الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

السبت، 6 يناير 2024

اَلْأَعْمَال اَلتَّحْضِيرِيَّةِ لِلْقَانُونِ اَلْمَدَنِيِّ اَلْمِصْرِيِّ / مَادَّةُ 100 : اَلْقَبُولُ فِي عُقُودِ اَلْإِذْعَانِ

عودة إلى صفحة : اَلْأَعْمَال اَلتَّحْضِيرِيَّةِ لِلْقَانُونِ اَلْمَدَنِيِّ اَلْمِصْرِيِّ


مادة 100 (1)

القبول في عقود الإذعان يقتصر على مجرد التسليم بشروط مقررة يضعها الموجب ولا يقبل مناقشة فيها.

التقنين المدني السابق :

لا مقابل لها .

المشروع التمهيدي

المادة ١٤٥ – القبول في عقود الإذعان يكون مقصوراً على التسليم بشروط مقررة ، يضعها الموجب ، ولا يقبل مناقشة فيها. (2)

الشريعة الإسلامية :

البدائع ج ٥ ص ۲۳۲ و ۲۳۳ (بيع الحاضر للبادي - بيع متلقى السلع - الاحتكار )

مذكرة المشروع التمهيدي :

1 - من حق عقود الإذعان ، وهي ثمرة التطور الاقتصادي في العهد الحاضر أن يفرد لها مكان في تقنين يتطلع إلى مسايرة التقدم الاجتماعي ، الذي أسفرت عنه الظروف الاقتصادية ، وقد بلغ من أمر هذه العقود أن أصبحت ، في رأي بعض الفقهاء ، سمة بارزة من سمات التطور العميق الذي أصاب النظرية التقليدية للعقد ، على أن المشروع لم ير مجاراة هذا الرأي إلى غايته ، بل اجتزأ بذكر هذه العقود، واعتبر تسليم العاقد بالشروط المقررة فيها ضرباً من ضروب القبول ، فثمة قبول حقيقي تتوافر به حقيقة التعاقد . ومع ذلك ، فليس ينبغي عند تفسير هذه العقود إغفال ما هو ملحوظ في إذعان العاقد ، فهو أقرب إلى معنى التسليم منه إلى معنى المشيئة . ويقتضي هذا وضع قاعدة خاصة لتفسير هذه العقود ، تختلف عن القواعد التي تسري على عقود التراضي ، وقد أفرد المشروع لهذه القاعدة نصاً خاصاً بين النصوص المتعلقة بتنفيذ العقود وتفسيرها.

۲ - وتتميز عقود الإذعان عن غيرها باجتماع مشخصات ثلاثة : أولها تعلق العمد بسلع أو مرافق تعتبر من الضروريات الأولى بالنسبة المستهلكين أو المنتفعين . والثاني احتكار هذه السلع أو المرافق ، احتكاراً قانونياً أو فعلياً ، أو قيام منافسة محدودة النطاف بشأنها . والثالث توجيه عرض الانتفاع بهذه السلع أو المرافق إلى الجمهور بشروط متماثلة على وجه الدوام بالنسبة لكل فئة منها . وعلى هذا النحو يعتبر من قبيل عقود الإذعان ، تلك العقود التي يعقدها الأفراد مع شركات الكهرباء والغاز والمياه والسكك الحديدية ، أو مع مصالح البريد والتليفونات والتلغرافات أو مع شركات التأمين .

٣ - وقد ذهب القضاء في مصر إلى أن عقود الإذعان تتوافر على حقيقة التعاقد ، وترتب جميع آثاره . ومع ذلك فقد جنح ، في نطاق معين ، للتخفيف من نتائج بعض الشروط الجائرة فيها . وقد حكم ، فيما يتعلق بحقيقة هذه العقود ، بأن كل تاجر يقوم بإيداع بضائعه في مخازن شركة البوندد ، يفرض فيه العلم بأحكام اللائحة الداخلية ، التي قامت الشركة بنشرها ووضعها تحت تصرف الجمهور ( استئناف مختلط ٧ ديسمبر سنة ١٩٢١ ب ٣٤ ص ٤٤ ) ، وأن الشروط المطبوعة في عقود التأمين لها من قوة الإلزام ما للشروط المخطوطة بالنسبة للمؤمن ( استئناف مختلط ٢٩ يناير سنة ١٨٩٠ ب ٢ ص ٣٦٠ ) وأنه لا يجوز المؤمن إزاء ذلك أن ينازع في سقوط اشتراط في عقد التأمين بدعوى أن الاشتراط كان مطبوعاً ( استئناف مختلط ١٥ أبريل سنة ۱۹٠٥ ب ۱۸ ص ۱۸۸ ) وقضي كذلك بأن الشروط الواردة في تذكرة الشحن يجب أن تطبق بوصفها شريعة المتعاقدين ، متى خلت بما يتعارض مع النظام العام (استئناف مختلط ٢٠ أبريل سنة ١٩٢٧ ب ٣٩ ص ٤٠٥) .

المشروع في لجنة المراجعة

تليت المادة ١٤٥ من المشروع .

وأدخلت تعديلات لفظية عليها ، وأصبح النص كما يأتي :

« القبول في عقود الإذعان يقتصر على مجرد التسليم بشروط مقررة يضعها الموجب ولا يقبل مناقشة فيها » .

وأصبح رقم المادة ١٠٢ في المشروع النهائي .

المشروع في مجلس النواب

وافق المجلس على المادة دون تعديل تحت رقم ١٠٢ .

المشروع في مجلس الشيوخ

مناقشات لجنة القانون المدني :

محضر الجلسة الرابعة

تليت المادة وهي الخاصة بالقبول في عقود الإذعان فوافقت اللجنة عليها .

وأصبح رقم المادة ١٠٠ .

محضر الجلسة الثانية والستين

يقترح حضرات مستشاري محكمة النقض أن تصاغ المادة ١٠٠ كما يأتي : « عقد الإذعان هو الذي يقتصر موقف المتعاقد فيه على مجرد التسليم بشروط مقررة وضعها المتعاقد الآخر غير قابل للمناقشة فيها ».

وذلك ليكون النص مطابقاً لمرجعه ( المادة ١٧٢ لبناني ) .

وقد حبذ سعادة دوس باشا الأخذ بالاقتراح لأنه يورد تعريفاً لعقد الإذعان.

ولكن حضرة مندوب الحكومة اعترض على الاقتراح بقوله إن الصيغة المقترحة ليست مطابقة لمرجع النص ثم أنها لا تتضمن تعريفاً يبرز جميع خصائص عقود الإذعان بل ولو كملت مقومات التعريف لكان من الأنسب إغفاله لوجوب تجنب التعريفات في نصوص التقنين ما أمكن . وخلص حضرته من ذلك إلى أن نص المشروع أفضل من حيث الصياغة التشريعية ومناسبة السياق فهو يقتصر على إيراد حكم لا تعريف وهو يورد الحكم في معرض بيان صور خاصة للقبول .

قرار اللجنة :

قررت الأغلبية عدم الأخذ بالاقتراح . أما معالى حلمي باشا فإنه يؤيد تعريف عقد الإذعان .

ملحق تقرير اللجنة :

اقترح تعديل المادة ۱۰۰ بأن تستهل بعبارة ( عقد الإذعان هو الذي يقتصر موقف المتعاقد فيه على مجرد التسليم ) وبذلك تتمحض عبارتها لتعريف عقد الإذعان نفسه لا لوصف القبول في عقود الإذعان على نحو ما فعل المشروع ، ليكون النص في صيغته المقترحة ، مطابقاً لمرجعه ، وهو المادة ۱۷۲ من التقنين اللبناني . ولم تر اللجنة الأخذ بهذا الاقتراح لأن الصيغة المقترحة ليست مطابقة لمرجع النص . ولم يكن في الوسع أن تطابقه لأنه فقهي النزعة بصورة غير مألوفة في التقنين . ثم أن هذه الصيغة لا تتضمن تعريفاً يبرز جميع خصائص عقود الإذعان ، بل ولو كملت مقومات التعريف لكان من الأنسب إغفاله لوجوب تجنب التعريفات في نصوص التقنين ما أمكن. هذا إلى أن نص المشروع أفضل من حيث الصياغة التشريعية ومناسبة السياق . فهو يقتصر على إيراد حكم لا تعريف وهو يورد الحكم في معرض بيان صور خاصة للقبول .

مناقشات المجلس :

وافق المجلس على المادة كما أقرتها اللجنة .



(1) مجموعة الأعمال التحضيرية ج 2 ص 67 – ص 71 .

(2) مادتان محذوفتان :

المادة ١٤٦ - في عقود الجماعة يتم القبول برضاء الأغلبية ، وترتبط الأقلية بهذا القبول .

مذكرة المشروع التمهيدي :

يراجع بشأنها ما جاء بمذكرة المشروع التمهيدي عن المادة ١٤٧ من المشروع المحذوفة .

المشروع في لجنة المراجعة

تليت المادة ١٤٦ من المشروع ، فاقترح حذفها لأن مكانها يحسن أن يكون في تشريع خاص فوافقت اللجنة على ذلك .

المادة ١٤٧ - إذا وضعت السلطة العامة أو أية هيئة نظامية أخرى نموذجاً لأحد العقود فإن من يبرم هذا العقد ويحيل على النموذج يتقيد بالشروط الواردة فيه .

مذكرة المشروع التمهيدي :

لا يطرأ على القبول في عقود الجماعة مجرد عرض يغير من أوصافه بل يجاوز أمره ذلك ، فيصبح القبول معدوماً على وجه الإطلاق والحق أن هذه العقود وهي من أبرز مظاهر النشاط الاقتصادي الحديث لا تنطوي على حقيقة التعاقد وأظهر ما يكون هذا المعنى بالنسبة للأقلية التي ترتبط بقبول الغالبية دون أن ترتضي ذلك وقد بلغ من أمر الثغرة التي أصابت مبدأ سلطان الإرادة من جراء هذا الوضع أن أصبح اصطلاح « الارتباطات النظامية » أغلب على الألسنة في هذا المقام من اصطلاح « عقود الجماعة » . وقديما وعت قوانين التجارة في نظام الصلح في الإفلاس صورة من صور هذه العقود ، بيد أن صورة أخرى أعظم أهمية وأبلغ أثرا قد أخذت بظهور عقد العمل الجماعي مكانها في الحياة الاقتصادية الحديثة تحت ضغط حركات العمال والنقابات . فقد يتفق أرباب العمل والعمال على قواعد خاصة بشروط العمل وبهذا يتكون عقد جماعة يرتبط به أولئك وهؤلاء جميعاً سواء فيهم من قبل أو من لم يقبل . ويترتب على ذلك بطلان كل حكم في عقود العمل الفردية يتعارض مع نصوص هذا العقد .

ويجب التفريق بين عقود الجماعة والعقود النموذجية ، فللأخيرة حقيقة التعاقد . وإحالة الطرفين إلى النموذج الذي تولت وضعه أو إقراره السلطات العامة أو الهيئات النظامية (كالنقابات مثلاً) تفترض قبولهما للشروط الواردة فيه .

المشروع في لجنة المراجعة

تليت المادة ١٤٧ من المشروع ، واقترح حذفها لوضوح الحكم الوارد فيها فوافقت اللجنة على ذلك .

الطعن 3523 لسنة 59 ق جلسة 2 / 10 / 1989 مكتب فني 40 ق 120 ص 717

جلسة 2 من أكتوبر سنة 1989

برئاسة السيد المستشار/ نجاح نصار نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ مصطفى طاهر ومقبل شاكر نائبي رئيس المحكمة ومجدي الجندي وحامد عبد الله.

---------------

(120)
الطعن رقم 3523 لسنة 59 القضائية

(1) نقض "التقرير بالطعن وإيداع الأسباب. ميعاده".
التقرير بالطعن في الميعاد. دون تقديم أسباب الطعن. أثره: عدم قبول الطعن شكلاً.
(2) نقض "الصفة في الطعن".
عدم تقديم المحامي التوكيل الذي يخوله حق الطعن نيابة عن المحكوم عليه للتحقق من صفته. أثره: عدم قبول الطعن شكلاً. أساس ذلك؟
(3) إثبات "بوجه عام" "اعتراف". دفوع "الدفع ببطلان الاعتراف". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما يوفره". إكراه. حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
متى لا يعول على الاعتراف؟.
الدفع ببطلان الاعتراف. جوهري. يوجب على المحكمة مناقشته والرد عليه سواء وقع الإكراه على المتهم المعترف أو على غيره من المتهمين. ما دام الحكم عول على هذا الاعتراف في الإدانة.
(4) إثبات "اعتراف". إكراه. دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما يوفره". دفوع "الدفع ببطلان الاعتراف".
قعود الحكم عن تحقيق دفع المتهمين بأن الاعتراف كان نتيجة إكراه. وتعويله في الإدانة على هذا الاعتراف. قصور يعيبه. لا يغني عنه ما ذكر من أدلة أخرى. أساس ذلك؟

----------------
1 - لما كان البين أن الطاعنتين الأولى "......." والثانية "......" وإن قررتا بالطعن بالنقض في الميعاد إلا أنهما لم تقدما أسباباً لطعنهما مما يتعين معه عدم قبوله شكلاً عملاً بحكم المادة 34 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959.
2 - لما كان الأستاذ....... المحامي وإن قرر بالطعن بمثابته نائباً عن المحكوم عليها..... إلا أن التوكيل الذي قرر بالطعن بمقتضاه لم يقدم للتثبت من صفة المقرر، ولما كان الطعن بطريق النقض في المواد الجنائية حقاً شخصياً لمن صدر الحكم ضده يمارسه أو لا يمارسه حسبما يرى فيه مصلحته وليس لغيره أن ينوب عنه في مباشرته إلا إذا كان موكلاً منه توكيلاً يخوله ذلك الحق، فإن الطعن يكون قد قرر به من غير ذي صفة، ولا يقدح في ذلك تقديم صورة ضوئية غير رسمية من التوكيل المشار إليه ومن ثم يتعين عدم قبول هذا الطعن شكلاً.
3 - الأصل أن الاعتراف الذي يعول عليه يجب أن يكون اختيارياً، وهو لا يعتبر كذلك - ولو كان صادقاً - إذا صدر أثر إكراه أو تهديد كائناً ما كان قدر هذا التهديد أو ذلك الإكراه، وكان من المقرر أن الدفع ببطلان الاعتراف لصدوره تحت تأثير الإكراه وهو دفع جوهري يجب على محكمة الموضوع مناقشته والرد عليه يستوي في ذلك أن يكون المتهم المقر هو الذي أثار البطلان أم أثاره متهم آخر في الدعوى ما دام الحكم قد عول في قضائه بالإدانة على ذلك الاعتراف.
4 - لما كانت الطاعنة قد تمسكت بأن الاعتراف المعزو إلى المتهمة الأخرى سالفة الذكر قد صدر وليد إكراه، وكان الحكم المطعون فيه قد عول في إدانتها - ضمن ما عول عليه من الأدلة - على ذلك الاعتراف بغير أن يرد على دفاعها الجوهري ويقول كلمته فيه، فإنه يكون معيباً بالقصور في التسبيب بما يبطله، ولا يعصمه من هذا البطلان ما قام عليه من أدلة أخرى، لما هو مقرر من أن الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة القاضي بحيث إذا سقط أحدها أو استبعد تعذر التعرف على مبلغ الأثر الذي كان للدليل الباطل في الرأي الذي انتهت إليه المحكمة.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة كلاً من 1 - ...... طاعنة 2 - ..... طاعنة 3 - ..... 4 - ....... طاعنة 5 - ....... "طاعنة" 6 - ...... 7 - ....... 8 - ...... "طاعنة" 9 - ....... 10 - ...... 11 - ...... بأنهم في يوم...... المتهمة الأولى أولاً: أدارت الشقتين المبينتين في الأوراق لأعمال الفجور والدعارة على النحو المبين بالأوراق. ثانياً: سهلت دعارة المتهمات من الثانية حتى التاسعة على النحو المبين بالأوراق. ثالثاً: عاونت المذكورتين على ممارسة الدعارة. رابعاً: استغلت بغاء سالفات الذكر على ممارسة الدعارة. خامساً: حرضت كل من...... و......" على مغادرة البلاد للاشتغال بالدعارة. المتهمات من الثانية حتى التاسعة اعتدن ممارسة الدعارة مع الرجال بدون تمييز لقاء أجر. العاشرة: عاونت الأولى على إدارة شقتها لأعمال الدعارة والفجور. الحادي عشر: اعتاد ممارسة الدعارة والفجور مع النساء بدون تمييز ولقاء أجر. وطلبت عقابهم بالمواد 1/ جـ، ز، 3/ ز، 6/ أ، 8/ أ، 9/ جـ، 12، 15 من القانون رقم 10 لسنة 1961 والمادة 30 من قانون العقوبات. ومحكمة جنح الآداب بالقاهرة قضت أولاً: حضورياً للأولى بحبسها ثلاث سنوات مع الشغل والنفاذ وتغريمهما ثلاثمائة جنيه والغلق والمصادرة وبراءتها من التهمة الأخيرة. ثانياً: حضورياً للثانية والرابعة بحبسهما سنتين مع الشغل والنفاذ ومثلها للمراقبة وتغريم كل منهما مائتي جنيه. ثالثاً: حضورياً للثالثة والخامسة والسادسة والسابعة والثامنة بحبس كل منهن سنة واحدة مع الشغل والنفاذ وغرامة مائتي جنيه. رابعاً غيابياً للحادي عشر بحبسه ثلاثة أشهر مع الشغل وكفالة مائتي جنيه وغرامة مائتي جنيه. خامساً: غيابياً للتاسعة وحضورياً للعاشرة ببراءة كل منهما مما نسب إليهما. استأنفت المحكوم عليهن الثمانية الأول، ومحكمة شمال القاهرة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بالنسبة للمتهمة الأولى برفضه وتأييد الحكم المستأنف وتعديله بالنسبة للمتهمتين الثانية والرابعة والاكتفاء بحبس كل منهما سنة مع الشغل والنفاذ ومثلها للمراقبة والتأييد فيما عدا ذلك وبالنسبة لباقي المتهمات بتعديله والاكتفاء بحبس كل منهن ستة أشهر مع الشغل والنفاذ ومثلها للمراقبة والتأييد فيما عدا ذلك.
فطعن المحكوم عليهن الأولى والثانية والخامسة والأستاذ...... المحامي نيابة عن المحكوم عليها الثامنة والأستاذ....... المحامي نيابة عن المحكوم عليها الثانية في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

من حيث إن الطاعنتين الأولى "......." والثانية "......." وإن قررتا بالطعن بالنقض في الميعاد إلا أنهما لم تقدما أسباباً لطعنهما مما يتعين معه عدم قبوله شكلاً عملاً بحكم المادة 34 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959.
وحيث إن الأستاذ....... المحامي وإن قرر بالطعن بمثابته نائباً عن الطاعنة الرابعة....... إلا أن التوكيل الذي قرر بالطعن بمقتضاه لم يقدم للتثبت من صفة المقرر، ولما كان الطعن بطريق النقض في المواد الجنائية حقاً شخصياً لمن صدر الحكم ضده يمارسه أو لا يمارسه حسبما يرى فيه مصلحته وليس لغيره أن ينوب عنه في مباشرته إلا إذا كان موكلاً منه توكيلاً يخوله ذلك الحق، فإن الطعن يكون قد قرر به من غير ذي صفة، ولا يقدح في ذلك تقديم صورة ضوئية غير رسمية من التوكيل المشار إليه ومن ثم يتعين عدم قبول هذا الطعن شكلاً.
وحيث إن مما تنعاه الطاعنة الثالثة على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانها بجرائم إدارة مسكن للدعارة وتسهيل ومعاونة باقي المتهمات على ارتكاب الدعارة واستغلال بغائهن قد شابه القصور في التسبيب، ذلك أنها تمسكت لدى محكمة الموضوع ببطلان الاعترافات المعزوة إلى المتهمات الأخريات لصدورها وليد إكراه إلا أن الحكم عول على هذه الاعترافات في إدانتها دون أن يعني بمناقشة دفاعها أو الرد عليه، مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إنه يبين من الاطلاع على الأوراق أن المدافع عن الطاعنة تمسك أمام المحكمة الاستئنافية ببطلان اعتراف المتهمة الثانية "......." عليها لصدوره وليد إكراه، ويبين من الرجوع إلى الحكم المطعون فيه - الذي اعتنق أسباب الحكم المستأنف - أنه استند في إدانة الطاعنة - ضمن ما استند إليه - إلى الاعتراف المشار إليه دون أن يعرض لدفاعها في هذا الشأن أو يرد عليه. لما كان ذلك، وكان الأصل أن الاعتراف الذي يعول عليه يجب أن يكون اختيارياً، وهو لا يعتبر كذلك - ولو كان صادقاً - إذا صدر أثر إكراه أو تهديد كائناً ما كان قدر هذا التهديد أو ذلك الإكراه، وكان من المقرر أن الدفع ببطلان الاعتراف لصدوره تحت تأثير الإكراه وهو دفع جوهري يجب على محكمة الموضوع مناقشته والرد عليه يستوي في ذلك أن يكون المتهم المقر هو الذي أثار البطلان أم أثاره متهم آخر في الدعوى ما دام الحكم قد عول في قضائه بالإدانة على ذلك الاعتراف. لما كان ذلك، وكانت الطاعنة قد تمسكت بأن الاعتراف المعزو إلى المتهمة الأخرى سالفة الذكر قد صدر وليد إكراه، وكان الحكم المطعون فيه قد عول في إدانتها - ضمن ما عول عليه من الأدلة - على ذلك الاعتراف بغير أن يرد على دفاعها الجوهري ويقول كلمته فيه، فإنه يكون معيباً بالقصور في التسبيب بما يبطله، ولا يعصمه من هذا البطلان ما قام عليه من أدلة أخرى، لما هو مقرر من أن الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة القاضي بحيث إذا سقط أحدها أو استبعد تعذر التعرف على مبلغ الأثر الذي كان للدليل الباطل في الرأي الذي انتهت إليه المحكمة. لما كان ما تقدم، فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه والإحالة بالنسبة لهذه الطاعنة ولباقي الطاعنات وكذلك المحكوم عليهن اللاتي لم يقررن بالطعن "........"، "......."، "........" لاتصال وجه النعي بهن ولوحدة الواقعة وحسن سير العدالة وذلك دون حاجة لبحث أوجه الطعن الأخرى.

الطعن 211 لسنة 58 ق جلسة 24/ 5/ 1988 مكتب فني 39 ج 1 ق 108 ص 729

جلسة 24 من مايو سنة 1988

برئاسة السيد المستشار/ حسن عثمان عمار نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمود البارودي ومحمد أحمد حسن نائبي رئيس المحكمة وحسن عشيش ورضوان عبد العليم.

-------------

(108)
الطعن رقم 211 لسنة 58 القضائية

تلبس. حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". مواد مخدرة.
التخلي الذي ينبني عليه قيام حالة التلبس بالجريمة. شرطه: وقوعه عن إرادة وطواعية واختيار. كونه وليد إجراء غير مشروع. بطلان الدليل المستمد منه.

---------------
يشترط في التخلي الذي ينبني عليه قيام حالة التلبس بالجريمة أن يكون قد تم عن إرادة حرة وطواعية واختيار، فإذا كان وليد إجراء غير مشروع فإن الدليل المستمد منه يكون باطلاً لا أثر له.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه أحرز بغير قصد الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي جوهراً مخدراً "حشيش" في غير الأحوال المصرح بها قانوناً. وأحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة.
ومحكمة جنايات القاهرة قضت حضورياً عملاً بالمواد 1، 2، 37/ 1، 38، 42/ 1 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 40 لسنة 1966. والبند رقم 57 من الجدول رقم (1) بمعاقبة المتهم بالسجن لمدة ثلاث سنوات وتغريمه ألف جنيه والمصادرة.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة إحراز جوهر مخدر فقد انطوى على قصور في التسبيب، ذلك بأن رد على دفع الطاعن ببطلان القبض عليه بما لا يكفي لإطراحه.. وهو ما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما مؤداه أنه بينما كان رئيس وحدة مباحث قسم شرطة النزهة يمر بدائرة القسم لتفقد حالة الأمن نظراً لتكرر حوادث سرقة مصاغ السيدات باستعمال الدراجات البخارية وأثناء استيقافه الطاعن الذي كان يسرع بدراجته حاول الهرب فتمكن الضابط من اللحاق به وعندئذ ألقى لفافتين تتبعهما الضابط ببصره حتى استقرتا على الأرض ثم فضهما وتبين أنهما تحويان مخدراً فألقى القبض على الطاعن، وبعد أن أفصح الحكم عن ثبوت الواقعة على هذه الصورة من أقوال الضابط وما أسفر عنه تحليل المادة المضبوطة، حصل أقوال شاهد الإثبات في قوله أنه شهد بأنه بينما كان يقوم بالمرور بدائرة القسم لتفقد حالة الأمن ونظراً لتكرر حوادث سرقة السلاسل من السيدات باستعمال الدرجات البخارية وأثناء استيقافه للمتهم..... (الطاعن) الذي كان يسرع بدراجته البخارية حاول الهرب فتمكن من اللحاق به وعندئذ ألقى بلفافتين أرضاً تتبعهما الضابط ببصره حتى استقرتا على الأرض فقام بالتقاطهما وتبين أنهما تحويان مخدر الحشيش فقام بضبطهما والقبض على المتهم. لما كان ذلك، وكان يبين من محضر جلسة المحاكمة أن المدافع عن الطاعن دفع ببطلان القبض والتفتيش لحصولها دون سبب ودون سند من القانون وأن تخلى الطاعن عن لفافتي المخدر لم يكن اختيارياً إذ تم بعد القبض عليه، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لهذا الدفع وأطرحه في قوله "وحيث إن المحكمة تطمئن إلى ما جاء على لسان شاهد الإثبات اطمئناناً يقينياً وتطرح دفاع المتهم إذ هو مجرد تهرب من التهمة وأن التخلي عن المخدر كان اختيارياً عند مجرد استيقافه". لما كان ذلك، وكان يشترط في التخلي الذي ينبني عليه قيام حالة التلبس بالجريمة أن يكون قد تم عن إرادة حرة وطواعية واختيار، فإذا كان وليد إجراء غير مشروع فإن الدليل المستمد منه يكون باطلاً لا أثر له، وكان الحكم المطعون فيه قد عول في إدانة الطاعن على الدليل المستمد من تخليه عن لفافتي المخدر دون أن يمحص دفاعه وكان ما أورده الحكم رداً على دفع الطاعن في هذا الشأن - وعلى ما سلف بيانه - غير كاف لإطراحه، إذ بالإضافة إلى ما انطوى عليه من مصادرة على المطلوب، فإن ما ذكره من أن التخلي تم عند مجرد استيقاف الطاعن يتناقض مع ما أورده الحكم سواء في معرض تحصيله واقعة الدعوى أو أقوال شاهد الإثبات من أن تخلي الطاعن عن لفافتي المخدر إنما تم بعد محاولته الهرب وملاحقة الضابط له وهو ما ينبئ عن اختلال فكرة المحكمة عن واقعة الدعوى فضلاً عن أنه حجب المحكمة عن بحث أثر ملاحقة الضابط للطاعن في حرية إرادته واختياره. لما كان ما تقدم، فإن الحكم المطعون فيه يكون فوق قصوره في التسبيب مشوباً بالتناقض فيه بما يبطله ويوجب نقضه والإعادة وذلك دون حاجة لبحث أوجه الطعن.

الطعن 2545 لسنة 59 ق جلسة 27 / 7 / 1989 مكتب فني 40 ق 118 ص 702

جلسة 27 من يوليو سنة 1989

برئاسة السيد المستشار/ محمد رفيق البسطويسي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد أحمد حسن وعبد الوهاب الخياط نائبي رئيس المحكمة وعبد اللطيف أبو النيل وعمار إبراهيم.

-----------------

(118)
الطعن رقم 2545 لسنة 59 القضائية

(1) شيك بدون رصيد. جريمة "أركانها". إثبات "قرائن قانونية".
توقيع الشيك على بياض دون إثبات قيمته أو تاريخه. لا يؤثر على صحته. مفاده: تفويض المستفيد في تحرير بياناته. افتراض هذا التفويض. ما لم يقم الدليل على خلافه.
(2) إكراه. الحصول على سند بطريق التهديد. شيك بدون رصيد. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
استخلاص الحكم واقعة إكراه المجني عليه على إمضاء شيكات على بياض بما يثبت حقوقاً لهم قبله. كفايته لتوافر الجريمة المنصوص عليها في المادة 325 عقوبات.
(3) إثبات "بوجه عام" "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى. موضوعي.
الجدل في تصوير الواقعة. غير جائز أمام النقض.
(4) إثبات "بوجه عام". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
الأدلة في المواد الجنائية متساندة. لا يلزم أن ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى. يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها.
(5) إثبات "بوجه عام". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
لا يشترط في الدليل أن يكون صريحاً دالاً بنفسه على الواقعة المراد إثباتها. كفاية استخلاصه بالاستنتاج من الظروف والقرائن.
(6) استدلالات. نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
لا ينال من صحة التحريات أن تكون ترديداً لما أبلغ به المجني عليه. علة ذلك؟

---------------
1 - من المقرر أن توقيع الساحب على الشيك على بياض دون أن يدرج فيه القيمة التي يحق للمستفيد تسلمها من المسحوب عليه أو دون إثبات تاريخ به لا يؤثر على صحة الشيك إذ أن إعطاء الشيك بغير إثبات القيمة أو التاريخ يفيد في ظاهره - أن مصدره قد فوض المستفيد في وضع هذين البيانين قبل تقديم الشيك للمسحوب عليه، وينحسر عنه بالضرورة عبء إثبات وجود هذا التفويض وطبيعته ومداه، وينقل هذا العبء إلى من يدعي خلاف هذا الظاهر.
2 - لما كان الحكم قد استخلص من ظروف الدعوى أن الطاعن وباقي المحكوم عليهم كانوا يبغون من إكراه المجني عليه على إمضاء الشيكات الثلاثة على بياض استيفاء بياناتها بما يثبت حقوقاً لهم قبله، ودلل على ما استخلصه من ذلك تدليلاً كافياً يتفق مع العقل والمنطق، فإنه إذ تأدى من ذلك إلى تحقق جريمة إكراه المجني عليه على التوقيع على تلك الشيكات الثلاثة على بياض وهي الجريمة المنطبق عليها نص المادة 325 من قانون العقوبات، بركنيها المادي والمعنوي، يكون قد اقترن بالصواب ويضحى منعى الطاعن عليه بالخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب غير سديد.
3 - لما كان لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفه من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق، وكان الحكم المطعون فيه قد بين صورة الواقعة كما استقرت في عقيدة المحكمة مما أخذت به من الأدلة القائمة فيها، فإن النعي على الحكم إطراح تصوير الطاعن للواقعة وما ساقه من مستندات تظاهره لا يعدو أن يكون جدلاً في شأن تصوير الواقعة مما تستقل به محكمة الموضوع ولا تقبل مجادلتها فيه لدى محكمة النقض.
4 - من المقرر أنه لا يلزم أن تكون الأدلة التي اعتمد عليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه.
5 - لا يشترط في الدليل أن يكون صريحاً دالاً بنفسه على الواقعة المراد إثباتها بل يكفي أن يكون استخلاص ثبوتها منه عن طريق الاستنتاج مما تكشف للمحكمة من الظروف والقرائن وترتيب النتائج على المقدمات.
6 - لما كان لا ينال من صحة التحريات أن تكون ترديداً لما أبلغ به المجني عليه لأن مفاد ذلك أن مجريها قد تحقق من صدق ذلك البلاغ، فإن منعى الطاعن في هذا الشأن - بفرض صحته - يكون غير قويم.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه وآخرين - سبق الحكم عليهم - أولاً: شرعوا في إكراه..... على توقيع ثلاث شيكات على بياض بقصد ملء بياناتها بكتابة تثبت لهم حقوقاً قبله بأن حجزوه دون وجه حق وهددوه بالقتل فقام بالتوقيع عليها بناء على هذا الإكراه. ثانياً: قبضوا على المجني عليه سالف الذكر وحجزوه دون وجه حق بغير أمر أحد من الحكام المختصين قانوناً وفي غير الأحوال المحددة لذلك على النحو المبين بالأوراق. وأحالتهم إلى محكمة جنايات قنا لمعاقبتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. وادعى المجني عليه مدنياً قبل المتهم بمبلغ قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً بعد أن عدلت وصف التهمة الأولى إلى جريمة تامة عملاً بالمادتين 280، 325 من قانون العقوبات. بمعاقبته بالأشغال الشاقة لمدة ثلاث سنوات عن التهمة الأولى وبانقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة بالنسبة للتهمة الثانية وإلزامه بأن يؤدي للمدعي بالحقوق المدنية مبلغ قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

من حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة الإكراه على إمضاء ثلاثة شيكات على بياض قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال، ذلك بأن اعتبر الواقعة جريمة تامة ينطبق عليها نص المادة 325 من قانون العقوبات على خلاف النظر الصحيح في القانون، ولم يستظهر القصد الجنائي في حق الطاعن، والتفت عن دفاعه المؤيد بما قدمه من مستندات بعدم صحة صورة الواقعة كما رواها المجني عليه، واستند في إدانة الطاعن إلى أقوال المحكوم عليه الآخر...... مع أنها خلت مما يفيد استخدام الطاعن سلاحاً في إكراه المجني عليه، وإلى تحريات الشرطة رغم إنها مجرد ترديد لأقوال المجني عليه. كل ذلك يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بقوله "إنها تتحصل في أنه توجد ثمة معاملات مالية بين المتهم...... والمجني عليه...... نتيجة لأعمال المقاولات التي يشتركان فيها سوياً وقد ترتب على ذلك حدوث خلافات مالية لم تفلح الطرق الودية في تسويتها، فاتفق هذا المتهم مع باقي المتهمين في استدراج المجني عليه إلى القاهرة حتى يكون تحت سيطرتهم وتهديدهم، حتى يتمكنوا من الحصول على ما يكون له من حقوق طرفه بأخذ إمضاءاته عنوة على شيكات تثبت حقوقاً له، وتنفيذاً لما اتفق عليه فقد توجه كل من..... و..... و.... إلى المجني عليه في بلدته بتاريخ 21/ 2/ 1979 وتمكنوا بطريق الخداع من استدراجه في سيارة بيجو بحجة العمل على إصلاح سيارة المتهم النقل المعطلة في الطريق ولكنه ما لبث أن اكتشف المجني عليه هذه الحيلة وحاول الاستغاثة فلم يغثه أحد ولم يتمكن من الإفلات منهم فقد كان واقعاً تحت التهديد بسلاح ناري مع..... وسكيناً مع...... ثم طلب منه....... تحت التهديد والوعيد التوقيع على ثلاثة شيكات على بياض لصالح شقيقه....... إلا أنه لم يمتثل له فاقتادوه عنوة إلى شقة المتهم الكائنة بالمطرية بالقاهرة وفيها تم احتجازه بالقوة وتحت التهديد والقسر الوعيد بأنه لن يطلق سراحه ما لم يوقع على ثلاثة شيكات لصالح المتهم الماثل وظل يقاوم حتى انهارت مقاومته وأوجس منهم في نفسه خيفة فاستجاب لهم ووقع على الشيكات الثلاثة فأخلوا سبيله بعد الحصول على بغيتهم وما أن أعادوه إلى بلدته حتى أسرع بإبلاغ الشرطة". وأورد الحكم على ثبوت الواقعة في حق الطاعن أدلة استمدها من أقوال المجني عليه واعتراف المتهم....... ومن تحريات الشرطة، وهي أدلة لم يجادل الطاعن في أنها ترتد إلى أصول ثابتة في الأوراق. لما كان ذلك وكان الحكم قد أثبت في حق الطاعن - في بيان كاف - إقدامه والمحكوم عليهم الآخرين على ارتكاب الجريمة متوخين تعطيل إرادة المجني عليه عن طريق تهديدهم له باستعمال السلاح أثناء اقتيادهم له في السيارة وحمله كرهاً إلى منزل الطاعن وتهديده وهو في قبضتهم محجوزاً دون وجه حق مما كان من شأنه ترويع المجني عليه وانقياده كرهاً عنه إلى التوقيع على الشيكات الثلاثة التي طلبوا منه التوقيع عليها، وكان من المقرر أن توقيع الساحب على الشيك على بياض دون أن يدرج فيه القيمة التي يحق للمستفيد تسلمها من المسحوب عليه أو دون إثبات تاريخ به لا يؤثر على صحة الشيك إذ أن إعطاء الشيك بغير إثبات القيمة أو التاريخ يفيد في ظاهره - أن مصدره قد فوض المستفيد في وضع هذين البيانين قبل تقديم الشيك للمسحوب عليه، وينحسر عنه بالضرورة عبء إثبات وجود هذا التفويض وطبيعته ومداه وينقل هذا العبء إلى من يدعي خلاف هذا الظاهر، ولما كان الحكم قد استخلص من ظروف الدعوى أن الطاعن وباقي المحكوم عليهم كانوا يبغون من إكراه المجني عليه على إمضاء الشيكات الثلاثة على بياض استيفاء بياناتها بما يثبت حقوقاً لهم قبله، ودلل على ما استخلصه من ذلك تدليلاً كافياً يتفق مع العقل والمنطق، فإنه إذ تأدى من ذلك إلى تحقق جريمة إكراه المجني عليه على التوقيع على تلك الشيكات الثلاثة على بياض وهي الجريمة المنطبق عليها نص المادة 325 من قانون العقوبات، بركنيها المادي والمعنوي، يكون قد اقترن بالصواب ويضحى منعى الطاعن عليه بالخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب غير سديد. لما كان ذلك، وكان لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفه من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق، وكان الحكم المطعون فيه قد بين صورة الواقعة كما استقرت في عقيدة المحكمة مما أخذت به من الأدلة القائمة فيها، فإن النعي على الحكم إطراح تصوير الطاعن للواقعة وما ساقه من مستندات تظاهره لا يعدو أن يكون جدلاً في شأن تصوير الواقعة مما تستقل به محكمة الموضوع ولا تقبل مجادلتها فيه لدى محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان الحكم قد حصل أقوال المحكوم عليه...... بقوله "وقد اعترف..... في تحقيقات النيابة تفصيلاً بالواقعة. فقد قرر بأنه يعمل سائقاً لدى المتهم..... (الطاعن) وفي يوم 21/ 2/ 1979 تقابل معه..... واصطحبه في سيارة بيجو وكان معهما كل من...... و...... إلى غارب بحجة إحضار سيارة نقل ملك...... كانت معطلة في الطريق ولكنه لم يجد السيارة وقصدوا جميعاً إلى منزل المجني عليه واصطحبوه معهم في السيارة البيجو لذات الحجة، ولما اكتشف المجني عليه خديعتهم حاول الإفلات منهم فلم يستطع، وطلب منه....... التوقيع على ثلاثة شيكات على بياض لصالح....... بالقوة ولكنه لم يستجب فاصطحبوه إلى القاهرة وفي شقة في المطرية كان المتهم الماثل (الطاعن) في انتظارهم وانتهى دوره عند هذا الحد فدخل حجرة للنوم ولا يدري ماذا حدث بعد ذلك، ولكن المجني عليه بات ليلته وفي اليوم التالي وقع على ثلاثة شيكات لصالح المتهم". وكان من المقرر أنه لا يلزم أن تكون الأدلة التي اعتمد عليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه - كما هو الشأن في الدعوى المطروحة - كما أنه لا يشترط في الدليل أن يكون صريحاً دالاً بنفسه على الواقعة المراد إثباتها بل يكفي أن يكون استخلاص ثبوتها منه عن طريق الاستنتاج مما تكشف للمحكمة من الظروف والقرائن وترتيب النتائج على المقدمات. من ثم فإن ما يثيره الطاعن في حصول تعويل الحكم على اعتراف المحكوم عليه الآخر رغم خلوه مما يفيد استخدام الطاعن سلاحاً في إكراه المجني عليه يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان لا ينال من صحة التحريات أن تكون ترديداً لما أبلغ به المجني عليه لأن مفاد ذلك أن مجريها قد تحقق من صدق ذلك البلاغ، فإن منعى الطاعن في هذا الشأن - بفرض صحته - يكون غير قويم. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعين الرفض مع إلزام الطاعن المصاريف المدنية.

الطعن 1883 لسنة 59 ق جلسة 27 / 7 / 1989 مكتب فني 40 ق 117 ص 688

جلسة 27 من يوليو سنة 1989

برئاسة السيد المستشار/ محمد رفيق البسطويسي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد أحمد حسن نائب رئيس المحكمة وعبد اللطيف أبو النيل وعمار إبراهيم وأحمد جمال عبد اللطيف

----------------

(117)
الطعن رقم 1883 لسنة 59 القضائية

(1) إثبات "بوجه عام" "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى".
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى. موضوعي.
(2) تزوير. اشتراك. جريمة "أركانها". إثبات "بوجه عام". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الاشتراك في جرائم التزوير. تمامه في الغالب دون مظاهر خارجية أو أعمال مادية محسوسة. كفاية الاعتقاد بحصوله من ظروف الدعوى وملابساتها، ما دام سائغاً.
الجدل الموضوعي. إثارته أمام النقض. غير جائز.
(3) تزوير. جريمة "أركانها". قصد جنائي. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير توافر القصد الجنائي". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تحدث الحكم استقلالاً عن القصد الجنائي في جريمة التزوير. غير لازم. ما دام قد أورد من الوقائع ما يدل عليه.
(4) إثبات "بوجه عام".
الأصل في المحاكمات الجنائية. اقتناع القاضي بناء على الأدلة المطروحة عليه. ما لم يقيده القانون بدليل معين.
(5) إثبات "بوجه عام". تزوير.
جرائم التزوير. لم يجعل القانون لإثباتها طريقاً خاصاً.
(6) إثبات "بوجه عام". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
مؤدى تساند الأدلة في المواد الجنائية؟
(7) إجراءات "إجراءات التحقيق". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تعييب الإجراءات السابقة على المحاكمة. لا يصح أن يكون سبباً للطعن في الحكم.
عدم سؤال المتهم في التحقيق. لا يترتب عليه بطلان الإجراءات. أساس ذلك؟
(8) قانون "تفسيره". تزوير. عقوبة "تقديرها". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
العقوبة المقررة للجريمتين المنصوص عليهما بالمادة 216 عقوبات؟
حالات التزوير في جوازات السفر. محددة حصراً. العقوبات المقررة لمقارفها أخف من تلك المقررة لجرائم التزوير الأخرى. شمول تخفيف العقوبات. حالة حصول التزوير في ورقة لا يتأتى الحصول على تذكرة السفر إلا بها. أساس ذلك؟
المقصود بتذاكر السفر؟.
اعتبار الحكم جريمة الاشتراك في تزوير بيانات استمارة جواز سفر جناية. خطأ. علة ذلك؟.
(9) نقض "حالات الطعن. الخطأ في القانون". محكمة النقض "سلطتها".
حق محكمة النقض أن تنقض الحكم لمصلحة المتهم من تلقاء نفسها. متى تبين أنه مبني على خطأ في تطبيق القانون. المادة 35/ 2 من القانون 57 لسنة 1959.
(10) نقض "حالات الطعن. الخطأ في القانون". محكمة النقض "سلطتها".
متى يكون لمحكمة النقض تصحيح الحكم والقضاء وفقاً للقانون؟.
(11) نقض "الحكم في الطعن".
متى وجب تصحيح الحكم. حظر نقضه. وكلما وجبت الإعادة تعين النقض.

----------------
1 - من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليها اقتناعها ما دام استخلاصها سائغاً متفقاً مع العقل والمنطق.
2 - من المقرر أن الاشتراك في جرائم التزوير يتم غالباًً دون مظاهر خارجية أو أعمال مادية محسوسة يمكن الاستدلال بها عليه. ومن ثم يكفي لثبوته أن تكون المحكمة قد اعتقدت حصوله من ظروف الدعوى وملابساتها وأن يكون اعتقادها سائغاً تبرره الوقائع التي بينها الحكم، وهو ما لم يخطئ الحكم المطعون فيه تقديره، فإن ما يثيره الطاعنون في هذا الشأن ينحل في الواقع إلى جدل موضوعي لا تقبل إثارته أمام محكمة النقض.
3 - من المقرر أن القصد الجنائي في جريمة التزوير من المسائل المتعلقة بوقائع الدعوى التي تفصل فيها محكمة الموضوع في ضوء الظروف المطروحة عليها وليس بلازم أن يتحدث الحكم عنه صراحة وعلى استقلال ما دام قد أورد من الوقائع ما يدل عليه - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - فإن النعي على الحكم بالقصور في هذا الصدد لا يكون له محل.
4 - الأصل في المحاكمات الجنائية هو اقتناع القاضي بناء على الأدلة المطروحة عليه فله أن يكون عقيدته من أي دليل أو قرينة يرتاح إليها إلا إذا قيده القانون بدليل معين ينص عليه.
5 - إن القانون الجنائي لم يجعل لإثبات جرائم التزوير طريقاً خاصاً.
6 - لا يشترط أن تكون الأدلة التي اعتمد عليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى، إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تكون عقيدة المحكمة فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم ومنتجة في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه.
7 - لما كان البين من محاضر جلسات المحاكمات أن الطاعن الثالث أو المدافع عنه لم يثيرا شيئاً بخصوص عدم استجوابه في التحقيقات، فإنه لا يحق له من بعد أن يثير شيئاً من ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض، إذ هو لا يعدو أن يكون تعييباً للإجراءات السابقة على المحاكمة مما لا يصح أن يكون سبباً للطعن في الحكم، هذا فضلاً عن أن عدم سؤال المتهم في التحقيق لا يترتب عليه بطلان الإجراءات، إذ لا مانع في القانون يمنع من رفع الدعوى العمومية بدون استجواب المتهم أو سؤاله. ومن ثم فإن منعى الطاعن في هذا الصدد يكون غير سديد.
8 - لما كان النص في المادة 216 من قانون العقوبات على أنه "كل من تسمى في تذكرة سفر مزورة باسم غير اسمه الحقيقي أو كفل أحداً في استحصاله على الورقة المشتملة على الاسم المذكور وهو يعلم ذلك، يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنتين". والنص في المادة 224 من القانون ذاته على أن "لا تسري أحكام المواد 211، 212، 213، 214، 215 على أحوال التزوير المنصوص عليها في المواد 216، 217، 218، 219، 220، 221، 222، ولا على أحوال التزوير المنصوص عليها في قوانين خاصة"، والنص في المادة الأولى من القانون رقم 97 لسنة 1959 المعدل بالقانون رقم 78 لسنة 1968 في شأن جوازات السفر على أن "يعين بقرار من وزير الداخلية بموافقة وزير الخارجية شكل جواز السفر ومدة صلاحيته وطريقة تجديده وشروط وإجراءات منحه....."، والنص في المادة 38 من قرار وزير الداخلية رقم 63 لسنة 1969 بتنفيذ بعض أحكام القانون رقم 97 لسنة 1959 آنف الذكر على النموذج الخاص بطلب إصدار جواز السفر أو تجديده - تدل في صريح ألفاظها وواضح معناها أن الشارع قد حدد على سبيل الحصر حالات التزوير المشار إليها فيها، وعاقب على ما كان منها يشكل في الأصل جنايات تزوير في أرواق رسمية، بعقوبة الجنحة، وعاقب على ما كان منها يشكل جنح تزوير في أوراق عرفية، بعقوبة أخف من تلك المقررة لجنح التزوير في الأوراق العرفية، وأن تذكرة السفر لا يتم إصدارها إلا بعد تقديم طلب، ولئن كان ما تقدم من نصوص مخففة للعقاب في صورتيه - على السياق بادي الذكر - هو في واقع أمره خروجاً على الأصل العام المقرر في المواد من 211 - 215 من قانون العقوبات، إلا أنه إذ كان التزوير قد حصل في ورقة لا يتأتى الحصول على تذكرة السفر إلا بها - وهو الحال في الدعوى الماثلة - فإنه يندرج لزوماً وحتماً في نطاق الحالات التي حددتها، إذ لا يعقل قانوناً - في صورة الدعوى - أن يكون التسمي باسم مزور في تذكرة سفر أو صنعها معاقباً عليه بعقوبة الجنحة، ويكون التزوير في بيانات الاستمارة أو الطلب التي لا يتأتى الحصول على تذكرة السفر إلا بها، معاقباً عليه بعقوبة أشد، الأمر الذي يتفق وما استهدفه الشارع من العقوبات المخففة التي أوردها عقاباً على أحوال التزوير الخاصة آنفة الذكر، واعتباراً بأن تلك الاستمارات وما شابهها تمهد وتسلس إلى حالة التزوير الخاصة المبينة آنفاً. وإذ كان ذلك، وكانت تذاكر السفر يقصد بها الأوراق الخاصة برفع ما يكون عالقاً من القيود بحرية الأشخاص في التنقل من مكان إلى آخر. وكان ما نسب إلى الطاعن الأول...... على السياق المتقدم - لا يخرج عن نطاق المواد آنفة الذكر. ذلك بأن الاشتراك مع آخر في تزوير بيانات استمارتي جوازي السفر اللتين لا يتأتى الحصول على التذكرتين المذكورتين إلا بهما يندرج في نطاق التأثيم الوارد بالمادتين 216، 224 من قانون العقوبات وهو ما يؤدي في التكييف الصحيح والوصف الحق - إلى اعتبار الواقعة المسندة إلى الطاعن الأول مكونة للجريمة المنصوص عليها بالمادتين باديتي الذكر المعاقب عليها بعقوبة الجنحة، لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى اعتبار تلك الواقعة جناية، فإنه يكون قد أخطأ في التأويل الصحيح للقانون.
9 - لما كانت المادة 35/ 2 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959، تجيز للمحكمة أن تنقض الحكم - لمصلحة المتهم - من تلقاء نفسها إذا تبين لها مما هو ثابت فيه أنه بني على خطأ في تطبيق القانون.
10 - لما كان العيب الذي شاب الحكم مقصوراً على الخطأ في تأويل القانون على الواقعة كما صار إثباتها في الحكم فإنه يتعين حسب القاعدة الأصلية المنصوص عليها في المادة 39 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض سالف الإشارة أن تحكم محكمة النقض في الطعن وتصحح الخطأ وتحكم بمقتضى القانون.
11 - من المقرر أنه كلما وجب تصحيح الحكم المطعون فيه حظر نقضه كله أو بعضه، وكلما وجبت الإعادة تعين النقض، وكان العيب الذي شاب الحكم المطعون فيه مقصوراً على الخطأ في تأويل القانون، فإنه يتعين في الطعن الماثل تصحيح الحكم على حاله، دون نقضه عملاً بالفقرة الأولى من المادة 39 سالفة الذكر.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة كلاً من 1 - ....... (طاعن) 2 - ....... 3 - ....... (طاعن) 4 - ........ (طاعن) 5 - ........ 6 - ....... 7 - ....... بأنهم الأول: وهو ليس من أرباب الوظائف العمومية اشترك بطريقي الاتفاق والمساعدة مع آخر سبق الحكم عليه في ارتكاب تزوير في محررين رسميين هما استمارتي جوازي السفر رقمي..... سنة 80، ...... سنة 1982 بجعل واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة بأن اتفق معه على ارتكابها وساعده على ذلك بأن أمده بالبيانات والصور الفوتوغرافية الخاصة بالمتهمين الثانية والسادس فأثبت المتهم السابق الحكم عليه أسماء مزورة لهما واعتمد صحتها من ضامنين غير حقيقيين وبصم عليها ببصمات أختام مزورة على قالب الخاتم الصحيح للإدارة العامة للمحاكم ومدرسة إسماعيل القباني الثانوية فوقعت الجريمة بناء على هذا الاتفاق وتلك المساعدة. المتهمة الثانية: أولاً: وهي ليست من أرباب الوظائف العمومية اشتركت بطريقي الاتفاق والمساعدة مع المتهم الأول وآخر سبق الحكم عليه في ارتكاب تزوير أوراق رسمية هي استمارة جواز السفر رقم..... سنة 1980 نموذج 29 جوازات والبطاقة الشخصية رقم...... سجل مدني قليوب ذو المطبوع رقم..... والبطاقة العائلية رقم..... سجل مدني قليوب ذو المطبوع رقم..... ووثيقة الزواج رقم...... وذلك بجعل واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة بأن اتفقت معهما على ارتكابها وساعدتهما على ذلك بأن أمدتهما بالبيانات اللازمة لذلك وبصورتها الفوتوغرافية فقام المتهم الآخر (السابق الحكم عليه) بإثبات أنها تدعى....... وأنها زوجة لمن يدعى...... وأن...... و...... قد اعتمدا هذه البيانات وكفلاها حال عودتها من الخارج على نفقة الدولة وذلك على خلاف الحقيقة ووقع عليها بتوقيعات نسبها زوراً إليهما ومهر المحرر الأول ببصمة خاتم مزور على قالب الخاتم الصحيح لمدرسة إسماعيل القباني الثانوية فوقعت الجريمة بناء على هذا الاتفاق وتلك المساعدة. ثانياً: تسمت في جواز السفر رقم..... سنة 1980 شبرا الخيمة باسم غير اسمها الحقيقي. المتهم الثالث: أولاً: وهو ليس من أرباب الوظائف العمومية اشترك بطريقي الاتفاق والمساعدة مع آخر سبق الحكم عليه ومجهول في ارتكاب تزوير في محررات رسمية هي البطاقة الشخصية رقم..... سجل مدني الوايلي ذو المطبوع رقم....... وشهادة الإعفاء رقم...... واستمارة جواز السفر رقم..... سنة 1982 بأن اتفق معهما على اصطناعها على غرار المحررات الصحيحة وساعدهما على ذلك بأن أمدهما بالبيانات اللازمة وبصورته الفوتوغرافية فأثبت المجهول في البطاقة الشخصية وشهادة الإعفاء المذكورين أنه يدعى...... على خلاف الحقيقة ووضع على الورقة الأولى صورته ومهرها بتوقيعات نسبها زوراً إلى الموظفين المختصين بتحريرها بينما أثبت المتهم السابق الحكم عليه تلك البيانات على استمارة جواز السفر ووضع صورة المتهم المذكور عليها وأن....... و...... و....... العالمين بالإدارة العامة للمحاكم يعتمدان تلك البيانات ويكفلانه في سداد النفقات حال عودته من الخارج على نفقة الدولة وذلك على خلاف الحقيقة وبصم عليها ببصمة خاتم مزور على قالب الخاتم الصحيح للإدارة العامة للمحاكم فوقعت الجريمة بناء على هذا الاتفاق وتلك المساعدة. ثانياً: تسمى في جواز السفر رقم..... سنة 1983 باسم غير اسمه الحقيقي. المتهم الرابع: أولاً: وهو ليس من أرباب الوظائف العمومية اشترك بطريقي الاتفاق والمساعدة مع متهم آخر سبق الحكم عليه ومجهول في ارتكاب تزوير في محررين رسميين هما البطاقة الشخصية رقم...... ذو المطبوع رقم...... ب واستمارة جواز السفر رقم..... نموذج 29 جوازات بأن اتفق معهما على ارتكابها وساعدهما على ذلك بأن أمدهما بالبيانات اللازمة وبصورته الفوتوغرافية فاصطنع المجهول البطاقة الشخصية رقم........ على غرار المحررات الصحيحة وأثبت بها أنه يدعى...... على خلاف الحقيقة ووقع عليها بتوقيعات نسبها زوراً إلى الموظفين المختصين بتحريرها وأثبت المتهم الأول تلك البيانات باستمارة جواز السفر المذكورة وأن كلاً من....... و...... الموظفين بهيئة الآثار يعتمدان تلك البيانات ويكفلانه حال عودته من الخارج على نفقة الدولة وذلك على خلاف الحقيقة وبصم عليها ببصمتي خاتم مزور على قالب الخاتم الصحيح لتلك الجهة فوقعت الجريمة بناء على هذا الاتفاق وتلك المساعدة. ثانياً: تسمى في جواز السفر رقم..... شبرا الخيمة باسم غير اسمه الحقيقي. المتهمة الخامسة: وهي ليست من أرباب الوظائف العمومية اشتركت بطريقي الاتفاق والمساعدة مع متهم آخر سبق الحكم عليه ومجهول في ارتكاب تزوير في محررات رسمية هي استمارة جواز السفر رقم...... سنة 1982 شبرا الخيمة نموذج 29 جوازات والبطاقة العائلية رقم...... سجل مدني شبرا الخيمة أول ذو المطبوع رقم...... ووثيقة الزواج رقم...... بأن اتفقت معهما على ارتكابها وساعدتهما على ذلك بأن أمدتهما بالبيانات اللازمة وبصورتها الفوتوغرافية فاصطنع المجهول البطاقة العائلية ووثيقة الزواج المذكورين على غرار الأوراق الصحيحة ووقع عليها بتوقيعات نسبها زوراً إلى الموظفين المختصين بتحريرها وأثبت الأول تلك البيانات باستمارة جواز السفر وأن..... و...... العاملين بالإدارة العامة للمحاكم يعتمدان صحتها ويكفلانها حال عودتها على نفقة الدولة وذلك على خلاف الحقيقة ومهر المحرر المزور الأول ببصمتي خاتم مزور على قالب الخاتم الصحيح للإدارة العامة للمحاكم فوقعت الجريمة بناء على هذا الاتفاق وتلك المساعدة. المتهم السادس: وهو ليس من أرباب الوظائف العمومية اشترك بطريقي الاتفاق والمساعدة مع المتهم الأول وآخر سبق الحكم عليه ومجهول في ارتكاب تزوير في محررين رسميين هما استمارة جواز السفر رقم...... سنة 1982 نموذج 29 جوازات والبطاقة رقم...... المحررين بأن اتفق معهم على ارتكابها وساعدهم على ذلك بأن أمدهم بالبيانات اللازمة وبصورته الفوتوغرافية فاصطنع المجهول البطاقة العائلية رقم.... على غرار المحررات الصحيحة وأثبت فيها أنه يدعى...... على خلاف الحقيقة ووقع عليها بتوقيعات نسبها زوراً للمختصين بتحريرها وقام المتهم السابق الحكم عليه بإثبات تلك البيانات باستمارة جواز السفر سالف الذكر وأن..... و....... العاملين بالإدارة العامة للمحاكم يعتمدان تلك البيانات ويكفلانه في سداد النفقات في حال عودته من الخارج على نفقة الدولة وذلك على خلاف الحقيقة وبصم عليها ببصمتي خاتم مزور على قالب الخاتم الصحيح للإدارة العامة للمحاكم فوقعت الجريمة بناء على هذا الاتفاق وتلك المساعدة. ثانياً: تسمى في تذكرة السفر رقم....... سنة 82 باسم غير اسمه الحقيقي. المتهمة السابعة: أولاً: وهي ليست من أرباب الوظائف العمومية اشتركت بطريقي الاتفاق والمساعدة مع آخر سبق الحكم عليه ومجهول في ارتكاب تزوير في محررات رسمية هي البطاقة الشخصية رقم..... سجل مدني شبرا الخيمة أول ذو المطبوع رقم..... والبطاقة العائلية رقم..... شبرا الخيمة أول وعقد الزواج رقم...... واستمارة جواز السفر رقم..... سنة 81 شبرا الخيمة بأن اتفقت معهما على ارتكابها وساعدتهما على ذلك بأن أمدتهما بالبيانات اللازمة وبصورتها الفوتوغرافية فقام المجهول باصطناع المحررات الثلاثة الأولى على غرار المحررات الصحيحة وأثبت بها أن المذكورة تدعى..... وأنها زوجة لمن يدعى...... وذلك على خلاف الحقيقة ومهرها بتوقيعات نسبها زوراً للمختصين بتحريرها فقام المتهم السابق الحكم عليه بإثبات تلك البيانات باستمارة جواز السفر ووضع صورتها عليها وأثبت أن...... و....... الموظفان بالإدارة العامة للمحاكم يعتمدان صحة البيانات ويكفلانها في سداد النفقات في حال عودتهما من الخارج على نفقة الدولة وذلك على خلاف الحقيقة فوقعت الجريمة بناء على هذا الاتفاق وتلك المساعدة. ثانياً: تسمت في تذكرة سفر جواز السفر رقم..... سنة 81 شبرا الخيمة باسم غير اسمها الحقيقي. وأحالتهم إلى محكمة جنايات الإسكندرية لمعاقبتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 40/ 2، 3، 41، 206، 211، 212، 214، 216 من قانون العقوبات مع تطبيق المادتين 32، 17 من قانون العقوبات أولاً: باعتبار الحكم الغيابي لا يزال قائماً للمتهمين الثانية والسادس. ثانياً: بمعاقبة المتهمين الأول بالسجن لمدة ثلاث سنوات والثالث والرابع بالحبس مع الشغل لمدة سنتين والخامسة والسابعة بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة ومصادرة المحررات المزورة المضبوطة وأمرت بإيقاف تنفيذ عقوبة الحبس بالنسبة للمتهمتين الخامسة والسابعة.
فطعن المحكوم عليهم الأول والثالث والرابع في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

من حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعنين الثلاثة بجريمة الاشتراك في تزوير محررات رسمية وتسمى كل من الطاعنين الثاني والثالث في تذكرتي سفر باسم غير اسمه الحقيقي، قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال وانطوى على خطأ في تطبيق القانون والبطلان، ذلك بأنه لم يستظهر عناصر الاشتراك ويدلل على توافر القصد الجنائي في حقهم، واستخلص من مجرد تقديم الطاعنين الثاني والثالث صورهما الشمسية للمحكوم عليه الآخر - ........ - دليلاً على اشتراكهما في تزوير المحررات المضبوطة، كما أن الطاعن الثالث لم يستوجب في التحقيقات، وهو ما يعيب الحكم المطعون فيه ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة الاشتراك في تزوير محررات رسمية التي دان الطاعنين بها وأورد على ثبوتها في حقهم أدلة لا يمارى الطاعنون أن لها معينها في الأوراق. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليها اقتناعها ما دام استخلاصها سائغاً متفقاً مع العقل والمنطق، وكان البين من الحكم المطعون فيه أنه أثبت في تدليل سائغ ومنطق سليم أن الطاعنين الثاني والثالث وآخرين - حكم بإدانتهم - من طائفة الغجر البهلوان معتادي السفر للخارج لارتكاب جرائم النشل فتم إدراجهم على قوائم الممنوعين من السفر فلجأوا إلى المتهم...... الذي سبق الحكم عليه - حيث أمدهم بجوازات سفر مزورة تسموا فيها بأسماء غير أسمائهم الحقيقية، وأن الطاعن الأول قد قام بدور الوسيط بين الأخير وبين المتهمين...... و....... حيث أمده بالبيانات اللازمة والصورة الشمسية الخاصة بالمتهمين. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الاشتراك في جرائم التزوير يتم غالباً دون مظاهر خارجية أو أعمال مادية محسوسة يمكن الاستدلال بها عليه. ومن ثم يكفي لثبوته أن تكون المحكمة قد اعتقدت حصوله من ظروف الدعوى وملابساتها وأن يكون اعتقادها سائغاً تبرره الوقائع التي بينها الحكم، وهو ما لم يخطئ الحكم المطعون فيه تقديره، فإن ما يثيره الطاعنون في هذا الشأن ينحل في الواقع إلى جدل موضوعي لا تقبل إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن القصد الجنائي في جريمة التزوير من المسائل المتعلقة بوقائع الدعوى التي تفصل فيها محكمة الموضوع في ضوء الظروف المطروحة عليها وليس بلازم أن يتحدث الحكم عنه صراحة وعلى استقلال ما دام قد أورد من الوقائع ما يدل عليه - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - فإن النعي على الحكم بالقصور في هذا الصدد لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان الأصل في المحاكمات الجنائية هو اقتناع القاضي بناء على الأدلة المطروحة عليه فله أن يكون عقيدته من أي دليل أو قرينة يرتاح إليها إلا إذا قيده القانون بدليل معين ينص عليه، وإذ كان القانون الجنائي لم يجعل لإثبات جرائم التزوير طريقاً خاصاً، وكان لا يشترط أن تكون الأدلة التي اعتمد عليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى، إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تكون عقيدة المحكمة فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم ومنتجة في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه، وكان جماع ما أورده الحكم المطعون فيه من أدلة وشواهد سائغاً وكافياً للتدليل على ثبوت جريمة الاشتراك في التزوير التي دان الطاعنين بها فإن هذا حسبه ليبرأ من قالة القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال، ويكون النعي عليه في هذا الخصوص في غير محله. لما كان ذلك، وكان البين من محاضر جلسات المحاكمات أن الطاعن الثالث أو المدافع عنه لم يثيرا شيئاً بخصوص عدم استجوابه في التحقيقات فإنه لا يحق له من بعد أن يثير شيئاً من ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض، إذ هو لا يعدو أن يكون تعييباً للإجراءات السابقة على المحاكمة مما لا يصح أن يكون سبباً للطعن في الحكم، هذا فضلاً عن أن عدم سؤال المتهم في التحقيق لا يترتب عليه بطلان الإجراءات، إذ لا مانع في القانون يمنع من رفع الدعوى العمومية بدون استجواب المتهم أو سؤاله. ومن ثم فإن منعى الطاعن في هذا الصدد يكون غير سديد. لما كان ما تقدم، فإن طعن الطاعنين الثلاثة يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.
ومن حيث إن ما أسند إلى الطاعن الأول..... من اشتراك في تزوير أخذاً بما ورد بوصف التهمة المسندة إليه طبقاً لقرار الإحالة وما انتهى إليه الحكم المطعون فيه - أنه اشترك بطريقي الاتفاق والمساعدة مع المتهم..... في ارتكاب تزوير في محررين رسميين هما استمارتي جوازي السفر رقمي.... سنة 1980، ...... سنة 1982 شبرا الخيمة بجعل واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة بأن اتفق معه على ارتكابها وساعده على ذلك بأن أمده بالبيانات والصور الفوتوغرافية الخاصة بالمتهمين...... و..... فأثبت المتهم المذكور أسماء مزورة لهما واعتمد صحتها من ضامنين غير حقيقيين وبصم عليهما ببصمات أختام مزورة على قالب الخاتم الصحيح للإدارة العامة للمحاكم ومدرسة إسماعيل القباني الثانوية فوقعت الجريمة بناء على هذا الاتفاق وتلك المساعدة. لما كان ذلك، وكان النص في المادة 216 من قانون العقوبات على أنه "كل من تسمى في تذكرة سفر مزورة باسم غير اسمه الحقيقي أو كفل أحداً في استحصاله على الورقة المشتملة على الاسم المذكور وهو يعلم ذلك، يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنتين". والنص في المادة 224 من القانون ذاته على أن "لا تسري أحكام المواد 211، 212، 213، 214، 215 على أحوال التزوير المنصوص عليها في المواد 216، 217، 218، 219، 220، 221، 222، ولا على أحوال التزوير المنصوص عليها في قوانين خاصة"، والنص في المادة الأولى من القانون رقم 97 لسنة 1959 المعدل بالقانون رقم 78 لسنة 1968 في شأن جوازات السفر على أن "يعين بقرار من وزير الداخلية بموافقة وزير الخارجية شكل جواز السفر ومدة صلاحيته وطريقة تجديده وشروط وإجراءات منحه....."، والنص في المادة 38 من قرار وزير الداخلية رقم 63 لسنة 1969 بتنفيذ بعض أحكام القانون رقم 97 لسنة 1959 آنف الذكر على النموذج الخاص بطلب إصدار جواز السفر أو تجديده - تدل في صريح ألفاظها وواضح معناها أن الشارع قد حدد على سبيل الحصر حالات التزوير المشار إليها فيها، وعاقب على ما كان منها يشكل في الأصل جنايات تزوير في أرواق رسمية، بعقوبة الجنحة، وعاقب على ما كان منها يشكل جنح تزوير في أوراق عرفية، بعقوبة أخف من تلك المقررة لجنح التزوير في الأوراق العرفية، وأن تذكرة السفر لا يتم إصدارها إلا بعد تقديم طلب، ولئن كان ما تقدم من نصوص مخففة للعقاب في صورتيه - على السياق بادي الذكر - هو في واقع أمره خروجاً على الأصل العام المقرر في المواد من 211 - 215 من قانون العقوبات، إلا أنه إذ كان التزوير قد حصل في ورقة لا يتأتى الحصول على تذكرة السفر إلا بها - وهو الحال في الدعوى الماثلة - فإنه يندرج لزوماً وحتماً في نطاق الحالات التي حددتها، إذ لا يعقل قانوناً - في صورة الدعوى - أن يكون التسمي باسم مزور في تذكرة سفر أو صنعها معاقباً عليه بعقوبة الجنحة، ويكون التزوير في بيانات الاستمارة أو الطلب التي لا يتأتى الحصول على تذكرة السفر إلا بها، معاقباً عليه بعقوبة أشد، الأمر الذي يتفق وما استهدفه الشارع من العقوبات المخففة التي أوردها عقاباً على أحوال التزوير الخاصة آنفة الذكر، واعتباراً بأن تلك الاستمارات وما شابهها تمهد وتسلس إلى حالة التزوير الخاصة المبينة آنفاً. وإذ كان ذلك، وكانت تذاكر السفر يقصد بها الأوراق الخاصة برفع ما يكون عالقاً من القيود بحرية الأشخاص في التنقل من مكان إلى آخر. وكان ما نسب إلى الطاعن الأول...... على السياق المتقدم - لا يخرج عن نطاق المواد آنفة الذكر. ذلك بأن الاشتراك مع آخر في تزوير بيانات استمارتي جوازي السفر اللتين لا يتأتى الحصول على التذكرتين المذكورتين إلا بهما يندرج في نطاق التأثيم الوارد بالمادتين 216، 224 من قانون العقوبات وهو ما يؤدى في التكييف الصحيح والوصف الحق - إلى اعتبار الواقعة المسندة إلى الطاعن الأول مكونة للجريمة المنصوص عليها بالمادتين باديتي الذكر المعاقب عليها بعقوبة الجنحة. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى اعتبار تلك الواقعة جناية، فإنه يكون قد أخطأ في تأويل الصحيح للقانون. لما كان ذلك، وكانت المادة 35/ 2 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959، تجيز للمحكمة أن تنقض الحكم - لمصلحة المتهم - من تلقاء نفسها إذا تبين لها مما هو ثابت فيه أنه بني على خطأ في تطبيق القانون. لما كان ذلك، وكان العيب الذي شاب الحكم مقصوراً على الخطأ في تأويل القانون على الواقعة كما صار إثباتها في الحكم، فإنه يتعين حسب القاعدة الأصلية المنصوص عليها في المادة 39 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض سالف الإشارة أن تحكم محكمة النقض في الطعن وتصحح الخطأ وتحكم بمقتضى القانون، ولما كان ما تردى فيه الحكم المطعون فيه من خطأ - بالنسبة للطاعن الأول - لا يخضع لأي تقدير موضوعي ما دامت محكمة الموضوع قد قالت كلمتها من حيث ثبوت صحة إسناد التهمة مادياً إلى الطاعن الأول وبينت واقعتها بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لتلك الجريمة، وكان من المقرر أنه كلما وجب تصحيح الحكم المطعون فيه حظر نقضه كله أو بعضه، وكلما وجبت الإعادة تعين النقض، وكان العيب الذي شاب الحكم المطعون فيه مقصوراً على الخطأ في تأويل القانون، فإنه يتعين في الطعن الماثل تصحيح الحكم على حاله، دون نقضه عملاً بالفقرة الأولى من المادة 39 سالفة الذكر وذلك بالنسبة للطاعن الأول..... بجعل العقوبة حبسه مع الشغل لمدة سنتين.

الطعن 1811 لسنة 58 ق جلسة 27 / 7 / 1989 مكتب فني 40 ق 116 ص 680

جلسة 27 من يوليو سنة 1989

برئاسة السيد المستشار/ محمد رفيق البسطويسي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد أحمد حسن نائب رئيس المحكمة وعبد اللطيف أبو النيل وعمار إبراهيم ومحمد حسين مصطفى.

--------------

(116)
الطعن رقم 1811 لسنة 58 القضائية

(1) نقض "أسباب الطعن. توقيعها".
وجوب توقيع أسباب الطعون المرفوعة من غير النيابة العامة من محام مقبول أمام محكمة النقض. توقيع أسباب الطعن بإمضاء يتعذر قراءته. أثره: عدم قبول الطعن شكلاً.
(2) أوراق تجارية. قانون "تفسيره". وكالة.
التظهير الناقل لملكية الكمبيالة. شرطه: توافر البيانات المذكورة في المادة 134 من قانون التجارة.
عدم استيفاء بيانات التظهير. أثره: افتراض القصد منه هو التوكيل في تحصيل قيمة الورقة. المادة 135 من قانون التجارة.
(3) أوراق تجارية. قانون "تفسيره". شيك بدون رصيد.
النصوص الخاصة بالكمبيالة. تحتل الشريعة العامة للأوراق التجارية في التشريع المصري. سريانها على الشيك. ما لم تكن تتنافى مع طبيعته. أساس ذلك؟
(4) شيك بدون رصيد. قانون "تفسيره". وكالة.
تظهير المستفيد للشيك تظهيراً توكيلياً. لا يغير منه كون الشيك لحامله.
مثال.
(5) دعوى مباشرة. دعوى جنائية "تحريكها". دعوى مدنية "تحريكها". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". شيك بدون رصيد. وكالة.
تحريك الدعوى الجنائية بالطريق المباشر. شرطه: أن يكون من حركها قد أصابه ضرر شخصي ومباشر من الجريمة.
عدم قبول أي من شقي الدعوى المباشرة. أثره: عدم قبول الشق الآخر.
مثال.

---------------
1 - لما كان البين من مذكرة أسباب الطعن المقدمة من المدعي بالحقوق المدنية أنها وإن كانت تحمل ما يشير إلى صدورها من مكتب المحامى....... إلا أنها وقعت بإمضاء غير واضح بحيث يتعذر قراءة ومعرفة اسم صاحبه وصفته ولم يحضر الطاعن أو أحد عنه لبيان صاحب هذا التوقيع. لما كان ذلك، وكانت المادة 34 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 أوجبت في فقرتها الأخيرة بالنسبة إلى الطعون المرفوعة من غير النيابة العامة أن يوقع أسبابها محام مقبول أمام محكمة النقض، وكان البين مما سبق أن أسباب الطعن الماثل لم يثبت أنه قد وقع عليها من محام مقبول أمام هذه المحكمة فإنه يتعين التقرير بعدم قبول الطعن شكلاً مع إلزام الطاعن المصاريف المدنية ومصادرة الكفالة تطبيقاً للمادة 36/ 2 من القانون آنف الذكر.
2 - لما كانت المادة 134 من قانون التجارة قد نصت على أن "يؤرخ تحويل الكمبيالة ويذكر فيه أن قيمتها وصلت ويبين فيه اسم من انتقلت الكمبيالة تحت إذنه ويوضع عليه إمضاء المحيل أو ختمه". كما نصت المادة 135 من القانون ذاته على أنه "إذا لم يكن التحويل مطابقاً لما تقرر بالمادة السابقة فلا يوجب انتقال ملكية الكمبيالة لمن تتحول له بل يعتبر ذلك توكيلاً له فقط في قبض قيمتها ونقل ملكيتها لشخص آخر وإنما عليه أن يبين ما أجراه مما يتعلق بهذا التوكيل، وإذا نقل ملكيتها لآخر في هذه الحالة يكون مسئولاً بصفته محيل.... الخ". لما كان ذلك، وكان الأصل في التظهير الناقل لملكية الكمبيالة وجوب توافر البيانات المذكورة في المادة 134 من قانون التجارة، وهو تاريخ التظهير واسم المظهر إليه وشرط الإذن ووصول القيمة وتوقيع المظهر، بحيث إنه إذا لم تستوف هذه البيانات يفترض طبقاً لنص المادة 135 من القانون سالف الذكر أن التظهير إنما قصد به التوكيل في تحصيل قيمة الورقة التجارية.
3 - لما كان قانون التجارة، قد خلا من وضع تنظيم للتعامل بالشيك، ولم يورد بشأنه إلا نص المادة 191 المتعلقة بإيجاب تقديمه إلى المسحوب عليه في ميعاد خمسة أيام محسوباً منها اليوم المؤرخ فيه إذا كان مسحوباً من البلدة التي يكون الدفع فيها، أو في ظرف ثمانية أيام إذا كان مسحوباً من بلدة أخرى محسوباً منها اليوم المؤرخ فيه الشيك، فإنه إزاء ذلك يتعين الرجوع في هذه الحالة إلى النصوص التي تسري على الكمبيالة بحسبانها تمثل الشريعة العامة للأوراق التجارية في التشريع المصري - ما لم تكن تتنافى مع طبيعة الشيك - ومنها نص المادتين 134، 135 آنفتي الذكر لعدم تأبيهما مع طبيعة الشيك.
4 - لما كان الثابت من المفردات، أن التظهير الوارد على الشيكات موضوع الدعوى الماثلة قد اقتصر على عبارة "ادفعوا لأمر...... والقيمة برسم التحصيل" ومذيل بتوقيع المستفيد فإن هذا التظهير يعد في وصفه الحق وتكييفه الصحيح تظهيراً توكيلياً قصد به المظهر أن ينيب عنه البنك المظهر إليه في قبض قيمة الشيك نيابة عنه ليس إلا، ولا يغير من ذلك أن يكون الشيك لحامله، ما دام أن الأخير قد حوله إلى المظهر إليه تظهيراً توكيلياً، أخذاً بصريح عبارات التظهير آنفة الذكر، على خلاف الحال لو أن البنك تقدم لصرفه وهو خلو من عبارات تظهير بالمعنى آنف الذكر، تأسيساً على أنه حامل الشيك وليس مظهراً إليه، إذ يفترض في هذه الحالة أنه مالكه، وهو ما لا محل له عند صراحة عبارات التظهير وأنه للتحصيل، وهو الحال في الدعوى الماثلة.
5 - لما كان يشترط في تحريك الدعوى بالطريق المباشر عملاً بمفهوم المادتين 27، 232 من قانون الإجراءات الجنائية، أن يكون من تولى تحريكها قد أصابه ضرر شخصي ومباشر من الجريمة، وإلا كانت دعواه تلك غير مقبولة في شقيها المدني والجنائي، لما هو مقرر من أن عدم قبول أي من شقي الدعوى المباشرة يترتب عليه لزوماً وحتماً عدم قبول الشق الآخر عنها، اعتباراً بأن الدعوى المدنية لا تنتج أثرها في تحريك الدعوى الجنائية إلا إذا كانت الأولى مقبولة، فإن لم تكن كذلك وجب القضاء بعدم قبول الدعوى المباشرة، وكذلك فإنه يتعين أن تكون الدعوى الجنائية مقبولة كيما تقبل الدعوى المدنية، بحسبان الأخيرة تابعة للأولى ولا تقوم بمفردها أمام القضاء الجنائي. لما كان ذلك، وكان المدعي بالحقوق المدنية "........" - على السياق المتقدم - ليس إلا وكيلاً في قبض قيمة الشيك لحساب المظهر "المستفيد" فإنه ينحسر عنه وصف المضرور في جريمة إصدار شيك بدون رصيد المقامة بها الدعوى الماثلة بالطريق المباشر، إذ يعد المستفيد هو من لحقه ذلك الضرر، وليس البنك المدعي. وإذ كان ذلك، وكان البنك آنف الذكر على ما يبين من المفردات المضمومة، قد أقام الدعوى بالطريق المباشر بوصفه أصيلاً منتصباً عن نفسه وليس وكيلاً عن المستفيد من الشيك فإن دعواه في شقها المدني تكون غير مقبولة مما يترتب عليه عدم قبول الدعوى في شقها الجنائي أيضاً، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر، فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون، ويكون النعي عليه في خصوص قضائه بعدم قبول الدعوى الجنائية على النحو الذي أوردته النيابة العامة في أسباب طعنها بعيداً عن الصواب.


الوقائع

أقام المدعي بالحقوق المدنية دعواه بطريق الادعاء المباشر أمام محكمة جنح العطارين ضد المطعون ضده بوصف أنه في الفترة من 10 من أكتوبر سنة 1982 وحتى 10 من يناير سنة 1983 بدائرة قسم العطارين محافظة الإسكندرية - أعطاه أربعة شيكات لا يقابلها رصيد قائم وقابل للسحب مع علمه بذلك، وطلب معاقبته بالمادتين 336، 337 من قانون العقوبات وإلزامه بأن يؤدي له مبلغ 51 جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً اعتبارياً بعدم قبول الدعويين الجنائية والمدنية. استأنف المدعي بالحقوق المدنية، ومحكمة الإسكندرية الابتدائية (بهيئة استئنافية) قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف.
فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض كما طعن الأستاذ/ ....... المحامي نيابة عن المدعي بالحقوق المدنية... إلخ.


المحكمة

أولاً: عن الطعن المقدم من المدعي بالحقوق المدنية:
من حيث إن البين من مذكرة أسباب الطعن المقدمة من المدعي بالحقوق المدنية أنها وإن كانت تحمل ما يشير إلى صدورها من مكتب المحامى....... إلا أنها وقعت بإمضاء غير واضح بحيث يتعذر قراءته ومعرفة اسم صاحبه وصفته ولم يحضر الطاعن أو أحد عنه لبيان صاحب هذا التوقيع. لما كان ذلك، وكانت المادة 34 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 أوجبت في فقرتها الأخيرة بالنسبة إلى الطعون المرفوعة من غير النيابة العامة أن يوقع أسبابها محام مقبول أمام محكمة النقض، وكان البين مما سبق أن أسباب الطعن الماثل لم يثبت أنه قد وقع عليها من محام مقبول أمام هذه المحكمة فإنه يتعين التقرير بعدم قبول الطعن شكلاً مع إلزام الطاعن المصاريف المدنية ومصادرة الكفالة تطبيقاً للمادة 36/ 2 من القانون آنف الذكر.


ثانياً: عن الطعن المقدم من النيابة العامة:
من حيث إن النيابة العامة تنعى على الحكم المطعون فيه، أنه إذ قضى بعدم قبول الدعوى الجنائية تأسيساً على انعدام صفة المدعي بالحقوق المدنية قد أخطأ في تطبيق القانون، ذلك بأن الشيكات محل الدعوى الجنائية هي شيكات لحاملها يترتب على مجرد حيازتها نقل ملكيتها إلى حائزها، بصرف النظر عما تأشر به على ظهرها من أن القيمة للتحصيل، ويكون لحائزها في هذه الحالة حق تحريك الدعوى بالطريق المباشر، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر، فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه بعد أن حصل وقائع الدعوى عرض إلى التفرقة بين أنواع التظهير وانتهى إلى أن تظهير الشيكات من المستفيد إلى البنك المدعي بالحقوق المدنية هو تظهير توكيلي للتحصيل. لما كان ذلك، وكانت المادة 134 من قانون التجارة قد نصت على أن "يؤرخ تحويل الكمبيالة ويذكر فيه أن قيمتها وصلت ويبين فيه اسم من انتقلت الكمبيالة تحت إذنه ويضع عليه إمضاء المحيل أو ختمه". كما نصت المادة 135 من القانون ذاته على أنه "إذا لم يكن التحويل مطابقاً لما تقرر بالمادة السابقة فلا يوجب انتقال ملكية الكمبيالة لمن تتحول له بل يعتبر ذلك توكيلاً له فقط في قبض قيمتها ونقل ملكيتها لشخص آخر وإنما عليه أن يبين ما أجراه مما يتعلق بهذا التوكيل، وإذا نقل ملكيتها لآخر في هذه الحالة يكون مسئولاً بصفته محيل.... الخ". لما كان ذلك، وكان الأصل في التظهير الناقل لملكية الكمبيالة وجوب توافر البيانات المذكورة في المادة 134 من قانون التجارة، وهو تاريخ التظهير واسم المظهر إليه وشرط الإذن ووصول القيمة وتوقيع المظهر، بحيث إنه إذا لم تستوف هذه البيانات يفترض طبقاً لنص المادة 135 من القانون سالف الذكر أن التظهير إنما قصد به التوكيل في تحصيل قيمة الورقة التجارية، وإذ كان ذلك، وكان قانون التجارة، قد خلا من وضع تنظيم للتعامل بالشيك، ولم يورد بشأنه إلا نص المادة 191 المتعلقة بإيجاب تقديمه إلى المسحوب عليه في ميعاد خمسة أيام محسوباً منها اليوم المؤرخ فيه إذا كان مسحوباً من البلدة التي يكون الدفع فيها، أو في ظرف ثمانية أيام إذا كان مسحوباً من بلدة أخرى محسوباً منها اليوم المؤرخ فيه الشيك، فإنه إزاء ذلك يتعين الرجوع في هذه الحالة إلى النصوص التي تسري على الكمبيالة بحسبانها تمثل الشريعة العامة للأوراق التجارية في التشريع المصري - ما لم تكن تتنافى مع طبيعة الشيك - ومنها نص المادتين 134، 135 آنفتي الذكر لعدم تأبيهما مع طبيعة الشيك. لما كان ذلك، وكان الثابت من المفردات، أن التظهير الوارد على الشيكات موضوع الدعوى الماثلة قد اقتصر على عبارة "ادفعوا لأمر...... والقيمة برسم التحصيل" ومذيل بتوقيع المستفيد فإن هذا التظهير يعد في وصفه الحق وتكييفه الصحيح تظهيراً توكيلياً قصد به المظهر أن ينيب عنه البنك المظهر إليه في قبض قيمة الشيك نيابة عنه ليس إلا، ولا يغير من ذلك أن يكون الشيك لحامله، ما دام أن الأخير قد حوله إلى المظهر إليه تظهيراً توكيلياً، أخذاً بصريح عبارات التظهيرات آنفة الذكر، على خلاف الحال لو أن البنك تقدم لصرفه وهو خلو من عبارات تظهير بالمعنى آنف الذكر، تأسيساً على أنه حامل الشيك وليس مظهراً إليه، إذ يفترض في هذه الحالة أنه مالكه، وهو ما لا محل له عند صراحة عبارات التظهير وأنه للتحصيل، وهو الحال في الدعوى الماثلة. لما كان ذلك، وكان يشترط في تحريك الدعوى بالطريق المباشر عملاً بمفهوم المادتين 27، 232 من قانون الإجراءات الجنائية، أن يكون من تولى تحريكها قد أصابه ضرر شخصي ومباشر من الجريمة، وإلا كانت دعواه تلك غير مقبولة في شقيها المدني والجنائي، لما هو مقرر من أن عدم قبول أي من شقي الدعوى المباشرة يترتب عليه لزوماً وحتماً عدم قبول الشق الآخر عنها، اعتباراً بأن الدعوى المدنية لا تنتج أثرها في تحريك الدعوى الجنائية إلا إذا كانت الأولى مقبولة، فإن لم تكن كذلك وجب القضاء بعدم قبول الدعوى المباشرة، وكذلك فإنه يتعين أن تكون الدعوى الجنائية مقبولة كيما تقبل الدعوى المدنية، بحسبان الأخيرة تابعة للأولى ولا تقوم بمفردها أمام القضاء الجنائي. لما كان ذلك، وكان المدعي بالحقوق المدنية "........" - على السياق المتقدم - ليس إلا وكيلاً في قبض قيمة الشيك لحساب المظهر "المستفيد" فإنه ينحسر عنه وصف المضرور في جريمة إصدار شيك بدون رصيد المقامة بها الدعوى الماثلة بالطريق المباشر، إذ يعد المستفيد هو من لحقه ذلك الضرر، وليس البنك المدعي. وإذ كان ذلك، وكان البنك آنف الذكر على ما يبين من المفردات المضمومة، قد أقام الدعوى بالطريق المباشر بوصفه أصيلاً منتصباً عن نفسه وليس وكيلاً عن المستفيد من الشيك فإن دعواه في شقها المدني تكون غير مقبولة، مما يترتب عليه عدم قبول الدعوى في شقها الجنائي أيضاً، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر، فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون، ويكون النعي عليه في خصوص قضائه بعدم قبول الدعوى الجنائية على النحو الذي أوردته النيابة العامة في أسباب طعنها بعيداً عن الصواب. لما كان ما تقدم، فإن طعن النيابة العامة يكون على غير أساس متعيناً عدم قبوله.

الطعن 1886 لسنة 59 ق جلسة 6 / 7 / 1989 مكتب فني 40 ق 115 ص 675

جلسة 6 من يوليو سنة 1989

برئاسة السيد المستشار/ محمد رفيق البسطويسي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد أحمد حسن وعبد الوهاب الخياط نائبي رئيس المحكمة وعمار إبراهيم وأحمد جمال عبد اللطيف.

---------------

(115)
الطعن رقم 1886 لسنة 59 القضائية

(1) وصف التهمة. دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
تصحيح الحكم لبيان تاريخ التهمة. لا يعد تعديلاً لها. مما يستوجب لفت نظر الدفاع إليه.
(2) إثبات "بوجه عام". حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل".
الخطأ في مصدر الدليل لا يضيع أثره.
مثال.
(3) إثبات "بوجه عام". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
عدم التزام المحكمة بالتحدث في حكمها إلا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها.
(4) إثبات "بوجه عام". إجراءات "إجراءات التحقيق". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تعييب الإجراءات السابقة على المحاكمة. لا يصح أن يكون سبباً للطعن في الحكم لأول مرة أمام النقض.

----------------
1 - لما كان ما انتهى إليه الحكم من رد تاريخ الحادث إلى الوقت الذي أطمأن إلى وقوع الجريمة فيه مجرد تصحيح لبيان تاريخ التهمة كما استخلصه من العناصر المطروحة على بساط البحث وليس تغييراً في كيانها المادي، فإن ذلك  لا يعد في حكم القانون تعديلاً في التهمة بما يستوجب لفت نظر الدفاع إليه ليترافع على أساسه، بل يصح إجراؤه من المحكمة بعد الفراغ من سماع الدعوى، ومن ثم فإنه لا محل لما يثيره الطاعن من دعوى الإخلال بحق الدفاع.
2 - لما كان البين من مطالعة المفردات المضمومة أن ما خلص إليه الحكم في تحديد تاريخ وقوع الجريمة له صداه في أقوال المجني عليه في محضر جمع الاستدلالات وفي التحقيقات الإدارية التي أجرتها جهة العمل التي يعمل لديها المجني عليه والطاعن والشاهدان، وكان لا ينال من سلامة الحكم أن ينسب تلك الأقوال للمجني عليه والشاهدين بتحقيقات النيابة ما دام له مأخذه الصحيح من أوراق الدعوى، إذ أن الخطأ في مصدر الدليل لا يضيع أثره ومن ثم تنحسر عن الحكم قالة الخطأ في الإسناد ومخالفة الثابت في الأوراق.
3 - إن المحكمة غير ملزمة بالتحدث في حكمها إلا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها، وكان الحكم قد أفصح عن اطمئنانه لأقوال المجني عليه والشاهدين وصحة تصويرهم للواقعة من أن الطاعن ضرب المجني عليه بقبضة يده على عينه اليمنى، ولما أثبته التقرير الطبي من تخلف عاهة مستديمة لدى المجني عليه من جراء هذه الإصابة، وكان هذا بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه.
4 - لما كان البين من محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن لم يثر شيئاً عما يدعيه من عدم سؤاله بمحضر الاستدلالات أو بالتحقيقات ولم يطلب من المحكمة تدارك هذا الأمر، ومن ثم فلا يحل له من بعد أن يثير شيئاً عن ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض، إذ هو لا يعدو أن يكون تعييباً للإجراءات السابقة على المحاكمة مما لا يصح أن يكون سبباً للطعن في الحكم.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه ضرب...... عمداً بقبضة يده على عينه اليمنى فأحدث إصابته الموصوفة بالتقرير الطبي والتي تخلف لديه من جرائها عاهة مستديمة هي فقد إبصار العين. وأحالته إلى محكمة جنايات الزقازيق لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. وادعى المجني عليه مدنياً قبل المتهم بمبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت، والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمادة 240/ 1 من قانون العقوبات أولاً: بمعاقبة المتهم بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة. ثانياً: في الدعوى المدنية بإلزامه بأن يؤدي للمدعي بالحقوق المدنية مبلغ وقدره واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

من حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة إحداث عاهة مستديمة وألزمه بالتعويض قد شابه الإخلال بحق الدفاع والخطأ في الإسناد ومخالفة الثابت بالأوراق والقصور في التسبيب والبطلان. ذلك بأن المحكمة أجرت تعديلاً في تاريخ الواقعة دون أن تنبه الدفاع إلى هذا التعديل ودون أن يكون له أصل في الأوراق واستندت المحكمة في ذلك إلى أقوال المجني عليه والشاهدين بتحقيقات النيابة العامة في حين أن أقوالهم بها خلت من تحديد هذا التاريخ، كما خلا منه أيضاً بلاغ الحادث، كما أن تقرير الطب الشرعي - الذي أعد نفاذاً لقرار المحكمة - تضمن وقوع الحادث في التاريخ المعطى له بالقيد والوصف الذي أعدته النيابة العامة وقرار الاتهام، وأغفل الحكم ما جاء بتقرير قسم الرمد من حدوث الإصابة نتيجة الاصطدام بجسم صلب، ولم يسأل المتهم في محضر جمع الاستدلالات أو في تحقيقات النيابة العامة لوجوده خارج البلاد وقت الحادث وذلك على النحو الثابت من جواز سفره الذي قدم للمحكمة بيد أنها التفتت عنه. وكل ذلك يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها، خلص إلى أن الجريمة حدثت قبل ثلاثة أسابيع سابقة على يوم 31/ 7/ 1986. لما كان ذلك، وكان ما انتهى إليه الحكم من رد تاريخ الحادث إلى الوقت الذي اطمأن إلى وقوع الجريمة فيه مجرد تصحيح لبيان تاريخ التهمة كما استخلصه من العناصر المطروحة على بساط البحث وليس تغييراً في كيانها المادي، فإن ذلك لا يعد في حكم القانون تعديلاً في التهمة بما يستوجب لفت نظر الدفاع إليه ليترافع على أساسه، بل يصح إجراؤه من المحكمة بعد الفراغ من سماع الدعوى، ومن ثم فإنه لا محل لما يثيره الطاعن من دعوى الإخلال بحق الدفاع. لما كان ذلك، وكان البين من مطالعة المفردات المضمومة أن ما خلص إليه الحكم في تحديد تاريخ وقوع الجريمة له صداه في أقوال المجني عليه في محضر جمع الاستدلالات وفي التحقيقات الإدارية التي أجرتها جهة العمل التي يعمل لديها المجني عليه والطاعن والشاهدان، وكان لا ينال من سلامة الحكم أن ينسب تلك الأقوال للمجني عليه والشاهدين بتحقيقات النيابة ما دام له مأخذه الصحيح من أوراق الدعوى، إذ أن الخطأ في مصدر الدليل لا يضيع أثره ومن ثم تنحسر عن الحكم قالة الخطأ في الإسناد ومخالفة الثابت في الأوراق. لما كان ذلك، وكان ما يثيره الطاعن بدعوى إغفال الحكم لما تضمنه تقرير قسم الرمد من تصوير لكيفية حدوث إصابة المجني عليه وإنها من جراء الاصطدام بجسم صلب، فإنه فضلاً عن أن الحكم قد أورد ما تضمنه ذلك التقرير في هذا الخصوص فإنه - أيضاً - مردود بما هو مقرر من أن المحكمة غير ملزمة بالتحدث في حكمها إلا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها، وكان الحكم قد أفصح عن اطمئنانه لأقوال المجني عليه والشاهدين وصحة تصويرهم للواقعة من أن الطاعن ضرب المجني عليه بقبضة يده على عينه اليمنى، ولما أثبته التقرير الطبي من تخلف عاهة مستديمة لدى المجني عليه من جراء هذه الإصابة، وكان هذا بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه. فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن - يكون غير مقترن بالصواب. لما كان ذلك، وكان البين من محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن لم يثر شيئاً عما يدعيه من عدم سؤاله بمحضر الاستدلالات أو بالتحقيقات ولم يطلب من المحكمة تدارك هذا الأمر، ومن ثم فلا يحل له من بعد أن يثير شيئاً عن ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض، إذ هو لا يعدو أن يكون تعييباً للإجراءات السابقة على المحاكمة مما لا يصح أن يكون سبباً للطعن في الحكم. ولا يقدح في ذلك النظر أو يؤثر في سلامته ما ذهب إليه الطاعن من وجوده خارج البلاد وقت الحادث - على النحو الذي حدده في أسباب طعنه - وتقديمه الدليل على ذلك والتفات المحكمة عنه ذلك أنها اطمأنت إلى وقوع الحادث في وقت سابق على التاريخ الذي ذكر المدافع عن الطاعن أنه كان موجوداً أبانه في المملكة السعودية - وهو على ما يبين من محضر جلسة المحاكمة، اليوم التاسع من ذي القعدة سنة 1406 هجرية الذي يوافق السادس عشر من يوليو سنة 1986 ميلادية، ومن ثم يكون دفاع الطاعن في هذا الشأن غير منتج في نفي وجوده في البلاد وقت الحادث حسبما تناهت إليه المحكمة وهو ثلاثة الأسابيع السابقة على يوم 31 من يوليه سنة 1986، وبالتالي فلا على المحكمة إن هي أعرضت عن دفاعه هذا. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً مع إلزام الطاعن المصاريف المدنية.

الطعن 1885 لسنة 59 ق جلسة 6 / 7 / 1989 مكتب فني 40 ق 114 ص 672

جلسة 6 من يوليو سنة 1989

برئاسة السيد المستشار/ محمد رفيق البسطويسي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد أحمد حسن وعبد الوهاب الخياط نائبي رئيس المحكمة وعبد اللطيف أبو النيل وعمار إبراهيم.

------------

(114)
الطعن رقم 1885 لسنة 59 القضائية

مأمورو الضبط القضائي. اختصاص "الاختصاص المكاني" "اختصاص مأموري الضبط القضائي". دفوع "الدفع ببطلان القبض والتفتيش". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما يوفره".
اختصاص مأموري الضبط القضائي. مقصور على الجهات التي يؤدون فيها وظائفهم . خروجهم من دائرة اختصاصهم. أثره: اعتبارهم من رجال السلطة العامة المشار إليها في المادة 38 إجراءات.
تجاوز مأمور الضبط القضائي لاختصاصه المكاني إلا لضرورة. غير جائز.
الدفع ببطلان القبض والتفتيش لتجاوز مأمور الضبط القضائي اختصاصه المكاني جوهري. وجوب أن تعرض له المحكمة، قعودها عن ذلك. قصور.

---------------
الأصل أن اختصاص مأموري الضبط القضائي مقصور على الجهات التي يؤدون فيها وظائفهم طبقاً للمادة 23 من قانون الإجراءات الجنائية فإذا خرج المأمور عن دائرة اختصاصه فإنه يعتبر من رجال السلطة العامة الذين أشار إليهم الشارع في المادة 38 من قانون الإجراءات الجنائية، وأنه لا يجوز لمأمور الضبط القضائي أن يتجاوز اختصاصه المكاني إلا لضرورة وكان الحكم المطعون فيه لم يعرض لهذا الدفع أو يرد عليه - وهو دفاع جوهري يتعين على المحكمة أن تعرض له وترد عليه بالقبول أو الرفض بأسباب سائغة - على الرغم من أنه اعتمد فيما اعتمد عليه في الإدانة على نتيجة التفتيش التي أسفرت عن ضبط المخدر موضوع الجريمة فإنه يكون قد تعيب بالقصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه أحرز بقصد الاتجار جوهراً مخدراً (هيروين) في غير الأحوال المصرح بها قانوناً. وأحالته إلى محكمة جنايات القاهرة لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 1، 2، 5، 34/ أ، 42 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 40 لسنة 1966 والبند رقم 103 من الجدول رقم واحد مع تطبيق المادة 17 من قانون العقوبات بمعاقبته بالأشغال الشاقة لمدة ثلاث سنوات وتغريمه ثلاثة آلاف جنيه ومصادرة المضبوطات.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

من حيث مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة إحراز جوهر مخدر بقصد الاتجار في غير الأحوال المصرح بها قانوناً قد شابه القصور في التسبيب، ذلك بأنه لم يعرض إيراداً ورداً لما دفع به الطاعن من بطلان القبض والتفتيش لتجاوز مأمور الضبط القضائي اختصاصه المكاني مما يعيب الحكم المطعون فيه ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن البين من محضر جلسة المحاكمة أن المدافع عن الطاعن دفع ببطلان القبض والتفتيش لتجاوز مأمور الضبط القضائي اختصاصه المكاني، لما كان ذلك وكان الأصل أن اختصاص مأموري الضبط القضائي مقصور على الجهات التي يؤدون فيها وظائفهم طبقاً للمادة 23 من قانون الإجراءات الجنائية فإذا خرج المأمور عن دائرة اختصاصه فإنه يعتبر من رجال السلطة العامة الذين أشار إليهم الشارع في المادة 38 من قانون الإجراءات الجنائية، وأنه لا يجوز لمأمور الضبط القضائي أن يتجاوز اختصاصه المكاني إلا لضرورة وكان الحكم المطعون فيه لم يعرض لهذا الدفع أو يرد عليه - وهو دفاع جوهري يتعين على المحكمة أن تعرض له وترد عليه بالقبول أو الرفض بأسباب سائغة - على الرغم من أنه اعتمد فيما اعتمد عليه في الإدانة على نتيجة التفتيش التي أسفرت عن ضبط المخدر موضوع الجريمة فإنه يكون قد تعيب بالقصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع مما يوجب نقضه والإعادة دون حاجة لبحث باقي أوجه الطعن.

الطعن 1884 لسنة 59 ق جلسة 6 / 7 / 1989 مكتب فني 40 ق 113 ص 668

جلسة 6 من يوليو سنة 1989

برئاسة السيد المستشار/ محمد رفيق البسطويسي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد أحمد حسن وعبد الوهاب الخياط نائبي رئيس المحكمة وعبد اللطيف أبو النيل وعمار إبراهيم.

--------------

(113)
الطعن رقم 1884 لسنة 59 القضائية

(1) هتك عرض. ظروف مشددة.
تغليظ العقاب في جريمة هتك العرض المنصوص عليها في المادة 269 عقوبات. شرطه؟
(2) هتك عرض. ظروف مشددة. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
تقدير ما إذا كان الجاني من المتولين ملاحظة المجني عليه أو ممن لهم سلطة عليه. موضوعي.
(3) إثبات "بوجه عام". حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". محكمة النقض "سلطتها".
وجوب أن يكون الدليل الذي يعول عليه الحكم مؤدياً إلى ما رتب عليه من نتائج بغير تعسف في الاستنتاج ولا تنافر مع حكم العقل والمنطق.
لمحكمة النقض مراقبة تأدية الأسباب. التي يوردها الحكم إلى النتيجة التي خلص إليها.
(4) هتك عرض. ظروف مشددة. حكم "تسبيبه. تسبيب معيب" "ما يعيبه في نطاق التدليل".
كون الطاعن زوجاً لشقيقة المجني عليها. لا يصلح بذاته سنداً للقول بأنه من المتولين ملاحظتها أو ممن لهم سلطة عليها.

---------------
1 - إن الفقرة الثانية من المادة 269 من قانون العقوبات - التي دين الطاعن بها - تقضي بتغليظ العقاب في جريمة هتك العرض إذا وقعت ممن نص عليهم في الفقرة الثانية من المادة 267 منه، حيث يكون الفاعل من أصول المجني عليه أو من المتولين تربيته أو ملاحظته أو ممن لهم سلطة عليه أو كان خادماً بالأجرة عنده أو عند من تقدم ذكرهم.
2 - إن تقدير ما إذا كان الجاني من المتولين ملاحظة المجني عليه أو ممن لهم سلطة عليه هو من المسائل الموضوعية التي تستقل محكمة الموضوع - في الأصل - بالفصل فيها.
3 - من اللازم في أصول الاستدلال أن يكون الدليل الذي يعول عليه الحكم، فوق كفايته، مؤدياً إلى ما رتبه عليه من نتائج بغير تعسف في الاستنتاج ولا تنافر مع حكم العقل والمنطق، ولمحكمة النقض أن تراقب ما إذا كان من شأن الأسباب التي يوردها الحكم أن تؤدي إلى النتيجة التي خلص إليها.
4 - لما كان الحكم قد اتخذ من مجرد كون الطاعن متزوجاً من شقيقة المجني عليها دليلاً على توافر الظرف المشدد، مع أن هذه الصلة لا تصلح - بذاتها - سنداً للقول بأن الطاعن من المتولين ملاحظة المجني عليها أو ممن لهم سلطة عليها، وإنما يتعين على الحكم أن يستظهر توافر هذه السلطة أو تلك الملاحظة توافراً فعلياً من وقائع الدعوى وظروفها وهو ما غفل عنه الحكم المطعون فيه، الأمر الذي يعيبه فضلاً عن الفساد في الاستدلال بالقصور في التسبيب.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه هتك عرض..... بالقوة والتهديد وذلك بأن كتم فاها وهددها بمدية وخلع عنها سروالها وحك قضيبه بفرجها وأمنى بها عقب ذلك وقد أعاد الكرة مرتين متتاليتين على النحو المبين بالأوراق. وأحالته إلى محكمة جنايات القاهرة لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 267/ 2، 268/ 2، 269 من قانون العقوبات بمعاقبته بالسجن لمدة ثلاث سنوات باعتبار أن المتهم هتك عرض المجني عليها التي لم يبلغ سنها ست عشرة سنة بغير قوة أو تهديد حالة كونه من المتولين ملاحظتها وممن لهم سلطة عليها. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

من حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة هتك عرض المجني عليها التي لم تبلغ من العمر ستة عشر عاماً بغير قوة أو تهديد حالة كونه من المتولين ملاحظتها ولهم سلطة عليها، قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه الفساد في الاستدلال. ذلك بأن اتخذ من مجرد كون الطاعن زوجاً لشقيقة المجني عليها سنداً لاستحقاقه العقوبة المغلظة عملاً بنص الفقرة الثانية من المادة 267 من قانون العقوبات وهو ما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن بين واقعات الدعوى والأدلة التي عول عليها في إدانة الطاعن، عرض للظرف المشدد المنصوص عليه في الفقرة الثانية من المادة 267 من قانون العقوبات بقوله "وحيث إن المتهم من المتولين ملاحظة وممن لهم السلطة على المجني عليها من تلك الصلة التي تربطه بالمجني عليها وهي شقيقة زوجته وعلة التشديد متوافرة ذلك أن للجاني على المجني عليها سلطة أساء استعمالها على النحو السالف وسهل عليه ارتكاب الجريمة باعتباره قريباً من المجني عليها ومن ناحية ثانية فهذه الصفة تحمله بواجبات تجاه عرض المجني عليها فعليه أن يحميه من اعتداء الغير، فإذا ما صدر منه الاعتداء على ذلك النحو فقد أهدر هذه الواجبات وخان الثقة التي وضعت فيه". لما كان ذلك، وكانت الفقرة الثانية من المادة 269 من قانون العقوبات - التي دين الطاعن بها - تقضي بتغليظ العقاب في جريمة هتك العرض إذا وقعت ممن نص عليهم في الفقرة الثانية من المادة 267 منه، حيث يكون الفاعل من أصول المجني عليه أو من المتولين تربيته أو ملاحظته أو ممن لهم سلطة عليه أو كان خادماً بالأجرة عنده أو عند من تقدم ذكرهم، ولئن كان تقدير ما إذا كان الجاني من المتولين ملاحظة المجني عليه أو ممن لهم سلطة عليه هو من المسائل الموضوعية التي تستقل محكمة الموضوع - في الأصل - بالفصل فيها، إلا أنه لما كان من اللازم في أصول الاستدلال أن يكون الدليل الذي يعول عليه الحكم، فوق كفايته، مؤدياً إلى ما رتبه عليه من نتائج بغير تعسف في الاستنتاج ولا تنافر مع حكم العقل والمنطق ولمحكمة النقض أن تراقب ما إذا كان من شأن الأسباب التي يوردها الحكم أن تؤدي إلى النتيجة التي خلص إليها، وكان الحكم - على نحو ما تقدم - قد اتخذ من مجرد كون الطاعن متزوجاً من شقيقة المجني عليها دليلاً على توافر الظرف المشدد، مع أن هذه الصلة لا تصلح - بذاتها - سند للقول بأن الطاعن من المتولين ملاحظة المجني عليها أو ممن لهم سلطة عليها، وإنما يتعين على الحكم أن يستظهر توافر هذه السلطة أو تلك الملاحظة توافراً فعلياً من وقائع الدعوى وظروفها وهو ما غفل عنه الحكم المطعون فيه، الأمر الذي يعيبه فضلاً عن الفساد في الاستدلال بالقصور في التسبيب بما يوجب نقضه والإعادة.

الطعن 154 لسنة 59 ق جلسة 6 / 4 / 1989 مكتب فني 40 ق 112 ص 661

جلسة 6 من إبريل سنة 1989

برئاسة السيد المستشار/ محمد رفيق البسطويسي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ عبد الوهاب الخياط نائب رئيس المحكمة وعبد اللطيف أبو النيل وعمار إبراهيم وأحمد جمال.

---------------

(112)
الطعن رقم 154 لسنة 59 القضائية

(1) إجراءات "إجراءات المحاكمة". إثبات "شهود". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما يوفره".
وجوب بناء الأحكام الجنائية على التحقيق الشفوي الذي تجريه المحكمة بالجلسة وتسمع فيه الشهود. ما دام ذلك ممكناً. المادة 289 إجراءات. عدم جواز الافتئات على هذا الأصل لأية علة إلا بتنازل الخصوم صراحة أو ضمناً.
(2) إجراءات "إجراءات المحاكمة". دفاع.
دفاع المتهم عن نفسه حق مقدس. يعلو على حقوق الهيئة الاجتماعية.
لا يضير العدالة تبرئة مذنب بقدر ما يؤذيها إدانة بريء.
(3) إثبات "شهود". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما يوفره". إجراءات "إجراءات المحاكمة". قانون "تفسيره".
طلب الدفاع سماع شاهد الإثبات الوحيد في الدعوى. جوهري. يوجب على الحكمة إجابته. علة ذلك؟
مصادرة المحكمة هذا الحق بدعوى إسقاط تلك الشهادة من عناصر الإثبات. غير جائزة علة ذلك؟
(4) دعوى جنائية. دعوى مدنية. نقض "أثر الطعن".
نقض الحكم في شقه الجنائي. يوجب نقضه أيضاً في شقه المدني. علة ذلك؟
(5) إعدام. نيابة عامة. محكمة النقض.
اتصال محكمة النقض بالدعوى المحكوم فيها حضورياً بالإعدام بمجرد عرضها عليها. ولو تم بعد الميعاد.

---------------
1 - الأصل المقرر في المادة 289 من قانون الإجراءات الجنائية - الواجبة الإعمال أمام محاكم الجنايات عملاً بالمادة 381 من القانون ذاته - أن المحاكمة الجنائية يجب أن تبنى على التحقيق الشفوي الذي تجريه المحكمة بالجلسة وتسمع فيه الشهود ما دام ذلك ممكناً، محصلاً هذه العقيدة من الثقة التي توحي بها أقوال الشاهد أو لا توحي، ومن التأثير الذي تحدثه هذه الأقوال في نفسه وهو ينصت إليها، لأن التفرس في حالة الشاهد النفسية وقت أداء الشهادة واستقامته وصراحته، أو مراوغته واضطرابه هي من الأمور التي تعين القاضي في تقدير أقواله حق قدرها، ولا يجوز الافتئات على هذا الأصل الذي افترضه الشارع لأية علة مهما كانت إلا بتنازل الخصوم صراحة أو ضمناً.
2 - إن المحكمة هي الملاذ الأخير الذي يتعين أن ينفسح لتحقيق الواقعة وتقصيها على الوجه الصحيح وإلا انتفت الجدية في المحاكمة وانغلق باب الدفاع في وجه طارقه بغير حق، وهو ما تأباه العدالة أشد الإباء، وقد قام على هدي هذه المبادئ حق المتهم في الدفاع عن نفسه وأصبح حقاً مقدساً يعلو على حقوق الهيئة الاجتماعية التي لا يضيرها تبرئة مذنب بقدر ما يؤذيها ويؤذي العدالة معاً إدانة بريء.
3 - لما كانت المحكمة قد انتهت إلى إدانة الطاعن دون أن تجيب المدافع عنه إلى طلبه سماع شاهد الإثبات آنف الذكر، وكان هذا الطلب يعد طلباً جوهرياً لتعلقه بواقعات الدعوى، مما كان يتعين على المحكمة إجابته لإظهار وجه الحق في الدعوى، ولا يقبل منها ما أوردته من تعليل لرفض إجابته لما ينطوي عليه من معنى القضاء المسبق على دليل لم يطرح عليها وهو ما لا يصح في أصول الاستدلال. ذلك بأن القانون يوجب سؤال الشاهد أولاً، ثم بعد ذلك يحق للمحكمة أن تبدي ما تراه في شهادته، لاحتمال أن تجيء هذه الشهادة التي تسمعها المحكمة ويتاح للدفاع مناقشتها - بما يقنعها بحقيقة قد يتغير بها وجه الرأي في الدعوى، كما لا يصح مصادرة الدفاع في ذلك بدعوى أن المحكمة قد أسقطت في حكمها شهادة شاهد الإثبات من عناصر الإثبات لعدم استطاعة الدفاع أن يتنبأ سلفاً بما قد يدور في وجدان قاضيه عندما يخلو إلى مداولته. لما كان ما تقدم، فإن الحكم المطعون فيه يكون معيباً بالإخلال بحق الدفاع.
4 - نقض الحكم بالنسبة إلى الطاعن في شقه الجنائي، يقتضي نقضه كذلك بالنسبة إليه في شقه المدني، لقيام مسئوليته عن التعويض على ثبوت ذات الواقعات التي دين بها.
5 - لما كانت النيابة العامة وإن كانت قد عرضت هذه القضية على محكمة النقض مشفوعة بمذكرة برأيها في الحكم، عملاً بنص المادة 46 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959، بعد ميعاد الأربعين يوماً المبين بالمادة 34 من ذلك القانون وطلبت إقرار الحكم، إلا أن تجاوز هذا الميعاد - وعلى ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة - لا يترتب عليه عدم قبول عرض النيابة العامة، بل إن محكمة النقض تتصل بالدعوى - ما دام الحكم صادراً فيها حضورياً بالإعدام - بمجرد عرضها عليها وتفصل فيها لتستبين - ومن تلقاء نفسها ما عسى أن يكون قد شاب الحكم من أخطاء أو عيوب يستوي في ذلك أن يكون عرض النيابة العامة في الميعاد المحدد أو بعد فواته، ومن ثم يتعين قبول عرض النيابة العامة للقضية شكلاً.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه قتل.... عمداً بأن انهال عليها طعناً بسلاح حاد "سكين" قاصداً قتلها فأحدث بها الإصابات الموصوفة بتقرير الطب الشرعي والتي أودت بحياتها. وقد اقترنت بهذه الجناية جنايتان أخريان الأولى تقدمتها والثانية تلتها هما: أن المتهم في ذات الزمان والمكان. أولاً: شرع في وقاع المجني عليها السالف ذكرها بغير رضاها بأن هم بها محيطاً إياها بذراعيه وأمسك بصدرها في محاولة لتجريدها من ملابسها بغية مضاجعتها كرهاً عنها وأوقف أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادته فيه هو مقاومة المجني عليها له وإصرارها على عدم مساسه بها. ثانياً: قتل الطفل..... (ابن المجني عليها آنفة الذكر) عمداً بأن انهال عليه طعناً بذات الأداة السابقة قاصداً قتله فأحدث به الإصابات الموصوفة بتقرير الطب الشرعي والتي أودت بحياته. وأحالته إلى محكمة جنايات الجيزة لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف والواردين بأمر الإحالة. وادعى...... مدنياً قبل المتهم بمبلغ 51 جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت. والمحكمة المذكورة قررت إحالة الأوراق إلى فضيلة مفتي الجمهورية. وحددت جلسة...... للنطق بالحكم وبالجلسة المحددة قضت المحكمة حضورياً عملاً بالمادة 234/ 1 - 2 من قانون العقوبات وبإجماع الآراء بمعاقبة المتهم بالإعدام شنقاً عما أسند إليه وبإلزامه بأن يؤدي للمدعي بالحقوق المدنية مبلغ 51 جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت. وذلك بعد أن استبعدت جناية الشروع في الوقاع من الاتهام.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... كما عرضت النيابة العامة القضية في....... بمذكرة مشفوعة برأيها.


المحكمة

من حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة القتل العمد المقترن بجناية قتل عمد وقضى بإعدامه، قد انطوى على إخلال بحق الدفاع، ذلك بأن الدفاع عن الطاعن تمسك بسماع شاهد الإثبات الوحيد في الدعوى إلا أن المحكمة لم تجبه إلى طلبه وقضت في الدعوى، مما يعيب حكمها ويستوجب نقضه.
ومن حيث إنه البين من محضر جلسة 7/ 4/ 1988 أن المدافع عن الطاعن تمسك في مفتتح دفاعه بسماع شاهد الإثبات العقيد...... الذي تسلم من الطاعن إقراراً مكتوباً يقر فيه بارتكابه الوقائع المسندة إليه، كما تمسك في مختتمه بهذا الطلب فقررت المحكمة حجز الدعوى للحكم لجلسة 5/ 5/ 1988 وفيها أصدرت حكمها المطعون فيه. لما كان ذلك وكان الثابت من مدونات الحكم أنه عقب تصويره واقعة الدعوى كما ارتسمت في وجدان محكمة الموضوع أورد ما نصه "وقدم المتهم بعد ثلاثة أيام من ارتكاب الحادث إقراراً مكتوباً يقر فيه تفصيلاً بارتكابه الحادث على النحو السالف بيانه"، ثم عرض لطلب الدفاع وأطرحه بقوله "وحيث إنه عن طلب الدفاع استدعاء الشاهد العقيد شرطة...... لمناقشته فإن المحكمة لم تعول في قضائها على أقوال هذا الشاهد والذي اقتصر دوره على تلقي إقرار المتهم واعترافه المكتوب منه ومن ثم فلا تأثير لشهادته أو أقواله في الفصل في الدعوى وعلى ذلك تلتفت المحكمة عن هذا الطلب". وإذ كان ذلك وكان البين من المفردات أن الشاهد المطلوب سماع أقواله - العقيد...... هو شاهد الإثبات الوحيد الذي استندت النيابة العامة إلى شهادته اعتباراً بأنه هو الذي قام بضبط الواقعة ومعاينة مكان ارتكابها وإجراء التحريات فيها التي أسفرت عن أن الطاعن هو مرتكب الحادث ثم تلقى من الطاعن إقراره الذي يقر فيه بارتكابه الوقائع المسندة إليه. لما كان ذلك، وكان الأصل المقرر في المادة 289 من قانون الإجراءات الجنائية - الواجبة الإعمال أمام محاكم الجنايات عملاً بالمادة 381 من القانون ذاته - أن المحاكمة الجنائية يجب أن تبنى على التحقيق الشفوي الذي تجريه المحكمة بالجلسة وتسمع فيه الشهود ما دام ذلك ممكناً، محصلاً هذه العقيدة من الثقة التي توحي بها أقوال الشاهد أو لا توحي، ومن التأثير الذي تحدثه هذه الأقوال في نفسه وهو ينصت إليها، لأن التفرس في حالة الشاهد النفسية وقت أداء الشهادة واستقامته وصراحته، أو مراوغته واضطرابه هي من الأمور التي تعين القاضي في تقدير أقواله حق قدرها، ولا يجوز الافتئات على هذا الأصل الذي افترضه الشارع لأية علة مهما كانت إلا بتنازل الخصوم صراحة أو ضمناً - ذلك لأن المحكمة هي الملاذ الأخير الذي يتعين أن ينفسح لتحقيق الواقعة وتقصيها على الوجه الصحيح وإلا انتفت الجدية في المحاكمة وانغلق باب الدفاع في وجه طارقه بغير حق، وهو ما تأباه العدالة اشد الإباء، وقد قام على هدي هذه المبادئ حق المتهم في الدفاع عن نفسه وأصبح حقاً مقدساً يعلو على حقوق الهيئة الاجتماعية التي لا يضيرها تبرئة مذنب بقدر ما يؤذيها ويؤذي العدالة معاً إدانة بريء، لما كان ذلك وكانت المحكمة قد انتهت إلى إدانة الطاعن دون أن تجيب المدافع عنه إلى طلبه سماع شاهد الإثبات آنف الذكر، وكان هذا الطلب يعد طلباً جوهرياً لتعلقه بواقعات الدعوى، مما كان يتعين على المحكمة إجابته لإظهار وجه الحق في الدعوى، ولا يقبل منها ما أوردته من تعليل لرفض إجابته لما ينطوي عليه من معنى القضاء المسبق على دليل لم يطرح عليها وهو ما لا يصح في أصول الاستدلال، ذلك بأن القانون يوجب سؤال الشاهد أولاً، ثم بعد ذلك يحق للمحكمة أن تبدي ما تراه في شهادته، لاحتمال أن تجيء هذه الشهادة التي تسمعها المحكمة ويتاح الدفاع مناقشتها - بما يقنعها بحقيقة قد يتغير بها وجه الرأي في الدعوى، كما لا يصح مصادرة الدفاع في ذلك بدعوى أن المحكمة قد أسقطت في حكمها شهادة شاهد الإثبات من عناصر الإثبات لعدم استطاعة الدفاع أن يتنبأ سلفاً بما قد يدور في وجدان قاضيه عندما يخلو إلى مداولته. لما كان ما تقدم، فإن الحكم المطعون فيه يكون معيباً بالإخلال بحق الدفاع بما يبطله ويوجب نقضه والإعادة دون حاجة إلى بحث باقي وجوه الطعن. لما كان ذلك، وكان نقض الحكم بالنسبة إلى الطاعن في شقه الجنائي، يقتضي نقضه كذلك بالنسبة إليه في شقه المدني، لقيام مسئوليته عن التعويض على ثبوت ذات الواقعات التي دين بها، فإنه يتعين أن يكون النقض شاملاً ما قضى به الحكم في الدعويين الجنائية والمدنية، مع إلزام المدعي بالحقوق المدنية المصاريف المدنية.
ومن حيث إن النيابة العامة وإن كانت قد عرضت هذه القضية على محكمة النقض مشفوعة بمذكرة برأيها في الحكم، عملاً بنص المادة 46 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959، بعد ميعاد الأربعين يوماً المبين بالمادة 34 من ذلك القانون وطلبت إقرار الحكم، إلا أن تجاوز هذا الميعاد - وعلى ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة - لا يترتب عليه عدم قبول عرض النيابة العامة، بل أن محكمة النقض تتصل بالدعوى - ما دام الحكم صادراً فيها حضورياً بالإعدام - بمجرد عرضها عليها وتفصل فيها لتستبين - ومن تلقاء نفسها ما عسى أن يكون قد شاب الحكم من أخطاء أو عيوب يستوي في ذلك أن يكون عرض النيابة العامة في الميعاد المحدد أو بعد فواته، ومن ثم يتعين قبول عرض النيابة العامة للقضية شكلاً. لما كان ما تقدم، وكانت هذه المحكمة قد انتهت إلى نقض الحكم المطعون فيه والإعادة، فإنه يتعين رفض مذكرة النيابة العامة فيما طلبته من إقرار الحكم بإعدام المحكوم عليه.