الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 19 نوفمبر 2023

الطعن رقم 29 لسنة 44 ق دستورية عليا " تنازع " جلسة 4 / 11 / 2023

باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الرابع من نوفمبر سنة 2023م، الموافق العشرين من ربيع الآخر سنة 1445 ه.
برئاسة السيد المستشار / بولس فهمي إسكندر رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: رجب عبد الحكيم سليم والدكتور محمد عماد النجار والدكتور طارق عبد الجواد شبل وخالد أحمد رأفت دسوقي والدكتورة فاطمة محمد أحمد الرزاز ومحمد أيمن سعد الدين عباس نواب رئيس المحكمة

وحضور السيد المستشار الدكتور/ عماد طارق البشري رئيس هيئة المفوضين

وحضور السيد/ محمد ناجي عبد السميع أمين السر

أصدرت الحكم الآتي
في الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 29 لسنة 44 قضائية تنازع

المقامة من
شركة كليوباترا جروب للتنمية المتكاملة والاستثمار السياحي
ضد
شركة موفنبيك لإدارة الفنادق والمنتجعات (مصر)

-----------------

" الإجراءات "
بتاريخ الثاني من أكتوبر سنة 2022، أودعت الشركة المدعية صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طالبة الحكم، بصفة مستعجلة: بوقف تنفيذ الحكم الصادر من محكمة التحكيم الدولية التابعة لغرفة التجارة الدولية بباريس، بتاريخ 15/ 4/ 2013، في الدعوى التحكيمية رقم 17185/ FM/ JHN/ GFG المودع بمحكمة استئناف القاهرة، بجدول التحكيم التجاري، بموجب محضر إيداع رقم 16 لسنة 139 قضائية، والمذيل بالصيغة التنفيذية بموجب الأمر الوقتي رقم 37 لسنة 139 قضائية، لحين الفصل في موضوع هذه الدعوى، وفي الموضوع: بعدم الاعتداد بالحكم المار بيانه، والاعتداد بالحكمين الصادر أولهما من محكمة استئناف قنا بجلسة 26/ 8/ 2012، في الاستئناف رقم 38 لسنة 31 قضائية، والصادر ثانيهما من محكمة استئناف القاهرة بجلسة 27/ 11/ 2012، في التظلم رقم 23 لسنة 129 قضائية، بإنهاء إجراءات التحكيم.
وأثناء تحضير الدعوى أمام هيئة المفوضين، قدمت الشركة المدعية مذكرة، أضافت فيها طلبًا عارضًا بعدم الاعتداد بحكم التحكيم السالف البيان؛ لتعارضه مع حكم محكمة النقض، الصادر بجلسة 24/ 12/ 2015، في الطعنين رقمي 1491 و1497 لسنة 83 قضائية.
وقدمت الشركة المدعى عليها مذكرة، طلبت فيها الحكم بعدم قبول الدعوى.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وفيها قدمت الشركة المدعية مذكرتين، صممت فيهما على طلباتها السابقة، وقررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم.
----------------

" المحكمة "
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع تتحصل - على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق- في أن الشركة المدعية تعاقدت مع الشركة المدعى عليها، بموجب العقد المؤرخ 28/ 6/ 2011، على إدارة الفندق المملوك للأولى بمنطقة هضبة أم السيد بشرم الشيخ - جنوب سيناء، واتفقا في البند رقم (20) من العقد على أن تُحَلَّ المنازعات بينهما، حال إخفاقهما في الحل الودي أو عن طريق وسيط، بطريق التحكيم، وفقًا لقواعد التوفيق والتحكيم بغرفة التجارة الدولية بباريس، على أن يحتكم إلى قواعد القانون المصري في موضوع النزاع، وأن يكون التحكيم بالقاهرة، وأن تكون لغة التحكيم هي اللغة الإنجليزية. وإذ شجر خلاف بين الشركتين، فقد أقامت الشركة المدعى عليها أمام محكمة التحكيم بغرفة التجارة الدولية (ICC) بباريس، الدعوى التحكيمية رقم 17185/ FM/ JHN/ GFG، وبجلسة 15/ 4/ 2013، قضت هيئة التحكيم بإلزام الشركة المدعية بأن تدفع للشركة للمدعى عليها المبالغ المبينة بحكم التحكيم، وفوائدها، اعتبارًا من أول أبريل سنة 2012 حتى تمام السداد، بمعدل 5%، وإنهاء اتفاقية الإدارة، ورفض باقي طلباتها. ومن جانب آخر، أقامت الشركة المدعية أمام محكمة البحر الأحمر الابتدائية الدعوى رقم 207 لسنة 2011 مدني كلي ضد الشركة المدعى عليها، بطلب الحكم بإلزامها بتقديم خطاب منسوب صدوره لخبير في الدعوى التحكيمية، إلا أن الشركة المدعى عليها لم تقدمه، فقضت المحكمة بجلسة 22/ 1/ 2012، برد وبطلان المستند السالف البيان، طعنت الشركة المدعى عليها على ذلك الحكم بالاستئناف رقم 38 لسنة 31 قضائية، أمام محكمة استئناف قنا، التي قضت بجلسة 26/ 8/ 2012، بتعديل الحكم المستأنف، والقضاء بإنهاء الدعوى المستأنف حكمها. وقبل صدور حكم التحكيم، تقدمت الشركة المدعية بأمر على عريضة لرئيس محكمة استئناف القاهرة قُيَّد برقم 15 لسنة 129 قضائية، ليصدر أمرًا بإنهاء إجراءات التحكيم في الدعوى التحكيمية الفائت بيانها، وقابلت الشركة المدعى عليها ذلك الإجراء، بأن تقدمت للجهة ذاتها بطلب استصدار أمر على عريضة، قُيَّد برقم 20 لسنة 129 قضائية، للاستمرار في إجراءات التحكيم، وبعد ضم الأمرين للارتباط، أصدر رئيس محكمة الاستئناف بتاريخ 25/ 6/ 2012، قراره باستمرار إجراءات التحكيم لموعد غايته 31/ 10/ 2012، على أن يكون هذا التاريخ آخر أجل للفصل في النزاع التحكيمي. تظلمت الشركة المدعى عليها من الأمر أمام محكمة استئناف القاهرة، وقُيَّد تظلمها برقم 23 لسنة 129 قضائية، وبجلسة 27/ 11/ 2012، قضت المحكمة برفض التظلم، وبإنهاء إجراءات التحكيم في الدعوى التحكيمية المار بيانها. طعنت الشركة المدعى عليها على حكم التحكيم أمام محكمة النقض بالطعنين رقمي 1491 و1497 لسنة 83 قضائية، التي قضت بجلسة 24/ 12/ 2015، في الطعن الأول: بنقض الحكم المطعون فيه، وفي موضوع الطلبين رقمي (15 و20) لسنة 129 قضائية استئناف القاهرة، بإلغاء الأمر الصادر بإنهاء إجراءات التحكيم في الدعوى التحكيمية السالف بيانها، وفي موضوع التظلم: بالاستمرار في إجراءات التحكيم في الدعوى التحكيمية، حتى صدور حكم هيئة التحكيم المتظلم منه، وقضت في الطعن الثاني: برفضه. وإذ ارتأت الشركة المدعية أن حكم التحكيم قد خالف حجية الحكم الصادر من محكمة استئناف قنا بجلسة 26/ 8/ 2012، في الاستئناف رقم 38 لسنة 31 قضائية، القاضي بانتهاء الدعوى المستأنفة، على سند من اعتبار الخطاب المقدم من الخبير المالي المؤرخ 13/ 5/ 2007، غير موجود وغير منتج لأي أثر قانوني، لعدم تقديم أصله، وهو الحكم الذي صار باتًّا لعدم الطعن عليه بالنقض، وإذ استند حكم هيئة التحكيم المشار إليه في قضائه بالإلزام إلى ذلك الخطاب، فإنه يكون قد ناقض حجية هذا الحكم الاستئنافي، بما يستلزم القضاء بعدم الاعتداد به. كما أن حكم التحكيم المار ذكره ناقض حجية حكم محكمة استئناف القاهرة، الصادر بجلسة 27/ 11/ 2012، في التظلم رقم 23 لسنة 129 قضائية، فيما قضى به من إنهاء إجراءات الدعوى التحكيمية المار بيانها، فضلًا عن تناقضه مع حكم محكمة النقض الصادر بجلسة 24/ 12/ 2015، في الطعنين رقمي 1491 و1497 لسنة 83 قضائية، فيما قضى به فى أولهما من الاستمرار في نظر الدعوى التحكيمية، على سند من أن مقتضى ذلك القضاء وروده على غير محل بعد صدور حكم التحكيم في تاريخ سابق عليه، ومن ثم أقامت الدعوى المعروضة.
وحيث إن المقرر في قضاء المحكمة الدستورية العليا أن المادة (192) من الدستور، والبند ثالثًا من المادة (25) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979، قد أسندا لهذه المحكمة - دون غيرها - الاختصاص بالفصل في النزاع الذي يقوم بشأن تنفيذ حكمين نهائيين متناقضين، صادر أحدهما من أية جهة من جهات القضاء، أو هيئة ذات اختصاص قضائي، والآخر من جهة أخرى منها. ويتعين على كل ذي شأن - عملًا بنص الفقرة الثانية من المادة (32) من قانون هذه المحكمة - أن يبين في طلب فض التناقض بين الحكمين النهائيين، النزاع القائم حول التنفيذ، ووجه التناقض بينهما. وضمانًا لإنباء المحكمة الدستورية العليا -بما لا تجهيل فيه- بأبعاد النزاع، تعريفًا به، ووقوفًا على ماهيته على ضوء الحكمين المدعى تناقضهما، فقد حتم المشرع في المادة (34) من قانونها أن يرفق بطلب فض التنازع صورة رسمية من كل من هذين الحكمين، وأن يقدما معًا عند رفع الأمر إلى المحكمة الدستورية العليا، باعتبار أن ذلك يُعد إجراءً جوهريًّا، تغيّا مصلحة عامة، حتى ينتظم التداعي في المسائل التي حددها قانون المحكمة الدستورية العليا وفقًا لأحكامه.
وحيث إن المشرع أقام في قانون التحكيم في المواد المدنية والتجارية الصادر بالقانون رقم 27 لسنة 1994، توازنا دقيقا بين حق الخصوم في إنفاذ حكم التحكيم، إعمالًا لإرادتهم، وبين ضرورة التحقق من استيفاء هذا الحكم للضمانات القانونية المقررة، لإصدار الأحكام في النظام القانوني المصري؛ انطلاقًا من حقيقة مؤداها: أن حكم التحكيم لا يستمد قوة نفاذه من اتفاق التحكيم وحده، وإنما من إرادة المشرع التي تعترف به. وتحقيقًا لهذا التوازن أقر اختصاص هيئة التحكيم بالفصل في النزاع المعروض عليها استنادًا إلى اتفاق التحكيم بحكم حاسم للخصومة، حائز لحجية الأمر المقضي، ومُلزم للأطراف المحتكمة، إلا أنه لا يكون له قوة نفاذ الأحكام الوطنية إلى أن يستوفي الضمانات التي أقرها لإنفاذ أثره، فأقام المشرع تنظيمًا خاصًّا للاعتراف بقوة نفاذ الحكم الصادر من هيئات التحكيم، أوردها في نصوص المواد (56 و57 و58) من القانون المار ذكره، وأوجب بمقتضاها أن يُصْدِرَ القاضي صاحب الاختصاص، بموجب نص المادة (9) منه أمرًا بتنفيذ حكم التحكيم، بناء على طلب يقدم إليه من صاحب المصلحة، مرفقًا به: أصل الحكم، أو صورة موقعة منه، وصورة من اتفاق التحكيم، وترجمة مصدق عليها من جهة معتمدة إلى اللغة العربية، متى كان صادرًا بغير اللغة العربية، وصورة من المحضر الدال على إيداع الحكم. ولا يقبل هذا الطلب إذا لم يكن ميعاد رفع دعوى بطلان الحكم قد انقضى، أو لم يفصل في دعوى البطلان إذا كانت محكمة البطلان قد أمرت بوقف تنفيذ الحكم، فضلًا عما أوجبه على القاضي الآمر قبل إصدار هذا الأمر التحقق من أنه لا يتعارض مع حكم سبق صدوره من المحاكم المصرية في موضوع النزاع، ولا يتضمن ما يخالف النظام العام في جمهورية مصر العربية، وأنه قد تم إعلانه للمحكوم عليه إعلانًا صحيحًا، فإن مؤدى ذلك أن الأمر الصادر من القاضي المختص بتنفيذ حكم التحكيم يكون بمثابة اعتداد من النظام القضائي الوطني بحكم التحكيم، وإقرارًا بصلاحيته لأن يكون صنوًا للأحكام الوطنية القابلة للتنفيذ، ودون صدور هذا الأمر لا يعتد بحكم التحكيم كسند تنفيذي.
وحيث إنه وترتيبًا على ما تقدم، فإن حكم التحكيم لا يصلح لأن يكون حدًّا للتناقض في دعوى فض تناقض الأحكام، إلا بعد تقديم المحكوم له صورة رسمية من حكم التحكيم -أو ترجمته المعتمدة قانونًا إلى اللغة العربية- مستخرجة من الصورة التنفيذية للحكم، بما يكشف عن تطبيق القاضي الآمر للشروط والضوابط المنصوص عليها في المواد (56 و57 و58) من قانون التحكيم في المواد المدنية والتجارية، أما إذا أقام المحكوم ضده في خصومة التحكيم دعوى فض التناقض، فيتعين أن يقدم ورقة رسمية تدل على صدور الصيغة التنفيذية المشار إليها، فإذا لم يستوف المدعي في دعوى فض تناقض الأحكام هذا الشرط الشكلي المتعلق بالنظام العام عند إيداع صحيفتها؛ افتقدت الدعوى مناط قبولها.
لما كان ذلك، وكانت الشركة المدعية قد أودعت عند إقامة الدعوى المعروضة صورة رسمية من ترجمة حكم التحكيم، وذكرت أنه مذيل بالصيغة التنفيذية بموجب الأمر الوقتي رقم 37 لسنة 139 قضائية، وهو ما خلت منه الأوراق التي قدمتها تلك الشركة، فإن هذه الدعوى لا تكون قد استوفت شرطًا شكليًّا جوهريًّا لقبولها؛ ومن ثم يتعين -والحال كذلك- القضاء بعدم قبول الدعوى برمتها.
وحيث إنه عن الطلب العاجل بوقف التنفيذ، فمن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن طلب وقف تنفيذ أحد الحكمين المتناقضين، أو كليهما يُعدُّ فرعًا من أصل النزاع حول فض التناقض بينهما، وإذ انتهت المحكمة - فيما تقدم - إلى عدم قبول الدعوى المعروضة، فإن مباشرة رئيس المحكمة الدستورية العليا اختصاص البت في هذا الطلب، وفقًا لنص المادة (32) من قانونها المشار إليه، يكون قد صار غير ذي موضوع.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى.

الطعن رقم 116 لسنة 33 ق دستورية عليا " دستورية " جلسة 4 / 11 / 2023

باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الرابع من نوفمبر سنة 2023م، الموافق العشرين من ربيع الآخر سنة 1445 ه.
برئاسة السيد المستشار / بولس فهمي إسكندر رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: رجب عبد الحكيم سليم ومحمود محمد غنيم والدكتور عبد العزيز محمد سالمان وطارق عبد العليم أبو العطا وعلاء الدين أحمد السيد وصلاح محمد الرويني نواب رئيس المحكمة

وحضور السيد المستشار الدكتور/ عماد طارق البشري رئيس هيئة المفوضين

وحضور السيد/ محمد ناجي عبد السميع أمين السر

أصدرت الحكم الآتي
في الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 116 لسنة 33 قضائية دستورية.

المقامة من
محمد عبد الله عبد الحميد حمدي شمس الدين
ضد
1- رئيس مجلس الوزراء
2- وزير المالية
3- الهيئة القومية للتأمين الاجتماعي (تأمينات الحكومة)
4- الهيئة القومية للتأمين الاجتماعي (تأمينات القطاع العام)

----------------

" الإجراءات "
بتاريخ السادس من يونيو سنة 2011، أودع المدعي صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طالبًا الحكم بعدم دستورية نص الفقرة الأولى من المادة (107) ونص الفقرة الأولى من البند رقم (3) من المادة (113) من قانون التأمين الاجتماعي الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975، فيما تضمناه من قواعد استحقاق وقطع المعاش عن الابن فقط دون البنت، عند بلوغ سن الحادية والعشرين.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم برفض الدعوى.
وقدم المدعي مذكرة ردد فيها طلباته الأصلية.
وقدمت الهيئة القومية للتأمين الاجتماعي مذكرة، طلبت فيها الحكم برفض الدعوى.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وفيها قدم كل من المدعي والهيئة المدعى عليها مذكرة ختامية بالطلبات ذاتها، وقررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم.

----------------
" المحكمة "
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع تتحصل - على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق - في أن المدعي أقام أمام محكمة الإسكندرية الابتدائية الدعوى رقم 791 لسنة 2010 مدني كلي، ضد المدعى عليهم، بطلب الحكم باستحقاقه صرف معاش عن والديه المتوفيين، وذلك اعتبارًا من شهر فبراير سنة 2010، تأسيسًا على أنه بوفاة والدته في 25/1/2010، تم قطع المعاشين المستحقين لها عن نفسها وعن زوجها المتوفى في 28/12/1995 - والد المدعي -، وإذ رفضت لجنة فض المنازعات بتلك الهيئة طلبه صرف المعاش عن والديه، على الرغم من توافر شروط استحقاقه؛ لعجزه عن الكسب واستمرار قيده بكلية الحقوق جامعة الإسكندرية، فقد أقام دعواه، وحال نظرها دفع المدعي بعدم دستورية المادة (107)، والبند (3) من المادة (113) من قانون التأمين الاجتماعي الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975، وإذ قدرت المحكمة جدية الدفع، وصرحت بإقامة الدعوى الدستورية، فأقام الدعوى المعروضة، مخصصًا طلبه بالنسبة إلى المادة (107) من ذلك القانون في فقرتها الأولى.
وحيث إن المادة (107) من قانون التأمين الاجتماعي، الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975، المستبدلة بالقانون رقم 25 لسنة 1977، تنص على أنه يشترط لاستحقاق الأبناء ألا يكون الابن قد بلغ سن الحادية والعشرين، ويستثنى من هذا الشرط الحالات الآتية:
1- العاجز عن الكسب.
2- الطالب بأحد مراحل التعليم التي لا تجاوز مرحلة الحصول على مؤهل الليسانس أو البكالوريوس أو ما يعادلها بشرط عدم تجاوزه سن السادسة والعشرين وأن يكون متفرغًا للدراسة.
3-........
وتنص المادة (108) من القانون ذاته، بعد استبدالها بالقانون رقم 25 لسنة 1977، على أنه يشترط لاستحقاق البنت ألا تكون متزوجة.
وتنص المادة (113) من القانون ذاته، المستبدل بنديها (2 و3) بالقانون رقم 30 لسنة 1992 بزيادة المعاشات وتعديل بعض أحكام قانون التأمين الاجتماعي، على أنه: يقطع معاش المستحق في الحالات الآتية:
1-........
2- زواج الأرملة أو المطلقة أو البنت ....
3- بلوغ الابن أو الأخ سن الحادية والعشرين، ويستثنى من ذلك الحالات الآتية:
أ - العاجز عن الكسب حتى زوال حالة العجز.
ب- الطالب حتى تاريخ التحاقه بعمل أو مزاولته مهنة أو تاريخ بلوغه سن السادسة والعشرين أيهما أقرب، ويستمر صرف معاش الطالب الذي يبلغ سن السادسة والعشرين خلال السنة الدراسية حتى نهاية تلك السنة.
ج - الحاصل على مؤهل نهائي حتى تاريخ التحاقه بعمل أو مزاولته مهنة أو تاريخ بلوغه سن السادسة والعشرين بالنسبة للحاصلين على الليسانس أو البكالوريوس وسن الرابعة والعشرين بالنسبة للحاصلين على المؤهلات النهائية الأقل أي التاريخين أقرب.
وتصرف للابن أو الأخ في حالة قطع معاشه منحة تساوي معاش سنة بحد أدنى مقداره مائتا جنيه، ولا تصرف هذه المنحة إلا لمرة واحدة، ويصدر وزير التأمينات قرارًا بشروط وقواعد صرف هذه المنحة.
4-.........
وحيث إن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن المصلحة الشخصية المباشرة - وهي شرط لقبول الدعوى الدستورية - مناطها قيام علاقة منطقية بينها وبين المصلحة في الدعوى الموضوعية، وذلك بأن يكون الحكم في المسألة الدستورية لازمًا للفصل في الطلبات المطروحة على محكمة الموضوع، ولا تتحقق تلك المصلحة إلا باجتماع شرطين، أولهما: أن يقوم الدليل على أن ضررًا واقعيًّا مباشرًا ممكنًا تداركه قد لحق بالمدعي، وثانيهما: أن يكون مرد هذا الضرر إلى النص التشريعي المطعون فيه.
متى كان ما تقدم، وكان مناط إعمال نص البند (3) من المادة (113) من قانون التأمين الاجتماعي المشار إليه، يتطلب تحقق شرط مفترض مؤداه: سبق صرف معاش للمستحق، تقرر قطعه عنه، لتوافر إحدى الحالات المبينة بالنص السالف الذكر، الأمر الذي أجدبت عنه أوراق الدعوى الموضوعية، بما يتآدى إلى تخلف شرط المصلحة الشخصية المباشرة للمدعي في الطعن على النص المار بيانه، ولزامه القضاء بعدم قبول الدعوى في هذا الشق منها، في حين أن صدر نص المادة (107) من القانون المار بيانه، باشتراطه عدم بلوغ الابن سن الحادية والعشرين عند وفاة المؤمن عليه أو صاحب المعاش، هو الذي حال دون صرف المعاش المستحق للمدعي عن والدته المتوفاة بتاريخ 25/1/2010، لتجاوزه في هذا التاريخ السن المقررة بالنص المطعون فيه؛ ومن ثم يكون للقضاء في دستورية هذا النص أثره وانعكاسه الأكيد على النزاع الموضوعي - في شق منه - وقضاء محكمة الموضوع في الطلبات المتصلة بهذا الشق، ويتحدد نطاق الدعوى المعروضة، فيما نص عليه صدر المادة (107) من قانون التأمين الاجتماعي الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975، المعدل بالقانون رقم 25 لسنة 1977، من أنه يشترط لاستحقاق الابن ألا يكون قد بلغ سن الحادية والعشرين دون سائر أحكام النص الأخرى. ولا ينال من توافر المصلحة في الدعوى المعروضة إلغاء قانون التأمين الاجتماعي، الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975، المتضمن النص المطعون فيه، وذلك بموجب القانون رقم 148 لسنة 2019 بإصدار قانون التأمينات الاجتماعية والمعاشات؛ إذ إن المقرر في قضاء هذه المحكمة، أن إلغاء النص التشريعي المطعون فيه لا يحول دون النظر والفصل في الطعن عليه بعدم الدستورية، من قبل من طبق عليهم ذلك القانون خلال فترة نفاذه، وترتبت بمقتضاه آثار قانونية بالنسبة إليهم، وتبعًا لذلك تتوافر لهم مصلحة شخصية في الطعن بعدم دستوريته.
حيث إن المدعي ينعى على النص المطعون فيه، مخالفته لقواعد الميراث في الشريعة الإسلامية، ومبادئ العدالة الاجتماعية، والتكافل والتضامن الاجتماعي، ومبدأ المساواة والحق في العمل المنصوص عليها بالمواد (2 و5 و7) من الإعلان الدستوري الصادر عن المجلس الأعلى للقوات المسلحة عام 2011، والمواد (2 و7 و11 و17 و40) من دستور 1971، المقابلة للمواد (2 و4 و8 و12 و17 و53) من دستور 2014.
وحيث إن الرقابة على دستورية القوانين، من حيث مطابقتها للقواعد الموضوعية التي تضمنها الدستور، تخضع للدستور القائم دون غيره، إذ إن هذه الرقابة تستهدف - أصلاً - صون هذا الدستور، وحمايته من الخروج على أحكامه، لكون الطبيعة الآمرة لقواعد الدستور، وعلوها على ما دونها من القواعد القانونية، وضبطها للقيم التي ينبغي أن تقوم عليها الجماعة، تقتضي إخضاع القواعد القانونية جميعها - أيًّا كان تاريخ العمل بها - لأحكام الدستور القائم، لضمان اتساقها والمفاهيم التي أتى بها، فلا تتفرق هذه القواعد في مضامينها بين نظم مختلفة، يناقض بعضها بعضًا، بما يحول دون جريانها وفق المقاييس الموضوعية ذاتها التي تطلبها الدستور القائم كشرط لمشروعيتها الدستورية. إذ كان ذلك، وكانت المناعي التي وجهها المدعي إلى النص المطعون فيه، تندرج ضمن المطاعن الموضوعية التي تقوم في مبناها على مخالفة نص تشريعي لقاعدة في الدستور من حيث محتواها الموضوعي، وكان النص المطعون فيه وإن صدر قبل العمل بالدستور القائم إلا أنه ظل ساريًا ومعمولًا بأحكامه، حتى ألغي بالقانون رقم 148 لسنة 2019 المار ذكره، فإن هذه المحكمة تباشر رقابتها على دستورية هذا النص، في ضوء أحكام الدستور الصادر سنة 2014.
وحيث إنه عن النعي بمخالفة النص المطعون فيه لمبادئ الشريعة الإسلامية، المنصوص عليها في المادة (2) من الدستور الصادر سنة 1971، فإنه مردود بأن قضاء هذه المحكمة قد استقر على أن حكم المادة الثانية من الدستور- بعد تعديلها في 22 من مايو سنة 1980 - يقيد السلطة التشريعية، اعتبارًا من تاريخ العمل بهذا التعديل، أما التشريعات السابقة على ذلك التاريخ فلا يتأتى إعمال حكم الإلزام المشار إليه بالنسبة إليها، لصدورها فعلًا من قَبله، في وقت لم يكن القيد المتضمن هذا الإلزام قائمًا، واجب الإعمال؛ ومن ثم فإن هذه التشريعات تكون بمنأى عن إعمال هذا القيد. إذ كان ذلك، وكان نص المادة المطعون عليها يقع ضمن مواد قانون التأمين الاجتماعي الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975، المستبدل بالقانون رقم 25 لسنة 1977، ولم يلحقه أي تعديل بعد تاريخ 22/5/1980، حتى أُلغي قانون التأمين الاجتماعي المشار إليه في 1/1/2020- تاريخ العمل بالقانون رقم 148 لسنة 2019- فإن النعي عليه بمخالفة المادة الثانية من الدستور، والمجادلة فى الحجية المطلقة لأحكام هذه المحكمة في شأن التشريعات السابقة على التعديل المشار إليه، يكونان واردين على غير محل.
وحيث إن أحكام قانون التأمين الاجتماعي الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975، قد توخت إنشاء صندوقين لتأمين المشمولين بأحكامه في مستقبل أيامهم، عند تقاعدهم، أو عجزهم، أو مرضهم، وكفالة الحقوق المتفرعة من المزايا التأمينية المبينة بنصوصه لأسرهم بعد وفاتهم. وكانت الأموال التي يتلقاها مباشرة عن هذين الصندوقين الأشخاص المستحقون للمعاش، المبينون حصرًا في الباب التاسع من هذا القانون، عند وفاة المؤمن عليه أو صاحب المعاش، لا تعتبر من الحقوق المالية التي كسبها عضو الصندوق واختص بها قبل وفاته، ولا يتصور بالتالي أن يكون قد تركها لغيره، ولا أن يقوم الورثة مقام مورثهم فيها، وكانت الحقوق المالية التي لا يكتمل وجودها قبل وفاة من يدعيها، وكذلك الحقوق التي لا يجوز لشخص أن ينقلها إلى غيره حال حياته، لا يتصور توريثها، وكان الأصل في الحقوق هو إضافتها إلى أسبابها، فلا يستقل وجودها عنها، وكان المشرع قد كفل شكلًا من أشكال التعاون بين أعضاء الصندوقين وأسرهم، بما يدنيهم من التغلب على صعابهم التي تتصل بعوارض الحياة؛ من مرض أو تقاعد أو وفاة، ويقيم إطارًا لهذا التعاون من خلال موارد الصندوق التي ينميها، ويسهم أعضاؤه فيها، وتدعمها الدولة كذلك من ميزانيتها. ولما كان الحق في المعاش إنما ينشأ عن القانون مباشرة دون أن يمر بذمة المورث، فلا يعتبر تركة بأية حال، ويتم توزيعه وفقًا للأنصبة والأحكام المقررة بقانون التأمين الاجتماعي بوصفه نظامًا للتكافل الاجتماعي، وليس بوصفه إرثًا يخضع لقواعد الميراث المقررة في الشريعة الإسلامية، وهو ما مؤداه: أن النص المطعون فيه -الذي انتظم شروط استحقاق الأبناء للمعاش عن والديهم- لا يكون متعلقًا بحق الإرث المكفول بنص المادة (35) من الدستور؛ ويكون النعي عليه في هذا الشأن غير سديد، متعينًا طرحه.
وحيث إن الدساتير المصرية على تعاقبها قد حرصت على النص على التضامن الاجتماعي، باعتباره ركيزة أساسية لبناء المجتمع، وواحدًا من الضمانات الجوهرية التي ينبغي أن ينعم بها أفراده، وهو ما أكدت عليه المادة (8) من الدستور القائم، التي ألزمت الدولة بتوفير سبل التضامن والتكافل الاجتماعي، بما يضمن الحياة الكريمة لجميع المواطنين، على النحو الذي ينظمه القانون. وفي سبيل تحقيق ذلك، ألزمت المادة (17) من الدستور الدولة بكفالة توفير خدمات التأمين الاجتماعي، وحق كل مواطن في الضمان الاجتماعي، إذا لم يكن متمتعًا بنظام التأمين الاجتماعي، بما يضمن له ولأسرته الحياة الكريمة، وتأمينه ضد مخاطر حالات العجز عن العمل والشيخوخة والبطالة، باعتبار أن مظلة التأمين الاجتماعي التي يحدد المشرع نطاقها - وعلى ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة - هي التي تكفل بمداها واقعًا أفضل، يؤمن المواطن في غده، وينهض بموجبات التضامن الاجتماعي التي يقوم عليها المجتمع، بما مؤداه: أن المزايا التأمينية هي- في حقيقتها - ضرورة اجتماعية بقدر ما هي ضرورة اقتصادية، وأن غايتها أن تؤمن المشمولين بها في مستقبل أيامهم عند تقاعدهم أو عجزهم أو مرضهم، وأن تكفل الحقوق المتفرعة عنها لأسرهم بعد وفاتهم، وهي معانٍ استلهمها الدستور القائم بربطه الرفاهية والنمو الاقتصادي بالعدالة الاجتماعية، حين أكد في المادة (27) منه أن النظام الاقتصادي يهدف إلى تحقيق الرخاء في البلاد من خلال التنمية المستدامة، والعدالة الاجتماعية، بما يكفل رفع معدل النمو الحقيقي للاقتصاد القومي، ورفع مستوى المعيشة، وزيادة فرص العمل وتقليل معدلات البطالة، والقضاء على الفقر.
وحيث إن الدستور وإن جعل بمقتضى نص المادة (17) منه توفير خدمات التأمين والضمان الاجتماعي التزامًا دستوريًا على عاتق الدولة، ليكون الوفاء به بحسب الأصل من خلالها، بيد أن التزامها في هذا الشأن بأن تكفل لمواطنيها ظروفًا أفضل في مجال التأمين والضمان الاجتماعي، لا يعني أن تنفرد وحدها بصون متطلباتها، ولا أن تتحمل دون غيرها بأعبائها، وإلا كان ذلك تقويضًا لركائز التضامن الاجتماعي التي يقوم عليها المجتمع.
وحيث إن من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الدستور وقد ناط بالدولة أن تكفل لمواطنيها خدماتهم التأمينية والاجتماعية، أضفى حماية خاصة لأموال التأمينات والمعاشات، بحسبانها، وعوائدها، حقًّا للمستفيدين منها، وإن اعتبر أموالها أموالًا خاصة، إلا أنها تتمتع بجميع أوجه وأشكال الحماية المقررة للأموال العامة.
متى كان ما تقدم، وكان المشرع قد حصر في الباب التاسع من قانون التأمين الاجتماعي الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975 المستحقين للمعاش، بعد وفاة المؤمن عليه، أو صاحب المعاش، وشروط استحقاقهم، ومنهم الابن، ليكفل له الحد الأدنى لمعيشة كريمة، لا تمتهن فيها آدميته، معولًا في استحقاقه على الاشتراكات التي سددها المؤمن عليه ومدتها، والأقساط التي تحملتها الخزانة العامة في حساب قيمة المعاش المستحق له، وعوائد استثمار هذه الأموال، ففرض النص المطعون فيه لاستحقاق الابن المعاش عن والديه بوفاة أحدهما أو كليهما، ألا يكون قد بلغ سن الحادية والعشرين؛ حماية له من العوز والحاجة، قبل أن تكتمل له مقومات القدرة على الكسب، متخذًا من بلوغ سن الرشد القانوني واكتمال أهلية الأداء والوجوب سببًا قانونيًّا ومبررًا موضوعيًّا لعدم استحقاق المعاش، واستثنى من ذلك حالة العاجز عن الكسب حتى زوال حالة العجز، أو حالة تفرغ الابن للدراسة في مرحلة الحصول على مؤهل الليسانس أو البكالوريوس، أو ما يعادلها، بشرط عدم تجاوزه سن السادسة والعشرين، أو حالة عدم التحاقه بعمل، أو مزاولة مهنة لمن لم يبلغ سن السادسة والعشرين للحاصلين على مؤهل الليسانس أو البكالوريوس، وسن الرابعة والعشرين بالنسبة إلى الحاصلين على المؤهلات الأقل، ليوازن النص المطعون فيه بين مصلحة الابن في الحصول على معاش والديه، والجمع بينهما إذا توافرت شروطه؛ عملًا بنص المادة (112) من القانون رقم 79 لسنة 1975 المستبدلة بالقانون رقم 12 لسنة 2000، وبين المصلحة العامة في الحفاظ على أموال التأمينات باعتبارها أموالًا خاصة، هي وعوائدها حق للمستفيدين منها، تلتزم الدولة بحمايتها بأدوات مماثلة للحماية المقررة للمال العام، كافلًا بتلك القواعد الاتزان المالي لأموال الصندوق وموارده، وصرف أمواله إلى مستحقيها، محققًا في الوقت ذاته التضامن الاجتماعي، الذي اعتبره الدستور بمقتضى المادة (8) منه أساسًا لبناء المجتمع وجعل تحقيقه واجبًا على الدولة، وداخلًا بما قرره من أحكام في إطار سلطة المشرع في تنظيم الحق في التأمين والضمان الاجتماعي، وبيان قواعد تحديد المرتبات والمعاشات طبقًا لنص المادة (128) من الدستور، دون المساس بأصل الحق أو جوهره، بحسبانه القيد العام الضابط لسلطة المشرع في مجال تنظيم الحقوق والحريات، الذى قررته المادة (92) من الدستور، الأمر الذي يغدو معه النعي على النص المطعون فيه - محددًا نطاقًا على نحو ما سلف - بمخالفة مبدأي العدالة الاجتماعية والتضامن الاجتماعي لا سند له، خليقًا برفضه.
وحيث إن الدستور قد اعتمد بمقتضى نص المادة (٤) منه مبدأ المساواة، باعتباره إلى جانب مبدأي العدل وتكافؤ الفرص، أساسًا لبناء المجتمع وصون وحدته الوطنية، وتأكيدًا لذلك حرص الدستور في المادة (٥٣) منه على كفالة تحقيق المساواة لجميع المواطنين أمام القانون، وفي الحقوق والحريات والواجبات العامة، دون تمييز بينهم لأي سبب، إلا أن ذلك لا يعني - وفقًا لما استقر عليه قضاء هذه المحكمة - أن تُعامَل فئاتهم على ما بينها من تفاوت في مراكزها القانونية معاملة قانونية متكافئة، كذلك لا يقوم هذا المبدأ على معارضة صور التمييز جميعها؛ ذلك أن من بينها ما يستند إلى أسس موضوعية؛ ومن ثمَّ لا ينطوي على مخالفة لنص المادتين ( ٤ و٥٣) من الدستور، بما مؤداه: أن التمييز المنهي عنه بموجبهما هو ذلك الذي يكون تحكميًّا، وأساس ذلك أن كل تنظيم تشريعي لا يعتبر مقصودًا لذاته، بل لتحقيق أغراض بعينها، تعكس مشروعيتها إطارًا للمصلحة العامة التي يسعى المشرع إلى تحقيقها من وراء هذا التنظيم. لما كان ما تقدم، وكان المشرع بالنص المطعون فيه قد غاير بين شروط استحقاق المعاش للابن عنها بالنسبة إلى البنت، فإن ما قرره المشرع في هذا الشأن يتساند إلى أحوال التزام المؤمن عليه، أو صاحب المعاش بإعالة المستحق إعالة قانونية أو فعلية، وحدود هذا الالتزام، ذلك أن بلوغ الابن سن الحادية والعشرين - بحسب الأصل وبمراعاة استثناء التحلل من شرط السن مطلقًا وفق البند (1) من نص المادة (107) المار بيانه، أو امتداد السن إلى الرابعة والعشرين، أو السادسة والعشرين، بحسب الأحوال المنصوص عليها بالبندين (2 و3) من النص ذاته - قد اتخذه المشرع في حدود سلطته التقديرية، دليلًا على قدرة الابن على إعالة نفسه بنفسه، في حين تستحق البنت معاش والديها، أو أحدهما -بحسب الأحوال- حتى تاريخ زواجها، وإعالة زوجها لها؛ حرصًا من المشرع على ترسيخ القيم الدينية والاجتماعية داخل الأسرة؛ تنفيذًا لالتزام دستوري بأن تتخذ الدولة من التدابير ما يكون لازمًا لتماسك الأسرة واستقرارها، عملًا بنص المادة (10) من الدستور. وإذ التزم المشرع - في المفاضلة التي يجريها بين مراكز قانونية تختلف في عناصرها - من البدائل ما يقدر أنه أنسبها لمصلحة الجماعة، وأكثرها ملاءمة للوفاء بمتطلباتها، مستندًا إلى أسس موضوعية تبرر هذا التمييز في حكم استحقاق المعاش بين الابن والابنة، وقصد المشرع في هذا التنظيم تحقيق أغراض بعينها تعكس مصالح مشروعة، ارتبطت بوسائل تكفل تحقيقها؛ ومن ثم يغدو النعي على النص المطعون فيه بمخالفته مبدأ المساواة غير قائم على أساس صحيح، متعينًا الالتفات عنه.
وحيث إن من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن حق العمل الذي كفله الدستور الحالي في المادتين (12 و13) منه لا يمنح تفضلًا، ولا يتقرر إيثارًا، بل يعتبر أداؤه واجبًا لا ينفصل عن الحق فيه، ومدخلًا إلى حياة لائقة، قوامها الاطمئنان إلى غد أفضل، وبها تتكامل الشخصية الإنسانية من خلال إسهامها في تقدم الجماعة وإشباع احتياجاتها، بما يصون للقيم الخلقية روافدها. لما كان ذلك، وكان بلوغ الابن سن الحادية والعشرين، وهو سليم بدنيًّا وعقليًّا، إنما يعتبر والحال هكذا - بحسب الأصل في تطبيق النص المطعون فيه، وبمراعاة ما تضمنته الاستثناءات الواردة بالمادة (107) من قانون التأمين الاجتماعي - قادرًا على الكسب المشروع، والاستقلال المالي عن والديه، دافعًا له أن يسعى إلى العمل في حرفة، أو مهنة تتوافر في القطاع الخاص، أو وظيفة تنشئها الدولة وفق إمكاناتها المتاحة، ولا كذلك الأمر بالنسبة لأموال الصندوق التي يكفل بها المشرع إعالة المؤمن عليهم، أو أصحاب المعاشات والمستحقين عنهم، دون أن يكون من أغراض الصندوق بحال، مكافحة البطالة أو توفير فرص عمل للمواطنين؛ لما في ذلك من خروج بنشاط الصندوق عن الأغراض التي يقوم على تحقيقها؛ ومن ثم فإن النعي على النص المطعون فيه بإهداره الحق في العمل يكون لغوًا، حقيقًا به الرفض.
وحيث إن النص المطعون فيه لا يتعارض مع أحكام الدستور من أوجه أخرى، الأمر الذي يتعين معه القضاء برفض الدعوى.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة برفض الدعوى، ومصادره الكفالة، وألزمت المدعي المصروفات ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة.

الطعن 10 لسنة 19 ق جلسة 4 / 12 / 1999 دستورية عليا مكتب فني 9 تنازع ق 16 ص 1196

جلسة 4 ديسمبر سنة 1999

برئاسة السيد المستشار/ محمد ولي الدين جلال - رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: الدكتور عبد المجيد فياض وماهر البحيري ومحمد علي سيف الدين وعدلي محمود منصور وعلي عوض محمد صالح وأنور رشاد العاصي، وحضور السيد المستشار الدكتور/ حنفي علي جبالي - رئيس هيئة المفوضين، وحضور السيد/ حمدي أنور صابر - أمين السر.

---------------

قاعدة رقم (16)
القضية رقم 10 لسنة 19 قضائية "تنازع"

1 - دعوى تنازع الاختصاص "مناط قبولها - تعيين الجهة المختصة".
مناط قبول هذه الدعوى هو أن تطرح الدعوى عن موضوع واحد أمام جهتين من جهات القضاء أو الهيئات ذات الاختصاص القضائي ولا تتخلى إحداهما عن نظرها أو تتخلى كلتاهما عنها - تعيين الجهة القضائية المختصة بنظر النزاع يتم وفقاً لقواعد توزيع الاختصاص التي حدد بها المشرع ولاية كل جهة قضائية.
2 - قرار إداري - أشخاص القانون الخاص.
القرار الإداري هو إفصاح الجهة الإدارية عن إرادتها الملزمة بما لها من سلطة بمقتضى القوانين واللوائح وذلك بقصد إحداث مركز قانوني معين متى كان ذلك ممكناً وجائزاً قانوناً - القرار الصادر من أحد أشخاص القانون الخاص لا يعد قراراً إدارياً ولو كان مملوكاً للدولة.
3 - دعوى تنازع الاختصاص "حكم: مؤداه".
مقتضى الحكم الصادر من المحكمة الدستورية العليا بتعيين الجهة القضائية المختصة بنظر النزاع هو إسباغ الولاية عليها من جديد - التزام هذه الجهة بنظر المنازعة غير مقيدة بقضائها السابق ولو كان نهائياً.

---------------
1 - مناط قبول طلب الفصل في تنازع الاختصاص طبقاً للبند ثانياً من المادة 25 من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - هو أن تطرح الدعوى عن موضوع واحد أمام جهتين من جهات القضاء أو الهيئات ذات الاختصاص القضائي ولا تتخلى إحداهما عن نظرها أو تتخلى كلتاهما عنها.
من المقرر أن تعيين الجهة القضائية المختصة بنظر النزاع طبقاً للمادة 25 المشار إليها إنما يتم وفقاً لقواعد توزيع الاختصاص بين الجهات القضائية التي حدد بها المشرع ولاية كل منها إعمالاً للتفويض المخول له بمقتضى المادة 167 من الدستور في شأن تحديد الهيئات القضائية وتعيين اختصاصها وتنظيم طريقة تشكيلها.
2 - القرار الإداري - الذي تختص محاكم مجلس الدولة دون غيرها بنظر المنازعات المتعلقة به - هو إفصاح جهة الإدارة عن إرادتها الملزمة بما لها من سلطة بمقتضى القوانين واللوائح وذلك بقصد إحداث مركز قانوني معين متى كان ذلك ممكناً وجائزاً قانوناً.
وإذ كانت الشركة المصرية لتعبئة الزجاجات "بيبسي كولا" التي صدر عنها القرار الطعين؛ وإن كانت وقت إصدارها له من الشركات التابعة للدولة؛ إلا أنها لا تعد من أشخاص القانون العام بل تظل رغم ملكية الدولة لها شخصاً من أشخاص القانون الخاص بما مؤداه أن القرار الصادر عنها لا يعد قراراً إدارياً ومن ثم فإن المنازعة في شأنه تدخل في اختصاص القضاء العادي صاحب الولاية العامة في المنازعات الناشئة عن روابط القانون الخاص طبقاً للمادة 15 من قانون السلطة القضائية الصادر بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 46 لسنة 1972.
3 - المشرع إذ ناط بالمحكمة الدستورية العليا دون غيرها الفصل في تنازع الاختصاص بتعيين الجهة المختصة بنظر النزاع طبقاً للبند ثانياً من المادة 25 من قانونها، فإن مقتضى الحكم الصادر منها بتعيين هذه الجهة، هو إسباغ الولاية عليها من جديد، بحيث تلتزم بنظر الدعوى غير مقيدة بقضائها السابق في هذا الشأن ولو كان نهائياً.


الإجراءات

بتاريخ الحادي عشر من ديسمبر سنة 1997، أودع المدعي صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة، طالباً الحكم بتعيين الجهة القضائية المختصة بنظر النزاع القائم بينه وبين الشركة المصرية العامة لتعبئة الزجاجات "بيبسي كولا" وذلك بعد أن تخلت كل من جهتي القضاء العادي والإداري عن نظره.
وقدمت الشركة المدعى عليها مذكرة طلبت في ختامها الحكم بعدم قبول الدعوى.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها.
ونظرت الدعوى على الوجه المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق - تتحصل في أن المدعي كان قد أقام ضد الشركة المدعى عليها الدعوى رقم 80 لسنة 1986 تجاري أمام محكمة الجيزة الابتدائية ابتغاء الحكم أصلياً بإلغاء قرارها بشأن إسناد عملية تنفيذ الأعمال الإنشائية بمصنع الشركة بالطالبية إلى مقاول آخر، وإسنادها إليه باعتباره صاحب أقل الأسعار المقدمة في المناقصة العامة التي أجريت بتاريخ 5/ 11/ 1986؛ واحتياطياً بإلزام الشركة بأن تؤدي إليه تعويضاً عما أصابه من أضرار مادية وأدبية من جراء ذلك. فأصدرت تلك المحكمة حكمها بتاريخ 25/ 10/ 1998 بعدم اختصاصها ولائياً بنظر الدعوى وإحالتها إلى محاكم مجلس الدولة فقيدت أمام محكمة القضاء الإداري برقم 1448 لسنة 42 قضائية وبتاريخ 25/ 11/ 1990 قضت المحكمة بعدم اختصاصها ولائياً بنظرها، فأقام المدعي الدعوى رقم 445 لسنة 1991 تجاري أمام محكمة الجيزة الابتدائية بذات الطلبات، فقضت المحكمة بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها؛ فطعن في هذا الحكم بالاستئناف رقم 3200 لسنة 113 قضائية القاهرة حيث قضت المحكمة برفضه وتأييد الحكم المستأنف. وإزاء تخلي كل من جهتي القضاء العادي والإداري عن نظر هذا النزاع فقد أقام المدعي الدعوى الماثلة.
وحيث إن مناط قبول طلب الفصل في تنازع الاختصاص طبقاً للبند ثانياً من المادة 25 من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - هو أن تطرح الدعوى عن موضوع واحد أمام جهتين من جهات القضاء أو الهيئات ذات الاختصاص القضائي ولا تتخلى إحداهما عن نظرها أو تتخلى كلتاهما عنها، وكان الثابت من الأوراق أن كلاً من جهتي القضاء العادي والإداري قد تخلت عن نظر موضوع النزاع المعروض عليها، فإن مناط قبول الطلب الماثل يكون متحققاً.
وحيث إنه من المقرر أن تعيين الجهة القضائية المختصة بنظر النزاع طبقاً للمادة 25 المشار إليها إنما يتم وفقاً لقواعد توزيع الاختصاص بين الجهات القضائية التي حدد بها المشرع ولاية كل منها إعمالاً للتفويض المخول له بمقتضى المادة 167 من الدستور في شأن تحديد الهيئات القضائية وتعيين اختصاصها وتنظيم طريقة تشكيلها.
وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى علي أن القرار الإداري - الذي تختص محاكم مجلس الدولة دون غيرها بنظر المنازعات المتعلقة به - هو إفصاح جهة الإدارة عن إرادتها الملزمة بما لها من سلطة بمقتضى القوانين واللوائح وذلك بقصد إحداث مركز قانوني معين متى كان ذلك ممكناً وجائزاً قانوناً.
وحيث إن الشركة المصرية لتعبئة الزجاجات "بيبسي كولا" التي صدر عنها القرار الطعين؛ وإن كانت وقت إصدارها له من الشركات التابعة للدولة؛ إلا أنها لا تعد من أشخاص القانون العام بل تظل رغم ملكية الدولة لها شخصاً من أشخاص القانون الخاص بما مؤداه أن القرار الصادر عنها لا يعد قراراً إدارياً ومن ثم فإن المنازعة في شأنه تدخل في اختصاص القضاء العادي صاحب الولاية العامة في المنازعات الناشئة عن روابط القانون الخاص طبقاً للمادة 15 من قانون السلطة القضائية الصادر بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 46 لسنة 1972.
وحيث إن سبق قضاء محكمة الجيزة الابتدائية بعدم اختصاصها بنظر الدعوى ثم بعدم جواز نظرها لسبق الفصل فيها لا يحول دون القضاء باختصاص جهة القضاء العادي بنظر النزاع الماثل، وذلك لأن المشرع إذ ناط بالمحكمة الدستورية العليا دون غيرها الفصل في تنازع الاختصاص بتعيين الجهة المختصة بنظر النزاع طبقاً للبند ثانياً من المادة 25 من قانونها، فإن مقتضى الحكم الصادر منها بتعيين هذه الجهة، هو إسباغ الولاية عليها من جديد، بحيث تلتزم بنظر الدعوى غير مقيدة بقضائها السابق في هذا الشأن ولو كان نهائياً.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة باختصاص القضاء العادي بنظر الدعوى.

الطعن 1 لسنة 20 ق جلسة 1 / 8 / 1999 دستورية عليا مكتب فني 9 منازعة تنفيذ ق 15 ص 1187

جلسة 1 أغسطس سنة 1999

برئاسة السيد المستشار/ محمد ولي الدين جلال - رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: حمدي محمد علي وماهر البحيري ومحمد علي سيف الدين وعدلي محمود منصور ومحمد عبد القادر عبد الله وأنور العاصي، وحضور السيد المستشار/ عبد الوهاب عبد الرازق - رئيس هيئة المفوضين، وحضور السيد/ حمدي أنور صابر - أمين السر.

---------------

قاعدة رقم (15)
القضية رقم 1 لسنة 20 قضائية "منازعة تنفيذ"

1 - دعوى "تكييفها - حجز للحكم: أثره".
المحكمة الدستورية العليا بما لها من هيمنة على الدعوى هي التي تعطيها وصفها الحق وتكييفها القانوني الصحيح - متى حجزت الدعوى للحكم انقطعت صلة الخصوم بها إلا بالقدر الذي تصرح به المحكمة - عدم جواز قبول أوراق أو مذكرات من أحد الخصوم دون اطلاع الخصم الآخر عليها.
2 - منازعة التنفيذ "قوامها".
قوام هذه المنازعة التي تختص المحكمة الدستورية العليا بالفصل فيها أن تنفيذ حكمها اعترضته عوائق تحول دون اكتمال مداه، وتعرقل جريان آثاره كاملة دون نقصان.
3 - دعوى دستورية "طريق الدعوى الأصلية".
الدعوى الأصلية التي ترفع مباشرة للمحكمة الدستورية العليا لم يجزها المشرع سبيلاً للطعن بعدم دستورية النصوص التشريعية.

---------------
1 - من المقرر أن المحكمة بما لها من هيمنة على الدعوى هي التي تعطيها وصفها الحق وتكييفها القانوني الصحيح، متقصية في سبيل ذلك طلبات المدعي فيها، مستظهرة حقيقة مراميها وأبعادها.
ومتى انعقدت الخصومة أمام المحكمة، واستوفي كل خصم دفاعه وحجزت المحكمة الدعوى للحكم، انقطعت صلة الخصوم بها، ولم يبق لهم اتصال بالدعوى إلا بالقدر الذي تصرح به المحكمة، وتصبح الدعوى في هذه المرحلة - مرحلة المداولة وإصدار الحكم - بين يدي المحكمة لبحثها والمداولة فيها، ولا يجوز لها طبقاً لنص المادة 168 من قانون المرافعات - والتي تسري في شأن الدعاوى التي تقدم إلى المحكمة الدستورية العليا إعمالاً للمادة 28 من قانونها - أن تسمع أحد الخصوم أو وكيله إلا بحضور خصمه، أو أن تقبل أوراقاً أو مذكرات من أحد الخصوم دون اطلاع الخصم الآخر عليها وإلا كان العمل باطلاً.
2 - منازعة التنفيذ التي يدخل الفصل فيها في اختصاص المحكمة الدستورية العليا وفقاً لنص المادة 50 من قانونها، قومها - على ما جرى عليه قضاؤها - أن التنفيذ لم يتم وفقاً لطبيعته، وعلى ضوء الأصل فيه، بل اعترضته عوائق تحول قانوناً - بمضمونها أو أبعادها - دون اكتمال مداه، وتعطل بالتالي أو تقيد اتصال حلقاته وتضاممها بما يعرقل جريان آثاره كاملة دون نقصان. ومن ثم تكون عوائق التنفيذ القانونية هي ذاتها موضوع منازعة التنفيذ أو محلها، تلك الخصوم التي تتوخى في غاياتها النهائية إنهاء الآثار القانونية لتلك العوائق أو الناشئة عنها أو المترتبة عليها، ولا يكون ذلك إلا بإسقاط مسبباتها وإعدام وجودها لضمان العودة بالتنفيذ إلى حالته السابقة التي نشوئها. وكلما كان التنفيذ متعلقاً بحكم صدر عن المحكمة الدستورية العليا فإن حقيقة مضمونه، ونطاق القواعد القانونية التي يضمها، والآثار المتولدة عنها في سياقها، وعلى ضوء الصلة الحتمية التي تقوم بينها، هي التي تحدد جميعها شكل التنفيذ وصورته الإجمالية، وما يكون لازماً لضمان فعاليته. بيد أن تدخل المحكمة الدستورية العليا لهدم عوائق التنفيذ التي تعترض أحكامها، تنال من جريان آثارها في مواجهة الأشخاص الطبيعيين والاعتباريين جميعهم دون تمييز، يفترض أمرين: (أولهما) أن تكون هذه العوائق - سواء بطبيعتها أو بالنظر إلى نتائجها - حائلة دون تنفيذ أحكامها أو مقيدة لنطاقها. (ثانيهما) أن يكون إسنادها إلى تلك الأحكام وربطها منطقياً بها، ممكناً. فإذا لم تكن لها بها من صلة، فإن خصومة التنفيذ لا تقوم بتلك العوائق، بل تعتبر غريبة عنها، منافية لحقيقتها وموضوعها.
3 - من المقرر في قضاء هذه المحكمة، أن ولايتها في مجال الفصل في المسائل الدستورية التي تطرح عليها، مناطها اتصالها بها وفقا للأوضاع المنصوص عليها في المادة 29 من قانونها، وذلك إما بإحالة هذه المسائل إليها مباشرة من محكمة الموضوع لتقول كلمتها فيها، وإما من خلال دفع بعدم دستورية نص قانوني يبديه الخصم أثناء نظر النزاع الموضوعي وتقدر محكمة الموضوع جديته لترخص بعدئذ لهذا الخصم - وخلال أجل لا يجاوز ثلاثة أشهر - برفع دعواه الدستورية في شأن النصوص التي تناولها هذا الدفع؛ ولم يجز المشرع - بالتالي - الدعوى الأصلية التي ترفع مباشرة أمام المحكمة الدستورية العليا سبيلاً للطعن بعدم دستورية النصوص التشريعية. وهذه الأوضاع الإجرائية تعد من النظام العام باعتبارها من الأشكال الجوهرية التي تغيا بها المشرع مصلحة عامة حتى ينتظم التداعي في المسائل الدستورية بالإجراءات التي حددها.


الإجراءات

بتاريخ العاشر من أغسطس سنة 1998، أودع المدعي قلم كتاب المحكمة صحيفة هذه الدعوى، طالباً: الفصل في طلباته التي أغفلها الحكم الصادر في الدعوى رقم 39 لسنة 17 قضائية "دستورية"؛ ومنازعاً في تنفيذ هذا الحكم طبقاً للمادة 50 من قانون المحكمة الدستورية العليا؛ ثم القضاء بعدم دستورية المواد 5 و6 و49 من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979، والحكم تبعاً لذلك بعدم دستورية قانون السلطة القضائية الصادر بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 46 لسنة 1972.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت فيها الحكم بعدم قبول الدعوى.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها.
ونظرت الدعوى على الوجه المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق - تتحصل في أن المدعي كان قد أقام الدعوى رقم 8011 لسنة 1993 مدني كلي أمام محكمة جنوب القاهرة الابتدائية طلب فيها إلزام المدعى عليهم بتقديم وثائق إعلانات وبيانات اتفاقات نواياهم، والمنوه عنها في صحيفة تلك الدعوى، وفي وثيقة 27/ 10/ 1984، وتعيين لجنة من الخبراء لبحث شرعيتها، وبيان حقيقة مؤسسة البرت انشتين للسلام وأغراضها، وعلاقتها باستغلال خمسة آلاف فدان من أراضي مصر على طريق مصر الإسكندرية الصحراوي، وأسباب منحها حق استغلالها من قبل وزير الزراعة، مع بسط رقابة القضاء على أغراضها وإعلانات نواياها وبروتوكولاتها وعقودها واتفاقاتها، تمهيداً للحكم بإبطالها، وتعويضه مؤقتاً بمبلغ جنيه مصري واحد عن الأضرار المادية والأدبية التي ألحقها بالمصريين جميعاً. وإذ قضت محكمة جنوب القاهرة الابتدائية في تلك الدعوى بعدم اختصاصها ولائياً بنظرها تأسيساً على حكم المادتين 15، 17 من قانون السلطة القضائية فقد طعن على حكمها أمام محكمة استئناف القاهرة، وأثناء نظر استئنافه طلب من المحكمة وقف نظره إلى أن تفصل المحكمة الدستورية العليا في دستورية قانون السلطة القضائية، فأجلت المحكمة نظر النزاع إلى حين الفصل في دستورية هذا القانون، فأقام الدعوى رقم 39 لسنة 17 قضائية "دستورية" طالباً الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 46 لسنة 1972 بشأن السلطة القضائية ثم الحكم بعدم دستوريته واعتباره كأن لم يكن. وبجلسة السادس من يونيه سنة 1998 قضت المحكمة الدستورية العليا أولاً: بعدم قبول الدعوى في شأن الطعن على كافة النصوص التي تضمنها قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 46 لسنة 1972 بشأن السلطة القضائية، ثانياً: برفض الدعوى بعدم دستورية نص المادة 17 من قانون السلطة القضائية؛ فأقام المدعي دعواه الماثلة ناسباً إلى الحكم الصادر في الدعوى رقم 39 لسنة 17 قضائية "دستورية" إغفاله الفصل في طلبه الذي أبداه في مذكرته المقدمة للمحكمة بجلسة الرابع من إبريل سنة 1998 بعدم دستورية نص المادة 49 من قانون المحكمة الدستورية العليا، ومنازعاً في تنفيذ هذا الحكم بمقولة صدوره باطلاً وفاقداً حجيته لخلوه من عرض وقائع الدعوى وطلبات الخصوم وموجز دفاعهم الجوهري ودفوعهم وعدم رده على ما أبداه من أسباب طعناً على قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 46 لسنة 1972، كما طلب المدعي في ختام صحيفة الدعوى الحكم بعدم دستورية المواد 5 و6 و49 من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 والحكم تبعاً لذلك بعدم دستورية قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 46 لسنة 1972 بشأن السلطة القضائية والحكم بوقف تنفيذه وإهداره.
وحيث إنه من المقرر أن المحكمة بما لها من هيمنة على الدعوى هي التي تعطيها وصفها الحق وتكييفها القانوني الصحيح، متقصية في سبيل ذلك طلبات المدعي فيها، مستظهرة حقيقة مراميها وأبعاده.
وحيث إن البين من صحيفة الدعوى الماثلة أن المدعي أقام منازعته على وجهين، أحدهما أنه ينعى على الحكم الصادر في الدعوى رقم 39 لسنة 17 قضائية "دستورية" تغاضيه عن الفصل في الدفع الذي أبداه بعدم دستورية نص المادة 49 من قانون المحكمة الدستورية العليا، وهو ما يعد - في رأيه - إغفالاً في مفهوم أحكام المادة 193 من قانون المرافعات المدنية والتجارية، يجيز العودة إليها للفصل فيه، إذ أن هذا الطلب ما برح معلقاً أمامها، وثانيهما أنها منازعة تنفيذ تندرج تحت المنازعات التي عنتها المادة 50 من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979، التي تنص على اختصاص هذه المحكمة دون غيرها بالفصل في كافة المنازعات المتعلقة بتنفيذ الأحكام والقرارات الصادرة منها.
وحيث إنه منها بالنسبة لقالة إغفال هذه المحكمة الفصل في الدفع الذي أثاره المدعي في الدعوى رقم 39 لسنة 17 قضائية "دستورية" بعدم دستورية المادة 49 من قانون المحكمة الدستورية العليا، فإن الثابت من ملف الدعوى المشار إليها أن المدعي لم يبد دفعاً بعدم دستورية نص المادة 49 من قانون المحكمة الدستورية العليا لا في صحيفة دعواه ولا في دفاع شفوي أو كتابي أبداه بجلسة 4 من إبريل سنة 1998 التي قررت فيها المحكمة حجز الدعوى ليصدر الحكم فيها بجلسة السادس من يونيه سنة 1998، وإنما أثار المدعي هذا الدفع لأول مرة في مذكرة أودعها قلم كتاب هذه المحكمة في الرابع والعشرين من مايو سنة 1998 دون أن تكون المحكمة قد صرحت له أو للمدعى عليهم بتقديم مذكرات بدفاعهم.
وحيث إن من المقرر أنه متى انعقدت الخصومة أمام المحكمة، واستوفى كل خصم دفاعه وحجزت المحكمة الدعوى للحكم، انقطعت صلة الخصوم بها، ولم يبق لهم اتصال بالدعوى إلا بالقدر الذي تصرح به المحكمة، وتصبح الدعوى في هذه المرحلة - مرحلة المداولة وإصدار الحكم - بين يدي المحكمة لبحثها والمداولة فيها، ولا يجوز لها طبقاً لنص المادة 168 من قانون المرافعات - والتي تسري في شأن الدعاوى التي تقدم إلى المحكمة الدستورية العليا إعمالاً للمادة 28 من قانونها - أن تسمع أحد الخصوم أو وكيله إلا بحضور خصمه، أو أن تقبل أوراقاً أو مذكرات من أحد الخصوم دون اطلاع الخصم الآخر عليها وإلا كان العمل باطلاً. إذ كان ذلك، وكان المدعي قد أبدى دفعه بعدم دستورية المادة 49 من قانون المحكمة الدستورية العليا في مذكرته التي قدمها - بعد حجز الدعوى للحكم - وفي غيبة خصومه ودون اطلاعهم عليها، فإن قالة إغفال المحكمة الحكم في هذا الدفع لا يكون لها من محل.
وحيث إن منازعة التنفيذ التي يدخل الفصل فيها في اختصاص المحكمة الدستورية العليا وفقاً لنص المادة 50 من قانونها، قوامها - على ما جرى عليه قضاؤها - أن التنفيذ لم يتم وفقاً لطبيعته، وعلى ضوء الأصل فيه، بل اعترضته عوائق تحول قانوناً - بمضمونها أو أبعادها - دون اكتمال مداه، وتعطل بالتالي أو تقيد اتصال حلقاته وتضاممها بما يعرقل جريان آثاره كاملة دون نقصان. ومن ثم تكون عوائق التنفيذ القانونية هي ذاتها موضوع منازعة التنفيذ أو محلها، تلك الخصومة التي تتوخى في غاياتها النهائية إنهاء الآثار القانونية لتلك العوائق أو الناشئة عنها أو المترتبة عليها، ولا يكون ذلك إلا بإسقاط مسبباتها وإعدام وجودها لضمان العودة بالتنفيذ إلى حالته السابقة التي نشوئها. وكلما كان التنفيذ متعلقاً بحكم صدر عن المحكمة الدستورية العليا فإن حقيقة مضمونه، ونطاق القواعد القانونية التي يضمها، والآثار المتولدة عنها في سياقها، وعلى ضوء الصلة الحتمية التي تقوم بينها، هي التي تحدد جميعها شكل التنفيذ وصورته الإجمالية، وما يكون لازماً لضمان فعاليته. بيد أن تدخل المحكمة الدستورية العليا لهدم عوائق التنفيذ التي تعترض أحكامها، تنال من جريان آثارها في مواجهة الأشخاص الطبيعيين والاعتباريين جميعهم ودون تمييز، يفترض أمرين: (أولهما) أن تكون هذه العوائق - سواء بطبيعتها أو بالنظر إلى نتائجها - حائلة دون تنفيذ أحكامها أو مقيدة لنطاقها. (ثانيهما) أن يكون إسنادها إلى تلك الأحكام وربطها منطقياً بها، ممكناً. فإذا لم تكن لها بها من صلة، فإن خصومة التنفيذ لا تقوم بتلك العوائق، بل تعتبر غريبة عنها، منافية لحقيقتها وموضوعها.
وحيث إن الأسباب التي أقام عليها المدعي وصفه للمنازعة الماثلة بأنها منازعة تنفيذ مما عنته المادة 50 من قانون المحكمة الدستورية العليا - والتي تخلص في أن قضاء هذه المحكمة في الدعوى رقم 39 لسنة 17 قضائية "دستورية" قد شابه البطلان وغدا فاقداً حجيته لعدم عرضه وقائع الدعوى وطلبات الخصوم وموجز دفاعهم الجوهري ودفوعهم وخلوه من الرد على ما أبداه المدعي من أسباب طعناً على قرار رئيس الجمهورية رقم 46 لسنة 1972 - لا تشكل عقبة طرأت بعد صدور الحكم، كان من شأنها أن تؤثر في صحة التنفيذ أو مداه، بل لا تعدو أن تكون منازعة من جانبه في الدعائم القانونية التي قام عليها قضاء المحكمة في الدعوى المذكورة، مما ينحل إلى طعن في حكمها بالمخافة للمادة 48 من قانون هذه المحكمة التي تقضي بأن أحكام المحكمة وقراراتها نهائية وغير قابلة للطعن. وفضلاً عن ذلك، فإن البين من الحكم الصادر عن المحكمة الدستورية العليا في الدعوى رقم 39 لسنة 17 قضائية "دستورية" أن المحكمة قد عرضت وقائع الدعوى وطلبات المدعي، وأوضحت أن المناعي التي يثيرها المدعي بشأن قانون السلطة القضائية بعضها يتعلق بالأوضاع الشكلية وبعضها يتناول عيوباً موضوعية تتصل بمخالفة بعض نصوص هذا القانون لقواعد الدستور من حيث محتواها. كما أكدت ما استقر عليه قضاؤها من أن التحقق
من استيفاء القاعدة القانونية لأوضاعها الشكلية يعتبر سابقاً على الخوض في مضمونها، وأن الفصل في مضمونها من زاوية اتفاقها مع أحكام الدستور الموضوعية أو خروجها عليه، يدل بالضرورة على اكتمال أوضاعها الشكلية التي ترتبط بوجودها، لا بمحتواها. واستعرضت المحكمة مطاعن المدعي التي طرحها في شأن قانون السلطة القضائية وانتهت إلى أن هذه المطاعن تعتبر من الأوضاع الشكلية التي يتعين أن تستوفيها النصوص القانونية لإمكان حمل المخاطبين بها على النزول عليها. وإذ تبين للمحكمة أنه سبق لها أن قضت بجلستها المعقودة في 16 مايو سنة 1982 في القضية رقم 10 لسنة 1 قضائية "دستورية" بعدم دستورية ما تضمنته الفقرة الأولى من المادة 83 من قانون السلطة القضائية من حظر الطعن في قرارات نقل رجال القضاء والنيابة العامة و أو ندبهم، وكان حكمها هذا فصلاً في عوار موضوعي اتصل بالمادة 83 من ذلك القانون، بما مؤداه سبق تحققها من استيفاء قانون السلطة القضائية - في مجموع النصوص التي تضمنها - للأوضاع الشكلية التي يتطلبها الدستور والتي لا يقوم بدونها سوياً على قدميه، مستكملاً شرائط وجوده؛ فإن إثارة المدعي لها من جديد بعد الفصل فيها، مؤداه تجريح قضائها بما ينال من الحجية المطلقة التي كفلها نص المادة 49 من قانونها لأحكامها الصادرة في الدعاوى الدستورية جميعها. وفي مقام الرد على المناعي الموضوعية التي أثارها المدعي في شأن بعض نصوص السلطة القضائية التي يطعن عليها قولاً منه بأنها تُخل باستقلال قضائها وتعهد بكل شئونهم إلى السلطة التنفيذية لتهيمن عليها؛ أوضحت المحكمة أن مباشرتها لرقابتها في شأن الشرعية الدستورية، غايتها أن تكون موطئاً لمواجهة أضرار واقعية ألحقتها النصوص المطعون عليها بمن يدعي مخالفتها للدستور، ويفترض رصد المحكمة الدستورية العليا لهذه المضار، تحريها لصلتها بالنصوص المطعون عليها، وعلاقتها بالحقوق المتنازع عليها. فإذا لم تكن لهذه النصوص من صلة بالمضار المدعى بها، فإن خوضها في دستوريتها لا يكون مقبولاً. ويتعين فضلاً عن ذلك أن يكون المدعي قد حدد - بما لا تجهيل فيه - النصوص التي يدعي إخلالها باستقلال السلطة القضائية، وقد خلصت المحكمة إلى أن تحديد المدعي لهذه النصوص كان مبهماً من خلال نعي تناولها إجمالاً وانتهت - استناداً إلى جميع ما تقدم - إلى القضاء بعدم قبول هذا الشق من الدعوى.
وحيث إنه متى كانت الدعوى الماثلة بوصفيها اللذين أسبغهما المدعى عليها، غير قائمة على أساس سليم فإنه يتعين القضاء بعدم قبولها.
وحيث إنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة، أن ولايتها في مجال الفصل في المسائل الدستورية التي تطرح عليها، مناطها اتصالها بها وفقاً للأوضاع المنصوص عليها في المادة 29 من قانونها، وذلك إما بإحالة هذه المسائل إليها مباشرة من محكمة الموضوع لتقول كلمتها فيها، وإما من خلال دفع بعدم دستورية نص قانوني يبديه الخصم أثناء نظر النزاع الموضوعي وتقدر محكمة الموضوع جديته لترخص بعدئذ لهذا الخصم - وخلال أجل لا يجاوز ثلاثة أشهر - برفع دعواه الدستورية في شأن النصوص التي تناولها هذا الدفع؛ ولم يجز المشرع - بالتالي - الدعوى الأصلية التي ترفع مباشرة أمام المحكمة الدستورية العليا سبيلاً للطعن بعدم دستورية النصوص التشريعية. وهذه الأوضاع الإجرائية تعد من النظام العام باعتبارها من الأشكال الجوهرية التي تغيا بها المشرع مصلحة عامة حتى ينتظم التداعي في المسائل الدستورية بالإجراءات التي حددها. لما كان ذلك، وكان طلب المدعي في صحيفة الدعوى الراهنة القضاء بعدم دستورية المواد 5 و6 و49 من قانون المحكمة الدستورية العليا إنما ينحل إلى دعوى أصلية بعدم دستوريتها بما يناقض طريقي الدفع والإحالة اللذين استلزمتهما - دون الدعوى المباشرة - المادة 29 من قانون المحكمة الدستورية العليا للتداعي فيما يطرح عليها من مسائل دستورية، فإن الدعوى الماثلة - في هذا الشق منها - تكون قد رفعت إلى هذا المحكمة بالمخالفة لقانونها.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى، وبمصادرة الكفالة، وألزمت المدعي المصروفات، ومبلغ مائة جنيه مقابل أتعاب المحاماة.

الطعن 11 لسنة 20 ق جلسة 1 / 8 / 1999 دستورية عليا مكتب فني 9 تنازع ق 14 ص 1182

جلسة 1 أغسطس سنة 1999

برئاسة السيد المستشار/ محمد ولي الدين جلال - رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: ماهر البحيري ومحمد علي سيف الدين وعدلي محمود منصور ومحمد عبد القادر عبد الله وعلي عوض محمد صالح وأنور العاصي، وحضور السيد المستشار/ عبد الوهاب عبد الرازق - رئيس هيئة المفوضين، وحضور السيد/ حمدي أنور صابر - أمين السر.

-----------------

قاعدة رقم (14)
القضية رقم 11 لسنة 20 قضائية "تنازع"

1 - دعوى تنازع الاختصاص "مناط قبولها - تعيين الجهة المختصة".
مناط قبول هذه الدعوى هو أن تطرح الدعوى عن موضوع واحد أمام جهتين من جهات القضاء أو الهيئات ذات الاختصاص ولا تتخلى إحداهما عن نظرها أو تتخلى كلتاهما عنها - تعيين الجهة القضائية المختصة إنما يتم وفقاً للقواعد التي نظم بها المشروع توزيع الاختصاص الولائي بين الجهات القضائية المختلفة.
2 - مجلس الدولة "ولاية عامة".
ولاية مجلس الدولة بالفصل في المنازعات الإدارية والدعاوى التأديبية ولاية عامة - اعتباره قاضى القانون العام في شأنها.
3 - منازعة تنفيذ "أحكام القضاء الإداري".
اندراج منازعات التنفيذ في أحكام القضاء الإداري ضمن منازعات القانون العام التي تختص بنظرها هذه الجهة.

--------------
1 - مناط قبول دعوى تنازع الاختصاص وفقا للبند "ثانياً" من المادة 25 من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 هو أن تطرح الدعوى عن موضوع واحد أمام جهتين من جهات القضاء، أو الهيئات ذات الاختصاص القضائي، ولا تتخلى إحداهما عن نظرها أو تتخلى كلتاهما عنها، وشرط انطباقه بالنسبة إلي التنازع الإيجابي أن تكون الخصومة قائمة في وقت واحد أمام الجهتين المتنازعتين، وأن تكون كلتاهما قد تمسكت باختصاصها بنظرها عند رفع الأمر إلي المحكمة الدستورية العليا مما يبرر الالتجاء إلي هذه المحكمة لتعيين الجهة المختصة بنظرها والفصل فيها.
وقضاء هذه المحكمة قد جرى علي أن تعيين الجهة القضائية المختصة في أحوال تنازع الاختصاص - إيجابياً أم سلبياً - إنما يتم وفقاً للقواعد التي نظم بها المشرع توزيع الاختصاص الولائي بين الجهات القضائية المختلفة تحديداً لوظيفة كل منها إعمالاً للتفويض المخول له بمقتضى نص المادة 167 من الدستور.
2 - الدستور إذ عهد في المادة 172 منه إلي مجلس الدولة كهيئة قضائية مستقلة بالفصل في المنازعات الإدارية والدعاوى التأديبية فقد دل بذلك علي أن ولايته في شأنها ولاية عامة، وأنه أضحى قاضي القانون العام بالنسبة إليها، وقد رددت المادة 10 من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972 هذه القاعدة الدستورية، مفصلة بعض أنواع المنازعات الإدارية. واتساقاً مع ذات القاعدة نص قانون السلطة القضائية الصادر بالقرار بقانون رقم 46 لسنة 1972 في الفقرة الأولى من المادة 15 منه علي أنه "فيما عدا المنازعات الإدارية التي يختص بها مجلس الدولة، تختص المحاكم بالفصل في كافة المنازعات".
3 - المنازعة في تنفيذ حكم صادر من جهة القضاء الإداري - والتي تستهدف إما المضي في التنفيذ وإما إيقافه - وإن وصفت من حيث نوعها بأنها منازعة تنفيذ، إلا أن ذلك لا ينفي انتسابها - كأصل عام - إلي ذات جنس المنازعة التي صدر فيها ذلك الحكم، وبالتالي تظل لها الطبيعة الإدارية وتندرج بهذا الوصف ضمن منازعات القانون العام التي يختص بنظرها القضاء الإداري؛ ولا يغير من ذلك نص المادة 275 من قانون المرافعات علي اختصاص قاضي التنفيذ - باعتباره شعبة من شعب القضاء العادي - بمنازعات التنفيذ الموضوعية والوقتية، إذ هو من قبيل الاختصاص النوعي وبالتالي ينصرف هذا الحكم إلي منازعات التنفيذ التي تختص بأصلها جهة القضاء العادي دون أن تجاوزها إلي اختصاص محجوز لجهة القضاء الإداري.


الإجراءات

بتاريخ 18 نوفمبر سنة 1998، أودع المدعي صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة، طالباً في ختامها الفصل في تنازع الاختصاص بين جهتي القضاء العادي والإداري بتحديد جهة القضاء المختصة بنظر الإشكال في تنفيذ الحكم الصادر من المحكمة التأديبية لوزارة الصحة بجلسة 25/ 5/ 1997 في القضية رقم 64 لسنة 29 قضائية.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت في ختامها الحكم بعدم قبول الدعوى.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها.
ونظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق - تتحصل في أن المحكمة التأديبية لوزارة الصحة بمجلس الدولة أصدرت بتاريخ 25/ 5/ 1997 الحكم في القضية رقم 64 لسنة 29 قضائية المقامة من محافظ القاهرة ضد المدعي، قاضياً بإلزام الأخير بأن يؤدي إلى الأول مبلغ 13670 جنيهاً، وإذ أقام المدعي إشكالاً في تنفيذ هذا الحكم برقم 813 لسنة 1997 تنفيذ مصر الجديدة قضى فيه بجلسة 24/ 11/ 1997 برفضه، فقد طعن علي هذا الحكم أمام محكمة شمال القاهرة الابتدائية برقم 1665 لسنة 1997 فقضت بجلسة 31/ 3/ 1998 بتأييد الحكم المستأنف، فأقام الطعن رقم 2006 لسنة 68 قضائية أمام محكمة النقض لتاريخ 4/ 5/ 1998. وكان المدعي قد أقام إشكالاً آخر في تنفيذ ذات الحكم قيد برقم 62 لسنة 32 قضائية أمام المحكمة التأديبية لوزارة الصحة، وإذ تراءى له أن ثمة تنازعاً إيجابياً على الاختصاص بشأن الفصل في الإشكال المشار إليه بين جهتي القضاء العادي والإداري، فقد أقام دعواه الماثلة بطلب تعيين جهة القضاء المختصة بنظر ذلك الإشكال.
وحيث إن مناط قبول دعوى تنازع الاختصاص وفقاً للبند "ثانياً" من المادة 25 من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 هو أن تطرح الدعوى عن موضوع واحد أمام جهتين من جهات القضاء، أو الهيئات ذات الاختصاص القضائي، ولا تتخلى إحداهما عن نظرها أو تتخلى كلتاهما عنها، وشرط انطباقه بالنسبة إلي التنازع الإيجابي أن تكون الخصومة قائمة في وقت واحد أمام الجهتين المتنازعتين، وأن تكون كلتاهما قد تمسكت باختصاصها بنظرها عند رفع الأمر إلي المحكمة الدستورية العليا مما يبرر الالتجاء إلي هذه المحكمة لتعيين الجهة المختصة بنظرها والفصل فيها.
وحيث إن وقضاء هذه المحكمة قد جرى علي أن تعيين الجهة القضائية المختصة في أحوال تنازع الاختصاص – إيجابياً كان أم سلبياً - إنما يتم وفقاً للقواعد التي نظم بها المشرع توزيع الاختصاص الولائي بين الجهات القضائية المختلفة تحديداً لوظيفة كل منها إعمالاً للتفويض المخول له بمقتضى نص المادة 167 من الدستور.
وحيث إن البين من الأوراق أن المنازعة مثار الطلب الماثل إنما تدور حول وقف تنفيذ حكم صادر من إحدى المحاكم التابعة لمجلس الدولة، وكان تحديد الجهة القضائية المختصة وظيفياً بنظر تلك المنازعة والفصل فيها يتحدد على ضوء جنسها وما إذا كانت من المنازعات الناشئة عن روابط القانون الخاص أم أنها من منازعات القانون العام.
وحيث إن الدستور إذ عهد في المادة 172 منه إلي مجلس الدولة كهيئة قضائية مستقلة بالفصل في المنازعات الإدارية والدعاوى التأديبية فقد دل بذلك علي أن ولايته في شأنها ولاية عامة، وأنه أضحى قاضي القانون العام بالنسبة إليها، وقد رددت المادة 10 من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972 هذه القاعدة الدستورية، مفصلة بعض أنواع المنازعات الإدارية.
واتساقاً مع ذات القاعدة نص قانون السلطة القضائية الصادر بالقرار بقانون رقم 46 لسنة 1972 في الفقرة الأولى من المادة 15 منه علي أنه "فيما عدا المنازعات الإدارية التي يختص بها مجلس الدولة، تختص المحاكم بالفصل في كافة المنازعات".
وحيث إن المنازعة في تنفيذ حكم صادر من جهة القضاء الإداري - والتي تستهدف إما المضي في التنفيذ وإما إيقافه - وإن وصفت من حيث نوعها بأنها منازعة تنفيذ، إلا أن ذلك لا ينفي انتسابها - كأصل عام - إلي ذات جنس المنازعة التي صدر فيها ذلك الحكم، وبالتالي تظل لها الطبيعة الإدارية وتندرج بهذا الوصف ضمن منازعات القانون العام التي يختص بنظرها القضاء الإداري؛ ولا يغير من ذلك نص المادة 275 من قانون المرافعات علي اختصاص قاضي التنفيذ - باعتباره شعبة من شعب القضاء العادي - بمنازعات التنفيذ الموضوعية والوقتية، إذ هو من قبيل الاختصاص النوعي وبالتالي ينصرف هذا الحكم إلي منازعات التنفيذ التي تختص بأصلها جهة القضاء العادي دون أن تجاوزها إلي اختصاص محجوز لجهة القضاء الإداري.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بتعيين جهة القضاء الإداري مختصة بنظر النزاع.

الطعن 8 لسنة 19 ق جلسة 5 / 6 / 1999 دستورية عليا مكتب فني 9 تنازع ق 13 ص 1178

جلسة 5 يونيو سنة 1999

برئاسة السيد المستشار/ محمد ولي الدين جلال - رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: ماهر البحيري ومحمد علي سيف الدين وعدلي محمود منصور ومحمد عبد القادر عبد الله وعلي عوض محمد صالح وأنور العاصي، وحضور السيد المستشار/ عبد الوهاب عبد الرازق - رئيس هيئة المفوضين، وحضور السيد/ حمدي أنور صابر - أمين السر.

----------------

قاعدة رقم (13)
القضية رقم 8 لسنة 19 قضائية "تنازع"

دعوى تنازع الاختصاص "جهة قضائية واحدة".
عدم ولاية المحكمة الدستورية العليا بفض التنازع على الاختصاص القضائي الواقع بين محكمتين تابعتين لجهة قضائية واحدة - انعقاد ولاية الفصل فيه لمحاكم هذه الجهة.

--------------
إن مناط قبول دعوى الفصل في تنازع الاختصاص - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن تطرح الدعوى عن موضوع واحد أمام جهتين من جهات القضاء أو الهيئات ذات الاختصاص القضائي، ولا تتخلى إحداهما عن نظرها أو تتخلى كلتاهما عنها، بما مؤداه أن فض تنازع الاختصاص القضائي الذي تنعقد لهذه المحكمة ولاية الفصل فيه، هو ذلك الذي يقوم بين أكثر من جهة من جهات القضاء أو الهيئات ذات الاختصاص القضائي، فإذا كان واقعاً بين محكمتين تابعتين لجهة قضائية واحدة، كان لمحاكم هذه الجهة وحدها ولاية الفصل فيه وفقاً للقواعد المعمول بها في نطاقها.


الإجراءات

بتاريخ الثلاثين من سبتمبر سنة 1997، أودع المدعي صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة، طالباً الفصل في تنازع الاختصاص القائم بين محكمة الأربعين الجزئية بالسويس، ومحكمة بندر ثان طنطا الجزئية للأحوال الشخصية، وتعيين المحكمة المختصة منهما بنظر طلب وقف تنفيذ الحكم الصادر في التماسي إعادة النظر رقمي 80 لسنة 1993 و805 لسنة 1993 أحوال شخصية مستأنف طنطا بتاريخ 27/ 12/ 1993.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت فيها الحكم بعدم قبول الدعوى.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها.
ونظرت الدعوى على الوجه المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق - تتحصل في أن المدعى عليها الرابعة كانت قد أقامت ضد المدعي الدعوى رقم 183 لسنة 1988 أحوال شخصية نفس ثان طنطا طالبة الحكم بفرض نفقة لها، وإذ لم ترتض مبلغ النفقة الذي قضت به المحكمة فقد طعنت في هذا الحكم بالاستئناف رقم 466 لسنة 1989 أمام محكمة طنطا الابتدائية للأحوال الشخصية، وقد قضي في هذا الاستئناف برفضه وتأييد الحكم المستأنف، وإذ صدر هذا الحكم غيابياً بالنسبة للمدعي في الدعوى الماثلة فقد طعن فيه بالمعارضة فقضت المحكمة بقبول المعارضة شكلاً وفي الموضوع بتعديل الحكم المعارض فيه فطعنت المدعى عليها في هذا الحكم بطريق التماس إعادة النظر بالالتماسين رقمي 80 لسنة 1993، 805 لسنة 1993 أحوال شخصية (نفس) طنطا، تأسيساً على أن الحكم الملتمس فيه بني على غش وتدليس من جانب الملتمس ضده فقررت المحكمة ضم الالتماسين ليصدر فيهما حكم واحد، وبجلسة 27/ 12/ 1993 قضت المحكمة في الالتماس رقم 805 لسنة 1993 بعدم قبوله شكلاً، وفي الالتماس رقم 80 لسنة 1993 بقبول شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم الملتمس فيه وجعل النفقة المفروضة نفقة زوجية من تاريخ العلم بالطلاق في 3/ 10/ 1992 ونفقة عدة من هذا التاريخ وحتى تنقضي شرعاً. ولما كانت المدعى عليها قد شرعت في تنفيذ الحكم المذكور، وأقامت الدعوى رقم 108 لسنة 1996 أمام محكمة بندر ثان طنطا للأحوال الشخصية بطلب إلزام المدعي بدفع مبلغ النفقة المحكوم به أو حبسه عند الامتناع، فقد أقام الدعوى رقم 134 لسنة 1997 تنفيذ الأربعين بطلب وقف تنفيذ الحكم الصادر في التماسي إعادة النظر المشار إليهما، وإذ ارتأى المدعي أن ثمة تنازعاً إيجابياً على الاختصاص بين محكمة الأربعين الجزئية التي تنظر الدعوى رقم 134 لسنة 1997 وبين محكمة بندر ثاني طنطا للأحوال الشخصية التي تنظر الدعوى رقم 108 لسنة 1996 المشار إليهما فقد أقام الدعوى الماثلة.
وحيث إن البند ثانياً من المادة 25 من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 ينص على اختصاص المحكمة الدستورية العليا دون غيرها بالفصل "في تنازع الاختصاص بتعيين الجهة المختصة من بين جهات القضاء أو الهيئات ذات الاختصاص القضائي. وذلك إذا رفعت الدعوى عن موضوع واحد أمام جهتين منها ولم تتخل إحداهما عن نظرها أو تخلت كلتاهما عنها" كما تنص المادة 31 من ذات القانون على أن
"لكل ذي شأن أن يطلب إلى المحكمة الدستورية العليا تعيين جهة القضاء المختصة بنظر الدعوى في الحالة المشار إليها في البند "ثانياً" من المادة 25، ويجب أن يبين في الطلب موضوع النزاع، وجهات القضاء التي نظرته وما اتخذته كل منها في شأنه. ويترتب على تقديم الطلب وقف الدعاوى القائمة المتعلقة به حتى الفصل فيه".
وحيث إن مناط قبول دعوى الفصل في تنازع الاختصاص - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن تطرح الدعوى عن موضوع واحد أمام جهتين من جهات القضاء أو الهيئات ذات الاختصاص القضائي، ولا تتخلى إحداهما عن نظرها أو تتخلى كلتاهما عنها، بما مؤداه أن فض تنازع الاختصاص القضائي الذي تنعقد لهذه المحكمة ولاية الفصل فيه، هو ذلك الذي يقوم بين أكثر من جهة من جهات القضاء أو الهيئات ذات الاختصاص القضائي، فإذا كان واقعاً بين محكمتين تابعتين لجهة قضائية واحدة، كان لمحاكم هذه الجهة وحدها ولاية الفصل فيه وفقاً للقواعد المعمول بها في نطاقها.
وحيث إن التنازع الماثل - وبفرض وجوده - لا يعتبر قائماً بين جهتين من جهات القضاء في تطبيق أحكام البند "ثانياً" من المادة 25 من قانون المحكمة الدستورية العليا باعتباره مردداً بين محكمة الأربعين الجزئية بالسويس، ومحكمة بندر ثاني طنطا الجزئية للأحوال الشخصية. وهما تابعتين لجهة قضائية واحدة هي جهة القضاء العادي؛ فإن الدعوى الماثلة تكون غير مقبولة.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى.

الطعن 5 لسنة 19 ق جلسة 3 / 4 / 1999 دستورية عليا مكتب فني 9 تنازع ق 12 ص 1174

جلسة 3 إبريل سنة 1999

برئاسة السيد المستشار/ محمد ولي الدين جلال - رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: سامي فرج يوسف والدكتور عبد المجيد فياض وماهر البحيري ومحمد علي سيف الدين ومحمد عبد القادر عبد الله وعلي عوض محمد صالح، وحضور السيد المستشار/ عبد الوهاب عبد الرازق - رئيس هيئة المفوضين، وحضور السيد/ حمدي أنور صابر - أمين السر.

--------------

قاعدة رقم (12)
القضية رقم 5 لسنة 19 قضائية "تنازع"

دعوى تنازع الاختصاص الإيجابي "جهة واحدة".
عدم قبول هذه الدعوى إذا كانت إحدى الجهتين قد فصلت نهائياً - قبل إقامتها - في النزاع المطروح عليها وغدا قائماً أمام جهة قضاء واحدة.

---------------
لا يجوز أن تقبل دعوى التنازع، إذا كانت إحدى الجهتين قد فصلت نهائياً - قبل إقامة دعوى التنازع أمام المحكمة الدستورية العليا - في الدعوى المطروحة عليها، مستنفدة بذلك ولايتها، وكاشفة عن خروج الخصومة من يدها إذ ليس ثمة محل بعدئذ لتعيين جهة الاختصاص بعد أن لم يعد النزاع مردداً بين جهتين قضائيتين، بل قائماً أمام جهة قضاء واحدة.


الإجراءات

بتاريخ 15 يونيه سنة 1997، أودعت الجمعية المدعية صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة، طالبة تعيين جهة القضاء المختصة بنظر النزاع القائم بينها والشركة المدعى عليها حول المستخلص رقم (8) والذي تقدر قيمته بمبلغ 1368372.104 جنيهاً والمرفوعة عنه الدعوى رقم 6070 لسنة 94 مدني محكمة شمال القاهرة الابتدائية وطلب التحكيم المقيد برقم 42 لسنة 1995 بجدول هيئة التحكيم المشكلة بالاتحاد التعاوني الإسكاني المركزي.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها.
ونظرت الدعوى على الوجه المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق - تتحصل في أنه بتاريخ 13/ 5/ 1989 تعاقدت الجمعية المدعية مع الشركة المدعى عليها على قيام الأخيرة بتنفيذ مشروع القرية السياحية للجمعية على أرضها الواقعة بالكيلو 75.875 - 76 طريق إسكندرية - مطروح، وإزاء نشوء خلافات بينهما حول تنفيذ العقد المذكور فقد أقامت الشركة الدعوى رقم 6070 لسنة 1964 مدني محكمة شمال القاهرة الابتدائية بطلب الحكم بإلزام الجمعية بأن تدفع لها مبلغ 1368372.64 جنيهاً وفوائده القانونية ومن جهة أخرى أقامت الجمعية ضد الشركة دعوى فرعية بطلب الحكم بفسخ عقد المقاولة محل النزاع وإلزامها برد مبلغ 240209 جنيهات ومبلغ مليوني جنيه تعويضاً عن الأضرار المادية والأدبية نتيجة تأخير الشركة في تنفيذ المشروع وبتاريخ 28/ 1/ 1995 أصدرت المحكمة حكماً تمهيدياً في الدعويين بندب مكتب خبراء وزارة العدل لتنفيذ المهمة المبينة بمنطوق ذلك الحكم.
وبتاريخ 12/ 12/ 1995 تقدمت الشركة المدعى عليها لهيئة التحكيم المشكلة بالاتحاد التعاوني الإسكاني المركزي وبطلب تحكيم قيد برقم 42 لسنة 1995 للحكم لها بإلزام الجمعية بأن تؤدي للشركة مبلغ 1368372.164 جنيهاً قيمة المستحقات المتأخرة للشركة، وبجلسة 30/ 3/ 1997 قضت هيئة التحكيم بعدم قبول الدفع المبدى بسقوط حق المحتكم في اللجوء إلى التحكيم وبإلزام الجمعية المحتكم ضدها بأن تؤدي للشركة المحتكمة المبالغ المبينة بمنطوق الحكم وأحقية الشركة المحتكمة في ضم مدة قدرها تسعة وخمسون شهراً وتسعة أعشار الشهر كمدة توقف إلى مدة المشروع وإلزام الجمعية المحتكم ضدها بأن تؤدي للشركة المحتكمة علاوة تضخم للأعمال المتبقية تعادل واحداً في المائة على كل شهر توقف من المدة المحسوبة سلفاً. فطعنت الجمعية على هذا الحكم بالاستئناف رقم 11 لسنة 114 قضائية أمام محكمة استئناف القاهرة طالبة بصفة مستعجلة وقف تنفيذه وفي الموضوع ببطلانه.
وإذ تراءى للجمعية المدعية أن ثمة تنازعاً إيجابياً على الاختصاص في شأن موضوع واحد بين محكمة شمال القاهرة الابتدائية من ناحية وهيئة التحكيم بالاتحاد التعاوني الإسكاني المركزي من ناحية أخرى فقد أقامت دعواها الماثلة بطلب تعيين جهة القضاء المختصة بنظرها هذا النزاع.
وحيث إن من المقرر - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن مناط قبول دعوى الفصل في تنازع الاختصاص وفقاً للبند "ثانياً" من المادة 25 من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 هو أن تطرح الدعوى عن موضوع واحد أمام جهتين من جهات القضاء، أو الهيئات ذات الاختصاص القضائي، ولا تتخلى إحداهما عن نظرها أو تتخلى كلتاهما عنها. وشرط انطباقه بالنسبة إلى التنازع الإيجابي أن تكون المنازعة قائمة في وقت واحد أمام الجهتين المتنازعين، وأن تكون كلتاهما قد تمسكت باختصاصها بنظرها عند رفع الأمر إلى المحكمة الدستورية العليا مما يبرر الالتجاء إلى هذه المحكمة لتعيين الجهة المختصة بنظرها والفصل فيها، وهو ما حدا بالمشرع إلى النص في الفقرة الثالثة من المادة 31 من القانون ذاته، على أنه يترتب على تقديم الطلب "وقف الدعاوى القائمة المتعلقة به حتى الفصل فيه". وتفريعاً على هذا الأصل لا يجوز أن تقبل دعوى التنازع، إذا كانت إحدى الجهتين قد فصلت نهائياً - قبل إقامة دعوى التنازع أمام المحكمة الدستورية العليا - في الدعوى المطروحة عليها، مستنفدة بذلك ولايتها، وكاشفة عن خروج الخصومة من يدها إذ ليس ثمة محل بعدئذ لتعيين جهة الاختصاص بعد أن لم يعد النزاع مردداً بين جهتين قضائيتين، بل قائماً أمام جهة قضاء واحدة.
وحيث إنه متى كان ذلك، وكانت هيئة التحكيم المشكلة بالاتحاد التعاوني الإسكاني المركزي قد فصلت في النزاع المطروح عليها في طلب التحكيم رقم 42 لسنة 1995 بحكم منه للخصومة، وذلك قبل رفع الأمر إلى المحكمة الدستورية العليا، مستنفدة بذلك ولايتها في نظره، فإن قالة التنازع لا يكون لها من محل، مما يتعين معه الحكم بعدم قبول الدعوى.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى.

الطعن 6 لسنة 20 ق جلسة 3 / 4 / 1999 دستورية عليا مكتب فني 9 تنازع ق 11 ص 1170

جلسة 3 إبريل سنة 1999

برئاسة السيد المستشار/ محمد ولي الدين جلال - رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: سامي فرج يوسف والدكتور عبد المجيد فياض وماهر البحيري ومحمد علي سيف الدين ومحمد عبد القادر عبد الله وعلي عوض محمد صالح، وحضور السيد المستشار/ عبد الوهاب عبد الرازق - رئيس هيئة المفوضين، وحضور السيد/ حمدي أنور صابر - أمين السر.

-------------

قاعدة رقم (11)
القضية رقم 6 لسنة 20 قضائية "تنازع"

دعوى تنازع الاختصاص الإيجابي "إجراءات لاحقة - مرفقات".
عدم الاعتداد بما تتخذه أي من الجهتين المتنازعتين على الاختصاص من إجراءات أو قرارات تالية لتاريخ تقديم الدعوى إلى المحكمة الدستورية العليا - عدم قبول الدعوى إذا لم يرفق بطلب الفصل في التنازع ما يدل على تمسك كل من الجهتين باختصاصها بنظر المنازعة.

---------------
وضع طلب تنازع الاختصاص أمام المحكمة الدستورية العليا، إنما يتحدد بالحالة التي تكون عليها المنازعة الموضوعية أمام كل من جهتي القضاء المدعى بتنازعهما على الاختصاص في تاريخ تقديم الطلب إلى هذه المحكمة دونما اعتداد بما تكون أي من هاتين الجهتين قد اتخذته من إجراءات أو أصدرته من قرارات تالية لهذا التاريخ.
الجمعية المدعية لم ترفق بطلبها الماثل - وفقاً لحكم المادتين 31، 34 من قانون المحكمة - ما يدل على أن هيئة التحكيم المشكلة بالاتحاد التعاوني الإسكاني المركزي قضت باختصاصها بالمنازعة المطروحة أمامها بطلب التحكيم رقم 27 لسنة 1997 أو مضت في نظرها - بافتراض وحدة الموضوع بينها وبين الدعاوى المعروضة أمام جهة القضاء العادي - بما يفيد تخليها عنها حتى يمكن القول بتمسك كل جهة منهما باختصاصها؛ بما يترتب عليه من قيام تنازع إيجابي على الاختصاص بينهما يستنهض ولاية هذه المحكمة للفصل فيه، الأمر الذي يتعين معه الحكم بعدم قبول الدعوى.


الإجراءات

بتاريخ 4 إبريل سنة 1998، أودعت الجمعية المدعية صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة، طالبة تعيين جهة القضاء المختصة بنظر النزاع القائم بينها والشركة المدعى عليها والناجم عن عقد المقاولة المبرم بينهما في 13/ 5/ 1989 والمردد في الدعوى رقم 6070 لسنة 94 مدني محكمة شمال القاهرة الابتدائية والدعوى الفرعية المنبثقة عنها والدعوى رقم 210 لسنة 1995 تعويضات محكمة شمال القاهرة الابتدائية وطلب التحكيم المقيد برقم 27 لسنة 1997 بجدول هيئة التحكيم المشكلة بالاتحاد التعاوني الإسكاني المركزي.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها.
ونظرت الدعوى على الوجه المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق - تتحصل في أن الشركة المدعى عليها كانت قد أقامت ضد الجمعية المدعية وآخر الدعوى رقم 6070 لسنة 1994 مدني محكمة شمال القاهرة الابتدائية بطلب إلزام الجمعية بدفع مبلغ 1368372.164 جنيهاً قيمة المستخلص رقم (8) المستحق للشركة عن الأعمال التي قامت بتنفيذها بناء على عقد المقاولة المبرم بينهما بتاريخ 13/ 5/ 1989، وأثناء نظرها أقامت الجمعية دعوى فرعية ضد الشركة بطلب الحكم بفسخ عقد المقاولة محل النزاع وإلزام الشركة برد مبلغ 240209 جنيهات وتعويضاً مقداره مليونا جنيه، وبجلسة 28/ 1/ 1995 قضت تلك المحكمة - وقبل الفصل في الموضوع - بندب مكتب خبراء وزارة العدل بشمال القاهرة لأداء المهمة المبينة تفصيلاً بالحكم المذكور. ومن جهة أخرى أقامت الشركة ضد الجمعية المدعية الدعوى رقم 210 لسنة 1995 مدني محكمة شمال القاهرة الابتدائية بطلب إلزامها بأن تؤدي لها تعويضاً مقداره 48947799 جنيهاً، ومبلغ 17174.500 جنيهاً عن كل يوم اعتباراً من 1/ 1/ 1995 وحتى تمام تنفيذ المشروع فضلاً عن الفوائد القانونية المستحقة على مبلغ 1368372.164 جنيهاً منذ تاريخ الاستحقاق وحتى تمام السداد. وبجلسة 22/ 6/ 1996 أصدرت المحكمة حكماً تمهيدياً بإحالة القضية إلى مكتب خبراء شمال القاهرة لأداء المهمة المحددة بمنطوق الحكم. ثم تقدمت الشركة لهيئة التحكيم المشكلة بالاتحاد التعاوني الإسكاني المركزي بطلب تحكيم قيد برقم 27 لسنة 1997 طلبت فيه فسخ عقد المقاولة المؤرخ 13/ 5/ 1989 وإلزام الجمعية بطلبات الشركة المبينة تفصيلاً بطلب التحكيم المشار إليه.
وإذ تراءى للجمعية المدعية أن ثمة تنازعاً إيجابياً على الاختصاص في شأن موضوع واحد بين محكمة شمال القاهرة الابتدائية من ناحية وهيئة التحكيم بالاتحاد التعاوني الإسكاني المركزي من ناحية أخرى فقد أقامت دعواها الماثلة بطلب تعيين جهة القضاء المختصة بنظر هذا النزاع.
وحيث إن مناط قبول دعوى تنازع الاختصاص وفقاً للبند "ثانياً" من المادة 25 من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 هو - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن تطرح الدعوى عن موضوع واحد أمام جهتين من جهات القضاء، أو الهيئات ذات الاختصاص القضائي، ولا تتخلى إحداهما عن نظرها أو تتخلى كلتاهما عنها. وشرط انطباقه بالنسبة إلى التنازع الإيجابي أن تكون المنازعة قائمة في وقت واحد أمام الجهتين المتنازعتين، وأن تكون كلتاهما قد تمسكت باختصاصها بنظرها عند رفع الأمر إلى المحكمة الدستورية العليا مما يبرر الالتجاء إلى هذه المحكمة لتعيين الجهة المختصة بنظرها والفصل فيها، وهو ما حدا بالمشرع إلى النص في الفقرة الثالثة من المادة 31 من ذلك القانون، على أنه يترتب على تقديم الطلب "وقف الدعاوى القائمة المتعلقة به حتى الفصل فيه".
وحيث إنه متى كان ما تقدم، وكان وضع طلب تنازع الاختصاص أمام المحكمة الدستورية العليا، إنما يتحدد بالحالة التي تكون عليها المنازعة الموضوعية أمام كل من جهتي القضاء المدعى بتنازعهما على الاختصاص في تاريخ تقديم الطلب إلى هذه المحكمة دونما اعتداد بما تكون أي من هاتين الجهتين قد اتخذته من إجراءات أو أصدرته من قرارات تالية لهذا التاريخ، فإنه حتى بافتراض أن قضاء محكمة شمال القاهرة الابتدائية بإحالة الدعوى رقم 6070 لسنة 1994 والدعوى الفرعية المنبثقة عنها والدعوى رقم 210 لسنة 1995 إلى مكتب الخبراء لأداء المهمة المعهود بها إليه ينبئ عن تمسكها باختصاصها بنظر هذه الدعاوى؛ فإن الجمعية المدعية لم ترفق بطلبها الماثل - وفقاً لحكم المادتين 31، 34 من قانون المحكمة - ما يدل على أن هيئة التحكيم المشكلة بالاتحاد التعاوني الإسكاني المركزي قضت باختصاصها بالمنازعة المطروحة أمامها بطلب التحكيم رقم 27 لسنة 1997 أو مضت في نظرها - بافتراض وحدة الموضوع بينها وبين الدعاوى المعروضة أمام جهة القضاء العادي - بما يفيد عدم تخليها عنها حتى يمكن القول بتمسك كل جهة منهما باختصاصها؛ بما يترتب عليه من قيام تنازع إيجابي على الاختصاص بينهما يستنهض ولاية هذه المحكمة للفصل فيه، الأمر الذي يتعين معه الحكم بعدم قبول الدعوى.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى.