذ القرار المطعون. وطلب الطاعن للأسباب المبينة بتقرير الطعن الحكم "بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من وقف تنفيذ القرار المطعون فيه ورفض طلب وقف التنفيذ مع إلزام المطعون ضدهما بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة" وقيد الطعن تحت رقم 881 لسنة 7 القضائية، وأعلن تقرير الطعن إلى المطعون عليهما في 7 من مارس سنة 1961. وعين لنظره أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة جلسة 16 من مارس سنة 1963 وأبلغ الطرفان في 28 من يناير سنة 1963 بميعاد هذه الجلسة. وفي 6 من يوليه سنة 1961 أودعت إدارة قضايا الحكومة سكرتيرية هذه المحكمة بالنيابة عن السيد/ وزير الصحة تقرير طعن في الحكم الصادر بجلسة 9 من مايو سنة 1961 من محكمة القضاء الإداري (هيئة منازعات الأفراد والهيئات) في موضوع الدعوى المذكورة. والقاضي بإلغاء القرار الصادر في 2 من مارس سنة 1960 من اللجنة الصحية بمركز أشمنت بردم البئر القائمة في أرض المدعيين بناحية الرياض مركز أشمنت وإلزام الحكومة بالمصروفات ومبلغ خمسمائة قرش مقابل أتعاب المحاماة. وطلب الطاعن للأسباب المبينة بتقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه ورفض الدعوى مع إلزام المطعون ضدهما بالمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة. وقيد الطعن تحت رقم 1420 لسنة 7 القضائية وأعلن تقرير الطعن إلى المطعون عليهما في 13 من يوليه سنة 1961. وعين لنظره أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة جلسة 16 من مارس سنة 1963. وأبلغ الطرفان في 28 من يناير سنة 1963، بميعاد هذه الجلسة وفيها قررت الدائرة إحالة الطعنين إلى المحكمة العليا. وعين لنظرهما أمامها جلسة 11 من مايو سنة 1963. وأبلغ الطرفان في 6 من إبريل سنة 1963 بميعاد هذه الجلسة وفيها قررت ضم الطعن رقم 881 لسنة 7 القضائية إلى الطعن رقم 1420 لسنة 7 القضائية ليصدر فيهما حكم واحد وإرجاء النطق بالحكم لجلسة اليوم وفيها صدر الحكم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات ذوي الشأن، وبعد المداولة.
من حيث إن المحكمة قررت ضم الطعن رقم 881 لسنة 7 القضائية إلى الطعن رقم 1420 لسنة 7 القضائية ليصدر فيهما حكم واحد.
ومن حيث إن الطعنين استوفيا أوضاعهما الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة - حسبما يبين من أوراق الطعن - تتحصل في أن المدعيين أقاما الدعوى رقم 1261 لسنة 14 القضائية ضد وزارة الصحة بصحيفة أودعت سكرتيرية محكمة القضاء الإداري بتاريخ 16 من يوليه سنة 1960 بطلب الحكم بوقف تنفيذ القرار الصادر في 2 مارس سنة 1960 من اللجنة الصحية بمركز أشمنت والذي يقضى بردم البئر القائمة في أرضهما وفي الموضوع بإلغائه. وقالا بياناً للدعوى أن أسرة ميهوب شيدت بناحية الرياض مركز بوش ببني سويف بئراً ارتوازية في أرض يملكانها هما وآخرون من أفراد الأسرة وذلك منذ ما يقرب من خمسين عاماً واتخذت الأسرة هذه البئر مورداً لسقي الزرع والماشية. وحدث أن شجر نزاع بين نفر من أبناء الأسرة فتقدم أحدهم وهو السيد/ أحمد سعد الدين ميهوب بشكوى مؤرخة 15 من نوفمبر سنة 1959 إلى مدير منطقة بني سويف الطبية ادعى فيها أن بعض الاهلين ينزلون إلى مياه البئر أيام الجمعة للاستشفاء من أمراضهم المعدية وغير المعدية وأن مياه البئر راكدة وغير ثابت صلاحيتها وطلب العمل على غلق البئر لتجنب الضرر الذي يحدث من نزول المرضى فيها وانتشار العدوى من جراء عقيدة فاسدة، فأحال مدير المنطقة الطبية هذه الشكوى إلى مفتش صحة أشمنت الذي حرر مذكرة مؤرخة 2 من ديسمبر سنة 1959، وصف فيها موقع البئر وإنها تجاور ضريح ولي الله الشيخ ميهوب وأن إلى جوارها قناة تستمد مياهها من هذه البئر بواسطة شادوف وأن المياه تنصرف إلى مجرى ينتهي إلى بركة واسعة وأضاف أن الاهلين والمشرفين على الضريح افهموه أن البئر أثرية أقيمت من قديم الزمن لسقي الماشية ولكنها الآن وطبقاً لعقيدة في نفوس بعض القرويين تستعمل في الاستحمام لشفاء بعض الإمراض. ووصفا طريقة نزول هؤلاء الملتمسين للعلاج إلى مياه البئر ورأى أن في نزولهم ما ينافي الأخلاق العامة والتقاليد الاجتماعية والقواعد الصحية إذ ينزل الأفراد ولا يسترهم سوى جلباب واحد فوق الجسم. وخلص من ذلك إلى القول بأن تعاقب نزول المرضى في البئر من الجائز أن يسبب انتقال عدوى الأمراض المختلفة من بعضهم البعض علاوة على أن مياه البئر قذرة وغير جارية والمياه المحيطة بالبئر تسهل انتشار الحشرات والذباب. وفي 28 من ديسمبر سنة 1959 أرسلت المذكرة إلى مدير الإدارة العامة لشئون المناطق بوزارة الصحة ورأى قسم البيئة بالوزارة ردم البئر بعد موافقة اللجنة الصحية المشكلة طبقاً للقرار الوزاري الصادر في 11 من مايو سنة 1895. وبتاريخ 2 من مارس سنة 1960 اجتمعت لجنة مشكلة برئاسة مأمور مركز بوش وعضوية مفتش صحة أشمنت والسيدين/ محمد سليمان زيدان ومحمد حسنين عشماوي وقررت بالإجماع الموافقة على ردم البئر لضررها على الصحة العامة. فتقدم السيد/ ميهوب محمد ميهوب لوزير الصحة بتاريخ 4 من مارس سنة 1960 بشكوى أوضح فيها أن البئر مملوكة للأسرة لأغراض الري وسقي الماشية وإنها مقدمة في أرضهم الخاصة بجوار ضريح جدهم ولي الله الشيخ ميهوب وإنها تفيد في إقامة الشعائر الدينية وإنه لا حجه إطلاقاً للأضرار الصحية التي وردت الإشارة إليها في مذكرة مفتش صحة أشمنت وأن المذكرة تنطوي على تعصب ديني لمحاربة أسرة ميهوب والعقائد الدينية لأن مياه البئر تستعمل في إقامة الشعائر الدينية والوضوء والاغتسال. وتلقت الوزارة شكاوى أخرى بهذا المعني من لفيف من أفراد الأسرة وأهل البلدة. فأعدت المنطقة الطبية مذكرة مؤرخة 22 من مارس 1960 انتهت فيها إلى أن قرار ردم البئر بني على وجود ضرر صحي من استعمال البئر وليس بسبب وجودها بجوار ضريح فأشر مدير مكتب وزير الصحة على هذه المذكرة بالنظر، فأعيدت جميع الأوراق إلى مصدرها وطلبت المنطقة الطبية ببني سويف بكتابها المؤرخ 9 من مايو سنة 1960 من جهة الإدارة إعلان شيخ الطريقة السعدية إدارياً بقرار اللجنة الصحية مع تكليفه بردم البئر ردماً تاماً في بحر شهر من تاريخ علمه وإعطائه مهلة ثانية مدتها خمسة عشر يوماً إذا انتهت المهلة الأولى دون إتمام الردم. واستطرد المدعيان إلى النعي على قرار اللجنة المطعون فيه بمخالفته للقانون واتسامه بعيب إساءة استعمال السلطة، لأن اللجنة شكلت دون أن تضم ضابط البوليس فيكون تشكيلها باطلاً لمخالفته التشكيل الذي رسمته المادة الأولى من القرار الوزاري رقم 15 الصادر في 11 من مايو سنة 1895 ولأن اللجنة لم تتبع الإجراءات التي رسمتها المادة الخامسة من القرار الوزاري فلم ترسل عينات من مياه البئر للتحليل. ولأن البئر غير مستعملة للشرب فلا تخضع لأحكام القرار المشار إليه إطلاقاً. ولأنه لم يسبق لمفتش الصحة ولا مراقب الأوبئة ولا المعاون الصحي ولا أي فرد من رجال الأوبئة ولا اللجنة الصحية أن نبه إلى الضرر من قيام تلك البئر أو الإشارة إلى خطورتها على الصحة العامة ولأن هذه البئر شأنها شأن مئات الآبار المنتشرة في طول البلاد وعرضها تصل المياه الجوفية المتجددة وتستخدم استخداماً عادياً لا ضرر منه على الإطلاق. وأجابت الحكومة على الدعوى بأن انعقاد اللجنة بغير اشتراك ضابط البوليس لا يترتب عليه بطلان لأن العيب الشكلي لا يبطل القرار إلا إذا نص على البطلان أو كان الإجراء الذي أغفل جوهرياً في ذاته. واشتراك ضابط البوليس لا يعد في ذاته إجراء جوهرياً لأن اللجنة صحية والعضو الرئيسي فيها هو مفتش الصحة والمادة العاشرة من القرار الوزاري الصادر في سنة 1895 تنص على أن جميع المجاري التي توجد متصلة بالنيل أو بالترع أو التي تصب في البرك يجب غلقها بلا تأخير حسب تعليمات اللجنة الصحية، والثابت من تقرير مفتش صحة أشمنت أن البئر يصب في بركة مياهها راكدة تتجمع فيها القاذورات والقمامات وأن الاهلين ينزلون إليه للاغتسال والاستحمام اعتقاداً منهم أن ذلك يشفى الأمراض نظير أجر يدفع لصاحب الشأن وبطريقة منافية للآداب. ولم يثبت أن البئر تستخدم للري. كما أن الزعم بأن هدم البئر ينطوي على محاربة الشعائر الدينية مردود بأن اللجنة وافقت على الهدم بالإجماع ومن بين أعضائها السيدان محمد سليمان زيدان ومحمد حسنين عشماوي، وبجلسة 27 من ديسمبر سنة 1960 قضت محكمة القضاء الإداري بوقف تنفيذ القرار المطعون وأقامت قضاءها على أن اللجنة مشكلة تشكيلاً غير قانوني إذ كان ينقصها العضو الخامس وهو أحد ضباط البوليس. كما أن قرار اللجنة المذكورة صدر على خلاف ما تقضي به المادة الخامسة من قرار وزير الداخلية الصادر في 11 من مايو سنة 1895 من وجوب إرسال عينة من مياه الآبار إلى المعمل لتحليلها قبل إصدار القرار بغلقها. وبعد تحضير موضوع الدعوى، قضت محكمة القضاء الإداري بجلسة 9 من مايو سنة 1961 بإلغاء القرار الصادر في 2 مارس سنة 1960 من اللجنة الصحية بمركز أشمنت بردم البئر القائمة في أرض المدعيين بناحية الرياض مركز أشمنت وإلزام الحكومة المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة، وأقامت قضاءها على أن اللجنة اجتمعت دون حضور أحد أعضائها وهو ضابط البوليس. فاجتماعها يكون غير صحيح قانوناً وبالتالي يكون القرار الصادر منها في هذا الشأن باطلاً ولم ينص القرار الوزاري على جواز انعقاد اللجنة بأغلبية أعضائها عند تخلف بعضهم كما أن العينة التي أخذت من مياه البئر، أخذت في 18 من سبتمبر سنة 1960 ووردت نتيجة التحليل في 8 من أكتوبر بينما صدر القرار المطعون فيه في 3 من مارس سنة 1960 أي أنه صدر دون مراعاة لحكم المادة الخامسة من القرار الوزاري الآنف الذكر. مما يجعله مخالفاً لحكم جوهري من أحكامه.
ومن حيث إن الطعنين يقومان على أنه لا بطلان إلا بنص وأن القرار الإداري لا يبطل لعيب شكلي إلا إذا نص القانون على بطلان القرار عند إغفال هذا الإجراء أو كان هذا الإجراء جوهرياً والقرار الوزاري الصادر في 11 من مايو سنة 1895 لا يتضمن النص على البطلان في حالة عدم اشتراك ضابط البوليس. كما أن حضوره ليس إجراء جوهرياً لأن اللجنة لجنة صحية. وعلى أن العينة المأخوذة من البئر أثبت التحليل الكيماوي أنها غير صالحة للشرب. فضلاً عن أن القرار صادر أيضاً بقصد حماية الآداب والصالح العام والأخلاق. فلم تستند جهة الإدارة في ردم البئر إلى المادة الخامسة من القرار سالف الذكر فقط وإنما استندت كذلك إلى المادة العاشرة من القرار المذكور.
ومن حيث إن القرار الوزاري الصادر في 11 من مايو سنة 1895 ينص على أنه "لما كان من الضروري للمحافظة على الصحة العمومية اتخاذ الاحتياطيات اللازمة لمنع ظهور أمراض وبائية أو معدية في القطر ما هو آت: احتياطيات مستديمة: - 1 - يشكل في كل مديرية أو محافظة أو مركز لجنة صحية مؤلفة بالصفة الآتية:... في المراكز: مأمور المركز رئيس، ضابط البوليس ومفتش صحة المركز واثنان من الأعيان ينتخبهما المأمور أعضاء... وعلى اللجان المذكورة أن تراقب تنفيذ جميع الأحكام الآتية وأحكام اللوائح الصحية الجاري العمل بها بالدقة 5000 - مياه الآبار التي يشتبه فيها ترسل بمعرفة اللجنة الصحية إلى مصلحة الصحة لتحليلها فإذا وجدت غير صالحة للشرب تغلق الآبار بمعرفة اللجنة المذكورة على نفقة المالك لها..."
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن اللجنة الصحية بمركز بوش قد انعقدت بتاريخ 2 من مارس سنة 1960 مشكلة من مأمور المركز ومن مفتش صحة أشمنت الدكتور عبيد شكري والسيدين محمد سليمان زيدان ومحمد حسانين عشماوي أعضاء وانتقلت إلى ناحية الرياض ونظرت كتاب مفتش صحة أشمنت بخصوص البئر الكائنة بجوار ضريح الشيخ ميهوب. وقد رأت اللجنة بالإجماع الموافقة على ردم البئر المذكورة لضررها على الصحة العامة، كما أن الثابت من الأوراق أن عينة من مياه البئر المذكورة أرسلت في 19 من سبتمبر سنة 1960 إلى معامل وزارة الصحة لتحليلها وكانت نتيجة التحليل أن "العينة غير صالحة للشرب من الوجهة الكيماوية والبكتريولوجية لوجود رواسب وطحالب بها".
ومن حيث إنه يبين مما تقدم أن قرار اللجنة الصحية بمركز بوش الصادر بتاريخ 2 من مارس سنة 1960 المطعون فيه. هو قرار صادر ممن يملكه ويقوم على سببه ولا وجه للطعن فيه قانوناً. إذ لا حجة في النعي عليه بالبطلان لعدم صحة اجتماع اللجنة بسبب عدم حضور ضابط البوليس ذلك أن القرار الإداري لا يبطل لعيب شكلي إلا إذا نص القانون على البطلان عند إغفال هذا الإجراء أو كان هذا الإجراء جوهرياً. ولم ينص القرار الوزاري الصادر في 11 من مايو سنة 1895 على البطلان إذا لم يحضر أحد أعضاء اللجنة الصحية. كما أن حضور ضابط البوليس ليس إجراء جوهرياً، لأن حضوره ليس بذي أثر في تغيير مضمون قرار اللجنة أو ملاءمة إصداره فالواضح - على أساس أن اللجنة لجنة صحية - أن العضو ذا الأثر الحاسم في مضمون قرار اللجنة وملاءمة إصداره هو مفتش الصحة وقد حضر اجتماع اللجنة وإذا كان المقصود هو تمثيل سلطة الأمن في اللجنة. فقد مثلت هذه السلطات في شخص مأمور المركز وهو رئيس لضابط البوليس. هذا من ناحية ومن ناحية أخرى فإن القرار الوزاري الصادر في 11 من مايو سنة 1895 لم يحدد نصاباً لصحة انعقاد اللجنة وإنما صمت عن هذا التحديد. وإزاء هذا الصمت يلزم الرجوع إلى الأصل في صحة انعقاد اللجان والمجالس. والأصل أن الانعقاد يصح إذا حضر الاجتماع أكثر من نصف الأعضاء. وقد حضر اجتماع اللجنة أربعة أعضاء من خمسة وصدر قرار اللجنة بالإجماع.
ومن حيث إنه لا حجة أيضاً في النعي على قرار اللجنة المطعون فيه بأن أغفل مراعاة ما تنص عليه المادة الخامسة من القرار الوزاري الصادر في 11 من مايو سنة 1895 من أخذ عينة المياه وتحليلها قبل صدوره ذلك أن نتيجة التحليل جاءت مؤيدة للقرار. وعيب مخالفة الشكل يقصر عن إحداث أثره، إذا قامت الإدارة بتدارك ما فاتها من استيفاء الشكل دون أن يكون من شأن التدارك التأثير بتغيير ما في مضمون القرار الإداري أو ملاءمة إصداره.
ومن حيث إنه بناء على ما تقدم يبين أن دعوى المدعي بشقيها - طلب وقف التنفيذ والموضوع - على غير أساس سليم من القانون. وإذ أخذ الحكمان المطعون فيهما بغير هذا النظر يكونان قد أخطأ في تطبيق القانون وتأويله. ويتعين القضاء بإلغائهما ورفض الدعوى وإلزام المدعيين بالمصروفات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعنين شكلاً وفي موضوعهما بإلغاء الحكمين المطعون فيهما وبعدم قبول الدعوى وألزمت المدعيين بالمصروفات.

الطعن 2780 لسنة 58 ق جلسة 20/ 9/ 1988 مكتب فني 39 ج 1 ق 125 ص 839

جلسة 20 من سبتمبر سنة 1988

برئاسة السيد المستشار/ محمد أحمد حمدي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ أحمد محمود هيكل ونجاح نصار نائبي رئيس المحكمة وحسن سيد حمزه ومجدي الجندي.

---------------

(125)
الطعن رقم 2780 لسنة 58 القضائية

جريمة "جريمة صرف المخلفات في مجاري المياه". عقوبة "تطبيقها". نقض "حالات الطعن. الخطأ في تطبيق القانون" "نظر الطعن والحكم فيه".
جريمة صرف المخلفات في مجاري المياه. عقوبتها. الحبس مدة لا تزيد على سنة والغرامة التي لا تقل عن خمسمائة جنيه ولا تزيد على ألفي جنيه أو إحدى هاتين العقوبتين المادة 16 من القانون 48 لسنة 1982.
قضاء الحكم المطعون فيه بتغريم المطعون ضده مائة جنيه. خطأ في تطبيق القانون. وجوب نقضه وتصحيحه.

--------------
لما كانت عقوبة جريمة صرف المخلفات في مجاري المياه التي دين بها المطعون ضده - كنص المادة 16 من القانون رقم 48 لسنة 1982 في شأن حماية نهر النيل والمجاري المائية من التلوث - هي الحبس مدة لا تزيد على سنة والغرامة التي لا تقل عن خمسمائة جنيه ولا تزيد على ألفي جنيه أو إحدى هاتين العقوبتين ولما كان الحكم المطعون فيه قد قضى بتغريم المطعون ضده مائة جنيه فإنه يكون قد نزل بالعقوبة عن الحد الأدنى المقرر قانوناً ويكون بذلك قد أخطأ في تطبيق القانون بما يوجب نقضه نقضاً جزئياً وتصحيحه بتعديل الغرامة المقضى بها إلى خمسمائة جنيه والإيقاف.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة المطعون ضده بأنه قام بصرف مخلفات منزله في المجرى المائي المبين بالمحضر دون ترخيص بذلك من الجهة المختصة وطلبت عقابه بالمواد 1، 2، 16 من القانون رقم 48 لسنة 1982. ومحكمة جنح اطسا قضت حضورياً عملاً بمواد الاتهام بتغريم المتهم خمسين جنيهاً والإيقاف استأنفت النيابة العامة. ومحكمة الفيوم الابتدائية بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بتعديل الحكم المستأنف إلى مائة جنيه والإيقاف.
فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض...... إلخ.


المحكمة

حيث إن النيابة العامة تنعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دان المطعون ضده بجريمة صرف مخلفات منزله في أحد المجاري المائية قد أخطأ في تطبيق القانون ذلك أنه نزل بعقوبة الغرامة عن الحد الأدنى المقرر لها في القانون.
وحيث إن عقوبة جريمة صرف المخلفات في مجاري المياه التي دين بها المطعون ضده - كنص المادة 16 من القانون رقم 48 لسنة 1982 في شأن حماية نهر النيل والمجاري المائية من التلوث - هي الحبس مدة لا تزيد على سنة والغرامة التي لا تقل عن خمسمائة جنيه ولا تزيد على ألفي جنيه أو إحدى هاتين العقوبتين ولما كان الحكم المطعون فيه قد قضى بتغريم المطعون ضده مائة جنيه فإنه يكون قد نزل بالعقوبة عن الحد الأدنى المقرر قانوناً ويكون بذلك قد أخطأ في تطبيق القانون بما يوجب نقضه نقضاً جزئياً وتصحيحه بتعديل الغرامة المقضى بها إلى خمسمائة جنيه والإيقاف.