الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

السبت، 25 نوفمبر 2023

الطعن 969 لسنة 7 ق جلسة 15 / 11 / 1964 إدارية عليا مكتب فني 10 ج 1 ق 5 ص 40

جلسة 15 من نوفمبر 1964

برئاسة السيد الأستاذ الدكتور محمود سعد الدين الشريف نائب ورئيس المجلس وعضوية السادة/ الأساتذة الدكتور أحمد موسى وعلي محسن مصطفى وحسنين رفعت محمد حسنين ومحمد طاهر عبد الحميد المستشارين.

---------------

(5)

القضية رقم 969 لسنة 7 القضائية

(أ) حكم - شروط صحته 

- تشكيل المحكمة التي تصدر الحكم - زيادة عدد من اشتركوا في إصدار الحكم عن العدد المقرر قانوناً - أثره - بطلان الحكم - تعلق هذا البطلان بالنظام العام.
(ب) اختصاص 

- اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري - المنازعات المتعلقة بالمرتبات - اقتطاع جزء من مرتب الموظف استيفاء لدين للإدارة عليه - منازعة الموظف في ذلك اختصاص القضاء الإداري بنظرها.
(جـ) موظف 

- واجبات الوظيفة - مصدرها - هو القانون مباشرة.
(د) موظف 

- التزامه برد مبلغ من النقود - إصابته بمرض عقلي بعد نشوء الالتزام بالرد لا يعتبر من قبيل الاستحالة المانعة من تنفيذ هذا الالتزام - حالة الإعسار الطارئة بعد نشوء الالتزام لا تعتبر من أسباب انقضاء الالتزام.
(هـ) تنفيذ 

- التنفيذ الإداري المباشر - التزام الموظف بدفع مبلغ من النقود للحكومة - مشروعية وصحة التنفيذ الإداري المباشر بخصم جزء من راتبه لاقتضاء هذا الحق طبقاً للقانون رقم 324 لسنة 1956.

---------------
1 - إن قانون مجلس الدولة رقم 55 لسنة 1959 قد قضى في الفقرة الأخيرة من المادة الخامسة منه على أن تصدر الأحكام من المحاكم الإدارية من دائرة ثلاثية أي أنه عين كيفية تشكيل المحكمة الإدارية على وجه التحديد وعليه فإن حضور عضو زيادة على العدد الذي عينه القانون على الوجه سالف الذكر وسماعه المرافعة واشتراكه في إصدار الحكم من شأنه أن يبطل الحكم وذلك طبقاً للمبادئ العامة في الإجراءات القضائية لما في ذلك من اعتداء على حقوق الدفاع؛ إذ قد يكون لهذا العضو الرابع أثر في اتجاه الرأي في مصير الدعوى فضلاً عما فيه من تجهيل بأعضاء المحكمة الذين أصدروا الحكم، والبطلان في هذه الحالة متعلق بالنظام العام تقضي به المحكمة من تلقاء نفسها.
2 - إن اختصاص القضاء الإداري بنظر المنازعات الخاصة بالمرتبات منصوص عليه في الفقرة الثانية من المادة الثامنة من القانون رقم 55 لسنة 1959 الخاص بتنظيم مجلس الدولة وهو اختصاص مطلق شامل لأصل تلك المنازعات ولجميع ما يشاكلها، وبهذه المثابة تنظر المحكمة في حدود اختصاصها الكامل ما يكون قد صدر بشأن تلك المرتبات من قرارات أو إجراءات وذلك باعتبارها من العناصر التي تثير المنازعة حول استحقاق هذا الراتب كاملاً خلال فترة معينة.
ومن ثم إذا استقطعت الإدارة جزءاً من راتب المدعي استيفاء لدين عليه فإن هذا الاستقطاع في ذاته هو مثار لمنازعة في الراتب فتختص المحكمة بنظرها بمقتضى اختصاصها الكامل.
3 - إن الموظف العام وإن تدخلت إرادته في قيام علاقة التوظف عند نشوئها، فإن القانون بعد صدور قرار تعيينه هو الذي يتكفل وحده بتحديد التزاماته طبقاً لمقتضيات هذه العلاقة التنظيمية، ومؤدي ذلك أن التزاماته في نطاق هذه العلاقة يكون مصدرها القانون مباشرة.
4 - إن إصابة الموظف بمرض عقلي بعد نشوء التزامه قد تكون مفضية إلى تعذر رد ما سلم له ولكنها لا تعتبر من قبيل الاستحالة المانعة من تنفيذ التزامه، ذلك أن محل هذا الالتزام أشياء مثلية غير معينة إلا بمقدارها ونوعها ومثلها لا ينعدم بحكم طبائع الأمور، ومن ثم يتعين ردها في جميع الأحوال. ولا يحول دون ذلك التذرع بأن ما اعتراه من ذهول واضطراب قد أنشأ لديه حالة إعسار ناشئة عن فقد تلك المبالغ لأن الإعسار ولو كان بقوة قاهرة ليس سبباً في انقضاء التزامه بدفع مبلغ من النقود، أما إعفاؤه من العقاب عن تهمة الاختلاس فأمر مستقل عن التزامه برد المبلغ المشار إليه لعدم قيام الاستحالة المانعة من التنفيذ.
5 - إذا كان الالتزام بدفع مبلغ من النقود قابلاً للتنفيذ العيني في جميع الأحوال، فالتنفيذ الإداري المباشر في صورة خصم جزء من راتب الموظف لاقتضاء حقوق الحكومة قبله طبقاً لأحكام القانون رقم 324 لسنة 1956 يكون مشروعاً وصحيحاً، وتكون مجادلته فيما اتخذته الحكومة من ذلك غير قائمة - والحالة هذه - على أساس سليم من القانون.


إجراءات الطعن

في يوم الأربعاء الموافق 15 من مارس سنة 1961 أودع السيد الأستاذ/ يحيى أبو علم المحامي بإدارة قضايا الحكومة نائباً عن السيد/ وزير الزراعة بصفته سكرتارية هذه المحكمة عريضة طعن في الحكم الصادر بجلسة 16/ 1/ 1961 في القضية رقم 26/ 7 القضائية والقاضي بإلغاء المادة الرابعة من القرار الوزاري رقم 538 لسنة 1959 والتي تقضي بخصم ربع مرتب المدعي استيفاء لمبلغ 537 جنيهاً و251 مليماً مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام وزارة الزراعة المصروفات ومائتي قرش مقابل أتعاب المحاماة، وطلب الطاعن للأسباب الواردة في تقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وأصلياً بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى واحتياطياً برفض دعوى المطعون ضده مع إلزامه بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.... وقد أعلن الطعن...


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إنه تبين من الاطلاع على الأوراق أن المدعي المطعون ضده - أقام هذه الدعوى بعريضة أودعها سكرتارية المحكمة الإدارية لوزارة الزراعة في 2 من نوفمبر سنة 1959 ضد وزارة الزراعة وطلب في ختام عريضة دعواه إلغاء المادة الرابعة من القرار الوزاري رقم 538 لسنة 1959 مع ما يترتب على ذلك من آثار ومع إلزام المدعى عليها بالمصروفات والأتعاب. وبجلسة 16 من يناير سنة 1961 أجابت المحكمة المدعي إلى طلبه وقضت للأسباب المبينة في الحكم بإلغاء المادة الرابعة من القرار الوزاري رقم 538 لسنة 1959 والتي تقضي بخصم ربع مرتب المدعي استيفاء لمبلغ 537 جنيهاً و251 مليماً مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام وزارة الزراعة المصروفات ومائتي قرش مقابل أتعاب المحاماة.
ومن حيث إن وجه الطعن على الحكم هو مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وتأويله وذلك تأسيساً على أن النزاع المطروح وإن كان ظاهره نزاع في الراتب المستحق صرفه إلى المدعي إلا أنه في حقيقته نزاع في مسئولية المدعي عن سداد المبالغ التي أجرت الوزارة الخصم من راتبه استيفاء لها وإذ كان هذا النزاع مدنياً بحتاً فكان يتعين على المحكمة الإدارية أن تقضي بعدم اختصاصها بنظره، أما عن موضوع الدعوى فتقول الوزارة الطاعنة في تقرير الطعن أن مصدر التزام المدعي برد المبالغ التي اختلسها والتي وقع الاستقطاع من المرتب استيفاء لها ليس هو العمل غير المشروع كما ذهب الحكم المطعون فيه إنما هو الإثراء بلا سبب ومن ثم وجب على المدعي رد هذه المبالغ حتى ولو كان غير مميز، وإذ ذهب الحكم المطعون فيه إلى غير ذلك وقضى باختصاصه وبعدم مسئولية المدعي عن هذه المبالغ لانتفاء التمييز يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله ويتعين لذلك الحكم - بعد قبول الطعن شكلاً - بإلغائه والقضاء أصلياً بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى واحتياطياً برفض دعوى المطعون ضده مع إلزامه بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
بطلان الحكم:
ومن حيث إنه قد تبين للمحكمة بالاطلاع على أوراق المدعي أن الحكم المطعون فيه على ما هو ثابت في ديباجة نسخة الحكم الأصلية قد صدر من أربعة قضاة هم السيد الأستاذ صادق حسن مبروك رئيساً والسادة علي محمد علي ومصطفى أحمد خفاجي ومحمد عبد الحميد حسن الشيمي أعضاء، وبالاطلاع على محضر الجلسة التي نظرت فيها الدعوى ثم حجزت للحكم فيها يتبين أن هؤلاء القضاة هم من سمعوا المرافعة في الدعوى وبالرجوع إلى مسودة الحكم المشتملة على أسبابه ومنطوقه يتضح أنهم جميعاً قد وقعوا على المسودة وعلى المنطوق. وإذا كان قانون مجلس الدولة رقم 55 لسنة 1959 قد قضى في الفقرة الأخيرة من المادة الخامسة منه على أن تصدر الأحكام من المحاكم الإدارية من دائرة ثلاثية أي أنه عين كيفية تشكيل المحكمة الإدارية على وجه التحديد وعليه فإن حضور عضو زيادة على العدد الذي عينه القانون على الوجه سالف الذكر وسماعه المرافعة واشتراكه في إصدار الحكم من شأنه أن يبطل الحكم وذلك طبقاً للمبادئ العامة في الإجراءات القضائية لما في ذلك من اعتداء على حقوق الدفاع إذ قد يكون لهذا العضو الرابع أثر في اتجاه الرأي في مصير الدعوى فضلاً عما فيه من تجهيل بأعضاء المحكمة الذين أصدروا الحكم والبطلان في هذه الحالة متعلق بالنظام العام تقضي به المحكمة من تلقاء نفسها. ومن ثم ترى هذه المحكمة لزاماً عليها أن تقضي ببطلان ذلك الحكم المطعون فيه.
ومن حيث إن الدعوى مهيأة للفصل فيها.
ومن حيث إن وقائع الدعوى والتي لا خلاف عليها بين طرفي الخصومة تتحصل في أن النيابة العامة اتهمت المدعي - السيد/ نصيف برسوم معوض - بأنه في يوم أول أغسطس سنة 1950 بدائرة بندر المنيا أولاً وبصفته مندوب صراف: ( أ ) اختلس مبلغ 512 جنيهاً و251 مليماً قيمة مرتبات موظفي تفتيش الزراعة بالمنيا عن شهر سبتمبر سنة 1950 وكان قد سلم إليه من خزانة مديرية المنيا بسبب وظيفته. (ب) اختلس مبلغ 26 جنيهاً من خزانة تفتيش الزراعة بالمنيا والمملوكة للحكومة وكانت في عهدته وسلمت إليه بسبب وظيفته. ثانياً: بدد مبلغ 32 جنيهاً و743 مليماً قيمة إذن صرف باسم فؤاد نصحي سلم إليه على سبيل الوكالة لصرفه من خزينة مديرية المنيا فصرفه واختلس المبلغ المذكور لنفسه إضراراً بمالكه، وطلبت النيابة من قاضي الإحالة إحالته على محكمة جنايات المنيا لمعاقبة المتهم بالمادة 112 من قانون العقوبات عن تهمة الجناية وبالمادة 341 من قانون العقوبات عن تهمة الجنحة. وبجلسة 23/ 1/ 1951 قرر قاضي الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمحاكمته بالمادتين سالفتى الذكر. وبجلسته 28 من يناير سنة 1956 وبعد أن سمعت هذه المحكمة الدعوى أصدرت فيها حكمها حضورياً ببراءة المتهم نصيف برسوم معوض من التهمتين المسندتين إليه تأسيساً على أنه وإن كان استيلائه على المبالغ سالفة الذكر ثابت من شهادة الشهود ومن اعترافه بقبضه للمرتبات ولإذن الصرف الخاص بفؤاد نصحي وباحتفاظه بمفتاح الخزانة المودع بها مبالغ السلف المصلحية إلا أنه قد ثبت من التقرير الطبي الاستشاري وشهادة الطبيب الذي وضعه أن المتهم وقت ارتكاب الفعل كان فاقد الشعور بسبب مرض عقلي ويكون بذلك غير مسئول عن فعله هذا. وكانت الوزارة قد أحالت المتهم - والذي كان قد أوقف عن عمله منذ ارتكاب الحادث - إلى المحاكمة التأديبية بموجب الأمر رقم 400 بتاريخ 20 من أكتوبر سنة 1955 لمحاكمته تأديبياً عن التهم آنفة الذكر. وبتاريخ 17 من يوليه سنة 1957 قرر مجلس التأديب العادي لموظفي ومستخدمي وزارة الزراعة أولاً: براءة المتهم مما نسب إليه لانعدام مسئوليته. ثانياً: صرف نصف مرتبه إليه عن مدة وقفه، واستأنف السيد/ نصيف برسوم هذا القرار، وبالجلسة المنعقدة يوم الثلاثاء الموافق 24 من يناير سنة 1958 قرر مجلس التأديب العالي قبول الاستئناف شكلاً ورفضه موضوعاً وتأييد القرار المستأنف وكانت الوزارة قد أصدرت بعد قرار مجلس التأديب العادي ببراءة المتهم الأمر الإداري رقم 94 في 17 من أغسطس سنة 1957 بإعادته إلى العمل بدرجته السابعة الكتابية وبماهيته قبل الإيقاف، وبعد أن صدر قرار مجلس التأديب العالي وبعد استيفاء الإجراءات المقررة قانوناً أصدرت الوزارة القرار المطعون فيه رقم 538 لسنة 1959 في 19 من يونيه سنة 1959 بتسوية حالة المدعي متضمناً هذا القرار في البند الثالث منه مراعاة خصم دين الحكومة وقدره 537 جنيهاً و251 مليماً في حدود ربع المستحق إليه عن هذه التسوية وكذا في حدود ربع استحقاقاته الشهرية المقبلة وذلك حتى يتم تحصيل الدين بأكمله وهذا البند هو شق القرار المطعون فيه ومحل النزاع في الدعوى.
عن الدفع بعدم الاختصاص:
ومن حيث إن اختصاص القضاء الإداري بنظر المنازعات الخاصة بالمرتبات منصوص عليه في الفقرة الثانية من المادة الثامنة من القانون رقم 55 لسنة 1959 الخاص بتنظيم مجلس الدولة وهو اختصاص مطلق شامل لأصل تلك المنازعات ولجميع ما يشاكلها. وبهذه المثابة تنظر المحكمة في حدود اختصاصها الكامل ما يكون قد صدر بشأن تلك المرتبات من قرارات أو إجراءات وذلك باعتبارها من العناصر التي تثير المنازعة حول استحقاق هذا الراتب كاملاً خلال فترة معينة ومن ثم فإذا استقطعت الإدارة جزء من راتب المدعي استيفاء لدين عليه فإن الاستقطاع في ذاته هو مثار لمنازعة في الراتب فتختص المحكمة بنظرها بمقتضى اختصاصها الكامل ويكون الدفع المبدى من الحكومة والحالة هذه لا يعتمد على أساس سليم من القانون متعيناً رفضه والقضاء باختصاص المحكمة بنظر الدعوى.
عن الموضوع:
ومن حيث إنه يبين من الوقائع سالفة الذكر أن المدعي تسلم بسبب وظيفته وبصفته مندوب صراف، المبالغ التي نسب إليه اختلاسها ومن ثم وجب أن تجرى عليه في علاقته بالحكومة أحكام القوانين واللوائح السارية في شأن أفراد طائفته في علاقتهم بالحكومة، ذلك أن الموظف العام وإن تدخلت إرادته في قيام علاقة التوظف عند نشوئها، فإن القانون بعد صدور قرار تعيينه هو الذي يتكفل وحده بتحديد التزاماته طبقاً لمقتضيات هذه العلاقة التنظيمية، ومؤدى ذلك أن التزاماته في نطاق هذه العلاقة يكون مصدرها القانون مباشرة.
ومن حيث إن التزام المدعي برد المبالغ المعهود بها إليه، إذا كان ناشئاً عن القانون ومستنداً إلى واقعة قانونية هي تسلمه تلك المبالغ فإن التزامه يكون قد نشأ صحيحاً اعتباراً بأنه لم تقم أية شبهة حول سلامة عقله عند حصول هذا التسليم، ويترتب على ما سلف أن إصابته بمرض عقلي بعد نشوء التزامه قد تكون مفضية إلى تعذر رد ما سلم له ولكنها لا تعتبر من قبيل الاستحالة المانعة من تنفيذ التزامه، ذلك أن محل هذا الالتزام أشياء مثلية غير معينة إلا بمقدارها ونوعها ومثلها لا ينعدم بحكم طبائع الأمور، ومن ثم يتعين ردها في جميع الأحوال، ولا يحول دون ذلك التذرع بأن ما اعتراه من ذهول واضطراب قد أنشأ لديه حالة إعسار ناشئة عن فقد تلك المبالغ لأن الإعسار ولو كان بقوة قاهرة ليس سبباً في انقضاء التزامه بدفع مبلغ من النقود، أما إعفاؤه من العقاب عن تهمة الاختلاس فأمر مستقل عن التزامه برد المبلغ المشار إليه لعدم قيام الاستحالة المانعة من التنفيذ. حسبما ملف الإيضاح.
ومن حيث إنه إذا كان الالتزام بدفع مبلغ من النقود قابلاً للتنفيذ العيني في جميع الأحوال، فالتنفيذ الإداري المباشر في صورة خصم جزء من راتب المدعي لاقتضاء حقوق الحكومة قبله طبقاً لأحكام القانون رقم 324 لسنة 1956 يكون مشروعاً وصحيحاً، وتكون مجادلته فيما اتخذته الحكومة من ذلك غير قائمة - والحالة هذه - على أساس سليم من القانون.
ويتعين من ثم القضاء برفض الدعوى مع إلزام المدعي بالمصروفات..

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً, وببطلان الحكم المطعون فيه، وباختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري بنظر الدعوى وبرفضها موضوعاً وألزمت المدعي بالمصروفات

الطعن 1941 لسنة 58 ق جلسة 2 / 2 / 1989 مكتب فني 40 ق 31 ص 171

جلسة 2 من فبراير سنة 1989

برئاسة السيد المستشار/ محمد رفيق البسطويسي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد أحمد حسن وعبد الوهاب الخياط نائبي رئيس المحكمة وعبد اللطيف أبو النيل وعمار إبراهيم.

-----------------

(31)
الطعن رقم 1941 لسنة 58 القضائية

(1) نيابة عامة. نقض "المصلحة في الطعن والصفة فيه".
للنيابة العامة الطعن في الحكم ولو كانت المصلحة للمحكوم عليه. أساس ذلك؟
(2) دعوى جنائية "انقضاؤها بوفاة المتهم". نقض "حالات الطعن. الخطأ في القانون".
انقضاء الدعوى الجنائية بوفاة المتهم. المادة 14 إجراءات.
صدور حكم اعتبار الحكم الغيابي قائماً بعد وفاة المتهم. خطأ في القانون.
يوجب النقض والتصحيح والقضاء بانقضاء الدعوى الجنائية.
(3) رشوة. غرامة. عقوبة "تطبيقها". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها". محكمة النقض "سلطتها".
عقوبة الغرامة المنصوص عليها في المادة 109 عقوبات. لجريمة عرض الرشوة ليست من الغرامات النسبية. وجوب الحكم بها على كل متهم دين بها. إغفال الحكم بها. خطأ في القانون. يوجب النقض والتصحيح.
(4) قانون "تفسيره".
التحرز في تفسير القوانين الجنائية وإلزام الدقة في تفسيرها. وعدم تحميل عباراتها فوق ما تحتمل. واجب.
صياغة النص في عبارات واضحة جلية. اعتبارها تعبيراً صادقاً عن إرادة الشارع. عدم جواز الانحراف عنها عن طريق التفسير أو التأويل. أو بدعوى الاستهداء بحكمة الشارع.
- الاستهداء بحكمة التشريع ودواعيه. لا تكون إلا عند غموض النص.
- الأحكام تدور مع علتها لا مع حكمتها.
- لا اجتهاد مع صراحة النص.
(5) رشوة. قانون "تفسيره".
- إيراد الشارع مصطلحاً معيناً في نص ما. وجوب صرفه لهذا المعنى في كل نص آخر يرد فيه.
(6) رشوة. عقوبة "توقيعها". مصادرة. قانون "تفسيره".
جزاء المصادرة المنصوص عليها في المادة 110 عقوبات. طبيعته. عقوبة.
وجوب توقيعها على من يثبت مقارفته الجريمة فاعلاً كان أو شريكاً.
وجوب تفسير نص المادة 110 عقوبات على هدي نص المادة 30 من ذات القانون.
(7) حكم "بياناته". رشوة. جريمة "أركانها". قانون "تفسيره".
صحة الحكم بالمصادرة طبقاً للمادة 110 عقوبات. رهينة يكون موضوعها شيئاً دفعه من تصدق عليه صفة الراشي أو الوسيط في جريمة الرشوة.
(8) رشوة. جريمة "أركانها". قانون "تفسيره".
جريمة الرشوة. عدم قيامها إلا بانعقاد الاتفاق غير المشروع بين الراشي والمرتشي أو الوسيط.
(9) رشوة. جريمة "أركانها". عقوبة "تطبيقها". مصادرة. قانون "تفسيره". 

مجرد عرض الرشوة من جانب صاحب الحاجة أو وسيطه. عدم كفايته لوقوع الرشوة. اعتباره جريمة خاصة لها ذاتيتها. لا يمتد إليها حكم المصادرة المقررة كعقوبة تكميلية إلى جريمة الرشوة. أساس ذلك؟

----------------
1 - لما كانت النيابة العامة في مجال المصلحة أو الصفة في الطعن هي خصم عادل يختص بمركز قانوني خاص بحسبانها تمثل الصالح العام وتسعى إلى تحقيق موجبات القانون من جهة الدعوى الجنائية، فلها بهذه المثابة أن تطعن في الأحكام وإن لم تكن لها كسلطة اتهام مصلحة خاصة في الطعن، بل كانت المصلحة هي للمحكوم عليه، ومن ثم فإن مصلحتها في الطعن الماثل تكون قائمة.
2 - لما كان البين من الأوراق أن المحكوم عليه الأول....... قد توفي إلى رحمة الله بتاريخ 29 من ابريل سنة 1986، وذلك حسبما هو ثابت بشهادة قيد وفاته المرفقة بالأوراق. لما كان ذلك وكانت المادة 14 من قانون الإجراءات الجنائية تنص على أنه "تنقضي الدعوى الجنائية بوفاة المتهم...." وإذ كان الحكم المطعون فيه قد صدر بتاريخ 23 نوفمبر سنة 1987 - وهو تاريخ لاحق لوفاة المحكوم عليه المذكور باعتبار الحكم الغيابي القاضي بإدانته بتاريخ 10 فبراير سنة 1977 ما زال قائماً. في حين أنه كان يتعين القضاء بانقضاء الدعوى الجنائية بالنسبة له بالوفاة، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يوجب نقضه وتصحيحه والقضاء بذلك.
3 - لما كان النص في المادة 109 مكرراً من قانون العقوبات - التي دين المطعون ضده الثاني... بها على أنه: "من عرض رشوة ولم تقبل منه يعاقب بالسجن وبغرامة لا تقل عن خمسمائة جنيه ولا تزيد على ألف جنيه إذا كان العرض حاصلاً لموظف عام......" مؤداه أن الغرامة المقررة هي الغرامة العادية إذ هي محددة بحدين يتعين التزامهما وليست محددة بنسبة الضرر المترتب على الجريمة أو الفائدة التي تحصل عليها الجاني أو كان يأمل الحصول عليها - فهي ليست من قبيل الغرامات النسبية ومن ثم تعين وفقاً للمادة 44 من قانون العقوبات أن يحكم بها على كل متهم دين عن هذه الجريمة. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أغفل القضاء بعقوبة الغرامة المنصوص عليها في المادة 109 مكرراً من قانون العقوبات رغم وجوب ذلك - بالإضافة إلى العقوبة المقيدة للحرية المقضى بها على المطعون ضده الثاني، فإنه يكون قد خالف القانون مما يتعين معه تصحيحه بتغريم المطعون ضده المذكور خمسمائة جنيه بالإضافة إلى العقوبة المقضى بها.
4 - من المقرر أنه يجب التحرز في تفسير القوانين الجنائية والتزام جانب الدقة في ذلك وعدم تحميل عباراتها فوق ما تحتمل، وأنه متى كانت عبارة القانون واضحة لا لبس فيها فإنها يجب أن تعد تعبيراً صادقاً عن إرادة الشارع ولا يجوز الانحراف عنها عن طريق التفسير أو التأويل أياً كان الباعث على ذلك ولا الخروج على النص متى كان واضحاً جلي المعنى قاطعاً في الدلالة على المراد منه بدعوى الاستهداء بالحكمة التي أملته لأن البحث في حكمة التشريع ودواعيه إنما تكون عند غموض النص أو وجود لبس فيه، إذ تدور الأحكام القانونية مع علتها لا مع حكمتها، وأنه لا محل للاجتهاد إزاء صراحة نص القانون الواجب تطبيقه.
5 - الأصل في قواعد التفسير أن الشارع إذا ما أورد مصطلحاً معيناً في نص ما لمعنى معين وجب صرف هذا المعنى في كل نص آخر يرد فيه.
6 - إن نص المادة 110 من قانون العقوبات وإن جرى على أن "يحكم في جميع الأحوال بمصادرة ما يدفعه الراشي أو الوسيط على سبيل الرشوة طبقاً للمواد السابقة. وقد أضيفت هذه المادة إلى قانون العقوبات بمقتضى القانون رقم 69 لسنة 1953 الصادر في 19 فبراير سنة 1953 وما جاء في مذكرتها الإيضاحية تعليقاً عليه ما نصه: "ونصت المادة 110 من المشروع صراحة على مصادرة ما دفعه الراشي على سبيل الرشوة. وقد كانت المحاكم تطبق من قبل نص الفقرة الأولى من المادة 30 من قانون العقوبات التي تجيز بصفة عامة الحكم بمصادرة الأشياء التي تحصلت من الجريمة" والبين من النص في صريح لفظه وواضح دلالته، ومن عبارة المذكرة الإيضاحية أن جزاء المصادرة المنصوص عليه فيه عقوبة، وهي بهذه المثابة لا توقع إلا في حق من يثبت عليه أنه قارف الجريمة فاعلاً كان أو شريكاً ولا تتعدى إلى غيره ممن لا شأن له بها، وأن الشارع افترض توقيع هذه العقوبة على سبيل الوجوب، بعد أن كان الأمر فيها موكولاً إلى ما هو مقرر في الفقرة الأولى من المادة 30 من قانون العقوبات من جواز الحكم بها اعتباراً بأن الأشياء التي ضبطت على سبيل الرشوة قد تحصلت من الجريمة مع ملاحظة التحفظ الوارد في ذات الفقرة من عدم المساس بحقوق الغير حسن النية. وبذلك فإن حكم المادة 110 من قانون العقوبات يجب أن يفهم في ضوء ما هو مقرر في الفقرة الأولى من المادة 30 من قانون العقوبات التي توجب كأصل عام حماية حقوق الغير حسن النية.
7 - لما كان نص المادة 110 من قانون العقوبات - آنف الذكر - يوجب لصحة الحكم بالمصادرة أن يكون موضوعها شيئاً دفعه من تصدق عليه صفة الراشي أو الوسيط في جريمة الرشوة.
8 - إن جريمة الرشوة لا تتم إلا بانعقاد الاتفاق غير المشروع بين الراشي والمرتشي أو الوسيط بينهما في ذلك.
9 - إن مجرد عرض الرشوة من جانب صاحب الحاجة أو وسيطه لا يعد وحده كافياً لوقوع الرشوة كما هي معرفة به قانوناً ولا يجعل من عرضها أو توسط في عرضها راشياًً أو وسيطاً، ولا يجعل من المعروض ما يصدق عليه وصف ما دفع على سبيل الرشوة، وقد رأى المشرع تجريم السعي نحو إرشاد الموظف وإفساد ذمته بعرض الرشوة عليه، ولم تكن القواعد العامة بدون نص المادة 109 مكرراً لتؤدي إلى هذه النتيجة، طالما أن الجريمة التي أراد الراشي الاشتراك فيها لم تقع قانوناً كما وأن الشروع غير متصور في القانون وهو ما حدا بالشارع إلى النص على اعتبار فعل عرض الرشوة الذي لم يلق القبول، جريمة خاصة لها ذاتيتها المستقلة عن جريمة الرشوة، وفي حين أن الشارع الفرنسي قد اعتبر جريمة الإرشاء كاملة بمجرد عرض الرشوة ولو لم تصادف قبولاً من المرتشي فإن القانون المصري قد عاقب على عرض الرشوة دون قبولاً باعتبارها جريمة مستقلة، وقد حاول مشروع قانون العقوبات الجديدة الأخذ بنظرية القانون الفرنسي فنص المشروع الأول (المشروع الموحد) على أن كل من عرض الرشوة على الموظف يعد راشياً، دون أن يعلق هذا العرض على قبول المرتشي، إلا أن المشروع الأخير عاد فأخذ بوجهه نظر القانون الحالي - نص المادة 109 مكرراً من قانون العقوبات - واشترط للعقاب على مجرد عرض الرشوة أن تصادف عدم قبول من الموظف العام. لما كان ما تقدم وكانت جريمة عرض الرشوة على الموظف العام المنصوص عليها في المادة المشار إليها لا تعد جريمة رشوة كما عناها القانون في تطبيق حكم المادة 110 من ذات القانون وأن لها ذاتيتها المستقلة وتغاير تلك الجريمة. فإنه يتعين ألا يمتد إليها حكم المصادرة الوجوبية كعقوبة تكميلية مقررة لجريمة الرشوة. وكان لا يصح في القانون الاحتجاج بنص الفقرة الأولى من المادة 30 من قانون العقوبات لأن المصادرة فيها مقررة على سبيل الجواز وليس على سبيل الإلزام. فلا على الحكم إن لم يقض بمصادرة ما عرض من نقود - وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر. فإنه يكون قد برئ من عيب مخالفة القانون، ويضحى نعي النيابة العامة عليه في هذا الخصوص غير سديد مستوجب الرفض.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة المطعون ضدهما بأنهما أولاً: عرضا رشوة على موظف عمومي للإخلال بواجبات وظيفته بأن عرضا على....... بشركة طنطا للزيوت والصابون التابعة للمؤسسة المصرية العامة للصناعات الغذائية مبالغ من النقود وقدم له الأول عنها عشرة جنيهات على سبيل الرشوة مقابل التجاوز عن سرقتهما كميات من الزيوت التي ينقلانها للشركة وإثبات ورودها ببطاقات الوزن المنوط به تحريرها على خلاف الحقيقة ولكن الموظف العمومي لم يقبل الرشوة منهما. ثانياً: اشتركا بطريق الاتفاق والمساعدة مع الموظف العمومي سالف الذكر حسن النية في ارتكاب تزوير بمحرر لإحدى شركات القطاع العام بجعل واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة بأن اتفقا فيما بينهما على حمله على تغيير حقيقة كميات الزيوت التي ينقلانها للشركة سالفة الذكر ببطاقات الوزن المنوط به تحريرها بقصد إخفاء سرقتها فأملاه الأول بيان الوزن بالبطاقة المبينة بالتحقيقات المؤرخة 30 من يونيه سنة 1973 على خلاف الحقيقة تنفيذاً لهذا الغرض فتمت الجريمة بناء على ذلك الاتفاق وتلك المساعدة. ثالثاً: سرقا كمية الزيت المبينة بالتحقيقات المملوكة لشركة طنطا للزيوت والصابون التابعة للمؤسسة المصرية العامة للصناعات الغذائية حالة كونهما مكلفين بنقلها للمرفق العام المذكور وكان ذلك في زمن الحرب. وأحالتهما إلى محكمة أمن الدولة العليا بطنطا لمعاقبتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة والمحكمة المذكورة قضت حضورياً في 23 من نوفمبر سنة 1987 عملاً بالمواد 40/ 2 - 3، 41، 104، 109/ 1 مكرراً، 111/ 6، 213، 214 مكرراً، 317/ 8 من قانون العقوبات مع تطبيق المادتين 32، 17 من قانون العقوبات أولاً: باعتبار الحكم الغيابي ما زال قائماً بالنسبة للمتهم الأول. ثانياً: بمعاقبة....... المتهم الثاني بالحبس مع الشغل لمدة سنة عن جميع التهم المسندة إليه وأمرت بوقف تنفيذ العقوبة لمدة ثلاث سنوات.
فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

من حيث إن النيابة العامة تنعى على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون. ذلك أنه قضى باعتبار الحكم الغيابي قائماً بالنسبة للمحكوم عليه الأول.... رغم الثابت بالأوراق أنه توفي إلى رحمة الله قبل صدوره، وهو ما كان يستوجب القضاء بانقضاء الدعوى الجنائية قبله كما أن الحكم المطعون فيه وإن دان المطعون ضده الثاني..... عن الجرائم المسندة إليه بوصف الاتهام وأعمل حكم المادة 32/ 2 من قانون العقوبات وأنزل عليه العقوبة المقررة لجريمة عرض الرشوة إلا أنه أغفل الحكم عليه بعقوبتي الغرامة والمصادرة كعقوبتين تكميليتين مقررتين لهذه الجريمة الأمر الذي يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
ومن حيث إنه لما كانت النيابة العامة في مجال المصلحة أو الصفة في الطعن هي خصم عادل يختص بمركز قانوني خاص بحسبانها تمثل الصالح العام وتسعى إلى تحقيق موجبات القانون من جهة الدعوى الجنائية، فلها بهذه المثابة أن تطعن في الأحكام وإن لم تكن لها كسلطة اتهام مصلحة خاصة في الطعن، بل كانت المصلحة هي للمحكوم عليه، ومن ثم فإن مصلحتها في الطعن الماثل تكون قائمة وإذ كان ذلك وكان هذا الطعن قد استوفى باقي أوجه الشكل المقررة في القانون فإنه يكون مقبولاً شكلاً.
وحيث إن البين من الأوراق أن المحكوم عليه الأول..... قد توفي إلى رحمة الله بتاريخ 29 من ابريل سنة 1986، وذلك حسبما هو ثابت بشهادة قيد وفاته المرفقة بالأوراق. لما كان ذلك وكانت المادة 14 من قانون الإجراءات الجنائية تنص على أنه "تنقضي الدعوى الجنائية بوفاة المتهم...." وإذ كان الحكم المطعون فيه قد صدر بتاريخ 23 نوفمبر سنة 1987 - وهو تاريخ لاحق لوفاة المحكوم عليه المذكور باعتبار الحكم الغيابي القاضي بإدانته بتاريخ 10 فبراير سنة 1977 ما زال قائماً. في حين أنه كان يتعين القضاء بانقضاء الدعوى الجنائية بالنسبة له بالوفاة، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يوجب نقضه وتصحيحه والقضاء بذلك.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن خلص إلى ثبوت الاتهام بجرائم عرض الرشوة على موظف عام للإخلال بواجبات وظيفته، والسرقة، والاشتراك في التزوير في محرر لإحدى شركات القطاع العام. واعتبار هذه الجرائم مرتبطة ببعضها ارتباطاً لا يقبل التجزئة في مشروع إجرامي واحد المنطبق عليه نص المادة 32 من قانون العقوبات، أفصح عن توقيع عقوبة الجريمة الأشد من هذه الجرائم وهي في الدعوى الماثلة جريمة عرض الرشوة على موظف عام. لما كان ذلك وكان النص في المادة 109 مكرراًً من قانون العقوبات - التي دين المطعون ضده الثاني.... بها على أنه: "من عرض رشوة ولم تقبل منه يعاقب بالسجن وبغرامة لا تقل عن خمسمائة جنيه ولا تزيد على ألف جنيه إذا كان العرض حاصلاً لموظف عام......" مؤداه أن الغرامة المقررة هي الغرامة العادية إذ هي محددة بحدين يتعين التزامهما وليست محددة بنسبة الضرر المترتب على الجريمة أو الفائدة التي تحصل عليها الجاني أو كان يأمل الحصول عليها - فهي ليست من قبيل الغرامات النسبية ومن ثم تعين وفقاً للمادة 44 من قانون العقوبات أن يحكم بها على كل متهم دين عن هذه الجريمة. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أغفل القضاء بعقوبة الغرامة المنصوص عليها في المادة 109 مكرراً من قانون العقوبات رغم وجوب ذلك - بالإضافة إلى العقوبة المقيدة للحرية المقضى بها على المطعون ضده الثاني، فإنه يكون قد خالف القانون مما يتعين معه تصحيحه بتغريم المطعون ضده المذكور خمسمائة جنيه بالإضافة إلى العقوبة المقضى بها.
ومن حيث إنه من المقرر أنه يجب التحرز في تفسير القوانين الجنائية والتزام جانب الدقة في ذلك وعدم تحميل عباراتها فوق ما تحتمل، وأنه متى كانت عبارة القانون واضحة لا لبس فيها فإنها يجب أن تعد تعبيراً صادقاً عن إرادة الشارع ولا يجوز الانحراف عنها عن طريق التفسير أو التأويل أياً كان الباعث على ذلك ولا الخروج على النص متى كان واضحاً جلي المعنى قاطعاً في الدلالة على المراد منه بدعوى الاستهداء بالحكمة التي أملته لأن البحث في حكمة التشريع ودواعيه إنما تكون عند غموض النص أو وجود لبس فيه، إذ تدور الأحكام القانونية مع علتها لا مع حكمتها، وأنه لا محل للاجتهاد إزاء صراحة نص القانون الواجب تطبيقه وكان الأصل في قواعد التفسير أن الشارع إذا ما أورد مصطلحاً معيناً في نص ما لمعنى معين وجب صرف هذا المعنى في كل نص آخر يرد فيه. ومن حيث إن نص المادة 110 من قانون العقوبات وإن جرى على أن "يحكم في جميع الأحوال بمصادرة ما يدفعه الراشي أو الوسيط على سبيل الرشوة طبقاً للمواد السابقة". وقد أضيفت هذه المادة إلى قانون العقوبات بمقتضى القانون رقم 69 لسنة 1953 الصادر في 19 فبراير سنة 1953 وما جاء في مذكرتها الإيضاحية تعليقاً عليه ما نصه: "ونصت المادة 110 من المشروع صراحة على مصادرة ما دفعه الراشي على سبيل الرشوة. وقد كانت المحاكم تطبق من قبل نص الفقرة الأولى من المادة 30 من قانون العقوبات التي تجيز بصفة عامة الحكم بمصادرة الأشياء التي تحصلت من الجريمة" والبين من النص في صريح لفظه وواضح دلالته، ومن عبارة المذكرة الإيضاحية أن جزاء المصادرة المنصوص عليه فيه عقوبة، وهي بهذه المثابة لا توقع إلا في حق من يثبت عليه أنه قارف الجريمة فاعلاً كان أو شريكاً ولا تتعدى إلى غيره ممن لا شأن له بها، وأن الشارع افترض توقيع هذه العقوبة على سبيل الوجوب، بعد أن كان الأمر فيها موكولاً إلى ما هو مقرر في الفقرة الأولى من المادة 30 من قانون العقوبات من جواز الحكم بها اعتباراً بأن الأشياء التي ضبطت على سبيل الرشوة قد تحصلت من الجريمة مع ملاحظة التحفظ الوارد في ذات الفقرة من عدم المساس بحقوق الغير حسن النية. لما كان ذلك وكان نص المادة 110 من قانون العقوبات - آنف الذكر - يجب أن يفهم في ضوء ما هو مقرر في الفقرة الأولى من المادة 30 من قانون العقوبات التي توجب كأصل عام حماية حقوق الغير حسن النية، ولما كان ذلك، وكان نص المادة 110 من قانون العقوبات - آنف الذكر - يوجب لصحة الحكم بالمصادرة أن يكون موضوعها شيئاً دفعه من تصدق عليه صفة الراشي أو الوسيط في جريمة الرشوة. وكانت جريمة الرشوة لا تتم إلا بانعقاد الاتفاق غير المشروع بين الراشي والمرتشي أو الوسيط بينهما في ذلك فإن مجرد عرض الرشوة من جانب صاحب الحاجة أو وسيطه لا يعد وحده كافياً لوقوع الرشوة كما هي معرفة به قانوناً ولا يجعل من عرضها أو توسط في عرضها راشياً أو وسيطاً، ولا يجعل من المعروض ما يصدق عليه وصف ما دفع على سبيل الرشوة، وقد رأى المشرع تجريم السعي نحو إرشاد الموظف وإفساد ذمته بعرض الرشوة عليه، ولم تكن القواعد العامة بدون نص المادة 109 مكرراً لتؤدي إلى هذه النتيجة، طالما أن الجريمة التي أراد الراشي الاشتراك فيها لم تقع قانوناً كما وأن الشروع في الاشتراك غير متصور في القانون وهو ما حدا بالشارع إلى النص على اعتبار فعل عرض الرشوة الذي لم يلق القبول، جريمة خاصة لها ذاتيتها المستقلة عن جريمة الرشوة، وفي حين أن الشارع الفرنسي قد اعتبر جريمة الإرشاء كاملة بمجرد عرض الرشوة ولو لم تصادف قبولاً من المرتشي فإن القانون المصري قد عاقب على عرض الرشوة دون قبولها باعتبارها جريمة مستقلة، وقد حاول مشروع قانون العقوبات الجديد الأخذ بنظرية القانون الفرنسي فنص المشروع الأول (المشروع الموحد) على أن كل من عرض الرشوة على الموظف يعد راشياً، دون أن يعلق هذا العرض على قبول المرتشي، إلا أن المشروع الأخير عاد فأخذ بوجهه نظر القانون الحالي - نص المادة 109 مكرراً من قانون العقوبات - واشترط للعقاب على مجرد عرض الرشوة أن تصادف عدم قبول من الموظف العام ولما كان ما تقدم وكانت جريمة عرض الرشوة على الموظف العام المنصوص عليها في المادة المشار إليها لا تعد جريمة رشوة كما عناها القانون في تطبيق حكم المادة 110 من ذات القانون وأن لها ذاتيتها المستقلة وتغاير تلك الجريمة. فإنه يتعين ألا يمتد إليها حكم المصادرة الوجوبية كعقوبة تكميلية مقررة لجريمة الرشوة. وكان لا يصح في القانون الاحتجاج بنص الفقرة الأولى من المادة 30 من قانون العقوبات لأن المصادرة فيها مقررة على سبيل الجواز وليس على سبيل الإلزام. فلا على الحكم إن لم يقض بمصادرة ما عرض من نقود - وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر. فإنه يكون قد برئ من عيب مخالفة القانون، ويضحى نعي النيابة العامة عليه في هذا الخصوص غير سديد مستوجب الرفض.

الجمعة، 24 نوفمبر 2023

الطعن 4 لسنة 7 ق جلسة 14 / 11 / 1964 إدارية عليا مكتب فني 10 ج 1 ق 4 ص 28

جلسة 14 من نوفمبر 1964

برئاسة السيد الأستاذ عبد العزيز الببلاوي رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة حسن السيد أيوب والدكتور ضياء الدين صالح ومحمد شلبي يوسف وعادل عزيز زخاري.

---------------

(4)

القضية رقم 4 لسنة 7 القضائية

موظف - تأديب - مسئولية تأديبية 

- إدانة الموظف إدارياً في حالة شيوع التهمة - منوطة بثبوت وقوع فعل إيجابي أو سلبي محدد يعد مساهمة منه في وقوع المخالفة الإدارية - أساس ذلك - المسئولية التأديبية مسئولية شخصية كالمسئولية الجنائية - أثر هذا على الجزاء التأديبي.

----------------
إن المسئولية التأديبية شأنها في ذلك شأن المسئولية الجنائية مسئولية شخصية فيتعين لإدانة الموظف أو العامل ومجازاته إدارياً في حالة شيوع التهمة بينه وبين غيره أن يثبت أنه قد وقع منه فعل إيجابي أو سلبي محدد يعد مساهمة منه في وقوع المخالفة الإدارية فإذا انعدم المأخذ على السلوك الإداري للعامل ولم يقع منه أي إخلال بواجبات وظيفته أو خروج على مقتضياتها فلا يكون ثمة ذنب إداري وبالتالي لا محل لتوقيع جزاء تأديبي وإلا كان قرار الجزاء في هذه الحالة فاقداً لركن من أركانه هو ركن السبب.


إجراءات الطعن

في أول أكتوبر سنة 1960 أودعت إدارة قضايا الحكومة بالنيابة عن السيد محافظ القاهرة بصفته رئيساً لمجلس بلدي القاهرة والسيد وزير الشئون البلدية والقروية والسيد مدير عام الإدارات العامة للتنظيم قلم كتاب هذه المحكمة تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 4 لسنة 7 القضائية في الحكم الصادر من المحكمة الإدارية لوزارات الصحة والأوقاف والشئون البلدية والقروية بجلسة 2 من أغسطس سنة 1960 في الدعوى رقم 270 لسنة 7 القضائية المقامة من السيد/ إسماعيل علي بركة ضد بلدية القاهرة والقاضي بقبول الدعوى شكلاً وفي الموضوع بإلغاء القرار رقم 89 الصادر بتاريخ 9 من يونيو سنة 1959 فيما تضمنه من مجازاة المدعي بخصم ثلاثة أيام من راتبه وبالنسبة لخصم 150 جنيهاً من راتبه مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام المدعى عليها المصروفات ومائتي قرش مقابل أتعاب المحاماة وقد طلب الطاعنون للأسباب المبينة في تقرير الطعن الحكم بقبوله شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والحكم أصلياً بعدم قبول الدعوى واحتياطياً برفضها مع إلزام المطعون ضده بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة - وقد أعلن هذا الطعن إلى المطعون ضده في 7 من ديسمبر سنة 1960 وعين لنظره أمام دائرة فحص الطعون جلسة 4 من إبريل سنة 1964 وأبلغ الخصوم في 11 من فبراير سنة 1964 بموعد هذه الجلسة وفيها قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا حيث عين لنظره جلسة 3 من أكتوبر سنة 1964 التي أبلغ بها الخصوم في 6 من سبتمبر سنة 1964 - وبعد أن سمعت المحكمة ما رأت سماعه من إيضاحات طلبت من الحاضر عن الطاعنين تقديم بعض البيانات والأوراق على الوجه المبين بمحضر الجلسة وقررت إرجاء النطق بالحكم لجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة حسبما يبين من الأوراق تتحصل في أنه بصحيفة أودعت قلم كتاب المحكمة الإدارية لوزارات الصحة والأوقاف والشئون البلدية والقروية في 31 من يناير سنة 1960 أقام السيد/ إسماعيل علي بركة الدعوى رقم 270 لسنة 7 القضائية ضد السيد وزير الشئون البلدية والقروية والسيد مدير عام الإدارات العامة للتنظيم طالباً الحكم بإلغاء القرار الإداري رقم 89 الصادر في 9 من يونيو سنة 1959 بشقيه وكافة ما يترتب عليه من آثار مع إلزام الجهة الإدارية بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وقال بياناً لدعواه إنه كان يعمل جناينياً تابعاً للمراقبة العامة للحدائق وحدث في شهر يوليو سنة 1956 أن أتلفت بعض التماثيل الموجودة بحديقة الأزبكية وأجرى تحقيق عن هذه الواقعة بمعرفة البوليس كما أجريت تحقيقات إدارية بمعرفة النيابة الإدارية ثبت منها عدم مسئوليته عن التلف لأن عمله كجنايني لا تجعله مسئولاً عن حراسة تلك التماثيل لوجود غيره من العمال المنوط بهم الحراسة - إلا أنه فوجئ بصدور القرار رقم 89 في 9 من يونيو سنة 1959 من مدير عام الإدارات العامة للتنظيم بخصم مبلغ 450 جنيهاً من مرتب ثلاثة عمال هو أحدهم بالتساوي بينهم وهذا المبلغ هو قيمة الخسائر التي عادت على البلدية من جراء إتلاف التماثيل فضلاً عن خصم ثلاثة أيام من مرتبه لإهماله في الحراسة - وذكر أن هذا القرار قد صدر مخالفاً للقانون ومشوباً بسوء استعمال السلطة لأنه لم يكن مكلفاً بحراسة التماثيل الموجودة بالحديقة وأشار إلى أنه قد تظلم منه في 25 من يونيو سنة 1959 وإلى أنه قد صدر قرار بإعفائه من الرسوم وأرفق صورة منه بصحيفة دعواه وهو صادر في 19 من يناير سنة 1960.
وأجابت البلدية على الدعوى بمذكرة قالت فيها إنه في 22 من يوليو سنة 1957 حدث أن كسر رأسان وذراع لثلاثة تماثيل رخامية بحديقة الصبار بحديقة الأزبكية وأجرى تحقيق عن هذا الحادث بقسم شرطة الأزبكية في 24 من يوليه سنة 1957 وأرسلت الأوراق إلى تفتيش المباني الذي أفاد بأن القيمة التقديرية للتمثال الواحد 150 جنيهاً وقام رئيس قوة حراسة الحدائق بإجراء تحقيق إداري في هذا الموضوع وحصرت المسئولية في ثلاثة هم:
(1) إسماعيل علي بركة المدعي وهو جنايني كان منتدباً خفيراً وقت الحادث.
(2) محمد أحمد جعفر وهو جنايني كان منتدباً خفيراً وقت الحادث.
(3) ومحمد أحمد خليل وهو عامل وكان منتدباً خفيراً وقت الحادث ونقل إلى مصلحة السجون - وقد فقد ملف هذا التحقيق - فأبلغت الإدارة العامة للحدائق والتشجير النيابة الإدارية عن الحادث بكتابها المؤرخ في 23 من أكتوبر سنة 1958 - وانتهت النيابة الإدارية في مذكرتها إلى أن العمال الثلاثة المذكورين هم المسئولون عن المحافظة على هذه التماثيل وأن كسر بعض أجزاء منها كان نتيجة إهمالهم في هذه المحافظة - وأنها لذلك ترى "النظر في مجازاة كل من إسماعيل علي بركة ومحمد أحمد جعفر ومحمد أحمد خليل لإهمالهم في عملهم مما أدى إلى كسر بعض أجزاء من ثلاثة تماثيل رخامية مع تحميلهم بقيمة الخسارة التي عادت على التفتيش من جراء هذا الحادث بعد تقديرها بواسطة لجنة فنية". وبناء على ذلك صدر قرار المدير العام للإدارات العامة للتنظيم رقم 89 في 9 من يونيو سنة 1959 بخصم مبلغ 450 جنيهاً بالتساوي من مرتب كل من المذكورين وذلك بناء على قرار اللجنة التي شكلت لتقدير قيمة الخسائر التي عادت على البلدية من جراء إتلاف تلك التماثيل مع خصم ثلاثة أيام من أجر كل منهم لإهمالهم في عملهم أثناء قيامهم بالحراسة في حديقة الأزبكية - وفي 6 من يوليو سنة 1959 تقدم المدعي بتظلم من هذا القرار ثم تقدم بطلب إعفاء من الرسوم في 9 من سبتمبر سنة 1959 - وأضافت البلدية أنه وإن كان تحقيق الشرطة قد انتهى بقرار النيابة العامة بقيد الحادث ضد مجهول لعدم معرفة الفاعل إلا أن ذلك لا يقوم دليلاً على نفي وقوع الإهمال من العمال الثلاثة المنوطة بهم حراسة الحديقة إذ من المقرر أن استقلال المسئولية الجنائية عن المسئولية الإدارية - وذكرت أنه وإن كان عمل المدعي الأصلي (جنايني) إلا أن ذلك لا يمنع من انتدابه للقيام بأعمال أخرى بالإضافة إلى هذا العمل وأن الثابت من مذكرة النيابة الإدارية أن المدعي كان من بين المكلفين بحراسة الحديقة وقت وقوع الحادث وذلك من الساعة الرابعة حتى السادسة من مساء يوم 22 من يوليو سنة 1957.
وبجلسة 2 من أغسطس سنة 1960 قضت المحكمة الإدارية ضد بلدية القاهرة بقبول الدعوى شكلاً وفي الموضوع بإلغاء القرار الإداري رقم 89 الصادر بتاريخ 9 من يونيو سنة 1959 فيما تضمنه من مجازاة المدعي بخصم ثلاثة أيام من راتبه وبالنسبة لخصم 150 جنيهاً من راتبه مع ما يترتب على ذلك من آثار وألزمت المدعى عليها المصروفات ومائتي قرش مقابل أتعاب المحاماة - وأقامت قضاءها بذلك على أن الثابت من الأوراق أن المدعي كان يعمل وقت وقوع الحادث جناينياً وكان مكلفاً بالحراسة من الساعة الرابعة حتى السادسة مساء يوم وقوع الحادث وهو يوم 22 من يوليو سنة 1959 وكان محمد أحمد خليل مكلفاً بالحراسة من الساعة السابعة صباحاً حتى الساعة الرابعة مساء قبل أن يتولاها المدعي - وعلى أن سبب القرار المطعون فيه هو إهمال المدعي في الحراسة وهذا الإهمال لم يقم عليه أي دليل في الأوراق ومن ثم فإن مجرد تكليفه بالحراسة من الساعة الرابعة حتى السادسة مساء وتكليف زميله الآخر بالحراسة من الساعة السادسة مساء حتى السابعة صباحاً وتكليف زميل ثالث بالحراسة من الساعة السابعة صباحاً حتى الرابعة مساء قبل المدعي ثم اكتشاف حادث السرقة - لا ينهض دليلاً على السرقة أو الإهمال لأنه ما دامت فترة قيام العمال الثلاثة بالحراسة متعاقبة ولم يثبت على وجه التحديد وقوع الحادث في أية فترة من فترات الحراسة فإنه يتعين القول بفرض ثبوت وقوع السرقة والكسر والإتلاف خلال فترات الحراسة التي كلف بها العمال الثلاثة المذكورون أن من هؤلاء العمال من لم يقع منه أي إهمال وبالتالي فلا وجه لمساءلته - وذكرت المحكمة أن التحقيقات خلو من الدليل على إهمال المدعي وأن العدالة كانت تقتضي تبرئته بدلاً من مساءلته استناداً إلى أن واحداً من العمال الثلاث الذين كلفوا بالحراسة لابد وأنه ارتكب إهمالاً أدى إلى وقوع حادث السرقة والإتلاف وأن الثابت أن الأوراق خلو من الدليل على إهمال المدعي ومن ثم فإن القرار المطعون فيه يكون فاقداً ركن السبب ويتعين الحكم بإلغائه لمخالفته القانون.
ومن حيث إن الطعن يقوم من حيث الشكل على أن الذي كان يمثل المجلس البلدي لمدينة القاهرة هو رئيسه فكان يتعين على المدعي أن يوجه الدعوى إلى محافظ القاهرة بصفته رئيساً لهذا المجلس ولكنه تنكب هذا السبيل فرفع دعواه على وزير الشئون البلدية والقروية ومدير عام إدارات التنظيم وليس لأي منهما صفة في تمثيل المجلس أمام القضاء فتكون الدعوى غير مقبولة لرفعها على غير ذي صفة - كما يقوم الطعن من حيث الموضوع على أن المحكمة الإدارية قد غفلت عن الدليل القائم أمامها على ثبوت الإهمال في حق المدعي وزميليه بالرغم من أن الأوراق التي كانت تحت نظرها تحمل هذا الدليل فالمدعي وزميل قبله بعده قد تعاقبوا على حراسة التماثيل القائمة في الحديقة ليلة وقوع الحادث الذي لا يتصور وقوعه دون أن يكون ذلك راجعاً إلى إهمال الحراس الذين تعاقبوا على حراسة هذه التماثيل كما أن التحقيق الذي أجرته النيابة الإدارية والذي انتهت فيه إلى مسئولية الحراس الثلاث قد أثبت مسئولية المدعي عن كسر التماثيل فقد سئل الحارس الأول محمد أحمد خليل الذي تسلم الحراسة من الساعة السابعة صباحاً حتى الرابعة مساء فقرر أنه ترك الحديقة والتماثيل سليمة لم يحدث بها شيء وسئل المدعي وهو الذي تسلم الحراسة من الرابعة بعد الظهر حتى السادسة فأنكر معرفته شيئاً ونفى قيامه بالحراسة بينما قرر الحارس الثالث محمد أحمد جعفر أنه عند استلامه الحديقة في السادسة مساء يوم 22 من يوليو سنة 1957 اكتشف كسر التماثيل الثلاثة الموجودة بحديقة الصبار. وهذه الأقوال لو صحت لأدت إلى قصر المسئولية على المدعي وحده وهي في جملتها تقطع بمسئولية الحراس مجتمعين وما دام الإهمال ثابتاً في حق المطعون ضده فإن القرار الصادر بمجازاته يكون قد قام على سببه وصادف محله وإذ جرى قضاء المحكمة الإدارية على خلاف ذلك فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله.
وعقب المدعي على الطعن بمذكرة قال فيها إن الدفع بعدم قبول الدعوى مردود بأنه قد أقام دعواه ضد البلدية التي أعلنت بصحيفة الدعوى في 9 من فبراير سنة 1960 ومثلت في الدعوى أمام المحكمة الإدارية وأبدت دفاعها وأرسلت مندوباً يمثلها وأودعت ملف خدمته وجميع المستندات المتعلقة بالدعوى وصدر الحكم ضدها وتمثيل البلدية في الدعوى ينطوي على اعتراف صريح منها بأن الخصومة موجهة إليها وأن الحكم صادر في مواجهتها - ثم تحدث عن الموضوع فقال إنه يعمل بوظيفة جنايني بالمراقبة العامة للحدائق - وأن القرار الصادر بمجازاته قد استند إلى الإهمال الذي لم يقم عليه دليل من الأوراق وذلك بالإضافة إلى أن عمله كجنايني هو الإشراف على المزروعات الموجودة بالحدائق العامة من حيث ريها وتنسيقها والعناية بها فلا يمكن القول بأنه مسئول عن حراسة الحديقة بما فيها من تماثيل لأن طبيعة عمله تختلف تمام الاختلاف مع مسئولية الحراسة بالحديقة المنوطة بالغفير - وذكر أنه في ضوء ما تقدم قرر أنه لا يعرف شيئاً عن واقعة الإتلاف وأنه لم تقم أية قرينة أخرى على أنه مسئول بحكم وظيفته عن حراسة تلك التماثيل بل إن تحقيقات النيابة العامة والنيابة الإدارية لم تسفر عن تحديد الفاعل على وجه اليقين وانتهى المدعي إلى طلب الحكم برفض الطعن وإلزام الطاعن بالمصروفات.
وتقدمت هيئة المفوضين بتقرير برأيها انتهت فيه إلى أنها ترى الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى مع إلزام رافعها بالمصروفات - وذلك تأسيساً على أن بلدية القاهرة وقد اختصمت في الدعوى ومثلت فيها وأبدت دفاعها وصدر الحكم في مواجهتها فإنه يتعين رفض الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة - أما في الموضوع فإن مثار النزاع ينحصر في معرفة ما إذا كان المدعي مكلفاً حقاً بحراسة الحديقة يوم الحادث فيعد في هذه الحالة مسئولاً مع زميليه عن إهمالهم في القيام بواجب الحراسة الموكول إليهم وبالتالي يكون القرار المطعون فيه صحيحاً - أم أن هذه الحراسة لم توكل إليه يومئذ فيكون القرار فاقداً لركن السبب وأشار تقرير هيئة المفوضين إلى أن بلدية القاهرة قد ضمنت إجابتها على الدعوى أنه وإن كان عمل المدعي الأصلي هو (جنايني) إلا أن هذا لا يمنع من انتدابه للقيام بأعمال أخرى بالإضافة إلى هذا العمل - كما تضمن التقرير أن الثابت من مذكرة النيابة الإدارية أن المدعي كان من بين المكلفين بحراسة الحديقة وقت وقوع الحادث وذلك من الساعة الرابعة إلى الساعة السادسة من يوم 22 من يوليو سنة 1957 وأن المستفاد من تلك المذكرة أنه ثبت من التحقيق الإداري الفاقد إسناد مهمة حراسة الحديقة إلى المدعي وزميليه في فترات متناوبة يوم وقوع الحادث ومتى كان ذلك فإن النتيجة التي انتهى إليها القرار تكون قد استخلصت استخلاصاً سائغاً من أصول تنتجها مادياً وقانوناً وبالتالي يكون القرار قد صدر صحيحاً ومحمولاً على سببه - كما تقدمت هيئة المفوضين بتقرير تكميلي أضافت فيه إلى ما ورد بتقريرها الأول أنه وإن كانت الأدلة لا تؤكد بصفة قاطعة أن يكون الحادث قد وقع خلال نوبة حراسة المدعي بالذات فإنها لا تنفي من جهة أخرى احتمال وقوعه إبان فترة حراسته وأن شيوع الاتهام بين المدعي وزميليه لا يقوم بذاته مانعاً من مسئوليته إدارياً.
وقدم المدعي مذكرتين أخريين بدفاعه أشار في أولاهما إلى ما جاء برد البلدية على الدعوى من أنه وإن كان عمله الأصلي هو (جنايني) إلا أن هذا لا يمنع من انتدابه للقيام بأعمال أخرى بالإضافة إلى هذا العمل وأنه كان مكلفاً (بالحراسة) بجانب عمله كجنايني وعقب على ذلك بقوله إنه وإن كان الأصل أن من حق جهة الإدارة أن تكلف عمالها بأكثر من عمل إلا أنه ينبغي للمساءلة أن يقوم الدليل على أنه كان في وسع العامل القيام بالعملين في ذات الوقت وأنه ليس مستساغاً أن يعهد إلى الجنايني بالحراسة التي تقتضي مراقبة الداخل إلى الحديقة والخارج منها في حين أن عمل الجنايني يقتضي في الأغلب النظر إلى أسفل إذ هو بين ري للحديقة وتشذيب للأزهار وعزق للأرض ومن ثم يكون القرار بالندب لم يصادف المنطق السليم فلا يجوز على أساسه المساءلة التأديبية وذلك بالإضافة إلى أن الجزاء الذي وقع على عمال الحديقة الثلاث قصد به رئيس حرسها درء المسئولية عن نفسه وعن تابعيه من الحرس الذين يقع عليهم عبء هذا العمل. وتمسك المدعي في مذكرته الثانية بهذا الدفاع وأضاف أن الحادث قد حدث ليلاً بعد نوبة حراسته وأن مسئوليته تقع على الحارس الأخير محمد أحمد جعفر وانتهى إلى القول بأن المسئول عن تماثيل الحديقة هم قوة حرسها من العساكر ورئيسهم فيقع وزر المخالفة عليهم لا على الجناينية الذين لا صلة لهم بأمور الحراسة.
ومن حيث إنه بالنسبة إلى الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة فإن المحافظة الطاعنة تبني هذا الدفع على أن الدعوى قد أقيمت ضد وزارة الشئون البلدية والقروية وضد مدير الإدارات العامة للتنظيم في حين أنه كان يتعين توجيهها إلى محافظ القاهرة بصفته رئيساً للمجلس البلدي لمدينة القاهرة. وهذا الدفع مردود بأن المجلس البلدي الذي حل محله مجلس المحافظة بعد العمل بقانون الإدارة المحلية رقم 124 لسنة 1960 قد مثل في هذه الدعوى وأبدى دفاعه فيها مما لا يقبل معه أي دفع في هذا الخصوص ومن ثم يكون الطعن في هذا الشق منه غير قائم على أساس سليم متعيناً رفضه.
ومن حيث إن القرار التأديبي شأنه شأن أي قرار إداري آخر يجب أن يقوم على سبب يسوغ تدخل الإدارة بتوقيع الجزاء - ولا يكون ثمة سبب للقرار إلا إذا قامت حالة واقعية أو قانونية تبرر هذا التدخل. وللقضاء الإداري في حدود رقابته القانونية أن يراقب صحة هذه الوقائع وسلامة تكييفها القانوني - ورقابته هذه تجد حدها الطبيعي كرقابة قانونية في التحقق مما إذا كانت النتيجة التي انتهى إليها القرار التأديبي في هذا الخصوص مستخلصة استخلاصاً سائغاً من أصول تنتجها، فإذا كانت هذه النتيجة منتزعة من غير أصول موجودة أو كانت مستخلصة من أصول لا تنتجها أو كان تكييف الوقائع على فرض قيامها مادياً لا ينتج النتيجة التي يتطلبها القانون كان القرار فاقداً لركن من أركانه وهو ركن السبب ووقع مخالفاً للقانون. وسبب القرار التأديبي بوجه عام هو إخلال الموظف أو العامل بواجبات وظيفته إيجاباً أو سلباً أو إتيانه عملاً من الأعمال المحرمة عليه - فكل موظف أو عامل يخل بالواجبات التي تنص عليها القوانين أو اللوائح أو يخرج على أوامر الرؤساء الصادرة في حدود القانون أو يقصر في تأدية عمله إنما يرتكب ذنباً إدارياً يسوغ تأديبه وهذا الذنب هو سبب القرار التأديبي - أما إذا انعدم المأخذ على السلوك الإداري للموظف أو العامل ولم يقع منه إخلال بواجبات وظيفته أو خروج على مقتضياتها - وللمحكمة تقدير ذلك في حدود رقابتها القانونية - فإنه لا يكون ثمة ذنب إداري وبالتالي لا يكون هناك محل لجزاء تأديبي وإلا كان القرار في هذه الحالة فاقداً لركن من أركانه هو ركن السبب.
ومن حيث إن القرار الصادر بمجازاة المدعي يقوم على أنه هو وزميليه محمد أحمد خليل ومحمد أحمد جعفر قد أهملوا في أثناء قيامهم بالحراسة بحديقة الأزبكية مما أدى إلى وقوع حادث كسر أجزاء من ثلاثة تماثيل وفقدها.
ومن حيث إنه بالرجوع إلى الأوراق يبين أن واقعة كسر أجزاء من تلك التماثيل وفقدها تتحصل في أنه بتاريخ 24 من يوليو سنة 1957 أبلغ محمد أحمد جعفر الخفير بحديقة الأزبكية قسم شرطة الموسكي عن الحادث المذكور وبسؤاله قرر أنه في يوم 22 من يوليو سنة 1957 حضر لاستلام الحراسة بتفتيش الحدائق الكائن بحديقة الأزبكية فاكتشف كسر وفقد أجزاء من تلك التماثيل فأبلغ شيخ الخفراء. ولما كان يوم 23 من يوليو إجازة فقد أبلغ الأمر في 24 من يوليو إلى مهندس الحديقة الذي كلفه بإبلاغ الشرطة وقال إن محتويات الحديقة كانت في حراسة الجنايني أحمد خليل لغاية الساعة الرابعة وأنها تبقى في حراسة الباشجاويش أحمد حسنين إلى أن يأتي هو في الساعة السادسة لاستلام الحراسة وأنه أبلغ الباشجاويش المذكور عن الحادث - وبسؤال محمد أحمد خليل أجاب بأنه جنايني يعمل من الساعة السابعة صباحاً حتى الساعة الرابعة مساء وأنه غادر الحديقة في 22 من يوليو سنة 1957 تاركاً التماثيل سليمة وأنه ليس هناك أحد مكلف بحراسة الحديقة وما بها لحين حضور الخفير وليس هناك من يستلم منه الحديقة كل يوم - وبسؤال السيد علي علي إسماعيل (وهو حسبما يبين من الأوراق مهندس الحديقة ورئيس قوة الحراسة بها) ذكر أن الخفير محمد أحمد جعفر المعين لحراسة الحديقة أبلغه عن الحادث في يوم 24 من يوليو سنة 1957 وأن حراسة هذا الخفير تبدأ من الساعة السادسة مساء حتى الصباح وأن الجنايني محمد أحمد خليل يأتي الساعة السابعة صباحاً ويظل حتى الرابعة مساء وبعد ذلك فإن المكلف بالحراسة الباشجاويش أحمد حسنين مع (جاويشيه) من الساعة الثالثة مساء حتى الساعة الحادية عشرة مساء وعلل الحادث بأن يوم 23 من يوليو سنة 1957 كان يوم احتفال بمناسبة عيد الثورة وافتتاح مجلس الأمة وبأنه يحتمل أن تكون التماثيل قد سقطت على الأرض نتيجة ازدحام الحديقة بالجمهور - وقد قيد الحادث جنحة وقررت النيابة العامة حفظها مؤقتاً لعدم معرفة الفاعل - وفي 22 من أكتوبر سنة 1958 قام مفتش الحدائق بإبلاغ النيابة الإدارية عن الحادث وأشار في كتابه إلى تحقيق الشرطة وإلى أن رئيس حراسة الحدائق قد أجرى تحقيقاً إدارياً وحدد المسئولية في:
(1) إسماعيل علي بركة الجنايني الذي كان منتدباً خفيراً وقت الحادث.
(2) ومحمد أحمد جعفر الجنايني الذي كان منتدباً خفيراً وقت الحادث.
(3) والعامل محمد أحمد خليل - وذكر أن ملف الموضوع قد سرق - وقد أجرت النيابة الإدارية تحقيقاً سمعت فيه أقوال محمد عبد المنعم خيري رئيس سكرتارية تفتيش الحدائق فقرر أن ملف التحقيق الإداري سرق من مكتبه في يوم 12 من أكتوبر سنة 1958 وأن الشبهات حامت حول العامل إسماعيل علي بركة (المدعي) الذي كان قد انتدب ساعياً في التفتيش. وقال إن السيد علي علي إسماعيل مهندس حديقة الأزبكية ورئيس قوة الحراسة قد حرر مذكرة مؤرخة في 25 من أكتوبر سنة 1958 تفيد أن المسئولين عن حادث كسر التماثيل هم محمد أحمد خليل وإسماعيل علي بركة ومحمد أحمد جعفر. والمذكرة المشار إليها مرفقة بملف التحقيق وقد أثبت فيها محررها أن: (1) محمد أحمد خليل عامل. (2) وإسماعيل علي بركه عامل. (3) ومحمد أحمد جعفر عامل ومنتدب خفيراً - هم الذين كانوا مسئولين عن حديقة الصبار في يوم 22 من يوليو سنة 1957 الأول من الساعة السابعة صباحاً إلى الساعة الرابعة مساء والثاني من الساعة الرابعة مساء إلى الساعة السادسة مساء والثالث من الساعة السادسة مساء حتى السابعة صباحاً - وسئل السيد علي علي إسماعيل فذكر أنه بناء على طلب المفتش أجرى تحقيقاً عن الحادث فظهر أن العامل إسماعيل علي بركة (المدعي) يتهرب من الموضوع وأن ملف التحقيق سرق وحامت الشبهات حول العامل المذكور - كما سئل محمد أحمد جعفر فردد أقواله التي أدلى بها في تحقيق الشرطة - وسئل إسماعيل علي بركة (المدعي) فقرر أنه كان يوم الحادث يشتغل (جنايني) ولا يعلم شيئاً عن الحراسة ولم يكلفه بها أحد - وسئل محمد أحمد خليل فأجاب بمثل ما أجاب به في تحقيق الشرطة. وانتهت النيابة الإدارية في مذكرتها عن هذا التحقيق إلى أنها ترى (النظر في مجازاة كل من إسماعيل علي بركه ومحمد أحمد جعفر ومحمد أحمد خليل لإهمالهم في عملهم مما أدى إلى كسر بعض أجزاء من ثلاثة تماثيل رخامية مع تحميلهم بقيمة الخسارة التي عادت على التفتيش من جراء هذا الحادث بعد تقديرها بواسطة لجنة فنية). واستناداً إلى هذا التحقيق أصدر المدير العام للإدارات العامة للتنظيم في 9 من يونيو سنة 1959 قراره موضوع الطعن متضمناً خصم مبلغ 450 جنيهاً بالتساوي من مرتب كل من: (1) الجنايني إسماعيل علي بركه. (2) والجنايني محمد أحمد جعفر. (3) والعامل محمد أحمد خليل. وذلك بناء على قرار اللجنة التي شكلت لتقدير قيمة الخسائر التي عادت على البلدية من جراء إتلاف ثلاثة تماثيل رخامية بحديقة الأزبكية وكذا خصم ثلاثة أيام من كل منهم لإهمالهم في عملهم أثناء قيامهم بالحراسة بحديقة الأزبكية مما أدى إلى وقوع حادث كسر أجزاء التماثيل.
ومن حيث إن سبب هذا القرار حسبما هو مستفاد منه ومن التحقيق الذي بني عليه هو ما نسب إلى العمال الثلاثة المذكورين ومنهم المدعي من أنهم كانوا في يوم 22 من يوليو سنة 1957 مكلفين بالحراسة في حديقة الأزبكية وأنهم أهملوا في القيام بعملهم إهمالاً أدى إلى وقوع الحادث المشار إليه.
ومن حيث إنه ليس فيما ورد في التحقيق المشار إليه أو في باقي الأوراق ما يمكن أن يستخلص منه استخلاصاً سائغاً أن المدعي كان في فترة عمله في اليوم المذكور منتدباً للحراسة أو مكلفاً بها بالإضافة إلى عمله كجنايني أو أنه وقع منه إهمال ترتب عليه كسر التماثيل الثلاث أو سرقة أجزاء منها خلال تلك الفترة ففي تحقيق الشرطة لم يذكر السيد/ علي علي إسماعيل مهندس الحديقة ورئيس قوة الحراسة بها والرئيس المباشر للمدعي أنه كان يوم 22 من يوليو سنة 1957 مكلفاً بالحراسة كما أنه في مذكرته المؤرخة في 25 من أكتوبر سنة 1958 المرفقة بتحقيق النيابة الإدارية لم ينسب إلى المدعي أنه كان منتدباً للحراسة. ولقد طلبت هذه المحكمة من الحاضر عن الطاعنين بجلسة 3 من أكتوبر سنة 1964 تقديم ما يدل على هذا الانتداب أو التكليف ولكنه لم يقدم هذا الدليل رغم تأجيل الدعوى والتصريح بتقديم مستندات ومذكرات كما أنه ليس في التحقيق أو في باقي الأوراق ما يثبت أن الحادث قد وقع في وقت محدد بالذات أو في فترة عمل المدعي.
ومن حيث إنه بالإضافة إلى ما تقدم فإن المستفاد من التحقيق أن هناك خفراً ورجال شرطة مخصصون للحراسة بحديقة الأزبكية فقد ذكر السيد علي علي إسماعيل في أقواله في محضر الشرطة أن الخفير محمد أحمد جعفر معين للحراسة وأن الباشجاويش أحمد حسنين هو المكلف مع (جاويشيه) بحراسة الحديقة من الساعة الثالثة مساء حتى الساعة الحادية عشرة مساء وهي فترة تقع خلالها فترة عمل المدعي في يوم 22 من يوليو سنة 1957 التي كانت تبدأ في الساعة الرابعة مساء وتنتهي في الساعة السادسة مساء.
ومن حيث إنه وإن كان يستفاد من مذكرتي المدعي الأخيرتين أنه بعد أن كان يبني دفاعه على أنه لم يكن منتدباً للحراسة أو مكلفاً بها في يوم الحادث - أصبح يبنيه على أنه حتى مع انتدابه للحراسة فإنه غير مسئول عن كسر التماثيل أو فقد أجزاء منها - وذلك مجاراة منه لما ورد في الحكم المطعون فيه في هذا الشأن - لئن كان ذلك إلا أن العبرة بالحقيقة حسبما تستخلصها المحكمة من أوراق الدعوى لا بما يقرره الخصوم في معرض الدفاع عن أنفسهم - وليس في الأوراق حسبما سبق البيان ما يمكن أن يستخلص منه أن المدعي كان في يوم الحادث منتدباً للحراسة أو مكلفاً بها بالإضافة إلى عمله بل الثابت أنه كان هناك في فترة عمله حراس متخصصون مسئولون عن حراسة الحديقة.
ومن حيث إن من بين أوجه الطعن أن المدعي وزميليه قد تعاقبوا على حراسة التماثيل يوم الحادث الذي لا يتصور وقوعه دون أن يكون ذلك راجعاً إلى إهمالهم وهذا الوجه مردود بأنه بالإضافة إلى ما سبق بيانه من أن المدعي لم يكن في يوم الحادث مكلفاً بحراسة الحديقة فإن المسئولية التأديبية شأنها في ذلك شأن المسئولية الجنائية مسئولية شخصية فيتعين لإدانة الموظف أو العامل ومجازاته إدارياً في حالة شيوع التهمة بينه وبين غيره أن يثبت أنه قد وقع منه فعل إيجابي أو سلبي محدد يعد مساهمة منه في وقوع المخالفة الإدارية فإذا انعدم المأخذ على السلوك الإداري للعامل ولم يقع منه أي إخلال بواجبات وظيفته أو خروج على مقتضياتها فلا يكون ثمة ذنب إداري وبالتالي لا محل لتوقيع جزاء تأديبي وإلا كان قرار الجزاء في هذه الحالة فاقداً لركن من أركانه وهو ركن السبب.
ومن حيث إنه لكل ما تقدم يكون القرار الصادر بمجازاة المدعي مخالفاً للقانون لفقدانه ركن السبب وينبني على ذلك - وقد انتفى ركن الخطأ من جانبه - عدم مسئوليته عن كسر التماثيل وفقد أجزاء منها، فلا يكون هناك محل لرجوع جهة الإدارة عليه بالتعويض عن هذا الكسر أو الفقد أو لخصم هذا التعويض من أجره.
ومن حيث إنه لذلك يكون الحكم المطعون فيه قد أصاب الحق فيما انتهى إليه ويكون الطعن غير قائم على أساس سليم مما يتعين معه الحكم برفضه وإلزام الطاعنين المصروفات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وألزمت الطاعن بالمصروفات.

الطعن 1591 لسنة 7 ق جلسة 8 / 11 / 1964 إدارية عليا مكتب فني 10 ج 1 ق 3 ص 20

جلسة 8 من نوفمبر 1964

برئاسة السيد الأستاذ الدكتور محمود سعد الدين الشريف نائب رئيس المجلس وعضوية السادة الأساتذة الدكتور أحمد موسى وعلي محسن مصطفى وعبد الفتاح نصار ومحمد طاهر عبد الحميد المستشارين.

--------------

(3)

القضية رقم 1591 لسنة 7 القضائية

موظف - معادلات دراسية - قانون المعادلات الدراسية رقم 371 لسنة 1953 - المستفيدون بأحكامه - شروط تطبيقه.
إن القانون رقم 371 لسنة 1953 الخاص بالمعادلات الدراسية إنما صدر لتصفية الأوضاع القديمة الشاذة الناتجة عن قرارات الإنصاف المختلفة السابقة عليه بصفة نهائية لا رجعة فيها وتسوية الحالات الماضية التي كانت لا تزال معلقة حتى تاريخ صدوره مستهدفاً في الوقت ذاته إنصاف طوائف مختلفة من الموظفين لم تدركهم القواعد السابقة بالإنصاف سواء في ذلك من عينوا في خدمة الحكومة بعد 9 من ديسمبر سنة 1944 في درجات تقل عن تلك المقررة لمؤهلاتهم أو من حصلوا على مؤهلاتهم أثناء الخدمة فلم يمنحوا الدرجات المقررة لها أو من أغفل تقدير مؤهلاتهم إغفالاً تاماً أو من قدرت لمؤهلاتهم درجات أو رواتب دون قيمتها وكذلك من قعدوا عن اتخاذ إجراءات التقاضي لتسوية حالاتهم على أن يكون ذلك الإنصاف منوطاً بتوافر الشروط وخاضعاً للقيود التي نص عليها وبخاصة ما أورده في مادته الثانية من أن أحكامه لا تسري إلا على الموظفين الذين عينوا قبل أول يوليو سنة 1952 وهو تاريخ تنفيذ قانون موظفي الدولة رقم 210 لسنة 1951، والذين ما زالوا حتى تاريخ العمل بقانون المعادلات في خدمة الحكومة وبطبيعة الحال لا يجوز أن يعامل بأحكام ذلك القانون من عين بعد أول يوليو سنة 1952 إذ أن هؤلاء تحكمهم قواعد القانون رقم 210 لسنة 1951 وحدها ولا سيما نص المادة 21 منه ولا من ترك الخدمة لأي سبب قبل نفاذ القانون المشار إليه لانقطاع صلته بنظم التوظف والمقصود بالموظفين في حكم قانون المعادلات الدراسية هم الموظفين المعينون على وظائف دائمة داخل الهيئة أو على اعتمادات مقسمة إلى درجات الموظفين المعينين على وظائف مؤقتة والمستخدمين الخارجين عن الهيئة أو عمال اليومية.

---------------
وإذ كان قانون المعادلات الدراسية قد أجرى إحصاء شاملاً للوظائف الدائمة وواجه التقديرات المالية اللازمة لها ونص على صرف الفروق المالية المستحقة عن التسويات الجديدة ابتداء من تاريخ نفاذه وأجرى بذلك تصفية نهائية للأوضاع القديمة بما لا رجعة فيه فإنه لا يتصور بعد ذلك أنه أدخل في حسابه مواجهة حالات جديدة لم يدخلها في اعتباره عند النص عليها في أحكامه وبالتالي فإنه لا يسري إلا في الحدود والمجال الذي استهدفه بالشروط والأوضاع التي قرره ومن أهمها أن يكون المستفيد من أحكامه موظفاً بالحكومة على وظيفة دائمة داخل الهيئة أو على اعتمادات مقسمة إلى درجات وذلك قبل أول يوليو سنة 1952 وحصل على مؤهله الدراسي قبل ذلك التاريخ أيضاً وموجوداً بالفعل في خدمة الحكومة وقت نفاذ القانون.
ولما كان المطعون ضده لم يكن معيناً على وظيفة دائمة داخل الهيئة أو على اعتماد مقسم إلى درجات وذلك قبل أول يوليو سنة 1952 بل كان معيناً على اعتماد غير مقسم إلى درجات حتى تاريخ صدور القانون رقم 15 لسنة 1959 باستثناء بعض موظفي وزارة الزراعة المعينين على الوظائف المؤقتة المدرجة بميزانية المشروعات الإنتاجية من الامتحان والكشف الطبي الذي اعتبر أقدميته في الدرجة الثامنة الكتابية راجعة حكماً إلى 20 من مارس سنة 1947 تاريخ دخوله الخدمة. ومن ثم فقد تخلف في حقه أحد شروط تطبيق قانون المعادلات الدراسية رقم 371 لسنة 1953 الذي استوجب كما سبق إيضاحه أن يكون الموظف معيناً على وظيفة دائمة أو على اعتماد مقسم إلى درجات قبل أول يوليو سنة 1952.
وعلى ذلك فإن الحكم المطعون فيه وقد طبق على حالة المدعي قانون المعادلات الدراسية في غير مواطن تطبيقه وأعمله في غير مجال إعماله مما ترتب عليه إفادة المدعي من قانونين اثنين في وقت واحد مع تباين مجال تطبيق كل منهما يكون قد أخطأ في تفسير القانون وتأويله.


إجراءات الطعن

بتاريخ 10/ 8/ 1961 أودعت إدارة قضايا الحكومة بالنيابة عن السيد وزير الزراعة قلم كتاب هذه المحكمة تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 1591 سنة 7 القضائية في الحكم الصادر من المحكمة الإدارية لوزارة الزراعة بجلسة 11/ 1/ 1961 في الدعوى رقم 83 لسنة 8 القضائية المرفوعة من محمد عبد المتجلي أبو رحاب ضد وزارة الزراعة والقاضي بأحقية المدعي في إعمال أحكام القانون رقم 371 لسنة 1953 الخاص بالمعادلات الدراسية على حالته بترقيته إلى الدرجة السابعة بعد مضي ست سنوات على حصوله على شهادة إتمام الدراسة الثانوية القسم الخاص مع ما يترتب على ذلك من آثار مع صرف الفروق المالية الناتجة عن هذه التسوية من 3/ 2/ 1955 وإلزام الحكومة المصروفات وطلب الطاعن للأسباب المبينة بتقرير الطعن الحكم بقبوله شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه ورفض دعوى المطعون ضده مع إلزامه المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
وقد أعلن هذا الطعن إلى المطعون ضده في 16/ 8/ 1961 وعين لنظره أمام دائرة فحص الطعون جلسة 1/ 2/ 1964 وأبلغ الخصوم في 29/ 12/ 1963 بموعد هذه الجلسة وفيها قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا حيث عين لنظره أمامها جلسة 4/ 10/ 1964 التي أبلغ بها الخصوم في 31/ 8/ 1964 وبعد أن سمعت المحكمة ما رأت سماعه من إيضاحات ذوي الشأن على الوجه المبين بمحضر الجلسة قررت إرجاء النطق بالحكم لجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة حسبما يبين من الأوراق تتحصل في أن المدعي أقام الدعوى رقم 83 لسنة 8 القضائية ضد وزارة الزراعة طالباً الحكم بإعمال أحكام القانون رقم 371 لسنة 1953 الخاص بالمعادلات الدراسية وتسوية حالته بترقيته بعد مضي ست سنوات من تاريخ حصوله على شهادة إتمام الدراسة الثانوية (القسم الخاص توجيهية) مع تعديل ماهيته ومنحه العلاوات الدورية المستحقة تبعاً لذلك. وقال في بيان ذلك إنه التحق بخدمة وزارة الزراعة في 20/ 3/ 1947 بوظيفة كاتب بمرتب شهري قدره 6 جنيهات و500 مليم على اعتماد تحديد المساحة القطنية المدرج ضمن وظائف الباب الثالث ثم زيد مرتبه إلى 7 جنيهات و500 مليم بحصوله على التوجيهية عام 1948 ومنح علاوتين بلغ بهما مرتبه 8 جنيهات و500 مليم من 1/ 5/ 1951 وفي 1/ 5/ 1953 نقل إلى اعتماد الفقر والجهل والمرض وخصم بمرتبه على وظيفة من الدرجة الثامنة الكتابية المدرجة بهذا الاعتماد الذي كان مدرجاً ضمن وظائف الباب الثالث وظل المدعي محروماً من العلاوات الدورية دون سند من القانون إلى أن صدر القانون رقم 15 سنة 1959 متضمناً نقل وظائف الباب الثالث جميعها إلى الباب الأول وأعفى المدعي وزملائه من شرطي الامتحان واللياقة الطبية إعمالاً للقانون رقم 15 لسنة 1959 الذي تضمن رد أقدمية المدعي إلى تاريخ تعيينه في الوظيفة التي كان يشغلها على اعتماد تحديد المساحة القطنية الذي كان مدرجاً ضمن وظائف الباب الثالث إلى الباب الأول ثم صدر قرار الوزارة رقم 87 لسنة 1959 بنقل وظيفة المدعي إلى الباب الأول اعتباراً من 13/ 1/ 1959 تاريخ نشر القانون رقم 15 لسنة 1959 في الجريدة الرسمية مع اعتبار أقدميته في الدرجة الثامنة الكتابية من 1/ 7/ 1953 وهو تاريخ نقله إلى اعتماد الفقر والجهل والمرض الذي كان مدرجاً ضمن وظائف الباب الثالث السابق الإشارة إليه ولما كان هذا القرار قد جانبه الصواب إذ فرق بين اعتماد تحديد المساحة الذي عين عليه المدعي ابتداء واعتماد الفقر والجهل والمرض وكلاهما مدرج بالباب الثالث ولا تصح التفرقة بين الاعتمادين والحالة هذه ولما كان من الواجب إرجاع أقدمية المدعي في الدرجة الثامنة الكتابية إلى 20/ 3/ 1947 في الباب الأول كما ينص القانون رقم 15 لسنة 1959 ومن ثم فقد صدر في 2/ 7/ 1960 قرار الوزارة رقم 1 لسنة 1960 معدلاً للقرار رقم 87 لسنة 1959 بإرجاع أقدمية المدعي في الدرجة الثامنة الدائمة إلى 20/ 3/ 1947 وذلك طبقاً للقانون رقم 15 لسنة 1959 وتنفيذاً لكتاب ديوان الموظفين رقم 230/ 28 م 5 - المؤرخ في 12/ 6/ 1960 وكان لابد لوضع الأمور في نصابها وتطبيقاً للقرار رقم 1 لسنة 1960 ذاته يتعين إعمال أثر هذه التسوية بتطبيق أحكام القانون رقم 371 لسنة 1953 الخاص بالمعادلات الدراسية وتسوية حالة المدعي بترقيته إلى الدرجة السابعة بعد مضي 6 سنوات من تاريخ حصوله على التوجيهية مع تعديل ماهيته ومنحه العلاوات الدورية المستحقة تبعاً لذلك للأسباب الآتية 1 - نصت المادة الأولى من قانون المعادلات على أن يوضع حملة التوجيهية في الدرجة الثامنة بماهية قدرها 7 جنيهات و500 مليم مع ترقيتهم إلى الدرجة السابعة بعد مضي ست سنوات كما نصت المادة الثانية على أنه لا يسري حكم المادة الأولى إلا على الموظفين الذين عينوا قبل 1/ 7/ 1952 وكانوا حاصلين على المؤهلات المشار إليها قبل ذلك التاريخ والمدعي حصل على التوجيهية قبل 1/ 7/ 1952.
2 - ونص القانون لذلك على صرف الفروق المالية من تاريخ تنفيذه وعن المدد التالية له فقط وعلى ذلك يقتضي صرف الفروق المالية المستحقة للمدعي نتيجة التسوية التي يعمل بها من تاريخ نفاذ قانون المعادلات الدراسية. وردت الوزارة على المدعي بأنه عين اعتباراً من 20/ 3/ 1947 بوظيفة كاتب بلا درجة بماهية 6 جنيهات و500 مليم شهرياً خصماً على اعتماد مصروفات تحديد المساحة القطنية الذي كان مدرجاً بالميزانية بالباب الثالث بند 23 أعمال جديدة ومن 1/ 11/ 1948 بماهية 7 جنيهات و500 مليم وهي الماهية المقررة للتوجيهية ومن 1/ 7/ 1953 خصم ماهيته على اعتماد الفقر والجهل والمرض ومن 13/ 1/ 1959 نقل إلى الباب الأول واعتبرت أقدميته من 20/ 3/ 1947 ومن 11/ 7/ 1960 رقي إلى الدرجة السابعة الكتابية وبلغت ماهيته 12 جنيهاً من 1/ 8/ 1960 وأن ديوان الموظفين أبدى بكتابه رقم 230 - 1/ 2 المؤرخ في 14/ 7/ 1959 بأنه يرى عدم جواز تطبيق قانون المعادلات الدراسية على المدعي وأمثاله الذين التحقوا بخدمة الوزارة على اعتماد تحديد المساحة القطنية لعدم توفر شروط تطبيقه.
وبتاريخ 11/ 6/ 1961 قضت المحكمة الإدارية بأحقية المدعي في إعمال أحكام القانون رقم 371 لسنة 1953 الخاص بالمعادلات الدراسية على حالته بترقيته إلى الدرجة السابعة بعد مضي ست سنوات على حصوله على شهادة إتمام الدراسة الثانوية القسم الخاص مع ما يترتب على ذلك من آثار مع صرف الفروق المالية الناتجة عن هذه التسوية من 3 من فبراير سنة 1955 وإلزام الحكومة المصروفات وأقامت المحكمة قضاءها على أن المدعي حصل على التوجيهية قبل أول يوليو سنة 1952 وعين بخدمة الحكومة قبل ذلك التاريخ وأنه ظل بخدمة الحكومة واستمر بها وقت نفاذ أحكام قانون المعادلات الدراسية ومن ثم فإن هذا القانون يجري في حقه وتطبق أحكامه على حالته من تاريخ حصوله على شهادة الدراسة الثانوية القسم الخاص سنة 1948 بماهية شهرية قدرها سبعة جنيهات وترقيته للدرجة السابعة بعد مضي ست سنوات على تاريخ منحه الدرجة الثامنة مع ما يترتب على ذلك من آثار ومنها الفروق المالية التي يقتصر حقه فيها على خمسة سنوات سابقة على تاريخ تقديم طلب إعفائه من رسوم هذه الدعوى الحاصل في 3/ 2/ 1960 أي أن حقه في الفروق يكون من 3/ 2/ 1955 واستطردت المحكمة فقالت إنه لا اعتداد بما أثارته الجهة الإدارية من أن أحكام قانون المعادلات الدراسية لا يطبق على حالة المدعي بدعوى أنه التحق بالخدمة على اعتماد تحديد المساحة القطنية وأن هذا الاعتماد لم يكن مقسماً إلى درجات وقانون المعادلات الدراسية لا يطبق على المعينين على الاعتمادات الغير مقسمة إلى درجات لا محل للاعتداد بهذا الدفع نظراً لأنه بصدور القانون رقم 15 لسنة 1959 باستثناء بعض موظفي وزارة الزراعة المعينين على الوظائف المؤقتة المدرجة بميزانية المشروعات الإنتاجية من الامتحان والكشف الطبي وصدور القرار الوزاري رقم 87 لسنة 1959 القاضي بنقل المدعي من الباب الثالث إلى الباب الأول اعتباراً من 13/ 1/ 1959 مع منحه الدرجة الثامنة والقرار رقم 1 لسنة 1960 القاضي بتعديل أقدمية المدعي في الدرجة الثامنة الكتابية الدائمة بجعلها من 20/ 3/ 1947 إذ أنه باعتبار المدعي في الدرجة الثامنة الكتابية من 20/ 3/ 1947 أصبح لا محل لما يثار من أن المدعي التحق بالخدمة على اعتماد لأنه بصدور القرار رقم 1 لسنة 1960 الصادر من السيد وكيل وزارة الزراعة يعتبر المدعي في الدرجة الثامنة من تاريخ دخوله الخدمة في 20/ 3/ 1947.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن قانون المعادلات الدراسية رقم 371/ 1953 - حدد الموظفين الذين يستفيدون من أحكامه وهم أولئك الموجودون بخدمة الحكومة فعلاً وقت نفاذه وتحققت فيهم شروطه ومن ثم فلا تكفي أن يكون المطعون ضده موجوداً في خدمة الحكومة وقت نفاذ هذا القانون بل يتعين أن يكون معيناً على وظيفة دائمة أو على اعتماد مقسم إلى درجات ولا يغني عن ذلك كون القانون رقم 15 لسنة 1959 قد رد تاريخ أقدميته في التعيين على درجة دائمة إلى تاريخ سابق لنفاذ قانون المعادلات إذ العبرة في ذلك بوجوده فعلاً على درجة دائمة لا وجوده فرضاً بنص في قانون لاحق - هذا فضلاً عن أن - القانون رقم 15 لسنة 1959 وإن كان قد رد أقدميات الموظفين الذين شملهم التعيين إلى تاريخ التحاقهم بالخدمة ابتداء إلا أنه اشترط عدم صرف فروق عن الماضي أي قبل نفاذ هذا القانون وفي هذا ما يكشف عن أن المشرع لم يقصد بهذا النص إلا منح أقدمية اعتبارية إلى هؤلاء الموظفين دون أن يرتب على هذه الأقدمية أثار قانونية أخرى لتطبيق قانون المعادلات لأن قانون المعادلات الدراسية يسمح بالفروق من تاريخ نفاذه أي منذ سنة 1953 وكون القانون رقم 15 لسنة 1959 لم يسمح بهذه الفروق إلا من تاريخ نفاذه أي من سنة 1959 فمعنى هذا أن المشرع يرى أن قانون المعادلات لا ينطبق على هؤلاء الموظفين فإذا ذهب الحكم المطعون فيه إلى غير هذا المذهب يكون قد أخطأ في تطبيق القانون ويتعين الحكم بإلغائه.
ومن حيث إنه يبين مما تقدم أن النقطة القانونية مثار النزاع هي ما إذا كان المطعون ضده يفيد من أحكام قانون المعادلات الدراسية رقم 371 لسنة 1953 والقوانين المعدلة له بعد أن أفاد من القانون رقم 15 لسنة 1959 باستثناء بعض موظفي وزارة الزراعة المعينين على الوظائف المؤقتة المدرجة بميزانية المشروعات الإنتاجية من الامتحان والكشف الطبي - وبعد أن اعتبر بتطبيق أحكام هذا القانون الأخير عليه في الدرجة الثامنة الكتابية من تاريخ تعيينه الأول في خدمة الحكومة في 20/ 3/ 1947.
1 - إن القانون رقم 371 لسنة 1953 الخاص بالمعادلات الدراسية إنما صدر لتصفية الأوضاع القديمة الشاذة الناتجة عن قرارات الإنصاف المختلفة السابقة عليه بصفة نهائية لا رجعة فيها وتسوية الحالات الماضية التي كانت لا تزال معلقة حتى تاريخ صدوره مستهدفاً في الوقت ذاته إنصاف طوائف مختلفة من الموظفين لم تدركهم القواعد السابقة بالإنصاف سواء في ذلك من عينوا في خدمة الحكومة بعد 9 من ديسمبر سنة 1944 في درجات تقل عن تلك المقررة لمؤهلاتهم أو من حصلوا على مؤهلاتهم أثناء الخدمة فلم يمنحوا الدرجات المقررة لها أو من أغفل تقدير مؤهلاتهم إغفالاً تاماً أو من قدرت لمؤهلاتهم درجات أو رواتب دون قيمتها وكذلك من قعدوا عن اتخاذ إجراءات التقاضي لتسوية حالاتهم على أن يكون ذلك الإنصاف منوطاً بتوافر الشروط وخاضعاً للقيود التي نص عليها وبخاصة ما أورده بمادته الثانية من أن أحكامه لا تسري إلا على الموظفين الذين عينوا قبل أول يوليو سنة 1952 وهو تاريخ تنفيذ قانون موظفي الدولة رقم 210 لسنة 1951، والذين ما زالوا حتى تاريخ العمل بقانون المعادلات في خدمة الحكومة وبطبيعة الحال لا يجوز أن يعامل بأحكام ذلك القانون من عين بعد أول يوليو سنة 1952 إذ أن هؤلاء تحكمهم قواعد القانون رقم 210 لسنة 1951 وحدها ولا سيما نص المادة 21 منه ولا من ترك الخدمة لأي سبب قبل نفاذ القانون المشار إليه لانقطاع صلته بنظم التوظف والمقصود بالموظفين في حكم قانون المعادلات الدراسية هم الموظفون المعينون على وظائف دائمة داخل الهيئة أو على اعتمادات مقسمة إلى درجات الموظفين المعينين على وظائف مؤقتة والمستخدمين الخارجين عن الهيئة أو عمال اليومية.
2 - وإذا كان قانون المعادلات الدراسية قد أجرى إحصاءاً شاملاً للوظائف الدائمة وواجه التقديرات المالية اللازمة لها ونص على صرف الفروق المالية المستحقة عن التسويات الجديدة ابتداء من تاريخ نفاذه وأجرى بذلك تصفية نهائية للأوضاع القديمة بما لا رجعة فيه فإنه لا يتصور بعد ذلك أنه أدخل في حسابه مواجهة حالات جديدة لم يدخلها في اعتباره عند النص عليها في أحكامه وبالتالي فإنه لا يسري إلا في الحدود والمجال الذي استهدفه بالشروط والأوضاع التي قرره ومن أهمها أن يكون المستفيد من أحكامه موظفاً بالحكومة على وظيفة دائمة داخل الهيئة أو على اعتمادات مقسمة إلى درجات وذلك قبل أول يوليو سنة 1952 وحصل على مؤهله الدراسي قبل ذلك التاريخ أيضاً وموجوداً بالفعل في خدمة الحكومة وقت نفاذ القانون.
ولما كان المطعون ضده لم يكن معيناً على وظيفة دائمة داخل الهيئة أو على اعتماد مقسم إلى درجات وذلك قبل أول يوليو سنة 1952 بل كان معيناً على اعتماد غير مقسم إلى درجات حتى تاريخ صدور القانون رقم 15 لسنة 1959 باستثناء بعض موظفي وزارة الزراعة المعينين على الوظائف المؤقتة المدرجة بميزانية المشروعات الإنتاجية والامتحان والكشف الطبي الذي اعتبر أقدميته في الدرجة الثامنة الكتابية راجعة حكماً إلى 20 من مارس سنة 1947 تاريخ دخوله الخدمة. ومن ثم فقد تخلف في حقه أحد شروط تطبيق قانون المعادلات الدراسية رقم 371 لسنة 1953 الذي استوجب كما سبق إيضاحه أن يكون الموظف معيناً على وظيفة دائمة أو على اعتماد مقسم إلى درجات قبل أول يوليو سنة 1952.
وعلى ذلك فإن الحكم المطعون فيه وقد طبق على حالة المدعي قانون المعادلات الدراسية في غير مواطن تطبيقه وأعمله في غير مجال إعماله مما ترتب عليه إفادة المدعي من قانونين اثنين في وقت واحد مع تباين مجال تطبيق كل منهما يكون قد أخطأ في تفسير القانون وتأويله.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى وألزمت المدعي بالمصروفات.

الطعن 825 لسنة 7 ق جلسة 8 / 11 / 1964 إدارية عليا مكتب فني 10 ج 1 ق 2 ص 9

جلسة 8 من نوفمبر سنة 1964

برئاسة السيد الأستاذ الدكتور محمود سعد الدين الشريف نائب رئيس المجلس وعضوية السادة الأساتذة الدكتور أحمد موسى وعلي محسن مصطفى وعبد الفتاح نصار وحسنين رفعت حسنين.

---------------

(2)

القضية رقم 825 لسنة 7 القضائية

(أ) موظف - مدة خدمة سابقة 

- شرط اتحاد الدرجة السابقة مع الدرجة اللاحقة - وجوب توافره عند تطبيق أحكام مجلس الوزراء الصادر في 17 من ديسمبر سنة 1950 - لا يغير من ذلك عدم النص صراحة على هذا الشرط - أساس ذلك.
(ب) حكم - طعن 

- عدم استناد الحكم المطعون فيه على أساس سليم لا يمنع المحكمة الإدارية العليا من إنزال حكم القانون إذا وجد سند قانوني آخر يفيد منه المدعي - مثال.
(جـ) موظف - مدة خدمة سابقة 

- القانون رقم 4 لسنة 1964 في شأن تطبيق قراري مجلس الوزراء بتاريخي 20/ 8 و15/ 10/ 1950 ومذكرته الإيضاحية - كتاب المالية الدوري بتاريخ 25/ 10/ 1950 المنفذ للقرارين السابقين - حساب مدة الخدمة السابقة في أقدمية الدرجة بالنسبة لحملة المؤهلات الدراسية سواء كانت تلك المدد قضيت على اعتماد في درجة أو على غير درجة أو باليومية أو في درجة أقل من الدرجة المقررة للمؤهل - سريان القانون رقم 4 لسنة 1964 على من عينوا على الدرجات المقررة لمؤهلاتهم بعد نفاذ قانون موظفي الدولة رقم 210 لسنة 1951 وقبل نفاذ القرار الجمهوري رقم 159 لسنة 1958 - مثال.
(د) موظف - ضم مدة الخدمة السابقة 

- أثره - قرارا مجلس الوزراء بتاريخي 20/ 8 و15/ 10/ 1950 - لا يرتبان على ضم مدة الخدمة السابقة أية زيادة في الماهية - اقتصار الضم على مدة اليومية بعد سن الثامنة عشرة.

-----------------
1 - إنه ولئن كان قرار مجلس الوزراء الصادر في 17 من ديسمبر سنة 1952 لم ينص صراحة على شرط اتحاد الدرجة السابقة مع الدرجة الحالية، إلا أن ذلك مفهوم منه ضمناً إذ أنه يبين من استظهار جميع القواعد التنظيمية التي صدرت في شأن ضم مدد الخدمة السابقة أنها تشترط كأصل عام اتحاد طبيعة العمل والدرجة ومتى كان الأمر كذلك فإن الطعن يقوم على أساس سليم من القانون - ومن ثم فإن المطعون ضده وقد كان يتقاضى أجراً يومياً قدره 220 مليماً في الدرجة 160/ 360 مليماً قبل تعيينه في الدرجة التاسعة التي يبدأ مربوطها 72 جنيهاً سنوياً طبقاً للكادر الملحق بالقانون 210 لسنة 1951 النافذ وقت إعادة التعيين فإنه لا يكون ثمة تعادل بين الدرجتين وبالتالي فإن المطعون عليه لا يكون على حق في طلب ضم مدة خدمته السابقة بالاستناد إلى قرار 17 من ديسمبر سنة 1952.
2 - إنه ولئن كان ما انتهى إليه الحكم المطعون فيه من تطبيق قرار مجلس الوزراء سالف الذكر على حالة المطعون ضده لا يستند على أساس سليم، إلا أن هذا لا يمنع هذه المحكمة وهي في مجال بحثها للطعن، أن تنزل حكم القانون على وجهه السليم إن كان ثمة سند قانوني آخر يفيد منه المدعي.
3 - صدر قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 4 لسنة 1964 في شأن تطبيق قراري مجلس الوزراء في 20 من أغسطس و10 من أكتوبر سنة 1950 ناصاً في مادته الأولى "في تطبيق قراري مجلس الوزراء الصادرين في 20 من أغسطس، 15 من أكتوبر سنة 1950 المشار إليهما على الموظفين الذين دخلوا الخدمة قبل تاريخ العمل بالقانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة وعينوا على الدرجات المقررة لمؤهلاتهم بعد نفاذ هذا القانون وقبل العمل بالقرار الجمهوري رقم 159 لسنة 1958 لا يشترط أن يكون حصولهم على المؤهلات المشار إليها قبل تاريخ العمل بقانون نظام موظفي الدولة" وجاء في المذكرة الإيضاحية المرافقة لهذا القانون ما يلي: "بتاريخ 20 من أغسطس، 15 من أكتوبر 1950 صدر قراران من مجلس الوزراء بالموافقة على حساب مدة الخدمة السابقة كاملة في أقدمية الدرجة بالنسبة إلى حملة المؤهلات الدراسية سواء كانت تلك المدة قضيت على اعتماد في درجة أو على غير درجة أو باليومية أو في درجة أقل من الدرجة المقررة للمؤهل الدراسي متى عينوا على الدرجات المقررة لمؤهلاتهم على ألا يترتب على ذلك أية زيادة في الماهية وقد استقر الرأي في تطبيق هذين القرارين طبقاً لقضاء المحكمة العليا أو فتاوى الجمعية العمومية للقسم الاستشاري بمجلس الدولة على أحقية الموظفين الذين دخلوا الخدمة قبل أول يوليو سنة 1952 تاريخ العمل بالقانون 210 لسنة 1951، بشأن نظام موظفي الدولة في الإفادة من أحكام هذين القرارين متى عينوا على الدرجات المقررة لمؤهلاتهم بشرط أن يكون تعيينهم في هذه الدرجات قد تم قبل نفاذ القرار الجمهوري رقم 159 لسنة 1958 السالفة الذكر - وقد جرت الجهات الإدارية على إعمال هذا الاتجاه بالنسبة لموظفيها بلا تفرقة بين موظف حصل على مؤهله الذي أعيد تعيينه على مقتضاه، قبل نفاذ قانون موظفي الدولة أو بعد هذا التاريخ، واستمر الوضع على هذا النحو إلى أن رأت الجمعية العمومية للقسم الاستشاري سنة 1962 اشتراط حصول الموظف على المؤهل المشار إليه قبل أول يوليه سنة 1952 تاريخ العمل بالقانون سالف الذكر كشرط أخر لإفادة هؤلاء الموظفين من أحكام قراري مجلس الوزراء المشار إليهما، وإذا كان الواضح مما تقدم أنه لا خلاف في استمرار العمل بقراري مجلس الوزراء المشار إليهما بعد العمل بنظام موظفي الدولة في حق الموظفين الذين دخلوا الخدمة قبل أول يوليه سنة 1952 وأعيد تعيينهم بعد على الدرجات المقررة لمؤهلاتهم وذلك في الحدود المشار إليها آنفاً - وأن الخلاف قد انحصر في اشتراط الحصول على هذه المؤهلات قبل نفاذ هذا القانون كشرط لازم للإفادة من أحكام القرارين السالفي الذكر - لذلك رؤى استصدار قانون حسماً لكل خلاف في هذا الصدد، والرغبة في إسباغ الاستقرار على مراكز الموظفين.
4 - ويقضي البند الثاني من كتاب وزارة المالية الدوري رقم ف 234 - 1/ 230 بتاريخ 25 من أكتوبر 1950 والصادر تنفيذاً لقراري مجلس الوزراء الصادرين في 2 من أغسطس، 25 من أكتوبر 1950 بحساب مدة الخدمة السابقة كاملة في أقدمية الدرجة بالنسبة لحملة المؤهلات الدراسية سواء أكانت تلك المدد قضيت على اعتماد في درجة أو على غير درجة أو باليومية أو في درجة أقل من الدرجة المقررة للمؤهل، وإذ جاءت أحكام قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 4 لسنة 1964 في ضوء مذكرته الإيضاحية حسبما سبق الإيضاح صريحة في سريان أحكامه على من عينوا على الدرجات المقررة لمؤهلاتهم بعد نفاذ قانون موظفي الدولة بشرط أن يكون تعيينهم على هذه الدرجات قبل نفاذ القرار الجمهوري رقم 159 لسنة 1958 - وعلى هذا الأساس فإن المدعي يحق له الإفادة من أحكام قراري مجلس الوزراء سالفي الذكر بعد أن توافرت في حقه شرائط تطبيق قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 4 لسنة 1964.
5 - إنه وإن كان حكم المحكمة الإدارية المطعون فيه قد انتهى إلى ضم خدمة المدعي السابقة (المطعون عليه) باليومية إلى أقدميته في الدرجة التاسعة، فإنه من ثم وفقاً لما سلف البيان يتعين السند القانوني الواجب تطبيقه بأن يكون هذا الضم وفقاً لقراري مجلس الوزراء في 20 من أغسطس، 25 من أكتوبر سنة 1950 اعتباراً بأنه هذين القرارين لا يرتبان على ضم مدة الخدمة السابقة أية زيادة في الماهية، وغني عن البيان أن ضم المدة السابقة بالتطبيق لقراري مجلس الوزراء الصادرين في 20 من أغسطس، 15 من أكتوبر سنة 1950 ينبني أن يقتصر على المدة التي قضاها المدعي باليومية بعد بلوغه سن الثامنة عشرة في 14 من مايو سنة 1946.


إجراءات الطعن

بتاريخ 13 من فبراير سنة 1961 أودعت إدارة قضايا الحكومة نيابة عن وزير التربية والتعليم أوراق الطعن في الحكم الصادر من المحكمة الإدارية لوزارات التربية والتعليم والشئون الاجتماعية والإرشاد القومي في القضية 616 لسنة 7 ق المقامة من السيد/ عبد السميع عبد العزيز أحمد ضد جامعة القاهرة ووزارة التربية والتعليم والقاضي بأحقية المدعي في ضم مدة خدمته السابقة باليومية إلى أقدميته في الدرجة التاسعة طبقاً لقرار مجلس الوزراء الصادر في 17 من ديسمبر سنة 1952 وما يترتب على ذلك من آثار وألزمت المدعي المصروفات وطلبت الطاعنة للأسباب الواردة في عريضة الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والحكم برفض الدعوى مع إلزام المطعون ضده المصروفات وأتعاب المحاماة. وقد نظر هذا الطعن أمام دائرة فحص الطعون بجلسة 23 من نوفمبر سنة 1963 وأحالته إلى المحكمة الإدارية العليا حيث تحدد لنظره جلسة 4 من أكتوبر سنة 1964 وفيها سمعت الدعوى على الوجه المبين بالمحاضر وحجزت لإصدار الحكم بجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة.
حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تجمل حسبما يبين من أوراقها في أن المدعي (المطعون ضده) أقام دعواه أمام المحكمة الإدارية بعريضة أودعت سكرتاريتها في 7 من يوليو سنة 1960 طالباً الحكم بأحقيته في ضم مدة خدمته باليومية إلى أقدميته في الدرجة التاسعة طبقاً للقانون وما يترتب على ذلك من آثار مع إلزام الجامعة المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة، وقال شرحاً لدعواه إنه بعد أن حصل على شهادة إتمام الدراسة الابتدائية في سنة 1944 عين عاملاً كتابياً في 9 من ديسمبر سنة 1945 بإدارة حسابات جامعة القاهرة، وفي 28 من يونيه سنة 1954 وافقت لجنة شون الموظفين على نقله إلى الدرجة التاسعة في ذات عمله اعتباراً من 6 من نوفمبر سنة 1955 بمرتب 6 جنيه شهرياً - وأضاف المدعي أنه تقدم في 24 من مايو سنة 1956 بطلب لضم مدة خدمته باليومية إلى أقدميته في الدرجة التاسعة تطبيقاً لقرار مجلس الوزراء الصادر في 27 من ديسمبر 1952 وبناء على ذلك أصدرت الجامعة قرارها رقم 2507 في 26 من يونيو سنة 1956 بإرجاع أقدميته في الدرجة التاسعة إلى 14 من مايو سنة 1946 تاريخ بلوغه سن الثامنة عشر، إلا أن بعد صيرورة هذا القرار نهائياً وحصيناً من السحب والإلغاء أصدر مدير الجامعة قراراً في 2 سبتمبر سنة 1956 بمناسبة حالة السيد محمود العرقسوسي - بإيقاف القرارات التي صدرت بضم مدة خدمة حملة الشهادات الذين حصلوا على مؤهلاتهم بعد التعيين وعينوا بعد أول يوليو سنة 1952 وبعد أدائهم الامتحان، وأوضح المدعي أن حالته تختلف عن حالة هؤلاء ومن ثم فإن إعادة أقدميته في الدرجة التاسعة إلى 6 من نوفمبر سنة 1955 يعتبر عملاً مخالفاً للقانون وأن قرارات ضم مدد الخدمة السابقة تنطبق على حالته من حيث مدة الخدمة السابقة واتحاد العمل السابق مع العمل الجديد كما أن درجته السابقة وهي 160/ 360 مليم لا تقل عن الدرجة التاسعة التي كانت من 3/ 6 جنيهاً وقت تعيينه ذلك أنه عين بكادر العمال تطبيقاً لقواعد الإنصاف الصادرة سنة 1944 والتي تقضي بتعيين حملة الشهادة الابتدائية بماهية 5 جنيه وتسوية حالة عمال اليومية منهم على أساس أجر يومي قدره 200 مليم وبحد أقصى خمسة جنيهات - فردت جامعة القاهرة على الدعوى بأنه طبقاً لفتوى إدارة الرأي والتشريع ملف 1/ 3/ 32 يكون المدعي غير محق في طلباته لأن مرتبه السابق لم يبلغ أول مربوط الدرجة التاسعة التي عين عليها، وأنه قد جاء بالفتوى المشار إليها أنه إذا كان الأجر الذي يتقاضاه الموظف في مدة خدمته السابقة المطلوب ضمها لا يصل إلى أول مربوط الدرجة المعين عليها وفق جدول المرتبات المرافق للقانون 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة امتنع حساب مدد الخدمة السابقة وطلب رفض دعواه تأسيساً على ما تقدم - فصدر حكم المحكمة الإدارية ويقضي هذا الحكم بأحقية المدعي في ضم خدمته السابقة باليومية إلى أقدميته في الدرجة التاسعة طبقاً لقرار مجلس الوزراء الصادر في 17 من ديسمبر سنة 1952 وما يترتب على ذلك من آثار وألزمت المدعى عليها بالمصروفات - وأقام قضائه على أن المدعي توافرت في حالته شروط الإفادة من قرار مجلس الوزراء سالف الذكر إذ أن المدة المطلوب ضمها كانت مدة خدمة حكومية وكان المدعي المطعون ضده يحمل المؤهل العلمي الذي تتطلبه المادة 11 فقرة 2 من القانون 210 لسنة 1951 للتعيين في وظيفة من الدرجة التاسعة كما أن عمله السابق هو ذات عمله الحالي، ولا حجاج فيما تتحدى به الجامعة من أن المدة المطلوب ضمها لم تقض على درجة معادلة للدرجة التاسعة التي عين عليها ذلك لأن أحكام قرار مجلس الوزراء المشار إليه جاءت عامة ومطلقة فيما يتعلق بمدد الخدمة السابقة بالمصالح الحكومية ولم تفرق بين الخدمة باليومية وغيرها - كما أن الدرجة التي كان المدعي معيناً عليها بوصفه عامل كتابي تدخل في الفئة 160/ 360 أي تزيد على المرتب المقرر للدرجة التاسعة بكادر سنة 1939 وتعادل من ناحية نهاية المربوط المرتب المقرر لتلك الدرجة في الجدول الملحق بالقانون رقم 210 لسنة 1951.
ومن حيث إن الجهة الإدارية بنت طعنها على أن وما ذهب إليه الحكم المذكور يقوم على حجة داحضة ذلك أن المستفاد من مطالعة قرار مجلس الوزراء الصادر في 17 من ديسمبر سنة 1952 وتفسيره في ضوء المادتين 23, 24 من القانون رقم 210 لسنة 1951 أنه يشترط للإفادة منه تعادل الدرجة المعين عليها الموظف مع الدرجة التي كان معيناً فيها من قبل، وأن الدرجة التي كان معيناً عليها المطعون عليه وهي الدرجة 160/ 360 مليم لا تتعادل مع الدرجة التاسعة في القانون رقم 210 لسنة 1951 والمقرر لها 6 - 9 جنيه في الشهر إذ هي تقل عنها في بداية المربوط وإن كانت تتحدد معها في نهاية المربوط ولا يسوغ للمحكمة أن تتحدى بكادر سنة 1939 وأن هذه الدرجة تزيد في بداية مربوطها عن الدرجة التاسعة في هذا الكادر إذ أن العبرة بأحكام القانون 210 لسنة 1951 الذي ستضم للمدة وفقاً لأحكامه، وأضافت الطاعنة أنه لا يسوغ للطاعن أيضاً إفادة من القرار الجمهوري 59 لسنة 1958 لذات الأسباب سالفة الذكر فضلاً عن أن المستفاد من المادتين 23، 24 من قانون موظفي الدولة التي حددت قواعد ضم مدد الخدمة السابقة أن هذا الضم جوازي والمرجع فيه إلى لجنة شئون الموظفين، ولا يصح للقضاء فرض رقابته عليها ما دام قد خلا قرارها من إساءة استعمال السلطة..
ومن حيث إن هيئة مفوضي الدولة أمام المحكمة العليا قدمت تقريرها بصدد هذا الطعن، وثبت رأيها على أنه وإن كان الحكم قد أصاب فيما ذهب إليه من أن الذي يحكم طلبات المدعي (المطعون ضده) هو قرار مجلس الوزراء الصادر في 17 من ديسمبر سنة 1952 إلا أنه جانبه التوفيق فيما انتهى إليه من أن أحكام القرار المذكور جاءت عامة ومطلقة فيما يتعلق بمدد الخدمة السابقة بالمصالح الحكومية ولم تفرق بين الخدمة باليومية وغيرها ذلك أنه ولئن كان قرار مجلس الوزراء سالف الذكر لم ينص فيه صراحة على شرط اتحاد الدرجة السابقة مع الدرجة الحالية إلا أن ذلك مفهوم ضمناً إذ يبين من استظهار جميع القواعد التنظيمية التي صدرت في شأن ضم مدد الخدمة السابقة أنها تشترط كأصل عام اتحاد طبيعة العمل والدرجة.
ومن حيث إنه بمطالعة ملف خدمة المدعي (المطعون ضده) يبين أن المدعي حصل على شهادة إتمام الدراسة الابتدائية عام 1944 وألحق بالخدمة اعتباراً من 9 من ديسمبر سنة 1945 بأجر يومي قدره 100 مليم رفع اعتباراً من 11 من سبتمبر سنة 1946 إلى 200 مليم، وكان قد بلغ سن الثامنة عشر في 14 من مايو سنة 1946، ثم سويت حالته واعتبر في الدرجة 160/ 360 بأجر يومي 160 مليماً ابتداء من 11 من سبتمبر سنة 1946 ورفع أجره إلى 180 مليماً اعتباراً من أول مايو سنة 1950، وإلى 200 مليم من أول مايو سنة 1952، وإلى 215 مليماً من أول مايو سنة 1954 وإلى 220 مليماً من أول يوليو سنة 1955 ثم عين في الدرجة التاسعة اعتباراً من 6 من نوفمبر سنة 1955 بمرتب شهري قدره ستة جنيهات.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة قد استقر على أنه 1 - ولئن كان قرار مجلس الوزراء الصادر في 17 من ديسمبر سنة 1952 لم ينص صراحة على شرط اتحاد الدرجة السابقة مع الدرجة الحالية، إلا أن ذلك مفهوم منه ضمناً إذ أنه يبين من استظهار جميع القواعد التنظيمية التي صدرت في شأن ضم مدد الخدمة السابقة أنها تشترط كأصل عام اتحاد طبيعة العمل والدرجة ومتى كان الأمر كذلك فإن الطعن يقوم على أساس سليم من القانون ومن ثم فإن المطعون ضده وقد كان يتقاضى أجراً يومياً قدره 220 مليماً في الدرجة 160/ 360 مليماً قبل تعيينه في الدرجة التاسعة التي يبدأ مربوطها 72 جنيهاً سنوياً طبقاً للكادر الملحق بالقانون 210 لسنة 1951 النافذ وقت إعادة التعيين فإنه لا يكون ثمة تعادل بين الدرجتين وبالتالي فإن المطعون عليه لا يكون على حق في طلب ضم مدة خدمته السابقة بالاستناد إلى قرار 17 من ديسمبر سنة 1952.
2 - إنه ولئن كان ما انتهى إليه الحكم المطعون فيه من تطبيق قرار مجلس الوزراء سالف الذكر على حالة المطعون ضده لا يستند على أساس سليم، إلا أن هذا لا يمنع هذه المحكمة وهي في مجال بحثها للطعن، أن تنزل حكم القانون على وجهه السليم إن كان ثمة سند قانوني آخر يفيد منه المدعي (المطعون عليه).
3 - صدر قرار رئيس الجهورية بالقانون رقم 4 لسنة 1964 في شأن تطبيق قراري مجلس الوزراء في 20 من أغسطس و15 من أكتوبر سنة 1950 ناصاً في مادته الأولى "في تطبيق قراري مجلس الوزراء الصادرين في 20 من أغسطس، 15 من أكتوبر سنة 1950 المشار إليهما على الموظفين الذين دخلوا الخدمة قبل تاريخ العمل بالقانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة وعينوا على الدرجات المقررة لمؤهلاتهم بعد نفاذ هذا القانون وقبل العمل بالقرار الجمهوري رقم 159 لسنة 1958 لا يشترط أن يكون حصولهم على المؤهلات المشار إليها قبل تاريخ العمل بقانون نظام موظفي الدولة وجاء في المذكرة الإيضاحية المرافقة لهذا القانون ما يلي: "بتاريخ 20 من أغسطس، 15 من أكتوبر سنة 1950 صدر قراران من مجلس الوزراء بالموافقة على حساب مدة الخدمة السابقة كاملة في أقدمية الدرجة بالنسبة إلى حملة المؤهلات الدراسية سواء أكانت تلك المدة قضيت على اعتماد في درجة أو على غير درجة أو باليومية أو في درجة أقل من الدرجة المقررة للمؤهل الدراسي متى عينوا على الدرجات المقررة لمؤهلاتهم على ألا يترتب على ذلك أية زيادة في الماهية وقد استقر الرأي في تطبيق هذين القرارين طبقاً لقضاء المحكمة العليا أو فتاوى الجمعية العمومية للقسم الاستشاري بمجلس الدولة على أحقية الموظفين الذين دخلوا الخدمة قبل أول يوليو سنة 1952 تاريخ العمل بالقانون 210 لسنة 1951. بشأن نظام موظفي الدولة في الإفادة من أحكام هذين القرارين متى عينوا على الدرجات المقررة لمؤهلاتهم بشرط أن يكون تعيينهم في هذه الدرجات قد تم قبل نفاذ القرار الجمهوري رقم 159 لسنة 1958 السالفة الذكر - وقد جرت الجهات الإدارية على إعمال هذا الاتجاه بالنسبة لموظفيها بلا تفرقة بين موظف حصل على مؤهله الذي أعيد تعيينه على مقتضاه، قبل نفاذ قانون موظفي الدولة أو بعد هذا التاريخ، واستمر الوضع على هذا النحو إلى أن رأت الجمعية العمومية للقسم الاستشاري سنة 1962 اشتراط حصول الموظف على المؤهل المشار إليه قبل أول يوليو سنة 1952 تاريخ العمل بالقانون سالف الذكر كشرط آخر لإفادة هؤلاء الموظفين من أحكام قراري مجلس الوزراء المشار إليهما، وإذ كان الواضح مما تقدم أنه لا خلاف في استمرار العمل بقراري مجلس الوزراء المشار إليهما بعد العمل بنظام موظفي الدولة في حق الموظفين الذين دخلوا الخدمة قبل أول يوليو سنة 1952 وأعيد تعيينهم بعد على الدرجات المقررة لمؤهلاتهم وذلك في الحدود المشار إليها آنفاً - وأن الخلاف قد انحصر في اشتراط الحصول على هذه المؤهلات قبل نفاذ هذا القانون كشرط لازم للإفادة من أحكام القرارين السالفي الذكر - لذلك رؤى استصدار قانون حسماً لكل خلاف في هذا الصدد، والرغبة في إسباغ الاستقرار على مراكز الموظفين.....
ويقضي البند الثاني من كتاب وزارة المالية الدوري برقم ف 234 - 1/ 230 بتاريخ 25 من أكتوبر سنة 1950 والصادر تنفيذاً لقراري مجلس الوزراء الصادرين في 2 من أغسطس، 25 من أكتوبر سنة 1950 بحساب مدة الخدمة السابقة كاملة في أقدمية الدرجة بالنسبة لحملة المؤهلات الدراسية سواء أكانت تلك المدد قضيت على اعتماد في درجة أو على غير درجة أو باليومية أو في درجة أقل من الدرجة المقررة للمؤهل، وإذ جاءت أحكام قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 4 لسنة 1964 في ضوء مذكرته الإيضاحية حسبما سبق الإيضاح صريحة في سريان أحكامه على من عينوا على الدرجات المقررة لمؤهلاتهم بعد نفاذ قانون موظفي الدولة بشرط أن يكون تعيينهم على هذه الدرجات قبل نفاذ القرار الجمهوري رقم 159 لسنة 1958 - وعلى هذا الأساس فإن المدعي يحق له الإفادة من أحكام قراري مجلس الوزراء سالفي الذكر بعد أن توافرت في حقه شرائط تطبيق قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 4 لسنة 1964.
4 - لا حجة فيما ضمنته الجامعة الطاعنة مذكرتها المؤرخة 15 من أكتوبر سنة 1964 من أنه ولئن كان المشرع بالقانون رقم 4 لسنة 1964 قد مد النطاق الزمني لتطبيق قراري مجلس الوزراء بتاريخ 20 من أغسطس، 15 من أكتوبر سنة 1950 فجعلهما يعملان جنباً إلى جنب مع قرار مجلس الوزراء الصادر في 17 من ديسمبر سنة 1952 إلا أن المدعي ولم يعين على الدرجة المقررة لمؤهله إلا اعتباراً من 16 من نوفمبر سنة 1955 أي في ظل أحكام قانون موظفي الدولة فإن الأحكام التي أوردها هذا القانون هي التي تطبق في حقه وهي لا تفيده لتخلف شرط اتحاد الدرجة - لا حجة في ذلك إذ أن مقتضى العمل بالقرارين المذكورين يتطلب قانوناً إعمال شروطها والأحكام الواردة بهما وليس من بين تلك الأحكام أو الشروط حسبما يبين من أحكامها شرط اتحاد الدرجة.
5 - إنه وإن كان حكم المحكمة الإدارية المطعون فيه قد انتهى إلى ضم خدمة المدعي السابقة (المطعون عليه) باليومية إلى أقدميته في الدرجة التاسعة، فإنه من ثم وفقاً لما سلف البيان يتعين تعديل السند القانوني الواجب تطبيقه بأن يكون هذا الضم وفقاً لقراري مجلس الوزراء في 20 من أغسطس، 25 من أكتوبر سنة 1950 اعتباراً بأنه هذين القرارين لا يرتبان على ضم مدة الخدمة السابقة أية زيادة في الماهية، وغني عن البيان أن ضم المدة السابقة بالتطبيق لقراري مجلس الوزراء الصادرين في 20 من أغسطس، 15 من أكتوبر سنة 1950 ينبغي أن يقتصر على المدة التي قضاها المدعي باليومية بعد بلوغه سن الثامنة عشرة في 14 من مايو سنة 1946.
ومن حيث إن الجهة الإدارية وقد خسرت الدعوى، يتعين إلزامها بالمصروفات..

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بتعديل الحكم المطعون فيه وباستحقاق المدعي لحساب مدة خدمته من 14 من مايو سنة 1946 حتى 5 من نوفمبر سنة 1955 في أقدمية الدرجة التاسعة دون زيادة في المرتب بالتطبيق للقانون رقم 4 لسنة 1964, وألزمت الحكومة بالمصروفات.

الطعن 2127 لسنة 6 ق جلسة 7 / 11 / 1964 إدارية عليا مكتب فني 10 ج 1 ق 1 ص 1

جلسة 7 من نوفمبر سنة 1964

برياسة السيد/ الأستاذ عبد العزيز الببلاوي رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة حسن السيد أيوب والدكتور ضياء الدين صالح وعادل عزيز زخاري وعبد الستار آدم المستشارين.

---------------

(1)

القضية رقم 2127 لسنة 6 القضائية

(أ) موظف - تقرير سري 

- موظفو المصانع الحربية - سلطة التعقيب على تقديرات الرؤساء - هي للشخص الذي له صفة المدير بالنسبة للوحدة التي يعمل بها الموظف - أساس ذلك مستمد من المادة 10 من قرار وزير الحربية رقم 159 لسنة 1953 التي نصت على عرض تقرير الرئيس عن الموظف، على مديره المختص لإبداء ملاحظاته.
(ب) موظف - تقرير سري 

- تقدير نشاط الموظف وكفايته للعمل - هو عمل الجهة الإدارية، ولا رقابة للسلطة القضائية على هذا التقدير، إلا إذا قام الدليل على الانحراف وإساءة استعمال السلطة - إثبات الانحراف وإساءة استعمال السلطة - تحديد نطاقه بالفترة التي وضع عنها التقرير.

---------------
1 - إن موظفي المصانع الحربية لهم وضع خاص بحسب طبيعة العمل الذي يمارسونه وتعدد الشعب في المصنع الواحد وما يتطلبه العمل في المصانع من قدرات قد تختلف عن القدرات اللازمة للوظائف الأخرى وهذا يستلزم رقابة فعلية ونواح متعددة من الكفاءة ولا يمكن الحكم على كفاءة الموظفين حكماً صحيحاً إلا من الرؤساء الذين لهم بحكم عملهم اتصال وثيق بهؤلاء الموظفين - وبالرجوع إلى النموذج الذي على أساسه توضع تقديرات الكفاءة المختلفة يبين أنه يختلف اختلافاً كلياً عن النموذج الخاص بالموظفين الذين يخضعون للقانون رقم 210 لسنة 1951 وأن القصد من تعقيب المدير على تقدير الرئيس المباشر هو مراقبة الشطط سواء كان لصالح الموظف أو ضده، وعلى ضوء الوضع الخاص بالموظفين الذين يعملون في المصانع الحربية فإن تعقيب نائب المدير - السلطة الأعلى من الرئيس المباشر في التدرج الإداري والمشرف على الإدارة التي يعمل بها المدعي - يكون قد تحقق به الهدف من التعقيب، ونائب المدير يعتبر في هذه الحالة "مديره" وهي العبارة التي وردت في المادة (10) من القرار سالف الذكر ونصها "تقدم التقارير خلال شهر يناير من كل عام من الموظف من رئيسه ثم تعرض على مديره المختص.. وليست العبرة بالألفاظ وإنما العبرة بالمقاصد والمعاني - وما دام القصد هو أن يكون التعقيب للشخص الذي له صفة المدير بالنسبة للوحدة التي يعمل بها الموظف فإن توقيع نائب المدير على التقرير وتعقيبه على تقديرات الرئيس المباشر إنما هو إجراء صحيح ينطوي على قصد الشارع من التعقيب، هذا إلى أنه لم يذكر سواء في القرار أو في النموذج أن يكون التعقيب لمدير عام المصنع فإذا ما اقتضى نظام العمل والإشراف عليه بالدقة اللازمة توزيع العمل بين المدير ونائب المدير وكان من اختصاص الأخير الإشراف على إدارة العقود التي يعمل فيها المدعي فإنه يكون من سلطة هذا الأخير التعقيب على التقدير وليس في ذلك أي خروج على القانون نصاً وروحاً ومن ثم فإن النعي بالبطلان على التقرير السري بمقولة إن الذي عقب على تقديرات الرئيس المباشر هو نائب المدير لا المدير، هذا الوجه غير قائم على سند صحيح.
2 - إن تقدير جهة الإدارة لنشاط الموظف وكفايته للعمل هو من صميم عملها ولا رقابة للسلطة القضائية على هذا التقدير إلا إذا قام الدليل على الانحراف وإساءة استعمال السلطة ولا يكفي في هذا المقام الاستشهاد بماضيه إذ أن أوجه النشاط قد تتغير من وقت لآخر، وإذن فإثبات الانحراف أو إساءة استعمال السلطة إنما يكون نطاقه الفترة التي نزلت فيها الإدارة بتقديره إلى درجة ضعيف، وإذا كان كل ما أورده المدعي وأراد أن يبني عليه إساءة استعمال السلطة لا يمكن أن يؤدي إلى أن الإدارة قد قصدت الإضرار به أو أنها تعمدت الانحراف بسلطتها تحت تأثير أمور خاصة لا علاقة لها بالعمل وعلى ذلك يكون المدعي قد عجز عن إثبات دعواه من هذه الناحية.


إجراءات الطعن

في 28/ 7/ 1960 أودع السيد رئيس إدارة قضايا الحكومة بصفته المشار إليها سكرتيرية هذه المحكمة عريضة طعن في الحكم الصادر من المحكمة الإدارية لوزارة الحربية بجلسة 30/ 5/ 1960 في الدعوى رقم 26 لسنة 5 القضائية المرفوعة من السيد/ نمر حسب الله نخله ضد وزارة الحربية والقاضي "بإلغاء التقرير السري المقدم عن المدعي عن عام 1956 وما يترتب على ذلك من آثار وعلى الأخص منحه العلاوة المستحقة له في أول مايو سنة 1957 مع صرف متجمدها إليه وإلزام الحكومة المصروفات ومبلغ مائتي قرش مقابل أتعاب المحاماة". وطلب السيد الطاعن للأسباب التي أوردها صحيفة الطعن "قبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه ورفض دعوى المطعون ضده وإلزامه المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن الدرجتين وبعد إعلان هذا الطعن لذوي الشأن نظر أمام دائرة فحص الطعون فقررت.. إحالته إلى المحكمة الإدارية العليا التي سمعت ما رأت سماعه من إيضاحات وأرجئ النطق بالحكم لجلسة اليوم".


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة حسبما يبين من الأوراق - تتحصل في أنه بصحيفة أودعت سكرتيرية المحكمة الإدارية لوزارة الحربية في 7/ 11/ 1957 أقام المدعي الدعوى رقم 26 لسنة 5 القضائية ضد وزارة الحربية طلب فيها إلغاء التقرير السري المحرر عنه عن سنة 1956 فيما تضمنه من تقدير درجة ضعيف له وإلغاء القرار الصادر من المصانع الحربية برقم 97 لسنة 1957 والمبلغ به المدعي في 17/ 7/ 1957 فيما تضمنه من حرمان الطالب من العلاوة الدورية المستحقة له في 1/ 5/ 1957 وباستحقاقه لتلك العلاوة..... وقال في بيان دعواه إنه دخل في الخدمة في عام 1941 موظفاً بوزارة الصحة ثم نقل للعمل في المصانع الحربية ومما يقطع ببطلان التقرير المطعون فيه أنه في نفس السنة التي وضع فيها كتب المصنع التابع هو له أنه قائم بعمله على أتم وجه وترتب على هذه الشهادة ترقيته للدرجة السادسة الكتابية في 28/ 8/ 1956 بالقرار الوزاري رقم 1099 سنة 1956 كما وأنه قد حصل في التقرير السري عن سنة 1955 على 89% وعلى 84% في تقرير سنة 1954 وقبل ذلك كانت تقاريره لا تقل عن درجة جيد، هذا إلى أن العبرة بتقرير الرئيس المباشر خصوصاً وأن النظام المعمول به في المصانع الحربية يحول دون اتصال الموظف بالمدير مباشرة بل الاتصال يكون بين الموظف ورئيسه المباشر ثم بين الرئيس المباشر والمدير، ويخلص مما تقدم أن التقرير المطعون فيه قد جانب الحق وقواعد العدالة ومشوباً بإساءة استعمال السلطة.... ثم أضاف المدعي في مذكرة له أن الذي وقع التقرير هو نائب المدير وليس المدير مما يترتب عليه قانوناً بطلان هذا التقرير وذلك بالاستناد إلى المادة "10" من القرار الوزاري رقم 159 لسنة 1953 وتنص على أن "تقدم هذه التقارير خلال شهر يناير من كل عام عن الموظف من رئيسه المباشر ثم تعرض على مديره المختص لإبداء ملاحظاته ثم تعرض بعد ذلك على لجنة شئون الموظفين لتسجيل التقدير إذا لم تؤثر الملاحظات في الدرجة العامة لتقدير الكفاءة التي يستحقها الموظف ويكون تقديرها نهائياً" هذا من ناحية ومن ناحية أخرى فالمدعي كان منتدباً للعمل في قسم العقود بالمصانع ثم تقرر نقله للعمل بالمصنع الحربي رقم 27 اعتباراً من 28/ 6/ 1956 وكان ذلك النقل بتزكية من رئيسه المباشر ومن مدير المصنع ومما تجب ملاحظته كدليل على إساءة استعمال السلطة تخفيض درجات المواظبة إلى خمسة ثم إلى ثلاثة في حين أن المدعي لم يتغيب عن عمله دون إذن طوال عام 1956 كما وأن المدعي يقوم حالياً بأعمال رئيسية فلا ينبغي معه القول بأنه ضعيف في عمله وأن ما نسب إليه بخصوص فاتورة معينة إن هو إلا مجرد إدعاء ينفيه الواقع الملموس وأن حرصه الشديد على المصلحة العامة كان الدافع له على التنبيه إلى الخطأ الذي تسير عليه إدارة العقود في صرف الفواتير الأمر الذي دعا مدير إدارة العقود إلى التطاول عليه بألفاظ نابية وإلى تقديم شكوى من المدعى ضده في 9/ 9/ 1956.
أجابت المصانع الحربية على الدعوى بأنه لا يجوز إلغاء القرار الإداري رقم 97 لسنة 1957 الصادر في 1/ 7/ 1957 المتضمن حرمان المدعي من العلاوة الدورية المستحقة له في 1/ 5/ 1957 لحصوله في التقرير السري المقدم عنه عن عام 1956 على درجة ضعيف وهذا التقرير قد وضع بمعرفة السيد رئيسه المباشر الذي قدر له 61 درجة وبعرض التقرير على السيد مدير عام المصنع قدر له 38 درجة ولما عرض التقرير المذكور على لجنة شئون الموظفين في 25/ 6/ 1957 قررت اعتماد التقرير بدرجة 38 أي بدرجة ضعيف وقرار اللجنة المذكورة في هذا الشأن هو قرار نهائي لا يجوز الطعن فيه وذلك وفقاً لأحكام المادة "31" من القانون رقم 210 لسنة 1951 المعدل بالقانون رقم 73 لسنة 1957 الصادر في 30/ 3/ 1957 وقد استحدث هذا التعديل حكماً جديداً يستوجب إعلان الموظف الذي تقدره لجنة شئون الموظفين بدرجة ضعيف بصورة من التقرير ليكون على بينة من أمر نفسه نظراً لما يترتب على هذا التقدير من آثار كحرمانه من أول علاوة دورية ثم تخطيه في الترقية في السنة التي قدم فيها التقرير وقد تم بالفعل إعلان المدعي بصورة من هذا التقرير - وأن ما جاء بعريضة الدعوى من أن ترقيته إلى الدرجة السادسة الكتابية في 28/ 8/ 1956 كانت على أساس التقرير المقدم عنه في عام 1956 فمردود بأن ترقيته كانت على أساس تقرير عام 1955 إذ أن التقارير السنوية تقدم عادة في فبراير من كل عام، كذلك ما جاء بعريضة الدعوى من أن المدعي كان قائماً بعمله على أتم وجه وأن التقرير المطعون فيه قصد به إضرار المتظلم والتشفي منه لتمسكه بتنفيذ التعليمات فهو مجرد قول لا يقوم على أي أساس.... ويبدي المصنع أن إدارة العقود والمشتريات التي كان يتبعها المدعي تتدرج مباشرة تحت رئاسة السيد نائب المدير العام وبالتالي فإن سيادته له الإشراف التام على أعمال تلك الإدارة ومن ثم فهو أدرى بأعمال كل موظف فيها وأعمال المدعي كانت تعرض مباشرة عليه..." وفيما يتعلق بالقرار الإداري الذي بموجبه صدر النموذج السري الخاص بموظفي المصانع الحربية فإن هذا النموذج قد اعتمد اعتباراً من سنة 1956 ووزعت الدرجات على النموذج حسب العناصر الموجودة فيه وهي عنصر العمل والإنتاج والمواظبة والصفات الشخصية والقدرات وقدرة المبادأة والابتكار والنشاط الرياضي والثقافي والقدرة على القيادة..... أما عن الشكوى المقدمة من المدعي في 8/ 9/ 1956 فكانت بعد أن لفت نظره رئيسه السيد/ عبد الهادي عبد الفتاح رئيس المشتريات بخصوص الخطأ الذي وقع منه كما أن هناك شكوى ضد المدعي من السيد مدير إدارة العقود والمشتريات ثم انتهى الأمر باعتذار المدعي وتنازل السيد المدير عن شكواه وكون نائب المدير العام للمصنع هو الذي وقع على التقرير المطعون فيه فإن ذلك كان بتفويض من السيد المدير العام للمصنع... وبتاريخ 30/ 5/ 1960 قضت المحكمة الإدارية المذكورة بإلغاء التقرير السري المقدم عن المدعي عن عام 1956 وما يترتب على ذلك من آثار وعلى الأخص العلاوة المستحقة له في أول مايو سنة 1957 مع صرف متجمدها إليه وإلزام الحكومة المصروفات ومبلغ مائتي قرش مقابل أتعاب المحاماة "بانية قضاءها هذا على أنه رغم قيام مدير المصنع بالعمل وقتذاك فإنه لم يوقع على التقرير وإنما وقع عليه نائب المدير العام للمصنع الأمر المخالف للقانون مما يعيب التقرير المطعون فيه ويؤدي إلى بطلانه لفقدانه إجراء جوهرياً هو وجوب توقيع المدير المحلي بشخصه، ولا يجدي جهة الإدارة احتجاجها بأن المدير فوض نائبه في التوقيع على التقرير ذلك أنه لا يملك التنازل إلى غيره عن كل أو بعض اختصاصاته إلا إذا خوله القانون هذا الحق الأمر الغير متوافر في الحالة المعروضة...
وأن ما يطلبه المدعي من إلغاء القرار الصادر بحرمانه من العلاوة المستحقة له في 1/ 5/ 1957 إن هو إلا أثر من آثار التقرير المطعون فيه تنفيذاً للمادة "31" من القانون 210 لسنة 1951 وتنص على "أنه يترتب على تقديم تقرير بدرجة ضعيف حرمان الموظف من أول علاوة دورية" وطالما أن هذا التقرير قد رأت المحكمة إلغاءه فإن القرار المبني عليه يكون هذا الآخر باطلاً.
ومن حيث إن الطعن في الحكم المتقدم ذكره يقوم على أن طبيعة العمل بالهيئة العامة للمصانع الحربية تختلف عنها في الوزارات والمصالح الأخرى، لذلك أعد نموذج تقرير سري خاص بموظفيها وقد قصرت مراحل وضع هذا التقرير على الرئيس المباشر ثم المدير دون رئيس المصلحة ولم يقصد بالمدير في هذه الحالة أن يكون مدير المصنع بشخصه لأن سلطات مديري المصانع الحربية واختصاصاتهم هي السلطات والاختصاصات المخولة لرؤساء المصالح وذلك بالتطبيق لقرار إدارة المصانع الحربية رقم 160 لسنة 1953 بجلسة 23/ 12/ 1953 لهذا فإن المدير المحلي المقصود بالمادة (31) من القانون 210 لسنة 1951 ليس لقب المدير اللفظي بل قد يكون مدير الإدارة التابع لها الموظف أو المراقب أو نائب مدير المصنع حسب طبيعة أعمالهم من كونهم أقرب الأشخاص صلة بأعمال الوظيفة وبالتالي فهم أقدر على تقدير درجة الكفاية بما يتفق وما قصده المشرع روحاً في نص المادة (31) سالف الذكر ومن ثم فلا بطلان يلحق التقرير المطعون فيه من الناحية الشكلية... وأما من الناحية الموضوعية فإنه توجد عناصر للتقدير لا تثبت في الأوراق ومع ذلك تدخل في حساب التقدير ومتى كان الأمر كذلك فإن الذي يعيب التقرير هو الانحراف الذي لم يقم المدعى عليه أي دليل... وتقدير الكفاية مسألة تقديرية تنفرد بها جهة الإدارة فلا رقابة للقضاء عليها ولا سبيل لمناقشتها لتعلقها بصميم اختصاص الإدارة - ومع ذلك وعلى فرض أن تقريره السنوي لم يكن بدرجة ضعيف فإن هذا لم يكن ليؤدي حتماً إلى منحه العلاوة لعدم الارتباط بين الأمرين ولأن منح العلاوة متروك لتقدير لجنة شئون الموظفين دون رقابة عليها في ذلك...
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن المدعي نقل من وزارة الصحة إلى المصانع الحربية اعتباراً من 28/ 6/ 1955 ورقي للدرجة السادسة الكتابية بالأقدمية المطلقة اعتباراً من 28/ 8/ 1956 وتقرر حرمانه من العلاوة الدورية المستحقة له في مايو سنة 1957 لحصوله على تقرير بدرجة ضعيف عن عام 1956 ثم رقي للدرجة الخامسة الكتابية اعتباراً من 29/ 10/ 1960 - وبالرجوع إلى التقرير السري المطعون فيه يبين أن الرئيس المباشر قدر كفايته بواحد وستين درجة والمدير بثمانية وثلاثين درجة. ومذكور في التقرير أنه قد تم عرضه على لجنة شئون الموظفين بجلسة 26/ 4/ 1957 واعتمدت التقرير بدرجة ثمانية وثلاثون.
ومن حيث إن القانون رقم 98 لسنة 1953 بإنشاء مجلس إدارة للمصانع الحربية ينص في المادة "4" على أن "يختص مجلس إدارة المصانع الحربية ومصانع الطائرات بما يلي:..... (15) إصدار اللوائح المتعلقة بتعيين موظفي المصانع الحربية ومصانع الطائرات ومستخدميها وعمالها وترقيتهم ونقلهم وتأديبهم وفصلهم وتحديد مرتباتهم ومكافآتهم دون التقيد بالقوانين واللوائح والنظم الخاصة بموظفي الحكومة، وكذا إصدار اللوائح الخاصة بتنظيم أعمال المخازن والمشتريات واللوائح المالية..." وتنفيذاً لذلك صدر قرار وزير الحربية رقم 159 لسنة 1953 في 11 من يناير سنة 1954 ناصاً في المادة (9) منه على أنه "فيما عدا الموظفين الجدد المعينين تحت الاختبار يخضع لنظام التقارير السرية جميع موظفي المصانع والإدارة العامة عدا مديري المصانع ومديري الإدارات الذين يتولى وكيل الوزارة المساعد المختص وضع تقرير عنهم. وتعد هذه التقارير كل سنة وتحرر على أنموذج خاص.. "ونصت المادة (10) من هذا القرار على أن "تقدم التقارير خلال شهر يناير من كل عام عن الموظف من رئيسه ثم يعرض على مديره المختص لإبداء ملاحظاته ثم تعرض بعد ذلك على لجنة شئون الموظفين لتسجيل التقدير إذا لم تؤثر الملاحظات على الدرجة العامة لتقدير الكفاءة، وإلا فيكون للجنة تقدير درجة الكفاءة التي يستحقها الموظف ويكون تقديرها نهائياً".
ومن حيث إن المدعي يعيب على التقرير السري الموضوع عنه عن سنة 1956 بتقدير ضعيف، بمخالفة القانون لأن الذي عقب على تقدير الرئيس المباشر ليس المدير وإنما نائب المدير كما وأن هذا التقرير شابه عيب الانحراف وإساءة استعمال للأسباب التي أوردها المدعي في عريضة دعواه وفي المذكرات المقدمة منه بملف الطعن والسابق الإشارة إليها وكلا العيبين أو أحدهما يجعل التقرير غير ذي أثر في العلاوة المستحقة له في مايو سنة 1957 لأن ما بني على باطل فهو باطل...
ومن حيث إنه عن الوجه الأول من أوجه بطلان التقرير فالثابت مما تقدم أن موظفي المصانع الحربية لهم وضع خاص بحسب طبيعة العمل الذي يمارسونه وتعدد الشعب في المصنع الواحد وما يتطلبه العمل في المصانع من قدرات قد تختلف عن القدرات اللازمة للوظائف الأخرى وهذا يستلزم رقابة فعلية ونواح متعددة من الكفاءة ولا يمكن الحكم على كفاءة الموظفين حكماً صحيحاً إلا من الرؤساء الذين لهم بحكم عملهم اتصال وثيق بهؤلاء الموظفين - وبالرجوع إلى النموذج الذي على أساسه توضع تقديرات الكفاءة المختلفة يبين أنه يختلف اختلافاً كلياً عن النموذج الخاص بالموظفين الذين يخضعون للقانون رقم 210 لسنة 1951 وأن القصد من تعقيب المدير على تقدير الرئيس المباشر هو مراقبة الشطط في التقدير سواء كان لصالح الموظف أو ضده، وعلى ضوء الوضع الخاص بالموظفين الذين يعملون في المصانع الحربية فإن تعقيب نائب المدير - السلطة الأعلى من الرئيس المباشر في التدرج الإداري والمشرف على الإدارة التي يعمل بها المدعي - يكون قد تحقق به الهدف من التعقيب، ونائب المدير يعتبر في هذه الحالة "مديره" وهي العبارة التي وردت في المادة (10) من القرار سالف الذكر ونصها "تقدم التقارير خلال شهر يناير من كل عام عن الموظف من رئيسه ثم تعرض على مديره المختص.." وليست العبرة بالألفاظ وإنما العبرة بالمقاصد والمعاني - وما دام القصد هو أن يكون التعقيب للشخص الذي له صفة المدير بالنسبة للوحدة التي يعمل بها الموظف فإن توقيع نائب المدير على التقرير وتعقيبه على تقديرات الرئيس المباشر إنما هو إجراء صحيح ينطوي على قصد الشارع من التعقيب هذا إلى أنه لم يذكر سواء في القرار أو في النموذج أن يكون التعقيب لمدير عام المصنع فإذا ما اقتضى نظام العمل والإشراف عليه بالدقة اللازمة توزيع العمل بين المدير ونائب المدير وكان من اختصاص الأخير الإشراف على إدارة العقود التي يعمل فيها المدعي فإنه يكون من سلطة هذا الأخير التعقيب على التقدير وليس في ذلك أي خروج على القانون نصاً وروحاً ومن ثم فإن النعي بالبطلان على التقرير السري بمقولة إن الذي عقب على تقديرات الرئيس المباشر هو نائب المدير لا المدير يكون هذا الوجه غير قائم على سند صحيح...
2 - ومن حيث إنه عن الوجه الثاني فإن تقدير جهة الإدارة لنشاط الموظف وكفايته للعمل هو من صميم عملها ولا رقابة للسلطة القضائية على هذا التقدير إلا إذا قام الدليل على الانحراف وإساءة استعمال السلطة ولا يكفي في هذا المقام الاستشهاد بماضيه إذ أن أوجه النشاط قد تتغير من وقت لآخر، وإذن فإثبات الانحراف أو إساءة استعمال السلطة إنما يكون نطاقه الفترة التي نزلت فيها الإدارة بتقديره إلى درجة ضعيف، وإذا كان كل ما أورده المدعي وأراد أن يبني عليه إساءة استعمال السلطة لا يمكن أن يؤدي إلى أن الإدارة قد قصدت الإضرار به أو أنها تعمدت الانحراف بسلطتها تحت تأثير أمور خاصة لا علاقة لها بالعمل وعلى ذلك يكون المدعي قد عجز عن إثبات دعواه من هذه الناحية.
ومن حيث إنه على مقتضى ما تقدم يكون الحكم المطعون فيه إذ نحا غير هذا النحو فإنه يكون قد أخطأ في تأويل القانون وتطبيقه ويتعين القضاء بإلغائه وبرفض الدعوى مع إلزام المدعي بالمصروفات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى وألزمت المدعي المصروفات.