جلسة 12 من مايو سنة 1963
برياسة السيد/ عبد العزيز الببلاوي نائب رئيس المجلس وعضوية السادة الدكتور محمود سعد الدين الشريف وعبد الفتاح نصار وعزت عبد المحسن وأبو الوفا زهدي المستشارين.
---------------
(112)
القضية رقم 1705 لسنة 6 القضائية
(أ) دعوى الإلغاء
- الطعن بالإلغاء على أحد القرارات الصادرة بالترقية لا يترتب عليه بطريقة آلية الطعن على جميع القرارات اللاحقة الصادرة بالترقية بالأقدمية - دعوى الإلغاء لا يمكن أن تتم إلا بإرادة صريحة لا افتراض فيها - أساس ذلك - أثره - أن الحكم الصادر بتحديد الأقدمية في تاريخ معين وما يترتب على ذلك من آثار لا تنصرف آثاره إلى قرارات الترقية التالية التي لم تعرض على المحكمة.
(ب) دعوى الإلغاء
- ميعاد رفع الدعوى - تطبيق المادة 22 من القانون رقم 55 لسنة 1959 في شأن تنظيم مجلس الدولة يوجب أن ترفع دعوى الإلغاء عن القرار الإداري ايجابياً كان أو سلبياً في المدة المحددة من وقت إعلان المتظلم به أو نشره أو من وقت علمه به - انفتاح باب الطعن لذي الشأن رغم فوات الميعاد من وقت أن يتكشف له حقيقة وضعه - صدور حكم من المحكمة الإدارية العليا مقرراً مبدأ في أحد الطعون لا يعتبر كاشفاً لحقيقة وضع من يطعن على قرار مماثل ومن ثم لا ينفتح باب الطعن بالنسبة له بعد فوات الميعاد.
إجراءات الطعن
بتاريخ 12 من يونيه سنة 1960 أودعت إدارة قضايا الحكومة سكرتيرية هذه المحكمة عريضة طعناً في الحكمين الصادرين من محكمة القضاء الإداري. هيئة الفصل بغير الطريق التأديبي "بجلستي 10 من فبراير سنة 1960 و13 من إبريل عام 1960 في الدعوى رقم 949 لسنة 11 القضائية المقامة من عبد العزيز محمد حسن ضد وزارة الخزانة (المالية) والقاضي أولهما برفض الدفع بعدم قبول الدعوى وبقبولها وثانيهما بإرجاع أقدمية المدعي في الدرجة الرابعة إلى أول مايو سنة 1960 وفي الدرجة الثالثة إلى 14/ 4/ 1954 وفي الدرجة الثانية إلى 25 من مارس سنة 1957 مع ما يترتب على ذلك من آثار وألزمت الحكومة مصاريف الدعوى وخمسمائة قرش مقابل أتعاب محامي المدعي" وطلبت إدارة قضايا الحكومة للأسباب التي استندت إليها في صحيفة طعنها قبول الطعن شكلاً وإلغاء الحكمين المشار إليهما مع الحكم أصلياً بعدم قبول الدعوى لرفعها بعد الميعاد واحتياطياً رفضها مع إلزام المطعون ضده المصروفات والأتعاب عن الدرجتين وقد أعلن هذا الطعن إلى المطعون ضده في 7 من نوفمبر سنة 1960 ثم أخطر الطرفان بالجلسة التي عينت لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون. وبعد أن تداولت القضية بالجلسة عدة مرات أحيل الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا. وأخطر الطرفان بجلسة 15 من إبريل سنة 1962 التي عينت لنظر الطعن أمام الدائرة الثانية من المحكمة الإدارية العليا حيث تأجل النظر فيه إلى جلسة 7 من أكتوبر سنة 1962 وفي هذه الجلسة حجزت القضية للحكم في الدفع بعدم القبول إلى جلسة 9 من ديسمبر سنة 1962 ثم أعيدت القضية إلى المرافعة بناء على طلب المحامي الأصلي إلى جلسة 13 من يناير سنة 1963 ثم تأجل النظر فيها إلى جلسة 24 من مارس سنة 1963 لمرض المحامي الأصلي وفي الجلسة الأخيرة حجزت القضية للحكم لجلسة اليوم.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن وقائع هذه المنازعة - حسبما تبين من الأوراق - تتحصل في أن المدعي أقام هذه الدعوى يقول فيها أنه بعد صدور قواعد التنسيق أخطأت الوزارة في تطبيقها عام 1947.. حيث أرجعت أقدميته وأقدمية لفيف من زملائه في الدرجة الخامسة إلى 13 من أغسطس سنة 1947 مع أن أقدمياتهم طبقاً لقواعد التنسيق السليمة ترجع إلى أول مايو سنة 1946 الأمر الذي دعاهم إلى إقامة الدعوى رقم 552 لسنة 4 قضاء إداري يطلبون فيها رد أقدمياتهم في الدرجة الخامسة إلى أول مايو سنة 1946 مع ما يترتب على ذلك من آثار وأن المحكمة أجابتهم إلى جميع طلباتهم بحكم صادر في عام 1951 وأنهم لما طالبوا الوزارة بتنفيذ الحكم اكتفت برد أقدمياتهم في الدرجة الخامسة إلى أول مايو سنة 1946 فقط مع أنه كان يتعين عليها وقد ردت أقدمياتهم في الدرجة الخامسة إلى التاريخ سالف الذكر أن تأمر بترقياتهم إلى الدرجة الرابعة بالأقدمية مع زملائهم الذين كانوا قد رقوا إلى هذه الدرجة في عام 1950 أي أثناء نظر الدعوى ولما لم تستجب الوزارة إلى طلباتهم أقام زملاء المدعي الدعوى رقم 559 لسنة 6 القضائية أمام محكمة القضاء الإداري يطلبون فيها الحكم بأحقيتهم في الترقية بالأقدمية إلى الدرجة الرابعة اعتباراً من أول مايو سنة 1950 وإلى الدرجة الثالثة اعتباراً من 14 من إبريل سنة 1954 مع ما يترتب على ذلك من آثار مستندين في ذلك إلى أن الحكم الصادر في الدعوى 552 لسنة 4 القضائية سالف الذكر قد كشف عن أقدمياتهم الصحيحة في الدرجة الخامسة وبذلك يكون قد هدم كشوف الأقدميات التي وضعت سنة 1947 وبالتالي يكون قد هدم جميع المراكز الفردية التي ترتبت على هذه الأقدمية كما أضافوا إلى ذلك أن الحكم الصادر في الدعوى 552 لسنة 4 القضائية وهو يقضي باستحقاقهم للترقية إلى الدرجة الخامسة اعتباراً من أول مايو سنة 1946 وما يترتب على ذلك من آثار، فإن من مقتضى هذا الحكم أن يرقوا كأثر لازم إلى الدرجات التالية مع زملائهم في ذات الأقدمية في الدرجة الخامسة ولكن المحكمة قضت بعدم قبول الدعوى لرفعها بعد الميعاد تأسيساً على أنه كان يتعين على المدعين أن يتربصوا بكل قرار وأن يطعنوا عليه بالإلغاء في الميعاد ولما طعنت هيئة مفوضي الدولة على هذا الحكم قضت المحكمة الإدارية العليا في هذا الطعن... "وهو برقم 68 لسنة 1 القضائية عليا" بجلسة 28 من يناير سنة 1956 بإلغاء الحكم المطعون فيه وبإحالة المدعين إلى طلباتهم استناداً إلى أنهم لم يكونوا في مركز يسمح لهم بتعرف مراكزهم القانونية إلا بعد صدور الحكم الصادر لصالحهم في الدعوى رقم 552 لسنة 4 القضائية برد أقدمياتهم في الدرجة الخامسة إلى أول مايو سنة 1946 وأضاف المدعي بأنه بمجرد أن علم بهذا الحكم قام بإنذار الوزارة في 13 من مارس سنة 1956 يطلب إليها تطبيق القواعد الواردة في الحكم المذكور آنفاً شأنه في ذلك شأن زملائه الذين أقاموا الدعوى 559 لسنة 6 القضائية. والطعن 68 لسنة 1 عليا. ولما لم تستجب الوزارة إلى طلبه بعد إجراء المباحثات الخاصة بذلك وأخطرته بالرفض في مايو سنة 1957 عاجل برفع دعواه الحالية يطلب فيها إلغاء القرار الصادر بالامتناع عن منحه مراكزه القانونية المبينة بإنذاره المؤرخ 13 من مارس سنة 1956 مع تقرير أحقيته للترقية إلى الدرجة الرابعة اعتباراً من أول مايو سنة 1950 وإلى الدرجة الثالثة اعتباراً من 14 من إبريل سنة 1954 وإلى الدرجة الثانية اعتباراً من 25 من مارس سنة 1957 مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الحكومة بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة وقد أصدرت محكمة القضاء الإداري في هذه الدعوى حكمان أولهما في 10 من فبراير سنة 1960 وهو يقضي برفض الدفع بعدم قبول الدفع وبقبولها وثانيهما في 13 من إبريل سنة 1960 وهو يقضي بإرجاع أقدمية المدعي في الدرجة الرابعة إلى أول مايو سنة 1950 وفي الدرجة الثالثة إلى 14/ 4/ 1954 وفي الدرجة الثانية إلى 25 من مارس سنة 1957 مع ما يترتب على ذلك من آثار وألزمت الحكومة مصاريف الدعوى وخمسمائة قرش مقابل أتعاب محامي المدعي "وأقام الحكم الأول، قضاءه في الدفع بعدم القبول على أن المدعي لم يتبين مركزه القانوني إلا بصدور حكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 68 لسنة 1 القضائية عليا والمرفوعة من زملائه والذي أرسى قاعدة جديدة في منازعة كان هو طرفاً فيها عند نشوئها وأنه عندما تكشفت له هذه القاعدة قدم تظلماً إلى الوزارة يطلب فيه تسوية حالته على الأساس الذي سويت عليه حالة زملائه في الطعن 68 لسنة 1 القضائية عليا وأنه بمجرد إخطاره برفض تظلمه بادر برفع هذه الدعوى وأضاف الحكم أن ترقية المدعي إلى الدرجتين الثالثة والثانية تترتب على إجابة طلب الترقية إلى الدرجة الرابعة وأنه وقد استجاب القضاء إلى طلبه إرجاع أقدميته في الدرجة الخامسة إلى تاريخ سابق فإنه يترتب على ذلك بحكم اللزوم الطعن بالإلغاء في أي قرار بالترقية إلى الدرجات التالية متى كان مبناها أحقية المدعي في الدرجة السابقة وهي في دعوانا الدرجة الخامسة بعد أن منحها وزملاؤه في مايو سنة 1946 لارتباط هذه بتلك ارتباط الفرع بالأصل أو النتيجة بالسبب ومن ثم لا يجوز التحدي بوجوب التظلم ثم الطعن على كل قرار إداري لاحق بالترقية إلى درجة أعلى في حينه بل يظل ميعاد التظلم والطعن في هذه القرارات اللاحقة مفتوحاً إلى الوقت الذي يتكشف فيه للمدعي حقيقة مركزه وهذا لا يتحقق إلا بصدور الحكم المقرر لمركزه القانوني شأنه في ذلك شأن الإعلان أو النشر وبما أن مركز المدعي القانوني لم يتكشف إلا بصدور الحكم الصادر لزملائه في الطعن 68 لسنة 1 القضائية وعلمه به فإن ميعاد الطعن في القرارات الصادرة بالترقية إلى الدرجات الرابعة والثالثة والثانية يظل مفتوحاً إلى هذا التاريخ خاصة وأن مركز الموظف مركز قانوني وأنه متى استقرت الأوضاع بالنسبة لطائفة من الموظفين فإن من مقتضى ذلك تطبيق هذه القاعدة على من يتفقون معهم في أوضاعهم ولو لم يقيموا دعاوى للمطالبة بتصحيح هذه الأوضاع هذا بالنسبة للدفع بعدم القبول تأسيساً على تأخير المدعي في إقامة دعواه بعد التظلم المقدم منه في فبراير سنة 1952 أما بالنسبة لهذا الدفع عن تأخير المدعي في إقامة دعواه إلى 5 من يونيه سنة 1957 مع أنه قدم تظلمه في 13 من مارس سنة 1956 فإن المحكمة أجابت عليه بأن فوات المدة المحددة للتظلم تقوم على افتراض رفض الإدارة لهذا التظلم أما إذا تبين أنها كانت في سبيل بحثه وأنها لم تنته من هذا البحث ولم تخطر المدعي بذلك إلا في تاريخ لاحق فإن المدة التي يتعين فيها على المتظلم إقامة دعواه هي المدة التالية لإخطاره وهي في الدعوى الحالية المدة من 2 من يونيه سنة 1957 تاريخ الإخطار بالرفض - و5 من يونيه من نفس الشهر وهو تاريخ رفعه للدعوى، ولهذا تكون دعواه في الميعاد ويكون الدفع بعدم القبول في غير محله، هذا من ناحية الدفع أما من ناحية الموضوع فقد أجيب المدعي إلى طلباته استناداً إلى أن أقدميته بعد تعديل وضعه واعتباره في الدرجة الخامسة اعتباراً من أول مايو سنة 1946 فإنها تسمح بترقيته بالأقدمية في التواريخ التي صدرت فيها القرارات المطعون عليها.
ومن حيث إن الطعن يقوم على ناحيتين أولهما الدفع بعدم قبول الدعوى تأسيساً على أن المطعون ضده علم علماً يقيناً بصدور القرار الصادر في أول مايو سنة 1950 بالترقية إلى الدرجة الرابعة وكان علمه به علماً يقيناً في 5 من فبراير سنة 1952 وذلك بتوجيهه وزملائه الإنذار المعلن إلى الوزارة في التاريخ سالف الذكر ورفض التظلم الوارد في هذا الإنذار الأمر الذي حمل زملاءه على إقامة الدعوى لسنة 6 القضائية أمام محكمة القضاء الإداري وأن في سكوت المدعي عن إقامة دعواه في الموعد المحدد لذلك يجعل دعواه الحالية غير مقبولة، كما أن ما أثاره الحكم بالنسبة للتظلم الثاني الصادر في 13 من مارس سنة 1956 من امتداد مدته إلى يوم إخطار المدعي برفضه غير صحيح إذ بمرور ستين يوماً من هذا التاريخ يعتبر التظلم مرفوضاً أما الناحية الثانية من الطعن فمبناها أن القرار الصادر في أول مايو سنة 1950 بالترقية إلى الدرجة الرابعة كان صادراً في ظل أحكام كادر سنة 1939 حيث كانت الترقيات جميعاً بالجدارة مع مراعاة الأقدمية ولا تقوم على الأقدمية وحدها.
ومن حيث إنه بالنسبة للدفع فإنه لاختلاف بين الطرفين على أن المدعي وزملاءه قد تظلموا بإنذارهم المعلن في 5 من فبراير سنة 1952 من عدم ترقيتهم نتيجة للحكم الصادر في الدعوى رقم 552 لسنة 4 القضائية بجلسة 12 من ديسمبر سنة 1951 إلى الدرجة الرابعة بموجب القرار الصادر أثناء نظر تلك الدعوى في أول مايو سنة 1950 وما يترتب على ذلك من آثار وأن المدعي لم يبادر برفع دعواه بمجرد مرور ستين يوماً على هذا التظلم وإنما قام بذلك زملاء المدعي في الحكم سالف الإشارة إليه وحدهم وأنه بعد صدور الحكم النهائي في الدعوى الأخيرة بجلسة 28 من يناير سنة 1956 نشط المدعي ووجه تظلماً إلى الوزارة من عدم تسوية حالته أسوة بزملائه المحكوم لصالحهم في تلك الدعوى وأنه لم يقم دعواه بعد الموعد المحدد لاعتبار التظلم مرفوضاً وإنما أقامها في 5 من يونيه سنة 1957، أي بعد أن أخطر برفض تظلمه في 2 من يونيه سنة 1957.
ومن حيث إنه يبين من الاطلاع على الإنذار الموجه من المدعي وآخرين والمعلن إلى الوزارة في 5 من فبراير سنة 1952 أنه انتهى بعد سرد تفاصيل النزاع والحكم الصادر في الدعوى رقم 52 لسنة 4 القضائية إلى طلب الترقية إلى الدرجة الرابعة واعتباراً ترقية كل منهم إلى هذه الدرجة راجعة بالتسلسل إلى تواريخ قرارات الترقية التي صدرت خلال المدة من أول مايو سنة 1950 إلى الآن كلية وأقدميته وصرف الفروق المستحقة لهم على الأساس المتقدم وعلى الوزارة أن تبحث السبيل إلى تحقيق ذلك رداً لحقوقهم بإلغاء جميع الترقيات التي لم يمض عليها شهران وتدبير درجات أخرى بقدر العدد اللازم لرد حقوق الطالبين الذين يحتفظون بكامل حقوقهم قبل الوزارة عن الماضي والحاضر والمستقبل.
ومن حيث إن الطعن بعدم القبول يتحصل في أن المدعي بعد أن أنذر الوزارة في 5 من فبراير سنة 1952 يتظلم من عدم ترقيته إلى الدرجة الرابعة وهي الدرجة التالية للدرجة الخامسة التي أصبحت أقدميته فيها نتيجة للحكم في الدعوى 552 لسنة 4 قضاء إداري راجعة إلى أول مايو سنة 1946 - تظلم من عدم ترقيته إليها في الحركة التي أجريت في مايو سنة 1950 أي أثناء نظر دعواه ومضى على هذا التظلم ستين يوماً بحيث أصبح تظلمه مرفوضاً ضمناً وكان يتعين عليه إقامة دعواه في ظرف الستين يوماً التالية أما وهو لم يرفعها إلا بعد مضي زهاء خمسة أعوام فإنها تكون غير مقبولة.
ومن حيث إن المدعي ومن ورائه الحكم المطعون فيه يرد على هذا الدفع بأن الحكم الصادر في الدعوى 552 لسنة 4 قضاء إداري إذ قضى باعتبار أقدمية المدعي في الدرجة الخامسة راجعة إلى أول مايو سنة 1946 مع ما يترتب على ذلك من آثار فإن هذا الحكم يكون قد مضى بإلغاء القرارات التالية له فيما تضمنته من عدم ترقية المدعى إليها باعتبارها من الآثار التي فصل فيها الحكم، وبأن الطعن على القرار الأول يترتب عليه بحكم اللزوم الطعن على القرارات التالية له دون حاجة إلى إقامة دعاوى جديدة وأن الحكم الصادر من المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 68 لسنة 1 القضائية قد أرسى قاعدة جديدة تعتبر بمثابة قانون جديد يستفيد المدعي من ورائه وأن مركز المدعي وهو مركز لائحي يقتضي من الحكومة أن تقوم من نفسها بتسوية حالته أسوة بزملائه الذين صدر الحكم لصالحهم في الطعن 68 لسنة 1 قضائية عليا وأن ما يطالب به المدعي ليس إلا مجرد تسوية لا تتقيد بمواعيد للطعن عليها.
ومن حيث إنه ينال من هذا القول أن الحكم في الدعوى رقم 552 لسنة 4 قضاء إداري برد أقدمية المدعي في الدرجة الخامسة إلى مدير سنة 1946 وما يترتب على ذلك من آثار إنما يكون نطاقه الفصل في منازعة حول استحقاق المدعي لأن تسوى أقدميته في الدرجة الخامسة وبإرجاعها إلى التاريخ سالف الذكر والأثر المباشر الذي يترتب على ذلك، وهذا الأثر هو تعديل الأقدمية في تلك الدرجة وصرف الفروق المالية الناجمة من العلاوات وتدرج الراتب في الدرجة موضوع الدعوى ولا يمكن أن ينصرف إلى قرارات أخرى لم تعرض على المحكمة للفصل فيها، ذلك أن الدعوى بإلغاء القرارات الإدارية المعيبة لا يمكن أن يتم إلا بإرادة صريحة جلية من الطاعن لا افتراض فيها ولا تكون ضمنية إذ ليس في القوانين ما يلزم صاحب الحق أن يحرك الدعوى لحماية ذلك الحق إذا ما اعتدى عليه. ومما يؤيد هذا النظر أن الدعوى، وخصوصاً دعوى الإلغاء لها أوضاع معينة نص عليها القانون من إيداع صحيفة الطعن مشتملة على بيانات معينة وأن يتم الإيداع في سكرتيرية المحكمة في أجل معلوم بحيث لو تخلف أي وضع من تلك الأوضاع انهارت الدعوى وحكم بعدم قبولها وفضلاً عن ذلك فلا يمكن القول في خصوص الدعوى الراهنة بأن ترقية المدعي إلى الدرجات العليا يعتبر أثراً من الآثار التي يقضي له بها الحكم المطعون فيه إذ أن أثر الشيء هو ما ينتج عنه مباشرة والترقية إلى الدرجة الأعلى في حاجة إلى قرار خاص بها يصدر بعد بحث حالة الموظف مقارنة بحالة غيره من الزملاء والنظر فيما عسى أن يكون قد طرأ عليها من ظروف قد تحول دون الترقية أو تقضي بتأجيلها وينبني على ذلك أن الطعن على القرار الصادر بتحديد أقدميته في الدرجة الخامسة في أغسطس سنة 1947 وإلغاء هذا القرار لا يمكن أن يترتب عليه بحكم اللزوم الطعن في جميع القرارات اللاحقة وإلا تعدى الحكم إلى أمور لم تعرض على المحكمة - وهو ما سبق قوله - كما يؤدي إلى اضطراب دائم للأوضاع الإدارية إذ يصبح النجاح في الطعن على أحد القرارات الإدارية مدعاة لإلغاء جميع القرارات اللاحقة والصادرة بالترقية بالأقدمية بطريقة آلية دون اتخاذ الإجراءات القانونية لعرضها على الجهات القضائية للتحقق من مدى جديتها ومدى استحقاق الطاعن عليها لها وأفضليته على المطعون عليه فيها وفي ذلك إهدار للمراكز القانونية الذاتية للغير وزعزعتها على مرور الزمن مما يضطرب معه نظام العمل في الجهاز الإداري وتضيع في سبيله المصلحة العامة كما أن هذا النظر يؤدي إلى القول بأن المحكمة قد أحلت نفسها محل الجهات الإدارية التي تملك وحدها إصدار القرارات الإدارية إذ أن الحكم لا يغنى عن إصدار القرارات الإدارية تنفيذاً له فإذا هي امتنعت عن ذلك أو أصدرتها على نحو يخالف ما جاء بالحكم فليس أمام المضرور ألا أن يلجأ من جديد إلى القضاء مراعياً الأوضاع القانونية لاسترداد ما يكون قد انتقص من حقوقه كما أن هذا النظر يقضي أيضاً على الأوضاع القانونية التي تحكم الموظفين سواء كان ذلك في ظل القواعد السابقة على القانون 210 لسنة 1951 أو التي تجرى تحت ظله إذ أن الترقية في الحالة الأولى لا تقوم على الأقدمية وحدها وإنما تقوم على الجدارة مع مراعاة الأقدمية وأنها في الحالة الثانية لا تجرى باطراد، إنما تحكمها ضوابط لا يمكن التحلل منها من هذه الضوابط مثلاً عدم جواز ترقية موظف حصل في السنة السابقة على تقدير بدرجة ضعيف أو أنزلت به عقوبة تأديبية تحول دون ترقيته في وقت معين أو أوقف عن عمله نتيجة لتحقيق جنائي أو إداري وهي أمور يجب أن توضع في الميزان قبل تقرير ترقية الموظف بالأقدمية بحيث ينتفي معها القول بأن الطعن في قرار إداري يترتب عليه بحكم اللزوم الطعن في القرارات التالية له لتعلق حق الطاعن بها دون استعراض لجميع الظروف والأوضاع المحيطة بهذه القرارات هذا وليس في مركز الموظف اللائحي ما يطعن على هذا النظر إذ أن حقه في الالتجاء إلى القضاء لم يشرع إلا لحماية هذا المركز إذ ما اعتدى عليه كما أن القول بأن الدعوى دعوى تسوية أمر مخالف للواقع إذ أنها طعن على قرارات بالترقية إلى درجات أعلى.
ومن حيث إنه لما سبق، وأخذاً بالنص الوارد في المادة 22 من القانون رقم 55 لسنة 1959 في شأن تنظيم مجلس الدولة والمواد القابلة لها في القوانين السابقة عليه وهي نصوص تتعلق بالإجراءات يتعين الطعن على كل قرار إداري ايجابياً كان أو سلبياً في المدة المحددة لذلك من وقت إعلان المتظلم به أو نشره أو من وقت علمه به وفي هذه الحالة الأخيرة يحق للمتظلم كما جاء بحق في الطعن رقم 68 لسنة 1 قضائية عليا أن يمتد حقه في الطعن أو ينفتح له بابه من جديد ومن وقت أن تتكشف له حقيقة وضعه على أن يراعي في الطعن وإقامة الدعوى المواعيد التي تبدأ من الأوقات السابقة ذكرها.
ومن حيث إن المدعي وقد تظلم من عدم ترقيته في 5 من فبراير سنة 1952 ولم يقم دعواه إلا عام 1957 فإن الدعوى تكون مرفوعة بعد الميعاد ويتعين عدم قبولها ولا يشفع له في ذلك أنه لم يستظهر حقيقة وضعه إلا بعد صدور الحكم في الطعن رقم 68 لسنة 1 إذ أنه كان يعلم بها كزملائه منذ 5 من فبراير سنة 1952 إنما كل ما حصل عليه من الحكم الأخير أنه استيقن من وضع فإن من الممكن أن يحصل عليه لو أنه انتهج كزملائه النهج القانوني السليم في الموعد المحدد لذلك ولا يمكن أن يرتب القانون أوضاعاً خاصة لمثل هؤلاء الذين ينتظروا حتى يتأكدوا من صحة ما يدعون وإنما هو يضع قواعد مفروض على الجميع معرفتها والدفاع عنها دون انتظار أو تربص.
ومن حيث إنه لما سبق جميعه يكون الحكم المطعون فيه وقد أخذ بغير هذا النظر قد أخطأ في تطبيق القانون وتأويله مما يتعين معه إلغاءه والحكم بقبول الدفع بعدم قبول الدعوى مع إلزام المدعي بالمصروفات.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وبعدم قبول الدعوى وألزمت المدعي بالمصروفات.