الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 9 نوفمبر 2023

الطعن 3631 لسنة 91 ق جلسة 24 / 5 / 2023

باسم الشعب
محكمة النقض
الدائرة العمالية
برئاسة السيد القاضي / إسماعيل عبد السميع نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة /سمير عبد المنعم ، الدسوقي الخولي ، خالد مدكور و طارق تميرك نواب رئيس المحكمة ورئيس النيابة السيد / أحمد شبل . وأمين السر السيد / محمد إسماعيل .

في الجلسة العلنية المنعقدة بمقر المحكمة بدار القضاء العالي بمدينة القاهرة .
في يوم الأربعاء 4 ذو القعدة سنة 1444 ه الموافق 24 من مايو سنة 2023 م .
أصدرت الحكم الآتي :
في الطعن المقيد في جدول المحكمة برقم 3631 لسنة 91 القضائية .

المرفوع من
السيد/ رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب لشركة مصر للتأمين . موطنه القانوني/ 1 شارع ميدان طلعت حرب - قسم قصر النيل - القاهرة . حضر الأستاذ / ..... المحامي عن الطاعنة .
ضد
السيد/ ..... . المقيم / .... - الزيتون - القاهرة .
السيد / شركة مصر القابضة للتأمين .
السيد / شركة مصر لتأمينات الحياة .
حضر الأستاذ / ...... المحامي المطعون ضده الأول بشخصه .

-----------
" الوقائع "
في يوم 2/3/2021 طُعن بطريق النقض في حكم محكمة استئناف القاهرة الصادر بتاريخ 5/1/2021 في الاستئناف رقم 1528 لسنة 137 ق وذلك بصحيفة طلبت فيها الطاعنة الحكم بقبول الطعن شكلاً ، وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه .
وفي اليوم نفسه أودعت الطاعنة مذكرة شارحة وحافظة بالمستندات .
وفي 13/3/2021 أعلن المطعون ضده الأول بصحيفة الطعن .
وفي 23/3/2021 أودع المطعون ضدهما مذكرة بدفاعهما مشفوعة بالمستندات .
ثم أودعت النيابة مذكرتها وطلبت فيها : قبول الطعن شكلاً ، وفي الموضوع بنقض الحكم جزئيًا كما ورد بالمذكرة .
وبجلسة 14/12/2022 عُرِض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر فحددت لنظره جلسة للمرافعة وبها سُمِعت الدعوى أمام هذه الدائرة على ما هو مُبين بمحضر الجلسة - حيث صمم محامي الطاعنة والمطعون ضدهما الأول والثاني والنيابة على ما جاء بمذكراتهم - والمحكمة أصدرت الحكم بجلسة اليوم .

----------------
" المحكمة "
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر " طارق تميرك نائب رئيس المحكمة " والمرافعة وبعد المداولة .
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية .
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضدهما أقاما الدعوى رقم 3592 لسنة 2018 عمال جنوب القاهرة الابتدائية على الطاعنة - شركة مصر للتأمين - ، والخصمين المدخلين في الطعن - شركة مصر القابضة للتأمين - ، وشركة - مصر لتأمينات الحياة - بطلب الحكم أولًا : بأحقيتهما في منحهما علاوة خاصة بنسبة 10% من الأجر الأساسي لكل منهما في 30/6/2016 ، وبحد أقصى 120 جنيه شهريًا إعمالًا للقانون رقم 16 لسنة 2017 تضم إلى الأجر الأساسي لهما اعتبارًا من أول يوليو 2016 مع ما يترتب على ذلك من آثار وفروق مالية . ثانيًا : أحقيتهما في منحهما علاوة خاصة شهرية بنسبة 10% من الأجر الأساسي لكل منهما في 30/7/2016 وبدون حد أقصى إعمالًا للقانون رقم 77 لسنة 2017 تضم إلى الأجر الأساسي لهما اعتبارًا من أول يوليو سنة 2017 مع ما يترتب على ذلك من آثار وفروق مالية . ثالثًا : أحقيتهما في منحهما علاوة غلاء استثنائية بنسبة 10% من الأجر الأساسي لكل منهما في 30/6/2017 وبحد أقصى 130 جنيه شهريًا إعمالًا للقانون رقم 78 لسنة 2017 تضم إلى الأجر الأساسي لكلٍ منهما اعتبارًا من أول يوليو سنة 2017 مع ما يترتب على ذلك من آثار وفروق مالية ، وإلزام الطاعنة والمطعون ضدها الثالثة بالتضامن فيما بينهما بالتعويض بمبلغ (100000 جنيه) لكل منهما عن الفعل غير المشروع ، وإلزام المطعون ضدها الرابعة بصرف وثائق التأمين الناتجة عن ضم العلاوات سالفة البيان لأساس راتب المطعون ضدهما ، وقالا بيانًا لها إنهما كانا من العاملين لدى الطاعنة التي امتنعت بدون مبرر عن صرف وضم العلاوات - المشار إليها - إلى أجورهم الأساسية واحتسابها ضمن عناصر الأجر الذي تحتسب عليه الميزة التأمينية بوثائق التأمين المبرمة مع المطعون ضدها الرابعة المدخلة في الطعن بالمخالفة لأحكام القوانين المقررة لها ، ومن ثم فقد أقاما الدعوى بطلباتهما سالفة البيان ، ندبت المحكمة خبيرًا ، وبعد أن قدم تقريره حكمت بتاريخ 30/1/2020 برفض الدعوى ، استأنف المطعون ضدهما الأول والثاني هذا الحكم بالاستئناف رقم 1528 لسنة 137 ق القاهرة ، وبتاريخ 5/1/2022 حكمت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وبإجابتهما إلى طلباتهما بشأن العلاوات المطالب بها ، وألزمت الطاعنة والمطعون ضدها الثالثة المدخلة في الطعن بأن تؤدي لكل منهما مبلغ (10000 جنيه) تعويضًا ماديًا وأدبيًا ، وألزمت المطعون ضدها الرابعة بصرف الفروق المالية بوثائق التأمين لديها والناتجة عن ضم العلاوات المطالب بها ، طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض ، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم جزئيًا ، عُرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره ، ونفذت الطاعنة قرار هذه المحكمة باختصام المطعون ضدهما الثالثة والرابعة في الطعن ، وفيها التزمت النيابة رأيها .
وحيث إن الطعن أقيم على سببين تنعي بهما الطاعنة على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والقصور في التسبيب ، وفي بيان ذلك تقول إن الحكم المطعون فيه قضى بأحقية المطعون ضدهما الأول والثاني في صرف العلاوة الخاصة المقررة بكل من القانونين رقمي 16 ، 77 لسنة 2017 ، وعلاوة الغلاء الاستثنائية المقررة بالقانون 78 لسنة 2017 وضمهما للأجر الأساسي لكلٍ منهما اعتبارًا من 1/7/2016 ، 1/7/2017 والفروق المالية المترتبة على ذلك ، والتعويض المادي والأدبي رغم إنها من غير المخاطبين بهذه القوانين باعتبارها من الأشخاص الاعتبارية الخاصة ، ويسري عليها قانون شركات قطاع الأعمال رقم 203 لسنة 1991 فضلًا عن صرفها للعاملين لديها العلاوة المنصوص عليها بالقانون رقم 16 لسنة 2017 ولم تضمها للأجور الأساسية لأن هذا القانون لم يلزمها بذلك ، وأن عدم ضمها لهذه العلاوة وعدم صرفها للعلاوتين المقررتين بالقانونين 77 ، 78 لسنة 2017 لا يعتبر خطأ يستوجب التعويض ، وهو ما يعيبه ويستوجب نقضه .
وحيث إن الشق الأول من هذا النعي بخصوص قضاء الحكم المطعون فيه بأحقية المطعون ضدهما الأول والثاني في صرف العلاوة الخاصة المقررة بالقانون 77 لسنة 2017 وضمها ، والعلاوة الخاصة المقررة بالقانون 16 لسنة 2017 للأجر الأساسي لكل منهما فهو في غير محله ، ذلك أن المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن علاقة العمل فيما بين العامل وصاحب العمل يحكمها العقد ولائحة نظام العمل والقانون ، وأن لائحة نظام العمل بما تتضمنه من أحكام خاصة بالأجور والعلاوات والمنح والمكافآت وسائر الملحقات الأخرى ملزمة لصاحب العمل لما تنطوي عليه من قواعد عامة مجردة تتحدد بموجبها حقوق العاملين وواجباتهم ، كما إنها ملزمة للعامل ، وتستمد قوتها الإلزامية قبله من الحق المقرر لصاحب العمل في تنظيم منشأته والإشراف على العاملين بها . لما كان ذلك ، وكان الثابت أن لائحة نظام العاملين لدى الطاعنة الصادرة نفاذًا للقانون رقم 203 لسنة 1991 بشأن شركات قطاع الأعمال العام المقدمة رفق الطعن إنها نصت في المادة ( 50 ) منها على أنه " يحدد أجر العامل عند تعيينه ببداية الربط المقرر للوظيفة وفقًا لجدول الأجور المرفق أو الأجر المحدد بالعقد مع سريان تطبيق أحكام القوانين الصادرة بشأن العلاوات الخاصة وضمها للأجور الأساسية أو المنح التي تقررها الدولة للعاملين ............." ومفاد ذلك أن الشركة الطاعنة ألزمت نفسها بتطبيق القوانين الصادرة بمنح العاملين بالدولة علاوات خاصة وضمها للأجر الأساسي على العاملين لديها ، وإذ صدر القانون رقم 16 لسنة 2017 ونص في مادته الأولى على أن " يمنح جميع العاملين بالدولة من غير المخاطبين بأحكام قانون الخدمة المدنية ....... اعتبارًا من أول يوليو عام 2016 علاوة خاصة شهرية بنسبة 10% من الأجر الأساسي لكل منهم في 30/6/2016 أو في تاريخ التعيين بالنسبة لمن يُعين بعد هذا التاريخ بحد أدنى 65 جنيه وحد أقصى 120 جنيه ، وتعد هذه العلاوة جزء من الأجر الأساسي للعامل وتضم إليه اعتبارًا من أول يوليو 2016، كما أن القانون رقم 77 لسنة 2017 نص في مادته الأولى على أن " يمنح العاملون بالدولة من غير المخاطبين بأحكام قانون الخدمة المدنية ..... اعتبارًا من أول يوليو لسنة 2017 علاوة خاصة بنسبة 10% من الأجر الأساسي لكل منهم في 30/6/2017 أو في تاريخ التعيين بالنسبة لمن يعين بعد هذا التاريخ بحد أدنى 65 جنيه شهريًا ، وتعد هذه العلاوة جزءً من الأجر الأساسي للعامل ، وتضم إليه اعتبارًا من أول يوليو سنة 2017 ، فإن الطاعنة وإعمالاً للمادة (50) من لائحة نظام العاملين لديها تكون ملزمة بصرف هاتين العلاوتين للعاملين لديها بالقدر المحدد بالمادة الأولى من القانونين المذكورين سالفي البيان وضمها للأجر الأساسي لكل منهم اعتبارًا من 1/7/2016 ، 1/7/2017 وإذ امتنعت الطاعنة عن صرف العلاوة الخاصة المقررة بالقانون 77 لسنة 2017 وضمها والعلاوة الخاصة المقررة بالقانون 16 لسنة 2017 للأجر الأساسي لكل من المطعون ضدهما الأول والثاني ، فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بأحقيتهما في صرف العلاوة الأولى وضمها والعلاوة الثانية للأجر الأساسي لكل منهما اعتبارًا من 1/7/2016 ، 1/7/2017 والفروق المالية المترتبة على ذلك ، فإنه لا يكون قد خالف القانون ، ويضحى هذا الشق من النعي في هذا الخصوص على غير أساس .
أما الشق الثاني من النعي الخاص بقضاء الحكم المطعون فيه بأحقية المطعون ضدهما في صرف العلاوة الخاصة المقررة بالقانون 16 لسنة 2017 وعلاوة الغلاء الاستثنائية المقررة بالقانون رقم 78 لسنة 2017 وضم العلاوة الأخيرة للأجر الأساسي لكل منها اعتبارًا من أول يوليو 2017 والفروق المالية المترتبة على ذلك فهو في محله ، ذلك أن النص في المادة الأولى من القانون رقم 78 لسنة 2017 بشأن منح علاوة استثنائية للعاملين بالدولة من غير المخاطبين بقانون الخدمة المدنية على أنه " يمنح العاملون بالدولة من غير المخاطبين بأحكام قانون الخدمة المدنية .......... اعتبارًا من أول يوليو 2017 علاوة غلاء استثنائية بنسبة 10% من الأجر الأساسي لكل منهم في 30/6/2017 أو في تاريخ التعيين بالنسبة لمن يعين بعد هذا التاريخ بحد أدنى 65 جنيه شهريًا ، وبحد أقصى 130 جنيه شهريًا ، وتعد هذه العلاوة جزء من الأجر الأساسي للعامل وتضم إليه اعتبارًا من أول يوليو 2017 ، والنص في المادة الثانية على إنه " يقصد بالعاملين بالدولة في تطبيق أحكام هذا القانون العاملون الدائمون والمؤقتون بمكافآت شاملة وذو المناصب العامة والربط الثابت داخل جمهورية مصر العربية من غير المخاطبين بأحكام قانون الخدمة المدنية المشار إليه ، وكذلك العاملون بالدولة الذين تنظم شئون توظيفهم قوانين أو لوائح خاصة " يدل على أن العلاوة الاستثنائية المنصوص عليها بالمادة الأولى المشار إليها يقتصر صرفها على العاملين بأجهزة الدولة والعاملين لدى الأشخاص الاعتبارية العامة الذين تنظم شئون توظيفهم قوانين ولوائح خاصة ، ولا تسري على من عداهم من العاملين لدى الشركات الخاصة . لما كان ذلك ، وكانت الطاعنة من شركات قطاع الأعمال العام وتابعة للشركة القابضة للتأمين ، ويحكمها قانون شركات قطاع الأعمال العام الصادر بالقانون 203 لسنة 1991 نفاذاً لقرار رئيس الجمهورية رقم 246 لسنة 2006 بتأسيس الشركة القابضة للتأمين بتاريخ 15/7/2006 ، ومن ثم فإنها لا تعتبر من الجهات المخاطبة بالمادة الأولى سالفة البيان ، وإنما تندرج في عداد أشخاص القانون الخاص ، ولا تكون ملزمة بمنح هذه العلاوة للعاملين لديها إلا إذا ارتأت غير ذلك ومنحتها لهم ولو بشروط غير تلك الواردة بالقانون المذكور ، وفي هذه الحالة لا يجوز إجبارها على ضم هذه العلاوة للأجور الأساسية لهم باعتبار إنها غير مخاطبة بهذا القانون أصلاً ، ولا يغير من ذلك ما ورد بالمادة (50) من لائحة نظام العاملين لدى الطاعنة لأن نطاق هذه المادة على النحو السالف بيانه اقتصر على تطبيق القوانين المقررة للعلاوات الخاصة دون ما عداها من علاوات أخرى يتم منحها للعاملين بالدولة . لما كان ذلك ، وكان الثابت مما سجله الحكم بمدوناته أخذاً بتقرير الخبير المقدم في الدعوى أن الطاعنة صرفت للمطعون ضدهما الأول والثاني العلاوة الخاصة المقررة بالقانون 16 لسنة 2017 ، كما خلت الأوراق مما يثبت أن الطاعنة ألزمت نفسها بصرف علاوة الغلاء الاستثنائية المقررة بالقانون 78 لسنة 2017 للعاملين لديها وضمها إلى الأجور الأساسية ، فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بإلزامها بصرف العلاوة المقررة بالقانون 16 لسنة 2017 رغم ثبوت صرفها وصرف علاوة الغلاء الاستثنائية المقررة بالقانون 78 لسنة 2017 وضمها للأجر الأساسي رغم عدم التزام الطاعنة بذلك ، فإنه يكون قد خالف القانون بما يوجب نقضه في هذا الخصوص .
وحيث إنه عن الشق الثالث من النعي بخصوص ما قضى به الحكم من تعويض للمطعون ضدهما الأول والثاني فإنه في محله ، ذلك أنه يشترط في التعويض أن يكون بالقدر اللازم لجبر الضرر غير زائدًا عليه . لما كان ذلك ، وكانت المحكمة قد انتهت فيما سلف إلى ثبوت صرف الطاعنة العلاوة الخاصة المقررة بالقانون 16 لسنة 2017 للمطعون ضدهما الأول والثاني وعدم أحقيتهما في صرف علاوة الغلاء الاستثنائية المقررة بالقانون 78 لسنة 2017 وضمها إلى الأجر الأساسي لكل منهما ، فإن الحكم المطعون فيه إذ احتسب في عناصر الضرر المقضي بالتعويض عنه الضرر الناتج من عدم صرف العلاوة الأولى وعدم صرف العلاوة الثانية وضمهما للأجر الأساسي رغم انتفاء هذا الضرر لثبوت صرف الطاعنة للعلاوة الأولى ، ولعدم أحقية المطعون ضدهما الأول والثاني في العلاوة الثانية ، وإلزام الطاعنة بالتعويض عن هذا الضرر ، ثم انتهى في منطوقه بإلزام المطعون ضدها الثالثة مع الطاعنة بهذا التعويض رغم قضائه في أسبابه بانتفاء مسئولية المطعون ضدها الثالثة عن التعويض المطالب به ، فإنه يكون فضلًا عما شابه من تناقض قد خالف القانون ، بما يوجب نقضه على أن يكون مع النقض الإحالة في هذا الخصوص .
وحيث إن الموضوع بشأن ما قضى به الحكم المطعون فيه من صرف العلاوة الخاصة المقررة بالقانون 16 لسنة 2017 ، وصرف علاوة الغلاء الاستثنائية المقررة بالقانون 78 لسنة 2017 وضمها للأجر الأساسي للمطعون ضدهما صالحًا للفصل فيه ، ولما تقدم تعين الحكم في الاستئناف رقم 1528 لسنة 137 ق القاهرة بإلغاء الحكم المستأنف في خصوص ما قضى به من رفض طلب المطعون ضدهما الأول والثاني بأحقيتهما في صرف العلاوة الخاصة المقررة بالقانون 77 لسنة 2017 وضمها والعلاوة الخاصة المقررة بالقانون 16 لسنة 2017 للأجر الأساسي ، والقضاء بإلزام الطاعنة بصرف العلاوة الأولى وضمها والعلاوة الثانية للأجر الأساسي للمطعون ضدهما في التاريخ المحدد بكل منهما والفروق المالية المترتبة على ذلك ، والتأييد فيما قضى به من رفض طلبهما بصرف العلاوة الخاصة المقررة بالقانون 16 لسنة 2017 ، وعلاوة الغلاء الاستثنائية المقررة بالقانون 78 لسنة 2017 وضمها للأجر الأساسي لكل منهما .
لذلك
نقضت المحكمة : - الحكم المطعون فيه نقضًا جزئيًا في خصوص ما قضى به للمطعون ضدهما الأول والثاني من تعويض ، وصرف العلاوة الخاصة المقررة بالقانون 16 لسنة 2017 وصرف علاوة الغلاء الاستثنائية المقررة بالقانون 78 لسنة 2017 وضمها للأجر الأساسي لكل منهما ، وأحالت طلب التعويض إلى محكمة استئناف القاهرة ، وحكمت في الاستئناف رقم 1528 لسنة 137 ق القاهرة بإلغاء الحكم المستأنف في خصوص ما قضى به من رفض طلب المطعون ضدهما الأول والثاني بصرف العلاوة الخاصة المقررة بالقانون 77 لسنة 2017 وضمها والعلاوة الخاصة المقررة بالقانون 16 لسنة 2017 للأجر الأساسي ، والقضاء بأحقيتهما في صرف العلاوة الأولى وضمها والعلاوة الثانية إلى الأجر الأساسي لكل منهما في التاريخ المحدد بهذين القانونيين والفروق المالية المترتبة على ذلك ، وتأييده بشأن ما قضى به من رفض طلبهما بصرف العلاوة المقررة بالقانون 16 لسنة 2017 وعلاوة الغلاء الاستثنائية المقررة بالقانون 78 لسنة 2017 وضمها للأجر الأساسي ، وألزمتهما بالمناسب من مصروفات الطعن ودرجتي التقاضي ، ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة ، وأعفتهما من الرسوم القضائية .

الطعن 20825 لسنة 89 ق جلسة 23 / 6 / 2021

باسم الشعب

محكمة النقض
الدائرة العمالية
برئاسة السيد القاضى / سمير عبد المنعم نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / الدسوقى الخولى ، محمد الاتربى طارق تميرك و عادل فتحى نواب رئيس المحكمة ورئيس النيابة السيد / حسن عبده شتات . وأمين السر السيد / محمد اسماعيل .

فى الجلسة العلنية المنعقدة بمقر المحكمة بدار القضاء العالى بمدينة القاهرة .
فى يوم الأربعاء 14 من شوال سنة 1442ه الموافق 23 يونيه سنة 2021 م .
أصدرت الحكم الآتى
فى الطعن المقيد فى جدول المحكمة برقم 20825 لسنة 89 القضائية .

المرفوع من
السيد / رئيس مجلس اداره شركة شرق الدلتا لانتاج الكهرباء . موطنه القانونى / بشارع شبين الكوم خلف مديرية الزراعه بالاسماعيليه .حضر الاستاذ / ...... المحامى عن الطاعنه
ضد
السيدة/ ..... . المقيمة / ...... - ثان الاسماعيليه
لم يحضر احد عن المطعون ضده .

----------------

" المحكمة "

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد القاضى المقرر " محمد الاتربى " نائب رئيس المحكمة " والمرافعة وبعد المداولة .
حيث إن الطعن استوفى اوضاعه الشكليه
وحيث إن الوقائع على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الاوراق تتحصل فى ان المطعون ضدها اقامت الدعوى رقم 724 لسنه 2019 عمال الاسماعيليه الابتدائية على الطاعن شركة شرق الدلتا لانتاج الكهرباء بطلب الحكم بأحقيتها العلاوتين الخاصه بواقع 10% من الاجر الاساسى والاستثنائيه بواقع 190 جنيها شهريا والمقررتين بالقانون رقم96 لسنه 2018 وضمها الى اجرها الاساسى اعتبارا من 1/ 7/ 2018 مع ما يترتب على ذلك من اثار وفروق ماليه وقال بيانا لها انها من العاملين لدى الطاعنه التى رفضت منحها العلاوتين المشار اليهما انفا ومن ثم فقد اقامت الدعوى بطلباتها سالفه البيان ندبت المحكمة خبيرا وبعد أن أودع تقريره حكمت بتاريخ 13/ 4/ 2019 باجابه المطعون ضدها لطلباتها استأنفت الطاعنه هذا الحكم بالاستئناف رقم 1041 لسنه 44 ق الاسماعيليه وبتاريخ 25/ 8/ 2019 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستانف طعنت الطاعنه فى هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابه مذكرة ابدت فيها الرأى بنقضه نقضاً جزئيا فى خصوص ما قضى به من ضم العلاوه الاستثنائيه للاجراءات للمطعون ضدها الطعن على هذه المحكمة فى غرفه مشورة فحددت جلسه لنظرة وفيها التزمت النيابه رأيها .
وحيث إن الطعن أقيم على سبب واحد تنعى به الطاعن على الحكم المطعون فيه مخالفه القانون والخطا فى تطبيقه وفى بيانه تقول ان الحكم المطعون فيه قضى للمطعون ضده بالعلاوة الخاصه والاستثنائيه وضمها الى اجرة الاساس اعتبارا من 1/ 7/ 2018 اعمالا لاحكام القانون رقم 96 لسنه 2018 بمنح علاوه خاصه وعلاوة استثنائيه للموظفين والعاملين بالدولة رغم انها من غير المخاطبين بهذا القانون بأعتبارهما من الاشخاص الاعتبارية الخاصه ويسرى عليها قانون شركات المساهمه رقم 159 لسنه 1981 وفقاً لنظامها الاساس فضلاً عن صرفها للعاملين لديها علاوة دورية وعلاوة استثنائية بالقدر المنصوص عليه بهذا القانون نفاذا لقرار الشركة القابضه لكهرباء مصر وهو ماي يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
وحيث إن الشق الاول من هذا النعى بخصوص قضاء الحكم للمطعون ضده بالعلاوة الخاصه وضمها الى الأجر الاساس فهو فى غير محله . ذلك أن المقرر فى قضاء هذه المحكمة ان علاقه العمل فيما بين العامل وصاحب العمل يحكمها العقد ولائحة نظام العمل والقانون وأن لائحة نظام العمل بما تتضمنه من أحكام خاصه بالاجور والعلاوات والمنح والمكافأت وسائر الملحقات الاخرى ملزمة لصاحب العمل لما تنطوى عليه من قواعد عامة محررة تتحدد بموجبها حقوق العاملين وواجباتهم ، كما انها ملزمة للعامل وتستمد قوتها الالزامية قبله من الحق المقرر لصاحب العمل فى تنظيم منشأته والاشراف على العاملين بها . لما كان ذلك وكان الثابت بالاوراق أن مجلس ادارة الشركة الطاعنه وبماله من الحق فى ضوع لائحة نظام العمل بها اعمالا للمادة (30 ) من نظامها الاساس المنشور فى الجريردة الرسمية العدد 91 ( تابع ) فى 23/ 4/ 2007 قد وضع لائحة نظام العاملين وتم العمل بها اعتباراً من 29/ 1/ 2003 بعد موافقه مجلس ادارة الشركة القابضه لكهرباء مصر عليها وتضمنت النص فى المادة 33 منها على انه " مع مراعاه ما ورد بأحكام المادة (15) من هذه اللائحة يحدد أجر العامل عند تعيينه ببدايه الربط المقرر للوظيفه وفقا لجدول الأجور رقم (1) المرفق بهذه اللائحة مع سريان احكام القوانين الصادرة بشأن العلاوات الخاصه وضمها الى الأجور الاساسيه أو المنح التى تقررها الدولة للعاملين ...." ومفاد ذلك ان الشركة الطاعنه الزمت نفسها بتطبيق القوانين الصادرة بمنح العاملين بالدولة علاوات خاصه وضمها إلى الأجر الاساسي وكذلك المنح على العاملين لديها واذ صدر القانون رقم 96 لسنه 2018 ونص فى مادته الثانيه على أنه " اعتباراً من 1/ 7/ 2018 يمنح العاملون بالدولة ......علاوة خاصه بنسبة 10% من الاجر الاساس لكل منهم فى 30/ 6/ 2018 وفى تاريخ التعيين بالنسبة لمن يعين بعد هذا التاريخ بحد أدنى 65 جنيها شهرياً وتعد هذه العلاوة جزءاً من الأجر الاساس للعامل وتضم اليه اعتبارا من 1/ 7/ 2018 فإن الطاعنه واعمالاً للمادة (33) من لائحة نظام العاملين لديها تكون ملتزمة بصرف ههذ العلاوة للعاملين لديها بالقدر المحدد بالمادة الثانيه سالفه البيان وضمها الى الاجر الاساس لكل منهم اعتباراً من 1/ 7/ 2018 واذ قضى الحكم المطعون فيه للمطعون ضده بهذه العلاوة وضمها الى اجرة الاساس اعتباراً من 1/ 7/ 2018 اعمالا للمادة 33 من لائحة نظام العاملين سالفه البيان فانه لا يكون قد خالف القانون ويضحى نعى الطاعنه عليه فى هذا الخصوص على غير اساس .
أما الشق الثانى من النعى الخاص بقضاء الحكم المطعون فيه للمطعون ضده بعلاوة استثنائيه مقدارها 190 جنيها شهريا وضمها الى اجرة الاساس اعتبارا من 1/ 7/ 2018 فهو فى محله ذلك أن النص فى المادة الثالثه من القانون رقم 96 لسنه 2018 بشأن منح علاوة خاصه وعلاوة استنئافيه للموظفين والعاملين بالدولة على انه " اعتبارا من 1/ 7/ 2018 يمنح الموظفون المخاطبون بأحكام قانون الخدمة المدنية .....، والعاملون غير المخاطبين به علاوه استثنائيه بفئات ماليه مقطوعه بواقع 200( مائتى ) جنيه شهريا للدرجات الماليه الرابعه فما دونها ، و 190 ) مائه وتسعين ) جنيها شهريا للدرجات الماليه الأولى والثانيه والثالثه ..... وتعد هذه العلاوة جزءا من الأجر الوظيفى أو الاساس لكل منهم وتضم اليه اعتبارا من 1/ 7/ 2018 والنص فى مادته الرابعه على أن تمنح شركات القطاع العام وقطاع الاعمال العام العاملين بها وكحد ادنى علاوات وزيادات ( شامله العلاوات الدورية ) لا تقل فى مجموعها عما تمنحة الحكومة للعاملين بها ، وتصرف من موازنه كل شركة والنص فى المادة الخامسة من ذات القانون على انه " يقصد بالموظفين والعاملين بالدولة فى تطبليق احكام هذا القانون الموظفون والعاملون الدائمون والمؤقتون بمكافات شامله وذوو المناصب العامة والربط الثابت داخلف جمهورية مصر العربيه وكذا العاملون بالدولة الذين تنظم شئون توظيفهم قوانين او لوائح خاصه بحسب الاحوال يدل على أن العلاوة الاستثنائية المنصوص عليها بالمادة الثالثه المشار اليها يقتصر صرفها على العاملين بأجهزة الدولة والعاملين لدى الاشخاص الاعتبارية العامة التى تنظم شئون توظيفهم قوانين او لوائح خاصه وشركات القطاع العام وقطاع الاعمال العام ولا تسرى على من عداهم من العاملين لدى الشركات الخاصه ولما كان الثابت من المادة الاولى من النظام الاساس للشركة الطاعنه المشار اليه انفا شركة مساهمه مصرية يسرى عليها احكام قانون شركات المساهمه وشركات التوصيه بالاسهم والشركات ذات المسئوليه المحدوده الصادر بالقانون رقم 159 لسنه 1981 ولائحته التنفيذية ومن ثم فإنها لا تعبتر من الجهات المخاطبة بالمادة الثالثه سالفه البيان وانما تندرج فى عداد اشخاص القانون الخاص لا تكون ملزمة يمنح هذه العلاوة للعاملين لديها ، إلا اذا ارتأت غير ذلك ومنحتها لهم ولو بشروط غير تلك الواردة فى القانون المذكور وفى هذه الحاله لا يجوز اجبارها على ضم هذه العلاوة للاجور الاساسيه لهم باعتبار إنها غير مخاطبة بهذا القانون ولا يغير من ذلك ما ورد بالمادة (33) من لائحة نظام العاملين لدى الطاعنه لأن نطاق هذه المادة وعلى النحو الذى سلف بيانه اقتصر على تطبيق القوانين المقررة للعلاوات الخاصه والمنح دون ما عداها من علاوات اخرى يتم منحها للعاملين بالدولة لما كان ذلك وكانت الطاعنه قد أقرت بصحيفه الطعن انها الزمت نفسها بصرف ما يعادل قيمة العلاوة الاستئناثيه المنصوص عليها بالمادة الثالثه من القانون رقم 96 لسنه 2018 للعاملين لديها ومن ثم فإنها تكون ملزمة بعدم المساس بها ولكن لا يجوز اجبارها على ضمها للاجر الاساس واذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بالزام الطاعنه بضم العلاوة الاستئنائيه ومقدارها 190 جنيها شهريا للاجر الاساس للمطعون ضده اعتبارا من 1/ 7/ 2018 وما يترتب علة ذلك من اثار وفروق ماليه استنادا الى المادة 33 من لائحة نظام العاملين لدى الطاعنه رغم ان نطاق هذه المادة قاصر على ضم العلاوات الخاصه فقط والمنح فانه يكون قد خالف القانون واخطأ فى تطبيقه بما يوجب نقضه فى هذا الخصوص
وحيث إن الموضوع فى خصوص ما نقضه من الحكم المطعون فيه صالح للفصل فيه ولما تقدم تعين الحكم فى الاستئناف رقم 1041 لسنه 44 ق الاسماعيليه بالغاء الحكم المستأنف فى خصوص ما قضى به من ضم العلاوه الاستثنائيه بواقع 19 جنيها شهريا للاجر الاساسى للمطعون ضده اعتبارا من 1/ 7/ 2018 وما تيرتب على ذلك من اثار وفروق ماليه وتاييده فيما عدا ذلك .
لذلك
نقضت المحكمة : الحكم المطعون فيه نقضا جزئيا فى خصوص ما قضى به من ضم العلاوه الاستثنائيع للاجر للمطعون ضدها اعتبارا من 1/ 7/ 2018 وما يترتب على ذلك من اثار وفروق ماليه وحكمت فى الاستئناف رقم 1041 لسنه 44 ق الاسماعيليه بالغاء الحكم المستانف فى خصوص ما قضى به من ضم العلاوه الاستثنائيه المقدره بمائه وتسعين جنيها للاجر الاساسى للمطعون ضدها اعتبارا من 1/ 7/ 2018 وما يترتب على ذلك من ثار وفروق ماليه وتاييده فيما عدا ذلك والزمت المطعون ضدها بالمناسب من مصروفات الطعن ودرجتى التقاض ومبلغ مائتى جنيه مقابل اتعاب المحاماه واعفتها من الرسوم القضائية

الأربعاء، 8 نوفمبر 2023

الطعن 390 لسنة 67 ق جلسة 15 / 11 / 2021 مكتب فني 72 ق 106 ص 675

جلسة 15 من نوفمبر سنة 2021

برئاسة السيد القاضي/ نبيل فوزي إسكندر "نائب رئيس المحكمة"، وعضوية السادة القضاة/ حلمي النجدي، أحمد لطفي "نائبي رئيس المحكمة" وعبد الرحمن صالح وأبو الفضل عبد العظيم.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(106)

الطعن رقم 390 لسنة 67 القضائية

(1) نقض " أسباب الطعن : الأسباب المتعلقة بالنظام العام " .

أسباب الطعن المتعلقة بالنظام العام . لمحكمة النقض من تلقاء نفسها وللخصوم والنيابة العامة إثارتها . شرطه . أن تكون عناصرها الموضوعية مطروحة على محكمة الموضوع وواردة على الجزء المطعون فيه من الحكم .

(2) دستور " عدم الدستورية : أثر الحكم بعدم الدستورية " .

الحكم بعدم دستورية نص قانوني غير ضريبي أو لائحة . أثره . عدم جواز تطبيقه من اليوم التالي لنشره في الجريدة الرسمية أو من تاريخ إعمال أثره . انسحاب هذا الأثر على الوقائع والمراكز القانونية السابقة على صدوره ما دام قد أدرك الدعوى أمام المحكمة . تعلق ذلك بالنظام العام . للمحكمة إعماله من تلقاء نفسها . علة ذلك .

(3) إيجار " القواعد العامة في الإيجار : نطاق سريانها " .

وجوب تطبيق الأحكام العامة لعقد الإيجار في القانون المدني عدا الأحكام التي صدرت بها تشريعات خاصة . علة ذلك .

(4) قانون " القانون واجب التطبيق " .

العلاقة التعاقدية الواحدة . جواز خضوعها لقانون أو أكثر . علة ذلك . لكل قانون مجال ونطاق لتطبيقه .

(5) إيجار " تشريعات إيجار الأماكن : الامتداد القانوني لعقد الإيجار : الامتداد القانوني لعقد الإيجار المبرم لمزاولة نشاط تجاري أو صناعي أو مهني أو حرفي : الامتداد القانوني لعقود إيجار الأماكن المؤجرة للأشخاص الاعتبارية لاستعمالها في غير غرض السكنى : الأحكام اللاحقة على صدور حكم المحكمة الدستورية العليا " .

القضاء بعدم دستورية صدر الفقرة الأولى م 18/1 ق 136 لسنة 1981 . مؤداه . عدم جواز تطبيقه من اليوم التالي لانتهاء دور الانعقاد التشريعي العادي السنوي لمجلس النواب اللاحق لنشر هذا الحكم تاريخًا لإعمال أثره . إدراكه الدعوى أمام محكمة النقض . أثره . عدم دستورية الامتداد القانوني لعقد إيجار الأماكن المؤجرة للأشخاص الاعتبارية . لازمه . الرجوع إلى أحكام القانون المدني في شأن انتهاء عقد الإيجار سند الدعوى . قضاء الحكم المطعون فيه برفض دعوى انتهاء عقد إيجار عين النزاع المؤجرة للمطعون ضده بصفته شخصًا اعتباريًّا ولغير غرض السكنى استنادًا لقواعد الامتداد القانوني . خطأ .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1- المقرر -في قضاء محكمة النقض- أنه يجوز لمحكمة النقض من تلقاء نفسها -كما يجوز للخصوم وللنيابة العامة- إثارة الأسباب المتعلقة بالنظام العام متى توافرت عناصر الفصل فيها من الوقائع والأوراق التي سبق عرضها على محكمة الموضوع، ووردت هذه الأسباب على الجزء المطعون فيه من الحكم وليس على جزء آخر منه أو في حكم سابق عليه لا يشمله الطعن.

2- المقرر -في قضاء الهيئة العامة لمحكمة النقض- أنه يترتب على صدور حكم من المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية نص في القانون –غير ضريبي– أو لائحة عدم جواز تطبيقه اعتبارًا من اليوم التالي لتاريخ نشر هذا الحكم في الجريدة الرسمية ما لم يحدد الحكم لذلك تاريخًا آخر، وهذا الحكم مُلزمٌ لجميع سلطات الدولة وللكافة، ويتعين على المحاكم باختلاف أنواعها ودرجاتها أن تمتنع عن تطبيقه على الوقائع والمراكز القانونية المطروحة عليها حتى ولو كانت سابقة على صدور الحكم بعدم الدستورية؛ باعتباره قضاءً كاشفًا عن عيب صاحب النص منذ نشأته، بما ينفي صلاحيته لترتيب أي أثر من تاريخ نفاذ النص، بما لازمه أن الحكم بعدم دستورية نص في القانون أو لائحة لا يجوز تطبيقه من اليوم التالي لتاريخ نشره أو من تاريخ إعمال أثره ما دام قد أدرك الدعوى أثناء نظر الطعن أمام محكمة النقض، وهو أمر متعلق بالنظام العام تُعمله المحكمة من تلقاء نفسها.

3- المقرر -في قضاء محكمة النقض- أن التقنين المدني الذي يعتبر الشريعة العامة وبالتالي فإن أحكامه تسود سائر معاملات الناس على سبيل الدوام والاستقرار بحيث تعتبر النصوص المنظمة لعقد الإيجار هي الواجبة التطبيق أصلًا ما لم ير المشرع ضرورة لتعطيل بعض أحكامه أو إحلال تشريعات خاصة بديلًا عنها، وكانت التشريعات الخاصة بإيجار الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر أملتها اعتبارات تتعلق بالنظام العام، ومن ثم تعتبر مقيدة لنصوص القانون المدني التي تتعارض معها، فلا يرجع إلى أحكام القانون العام إلا فيما فات القانون الخاص من أحكام.

4- المقرر -في قضاء محكمة النقض- أن لكلِ قانونٍ مجالًا ونطاقًا لتطبيقه، وبالتالي ليس هناك ما يمنع أن تخضع العلاقة التعاقدية الواحدة لقانونٍ أو أكثر من قوانين الدولة، ويتعين على المحاكم أن تطبق حكم كل قانون على الواقعة أو الوقائع التي قصد المشرع إخضاعها لأحكامه.

5- إذ كانت المحكمة الدستورية العليا قد قضت بجلسة 5 /5 /2018 في القضية رقم 11 لسنة 23 ق بعدم دستورية صدر الفقرة الأولى من المادة 18 من القانون 136 لسنة 1981 في شأن بعض الأحكام الخاصة بتأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر فيما تضمنه من إطلاق عبارة "لا يجوز للمؤجر أن يطلب إخلاء المكان، ولو انتهت المدة المتفق عليها في العقد ..." لتشمل عقود إيجار الأماكن المؤجرة للأشخاص الاعتبارية لاستعمالها في غير غرض السكنى، ومن ثم أصبح هذا النص لا يجوز تطبيقه اعتبارًا من اليوم التالي لانتهاء دور الانعقاد التشريعي العادي لمجلس النواب عن عام 2018/ 2019 الحاصل ابتداءً من 2/ 10 /2018 والمنتهي في 15 /7 /2019 بموجب قراري رئيس الجمهورية رقمي 448 لسنة 2018، 339 لسنة 2019 واللاحق لنشر هذا الحكم في الجريدة الرسمية الحاصل بالعدد رقم 19 مكرر "ب" في 13/5/2018، وقد لحق الدعوى أمام هذه المحكمة، ومن ثم يتعين إعمال أثره بعدم دستورية الامتداد القانوني لعقد إيجار الأماكن المؤجرة للأشخاص الاعتبارية -سواءً كان عامًا أم خاصًا– لاستعمالها في غير غرض السكنى والمنصوص عليها في صدر الفقرة الأولى من المادة 18 من القانون 136 لسنة 1981، ومن ثم يتعين الرجوع إلى أحكام القانون المدني؛ باعتبارها الشريعة العامة، وهي واجبة التطبيق في شأن انتهاء عقد الإيجار سند الدعوى، وإذ قضى الحكم المطعون فيه برفض دعوى انتهاء عقد الإيجار المؤرخ 1/ 12/ 1955 عن العين محل النزاع والمؤجرة للمطعون ضده بصفته شخصًا اعتباريًّا ولغير أغراض السكنى استنادًا إلى قواعد الامتداد القانوني الواردة بصدر الفقرة الأولى من نص المادة 18 سالفة البيان –المقضي بعدم دستوريتها– فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقررُ، والمرافعة، وبعد المداولة.

حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.

وحيث إن الوقائع -على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق– تتحصل في أن الطاعنين أقاموا على الشركة المطعون ضدها الدعوى رقم ... لسنة 1995 أمام محكمة شمال القاهرة الابتدائية بطلب الحكم بانتهاء عقد الإيجار المؤرخ 1/12/1955 وإخلاء العين المبينة بالصحيفة والتسليم، وقالوا بيانًا لدعواهم: إنه بموجب هذا العقد استأجرت الشركة المطعون ضدها من سلفهم قطعة أرض فضاء، وإذ رغبوا في عدم تجديد العقد، فقد أنذروا المطعون ضده بصفته بذلك، ولمَّا لم يستجب، فقد أقاموا الدعوى، حكمت المحكمة برفض الدعوى. استأنف الطاعنون هذا الحكم بالاستئناف رقم ... لسنة 113 ق القاهرة، وبتاريخ 18/12/1996 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه، وإذ عُرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة، فحددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.

وحيث إنه من المقرر –في قضاء هذه المحكمة– أنه يجوز لمحكمة النقض من تلقاء نفسها -كما يجوز للخصوم وللنيابة العامة- إثارة الأسباب المتعلقة بالنظام العام متى توافرت عناصر الفصل فيها من الوقائع والأوراق التي سبق عرضها على محكمة الموضوع، ووردت هذه الأسباب على الجزء المطعون فيه من الحكم وليس على جزء آخر منه أو في حكم سابق عليه لا يشمله الطعن. كما أن قضاء الهيئة العامة لهذه المحكمة قد استقر على أنه يترتب على صدور حكم من المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية نص في القانون –غير ضريبي– أو لائحة عدم جواز تطبيقه اعتبارًا من اليوم التالي لتاريخ نشر هذا الحكم في الجريدة الرسمية ما لم يحدد الحكم لذلك تاريخًا آخر، وهذا الحكم مُلزم لجميع سلطات الدولة وللكافة، ويتعين على المحاكم باختلاف أنواعها ودرجاتها أن تمتنع عن تطبيقه على الوقائع والمراكز القانونية المطروحة عليها حتى ولو كانت سابقة على صدور الحكم بعدم الدستورية؛ باعتباره قضاءً كاشفًا عن عيب صاحب النص منذ نشأته، بما ينفي صلاحيته لترتيب أي أثر من تاريخ نفاذ النص، بما لازمه أن الحكم بعدم دستورية نص في القانون أو لائحة لا يجوز تطبيقه من اليوم التالي لتاريخ نشره أو من تاريخ إعمال أثره ما دام قد أدرك الدعوى أثناء نظر الطعن أمام محكمة النقض، وهو أمر متعلق بالنظام العام تُعمله المحكمة من تلقاء نفسها. وكان من المقرر -أيضًا- أن التقنين المدني الذي يعتبر الشريعة العامة، وبالتالي فإن أحكامه تسود سائر معاملات الناس على سبيل الدوام والاستقرار، بحيث تعتبر النصوص المنظمة لعقد الإيجار هي الواجبة التطبيق أصلًا ما لم ير المشرع ضرورة لتعطيل بعض أحكامه أو إحلال تشريعات خاصة بديلًا عنها، وكانت التشريعات الخاصة بإيجار الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر أملتها اعتبارات تتعلق بالنظام العام، ومن ثم تعتبر مقيدة لنصوص القانون المدني التي تتعارض معها، فلا يرجع إلى أحكام القانون العام إلا فيما فات القانون الخاص من أحكام. ولمَّا كان لكلِ قانونٍ مجالٌ ونطاقٌ لتطبيقه، وبالتالي ليس هناك ما يمنع أن تخضع العلاقة التعاقدية الواحدة لقانون أو أكثر من قوانين الدولة، ويتعين على المحاكم أن تطبق حكم كل قانون على الواقعة أو الوقائع التي قصد المشرع إخضاعها لأحكامه. لمَّا كان ذلك، وكانت المحكمة الدستورية العليا قد قضت بجلسة 5/ 5 /2018 في القضية رقم 11 لسنة 23 ق بعدم دستورية صدر الفقرة الأولى من المادة 18 من القانون 136 لسنة 1981 في شأن بعض الأحكام الخاصة بتأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر فيما تضمنه من إطلاق عبارة "لا يجوز للمؤجر أن يطلب إخلاء المكان، ولو انتهت المدة المتفق عليها في العقد ..." لتشمل عقود إيجار الأماكن المؤجرة للأشخاص الاعتبارية لاستعمالها في غير غرض السكنى، ومن ثم أصبح هذا النص لا يجوز تطبيقه اعتبارًا من اليوم التالي لانتهاء دور الانعقاد التشريعي العادي لمجلس النواب عن عام 2018/ 2019 الحاصل ابتداءً من 2 /10 /2018 والمنتهي في 15/ 7/ 2019 بموجب قراري رئيس الجمهورية رقمي 448 لسنة 2018، 339 لسنة 2019 واللاحق لنشر هذا الحكم في الجريدة الرسمية الحاصل بالعدد رقم 19 مكرر "ب" في 13/5/2018، وقد لحق الدعوى أمام هذه المحكمة، ومن ثم يتعين إعمال أثره بعدم دستورية الامتداد القانوني لعقد إيجار الأماكن المؤجرة للأشخاص الاعتبارية -سواءً كان عامًا أم خاصًا– لاستعمالها في غير غرض السكنى، والمنصوص عليها في صدر الفقرة الأولى من المادة 18 من القانون 136 لسنة 1981، ومن ثم يتعين الرجوع إلى أحكام القانون المدني؛ باعتبارها الشريعة العامة، وهي واجبة التطبيق في شأن انتهاء عقد الإيجار سند الدعوى، وإذ قضى الحكم المطعون فيه برفض دعوى انتهاء عقد الإيجار المؤرخ 1 /12 /1955 عن العين محل النزاع والمؤجرة للمطعون ضده بصفته شخصًا اعتباريًّا ولغير أغراض السكنى استنادًا إلى قواعد الامتداد القانوني الواردة بصدر الفقرة الأولى من نص المادة 18 سالفة البيان –المقضي بعدم دستوريتها– فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون، بما يوجب نقضه لهذا السبب المتعلق بالنظام العام دونما حاجة إلى بحث باقي أسباب الطعن.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الطعن 16194 لسنة 90 ق جلسة 16 / 11 / 2021 مكتب فني 72 ق 109 ص 696

جلسة 16 من نوفمبر سنة 2021

برئاسة السيـد القاضي/ عاطف الأعصر "نائب رئيس المحكمة"، وعضوية السادة القضاة/ أحمد داود، حبشي راجي حبشي، خالد بيومي "نواب رئيس المحكمة" ووجدي فايز.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(109)

الطعن رقم 16194 لسنة 90 القضائية

(1) عمل " العاملون بشركة القاهرة لتكرير البترول : علاقة عمل " .

شركة القاهرة لتكرير البترول . ماهيتها . إحدى شركات القطاع العام للبترول . خضوعها لإشراف الهيئة المصرية العامة للبترول . لها شخصية اعتبارية مستقلة . مؤداه.  علاقة العاملين بها . تعاقدية . خضوعهم لأحكام لائحة العاملين بقطاع البترول نفاذًا لق 20 لسنة 1976 . عدم ورود نص خاص بها . أثره . الرجوع لأحكام قانون العمل .

(3،2) عمل " سلطة جهة العمل : سلطة صاحب العمل في تأديب العامل " .

(2) الإجراءات المتبعة عند حبس العامل احتياطيًا أو تنفيذًا لحكم جنائي وكيفية تقاضي أجره . م 110 من لائحة العاملين بقطاع البترول . وجوب عرض أمره عند عودته إلى عمله على رئيس مجلس الإدارة ليقرر ما يتبع في شأن مسئوليته التأديبية . ماهيتها . إجراءات وقائية واجبة الاتباع . تقديمها عند التطبيق على نص م 67 مق ١٢ لسنة ٢٠٠٣ بشأن العمل . علة ذلك .

(3) عدم أحقية العامل المحبوس في تقاضي أجره كاملًا خلال مدة حبسه . الاستثناء . ثبوت تدبير اتهامه من قِبَل صاحب العمل أو من يمثله . أحقية رئيس مجلس الإدارة ولجنة شئون العاملين في إعادة العامل لعمله أو التقرير بتعارضه مع مقتضيات الواجب الوظيفي . مخالفة الحكم المطعون فيه ذلك النظر وقضاؤه بتأييد الحكم الابتدائي بإلغاء قرار وقف المطعون ضده عن العمل وإعادته إليه مع صرف أجره كاملًا من تاريخ وقفه وحتى تاريخ الفصل في الدعوى استنادًا لعدم عرضه على المحكمة العمالية . مخالفة للقانون .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1- المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن شركة القاهرة لتكرير البترول (الطاعنة) هي إحدى شركات القطاع العام للبترول التابعة لإشراف الهيئة المصرية العامة للبترول، ولها شخصية اعتبارية مستقلة، وعلاقة العاملين بها هي علاقة تعاقدية وليست تنظيمية، ويخضع العاملون فيها للائحة العاملين بقطاع البترول الصادرة نفاذًا لأحكام القانون رقم ٢٠ لسنة 1976 في شأن الهيئة المصرية العامة للبترول، كما يخضعون لأحكام قانون العمل فيما لم يرد بشأنه نص في اللائحة.

2- إذ كانت المادة 110 من لائحة العاملين بقطاع البترول الصادرة نفاذًا لأحكام القانون رقم ٢٠ لسنة 1976 نظمـت ما يتبع عند حبس العامل وكيفية تقاضي أجره، وذلك بأن نصت على أن " كل عامل يحبس احتياطيًا أو تنفيذًا لحكم جنائي يوقف بقوة القانون عن عمله مدة حبسه، ويوقف صرف نصف أجره في حالة حبسه احتياطيًا أو تنفيذًا لحكم جنائي غير نهائي، ويحرم من كامل أجره في حالة حبسه تنفيذًا لحكم جنائي نهائي، ويعرض الأمر عند عودة العامل إلى عمله على رئيس مجلس الإدارة ليقرر ما يتبع في شأن مسئولية العامل التأديبية، فإذا اتضح عدم مسئوليته صُرف له باقي أجره الموقوف صرفـه"، وتلك الإجراءات هي إجراءات وقائية تتخذ بمجرد حبس العامل احتياطيًا أو تنفيذًا لحكم جنائي -أيًا كانت طبيعته-، وهي إجـراءات واجبة الاتباع، وتقدم عند التطبيق على نص المادة 67 من قانون العمل الصادر بالقانون رقم ١٢ لسنة ٢٠٠٣؛ بوصف أنها نصٌ خاصٌ، على الرغم من أن النصين يتفقان ويتوازيان في الحكم وفي الآثار الناجمة عن الحبس.

3- إذ كان لا يحق للعامل المحبوس -بداهة- أن يتقاضى أجره كاملًا في خلال مدة حبسه؛ لأنه لم يؤد عملًا يستحق عنه أجرًا، إلا إذا ثبت أن صاحب العمل أو من يمثله هو الذي دبر له الاتهام، ولرئيس مجلس الإدارة ولجنة شئون العاملين حق النظر في إعادة العامل إلى عمله أو التقرير بأن بقاءه في الخدمة يتعارض مع الواجب الوظيفي أو طبيعة العمل. وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر وأيد الحكم الابتدائي فيما ذهب إليه من إلغاء القرار رقم 134 لسنة ٢٠١٨ المتضمن وقف المطعون ضده عن العمل وإعادته إليه مع صرف أجره كاملًا منذ وقفه وحتى تاريخ الفصل في الدعوى على مجرد إطلاق القول بأن أمر الوقف لم يعرض على المحكمة العمالية، فإنه يكون قد خالف القانون.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع التقرير الـذي تـلاه السيد القاضي المقرر، والمرافعة، وبعد المداولة.

حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.

ومن حيث إن الوقائع -على ما يبين من الحكم المطعون فيه وأوراق الطعن- تتحصل في أن المطعون ضده تقدم بشكوى لمكتب العمل المختص يتضرر فيها من قرار الطاعنة (شركة القاهرة لتكرير البترول) بوقفه عن العمل، ولتعذر تسوية النزاع وديًا أُحيلت الأوراق إلى المحكمة وقيدت برقم ... لسنة ٢٠١٩ عمال كلي طنطا، وأمامها حدد المطعون ضده طلباته بطلب الحكم بإلغاء القرار رقم 134 لسنة ٢٠١٨ المتضمن إيقافه عن العمل وما يترتب على ذلك من آثار، وعودته للعمل، وصرف أجره ومستحقاته كاملة من تاريخ الوقف وحتى الفصل في الدعوى، على سند من أنه من العاملين عند الطاعنة وحُبـس احتياطيًا في القضيــة رقم ... لسنة ٢٠١٨ إداري بسيـون، وإذ أُخلـي سبيلـه بتاريخ 16/١/2019، فيحق له العودة للعمل وصرف راتبه كاملًا، ومن ثم أقام الدعوى. ومحكمة أول درجة أجابته إلى طلباته بحكم استأنفته الطاعنة بالاستئناف رقم ... لسنة 69 ق طنطا، وبتاريخ ۱۸/۸/۲۰۲۰ قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقضه، وإذ عُرِضَ الطعن على المحكمة - في غرفة مشورة - حددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.

ومن حيث إن الطعن أقيم على سببين تنعى بهما الطاعنة على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، والفساد في الاستدلال، وفي بيان ذلك تقول: إنها أصدرت القرار محل النزاع بوقف المطعون ضده عن العمل إلى حين الفصل في القضية رقم ... لسنة ٢٠١٥ جنح مركز طنطا لحبسه احتياطيًا في القضية رقم ... لسنة ٢٠١٨ إداري بسيون بتهمة انضمامه إلى جماعة إرهابية، والذي ضُم إلى الجنحة المشار إليها؛ وذلك إعمالًا لنص المادة 110 من لائحة نظام العاملين بالهيئة المصرية العامة للبترول، والواجبة التطبيق على الواقعة محل النزاع والصادرة نفاذًا للقانون رقم ٢٠ لسنة 1976 في شأن الهيئة المصرية العامة للبترول، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر، وأعمل نص المادة 67 من قانون العمل الصادر بالقانون رقم ١٢ لسنة ٢٠٠٣، دون أحكام لائحتها الخاصة، فإنه يكون معيبًا، بما يستوجب نقضه.

وحيث إن هذا النعي في محله؛ ذلك أن البين من الأوراق أن الطاعنة هي إحدى شركات القطاع العام للبترول التابعة لإشراف الهيئة المصرية العامة للبترول، ولها شخصية اعتبارية مستقلة، وعلاقة العاملين بها هي علاقة تعاقدية وليست تنظيمية، ويخضع العاملون فيها للائحة العاملين بقطاع البترول الصادرة نفاذًا لأحكام القانون رقم ٢٠ لسنة 1976 في شأن الهيئة المصرية العامة للبترول، كما يخضعون لأحكام قانون العمل فيما لم يرد بشأنه نص في اللائحة. وقد نظمت المادة 110 من تلك اللائحة ما يتبع عند حبس العامل وكيفية تقاضي أجره، وذلك بأن نصت على أن "كل عامل يحبس احتياطيًا أو تنفيذًا لحكم جنائي يوقف بقوة القانون عن عمله مدة حبسه، ويوقف صرف نصف أجره في حالة حبسه احتياطيًا أو تنفيذًا لحكم جنائي غير نهائي، ويحرم من كامل أجره في حالة حبسه تنفيذًا لحكم جنائي نهائي، ويُعرض الأمر عند عودة العامل إلى عمله على رئيس مجلس الإدارة ليقرر ما يتبع في شأن مسئولية العامل التأديبية، فإذا اتضح عدم مسئوليته صُرف له باقي أجره الموقوف صرفـه"، وتلك الإجراءات هي إجراءات وقائية تتخذ بمجرد حبس العامل احتياطيًا أو تنفيذًا لحكم جنائي -أيًا كانت طبيعته-، وهي إجـراءات واجبة الاتباع، وتقدم عند التطبيق على نص المادة 67 من قانون العمل الصادر بالقانون رقم ١٢ لسنة ٢٠٠٣؛ بوصف أنها نصٌ خاصٌ، على الرغم من أن النصين يتفقان ويتوازيان في الحكم وفي الآثار الناجمة عن الحبس. هذا إلى أنه لا يحق للعامل المحبوس -بداهة- أن يتقاضى أجره كاملًا في خلال مدة حبسه؛ لأنه لم يؤد عملًا يستحق عنه أجرًا، إلا إذا ثبت أن صاحب العمل أو من يمثله هو الذي دبر له الاتهام، ولرئيس مجلس الإدارة ولجنة شئون العاملين حق النظر في إعادة العامل إلى عمله أو التقرير بأن بقاءه في الخدمة يتعارض مع الواجب الوظيفي أو طبيعة العمل. لمَّا كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر وأيد الحكم الابتدائي فيما ذهب إليه من إلغاء القرار رقم 134 لسنة ٢٠١٨ المتضمن وقف المطعون ضده عن العمل وإعادته إليه مع صرف أجره كاملًا منذ وقفه وحتى تاريخ الفصل في الدعوى، على مجرد إطلاق القول بأن أمر الوقف لم يُعرض على المحكمة العمالية، فإنه يكون قد خالف القانون، بما يوجب نقضه.

ومن حيث إن الموضوع صالح للفصل فيه. ولِما تقدَّم، يتعين القضاء في موضوع الاستئناف بإلغاء الحكم المستأنف، ورفض الدعوى.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الطعن 10305 لسنة 83 ق جلسة 17 / 11 / 2021 مكتب فني 72 ق 110 ص 701

جلسة 17 من نوفمبر سنة 2021

برئاسة السيـد القاضي/ محمد أبو الليل "نائب رئيس المحكمة"، وعضوية السادة القضاة/ أمين محمد طموم، عمر السعيد غانم، الحسين صلاح ومحمد أحمد إسماعيل "نواب رئيس المحكمة".

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(110)

الطعن رقم 10305 لسنة 83 القضائية

(3- 1) نقل التكنولوجيا " المنازعات الناشئة عن عقد نقل التكنولوجيا : وجوب تسويتها في مصر وفقًا للقانون المصري " .

(1) الاختصاص المكاني للمنازعات الناشئة عن نقل التكنولوجيا . نطاقه . داخل جمهورية مصر العربية . شرطه . استخدام تلك التكنولوجيا داخل مصر . الاعتداد بأي معيار آخر . لا أثر له . المواد من 72 إلى 87 ق 17 لسنة 1999 من قانون التجارة ومذكرته الإيضاحية .

(2) عقد نقل التكنولوجيا . اتسامه بالدولية . أثره . تفضيل أطرافه للوسائل الودية والتحكيم لفض منازعاتهم . اتجاه المشرع لإقامة توازن بين مصالح أطرافها المتعارضة عن طريق إبطال كل اتفاق يخالف نص المادة 87 من ق 17 لسنة 1999 بشأن قانون التجارة . اتجاه قُضي بدستوريته . الحكم ٢٥٣ لسنة ٢٤ ق دستورية.

(3) شمول العقود محل التداعي على نقـل تكنولوجيا وحق المعرفة بالنسبة لجهاز غسيل كلوي طبي من إنتاج الشركة المطعون ضدها الأولى بالخارج لتصنيعه وتوزيعه بواسطة الشركة الطاعنة داخل مصر لاستخدامه فيه . تضمن العقود النص على تسوية أي نزاع ينشأ عنها عن طريق غرفة التجارة في ستوكهولم - خارج جمهورية مصر العربية – طبقًا لقواعد هذه الغرفة . أثره . وجوب تطبيق القاعدة الآمرة الواردة بنص المادة 87 من ق 17 لسنة ١٩٩٩ بشأن قانون التجارة واستبعاد هذه الشروط لبطلانها بطلانًا مطلقًا . مخالفة الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضاؤه بعدم قبول الدعوى لوجود شرط التحكيم معولًا على شروط العقد الباطلة إعمالًا لنص المادة 13/1 ق ٢٧ لسنة ١٩٩٤ دون النظر لوجوب صحة ونفاذ ذلك الشرط . خطأ .

(4) محاكم اقتصادية " الطعن على أحكام المحاكم الاقتصادية : الطعن بالنقض " .

تصدي محكمة النقض لموضوع الدعوى الاقتصاديةشرطه . سبق تصدي الدائرة الاستئنافية بالمحكمة الاقتصادية للموضوع . قصر قضاء المحكمة الاقتصادية على إجراءات رفع الدعوى أو دفع شكلي دون الموضوع . أثره . عدم جواز تصدي محكمة النقض للموضوع . علة ذلكمثال .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1 - المشرع قد نظم عقد نقل التكنولوجيا في المواد من 72 إلى 87 بالفصل الأول ضمن الباب الثاني الخاص بالعقود التجارية في قانون التجارة رقم 17 لسنة 1999، وقد تضمن النص في المادة 72 منه على أن "1- تسري أحكام هذا الفصل على كل عقد لنقل تكنولوجيا لاستخدامها في جمهورية مصر العربية سواءً أكان هذا النقل دوليًّا يقع عبر الحدود الإقليمية لمصر أم داخليًّا، ولا عبرة في الحالتين لجنسية أطراف الاتفاق أو لمحال إقامتهم. ٢- كما تسري أحكام هذا الفصل على كل اتفاق لنقل التكنولوجيا يبرم بعقد مستقل أو ضمن عقد آخر." كما نصت المادة 87 من القانون على أن "1- تختص المحاكم المصرية بالفصل في المنازعات التي تنشأ عن عقد نقل التكنولوجيا المشار إليه في المادة (٧٢) من هذا القانون. ويجوز الاتفاق على تسوية النزاع وديًّا أو بطريق تحكيم يجري في مصر وفقًا لأحكام القانون المصري. ۲-وفي جميع الأحوال يكون الفصل في موضوع النزاع بموجب أحكام القانون المصري وكل اتفاق على خلاف ذلك يقع باطلًا." ومؤدى هذا النص أن المشرع قد وضع قاعدة آمرة للاختصاص المكاني الذي يجري فيه فض المنازعات التي تنشأ عن أي عقد أو اتفاق يتضمن نقلًا للتكنولوجيا، وجعل مناط ذلك أن تكون للاستخدام داخل مصر، دون اعتدادٍ بأي معيار آخر، سواءً كان العقد دوليًّا أو داخليًّا مستقلًا أو ضمن عقد آخر، وبغض النظر عن جنسية الأطراف أو موطنهم أو ما تم الاتفاق عليه بينهم، ويشمل جميع وسائل وطرق فض المنازعات سواءً كانت قضائية أو وسائل ودية أو عن طريق التحكيم؛ حيث اشترط أن يتم حل المنازعة داخل جمهورية مصر العربية، وأن مراد المشرع من ذلك –وعلى ما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية للقانون- حماية المصالح الوطنية دون المساس بالمصالح المشروعة للطرف مورد التكنولوجيا، وبحيث يؤمن للطرف المستورد – وهو مصري غالبًا– أسبابًا حقيقيةً للتكنولوجيا تضمن لها أن تكون أداةً لتطوير الاقتصاد الوطني، وإفساحًا للمجال أمامه من أجل فرصـة أرحـب للمنافسة في أسواق التجارة الدولية.

2 - إذ كانت المعاملات التي تنشأ عن أي عقد أو اتفاق يتضمن نقلًا للتكنولوجيا غالبًا ما تتسم بالدولية وأنها عابرة للحدود وبين أطراف من جنسيات متعددة، فإن الوسائل الودية وطريق التحكيم هو الأسلوب المفضل لأطرافها لفض المنازعات التي تنشأ بينهم؛ إذ إن قوامها ومحدداتها مبنيٌ على إرادتهم وما تم الاتفاق عليه بينهم، لذا فقد ارتأى المشرع أن يقيم توازنًا بين مصالح الأطراف المتعارضة التي يُخشى الإخلال بها إن أجيز للطرف القوي –وهو مورد التكنولوجيا غالبًا– إجبار الطرف الآخر وقت إبرام العقد على قبول مكان غير مناسبٍ له للتحكيم يكلفه نفقات باهظة، وقانون مجهول له يطبق على المنازعة على نحوٍ يحول دون مطالبته أو حصوله على حقوقه، أو يطلق يد المحكمين في عدم التقيد بأحكامه، وذلك بأن أكد فاعلية ذلك كله بإبطال كل اتفاق يخالف حكم هذا النص (م 87 من قانون التجارة)، وهو ما يعد استثناء وخروجًا عن القاعدة الأصولية المؤسس عليها نظام التحكيم، وهي حرية الأطراف في اختيار مكان التحكيم والقانون واجب التطبيق - المواد ٢٥، ٢٨، ٣٩ من قانون التحكيم رقم ٢٧ لسنة ١٩٩٤ – وقد أقرت المحكمة الدستورية العليا دستورية هذا النص في قضائها بدستورية نص المادة 87 من قانون التجارة رقم 17 لسنة ١٩٩٩ في حكمها الصادر في القضية رقم ٢٥٣ لسنة ٢٤ دستورية بتاريخ 15/4/2007 المنشور بالجريدة الرسمية العدد 16 تابع الصادر في 19/4/2007.

3 - إذ كان الواقع -حسبما حصله الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق- أن العقود الثلاثة محل التداعي شملت عقد نقل تكنولوجيا وحق المعرفة مؤرخ 5/7/2006، متضمنًا عقد تصنيع مـؤرخ 5/7/2007، وعقد توزيع مؤرخ 5/7/2006، وأن محـل هـذه العقـود نقـل تكنولوجيا وحق المعرفة بالنسبة لجهاز غسيل كلوي طبي من إنتاج الشركة المطعون ضدها الأولى بالخارج لتصنيعه وتوزيعه بواسطة الشركة الطاعنة داخل مصر لاستخدامه فيها، وقد ثبت بالبند 15/2 من العقد الأول والمادة 19/2 من الثاني والمادة 9 قسم 7 من العقد الأخير أنها نصت على أن أي نزاع أو خلاف أو ادعاء ينشأ عن هذا العقد أو بسببه أو أي انتهاك أو إنهاء له أو لبطلانه يحـال لتسويته بصفة نهائية وفقًا لقواعد التحكيم الخاصة بغرفة التجارة في استوكهولم، وذلك عن طريق ثلاثة محكمين يتم تعيينهم وفقًا لتلك القواعد، ويتعين أن ينعقد التحكيم في استوكهولم، وأن تكون اللغة المستخدمة هي اللغة الإنجليزية، أي أن مكان تسوية النزاع غرفة التجارة في استوكهولم - خارج جمهورية مصر العربية – وأن قواعد هذه الغرفة ستكون الواجبة التطبيق، وهو ما يستدعي تطبيق القاعدة الآمرة الواردة بنص المادة 87 من قانون التجارة سالفة البيان لتحقق موجبات إعمالها؛ إذ إن محل العلاقة هو نقل تكنولوجيا وحق المعرفة لجهاز طبي لاستخدامه داخل مصر، مما يتعين استبعاد هذه الشروط لبطلانها بطلانًا مطلقًا، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بعدم قبول الدعوى لوجود شرط التحكيم معولًا على شروط العقد سالفة الذكر -الباطلة– ومستخلصًا منها اتجاه نية الطرفين إلى اللجوء للتحكيم الدولي في حالة نشوب أي نزاع بشأن تلك العقود، وأعمـل نص المادة 13/1 من قانون التحكيم رقم ٢٧ لسنة ١٩٩٤ وانتهى إلى قضائه المتقدم دون أن يفطن إلى أن هذه المادة قد اشترطت لإجابة الدفع أن يكون شرط التحكيم صحيحًا ونافذًا، وأن الواقع المطروح في الدعوى يُعد استثناءً وخروجًا عن القاعدة الأصولية المؤسس عليها نظام التحكيم من حرية الأطراف في اختيار مكان التحكيم والقانون واجب التطبيق، ومن ثم الوصول لحكم القانون الواجب التطبيق على النزاع، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.

4 - المقرر –في قضاء محكمة النقض- أنه لئن كانت الفقرة الأخيرة من المادة 12 من قانون المحاكم الاقتصادية رقم 120 لسنة 2008 توجب على محكمة النقض إذا قضت بنقض الحكم المطعون فيه أن تحكم في موضوع الدعوى، ولو كان الطعن لأول مرة؛ تحقيقًا للغاية التي استهدفها المشرع –وعلى ما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية لهذا القانون -من سرعة إجراءات التقاضي بالنسبة للمنازعات الخاصة بالمجال الاقتصادي تشجيعًا للاستثمار العربي والأجنبي بمصر ووصولًا لاستقرار المبادئ القانونية التي تحكم الحقل الاستثماري، إلا أن التزام محكمة النقض بذلك لا يكون إلا إذا تصدت الدائرة الاستئنافية بالمحكمة الاقتصادية لموضوع النزاع، أمَّا إذا كان قضاؤها قد اقتصر على الفصل في إجراءات رفع الدعوى أو دفع شكلي فحسب دون الموضوع، فلا يكون لمحكمة النقض في هذه الحالة أن تتصدي للفصل للموضوع؛ إذ مؤدى ذلك اختزال إجراءات التقاضي في مرحلة واحدة، وهي تصدي محكمة النقض لموضوع النزاع بعد قضائها بنقض الحكم المطعون فيه، وهو أمر يتعارض مع مبادئ العدالة التي لا يتعين إهدارها في سبيل سرعة الفصل في الأنزعة الاقتصادية، وكان الحكم المطعون فيه بقضائه بعدم قبول الدعوى لسبق الاتفاق على التحكيم يكون قد وقف عند حد المظهر الشكلي لأساس الدعوى، بما ينأى بهذا القضاء عن أن يكون من قبيل الدفع بعدم القبول الموضوعي – مما ورد ذكره في المادة 115 (1) من قانون المرافعات - والذي تستنفد به المحكمة ولايتها في الفصل في موضوع الدعوى، فإنه يتعين -والحال كذلك- إحالة الدعوى للدائرة الاستئنافية بالمحكمة الاقتصادية للفصل في الموضوع.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المحكمــة

بعد الاطلاع على الأوراق، ورأي دائرة فحص الطعون الاقتصادية، وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر، والمرافعة، وبعد المداولة.

حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.

وحيث إن الوقائع -على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق- تتحصل في أن الشركة الطاعنة أقامت الدعوى رقم ... لسنة 3 ق أمام الدائرة الاستئنافية بمحكمة القاهرة الاقتصادية على الشركة المطعون ضدها الأولى والمطعون ضده الثاني بصفته بطلب الحكـم: 1- بعدم أحقية الشركة المطعون ضدها الأولى في إنهاء التعاقد المبرم بينها والشركة الطاعنة بإرادتها المنفردة ودون أي مبرر مشروع أو سابق إنذار. ٢- ندب خبير حسابي ليقوم بدوره في ضوء المستندات المقدمة من الشركة الطاعنة بحصر وتقدير قيمة الخسائر الفعلية التي تكبدتها بسبب عدم تنفيذ الشركة المطعون ضدها الأولى للعقود محل النزاع بإرادتها المنفردة ودون أي مبرر مشروع أو سابق إنذار. 3- إلزام الشركة المطعون ضدها الأولى بأن تؤدي لها التعويض الذي تراه المحكمة مناسبًا في ضوء ما يسفر عنه تقرير الخبير، على سند من أنها أبرمت بتاريخ 5/7/2006 مع الشركة المطعون ضدها الأولى عقد نقل تكنولوجيا ونقل حق المعرفة متضمنًا عقدي تصنيع وتوزيع جهاز غسيل كلوي طبي، وإذ قامت الطاعنة باتخاذ كافة الإجراءات اللازمة لتنفيذها، وبعد البدء بفترة وجيزة امتنعت الشركة المطعون ضدها الأولى عن التوريد دون سبب مشروع، الأمر الذي ألحق بها أضرارًا، فأقامت الدعوى. وبتاريخ 9/4/2013 قضت المحكمة بعدم قبول الدعوى لوجود شرط التحكيم. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض، وأودعت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه، وإذ عُرض الطعنُ على دائرة فحص الطعون الاقتصادية منعقدةً في غرفة مشورة، فرأت أنه جديرٌ بالنظر، وأحالته إلى هذه المحكمة، فحددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.

وحيث إن مما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه، الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب؛ إذ أقام قضاءه بعدم قبول الدعوى لوجود شرط التحكيم بعقود التداعي – عقد نقل التكنولوجيا وعقدي التصنيع والتوزيع - على الرغم من تمسكها ببطلان هذا الشرط لمخالفته نص المادة 87 من قانون التجارة رقم 17 لسنة 1999 الذي يمنع الاتفاق على أن يجري التحكيم بشأن عقود نقل التكنولوجيا خارج مصر، وهو بطلان مطلق متعلق بالنظام العام، وإذ تضمن شرط التحكيم بالعقود الثلاثة سند التداعي أن تكون إجراءات التحكيم وفقًا لقواعد معهد التحكيم بغرفة التجارة في استوكهولم، وبذلك جعلت المكان الذي يجري فيه التحكيم واقعًا خارج جمهورية مصر العربية، وغير خاضعٍ للقانون المصري، وإذ لم يعرض الحكم المطعون فيه للرد على هذا الدفاع، فإنه يكون معيبًا، بما يستوجب نقضه.

وحيث إن النعي سديد؛ ذلك أن المشرع قد نظم عقد نقل التكنولوجيا في المواد من 72 إلى 87 بالفصل الأول ضمن الباب الثاني الخاص بالعقود التجارية في قانون التجارة رقم 17 لسنة 1999، وقد تضمن النص في المادة 72 منه على أن "1- تسري أحكام هذا الفصل على كل عقد لنقل تكنولوجيا لاستخدامها في جمهورية مصر العربية سواءً أكان هذا النقل دوليًّا يقع عبر الحدود الإقليمية لمصر أم داخليًّا، ولا عبرة في الحالتين لجنسية أطراف الاتفاق أو محال إقامتهم. ٢- كما تسري أحكام هذا الفصل على كل اتفاق لنقل التكنولوجيا يبرم بعقدٍ مستقل أو ضمن عقد آخر." كما نصت المادة 87 من القانون على أن "1- تختص المحاكم المصرية بالفصل في المنازعات التي تنشأ عن عقد نقل التكنولوجيا المشار إليه في المادة (٧٢) من هذا القانون. ويجوز الاتفاق على تسوية النزاع وديًّا أو بطريق تحكيم يجري في مصر وفقًا لأحكام القانون المصري. ۲- وفي جميع الأحوال يكون الفصل في موضوع النزاع بموجب أحكام القانون المصري، وكل اتفاق على خلاف ذلك يقع باطلًا." ومؤدى هذا النص أن المشرع قد وضع قاعدة آمرة للاختصاص المكاني الذي يجري فيه فض المنازعات التي تنشأ عن أي عقد أو اتفاق يتضمن نقلًا للتكنولوجيا، وجعل مناط ذلك أن تكون للاستخدام داخل مصر، دون اعتداد بأي معيار آخر، سواءً كان العقد دوليًّا أو داخليًّا مستقلًا أو ضمن عقد آخر، وبغض النظر عن جنسية الأطراف أو موطنهم أو ما تم الاتفاق عليه بينهم، ويشمل جميع وسائل وطرق فض المنازعات سواءً كانت قضائية أو وسائل ودية أو عن طريق التحكيم؛ حيث اشترط أن يتم حل المنازعة داخل جمهورية مصر العربية، وأن مراد المشرع من ذلك –وعلى ما أفصحت عنه المذكرة الايضاحية للقانون- حماية المصالح الوطنية دون المساس بالمصالح المشروعة للطرف مورد التكنولوجيا، وبحيث يؤمن للطرف المستورد –وهو مصري غالبًا– أسبابًا حقيقيةً للتكنولوجيا تضمن لها أن تكون أداةً لتطوير الاقتصاد الوطني، وإفساحًا للمجال أمامه من أجل فرصـة أرحـب للمنافسة في أسواق التجارة الدولية. ولمَّا كانت هذه المعاملات غالبًا ما تتسم بالدولية وأنها عابرة للحدود وبين أطراف من جنسيات متعددة، فإن الوسائل الودية وطريق التحكيم هو الأسلوب المفضل لأطرافها لفض المنازعات التي تنشأ بينهم؛ إذ إن قوامها ومحدداتها مبنيٌ على إرادتهم وما تم الاتفاق عليه بينهم، لذا فقد ارتأى المشرع أن يقيم توازنًا بين مصالح الأطراف المتعارضة التي يُخشى الإخلال بها إن أجيز للطرف القوي –وهو مورد التكنولوجيا غالبًا– إجبار الطرف الآخر وقت إبرام العقد على قبول مكان غير مناسب له للتحكيم يكلفه نفقات باهظة، وقانون مجهول له يطبق على المنازعة على نحوٍ يحول دون مطالبته أو حصوله على حقوقه، أو يطلق يد المحكمين في عدم التقيد بأحكامه، وذلك بأن أكد فاعلية ذلك كله بإبطال كل اتفاق يخالف حكم هذا النص، وهو ما يُعد استثناءً وخروجًا عن القاعدة الأصولية المؤسس عليها نظام التحكيم، وهي حرية الأطراف في اختيار مكان التحكيم والقانون واجب التطبيق - المواد ٢٥، ٢٨، ٣٩ من قانون التحكيم رقم ٢٧ لسنة ١٩٩٤ – وقد أقرت المحكمة الدستورية العليا دستورية هذا النص في قضائها بدستورية نص المادة 87 من قانون التجارة رقم 17 لسنة ١٩٩٩ في حكمها الصادر في القضية رقم ٢٥٣ لسنة ٢٤ دستورية بتاريخ 15/4/2007 المنشور بالجريدة الرسمية العدد 16 تابع الصادر في 19/4/2007. لمَّا كان ذلك، وكان الواقع -حسبما حصله الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق- أن العقود الثلاثة محل التداعي شملت عقد نقل تكنولوجيا وحق المعرفة مؤرخ 5/7/2006، متضمنًا عقد تصنيع مـؤرخ 5/7/2007، وعقد توزيع مؤرخ 5/7/2006، وأن محـل هـذه العقـود نقـل تكنولوجيا وحق المعرفة بالنسبة لجهاز غسيل كلوي طبي من إنتاج الشركة المطعون ضدها الأولى بالخارج لتصنيعه وتوزيعه بواسطة الشركة الطاعنة داخل مصر لاستخدامه فيها، وقد ثبت بالبند 15/2 من العقد الأول والمادة 19/2 من الثاني والمادة 9 قسم 7 من العقد الأخير أنها نصت على أن أي نزاعٍ أو خلافٍ أو ادعاءٍ ينشأ عن هذا العقد أو بسببه أو أي انتهاك أو إنهاء له أو لبطلانه يحـال لتسويته بصفة نهائية وفقًا لقواعد التحكيم الخاصة بغرفة التجارة في استوكهولم، وذلك عن طريق ثلاثة محكمين يتم تعيينهم وفقًا لتلك القواعد، ويتعين أن ينعقد التحكيم في استوكهولم، وأن تكون اللغة المستخدمة هي اللغة الإنجليزية، أي أن مكان تسوية النزاع غرفة التجارة في استوكهولم - خارج جمهورية مصر العربية – وأن قواعد هذه الغرفة ستكون الواجبة التطبيق، وهو ما يستدعي تطبيق القاعدة الآمرة الواردة بنص المادة 87 من قانون التجارة سالفة البيان لتحقق موجبات إعمالها؛ إذ إن محل العلاقة هو نقل تكنولوجيا وحق المعرفة لجهاز طبي لاستخدامه داخل مصر، مما يتعين استبعاد هذه الشروط لبطلانها بطلانًا مطلقًا، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بعدم قبول الدعوى لوجود شرط التحكيم معولًا على شروط العقد سالفة الذكر - الباطلة – ومستخلصًا منها اتجاه نية الطرفين إلى اللجوء للتحكيم الدولي في حالة نشوب أي نزاع بشأن تلك العقود، وأعمـل نص المادة 13/1 من قانون التحكيم رقم ٢٧ لسنة ١٩٩٤، وانتهى إلى قضائه المتقدم دون أن يفطن إلى أن هذه المادة قد اشترطت لإجابة الدفع أن يكون شرط التحكيم صحيحًا ونافذًا، وأن الواقع المطروح في الدعوى يعد استثناءً وخروجًا عن القاعدة الأصولية المؤسس عليها نظام التحكيم من حرية الأطراف في اختيار مكان التحكيم والقانون واجب التطبيق، ومن ثم الوصول لحكم القانون الواجب التطبيق على النزاع، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.

وحيث إنه ولئن كانت الفقرة الأخيرة من المادة 12 من قانون المحاكم الاقتصادية رقم 120 لسنة 2008 توجب على محكمة النقض إذا قضت بنقض الحكم المطعون فيه أن تحكم في موضوع الدعوى، ولو كان الطعن لأول مرة؛ تحقيقًا للغاية التي استهدفها المشرع –وعلى ما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية لهذا القانون -من سرعة إجراءات التقاضي بالنسبة للمنازعات الخاصة بالمجال الاقتصادي تشجيعًا للاستثمار العربي والأجنبي بمصر ووصولًا لاستقرار المبادئ القانونية التي تحكم الحقل الاستثماري، إلا أن التزام محكمة النقض بذلك لا يكون إلا إذا تصدت الدائرة الاستئنافية بالمحكمة الاقتصادية لموضوع النزاع، أمَّا إذا كان قضاؤها قد اقتصر على الفصل في إجراءات رفع الدعوى أو دفع شكلي فحسب دون الموضوع، فلا يكون لمحكمة النقض في هذه الحالة أن تتصدي للفصل للموضوع؛ إذ مؤدى ذلك اختزال إجراءات التقاضي في مرحلة واحدة، وهي تصدي محكمة النقض لموضوع النزاع بعد قضائها بنقض الحكم المطعون فيه، وهو أمر يتعارض مع مبادئ العدالة التي لا يتعين إهدارها في سبيل سرعة الفصل في الأنزعة الاقتصادية. لمَّا كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه بقضائه بعدم قبول الدعوى لسبق الاتفاق على التحكيم يكون قد وقف عند حد المظهر الشكلي لأساس الدعوى، بما ينأى بهذا القضاء عن أن يكون من قبيل الدفع بعدم القبول الموضوعي – مما ورد ذكره في المادة 115 (1) من قانون المرافعات - والذي تستنفد به المحكمة ولايتها في الفصل في موضوع الدعوى، فإنه يتعين - والحال كذلك- إحالة الدعوى للدائرة الاستئنافية بالمحكمة الاقتصادية للفصل في الموضوع.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الطعن 1171 لسنة 81 ق جلسة 13 / 12 / 2021 مكتب فني 72 ق 114 ص 725

جلسة 13 من ديسمبر سنة 2021

برئاسة السيد القاضي/ رفعت فهمي العزب "نائب رئيس المحكمة"، وعضوية السادة القضاة / طلبه مهنى محمد، حاتم عبد الوهاب حمودة، عادل حسني عبدالحميد ومحمد عبد المولى شحاتة "نواب رئيس المحكمة".

-------------

(114)

الطعن رقم 1171 لسنة 81 القضائية

(1) حكم " الطعن في الحكم : الأحكام التي لا يجوز الطعن فيها استقلالًا : الحكم الصادر برفض طلب رد القضاة " .

الطعن بالنقض أو التماس إعادة النظر في الحكم الصادر برفض طلب رد القاضي . شرطه . نظره مع الطعن في الحكم الصادر في الدعوى الأصلية وفقًا لإجراءات ومواعيد الطعن فيه والقانون الذي يحكمه . م 157 فقرة أخيرة مرافعات . علة ذلك .

(2) نقض " الأحكام الجائز الطعن فيها بالنقض : جواز الطعن بالنقض على حكم التعويض عن رد القاضي استقلالًا عن الدعوى الأصلية محل طلب الرد " .

إقامة دعوى تعويض من القاضي المطعون ضده المطلوب رده تأسيسًا على الحكم برفض طلب الرد المقام ضده من الطاعن طالب الرد . مؤداه . عدم سريان القيد الوارد بالمادة 157 فقرة أخيرة مرافعات عليه . مفاده . جواز طعن الأخير بالنقض على حكم التعويض استقلالًا عن الدعوى الأصلية محل طلب الرد . دفع النيابة بعدم الجواز . على غير أساس .

(4،3) استئناف " الحكم في الاستئناف : تسبيبه " .

(3) قضاء محكمة الاستئناف بتأييد الحكم الابتدائي . مقتضاه . إحالتها إلى ما جاء في هذا الحكم من وقائع وأسباب . شرطه . كفايتها لحمل قضائه وعدم استناد الخصوم أمامها إلى أوجه دفاع جديدة تخرج عما قدموه أمام محكمة أول درجة .

(4) تناول الحكم الابتدائي الرد بأسباب سائغة على دعوى الطاعن الفرعية بطلب تعويضه عن خطأ المطعون ضده المهني وإساءته استعمال حق التقاضي . تأييد محكمة الاستئناف هذا الحكم محمولًا على أسبابه . مفاده . أنها لم تجد فيما وُجِّه إلى الحكم الابتدائي من مطاعن ما يستأهل الرد عليه بأكثر مما تضمنته أسبابه . النعي عليه بهذا السبب . على غير أساس .

(5) حكم " حجية الأحكام : شروط الحجية : الشروط الواجب توافرها في الحق المدعى به " .

حجية الأمر المقضي . مناطها . وحدة الموضوع بين الدعوى التي سبق الفصل فيها والدعوى المطروحة . شرطه . تناقش الطرفين في المسألة الأساسية المقضي فيها بالدعوى الأولى واستقرار حقيقتها بينهما بالحكم الأول استقرارًا جامعًا مانعًا دون أن تتغير تلك المسألة . أثره . ما لم تنظر فيه المحكمة لا يكون موضوعًا لحكم يحوز قوة الأمر المقضي . م 101 إثبات .

(6) قضاة " رد القضاة : رفض طلب الرد لعدم توافر إحدى حالاته لا يحوز حجية في دعوى التعويض عنه " .

القضاء برفض طلب الرد تأسيسًا على عدم توافر إحدى حالاته المنصوص عليها في المادة 148 مرافعات دون بيان خطأ الطاعن الذي تضمنه طلب الرد ويعد مساسًا بنزاهة القاضي المطعون ضده وحيدته وسمعته وإساءة من الطاعن في استعمال حقه في التقاضي . مؤداه . عدم حيازته قوة الأمر المقضي في ثبوت خطأ الطاعن التقصيري المُقام عليه دعوى القاضي المطعون ضده بطلب تعويضه عن إساءة استعمال الطاعن حق التقاضي بنية الإضرار به . مخالفة الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضاؤه للمطعون ضده بالتعويض استنادًا لحجية ذلك القضاء . خطأ .

(7) قضاة " رد القضاة " " مبدأ حياد القاضي " .

مبدأ حياد القاضي . قوامه . اطمئنان المتقاضي إلى أن القضاء لا يصدر إلا بالحق دون تحيز أو هوى . حقه في رد القاضي عن نظر نزاع بعينه . مناطه . توافر الجدية وعدم استخدامه سبيلًا لعرقلة الفصل في القضايا والإساءة إلى القضاة . الانحراف في مباشرة هذا الحق ابتغاء مضارة الغير . موجب للمسئولية . جواز الحكم على طالب الرد بالتعويض . شرطه . تضمن طلب الرد ما ينالُ من حيدة القاضي وسُمعته .

(8) مسئولية " المسئولية التقصيرية : المسئولية عن إساءة استعمال حق التقاضي " .

مُسئولية خصم عن الأضرار الناشئة عن استعمال حق التقاضي استعمالًا كيديًّا غير مشروع . شرطه . إيراد الحكم للعناصر الواقعية والظروف التي يصح استخلاص نية الكيد منها استخلاصًا سائغًا . تكييف الفعل بأنه خطأ أو نفي هذا الوصف عنه من مسائل القانون . مؤداه . خضوعه لرقابة محكمة النقض .

(9) قضاة " رد القضاة : خلو طلب الرد من الإساءة للقاضي ينتفي معه ركن الخطأ المُوجِب للتعويض " .

عبارات الطاعن الشارحة لوجهة نظره ودفاعه في طلب رد القاضي المطعون ضده لإثبات قيام إحدى حالاته وخُلوها مما يعد مساسًا بنزاهة القاضي وحيدته وسمعته . مؤداه . انتفاء ركن الخطأ الموجب للمسئولية في حق الأول . قضاء الحكم المطعون فيه بمسئولية طالب الرد عن التعويض استنادًا إلى أن تلك العبارات تُعد تجاوزًا في حق القاضي المطلوب رده رغم أنها لا تفيد ذلك . خطأ وفساد .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1- المقرر -في قضاء محكمة النقض– أنَّ النصَ في الفقرة الأخيرة من المادة 157 من قانون المرافعات على أنه "وفي جميع الأحوال لا يجوز الطعن في الحكم الصادر برفض طلب الرد إلا مع الطعن في الحكم الصادر في الدعوى الأصلية"، يدلُ على أنَّ المشرعَ خروجًا منه على القاعدة العامة للطعن في الأحكام لم يُجِزْ الطعن بالنقض أو التماس إعادة النظر في حكم محكمة الاستئناف الصادر برفض طلب رد أحد القضاة إلَّا مع الطعن في الدعوى الأصلية وفقًا لإجراءات ومواعيد الطعن فيها والقانون الذي يحكمه؛ وذلك على أساس أن خصومة الرد هي مسألة فرعية بالنسبة للدعوى الأصلية.

2- إذ كانت الدعوى الماثلةُ هي دعوى تعويضٍ عن طلب الرد أقامها (القاضي) المطعون ضده على الطاعن بوصفه طالب الرد، ومن ثم فإن الطعن بالنقض على الحكم الصادر فيها يكون جائزًا، ولا يسري بشأنه القيد الوارد بالفقرة الأخيرة من المادة (157 من قانون المرافعات) آنفة البيان الخاص بالطعن المرفوع على الحكم الصادر برفض طلب الرد (بشأن عدم جواز الطعن بالنقض استقلالاً في الحكم الصادر برفض طلب رد أحد القضاة إلا مع الطعن في الدعوى الأصلية المرفوع عنها طلب الرد)، ويكون الدفع على غير أساس.

3- المقرر -في قضاء محكمة النقض– أن لمحكمة الاستئناف إذا هي قضت بتأييد الحكم الابتدائي أن تُحيل على ما جاء فيه سواءً في بيان وقائع الدعوى أو في الأسباب التي أُقيم عليها متى كانت تكفي لحمله، ولم يكن الخصوم قد استندوا أمام محكمة الاستئناف إلى أوجه دفاعٍ جديدةٍ تخرج في جوهرها عما قدموه لمحكمة أول درجة.

4- إذ كان الحكم الابتدائي قد تناول دعوى الطاعن الفرعية التي أقامها طالبًا التعويض عن الخطأ المهني الذي ارتكبه المطعون ضده وعن إساءته استخدام حق التقاضي، وخلُص الحكم بأسبابٍ سائغةٍ لها أصلٌ ثابتٌ في الأوراق وتضمنت الرد المسقط لأسباب استئناف الطاعن في هذا الخصوص، فلا على محكمة الاستئناف إنْ هي اعتنقت أسباب ذلك الحكم دون إضافة؛ لأن في تأييدها له محمولًا على أسبابه ما يفيد أنها لم تجد فيما وُجِّه إليه من مطاعن ما يستأهل الرد عليه بأكثر مما تضمنته تلك الأسباب، ويضحى النعي على حكمها بهذا السبب على غير أساس.

5- المقرر -في قضاء محكمة النقض– أن مناط حجية الأمر المقضي وفقًا للمادة 101 من قانون الإثبات هو وحدة الموضوع بين الدعوى التي سبق الفصل فيها والدعوى المطروحة بحيث تكون المسألة المقضي فيها مسألةً أساسيةً لم تتغير، وأن يكون الطرفان قد تناقشا فيها في الدعوى الأولى، واستقرت حقيقتها بينهما بالحكم الأول استقرارًا جامعًا مانعًا، وتكون هي بذاتها الأساس فيما يدعيه في الدعوى الثانية أيٌّ من الطرفين قِبل الآخر من حقوقٍ متفرعة عنها، وأنَّ ما لم تنظر فيه المحكمة بالفعل لا يمكن أن يكون موضوعًا لحكمٍ يحوز قوة الأمر المقضي.

6- إذ كان البين ممَّا حصله الحكم المطعون فيه أن الحكم الصادر في الدعوى رقم ... لسنة 62 ق الإسكندرية قد أقام قضاءه برفض طلب رد (القاضي) المطعون ضده عن نظر القضية رقم ... لسنة 2005 مدني محكمة الإسكندرية الابتدائية على سندٍ من عدم توافر إحدى حالات رد القضاة المنصوص عليها على سبيل الحصر في المادة 148 من قانون المرافعات دون أن يتطرق الحكم لخطأ الطاعن فيما تضمنه طلب الرد أو ما أُبدي فيه من دفاعٍ والذي من شأنه أن ينال من نزاهة القاضي (المطعون ضده) وحيدته وسمعته ويُعدُّ في ذات الوقت إساءةً لاستعمال حق التقاضي، ومن ثَمَّ فإنَّ الحكم المذكور لا يحوزُ قوة الأمر المقضي في ثبوت الخطأ التقصيري في دعوى التعويض الراهنة المتمثل في إساءة استخدام حق التقاضي بأن يكون استعماله كيديًّا بنية الإضرار بالقاضي (المطعون ضده) المطلوب رده، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر (وقَضى للقاضي المطعون ضده بالتعويض استنادًا لحجية ذلك الحكم) فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.

7- المقرر -في قضاء محكمة النقض– أن مبدأ حياد القاضي يتأسس على قاعدةٍ أصوليَّةٍ قوامُها وجوبُ اطمئنان المتقاضي إلى قاضيه، وأن قضاءه لا يصدر إلا عن الحق وحده دون تحيزٍ أو هوى، وحرصت الأحكام التشريعية المُنظمة لشئون القضاء على تدعيم وتوفير هذه الحيدة ولم تَغفل عن حق المتقاضي إنْ كانت لديه أسبابٌ تدعو إلى مظنة التأثير في هذه الحيدة أنْ يجد السبيل لِيَحول بين من قامت في شأنه تلك المظنة وبين القضاء في دعواه، ومن ثَمَّ فقد قام حقه في رد القاضي عن نظر نزاعٍ بعينه كحقٍ من الحقوق الأساسية التي ترتبط بحق التقاضي ذاته، إلَّا إنَّه لمَّا كان هذا الحق من الحقوق قد تعرَّض لِأنْ تَستشري في شأنه ظاهرةُ إساءة استعماله بالإفراط فيه واستخدامه سبيلًا للكيد في الخصومة واللدد فيها وإطالة أمد الفصل في القضايا دون تحسُّبٍ لِمَا يُؤدِي إليه الأمرُ من إيذاءِ القُضاة في اعتبارهم ومكانتهم ومشاعرهم وجعل نزاهتهم وحيدتهم محل شكٍ من الخصوم، وسمعتهم مضغةً في الأفواه، وإزاء هذا الذي آلَ إليه الأمر من تعطيل الفصل في الدعاوى والإسراف في النيل من القُضاة تَدَخَّلَ المشرعُ بإجراء تعديلٍ تشريعيٍّ للنصوص المُنظمة لأوضاع رد القضاة بما يُحقق التوازن التشريعي بين المحافظة على حق المتقاضين في رد القضاة إذا توافرت أسبابه وبين تقرير ضوابطَ دقيقةٍ تجعل من مُمارسة هذا الحقِّ منوطًا بتوافر الحيدة والبُعد عن العبث والحيلولة دون استخدامه سبيلًا للكيد وعرقلة الفصل في القضايا والإساءة إلى القضاة، وإذ كان حق الالتجاء إلى القضاء من الحقوق العامة التي كفلها الدستور لكل مُواطنٍ إلا أنه لا يسوغ لمن يُباشر هذا الحق الانحراف به عما شُرع له واستعماله استعمالاً كيديًّا ابتغاءَ مضارة الغير، وإلا حُقَّت مُساءلتُه عن تعويض الأضرار التي تلحق الغير بسبب إساءة استعمال هذا الحق، ومن ثَمَّ حُقَّ للقاضي الذي تضرر برده عن نظر نزاعٍ بعينه أن يلجأ إلى القضاء للحُكم على طالب الرد بالتعويض إعمالًا للقواعد العامة التي تقضي بمُساءلة مَن انحرف في استعمال حق التقاضي عن الأضرار التي نجمت عن ذلك، ويتحقق الخطأ عن ذلك بما تضمنه طلب الرد وما حواه أو أُبدي فيه من دفاعٍ على نحوٍ ينال من نزاهة القاضي وحيدته وسمعته.

8- المقرر -في قضاء محكمة النقض– أن الحكم الذي ينتهي إلى مسئولية خِصمٍ عن الأضرار الناشئة عن استعمال حق التقاضي استعمالًا كيديًا غير مشروع يتعين عليه أن يُورِد العناصر الواقعية والظروف الحاصلة التي يصح استخلاص نية الانحراف والكيد فيها استخلاصًا سائغًا، وأنَّ تكييف الفعل إذا كان خطأً أو نفي هذا الوصف عنه هو من مسائل القانون التي تخضع فيها محكمة الموضوع لرقابة محكمة النقض.

9- إذ كان الحكم المطعون فيه قد شيَّد قضاءه بمسئولية الطاعن عن التعويض في دعامته الثانية على سندٍ من أنَّ ما تضمنه طلبُ الرد من ألفاظٍ وعباراتٍ يُعدُّ تجاوزًا من الطاعن في حق القاضي المطلوب رده، وذلك فيما أورد فيه "أن القاضي المطلوب رده تشبَّث برأيه قبل سماع الدفاع، وأنَّ تقديره في الدعوى قد شُلَّ، وأنَّه فصل في النزاع دون التفاتٍ إلى ما قدمه من مستنداتٍ رسميةٍ، وأنَّ طالب الرد لا يطمئن إلى ما قدمه في الدعوى من أوراق"، وكان هذا الذي استند إليه الحكم وأقام قضاءه عليه لا يكفي لإثبات انحراف الطاعن عن حقه المكفول في التقاضي على نحوٍ يدلُ على توافر قصد الكيد لديه إضرارًا بالمطعون ضده؛ ذلك أن تلك الألفاظ والعبارات التي ساقها الطاعن بطلب الرد جاءت لتأكيد جدية طلب الرد وشرحًا لوجهةِ نظرهِ ودفاعهِ في قيام إحدى حالات الرد في حق القاضي المطلوب رده، ولا يُستفاد منها ولا يوجد ما يُحمل فيها على توافر قصد المساس بنزاهة وحيدة وسمعة القاضي المطلوب رده، وهو ما ينفي ركن الخطأ المُوجِب للمسئولية المدنية في حق الطاعن، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر، فإنه يكون فضلًا عن فساده في الاستدلال قد شابَهُ الخطأ في تطبيق القانون.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المحكمــة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المــقرر، والمرافعة، وبعد المداولة.

حيثُ إنَّ الوقائعَ –على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق– تتحصل في أن المطعون ضده أقام على الطاعن الدعوى رقم ... لسنة 2008 مدني محكمة الإسكندرية الابتدائية بطلب الحكم بإلزامه بأن يؤدي إليه مبلغ مليون جنيه تعويضًا عما لحقه من أضرارٍ ماديةٍ وأدبيةٍ، وقال بيانًا لذلك: إنه حال نظره -كرئيسٍ لإحدى الدوائر المدنية بمحكمة الإسكندرية الابتدائية- لنزاع قضائي حول تصفية شركة بين الطاعن وآخرين في الدعوى رقم ... لسنة 2005 مدني محكمة الإسكندرية الابتدائية وبسبب وجود خطأ ماديٍ بحكم الاستجواب في ذكر رقم توكيل الطاعن الصادر له من مُورث خصومه تقدَّم بشكوى ضده إلى رئيس المحكمة ورئيس التفتيش القضائي، ثم أقام الدعوى رقم ... لسنة 62 ق الإسكندرية طالبًا رده عن نظر تلك القضية وأورد بطلب الرد ما من شأنه المساس بحيدته وسمعته ونزاهته، وإذ قُضي برفض طلب الرد، وباتَ الحكم في شأنه حائزًا لقوة الأمر المقضي، وهو ما يتحقق به الخطأ المُوجب للمسئولية، وقد لحِقه أضرارٌ مادية وأدبية من جراء ذلك يُقدِّر التعويض عنها بالمبلغ المطالب به؛ لذلك أقام دعواه. وجَّه الطاعن دعوى فرعية طالبًا إلزام المطعون ضده وآخرين - غير مُختصمين في الطعن - بالتضامم بأن يؤدوا إليه مبلغ مليون جنيه تعويضًا عن الخطأ الجسيم الذي اقترفه المطعون ضده لإساءته استعمال حق التقاضي. حكمت المحكمة في الدعوى الأصلية بإلزام الطاعن بأن يؤدي إلى المطعون ضده مبلغ خمسين ألف جنيه تعويضًا عن الأضرار الأدبية، وفي الدعوى الفرعية برفضها. استأنف المحكوم له هذا الحكم بالاستئناف رقم ... لسنة 66 ق الإسكندرية، كما استأنفه الطاعن بالاستئناف رقم ... لسنة 66 ق الإسكندرية. ضمت المحكمة الاستئناف الثاني للاستئناف الأول وقضت فيهما بتاريخ 24/11/2010 برفضهما وبتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة دفعت فيها بعدم جواز الطعن وفي موضوعه أبدت الرأي برفضه، وإذ عُرض الطعنُ على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.

وحيثُ إنَّ مبنى الدفع المُبدى من النيابة بعدم جواز الطعن أنَّ الأحكام الصادرة برفض طلبات رد القضاة لا يجوز الطعن فيها إلَّا مع الحكم الصادر في الدعوى الأصلية محل طلب الرد.

وحيثُ إنَّ هذا الدفع في غير محله؛ ذلك أنَّ النص في الفقرة الأخيرة من المادة 157 من قانون المرافعات على أنه "وفي جميع الأحوال لا يجوز الطعن في الحكم الصادر برفض طلب الرد إلَّا مع الطعن في الحكم الصادر في الدعوى الأصلية"، يدل على أن المشرع خروجًا منه على القاعدة العامة للطعن في الأحكام لم يُجِز الطعن بالنقض أو التماس إعادة النظر في حكم محكمة الاستئناف الصادر برفض طلب رد أحد القضاة إلا مع الطعن في الدعوى الأصلية وِفقًا لإجراءات ومواعيد الطعن فيها والقانون الذي يحكمه؛ وذلك على أساس أن خصومة الرد هي مسألة فرعية بالنسبة للدعوى الأصلية. لمَّا كان ذلك، وكانت الدعوى الماثلة هي دعوى تعويض عن طلب الرد أقامها المطعون ضده على الطاعن بوصفه طالب الرد، ومن ثَمَّ فإن الطعن بالنقض على الحكم الصادر فيها يكون جائزًا، ولا يسري بشأنه القيد الوارد بالفقرة الأخيرة من المادة آنفة البيان الخاص بالطعن المرفوع على الحكم الصادر برفض طلب الرد، ويكون الدفع على غير أساس.

وحيثُ إنَّ الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.

وحيثُ إنَّ الطعنَ أُقيم على سببين ينعَى الطاعن بالسبب الثاني منهما على الحكم المطعون فيه القصورَ في التسبيب ومخالفةَ الثابت بالأوراق والإخلالَ بحق الدفاع؛ إذ أغَفل الرد على أسباب استئنافه فيما يتعلق بالحكم القاضي برفض دعواه الفرعية رغم إقرار المطعون ضده قضائيًا بارتكابه خطأً يسيرًا بصحيفة الدعوى الأصلية وهو ما يمنحه الحق في مطالبته بالتعويض عن هذا الخطأ أيًا كانت درجة جسامته، ممَّا يعيب الحكم، ويستوجب نقضه.

وحيثُ إنَّ هذا النعي في غير محله؛ ذلك أنه من المقرر –في قضاء هذه المحكمة– أن لمحكمة الاستئناف إذا هي قضت بتأييد الحكم الابتدائي أن تحيل على ما جاء فيه سواءً في بيان وقائع الدعوى أو في الأسباب التي أُقيم عليها متى كانت تكفي لحمله، ولم يكن الخصوم قد استندوا أمام محكمة الاستئناف إلى أوجه دفاعٍ جديدةٍ تخرج في جوهرها عما قدموه لمحكمة أول درجة. لمَّا كان ذلك، وكان الحكم الابتدائي قد تناول دعوى الطاعن الفرعية التي أقامها طالبًا التعويض عن الخطأ المهني الذي ارتكبه المطعون ضده وعن إساءته استخدام حق التقاضي، وخلُص الحكم بأسباب سائغةٍ لها أصل ثابت في الأوراق، وتضمنت الرد المسقط لأسباب استئناف الطاعن في هذا الخصوص، فلا على محكمة الاستئناف إنْ هي اعتنقت أسباب ذلك الحكم دون إضافة؛ لأن في تأييدها له محمولًا على أسبابه ما يفيد أنها لم تجد فيما وجه إليه من مطاعن ما يستأهل الرد عليه بأكثر مما تضمنته تلك الأسباب، ويضحى النعي على حكمها بهذا السبب على غير أساس.

وحيثُ إنَّ الطاعن ينعَى بالسبب الأول على الحكم المطعون فيه الفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقول: إنَّ الحكم الصادر برفض طلب الرد لا يحوز قوة الأمر المقضي في دعوى التعويض الراهنة؛ لأنه لم يتناول في أسبابه رُكن الخطأ المُوجِب للمسئولية في حقه، وإنما شيَّد قضاءه على انتفاء حالة من حالات الرد الواردة على سبيل الحصر في المادة 148 من قانون المرافعات، كما أنَّه استخدم حقًا مقررًا له بمقتضى القانون دون أن ينحرف في استعماله لهذا الحق، وأن ما أورده من عباراتٍ وألفاظٍ بطلب الرد تدخل في السياق الواسع لمفهوم كلمتي العداوة أو المودة كسبب لرد القضاة، فإن الحكم المطعون فيه إذ ألزمه بالتعويض المقضي به التزامًا بحجية الحكم الصادر برفض دعوى الرد وعلى ما جاء بطلب الرد من عباراتٍ اعتبرها تجاوزًا منه في حق المطعون ضده دون أن يوضح الخطأ الذي ارتكبه ولم يُعنَ بتحقيق الوقائع التي نسبها إلى المطعون ضده لبيان مدى صحتها وصولًا لتوافر الخطأ في حقه من عدمه، فإنه يكون معيبًا، بما يستوجب نقضه.

وحيثُ إنَّ هذا النعي في شقه الأول سديدٌ؛ ذلك أنه من المقرر –وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة- أن مناط حجية الأمر المقضي وفقًا للمادة 101 من قانون الإثبات هو وحدة الموضوع بين الدعوى التي سبق الفصل فيها والدعوى المطروحة بحيث تكون المسألة المقضي فيها مسألةً أساسية لم تتغير، وأن يكون الطرفان قد تناقشا فيها في الدعوى الأولى واستقرت حقيقتها بينهما بالحكم الأول استقرارًا جامعًا مانعًا، وتكون هي بذاتها الأساس فيما يدعيه في الدعوى الثانية أيٌّ من الطرفين قِبل الآخر من حقوقٍ متفرعةٍ عنها، وأنَّ ما لم تنظر فيه المحكمة بالفعل لا يمكن أن يكون موضوعًا لحكم يحوز قوة الأمر المقضي. لمَّا كان ذلك، وكان البين مما حصله الحكم المطعون فيه أن الحكم الصادر في الدعوى رقم ... لسنة 62 ق الإسكندرية قد أقام قضاءه برفض طلب رد المطعون ضده عن نظر القضية رقم ... لسنة 2005 مدني محكمة الإسكندرية الابتدائية على سندٍ من عدم توافر إحدى حالات رد القضاة المنصوص عليها على سبيل الحصر في المادة 148 من قانون المرافعات دون أن يتطرق الحكم لخطأ الطاعن فيما تضمنه طلب الرد أو ما أُبدي فيه من دفاعٍ، والذي من شأنه أن ينال من نزاهة القاضي وحيدته وسمعته ويعد في ذات الوقت إساءة لاستعمال حق التقاضي، ومن ثم فإن الحكم المذكور لا يحوز قوة الأمر المقضي في ثبوت الخطأ التقصيري في دعوى التعويض الراهنة المتمثل في إساءة استخدام حق التقاضي بأن يكون استعماله كيديًّا بنية الإضرار بالقاضي المطلوب رده، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.

وحيثُ إنَّ النعي في شقه الثاني في محله؛ ذلك أن المقرر –وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة– أنه وإنْ كان مبدأ حياد القاضي يتأسس على قاعدةٍ أصوليةٍ قوامُها وجوبُ اطمئنان المتقاضي إلى قاضيه، وأن قضاءه لا يصدر إلا عن الحق وحده دون تحيز أو هوى، وحرصت الأحكام التشريعية المُنظمة لشئون القضاء على تدعيم وتوفير هذه الحيدة، ولم تَغفل عن حق المتقاضي إنْ كانت لديه أسبابٌ تدعو إلى مظنة التأثير في هذه الحيدة أنْ يجد السبيل لِيحول بين من قامت في شأنه تلك المظنة وبين القضاء في دعواه، ومن ثم فقد قام حقه في رد القاضي عن نظر نزاع بعينه كحقٍ من الحقوق الأساسية التي ترتبط بحق التقاضي ذاته، إلَّا إنَّه لمَّا كان هذا الحق من الحقوق قد تعرَّض لِأنْ تَستشري في شأنه ظاهرةُ إساءة استعماله بالإفراط فيه واستخدامه سبيلًا للكيد في الخصومة واللدد فيها وإطالة أمد الفصل في القضايا دون تحسُّبٍ لِما يؤدي إليه الأمرُ من إيذاء القضاة في اعتبارهم ومكانتهم ومشاعرهم وجعل نزاهتهم وحيدتهم محل شك من الخصوم، وسمعتهم مضغةً في الأفواه، وإزاء هذا الذي آلَ إليه الأمر من تعطيل الفصل في الدعاوى والإسراف في النيل من القضاة تدخَّل المشرع بإجراء تعديلٍ تشريعيٍّ للنصوص المُنظمة لأوضاع رد القضاة بما يُحقِّق التوازن التشريعي بين المحافظة على حق المتقاضين في رد القضاة إذا توافرت أسبابه وبين تقرير ضوابط دقيقة تجعل من ممارسة هذا الحق منوطًا بتوافر الحيدة والبُعد عن العبث والحيلولة دون استخدامه سبيلًا للكيد وعرقلة الفصل في القضايا والإساءة إلى القضاة، وإذ كان حق الالتجاء إلى القضاء من الحقوق العامة التي كفلها الدستور لكل مواطنٍ إلَّا أنه لا يسوغ لمن يباشر هذا الحق الانحراف به عما شُرع له واستعماله استعمالاً كيديًّا ابتغاءَ مضارة الغير، وإلا حُقَّت مُساءلتُه عن تعويض الأضرار التي تلحق الغير بسبب إساءة استعمال هذا الحق، ومن ثم حُقَّ للقاضي الذي تضرر برده عن نظر نزاعٍ بعينه أن يلجأ إلى القضاء للحكم على طالب الرد بالتعويض إعمالًا للقواعد العامة التي تقضى بمُساءلة من انحرف في استعمال حق التقاضي عن الأضرار التي نجمت عن ذلك، ويتحقق الخطأ عن ذلك بما تضمنه طلب الرد وما حواه أو أُبدي فيه من دفاع على نحو ينال من نزاهة القاضي وحيدته وسمعته. كما أنه من المقرر -في قضاء هذه المحكمة– أن الحكم الذي ينتهي إلى مسئولية خِصمٍ عن الأضرار الناشئة عن استعمال حق التقاضي استعمالًا كيديًا غير مشروع يتعيّن عليه أن يُورد العناصر الواقعية والظروف الحاصلة التي يصح استخلاص نية الانحراف والكيد فيها استخلاصًا سائغًا، وأن تكييف الفعل إذا كان خطأً أو نفي هذا الوصف عنه هو من مسائل القانون التي تخضع فيها محكمة الموضوع لرقابة محكمة النقض. لمَّا كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد شيَّد قضاءه بمسئولية الطاعن عن التعويض في دعامته الثانية على سندٍ من أن ما تضمنه طلب الرد من ألفاظ وعبارات يُعدُّ تجاوزًا من الطاعن في حق القاضي المطلوب رده، وذلك فيما أورد فيه "أن القاضي المطلوب رَدُّه تشبَّث برأيه قبل سماع الدفاع، وأنَّ تقديره في الدعوى قد شُلَّ، وأنَّه فصل في النزاع دون التفاتٍ إلى ما قدمه من مستنداتٍ رسميَّةٍ، وأنَّ طالب الرد لا يطمئن إلى ما قدمه في الدعوى من أوراق"، وكان هذا الذي استند إليه الحكم وأقام قضاءه عليه لا يكفي لإثبات انحراف الطاعن عن حقه المكفول في التقاضي على نحوٍ يدل على توافر قصد الكيد لديه إضرارًا بالمطعون ضده؛ ذلك أن تلك الألفاظ والعبارات التي ساقها الطاعن بطلب الرد جاءت لتأكيد جدية طلب الرد وشرحًا لوجهة نظره ودفاعه في قيام إحدى حالات الرد في حق القاضي المطلوب رده، ولا يُستفاد منها ولا يوجد ما يُحمل فيها على توافر قصد المساس بنزاهة وحيدة وسمعة القاضي المطلوب رده، وهو ما ينفي ركن الخطأ الموجب للمسئولية المدنية في حق الطاعن، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر، فإنه يكون فضلًا عن فساده في الاستدلال قد شابه الخطأ في تطبيق القانون، بما يوجب نقضه لما جاء بشقي النعي آنفي البيان.

وحيثُ إنَّ موضوع الاستئنافَيْنِ صالحٌ للفصل فيه -ولِما تقدَّم –، وكان الحكم المستأنف قد خالف هذا النظر، وألزم المستأنِف في الاستئناف رقم ... لسنة 66 ق الإسكندرية بالتعويض المحكوم به، فإنه يتعين إلغاؤه والقضاءُ برفض الدعوى.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ