الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

السبت، 13 يناير 2024

التقرير البرلماني عن مشروع تعديل قانون الإجراءات الجنائية (استئناف الجنايات)

جمهورية مصر العربية

مجلس النواب

التقرير السابع والعشرون

مشروع قانون مقدم من الحكومة

الفصل التشريعي الثاني

دور الانعقاد العادي الرابع

تقرير

لجنة الشئون الدستورية والتشريعية

السيد المستشار الدكتور/ حنفي جبالي رئيس مجلس النواب

تحية طيبة، وبعد، فأتشرف بأن أقدم لسيادتكم، رفق هذا، تقرير لجنة الشئون الدستورية والتشريعية، عن مشروع القانون المقدم من الحكومة بتعديل بعض أحكام قانون الإجراءات الجنائية ، برجاء التفضل بعرضه على المجلس الموقر.

وقد اختارني مكتب اللجنة مقرراً أصلياً، والسيد النائب إيهاب الطماوي مقرراً احتياطياً، لها فيه أمام المجلس.

وتفضلوا بقبول فائق الاحترام والتقدير

13 /١ /٢٠٢٤ 

رئيس اللجنة

المستشار/ إبراهيم الهنيدي

 

تقرير لجنة الشئون الدستورية والتشريعية

عن مشروع القانون المقدم من الحكومة

بتعديل بعض أحكام قانون الإجراءات الجنائية

أحال المستشار الدكتور رئيس المجلس في 11 من يناير سنة ٢٠٢٤ ، إلى لجنة الشئون الدستورية والتشريعية، مشروع القانون المقدم من الحكومة بتعديل بعض أحكام قانون الإجراءات الجنائية، وذلك لبحثه ودراسته وإعداد تقرير عنه للعرض على المجلس الموقر ليقرر في شأنه ما يراه. عقدت اللجنة اجتماعاً لنظره في ١٣ من يناير سنة ٢٠٢٤ ، برئاسة السيد المستشار/ إبراهيم الهنيدي، بحضور المستشار علاء الدين فؤاد ( وزير شئون المجالس النيابية)، والمستشار محمد عبد العليم كفافي ( المستشار القانوني لرئيس مجلس النواب، وبحضور السادة أعضاء اللجنة.

كما حضره ممثلاً عن الحكومة والجهات والهيئات المعنية السادة

المستشار/ رامي سامي خير الله مستشار الأمانة العامة لمجلس النواب"

المستشار ضياء مصطفى عابد "عضو المكتب الفني لوزير العدل

المستشار الدكتور أيمن عبد الحميد رخا عضو قطاع التشريع بوزارة العدل

. المستشار/ عبد العليم فاروق "مستشار وزارة شئون المجالس النيابية

ه المستشار/ شريف الشعراوي " مستشار وزارة شئون المجالس النيابية

المستشار محمد سامي العواني نائب رئيس محكمة النقض، ممثل مجلس القضاء الأعلى

الأستاذ الدكتور/ أسامه حسنين عبيد "أستاذ القانون الجنائي بكلية الحقوق جامعة القاهرة، ووكيل الكلية لشئون خدمة المجتمع

وشئون البيئة

الأستاذ / محمود محمد الداخلي الأمين العام لنقابة المحامين، ممثل نقابة المحامين

الأستاذ / عبد الجواد أحمد عبد الحميد ممثل المجلس القومي لحقوق الإنسان

استعرضت اللجنة مشروع القانون المشار إليه ومذكرته الإيضاح (1) ، واستعادت نظر الدستور وقانون العقوبات، والقانون المدني، وقانون الإجراءات الجنائية، وقانون المرافعات المدنية والتجارية وقانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم ٥٧ لسنة ١٩٥٩ ، والقانون رقم ٧٥ لسنة ١٩٦٣ في شأن تنظيم هيئة قضايا الدولة، وقانون السلطة القضائية الصادر بالقانون رقم ٤٦ لسنة ۱۹۷۲ ، وقانون المحاماة الصادر بالقانون رقم ١٧ لسنة ۱۹۸۳ ، وقانون المالية العامة الموحد الصادر بالقانون رقم 6 لسنة ۲۰۲۲ ، واللائحة الداخلية للمجلس.

-----------------

(1) مرفق (۱) بالتقرير.

 

وبعد أن استمعت اللجنة إلى إيضاحات ومناقشات السادة أعضاء اللجنة، ورأي السادة ممثلي الحكومة والجهات والهيئات المعنية، تورد تقريرها عن مشروع القانون المعروض على النحو التالي:

مقدمة.

أولاً : فلسفة مشروع القانون المعروض وأهدافه.

ثانيا : الملامح الأساسية لمشروع القانون.

ثالثاً: النصوص الدستورية والقانونية الحاكمة لمشروع القانون

رابعاً: التعديلات التي أدخلتها اللجنة على مشروع القانون.

خامساً: رأي اللجنة.

مقدمة:

قانون الإجراءات الجنائية هو مجموعة القواعد التي تحكم الدعوى الجنائية من حيث إجراءات مباشرتها منذ لحظة وقوع الجريمة حتى الحكم فيها، وكذلك الحقوق والواجبات الناشئة عن محيط الروابط القانونية الناشئة عن تلك الإجراءات.

فالدور الأساسي لقانون الإجراءات الجنائية هو تطبيق وتفعيل قواعد قانون العقوبات فهو قانون جنائي إجرائي لكيفية تنفيذ العقوبات بالشكل الذي يحفظ للمواطنين حقوقهم وحرياتهم المقررة دستورياً.

صدر دستور ۲۰۱٤ وتضمنت المادة ٩٦ منه بأن المتهم برئ حتى تثبت إدانته في محاكمة قانونية عادلة، تكفل له فيها ضمانات الدفاع عن نفسه على أن ينظم القانون استئناف الأحكام الصادرة في الجنايات.

ولكن نظراً لما يحتاجه استئناف الجنايات من إمكانيات مادية ولوجستية وكوادر بشرية، جاءت المادة ٢٤٠ من الدستور تنص على أن: "تكفل الدولة توفير الإمكانيات المادية والبشرية المتعلقة باستئناف الأحكام الصادرة في الجنايات، وذلك خلال عشر سنوات من

تاريخ العمل بهذا الدستور، وينظم القانون ذلك." ، فلقد استجاب المشرع الدستوري لحلم ظل يراود الفقه المصري لعقود طويلة.

فدستور ٢٠١٤ كان منفرداً بالعديد من النصوص التي انطوت على مبادئ وقواعد مهمة في مجال حقوق الإنسان والحريات وسيادة القانون والعدالة الجنائية، والى جانب النصوص الدستورية فإن المحكمة الدستورية العليا قد ساهمت - أيضاً - بجهد كبير في الرقابة على الشرعية الجنائية بصفة عامة.

أولا: فلسفة مشروع القانون المعروض وأهدافه

جاء مشروع القانون المعروض تنفيذاً للالتزام الدستوري القائم على الدولة بكفالة توفير الإمكانيات المادية والبشرية المتعلقة باستئناف الأحكام الصادرة في الجنايات وذلك خلال عشر سنوات من تاريخ العمل بالدستور، والتي ستنتهي في ١٧ يناير ٢٠٢٤.

ونظراً لما أفرزه الواقع العملي من تكدس القضايا حيث أصبح من الضروري إعادة النظر في بعض نصوص القانون القائم في ضوء عدم ملاءمتها للوقت الراهن ومرور ما يزيد على سبعين عاماً على إصداره تخللتها ظروف ومستجدات أوجبت إعادة النظر في القواعد التي تتصل بالمحاكمات الجنائية.

حيث أصبح هناك ضرورة لذلك، نظراً لخطورة الجنايات وعقوباتها الجسيمة التي قد تصل إلى الإعدام بأن تنظر على درجة واحدة، ولا سيما أن الجنح وهي أقل خطورة تنظر على درجتين.

كما أنه جاء هادفاً إلى تحقيق عدد من الأهداف أبرزها العدالة الناجزة وتطبيق أفضل صورها ، وكذا تخفيف العبء على محكمة النقض، ويهدف كذلك إلى وضع أفضل الضمانات للمتقاضين نظراً لخطورة الجنايات وأثارها على المتهم وذويه على النحو السالف بيانه ومن ثم، بات لزاماً على الدولة أن تسارع إلى تعديله ليتفق مع الغايات السالف ذكرها.

ثانيا: الملامح الأساسية لمشروع القانون

انتظم مشروع القانون المعروض في ثلاث مواد بخلاف مادة النشر، وذلك على النحو التالي:

المادة الأولى

استبدلت المادة الأولى من مواد المشروع الفصلين الأول والثاني من الباب الثالث من الكتاب الثاني من قانون الإجراءات الجنائية، وقد استحدث المشروع في الفصل الأول من الباب الثالث الأحكام المنظمة لتشكيل محاكم الجنايات المستأنفة، وتحديد أدوار انعقادها ومكان الانعقاد ومواعيده، وكيفية اختيار قضاتها.

كما استحدث المشروع في الفصل الثاني من الباب الثالث تنظيماً للإجراءات المتبعة أمام محكمة الجنايات المستأنفة، بما في ذلك إجراءات إعلان المتهم بالجلسة المحددة لنظر الاستئناف، ودرجة المحامي الذي يحق له المرافعة أمام المحكمة، ودوره وجزاء إخلاله بهذا الدور، وأتعاب المحامي المنتدب للدفاع عن المتهم، والإجراءات التي تتبع في سبيل عرض القضايا على المحكمة وسلطاتها في القبض على المتهم وحبسه احتياطياً أو الإفراج عنه.

المادة الثانية

أضافت المادة الثانية من مواد المشروع إلى قانون الإجراءات الجنائية المشار إليه مواد جديدة بأرقام (٤١٩) مكرراً ، ٤١٩ مكرراً ۱ ، ٤۱۹ مكرراً ۲ ، ٤۱۹ مكرراً ۳ ، ٤١٩ مكرراً ٤ ، ٤١٩ مكرراً ٥، ٤١٩ مكرراً ٦ ، ٤١٩ مكرراً ٧، ٤١٩ مكرراً (۸) ، ٤۱۹ مكرراً (۹) وقد عينت نصوص المواد المستحدثة أصحاب الحق في الطعن بطريق الاستئناف في الأحكام الصادرة في مواد الجنايات من محكمة جنايات أول درجة، سواء في الدعوى الجنائية أو المدنية، وإجراءات الطعن وشروط قبوله، والإجراءات التي تتبع حيال الطعن بالاستئناف، وتنظيم التزام النيابة العامة بعرض الأحكام الحضورية الصادرة بالإعدام على محكمة النقض وفقاً لقانون حالات وإجراءات الطعن بالنقض الصادر بالقانون رقم ٥٧ لسنة ١٩٥٩ .

المادة الثالثة

أوجبت المادة الثالثة من مواد المشروع العمل بأحكامه اعتباراً من العام القضائي ٢٠٢٥/٢٠٢٤ والذي يبدأ من أول أكتوبر عام ۲۰۲٤ ، ولا تسري أحكامه إلا على الدعاوى التي لم يفصل فيها من محاكم الجنايات اعتباراً من تاريخ سريان هذا القانون، لما هو مقرر أن قانون المرافعات المدنية والتجارية يعتبر قانوناً عاماً بالنسبة لقانون الإجراءات الجنائية ويتعين الرجوع إليه لسد ما قد يوجد في القانون الأخير من نقص أو للإعانة على تنفيذ القواعد المنصوص عليها فيه.

ولما كان قانون الإجراءات الجنائية قد خلا من إيراد قاعدة تحدد القانون الذي يخضع له الحكم من حيث جواز الطعن فيه، وكان الأصل في القانون أن الحكم يخضع من حيث جواز الطعن فيه وإجراءاته ومواعيده إلى القانون الساري وقت صدوره، وذلك أخذاً بقاعدة عدم سريان أحكام القوانين إلا على ما يقع من تاريخ نفاذها وهي القاعدة التي سنتها المادة الأولى من قانون المرافعات المدنية والتجارية التي أوجبت سريان أحكامه على ما لم يكن قد فصل فيه من الدعاوى أو تم من الإجراءات قبل تاريخ العمل بها واستثنت من ذلك القوانين المنظمة لطرق الطعن بالنسبة لما صدر من الأحكام قبل تاريخ العمل به متى كانت ملغية أو منشئة لطريق من تلك الطرق، وهو ما جرى عليه قضاء محكمة النقض تأكيداً لهذه القواعد من أن طرق الطعن في الأحكام ينظمها القانون القائم وقت صدور الحكم محل الطعن.

المادة الرابعة

وهي الخاصة بنشر القانون في الجريدة الرسمية، والعمل به اعتباراً من أول أكتوبر ٢٠٢٤

ثالثا: النصوص الدستورية والقانونية الحاكمة المشروع القانون

الدستور:

مادة (96 / 1، ٢)

المتهم برئ حتى تثبت إدانته في محاكمة قانونية عادلة، تكفل له فيها ضمانات الدفاع عن نفسه. وينظم القانون استئناف الأحكام الصادرة في الجنايات.

- مادة (۹۷)

" التقاضي حق مصون ومكفول للكافة وتلتزم الدولة بتقريب جهات التقاضي وتعمل على سرعة الفصل في القضايا، ويحظر تحصين أي عمل أو قرار إداري من رقابة القضاء، ولا يحاكم شخص إلا أمام قاضيه الطبيعي، والمحاكم الاستثنائية محظورة.

- مادة (۹۸)

حق الدفاع أصالة أو بالوكالة مكفول واستقلال المحاماة وحماية حقوقها ضمان لكفالة حق الدفاع. ويضمن القانون لغير القادرين مالياً وسائل الالتجاء إلى القضاء والدفاع عن حقوقهم."

مادة (١٨٤)

"السلطة القضائية مستقلة، تتولاها المحاكم على اختلاف أنواعها ودرجاتها ، وتصدر أحكامها وفقاً للقانون، ويبين القانون صلاحياتها، والتدخل في شئون العدالة أو القضايا ، جريمة لا تسقط بالتقادم."

مادة (٢٤٠) "تكفل الدولة توفير الإمكانيات المادية والبشرية المتعلقة باستئناف الأحكام الصادرة في الجنايات، وذلك خلال عشر سنوات من تاريخ العمل بهذا الدستور، وينظم القانون ذلك."

. قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم ٥٧ لسنة ١٩٥٩ :

مادة (٤٦)

مع عدم الإخلال بالأحكام المتقدمة، إذا كان الحكم صادراً حضورياً بعقوبة الإعدام يجب على النيابة العامة أن تعرض القضية على محكمة النقض مشفوعة بمذكرة برأيها في الحكم ، وذلك في الميعاد المبين بالمادة (٣٤) وتحكم المحكمة طبقاً لما هو مقرر في الفقرة الثانية من المادة (٣٥) والفقرة الثانية من المادة (٣٩).

قانون المرافعات المدنية والتجارية الصادر بالقانون رقم ١٣ لسنة ١٩٦٨

مادة (1)

" تسري قوانين المرافعات على ما لم يكن فصل فيه من الدعاوى أو ما لم يكن تم من الإجراءات قبل تاريخ العمل بها ، ويستثنى من ذلك (1) القوانين المعدلة للاختصاص متى كان تاريخ العمل بها بعد إقفال باب المرافعة في الدعوى. (۲) القوانين المعدلة للمواعيد متى كان الميعاد قد بدأ قبل تاريخ العمل بها. (۳) القوانين المنظمة لطرق الطعن بالنسبة لما صدر من الأحكام قبل تاريخ العمل

بها متى كانت هذه القوانين ملغية أو منشئة لطريق من تلك الطرق."

رابعا: أهم التعديلات التي أدخلتها اللجنة على مشروع القانون:

ارتأت اللجنة إجراءات بعض التعديلات على مشروع القانون كان أبرزها على النحو التالي:

١- ضم المادة ( ٣٦٦) مكرراً) لتصبح فقرة ثانية للمادة (٣٦٦) ، حتى ينسحب الحكم الوارد بالمادة ( ٣٦٧) إليهما.

حذف عبارة "المشار إليها بالمادة (٣٦٦) من هذا القانون الواردة بالمادة (٣٦٧)، حتى ينسحب حكم استئناف الجنايات إلى القوانين ذات الصلة، والمتضمنة الجرائم في مواد الجنايات.

تعديل المادة (۳۷۷) وذلك للإبقاء على المحامين المقبولين للمرافعة أمام محاكم الاستئناف أو المحاكم الابتدائية للمرافعة أمام محكمة جنايات الدرجة الأولى وقصر المرافعة أمام محكمة الجنايات المستأنفة على المحامين المقبولين أمام محاكم الاستئناف، وذلك لمنح الفرصة لشباب المحامين للمرافعة أمام محاكم جنايات الدرجة الأولى. إضافة فقرة جديدة كفقرة ثانية للمادة (٤١٩) مكرراً ( ٤ ) يكون نصها الآتي: "وإذا كان مرفوعاً من هيئة قضايا الدولة، فيجب أن يكون التقرير موقعاً من مستشار بها على الأقل." ، وذلك لسد الفراغ التشريعي.

تعديل المادتين (٤١٩) مكررا ( ٤ ) و ( ٤١٩) مكررا (٥) برفع العبء الواقع على المتهم من ضرورة تقديم مذكرة من محام للطعن أمام محكمة الجنايات المستأنفة مع الاكتفاء بتقرير من المتهم أو وكيله، وذلك تيسيراً على المتقاضين. إضافة عبارة أو كان الحكم صادراً بالإعدام" إلى عجز الفقرة الأولى من المادة (٤١٩) مكررا (٩)، وذلك نظراً لخطورة أحكام الإعدام وعدم تدارك تنفيذها ، وكذلك حذف الفقرة الثالثة والأخيرة منها، حيث إنها مستغرقة بنص المادة (۳۸۰) من المشروع.

خامسا: رأى اللجنة:

بعد أن تدارست اللجنة مشروع القانون المعروض، وبعد أن استمعت للسادة الأعضاء والسادة ممثلي الحكومة والجهات المعنية، ترى اللجنة أنه جاء متسقاً مع أحكام الدستور خاصة المادة (96/ 2) التي تنص على: "وينظم القانون استئناف الأحكام الصادرة في الجنايات، وكذلك المادة (٢٤٠) منه التي تنص على أن: "تكفل الدولة توفير الإمكانيات المادية والبشرية المتعلقة باستئناف الأحكام الصادرة في الجنايات، وذلك خلال عشر سنوات من تاريخ العمل بهذا الدستور، وينظم القانون ذلك."

كما أنه جاء أيضاً تنفيذاً للاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان التي أطلقها فخامة السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس الجمهورية، ومتسقاً مع الاتفاقيات الدولية ذات الصلة.

هذا، وتؤكد اللجنة أن مشروع القانون المعروض يعد نقلة نوعية في كفالة ضمانات حقوق الإنسان فيما يخص تيسير إجراءات التقاضي وإنجاز الدعاوى دون إخلال بقواعد المحاكمة المنصفة وحقوق الدفاع وترسيخاً لمبدأ التقاضي على درجتين، حفاظاً على تطبيق أفضل صور العدالة، ولتخفيف العبء عن محكمة النقض.

فضلا عن أن مشروع القانون لم يعد مجرد حق أو أحد ضمانات التقاضي بل أصبح حاجة وضرورة على كافة الأصعدة للمتقاضين وللمحاكم والمجتمع ككل، فهو حلم ظل يراود الفقه المصري لعقود طويلة. كما أنه جاء ضمن حزمة من التشريعات في مجال توطيد حقوق الإنسان وحرياته وسيادة القانون.

وفي ضوء ما تقدم

قررت اللجنة الموافقة على مشروع القانون المقدم من الحكومة بتعديل بعض أحكام قانون الإجراءات الجنائية، وذلك بالصيغة المرفقة.

واللجنة إذ تعرض تقريرها على المجلس الموقر لترجو الموافقة على ما انتهت إليه.

رئيس اللجنة

المستشار إبراهيم الهنيدي





















الطعن 18804 سنة 87 ق جلسة 18 / 1 / 2020

باسم الشعب
محكمــة النقــض
دائرة السبت ( أ ) الجنائية
الطعن رقم 18804 سنة 87 قضائية
جلسة السبت الموافق 18 من يناير سنة 2020
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
برئاسة السيد القاضي / وجيـة أديب نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاه / بدر خليفة ، خالد إلهامي ، ممدوح فزاع وهاني صبحي نواب رئيس المحكمة
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) استدلالات . تفتيش " إذن التفتيش . إصداره " . دفوع " الدفع ببطلان إذن التفتيش " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير جدية التحريات " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب ".
تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الأمر بالتفتيش . موضوعي .
الخطأ في اسم الطاعن وعدم توصل التحريات لتحديد عملائه . غير قادح في جديتها وصحة إذن التفتيش . حد ذلك ؟
مثال لتسبيب سائغ لاطراح الدفع ببطلان إذن التفتيش لابتنائه على تحريات غير جدية .
(2) إثبات " بوجه عام " " شهود " . محكمة الموضوع " سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى " " سلطتها في تقدير أقوال الشهود " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها ".
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى . موضوعي . ما دام سائغاً .
وزن أقوال الشهود وتقديرها . موضوعي .
أخذ المحكمة الموضوع بشهاد شاهد . مفاده ؟
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل . غير جائز أمام محكمة النقض .
(3) قانون " تطبيقه " . دفاع " الاخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره ".
لا يصح الاعتداد بالتعليمات في مقام تطبيق القانون .
النعي بعدم إثبات الضابط المأمورية بدفتر الأحوال . غير مقبول .
(4) نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها ".
المنازعة في مكان وزمان الضبط والتفتيش أمام محكمة النقض . غير جائزة . علة ذلك ؟
(5) إثبات " أوراق رسمية " " بوجه عام " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل ".
الأدلة في المواد الجنائية إقناعية . للمحكمة الالتفات عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية . حد ذلك ؟
(6) تفتيش " إذن التفتيش . إصداره " . استدلالات . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير جدية التحريات ".
تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار إذن التفتيش . موضوعي .
(7) إثبات " بوجه عام " . استدلالات . تفتيش " إذن التفتيش . إصداره " . قصد جنائي . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير جدية التحريات " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " . مواد مخدرة .
للمحكمة أن ترى في التحريات وأقوال الضابط ما يسوغ الإذن بالتفتيش وإسناد حيازة المخدر إلي الطاعن ولا ترى فيها ما يقنعها بأن الحيازة بقصد الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي .
مثال .
(8) إثبات " بوجه عام " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها ".
لمحكمة الموضوع أن تورد في حكمها من مؤدى الأدلة ما يكفي لتبرير اقتناعها بالأوراق . ما دامت قد اطمأنت إليها واعتمدت عليها في تكوين عقيدتها .
الجدل الموضوعي في سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها . غير جائز أمام محكمة النقض .
مثال .
(9) ارتباط . عقوبة " تطبيقها " " عقوبة الجرائم المرتبطة " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الارتباط " . محكمة النقض " سلطتها " . حكم " تسبيبه . تسبيب معيب " . نقض " حالات الطعن . الخطأ في تطبيق القانون " . مواد مخدرة . سلاح . ذخائر .
تقدير قيام الارتباط بين الجرائم . موضوعي . شرط ذلك ؟
وقوع الجرائم المسندة للطاعن وليد نشاط إجرامي واحد . مقتضاه : معاقبته بعقوبة الجريمة الأشد وحدها . مخالفة الحكم المطعون فيه هذا النظر . يوجب تصحيحه . أساس ذلك ؟
مثال في حكم صادر بالإدانة عن جرائم حيازة نبات الحشيش المخدر بغير قصد الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي وسلاح ناري غير مششخن وذخائره بغير ترخيص .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائـع
اتهمت النيابة العامة الطاعن في قضية الجناية رقم ...... لسنة 2017 مركز شبين الكوم" والمقيدة بالجدول الكلي برقم ..... لسنة 2017 ".
بأنه في يوم 21 من ديسمبر سنة 2016 بدائرة مركز شبين الكوم - محافظة المنوفية .
1- حاز بقصد الاتجار نبات الحشيش المخدر ( القنب ) في غير الأحوال المصرح بها قانوناً .
2- حاز بغير ترخيص سلاحاً نارياً غير مششخناً ( فرد خرطوش ) .
3- حاز ذخائر مما تستعمل على الأسلحة النارية دون أن يكون مرخصاً له حيازتها .
وأحالته إلى محكمة جنايات شبين الكوم لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً في 16 من إبريل سنة 2017 عملاً بالمواد 1 ، 2 ، 38 /1 ، 42/1 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل والبند رقم 56 من القسم الثاني من الجدول رقم (1) الملحق بالقانون والمواد 1/1 ، 6 ، 26/1 – 4 ، 30/1 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل والجدول رقم 2 الملحق به ، مع إعمال المادتين 17 ، 32 من قانون العقوبات ، بمعاقبته بالسجن المشدد ثلاث سنوات وتغريمه خمسين ألف جنيه عن التهمة الأولى وبالحبس مع الشغل ثلاث أشهر وتغريمه ألف جنيه عن التهمتين الثانية والثالثة ومصادرة المخدر والسلاح والذخائر المضبوطين ، وذلك باعتبار أن جريمة حيازة نبات الحشيش المخدر بغير قصد الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي .
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض في 13 من مايو سنة 2017 .
وأودعت مذكرة بأسباب الطعن عن المحكوم عليه في 27 من مايو سنة 2017 موقعاً عليها من الأستاذ / المحامي .
وبجلسة اليوم سُمِعَت المرافعة على نحو ما هو مبين بمحضر الجلسة .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمـــة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر والمرافعة وبعد المداولة قانوناً :
من حيث إن الطعن استوفى الشكل المقرر في القانون .
ومن حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجرائم حيازة نبات الحشيش المخدر بغير قصد الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي وسلاح ناري غير مششخن وذخائره بغير ترخيص قد شابه القصور في التسبيب ، والفساد في الاستدلال ، والإخلال بحق الدفاع ؛ ذلك أنه دفع ببطلان إذن التفتيش لابتنائه على تحريات غير جدية بدلالة خطأها في بيان اسم الطاعن وأنها لم تتوصل إلى تحديد عملاء الطاعن وأنها جاءت جماعية شملت أشخاص آخرين ، ودفع باستحالة حدوث الواقعة وفقاً للتصوير الوارد بأقوال شاهدي الإثبات واختلاقها وتلفيق الاتهام بدلالة عدم إثبات المأمورية بدفتر الأحوال إلا أن الحكم اطرح هذه الدفع بما لا يسوغ ، وقد نازع دفاع الطاعن في شأن واقعة الضبط من حيث الزمان والمكان والتفت الحكم عما قدمه من مستندات تؤيد ما أثاره من دفاع ودفوع ، هذا إلى أن الحكم انتهى إلى أن حيازة الطاعن للمخدر هي حيازة مجردة من كل القصود المسماة وليس بقصد الاتجار وهو ما يهدر الأسس التي قامت عليها تلك التحريات التي هي عماد الإذن بالتفتيش ولم يورد مؤدى هذه التحريات ورغم ذلك استند إليها في الإدانة ، كل ذلك مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه .
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعن بها ، وأورد على ثبوتها في حقه أدلة مستمدة من أقوال شاهدي الإثبات ومما ثبت بتقريري المعمل الكيميائي والمعمل الجنائي وهى أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها عرض لدفع الطاعن ببطلان إذن التفتيش لابتنائه على تحريات غير جدية واطرحه في قوله : " وحيث إنه عما أثاره الدفاع ببطلان إذن النيابة العامة لابتنائه على تحريات غير جدية وجماعية فمردود عليه بأن المحكمة بعد أن طالعت أوراق الدعوى عن بصر وبصيرة اطمأنت إلى التحريات التي أجريت وارتاح لها ضميرها وذلك لكونها تحريات صريحة وواضحة وحوت بيانات كافية لتسويغ صدور هذا الإذن وأن الضابط مجريها قد بذل فيها جهده الشخصي واستعان بمصادرة السرية ومراقبته للمتهم ، ومن ثم يكون الدفع على غير سند صحيح ويتعين الالتفات عنه " . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع ، ومتى كانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بني عليها أمر التفتيش وكفايتها لتسويغ إصداره وأقرت النيابة على تصرفها في هذا الشأن ، فلا معقب عليها فيما ارتأته لتعلقه بالموضوع لا بالقانون ، وإذ كانت المحكمة – على ما سلف – قد سوغت الأمر بالتفتيش وردت على شواهد الدفع ببطلانه لعدم جدية التحريات التي سبقته بأدلة منتجة ، وكان الخطأ في اسم الطاعن وعدم توصلها إلى تحديد عملاءه في محضر جمع الاستدلالات لا يقدح بذاته في جدية ما تضمنه من تحريات وبالتالي صحة إذن التفتيش طالما أنه الشخص المقصود بالإذن ، كما أن شمول التحريات لأكثر من شخص لا يكشف بذاته عن عدم جدية التحريات لأنه لا يمس ذاتيها ، ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ، وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها الشهادة متروكاً لتقدير محكمة الموضوع ، ومتى أخذت بشهادة الشاهد فإن ذلك يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، ولما كانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال الضابطين – شاهدي الإثبات – وصحة تصويرهما للواقعة فإن ما يثيره من منازعة في صورة الواقعة بقالة عدم معقوليتها واختلاقها من قبل الضابط وتلفيق الاتهام إنما ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه لا يصح الاعتداد بالتعليمات في مقام تطبيق القانون ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن من عدم إثبات المأمورية بدفتر الأحوال يكون غير مقبول . لما كان ذلك ، وكان اطمئنان المحكمة إلى حدوث الضبط والتفتيش في مكان معين وزمان معين هو من المسائل الموضوعية التي تستقل بالفصل فيها ولا تجوز إثارتها أمام محكمة النقض ، وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال شاهدي الإثبات وصحة تصويرهما للواقعة فإن ما يثيره الطاعن في شأن مكان وزمان ضبطه لا يكون مقبولاً . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه لا ينال من سلامة الحكم اطراحه للمستندات التي قدمها دفاع الطاعن للتدليل على ما أثاره من دفاع ، ذلك أن الأدلة في المواد الجنائية إقناعية للمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل والمنطق أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها من باقي الأدلة القائمة في الدعوى – كما هو الحال في الدعوى المطروحة – ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الصدد يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع ، وإذ كانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بني عليها إذن التفتيش وكفايتها لتسويغ إجرائه فلا معقب عليها في ذلك لتعلقه بالموضوع لا بالقانون . لما كان ذلك ، وكان ليس ما يمنع محكمة الموضوع بما لها من سلطة تقديرية من أن ترى في تحريات وأقوال الضابط ما يسوغ الإذن بالتفتيش ويكفى لإسناد واقعة حيازة النبات المخدر إلى الطاعن ولا ترى فيها ما يقنعها بأن هذه الحيازة كانت بقصد الاتجار أو بقصد التعاطي أو الاستعمال الشخصي دون أن يعد ذلك تناقضاً في حكمها . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تورد في حكمها من مؤدى الأدلة ما يكفى لتبرير اقتناعها بالإدانة ما دامت قد اطمأنت إلى هذه الأدلة واعتمدت عليها في تكوين عقيدتها وكان ما أورده الحكم بالنسبة لتحريات الشرطة باعتبارها مسوغاً لإصدار إذن التفتيش يحقق مراد الشارع الذى استوجبه في المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية من دعوى بيان مؤدى الأدلة التي يستند إليها الحكم الصادر بالإدانة ، فإن ما يثيره الطاعن من منازعة في بيان مؤدى التحريات لا يخرج عن كونه جدلاً موضوعياً في سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض ، ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الشأن يكون على غير أساس . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه وإن كان الأصل أن تقدير قيام الارتباط بين الجرائم مما يدخل في حدود السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع إلا أنه متى كانت وقائع الدعوى – على النحو الذى حصله الحكم – لا تتفق قانوناً مع انتهى إليه من عدم قيام الارتباط بين الجرائم التي دان الطاعن بها وتوقيعه عقوبة مستقلة عن كل منها ، فإن ذلك يكون من قبيل الأخطاء القانونية التي تستوجب تدخل محكمة النقض لإنزال حكم القانون على وجهه الصحيح ، ولما كان الحكم المطعون فيه قد أورد بمدوناته لدى تحصيله الواقعة وأقوال شاهد الإثبات الأول بأن سبب حيازة الطاعن للسلاح والذخائر هو حماية نشاطه في المخدرات وهو الأمر الذى ينبئ عن أن ما ارتكبه الطاعن من جرائم كانت نتيجة مشروع إجرامي واحد والحال كذلك معاقبته عنها بعقوبة واحدة وهى العقوبة الأشد إعمالاً لحكم المادة 32 من قانون العقوبات ، وإذ كان الحكم المطعون فيه وإن كان قد أعمل في حق الطاعن حكم تلك المادة بالنسبة للجريمتين الثانية والثالثة – حيازة سلاح ناري وذخائره بغير ترخيص – دون الجريمة الأولى فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون مما يؤذن لهذه المحكمة – محكمة النقض – عملاً بحقها المقرر طبقاً للمادة 35 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض تصحيح ذلك الخطأ ، وإذ كان البين من الجرائم التي دين الطاعن بها أن الجريمة الأولى – حيازة نبات الحشيش المخدر بغير قصد الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي – هي الجريمة ذات العقوبة الأشد وحدها فإنه يتعين تصحيح الحكم المطعون فيه بإلغاء ما قضى به من عقوبة الحبس والغرامة عن التهمتين الثانية والثالثة " جريمتي حيازة السلاح غير المششخن وذخيرته بدون ترخيص " على الطاعن ورفض الطعن فيما عدا ذلك .
فلهـــذه الأسبــــاب
حكمت المحكمة :- بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بتصحيح الحكم المطعون فيه بإلغاء عقوبتي الحبس والغرامة عن التهمتين الثانية والثالثة ورفض الطعن فيما عدا ذلك .

الطعن 3097 لسنة 91 ق جلسة 12 / 6 / 2023

باسم الشعب
محكمــة النقــض
الدائرة الجنائية
الاثنين ( ج )
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
برئاسة السيد القاضى / حمدي ياسين نائب رئيس المحكمـة وعضوية السادة القضاة / محـمد خالد و مهاد خليفة ومحـمــــود عــاكـــف و السيد جابر نواب رئيس المحكمة
وحضور رئيس النيابة العامة لدى محكمة النقض السيد / محمد جمال.
وأمين السر السيد / علي محمود.
في الجلسة العلنية المنعقدة بمقر المحكمة بدار القضاء العالي بمدينة القاهرة.
في يوم الاثنين 23 من ذو القعدة سنة 1444 هـ الموافق 12 من يونيه سنة 2023م.
أصـدرت الحكم الآتي :
في الطعن المقيد بجدول المحكمة برقم 3097 لسنة 91 القضائية .
المرفوع مـن :
النيابة العامة " الطاعنة "
ضــد
……………………. " المطعون ضده "
-------------
الوقائع
اتهمت النيابة العامة المطعون ضده في القضية رقم ….. لسنة ۲۰۲۰ جنايات مركز ….. ( والمقيدة برقم …… لسنة ٢٠٢٠ كلي …… ).
بأنه في يوم ٢ من سبتمبر سنة ۲۰۲۰ - بدائرة مركز …… - محافظة …….
- أحرز بقصد الاتجار جوهر الحشيش (القنب) في غير الأحوال المصرح بها قانوناً على النحو المبين بالتحقيقات.
- أحرز بغير ترخيص سلاح ناري غير مششخن (فرد خرطوش) على النحو المبين بالتحقيقات.
- أحرز بغير ترخيص ذخيرة (طلقتين خرطوش) على النحو المبين بالتحقيقات.
وأحالته إلى محكمة جنايات ……… لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة.
ومحكمة الجنايات المذكورة قضت حضورياً بجلسة ۲۰ من ديسمبر سنة ۲۰۲۰ عملاً بالمواد ۱، ٢، ٣٧/1، ٤٢/1 من القانون رقم ١٨٢ لسنة ١٩٦٠ المعدل بالقانون ۱۲۲ لسنة ۱۹۸۹ والبند رقم (٥٦) من القسم الثاني من الجدول رقم (۱) الملحق ، والمواد ۱/۱، ٦، ٢٦/1، ٤، ۳۰/1 من القانون رقم ٣٩٤ لسنة ١٩٥٤ المعدل والجدول رقم (2) الملحق بالقانون ، وبعد إعمال المادتين ۱۷، ۳۲ من قانون العقوبات . بمعاقبته بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة وتغريمه عشرة آلاف جنيه عما أسند إليه ومصادرة النبات المخدر والسلاح الناري المضبوطين وألزمته المصاريف الجنائية . باعتبار أن إحرازه للجوهر المخدر بقصد التعاطي.
وقررت النيابة العامة بالطعن في هذا الحكم بطريق النقض في ١١ من فبراير سنة ۲۰۲۱.
وبذات التاريخ أودعت مذكرة بأسباب الطعن بالنقض موقع عليها من المحامى العام الأول لنيابة ……… الكلية.
وبجلسة اليوم سمعت المرافعة على ما هو مبين بمحضر الجلسة.
--------------
المحكمـــــة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر والمرافعة وبعد المداولة قانوناً.
من حيث إن الطعن قد استوفى الشكل المقرر في القانون.
وحيث إن النيابة العامة تنعي على الحكم المطعون فيه أنه إذ دان المطعون ضده بجرائم إحراز جوهر مخدر بقصد التعاطي وإحراز سلاح ناري غير مششخن وذخيرة بغير ترخيص قد شابه الخطأ في تطبيق القانون ، ذلك بأنه أعمل المادة 32/2 من قانون العقوبات بالنسبة للجرائم الثلاث مع أنه لا مجال لهذا الإعمال بالنسبة للتهمتين الثانية والثالثة - إحراز السلاح الناري وذخيرته - اللتين تستقلان عن التهمة الأولى في الفعل المنشئ لها ، كما أنها لا ترتبط بأيهما برباط لا يقبل التجزئة ، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إنه يبين من الأوراق أن الحكم المطعون فيه دان المطعون ضده عن جرائم إحراز جوهر مخدر بقصد التعاطي وإحراز سلاح ناري غير مششخن وذخيرته بغير ترخيص ، وبعد أن دلل الحكم على ثبوت هذه الجرائم في حق المطعون ضده ، قضى بمعاقبته بالحبس مع الشغل سنة واحدة وتغريمه عشرة آلاف جنيه بعد أن أعمل في حقه حكم الفقرة الثانية من المادة 32 من قانون العقوبات تأسيساً على أن تلك الجرائم مرتبطة ببعضها ارتباطاً غير قابل للتجزئة . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن مناط تطبيق الفقرة الثانية من المادة ٣٢ من قانون العقوبات أن تكون الجرائم قد انتظمتها خطة جنائية واحدة بعدة أفعال مكملة لبعضها البعض بحيث تتكون منها مجتمعة الوحدة الإجرامية التي عناها الشارع بالحكم الوارد في الفقرة المشار إليها ، وأن تقدير قيام الارتباط بين الجرائم هو مما يدخل في حدود السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع بلا معقب ، متى كانت وقائع الدعوى على النحو الذي يحصله الحكم تتفق قانوناً مع ما انتهى إليه ، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد استخلص من ظروف الدعوى وأدلتها أن المطعون ضده ارتكب الجرائم سالفة البيان ، وانتهى في منطق سليم إلى أنها وليدة نشاط إجرامي واحد ومرتبطة ببعضها ارتباطاً لا يقبل التجزئة ، الأمر الذي يوجب اعتبارها كلها جريمة واحدة والحكم بالعقوبة المقررة لأشدهم وهي جريمة إحراز الجوهر المخدر، فإن الحكم لا يكون قد خالف القانون ، ويضحى منعى النيابة في هذا الشأن غير سديد ، الأمر الذي يتعين معه رفض طعنها موضوعاً.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة :ـــ بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع برفضه.

الطعن 1090 لسنة 7 ق جلسة 11 / 5 / 1963 إدارية عليا مكتب فني 8 ج 3 ق 108 ص 1150

جلسة 11 من مايو سنة 1963

برئاسة السيد/ الإمام الإمام الخريبي نائب رئيس المجلس وعضوية السادة مصطفى كامل إسماعيل وحسن السيد أيوب والدكتور ضياء الدين صالح ومحمد مختار العزبي المستشارين.

---------------

(108)

القضية رقم 1090 لسنة 7 القضائية

(أ) موظف - تأديب 

- واجبات الوظيفة - من أهمها أن يصدع الموظف للأمر الصادر إليه من رئيسه ما دام متعلقاً بأعمال وظيفته، وأن ينفذه فور إبلاغه به، لا أن يناقشه أو يمتنع عن تنفيذه بحجة عجزه عن القيام به - سند ذلك أن الذي يقوم بتوزيع الأعمال على موظفي الجهة الإدارية الواحدة هو الرئيس بحسب التدرج الإداري، وهو المسئول أولاً وأخيراً عن سير العمل في الوحدة التي يرأسها - ترك الأمر للموظف يختار ما يشاء من الأعمال ويقبل منها ما يرتاح إليه ويرفض ما يستصعب القيام به يؤدي إلى الإخلال بالنظام الوظيفي ويعرض المصلحة العامة للخطر.
(ب) موظف - تأديب 

- واجبات الوظيفة - حق الموظف في الشكوى إلى رؤسائه مما يصادفه في العمل - وجوب أن يكون في الحدود التي لا تخل بالعمل، وإلا ينقلب الأمر فيها إلى المهاترة والخروج بها إلى التعريض بأحد من الرؤساء أو الزملاء مما يعد إخلالاً بالواجب الوظيفي - رفض تظلم مكتوب قدمه الموظف لا يجيز تعرضه لرئيسه عند خروجه من مكتبه لكي يعيد على مسامعه ما سبق أن سطره في شكواه بطريقة غير مألوفة وبعيدة عن الأصول الإدارية الواجب مراعاتها في مخاطبة الرؤساء احتراماً للوظيفة العامة.

-----------------
1 - إذا كان الثابت أن أمراً قد صدر للمطعون عليه ممن يملكه ليقوم بعمل أمين المخازن الفرعية بمستشفى الحضرة الجامعي وهو من الأعمال الكتابية التي كان يمارسها المطعون عليه منذ عام 1957 ولا تختلف في طبيعتها عما كان يقوم به بالذات قبل ندبه مباشرة إلى هذه الوظيفة، ومن أهم واجبات الموظف العام أن يصدع بالأمر الصادر إليه من رئيسه ما دام متعلقاً بأعمال وظيفته وينفذه فور إبلاغه به لا أن يناقشه أو يمتنع عن تنفيذه بحجة عجزه عن القيام به ذلك أن الذي يقوم بتوزيع الأعمال على الموظفين التابعين لجهة إدارية واحدة هو الرئيس بحسب التدرج الإداري فهو المسئول أولاً وأخيراً عن سير العمل في الوحدة الإدارية التي يرأسها فإذا ترك الأمر للموظف يختار ما يشاء من الأعمال يقبل منها ما يرتاح إليه ويرفض ما يستصعب عليه القيام به لاختل النظام الوظيفي وتعرضت المصلحة العامة للخطر.
2 - إذا كان الثابت من الأوراق أن المطعون عليه رفض تنفيذ الأمر أولاً بحجة عدم درايته بأعمال المخازن ثم تقدم بتظلم مكتوب نظر ورفض ومن ثم فإن الأمر كان يجب أن ينتهي عند هذا الحد لا أن يثار بعد ذلك فيستوقف المطعون عليه رئيسه عند خروجه من المكتب لكي يعيد على مسامعه ما سبق أن سطره في شكواه بطريقة غير مألوفة وبعيدة عن الأصول الإدارية التي يجب مراعاتها في مخاطبة الرؤساء احتراماً للوظيفة العامة وقد أحس الموظفون الذين تواجدوا وقتذاك بحرج الموقف الذي ترتب على تصرف المطعون عليه ونصحوه بالاعتذار عما بدر منه.. وهو وإن كان يجوز لكل موظف شأنه شأن أي مواطن آخر أن يتقدم بالشكوى إلى رؤسائه مما يصادفه في العمل إلا أن ذلك يجب أن يكون في الحدود التي لا تخل بالعمل وإلا ينقلب الأمر فيها إلى المهاترة والخروج بها إلى التعرض بأحد من الرؤساء أو الزملاء مما يعد معه إخلال بالواجب الوظيفي.


إجراءات الطعن

في 15 من إبريل سنة 1961 أودع السيد/ رئيس إدارة قضايا الحكومة نائباً عن السيد/ مدير جامعة الإسكندرية سكرتيرية هذه المحكمة عريضة طعن في الحكم الصادر من المحكمة الإدارية بالإسكندرية بجلسة 13/ 2/ 1961 في الدعوى رقم 852 لسنة 7 القضائية المرفوعة من السيد/ مصطفى الجرف ضد جامعة الإسكندرية والقاضي (بإلغاء القرار التأديبي الصادر من مدير عام مستشفيات جامعة الإسكندرية في 21/ 11/ 1959 بخصم خمسة عشر يوماً من راتب المدعي وما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الجامعة المصروفات". وطلب السيد الطاعن للأسباب التي أوردها في عريضة طعنه "قبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه ورفض دعوى المطعون ضده وإلزامه المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن الدرجتين".
وقد أعلن الطعن لذوي الشأن. ونظر أمام دائرة فحص الطعون فقررت إحالته إلى هذه المحكمة التي بعد أن سمعت ما رأت لزوم سماعه من إيضاحات ذوي الشأن أرجأت النطق بالحكم إلى جلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة - حسبما يبين من أوراق الطعن - تتحصل في أن المدعي أقام الدعوى رقم 852 لسنة 7 القضائية ضد جامعة الإسكندرية بعريضة أودعها سكرتيرية المحكمة الإدارية بالإسكندرية في 12 من يوليه سنة 1960 طلب فيها الحكم بإلغاء القرار التأديبي الصادر في 21 من نوفمبر سنة 1959 بخصم خمسة عشر يوماً من مرتبه وإلغاء كل أثر قانوني له مع إلزام الجهة الإدارية المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة وقال شرحاً لدعواه أنه بتاريخ 6/ 6/ 1959 نقل من منطقة شبين الكوم التعليمية إلى الإدارة العامة للمستشفيات الجامعية واستمر يعمل في قسم الشطب بها نحو ثلاثة أشهر. وفي شهر سبتمبر سنة 1959 أصدر السيد الدكتور محمد نظيم المدير العام للمستشفيات الجامعية أمراً بنقل الطالب للعمل بوظيفة أمين المخازن الفرعية بمستشفى الحضرة الجامعي. فقدم الطالب التماساً لإلغاء هذا النقل لعدم درايته بأعمال المخازن وما تتصل به من عهد وأموال فرفض السيد المدير التماسه، حاول الطالب أن يقابله ليعرض عليه الأمر بنفسه ويبين له ما تتعرض له المصلحة العامة من وضعه في عمل لا يدري عنه شيئاً فوجد بابه مغلقاً والوصول إليه صعباً والعوائق في طريقه جمة، فوجئ الطالب بالسيد المدير العام خارجاً من مكتبه فوجدها الطالب فرصة ليعاود رجاءه فنهره السيد المدير العام أمام الموجودين وأمر بإجراء تحقيق معه ثم وقع عليه جزاء بخصم خمسة عشر يوماً من مرتبه بمقتضى القرار التأديبي الصادر في 21/ 11/ 1959، وهذا الجزاء لا مبرر له إلا إذا اعتبر السيد المدير العام أنه لا يجوز لإخوته في الوطن ومرؤوسيه في العمل أن يقربوا ساحته أو ينبسوا أمامه ببنت شفة، وهو وضع غير معروف في أفق القانون ولا في مجال الذوق والخلق خصوصاً وقد رفع الشعب رأسه بزوال زمن الاستعباد فجر يوم 23 من يوليه سنة 1952 إذ انحسر ظل الاستعمار عن كاهل المواطنين وقالها بحق السيد رئيس الجمهورية "ارفع رأسك يا أخي فقد مضى عهد الاستبداد".
أجابت الجامعة على الدعوى بأن المدعي ندب للقيام بعمل أمين مخزن بمستشفى الحضرة الجامعي اقتضاء للصالح العام بيد أنه حين أبلغ بهذا القرار عقب عليه باعتذاره عن تنفيذه بحجة افتقاره إلى الخبرة في أعمال المخازن وتقدم بمذكرة في هذا المعنى تقرر رفضها وعندما طلب السيد المساعد الإداري القائم بعمل رئيس الإدارة حينذاك التوقيع بالعلم وتنفيذ قرار الندب بادره الطالب بتعليق غير مناسب ولم يكتف بذلك بل أنه في نفس اليوم اعترض طريق السيد المدير العام في الردهة حين شاهده خارجاً من مكتبه وخاطب سيادته بطريقة خرج فيها على حدود الواجب وتحدث إليه، بأسلوب ينافي الأصول المرعية بين رئيس المصلحة واحد مرؤوسيه من الموظفين وذلك على النحو الذي ثبت من التحقيق الذي أجرى في هذا الصدد ولهذه الأسباب مجتمعة تقرر مجازاته بعقوبة الخصم خمسة عشر يوماً من المرتب، وأن ما أسند إلى الطالب وأسفر عنه التحقيق ينطوي على إخلال بمقتضيات الوظيفة وحسن السلوك الذي ينبغي للموظف أن يتصف به مما يسوغ مؤاخذته عنه. ومن ثم فإن القرار التأديبي المطعون فيه يكون قد قام على سببه..."
وبتاريخ 13/ 2/ 1961 قضت المحكمة الإدارية المذكورة "بإلغاء القرار التأديبي الصادر من مدير عام مستشفيات جامعة الإسكندرية في 21/ 11/ 1959 بخصم خمسة عشر يوماً من راتب المدعي وما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الجامعة المصروفات" وأقامت قضاءها على أن القرار التأديبي كأي قرار إداري آخر ينبغي أن يقوم على سبب يبرر إصداره وسبب القرار التأديبي بوجه عام طبقاً للمادتين 73 و83 مكرر من قانون الموظفين هو إخلال الموظف بواجبات وظيفته إيجاباً أو سلباً أو إتيانه عملاً من الأعمال المحرمة عليه أو امتناعه عن تنفيذ أمر صادر إليه في حدود القانون أو مخالفة - أثناء قيامه بعمل - القواعد القانونية أو الأصول المرعية أو عدم احترام الرؤساء أو خروجه على مقتضيات وظيفته، وبالجملة كل تصرف من شأنه أن يتنافى مع ما ينبغي أن يكون عليه الموظف العام، وعندئذ يحق للإدارة أن توقع عليه الجزاء التأديبي الذي تراه مناسباً للجرم المقترف بعد سماع أقوال الموظف المتهم وتحقيق دفاعه، والقضاء الإداري وهو بسبيل رقابته على القرار الإداري لمراقبة مدى مشروعيته وقيامه متوافراً على أركانه، أن يتحقق من قيام ركن السبب في القرار التأديبي، فله في هذا السبيل أن يراقب سلامة التكييف القانوني للوقائع المنسوبة إلى الموظف المتهم، أو مدى انطوائها على إحدى المخالفات التأديبية، ويراقب النتيجة التي وصل إليها التحقيق وما إذا كانت قد استخلصت استخلاصاً سائغاً من مقدمات تؤدي إليه... والثابت من الاطلاع على التحقيق الذي أجرى مع المدعي في 8/ 10/ 1959 أنه اعتذر فور إبلاغه بقرار ندبه إلى عمل المخازن عن قيامه بهذا العمل لعدم مرانه عليه وانعدام خبرته به، وتظلم من ذلك الأمر بالطريق القانوني السليم مؤيداً بالمبررات التي رآها وعرضها على المساعد الإداري الذي عرضها بدوره على المدير العام للمستشفيات، فرأى أخذ رأي مدير المخازن ثم أمر بتنفيذ الأمر فوراً وأخذ الموافقة الكتابية من المدعي على ذلك فاستدعى المساعد الإداري ليطلعه على نتيجة تظلمه فحضر إليه واطلع على الأوراق وانتهى به الأمر إلى التوقيع بالموافقة في ذات اليوم، وهذا الذي أتاه المدعي لا يعد امتناعاً منه عن تنفيذ أمر النقل بل هو تظلم طبيعي وقانوني سلك فيه المدعي المسلك السليم من حيث التسلسل الإداري وانتهى إلى الموافقة على تنفيذه على أثر تيقنه من إصرار المدير العام على التنفيذ، فلم يكن هناك إصرار من المدعي على الامتناع عن تنفيذ الأوامر الصادرة إليه، والتظلم هو حق مشروع لكل موظف في إبداء رأيه فيما يناط به، فإن أخذ بوجهة نظره كان بها، وإلا امتثل للأمر ورضي بما عهد إليه في حدود القانون، ويكون التحقيق إذا انتهى إلى إدانة المدعي بجريمة الامتناع عن تنفيذ أمر نقله إلى المخازن من واقع ما قام به المدعي من تصرفات، قد أخطأ التكييف السليم ويتعين طرح تلك النتيجة.... وأما عن تصرفات المدعي إزاء المساعد الإداري وما نسب إليه فيها من تعليقه تعليقاً غير لائق، فإن الأمر كما صوره المساعد - أن المدعي هم بالجلوس ليتمكن من الاطلاع على ما عرضه عليه المساعد من أوراق، إلا إن ذلك الأخير نهاه عن الجلوس على المقعد الخاص بزوار المدير العام فامتثل المدعي ولم يجلس، وإن كان ثمة عدم لياقة فأولى بها المساعد الذي ينكر على موظف أن يحاول الجلوس في مكتبه بحجة عدم إضاعة الوقت، مع أنه لم ينسب إلى المدعي أنه تلكأ أمامه أو أنه جلس فأطال الجلوس، ولكن حقيقة الأمر كما جاء على لسان المساعد الإداري أن الطاعن تأهب للجلوس على مقاعد زوار المدير العام. فإذا قارن المدعي بين موقف المساعد منه وإنكاره حق الجلوس عليه وبين موقف أحد المتهمين أمام هيئة المحكمة بطلب الجلوس وإجابة المحكمة هذا الطلب فلا إثم عندئذ ولا جريرة.. وأخيراً وعن موقف المدعي من المدير العام. فإن المدعي حين رآه خارجاً من مكتبه وجد في ذلك الفرصة لكي يشكو إليه أمره بنفسه ويخاطبه في أمر نقله، إلا أن المدير العام رفض التحدث معه في أمر مصلحي في غير مكتبه ومع ذلك فقد جارى المدير العام المدعي وتحدث معه... ومن حق الموظف أن يبلغ صوته إلى رؤسائه بالشكاية والتظلم ما دام قد التزم حدود الأدب واللياقة، ولم يشهد أحد ممن سئلوا في التحقيق أن ارتفاع صوت المدعي كان عن غير تأدب، بل أن المهندس إسماعيل مختار لم يشهد بأن المدعي في حديثه مع المدير العام جاوز حدود الأدب واللياقة، وقد يكون ارتفاع الصوت هو ارتفاع صوت المشتكي وليس صوت المعتدي... ولكل ما تقدم يكون القرار المطعون فيه فاقداً ركن سببه، فوقع حينئذ باطلاً ويتعين إلغاءه.
ومن حيث إن أسباب الطعن تقوم على أنه حين أبلغ المطعون ضده برفض اعتذاره وبضرورة تنفيذ أمر الندب علق على ذلك بتعليق غير مناسب ثم اعترض في ذات اليوم طريق مدير عام المستشفيات في الردهة حين شاهده خارجاً من مكتبه وخاطبه بطريقة خرج فيها عن حدود الواجب وتحدث إليه بأسلوب ينافي الأصول الشرعية بين رئيس ومرءوسيه، وأجرى مع المطعون ضده تحقيق أسفر عن ثبوت امتناعه عن تنفيذ أمر النقل مع تعليقات غير مناسبة للمساعد الإداري ومخاطبته للمدير العام بطريقة غير لائقة وهذا كله يعد خروجاً على مقتضى الواجب الوظيفي وبناء على هذه النتيجة صدر قرار المطعون فيه قائماً على سببه وهو الامتناع عن تنفيذ أمر صادر إلى المطعون ضده في حدود القانون وعدم احترامه للرؤساء وإتيانه تصرفات تتنافى مع ما ينبغي أن يكون عليه الموظف العام.
ومن حيث إنه يبين من الأوراق أن المطعون ضده حاصل على شهادة الدراسة الثانوية قسم خاص عام 1950 وعين بوظيفة مدرس بإحدى المدارس التابعة لوزارة التربية والتعليم اعتباراً من 14/ 10/ 1954 ثم نقل إلى الكادر الكتابي في سنة 1957 بمنطقة شبين الكوم التعليمية وفي سنة 1959 نقل إلى وظيفة كاتب بمستشفيات جامعة إسكندرية ويشغل الدرجة الثامنة، وفي 4/ 10/ 1959 قدمت مذكرة للسيد المدير العام تتضمن وجود نقص في أمناء المخازن... ويمكن النظر في ترشيح السيد/ مصطفى الجرف الذي يعمل حالياً بقلم الشطب بدلاً من السيد/ المغاوري لتسلم مخزن مستشفى الحضرة الجامعي حيث أورى السيد الدكتور مغازي بعدم إمكان تدبير أعمال السيد الحصافي محلياً. "ثم ووفق على هذا الندب على أن يحل محل السيد/ عبد السلام على أثر عودته من الخدمة العسكرية في أوائل شهر نوفمبر سنة 1959" وجاء بالمذكرة التي أعدت لعرض الأمر على السيد المدير العام والمؤرخة 5/ 10/ 1959 "أن ندب السيد الجرف قد يزيد إنتاجه عن الوقت الحاضر عندما يشعر بالمسئولية على أن يحل محله أول موظف أو مستخدم خارج الهيئة يمكن تدريبه لحين حلول موظف" وقد وافق السيد المدير العام على هذا الندب في 15/ 10/ 1959 وقد حدث حين أخطر المطعون ضده بهذا الأمر أن أشر عليه باعتذاره عن التنفيذ، وعلى أثر ذلك استدعاه المساعد الإداري لاستيضاحه عن عدم التنفيذ فحضر وقدم طلباً للسيد المدير العام، وبعرض هذا الطلب على سيادته أمر بضرورة التنفيذ فوراً - وبتصفح الطلب المقدم من المطعون عليه إلى السيد المدير العام بتظلمه من ندبه للعمل بالمخازن يبين أنه بناه على عدم خبرته بأعمال المخازن وأنه لا يجوز لكل موظف أن يحمل هذه الأمانة إذ أنه يجب أن يسبق القيام بها تدريب لفترة معقولة، وهذه النظرية أخذت بها الإدارة العامة مما يؤيد وجهة نظره ويسند ظلمته - فقد أعدت برنامجاً لتدريب عدد من قدامى الموظفين في الخدمة ومحدثيهم فيها ومنهم الطالب - فما بال المشيرين الذين رشحوه لهذه المهمة يتناسون هذه الحقيقة ويدفعونه في طريق لا يعلم عنه سوى اسمه.. أهذا تصرف أو هذه مشورة قصد بها الصالح العام أم أن مجرد سد الخانة".. وهو واثق بأن السادة الذين سألهم سيادة المدير العام عمن يصلح لشغل وظيفة أمين المخازن الفرعية بالحضرة لو صدقوا النصيحة لكان هو آخر اسم يمكن أن يرد في هذا المجال.. ولكن لم يتقدم أحد الغيورين على المصلحة العامة لحمل هذه الأمانة.. ولمصلحة من تضيع شهور عرف فيها كيف يؤدي عمله بمكتب الشطب... وأنكم يا سيادة المدير ستأمرون بإحقاق الحق ووضع الموظف في المكان الذي يملأه لا في الفوهة التي تقضي عليه، والله وكيله. ثم اختتم طلبه بالعبارة الآتية: "مقدمه الحريص على المصلحة العامة" وقد أمضى المطعون عليه بما يفيد عمله بأمر سيادة المدير من وجوب التنفيذ فوراً وكان ذلك في 8/ 10/ 1959.. وتلا ذلك بعض التصرفات من المطعون عليه رأت الجامعة التحقيق فيها لتحديد مسئوليته منها.. وبالرجوع إلى هذا التحقيق الذي بدئ فيه في يوم 8/ 10/ 1959 يبين أنه سئل فيه المساعد الإداري فقرر أنه تنفيذاً لقرار السيد المدير العام بندب السيد مصطفى الجرف (المطعون ضده) للقيام بأعمال المخازن فقد قرر الأمر الإداري رقم 199 في 6/ 10/ 1959 وعند إخطار الموظف المذكور بذلك كتب على نفس الأمر "بأنه يعتذر عن تنفيذ الأمر بكل أسف والتفصيلات في مذكرة سيتشرف بإرسالها إلى سيادة المدير العام" وعلى أثر اطلاع المساعد الإداري على هذا التعليق استدعاه إلى مكتبه فحضر بعد فترة وجيزة وبعد استعجال حضوره والاتصال به تليفونياً وقال أنه لا يمكنه تنفيذ هذا الأمر لعدم خبرته بأعمال المخازن فأفهمه المساعد الإداري المذكور أن صالح العمل قد اقتضى إصدار الأمر المذكور وأن عمله في الشطب يماثل العمل الجديد ولكنه أصر على موقفه وسلمه الطلب السابق الإشارة إليه والذي أشر عليه سيادة المدير أولاً بقيام السيد رئيس التوريدات والمشرف على المخازن بالتعليق على ما جاء بهذا الطلب وبعد أن تم ذلك أعيد العرض على سيادته فأشر عليه بالعبارة السابق ذكرها ولما استدعاه الشاهد لإبلاغه بتأشيرة السيد المدير العام حضر وأراد الجلوس فلفت الشاهد نظره إلى التوقيع بالعلم والعودة إلى العمل بدلاً من إضاعة الوقت في الجلوس على مقاعد الزوار فما كان منه إلا أن قال أن طبقجلي في العراق طلب من المحكمة أثناء محاكمته كرسياً ليجلس عليه فأجابته إلى طلبه وبعد ربع ساعة من هذا الحديث خرج الموظف المذكور بصحبة السيد المهندس وكان السيد المدير العام يغادر مكتبه فاعترض طريقه هذا الموظف وأخذ يتحدث معه في موضوع نقله إلى مخزن مستشفى الحضرة فطلب منه السيد المدير أن يكون الحديث في المكتب لا في الطرقة فأجابه الموظف بأنه لا يستطيع الوصول إليه في المكتب فقال له السيد المدير بأن باب مكتبه مفتوحاً فلم يقتنع الموظف بذلك وأخذ برفع من صوته بشكل غريب مما جعل سيادة المدير يلفت نظره إلى ذلك فما كان منه إلا أن قال بأنه يتكلم بأدب فدهش سيادة المدير من هذه اللهجة وطلب منه بأن يتكلم في حدود القانون فكان رده عليه أنه لا يعرف القانون. ولما طلب سيادة المدير إخلاء طرفه من العهد أشاح بيده مردداً قوله بأنه ليس لديه عهدة وترك السيد المدير العام وانصرف.. وردف هذا الشاهد بقوله أن ما ورد في الطلب المقدم من السيد/ الجرف (المطعون ضده) فيه مساس بشخصيته بوصفه القائم بأعمال مدير الإدارة... وبسؤال الشاهد الثاني السيد/ سعيد محمد شوشان الموظف بالحسابات لم تخرج أقواله عن مضمون أقوال الشاهد الأول وأضاف بأنه سمع من السيد المدير العام يقول للسيد/ الجرف "تكلم في حدود القانون، وما دمت تعمل في الحكومة فكل ما تكلف به واجب عليك تنفيذه" فرد عليه هذا الموظف بأنه لا يعمل في عزبة ويعلم أنه يعمل في الحكومة ولما رأى السيد المدير العام إصراره على عدم التنفيذ أمر المساعد الإداري بإخلاء طرفه من العهدة فأخذ الموظف المذكور ينصرف مسرعاً قائلاً ليس لديه عهدة. وقد لاحظ هذا الشاهد أن الموظف المتهم يتكلم بلهجة غير لائقة وما كان يتصور أن موظفاً مسئولاً يتصرف بمثل ذلك التصرف المنافي للأصول... وبسؤال الشاهد الثالث السيد/ عبد المتجلي عامر رئيس التوريدات أجاب بأن السيد/ الجرف كان يتكلم بصوت عال وأن السيد المدير لفت نظره إلى ذلك وأن يكون حديثه في حدود القانون فرد عليه بأنه يتكلم بأدب وأنه لا يعرف القانون. فقال له السيد المدير العام بأنه موظف ومفروض أنه ملم بقانون التوظف، وعقب الموظف المذكور على ذلك بأنه يتكلم بهذه الطريقة أمام السيد رئيس الجمهورية رائد الحرية...
وبسؤال الشاهد الرابع السيد/ المهندس محمد إسماعيل مختار قرر بأنه سمع السيد المدير العام يقول للسيد/ الجرف بأن مثل هذا الكلام لا يكون في الطرقات وإنما في المكتب وهو مفتوح للجميع فرد عليه بأنه ليس لديه مانع من استلام عمله بالمخزن وإنما خبرته السابقة قد لا تمكنه من ذلك. كما سمع من السيد المدير العام يقول لهذا الموظف أن يتكلم قانونياً وأنه لا يعمل في عزبة فرد عليه الموظف المذكور بأنه لو كان عنده عزبة ما حضر للعمل هنا وأنه على استعداد ترديد هذا القول أمام السيد/ رئيس الجمهورية وأنه على علم بأنه يخاطب السيد/ محمد نظيم إبراهيم المدير العام وبعد أن انصرف السيد المدير العام أفهم هذا الشاهد وكان معه بعض الموظفين السيد/ الجرف بضرورة تنفيذ الأمر مع الاعتذار للسيد المدير العام عما بدر منه...
وبسؤال السيد/ الجرف (المطعون عليه) أبدى أقوالاً لا تخرج عما سطره في الطلب المقدم منه والسالف الإشارة إليه. وأضاف إلى ذلك أن تصرف المساعد الإداري نحوه عندما هم بالجلوس قد أساءه - وأما عن محادثة السيد المدير العام في الطرقة فكانت وليدة الصدفة وكان غرضه من ذلك عرض شكواه عليه شخصياً وإعادة النظر في القرار الذي اتخذ بشأنها - ثم قال أن السيد المدير العام كان يوجه إليه عبارات فيها التأنيب لعدم معرفته بالتقليد الساري في المستشفيات وهو عدم مقابلة السيد/ المدير العام وأنه قصد حين قال للسيد المدير العام بأنه يتكلم بأدب إلى أن يؤكد لسيادته عظيم احترامه له. وقال أن السيد المدير العام هو الذي أقحم اسم السيد/ رئيس الجمهورية حين قال أن السيد/ الرئيس يقابل كل من يرغب في مقابلته وأنه أي السيد المدير العام يسير على هذا النهج كما أنه - أي المطعون عليه - قال أن السيد رئيس الجمهورية يفعل ذلك وهو الذي علم الجميع الحرية والكرامة وبطبيعة الحال السيد المدير العام يسلك هذا السبيل.. وقال هذا الموظف أيضاً عن قصده من العبارات التي أوردها في طلبه والتي أشار إليها المساعد الإداري في أقواله بأنه هدف من ذكرها إلى بيان أن القصد من اختياره كان لإبعاده بالذات ولمجرد إبداء الرأي وليس للمصلحة العامة - وقرر بأنه ليس بينه وبين رؤسائه أي عداء.. وأنهى أقواله باستعداده لتنفيذ أمر الندب وأن مخاطبته للسيد المدير العام كانت بكل لباقة وأنه يكن لسيادته كل الاحترام.
ومن حيث إنه يؤخذ مما تقدم أن أمراً قد صدر للمطعون عليه ممن يملكه ليقوم بعمل أمين المخازن الفرعية بمستشفى الحضرة الجامعي وهو من الأعمال الكتابية التي كان يمارسها المطعون عليه منذ عام 1957 ولا تختلف في طبيعتها عما كان يقوم به بالذات من قبل ندبه مباشرة إلى هذه الوظيفة، ومن أهم واجبات الموظف العام أن يصدع بالأمر الصادر إليه من رئيسه ما دام متعلقاً بأعمال وظيفته وينفذه فور إبلاغه به لا أن يناقشه أو يمتنع عن تنفيذه بحجة عجزه عن القيام به ذلك أن الذي يقوم بتوزيع الأعمال على الموظفين التابعين لجهة إدارية واحدة هو الرئيس بحسب التدرج الإداري فهو المسئول أولاً وأخيراً عن سير العمل في الوحدة الإدارية التي يرأسها، فإذا ترك الأمر للموظف يختار ما يشاء من الأعمال يقبل منها ما يرتاح إليه ويرفض ما يستصعب عليه القيام به لاختل النظام الوظيفي وتعرضت المصلحة العامة للخطر.
والثابت من الأوراق أن المطعون عليه رفض تنفيذ الأمر أولاً بحجة عدم درايته بأعمال المخازن ثم تقدم بتظلم مكتوباً نظر ورفض، ومن ثم فإن الأمر كان يجب أن ينتهي عند هذا الحد لا أن يثار بعد ذلك فيستوقف المطعون عليه رئيسه عند خروجه من المكتب لكي يعيد على مسامعه ما سبق أن سطره في شكواه بطريقة غير مألوفة وبعيدة عن الأصول الإدارية التي يجب مراعاتها في مخاطبة الرؤساء احتراماً للوظيفة العامة وقد أحس الموظفون الذين تواجدوا وقتذاك بحرج الموقف الذي ترتب على تصرف المطعون عليه ونصحوه بالاعتذار عما بدر منه.. وهو وإن كان يجوز لكل موظف شأنه شأن أي مواطن آخر أن يتقدم بالشكوى إلى رؤسائه مما يصادفه في العمل إلا أن ذلك يجب أن يكون في الحدود التي لا تخل بالعمل وإلا ينقلب الأمر فيها إلى المهاترة والخروج بها إلى التعرض بأحد من الرؤساء أو الزملاء مما يعد معه إخلال بالواجب الوظيفي. وقد تضمنت شكوى المطعون عليه من هذا الندب ألفاظاً فيها تجريح ومساس برؤسائه المباشرين دون مقتض..
ومن حيث إنه لذلك إذ استخلصت الجهة الإدارية من الوقائع التي كانت موضوع التحقيق أن المطعون عليه قد قارف من الأعمال ما يكون ذنباً إدارياً في نظر القانون ثم أوقعت عليه الجزاء المطعون فيه في الحدود المرسومة في هذا القانون فإن قرارها يكون بمنأى عن الطعن ما دام قد بني على استخلاص سائغ للوقائع الثابتة في الأوراق يؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها وبالتالي يكون القرار المطعون فيه قد قام على سببه المسوغ لإصداره، ويكون الحكم المطعون فيه إذ نحا غير هذا النحو فقد خالف القانون متعين الإلغاء والدعوى متعينة الرفض.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى وألزمت المطعون عليه بالمصروفات.

الطعن 1877 لسنة 59 ق جلسة 19 / 10 / 1989 مكتب فني 40 ق 132 ص 792

جلسة 19 من أكتوبر سنة 1989

برئاسة السيد المستشار/ حسين كامل حنفي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ الدكتور علي فاضل ومحمد زايد وصلاح البرجى نواب رئيس المحكمة وأحمد عبد الرحمن.

--------------

(132)
الطعن رقم 1877 لسنة 59 القضائية

(1) استدلالات. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". تفتيش "إذن التفتيش". إصداره "بياناته". دفوع "الدفع ببطلان إذن التفتيش". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش. موضوعي.
إذن التفتيش لم يشترط القانون له شكلاً معيناً. وجود خطأ في اسم المأذون بتفتيشه أو خلوه من بيان صفته أو صناعته أو محل إقامته. لا يعيبه. طالما كان هو الشخص المقصود بالإذن.
(2) دفوع "الدفع بشيوع التهمة". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
الدفع بشيوع التهمة. موضوعي. لا يستأهل رداً خاصاً.
(3) دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
الطلب الذي تلتزم المحكمة بإجابته أو الرد عليه. هو الطب الجازم الذي يصر عليه مقدمه إلى ما قبل قفل باب المرافعة.
(4) اختصاص "الاختصاص النوعي". محكمة الجنايات "اختصاصها". محكمة الجنح "اختصاصها". جريمة "أنوعها". عقوبة "أنواعها". وصف التهمة. إخفاء أثر مملوك للدولة. نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
اختصاص المحاكم الجنائية. العبرة فيه بنوع العقوبة التي تهدد الجاني ابتداء.
المعول عليه في تحديد الاختصاص النوعي ابتداء هو الوصف القانوني للواقعة. كما رفعت بها الدعوى.
اختصاص محكمة الجنايات بجريمة إخفاء أثر مملوك للدولة. أساس ذلك؟.

-------------
1 - من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الأمر بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع، وأن القانون لا يشترط شكلاً معيناً لإذن التفتيش فلا ينال من صحته وجود خطأ في اسم المأذون بتفتيشه أو خلوه من بيان صفته أو صناعته أو محل إقامته طالما أنه الشخص المقصود بالإذن، ولما كان الحكم المطعون فيه قد تناول الرد على الدفع ببطلان إذن التفتيش على نحو يتفق وصحيح القانون فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الصدد لا يكون سديداً.
2 - من المقرر أن الدفع بشيوع التهمة هو من الدفوع الموضوعية التي لا تستلزم من المحكمة رداً خاصاً اكتفاء بما تورده من أدلة الثبوت التي تطمئن إليها.
3 - إن الطلب الذي تلتزم المحكمة بإجابته هو الطلب الصريح الجازم الذي يصر عليه مقدمه إلى ما قبل فقل باب المرافعة في الدعوى.
4 - لما كان مفاد المواد 215، 216، 382 من قانون الإجراءات الجنائية بخاصة وسياسة التشريع الإجرائي بعامة أن توزيع الاختصاص بين محاكم الجنايات والمحاكم الجزئية يجرى على أساس نوع العقوبة التي تهدد الجاني ابتداء من التهمة المسندة إليه بحسب ما إذا كانت جناية أو جنحة أو مخالفة بصرف النظر عن العقوبة التي توقع عليه بالفعل بالنسبة إلى الجريمة التي تثبت في حقه، ولذلك فإن المعول عليه في تحديد الاختصاص النوعي هو بالوصف القانوني للواقعة كما رفعت بها الدعوى إذ يمتنع عقلاً أن يكون المرجع في ذلك ابتداء هو نوع العقوبة التي يوقعها القاضي انتهاء بعد الفراغ من سماع الدعوى. لما كان ذلك، وكانت العقوبة المقررة لإخفاء أثر مملوك للدولة المسندة إلى الطاعن والمنصوص عليها في الفقرة الأولى من المادة 42 من القانون رقم 117 لسنة 1983 بشأن حماية الآثار هي السجن مدة لا تقل عن خمس سنوات ولا تزيد على سبع سنوات وبغرامة لا تقل عن ثلاثة آلاف جنيه ولا تزيد على خمسين ألف جنيه فضلاً عن مصادرة المضبوطات لصالح هيئة الآثار فإن ذلك يقتضي حتماً أن تكون المحكمة المختصة بمحاكمة المتهم هي محكمة الجنايات وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه أولاً: أحرز أثراً مملوكاً للدولة على النحو المبين بالأوراق. ثانياً: اتجر بدون ترخيص من الجهة الإدارية المختصة في آثار مملوكة للدولة على النحو المبين بالتحقيقات. وأحالته إلى محكمة جنايات المنيا لمحاكمته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمادتين 6، 42/ أ من القانون رقم 117 لسنة 1983 بمعاقبة المتهم بالسجن لمدة خمس سنوات وتغريمه ثلاثة آلاف جنيه عن التهمة الأولى وبمصادرة الآثار المضبوطة لصالح هيئة الآثار المصرية وببراءته من التهمة الثانية المسندة إليه باعتبار أن التهمة المسندة إليه إخفاء أثر مملوك للدولة.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة إخفاء أثر مملوك للدولة قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع كما انطوى على الخطأ في القانون ذلك بأن المدافع عن الطاعن دفع ببطلان إذن التفتيش لقيامه على تحريات غير جدية لعدم إيرادها بيانات كافية عن المتهم وقد رد الحكم على هذا الدفع بما لا يسوغ إطراحه، كما التفت الحكم عن دفاعه بشيوع التهمة المسندة إليه، كما أنه طلب من المحكمة ندب خبير في الدعوى لمعاينة الآثار المضبوطة إذ قام مفتش الآثار بالاشتراك في واقعة الضبط مما يشكك في التقرير الفني الذي حرره بشأن المضبوطات، كما أن ضابط الواقعة حدد قصد الطاعن من حيازته للمضبوطات بالاتجار فيها وهو ما استبعدته المحكمة بما تضحى معه الواقعة جنحة لا تخص محكمة الجنايات بالحكم فيها. كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الأمر بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع، وأن القانون لا يشترط شكلاً معيناً لإذن التفتيش فلا ينال من صحته وجود خطأ في اسم المأذون بتفتيشه أو خلوه من بيان صفته أو صناعته أو محل إقامته طالما أنه الشخص المقصود بالإذن، ولما كان الحكم المطعون فيه قد تناول الرد على الدفع ببطلان إذن التفتيش على نحو يتفق وصحيح القانون فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الصدد لا يكون سديداً. لما كان ذلك وكان من المقرر أن الدفع بشيوع التهمة هو من الدفوع الموضوعية التي لا تستلزم من المحكمة رداً خاصاً اكتفاء بما تورده من أدلة الثبوت التي تطمئن إليها، وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه على ما استقر في عقيدة ووجدان المحكمة من انبساط سلطان الطاعن على الآثار المضبوطة تأسيساً على أدلة سائغة لها أصلها في الأوراق وتتفق والاقتضاء العقلي فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون في غير محله. لما كان ذلك وكان يبين من الرجوع إلى محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن لم يصر بجلسة المرافعة على طلب ندب خبير في الدعوى فإنه لا تثريب على المحكمة إن هي لم تستجب لهذا الطلب الذي يقرر الطاعن أنه أبداه أمام المحكمة لما هو مقرر من أن الطلب الذي تلتزم المحكمة بإجابته، هو الطلب الصريح الجازم الذي يصر عليه مقدمه إلى ما قبل فقل باب المرافعة في الدعوى، هذا فضلاً عن أنه لما كان الثابت مما جاء بأسباب الطعن أن الطلب المشار إليه لا يتجه مباشرة إلى نفي الأفعال المكونة للجريمة المسندة للطاعن أو استحالة حصولها بالكيفية التي رواها شهود الإثبات بل المقصود منه في واقع الأمر هو تجريح أقوالهم الأمر الذي لا تلتزم المحكمة بإجابته، فإن النعي على الحكم بدعوى الإخلال بحق الدفاع لا يكون مقبولاً. لما كان ذلك وكان مفاد المواد 215، 216، 382 من قانون الإجراءات الجنائية بخاصة وسياسة التشريع الإجرائي بعامة أن توزيع الاختصاص بين محاكم الجنايات والمحاكم الجزئية يجرى على أساس نوع العقوبة الذي تهدد الجاني ابتداء من التهمة المسندة إليه بحسب ما إذا كانت جناية أو جنحة أو مخالفة بصرف النظر عن العقوبة التي توقع عليه بالفعل بالنسبة إلى الجريمة التي تثبت في حقه، ولذلك فإن المعول عليه في تحديد الاختصاص النوعي هو بالوصف القانوني للواقعة كما رفعت بها الدعوى إذ يمتنع عقلاً أن يكون المرجع في ذلك ابتداء هو نوع العقوبة التي يوقعها القاضي انتهاء بعد الفراغ من سماع الدعوى. لما كان ذلك، وكانت العقوبة المقررة لإخفاء أثر مملوك للدولة المسندة إلى الطاعن والمنصوص عليها في الفقرة الأولى من المادة 42 من القانون رقم 117 لسنة 1983 بشأن حماية الآثار هي السجن مدة لا تقل عن خمس سنوات ولا تزيد على سبع سنوات وبغرامة لا تقل عن ثلاثة آلاف جنيه ولا تزيد على خمسين ألف جنيه فضلاً عن مصادرة المضبوطات لصالح هيئة الآثار فإن ذلك يقتضي حتماً أن تكون المحكمة المختصة بمحاكمة المتهم هي محكمة الجنايات وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون. لما كان ما تقدم فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

الطعن 1875 لسنة 59 ق جلسة 19 / 10 / 1989 مكتب فني 40 ق 131 ص 787

جلسة 19 من أكتوبر سنة 1989

برئاسة السيد المستشار/ حسين كامل حنفي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد زايد، صلاح البرجى نائبي رئيس المحكمة ومحمد حسام الدين الغرياني وزكريا الشريف.

--------------

(131)
الطعن رقم 1875 لسنة 59 القضائية

(1) جمارك. مأمورو الضبط القضائي. تفتيش "بغير إذن". اختصاص. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
لرجال حرس الحدود صفة الضبط القضائي فيما يتعلق بجرائم التهريب ومخالفة القوانين واللوائح المعمول بها في الجهات الخاضعة لاختصاصهم.
حق رجال حرس الحدود تفتيش الداخلين أو الخارجين من مناطق الحدود مدنيين أو عسكريين. دون التقيد بقانون الإجراءات الجنائية. أساس ذلك؟.
العثور أثناء التفتيش على دليل يكشف عن جريمة. أثره: صحة الاستدلال به أمام المحاكم في تلك الجريمة. علة ذلك؟.
(2) مواد مخدرة. قصد جنائي. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير توافر القصد الجنائي" حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض. "أسباب الطعن، ما لا يقبل منها".
تقدير علم المتهم بأن ما يحرزه مخدراً. موضوعي. ما دام سائغاً.
مثال لتسبيب سائغ للرد على الدفع بانتفاء علم الطاعن بأن ما يحمله مخدراً.

----------------
1 - لما كانت الواقعة كما صار إثباتها بالحكم قد تم ضبطها بمعرفة رجال حرس الحدود، وقد أضفى عليهم القانون رقم 114 سنة 1953 صفة الضبط القضائي فيما يتعلق بجرائم التهريب ومخالفة القوانين واللوائح المعمول بها في الجهات الخاضعة لاختصاص حرس الحدود ولهم عملاً بنص المادة 20 من القانون رقم 25 لسنة 1966 بإصدار قانون الأحكام العسكرية تفتيش الداخلين والخارجين من مناطق الحدود - عسكريين كانوا أم مدنيين، باعتبارهم من أعضاء الضبط العسكري الذين عددتهم المادة 12 من القانون المار ذكره، ولم يتطلب الشارع بالنسبة للأشخاص توافر قيود القبض والتفتيش المنظمة بقانون الإجراءات الجنائية أو اشتراط وجود المراد تفتيشه في إحدى الحالات المبررة له في نطاق الفهم القانوني للمبادئ المقررة في القانون المذكور، بل إنه يكفي أن يكون الشخص داخلاً أو خارجاً من مناطق الحدود حتى يثبت لعضو الضبط القضائي العسكري المختص حق تفتيشه، فإذا هو عثر أثناء التفتيش الذي يجريه على دليل يكشف عن جريمة معاقب عليها في القانون فإنه يصح الاستدلال بهذا الدليل أمام المحاكم في تلك الجريمة لأنه ظهر أثناء إجراء مشروع في ذاته ولم ترتكب في سبيل الحصول عليه أية مخالفة.
2 - من المقرر أن تقصي العلم بحقيقة الجوهر المخدر هو من شئون محكمة الموضوع وكان الحكم قد عرض لدفاع الطاعن بانتفاء هذا العلم لديه ورد عليه بقوله ".... أما عن الدفع الثاني فمردود بأن القصد الجنائي في جريمة إحراز الجوهر المخدر تتحقق بعلم المحرز بأن ما يحرزه من المواد المخدرة وهو ما ثبت يقيناً من الأوراق من إسراع المتهم بالفرار به بمجرد مشاهدته لرجال حرس الحدود ومن اعترافه للضابط بعلمه بأن ما يحمله مواد مخدرة وقد جلبها معه عبر الحدود المصرية للاتجار فيها والحصول على أكبر ثمن لها". وإذ كان هذا الذي ساقته محكمة الموضوع عن ظروف الدعوى وملابساتها وبررت به اقتناعها بعلم الطاعن بحقيقة الجوهر المضبوط كافياً في الرد على دفاعه في هذا الخصوص، وسائغاً في الدلالة على توافر ذلك العلم في حقه توافراً فعلياً. فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يكون سديداً.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه أولاً: جلب جواهر مخدرة (حشيش) قبل الحصول على ترخيص كتابي من الجهة المختصة. ثانياً: هرب جواهر مخدرة (حشيش) ممنوع استيرادها بأن أدخلها للبلاد بطريقة غير مشروعة على النحو المبين بالأوراق. ثالثاً: وهو أجنبي دخل أراضى جمهورية مصر العربية دون أن يكون حاصلاً على جواز سفر ساري المفعول وصادر من السلطات. وأحالته إلى محكمة جنايات أسوان لمحاكمته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 1، 2، 3، 33/ 1، 42 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل والبند 57 من الجدول الأول المعدل بقرار وزير الصحة مع تطبيق المادتين 32، 17 من قانون العقوبات. بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة المؤبدة وتغريمه عشرة آلاف جنيه ومصادرة المضبوطات.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجرائم جلب جوهر مخدر والتهريب الجمركي ودخوله - وهو أجنبي دخل أراضي الجمهورية دون جواز سفر، قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه قصور في التسبيب وفساد في الاستدلال وخطأ في الإسناد وإخلال بحق الدفاع، ذلك بأنه أطرح دفعه ببطلان القبض والتفتيش برد غير سائغ استند فيه إلى توافر شروط استيقاف الطاعن، مع أن الاستيقاف لا يجيز القبض والتفتيش إلا إذا كشف عن حالة تلبس، وهي غائبة، وإلى توافر حالة التلبس استناداً إلى ما قرره الضابط من أنه اشتم رائحة المخدر قبل التفتيش مع أنه شهد بتحقيقات النيابة أنه اشتم الرائحة بعد تفتيش الأجولة المضبوطة، كما أطرح الحكم دفعه بانتفاء علمه بحقيقة الجوهر المخدر المضبوط برد قاصر وغير سائغ، وكل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة مستمدة من أقوال شاهدي الإثبات ومن تقرير التحليل وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكانت الواقعة كما صار إثباتها بالحكم قد تم ضبطها بمعرفة رجال حرس الحدود، وقد أضفى عليهم القانون رقم 114 سنة 1953 صفة الضبط القضائي فيما يتعلق بجرائم التهريب ومخالفة القوانين واللوائح المعمول بها في الجهات الخاضعة لاختصاص حرس الحدود ولهم عملاً بنص المادة 20 من القانون رقم 25 لسنة 1966 بإصدار قانون الأحكام العسكرية تفتيش الداخلين والخارجين من مناطق الحدود - عسكريين كانوا أم مدنيين، باعتبارهم من أعضاء الضبط العسكري الذين عددتهم المادة 12 من القانون المار ذكره، ولم يتطلب الشارع بالنسبة للأشخاص توافر قيود القبض والتفتيش المنظمة بقانون الإجراءات الجنائية أو اشتراط وجود المراد تفتيشه في إحدى الحالات المبررة له في نطاق الفهم القانوني للمبادئ المقررة في القانون المذكور، بل إنه يكفي أن يكون الشخص داخلاً أو خارجاً من مناطق الحدود حتى يثبت لعضو الضبط القضائي العسكري المختص حق تفتيشه، فإذا هو عثر أثناء التفتيش الذي يجريه على دليل يكشف عن جريمة معاقب عليها في القانون فإنه يصح الاستدلال بهذا الدليل أمام المحاكم في تلك الجريمة لأنه ظهر أثناء إجراء مشروع في ذاته ولم ترتكب في سبيل الحصول عليه أية مخالفة - لما كان ذلك، وكان الطاعن لا يمارى فيما أورده الحكم من أنه عند تفتيشه كان يعبر حدود البلاد الجنوبية وأن التفتيش تم بمعرفة ضابط الحدود في دائرة اختصاصه، فإن تفتيشه وما معه يكون صحيحاً ويكون الحكم إذ قضى برفض الدفع ببطلان الضبط والتفتيش قد اقترن بالصواب، ولا جدوى من بعد لما يثيره الطاعن من خطأ الحكم فيما أثبته من أن الضابط اشتم رائحة المخدر قبل التفتيش أو عن مدى توافر حالة التلبس، لما كان ذلك، وكان من المقرر أن تقصي العلم بحقيقة الجوهر المخدر هو من شئون محكمة الموضوع وكان الحكم قد عرض لدفاع الطاعن بانتفاء هذا العلم لديه ورد عليه بقوله ".... أما عن الدفع الثاني فمردود بأن القصد الجنائي في جريمة إحراز الجوهر المخدر تتحقق بعلم المحرز بأن ما يحرزه من المواد المخدرة وهو ما ثبت يقيناً من الأوراق من إسراع المتهم بالفرار به بمجرد مشاهدته لرجال حرس الحدود ومن اعترافه للضابط بعلمه بأن ما يحمله مواد مخدرة وقد جلبها معه عبر الحدود المصرية للاتجار فيها والحصول على أكبر ثمن لها". وإذ كان هذا الذي ساقته محكمة الموضوع عن ظروف الدعوى وملابساتها وبررت به اقتناعها بعلم الطاعن بحقيقة الجوهر المضبوط كافياً في الرد على دفاعه في هذا الخصوص، وسائغاً في الدلالة على توافر ذلك العلم في حقه توافراً فعليا. فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يكون سديداً. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.